Professional Documents
Culture Documents
التكوين - الجزء الرابع
التكوين - الجزء الرابع
ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺗﻛوﯾن
ﻫﻛذا ﻧﻛون ﻗد ﻛﺷﻔﻧﺎ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺗﻛوﯾن اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻛﻣﺎ وردت ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﺣدﯾﺛﺔ وﻓﻲ اﻟﻛﺗب اﻟدﯾﻧﯾﺔ وﻓﻲ
اﻟﻌﻠوم اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﻫﻲ:
اﻟﻠﻘﺎء اﻟﻛﺑﯾر
ﻫﻛذا ﻧرى اﻟﺗﺷﺎﺑﻪ اﻟﻛﺑﯾر ﻟﻣارﺣل اﻟﺗﻛوﯾن ﻛﻣﺎ وردت ﻓﻲ اﻟﻌﻠم واﻟدﯾن واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ،وﻗد ﺗﺷﺎﺑﻬت ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ
ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟﺗﻔﺎوت اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن ،ﻣن ﻋﻠوم اﻟﻔﯾدا اﻵﺳﯾوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌود ﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ إﻟﻰ أﻛﺛر ﻣن
ﺧﻣﺳﺔ وﻋﺷرﯾن أﻟف ﺳﻧﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻠوم اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ اﻟﺣﺎﺿر ،ﻣرو اًر ﺑﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ .وﻫذا
اﻟﻠﻘﺎء اﻟﻛﺑﯾر ﻫو اﻟﻣدﺧل لﻛﺷف اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷزﻟﯾﺔ.
زوال اﻟوﺟود
ﻛﻣﺎ ﺗﻛﻠﻣﻧﺎ ﻋن ﻣارﺣل اﻟﺗﻛوﯾن ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أﯾﺿﺎً أن ﻧﺷرح ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻔﻧﺎء ﻟﻠوﺟود ،أو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﯾوم اﻷﺧﯾر.
ﻛﻣﺎ أن اﻟظﻬور ﻗد ﺣدث ﺑطرﻓﺔ ﻋﯾن ،ﻛذﻟك اﻟﻔﻧﺎء ﯾﻛون ﺑطرﻓﺔ ﻋﯾن .ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﺣﻘق ﻏﺎﯾﺔ اﻟوﺟود ،ﺗﻛون
اﻟرﻏﺑﺔ اﻹﻟﻬﯾﺔ ﻗد ﺗﺣﻘﻘت ﺑﺷﻛل ﺗﺎم .وﺑذﻟك ﯾﺻل اﻟوﺟود اﻹﻟﻬﻲ إﻟﻰ اﻛﺗﻣﺎﻟﻪ ،وﯾﺗوﻗف اﻟﺗﻘدم واﻟﺗﻣدد
ﻟﻠﺣﻘل اﻹﻟﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ،وﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻠﺣظﺔ وﺑﻌد أن ﯾﻛون ﻛل ﺷﻲء ﻗد ﺗم ،ﯾﻧﺳﺣب اﷲ ﻣن اﻟوﺟود
وﯾﺧﻔﻲ اﻟﻣﺎدة ﻓﻲ طﯾﺎت ذاﺗﻪ وﯾﻌود إﻟﻰ ذاﺗﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻬﻣود اﻟﺗﺎم ،ﻣﺳﺗرﯾﺣﺎً وﻣﺗﻬﯾﺋﺎً ﻛﻲ ﯾﻧطﻠق ﻣن
ﺟدﯾد .إن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻔﻧﺎء ﻫذﻩ ﻫﻲ اﻟﯾوم اﻷﺧﯾر أي ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ .ﺗﺗﺷﺎﺑﻪ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻔﻧﺎء وﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﻧطﻼق
اﻟﺟدﯾد ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺷرﺣﻪ ﻋﻠوم اﻟﻔﯾزﯾﺎء اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻋن اﻟﺛﻘوب اﻟﺳوداء واﻟﺳوﺑر ﻧوﻓﺎ.
ﻣارﺣل اﻟﻔﻧﺎء
ﺗﺗم ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻔﻧﺎء ﺑﻧﻔس اﻟﺗﺗﺎﺑﻊ ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟظﻬور وﻟﻛن ﺑطرﯾﻘﺔ ﻋﻛﺳﯾﺔ .وﯾﺑدأ اﻟﻔﻧﺎء ﺑزوال اﻟﻣﺎدة وﺗﺗﻔﻛك
ذارت اﻟوﺟود ،ﻓﺗزول اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺧﻣس ﺑدًء ﺑﻌﻧﺻر اﻟﺗارب وﯾزول ﻣﻌﻬﺎ أﻋﺿﺎء اﻟﺷم وﺣواس اﻟﺷم وﻛل
اﻟرواﺋﺢ ،وﺗﺟف اﻟﻣﯾﺎﻩ وﯾزول ﻣﻌﻬﺎ أﻋﺿﺎء اﻟذوق وﺣواس اﻟذوق وﻛل ﻣذاق ،وﺗﻧطﻔﺊ اﻷﻧوار وﯾزول
ﻣﻌﻪ أﻋﺿﺎء اﻟﺑﺻر وﺣواس اﻟﺑﺻر وﻛل اﻷﺷﻛﺎل ،وﺗﻬدأ اﻟرﯾﺎح وﯾزول ﻣﻌﻬﺎ أﻋﺿﺎء اﻟﻠﻣس وﺣواس
اﻟﻠﻣس وﻛل ﻣﻠﻣوس ،وأﺧﯾ اًر ﺗزول ظﻠﻣﺎت اﻟﻔﺿﺎء وﺗزول ﻣﻌﻬﺎ أﻋﺿﺎء اﻟﺳﻣﻊ وﺣواس اﻟﺳﻣﻊ وﻛل
اﻷﺻوات ،وﻣﻊ زوال اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺧﻣس وآﺧرﻫﺎ اﻷﺻوات ﺗزول اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻬﺎ ﺑدأ اﻟﻛون اﻟﻣﺎدي.
وﻟﺣظﺔ زوال اﻟوﺟود اﻟﻣﺎدي ﺗﻧﻘطﻊ اﻟﻐرﯾزة وﺗﺧﺿﻊ ﻟﻸﻧﺎ اﻟﻛوﻧﯾﺔ ،وﺗﺿﯾﻊ اﻷﻧﺎ وﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﻌﻘل ،وﯾﺗوﻗف
اﻟﻌﻘل وﯾﻔﻧﻰ ﻓﻲ اﻟﻧﻔس اﻟﻛوﻧﯾﺔ ،ﺑارﻛرﯾﺗﻲ ،اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﺿور اﻹﻟﻬﻲ اﻟذي ﻻ ﯾزول ،ﻓﺗﻬﻣد اﻟﻧﻔس
ﻓﻲ ﺑﺣر اﻟروح اﻟﻛوﻧﯾﺔ ،ﺑروﺷﺎ ،وﯾﻐوص ﺑروﺷﺎ وﻣﻌﻪ ﺑارﻛرﯾﺗﻲ اﻟﻬﺎﻣدة ﻓﻲ اﻟﺑﺣر اﻹﻟﻬﻲ ،ﺑﺣر ﺑرﻫﻣﺎن
ﻏﯾر اﻟظﺎﻫر .إن ﻛل ﻫذا اﻟﻔﻧﺎء ﯾﺣدث ﻓﻲ ﺑرﻫﺔ اﻟزﻣن اﻷﺧﯾر .ﻻ ﺑل ﯾﺣدث ﻛل ذﻟك ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ زوال
اﻟزﻣن وﻛﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧﻘر اﻟﻧﺎﻗور" .ﻓﺈذا ﻧﻘر ﻓﻲ اﻟﻧﺎﻗور ،ﻓذﻟك ﯾوم ﻋﺳﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺎﻓرﯾن ﻏﯾر ﯾﺳﯾر"
ﺳورة اﻟﻣدﺛّر ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم .وأﯾﺿﺎً ﻓﻲ اﻹﻧﺟﯾل" :ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ ،ﺑل ﻓﻲ طرﻓﺔ ﻋﯾن ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧﻔﺦ ﻓﻲ
اﻟﺑوق اﻷﺧﯾر" .ﻟﻘد ورد ﺷرح اﻟﯾوم اﻷﺧﯾر ﺑﺷﻛل واﺿﺢ ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻟدﯾﺎﻧﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﻟﺣدﯾﺛﺔ ،ﻓﻲ ﺳورة
اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم" :ﯾﻘول اﻹﻧﺳﺎن ﯾوﻣﺋذ أﯾن اﻟﻣﻔر ﻛﻼ ﻻ وزر إﻟﻰ رﺑك ﯾوﻣﺋذ اﻟﻣﺳﺗﻘر" أﻣﺎ ﻓﻲ
اﻹﻧﺟﯾل ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ ﺑوﻟس اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ أﻫل ﻛورﻧﺗوس ﻓﻲ اﻟﻔﺻل 15ﺗﺣت ﻋﻧوان ﻗﯾﺎﻣﺔ اﻷﻣوات" :ﻓﻲ
اﻟﯾوم اﻷﺧﯾر ﺳوف ﯾﺧﺿﻊ ﻛل ﺷﻲء ﷲ ،ﻟﻛﻲ ﯾﻛون اﷲ ﻫو ﻛل ﺷﻲء ﻓﻲ ﻛل ﺷﻲء".