‫المبحث األول ‪ :‬دواعي دراسة هذا الموضوع‬

‫وفيه مطلبين‬

‫المطلب األول ‪ :‬أهمية دراسة العام والخاص‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬منزلة هذا الموضوع‬

 ‫المطلب األول ‪ :‬أهمية دراسة العام والخاص‬
‫نزل القرآن الكرمي يف اللغة العربية وهي من أغىن اللغة يف العامل ‪ ،‬توسعت استعماله يف التعبري عن املعاين من‬
‫مفرداهتا وسعة لفظها ‪ ،‬متفننة بأساليب مجيلة متنوعة كالنحو والبالغة ويدخل فيها العام واخلاص ‪ ،‬ويقعان يف‬
‫الكلمة النحوية سواء كانت امسا أو فعال أو حرفا ‪ .‬بينما وجودمها يف القرآن الكرمي فيجب علينا أن نعرف عن‬
‫العام واخلاص ‪.‬‬

‫وإن دراسة العام واخلاص فيها أمهيات كثرية لدين اإلسالم ‪ ،‬ويسهم هذا العلم يف علوم القرءان من حيث تفسريه‬
‫وتدبره لكي حسن فهم اإلنسان مبراد القرءان الكرمي ‪ .‬وكذلك مبعرفة العام واخلاص يفيد الفقهاء واألصوليني يف‬
‫استنباط األحكام الشرعية ‪ ،‬وهذا مهم هلم حىت ال خيطيؤا يف الفتوى ‪ ،‬وإمهاهلا سيؤدي الناس إىل اهللك والضالل ‪.‬‬
‫فمن العوامل اليت تؤدي إىل أمهية دراسة هذا املوضوع ‪:‬‬

‫لضبط التعريف الصحيح للعام واخلاص لئال خيتلط مع غريه حىت يكون اخلطأ يف الفهم ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إن لفظ العام واخلاص فيهما أقسام اليت جيب علينا أن نفهمها جيدا حىت ال خنطىء يف استنباط ما‬ ‫‪-2‬‬
‫املراد من االية ‪.‬‬
‫أن صيغة العام واخلاص موجودة يف كثري من االيات القرآنية وخصوصا يف آيات األحكام فكيف‬ ‫‪-3‬‬
‫نستفاد منها دون معرفة العام واخلاص ؟‬
‫السبب قصر التخصيص على‬
‫عاما ويقوم ال ّدليل على ختصصه فإذا عرف ّ‬
‫ومنها ‪ :‬أَن اللّفظ قد يكون ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫قطعي وإخراجها باالجتهاد ممْنوع كما حكى اإْل مجاع عليه‬ ‫السبب ّ‬ ‫ما عدا صورته فإ ّن دخول صورة ّ‬
‫القاضي أبو بكر يف التقريب وال التفات إِىل من َش َّذ فَ َج ّوز ذلك ‪.‬‬
 ‫واهتم علمائنا ‪ -‬رمحهم اهلل – بالعام واخلاص اهتماما شديدا حبيث جند هذا املوضوع تدخل يف أكثر الكتب‬
‫من فنون اإلسالمي كعلوم القرآن وعلوم احلديث وأصول الفقه والفلسفة واللغة وغريها ‪ ،‬إن يكون ليس مهم‬
‫فكيف تتحدثون عنها يف كتبهم ؟ لعل اهلل أن جيزي علمائنا بأحسن اجلزاء ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬منزلة هذا الموضوع‬

‫لكون مشوهلما العام واخلاص يف جمال العلوم اإلسالمي ‪ ،‬قد اختلف العلماء على منزلة هذا املوضوع ‪ ،‬هل حقه يف‬
‫أصول الفقه أو يف علوم القرآن ؟ إن مبحث العام واخلاص قد يتوهم اندراجه حتت علم أصول الفقه‪ ،‬وأنه ليس من‬
‫علوم القرآن ‪ ،‬شأنه شأن الناسخ واملنسوخ واملطلق واملقيد ‪ ،‬ومنشأ ذلك التوهم هو اسبقية تدوين هذه العلوم‬
‫وحبثها يف علم أصول الفقه ‪ ،‬وهذا التوهم مردود بأمور ‪:‬‬

‫يعد السبب يف هذا التوهم هو تقدم األصوليني يف تدوين هذا املصطلح على وجه مستقل ‪ ،‬ولكن‬ ‫‪-1‬‬
‫التقدمي يف التدوين ال يعين دائما على متلكه للشيء ‪ ،‬فقد سبق للبحث أن العام واخلاص وبقية علوم‬
‫القرآن كانت متداولة يف العملية التفسريية قبل ظهور علم أصول الفقه ‪ ،‬ألن املفسرين شرعوا هبا‬
‫ابتداء من الصدر األول لإلسالم ‪.‬‬
‫أن غاية البيان والشرح للعام واخلاص يف كتب األصول هو استنباط األحكام الشرعية من القرآن‬ ‫‪-2‬‬
‫والسنة ‪ ،‬وهذا العمل ال يتم إال بارتباط مع القواعد التفسريية األخرى كالتخصيصات اليت وردت يف‬
‫آيات األخبار اليت هبا عموم ‪ ،‬وغريها لبيان املراد من كالم الباري جل وعال ‪ ،‬ويتأثر هبا املعىن فهي‬
‫مرتبطة بالتفسري أيضا‪.‬‬

‫فيمكن أن نلخص هنا أن علم أصول الفقه هو الوسيلة للوصول إىل الغاية ‪ ،‬وهو الفهم الصحيح من مراده تعاىل يف‬
‫القرآن الكرمي فعلوم القرآن هو الغاية هنا ‪ ،‬ولكن االختالف يف هذه املسألة ال ينفى على أن العام واخلاص هو‬
‫العلم املشرتك بني سائر العلوم اإلسالمية تدخل فيها أيضا علم الكالم والفلسفة ‪ ،‬وهذا املوضوع مهم جدا لكونه‬
‫مرتبط يف كثري مباحث اإلسالمية ‪.‬‬