Professional Documents
Culture Documents
Mabhas 2 - Anwaq Am (8ms)
Mabhas 2 - Anwaq Am (8ms)
المطلب الثاني :بيان الفرق بين العام يراد به الخصوص والعام المخصوص
أوال ،العام مطلقا :واملقصود بذلك هو العام الذي ال حيتمل التخصيص بأي قرينة ،إذ ما من عام إال ويتخيل
فيه التخصيص ،وهو كثري يف القرءان كما قال الزركشي 1.ومثال على ذلك كثري منها :
قوله تعاىل يف سورة النساء االية َ { : 176واللَّهُ بِ ُك ِّل َش ْي ٍء } .ومعناه إطالق العلم بكل شيء ،سواء
أكان حاضرة أو غيبية .قال ابن كثري " :أي :هو عامل بعواقب األمور ومصاحلها وما فيها من اخلري
لعباده ،وما يستحقه كل واحد من القرابات حبسب قربه من املتوىف " . 2وقال السعدي " :أي :عامل
بالغيب والشهادة واألمور املاضية واملستقبلة ،ويعلم حاجتكم إىل بيانه وتعليمه ،فيعلمكم من علمه الذي
3
ينفعكم على الدوام يف مجيع األزمنة واألمكنة ".
1
مباحث في علوم القرءان لمناع القطان ،باب العام والخاص ،ص 230
2
تفسير القران العظيم البن كثير (تفسير ابن كثير) ، %سورة النساء االية 176 :
3
تيسير الكريم الرحمن في تفسير %كالم المنان للسعدي (تفسير السعدي) ،سورة السابقة
4
سورة هود االية 6 :
5
تفسير السعدي ،سورة هود االية 6 :
وإن علون من قبل األم ومن قبل األب " . 6وقال السعدي " :األم يدخل فيها كل من هلا عليك والدة ،
وإن بعدت ...اخل ". 7
وثانيا ،العام الذي يراد به الخصوص :وهو لفظ العام الذي يفيد االحتمال على اخلصوص ،وصحبته قرينة
تنفي البقاء على عمومه .وإليك املثال مع التوضيح كاالآيت :
ال ل َُهم الن ِ َّ ِ
َّاس إ َّن الن َ
َّاس قَ ْد َج َمعُوا لَ ُك ْم فَا ْخ َش ْو ُه ْم } 8فكلميت "الناس" يف االية ين قَ َ ُ ُ قوله تعاىل { :الذ َ
ظاهرمها عامة ولكن املراد بالناس األوىل هو نعيم بن مسعود األشجعي والناس الثانية أليب سفيان ،واللفظ
عام ومعناه خاص نظرا إىل سبب نزول االية وفيه ما رواه البخاري عن ابن عباس " :حسبنا اهلل ونعم
الوكيل قاهلا إبراهيم عليه السالم حني ألقي يف النار وقاهلا حممد صلى اهلل عليه وسلم حني قالوا إن الناس
9
قد مجعوا لكم فاخشوهم فزادهم إميانا وقالوا حسبنا اهلل ونعم الوكيل "
ويف سورة التوبة االية َ { : 120ما َكا َن أِل َْه ِل ال َْم ِدينَ ِة َو َم ْن َح ْول َُهم ِّم َن اأْل َ ْعر ِ
اب أَن َيتَ َخلَّ ُفوا َعن
َ
ول اللَّ ِه َواَل َي ْرغَبُوا بِأَن ُف ِس ِه ْم َعن َّن ْف ِس ِه } ،ففي هذه االية أمر اهلل على أهل املدينة واألعراب أن َّر ُس ِ
يشرتكوا مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم واللفظ العام لكن املراد به خصوصا للقادرين عليه َّ ،
ألن
الع َجزة ،وقد ذكر اهلل على صفة العجزة يف االية التامة وهي نصب وخممصة
العقل ال يقضي خبروج َ
10
راد به العموم .
مراد به اخلصوص ،وال حيتمل أن يُ َ
وموطئا وغريها ،فهذا عام ٌ
6
معالم التنزيل للبغوي (تفسير %البغوي) ،سورة النساء االية 23 :
7
تفسير السعدي ،سورة النساء االية 23 :
8
سورة آل عمران االية 173 :
9
صحيح البخاري ،كتاب تفسير القرءان ،باب إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ،سورة آل عمران ،رقم الحديث 4287 :
10
انظر :سورة التوبة االية 120 :
يقوم الدليل على ختصيصه 11.ومثال ذلك كما قوله
ظاهر يف العموم ،حىت َ
تُعنِّي العموم أو اخلصوص ،وهذا ٌ
تعاىل :
ض ِم َن الْ َخ ْي ِطط اأْل َْبيَ ُص َن } 12وقوله تعاىل َ { :و ُكلُوا َوا ْش َربُوا َحتَّى َيتََبيَّ َن لَ ُك ُم الْ َخ ْي ُ { َوال ُْمطَلَّ َق ُ
ات َيَت َربَّ ْ
14
اع إِل َْي ِه َسبِياًل }
استَطَ َ ت َم ِن ْ َّاس ِح ُّج الْب ْي ِ
َ َس َو ِد ِم َن الْ َف ْج ِر } 13وكذلك يف قوله تعاىل َ { :ولِلَّ ِه َعلَى الن ِ اأْل ْ
المطلب الثاني :بيان الفرق بين العام يراد به الخصوص والعام المخصوص
أوال ،نظرا يف التعريف :أن العام الذي يراد به الخصوص هو العام الذي صاحبته حني النطق به قرينة دالة على
احتمال
َ تصحبه قرينةٌ تنفي
ْ أنه مراد به اخلصوص ال العموم ،وأما العام المخصوص فهو العام املطلَق الذي مل
ختصيصه ،وال قرينة تنفي َداللتَه على العموم .
وثانيا ،يف املراد :أن العام المراد به الخصوص ال يراد مشوله جلميع األفراد من أول األمر ،ال من جهة تناول
اللفظ ،وال من جهة احلكم ،بل هو ذو أفراد استعمل يف فرد واحد منها أو أكثر .وأما العام المخصوص فأريد
عمومه ومشوله جلميع األفراد من جهة تناول اللفظ ال من جهة احلكم .
11
علم أصول الفقه لعبد الوهاب خالف ،القسم الثالث ،القاعدةالسادسة في العام وداللته ،ص 186
12
سورة البقرة االية 228 :
13
سورة البقرة االية 187 :
14
سورة آل عمران االية 97 :
15
انظر سورة آل عمران االية 173 ، 97 :
المطلب الثالث :أمثلة العام في القرآن الكريم
ففي هذا املطلب سنتحدث عن أمثلة العام يف القرءان الكرمي مع الشرح ليكون األوضح يف الفهم ،وهذه األمثلة
سوف يدور حول ألفاظ العموم كما حقق العلماء أن ألفاظ وضيغ العموم كثرية منها :لفظ "كل" و"مجيع" ،
واجلمع احمللي بآل واملضاف ،واملفرد املعرف بآل تعريف اجلنس ،وأمساء الشرط ،وأمساء املوصولة , ،النكرة يف
سياق النفي أو النكرة املنفية .
نسا َن ل َِفي ُخ ْس ٍر } 21أي كل إنسان بدليل االية اليت بعدها { { :إِاَّل كقوله تعاىل َ { :وال َْع ْ ِ
ص ِر ,إ َّن ا ِإل َ
آمنُوا } وهو العام الذي يفيد التخصيص ،يعين اإلنسان املؤمن ال خيسر . َّ ِ
ين َالذ َ
الربَا } ،ألن األلف الالم ( آل ) َح َّل اللَّهُ الَْب ْي َع َو َح َّر َم ِّ
وقوله تعاىل يف سورة البقرة االية َ { : 275وأ َ
اجلنسية تتحقق يف كل فرد من أفراده ال يف فرد خاص أو أفراد خمصوصني .
ص َّد َق بِ ِه } فهو عموم لكل من دعا إىل اهلل تعاىل . َّ ِ
الص ْد ِق َو َ
اء بِ ِّ
يف سورة الزمر االية َ { : 33والذي َج َ
30
قال ابن عباس " :من جاء بال إله إال اهلل "
ِ ويف سورة النساء االية { : 16والَّ َذ ِ
وه َما? } يعين لكل رجل ومرأة الذي فعال ان يَأْتِيَانِ َها م ْن ُك ْم فَآذُ ُ َ
الفاحشة .
َّ ِ
ين قَالُوا َر ُّبنَا اللَّهُ ثُ َّم ْ
اسَت َق ُاموا َتَتَن َّز ُل َعلَْي ِه ُم واجلمع كما يف سورة فصلت االية { : 30إِ َّن الذ َ
ال َْماَل ئِ َكةُ } يعين عموم للمسلمني .
اختلف العلماء يف عمومها يف بعض صورها ولكن خنتار على الرأي اجلمهور وهو يفيد العموم يف اجلملة .قال
الشيخ مناع القطان يف بيان مناسبة عموم النكرة املنفية " :ولو قال قائل يف النكرة املنفية (( ال رجل يف الدار ))
27
سورة البقرة االية 150 :
28
سورة النساء االية 78 :
29
سورة البقرة االية 29
30
تفسير ابن كثير /تفسير البغوي ،سورة الزمر االية 33 :
فإنه يعد كاذبًا إذا قدر أنه رأى رجاًل ما .....وهذا يدل على أن النكرة بعد النفي للعموم ،ولو مل تكن للعموم ملا
توحيدا لعدم داللته على نفي كل إله سوى اهلل تعاىل ". 31
ً كان قولنا (( :ال إله إال اهلل ))
31
مباحث في علوم القران لمناع القطان ،تعريف العام وصيغ العموم ،ص 228
32
علم أصول الفقه لعبد الوهاب خالف ،القسم الثالث :القاعدة السادسة في العام وداللته ،ص 183