Professional Documents
Culture Documents
شرح (الوصية الصغرى) - الشيخ أ.د عبدالسلام الشويعر
شرح (الوصية الصغرى) - الشيخ أ.د عبدالسلام الشويعر
١٩
ْ َ
ِِ ُ ِ َ ْ َ ُ َ ْ َ ،ِ َ َ ْ ُ َ ،ِ َ ِ
َ ْ َََ
ُ ْ َ َِ ، ِ ْ َ
:َ َ َُ ْ َ
. َُْ َ ِ ُ َ َ ُ َ ِ ِ
َ ِ َ ُ ْ َِ o
ِ َ ، ِْ ِ ِْ ََ ُ َ ٍ َِ َِ ِ َ ِ ْ ُ َ o
َ َ ْ
. ِ ْ ُُ َْ
. ِ َْ َ َْ ََ ََُ o
َ َْ َ
. َ َْ َ َُ َ o
ِ َِ
. ْ َ َ ََ ، ْ َ ََ ُ
. ْ َ َ َْ َ َِ
، ً ً ً ً
. ً ً
ُ ُ
:
،« »:
ٌ ٍ َ ََ
ً ً « »:
ٍ
،« » ،
« « »:
: ،
َِ ُ ):
.( ِ ْ َ ََ
ُ، َ ََ
ِ ُ ،ً ً
ً ُ ٍ ً
، ُ
، ً
، َ ََ
، :
:
،ٍ : ٍ :
.( ِ ْ ُُ َْ
ِ َ ):
َ ،
ِ َْ َ َْ ََ َُ َ ):
َْ َ :
.( َ
: ، :
ٍ ،
، ً ،
، ، ُ
ِ
: : ،
، ،
ٍ ،
2
جابَ:
فَأَ َ
الحَمَدَهللَرَبََالعالمين ََ.
ى﴿َ:ولقَدَ
ولهَلمَنََعَقَلَهاَوَاتَبَعَها؛َقالَتعال َ
أماَالوصيةَ:فَمَاَأَعَلَمَوَصَيَةََأَنَفَعََمَنَوَصَيَةَاهللَوَرَسَ َ
وصيناَالذينَأوتواَالكتابَمنَقبلكمَوإياكمَأنَاتقواَاهلل﴾َ[النساءَ.]131:
َيَ♀َبَمَنزَلَةََعَلَيَةَ؛َفَإَنَهَقََالَلََه«َ:يَاَمَعَاذَ؛َوَاهللَإَنَيَ
وَكَانَمَعَاذََ◙َمََنَالنبَ َ
لَحَبَكَ»َ،وَكَانَيَرَدَفَهَوَرَاءَهَ.
بيَ♀َمَبَلَغَاَعَنَهَدَاعَيَاَ،وَمَفَقَهَاَ،وَمَفَتَيَاَ،وَحَاكَمَاَإَلَىَأَهَلَ
ومن فضلهَ:أَنَهَبَعَثَهَالن َ
اليَمنَ.
وَكَانَيَشَبَههَبإَبَرَاهيمََالخَليلَ♠َ،وَإَبَرَاهيمََإَمَامََالناسَ.
وَكَانَابنَمسعودََ◙َيقول«َ:إَنََمَعَاذاَكَانَأَمَةََقَانَتَاَهللََحَنَيفَاَ،وَلَمََيَكََمََنَالمَشَركين»؛َ
تَشَبيهاَلهَبإبراهيمََ.
كَلمَنََعَقَلَهََاَ،مَعََأَنَهَاَ
ثَمََإَنَهَ♀ وصَاهَهَذَهَالوَصَيَةَ؛َفَعَلَمَأَنَهاَجَامَعةََ،وَهَيَكَذَ َل َ
تَفَسَيرَالوَصَيَةََالقَرَآنَيَةََ.
أماَبيان جمعهاَ:فَلَنََالعَبَدَعَلَيَهَحَقَانَ:
-حَقََهللَ.
-وَحَقََ َلعَبَادهَ.
3
لنَيةَ.
ويفَقوله«َ:حيثما كنت»َتَحَقَيقََ َلحَاجتهَإَ َلىَالتَقَوىَفَيَالسَرََوَالعَ َ
بَللعَبَدَكَأَنَهَأَمَرََحَتَمََ.
وَالذَنَ َ
وَالذيَلََيَزَالَيَأَتَيَمَنَالحَسَناتَبَمَاَيَمَحوَالسَيَئَاتَ.
فَالكَيَسََهَ َ
يفَلفَظَالحديثَ«الس يئة»ََ-وَإَنَكانََمَمَفَعولََةَََ-لَنََالمَقَصََودَهنََا(َ:مَحَوَهََا)َ،لََ
وَإَنَماَقَدَمََ َ
لهَيفَبولَالعرابي«َ:صبوا عليه ذنوبا من ماء» َ.
َ (فَعَلَالحَسَنة)؛َفَصَارَكَقَوَ
وَيَنبَغيَأَنََتَكَونَالحَسَناتَمَنَجَنسَالسَيَئات؛َفَإَنَهَأَبَلَغََيفَالمَحَوََ.
أحدهاَ:التَوبةَ.
فَإَذَاَاجَتَمعمَالتَوَبةَوالستغفارَفهوَالكمالَ.
َ-كَمَاَيَكَفَرَالمَجَامَعَيفَرمضانََ.
بَلبَعَضَمَحَظَوراتَالحَجََ.
َ-والمَظَاهَرََوالمَرَتَكَ َ
4
َ-أَوََتَارَكَبَعَضََوَاجَبَاتهَ.
وَقَدََدَلََعَلَىَذلكَ:القَرآنَ،والَحَادَيثَالصَحَاحَيفَالتَكَفيرَبََ(الصَلواتَالخَمَسَ،والجَمعََةَ،
مالَالتيَيَقَالَفيها«َ:مَنََقَالََكَذاَ،وَعَمَلَكَذاَ=َغَفَرََ َله»َ،أَوََ«غَفَرََ َلهََ
َ والصَيَامَ،والحَجَ)َ،وَسَائَرَالَعَ
مَاَتَقَدَمََمَنََذَنَبَهَ»؛َوَهَيَكَثَيرةََ َلمَنََتَلَقَاهَاَمَنَالسَننَ،خَصَوصاَمَاَصَنفَفَيَفَضَائلَالعمالَ.
وَاعَلَمَأَنََالعَنايةَبَهَذاَمَنَأَشَدََماَبَاإلنسانَالحَاجةََإليه؛َفَإَنََاإلَنَسَانََمَنَحََينَيَبَلََغَ،خَصَوصَاَ
راتَالتََيَتَشَبَهَالجَاهَلَيَةََمَنَبَعَضَالوَجَوهَ،فَإَنََاإلَنَسََانَ
َ فَيَهَذَهَالَزَمَنةَوَنَحَوهاَمَنَأَزَمَنَةَالفَتَ
َالذيَيَنشَأََبَيَنَأَهَلَعَلَمََوَدَينَقَدَيَتَلَطَخَمَنَأَمَورَالجَاهَلَيَةَبَعَدَةَأَشَياءَ؛َفَكَيَفَبَغَيرَهذا؟!َ
بيَ♀َمَنَحَديثَأبيَسعيدََ◙«َ:لتت بعن س نن م ن
وَفَيَ«الصَحيحين»َعَنَالن َ
كان قبلكم حذو القذة بالقذة ،حتى لو دخلوا جحر ضب ل دخلتموه»َ،قََالواَ:يََاَرسََولَاهلل؛َاليَهَودَ
وَالنصَارى؟َقَال«َ:فمن!؟»َ.
وَ َلهَذاَشَوَاهَدََيفَالصَحَاحَوالحَسَانَ.
وَهَذَاَأَمَرََقدَيَسَرَيَيفَالمَنتَسَبَينَإلىَالدَينَمنَالخَاصَةَ،كَمَاَقالَغيرَواحدََمنَالسَلَفَ،مَنهمَ
ابنَعَيَيَنةََ.
يَبَهَبَعَضََالمَنتَسَبَينَإَ َلىَالعَلَمَ،وَكَثيراَمنَأَحَوالَالنصَارىَ
فَإَنََكَثَيراَمنَأحوالَاليهودَقَدََابَتَلَ َ
لمَالَذيَبَعَثََاهللَبَهَ
يَبهَبعضَالمَنتَسَبينَإَ َلىَالدَينَ،كَمَاَيَبَصَرََذَلَكَمَنََفَهَمََديََنَاإلَسَ َ
قَدَابَتَلَ َ
مَحَمَداَ♀َ،ثَمََنَزَ َلهَعَلَىَأَحَوَالَالناسَ.
5
لمَفَهَوَعَلَىَنَورََمَنََرَبَهَ،وَكَانََمَيَتَاَفَأَحَيَاهَ
وَإَذَاَكَانََالَمَرَكَذَ َلكَ،فَمَنََشَرَحََاهللَصَدَرَهََ َللَسَ َ
تََيَنَ
حََوالَالجَاهَلَ َيََةَوَطَريََقَالَمَ َ
حََظَأَ َ
ل َبََهَيفَالنََاسَ=َلََ َبََدََأَنََيَ َ
َ شََيَ
هَنََوراَيَمَ َ
لَلََ َ
عََ َ
اهللَوَجَ َ
يَببعضَذَلكَ.
(المَغَضَوبَعَلَيَهمَ،والضَ َالينَمنَاليَهودَوالنصَارى)؛َفَيَرىَأَنََقَدَابَتَلَ َ
اَللخَاصَةََوَالعَامَةَ:العَلَمََبَمَاَيَخَلَصََالنفَوسَمَنَهَذهَالوَرطَاتَ،وَهَوَإَتَبَاعَالسَيَئَاتََ
فَأَنَفَعََمَ َ
الحَسَناتَ.
ىَلسَانَخَاتَمَالنبَيَينَمنَالعمالَ،والَخَلقَ،والصَفَاتََ.
و(الحسنات)َ:مَاَنَدَبََاهللَإَ َليَهَعَلَ َ
وبعضََهذاَواجبَ،وبعضَهَمستحبََ.
عَلجَمَيعََمَاَأَمَرََاهللَ
وأما الخلق العظيم الذي وصف به محمداَ♀َ:فَهَوَالدَينََالجَامَ َ
بهَمَطَلَقا؛َهَكَذَاَقالَمَجَاهدََوغيرهَ،وَهَوَتَأَويََلَالقَرآن؛َكمََاَقالََمَعائشََةََ«َ:كَانََخَلَقَهَ
ىََ-بَطَيبََنَفَسََوَانَشَرَاحَصَدَرََ.
القَرَآنَ»َ،وحقيقتهَ:المَبَادرةَإلىَامتثالَماَيَحَبَهَاهللَ-تَعَال َ
وَهَذاَيَجَمَعَحَقَوقََاهللََوَحَقوقََالعَبادََ.
َلكَنََ َلمَاَكَانَتَارَةََيَعَنيَبََ(التَقَوى)َخَشَيةََالعَذَابََالمَقَتَضَيةََللنَكَفَافَعََنَالمَحَارمََ=َجَاءَ
مَفَسَراَيفَحديثَمَعاذََ،وَكَذلكَيفَحديثَأبيَهريرةََ¶َ َالذيَرواهَالتَرمذيََوَصَحَحهَ:قيلََ:
ياَرسولَاهلل؛َمَاَأَكَثَرََمَاَيَدَخَلََالناسََالجَنةَ؟ََقَال«َ:تقوى الل ،وحسن الخل ق»َ،قَيَلَ:وَمَاَأَكَثَرََمَاَ
يَدَخَلََالناسََالنارَ؟َقال«َ:الجوفان :الفم ،والفرج»َ.
وَفَيَ«الصَحيح»َعَنَعَبََدََاهللَبََنَعَمََرََ¶َقََالَ:قََالَرسََولَاهللَ♀«َ:أكم ل
المؤمنين إيمانا :أحسنهم خلقا»؛َفجَعَلَكَمَالََاإلَيمانَيفَكَمَالََحَسَنَالخَلَقَ.
وَمَعَلَومََأَنََاإليمانََكَلَهَتَقَوىَاهللَ.
وَتَفَصيلََأَصولََالتَقَوىَوَفَرَوعَهاَلََيَحَتَمَلَهَهذاَالمَوَضعَ؛َفَإَنَهاَالدَينَكَلَهَ.
لَيَمَكَنَأَنََيَوصَفََمَاَيَعَقَبَهَذلكَ.
وَمَنََأَحَكَمََهَذاَفَ َ
لفَالناسََفَيماَيَقَدَرَونَ
وأما ما سألت عنه من أفضل العمال بعد الفرائضَ:فَإَنَهَيَخَتَلَفَبَاخَتَ َ
لَيَمَكَنَفَيهَجَوَابََجَامَعََمَفَصَلََ َلكَلََأَحدََ.
عَلَيَهَوَمَاَيَناسَبَأَوَقَاتَهم؛َفَ َ
لزَمََةَذَكَرَاهللَدَائَمَاَهََوَأَفَضَلَمَاَشَغَلََ
لكن مما هو كاإلجماع بين العلماء ب الل وأم رهَ:أَنََمَ َ
العَبَدََبهَنَفَسَهَيفَالجَملةَ.
7
وَالدَلَئَلَالقَرَآنَيَةََوَاإلَيمَانَيَةَََ-بَصَراَوَخَبَراَوَنَظَراََ-عَلىَذَ َلكَكَثَيرةََ.
لزَمَالعَبَدَالَذَكَارََالمَأَثَورةََعَنَمَعَلَمََالخَيَرَوَإَمَامَالمَتَقَينَ♀َ.
وَأَقَلََذَ َلكَ:أَنََيَ َ
كالَذَكََارَالمَؤَقَتَةَيفَأَوَلَالنهَارَوآخَرَهَ،وَعَنَدَأَخَذَالمَضَجَعَ،وَعَنَدَالسَتَيقَاظَمََنَالمَنَامَ،
وَأَدَبَارَالصَلَواتَ.
وَالَذَكَارَالمَقَيَدة؛َمَثَلَ:مَاَيَقَالَعَنَدَالَكَلَ،والشَرَبَ،واللَبَاسَ،والجَمَاعَ،وَدَخَولَالمَنَزلَ
والمَسَجَدَوالخَلءَ،والخَرَوجَمَنَذَلكَ،وَعَندَالمَطَرََوالرَعَدَإلىَغيرَذلكَ.
مَلهَالكَتَبَالمَسَمَاةَبَََ«عَمَلَاليَوَمَوَاللَيَلة»َ.
وَقَدََصَنفَ َ
لزَمةَالذَكَرَمَطَلَقاَ،وَأَفَضلَه(َ:لََإَ َلهَإَلََاهلل)َ.
ثَمََمَ َ
وَقَدَتَعَرَضَأَحَوَالََيَكَونَبَقَيَةَالذَكَرَمثل(َ:سَبَحانَاهللَ،وَالحَمَدَهللَ،واهللَأَكَربَ،وَلََحَوَلَوَلََ
قَوَةَإَلََبَاهلل)َأَفَضَلََمَنهَ.
ثَمََيَعَلَمََأَنََكَلََمَاَتَكَلَمَبَهَاللَسانََوَتَصَوَرَهَالقَلَبََمَمَاَيَقَرَبََإَلََىَاهللَمَنََتَعَلَمَعَلَمََ،وَتَعَلَيمََهَ،
يَعَنََمَنكَرََ:فَهَوَمَنَذَكَرَاهللَ.
وَأَمَرََبَمَعَروفََ،وَنَهَ َ
وَ َلهَذاَمَنََاشَتَغَلَبَطَلَبََالعَلَمَالنافَعَبَعَدَأَدَاءَالفَرَائضَ،أَوَجَلَسََمَجَلَساَيَتَفَقَهَأَوَيَفَقَهَفَيهَالفَقَهَ
َالذيَسَمَاهَاهللَوَرَسَولهَ(فَقَهَا)َ:فَهَذَاَأَيَضاَمَنَأَفَضَلَذَكَرَاهللَ.
8
ىَ.
وَمَاَاشَتَبَهَأَمَرَهَعَلَىَالعَبَدَفَعَلَيَهَبَالستخارةَالمَشَروعة؛َفَمَاَنَدَمَمَنََاسَتَخَارَاهللََتَعَال َ
وقالَسبحانه﴿َ:فإذاَقضيمَالصَلةَفانتشَرواَفَيَالرضَوابتغَواَمَنَفضَلَاهلل﴾َ[الجمعََة]1٠:؛َ
وَهَذَاَوَإَنََكَانَفَيَالجَمَعةَ،فَمَعَناهَقَائَمََفَيَجَمَيعَالصَلَواتَ.
بيَ♀َ َالذيَيَدَخَلَالمَسَجدََأَنََيَقول«َ:اللهم اف تح ل ي
وَ َلهَذاََ-واهللَأَعَلمَ-؛َأَمَرَالن َ
أبواب رحمتك»َ،وَإَذَاَخَرَجََأَنََيَقَول«َ:اللهم إني أسألك من فضلك»َ.
وقَََََدَقَََََالَالخَليَََََلََ♀َ:ﱡﭐﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰﱠَ
العنكبوتَ،]17[َ:وَهَذاَأَمَرََ،والَمَرَيَقَتَضيَاإليجابَ.
فالستعانةََباهللَواللَجَأََإَ َليَهََ-فَيَأَمَرَالرَزَقَوَغَيَرَهََ-أَصَلََعَظيمََ.
بغيَلهَأَنََيَأَخذََالمالََبَسَخَاوَةََنَفَسََ َليَبَارَكَلََهَفيََهَ،وَلََيَأَخَذَهَبَإَشَرَافََوَهَلَعَ؛َبَلَيَكَونَ
ثَمََيَن َ
يَفيََهَإَذَاَ
ءَالذيَيَحَتَاجَإَ َليَهَمَنَغَيَرََأَنََيَكَونَلََهَيفَالقَلَبَمَكانََةََ،والسَعَ َ
ل َ المَالََعَندهَبَمَنزلةَالخَ َ
9
سَعَىَكإصلحَالخلءَ.
وَقَالَبَعَضَالسَلَف«َ:أَنَمَمَحَتَاجََإَلىَالدَنَياَ،وَأَنَمَإَ َلىَنَصَيبكََمَنَاآلخرةَأَحَوَج؛َفَإَنََبَدَأَتَ
بَنصَيبكَمنَاآلخرةَمَرََعَلَىَنَصَيبكَمَنَالدَنَياَفَانَتَظَمَهَانَتَظَامَا»َ.
ى﴿َ:وماَخلقمَالجنَواإلنَسَإلَليعبَدونَ(َ)٥٦مَاَأريََدَمَنهمَمَنَرزقَومَاَأريََدَأنَ
قالَاهللَتعال َ
يطعمونَ(َ)٥7إنَاهللَهوَالرزاقَذوَالقوةَالمتين﴾َ[الذاريات]َ.
فَأَمَاَتَعَيَينَمَكَسَبََعَلَىَمَكَسَبََ،مَنَصَناعةََ،أَوَتَجَارةََ،أَوَبَنايةََ،أَوَحَرَاثَةََ،أوَغَيََرََذَلََكَ:فَهَذاَ
لفَالناسَ،وَلََأَعَلَمَيفَذلكَشَيَئاَعَامَاَ.
يَخَتَلَفَبَاخَتَ َ
ىََ-فَيهََاَالسََتخارةََالمَتَلَقَاةََعَنَمَعَلَمََالخَيََرَ
َلكَنَإَذَاَعَنََ َللنسانَجَهَةََفَلَيَسَتَخَرََاهللَََ-تَعَال َ
♀ ؛َفَإَنََفيهاَمَنَالبَرَكَةَمَاَلََيَحَاطَبهَ.
رَلهَفَلَيَتَكَلَفَغَيَرَهَ،إَلََأَنََيَكَونَمَنهَكَرَاهةََشَرَعَيَةََ.
ثَمََمَاَتَيَسَ َ
وهوََ-أَيَضاََ-يَخَتَلَفَبَاخَتَلفَنَشَءََاإلَنَسانَيفَالبلد؛َفَقَدَيَتَيَسَرَلهَيفَبعضَالبلدَمنَالعَلَمَ
أَوَمنَطَرَيقَهَوَمَذَهبَهَفيهَماَلَيَتَيَسَرَلهَيفَبلدََآخرَ.
َيَ
عََنَالنبََ َ
المََوَرَوثََ َ
لََمََ َ
قََيَالعَ َ
فََيَتَلَ َ
سََبحانهََ َ-
سََتَعَينَبََاهللََ َ-
لك ن جم اع الخي رَ:أَنََيَ َ
هَهوَالذيَيَسَتَحَقََأَنََيَسَمَىَ(عَلَما)َ.
َ ♀؛َفَإَنَ
وَمَاَسَواهَ:
-إَمَاَأَنََيَكَونَعَلَما؛َفَلَيَكَونَنَافَعا.
10
يَبَهَ.
-وَإَمَاَأَنََلََيَكَونَعَلَماَوَإَنََسَمَ َ
وَ َلئَنََكَانَعَلَماَنَافَعاَفَلَبَدََأَنََيَكَونَفَيَمَيراثَمَحَمَدََ♀َمَاَيَغَنيَعَنهَمَمَاَهَوَمَثَلَهَ
وَخَيَرََمَنهَ.
لمهَ.
وَ َلتَكَنَهَمَتَهَ:فَهَمََمَقَاصدَالرَسَولَيفَأَمَرَهَوَنَهَيهَوَسَائَرَكَ َ
ىََ-وَلََمَعَ
فَإَذَاَاطَمَأَنََقَلَبَهَأَنََهَذاَهَوَمَرَادَالرَسَولَفَلَيَعَدَلَعنََهَفَيمََاَبَيَنَهَوَبَينَاهللَ -تَعَال َ
الناسَإَذَاَأَمَكَنهَذَ َلكَ.
بيَ♀َ.
وَ َليَجَتَهدََأَنََيَعَتَصَمََفَيَكَلََبَابََمَنَأَبَوابَالعَلَمَبَأَصَلََمَأَثَورََعنَالن َ
وَإَذَاَاشَتَبَهَعَلَيََهَمَمَاَقَدَاخَتَلَفَفيََهَالنَاسَفَلَيَدَعََبَمَاَرَواهَمسََلمََيفَ«صَحَيحه»َعََنَعائشََةََ
َأَنََرسََولَاهللَ♀َك َانَيَق َولَإَذَاَق َامَيَص َلَيَمََنَاللَي َل«َ:الله م رب جبري ل
وميكائيل وإسرافيل ،فاطر السماوات والرض ،عالم الايب والشهادة ،أنت تحكم بين عباد فيما
كانوا فيه يختلف ون ،اه دني لم ا اختل ف في ه م ن الح ق بإذن ك ،إن ك ته دي م ن تش اء إل ى ص راط
مستقيم»َ.
وَمَاَيفَالكَتَبَالمَصَنفةَالمَبَوَبَةَكَتَابََأَنَفَعََمنَ«صَحَيحَمَحَمَدََبنََإسماعيلََالبَخاريَ»َ َ،لكنَهَوَ
ودَللمَتَبَحَرَفَيَأَبَوابَالعَلَم؛َإَذََلََبَدََمَنَمَعَرفةَ
وَحَدَهَلََيَقومََبَأَصولَالعَلَمَ،وَلََيَقَومََبَتَمَامَالمَقَصَ َ
أَحَادَيثََأَخَرَ.
مورَالتيَيَخَتَصََبَعَلَمَهاَبَعَضََالعلماءَ.
َ وَكَلمََأَهَلَالفَقَهََوَأَهَلََالعَلَمَفَيَالَ
وَقَدَأَوَعَبمََالَمَةَفَيَكَلََفَنََمَنَفَنونَالعَلَمَإَيعَاباَ،فَمَنََنَوَرََاهللَقَلَبهَهَدَاهَبَمَاَيَبَلَغَهَمََنَذلََكَ،
11
للََ.
اهَلمَتَزَدَهَكَثَرةََالكَتَبَإَلََحَيَرَةََوَضَ َ
وَمَنََأَعَمَ َ
فَنسَأَلَاهللََالعَظَيمََأَنََيَرَزَقَناَالهَدَىَوالسَدادََ،وَيَلَهَمنََاَرَشَدَناَ،وَيَقَيَنَاَشَرََأَنَفَسَناَ،وَأَنََلََيَزَيََغَ
نَلدَنَهَرَحَمةََ،إَنَهَهَوَالوَهَابَ.
قَلَوبَناَبَعَدََإَذَهَدَاناَ،وَيَهَبََ َلناَمَ َ
وَالحَمَدَهللَرَبََالعَالمينَ،وَصَلَوَاتَهَعَلَىَأَشَرَفَالمَرَسَلينََ.
بَ:الحمدَهللَربَالعالمين).
قال ( :فأجا َ
اإلجابةَالصلةَعلىَالنبيََ،وهذاَمنَالشيخَبناءَعلىَماَيراهَهوَفإنهَقدَذكرَأنَهَ
لمَيقفَعلىَحديثَيدلَعلىَلزومَافتتاحَالكلمَبالصَلةَعلَىَالنبَيََ،وإنمَاَ
الذيَوردَافتتاحَالكلمَبالحمدلةَوبالشهادةَ،فتكَونَالصَلةَعلَىَالنبَيََتبعَاَ
للشََهادةَ،ولََذلكَتجََدَكثيََراَمََنَرسََائلهَيبتََدئهاَبالحمدلََةَوالشََهادةَ،ويصََليَعلََىَالنبََيَ
َتبعاَلذكرهَعندَالشهادةَ.
أنََاَقصََديَمََنَهََذاَأنَالشَيخَحينمََاَلََمَيََردَالصََلةَعلََىَالنبََيََيفَهََذهَ
الرسالةَويفَصدرهاَكانَذلكَعنَعلمَوليسَذلكَعنَسهوَفإنَهَيَرىَأنَالصَلةَيفَالبتَداءَ
ليسَلهاَفضلَواردَوإنَكانمَجائزةََلَشكَوداخلةَيفَعمومَالفضلَ،وإنماَقدَيكونَالفضلَ
يفَآخََرَالكََلمَحينمََاَيكََونَهنََاكَدعََاءَتناسََبَأنَيكََونَمََعَالََدعاءَالص َلةَعلََىَالنبََيَ
َلنهَوردَيفَعددَمنَاآلثارَأنَمنَأسبابَإجابَةَالَدعاءَأنَيقَرنَبالصَلةَعلَىَ
12
ق ال ( :أم َاَالوص َيةَ:فم َاَأعل َمَوص َيةَأنف َعَم َنَوص َيةَاهللَورس َولهَلم َنَعقلهََاَ
واتبعها)َ.
أنَيوصيهَبماَفيهَصلحَدينهَودنياهَهذاَالمرادَفقوله(َ:الوصية)َ"أل"َهناَللعهدَللوصيةَالتَيَ
طلبتهاَيفَسؤالكَالمتقدمَأولَ.
َوقوله(َ:فماَأعلمَوصيةَأنفعَمنَوصيةَاهللَورسولهَلمنَعقلهاَواتبعها)َهذهَكلمةَجامعةَ
جليلةَويجبَأنَتكونَبينَعينيَطالبَالعلمَ،وذلكَأنَالخيرَكلهَيفَكلمَاهللَوكَلمَرسَولهَ
َ،ومهماَابتغىَالمرءَالخيرَوالهَدىَوالعلَمَيفَغيَرَكَلمَاهللَوكَلمَرسَولَاهللَ
َفإنهَحينَذاكَيكونَقدَابتعدَعنَالطريقَالسويَالقويمَ،ولذلكَجاءَعَنَعمَرَ
بنَعبدَالعزيزَ تعَالىَأنَهَقيَلَلَهَ:إنَأقوامَاَيعظَونَبأشَياءَمَنَغيَرَالكتَابَوالسَنةَ
فقال«َ:منَلمَيتعظَبالكتابَوالسنةَفلَوعظهَاهلل»َ.فالعظةَإنماَتكونَبمَاَيفَالكتَابَوالسَنةَ
أعنيَ:لمنَعرفَمعناهاَبأنَفقهَدلئَلَألفاظهَاَوفهَمَالمقصَودَمنهَاَ،ومَنَلَمَيَتعظَبَذلكَ
وإنماَيتعظَبغيرهَمنَالمَورَالتَيَيفعلهَاَبعَضَالنَاسَبقصَدَتَوعيظَالنَاسَوتخَويفهمَمَنَ
بعضَالفعالَومنَبعضَالقوالَفلَشكَأنهَيلزمهَأ َنَيراجعَقلبَهَوأنَينظَرَيفَعملَهَوينظَرَ
يفَصدقهَفإنَأعظمَالكلمَكلمَاهللَ وخيرَالهديَهديَرسولَاهللََوشرَ
المورَمحدثاهتاَكماَجاءَعنَالنبيََ.
13
قيدانَ:
َأنَيعقََلَمعناهََاَبََأنَيعََرفَالمعنََىَ،ومعرفََةَالمعََانَلَيسََتويَالنََاسَفيََهَ،بََلَإنَ
بعضهمَيكونَأعلمَمنَبعَضَيفَكَلمَاهللَوكَلمَرسَولهَبحسَبَمَاَعلَمَمَنَلسَانَالعَربَ
وبحسبَماَعلمَمنَعمومَكلمَاهللَوكلمَرسولهَ،إذَكلمَاهللَبعضهَيفسرَبعضاَ.
َوالقيد الثاينَ:قوله(َ:واتبعها)َوهذاَقيدَمهَمَ،إذَمَنَأعظَمَالمَورَالتَيَتَؤديَللعلَمَ
بكلمَاهللَوكلمَرسولهَالعملَفإنَأعظَمَطريَقَللعلَمَالعمَلَ،فمَنَعمَلَبمَاَتعلَمَزادهَاهللَ
علماَ،واكتسبَعلمَماَلمَيعلمَ،هذهَقاعدةَإنمَاَتوجَدَيفَديَنَاهللَ فاعمَلَبمَاَ
تعلممَقدرَاسَتطاعتكَ،وكلمَاَاتبعَمَأوامَرَاهللَوأوامَرَرسَولهََانتفعَمَبمَاَ
تعلممَواكتسبمَعلمَماَلمَتعلمَ،وهذاَمؤدىَكلمَالشيخ(َ:لمنَعقلهاَواتبعها)َ.
ثمَشرعَبعدَذلكَيفَذكرَوصيةَيفَكتابَاهللَ فيهاَجماعَخيريَالدنياَواآلخرةَ.
قال ( :قالَتعالى﴿َ:ولقدَوصيناَالذينَأوتواَالكتَابَمَنَقَبلكمَوإيَاكمَأنَاتقَواَ
اهلل﴾َ[النساءَ.)]131:
الكلمةَتقرعَأسماعناَكثيراَولكنناَلَنتفكرَيفَمعانيهاَودلئلهاَ،ولَوَنظَرَالمَرءَيفَالَدينَكلَهَ
منَالتوحيدَإلىَمنتهىَأقلَالعمالَالمندوبةَفيهَفإنهَسيجدَأنهاَجميعَاَتَدورَيفَفلَكَتقَوىَ
14
ولذلكَقررَعلماؤناََتعالىَأنَالخطيَبَيجَبَعليَهَأنَيَأمرَالنَاسَبموعظَةَ،ق الواَ:
«وأقلهاَأنَيقولَ:اتقواَاهلل»َ،فَالمرَبتقَوىَاهللََوصَيةَعظيمَةَيفَالكتَابَوهَيَوصَيةَ
يحسنَبالمسلمَبَلَيلزمَهَأحيانَنَأنَيعَظَأخَاهَالمسَلمَ َاَ،والنبَيََيفَخطبَةَ
الحاجةَالتيَكانَيخطبهاَيفَالجمعةَويفَغيرهاَكذلكَيفَالنكاحَوغيَرهَ،كَانَيفتتحهَاَبَثلثَ
آيََاتَكلهََاَفيهََاَأمََرَبتقََوىَاهللََ،فََالمرَبََالتقوىَلفظََةَسََهلةَ،لكََنَاكتسََابَمعناهََاَ
ومعرفةَدلئلهاَهذاَالذيَيفَفلكهَيدورَأهلَالعلمَجميعَاَيفَكلمهَمَوالنظَرَيفَأفعَالهمَإنمَاَ
يدورَعلىَماَيتعلقَبتقوىَاهللََ.
معاذ؛ اتق الل حيثما كنت ،وأتبع السيئة الحسنة تمحها ،وخالق الناس بخلق حسن»)َ.
هَذهَالوصََيةَهَيَمفسََرةَلتيََةَالتَيَيفَكتََابَاهللََ،وصَىَالنبََيَََ َاَ
معاذاَوهيَمتكونةَمنَثلثَجملََ:
محققَللتقوىَومكملَلهاَ،وسيفصلَالمصنفَيفَشَرحَهَذهَالكلمَاتَالَثلثَ:يفَالتقَوىَ،
15
واتباعَالحسنةَ،ومخالطةَالناسَبالخلقَالحسنََ.
قال ( :وكانَمعاذََمنَالنبيََبمنزلةَعلية؛َفإنَهَقَالَلَه«َ:ي ا
ورويَفيََهَ:أن َهَ«أعل م الم ة ب الحلل والح رام»َ.وأن َهَ«يحش ر أم ام العلم اء برت وة»َأيَ
بخطوةََ.
ومنَفضلهَ:أنهَبعثهَالنبيََمبلغَاَعنَهَداعيَاَ،ومفقهَاَ،ومفتيَاَ،وحاكمَاَإلَىَ
أهلَاليمن)َ.
هََذهَالكلمََاتَالتََيَأوردهََاَالشَيخَأرادَأنَيبََينَأهميََةَهََذهَالوصََيةَالتََيَأوصََىَالنبََيَ
ََ َاَمعََاذاَ،وذلََكَأنَمعََاذَلََهَخصََائصَليسََمَلغيََرهَمََنَالنََاسَسََواءَمََنَ
َمعاذاَعلىَكثيرَمنَأصحابهَبأمور»َوعَدَبعَضَهَذهَالشَياءَ،فمعَاذََ
َمََنَالنبََيََبمنزلََةَعليََةَ)َفََذكرَبعََضَفضََائلهَفق ال(َ:فإنََه)َأيَ:النبََيَ
أحبَشخصاَفإنهَيصدقَلهَيفَالنصيحةَ،والنبيََأحبَمعاذاَولَذاَفلمَاَنصَحهَ
صدقَلهَيفَالنصيحةَ،وتلفظَلهَبكلماتَجامعاتَفيهاَخيرَالدنياَواآلخرةَ.
الصََلَوالقاعََدةَيفَحََالَأصََحابَالنبََيََويفَحََالَالنََاسَيفَزمََنَالنبََيَ
16
َوبعدهَأنَالفضلَهوَالذيَيكونَأقربَجسداَ،كَلماَكانَأفضَلَصَلحاَوبَراَ
الحلم والنهى»َوهذاَصريحَيفَأنَمنَكانَأقربَإليهَفإنهَيستلزمَأنَيكونَمنَأوليَالحلمَ
والنهىَوالعلمَوالفضلَ،وبنىَالعلماءَعلىَهذاَقاعَدةَ،فقَدَذكَرَالعلمَاءَيفَقواعَدَال جَيحَ
بينَالدلةَأنَالدليلينَالنقليينَإذاَورداَعنَالنبيَََولَيمكنَالجمعَبينهمَاَفإنَهَ
يحكمَب جيحَأحدهماَإذاَكانَالراويَبأحدَالحديثينَأقربَللنبيََ.
َإذنَ:قصَََديَمَََنَهَََذاَكلَََهَأنَنعَََرفَأنَمَََاَأشَََارَإليَََهَالشَََيخَمَََنَكَََونَالنبَََيَ
َكانَيردفَمعاذاَمعهَعلىَدابتهَ،فيردفهَمعهَفيركبانَمعاَعلىَدابةَواحَدةَ
ويمََسَجلََدَمعََاذََالجلََدَالشََريفَللنبََيََ،ويكََونَجسََمهَمَلصََقاَلجسََمهَ
َفإنَهذاَشرفَولَشكَويدلَعلىَفضلَمعَاذَلَلمجَردَذلَكَوإنمَاَلمكانتَهَ
علماَوفضلَوعقلَوهوَالنهىَوماَرزقهَاهللَ منَمعرفةَبالحللَوالحرامَ.
ثم قال(َ:ورويَفيه)َقوله(َ:وروي)َجرتَعادةَكثيَرَمَنَالمتَأخرينَكمَاَنبَهَعلَىَذلَكَ
النوويَيفَكتابَ«التقريب»َأنَهَإذاَبنَيَهَذاَاللفَظَعلَىَالمجهَولَفإنَهَيكَونَإشَارةَإلَىَأنَ
الحديثَضعيفَ،وهَذاَالسَتخدامَيسَتخدمهَالمتَأخرونَلكنَهَلَيسَمَطَرداَفَإنهمَيطلقونَهَ
أحياننَولَيقصدونَبهَهذاَالستخدامَعموماَفلَيلتزمَهذاَالسَتخدامَالجميَعَ،قلَمَأقَولَ
هذاَلم؟َلنَهذاَالحديثَالولَالذيَأوردهَالمصَنفَوهَوَمَاَجَاءَأنَمعَاذََأعلَمَ
أمةَمحمدََيفَالحللَوالحرامَهَوَحَديثَصَحيحَ،فقَدَرواهَالترمَذيَوغيَرهَ
منَحديثَأنسََوقال الترمذي«َ:إنهَحديثَحسنَصحيح»َ،ولكَنَربمَاَكَانَإيمَاءَ
17
الشيخَببناءَالفعلَعلىَالمجهولَلماَبعدهَمنَالحاديثَالتيَبعدهاَ،فالحَديثَالولَفيَهَأنَ
النبيََأخَربَأنَمَعَاذاَأعلَمَأمَةَمحمَدََبَالحللَوالحَرامَوهَذاَ
يدلناَعلىَأنَمَعاذاَكانَعالماَ،ومَنَكَانَعالمَاَفَإنَنصَيحتهَتختلَفَعَنَنصَيحةَغيَرهَمَنَ
الناسَ،إذَالعالمَيحتاجَإلىَأمرينَلتذكيرَويحتاجَلمعرفةَمَاَلَمَيعلَمَ،إذَمَاَمَنَأحَدَيكَونَ
الجبارَ إلَكماَأخذَهذاَالعصفورَمنَالبحر»َ،فالعالمَيحتاجَإلىَوصاياَتكَونَأشَملَ
وأدقَوأكملَ،فالعالمَيحتاجَإلَىَأنَتكَونَالوصَاياَالخارجَةَمنَهَأشَملَوأتَمَوأكمَلَالتَيَ
تصدرَلهَتكونَكذلكَ.
أمامَالعلماءَ،وهذاَالحديثَرويَبألفاظَمتعددةَمنهاَماَجَاءَعنَدَأبَيَنعَيمَيفَ«الحلي ة»َمَنَ
تفسيرَأهلَالعلمَماَمعنىَأنَيكونَأمامَالعلماء؟َأيَ:يومَالقيامةَيفَالمحشرَ،وقوله«َ:برت وة»َ
فسرهاَالمصنفَبأنهاَخَطوةَ،وكذاَجاءَعنَأبيَضَمرةَراويَالحَديثَفق ال«َ:إنهَاَخطَوةَأوَ
أكثر»َفدلَذلكَعلىَأنَمعاذاَ يأيتَيومَالقيامَةَيفَزمَرةَالعلمَاءَ،وأنَهَيكَونَمَتقَدماَ
عليهمَ،إذَالعلماءَوإنَكانَهذاَالوصَفَيصَدقَعلَىَكثيَرَمَنَالنَاسَإلَأنهَمَليسَواَدرجَةَ
واحََدةَ،وهََذاَمسََلمَلَيفَالعلََمَولَيفَاإلمامََةَيفَالََدينَولَيفَالصََدقَمََعَاهللََفيمََاَ
يبذلونهَ،ومعاذََهوَالمتقدمَعلىَهؤلءَكلهمَ،ولذاَفإنَالقتداءَ ديَمعَاذَوخاصَةَ
لطلبةَالعلمَمهمَوسأشيرَإليهَعندَانتهاءَالكلمَيفَفضائلهَََ.
18
ق ال(َ:ومَنَفضَله)َأيَ:معََاذَ( أنَهَبعثَهَالنبََيََمبلغَاَعنَهَداعيَاَ،
ومفقهاَ،ومفتياَ،وحاكماَإلىَأهلَالَيمن)َفهَذهَتَدلَعلَىَالنيابَةَعَنَالنبَيََيفَ
هذهَالمورَ.
المقصودَ:منَهذاَكلَهَأنَمَعَاذاَاخَتصَبثلثَةَخصَائصَوردتَيفَهَذهَالحاديَثَ:أنَهَ
كانَعالمَ،وأنَالنبيََكَانَيحبَهَ،وأنَهَكَانَقريبَاَمَنَالنبَيََبَدناَ
وقريبَمنهَأيضنَقلباَلجلَالمحبةَولكونَالنبيََأنابهَعنهَ،فالنبيَلمَينَبَعنَهَ
يفَالقضاءَوالفتوىَإلَأكابرَالصحابةَكعليَومعاذََ–َرضيَاهللَعنَالجميعَ–َوهذاَيدلناَكلَهَ
علىَأنَوصيةَالنبيََلمعَاذَوصَيةَتسَتحقَالوقَوفَمعهَاَ،وتسَتحقَالتأمَلَيفَ
دلئلَألفاظهاَ،والنظرَفيهاَ،ولذلكَاستحبَالعلماءَ–َكماَقلمَلكَمَقبَلَ–َأنَيقتَدىَطلبَةَ
َفإنَهديهماَعظيمَولعلهَيكونَلذلكَحديثَبعدَذلكَمنفصلَ.
قال ( :وكانَيشبههَبإبراهيمَالخليلَ♠َ،وإبراهيمَإمامَالناسَ.
المشركين»؛َتشبيهاَلهَبإبراهيمَ)ََ.
قول المصنفَهنا(َ:وكانَيشَبهه)َيحتمَلَأنَتكَونَ"وكَانَيشَبه"َأيَ:وكَانَمعَاذَيشَبهَ
بإبراهيمََ،ويمكنَأنَتكونَ"وكانَيشَبهه"َفيكَونَالمشَبهَهَوَالنبَيََ
وسيأيتَماَيتعلقَبذلكَبعدَقليلََ.
َقال(َ:وكانَيشبههَبإبراهيمَالخليلَ♠َ،وإبراهيمَإمامَالناس)َهناكَقاعَدةَيفَاللغَةَ
19
أنَالتشبيهَلَيقتضيَالتشبيهَمنَكلَوجهَ،وإنماَيكونَمنَوجَهَدونَوجَهَ،عنَدماَيشَبهَامَرؤَ
بنبيَمنَأنبياءَاهللَ كإبراهيمَأوَأيوبَيفَالصربَأوَموسَىَفيمَاَيتعلَقَباإليَذاءَ
أوَعيسىَأوَمحمدََفإنهَلَيقتضيَأنَالمشبهَبهَيكونَمثلهَمطلقَاَ،فيكَونَمثلَهَ
نبياَويكونَمثلهَفاضلَويكونَمثلهَيفَأعلىَدرجاتَالجنةَونحوَذلكَ،وإنماَالتشَبيهَيقتضَيَ
التشبيهَيفَبعضَالمورَالتيَتكونَظاهرةَلبدَأنَيكونَذلكَالمرَأمَراَظَاهراَ،وبَينَالشَيخَ
تقيَالدينَوجهَشبهَمعاذَ بإبراهيمَوهوَأنَإبراهيمَكانَإمامَالنَاسَفهَوَإمَامَللنَاسَ
ملةَإبراهيمََ،ثَمَبعَثَاهللََلهَمَشَرائعَزائَدةَعلَىَمَاَجَاءتَيفَملَةَإبَراهيمَ
َ،فإبراهيمَكَانَإمامَاَيقتَدىَبَهَ،وكَذلكَمعَاذَ ولَذاَفَإنَالحاديَثَالتَيَ
بََهَالحنفيََةَوردَعلََيهمَغيََرهمَإلَأنَالفقهََاءَيقولََونَبََال جيحَبََذلكَلكََنَلَعلََىَسََبيلَ
اإلطلقَكماَقالَالحنفيةَ،وإنماَبقيودَأوردوهاَيفَمحلهاَمذكورةَيفَكتبَالصولَ.
[النحلَ]١٢٠:وقدَجاءَأنَابنَمسعودَلماَقالَهذاَالكلمَقالَلهَصَاحبهَالَذيَكَانَبجانبَهَ:
طالبَالعلمَنصبَعينيهَدائماَفإنَالنبيََأوصىَ اَمَنَهَوَمَنَأحَبَأصَحابهَ
إليهَومنَهوَمنَكانَمنَأصحابهَعالماَيقتدىَبهَ.
قال(َ:وهيَكذلكَلمنَعقلها)َ.
قوله(َ:وهيَكذلكَلمنَعقلها)َأيَ:تعلمهاَكماَذكرتَلكمَ،فيجبَعلىَطالبَالعلَمَأنَ
قال(َ:معَأنهاَتفسيرَالوصيةَالقرآنيةَ)َ.
قوله(َ:معَأنهاَتفسيرَالوصيةَالقرآنيةَ)َيدلناَعلىَمسألةَوهوَ:أنَالقرآنَلَمَيَدعَشَاذةَولَ
فاذةَولَصغيرةَولَكبيرةَإلَبينهاَولوَأنَاهللََفتحَعلىَالعبدَالخيَرَلكتشَفَمَنَهَذهَ
الوصيةَيفَالقرآنَ،الوصيةَبتقوىَاهللَلدلَعلىَهذهَالمعانَالثلثَالتيَوردتَيفَوصيةَالنبيَ
َلمعاذَ،ولكنَلماَكانَالناسَعقولهمَوعلومهمَقاصرةَكانواَمحتاجينَلماَيبينَ
ومثله معه»َ،يعنيَ:مبينةَلهَوهيَالسنةََ.
قال ( :أماَبيانَجمعهاَ:فلنَالعبدَعليهَحقانَ:
-حقَهللََ.
-وحقَلعباده)َ.
اهللَحيثماَكنمَ،والثانيةَ:وأتبعَالسيئةَالحسنةَتمحهَاَ،والثالث ةَ:وخَالقَالنَاسَبخلَقَحسَنَ،
لماذاَجمعَهذهَالكلماتَالثلث؟َقالَ:لنَالحقوقَالتيَتجبَعلىَاآلدميَحقانَ:
21
َإم ا ح ق لل ؛َوأعظمََهَإفََرادَاهللََبالعبََادةَوهََوَ:التوحيََدَ،ثََمَبعََدَذلََكَ
النكفافَعنَالنواهيَوالمتثالَللوامرَ،وقدَتنازعَالعلماءَ تعالىَأيهمَاَأولَىَعنَدَ
لنَ ّ
كلَأمرَهوَانكفافَعنَهنيَ،وكلَهنيَإنماَهَوَامتثَالَلمَرَبالنكفَاف»َ،ولَذلكَيق ولَ:
«المرَضدهَالنهي»َ،هذاَماَيتعلقَبحقوقَاهللََ.
بأنَيعقدَعقداَإماَعقدَزواجَأوَعقدَبيعَونحوَذلكَمنَالمورََ.
قال ( :ثمَالحقَالذيَعليهَلَبدَأنَيخلَببعضهَأحياناَ:
-إماَبتركَمأمورَبهَ.
-أوَفعلَمنهيَعنه)َ.
يخلَببعضهَأحياننَلبدَأنَيقصَرَفيَهَ،ومَاَمَنَشَخصَإلَوعنَدهَتقصَيرَ،وقَدَنبَهَالعلمَاءَ
َتعَالىَأنَمَنَظَنَيفَنفسَهَأنَهَلَيخطَهَوأنَهَلَيَذنبَفَإنَهَذاَأولَهلكَهَ،وأولَ
علمةَمنَعلماتَعدمَإصابتهَ،ولذلكَفإنَمنَرحمةَاهللَ علىَالعبدَأنَيكونَلهَذنبَ
ويعرفَذنبهَ،إنَمنَرحمةَاهللَ علىَالعبَدَأنَيكَونَلَكَذنَبَوأنَتعَرفَذنبَكَ،وقَدَ
جاءَعنَإياسَبنَمعاويةََتَعَالَىَقال«َ:إنَالعاقَلَالَذيَيعَرفَعيَبَنفسَهَ،فقيَلَلَهَ:
َتصحيحَذلكَالذنبَبالتوبةَواإلنابةَوالستغفارَ.
22
َوالمر الثاينَ:تحقيرَنفسهَوعَدمَتعظيمهَاَوتَذهللَبَينَالجبَارََفَإنَلكَلَامَر َ
ذنباَ،ولكنَالمنافقَأحياننَإذاَعرفَذنبهَتصاغرهَ،والمؤمنَإذاَعرفَذنبهَتعاظمَ،وقدَجاءَيفَ
الثرَأنَالمؤمنَيرىَذنبهَكالجبلَيكادَيسقطَعلىَرأسَهَ،والمنَافقَيَرىَذنبَهَكالَذبابَيَأيتَ
علىَوجههَفيقولَبهَهكَذاَفيَذهبَ،ولَذلكَفَإنَالمسَلمَيعنَىَدائمَاَبقلبَهَويعنَىَبأعمالَهَ،
والذنبَليسَمعناهَارتكابَمحَرمَصَريحَبَلَقَدَيكَونَتقصَيرَيفَأمَرَمَنَالمَورَكمَاَذكَرَ
الشيخ(َ:إماَبتركَمأمورَبهَ،أوَفعلَمنهيَعنهَ).فالذنبَيشملَالمرينَ.
ويفَقوله«َ:حيثما كنت»َتحقيقَلحاجتهَإلىَالتقوىَفيَالسرَوالعلنية)َ.
عموماَفإنهاَتشملَيفَكلَمكانَتكونَفيهَفإنهَيلزمكَتقوىَاهللََ،ويلزمكَأيضَنَيفَكَلَ
حالَمنَالحوالَالتيَتكونَعليهَاَيفَيقظتَكَسَواءَكنَمَمضَطجعَاَوسَواءَكنَمَجالسَاَأوَ
قائماَويفَالحوالَالتيَتكَونَفيهَاَيفَمسَجدَويفَالحَوالَالتَيَتكَونَخَارجَمسَجدَ،ولَذاَ
كلماَكانَالمرءَمراقباَاهللَ يفَأحوالهَكلهاَكلماَكانَشَأنهَأعظَمَ،وأنَاَأذكَرَلكَمَبعضَاَ
منَأخبارَالكملَمنَالناسَالذينَراقبواَاهللََيفَأحَوالهمَكلَهَاَواسَتحواَمَنَاهللََ
كمَالَالحيَاءَ،وعنَدماَأعبَرَبالكمَلَلَأعنَيَأنَمَاَفعلَوهَيسََتطيعهَكَلَالنَاسَفَإنَيفَذلََكَ
مشقةَ،ولكنَكماَذكرتَلكَالناسَيفَالتقوىَدرجاتَكماَأنهمَيفَالعلَمَواإليمَانَدرجَاتَ،
فمنَأخبارهمَيفَذلكَماَجاءَعنَعثمانََ،فإنَعثمانَ لمَيكَنَيظهَرَعورتَهَ
23
يفَأيَموضعَإلَلحاجةَكقضائهاَأيَ:كقضاءَالحاجةَوغيرهاَوذلكَمنَحيائهَمنَاهللََ،
وجاءَعنهَأيضنَ أنهَكانَإذاَدخلَالخلءَغطىَرأسهَحياءَ،وهذهَمنَصورَمراقبةَاهللَ
يفَالمواضََعَالتََيَعََادةَمََاَيغفََلَالنََاسَعنهََاَ،وكََذلكَأيضََنَجََاءَعََنَالص َحابةَ–َ
رضوانَاهللَعليهمَ–َمنَأفعالهمَخاصةَيفَأمورهمَحينمَاَيكونَونَيفَهجَدةَلَيلهمَويفَحَالَ
سرهمَماَفيهَخربَعظيمَوعجيبَيرجعَإليهَيفَكتبَالسيرَ.
فيهاَنكتةَوهوَأنَالتقوىَالعبدَهوَالذيَيحتاجهَاَ،أنَمَالَذيَتحتَاجَالتقَوىَفَإنَتقَواكَاهللَ
َتنفعكَأنمَولَتنفعَغيركَفَإنَاهللَ غنَيَعَنَالعبَادَ،غنَيَعَنَأعمَالهمَلَوَأنَ
أهلَالرضَجميعنَعبدواَاهللَ أوَعصوهَفإنَعبادهتمَوعصياهنمَلَيَنقصَولَيزيَدَيفَ
ملكَاهللَ شيئاَ،فَاهللَهَوَالغنَيَالحميَدَواهللََهَوَالمسَتغنيَعَنَالعبَادَ،فتقَواكَ
وعملكَبالصَالحاتَوانكفافَكَعَنَالمحرمَاتَإنمَاَهَوَلمصَلحةَنفسَكَ،ولَذلكَالتفَمَ
الشيخَلَذلكَفق ال(َ:تحقيَقَلحاجتَه)َأيَ:حاجَةَالعبَد(َ.إلَىَالتقَوىَفَيَالسَرَوالعلنيَة)َ
العلنية؛َالتقوىَفيهاَأسهلَفإنَالمرءَيستحيَمنَالناسَ،وأماَالسرَفالتقوىَفيهاَأصَعبَلنَ
لَرقيبَعليهَإلَاهللَ فحينئذَيكونَالحياءَالكامَلَمَنَاهللََ،ولَذلكَ
عثمانَلماَكانَيستحيَبعرفَالناسَيفَزماهنمَوإلىَعهدَقريبَأنَيخرجَأمامَالنَاسَكاشَفَ
الرأسَحاسرهَفإنهَاستحىَمنَاهللَ أنَيكونَحاسرَالرأسَيفَذلكَالموضَعَفكأنَهَأتَىَ
منَهذاَالبابَ.
شيئاَمضراَأمرهَبماَيصلحهَ.
والذنبَللعبدَكأنهَأمرَحتمَ)َ.
الطبيبَمتَىَتناولَالمريضَشيئاَمضرا)َأيَ:هوَالذيَيكونَمضراَبهَ(أمرهَبمَاَيصَلحه)َأيَ:
إسهالهَأوَيكونَسبباَيفَقيئهَذلكَالطعامَالذيَضرهَ،ومثله أيضًاَ:ماَيكونَمَنَالسَمومَالتَيَ
تدخلَالجسدَاآلدميَفيعملَلهَغسيلَالمعَدةَوغيرهَاَمَنَهَذهَاإلجَراءاتَالتَيَتتخَذَعنَدَ
الطبيبَ.
َإذنَ:فأنسبَشيءَللمرضَأنَيَعالجَبماَيكونَدافعاَلهَ.
الناسَلبدَأنَيتلبسَبسيئةَ،وهذاَالذيَذكرتَلكمَقبلَقليلَأنَمَنَظَنَأنَهَلَمَولَنَيتلَبسَ
َلهاَ،بلَإنَأنبيَاءَاهللَ–َصَلواتَاهللَوسَلمهَعلَيهمَ–َأكثَرَأهَلَ
َ بسيئةَفإنهَجاهلَبنفسهَظالم
العلمَعلىَجوازَصدورَصغائرَالذنوبَمنهمَ،فالصغائرَلَيكادَيسلمَمنهاَأحدَ،إلَمنَرحمَ
بََهَ،ولَشََكَأنَالسََيئاتَليسََمَدرجََةَواحََدةَبََلَبعضََهاَأعلََىَمََنَبعََضَ،بعضََهاَكبََائرَ
يصلحهَ.والذنبَللعبدَكأنهَأمرَحتمَ)َ.
أخذهَمنَلفظَالحديثََ.
تَ.
قال ( :فالكيسَهوَالذيَلَيزالَيأتيَمنَالحسناتَبماَيمحوَالسيئا َ
وإنماَقدمَيفَلفظَالحديثَ«السيئة»َ-وإنَكانمَمفعولةَ -لنَالمقصَودَهنَا(َ:محوهَا)َ،
ت)َالكَيسَ
قول المصنف(َ:فالكيسَهوَالذيَلَيزالَيأتيَمنَالحسناتَبماَيمحوَالسيئا َ
هوَ:العاقلَ،والعقلَأولَدرجاتهَالفهمَلكلمَاهللَ فإنَمنَصورَالعقَلَالفهَمَ،ولَذلكَ
العقلَنوعانَ:غريزيَومكتسبَ،والمكتسبَيتحققَبهَالعلَمَ،ولَيسَالعقَلَكلَهَغريَزيَبَلَ
بعضهَمكتسبَ،وهذاَهوَالمتقررَعندَالمحققينَ،وبناءَعلىَذلكَفَإنَالعاقَلَهَوَالَذيَفهَمَ
هذهَالوصيةَمنَالنبيََفماَزالَيأيتَمنَالحسناتَبماَيمحوَسَيئاتهَسَواءَكانَمَ
السيئاتَمنَجنسَحسنةَأوَمنَغيرهاَ،وأضربَلذلكَأمثلةَ:
يفَصفةَالطمئنانَفيهاَ،وبعضَمندوباهتاَكالخشوعَوغيرهَفإنَالنوافلَوهَيَالحسَناتَترقَعَ
ماَتخرقَمنَالصلةَوبذلكَجاءَالحديثَ.
بغيبةَأوَنميمةَأوَنحوَذلكَمنَالمورَ،فإذاَأتبعَالمسلمَصومَرمضانَبصَيامَالنوافَلَوأولهَاَ
الواجبَثمَاإلتيانَبالمندوبَالذيَيتممَويكملَماَتخرقَمنَالناقصَفيهَ.
ثمَأتىَالمصنفَبلفظةَبلغيةَجميلةَأوَدللَةَبلغيَةَمَنَالحَديثَفق ال(َ:وإنمَاَقَدمَيفَ
لفَظَالحديثَ«السيئة»ََ-وإنَكانمَمفعولةََ)-الصلَأنَالحَديث"َ:وأتبَعَالحسَنةَالسَيئةَ"َ
لنَالحسنةَمفعولَبهَأولَوالسيئةَمفعولَبهَثانَفهيَالمتبعةَوليسمَهيَالتابعَةَالتَيَتكَونَ
متقدمةَ،قالَ:لكنهَقدمَالمفعولَعليهاَقال(َ:لنهَاَهَيَالمقصَودة)َإذَتقَديمَالمفعَولَالثَانَ
علىَالمفعولَالولَيجعلَهَهَوَالمقصَودَ،كمَاَأنَتقَديمَالمفعَولَعلَىَالفاعَلَيجعلَهَهَوَ
المقصودَ،فإذاَأردتَأنَتقولَلشَخصَأوَتتحَدثَعَنَأنَزيَداَضَربَعمَراَوأردتَالتنبيَهَ
لكونَعمراَهوَالمضروبَ،فتقولَ:ضربَعمروَزيَدَفكأنَكَتريَدَأنَتبَينَأنَالمقصَودَهَوَ
التنبيهَللفعلَالواقعَعلىَعمروَلَالفعلَالواقعَمنَزيدَوهذهَدللةَبلغيةَ.
المقصودَبيانَصفةَتطهيَرَالبَولَقَدمَالجَارَوالمجَرورَالَذيَمحلَهَالتَأخيرَعلَىَالمفعَولَ
فقال«َ:صبوا عليه ّ
»َلنَهَوَالمقصَودَالتنبيَهَلصَفةَتطهيَرَهَذاَالبَولَ،وهَذاَلَشَكَأنَهَذاَ
الكلمَإنماَصدرَمنهََلكونهََأويتَجوامعَالكلمَفإنمَاَأوتيهَاَ
منَبابَالوحيَ،ولذلكَجزمَجماعةَمنَأهلَالعلمَومنهمَالقاضيَعياضَوغيَرهَأنَمَاَكَانَ
منَبابَجوامعَالكلمَومنهاَالحديثَالذيَمعناَيفَوصيتهَلمعاذَأنهَوحَيَمَنَاهللَ ولَ
وحيَمنهَمعنىَكذلكَ.
طبعنَقوله(َ:لنَالمقصودَالسيئة)َأيَ:يعنيَمرادهَأنَالمقصَودَمَنَالحَديثَالتنبيَهَلمَاَ
يحصلَبهَتكفيرَالسيئاتَهذاَهوَالمقصودَ،فالمقصودَمنَالحديثَيكَونَحينئَذَمَاَيحصَلَ
بهَتكفيرَالسيئاتََ.
قال ( :وينبغيَأنَتكونَالحسناتَمنَجنسَالسيئات؛َفإنهَأبلغَيفَالمحوَ)َ.
َهذهَمسألةَسبقَاإلشارةَإليهاَأنَالحسنةَإذاَكانَمَمَنَجَنسَالسَيئةَالتَيَفعلهَاَاآلدمَيَ
ت)َولَذلكَفَإنَمَنَ
واحدَ،وهذاَمعنىَقوله(َ:وينبغيَأنَتكَونَالحسَناتَمَنَجَنسَالسَيئا َ
أخطأَعلىَغيرهَبذمَلهَوغيبةَفعلىَقولَمنَيرىَعدمَلزومَتحليَلَمَنَاغتابَهَفَإنهمَيقول ونَ:
«إنَتكفيرَتلكَالسيئةَيكونَبالدعاءَلهَوبالثناءَعليه»َفتكَونَتلَكَالحسَنةَمَنَالجَنسَ،فأمَاَ
الدعاءَفإنهَثناءَعليهَعندَالجبارَ وطلبَأنَيثنيَعليَهَالجبَارََ،وأمَاَالثنَاءَعنَدَ
اآلدميينَفإنهاَمنَبابَذكرَمحاسنَأخيهَالمسلمَوهيَحسنةَفتكَونَمكفَرةَللسَيئةَالتَيَمَنَ
جنسهاَوهكذاَإنَشئمَأنَتأيتَيفَأغلبَالذنوبَوالسيئاتَفإنَكَسَتأيتَبمثلهَاَوبجنسَهاَمَاَ
يناسبهاََ.
والذنوبَيزولَموجبهاَبأشياءَ)َ.
موجبها)َولم يقل«َ:تزولَالَذنوب»َلنَموجَبَالَذنبَهَوَالعقوبَةَ،وأمَاَالَذنبَفقَدَيبقَىَ
ولكنَيزولَموجبهاَومعَبقاءَالذنبَ،ولَذلكَفَإنَمَنَأسَماءَالجبَارََالعفَوَوالغفَورَ
والموجبَ،هكذاَذكرَبعضَالعلماءَالذينَشرحواَأسماءَالجبارََ.
إذنَ:فإنَتكفيرَالذنوبَتارةَيكونَبمحوهاَكَأنَلَمَتكَنَموجَودةَ،وتَارةَيكَونَبسَ هاَ
وتغطيتهاَوعدمَاإلثابةَعليهاَورفعَشؤمهاَفإنَللَذنبَشَؤماَيفَالَدنياَيَراهَالمَرءَيفَدابتَهَويفَ
أهلهَويفَمالهَ،ولهاَشؤمَيفَاآلخرةَبالعذابَوالنكالَيفَالربزخَويفَاآلخرةَ،اهللََتكفيرهَ
للذنوبَعلىَنوعينَكماَمرَمعناَ،وهذاَيَفَرقَاهللَ فيَهَبَينَشَخصَوآخَرَولَشَكَأنَ
محوَالذنبَبكليتهَأعظمَامتناناَمنَاهللََوهذاَيكونَلبعضَالناسَدونَبعضَهمَلنَمَنَ
محيَذنبهَلَيراهَيومَالقيامةَ،فلَيراهَبالكليةَفَلَيقَعَيفَنفسَهَمَنَالكَدرَويقَعَيفَنفسَهَمَنَ
الخوفَماَيقعَيفَنفسَغيرهَممنَيراهَوإنَلمَيعاقبَعليهَفيغفرَلهَبذلكَمكانهََ.
ذكََرَالمصََنفَهنََاَأسََبابَإزالََةَموجبََاتَالََذنوبَيفَالََدنياَواآلخََرةَ،وعََددَبعضََهاَ
ومكفراتَالذنوبَمتعددةَجداَأفردَفيهاَجماعةَمنَأهَلَالعلَمَكالسَيوطيَوقبلَهَابَنَحجَرَ
وقبََلَالثنََينَجمََعَالمنََذريَفيهََاَرسََالةَوكثيََرَمََنَأهََلَالعلََمَأيضََنَألفََواَحت َىَبعََضَ
المسلمينَمنَالمتقدمينَألفواَفيهاَأجزاءَخاصةَ،والمصَنفَأرادَمَنَذكَرَهَذهَالسَبابَأنَ
ينبَهَلخطََأَمَنَبعََضَطلبََةَالعلَمَحينمََاَظََنَأنَبعَضَهََذهَالسََبابَمتداخلَةَلََبعضَهََذهَ
السبابَلتبيينَأنَكلَسببَمنفصلَعنَالسببَاآلخرَ،فقالَ:أولهاَأوَأحدهاَ.
قال ( :والذنوبَيزولَموجبهاَبأشياءَ:أحدهاَ:التوبة)َ.
29
قال(َ:أحدهاَ:التوبة)َوحكمَالتوبةَبا َاَطويَلَجَداَوواسَعَومَنَأحسَنَمَنَتكلَمَعَنَ
أحكامَالتوبةَاثنانَ:ابنَالقيمَبنَقدامةََتعالىَوابَنَمفلَحَبعَدَذلَكَيفَكتابَهَ«اآلداب
الشرعية»َ،فقدَتكلمَواَكلمَاَنفيسَاَعمَاَيتعلَقَبالتوبَةَوشَروطهاَولَزومَتكرارهَاَهَلَيلَزمَ
تكرارها؟َوإنَلمَيعلمَالمرءَذنبَاَليتَوبَمنَهَأمَل؟َيفَكَلمَنفَيسَومفصَلَيحتَاجَالرجَوعَ
إليهَ.
قال ( :والثانَ:الستغفارَمنَغيرَتوبة؛َفإنَاهللَتعالىَقدَيغفرَلهَإجابةَلدعائهَوإنَ
لمَيتبَ.فإذاَاجتمعمَالتوبةَوالستغفارَفهوَالكمال)َ.
هذهَالنكتةَأرادَأنَيربزهاَالشيخَتقيَالدينََتعالىَولذلكَذكرهاَ،أرادَأنَيبينَلنَاَ
الشيخَأنَهناكَسببينَيتحققَ ماَتكفيرَالذنوبَ:
-أحدهاَ:التوبةَ.
-والثاينَ:الستغفارَ.
َوالستغفارَلَيستلزمَالتوبةَ،فقدَتوجدَتوبةَبلَاستغفارَ،وقدَيوجدَاستغفارَبلَتوبةَ،إذَ
التوبةَمتعلقةَبالقلبَوالسَتغفارَمَتعلَقََباللسَانَ،ولَهَتعلَقَبالقلَبَفَلَاسَتغفارَإلَبطلَبَ
المغفرةَبأنَيقولَ:أستغفرَاهللَ،هذاَطلبَالمغفرةَأيَ:أسألكَياَربيَأنَتغفرَذنبيَ،ولَذاَفَإنَ
الستغفارَوالتوبةَوالواوَتقتضيَالمغايرةَيفَهذاَالموضَعَوتقتضَيَأيضَنَالجمَعَيفَالسَياقَ
فهيَبالجمعَوالمغايرةَمعاَ،فبَينَالنبَيََأنَالتوبَةَوالسَتغفارَكلهمَاَيَأيتَبَهَ
النبيََ.
30
َإذنَ:التوبةَهيَ:اإلقلعَعنَالذنبَوتركهَمعَالعَزمَعلَىَعَدمَالعَودَلَهَوالنَدمَعلَىَمَاَ
فعلهَالمرءَقبلَ،هذهَالمورَالثلثَةَوالركَانَالثلثَةَوالشَروطَهَيَالتَيَتتحقَقَ َاَالتوبَةَ،
يكونَالمَرءَمصَراَعلَىَذنبَهَويسَتغفرَاهللََ،اهللَكَريمَفمَعَإصَرارَالعبَدَعلَىَالَذنبَ
فيافر له ثم يذنب فيستافر فيافر له فما ْال يذنب ويستافر حتى يقول الل له :افع ل م ا
َإذنَ:يجبَأنَنميزَالتوبةَوبينَالسَتغفارَ،السَتغفارَطلَبَالمغفَرةَأيَ:مغفَرةَالَذنبَ
الذيَفعلتهَولَتلزمَبينهَوبينَالتوبةَ.
يتََبَقلبََهَوينيََبَ(فَإذاَاجتمعََمَالتوبََةَوالسََتغفارَفهََوَالكمََال)َويفَالغالََبَأنَمََنَقََالَ:
أسََتغفرَاهللَوأتََوبَإليََهَ،وكََانَتلفظََهَ ََذهَالكلمََةَباللسََانَوالقلََبَمعَاَفإنَهَيكََونَجامعَاَ
لثنتين؛َلنناَعندماَنقولَذكرَالقلبَفإنناَنقصدَبَذكرَالقلَبَوسَيأيتَاإلشَارةَإليَهَأنَالمَرادَ
بذكرَالقلبَهوَاستشعارَمعنىَالكلمةَالتيَتلفظمَ اَ،فعندماَتقولَ:أستغفرَاهللَ،استشَعاركَ
للستغفارَأنَتستشعرَفضلَاهللَوكرمهَومنتَهَحيَثَسَيمحواَأثَرَهَذاَالَذنبَعنَكَ،وحينمَاَ
تقولَ:وأتوبَإليهَتستشعرَأنكَستقلعَعنَالذنبَ،وأنكَممتنعَمنهَوأنكَنادمَعلىَفعلهَ.
قال(َ:الثالثَ:العمالَالصالحةَالمكفرة)َ.
والعمالَالصالحةَكثيرةَجداَسيشيرَإليهاَالمصنفَبعدَقليلَوإنَكانَالمَرءَمصَراَعلَىَ
31
ذنبهَ،وإنَكانَمصراَولمَيتبَفإنَمَنَرحمَةَاهللََبأمَةَمحمَدََأنَهَجعَلَ
لهمَهذهَالعمالَالصالحةَالمكفرةَللذنوبَوهيَكثيرةَ.
قالَ*(َ:إماَالكفاراتَالمقدرة)َ.
هذاَنوعََمنَأنواعَالعمالَالصالحةَالمكفرةَللذنوبَ،فذكرَالول(َ:الكفاراتَالمقدرة)َ
المقصََودَمََنَالكفَاراتَالزجََرَوالجََرب»َفََالزجرَلكََيَيمتنََعَولَيكََررَالفعََلَمََرةَأخََرىَ،
والجربَلتكفرَذنبهَفهيَجابرةَللذنوبَ،ومثلهاَيقالَأيضنَيفَالحدودَأنَالمقصودَمنهاَالزجَرَ
والجربَ.
َإذنَ:فََالمكفراتَالمقََدرةَالتقََديرَمََنَاهللََ،وهََذاَمعنََىَق ولهم«َ:أنَهَلَقيََاسَيفَ
الكفارات»َ،الصلَعندَكثيرَمنَأهلَالعلمَأنَلَقياسَيفَالكفاراتَبناءَعلىَأنَالتقَديرَمَنَ
عَيفَرمضَان)َومَنَجَامعَيفَهنَارَرمضَانَ
َ اهللَ،ضربَأمثلةَلذلكَ،فقال(َ:كماَيكفَرَالمجَام
فإنهَيكفرَبثلثة أمورَ:عتقَرقبةَ،فإنَلمَيجدَفإنَهَيصومَسَتينَيومَنَمتواليَةَ،فَإنَلَمَيسَتطعَ
فإنهَيطعمَستينَمسَكيناَ،هَذاَكفَارةَالجمَاعَيفَهنَارَرمضَانَعلَىَالرجَلَوالمَرأةَسَواءَإذاَ
كانمَمطابعةَ.
والمظاهرَالذيَيظاهرَمنَزوجتهَفيقولَ:هَيَعليَهَكظهَرَأمَهَأوَنحَوَذلَكَ،فإنَهَيجَبَ
عليهَأيضنَماَيفَاآليةَوهوَتحريرَرقبةَفإنَلمَيجدَفصيامَشهرينَمتتابعينَ.
قال(َ:والمرتكبَلبعضَمحظوراتَالحجَ)َ.
المرتكبَلمحظوراتَالحَجَهَيَمَاَيسَمىَبَالمحظوراتَ،وفعَلَالمحظَوراتَبعضَهاَ
32
يجبَفيهَفديةَدمَ،وبعضهاَيجبَفيهَبدنةَ،بعضهاَشاةَوبعضهاَبدنةَ،وبعضهاَيخيرَبينَثلثَةَ
وهكذاَ،وبعضهاَمثلَبالمثلَ،ومقومَيفَالدينَ.
قال(َ:أوَتاركَبعضَواجباته)َ.أيَ:واجباتَالحجَلثرَابنَعباسََيفَ«الموط أ»َ:
المحظوراتَففيهاَتخييرَبينَثلثَ:ففديةَمنَصيامَأوَصدقةَأوَنسكَ.
َ
قال(َ:أوَقاتلَالصيدَبالكفاراتَالمقدرة؛َوهيَأربعةَأجناسَ)َ.
قوله(َ:أوَقاتلَالصَيد)َيشَملَاثنَينَ:قاتَلَالصَيدَيفَالحَرمَ،وقاتَلَالصَيدَوهَوَمحَرمَ،
فالقاتلَيفَالصيدَيفَالحرمَسواءَكانَمحرمَاَأوَغيَرَمحَرمَ،وقاتَلَالصَيدَوهَوَمحَرمَسَواءَ
كانَيفَالحرمَأوَغيرَالحرمَ،فالحكمَفيهماَسواءَ.
َثمَذكرَأنَهذهَالجناسَالربعة(َ:هديَ،وعتقَ،وصدقةَ،وصيامَ)َلَتخرجَعنهاَالهَديَ
ستةَ،وقدَتكونَعشرةَ،وقدَتكونَثلثينَوقدَتكونَأكثرَمَنَذلَكَالسَتينَوهكَذاَ،والصَيامَ
يختلفَباختلفَالذنبَالذيَفعلهَاآلدميَ.
قال المصنف(َ:الكفاراتَالمطلقة)َأيَ:غيرَالمقيدةَبذنبَمعينَوإنماَمطلقةَفهَيَكثيَرةَ
بََالمعروفَوالنهََيَعََنَالمنكََرَ،وهََذاَواضََحَفََإنَالصَلةَإلََىَالصَلةَمكفَراتَللََذنوبَ،
والصَيامَإلََىَالصَيامَورمضََانَإلََىَرمضََانَيكفَرَالََذنوبَبينهََاَ،والصَدقةَتمحََوَالََذنوبَ
والخطاياَكماَهوَمعلومَ،والمرَبالمعروفَوالنهيَعنَالمنكرَأيضَنَيكفَرَالَذنوبَ،والمَرَ
بالمعروفَيشملَكلَمعروفَومنهَالتعليمَللناسَفإنَاهللَوملئكتهَيصلونَعلىَمعلمَالنَاسَ
الخيرَ.
قال(َ:وقدَدلَعلىَذلكَ:القرآنَ،والَحاديثَالصحاحَيفَالتكفيرَبََ(الصلواتَالخمَسَ،
فيَفضائلَالعمال)َ.
يقولَالمصنفَأنَالحاديثَالتيَمرتَيفَالسننَكثيرةَ،ومرَمعناَأنَبعضاَمنَأهَلَالعلَمَ
جمعهاَكالسيوطيَوغيرهمَ،لكنَهناَملحَظَذكَرهَالشَيخَيفَآخَرَكلمَه(َ:وهَيَكثيَرةَلمَنَ
تلقاهاَمنَالسنن)َتعبيرَالمصنفَهناَبَ"السنن"َأرادَأنَيبينَأنَالحاديَثَالتَيَعنَيَالعلمَاءَ
اَعلىَأنواعَ:
-بعضهاَمتعلقَبالفضائلَ.
-وبعضهاَمتعلقَبالحكامَ.
َفالمرادَبَ"السَنن"َهنَاَأيَ:السَننَالَواردةَعَنَالنبَيََولَيسَكتَبَالسَننَ
الربعةَونحوهاَممنَعنيَبالحكامَ،وقدَعنيَكثيرَمنَأهلَالعلَمَبجمَعَالحاديَثَالَواردةَ
34
يفَفضائلَالعمالَعلىَسبيلَالخصوصَ،ومنَالذينَجمعواَذلكَواشَتهرتَكتَبهمَالضَياءَ
المقدسيَفإنَلهَكتاباَلطيفاَجميلَاسمه«َ:فضائل العمال»َشرحَهَذاَالكتَابَالسَفارينيَيفَ
المحدثَعبدَالمؤمنَالدمياطيَيفَكتابهَ«المتجر الرابح»َفإنَهذاَالكتابَمنَالكتبَالجميلةَ
حقيقةَيفَجمعَفضائلَالعمالَ،وكثيرَمنَأهلَالعلمَيجمعَومنهمَمنَجمعَفضائلَالعمَالَ
منَالمسلمينَأبوَحفصَبنَشاهينَذكرَذلكَ،وبعضَأهلَالعلمَيجمعَبينَنوعينَ:الفضَائلَ
والزواجرَويسميَكتابهَبَ«الترغيب والترهيب»َمثلَ:قوامَالسنةَالصبهانَيفَكتابَهَ«الترغي ب
العمال»َ.
المقصودَ:كثيرَمنَأهلَالعلمَعنيَبجمعَفضائلَالعمالَ،وهمَيتساهلونَعَادةَيفَشَرطَ
الصحةَفيهاَكماَجاءَعنَبعضهم«َ:إذاَجاءَالحللَوالحرامَشددناَوإذاَجاءَفضائلَالعمَالَ
تساهلنا»َبشرطَأنَيكونَأصلَالعملَمشروعاَ،ولَيشرعَأصلَعملَبحَديثَضَعيفَ،لكَنَ
إنَكََانَأصََلَالعمََلَمشََروعاَووردَفيََهَحََديثَولََمَيكََنَذلََكَالحََديثَمنكََراَولَشََديدَ
الضعفَوالوهاءَفإنَأهلَالعلمَقَدَتتَابعواَعلَىَالتسَاهلَيفَإيَرادهَسَواءَيفَمصَنفاهتمَأوَيفَ
وعظهمَفيعظونَبهَبالشرطينَالذيَذكرهتاَقبلَقليلَ،وهذاَتتَابعَعليَهَأهَلَالعلَمَمنَذَقَرونَ
كثيرةَبلَنصواَعليهَصراحةَ،وبعضهمَيقرَبعضَعلىَهذاَالمبدأَ،ولَذاَفَإنَالتسَاهلَبَابَيفَ
35
مسألةَالمواعظَيفَخطَبَالجمعَةَونحوهَاَأوَيفَالمؤلفَاتَالتَيَألفَمَلجَلَتَذكيرَالنَاسَ
وتنبََيههمَوحََثهمَأوَزجََرهمَعََنَبعََضَالمََورَيتسََاهلَفيََهَ،وعلََىَذلََكَدأبَأهََلَالعلََمَ
َتعالىَوقالوا«َ:لنَالباعَثَوالَدافعَلنقَلَالحاديَثَيفَالحكَامَأقَوىَممَاَيتعلَقَ
بفضائلَالعمال»َ.
قال ( :واعلمَأنَالعنايةَبهذاَمنَأشدَمَاَباإلنسَانَالحاجَةَإليَه؛َفَإنَاإلنسَانَمَنَ
حينَيبلغَ،خصوصاَفيَهذهَالزمنةَونحوهاَمنَأزمنةَالفتراتَالتيَتشبهَالجاهليةَمنَبعَضَ
الوجوهَ،فإنَاإلنسانَالذيَينشأَبينَأهلَعلمَودينَقدَيتلطخَمنَأمورَالجاهليَةَبعَدةَأشَياء؛َ
فكيفَبغيرَهذا؟!)َ.
أشدَماَباإلنسانَالحاجةَإليه)َلنهَماَمنَامر َإلَوسيذنبَذنبَاَ،صَغرَذلَكَالَذنبَأوَكَربَ،
علمَحقيقتهَأوَلمَيعلمهَفهوَمحتاجَلمكفراتَالذنوبَ.
علىَأنَبعدَالبلوسَوالعقلَيحصلَبهَالتكليفََ.
قال(َ:منَحينَيبلغَ،خصوصاَفيَهذهَالزمنة)َهذهَجملةَاع اضيةَ(ونحوهَاَمَنَأزمنَةَ
يقعَيفَالذنوبَوخاصةَيفَهذهَالزمنةَيفَزمانهَوماَبعده؛َلنَهذهَالزمنَةَفيهَاَأمَرانَفشَمَ
بينَالناسَ،وكانَهذانَالمرانَقليلَيفَالزمانَالولىَالقرونَالفاضلةَالولىَعصرَالصَحابةَ
36
والتابعينَوتابعيهمَ،أولَهذهَالمورَهوَ:فشوَالجهلَ،وعندماَنَتكلمَعَنَالجهَلَفالمقصَودَ
بهَالجهلَالنسبيَ،وذلكَأنَالعلمَيفَعهدَالنبَيََكَانَسَهلَميسَوراَلَخَوضَ
فيهَولَجدلَولَفيهَمراءَولَيوجدَفيهَتلبيسَلهَلَالباطَلَ،فَالحقَواضَحَبَينَوالوصَولَ
إليهَسهلَ،ولذلكَكانَالعلمَفاشياَيفَالمدينةَوماَحولهاَ.
فالشهواتَتكثرَسواءَشهوةَالمالَأوَشهوةَالفَرجَأوَشَهوةَالشَرفَأوَغيرهَاَمَنَالشَهواتَ
وقدَكانمَضعيفةَيفَذلكَالزمانَيفَالزمانَالولَزمنَالنبيََوأصحابهَ.
ت)َإشَارةَلَذلكَ
إذنَ:هذاَالمقصودَ،وقوله(َ:فيَهَذهَالزمنَةَونحوهَاَمَنَأزمنَةَالفتَرا َ
ظاهرَباقَإلىَقيامَالساعةَ،لكنَهَيظهَرَيفَبلَدَويختفَيَيفَأخَرىَويقَوىَيفَبلَدَويضَعفَيفَ
ثانيةَ.
وقوله(َ:التيَتشبهَالجاهليةَمنَبعضَالوجوه)َهذهَالجملةَتحتاجَإلَىَوقفَةَفَإنَمشَا ةَ
الجاهليةَمنَبعضَالوجوهَلَيدلَعلىَالشبهَالمطلقَفإنَمنَظنَالشبهَالمطلَقَأخطَأَووقَعَ
يفَتكفيََرَالنََاسَوإخََراجهمَمََنَالملََةَبحجََةَمشََا ةَالجاهليََةَالمطلقََةَفجعلهََمَكَفََاراَ
كالجاهليةَالولَىَولَيسَذلَكَكَذلكَ،وإنمَاَهنَاكَشَبهَبَينَالنَاسَالَذينَيقصَرونَبعَضَ
37
التقصيرَوبينَأهلَالجاهليةَ،سواءَكانمَالجاهليةَيفَجزيَرةَالعَربَأوَيفَغيرهَاَ،المقص ودَ:
منَغيرَالمسلمينَعموماَ،ولذلكَلماَاستدلَبعضهمَبآياتَالكفَارَيفَتخويَفَالعصَاةَ،ق ال
العلماءَ تعالى«َ:إنَهذاَصوابَمنَوجهَوخطَأَمَنَوجَهَفهَوَخطَأَإنَنزلَمَآيَاتَ
الكفارَيفَالعصاةَيفَالحكمَعليهمَبكفرهمَوإخَراجهمَمَنَالملَةَوإنَنزلتهَاَمَنَبَابَالعظَةَ
والتذكيرَفحسن»َ،وقدَجاءَذلكَعَنَالعَلءَكمَاَيفَ«البخ اري»َوغيَرهَ،فمَاَزالَأهَلَالعلَمَ
يعظََونَمََنَيتلََبسَبمعصََيةَبآيََاتَنزلََمَيفَالكفََارَ،إذَكََلمَاهللََلََهَعمََومَلفََظَ
وخصوصَسببَ،وخصوصَالسببَمَندرجََقطعاَيفَعمومَاللفظَ،لكنَعمَومَاللفَظَيشَملَ
كلَعاصَهللََ،هذاَيجبَأنَننتبهَلهاَوهوَملحظَمنَأخطأَفيهَيعنيَ:اتجهَالتجاهينَ:
• إماَالمشا ةَالمطلقةَبأهلَالجاهليةَفكفرواَالمجتمعات.
كالطائعينَيفَإيماهنمَوكمالهَوهذاَمنَمداخلَالشيطانَالعظيمةَ.
قال(َ:فإنَاإلنسانَالذيَينشأَبينَأهلَعلمَودينَقدَيتلطخَمنَأمورَالجاهليةَبعدةَأشياءَ)َ
منَنعمَاهللَ علىَالمرءَأنَينشأَالمرءَبينَأهَلَعلَمَوديَنَ،يعلمونَهَالَدينَوأهَلَديَنَ
يحثونهَعليهَ،فكمَمنَامر َيكونَمحباَللدينَ،لكَنَبيئتَهَالتَيَنشَأَفيهَاَوأهلَهَالَذينَعَا َ
معهََمَيمنعونََهَمََنَذلََكَ،فََإنَامََتنَاهللَ علََىَاإلنسََانَبََأنَنشََأَبيََنهمَفََإنَهَذهَنعمََةَ
خاضَالصحابةَفيهمَ،قال بعضهم«َ:همَالذينَولَدواَيفَاإلسَلم»َلمَاَعلمَواَذلَكَظنَواَأنَ
مََنَنشََأَبََينَأهََلَعلََمَوديََنَيفَاإلسََلمَسََيكونَمََنَأكمََلَالنََاسَ،ومََعَذلََكَبََيَنَالنبََيَ
38
َأنهَليسَكذلكَ،نعمَهَيَنعمَةَلكَنَكثيَرَممَنَينشَأَبَينَأهَلَعلَمَوديَنَقَدَ
يتلطخَمنَأمورَالجاهليةَ،إماَأنَيعتادَعلىَالدينَفلَيصبحَمستمكناَمنَقلبهَاعتَادَيعن يَ:أنَ
يكونَقدَفعلهَمنَبابَالعادةَوليسَمنَبابَاإليمانَالتامَوإنَكَانَاإليمَانَالمطلَقَموجَودَ،
وإماَأنَيكونَمنَبابَماَدخلَعلىَذلكَالمجتمعَمنَبعضَالخطاءَوالجاهليةَالتيَتأيتَإمَاَ
منَشبهةَأوَشهوةَ.
قال(َ:فكيفَبغيرَهذا؟!)َكيفَمنَكانَيفَمكانَبعيدَعَنَأهَلَالعلَمَوالَدين؟َولَشَكَ
أنَكلماَأقربَلهلَالعلمَوالدينَكلماَكانَأتمَلحالهَوأصلحَ.
ق ال ( :وفََيَ«الص حيحين»َعََنَالنبََيََمََنَحََديثَأبََيَسََعيدَ
لدخلتموه»َ،قالواَ:ياَرسولَاهلل؛َاليهودَوالنصارى؟َقال«َ:فمن!؟»َ.
ولهذاَشواهدَيفَالصحاحَوالحسا َن)َ.
هنََاَأوردَالمصََنفَحََديثاَوقََالَأنَهََذاَالحََديثَقصََدهَوهََوَتصََديقَلمََاَيفَكََلمَاهللَ
َ،نبدأَبالحديثَثمَنأيتَباآليةَ.
«من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ،حتى لو دخلوا جح ر ض ب ل دخلتموه»َ،ق الواَ:يَاَرسَولَ
َسيتبعونَطريقةَمَنَكَانَقَبلهمَ،وإنَلَمَيكَنَدخَولَيفَديَنهمَوخروجَاَمَنَ
الملَةَولكنََهَاتبََاعَللسَننَفهََوَمشََا ةَلهََمَيفَبعََضَأفعََالهمَالجاهليََةَ،ولََمَيخََرجهمَمََنَ
اإلسلمَلنهَولذلكَقال«َ:لتتبعن»َأيهاَالمسلمونَ«سنن م ن ك ان ق بلكم»َفمَاَزلَتمَمَؤمنينَ
مسلمينَولكنَتلبستمَببعضَأوصافَالجاهليةَالتيَليسمَمنَأوصافَاإلسَلمَ«حذو القذة
أمرانَ،ليسَالمقصودَالتفصيلَوإنماَالمقصودَأمرانَالذيَذكرهماَاهللَ يفَكتابهَحينمَاَ
قال﴿َ:اهدنا الصراط المستقيم ( )٦صراط الذين أنعم ت عل يهم غي ر الماض وب عل يهم ول
النصارىَجهلَواَالحَقَوتعبَدواَاهللَبجهَلَ،ولَذلكَالنَاسَيفَاتبَاعهمَسَننَمَنَكَانَقَبلهمَ
المقصودَبهَأساساَعلىَسبيلَاإلجمالَهذانَالمرانَ:
• أنَيعرفَالحقَوي كَذلكَالحقَنفاقاَأوَعناداَأوَرغبةَيفَدنياَأوَغيرَذلكَمنَالسباب.
• والمر الثاينَ:أنَيكونَجاهلَبالحقَ،فيتعبدَاهللََعلىَجهلَوعلىَغيرَهدىَ،وهَذاَ
بخلقكم﴾َالمَرادَبَالخلقَهَوَ:النصَيبَمَنَالَدنياَأيَ:اسَتمتعتمَبنصَيبكمَمَنَالَدنياَ
لمصدرَفحينئذَيكونَمعناه اَ:وخضَتمَكَالخوضَالَذيَخاضَوهَ،وحينئَذَفيكَونَعائَداَ
لمحذوفَ،وهذاَهوَالقَربَيفَتأويَلَهَذهَاآليَةَأنَ﴿كال ذي﴾َيعَودَلمصَدرَأنَهَصَفةَ
اس تمتع ال ذين م ن ق بلكم بخلقه م﴾َهََذهَصََفةَ،والص فة الثاني ة﴿َ:وخض تم كال ذي
خاضوا﴾َفجمعمَهذهَاآليةَبينَأمرينَ:الستمتاعَبالخلقَوالخوضَ،فأمَاَالمر الولَ:
فهوَالَذيَيسَمىَبالشَهواتَوهَوَ:فسَقَالعمَالَ،فَإنَالمَرءَيسَتمتعَبالَدنياَمَعَعلمَهَ
بالمنعَمنَبعضَتصرفاتهَفيهاََ.
والمحدثاتَالتيَتكونَعندَالناسَمنَالمسلمينَومنَقبلهمَكماَيفَهذهَاآليةَبسَببَجهلهَمَ
فسَادَالعتقَادَوإمَاَالعمَلَبخََلفَالعتقَاد»َلَيوجَدَغيَرَهََذينَالم رينَ:فسَادَالعتقََادَ
ويؤديَفسادَالعتقادَإلىَالوقَوعَيفَالبَدعَوالمحَدثاتَوالَتكلمَيفَشَرعَاهللََبغيَرَمَاَ
شرعَ،وإماَبالعملَبخلفَالعتقادَوهوَالوقوعَيفَالكبائرَوالَذنوبَونحَوَذلَكَمَنَالمَورَ
وأشدهاَالنفاقَ–َنسألَاهللَالسلمةََ.-
والحسانَمسَالكَمعروفَةَيفَكتَبَالحَديثَمَاَالفَرقَبينهَا؟َالمتَأخرونَبعَدَذلَكَحملَواَ
الحسنةَعلىَماَخفَضبطهَ،وبعضَأهلَالعلمَومنهمَالبغويَيفَ«المصابيح»َحملَالصحاحَ
41
علىَمَاَجَاءَيفَكتَبَمعينَةَ،والحسَانَعلَىَالحاديَثَالصَحيحةَالتَيَوردتَيفَغيَرَهَذهَ
الكتََبَوهََوَ«الص حيحين»َفكََلَمََاَوردَيفَالسََننَفإنََهَيسََمىَ"حسََانا"َوعلََىَالعمََومَ
المصطلحَيعنيَ:لهَدلئلَمختلفةَ.
قال(َ:وهذاَأمرَقدَيسريَيفَالمنتسبينَإلىَالَدينَمَنَالخاصَةَ،كمَاَقَالَغيَرَواحَدَمَنَ
السلفَ،منهمَابنَعيينةَ)َ.
هَذهَالمَةَففيََهَشَبهَبَاليهود»َفالعََالمَيعَرفَالحََقَوي كَهَلشَهوةَمََالَأوَلشَهوةَشََرفَأوَ
لغيرهََاَمََنَشََهواتَالََدنياَفعََرفَالحََقَوتركََهَ،والعابََدَيتعبََدَاهللَ علََىَغيََرَهََدىَ
وبصيرةَفيقعَيفَالمحدثاتَ،ثمَيأيتَذلكَالعالمَفيربرَتلكَالمحدثاتَرغبَةَيفَالَدنياَ،وذلَكَ
ماَوقعَفسادَيفَأمةَمحمدََإلَبأحدَهذينَالسببينَالذينَأمرنَاَيفَكَلَصَلةَأنَ
نستعيذَباهللَمنهماََ.
قال ( :فإنَكثيراَمنَأحوالَاليهودَقدَابتليََبهَبعضَالمنتسبينَإلَىَالعلَمَ،وكثيَراَ
منَأحوالَالنصارىَقدَابتليَبهَبعَضَالمنتسَبينَإلَىَالَدينَ،كمَاَيبصَرَذلَكَمَنَفهَمَديَنَ
اإلسلمَالذيَبعثَاهللَبهَمحمداََ،ثمَنزلهَعلىَأحوالَالناس)َ.
َهذاَكلمَالشيخَيقررهَكثيراَيفَعشراتَالمواضعَيفَقضيةَماَيتعلقَبالشَبهَبأهَلَالكتَابَ
منَاليهودَوالنصارىَمنَالعلماءَوالعبادَإنماَيقعَبسببَهذاَالمرَ.
قال ( :وإذاَكانَالمرَكذلكَ،فمنَشرحَاهللَصدرهَللسلمَفهوَعلىَنورَمنَربهَ،
وكانَميتاَفأحياهَاهللَوجعلَلَهَنَوراَيمشَيَبَهَيفَالنَاسَ=َلَبَدَأنَيلحَظَأحَوالَالجاهليَةَ
42
وطريقَالمتَينَ(المغضَوبَعلَيهمَ،والضَالينَمَنَاليهَودَوالنصَارى)؛َفيَرىَأنَقَدَابتلَيَ
ببعضَذلك)َ.
سيقعونَيفَهذينَالمرينَوهوَ:ضللَالعلمَاءَوخطَأَالعبَادَبسَببَالجهَلَأوَبسَببَتعمَدَ
الخطأ(َ،فمنَشرحَاهللَصدرهَللسلم)َوهذاَهدايَةَمَنَاهللَ( فهَوَعلَىَنَورَمَنَربَه)َ
فكانَعلىَنورَمنَاهللََقذفهَاهللََيفَقلبهَفأحبَالهدايةَوالدينَ(وكانَميتَاَفأحيَاهَ
اهللََ)والحياةَإنماَتكونَبالكتابَوالسنةَ(وجعلَلهَنوراَيمشيَبهَيفَالنَاس)َهَذاَالنَورَ
الذيَيمشيَبهَيفَالناسَهوَالعلمَ(لبدَأ َنَيلحَظَأحَوالَالجاهليَة)َلبَدَأنَيعَرفَأحَوالَ
الجاهليةَإماَقصداَبمعرفةَتلكَالوصافَأوَيلحظهاَبملحظةَأفعَالَالنَاسَحينَذاكَ،وهَذاَ
لهاَفإنهَحينئذَقدَيدخلَعليهَمنَمداخلَالشرَالشيءَالعظيمَ،ولذلكَق ال(َ:لَبَدَأنَيلحَظَ
أحوالَالجاهليةَوطريقَالمتينَ(المغضوبَعليهمَ،والضالَينَمنَاليهودَوالنصارى)؛َفيَرىَ
أنَقدَابتليَببعضَذلك)َأولَماَيجبَعلىَطالبَالعلمَأنَينظرَويعيَبَنفسَهَقبَلَأنَيعيَبَ
علىَاآلخرينَ،كثيرَمماَنراهَمنَكتابةَبعَضَطلبَةَالعلَمَإذاَأرادَأنَيَتكلمَعَنَبعَضَالمَورَ
فإنهَيبتدأَبنقدَاآلخرينَويسلمَلنفسَهَكمَالَالتسَليمَ،وكأنَهَلَيسَبَذلكَالمَذنبَولَبَذلكَ
المخطهَ،ويجبَعلىَاإلنسانَدائماَقبلَأنَينظرَيفَعيوبَاآلخرينَأنَينظرَيفَعيبهَوينظرَماَ
نقصَيفَشأنهَوحينئَذَإذاَسَعىَيفَإصَلحَنفسَهَوفقَهَاهللَ يفَكلمَةَيقولهَاَيفَإصَلحَ
43
غيرهَ،وهذاَمعنىَكلمَالشيخ(َ:فيرىَأنَقدَابتلى)َهوَأوَ(ابتليَببعضَذلَك)َفينظَرَيفَحالَهَ
أولَويسعىَلتصحيحَذلكَالحالَبالنكفافَوبإتباعَالسيئةَبالحسنةَ.
قال ( :فأنفعَماَللخاصةَوالعامةَ:العلمَبماَيخلَصَالنفَوسَمَنَهَذهَالورطَاتَ،
وهوَإتباعَالسيئاتَالحسناتَ.
و(الحسََنات)َ:مََاَنََدبَاهللَإليََهَعلََىَلسََانَخََاتمَالنبيََينَمََنَالعمََالَ،والخََلقَ،
ات)َ.
والصف َ
يقولَ:هذهَثمَبعدَأنَقررَذلَكَكلَهَبَينَالشَيخََتعَالىَأنَأعظَمَوأنفَعَمَاَيكَونَ
(للخاصةَ)َمنَأهلَالعلمَ(والعامة)َعمومَالناسَ،فهيَوصيةَللخاصةَكمعاذَومنَشابهَمعَاذَ
ت)َورطَاتَالسَيئاتَ
منَطلبةَالعلمَوعمومَالمسلمينَ(بماَيخلصَالنفوسَمنَهذهَالورطَا َ
وكلمَرسولهََكلَحسنةَيمحوَ اَكلَسيئةَوتكَونَمَنَجنسَهاَ،فَإنَمَنَعنَيَ
فيهَويفَكلمَرسولَاهللََوقراءتهَفقطَفإنهَسيجدَخروجَهذهَالشبهاتَمَنَقلبَهَ
ودخولَنورَاإليمانَقلبهَإليهَكذلكَ،ومثلهَيقالَأيضَنَيفَعشَراتَالعمَالَ،فَأتىَالمصَنفَ
بكلمةَجامعةَيفَبيانَالحسناتَماَهي؟َقال(َ:و(الحَسنات)َ:ماَندبَاهللَإليهَعلىَلسانَخاتمَ
ات)َالعمالَ:أفعالَالجوارحَوالخ لَُالتَيَتكَونَ
النبيينَمنَالعمالَ،والخلقَ،والصف َ
كذلكَيفَأفعالَالجوارحَولكنهاَصفاتَلزمةَ،أماَالعمالَفإنهاَطارئةَوالصفاتَهيَأشملَ
منَذلكَ،فإنَالصفةَقدَتكونَلهيئةَاللباسَوقدَتكونَلهيئةَالفعَلَوقَدَتكَونَلصَفةَملزمَةَ
متعلقةَبالقلبَ،ولذلكَفإنهاَأمورَمختلفةَكلهاَمندوبَإليهاَ.
44
قال ( :ومماَيزيلَموجبَالذنوبَ:المصائبَالمكفرةَ.
وهيَكلَماَيؤلمَمنَهمَ،أوَحزنَ،أوَأذىَفيَمالَأوَعرضَأوَجسدَ،أوَغيرَذلَكَ،لكَنَ
ليسَهذاَمنَفعلَالعبد)َ.
بعدماَذكرَأنَالمكفراتَمنهاَ:المكفراتَالمقَدرةَ،ومنهاَ:المكفَراتَغيَرَالمقَدرةَ،بَينَ
المقدرةَلكنَهذهَليسمَمنَفعلَالعبدَالبتلءَالذيَيصيبَاهللَ َاَالعبدَ.
قال(َ:ومماَيزيلَموجبَالذنوبَ:المصائبَالمكفرةَ.
وهيَكلَماَيؤلمَمنَهمَ،أوَحزنَ،أوَأذىَفيَمالَأوَعرضَأوَجسدَ،أوَغيرَذلَكَ،لكَنَ
ليسَهذاَمنَفعلَالعبَد)َوإنمَاَهَوَبَإرادةَاهللَ وتقَديرهََ،ولَذلكَلَيَزالَ
البلءَبالعبدَالمؤمنَحتىَيمشَيَعلَىَالرضَوليسَمَعليَهَخطيئَةَ،وإذاَجَيءَيَومَالقيامَةَ
وعرضمَصحائفَالعمالَجاءَأنَالناسَيتمنونَأنَيكونواَمنَأشدَالناسَبلءَيفَالدنياَلمَاَ
يرونهَيومَالقيامةَمنَتكفيرَالذنوبَورفعَةَالَدرجاتَلمَنَابتلَيَيفَالَدنياَ،وهَذاَمعنَىَقَولَ
بعضَالسلفَمنَالتابعينَكأبيَرافع«َ:كانواَيفرحونَبالبلءَأشَدَمَنَفَرحهمَبالعطَاء»َأشَدَ
الناسَبلءَالنبياءَثمَالمثلَفالمثلَيبتلىَالناسَعلىَقَدرَديَنهمَ،ومَاَيَزالَالَبلءَبالرجَلَ
المؤمنَحتىَيمشيَعلىَالرضَوليسمَعليهَخطيئةَ.
َالمقص ودَ:مَنَهََذاَكلَهَأنَاإلنسََانَيعَرفَأنَهَذهَالبليََاَالتَيَتصََيبَالمَرءَمكفَراتَ
يتركوا أن يقول وا آمن ا وه م ل يفتن ون ( )٢ولق د فتن ا ال ذين م ن ق بلهم * فل يعلمن الل ال ذين
المؤمنَيفَصحيفةَحسناتهَيومَالقيامةَماَأصيبَبهَمنَهمَوحزنَيفَالدنيا»َفالهمَأمَرهَعظَيمَ
ولذلكَأصيبَالنبيَ َمَعظيمَلمَيصبَبهَأحدَ.
مضىَ،إذاَفقدَحبيباَأوَعزيزاَأوَمالَأوَوظيفةَأوَغيرَذلكَمنَالمورَ.
قال(َ:أوَأذىَفيَمالَأوَعرضَ)َالعرضَالمقصَودَالكَلمَفيَهَويفَعرضَهَ(أوَجسَدَ،أوَ
غيرَذلكَ،لكنَليسَهذاَمنَفعلَالعبد)َوإنماَهوَمنَفعلَالجبارَ وهوَرحمةَللمؤمنَ
* وبشر الصابرين﴾َفهوَبشرىَللصابرينَوالمؤمنينَ.
قال ( :فلماَقضىَبهاتينَالكلمتينَحقَاهللَمنَعملَالصالحَوإصلحَالفاسدَقالَ:
وجماعَالخلقَالحسنَمعَالناسَ:أنَتصلَمَنَقطعَك؛َبالسَلمَ،واإلكَرامَ،والَدعاءَلَهَ،
والستغفارَ،والثناءَعليهَ،والزيارةَلَهَ،وتعطَيَمَنَحرمَكَمَنَالتعلَيمَ،والمنفعَةَ،والمَالَ،
وتعفوَعمنَظلمكَيفَدمَ،أوَمالَ،أوَعرضَ.وبعضَهذاَواجبَ،وبعضهَمستحبَ)َ.
ربطاَلولَالكَلمَبَآخرهَفَإنَالمصَنفََتعَالىَسَألهَأبَوَالقاسَمَالمغربَيَأربعَةَ
46
وصاياَ،وأولَوصيةَسألهَإياهاَسألهَأنَيعطيهَويكتبَلهَبوصيةَجامعةَتامةَ،فلماَبينَالوصَيةَ
اآلنَبالجزءَالثالثَمنَالوصيةَالكاملةَالجامعةَالتيَأوصىَ َاَالنبَيََمعَاذاَأنَ
يخَالقَالنَاسَبخلََقَحسَنَ،ق ال(َ:فلمَاَقضَىَبهَاتينَالكلمتَينَحَقَاهللَمَنَعمَلَالصَالحَ
حسن»َقال(َ:وهوَحقَالناس)َأيَ:أنَهذاَيتعلقَبهَحقَالناسَ.
وقبلَأنَأبدأَبشرحَمَاَذكَرهَالمصَنفَ،لَشَكَأنَللعبَادَعلَىَالمسَلمَحقَوقَمتعَددةَ،
بعضهاَيقوىَبسببَقرابةَكوالدينَوإخوةَ،أوَبسببَصَفةَكجيَرانَونحَوهمَ،أوَبسَببَديَنَ
فإنَحقَالمسلمَعلىَالمسلمَأعلىَمنَحقَغيرَالمسلمَعلىَالمسلمَ،وهناكَحقوقَمشَ كةَ
ومسيئهمَ،منَوجبَالحقَعليهَومنَندبَلهَ،ولذلكَقال المصنف(َ:وجماعَالخلقَالحسنَ
معَالناس)َأمورَقال أولها(َ:تصلَمنَقطعك)َسواءَكانَمنَالرحمَأوَمنَغيرهاَ،ومنَوصلَ
منَقطعهَمنَبابَأولىَأنَيصلَمنَلمَيقطعهَأوَكَانَبَاراَبَهَوهَذاَمَنَبَابَالدللَةَالولَىَ
47
وفحوىَالخطابَ،قال(َ:بالسلمَ،واإلكرام)َنصهَعلىَالسلمَخاصةَلنَهَرويَيفَخَربَعنَدَ
الشجريَيفَأماليهَواحتجَبهَاإلمامَأحمدَأنَالنبيََقال«َ:صلوا»َويفَلفظَ«بل وا
عليهمَفالواجبَردَالسلمَوالمندوبَابتداؤهَ،فالمندوبَابتداؤهَفمنَسَلمَعليَهَمَنَرحمَهَ
ولمَيردَالسلمَعليهمَفهوَقاطعَ،ومنَابتدأهمَبالسلمَفهَوَواصَلَ،وبَينَالواصَلَوالقَاطعَ
منَالتفمَعنهَالصفتانَفليسَبواصلَولَبقاطعَ.
َالمقصودَ:منَهذاَأنهَلماَقال(َ:أنَتصلَمنَقطعك؛َبالسلم)َالَنصَعلَىَالسَلمَللثَرَ
الواردَواحتجَبهَأحمدَوغيرهَ.
الذىَ،ولذلكَفإنَمنَالكرمَماَهوَواجبَكالنفقةَعلىَالقَاربَالَذينَتجَبَنفقَتهمَسَواءَ
كانواَأصولَأوَفروعاَأوَكانواَمنَالحواشيَ،وتفصيلَذلكَيفَبابَالنفقةَمنَكتبَالفقهَ.
قال(َ:والدعاءَله)َأيَ:والدعاءَلمنَوصلَلرحمَهَالتَيَقطعهَاَ،وقَدَاسَتدلَالشَيخَتقَيَ
س أله رج ل أن ل ه قراب ة يص لهم وأنه م يقطعون ه ،فق ال :ف أين أن ت ع ن
الستافار؟»َفاستدلَبهَالشيخَتقيَالدينَأنَهذاَالستغفارَيكونَلهمَ،ولَذلكَفَإنَمَنَأقَلَ
حقَالقريبَعلىَقريبَهَأنَيَدعوَلَهَ،ومَنَذلَكَبَينَالعلمَاءََتعَالىَأنَصَلةَالَرحمَ
درجتانَبخلفَالقطعيَ،فأماَالرحمَالتيَيجبَصلتهاَمنَحيثَالفعالَفهيَثلثَةَأشَياءَأوَ
أربعةَأقلهاَأ َنَيصلهَبالسلمَ.
48
• والمر الثاينَ:أنَينفقَعليهَإنَوجبمَالنفقةَعليهَ.
• والمر الثالثَ:أنَيدعوَلهََ.
• والمر الرابعَ:أنَيكفَالذىَعنهَلنَأقلَشعبَاإليمانَكفَالذىََ.
قال(َ:والدعاءَلهَ،والستغفار)َوهوَمنَبابَعطَفَالخَاصَعلَىَالعَام(َ.والثنَاءَعليَه)َ
أيَ:والثناءَعلىَالقريب؛َلنَذمهَوغيبتهَوذكرَمساوئهَمنَالمورَالمنهيَعنهاَفتكونَقطيعةَ،
وضدهاَبضدهاَوالسكوتَوسطَ،وحينئذَلماَيكَونَمثنيَاَعلَىَقريبَهَالَذيَهنَيَعَنَقطيعتَهَ
فإنهَيكو َنَيعنيَ:قدَأتىَبصلةَالرحمَوهوَمنَمكارمَالخلقََ.
قال(َ:والزيارةَله)َوهذهَواضحةَ.
المورَالمهمةَ،ولعليَأقفَمعهاَيفَدقيقةَمعَضيقَالوقمَ،إنَمنَالمورَالتيَيقعَفيهاَبعضَ
طلبةَالعلمَوالشيخَيفَوصيتهَهذهَالتيَبينَأيديناَكتبهاَلطلبَالعلَمَ،وأشَارَلهَذاَالمعنَىَيفَ
المقدمةَكماَمرَمعناَأنَمماَيقعَفيهَطلبةَالعلمَأحياننَالشحَوالظنَبالعلمَ،فَإنَأبخَلَالبخَلَ
عندماَيبخلَ ذاَالعلمَيحرمَنفسهَالجرَويَضيعَعلىَنفسهَالخيرَويعاقبَبحرماهناَفكَمَمَنَ
امر َعرفَمسألةَوفتحَعليهَفيهاَفلماَلمَيعلمهاَغيرهَوينشَرهاَبَينَالنَاسَعوقَبَبحرماهنَاَ
ونسياهناَ،وكمَقالَمنَأهلَالعلمَمنَالسلفََتعَالىَلمَاَذكَرَذنبَاَمَنَالَذنوبَالتَيَ
وقعَفيهَقال«َ:فعاقبنيَاهللَبنسيانَالعلم»َفمنَالعقوباتَالخاصةَبطلبَةَالعلَمَأنَينسَواَالعلَمَ
هذهَعقوبةَنبهَعليهاَجماعةَمنَعلمَاءَالمَةَولَذلكَمَنَأرادَأنَألَينسَىَعلمَهَوألَيفَوتَ
49
عليهَماَفتحهَاهللَ عليهَمنَفهمَفليعلَمَالناسَوهذاَيدلناَعلىَأنَالبخلَبالعلمَوعلىَأنَ
الشحَبهَذنبَيعاقبَالمرءَبضدهَوهوَالحرمانَوالنسيانَ.
قال(َ:والمال)َأنَيبذلَالمرءَمالهَلمنَحرمهَولوَكانَجاراَقدَبخلَعليهَبمالَفإنهَيكرمَهَ
بمالَوطعامَ،وليسَالمقصودَبالمالَأنَتسرفَيفَبذلهَوعطيتهَ،وإنَماَالمقصودَأنَتبذلهَولَوَ
كانَيسيراَوالناسَيفَبذلهمَالمالَأنواعَ:فمَنَالنَاسَمَنَيكَونَكَريمَالمَالَبالنقَدَفيعطيَكَ
نقداَ،وبعضهمَمنَيكَونَكرمَهَبالمَالَكَرمَطعَامَفيبَذلَالمَالَطعامَاَولَيبذلَهَنقَداَ،ومَنَ
الناسَمنَتكونَكرامتهَبالمالَإقراضاَوهَوَنَوعَمَنَالكَرمَوصَورَالكرامَةَبالمَالَأوَالكَرمَ
بالمََالَمتعََددةَجََداَوليسََمَصََورةَواحََدةَ،ولكََنَأشََيرَوأذكََرَبعََضَأنواعهََاَللتنبََهَلهََذاَ
المسلكَ.
قال(َ:وتعفوَعمنَظلمك)َوكلَذلَكَجَاءَيفَهَذهَاللفَاظَالتَيَأوردهَاَالمصَنفَكلهَاَ
وردتَعنَنبيناََ،قال(َ:وتعفوَعمنَظلمَك)َممَنَظلمَكَيفَعرضَكَوبشَركَ
أوَظلمكَيفَمالكَونحوَذلكَ،فمنَاعتدىَعليكَوظلمكَفعفوتَعنَهَفَإنَهَذاَمَنَمكَارمَ
الخلقَ،ولَيلزمَأنَيكونَالعفوَعندَالمقدرةَفإنَالعفوَعندَالمقدرةَكمالَ،كمَالَيفَالعفَوَ
لنهَقادرَعلىَالنتصارَفيعفوَ،ولكَنَالعفَوَعنَدَعَدمَالمقَدرةَكَذلكَمكَارمَأخَلقَ،ففَيَ
الحالتينَهوَكرمَخلقَ،ولكنَالباعثَيفَالولَأعلىَ،وكَمَمَنَالنَاسَيعفَوَمطلقَاَفَإذاَكَانَ
قادراَلمَيعفوَ،ولذلكَناسبَالعفوَمطلقاَولَيؤجلَالعفوَلحينَالمقدرةََ.
قال(َ:وتعفوَعمنَظلمكَيفَدمَ،أوَمالَ،أوَعرضَ.
وبعضَهذاَواجبَ،وبعضهَمستحبَ).وتممَاإلشارةَلبعضَالواجبَوالمستحبَ.
50
ق ال ( :وأمَاَالخلَقَالعظَيمَالَذيَوصَفَبََهَمحمَداََ:فهَوَالََدينَ
الجامعَلجميعَماَأمرَاهللَبهَمطلقا؛َهكذاَقالَمجاهدَوغيَرهَ،وهَوَتأويَلَالقَرآن؛َكمَاَقالَمَ
وانشراحَصدرَ)َ.
هذهَمسألةَقدَيقعَمنَبعضَطلبةَالعلمَبعضَالَ ددَفيهَاَحينمَاَيسَمعونَويقَرأونَقَولَ
َ،ولََيسَالمََرَكََذلكَفََإنَعامََةَالمفسََرينَمََنَالسََلفَعلََىَأنَالمََرادَ
بالخلقَهناَهوَالدينَلنَالدينَيسمىَيفَلسانَاللغةَخلقاَفكَأنَاهللََق ال"َ:إنَكَلعلَىَ
دينَعظيم"َوهذهَاآليةَتدلَعلىَمعنيينَ:
للخلقَالذيَهوَالدينَ،فاإلسلمَهوَديَنَعظَيمَبَلَهَوَأعظَمَديَنَشَرعهَاهللََللنَاسَ
يشملَمناحيَالحياةَكلهاَ،ومعَذلكَفإنهَيؤجرَعليهاَأجوراَعظيمَةَيَومَالقيامَةَعلَىَأعمَالَ
قليلةَيفعلهاَ.
َوالمر الثاينَ:المرَأنَيكونَالعظيمَصفةَلمتثالَالنبَيََللَدينَ،وعلَىَ
ذلََكَفيكََونَفعََلَالنبََيََوامتثالََهَلهََذاَالََدينَعظََيمَوهََوَكََذلكَ،فََإنَالنبََيَ
َيفَحركاتهَوسكناتهَوقيامهَوقعودهَورقدتهَويفَشأنهَكلَهَممتثَلَأمَرَاهللََ
51
يجتهدَقيلَ:يفَأمَورَالَدنياَاتفاقَاَويفَبعَضَأمَورَالشَرع»َعلَىَقَولَبعَضَالصَوليينَدونَ
بعضهمَ.
(وأمَاَالخلَقَالعظَيم)َاسََتدراكَلكََيَينتبََهَطالََبَالعلََمَلهََذهَالمسََألةَالََذيَوصََفَاهللَبََهَ
والفعالَوالعباداتَوالخلقَوالمعاشيَوالمورَالعامةَوالخاصَةَفهَوَيجمَعَكَلَمَاَأمَرهَ
اهللَ أوَأمرَاهللََبهَيفَكتابهََوفيماَأوحاهَلنبيهََ.
ق ال(َ:هكَذاَقََالَمجاهََدَوغيََره)َومجاهََدَتلميََذَابََنَعب َاسََحََربَهََذهَالمََةَ
وترجمانَقرآهناَ،وكثيرَمنَأقوالَمجاهدَهيَمنقولةَعنَابنَعباسَفقدَجاءَأنَمجاهداَوقفَ
معَابنَعباسََعلىَكلَآيةَيسألهَعنهاَ،ولذلكَكانمَتفسيرَمجاهدَيفَمرتبةَمتقدمَةَ
عندَالسلفَوأئمةَالمسلمينَ-رحمةَاهللَعلىَالجميعََ.-
تعََالى«َ:أنَأفعََالَالنبََيََحجََةَلنهََاَيفَأحََايينَكثيََرةَتكََونَبيانََاَ
لمجملَوقدَتكونَتوضيحاَلمرَاهللََيفَكتابه»َفأفعالَالنبيََوأقوالهَكلهاَ
أيَ:أعمالََهَكلهََاَ،ولََيسَالمََرادَبََالخلقَيفَتعامََلَالنََاسَبعضََهمَدونَبعََض؛َلنَهََذهَ
الخََلقَجََزءَمََنَأعمالََهََلََيسَنفيَاَللمعنََىَالمتبََادرَللََذهنَبََلَإنَالمعنََىَ
خلق عظيم﴾َيجبَأنَننتبهَلهذاَالمعنىَفإنهَيدلَعلَىَمعَانَمَذكورةَيفَغيَرَهَذاَالمكَانَأوَ
لواجبَمذكورةَيفَغيرَهذاَالمكانَ.
َثم قال(َ:وحقيقته)َأيَ:وحقيقةَكمالَالخلقَالذيَامتثلهَالذيَفعلهَالنبَيََ
وأثنيَعليهَبهَ.
َقال(َ:المبادرةَإلىَامتثالَماَيحبهَاهللَتعالىََبطيبَنفسَوانشراحَصدرَ)َتعبيَرَالمصَنفَ
َتعالىَأجادَفيهَلماَقال(َ:وحقيقتهَ:المبادرةَإلىَامتثَال)َالمبَادرةَإلَىَالمتثَال؛َلنَهَ
أحياننَقدَيمنعَمنَالمتثالَمانعَطبيعيَأوَمانعَكونَأوَأمَرَآخَرَمَنَالموانَعَ،لكَنَالمَؤمنَ
عندماَيبادرَللمتثالَفإنَهَيتحقَقَلَهَكمَالَالحصَولَالمقصَودَ،ولَذلكَجَاءَيفَالحَديثَيفَ
يستطيعواَالمتثالَلمرَمنَأمورَالدنياَالعارضةَالتيَتمنعَمنَذلكَ،ولذلكَأجادَحينماَق الَ:
(وحَقيقتهَ:المبادرةَإلىَامتثال)َوقوله(َ:إلىَامتثالَماَيحبهَاهللَتعَالى)َفعبَرَبمحبَةَاهللَ
وهذاَالذيَيحبهَاهللََهيَالمحبةَالكونيةَوهيَالمحبةَالشرعيةَ،فكلَماَأحبهَاهللَ
محبةَشرعيةَفإنهاَهيَالمحبةَهيَالمرَالشرعيَ،فإنَكَلَمَاَيحبَهَاهللََهَوَالمَأمورَبَهَ
53
أمراَشرعياَ،وقدَعبرَالمصنفَبقوله(َ:مَاَيحبَهَاهلل)َلنَهَتَارةَيكَونَالمَرَصَريحاَبالدللَةَ
عليهَبدللةَاللفظَ،وتارةَيكونَالدللةَعليهَمنَحيثَالمعنىَفتكونَأوامرَالشَرعَدلَمَعلَىَ
المعنىَولمَتدلَعلىَالفعلَوهذاَكثير؛َفإنَالشرعَيأمرَبالمعروفَوينهىَعنَالمنكرَفكلَمَاَ
كانَمنَالمعروفَوالحسنَفإنَالشرعَقدَأمرَبهَ،وكلَماَكانَمَنَبَابَاإلحسَانَفَإنَالشَرعَ
قدَأمرَبهَوإنَلمَيأمرَبعينَهَ،فَالمرَتَارةَيكَونَصَريحاَوتَارةََبَالمعنىَ،ولَذلكَفَرقَبعَضَ
الفقهاءَومنهمَالشيخَموسىَيفَحواشيهَبينَدللةَالكلمتينَ،بينَدللَةَالمنَدوبَوبَينَدللَةَ
المعنىَ،بينَدللةَالمسنونَوبينَدللةَالمندوبَفقال«َ:إنَالمسَنونَمَاَوردتَالسَنةَبَالمرَ
بََهَوالحََثَعليََهَ،وأمَاَالمنََدوبَفقََدَتكََونَالدللََةَعليََهَبالسََنةَوقََدَتكََونَالدللََةَعليََهَ
بالمعان»َوقدَتكونَالدللةَعليهَبالمعانَمثلَ:النظافَةَمنَدوبَعليهَاَوإنَلَمَيَردَأمَرَبعينَهَ
بالفعلَالمعينَالذيَيؤديَإلىَالنظافةَوهكذاَ.
قال(َ:بطيبَنفسَوانشراحَصدرَ)َهَذهَمسَألةَمهمَةَجَداَوهَيَقضَيةَأنَمَنَيقبَلَعلَىَ
الطاعةَلهَحالتانَ:
• إماَأنَيجاهدَنفسهَفيكونَلهَأجرانَ:أجرَالطاعةَوأجرَالمجاهدة.
• وإماَأنَيقبلَعلىَالطاعةَبانشَراحَصَدرَوبإقبَالَنفَسَوبفَرحَبإتيَانَهَذهَالطاعَةَوأجَرَ
الثانَأعظمَمنَالولَ.
َوقَدَأطَالَابَنَالقَيمََتعَالىَيفَأكثَرَمَنَموضَعَيفَالدللَةَعلَىَأنَالَذيَيفعََلَ
العبََادةَونفسََهَمنشََرحةَبفعلهََاَ،آنسََةَباإلتيََانَ ََاَفََإنَأجََرهَأعظََمَممَنَيفعََلَالعبََادةَمََعَ
مجاهدةَ،الولَالذيَيفعلَالعبَادةَمَعَالمجاهَدةَلَهَأجَرانَ:أجَرَالمجاهَدةَوأجَرَالعبَادةَ،
54
والثانَأعظمَباعتبارَأنَالحسناتَتختلفَ،نعمَوالثَانَأعظَمَباعتبَارَمَاَوقَرَيفَقلبَهَفَتعظمَ
الحسنةَبماَوقعَيفَقلبهَ،وهذاَمتقررَعندَأهلَالعلمََتعالىَومنَذلكَماَقالَهَعب د الل
﴿َ:من عمل صالحا من ذكر أو أنث ٰى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة﴾ [النحلَ]٩٧:جاءَ
يفَمعنىَحياةَطيبةَأكثرَمنَتوجيهَومعناهاَمتقاربَمنَهذهَالتوجيهَاتَأنَالحيَاةَالطيبَةَهَيَ
اللتذاذَبالطاعةَ،فيأنسَبالطاعةَويقبلَعليهَاَوتنشَرحَنفسَهَبفعلهَاَ،ويجَدَمَنَالنَسَبَاهللَ
والعملَبطاعتهَعلماَوتعلماَوصَلةَوهتجَداَوصَياماَمَاَلَيجَدهَغيَرهَيفَمَلذَالَدنياَ،فهَذاَ
رجلَجمعَاهللَلهَلذةَالدنياَبعملَالطاعةَفتكونَيفَلذتَهَالعمَلَالَذيَيتلَذذَبَهَرفعَةَعنَدَاهللَ
الوجهَماَناسبَمقامناَأنَالحياةَالطيبةَلمنَاستمرَعلىَالعملَالصالحَمعَاإليمانَوالتوحيدَ
واإلخلصَهللَ أنَاهللَيحييهَحياةَطيبةَيفَطاعتهَفيلتذَويرتبطَبالطاعَةَبعَدَالرتيَاضَ،
وكََمَألَفَالعلمََاءَكتبَاَمفََردةَ،فََألفَبعضََهمَيفَرياضََةَالنفََوسَمث لَ:ابََنَالسََنيَ،وألَفَ
بعضهمَيفَرياضةَالبَدانَمث لَ:أبَيَنعَيمَالصَبهانَوغيَرهمَممَاَيَدلَعلَىَالمعنَىَالَذيَ
ذكرتهَ.
قال (َ:وأماَبيانَأنَهذاَكلهَفيَوصيةَاهللَ:فهوَأنَاسمَ(تقوىَاهلل)َيجمعَفعلَكلَ
ماَأمرَاهللَبهَإيجاباَواستحباباَ،وماَنهىَعنهَتحريماَوتنزيهاَ.وهذاَيجمَعَحقَوقَاهللَوحقَوقَ
العبادَ)َ.
55
جاءتَيفَحديثَالنبيََووصيتهَلمعَاذَداخلَةَيفَالكلمَةَالجامعَةَيفَكتَابَاهللَ
َوهيَالمرَبتقوىَاهللََ.
َقال(َ:وأماَبيانَأنَهذاَكله)َوهيَالمورَالثلثةَالتيَجاءتَيفَحَديثَمعَاذَيفَوصَيةَلَهَ
التيَيفَالقرآنَوهيَالمرَبتقوىَاهللَ(َ،فهوَأنَاسمَ(تقوىَاهلل)َيجمعَفعَلَكَلَمَاَأمَرَ
اهللَبهَإيجاباَواستحباباَ،وماَنهىَعنهَتحريماَوتنزيها)َ.
قالَ:ومنَفعلَذلكَفقدَشملَذلكَ(حقَوقَاهللَوحقَوقَالعبَادَ)َفكَلَالخَلقَالحسَنةَ
وكلَاجتنابَللسيئاتَوفعلَالحسناتَوكلَمكَارمَالخَلقَهَيَمَنَالتقَوىَ َذاَالمعنَىَ،
ولذاَعندماَيجتمعَاثنانَبكلمَةَ"اتَقَاهلل"َيفَ قَالولَالعَالمَبَاهللَوبشَرعهَمَعَالثَانَالَذيَ
يسمعَهذهَالكلمَةَولَيعَرفَكمَالَمعناهَاَ،ويفَ قَالولَالَذيَارتاضَمَنفسَهَيفَالطاعَةَ
فيفتحَاهللَ عليهَيفَفهمهاَماَلَيفتحَاهللََعلىَالثانَفيهاَ،وهكذاَمَنَالمَورَالتَيَ
تكونَيف قَالناسَيفَالفهمَويتبعَالفهمَالعملَ.
قال (َ:لكنَلماَكانَتارةَيعنيَبََ(التقوى)َخشيةَالعذابَالمقتضيةَللنكفافَعَنَ
المحارمَ=َجَاءَمفسَراَيفَحَديثَمعَاذَ،وكَذلكَيفَحَديثَأبَيَهريَرةَ¶َالَذيَرواهَ
الترمذيَوصححهَ:قيَلََ:يَاَرسَولَاهلل؛َمَاَأكثَرَمَاَيَدخلَالنَاسَالجنَة؟ََقَال«َ:تق وى الل،
َيفَهذهَالجملةَبينَالشيخََتعالىَأنهَقدَيتبادرَلبعضَالناسَأنَالمرادَبالتقوىَهوَ
خشيةَالعذابَ،وهذاَحتىَموجودَيفَلسَانناَإذاَأردتَأنَتخَوفَشَخصَتقَولَلَهَ:اتَقَاهللَ،
56
وسخطهَ،وماَرتبهَاهللَ منَجزاءَعلىَفعلَمحرمَلماَكَانَهَذاَاإلطَلقَوهَوَمَنَبَابَ
إطلقَالخاصَعلىَالمعنىَالعامَيفَالتقوىَ.
فهوَأمرَبفعلَالحسنةَ،وفعلَبمخالطةَالناسَومخالطتهمَبالخلقَالحسَنَ،فأكَدَعلَىَأمَرينَ
منَبابَالتأكيدَعلىَماَقدَيظنَأنهَليسَداخلَيفَمضمونَالتقوىََ.
ق ال(َ:وكَذلكَيفَحََديثَأبََيَهريََرةََالَذيَرواهَالترمََذيَوصَححهَ:قيََلََ:يََاَ
الخلق»َاآلنَليسَمنَبابَالمغايرةَوإنماَمنَبابَعطفَالخاصَعلَىَالعَامَ،فحسَنَالخلَقَ
هوَمنَالتقوىَ،لكنَلماَظنَأنَالتقوىَهوَالنكفافَعنَالمحرمَوعنَالزواجرَفحسَبَأكَدَ
النبيََعلىَحسنَالخلقَمنَبابَالتأكيدَ.
الشهواتَمتعلقةَ ذينَالمرينَ:شهوةَالحديثَوشهوةَالفرجَ،وأغلبَالشبهاتَإنمَاَيعظَمَ
النبي جاءه بعض أصحابه فقالوا :إن أحدنا يود لو أنه هوى من على رأس جب ل
أحب إليه من أن يتكلم بما في نفسه ،فق ال النب ي :ذل ك ص ريح اإليم ان»َلَيسَ
57
المرادَبهَماَيفَنفسهَوإنماَصريحَاإليمانَامتناعهَوخوفهَمنَاهللَ منَالكلمَبهَ.
الخلقَ.ومعلومَأنَاإليمانَكلهَتقوىَاهللَ.وتفصَيلَأصَولَالتقَوىَوفروعهَاَلَيحتملَهَهَذاَ
الموضع؛َفإنهاَالدينَكله)َ.
حسنَالخلقَليسَهوَاإليمانَ،وإنماَكمالَاإليمانَمنَصفاتهَاللزمةَلهَحسنَالخلقَ،وذلكَ
أنَالخلقَمنَالعملَالصالحَ،والعملَالصالحَمنَاإليمانَفيكملَإيمانَالمَرءَبحسَنَخلقَهَ،
ولذاَكانَأكملَالناسَإيماناَمحمدََوكانَأحسنَالناسَخلقَاَوأكَرمهمَتعَاملَ
ولَخلقَأحسنَمنَخلقهَ–َصلواتَاهللَوسلمهَعليهَ–َولذاَفإنَأهلَالعلمَألفواَكتبَاَمفَردةَ
يفَأخلقَََهََ،فَََأبوَالشََيخَالصَََبهانَألََفَ«أخَََلقَالنبَََيََ»
وعشراتَألفواَيفَشمائلهَويعنونَبشمائلهَيفَالصلَأخلقَهَ،ويتبعَونَذلَكَيفَذكَرَشَمائلهَ
لباسهَوصفتهَالشكليةَ.
أصولَالتقوىَوفروعهاَلَيحتملهَهذاَالموضعَ.
َيقول(َ:والتفصيل)َيفَهذاَالموضوعَفيماَيتعلقَبالتقوىَوماَفيَهَعلَىَسَبيلَالتفصَيلَلَ
يمكنَاإلشارةَإليهَ،وإنماَيعرفَبالعلمَومعرفةَكلمَأهلَالعلمَيفَالفقَهَويفَاآلدابَ،ولَذلكَ
58
يقولَ:لبدَمنَمعرفةَالفقهَواآلدابَمعاَ،ويفيدونَلتدابَكتباَوللفقهَكتبَاَ،وقَدَق ال بع ض
السلف«َ:كَانواَيتعلمَونَالدبَقبَلَتعلمهَمَالفقَه»َأوَ«قبَلَتعلمهَمَالحَديث»َوالحَديثَ
يطلقَعلىَالفقهَوالعكسَ،والدبَتعلمهَومعرفتهَمهمَ،وقدَيأيتَإشارةَلَهَبعَدَذلَكَإنَشَاءَ
اهللََ.
قال (َ:لكنَينبوعَالخيرَوأصلهَ:إخلصَالعبدَلربهَعبادةَواستعانة؛َكماَفيَقولهَ:
بهمَأوَعملَلجلهمَ،ويجعلَهمتهَربهَتعالى؛َوذلكَبملزمةَالدعاءَلهَفيَكلَمطلوب؛َمَنَ
بوب).
فاقةَ،وحاجةَ،ومخافةَ،وغيرَذلكَ،والعملَلهَبكلَمح َ
العمََالَويفَالعتقََادَويفَالقََوالَهََوَإخََلصَالعبََدَهللََ،وكََلَأمََرَهََوَمتفََرعَعََنَ
اإلخلصَلهََ،ولذلكَيحتاجَالمرءَدائمنَأنَيعتنيَ َذاَالبَابَوهَوَاإلخَلصَ
«ماَأمنَالرياءَإلَمنافقَ،ولَخافَهَإلَمَؤمن»َوقَالَعمَنَيَذكرَبَاإلخلصَوالتخويَفَمَنَ
ضدهَوهوَالشركَوالرياءَقال«َ:لنَتجلسَمعَأقوامَيخوفونكَحتىَتأمنَخيرَمنَأنَتجلَسَ
معَأقوامَيؤمنونكَحتىَتخاف»َ.
إنَالحديثَأيهاَالفاضلَعنَإخلصَالعبادةَهللََأمَرَمهَم؛َلنَاإلخَلصَهَوَلَ
59
إلهَإلَاهللَ،فمنَعرفَمعنىَلَإلهَإلَاهللَمخلصاَبذلكَقلبهَفهَوَالمخلَصَحقيقَةَهللََ،
اإلخََلصَألَتعبََدَإلَاهللَأنَتفََردَاهللََبأفعالََهَوبأفعََالَالعبََادَوبأسََمائهَوصََفاتهَ،
اإلخََلصَألَتشََركَمََعَاهللَ أحََداَيفَهََذهَالمََورَكلهََاَ،ومََنَأفعََالَالعبََادَأفعََالَ
الجوارحَفلَيصرفَشيءَمنَالعباداتَلغيرَاهللَ،ومنَأفعالَالعبادَأفعالَالقلوبَوهَوَالَذيَ
أشارَإليهَالمصنفَ،فإنَالقلوبَلهاَاعتقادَولهاَفعلَ،قي ل«َ:ولهَاَكَلم»َأشَارَإليَهَبعضَهمَ،
ومََنَالََذينَفرقََواَبََينَالعتقََادَوالفعََلَالجنيَدَ تعَالىَ،وكََانَالجنيَدَعلََىَطريقََةَ
الوزاعيَيفَالفقهَ،فمنَأفعالَالقلوبَالتوكلَوالستعانةَوالستغاثةَوغيرَذلَكَمَنَالمعَانَ
التيَسيشيرَإليهاَالمصنفَ،فكلماَكانَالمرءَأكملَيفَإخلصَأفعالَالقلوبَهللَ كلمَاَ
كانَأكملَتقوىَوإنابةَلهََ،والناسَيعنونَبأفعالَالجوارحَوهيَحسنةَوكَمَظَلَ
فيهاَأقوامَفصرفواَعباداتَلغيرَاهللَ،ولكَنَمَنَبعَضَالخاصَةَمَنَيغفَلَعَنَالعنايَةَبأفعَالَ
القلوب؛َوإنَلفعالَالقلوبَشأناَعظيماَ،فهلَراجعَالمرءَقلبهَيفَتوكله؟َوهلَراجَعَالمَرءَ
قلبهَيفَاستعانته؟َوهلَراجعَالمرءَفعَلَقلبَه؟َيفَحسَنَظنَهَبَاهللَ وانقطَاعَالظَنَبمَاَ
سواه؟َهذهَالمورَالمهمةَيجبَعلىَالمؤمنَأنَيراجعَهذاَالمرَ،وسيأيتَمعنَاَبعَدَقليَلَأنَ
أقوىَماَيقويَأفعالَالقلوبَهوَذكرَاهللََ،واهللَماَقوىَشيءَأفعالَالقلَوبَمَنَاإلنابَةَ
لهَوالتوكلَعليهَوالستعانةَبهَوغيرَذلَكَمَنَالفعَالَالكثيَرةَالتَيَفصَلَكثيَراَمَنَأنواعهَاَ
ومدارجهاَالعلمةَابنَالقيمَيفَ«المدارج»َإلَذكرَاهللََ،وسيأيتَيفَكَلمَالشَيخَمَاَيَدلَ
علىَذلكََ.
المعمولَعلىَالعاملَيدلَعلَىَالحصَرَوالقصَد»َفأمَاَالحصَرَفإنَهَيَدلَعلَىَأنَهَلَيجَوزَ
صرفَأيَمنَالعبادةَوأيَمنَالستعانةَبغيرَاهللََ،وأماَالقصدَفيدلَعلَىَأنَهَيجَبَأنَ
بلَهوَمنَآكدهاَ،ولذلكَقررَبعضَأهلَالعلمَومنهمَابنَالقيمَعلىَأنَالتوكَلَعبَادةَ
محضةَفلَيجوزَصرفهاَلغيرَاهللَفلَيصحَأنَتقَولَ:أتوكَلَعلَىَاهللَثَمَعليَكَ،لنَالتوكَلَ
فاصرفَالعبادةَكلهاَهللَ،واجعلَالتوكلَكلهَلهَوهوَالعبادةَََ.
المعمولَعلىَالعاملَفدلَعلىَالحصرَ،فلَيصرفَالتوكلَإلَهللََ،فلَتتوكلَإلَعلَىَ
اهللَ،والتوكلَهوَفعلَالقلبَ،فلَتعتمدَبقلبكَإلَعلىَاهللَلَعلىَطبيبَ،ولَعلَىَمَديرَولَ
علىَأبَولَعلىَغيرَأستاذَولَعلىَغيرهَ،توكلَعلىَاهللََ،إنماَأولئَكَأقَوامَيكونَونَ
طرائقَلتحقيقَالهدفَالذيَتريدهَ.
قال﴿(َ:وإليه أنيب﴾)َكذلكَاإلنابةَإنماَتكونَلهَسبحانهَ.
َقال(َ:وفيَقوله﴿ :فابتاوا عند الل الرُْ واعبدوه واش كروا ل ه﴾ [العنكب وتَ)]١٧:فَلَ
يعبدَإلَاهللَ وحدهَلجلَالرزقَ.
61
ث م ق ال الش ي (َ:بحي َثَيقط َعَالعب َدَتعل َقَقلب َهَم َنَالمخل َوقينَانتفاع َاَبهََمَأوَعم َلَ
لجلهم)َوهذاَيدلناَعلىَأنَالقلبَإذاَانقطعَمنَالتعلقَبالمخلوقينَوتعلقَبَاهللََ،فإنَهَ
العالمين﴾ [النعامَ]١٦٢:لَشريكَلهَ،فتكونَأعمالكَكلهَاَهللَ،هَذاَكمَالَالتقَوىَ،ولكَنَ
الناسَيتفاوتونَيفَذلكَتفاوتاَبيننَ.
بوب)َ.
فاقةَ،وحاجةَ،ومخافةَ،وغيرَذلكَ،والعملَلهَبكلَمح َ
المرينَ،فقدَألحظَإليهماَالشيخَيفَكلمهَ،
تدعوَاهللََلَيسمعَدعَاؤكَإلَهَوَسَبحانهَ،ولَيعلَمَبَهَإلَهَوََ،فحينئَذَتعلَمَ
أنكَإنماَتلقيَحاجتكَبهَ،وإنماَتناجيهَسبحانهَ،وخاصةَعندماَتكَونَيفَسَجودَأوَتكَونَيفَ
ظلمةَليلَ،وقدَانقطعَالرجاءَمنَالدنياَوأهلهَاَ،ولَمَيتصَلَإلَبَهَسَبحانهَ،ولَذلكَمَاَقَوىَ
«الدعاء هو العبادة»َ،فهوَالعبادةَوهوَأقوىَماَيقويَعلقةَالعبدَبربهَ،ولذلكَقال(َ:بملزمَةَ
الدعاءَلهَ–ََ–َفيَكلَمطلوب؛َمنَفاقةَ،وحاجَةَ)َأيَحاجَةَتحتاجهَاَأكثَرَمَنَ
دعاءَاهللََ،وإنَأحدهمَليسألَاهللََإذاَانقطَعَشسَعَنعلَهَمَنَالصَحابةَ–َرضَوانَ
اهللَعليهمَ–َكلَأمَرَينَزلَبَكَفاسَألَاهللََ،إذاَنزلَمَبَكَحاجَةَاسَألهاَاهللََ،إذاَ
62
تأملمَأملَأوَتأملمَرجاءَيفَمستقبلكَ،فاسألَاهللََ،إذاَخفمَأحداَفاسألَاهللََ،
إذاَترددتَيفَأمرَفالجَأَإلَىَاهللَبالَدعاءَبالسَتخارةَ،ليختَارَلَكَالصَلحَ،عليَكَبالَدعاءَ،
عمرَماذاَيقولَ؟َيقول«َ:إنيَلَأحملَهمَالستجابةَ–َأوَنحوَمماَقالَ–َولكَنَهَمَ
فأكثرَمنَدعاءَاهللََ،فأتمنىَألَترتفعَتلكَالحاجةَلماَأجدَيفَقلبيَمنَاإلقبالَوالتعلَقَ
باهللََ»فماَيعطيكَاهللَ حينَالدعاءَواإلخلصَفيهَوالتضرعَمنَالسعادةَوالحياةَ
الطيبةَوانشراحَالصدرَربماَيكونَأعظمَمنَالطلبَالذيَتطلبهَ،هذاَالمرَالولَ.
بوب)َأيَ:هللََ،وهذهَالفرقَبينَأهلَالسنةَ
َالمر الثاينَقال(َ:والعملَلهَبكلَمح َ
الجهالةَ،إنَبعَضَالنَاسَيَدعيَأنَمجَردَمحبتَهَهللَ كافيَةَيفَنيلَهَالَدرجاتَالعاليَةَ،
ومنصََبَالوليََةَوالفََوزَبالجن َةَ،والتقََدمَعلََىَاآلخََرينَ،لََيسَذلََكَكََذلكَ،إنمََاَالعََربةَ
الل﴾ [آل عمرانَ،]٣١:ويف الحديث القدسي«َ:من عاد لي ولي ا فق د آذنت ه ب الحرب ،وم ا ْال
عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ،فإذا أحببته كن ت س معه ال ذي يس مع ب ه وبص ره ال ذي
بشيءَأحبَإليهَمماَاف ضَعليهَ،وماَزالَيتقربَإليهَبالنوافلَحتىَيحبهَ.
َالمقصودَ:أنَمنَالمعاييرَالمهمةَالتيَتجعلَالقلبَمتعلقَاَبَاهللَ اإلكثَارَمَنَفعَلَ
63
َجَ،قصََدَبيََمَاهللََ،
محبََوبَاهللََصََلةَ،قيََامَ،علََمَ،تعل َمَ،تعلََيمَ،صََدقةَ،حَ ّ
المورَالفاضلةَ،ولَيحسنَويعرفَمحبوبَاهللَ إلَمنَتعلمَشرعهَ.
قال(َ:ومنَأحكمَهذاَفلَيمكنَأنَيوصفَماَيعقبهَذلك)َ.
يقولَ:منَعرفَهذينَالمرينَ:الدعاءَواإلتيَانَبمحبَوبَاهللََوامتثلَهَفَلَيمكَنَ،
انظرَمهماَتكلمَالمتكلمَ،مهماَقالَالخطيبَوأطنبَ،ومهماَتكلمَالَواعظَوأسَهبَفَواهللَلَ
يمكنَوأقولهاَحقيقةَبماَأخربَبهَأولئكَ،لَيمكنَأنَتصفَماذاَسينعمَاهللَ علىَالعبَدَ
منَحَلوةَاإليمَانَ،ومَاذاَسَينعمَاهللََعلَىَالعبَدَمَنَالتعلَقَبَهَوصَدقَ
اإليمَانَوالتوكََلَوالسَتعانةَعليََهََ،الََزمَالم رينَ:الََدعاءَ،والمََرَالثَانَ:الََزمَفعََلَ
محبوبَاهللََ،الزمَهذينَالمرينَتفلحَيفَالدنياَواآلخرةَ.
قال(َ:وأماَماَسألمَعنهَمنَأفضلَالعمالَبعدَالفرائض)َ.
أفضلَالعمالَ،وعبرَالمصنفَبأنهاَبعدَالفَرائض؛َلنَأفضَلَمَاَيعمَلَهَوَالفَرائضَ«وم ا
تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ،وما ْال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حت ى
أحبه»َفدلَعلىَأنَأفضلَالعباداتَهيَالواجباتَ،ثمَبعدهاَالعمَالَالنوافَلَبعضَهاَأفضَلَ
منَبعضَولَشكَ،لكنَماَأفضلها؟َهذاَماَسيتكلمَعنهَالمصنفَ.
قال(َ:فإنهَيختلفَباختلفَالناسَفيماَيقدرونَعليهَوماَيناسبَأوقاتهم)َ.
َمنَأهلَالعلمَمنَيرىَأنَهناكَأعمالَفاضلةَعلىَسبيلَاإلطلقَ.
َومنهمَوهوَالذيَينصرهَالمصَنفَوكثيَرَمَنَأهَلَالعلَمَ،أنَهَذاَيختلَفَبَاختلفَ
الشخاصَ،وباختلفَالحوالَوباختلفَالزمانَ،والفقهاءََتعالىَيوردونَأفضلَ
«الفروع»َ،فقدَذكرَهذهَالمسألةَيفَموضعينَمختلفينَ،والمصنفََتعالىَالشيخَتقَيَ
الدينَيرىَأنَالعبادَأنَالنوافلَلَتوجدَنافلةَأفضلَمنَغيرهاَعلىَسبيلَاإلطَلقَ،وإنَكَانَ
يرجحَالذكرَكماَسيأيتَبعدَقليلَلمعنىَ.
قال(َ:فإنهَيختلفَباختلفَالناسَفيماَيقدرونَعليه)َفمنَكانَعاجزاَعنَعبادةَلَنقَولَ
أنهاَأفضلَيفَحقهَ،بلَإنَغيرهاَمنَالعبَاداتَأفضَلَيفَحقَهَ،فمَنَعجَزَعَنَالصَدقةَكيَفَ
تكونَيفَحقهَأفضل؟َمنَعجزَعنَالجهادَلعدمَوجودهَ،وقدَجاءَعنَالنبيََيفَ
أكثرَمنَحديثَماَيدلَعلىَأنهَلَيلزمَأنَيكَونَموجَوداَيفَكَلَوقَمَومَعَذلَكَيَؤجرَمَنَ
نواهَلكنهَغيرهَيكونَأفضلَيفَحقهَمنهَ،ومثلهَيفَالصدقةَ،منَلمَيجدَالمالَ،القيامَيفَالصلةَ
لمنَكانَعاجزاَ،برَالوالدينَلمنَكانَوالداهَمتوفيينَ،فقدَفاتَمحلهماَوهكذاَ.
قال(َ:فإنهَيختلفَباختلفَالناسَفيماَيقدرونَعليه)َقال(َ:وماَيناسَبَأَوقَاتهم)َقول هَ:
(وماَيناسبَأوقاتهم)َيعنيَ:أنَيفَبعضَالوقاتَتكونَبعضَالعباداتَأفضلَ،ومنَالقواعدَ
يفَذلكَ:
• أنَالعبادةَإذاَشرعمَيفَزمانَمخصوصَفأفضَلَمَاَيشَرعَيفَذلَكَالزمَانَتلَكَالعبَادةَ،
65
عندماَنقولَيومَالضحىَ،أفضلَعبادةَفيهَنحرَالضحيةَ،ونق ولَ:إنَأفضَلَمَاَيفعَلَيفَ
رمضانَصيامَرمضانَ،وأفضلَماَيفعلَيفَالحجَقصَدَبيَمَاهللَالحَرامَحاجَاَ،وهكَذاَيفَ
الوقاتَالمضيقة.
• كمََاَأنَبعََضَالوقََاتَلَتشََرعَفيهََاَبعََضَالعبََاداتَ،فََإنَمََنَأفضََلَالوقََاتَوقََمَ
العصرَ،ومعَذلكَينهىَفيهاَعنَالتنفلَ،فقدَنهيناَعنَالصلةَبعدَصلةَالعصرَيفَأكثرَمنَ
حديثَ،ولكنَأفضلَالعمالَبعدَصَلةَالعصَرَذكَرَاهللََ،كمَاَتعلمَونَربمَاَيَأيتَ
اإلشارةَإليهَيفَفضلَالذكرَبعدَصلةَالعصرَ.
الوقاتَتختلفَوالحوالَتختلفَ،ولذلكَقال(َ:فَلَيمكَنَفيَهَجَوابَجَامعَمفصَلَ
لكلَأحدَ)َلَيمكنَأنَنقولَ:إنَكلَواحدَلَهَهَذهَالقاعَدةَبَلَتختلَفَبَاختلفَالحَوالَ،
العالمَيفَحقهَالتعليمَأفضلَ،الجاهلَالتعلمَيفَحقَهَأفضَلَلرفَعَالجهَلَ،القَادرَعلَىَالبَذلَ
بالمالَوهكذاَيختلفونَمنَحالَإلىَحالَ،منَكانَوالداهَحيينَفربهمَاَمَنَأفضَلَالعبَاداتَ
وهكذاَ،كاناَمحتاجينَأفضلَممنَلمَيكوناَمحتاجَوهكذاَ.
قال(َ:لكنَمماَهوَكاإلجماعَبينَالعلماءَباهللَوأمرهَ:أنَملزمةَذكَرَاهللَدائمَاَهَوَأفضَلَ
ماَشغلَالعبدَبهَنفسهَيفَالجملة)َ.
باإلجماعَ،ووجهَقوله(َ:أنهَكاإلجماع)َلنَهَلَيوجَدَصَراحةَهَذاَالكَلمَ،ولكنَهَمضَمونَ
كلمهمَ،كماَسيأيتَ–َإنَشاءَاهللَ–َيفَتوجيهَكلمهمَ.
َقال(َ:لكنَمماَهوَكاإلجماعَبينَالعلماءَباهللَوأمَره)َالعلمَاءَبَاهللَهَمَالعَالمونَبأفعَالَ
66
القلََوبَ،لنَأفعََالَالقلََوبَهََيَالد ّالَةَعلََىَاهللَ،فالعََالمَبََاهللَهََوَالعََالمَبأفعََالَالقلََوبَ،
والعالمَبأسمائهَوصفاته؛َلنَمنَأسبابَتقويةَاإليمانَبَاهللَ التفكَرَيفَأسَمائهَ
وصفاتهَالفعليةَوالذاتيةَ.
(وأمره)َأيَ:بشرعهَ،وهذهَأجودَممنَعبرَبعلماءَال ّظاهرَوالبَاطنَمَنَبعَضَالفَرقَ،بَلَ
الصوابَأنَنقولَ:العلماءَباهللَوبأمرهَ،فيجمعونَبينَالمرينَ.
قال(َ:أنَملزمةَذكرَاهللَدائماَهوَأفضلَماَشغلَالعبدَبهَنفسهَيفَالجملةَ).فيشَغلَنفسَهَ
اَ،لماذا قلناَ:إنهاَأفضل؟َلنكَإذاَتأملمَكلَمَاَقيَلَمَنَالعبَاداتَأنهَاَهَيَالفضَلَفلَنَ
تجدَعبادةَإلَوفيهاَذكرَاهللََ،الصلةَفيهاَذكرَ،التقاءَالصَفينَفيهَذكرَ،الزكاةَفيهاَذكرَ،
الصومَفيهَذكرَ،الحجَفيهَذكرَ،كلَعبادةَفاضَلةَإتياهنَاَبصَفةَالكمَالَفيهَاَذكَرَ،وهَذاَيَدلناَ
علىَأنَأفضلَالعمالَيفَالجملةَأيَ:علَىَسَبيلَاإلجمَالَهَوَالَذكرَ،وعبَرَبَذلكَلنَهَيفَ
بعضَالحيانَينهىَعنَالذكرَومثل ذلكَ:حالَالقيامَيفَالصلةَوقراءةَاإلمامَ،فقَدَهنينَاَعَنَ
[العرافَ،]٢٠٤:قال أحمد«َ:أجمعَعلىَأنهَاَنزلَمَيفَالصَلة»َأيَ:حينمَاَيقَرأَاإلمَامَيفَ
الصلةَالجهريةَفيجبَاإلنصاتَلهَولَينشغلَلَبقَراءةَولَذكَرَ،فقَدَتكَونَبعَضَالصَورَ
مسَتثناةَ،ولكَنَلَوَأردتَالنظََرَنظَراَبعيَداَفإنهََاَراجعَةَللَذكرَ،فإنهََاَسَماعَلَذكرَوهكََذاَ،
ولذلكَعبرَالمصنفَ(يفَالجملة)َلنهاَقدَتكونَهناكَاستثناءاتَيفَبعضَالصورَ.
هذاَالحديثَيدلَعلَىَأنَالمفَردينَالَذينَيَذكرونَاهللَ كثيَراَوالَليتَيَذكرنَاهللَ
كثيراَهمَالسَابقونَ،سَبقواَالنَاسَيفَعلَوَالدرجَةَيفَالجنَةَوسَبقواَالنَاسَيفَدخَولَ
الجن َةَ،وسََبقواَالنََاسَيفَأمََورَكثيََرةَيفَيََومَاآلخََرةَويفَالََدنياَكََذلكَ،وهََؤلءَالمفََردونَ
الََذاكرونَوالََذاكراتَهََمَلبََدَوأنَيتلبسََواَبفعََلَمحبوبََاتَاهللََولَشََكَ،فلبََدَأنَ
يكونواَقدَصلواَوصامواَوحجواَواعتمرواَوغيرَذلكَمنَالعباداتَ،وهذهَالعباداتَفيهاَذكرَ
اهللََ،فهذاَالحديثَدلَعلىَأمرينَ:
َالمر الولَ:أنَالذاكرينَهمَالسابقونَ،فيكَونَفعلهَمَهَوَالفضَلَ،وهَذهَمَنَبَابَ
ةَ،فإنَذكرَالحكمَمقروننَبصفةَإيماءَلكَونَ
َ إماطةَالحكمَبالصفةَ،وهذاَمنَبابَاإليماءَللعل
الصفةَعلةَلهَ،وإلَوإنَلمَتكنَتلكَالصفةَعلةَفإنهَيكونَذكرهَاَلغَواَ،وكَلمَالشَارعَمنَزهَ
عنَاللغوَفيهَ،هذاَواحدَ.
َالمعنى الثاينَ:الذيَدلَعليهَهذاَالحَديث؛َدلَهَذاَالحَديثَعلَىَأنَالسَابقينَ،مَنَ
شرطهمَأنَيكونواَقدَأتواَبالواجباتَ،التيَهيَالعباداتَالصَالحةَ،فَدلَعلَىَأنَلَتعَارضَ
بينَكونَالذكرَفاضلَمعَفعلَباقيَالعباداتَكماَتقدمَ.
قال (َ:وفيماَرواهَأبوَداودَعنَأبيَالَدرداءََعَنَالنبَيََأنَهَ
قال«َ:أل أنبئكم بخير أعمالكم ،وأْكاها عند مليككم ،وأرفعها في درجاتكم ،وخير لكم م ن
إعطاء الذهب والورُ ،ومن أن تلقوا ع دوكم فتض ربوا أعن اقهم ويض ربوا أعن اقكم؟»َقَالَواَ:
بلىَياَرسولَاهلل!َقال«َ:ذكر الل»َ.
والدلئلَالقرآنيةَواإليمانيةَ–َبصراَوخبراَونظراَ–َعلىَذلكَكثيرةَ)َ.
68
وخير لكم»َإلىَآخرَالحديثَ،هذاَالحديثَصريحَيفَفضلَالذكرَ،لكنَأهَلَالعلَمَقَالواَإنَ
الذكرَيشملَأمرينَ:
• الََذكرَالخََالص؛َوهََوَأنَيََذكرَاهللََإم َاَذكََرَالطلََبَأوَذكََرَالثنََاءَ،ذكََرَالطلََبَ:
الدعاءَ،دعاءَالطلبَ،وذكرَالثناءَ:تمجيدَاهللََ،والثناءَعليهَ.
• والمر الثاينَ:الذكرَالمشروكَبغيرهَمنَالعباداتَ،فالصلةَذكرَ،والحجَذكرَ،فمَاَجعلَمَ
الصلةَإلَللذكرَوماَجعلَالحجَإلَللذكرَ،وماَجعلَالوقوفَبعرفةَوالطوافَبالبيمَإلَ
لذكرَاهللَ وإحياءَشعائرَاهللََ.
قليلَ،قوله(َ:اإليمانيةَ)َيدلناَعلىَأنَلهلَاإليمانَالذينَاجتمَعَفَيهمَوصَفانَ،وهنَاَيجَبَ
أنَنفرقَبينَمعرفةَأهلَالعلمَوغيرهمَ،أهلَاإليمانَماَاجتمعَفيهمَوصفانَ:العلَمَوالعبَادةَ،
والذيَيجتمعَفيهَهذانَالوصفانَ،وينَالَمنهمَاَنصَيباَعظيمَاَ،وييسَرَاهللََعليَهَفيهمَاَ
معاَ،فإنَهذاَمنَأندرَالناسَ،وقلماَيجتمَعَيفَامَر َهَذانَالوصَفانَ،حتَىَق ال بع ض أه ل
العلم«َ:إنَمنَاجتمعَفيهَالعلمَوالعبادةَأنهَأندرَمنَالكربيمَالحمر»َلكونَالعلمَقَدَيشَغلَ
المرءَويعلمهَالرخصَفيبتعدَعنَالعبادةَ،أوَيكونَالعلَمَسَبباَلكسَبَحَظَمَنَالَدنياَ،وأمَاَ
المنشغلونَبالعبادةَفإنَكثيراَمنهمَيزهدَيفَالعلمَ،عندماَنتكلمَعَنَأهَلَاإليمَانَفهَمَالَذينَ
69
جمعواَهذينَالوصفينَ،إنَمنَنظرناَيفَطريقتهَفيهَالوصفانَلكنَأقلَ،وكلماَطالَبكَالَزمنَ
وجدتَمنَاجتمعَفيهَالوصفانَأقلَ،نعمَ،قدَتجدَصاحبَعبَادةَ،وقَدَتجَدَصَاحبَعلَمَ،
الوصفانَفاسألهَعماَيفتحَاهللَ عليهَيفَأمورَأفعالَالقلوبَ،ومَاَيجَدهَمَنَالنَسَبَاهللَ
َ،هذاَالنسَيفتحَاهللََعلىَبعضَالعبادَيفَبعضَالمواضعَ،عندماَتكونَيفَعرفةَ
تنقطعَإلىَاهللَ وتفعلَبعضَالعباداتَعلىَعلمَوبصيرةَ–َواعذرونَإنَخرجمَقلَيلَ
–َأقولَ:علىَعلمَوبصيرةَ،لنَالجاهلَعنَدماَيَأيتَيفَعرفَةَيقَومَيصَليَركعَاتَ،يقَولَمَاَ
يجوزَلنهَوقمَهنيَلنكَجمعمَالظهرَوالعصرَجمعَتقديمَ،ولَيجوزَالصَلةَبعَدَصَلةَ
العصرَعلىَأصَحَقَوليَأهَلَالعلَمَلنَالصَحيحَأنهَاَمتعلقَةَبالصَلةَلَبالوقَمَ،وبعَضَ
الناسَيسجدَفأناَأقولَ:هذاَمخرجَعلىَالخلفَ،هلَالسجودَعبادةَمسَتقلةَأمَأنهَاَصَلة؟َ
فهلَهيَصلةَأمَليسمَصلة؟َوهكذاَمنَالمسائلَ.
فالمقص ودَ:مََنَدعََاَاهللََعلََىَعلََمَوبصََيرةَ،وأتََىَبََالورادَالمشََروعةَالََواردةَ
جوامعَالكلمَ،وتفكرَيفَمعانيهاَفإنهَسيجدَيفَقلبهَأنسَاَوانشَراحاَوإقبَالَمَاَلَيجَدهَغيَرهَ،
أنفسهمَيفَالذكرَماذاَوجدوهَ،منهمَالشيخَ،فقدَحكىَعنهَتلميذهَ–َأعنيَ:بالشيخَالمؤلفَ–َ
فقدَحكىَعنهَتلميذهَأنهَيقول«َ:أنهَكانَيفَكلَغداةَوصبحَيومَيأيتَبأذكار»َويقول«َ:إنَهَذهَ
الدعيةَوالذكارَالتيَأقولهاَيفَصبحيَوعشييَهيَزاديَ،إذاَلمَأقلهَاَفَإنيَأجَدَيفَجسَديَ
ضعفاَووهنا»َوهذاَمنَأخبارَأهلَاإليمانَالذيَقصدهَالشيخَ.
70
إذنَ:أناَوقفمَمعَهذهَالكلمةَلكَيَنفهمهَاَ،لَيسَكَلَمَاَنجَدهَيفَالخبَارَعَنَالوائَلَ
صحيحَ،فإنَبعضَمَاَيوجَدَيفَالكتَبَفيمَاَعنَيَبطبقَاتَالصَوفيةَلبَيَابَنَعبَدَالَرحمنَ
السلميَ،وبعضَماَذكرهَأبوَنعيمَيفَ«حلية الولياء»َفيهَمنَأنَاسَأهَلَعبَادةَولكَنهمَليسَواَ
أهلَعلمَ،أنظرَلهلَالعلمَوالعبادةَمعاَخاصةَمنَالصَحابةَوتَابعيهمَوتَابعيَتَابعيهمَومَنَ
سارَعلىَطريقتهمَ،هؤلءَهمَالذينَأنظرَلطريقتهمَفيماَيخربونَبهَيفَهذهَالمورَ،وهَذاَهَوَ
المرادَفهذاَملحظَيجبَأنَننتبهَلهَ،طبعاَوبعضهمَيقلَوبعضهمَيزيَدَ،ذكَرتَلكَمَالجنيَدَ،
الجنيدَكانَمنَأهلَالعلمَوكانَفقيهاَعلىَمذهبَالوزاعيَويفتيَبهَ،فكثيَرَممَاَيَذكرهَمَنَ
الحوالَوالخبارَهيَعلىَطريقةَأهلَالسَنّةََتَعََالَىَ،طبعَاَالخَربَالَواردَوالنظَرَهَوَ
الستدللَبالمعانَ.
ق ال(َ:وأقَََلَذلَََكَ:أنَيَََلزمَالعبَََدَالذكَََارَالمَََأثورةَعَََنَمعلَََمَالخيَََرَوإمَََامَ
المتقينَ.)
قوله(َ:وأقلَذلك)َأيَ:وأقلَالذكرَالمندوب؛َلنَالذكرَمنهَماَهوَواجبَالذيَيكَونَيفَ
الصلةَومنهَماَهوَمندوبَ،أقلَذكرَمندوبَيفعلهَالمسلمَ،منَنقَصَعنَهَفإنَهَمكَروهَعلَىَ
طالبَالعلمَخاصةَأنَي كهَ.قال(َ:أنَيلزمَالعبدَالذكارَالمأثورةَعنَمعلمَالخير)َالذكَارَ
الََواردةَ،وقََدَجمعهََاَجماعََةَكمََاَسََيأيتَبعََدَقليََل(َ،عََنَمعلََمَالخيََرَوإمََامَالمتقََينَ
َ.كالذكارَالمؤقتةَيفَأولَالنهارَوآخره)َ.
قوله(َ:كالذكارَالمؤقتةَيفَأولَالنهارَوآخَره)َعبَرَالمصَنفََتعَالىَبَأولَالنهَارَ
وآخرهَهوَالذيَيعبرَعنهَبعضَأهلَالعلمَبأنهَطريفَالنهارَ،وأخذواَذلكَمنَق ول اللََ:
71
أولَالنهارَقبلَطلوعَالشمسَوقبلَالغروبَوهوَآخرَالنهارَ،فيكونَالصلَفيهماَ،فإنَقلَمَ
اإلمساءَ،فكيفَيكونَالمساءَيفَآخرَالنهارَ،نقولَ:إنَقاعدةَلسانَالعربَأنَكلَمَاَكَانَبعَدَ
زوالَالشمسَكيفَأمسيم؟َوقبلَزوالهاَكيفَأصبحم؟»َوماَزلناَإلَىَوقتنَاَهَذاَإذاَأردتَ
أنَتقولَلشخصَبعدَالظهرَماَتقولَلهَكيفَأصبحمَ،إنمَاَتقَولَلَهَكيَفَأمسَيم؟َمَاَزالَ
هذاَعرفناَونتوارثهَمنَلسانَالعربَيعنيَ:كبارَالسنَعندناَ،وهذاَهوَلسَانَالعَربَ،فكَلَمَاَ
كانَبعدَزوالَالشمسَأيَ:بعدَالظهرَيسمىَمساءَ،فحينئذَيكونَذكرَالمساءَداخلَفيمَاَبعَدَ
بعدَالزوالَ،فيكونَالرميَهناَيومَالعيدَبعدَالزوالَ.
َإذنَ:هذاَماَيتعلقَبقول المصنف(َ:أولَالنهارَوآخره)َوآخرَالنهارَ،وهناَمسألةَأشيرَلهاَ
إشارةَ،معلومَأنَالذكرَيكونَعندَاإلمساءَوعندَاإلصباحَ،وقدَجاءَفيَهَأحاديَثَتبلَغَعشَرةَ
أوَتزيدَقليلَ،جمعهاَالنوويََتعالىَ،ثمَإنَالشيخَعبدَالعزيزَبنَبازَ–َعليهَرحمةَاهللَ
–َانتقىَمنَأحاديثَالتيَأوردهاَالنوويَالحاديثَالصحيحةَفقطَوأخرجهاَيفَجزءَ،فجمعَ
فيهاَأحاديثَالصباحَوالمساءَدونَماَعداهاَ،وسماهاَ«تحفة الخيار»َ،هَذهَالحاديَثَفَرقَ
بينَالمساءَوالصباحَ،فماَهوَوقمَالذكرَالذيَتقالَفيهَعندَالصباحَوماَهوَالذيَيكَونَعنَدَ
المسََاء؟َفيََهَأقََوالَمتعََددةَذكرهََاَابََنَالجََزريَيفَكتابََهَوتبعََهَعلََىَذكرهََاَالشََوكانَيفَ
72
«التحفة»َكذلكَ،وابَنَعَلنَيفَشَرحهَلذكَارَالنَوويَ،فأوردهَاَإيَراداَأوَأوردَبعَضَهَذهَ
القوالَعلىَسبيلَاإليجازَ،أماَأذكارَالصباحَفقدَقيلَ:يفَابتداءَوقتهاَقولن؛َقي لَ:إنَابتَداءَ
وقتهاَيبدأَمنَطلوعَالفجرَأيَ:أذانَالفجرَالثانَ،وهوَالفجرَالصادقَ،وهَوَالَذيَعليَهَأكثَرَ
أهلَالعلمَ،وقيلَ:إنَابتداءَوقتهاَيبَدأَمَنَطلَوعَالشَمسَ،وهَوَالَذيَجَزمَبَهَابَنَالقَيمَيفَ
الوابلَ،وفهمَمنَكلمَالشيخَتقيَالدينَ،وسببَهذاَالفهمَمنَكلمَالشَيخَتقَيَالَدينَأنَيفَ
المذهبَقولَيفَابتداءَالنهارَ،هلَابتداؤهَمنَطلوعَالفجَرَأمَأنَابتَداءهَمَنَطلَوعَالشَمس؟َ
وينبنيَعلىَهذاَالختلفَأحكامَفقهيَةَمنهَاَ:الوقَوفَبعرفَةَ،وبنَاءَعلَىَذلَكَفَإنَالشَيخَ
ينتصرَيعنيَ:بالشيخَالشيخَتقيَالدينَ،فإنَالشيخَينتصرَإلىَأنَابتَداءَالنهَارَيبَدأَمَنَطلَوعَ
الشمسَ،ففهمَمنَذلكَأنَأذكارَالصباحَتبدأَمنَطلَوعَالشَمسَوفيَهَنظَر؛َلنَالش ي تق ي
الدينَيقول«َ:إنَالليلَينتهيَبطلوعَالفجرَ،والصَباحَوالنهَارَيبتَدأَبطلَوعَالشَمسَ،والفَ ةَ
التيَتكونَبينَطلَوعَالفجَرَإلَىَطلَوعَالشَمسَبَرزخَ،فهَوَحَدَبَينَالليَلَوالنهَار»َيلحَقَ
بالليلَأحياننَويلحقَبالنهارَأحياناَ،وعلىَذلكَفَإنَنسَبةَهَذاَالقَولَللشَيخَتقَيَالَدينَفيَهَ
نظرَ،والقربَأنَنقولَوهوَظاهرَالقرآنَأنَهَقبَلَطلَوعَالشَمسَ،قبَلَطلَوعَالشَمسَفَدلَ
علىَأنَنسبةَهذاَالقولَإليهَكماَفهمهَجماعةَفيهَنظرَ،والصَوابَأنَابتَداءهاَيبَدأَمَنَطلَوعَ
الفجرَ،هذاَواحدَ.
َ:بَالزوالَلمَاذا؟َ
• أماَانتهاءَأذكارَالنهارَفقيلَ:إلىَالزوالَ،وقيلَ:إلىَطلوعَالشمسَ،وقيل ّ
لنَماَبعدَالزوالَيسمىَإمساءَ،وأذكارَالمساءَقيلَ:تبدأَمَنَزوالَالشَمسَأيَ:مَنَأذانَ
الشمسَ،وعلى العمومَ:فإنَهَذهَالقَوالَاجتهاديَةَ،ولَذلكَفالَذيَيرجحَهَالشَيخَعبَدَ
العزيزَبنَبازَ–َعليهَرحمةَاهللَ–َأنَكلَهذاَجائزَ،وأنمَادعَبماَشئمَ،ولكَنَمَاَأمكنَكَ
أنَتقفَعندَاآليةَأنَتسبحَاهللَ قبلَطلوعَالشمسَوقبلَغروبَالشمسَفإنهَأولىَ،
وهذهَالقبليةَلَحدَلهاَمنَبَدءَاإلمسَاءَوهَوَغَروبَالشَمسَ،وهَوَزوالَالشَمسَومَنَ
حينَطلوعَالشمسَ.
َ
قال(َ:وعندَأخذَالمضجع)َ.
ت)َ.
قال(َ:وعندَالستيقاظَمنَالمنامَ،وأَدبارَالصلوا َ
المرادَبأدبارَالصلواتَنوعانَ:قبلَالسلمَوبعدهَ،أماَقبلَالسلمَفقدَجَاءَفيَهَالح ديثَ:
ّ
دعاءَالطلبَ–َأنظرَمعيَنتكلمَعنَدعاءَالطلبَوليسَالذكرَ–َأنَدعاءَالطلبَلَيشَرعَدبَرَ
صلواتَالفريضةَمباشرة؛َلنَالمشروعَدبرَصلواتَالفريضةَالنشغالَبماَوردَ،بمَاَثبَمَيفَ
الذكرَالواردَلهَأنَيدعوَدعاءَطلبَوإنَشاءَرفَعَيَدهَ،وهَلَالفضَلَالَدعاءَقبَلَالسَلمَأمَ
74
بعده؟َمعَالحكمَبأفضليةَالذكرَدبرَالصلواتَ،نقولَ:الفضلَأنَيكونَقبلَالسلمَبشرطَأنَ
يكونَمنَجوامعَالكلمَ،يحرصَعلىَأنَيكونَمنَجوامعَالكلمَ،يكونَليسَفيهَمَلذَالَدنياَ
قدرَالمستطاعَ.
قال (َ:والذكارَالمقيدة؛َمثلَ:ماَيقالَعندَالكلَ،والشربَ،واللباسَ،والجمَاعَ،
ودخولَالمنزلَوالمسجدَوالخلءَ،والخروجَمنَذلكَ،وعندَالمطرَوالرعدَإلىَغيرَذلكَ.
هذهَكتبَكثيرةَجداَألفمَفيهَ،منَأولَمنَكتبَيفَذلكَاإلمامَأبوَعبَدَالَرحمنَالنسَائيَ
المتوىفَسنةَثلثَمئةَوثلثةَ،صاحبَ«كتاب السنن»َفإنهَعقدَكتابةَيفَالسننَالكَربىَوأفَردَ
السننَالصغرىَعنهَالمسمىَبالمجتبىَوهوَابنَالسنيَالمتويفَبعَدهَأوَالمتَوفىَبعَدهَبسَتينَ
سنةَفقدَتويفَابنَالسَنيَسَنةَثَلثَمئَةَوأربعَةَوسَتّينَأوَواحَدَوسَتينَسَنةَ،بعَدهَبواحَدَ
وقدَطبعَقديماَيفَالهندَ،وأعيدَطبعهَطبعاتَكثيرةَ،وقدَنصَجماعةَمنَأهَلَالعلَمَعلَىَأنَ
أجلَكتابَيفَعمَلَاليَومَوالليلَةَهَوَكتَابَابَنَالسَنيَ–َعليَهَرحمَةَاهللََ،-وألَفَبعَدهمَ
جماعةَمنهمَأبوَنعيمَلكنهَغيرَموجودَوالمنذريَوغيرهمَ.
قال(َ:ثمَملزمةَالذكرَمطلقاَ،وأفضله(َ:لَإلهَإلَاهلل))َ.
قول ه(َ:ثَمَملزمََةَالََذكرَمطلقَا)َأيَ:ثََمَبعََدَأقََلَالكمََالَ،أقََلَالكمََالَملزمََةَالََذكرَ
المقيدَ،ثمََبعدَذلَكَوهَوَالكمَالَأنَيَلزمَالَذكرَمطلقَاَأيَ:يفَكَلَأحوالَهَ،وعنَدماَنقَولَ
75
مطلقاَحتىَيفَالنومَيكونَذاكراَ،فإنَقلمَكيفَيكونَذلك؟َنقولَ:إنَمنَنامَوهوَعلَىَذكَرَ
أصبحَذاكرا؛َلنهَيكتبَلهَأجرَماَختمَعليهَهنارهَ،وقدَجاءَيفَذلكَبعضَالخبارَ.
ث م ق ال(َ:وأفضََله(َ:لَإل َهَإلَاهلل)َ).أيَ:وأفضََلَالََذكرَهََوَ:لَإلََهَإلَاهللَعلََىَسََبيلَ
أنَالنبيََقال«َ:لَإلهَإلَاهللَأفضلَالحسنات»َ.
قال (َ:وقدَتعرضَأحوالَيكونَبقيةَالَذكرَمثَل(َ:سَبحانَاهللَ،والحمَدَهللَ،واهللَ
أكربَ،ولَحولَولَقوةَإلَباهلل)َأفضلَمنه)َ.
هذهَالكلماتَالربعةَالتيَذكرهاَالمصنفَهيَمنَالباقياتَالصالحاتَ،وقدَذكَرََ
الكلماتَالربعَأوَالخمس"َ:لَإلهَإلَاهلل"َو"سَبحانَاهلل"َو"الحمَدَهلل"َو"اهللَأكَرب"َو"لَ
حولَولَقوةَإلَباهلل"َ،كذاَجاءَتعدادهاَخمساَيفَحديثَأبَيَسَعيدَ،وجَاءَيفَحَديثَغيَرهَ
أنهاَأربعَ،وعلىَالعمومَفإنَذكرَالربعَهوَمَنَبَابَذكَرَبعَضَصَورَالعَامَ،لَيسَمَنَبَابَ
التخصيصَعليهاَ،وهذهَالكلماتَالخمسَعموماَالربعَةَالتَيَذكرهَاَالمصَنفَوقبلهَاَ"لَ
إلهَإلَاهلل"َهيَأفضلَكلمَيتكلمَبهَالعبدَبعَدَالقَرآنَ،أفضَلَكَلمَتَتكلمَبَهَهَذهَالباقيَاتَ
الحديثَعندَالنسائيَمنَحديثَأبيَسعيدَ،وهيَ﴿وخير مردا﴾َأيَ:يفَعاقبةَأمَركَيفَالَدنياَ
خير لكما من خادم تسبحان الل ثلث ا وثلث ين وتحم دان الل ثلث ا وثلث ين وتكب ران الل أربع ا
وثلثين»َفالباقياتَالصالحاتَخيرَمَرداَيفَالَدنياَوخيَرَمَرداَيفَاآلخَرةَ،لكَنَأحيانَاَتكَونَ
سبحانَاهللَأفضلَمنَلَإلهَإلَاهللَمثلَ:السجودَوالركوعَ،فإنَالسَجودَوالركَوعَسَبحانَاهللَ
أفضلَ،الحمدَهللَتكونَأفضلَيفَقَراءةَالفاتحَةَ،وتكَونَأفضَلَعنَدَافتتَاحَالكَلمَ،فتفتَتحَ
حديثكَوخطبتكَبحمدَاهلل"َ،لَحولَولَقوةَإلَبَاهلل"َعنَدَالسَتعانةَ،مث لَ:عنَدماَتسَمعَ
"حيَعلىَالصلة"َالحوقلةَعندَسماعكَلهماَفإنكَتقولَ:لَحولَولَقوةَإلَباهللَ.
قال (َ:ثمَيعلمَأنَكلَماَتكلمَبهَاللسَانَوتصَورهَالقلَبَممَاَيقَربَإلَىَاهللَمَنَ
تعلمَعلمَ،وتعليمهَ،وأمرَبمعروفَ،ونهيَعنَمنكرَ:فهوَمنَذكَرَاهلل)َ.
هنا عندنا مسأتلان ُّ
نمر عليهما برسعة،
الولى قوله(َ:ثمَيعلمَأنَكلَماَتكلمَبهَاللسانَوتصَوره)َانتبَهَهنَاَلق ول المص نفَ:
(وتصَوره)َالعلمَاءََتعَالىَيقول ون«َ:إنَذكَرَاهللََنوعَانَ:ذكَرَباللسَانَوذكََرَ
بالقلب»َفأمَاَذكرَاللسانَفهوَ:التلفظَوأقلَالتل ّفظَعلىَقولَبعضَأهلَالعلمَأنَيسمعَنفسهَ،
وقال بعضهمَوهوَالقرب«َ:أنَيحركَلسانهَوشفتيه»َ.
المر ال ّثاينَ:ذكرَالقلبَ،والمرادَبَذكرَالقلَبَهَوَالتصَورَللمعَانَإذَلَيوجَدَكَلمَ
نفسيَ،ماَيفَشيءَعندناَكلمَنفسيَ،وإنماَهوَأنَتتصورَمعنىَلَإلهَإلَاهللَ،ماَمعنىَسَبحانَ
77
الذكرَماَواطأَفيهَذكرَاللسانَذكرَالقلبَ،فإذاَاجتمعَالمرءَهذانَالَذكرانَفهَوَأكمَلَالَذكرَ،
هذاَواحدَ.
املسألة اثلانيةَ:بينَالمصنفَيفَهذهَالجملةَماَذكرتَهَقبَلَأنَكَلَالعمَالَالصَالحةَ
هيَمنَذكرَاهللَ،فقال(َ:منَاشتغلَبطلبَالعلمَأوَجلسَمجلساَيتفقهَأوَيفقهَفيهَالفقهَالَذيَ
سماهَاهللَورسولهَ(فقها)َ:فهذاَأيضاَمنَأفضلَذكرَاهلل)َ.
قال (َ:ولهذاَمنَاشتغلَبَطلبَالعلمَالنَافعَبعَدَأداءَالفَرائضَ،أوَجلَسَمجلسَاَ
يتفقهَأوَيفقهَفيهَالفقهَالذيَسماهَاهللَورسولهَ(فقها)َ:فهذاَأيضاَمنَأفضلَذكرَاهللَ.
وعل َىَذل َك؛َإذاَت َدبرتَل َمَتج َدَب َينَالولََينَف َيَكَلم َاتهمَف َيَأفض َلَالعمََالَكبيََرَ
اختلفَ)َ.
وذلكَلنَالعمالَالتيَذكرتَبينهاَتداخلَواش اكَيفَالَذكرَبالخصَوصَ،ومَنَمَنهجَ
الشيخَتقيَالدينَدائمنَهوَأنهَيجعلَالختلفَدائمَاَاخَتلفَتنَوعَولَيسَاخَتلفَتضَادَ،
ويحرصَدائماَعلىَجمعَأقوالَالسلفَالمتقدمينَفيجعلهَقولَواحَداَ،فمَنَاخَتلفَتنَوعَ
أيَ:باختلفَالحوالَوهكذاَ.
قال(َ:وماَاشتبهَأمرهَعلَىَالعبَدَفعليَهَبالسَتخارةَالمشَروعة؛َفمَاَنَدمَمَنَاسَتخارَاهللَ
تعالى)َ.
هناَذكرَالمصنفَصورةَمنَصورَالدعاءَوهوَالستخارةَ،إذَالسَتخارةَمَنَالَدعاءَ،قَدَ
78
لَيكونَدعاءَطلبَلشَيءَوإنمَاَطلَبَخيَارةَ،وقول ه(َ:المشَروعة)َأيَ:الَواردةَعَنَالنبَيَ
«َ:ك ان يعلمه م الس تخارة كم ا يعلمه م الس ورة م ن الق رآن»َوفيََهَأنَيق ولَ:
«اللهمَإنيَأستخيركَبعلمكَوأستقدركَبقدرتكَوأسألكَمنَفضلكَالعظيمَفإنكَتعَلَمَولَ
أعلمَوتقدرَوأناَلَأقدرَوأنمَعلمَالغيوبَاللهمَإنَكنمَتعلمَأنَهذاَالمرَويسميَحاجتَهَ
خيرَليَفيَدينيَومعاشَيَوعاقبَةَأمَريَأوَقَالَعاجلَهَوآجلَهَ»َهنَاَيفَقولَه«َ:أوَقَال»َذك ر
يجوزَلكَأنَتقولَالكلمةَالولَىَويجَوزَلَكَأنَتقَولَالكلمَةَالثانيَةَ،والفضَلَألَتجمَعَ
بينهمََاَ،لنَالصََلَأنَالدعيََةَالمقيََدةَبزمََانَأوَبمكََانَأوَبعََددَأوَبفضََلَالصََلَفيهََاَ
«وآمنت برسولك الذي أرسلت»َقال النبي «َ:ل قل آمنت بنبيك الذي أرسلت»َ
فدلناَعلىَالتوقيفَ.
قال(َ:فماَندمَمنَاستخارَاهللَتعالى)َ.
قوله(َ:فماَندمَمنَاستخارَاهللَتعالى)َهذاَوردَفيهَخَربَعَنَأنَسَ رواهَالطَربانَ
يفَمعجميهَ«الصاير»َو«الوسط»َ.
يستخيرَ،يحرصَالمرءَعلىَأنَيستخيرَيفَكلَشيءَحتىَيفَأمَورَالَدنياَ،تريَدَأنَتَذهبَمَعَ
طريقَترددتَعلىَطريقينَاستخرَاهللَوأنمَيفَالسَيارةَ،وقَدَجَاءَيفَلفَظَعنَدَالترمَذيَمَنَ
79
ليَ،اللهمَخرَليَإلىَيمينَأوَيسارَ،استخرَماَالذيَيضَرك؟َهَوَعبَادةَتتعبَدَاهللََ اَ،
هذاَواحدَ.
َالمر الثاينَ:يفَقوله(َ:وليكثرَمنَذلك)َيشملَالمرَالواحَدَأكثَرَمَنَالسَتخارةَفيَهَ
مرتينَوعاشَرَوعشَرينَ،لنَهَدعَاءَواهللََيحَبَالملَحَيفَالَدعاءَولربمَاَلَمَيسَتجبَ
دعاؤكَفيكتبَلكَالخيرةَإلَبعدَالدعاءَالثالثَأوَالعاشرَاهللَأعلمَبهَ.
• الثاينَ:تعلقَالقلبَباهللَ وانقطاعهَعنَأسبابَالدنيا.
• الثال ثَ:أنَكَتَدعوَاهللََأنَييسَرَلَكَويكتَبَلَكَمَاَاختَارهَسَبحانهَ،فَإذاَأجيََبَ
دعاؤكَفإنَاهللَسَيكتبَلَكَالخيَرةَ،ارتَاحَقلبَكَأوَلَمَيَرتحَ،أقبلَمَعليَهَأوَلَمَتقبَلَ،
ومنشرحَلهَصدرهَ.
قال(َ:ومنَالدعاء؛َفإنهَمفتاحَكلَخيرَ،ولَيعجلَفيقول(َ:دعوتَفلمَيستجبَلي))ََ.
(وليتحرَالوقاتَالفاضَلة؛َكَآخرَالليَلَ،وأدبَارَالصَلواتَ،وعنَدَالذانَ،ووقَمَنَزولَ
المطرَ،ونحوَذلك)َ.
80
هذهَبعضَالوقاتَالفاضلةَووردَغيرهاَكالسَفرَوالصَومَوغيَرهَ،وعنَدناَهنَاَيفَمسَائلَ
آخرَالليلَواضحَوهوَالثلثَالخيرَمنَالليلَ،وعبرَالمصَنفَبََ"الليَل"َعلَىَالنَزاعَمنتهَىَ
الليلَ.
ت)َمَرَمعنَاَأنَالمصَنفَيَرىَأنَدبَرَالصَلواتَالَذيَيسَتجابَموضَعَ
(وأدبارَالصلوا َ
استجابةَالدعاءَماَكانَقبلَالسلمَفتدعوَقبلَالسلمَ،ومنَأهلَالعلمَمنَيرىَأنَهَيكَونَدبَرَ
الصلواتَأيَ:بعدَالسلمَلكنَبشرطَأنَالفريضةَلَتدعوَمباشرةَبعدهاَوإنماَتَذكرَالذكَارَ
الواردةَعنَالنبيََيفَحديثَثوبانَوعبدَالرحمنَبنَعوفَوعائشةَوغيرهَاَمَنَ
الحاديثَثمَبعدَذلكَتدعوَ.
وقمَالذانَوبعدهَ،يشملَالمرينَ:وقمَالذانَوبعدهَ،وقَدَجَاءَيفَذلَكَبعَضَالحاديَثَ
التيَتدلَعلىَأنهَعندَالذانَمذكورةَيفَأماكنَيفَمحلهَ،ومثلهَ:وقمَنزولَالمطرَإلىَآخرهَ.
قال(َ:وأماَأرجحَالمكاسب)َ.
هذاَهوَالسَؤالَالثالَثَ،وهَوَمَاَهَوَأرجَحَالمكاسَب؟َومَرادهَبَأرجحَالمكاسَبَأيَ:
لمباحَ،وقيلَ:غيرَذلكَ.
81
قال(َ:وأماَأرجحَالمكاسبَ:فالتوكلَعلىَاهللَ،والثقةَبكفايتهَ،وحسنَالظنَبه)َ.
هناَالتفاتَمنَالمصنفَأوَالمؤلفََ تعالىَإلىَأنَالمكسبَالطيبَلَيسَباعتبَارَ
صفةَالكسبَ،وإنماَفعلَالقلبَ،فيجبَأنَتعتنيَبقلبكَبثلثةَأمورَ،وكنَمَأنَويَأنَأفصَلَ
يفَهذهَالمورَالثلثةَلكَنَضَاقَالوقَمَ،وه يَ:التوكَلَ،والثقَةَبكفايتَهَ،وحسَنَالظَنَبَهَ،
وهذهَالمورَالثلثةَبينهاَتلزمَ،والمَرَبالتوكَلَعلَىَاهللَكثيَرَ،ومَرَمعنَاَبعَضَاآليَةَ،وأمَاَ
وثقَأنَاهللََسيكفيهَكلماَهمهَوكلماَأرادهَمنَعدوَومنَجوعَومنَغيرهَفهذهَهيَالثقَةَ
بكفايَةَاهللََ،وأمَاَحسَنَالظَنَبَهَوهَوَالمَرَالثالََثَالَذيَأوردهَالمصَنفَفهَوَنعمََةَ
شيئا خيرا من حسن الظن بالل»َ،ثم قال«َ:والذي ل إله غي ره ل يحس ن عب د الظ ن ب الل
باهللَإلَأعطاهَاهللَظنهَهذهَالثقةَبكفايةَاهللَ.
قال (َ:وذلكَأنَهَينبغيَللمهتمَبأمرَالرزقَأنَيلجأَفيهَإلىَاهللَويدعوه؛َكماَقَالَ–َ
وفيمََاَرواهَالترمََذيَعََنَأنََسََقََالَ:قََالَرسََولَاهللَ«َ:ليس أل
أحدكم ربه حاجته كلها ،حتى شسع نعله إذا انقطع؛ فإنه إن لم ييسره لم يتيسر»)َ.
هذاَالكلمَالذيَذكرهَالمصنفَكلمَكلهَنور؛َلنهَكلمَرسولَاهللََ،وهَذاَ
82
تكرارَلماَأوردهَالمصنفَيفَأولَكلمَهَالعظَةَبكَلمَاهللَوكَلمَرسَولهَ،تزويَقَالكَلمَتبَعَ
وليسَأصلَ،إذاَأوعظمَأحداَفذكرهمَبكلمَاهللَوكلمَرسولهَ،احرصَعلىَهذاَالمرَ،كَلَ
ويدعوه)َلنَدعاءكَبأنَيرزقكَاهللَالرزقَالحسنَعبادةَ،ويرجىَإجابتهاَ،وكماَجاءَيفَالثَرَ
«فرقَبينَسؤالَالرزقَوبَينَسَؤالَمَلذَالَدنيا»َ،وفَرقَبَينَالمَرينَ،وقَدَمنَعَأهَلَالعلَمَ
كراهةَأوَمنعاَكلياَمنَسؤالَملذَالدنياَيفَالصلةَوأجَازواَسَؤالَالَرزقَ،فَالرزقَأنَتقَولَ:
اللهمَارزقنيَبيتاَأيَ:سكناَوزوجةَوولداَفهذاَرزقَ،وأمَاَملذَالدنياَفلَتقولَ:اللهمَارزقنيَ
دابةَهملجةَأيَشيءَمثلَ:أنَتقولَاآلنَ:اللهمَارزقنيَسيارةَفارهَةَفخمَةَماتعَةَ،ومثلَهَأنَ
تذكرَأوصافاَمعينةَيفَزوجةَترتغبهاَمنَأمورَالدنياَ،ولكنَوكلَالمرَهللَ،اسَتخرَ،واسَألَاهللَ
أنَيختََارَلََكَالصََلحَ،واسََألَاهللََبصََفاتَالكمََالَ،وصََفاتَالكمََالَيفَ
ت)َ.
[الجمعة]١٠:؛َوهذاَوإنَكانَفيَالجمعةَ،فمعناهَقائمَفيَجميعَالصلوا َ
• الشيخَتقيَالدينَعندهَمبدأَأنَكلَالحكامَموجودةَيفَالقرآنَ،ودائماَيقَررَهَذاَالصَلَ،
ولذلكَإذاَأوردَحكماَيفَالسنةَفإنهَيوردَأنَهذاَالحكمَأوَغيرَذلكَمنَالَدلئلَاللغويَةَ،
ولذلكَتجدَهذاَيفَأسلوبهَولغتهَكثيرَ،هذاَالمرَالول.
• المر الثاينَ:هذاَاستدللَاستدلَبهَالشيخَقالَ:إنَطلبَالرزقَموجودَيفَكتَابَاهللَاآليَةَ
[النحلَ]٧١:فمنَأنَتسَألَاهللَ رزقَاَيفَالمَالَ،يفَالولَدَ،يفَالصَحةَ،يفَالعلَمَ،يفَ
غيرَذلكَمنَالمور.
ت)َهذهَالقاعدةَ
قال(َ:وهذاَوإنَكانَفيَالجمعة)َأيَ:السياقَ(فمعناهَقائمَفيَجميعَالصلوا َ
لتقدمَذكرَالمعهود﴿َ،يا أيها الذين آمنوا إذا ن ودي للص لة م ن ي وم الجمع ة﴾ [الجمع ةَ،]٩:
ومعلومَأنَالعهَدَإذاَجَاءَبعَدَذكَرهَقبَلَفتكَونَ"ال"َعهديَةَ،ويحتمَلَأنَتكَونَالجنسَيةَ،
فيشملَكلَصلةَ،والمعنيانَصحيحانَ،وهذاَالذيَأرادهَالشيخَفيقول(َ:وهَذاَوإنَكَانَفَيَ
ت)َوعلىَذلكَفالمعنىَالثانَإذاَقضيمَكلَصلةَمنَ
الجمعةَ،فمعناهَقائمَفيَجميعَالصلوا َ
صلواتناَفانتشرواَيفَالرضَوهوَ:بذلَالسَببَوابتغَواَمَنَفضَلَاهللَالَذيَأمَركمَاهللََ
84
يكونَبعدَالخروجَمنَالصلةَ.
قال (َ:ولهَذاَ–َواهللَأعلَمَ-؛َأمَرَالنبَيََالَذيَيَدخلَالمسَجدَأنَ
فضلك»)َ.
نعمَهوَكذلكَ.
ق ال (َ:وقََََََدَقََََََالَالخليََََََلََ:ﱡﭐﱪﱫﱬﱭ ﱮ
ﱯﱰﱠَالعنكبوت.]17[َ :
َ،وهذاَأمرَ،والمرَيقتضيَاإليجابَ.
فالستعانةَباهللَواللجأَإليهَ–َفيَأمرَالرزقَوغيرهَ–َأصلَعظيمَ)َ.
هذاَملحظَجميلَمنَالشيخَأنهَذكرَقولَإبراهيمَلماَفيهَمنَشَبهَأوَلمَاَيفَمعَاذَ
منَشبهَبهَمنَحيثَالقتداءَوتعليمَالناسَالخيرَوقدَأمرَالخليلَالمسَلمينَوالحنيفيَينَبَأنَ
يبتغواَعندَاهللَالرزقَوأنَيعبدوهَويشكرواَلهَ،وهذاَيقتضيَاإليجَابَ،فَاهللََهَوَالَذيَ
يبتغيَعندهَالرزقَ،ويكونَذلكَبتعلقَالقلبَوالدعاءَ.
قال (َ:ثمََينبغيَلهَأنَيأخذَالمالَبسخاوةَنفسَليباركَلهَفيهَ،ولَيأخذهَبإشَرافَ
وهلع؛َبلَيكونَالمالَعندهَبمنزلةَالخَلءَالَذيَيحتَاجَإليَهَمَنَغيَرَأنَيكَونَلَهَيفَالقلَبَ
مكانةَ،والسعيَفيهَإذاَسعىَكإصلحَالخلء)َ.
85
المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بور ل ه في ه»َ،وق ول النب يََ:
فحينئذَيكونَاآلخذَقدَأخذَهَذاَالمَالَمَنَغيَرَإلحَاحَولَطلَبَولَشَرهَيفَتحصَيلهَ،
وهذاَمعنىَسخاوةَنفسَالمتحصلَعلىَالمال.
باذلَالمالَقَدَأعطَاهَبانشَراحَنفَسَمنَهَ،لَيسَبَإكراهَولَبإلحَاحَ،فهَوَيعَودَبطريقَةَأوَ
بأخرىَلنوعَالطلبَالذيَتحصلَبهَمحصلَالمالَ.
بكثرتهَ،فإنَاهللََ قدَذكرَيفَكتابهَأنهَيمدَللكافرينَمداَأيَ:يكثَرَأمَوالهمَ،ليسَمَبركَةَ
المالَبكثرتهَ،وإنماَبركةَالمالَبأمورَخمسَمنهاَذكرهاَالعلماءَ،أنهَيسَتخدمَالمَالَيفَطاعَةَ
اهللَ،ولَيستخدمهَيفَحرامَ،منَاستخدمَمالهَيفَحرامَفليعلمَأنَبركَةَالمَالَفيَهَقليلَةَ،الثَانَ
أنَالمرادَبربكةَالمالَبركتهَبحيثَ:أنَيكونَقليلهَكافياَ،فلَيحتاجَلسؤالَالناسَ،ولَيحتاجَ
إلىَطلبهمَ،ويستغنيَبماَرزقهَاهللَعماَيفَأيديَالناسَ،كافياَلطعامَهَ،كافيَاَلَيملَقلبَهَويمَلَ
86
قلبَأهلهَ،بعضَالناسَعنَدهَمَالَلكَنَأهلَهَلَيكفَيهمَهَذاَالمَالَيريَدونَأكثَرَ،لَيعلمَأنَ
العيبَفيهَهوَوليسَيفَأهلهَ،فليراجعَنفسهَيفَمالهَ،وهكذاَأمورَأخَرىَمَذكورةَيفَغيَرَهَذاَ
المكانَ،هذاَماَيتعلقَبقوله(َ:ليباركَلهَفيه)َ.
َقال(َ:ولَيأخذهَبإشرافَوهلعَ)َاإلشَرافَهَوَتطلَعَالَنفسَ،وتعرضَهَلَهَ،وهلَعَ:شَرهَ
لتحصلَالمالَ.
قال(َ:بلَيكونَالمالَعنده)َهذاَمنَكلمَالشيخَ(بمنزلةَالخلء)َلبدَمنَتحصَيلَالمَالَ
كماَقال بعضهم«َ:نعمَالمالَالذيَيستغنيَبهَعنَأنذالَالنَاس»َإنَمَنَأشَدَمَاَيقَعَيفَنفَسَ
المرءَأنَيحتاجَلمالَبيدَغيرهَفيسألهَقرضاَأوَصدقةَأوَإحساناَ،ولذلكَنعمَالمالَبيَدَالعبَدَ
الرجلَالصالح»َالمكاثرةَ،لَواهللَليسَهذاَالمَرادَ،وإنمَاَالمَرادَمَاَيسَتغنيَبَهَعَنَالنَاسَ،
وليسَالمرادَماَيكاثرَبهَويزيدَ.
َقال(َ:يكونَالمالَعندهَبمنزلةَالخلءَالَذيَيحتَاجَإليَهَمَنَغيَرَأنَيكَونَلَهَيفَالقلَبَ
واديانَمنَذهبَلبتغىَلهماَثالثاَ،هذاَالذيَيصلَإلىَماَذكرهَالشيخَنقلَعنَالسَلفَ،هَذهَ
مرحلةَعاليةَ،هذهَمرحلةَينالهاَالمرءَبالمجاهدةَ،ليسَتحضرَدرسَثمَتخرجَفتكَونَكَذلكَ
لَ،هذاَتأثرَوقتَيَ،مَنَلزمَمحبَوبَاهللَ مَنَالطاعَاتَ،مَنَلزمَذكَرَاهللَمَنَكلمَهَ
والثناءَعليهَودعاءهَ،هذاَالذيَينعمَاهللَ،اهللَهَوَالمَنعمَعليَكَ،اهللَهَوَالمتفضَلَعليَكَبَأنَ
87
يجعلَحبَالمالَيفَقلبكَخارجكَ،حضرَالمالَذهَبَ،ربحَمَتجارتَكَخسَرتَ،تعلقَكَ
باهللَهذهَنعمةَ،إنماَتحتاجَمنَالمالَالبلغةَ،نحَنَنَتكلمَعَنَأقَوامَأنَاَأولَمَنَأتحَدثَعَنَ
نفسيَلسمَأقار مَفلَأهتمَغيريَوأناَبريءَوأنَاَواقَعَيفَالشَيءَ،ولكَنَاإلنسَانَيجَبَأنَ
يكونَعالماَأنَأولئكَالقومَإنماَسبقواَكوهنمَمفردينَفانفردَحَبَاهللَيفَقلَو مَلَهَسَبحانهَ،
بذكرهمَومتابعتهمَالنبيََيفَالطاعاتَفأدىَذلكَبخلوصَأفعالَقلو مَللجبارَ
َ،هذاَأفعالَالقلوبَالذيَتكلممَعنهاَقبلَقليلَ.
قال(َ:والسعيَفيهَإذاَسعىَكإصلحَالخلء)َواضحَهذا.
همه؛ شتت الل عليه شمله ،وفرُ عليه ضيعته ،ولم يأته من الدنيا إل ما كتب ل ه ،وم ن أص بح
واآلخرة أكبر همه؛ جمع الل عليه شمله ،وجعل غناه في قلبه ،وأتته الدنيا وهي راغمة».
وقالَبعضَالسلف«َ:أنمَمحتاجَإلىَالدنياَ،وأنمَإلىَنصَيبكَمَنَاآلخَرةَأحَوج؛َفَإنَ
بدأتَبنصيبكَمنَاآلخرةَمرَعلىَنصيبكَمنَالدنياَفانتظمهَانتظاما».
اهللَأكربَهذهَاآليةَفيهَاَأنَالصَلَعبَادةَاهللَ وأنَاهللَمسَتغنيَعَنَالعبَادَ،استشَعرَ
هذاَالمَرَ،وأنَاهللَهَوَالَرزاقَذوَالقَوةَالمتَينَهَذهَدللَةَتسَمىَدللَةَالسَياقَوالقَ انَ،
دللتانَبينهماَتقاربَدللةَالسياقَوالق انَ،فدلَذلَكَأنَكمَالَالعبَادةَأنَتعلَمَأنَالَرزقَ
منَاهللََ.
88
قال (َ:فأماَتعيينَمكسبَعلىَمكسبَ،منَصناعةَ،أوَتجارةَ،أوَبنايةَ،أوَحراثَةَ،
أوَغيرَذلكَ:فهذاَيختلفَباختلفَالناسَ،ولَأعلمَيفَذلكَشيئاَعاما).
قول(َ:ولَأعلم)َأيَ:لَأجزمَوإلَفالخلفَمشهورَ،وقدَنقلهَيفَغيرَهذاَالمكان.
قال (َ:لكنَإذاَعنَللنسانَجهةَفليستخرَاهللَ–َتعالىَ–َفيهاَالسَتخارةَالمتلقَاةَ
عنَمعلمَالخيرََ؛َفإنَفيهاَمنَالبركةَماَلَيحاطَبه.
َ
ثمَماَتيسرَلهَفلَيتكلفَغيرهَ،إلَأنَيكونَمنهَكراهةَشرعيةَ)َ.
معَقول المصنف(َ:فَإنَفيهَا)َيفَالسَتخارةَ(مَنَالبركَةَمَاَلَيحَاطَبَه)َلَشَكَلنَكَ
تدعوَفتقولَ:إنَكنمَتعلمَأنَهذاَالمرَخيرَليَيفَدينيَومعاشيَفاكتبهَلَيَ–َهَذاَالتقَديرَ–َ
ويسرهَليَ–َفيصبحَيسيراَ–َوباركَليَفيهَ،انظرَ:وباركَليَفيهَ،فَإذاَبَاركَاهللََ لَكَيفَ
الخيرَفهذهَماَلَيحيطَبهَالبشرَ،فالربكةَمنَاهللَولَيعلمَكمالهاَإلَهوَسبحانهَ،إلَأنَيكَونَ
الحجامَقال«َ:أعلف ناضحك»َأيَ:لَتأكلَمنهاَشيئاَوإنماَأعطهاَالغلمَأوَالناقةَالتيَتأتيكَ
بالماءَ،فدلَذلكَعلىَأنَأجرةَالحجامَليسمَفاضلةَففيهاَكراهةَ،ليسمَكراهةَتحريمَوإنمَاَ
كراهةَدونَذلكَ،ومثلهَكثيرَمنَالعمالَوخاصةَماَيكونَيفَذلَكَالكسَبَوسَيلةَمَنَبَابَ
89
الوسائلَالمفضيةَلمرَمحرمَ.
قال(َ:وأماَماَتعتمدَعليهَمنَالكتبَيفَالعلوم)َ.
هذاَالسؤالَالرابعَوالخيرَوهوَ:الكتبَالتيَيعتمدَعليهاَيفَالعلومَعموماَوكتَابَواحَدَ
يفَالحديثَ.
وهوَ–َأيضاَ–َيختلفَباختلفَنشءَاإلنسانَيفَالبلد؛َفقدَيتيسرَلهَيفَبعضَالَبلدَمَنَ
العلمَأوَمنَطريقهَومذهبهَفيهَماَلَيتيسرَلهَيفَبلدَآخر)َ.
هذهَكلمةَجميلةَمنَالشيخََتعالىَأذكرَتعليقاَيسيراَعليهَاَيق ولَ:إنَكتَبَالعلَمَ
بََابَواسََعَلَيمكََنَاإلحاطََةَبََهَولَيمكََنَأنَأعطيََكَكتابََنَيغنيََكَعََنَجميََعَالكتََبَيفَ
العلومَ،وهذاَالسؤالَدائمنَيكررهَطلبَةَالعلَمَمَاَهَوَالكتَابَيفَالفقَهَالَذيَأسَتغنيَبَه؟َلَ
البلد)َوسببَالَنشءَيفَالَبلدَقَدَيتَوفرَيفَبعَضَالَبلدَكتَبَليسَمَمتَوفرةَيفَبَلدَآخَرَ،
إضافةَإلىَأنَالبلدانَتختلفَيفَالمعتمدَعندهمَيفَاإلقراءَوالتدريسَ،وهذاَملحظَينبَهَعليَهَ
أهلَالعلمَسماعاَوكتابَةَ،سَماعاَيفَمَاَيتلقَاهَالمَرءَمَنَأشَياخهَ،وكتابتَهَفيمَاَموجَودَعنَدَ
العلماءَالوائلَأنَاإلنسانَلَيغربَعنَأهلَبلدهَيفَالتعلمَ،فماَيقرؤهَأهلَبلدهَيمشَيَعليَهَ
ولَيغربَعليهَ،نعمَيتوسعَلكنَلَيغربَيفَابتدائهَلكيَلَيصعبَعليهَالعلمَ.
َقال(َ:أوَمنَطريقهَومذهبهَفيه)َوهذهَالمسألةَمشَهورةَيفَقضَيةَالتَيَأشَرتَإليهَاَقبَلَ
قليلَ.
90
عنَالنبيَ؛َفإنهَهوَالذيَيستحقَأنَيسمىَ(علما)َ.
وماَسواهَ:
-إماَأنَيكونَعلما؛َفلَيكونَنافعاَ.
-وَإماَأنَلَيكونَعلماَوإنَسميَبهَ.
َ
َ
ولئنَكانَعلماَنافعاَفلَبدَأنَيكونَفيَميراثَمحمدََماَيغنيَعنهَممَاَهَوَ
مثلهَوخيرَمنه)َ.
واضحَهذاَالكلمَ.
فإذاَاطمأنَقلبهَأنَهذاَهوَمرادَالرسولَفلَيعَدلَعنَهَفيمَاَبينَهَوبَينَاهللَ–َتعَالىَ–َولَ
معَالناسَإذاَأمكنهَذلك)َ.
فالمقاصدَهناَالمرادَ اَالمعَانَالتَيَقصَدهاَالنبَيََيفَألفاظَهَ،وهَذهَالمعَانَ
مكشوفةَومعروفةَبينهاَأهَلَالعلَمَوقسَموهاَأنواعَاَفَإنَهنَاكَمقاصَدَعامَةَومقاصَدَكليَةَ
ومقاصدَجزئيةَ،وأنواعهاَمختلفةَوتختلفَباختلفَالبابَالذيَهوَفيهَفهيَثلثةَأنَواعَمَنَ
91
الخبارَبالمغيباتَ،ويشملَأيضنَاإلخبارَالسابقَواللحقَونحوَذلكََ.
َإماَأنَيكونَمجتهداَكاملَاآللة؛َفإنَالمجتهدَكاملَاآللةَإنماَي جحَلهَبعَدَاطمئنَانَ
قلبهَ،وهذاَواضحَولَشكَفيهَ.
َوأماَغيرَالمجتهدَوهوَالذيَيستفتيَغيرهَمنَالعلماءَفيأخذَقوله.
َفقدَذكر العلماءََتعالى«َ:أنَمنَاستفتىَغيرهَمنَالعلماءَفلمَتسكنَنفسَهَلقَولَ
ذلكَالعالمَمعَجهلهَبدليلهَوجهلهَبمستندهَيفَالمسَألةَأوَجهلَهَبَالخلفَيفَالمسَألةَ.فهَلَ
يلزمََهَأنَيسَألَغيََرهَحتَىَتسََكنَنفسََهَأمَل؟»َهََذهَفيهََاَوجهََانَلهََلَالعلََمَ،وقََدَذكََر
يكررَالستفتاءَحتىَتسكنَنفسه»َ،والمرادَبعدمَسَكونَالَنفسَلَيسَالشَكَالَذيَيَردَعنَدَ
الموسوسَوليسَنحوَذلكَ،وإنماَالمرادَبسكونَالنفسَأنَيعلمَأنَهَذاَلَيسَمخالفَاَلَنصَ
منَالحديثَ،وهذاَهوَالصوابَإنَشكَيفَكونهَمخالفاَلحَديثَأوَسَنةَفيحَرمَعليَهَالخَذَ
بعض الناس«َ:اجعلَبينكَوبينَالنارَمفتينَ،وامشَيفَطريقهَواجعلهَحجابَاَلَكَبينَكَوبَينَ
شاكاَموسوساَ،وكانَعندهَطرفَعلمَبنصَ،منَجهلَالنصَفلَاسَتفتاءَبقلبَهَفحينئَذَيلزمَهَ
92
التقليدَلمنَوثقَيفَدينهَوعلمهَ.
ق ال(َ:وليجتهََدَأنَيعتصََمَفََيَكََلَبََابَمََنَأبََوابَالعلََمَبأصََلَمََأثورَعََنَالنبََيَ
َ.)
هذاَمهمَوتكلمَعنهاَأهلَالعلمَأنَتحرصَعلىَأنَكلَبابَترجعَلصَلهَ،فَأبوابَالفقَهَ
كلَبابَارجعَللحاديثَالصولَفيهَاَ،احَرصَعلَىَحفَظَالصَولَيفَكَلَأبَوابَالعلَمَ،
بعضَطلبةَالعلمَيحفظَالمتنَكاملَمنَالمختصراتَولَيعرفَأدلتهَاَولَيعَرفَمسَتندهاَ،
احرصَعلىَأنَتعرفَيفَكلَبابَماَهوَالصلَ،وقدَعنيَالعلماءَبذكرَأصلَكلَالبوابَ.
ق ال (َ:وإذاَاشََتبهَعليََهَممََاَقََدَاختلََفَفيََهَالنََاسَفليََدعَبمََاَرواهَمسََلمَيفَ
«صحيحه»َعنَعائشةََأنَرسولَاهللََكانَيقولَإذاَقامَيصليَمنَالليل«َ:الله م
رب جبري ل وميكائي ل وإس رافيل ،ف اطر الس ماوات والرض ،ع الم الاي ب والش هادة ،أن ت
تحكم بين عباد فيما كانوا فيه يختلفون ،اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ،إن ك ته دي
هذاَالحديثَوالدعاءَالَذيَكَانَيَدعوَبَهَالنبَيََهَوَتأويَلَالقَرآنَكمَاَيفَ
مبشرين ومنذرين﴾َإلىَآخرَاآليةَ،ثمَيهديَمنَيشاءَإلىَصَراطَمسَتقيمَ،هَذاَالَدعاءَالَذيَ
جَاءَالنبََيََكََانَيَدعوَفيََهَبََهَقيََامَالليَلَهََوَمظنَةَإجابَةَالَدعاءَلنََهَيفَقيامََهَ
َيفَالليلَ،والداعيَبهَإمامَالمتقينَالذيَينزلَعليهَالوحيَصبحاَوعشياَومَعَ
93
بإذنك ،إنك تهدي من تشاء إلى ص راط مس تقيم»َق ال اب ن الق يم«َ:وكَانَشَيخناَ–َيعن يَ:بَهَ
الشيخَتقيَالدينَمؤلفَهذهَالرسالةَ–َيكثرَمنَهذاَالدعاءَوكانمَإذاَأشكلمَعليهَالمسَألةَ
اإلنسانَمحتاجَللدعاءَحتىَيفَالعلمَالشرعيَأنَيدلكَاهللَ علىَأحبَالعلومَفيفقهَكَ
فيهاَ،أنَيدلكَعلىَمنَيدلكَطريقَالصوابَمنَشيخَوكتَابَ،أنَيبَاركَيفَوقتَكَأنَيريَكَ
الحقَحقاَيفَاجتهادكَويفَمنَتستفتيَويفَغيرَذلكَ.
هذاَالكلمَماَمعناه؟َيقول(َ:وأماَوصفَالكتبَوالمصنفين)َوالنسبَوميزةَكَلَامَر َ
فهذاَذكرناهَ.
اسَتطراداَالمَذاكرةَتََأيتَاسَتطراداَلَقصَداَ،ولََذلكَقَدَتسَتفيدَممَاَيكَونَيفَالمَذاكرةَمََنَ
النكَمَمََاَلَتجََدهاَفيمَاَيقصََدَابتََداءَ،وهَذاَيسََتفادَمََنَمجالسَةَأهََلَالعلََمَومََذاكرهتمَ،
والشيخَتقيَالدينََتعالىَكثيرَمنَكلمهَكانَمذاكرةَثمَيعرضَعليهَفيقرأَعليهَفيقَرهَ
94
أوَيزيدَفيهَوينقصَنبهَعلىَذلكَابنَعبدَالهاديَيفَ«العقود»َ.
قال (َ:وماَيفَالكتبَالمصنفةَالمبوبةَكتابَأنفعَمنَ«صحيحَمحمدَبنَإسماعيلَ
البخاري»َ،لكنَهوَوحدهَلَيقومَبأصولَالعلمَ،ولَيقومَبتمامَالمقصودَللمتبحرَفيَأبوابَ
العلم؛َإذَلَبدَمنَمعرفةَأحاديثَأخر)َ.
يقولَالمصنفَلماَسئلَماَهوَكتابَحديثَيغنيهَعماَبعده؟َقال(َ:ماَأعلمَكتاباَأنفعَمَنَ
الميزاتَماَلَيوجدَيفَغيرهَ:
• فإنهَقدَشرطَالصحيحَووىفَبماَشرطَعلىَنفسهَ،بلَكانَشرطهَأعلَىَمَنَشَرطَغيَرهَيفَ
الصحيح.
• المر الثاينَ:أنهَأجادَالتبويب.
• المر الثالثَ:أنهَلمَيتكلمَفيَهَبرأيَهَ،وإنمَاَأوردَرأيَالسَلفََتعَالىَيفَالتبويَبَ
ولمَيردهَيفَالكلم.
• المر الرابعَ:أنهَأجادَالتبويبَيفَالدللةَعلىَبعَضَالمعَانَوالفهَمَ،وكثيَرَمَنَتبويبَهَلَ
جزمَفيهَ،وإنماَفيهَإشاراتَللمعان.
• المر الخامسَ:أنهَأحسنَتقسيمَالبوابَ،فجعلَالحديثَربماَيوردَيفَأكثرَمنَموضعَ.
َوقدَعنيَالعلماءََتعالىَيفَتتبعَطريقةَالبخاريَيفَتبويبَهَويفَتجزأتَهَالحاديَثَ
ويفَشرطهَ،فألفواَيفَذلكَشيئاَعظيماَمماَيدلَعلىَماَوفقَاهللَوامتنَاهللَعلَىَالبخَاريَفيمَاَ
فعلهَيفَصحيحهَ.
95
َثم قالَ:لَيكفيَهذاَيفَالحديثَلَيغنيَقطعَاَ،أمَاَأحاديَثَالحكَامَفقَدَذكَرَجماعَةَ
ومنهمَالشيخَتقيَالدينَنفسه«َ:أنَأغلبَأحاديثَالحكامَالتيَيحتاجهاَالنَاسَموجَودةَيفَ
الحكامَخارجَعنَهذهَالستةَوالسبعةَ،قلماَينَدرَبَلَهَوَأقَلَمَنَالنَادرَ،ذكَرَذلَكَالشَيخَ
الدينَوهوَكماَقالَ.
العلماءَ.
وقدَأوعبمَالمةَفيَكلَفنَمنَفنونَالعلمَإيعابا)َ.
لَشكَأنَاهللَ قيضَلهذهَالمةَرجالَاجتهدواَففصلواَيفَجزئياتَالمسائلَإيعاباَ،
نعمَقدَيكونَذلكَلهَصعوبتهَعلىَبعضَالطلبَةَلكَنَلَهَثمرتَهَ،وثمَرةَعظيمَةَجَداَ،ولكَنَ
الوقمَانتهىَونحنَاآلنَبعدَانتهاءَالوقمَ،لعلَناَنتكلمَعنهاَيومنَآخرَ.
قال(َ:فمنَنورَاهللَقلبهَهداهَبماَيبلغهَمنَذلك)َ.
منَالباطلَ،منَأنارَاهللَقلبهَعرفَالصوابَمنَالخطأَ،مَنَأنَارَاهللَقلبَهَعَرفَالطريَقَالَذيَ
المناسبَلذلكَ.
قال(َ:ومنَأعماهَلمَتزدهَكثرةَالكتبَإلَحيرةَوَضللَ)َ.
هَذاَذكرنَاهَقبَلَقليَلَأنَكثَرةَالتَأليفَقَدَتكَونَسَبباَيفَالضَررَعلَىَبعَضَالنَاسَإمَاَ
صعوبةَأوَضللةَ–َنسألَاهللَالسلمةََ.-
َ
وكذلكَيفَآخرَالزمانَحينماَيرتفعَالعلمَيبقىَالقَرآنَبَينَأيَديهمَلكَنهمَلَينتفعَونَبَهَ،
فقد جاء يف الحديث«َ:أننا في آخر الزمان يرف ع العل م بم وت العلم اء ويتخ ذ الن اس ر وس ا
جهال»َفموتَالعلماءَيرتفعَبهَالعلمَمعَأنَالقرآنَيبقىَلقيامَالساعةَ.
قال (َ:فنسألَاهللَالعظَيمَأنَيرزقنَاَالهَدىَوالسَدادَ،ويلهمنَاَرشَدناَ،ويقينَاَشَرَ
أنفسناَ،وأنَلَيزيغَقَلوبناَبعدَإذَهداناَ،ويهبَلناَمنَلدنهَرحمةَ،إنهَهوَالوهابَ.
والحمدَهللَربَالعالمينَ،وصلواتهَعلىَأشرفَالمرسلينَ)َ.
اللهََمَصََليَوسََلمَعلََىَنبينََاَمحمَدَ،فقََطَأخََتمَيفَالصَلةَعلََىَالنبََيََ،
ذكرتَلكمَأنَالشيخَرأيهَأنَالصلةَتكونَمناسبةَيفَالخاتمةَمَعَالَدعاءَ،وعَادةَأهَلَالعلَمَ
أنهمَيختمونَكتبهمَووصاياهمَودروسهمَبالدعاءَلنهَبعدَطاعةَ.
َ
97
َ