Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 23

‫الـــــــــمـقـــــدمــــــــة‬

‫‪1‬‬
‫" ال سبيل الى المال اال بالعمارة و ال سبيل للعمارة اال بالعدل "‬
‫ان تطور البشرية يعتمد باألساس على االقتصاد فبرزت بتطــوره جــرائم جديــدة تحتــاج الى‬
‫تأطير قانوني من اجل تأصيل الحماية االقتصادية فأضحى على القانون الجزائي التدخل عن‬
‫طريــق اقــرار قواعــد موضــوعية ذات خصوصــية و قواعــد اجرائيــة متشــددة لمنــع تنــامي‬
‫الجريمة حيث تعتبر هذه االخيرة " كــل فعــل او امتنــاع عن فعــل غــير مشــروع صــادر عن‬
‫ارادة جزائية يقرر له القانون عقوبة او تدبير امن "‪ 2‬و منـه فـان عالقـة الجريمـة باالقتصـاد‬
‫هي عالقة قديمة فالدولة تضــع جملــة القواعــد القانونيــة الــتي من شــأنها ان تســتوعب كامــل‬
‫النشاط االقتصادي و تنظمه بما افرز تالزمـا بين االقتصـاد و القـانون ‪ . 3‬و قـد كـان الهـدف‬
‫من تدخل القانون الجزائي في المادة االقتصادية هو حماية الحرية من إساءة استعمالها حيث‬
‫افرز التكامل بين القانون المــدني و الجنــائي نشــأة قــانون مســتحدث هــو " القــانون الجــزائي‬
‫االقتصادي " و هذا االخير حسب مفهومه الموسع يمثل القانون الذي يعالج االعتداءات الــتي‬
‫تقــع على النظــام العــام االقتصــادي و الــذي يعــاقب االفعــال الــتي تتعــارض مــع السياســة‬
‫االقتصادية للدولة اما المفهوم الضيق فيربط تعريــف القــانون الجــزائي االقتصــادي بالقــانون‬
‫المتعلق بالمنافسة و االسعار‪.‬‬
‫أصبحنا اليوم مع ما شهده العالم من تطور‪ ,‬نتحدث عن الجريمة االقتصادية التي تختلف من‬
‫مجتمــع الى اخــر و الــتي كــانت والزالت محــور اهتمــام المنظمــات الدوليــة المختلفــة نظــرا‬
‫لخصوصيتها و صعوبة تعريفها و حصـر نتائجهـا فهي " كـل عمـل او امتنـاع يقـع بمخالفـة‬
‫للقانون االقتصادي اذا نص على تجريمه و يدخل في القانون االقتصادي مجموع النصــوص‬
‫التي تنظم انتاج و توزيع و استهالك و تداول السلع و كل الخدمات و جميع ما يلحق ضررا‬
‫مباشرا باالقتصاد الذي تشـرف الدولـة على توجيهـه و مراقبتـه "‪ , 4‬هـذا التعريـف ايضـا لـه‬
‫صلة واضحة بقانون المنافسة و االسعار و حماية المستهلك ‪ ,‬فنتبين ان مسألة تدخل القانون‬
‫الجنائي في المجال االقتصادي لم يكن اعتباطيا بل عن طريق تطويع قواعده لجعلــه متناســبا‬
‫مع خصوصــية الجريمــة االقتصــادية ‪ .‬و اصــبحنا كــذلك اليــوم نتحــدث عن قــوانين جزائيــة‬
‫خاصة تنضم الميدان االقتصادي و تمنع االفعال المرجوة التي قد تأثر في ســيره و في نمــوه‬
‫خاصة على المستوى الوطني بعد ما شهدته تونس من تطورات اقتصادية عديدة ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن خلدون '' المقدمة " الباب الثالث الفصل ‪ 43‬صفحة ‪262‬‬
‫‪ 2‬محمد الهادي االخوة ‪ .‬دروس في القانون الجنائي العام ‪ .‬كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونسـ‬
‫‪ 3‬حسن الدين دياب ‪ .‬مقالة بعنوان " تدخل القانون الجنائي في النشاط االقتصادي " ص ‪ 1‬و في هذا االطار عبر سافاتير على هذه الفكرة بقوله "‬
‫ان كان القانون قد ارغم تحقيقاـ لتوجهات الدولة في المجال االقتصادي على اقلمة احكامه و جعلها في خدمة االهداف االقتصادية فانه فرض بدوره‬
‫المقتضيات االقتصادية كمعطى على االقتصاديين فانه اجبر القانون على ان يكون اقتصاديا اجبر االقتصاد على ان يكون قانونياـ "‬
‫‪Cité par henry Max essai sur la particularisme des infraction économiques : thèse Montpelliers 1976 page 31‬‬
‫‪ 4‬تعريف الجريمة االقتصادية من قبل محكمة التعقيبـ الفرنسية في سنة ‪ 1949‬مأخوذ عن حسن عز الدين دياب محاضرات في القانون الجزائي‬
‫االقتصادي سنة ‪ 2‬ماجيستير بحث في العلوم الجنائية ‪ .‬كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونسـ سنة ‪2016-2015‬‬
‫في اطــار هــذا البحث ســنتناول موضــوع التجــريم في قــانون المنافســة ‪5‬و االســعار فتعــرف‬
‫المنافسة بكونها "العالقة التى تتواجد بين المهنيين في اطار سعيهم الستقطاب الحرفاء قصــد‬
‫ترويج انتاجهم " ‪ 6‬و قد ظهرت كمفهـوم اول مـرة سـنة ‪ 1850‬في فرنسـا من خالل تحديـد‬
‫مفهوم المنافسة غير المشروعة ’ امــا اقتصـاديا تمثـل المنافســة " تســابق عــدة اشــخاص في‬
‫سوق واحدة نحو هدف اقتصــادي يــرغب كــل منهم في بلوغــه على اكمــل وجــه و ذلــك عن‬
‫طريق منتجات او خدمات "‪ , 7‬اما االسعار حسب المعجم العربي الحديث هي الســعر الــذي‬
‫يقوم عليه الثمن " السعر المحدود " الذي ال يقبل المساومة ‪.8‬‬
‫العتبــار ان االقتصــاد هــو المحــرك الرئيســي للدولــة تم انشــاء قــانون يعتــني بالمنافســة و‬
‫االسعار ليمثل جملة القواعد القانونية التي يتم بمقتضاها تنظيم االحكام المتعلقة بنظــام ضــبط‬
‫األسعار و القواعد التي تضبط المنافسة فهو " القانون الذي يتعلق بكل االحكام و االجراءات‬
‫و الهياكل التي تخص قانون المنافسة " ‪. 9‬‬
‫ان قانون المنافسة له جذور عديدة حيث ان قواعــده ناتجــة عن " التطــور الفكــري الليــبرالي‬
‫الــذي اكــد على ضــرورة وضــع حــد لتــدخل الدولــة في االقتصــاد " ‪ 10‬فنجــده بدرجــة اولى‬
‫متأصــال في الفقــه االســالمي الــذي من خالل قواعــده تم منــع الغلــو والتنصــيص على عــدم‬
‫اإلضرار بـالغير خاصـة في المجـال االقتصـادي ‪ , 11‬و أول تـأطير حـديث لقواعـد المنافسـة‬
‫كـــان بمقتضـــى قـــانون شـــارمان الصـــادر في ‪ 02‬جويليـــة ‪ 1890‬و المتعلـــق بالتصـــدي‬
‫للممارسات المخلة بالمنافسة و وجهت ضــد مجموعــة من المؤسســات الناشــطة في البــترول‬
‫لتكون الواليات المتحدة األمريكية من خالله اول من قام بتكريس حرية المنافسة خاصة مــع‬
‫اواخر القرن ‪ 19‬من خالل جملة من القــوانين الــتي تنظم الســوق مــع احــداث اجهــزة رقابــة‬
‫عليها ‪ .‬كذلك نجد قانون كاليتن الصادر في ‪ 15‬اكتوبر ‪ 1914‬و الذي جاء بقواعد مكملــة‬
‫لنقائص قانون ‪. 1890‬‬
‫و فيما عدا ذلك التشريعات االوروبية نظمت مجال المنافسة و االســعار في منتصــف القــرن‬
‫ال‪ 20‬منها نــذكر القــانون الفرنســي عن طريــق تحديــده لألســعار بمقتضــى مرســوم ‪1945‬‬
‫الملغى بمرسوم ‪ 1986‬و الذي كرس حرية المنافســة و االســعار ’ و قــد تــأثر بهــذا القــانون‬
‫المشرع التونسي من خالل القانون عدد ‪ 64‬المــؤرخ في ‪ 29‬جويليــة ‪ 1991‬و الــذي يمثــل‬
‫نقطة تحول في السياسة االقتصادية التونسية ‪ ,‬يعتمد باألساس على آليات المنافســة الحــرة و‬
‫النزيهة و قد تعرض هذا القانون الى عديد التنقيحات كانت اول مــرة ســنة ‪ 1993‬بمقتضــى‬

‫‪ 5‬عرفه الفقه بكونه " جملة القواعد التي تحكم و تنظم المنافسة بين مختلف االطراف االقتصادية عند سعيهم للمحافظة على حفائهم في نطاق‬
‫انشطتهم التجارية "‬
‫‪ 6‬جويدة قيقة ‪ .‬ملتقى جهوي ببنزرت تم يوم السبت ‪ 19‬جوان سنة ‪2004‬‬
‫‪ 7‬احمد شبيل المنافسة في القانون التونسي ق‪.‬م‪.‬ت اكتوبر ‪ 1994‬ص ‪71‬‬
‫‪ 8‬المعجم العربي الحديث ص ‪662‬‬
‫‪ 9‬الحبيب جاب هللا ‪ .‬رئيس مجلس المنافسة ‪ .‬نشأة و تطور قانون المنافسة في اطار يوم دراسي حول المنافسة و االسعار‬
‫‪ 10‬شامة شعبان ‪ .‬الممارسات المخلة بالمنافسة ‪ .‬محاضرة ختم تمرين الهيئة الوطنية للمحامين ‪ .‬الفرع الجهوي بتونس ‪ 2007-2006‬ص ‪1‬‬
‫راض ِم ْن ُك ْم َوال َت ْق ُتلُوا أَ ْنفُ َ‬
‫س ُك ْم إِنَّ هللاَ كانَ بِ ُك ْم‬ ‫‪ 11‬قال تعالى‪ { : ‬يا أَ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا ال َتأْ ُكلُوا أَ ْموالَ ُك ْم َب ْي َن ُك ْم بِا ْلباطِ ِل إِالَّ أَنْ َت ُكونَ ت َ‬
‫ِجار ًة عَنْ َت ٍ‬
‫َرحِيما ً} [النساء ‪. ]29 :‬‬
‫القانون عدد ‪ 83‬ثم تلتها تنقيحات أخرى‪ 12‬من اهمها القانون عدد ‪ 60‬لسنة ‪ 2006‬المــؤرخ‬
‫في ‪ 18‬جويلية ‪ 2005‬و اخــيرا القــانون عــدد ‪ 36‬لســنة ‪ 2015‬المــؤرخ في ‪ 15‬ســبتمبر‬
‫‪ 2015‬المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة و االسعار و هذه المراجعــة المســتمرة تكشــف اهتمــام‬
‫المشرع بميدان المنافسة و السعي لتحسينه و تدارك نقائصه خاصة و ان الميدان االقتصادي‬
‫يعد حيويا و متغيرا فعلى المشرع تدارك تطوراته المستمرة ‪ .‬من ناحية اخرى ان سبب هذه‬
‫التنقيحات العديدة هو تطور الجريمة االقتصادية بشكل ملحوظ خاصــة على مســتوى الســوق‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫سبق هذا القانون على المستوى الوطني عديد النصوص المنظمة لمسألة المنافســة واالســعار‬
‫فنجـد ان مجلـة االلتزامـات والعقـود ‪13‬و الى جانبهـا المجلـة الجزائية‪ 14‬قـد نظمتهـا في بعض‬
‫احكامها ثم في ‪ 19‬ماي ‪ 1970‬صدر القانون عدد ‪ 26‬لسنة ‪ 1970‬المــؤرخ في ‪ 19‬مــاي‬
‫‪ 1970‬المتعلــق بــإجراءات ضــبط االســعار و زجــر المخالفــات في المــادة االقتصــادية ثم‬
‫العتبارات متباينة في هذا المجال تم اصدار قانون ‪.1991‬‬
‫يعــد قــانون المنافســة أحــد مظــاهر التنظيم الحــر لالقتصــاد‪ ،‬بمــا يفــترض معــه من الحريــة‬
‫التنافسية فتدخل المشرع بهدف تصحيح بعض الوضعيات التي من شأن استمرارها أن يخــل‬
‫بالســوق وفقــا لهــذا االعتبــار نتــبين ان الجــانب التجــريمي في هــذا قــانون يقــوم على ضــبط‬
‫السلوكيات الممنوعة و التي تمثل جرائم تأثر تــأثيرا واضــح على المســتوى العملي من حيث‬
‫ديناميكية النمو االقتصادي ‪.‬‬
‫تظهر أهمية دراسة جــرائم قــانون المنافســة في حمايــة مبــدأ المنافســة الحــرة في ذاتــه‪ ،‬بمــا‬
‫يستتبع ذلك من حماية السوق التي تمثل المحرك الرئيسي لالقتصاد الوطني و العالمي ‪ .‬فمن‬
‫حيث الجــانب النظــري تظهــر أهميــة الموضــوعـ على مســتوى الخصوصــية الواضــحة لهــذا‬
‫القانون التي أنتجت جدال حول فاعليته في التصــدي للجــرائم الــتي تمس من االقتصــاد و من‬
‫نجاعة الهياكل المنظمة له و على مستوى نصوصه التي يعتريها خصوصية واضحة مقارنة‬
‫باألحكام العامة للقانون الجزائي ‪ .‬كمــا أفــرزت نصــوص قــانون المنافســة و االســعار حــول‬
‫مسألة الطبيعة القانونية للهياكل المختصــة بــالنظر في نزاعــات المنافســة جــدال فقهيــا واســعا‬
‫فاغلب الفقهاء قــد رفضــوا ضـمن مــداوالت مجلس النـواب إقـرار هـذه الطبيعــة االقتصـادية‬
‫خاصة بعد التنقيحات الهامة التي شملتها فصول القانون في سنة ‪2015‬‬
‫يتحدد مجال تطبيق قــانون المنافســة باالســتناد إلى معيــارين‪ :‬أولهمــا النشــاط االقتصــادي‪ ،‬و‬
‫ثانيهما مرتبط بطبيعة الممارسات في حد ذاتها‪ .‬ف يستند قــانون المنافســة عمومــا إلى فكــرة‬
‫الحرية التنافسية‪ ،‬و الــتي يحــاول المشــرع تكريســها قانونيــا من خالل أحكــام تبتعــد بالنشــاط‬
‫االقتصادي عن التقييد فله بالتالي أهمية اقتصادية واضحة‬

‫‪12‬‬
‫القانون عدد ‪ 42‬لسنة ‪ 1995‬و القانون عدد ‪ 41‬لسنة ‪ 1999‬ثم القانون عدد ‪ 74‬لسنة ‪2003‬‬
‫‪13‬‬
‫الفصلين ‪ 90‬و ‪91‬‬
‫‪14‬‬
‫الفصل ‪139‬‬
‫اما على المستوى التطبيقي تظهر اهميـة دراسـة هـذا الموضـوع من حيث التمـاس النقـائص‬
‫النصية التي تتأصل على المستوى التطبيقي و محاولة مراجعتها لتأسيس ســير منظم للســوق‬
‫الوطني خاصة و ان تونس في السنوات االخيرة قد تعرضـت الي أزمـات اقتصـادية متعـددة‬
‫تجعلنا نتبين و ان قانون المنافسة و االسعار على الرغم من تنقيحــه عديــد المــرات لم يحقــق‬
‫الفاعلية المرجــوة و بالتــالي البــد من تفــادي اإلشــكاليات التطبيقيــة الــتي تطرحهــا نصوصــه‬
‫التجريمية‪.‬‬
‫قانون المنافسة واألسعار هو قانون ذا خصوصية بامتياز مقارنــة بقواعــد التجــريم المضــمنة‬
‫باألحكام العامة للقانون الجنائي الشيء الذي يجعلنا نطرح االشكالية التالية ‪:‬‬

‫اين تبرز الخصوصية الجزائية على مستوى جرائم المنافسة و االسعار ؟؟‬

‫نتناول في هدا االطار جملــة من القواعــد القانونيــة و التنظيميــة لقــانون المنافســة و االســعار‬
‫نحاول من خاللها توضيح التطــور التشــريعي الجــزائي االقتصــادي و كيــف عــالج المشــرع‬
‫التونســي مســألة الجــرائم الــتي تمس من المنافســة الحــرة و الــتي تعبــير من القواعــد ذات‬
‫خصوصية واضحة على مستوى قواعد التجريم –‪ -I‬و على مستوى قواعد المؤاخذة ‪-II-‬‬

‫‪- -I‬من حيث قواعد التجريم ‪:‬‬


‫تظهر خصوصية قواعد التجــريم الــواردة بقــانون المنافســة و األســعار على مســتوى اركــان‬
‫الجريمة ‪-‬أ‪ -‬و على مستوى الجرائم المتعددة ‪-‬ب‪-‬‬
‫خصوصية‪ B‬اركان الجريمة‪: B‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫يعتبر التجريم عنصر اولي مكون للسياسة الجزائية و هو يعتبر اقصى مراتب الحمايــة الــتي‬
‫يضيفها المشــرع على نــوع معين من المصــالح الــتي تهم المجتمــع ‪ .‬و يخضــع التجــريم الي‬
‫شروط و ضوابط موضوعية و شكلية و تتمثل هذه الضوابط الشكلية في مبدأ الشرعية و مــا‬
‫يقتضيه من الوضوح و الدقة في صــياغة القاعــدة القانونيــة تجنبــا لمــا يعــرف بــالجرائم ذات‬
‫الهيكلة المفتوحة ‪ .‬اال ان المتأمــل في اطــار ميــدان المنافســة و االســعار يالحــظ ان الســلوك‬
‫االجرامي اصبح متنوعا و متطورا و مضطرب و هو مـا جعـل المشـرع يتخلى صـلب هــذا‬
‫القانون عن معايير اصــولية في ســن القاعــدة الجزائيــة و هــو مــا أثــر على الــركن الشــرعي‬
‫للجريمة ‪.‬‬
‫و يفيد مبدأ الشرعية انه ال جريمة و ال عقوبـة دون نص سـابق الوضـع تماشـيا مــع القاعــدة‬
‫القائلة بان االصل في االمور االباحة اما المنع فهو استثناء لهذه القاعدة ‪ .‬و يندرج هذا المبدأ‬
‫في اطار ما تتحمله السلطة العامــة من واجب انظــار المــواطن العقوبــة المقــررة في القــانون‬
‫عليه ‪ ,‬فمن الطبيعي ان يقع االنظار قبل الردع ‪.‬‬
‫بالرجوع الى مقتضيات قانون المنافسة و االسعار يبدو واضحا بصورة جلية ان المشــرع لم‬
‫يحترم مقتضيات مبدأ الشرعية قي عدة جــرائم حيث طــانت النصــوص اقــرب الي الصــياغة‬
‫المدنية منها الى الجزائية ‪ , 15‬و مرونة مبدأ الشرعية في اطـار قـانون المنافسـة و االسـعار‬
‫يدعمها تبلور تقنية قانونية تسمى التجريم باإلحالة او التفويض التشريعي للتجريم الذي يــتيح‬
‫الفرصة إلمكانيــة مواجهــة كافــة الظــروف االقتصــادية فيقتصــر دور المشــرع على اصــدار‬
‫نصوص على بياض و يعهد الى هيئات ادنى منه بملئها و يتجلى ذلك في اســتعمال عبــارات‬
‫غامضة من ذلك ما يتضــمنه الفصــل ‪ 22‬الــذي يحــدد طريقــة االشــهار في الــنزل و محالت‬
‫االقامة و المطاعم و المقاهي و المحالت المماثلة ‪ .‬فما المقصود بهذه العبارة؟‬
‫كمــا يمكن ان نضـيف كمثــال في هـذا اإلطـار مـا نص عليـه المشــرع صـلب الفصــل ‪ 3‬من‬
‫القانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪ 2015‬والمتعلــق بالمنافســة و االســعار الــذي ينص في فقرتــه الثانيــة‬
‫على ما يلي " وتحدد بأمر قائمة هذه المواد والمنتوجات والخدمات وكذلك شــروط وأســاليب‬
‫تحديــد أســعار كلفتهــا وبيعهــا‪ ".‬وقــد اختلفت المواقــف بخصــوص هــذه التقنيــة بين مؤيــد و‬
‫معارض‪ ،‬و تمسك الشق المعارض ألعمال المشرع بتقنية التقويض التشريعي بحجة افراطه‬
‫في استعمالها و ان اعطاء الصالحيات للسلط االدارية و المكاتب الوزارية في تحديــد نطــاق‬
‫التجريم و ذلـك بمقتضــى مناشـير و قــرارات و تـراتيب يتم اصـدارها للغــرض فيـه ضــرب‬
‫للمعايير االصولية للقاعدة الجزائية الموضوعية‪.‬‬
‫اما الشق المؤيد إلعمــال المشــرع لهــذه التقنيــة قــد دعم رأيــه بحجــة ان خصوصــية الميــدان‬
‫االقتصادي تفرض على المشــرع ادخــال مرونــة على مبــدأ الشــرعية الجزائيــة‪ ،‬إضــافة الى‬
‫الركن الشــرعي الــذي تغــيرت مالمحـه صـلب قـانون المنافســة و االسـعار فـان المتمعن في‬
‫التنظيم القانوني للجريمة االقتصادية يالحظ ان المعايير القانونية للـركن المـادي لم تسـلم من‬
‫التحريف بفعل االعتبارات الخاضعة لمتطلبات المادة االقتصادية ‪. 16‬‬
‫وقبل بيان خصوصية الركن المادي في الجرائم المنصوص عليها صــلب قــانون المنافســة و‬
‫االسعار يتجه بداية تعريف الركن المادي الذي يعد المبنى الظــاهر للجريمــة و يتمثــل اساســا‬
‫في السلوك االجرامي الذي يقرر ألجله المشرع عقابا جزائيا " اذ بمقتضاه تتمظهر الجريمـة‬
‫‪17‬‬
‫كفعل خارجي يجسم العمد او الخطأ الجنائية "‬
‫و بالرجوع الى قانون المنافسة و االسعار نجد ان بعض الجــرائم قــد تقــوم بغض النظــر عن‬
‫حصول نتيجة اجرامية و هو ما اصطلح على تسميته بالجريمة الشكلية ‪.18‬‬

‫‪DELMAS – MART Mireille . Droit penal des affaires 2 p.v.f paris 1990page 3 15‬‬
‫‪ 16‬عز الدين دياب ‪ .‬وحاضرات في القانون الجزائي االقتصادي ‪ .‬سنة ‪ 2‬ماجيستيرـ بحث في العلوم الجنائية ‪2015-2016‬‬
‫‪Stefani (g) et levasseur ( gà et bulog . droit penal generale 2eme edition DALLOZ 1984 n169 17‬‬
‫‪ 18‬عبد السالم نصيري ‪ .‬القانون الجنائي و تنظيم التعاقد في المادة االقتصادية ‪ .‬مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص كلية‬
‫الحقوق و العلوم الساسية بتونسـ ص ‪131‬‬
‫ايضا و بخصوص الــركن المــادي يمــيز الفقهــاء بين الجريمــة االيجابيــة و الجريمــة الســلبية‬
‫فيتكون الركن المادي في الجريمة االيجابية من عما ايجابي اي ارتكاب الجاني فعل مخــالف‬
‫للقانون الذي ينهى اتيانه ‪ .‬اما الجريمة السلبية و التي يجب االشارة الى ان هذا النــوع قــد تم‬
‫تغليبه في الجريمة االقتصادية فان الركن المادي يتكون من عمل ســلبي اي مجــرد االمتنــاع‬
‫عن القيام بأعمال يفرض القانون اتيانها ‪.‬‬
‫اخيرا بخصوص المحاولة و الوضعية الخاصة بها في قانون المنافســة و االســعار فــان هــذه‬
‫االخيرة تتجسد في تكريس المحاولة في الجرائم السلبية او جـرائم االمتنـاع سـلفة الـذكر ‪, 19‬‬
‫فقــد جــاء بالفصــل ‪ 59‬من قــانون ‪ 2015‬بقطــع النظــر عن العقوبــات المنصــوص عليهــا‬
‫بالتشريع الجاري به العمل يعاقب بخطيــة من ‪ 500‬الى ‪ 50‬الــف دينــار كــل من يتحايــل او‬
‫حاول التحايل بغرض تحقيق ارباح غير مشروعة بواسطة الــترفيع في االســعار او تطبيقهــا‬
‫على وجه غير قانوني و يعتبر تحايال بمفهوم هذا الفصل اخفاء وثائق المحاسبة ‪.‬‬
‫تتجـه االشـارة الى ان غمـوض الـركن المـادي للجريمـة االقتصـادية بصـفة عامـة و جـرائم‬
‫المنافسة و االسعار بصفة خاصة نتج عنه تضـخم تشـريعي اذ انصـب اهتمـام المشـرع على‬
‫منع حـدوث جـرائم اصـلية و نتج عنـه حمايـة مصـلحة موحـدة لجريمـتين ‪ 20‬و هـذه السياسـة‬
‫التجريمية قد انتجت مشكل قانوني و جدل قضــائي و هــو مشــكل التنــازع الوصــفي للجــرائم‬
‫نتيجة تدخلها او تنازع نصــوص التجــريم في جــرائم المنافســة و االســعار كمــا تتنــازع نفس‬
‫الجريمة مع جرائم القانون الجنائي العام و هــو مــا يســتوجب تــدخال لحــل هــذا االشــكال ‪ .‬و‬
‫التنازع الوصفي المتحدث عنه في هذا االطار " يتشكل في الصــورة الــتي ينطبــق فيهــا على‬
‫الفعل الواحد اكـثر من وصـف واجب التطـبيق و ال يمنـع من االخـذ ببـاقي االوصـاف " ‪, 21‬‬
‫فحالة تشابك األوصاف في اطار الجرائم ال تعــدو ان تكــون " مجــرد تنــازع للقــوانين يصــل‬
‫فيهــا القاضــي للوصــف الحقيقي و الفعلي بأعمــال اليــات فض التنــازع و بالتــالي اســتبعاد‬
‫التكيفيــات " ‪ . 22‬و يفــترض تنــازع التجــريم تــوفر شــرطين هــامين وحــدة األفعــال الــتي قــد‬
‫يرتكبها المجرم من ناحية ًوتعدد نصوص التجريم من ناحيــة اخــرى ‪،‬و قــد تضــمنت جــرائم‬
‫المنافســة و االســعار عــدة حــاالت لتنــازع ســواء داخــل القــانون او في عالقتــه مــع القــوانين‬
‫األخــرى‪ .‬ففي داخــل قــانون المنافســة و االســعار صــنف المشــرع الممارســات الممنوعــة و‬
‫المحجرة الى صنفين ممارسات مخلة للمنافســة جــاءت بالبــاب الثــاني من العنــوان األول من‬
‫القانون المذكور و ممارسات احتكاريــة الــتي جــاءت بــالعنوان الثــاني االً انــه و بــالتمعن في‬
‫القانون و في فصوله نجد ان التقسيم الذي اعتمده المشرع مصطنع فالتداخل بين الصنفين قد‬
‫كــان واضــحا في الجــرائم المنصــوص عليهــا‪ .‬و بــالعودة الى هاتــه النصــوص و في تعــداده‬
‫لصور االستغالل المفرط لمركز هيمنة‪ ...‬خاصة في االمتناع عن البيع او الشراء او تعاطي‬
‫‪ 19‬عبد السالم نصيري ‪ .‬القانون الجنائي و تنظيم التعاقد في المادة االقتصادية ‪ .‬مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص كلية‬
‫الحقوق و العلوم الساسية بتونسـ ص ‪127‬‬
‫‪Merle ® et Vitu traite de droit penal . procédure penal 20‬‬
‫‪ 21‬رضا خماخم ‪ .‬القانون الجنائي التونسي تشريعا و فقها و فضاءا ‪ .‬سلسلة المجالت القانونية المثرات ‪ .‬منشورات المطبعة الرسمية للجمهورية‬
‫التونسية‬
‫‪de fabres (dà traites de droit criminelle et de legislation compares paris 1947 page 412 22‬‬
‫بيوعات آو شراءات مشروطة و هــذه األفعــال الــتي عـددها الفصــل المــذكور وقـع تجريمهـا‬
‫الحقا كممارسات احتكارية بمقتضى الفصلينـ ‪ 37‬و ‪ 47‬من القانون ‪.‬و لم يقــف التنــازع في‬
‫نصوص التجريم في قانون المنافسة و االسعار نفسه بل تجاوز حـدود قانونـه حــتى اصــبحنا‬
‫نتحدث اليوم عن تنازع تجريم بين قانون المنافسة و االسعار و قوانين اخــرى كمجلــة األداء‬
‫على األشخاص الطبيعيين و األداء على الشركات ‪.‬بل اننا اصــبحنا نتحــدث اليــوم حــتى عن‬
‫تنازع التجريم في نصوص قــانون المنافســة و األســعار و المجلــة الجزائيــة ‪،‬بالنســبة للمثــال‬
‫األول يمكن العودة الى الفصــالن ‪ 33‬و ‪ 35‬من القــانون المــذكور الــذي جــرم عــدم تحريــر‬
‫الفواتير في العالقــات الرابطــة بين المهنــيين و نفس الفعــل قــد يقــع تكييفــه كعمــل وكطريقــة‬
‫احتيالية للتهرب من تحديد و دفــع الضــرائب عماًل بالفصــل ‪ 38‬من مجلــة األداء على دخــل‬
‫األشخاص الطبيعيين و األداء على األشـخاص ‪23‬و الـذين قامـا بتجـريم الممارسـات المخالفـة‬
‫للمنافسة عندما تهدف الى عرقلة تحديــد األســعار حســب الســير الطــبيعي لقاعــدة العــرض و‬
‫الطلب و بين الفصول ‪ 139/140/141‬من المجلة الجزائية‪ .‬إضافة إلى غمــوض الركــنين‬
‫الشرعي و المادي في اطار جرائم المنافسة و االسعار ‪،‬لم يسلم الــركن المعنــوي بــدوره من‬
‫التحريف الذي يمكن تعريفه بكونهً" ركن اساسي ال يمكن للجرم ان يقوم قانونــا دونــه اال اذا‬
‫ورد نص صـريح يعـبر عن نيـة المشـرع اقصـاء هـذا الـركن من مقوماتـه ‪ 24‬لم يحافـظ هـذا‬
‫الــركن على معــاييره األصــولية في إطــار جــرائم المنافســة و األســعار بــل اضــحى يتمــيز‬
‫بالضعف ‪ ،‬و قد ايد فقه قضاء محكمة التعقيب بدوره هــذا التوجــه بقرارهــا الصــادر بتــاريخ‬
‫‪ 20‬جويلية ‪ 1961‬ان " جريمة البيع بأكثر من قيمتها الحقيقية جريمة قصدية تقتضي العمد‬
‫بطبيعتها " اال اننا ال يجب ان نفرط في القول ان المشرع لم ينص على الركن المعنــويً بــل‬
‫العكس فالمشرع قد استعمل في التنصيصً على عــدة جــرائم عبــارات من قبيــل "قاصــداً" او‬
‫"بنية" او "بغية" و كمثــال على ذلــك يمكن ان نـذكر الفصــل ‪ 37‬فقـرة ‪ً 4‬و بالتحديـد عبـارة‬
‫قصد البيع الواردة بقانون ‪ً 2015‬او ما جاء بالفصــل ‪ 59‬منً نفسً القــانون الــذيً نصً على‬
‫انه " ينجر عن ازالة اإلعالنــات او إخفاءهــا او تمزيقهــا الكليً او الجــزئي عمــدا من طــرفً‬
‫لتقنيات التجريم صلبً قانونً المنافسة و االسعار خصوصــية ال تنحصــر فقـ ً‬
‫ـط‬ ‫ً‬ ‫المخالفً " ان‬
‫ً‬
‫الجريمة بل تشم ًل ايضا تعد ًد اوجه التجريم ‪.‬‬ ‫على اركان‬

‫ب‪ -‬تعدد أوجه التجريم‬


‫ان المنافســة الحــرة هي ركــيزة اقتصــاد الســوق الشــيء الــذي يجعــل إرســاء حمايــة خاصــة‬
‫متالئمة مع خصوصيات المنافســة النزيهــة من المســائل الضــرورية و المفروضـةـ ‪ .‬فحريــة‬
‫‪)salah rezgu :les infractions fiscales commises par les dirigeants des sociétés RTD page 235 ( 23‬‬
‫‪ ( 24‬محمود نجيبـ حسني ‪ ،‬النظرية العامة للقصد الجنائي ‪،‬الطبعة الثالثة ‪, 1986‬دار النهضة العربية ‪،‬صفحة ‪)129‬‬
‫المنافسة تقـوم على جملـة من الضــمانات الكافيـة لحمايتهـا ‪ ,‬و قـد تأسســت مظـاهر الحمايــة‬
‫المعتمدة من المشرع في قانون المنافسة و األسعار من خالل نوعين من الرقابة ‪ ,‬و المتمثلة‬
‫في الرقابة السابقة ذات غايات وقائية من حصول الفعل المجرم و الرقابة الالحقة ذات الغاية‬
‫الردعية و التي تمثل الجــرائم المنصــوص عليهــا ضــمن قــانون المنافســة و األســعار حســب‬
‫تنقيحه األخير سنة ‪2015‬‬

‫أوال ‪:‬الرقابة السابقة‬

‫قد يطرأ على المنافسة الحــرة جملــة من االخالالت الــتي تمس من االقتصــاد و للوقايــة منهــا‬
‫اعتمد المشرع على أسلوب رقابي حمــائي يتســلط باألســاس على التركــيز االقتصــادي الــذي‬
‫يعتبر مسار ديناميكي مأثر على بنية الســوق و ســيؤدي حتمــا الى ظهــور حــاالت احتكــار و‬
‫ترابط اقتصادي و قـد جـاء بالفصـل ‪ 07‬من قـانون المنافسـة و األســعار انــه " يعـد تركـيزا‬
‫اقتصاديا بحكم هذا القانون كل عمل مهما كان شكله ينجر عنه نقل كل أو جزء من ملكيــة أو‬
‫حــق االنتفــاع من ممتلكــات أو حقــوق أو ســندات مؤسســة من شــأنه تمكين مؤسســة أو عــدة‬
‫مؤسسات من ممارسة سيطرة حاسمة على نشــاط مؤسســة أو عــدة مؤسســات أخــرى وذلــك‬
‫بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪" .‬‬
‫هذا الفصل لم يعرف ما هــو المقصــود بــالتركيز االقتصــادي بــل اعتمــد المشــرع من خاللــه‬
‫طريقة وصف جملة من الطرق القانونية التي قد تنجر عن هذه العمليــة ‪ .‬فمــاهوا المقصــود‬
‫بتركيز المؤسسات ؟؟‬
‫اعتمد المشــرع صــمن الفصــل ‪ 07‬معيــارين متالزمين أولهمــا ان يتم نقــل كــل او جــزء من‬
‫ملكية او حق انتفاع من ممتلكات او حقوق او سندات مؤسسة و ثانيا ان ينجر عن هذا النقــل‬
‫تمكين مؤسسة او عدة مؤسسات من ممارسة سيطرة حاسمة على مؤسسة او عدة مؤسســات‬
‫بصفة مباشرة او غير مباشــرة ‪ .‬كمــا ان المشــرع لم يقم بتعريــف الســيطرة الحاســمة و هــذا‬
‫الغموض يجعل السلطة التي تمارس الرقابــة تبحث في الواقــع االقتصـادي بعيـدا عن الشـكل‬
‫القانوني للمؤسسات المساهمة في التركــيز في حين ان الرقابــة تقــوم على مبــدأ حيــاد الشــكل‬
‫القانوني ‪ . 25‬من ناحية أخرى لم يقم قانون المنافسة و األسعر يتعريف المؤسسات موضــوع‬
‫التجــريم العتبــار ان الــذوات المعنويــة مســؤولة جزائيــا عن الممارســات الممنوعــة بقــانون‬
‫‪ 2015‬و في تحديدها أهميــة من حيث بيــان من هي المؤسســات المعنيــة بمســألة التركــيز و‬
‫التي هي خاضعة للرقابة الســابقة ‪ .‬مجلس المنافســة في المقابــل قــام بتعريفهــا بكونهــا " كــل‬
‫طرف يتعاطى تشاط اقتصادي بغض النظر عن كونــه شــخص طــبيعي او ذوات معنويــة او‬

‫‪Jaidane (R) l’influence du droit francais sur le droit tunisien des concentration économiques RIDE 2002 page 25‬‬
‫‪660‬‬
‫كونه مؤسسة عمومية او مؤسسة خاصـة " ‪ 26‬و البـد ان تـؤدي عمليـة التركـيز الى خلـق او‬
‫دعم وضــعية الهيمنــة و هي من الشــروط الحاســمة و قــد ربطهــا المشــرع بمفهــوم الســوق‬
‫الداخلية و قد جعل وضعية الهيمنة هي األثر الوحيد الذي تتأسس عليه شرعية الرقابة ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الرقابة االحقة‬

‫اعتمد المشرع صمن قــانون المنافســة و األســعار على اليــة الرقابــة الالحقــة للمحافظــة على‬
‫توازن السوق عن طريق تجريم بعض الممارسات ضد المتدخلين في االقتصاد من المهنــيين‬
‫و المســتهلكين و التصــدي لكــل الممارســات الــتي قــد تنــال من الســير الطــبيعي للســوق كــل‬
‫الممارسات المخلة بالمنافسة النزيهة ‪.‬‬
‫و قد اهتم المشرع بقانون المنافسة و األسعار من خالل جملة التنقيحات التي أوردها عليه و‬
‫يعــود ذلــك باألســاس الى الخصوصــية الواضــحة الــتي تمــيزه على مســتوى التجــريم لجملــة‬
‫األفعال الممنوعة بمقتضى النص ‪ .‬وردت قائمة الممارسات المحجرة صــمن احكــام الفصــل‬
‫‪ 05‬من قانون ‪ 2015‬فتمثلت باألساس في‬
‫‪ -1-‬منع الممارسات المخلة بالمنافسة‬
‫وردت الممارسات الممنوعة و المخلــة بالمنافســة ضــمن الفصــل ‪ 05‬من قــانون المنافســة و‬
‫األسعار ‪ ,‬و قــد جــاء هــذا الفصــل ضــمن البــاب الثــاني من العنــوان األول " في المنافســة و‬
‫الممارسات المخلــة بهــا " و ضــم جمــة الجــرائم التاليــة ‪ :‬االتفاقـات الممنوعــة ‪ /‬الممارســات‬
‫التعسفية ‪ /‬ممارسة تطبيق أسعار مفرطة ‪ .‬تنتج هذه الممارســات عن غايــة كــل مؤسســة في‬
‫تحقيق الربح الوفير دون النظر الى نتيجة السعي بالتالي قام المشــرع بمنعهــا بمقتضــى نص‬
‫صريح ‪.‬‬

‫منع االتفاقات المخلة بالمنافسة ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫تضمن الفصــل ‪ 05‬في فقرتــه األولى منــع االتفاقــات المخلــة بالمنافســة و الــتي قــد تمس من‬
‫الســير العــادي للســوق ‪ ,‬من الواض ـحـ عنــد قــراءة أوليــة لمقتضــياته ان المشــرع من خالل‬
‫استعماله لعبارات الفصل " االتفاقـات و التحالفـات‪ " 27‬كمـا سـماها ‪ ,‬قـد تـأثر من جهـة أولى‬
‫أولى بمعاهدة روما‪ 28‬و ما جاء بالتشريع الفرنسي من جهة ثانية‪. 29‬‬

‫‪26‬‬
‫رأى مجلس المنافسة عدد ‪ 2266‬بتاريخ ‪ 24‬ديسمبر ‪2002‬‬
‫‪27‬‬
‫" تمنع األفعال المتفق عليها و التحالفات و االتفاقات الصريحة او الضمنية التي يكون موضوعها او اثرها مخال بالمنافسة "‬
‫‪28‬‬
‫الفصلين ‪ 85‬و ‪86‬‬
‫المشرع لم يعرف االتفاقات المشمولة بالمنع ضمن الفصل ‪ 05‬من قانون المنافسة واألسعار‬
‫و ترك المسألة لمجلس المنافسة و لعل هذا الترك سببه ان االتفاقات باألساس تكتسي طبيعــة‬
‫اقتصــادية اكــثر ممــا هــو قــانوني‪ ،‬من الواضــح ان تخلى المشــرع عن ذكــر تعريــف مــدقق‬
‫للممارسات المحجرة من شأنه ان يهدد امن و استقرار المؤسسة االقتصــادية و الــتي هي في‬
‫حاجة ملحة لمعرفة دقيقة بالممارسات و االعمال الممنوعة‪ .‬عرف الفقه االتفاقــات بكونهــا "‬
‫تفترض تالقي إرادة طرفين فأكثر يتمتع كل منهما باالســتقاللية الكافيــة ليقــرر تصــرفه بكــل‬
‫حرية في السوق " ‪. 30‬‬
‫وردت صياغة الفصل ‪ 05‬عامة جــدا حــول منــع االتفاقــات المخلــة بالمنافســة الشــيء الــذي‬
‫يجعلها تستقطب أكثر عدد من األفعال الصارة بالمصالح االقتصادية وتكــييف هاتــه األخــيرة‬
‫بكونها اتفاقات ممنوعة هنــا تــبرز خصوصــية التجــريم العتبــار ان االحكــام العامــة للقــانون‬
‫الجزائي تفرض الدقة من حيث الصــياغة في تحديــد األفعــال المجرمــة قانونــا ‪ .‬كمــا ان هــذا‬
‫المنع له شروط وصور البد من التطرق اليها‪ ،‬فقد فرضــت احكــام الفصــل ‪ 05‬مســألة تعــدد‬
‫أطراف االتفاقات المخالفة للمنافسة او المشاركين فيها باإلضافة الى وحدة الغاية منها ســواء‬
‫اكانت صريحة ام ضمنية‪ ،‬بالتالي ال يكون االتفاق اال بتعدد المشاركين فيه وقانون المنافســة‬
‫واألسعار لم يقم بتحديد من هم األشخاص المشاركين فيه صراحة بالتـالي ال شــيء يمنــع من‬
‫ان تشتمل على كل المتدخلين االقتصاديين من تجار و وســطاء من األشــخاص الطبيعــيين او‬
‫المعنويين‪.‬ـ‬
‫كما ان " الواقع االقتصادي قد اثبت ان مثل هذه االتفاقات غالبا ما تتم بين المؤسسات نظــرا‬
‫المتالكها ألسباب القوة المالية االمر الـذي ال يتـوفر عـادة لـدى األشـخاص الطبيعـيين " ‪, 31‬‬
‫حيث ان المؤسسات االقتصــادية تكــون غايتهــا األولى هي تحقيــق الــربح الوفــير و من اجــل‬
‫السـعي اليـه قـد تقـوم بأقصـاء منافسـيها من السـوق بـأي طريقـة ‪ .‬ورغم ان المسـاهمين في‬
‫االتفاقات هم مؤسسات اقتصادية فانه ال شــيء يمنــع المنظمــات المهنيــة من ان تكــون طرفــا‬
‫لكونها فاعلة على مستوى السوق‪ .‬من ناحيــة اخــرى قواعــد المنافســة تهم اشــخاص القــانون‬
‫الخاص دون اشخاص القانون العام حيث ان الفصل ‪ 05‬منه لم ينص صراحة على اخضاع‬
‫احكامه لهم في صورة قيـامهم ببعض الممارســات المخلــة بالســوق‪ .‬المشــرع لم يحــدد شـكال‬
‫معينا لالتفاق فهذا األخير قد يتخذ شكال مكتوبا او مشافهة كما قد يكون صريحا او ضــمنيا و‬
‫الغاية في عدم تحديد شكله هــو التوســيع في مــدلول االتفاقــات الممنوعــة و إلثباتهــا البــد من‬
‫اعتماد تقنية تظافر القرائن حسب فقه قضاء مجلس المنافسة الفرنســي ‪ ,‬فهي عــادة مــا تتخــذ‬
‫شكل المراكنة و تكون سرية‪. 32‬‬
‫‪ 29‬امر ‪ 1986-09-01‬المنقح في ‪ 15‬ماي ‪ . 2001‬انظر في هذا االطار الي ‪ .‬الهام الجويني " خصائص السياسة الجزائية في قانون المنافسة‬
‫و األسعار " مذكرة لألحراز على شهادة الماجيستير قانون العقود و االستثماراتـ ‪ .‬كلية الحقوق و العلوم السياسية تونس ‪ 2009‬ص ‪45‬‬
‫‪LEGEAIS démonique . droit commerciale des affaires 16eme éditions 2005 . Armand colin page 310 30‬‬
‫‪ 31‬عادل المحمودي " الممارسات الممنوعة في قانون المنافسة و األسعار " مذكرة نيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص ‪ .‬كلية الحقوق‬
‫و العلوم السياسية بتونسـ ص ‪86‬‬
‫‪ 32‬حيث ان طبيعة تلك الممارسات التي تعتمد بالضرورة على الكتمان و المراكنة تجعل إقامة الخجلة عليها امرا عسيرا و ال يمكن التوصل الى‬
‫اثباتها في اغلب الحاالت اال باللجوء الى القرائن التي يبررها التحقيق حتى و ان لم تشكل كل واحدة منها اذا ما اخذت بمعزل عن البقية دليال قاطعا‬
‫على وجود عدم التفتهمـ " قرار مجلس المنافسة عدد ‪ 4155‬صادر في ‪2004-12-616‬‬
‫الممارسات التعسفية‪B‬‬ ‫‪‬‬
‫على غــرار االتفاقــات الممنوعــة الــوارد ذكرهــا منــع المشــرع االفــراط في اســتغالل مركــز‬
‫الهيمنة و لوضعية التبعية االقتصادية‪ ،‬و تعرف الهيمنة بكونهــا " تقــييم وضــعية المؤسســات‬
‫في السوق بحسب ما اذا كانت المؤسسات المعنية وحيدة او تواجه منافسة عتيدة مــع فــاعلين‬
‫اقتصاديين اخرين " ‪ .33‬و قـد منـع المشـرع االسـتغالل المفـرط لمركـز الهيمنـة على السـوق‬
‫الداخلية او على جزء منها‪ ،‬كما انه لم يحدد بدقة األطراف موضــوع المنــع حــتى بعــد تنقيح‬
‫الفصل سنة ‪ .2015‬وبالتالي قد يكوم االستغالل المفرط للنفوذ االقتصــادي لصــالح مؤسســة‬
‫واحدة كما قد يكون نتيجة تركيز في القوة االقتصادية بين مجموعة من المؤسسات و هنا قــد‬
‫يتعلــق االمــر مؤسســة محتكــرة او قــد يكــون االحتكــار جماعيــا لعديــد المؤسســات‪ ،‬كمــا ان‬
‫المشرع في الفصل ‪ 05‬لم يعطي تعريفا للسوق ‪ 34‬اما عن مجلس المنافسة فقـد اسـتعمل هـذا‬
‫األخير عبارة السوق المركزيــة و اعتمــدها ضــمن قــرار عــدد ‪ 2266‬صــادر في ‪-09-24‬‬
‫‪.2002‬‬
‫ماهوا المعيار المعتمد من قبل المشرع في تقديره لهيمنة مؤسسة على مؤسسة أخــرى داخــل‬
‫السوق؟؟‬
‫ان المشرع لم يحدد في قـانون ‪ 2015‬المعيـار المعتمـد في تقـديره لهيمنـة مؤسسـة مـا على‬
‫السوق اال ان مجلس المنافسة قد اخذ بجموعه من المؤشرات في تقدير الهيمنــة مثــل مقارنــة‬
‫نصيب المؤسسة و نصيب بقيــة منافســيها من حيث التســويق و التصــرفـ ‪ .‬ان هــذا المعيــار‬
‫المذكور يعد غير كافي لتقدير وضعية الهيمنة وبالتــالي قــام مجلس المنافســة باالعتمــاد على‬
‫جملة من المعايير األخرى‪.‬‬
‫من حيث المبدأ وضعية الهيمنة ليســت من االخالالت الممنوعــة في القــانون التونســي اال ان‬
‫االفراط في الهيمنــة و في اســتعمالها هــو المحجــر و الــذي يكــون فعال اجراميــا و هنــا تكمن‬
‫خصوصية القواعد التجريمية لقانون المنافسة و األسعار ‪ .‬و قد نص المشــرع ضــمن احكــام‬
‫الفصل ‪ 05‬على بعض صور االفراط نذكر منها ‪ :‬االمتناع عن البيع او البيعات المشــروطة‬
‫كذلك األسعار الدنيا المفروضة ‪.‬‬
‫اما عن جريمة االستغالل المفــرط لوضــعية تبعيــة اقتصــادية فقــانون ‪ 1991‬وكــذلك قــانون‬
‫‪ 1995‬لم ينصا عليها بل قام المشرع بتحجير هذه الممارسات ضــمن تنقيح قــانون المنافســة‬
‫واألسعار في سنة ‪ 1999‬تحت عدد القانون ‪ 41‬من خالل احكام الفصل ‪ 05‬منه والذي قــد‬
‫تأثر بمقتضاه بما جاء بالفصل ‪ 08‬من المرسوم الفرنسي لسنة ‪ .1996‬وتمثل حالــة التبعيــة‬
‫االقتصادية " الوضعية الواقعية لمؤسسة مـا في عالقتهـا بمؤسسـة أخـرى حريفـة او مــزودة‬

‫‪ 33‬من خالل قرار صادر عن مجلس المنافسة عدد ‪ 2136‬مؤرخ في ‪ 2003-07-17‬اعتبر فيه ان تواجد مؤسسة اقتصادية في مركز هيمنة ال‬
‫يتحققـ اال اذا كانت تملك قدرا من القوة االقتصادية الناتجة عن استقاللية التصرف و التعامل مع الحرفاء المنافسين و المستهلكين دون الخضوع‬
‫الى ضغوطات السوق الشيء الذي يجعلها تفرض شروطها و تتحكم في اليات السوق و في وضعية المتعاملين في اطاره ‪.‬‬
‫‪ " 34‬هي المكان النظري اين يتالقى العرض مع الطلب للمنتوجاتـ او الخدمات التي تعتبر من قبل المشترين او المستعملين قابلة لالستبدال فيما‬
‫بينهمـ لكنها غير قابلة لالستبدال مع السلع و الخدمات األخرى "‬
‫تكون فيها األولى خاضعة الى تأثير الثانيـة " ‪ ، 35‬وفي هـذا االطـار يتم االعتمـاد على جملـة‬
‫من المعايير لالستدالل على حالــة التبعيــة الــتي يتواجــد فيهــا الحرفــاء تجــاه المــزودين منهــا‬
‫المعيــار الــذي يقــوم على امتالك المــزود لعالمــة تجاريــة شــهيرة مســتمرة تجعــل الحرفــاء‬
‫يتمســكون بتوفــير منتوجــات هــذا المــزود و ذلــك الســتعمالها فيمــا يعــد كوســيلة الســتقطاب‬
‫الحرفاء الشيء الذي يجعله في حالة تبعية اقتصادية‪ .‬ومنه فالمشرع يستند الى فكرة اختالف‬
‫التوازن بين أطراف التعامل كمــا انــه على غــرار تحديــد حالــة التبعيــة لم يقم بوضــع حلــول‬
‫للمؤسسات التي هي في حالة من التبعية وذلك للخروج منها‪ .‬كما انه من الضروريـ التدقيق‬
‫على ان المشرع جحر االفراط في استغالل حالــة التبعيــة االقتصــادية وليس الفعــل ذاتــه بــل‬
‫جرم سوء استعماله بشكل فيه افراط‪.‬‬
‫وقد اضافت احكام الفصل ‪ 05‬من قانون المنافسة واألسعار بعد تنقيحــه مســألة منــع عــرض‬
‫او تطبيق أسعار مفرطة االنخفاض‪.‬‬

‫ممارسة‪ B‬تطبيق أسعار مفرطة االنخفاض‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫هي من الممارسات الممنوعة حديثا حيث ان المشرع في قانون ‪ 1991‬لم ينص عليها بل تم‬
‫أضافتها بمقتضى قانون ‪ 2015‬ضمن الفقرة األخيرة من الفصل ‪ , 05‬و لم يضــع المشــرع‬
‫من ناحية أخرى مفهوما للسعر مفرط االنخفاض موضوع التجــريم كمــا لم يقــدم لــه امثلــة ‪,‬‬
‫في حين ان مجلس المنافسة قد قام بتعريفه ضمن قــرار عــدد ‪ 91192‬الصــادر بتــاريخ ‪23‬‬
‫فيفــري ‪ " 2012‬األســعار مفرطــة االنخفــاض هي األســعار الــتي ال تنعكس فيهــا مقومــات‬
‫السعر الحقيقي الذي يشمل الكلفة القارة و الكلفة المتغيرة و هــامش الــربح و الــتي من شــأنها‬
‫ان تؤول الى إزاحة المنافس و ان تفضي الي تعطيل قواعد المنافسة في السوق " ‪ .‬في حين‬
‫ان الفصــل ‪ 05‬قــد تضــمن بالــذكر االثــار المترتبــة عن ممارســة تطــبيق أســعار مفرطــة‬
‫االنخفاض على المنافسة والتي تهدد توازن النشاط االقتصادي وتأثر على مقومات المنافســة‬
‫النزيهة باألساس‪ .‬وباالعتماد على جملة لألثار المذكورة نفرق بين هذه الممارســة الممنوعــة‬
‫وغيرها من الممارسات األخرى مثل مخالفة البيع بالخسارة‪.‬‬

‫‪ -2-‬منع الممارسات األخرى‪:‬‬


‫ال يمكن حصــر الممارســات الممنوعــة والضــارة بمصــالح المتنافســين داخــل الســوق نظــرا‬
‫لتعددها‪ ،‬حيث ان كل متنافس قد يبتكر أساليب جديدة من اجل تحقيق مزيــد من الــربح ودون‬
‫االقتصــار على افعــال معينــة و تمثــل هــذه الممارســات باألســاس في نــوعين‪ :‬اول متعلــق‬
‫بالممارسات االحتكارية‪ ،‬و ثاني متعلق بالممارسات غير مشروعة‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫‪CANIVET GUYET BOUTARD – LABARDE( MCL ) le droit français de la concurrences 1995‬‬
‫من خالل احكـام قـانون ‪ 2015‬يتضـح ان المبـدأ هـو تجـريم الممارسـات الماسـة بالمنافسـة‬
‫والتي هي في األصل غــير مشــروعة عــدى حـاالت أخــرى اســتثنائية اخرجهــا المشــرع من‬
‫دائرة التجريم لغايات معينة‬

‫الممارسات االحتكارية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫اعتمدت الدولة التونسية منذ االستقالل سياسة تدخل الدولــة بشـكل مكثـف لتنظيم األســعار ثم‬
‫شيئا فشيئا مع تطور االقتصاد تخلت عن هذه السياسة لتعتمد اليات السوق بتحرير األســعار‪،‬‬
‫هذه السياسة الجديدة تقوم على البيع بسعر يتالءم مع المقدرة الشرائية للمستهلك وتقوم أيضا‬
‫على حسن جودة اإلنتاج من اجل تسويقها بشكل أســرع في الســوق‪ .‬هــذا التحريــر أنتج اثــار‬
‫عديدة من بينها الممارســات االحتكاريــة حيث تمثــل هــذه األخــيرة " حبس الشــيء عن الــبيع‬
‫والتداول بقصد رفع األسعار والمرادفـ لعملية االمتناع عن البيع " ‪. 36‬‬
‫حافــظ المشــرع ضــمن الفصــل ‪ 37‬من قــانون المنافســة و األســعار على الجــرائم الــتي تم‬
‫التنصيص عليها صـمن قـانون مـاي ‪ 1970‬و أضـاف اليهـا احكامـا جديـدة لمنـع مثـل هـذه‬
‫الممارسات المضرة بنشاط السوق ضمن قائمة تضــمنت ‪ 5‬فقــرات و قــد وســع المشــرع من‬
‫نطاق التجريم حماية منه لحقوق المتنافسين و منع بمقتضاها كل اشكال الممارسات الضــارة‬
‫بمصالحهم عن طريق تحديد مجال التنافس ‪ ,‬حيث ان تجـريم االمتنــاع عن الـبيع وحــده يعــد‬
‫غير كافي لضمان هذه األهداف المذكورة سلفا ليتجـاوز مســألة االمتنــاع او رفص الــبيع الى‬
‫ان شــمل العديــد من الممارســات األخــرى التمييزيــة و هــذا االمتــداد غايتــه ضــمان عــدم‬
‫االستغالل المفرط للنفوذ االقتصادي ‪.‬‬

‫الممارسات غير المشروعة‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫لم يعرف المشرع ما لمقصود بالممارسات غير المشروعة ضمن قانون المنافسة و األســعار‬
‫و ال صـــلب مجلـــة االلتزامـــات و العقـــود في الفصـــلين ‪ 90‬و ‪ 92‬رغم تطرقهـــا ال هـــذه‬
‫الممارسات‪ ،‬و يمكن تعريفها بأنها " كل االعمال التي يكون الهدف منهــا او نتيجتهــا تحويــل‬
‫وجهة الحرفاء " ‪ .‬غير انه قدم صمن الفصل ‪ 92‬من مجلة االلتزامات و العقود مجرد امثلة‬
‫عن االعمال غير المشروعة كالتشهير‪ ،‬االلتباس و االرباك‪.‬‬
‫على غرار الخصوصية الواضحة لقانون المنافسة و األســعار و الــتي تظهــر جليــا من حالل‬
‫قواعد التجريم هي كذلك ذات خصوصية على مستوى قواعد المؤاخذة ‪:‬‬

‫‪ -II-‬من حيث قواعد المؤاخذة ‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫بشير الشوريجي " التسعيرـ في اإلسالم " شركة اإلسكندرية للطباعة و النشر مصر ‪ 1977‬صفحة ‪57‬‬
‫صدر قانون المنافسة واألسعار ضمن سياسة االنفتاح االقتصادي التي تبنتها تونس‪ .‬وكــرس‬
‫هذا القانون مبدأ حرية المنافسة واألسعار ومنع الممارســات المخلــة بالمنافســة والممارســات‬
‫التقييدية ‪ .‬وعرف هذا القانون عدة تنقيحات عكست إرادة المشـرع في تـدعيم أسـس اقتصــاد‬
‫السوق وتنافسية المؤسسات‪ .‬عن طريق تجريم بعص االفعـال وتحديـد العقوبـة المناســبة لهـا‬
‫‪-‬ب‪ -‬وتــدعم هــذا اإلطــار القــانوني باعتمــاد نظــام هيكلي ثنــائي يتكــون من اإلدارة العامــة‬
‫للمنافســة واألبحــاث االقتصــادية ومجلس المنافســة ووظيفتهمــا تنفيــذ سياســة المنافســة عــبر‬
‫مراقبة السوق وعمليات التركيز االقتصادي ودعم ثقافة المنافسة بالتالي كان من الضــروري‬
‫التطرق الى مسألة التتبع لبيان خصوصيتها على مستوى قواعد المؤاخذة ‪-‬أ‪. -‬‬

‫أ‪ -‬تعدد هياكل التتبع ‪:‬‬

‫" تعتبر الحماية الجزائية للقــوانين في الميــدان االقتصــادي الشــغل الشــاغل للمهتمين بصــالح‬
‫االقتصـاد القـومي للـدول " ‪ 37‬و لكي تحقـق النصـوص الجزائيـة أهـدافها األساسـية كـان من‬
‫الضروريـ تدعيمها بجملة من النصوص الشــكلية اإلجرائيــة للكشــف عن الجــرائم و مســائلة‬
‫المجرمين و من ثمة مباشرة التتبع فيها‪ .‬ونظرا لخصوصية المادة االقتصادية اتبــع المشــرع‬
‫في هذا المجال تمشي خاص بشان جملـة القواعـد الشـكلية موضـوع البحث من اجـل تحقيـق‬
‫الحماية الجزائيـة المطلوبـة للنظـام العـام االقتصـادي " ‪ ,‬و لئن كـانت تنبـع من منطلقهـا من‬
‫القواعد اإلجرائية إال أنها حادت عن هذه القواعـد كلمـا اسـتلزمت نجاعـة القاعـدة اإلجرائيـة‬
‫ذلك " ‪.38‬‬
‫تعرض القانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪ 2015‬في عنوانه الخامس إلى إجــراءات التتبــع والمصــالحة‬
‫في مادة المنافسة و األسعار‪ ,‬و تتميز السياسية الجزائيــة في هــذا اإلطــار بتشــابك و تشــعب‬
‫أسلطات التتبع فيشمل هذا األخير جميع األعمـال األوليـة الـتي يقـوم بهـا األعـوان المـؤهلين‬
‫لمعاينة الجرائم و األعمال أالحقة التي تقوم بهــا ســلطة التتبــع لمباشــرة الــدعوى الجزائيــة و‬
‫تحقيق المالحقة القضائية ‪ 39‬و هو ما سنتبينه من خالل قواعده على وجه التفصيل‪.‬‬
‫لقد حدد المشــرع من جهــة أولى األعــوان المكلفــون بالمعاينــة في إطــار جــرائم المنافســة و‬
‫األســعار و البحث فيهــا و قــد توســع في هــذه القاعــدة ثم أضــفى عليهــا بعض الخصوصــية‬
‫ألعوان اإلدارة بوصفهم أعوان الضابطة العدلية و منحهم صالحيات موسعة و هو مــا أدى‬
‫إلي تعدد هذه الجهات المكلفة و من جهة أخرى ســعى المشــرع إلى حمايــة بعض القطاعــات‬
‫االقتصــادية من خالل مــا نص عليــه الفصــل ‪ 62‬من قــانون ‪ 2015‬على أن المعاينــة فيمــا‬

‫‪ 37‬حسن عز الدين دياب مقال " جرائم االستثمار " نشر في جوريسيدياـ موسوعة القانون المشاركة مع العلم انه قد تطرق لجرائم االستثمارـ في‬
‫كتابه القانون الجزائي لالستثمار دراسة مقارنة ‪ .‬مجمع االطرش للكتاب المختص تونس ‪2011‬‬
‫‪ 38‬فوزي العياري " السرية في مادة االجراءات الجزائية " رسالة تخرج من المعهد االعلى للقضاء ‪ 2001-2000‬ص ‪05‬‬
‫‪ 39‬علي الحالدي " قانون االجراءات الجزائية " كلية الحقوق و العلوم السياسية تونس ص ‪20‬‬
‫يتعلق بالمخالفات موضوع الممارسات المخلة بقواعد المنافسة تقــع من قبــل متفقــدي الرقابــة‬
‫االقتصـادية‪ 40‬امـا المخالفـات المتعلقـة بالممارسـات االحتكاريـة و عـدم شـفافية األسـعار فيتم‬
‫معاينتها بواسطة عوني مراقبة او غيرهم من الذين تم ذكــرهم ضــمن قائمــة الفصــل ‪ 63‬من‬
‫نفس القانون‪ 41‬وبالنظر الى خصوصية مادة المنافسة و األسعار أفرضـت هـذه المـيزة تمكين‬
‫هــائال األعــوان المــؤهلين بمهــام متعــددة و المطروحــة على وجــه الــذكر نظــرا لمتــابعتهم‬
‫المســتمرة لســير الســوق ‪ .‬كمـا تضــمنت أحكـام نفس الفصـل ‪ 62‬ان معاينــة المخالفــات تقــع‬
‫بواسطة محاضر محررة من قبل األعوان المكلفين الشــيء الــذي يجعلنــا نتــبين و إن اإلدارة‬
‫هي صاحبة االختصاص األصلي في مراقبة المخالفــات المتعلقــة بالمنافســة و األســعار ’ من‬
‫ناحية أخرى قد مكنهم المشرع بجملة من الصالحيات الموسعة في إطار معاينة المخالفات و‬
‫التي تمثـل بـدورها إثبـات مباشـر و مـادي من خالل الفحص و الرؤيـة المباشـرة للشـيء أو‬
‫للشخص محل المعاينة‪.‬‬
‫محاضر المعاينة في قانون المنافسة و األسعار تتمتع بقــوة ثبوتيــة تمكن من اعتمادهــا كســند‬
‫إدانة و التصريح من خاللهـا بالعقوبـة من قبـل المحكمـة المختصـة ذات النظــر في الــدعوى‬
‫فهي بالتالي وسيلة إثبات على ارتكاب الجريمة الشــيء الــذي يجعلنــا نتــبين الطــابع الحمــائي‬
‫الذي أضفاه المشرع على قواعد قانون المنافسة و األسعار و على حمايــة حقــوق المتعــاملين‬
‫في الميدان االقتصــادي و الــتي تنعكس باألســاس ضــمن مــا اقتضــته أحكــام الفصــل ‪ 70‬من‬
‫‪42‬‬
‫قانون ‪. 2015‬‬
‫تعتبر جرائم المنافسة و األسعار و خاصة نظــام تتبعهــا ذات خصوصــية واضــحة و مختلفــة‬
‫عن قواعد التتبع في الشريعة العامة و لقد شملت هذه الخصوصيةـ كذلك قواعــد إثــارة التتبــع‬
‫اي تحريك الدعوى مقارنة بالقواعد العامة للقانون الجــزائي و المضــمنة بمجلــة اإلجــراءات‬
‫الجزائيــة ‪ .‬قواعــد المنافســة و األســعار تمثــل بالتــالي قواعــد مســتقلة بــذاتها و مختلفــة عن‬

‫‪ 40‬الفصل ‪ 62‬ـ تقع معاينة مخالفات أحكام الباب األول من العنوان الرابع من هذا القانون من قبل متفقدي المراقبة االقتصادية طبقا للقانون‬
‫األساسي المنظم لسلك الرقابة االقتصادية‪.‬‬
‫وتتم هذه المعاينة بواسطة تقارير بحث تستند إلى دراسة تحليلية لواقع السوق ومحاضر سماع أو معاينة للممارسات المخلة بالمنافسة‪ .‬وتحرر هذه‬
‫المحاضر وفق ما هو مبين بالفصل ‪ 63‬من هذا القانون‪.‬‬
‫‪ 41‬الفصل ‪ 63‬ـ تقع معاينة المخالفات ألحكام البابين الثاني والثالث من العنوان الرابع من هذا القانون بواسطة محاضر محررة من قبل‪:‬‬
‫‪ - 1‬عوني مراقبة اقتصادية‪ ،‬طبقا للنظام األساسي المتعلق بسلك المراقبة االقتصادية‪ ،‬أو عونين تابعين للوزارة المكلفة بالتجارة‪ ،‬مفوضين في ذلك‬
‫ومحلفين يكونان قد ساهما شخصيا ومباشرةـ في معاينة الوقائع المكونة للمخالفة بعد أن يكوناـ قد عرّ فا بصفتهما وقدّما بطاقتيهما المهنية‪.‬‬
‫‪ - 2‬أعوان الضابطة العدلية‪،‬‬
‫يحال أصل تلك المحاضر ونسخة منها مباشرة إلى الوزير المكلف بالتجارة‪.‬‬
‫ويجب أن يتضمن كل محضر تاريخ تحريره وختمه ومكانه وموضوعه واألعوان المحررين والمعاينة أو المراقبة وتصريحات المخالف أو كل‬
‫شخص يرى ضرورة في سماعه وتقديم إفادته وكذلك هوية المخالف أو الحاضر ساعة المعاينة أو السماع‪.‬‬
‫كما يجب التنصيص على أنه وقع إعالم المخالف بتاريخ تحرير المحضر ومكانه وأنه تم استدعاؤه بواسطة مكتوب مضمون الوصول بإستثناء‬
‫حاالت التلبس‪.‬‬
‫وينص المحضر عند االقتضاء على أنه تم إعالم المعني باألمر بإجراء حجز وأنه وجهت إليه نسخة من المحضر بواسطة مكتوب مضمون‬
‫الوصول‪.‬‬
‫وعلى المخالف أو الحاضر ساعة المعاينة أو السماع أو من يمثلهمـ إمضاء المحضر عند الحضور وفي صورة التعذر أو رفض اإلمضاء يتم‬
‫التنصيص على ذلك بالمحضر‪.‬‬
‫‪ 42‬الفصل ‪ 70‬ـ يتعيّن على الموظفين واألعوان وكل األشخاص اآلخرين المدعوين لالطالع على ملفات المخالفات المحافظة على السر المهني‬
‫وتنطبق عليهم أحكام الفصل ‪ 254‬من المجلة الجزائية‪.‬‬
‫الشريعة العامة في إطار ما سبق ذكره لتصبح بمقتضاها اإلدارة طرف أصلي في تقدير مال‬
‫التتبع و النيابة العمومية طرف منظم لإلدارة في إثارة التتبع‬
‫من حيث المبدأ تمتلــك النيابـة العموميــة الـدعوى العموميـة باســم المجتمــع لكن هــذه الحريــة‬
‫تخضع لقيود عديدة كالتي تضمنتها بعض القوانين الخاصة و ألهداف تشريعية معينـة كـالتي‬
‫تم اعتمادهــا في قــانون المنافســة و األســعار و هــو مــا أكدتــه أحكــام الفصــل ‪ 65‬من قــانون‬
‫‪43‬‬
‫‪ 2015‬لتصبح اإلدارة بذلك صاحبة االختصاص المبدئي في تقدير مال التتبع‬
‫كذلك نجد أن اإلدارة في مرحلة الممارسة‪ 44‬لها خصوصية متميزة من خالل إمكانية أعــوان‬
‫المراقبــة االقتصــادية تمثيــل اإلدارة أمــام المحــاكم و هــو مــا جــاء بالفصــل ‪ 72‬من قــانون‬
‫‪.2015‬‬
‫في إطار تتبع الجرائم إثارتها تتعدد الهياكل المختصة على مستوى قواعد المؤاخذة فهو ليس‬
‫من اختصاص المحكمة الجزائية فقط كبـاقي الجـرائم العاديـة األخـرى طبقـا للقواعـد العامـة‬
‫للقــانون الجــزائي و إنمــا مجلس المنافســة ‪45‬هــو أيضــا من بين اإلطــراف الــذين خــول لهم‬
‫المشرع حق القيــام بإثــارة التتبـع و ذلـك إلقـرار دوره الهــام و الفعـال خاصــة على مسـتوى‬
‫الحفــاظ على قواعــد المنافســة المشــروعة داخــل الســوق و في زجــر الممارســات المخلــة‬
‫بالمنافسة اعتبارا لطبيعته كهيأة قضائية خاصة ‪ .‬و قد تم تنظيم اإلطار القانوني لهذا المجلس‬
‫عمله و تكوينه واختصاصاته بمقتضى أحكام الباب الثالث من العنوان األول ضمن الفصــول‬
‫من ‪ 11‬إلى ‪ 26‬من قانون ‪. 46 2015‬‬
‫لمجلس المنافسة خصوصية‪ 47‬بمعنى التفريد و التميـيز على مسـتوى عديـد الجـوانب مقارنـة‬
‫بالهيئات القضائية األخرى خاصة فيما يهم مسألة إثـارة الـدعوى العموميـة في إطـار جـرائم‬
‫المنافسة و األسعار و التي أصبحت من صــالحياتها بمقتضــى القــانون و قــد ســعى المشــرع‬
‫إلفرادهــا بخصوصــيةـ تمييزهــا عن الجهــاز القضــائي خاصــة في نطــاق تــدخلها و تعهــدها‬
‫بالنزاع لحد تفرديها بنظام إجرائي مميز ‪. 48‬‬
‫إن تعهد مجلس المنافسة بالتتبع يشمل التعهد باإلحالة و يتجاوزه إلى حد التعهد التلقائي حيث‬
‫بإمكــان المجلس مواصــلة النظــر في الــدعوى رغم تخلى األطــراف عنهــا و هنــا تــبرز‬
‫خصوصية التتبع في إطار جــرائم المنافســة و األســعار ‪ .‬ثم إن هــذا المجلس العتبــاره هيئــة‬
‫قضائية مختصة ‪49‬ال يمكن اإلقرار بكونه هيئة قضائية ذات والية عامـة فيمـا يتعلـق بجـرائم‬
‫‪ 43‬انظر فصل ‪ 20‬من مجلة االجراءات الجزائية و الفصل ‪ 63‬من قانون المنافسة و االسعار لسنة ‪2015‬‬
‫‪ 44‬الفصل ‪ 72‬ـ مع مراعاة أحكام الفصل ‪ 73‬من هذا القانون يمكن ألعوان المراقبة االقتصادية تمثيلـ اإلدارة أمام المحاكم دون تفويض خاص في‬
‫الدعاوى القضائية الراجعة بالنظر إلى مصالحهم‬
‫‪ 45‬الفصل ‪ 11‬ـ تحدث هيئة تسمى مجلس المنافسة تتمتع بالشخصية المعنوية وباالستقالل المالي وتلحق ميزانيتها ترتيبياـ بميزانية الوزارة المكلفة‬
‫بالتجارة‪.‬‬
‫يكون مقر المجلس بتونس العاصمة وله أن يعقد عند االقتضاء جلساته بأي مكان آخر بتراب الجمهورية‪".‬‬
‫‪ 46‬كانت منضمة في قانون ‪ 1995‬من الفصول ‪ 9‬الى ‪ 21‬قبل تنقيحه سنة ‪2015‬‬
‫‪47‬‬

‫‪ 48‬ماهر الشابي " شروط القيام بدعوى الممارسات المخلة بالمنافسة " محاضرة ختم التمرين بالمعهد االعلى للمحاماة ‪ 2013- 2012‬ص ‪14‬‬
‫‪ 49‬مثال أصدر مجلس المنافسة قرارا تحت عدد ‪ 181511‬بتاريخ في ‪ 21‬أكتوبر ‪ ،2021‬يقضي بتسليط عقوبة مالية جمليه قدرها عشرة مليون‬
‫دينار‪ ‬وثمان مائة وسبعة وعشرون ألف دينار ‪  10.827.000,000 ‬على أربع نقاباتـ مهنية و‪ 22‬مصحّ ة خاصة من أجل مخالفة أحكام الفصل‬
‫بل هو مختص بالنظر في مجال محدد ضبطها الفصل ‪ 11‬جديــد وفــق تنقيحــه ســنة ‪2005‬‬
‫فالجهات التي بإمكانها عــرض الــدعوى على مجلس المنافسـة هي جهـات متعـددة تم ذكرهـا‬
‫ضمن قائمة حصرية ثم تضمن نفس الفصل في فقرته الثانيــة إمكانيــة المجلس التعهــد تلقائيــا‬
‫بالنظر في الممارسات المخلة بالمنافسة فيمكنها من فتح تحقيقات من تلقاء نفسها في صــورة‬
‫المســاس بالسياســة االقتصــادية للدولــة و انتهــاك لحقــوق المســتهلك و غيرهــا من الحــاالت‬
‫األخرى‪.‬‬
‫و لقد عهد المشرع بموجب قانون المنافسة و األسعار مهمــة زجــر الجــرائم في هــذا المجــال‬
‫إلى هيكلــيين أساســيين همــا مجلس المنافســة و كــذلك محــاكم القضــاء العــدلي و هي الجهــة‬
‫‪50‬‬
‫األصلية في مباشرة التتبعات الجزائية بصفة عامة ‪ .‬و بـالعودة إلى أحكـام الفصـل ‪ 09‬من‬
‫قــانون ‪ 2015‬نتــبين و أن المشــرع حصــر مرجــع النظــر الحكمي لمجلس المنافســة في‬
‫النزاعات المتعلقة بالممارسات المخلة بالمنافسة حيث ان مجال اختصاصها يتمثــل باألســاس‬
‫في اختصــاص تقريــري حســب الفصــل ‪ 05‬من قــانون ‪ 2015‬و لهــا كــذلك اختصــاص‬
‫استشاري نظرا لخصوصية الجريمة االقتصادية و حماية من المشرع لحرية المنافســة ذاتهــا‬
‫و ذلك مـا نتبينـه من خالل الفصـل ‪ 09‬جديـد و الفصـل ‪ 07‬جديـد من نفس القـانون ‪ . 51‬من‬
‫خالل التنقيحات العديدة لقانون المنافسة و األسعار تدعم التعهــد التلقــائي للمجلس بــالنظر في‬
‫الدعاوى المتعلقة بالمنافسة و األسعار و تعدد الهيئات المخول لها رفع الدعوى أمام المجلس‬
‫و ذلك لتعدد القراراتـ الصادرة عنه فترفع العرائض المتعلقة بالممارسات المخلــة بالمنافســة‬
‫من قبل األشخاص المنصوص عليهم ضمن الفصل ‪ 11‬و قد اتسمت القرارات الصادرة عن‬
‫المجلس باالختالف و التفاوت لتكون حسب منطوق‪ 52‬الفصل ‪ 19‬من قـانون ‪ 2015‬قاضـية‬
‫بالرفض أو باإلدانة و يمكن إن يكون الطعن فيها إما باالستئناف او بالتعقيب ‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫كما تتدخل المحاكم العدلية بالنظر في جرائم المنافسة لضـمان حسـن المنافسـة المشـروعة‬
‫فالمجلس ليس بمعزل عنها رغم تمــيز اختصاصــه ‪ ,‬وعلى غرارهــا تعــد المحكمــة اإلداريــة‬
‫جهة هامة باعتبار الدور الموكول لها و المؤكد ضمن نصــوص قــانون المنافســة و األســعار‬
‫خاصة بعـد تعديلـه سـنة ‪ 2005‬و مجـال اختصاصـها في مـادة المنافسـة متنـوع نـذكر مثال‬
‫أحكــام الفصــل ‪ 22‬جديــد الــذي ينص على أن المحكمــة اإلداريــة تــراقب قــرارات مجلس‬
‫المنافسة و طبقا لذلك تم اعتبار تعهــدها بــالنظر في الطعــون الموجهــة ضــد قــرارات مجلس‬
‫‪ 5‬من القانون عدد ‪ 36‬لسنة ‪ 2015‬المؤرخ في ‪15‬‬
‫‪ 50‬انظر الفصلين ‪ 7‬و ‪ 9‬من قانون المنافسة و االسعار ‪.‬‬
‫‪ 51‬مجلس المنافسة هي هيئة تسعى الى اقرار المنافسة الحرة و النزيهة في مختلف ابعادها و ذلك بتسليط الضوء على ما تضمنته النصوص‬
‫القانونية المنظمة لسير و اداء هذه الهيئة نتأكد من خاللها ان الرؤية القانونية لمجلس المنافسة تضعه في خانة الهيئات القضائية المستقلة و مانحة له‬
‫ادوار خاصة نظرا لخصوصية المادة باألساس منها ما يأخذ البعد االستشاري و االخر ردعي ‪ .‬اال ان الواقع العملي اثبت ان مجلس المنافسة‬
‫تعتريه عدة صعوبات من ابرزها تواجده داخل الدائرة االقتصادية الشيء الذي يجعله ال يتحكم في االوضاع كهيئة مختصة و ضابطة للمنافسة‬
‫داخل السوق و من ثمة محدودية عمل مجلس المنافسة في مجال حماية المنافسة الحرة و المشروعة ‪.‬‬
‫‪52‬الفصل ‪ 19‬ـ عند انتهاء البحث يحرر المقرر بالنسبة إلى كل قضية تقريرا يقدم فيه مالحظاته يحيله رئيس المجلس بواسطة مكتوب مضمون‬
‫الوصول مع اإلعالم بالبلوغ إلى أطراف النزاع الذين يتعينـ عليهم الرد عليه في أجل شهرين سواء بأنفسهم أو عن طريق محام وذلك بواسطة‬
‫مذكرة تتضمن وسائل الدفاع التي يرونهاـ صالحة‪.‬‬
‫كما يحيل رئيس المجلس نسخة من التقرير لمندوب الحكومة ليتولى تقديم ملحوظات اإلدارة في نفس اآلجال المنصوص عليها في الفقرة السابقة‪.‬‬
‫‪ 53‬حسب الفصول ‪ 20‬و ‪ 22‬و ‪ 139‬من قانون المنافسة و االسعار لسنة ‪2015‬‬
‫المنافسة من مؤيدات اإلقــرار أن هــذا المجلس هــو هيئــة إداريــة مســتقلة و قراراتهــا تكتســي‬
‫طابع إداري و هو ما يؤكد من ناحية أنه يعتــبر هيكال قضــائيا ذا طبيعــة خاصــة ومن ناحيــة‬
‫اخرى يجعلنا نتبين خصوصيته على مستوى الطعن في األحكام الصادرة عنه‪.‬‬
‫قد ينتهي التتبع في كل جريمة إمــا بــإقرار اإلدانــة و تســليط العقوبــة تفريــدا لخطــورة الفعــل‬
‫اإلجرامي و قد ينتهي إلي التصـريح بعـدم ثبـوت اإلدانـة أو بانقضـاء الـدعوى و هـو الحـال‬
‫بالنسـبة للمـادة االقتصـادية ‪ 54‬و نظـرا لكـون الجريمـة االقتصـادية تمس بمصـالح اقتصـادية‬
‫حيوية قد تكبد الدولة خسائر مالية كبيرة الشيء الذي يجعــل المشــرع يفعــل دور الصــلح في‬
‫القانون الجزائي االقتصادي تجنبا لطول إجراءات التقاضي و قد أوكل هذه المهمة لإلدارات‬
‫المختصة كما اقــر المشــرع طريقــة أخــرى إلنهــاء التتبعــات من خالل اعتمــاد سياســة نــزع‬
‫التجريم كما يمكن إنهاء التتبع عن طريق الصلحـ الذي يميز قــانون المنافســة و األســعار عن‬
‫الشريعة العامة للقانون الجنائي‬
‫الصلح الجزائي هو إجراء غير قضائي يخول لإلدارة المؤهلة لذلك قانونا عرض الصــلح أو‬
‫قبوله من الشخص المرتكب لجريمة نص المشرع صراحة على أنها تقبــل الصــلح و التخلي‬
‫في الدعوى العموميـة أو عن تنفيــذ العقوبــات المحكـوم بهــا و يكـون ذلــك التخلي كليــا إذا تم‬
‫الصلح قبل صدور حكم بات أو جزئي إذا كان بعد صدور ذلك الحكم مقابــل تخلي المخــالف‬
‫عن حماية و ضمانات القانون الجنائي و دفعه مبلغ مالي محدد و هـو مـا افـرد بـه المشـرع‬
‫‪55‬‬

‫المادة الجزائية االقتصادية خاصة قـانون المنافسـة و األسـعار بهـذا اإلجـراء الممـيز لتفـادي‬
‫الصعوبات اإلجرائية المختلفة و المالية إال أن الصلح يخضــع لعديــد الشــروط تم التنصــيص‬
‫عليها ضمن أحكام قانون المنافســة و األســعار و هــو مــا يــبرز خصوصــية التتبــع في إطــار‬
‫الجرائم الماسة بالمصالح االقتصادي خاصة على مستوى المنافسة النزيهة ‪.‬‬

‫ب‪ -‬تنوع العقوبات المقررة ‪:‬‬


‫خصوصية قواع ًد المؤاخذة تتمـ ً‬
‫ـيز السياســة الجنائيــة الحديثــة بالــدفع نحــو التخلي عن قواعــد‬
‫القانون الجنائي كلما كانت المصلحة تستوجبً ذلك ‪.‬هذه السياسة الجزائية نلمســها بكــثرة في‬
‫الجريمة االقتصادية عموما و في قــانون المنافســة و االســعار خصوصــا حيث ان الزجــر او‬
‫العقوبة في القانون قد عرفً خصوصية على مستوى نظام العقوبات ‪.‬‬

‫‪ 54‬البشير االحمر " الصلح في الجريمة االقتصادية " م‪.‬ق‪.‬ت سنة ‪ 1994‬ص ‪477‬‬
‫‪Par exemple . D Grave . le contrat de transaction en droit civil et en droit judiciaire privé . EMIL Bruylant . 55‬‬
‫‪Brucelles 1967 page 326‬‬
‫ان الحرية التيً اتسمت بهــا المنافســة في ظــل قــانون ‪ 2015‬ال تعــني التصــرف في الســوق‬
‫دونً قيود او ضوابط بل تعتبر مسؤولية فيً نطــاق الشــفافية و الموضــوعية لضــمان منافســة‬
‫حرة و ممارسة تجارية شرعية و من اجل المحافظة على مصلحة كل المتدخلين في الحركة‬
‫االقتصادية تضمن قانون المنافسة و االسعار مجموعة من العقوبات التي تفترض تنويعــا في‬
‫وسائل التصدي للظاهرة اإلجرامية‪56‬خاصـة في الميـدان االقتصـادي و تتمثـل هـذه العقوبـات‬
‫في عقوبات اصلية على غرار عقوبة السجن اضافة الى العقوبات المالية و المالحظ في هذا‬
‫السياق ان المشرع صلبً قانون المنافسة و االسعار اعطى األولوية للعقوبات المالية بــالنظر‬
‫الى مزاياها سواء على مستوى اثارها تجاه المخالف ًاو فوائدها بالنسبة للدولة في تعود على‬
‫خزينتها بالربح كما ان هذه العقوبة تطبق بتفاوت حســب درجــة خطــورة الجريمــة و مــا نتج‬
‫عنها من اضرارـ ‪.‬‬
‫و بالرجوع الى القانون المذكور نجد ان المشرع قد ضرب عقوبات ماليــة تصــل الى ‪%10‬‬
‫من رقم المعامالت التي حققها المتعامل خالل اخر سنه مالية جزاءات لمخالفة احكام الفصل‬
‫‪ 5‬من نفس القانون ‪ً .‬و قد استقر فقه قضاء المجلس على ان تقــدير الخطــاب يتم بــالنظر الى‬
‫عــدة اعتبــارات منهــا خطــورة الفعــل المقــترف ‪،‬حجم الضــرر الالحــق باالقتصــاد ‪،‬مكانــة‬
‫المؤسسة المخالفة و موقعها و مقــدار الفوائـد و األربـاح الـتي جنتهــا المؤسســة من المخالفــة‬
‫المرتكبة‪ , 57‬و من القرارات التي اشـار اليهـا المجلس يمكن ان نـذكر القـرار عـدد ‪91201‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ 2015‬المتعلق بوزير التجارة والصناعات التقليدية ضــد شــركة‬
‫بيت الطب و شركة الصيانة الطبية في شخص نائبها القانوني و قد جاء بنص القرار مــا يلي‬
‫" و حيث اقر فقه قضاء مجلس المنافســة‪ ..‬و فيمــا عــدا ذلــك فــإن تقــدير الخطايــا الماليــة يتم‬
‫بالنظر الى خطورة األفعال و حجم الضرر الالحق " و تتجه اإلشارة في هذا السياق ان فقــه‬
‫قضاء مجلس المنافسة في تونس قد تأثر في الواقع بما جاء بالفصل ‪ 13‬من الوثيقة الفرنسية‬
‫لسنة ‪ 1986‬و المنقح بالقانون عــدد ‪ 921412‬بتــاريخ ‪ 31‬ديســمبر ‪ 1992‬و الــذي يقابــل‬
‫الفصــل ‪ 46‬فقــرة ‪ 6‬من المجلــة التجاريــة الفرنســية و الــذي ينص على " ‪les sanctions‬‬
‫‪pécuniaires sont proportionnées à la gravité des faits reprochés, a‬‬
‫‪l’importance du dommages causés a l’économie, à la situation de‬‬
‫العامة التي سلطها‬‫ً‬ ‫‪  « l’entreprise ou de l’organisme sanctionné‬و من الخطايا‬
‫المجلس يمكن ان نذكر خطية القرار ‪ 121302‬سابق الــذكر و الــتي بلغت مليــون دينــار او‬
‫الخطية المسـلطة على شــركة اوليس للتوزيـع كـارفور في القــرار عـدد ‪ 121301‬الصــادر‬
‫بلغت ‪ 800‬دينار الى غير ذلك من العقوبات المالية هــذا‬ ‫ً‬ ‫بتاريخ ‪ 15‬ديسمبر ‪ً 2015‬و التيً‬
‫بالنسبة للممارسات المخلة بالمنافسة‪.‬‬
‫اما فيما يتعلق بالعقوبة السجنية المكرسة صلب هذا القانون فقد ســعى المشــرع الى الحــد من‬
‫عقوبة السجن قدر االمكان حيث انها ال تتواجد بكثافة و انما تطرق اليهــا المشــرع في بعض‬
‫‪( 56‬نظام توفيق المجالي ‪،‬شرح قانون العقوبات القسم العام ‪ ،‬النظرية العامة للجريمة ‪ ،‬دراسة تحليلية في اركان الجريمة ‪،‬عمان دار الثقافة سنة‬
‫‪)1998‬‬
‫‪ ( 57‬التقدير النسبي لمجلس المنافسة لسنة ‪ 2003‬صفحة ‪)45‬‬
‫المواضع و كانت اقصاها سنة سجن كتلك المنصوص عليها بالفصل ‪ 45‬بالنسبة لمن ســاهم‬
‫اسهاما بارزا و بطرق ملتويــة في اإلخالل بــالموانع المنصــوص عليهــا بالفصــل ‪ 5‬من هــذا‬
‫القانون و كذلك الفصل ‪ 49‬الذيً حدد العقوبة السجنية من شهر الى عام بالنسبة لمن رفع او‬
‫خفض بصفة وهمية او حاول ذلك بيع منتوج او خدمات باستعمال اي وسيلة كانت ‪.‬‬
‫الى جانب العقوبات األصلية الواردة بهذا القانون نجد تكــريس المشــرع للعقوبـات التكميليــة‬
‫يبدو واضحا و يقصد بها تلك الــتي" تضــاف للعقوبــة بهــدف الحصــول على مزيــد الــردع و‬
‫اإلصالح و كذلك بهدف الوقاية مستقباًل من الجريمة ‪.‬‬
‫و تلعب العقوبات التكميلية في‪ .‬الجرائم االقتصادية ًو في قــانون المنافســة و االســعار الــذي‬
‫اوجد فيه المشرع مجموعة متنوعة من العقوبات التكميلية التيً منً شانها ان تتالءم بصورة‪.‬ـ‬
‫افضــل مــع الجريمــة االقتصــادية ًو شــملت هــذه المجموعــة الحجــز و المتمثــل في" وضــع‬
‫المنتجــات و اآلالت موضــوع المخالفــة او الــتي اســتعملت فيهــا بين يــدي الســلطة اإلداريــة‬
‫للتحفظ عليها او‪ .‬التفويت فيها او اتالفها "‪58‬و قد اعتمد المشرع هـذه العقوبـة صـلب الفصـل‬
‫‪ 49‬فقرة اخيرة ‪.‬‬
‫اما العقوبة التكميلية الثانية فتتمثل في المصادرة المقصود بها "ًوضـع يـد الدولـة على أشـياء‬
‫معينة كانت موضوع للجريمة او نتيجة عنها و يمكن استعمالها في ارتكابها "‪ 59‬و قـد تنـاول‬
‫الفصل ‪ 57‬من تناول قانون المنافسة و االسعار هذ ًه العقوبــة ‪،‬كمــا تمثــل عقوبــة الغلــق احــد‬
‫العقوبات التكميلية االخرى المنصوص عليها صلب هذا القــانون اضــافة الى نشــر مضــامين‬
‫األحكام ‪ ..‬ان خصوصية قواعد المؤاخذة صلب قانون المنافسة ًو االسعار ال تقــف عنــد حــد‬
‫نظام العقوبات المعتمد بل تمتد ايضا لتشمل اجراءات التتبع‪.‬‬

‫قائمة المراجع ‪:‬‬

‫‪ ‬المراجع العامة ‪:‬‬


‫‪ ‬قانون المنافسة و األسعار لسنة ‪2015‬‬

‫‪ (" 58‬شكري الفوار ‪،‬حماية المستهلك في النظام اإلقتصادي ‪،‬صفحة ‪)99‬‬


‫‪ 59‬حسن عز الدين ذياب ‪،‬محاضرات في في القانون الجزائي االقتصادي ‪،‬ص ‪)69‬‬
‫ابن خلدونـ '' المقدمة " الباب الثالث الفصل ‪43‬‬ ‫‪‬‬
‫محمد الهادي االخوة ‪ .‬دروس في القانون الجنائي العام ‪ .‬كلية‬ ‫‪‬‬
‫الحقوق و العلوم السياسية بتونس‬
‫حسن الدينـ دياب ‪ .‬مقالة بعنوان " تدخل القانون الجنائي في‬ ‫‪‬‬
‫النشاط االقتصادي "‬
‫حسن عز الدين دياب محاضرات في القانون الجزائي االقتصادي‬ ‫‪‬‬
‫سنة ‪ 2‬ماجيستير بحث في العلوم الجنائية ‪ .‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية بتونس سنة ‪2016-2015‬‬
‫جويدة قيقة ‪ .‬ملتقى جهوي ببنزرت تم يوم السبت ‪ 19‬جوان سنة‬ ‫‪‬‬
‫‪2004‬‬
‫احمد شبيل المنافسة في القانون التونسي ق‪.‬م‪.‬ت اكتوبر ‪1994‬‬ ‫‪‬‬
‫ص ‪71‬‬
‫المعجم العربي الحديث‬ ‫‪‬‬
‫الحبيب جاب هللا ‪ .‬رئيس مجلس المنافسة ‪ .‬نشأة و تطور قانون‬ ‫‪‬‬
‫المنافسة في اطار يوم دراسي حول المنافسة و االسعار‬

‫عز الدين دياب ‪ .‬وحاضرات في القانون الجزائي االقتصادي ‪ .‬سنة‬ ‫‪‬‬


‫‪ 2‬ماجيستير بحث في العلوم الجنائية ‪2015-2016‬‬
‫شامة شعبان ‪ .‬الممارسات المخلة بالمنافسة ‪ .‬محاضرة ختم تمرين‬ ‫‪‬‬
‫الهيئة الوطنية للمحامين ‪ .‬الفرع الجهوي بتونس ‪-2006‬‬
‫عبد السالم نصيري ‪ .‬القانون الجنائي و تنظيم التعاقد في المادةـ‬ ‫‪‬‬
‫االقتصادية ‪ .‬مذكرة لنيل شهادة الدراساتـ المعمقة في القانون‬
‫الخاص كلية الحقوق و العلومـ الساسية بتونس ص ‪131‬‬
‫عبد السالم نصيري ‪ .‬القانون الجنائي و تنظيم التعاقد في المادةـ‬ ‫‪‬‬
‫االقتصادية ‪ .‬مذكرة لنيل شهادة الدراساتـ المعمقة في القانون‬
‫الخاص كلية الحقوق و العلومـ الساسية بتونس ص ‪127‬‬
‫رضا خماخم ‪ .‬القانون الجنائي التونسي تشريعا و فقها و فضاءا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫سلسلة المجالت القانونية المثرات ‪ .‬منشورات المطبعة الرسمية‬
‫للجمهورية التونسية‬
‫( محمود نجيب حسني ‪ ،‬النظرية العامة للقصد الجنائي ‪،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫الثالثة ‪, 1986‬دار النهضة العربية ‪،‬صفحة ‪)129‬‬
‫عادل المحمودي " الممارسات الممنوعة في قانون المنافسة و‬ ‫‪‬‬
‫األسعار " مذكرة نيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص ‪.‬‬
‫كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس‬
‫حسن عز الدين دياب مقال " جرائم االستثمار " نشر في‬ ‫‪‬‬
‫جوريسيديا موسوعة القانون المشاركة مع العلم انه قد تطرق‬
‫لجرائم االستثمار في كتابه القانون الجزائي لالستثمار دراسة‬
‫مقارنة ‪ .‬مجمع االطرش للكتاب المختص تونس ‪2011‬‬
‫فوزي العياري " السرية في مادة االجراءات الجزائية " رسالة‬ ‫‪‬‬
‫تخرج من المعهد االعلى للقضاء ‪2001-2000‬‬
‫علي الحالديـ " قانون االجراءات الجزائية " كلية الحقوق و‬ ‫‪‬‬
‫العلوم السياسية تونس‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬ماهر الشابي " شروط القيام بدعوى الممارسات المخلة بالمنافسة "‬
‫محاضرة ختم التمرين بالمعهد االعلى للمحاماة ‪2013- 2012‬‬
‫‪ ‬البشير االحمر " الصلحـ في الجريمة االقتصادية " م‪.‬ق‪.‬ت سنة‬
‫‪1994‬‬
‫‪Par exemple . D Grave . le contrat de transaction ‬‬
‫‪en droit civil et en droit judiciaire privé . EMIL‬‬
‫‪Bruylant . Brucelles 1967 page 326‬‬
‫‪ ‬شكري الفوار ‪،‬حماية المستهلك في النظام االقتصادي ‪،‬صفحة‬
‫‪ ‬حسن عز الدين ذياب ‪،‬محاضرات في في القانون الجزائي االقتصاد‬
: ‫المراجع باللغة االجنيبة‬
Cité par henry Max essai sur la particularisme des 
infraction économiques : thèse Montpelliers 1976
DELMAS – MART Mireille . Droit penal des affaires 
2 p.v.f paris
Stefani (g) et levasseur ( gà et bulog . droit penal 
generale 2eme edition DALLOZ 1984 n169
Merle ® et Vitu traite de droit penal . procédure 
penal
de fabres (dà traites de droit criminelle et de 
legislation compares paris 1947 page 412
salah rezgu :les infractions fiscales commises par( 
les dirigeants des sociétés RTD page 23
CANIVET GUYET BOUTARD – LABARDE( MCL ) le 
droit français de la concurrences 1995

You might also like