Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 106

١٩

١٩
ْ َ

ِِ ُ ِ َ ْ َ ُ َ ْ َ ،ِ َ َ ْ ُ َ ،ِ َ ِ
َ ْ َََ
ُ ْ َ َِ ، ِ ْ َ
:َ َ َُ ْ َ
. َُْ َ ِ ُ َ َ ُ َ ِ ِ
َ ِ َ ُ ْ َِ o
ِ َ ، ِْ ِ ِْ ََ ُ َ ٍ َِ َِ ِ َ ِ ْ ُ َ o
َ َ ْ
. ِ ْ ُُ َْ
. ِ َْ َ َْ ََ ََُ o
َ َْ َ
. َ َْ َ َُ َ o
ِ َِ
. ْ َ َ ََ ، ْ َ ََ ُ

. ْ َ َ َْ َ َِ
، ً ً ً ً

. ً ً
ُ ُ
:

،« »:

ٌ ٍ َ ََ

ً ً « »:
ٍ

،« » ،

« « »:

: ،
َِ ُ ):

.( ِ ْ َ ََ

ُ، َ ََ
ِ ُ ،ً ً

ً ُ ٍ ً

، ُ

، ً

، َ ََ

، :

:
،ٍ : ٍ :

.( ِ ْ ُُ َْ
ِ َ ):
َ ،
ِ َْ َ َْ ََ َُ َ ):
َْ َ :

.( َ

: ، :

ٍ ،

، ً ،

، ، ُ
ِ

: : ،

، ،

ٍ ،
‫‪2‬‬

‫جاب‪َ:‬‬
‫فَأَ َ‬
‫الحَمَدَهللَرَبََالعالمين َ‪َ.‬‬

‫ى‪﴿َ:‬ولقَدَ‬
‫ولهَلمَنََعَقَلَهاَوَاتَبَعَها؛َقالَتعال َ‬
‫أماَالوصية‪َ:‬فَمَاَأَعَلَمَوَصَيَةََأَنَفَعََمَنَوَصَيَةَاهللَوَرَسَ َ‬
‫وصيناَالذينَأوتواَالكتابَمنَقبلكمَوإياكمَأنَاتقواَاهلل﴾َ[النساء‪َ.]131:‬‬

‫بيَ♀َمَعَاذاَ◙ َلمَاَبَعَثَهَإَ َلىَاليَمَن؛َفقال‪«َ:‬ي ا مع اذ؛ ات ق الل حيثم ا‬


‫وَوَصَىَالن َ‬
‫كنت‪ ،‬وأتبع السيئة الحسنة تمحها‪ ،‬وخالق الناس بخلق حسن»‪َ.‬‬

‫َيَ♀َبَمَنزَلَةََعَلَيَةَ؛َفَإَنَهَقََالَلََه‪«َ:‬يَاَمَعَاذَ؛َوَاهللَإَنَيَ‬
‫وَكَانَمَعَاذََ◙َمََنَالنبَ َ‬
‫لَحَبَكَ»‪َ،‬وَكَانَيَرَدَفَهَوَرَاءَه‪َ.‬‬

‫وَرَوَيَفيه‪َ:‬أَنَهَ«أعلم المة بالحلل والحرام»‪َ.‬وأَنَهَ«يحشر أمام العلماء برتوة» أيَبَخَطَوةَ‪َ .‬‬

‫بيَ♀َمَبَلَغَاَعَنَهَدَاعَيَا‪َ،‬وَمَفَقَهَا‪َ،‬وَمَفَتَيَا‪َ،‬وَحَاكَمَاَإَلَىَأَهَلَ‬
‫ومن فضله‪َ:‬أَنَهَبَعَثَهَالن َ‬
‫اليَمن‪َ.‬‬

‫وَكَانَيَشَبَههَبإَبَرَاهيمََالخَليلَ♠‪َ،‬وَإَبَرَاهيمََإَمَامََالناس‪َ.‬‬

‫وَكَانَابنَمسعودََ◙َيقول‪«َ:‬إَنََمَعَاذاَكَانَأَمَةََقَانَتَاَهللََحَنَيفَا‪َ،‬وَلَمََيَكََمََنَالمَشَركين»؛َ‬
‫تَشَبيهاَلهَبإبراهيمَ‪َ.‬‬

‫كَلمَنََعَقَلَهََا‪َ،‬مَعََأَنَهَاَ‬
‫ثَمََإَنَهَ♀ وصَاهَهَذَهَالوَصَيَةَ؛َفَعَلَمَأَنَهاَجَامَعةَ‪َ،‬وَهَيَكَذَ َل َ‬
‫تَفَسَيرَالوَصَيَةََالقَرَآنَيَةَ‪َ.‬‬

‫أماَبيان جمعها‪َ:‬فَلَنََالعَبَدَعَلَيَهَحَقَان‪َ:‬‬
‫‪ -‬حَقََهللَ‪.‬‬
‫‪ -‬وَحَقََ َلعَبَاده‪َ.‬‬
‫‪3‬‬

‫ثم الحق الذي عليه ل بد أن يخل ببعضه أحيانا‪:‬‬


‫‪ -‬إَمَاَبَتَرَكَمَأَمَورََبه‪.‬‬
‫يَعَنه‪.‬‬
‫‪ -‬أَوََفَعَلَمَنهَ َ‬
‫بيَ♀‪«َ:‬اتق الل حيثما كنت»؛َوَهَذهَكَلَمَةََجَامَعةَ‪َ.‬‬
‫فقالَالن َ‬

‫لنَية‪َ.‬‬
‫ويفَقوله‪«َ:‬حيثما كنت»َتَحَقَيقََ َلحَاجتهَإَ َلىَالتَقَوىَفَيَالسَرََوَالعَ َ‬

‫ثَمََقال‪«َ:‬وأتبع السيئة الحسنة تمحها»؛َفَإَنََالطَبيبََمَتَىَتَنَاوَلََالمَريضََشَيَئاَمَضَرَاَأَمَرَهَبَمَاَ‬


‫يَصَلَحه‪َ.‬‬

‫بَللعَبَدَكَأَنَهَأَمَرََحَتَمَ‪َ.‬‬
‫وَالذَنَ َ‬

‫وَالذيَلََيَزَالَيَأَتَيَمَنَالحَسَناتَبَمَاَيَمَحوَالسَيَئَات‪َ.‬‬
‫فَالكَيَسََهَ َ‬

‫يفَلفَظَالحديثَ«الس يئة»َ‪َ-‬وَإَنَكانََمَمَفَعولََةََ‪َ-‬لَنََالمَقَصََودَهنََا‪(َ:‬مَحَوَهََا)‪َ،‬لََ‬
‫وَإَنَماَقَدَمََ َ‬
‫لهَيفَبولَالعرابي‪«َ:‬صبوا عليه ذنوبا من ماء» ‪َ.‬‬
‫َ‬ ‫(فَعَلَالحَسَنة)؛َفَصَارَكَقَوَ‬

‫وَيَنبَغيَأَنََتَكَونَالحَسَناتَمَنَجَنسَالسَيَئات؛َفَإَنَهَأَبَلَغََيفَالمَحَوَ‪َ.‬‬

‫والذنوب يزول موجبها بأشياء‪:‬‬

‫أحدها‪َ:‬التَوبة‪َ.‬‬

‫ىَ‪َ-‬قَدَيَغَفَرََلهَإَجَابةََ َلدَعائهَوَإَنََ َلمَيَتَب‪َ.‬‬


‫والثاين‪َ:‬الستغفارَمَنَغَيَرَتَوبةَ؛َفَإَنََاهللَ‪َ-‬تَعَال َ‬

‫فَإَذَاَاجَتَمعمَالتَوَبةَوالستغفارَفهوَالكمال‪َ.‬‬

‫الثالث‪َ:‬العمال الصالحة المكفرة‪:‬‬

‫* إما الكفارات المقدرة‪َ:‬‬

‫‪َ-‬كَمَاَيَكَفَرَالمَجَامَعَيفَرمضانَ‪َ.‬‬

‫بَلبَعَضَمَحَظَوراتَالحَجَ‪َ.‬‬
‫‪َ-‬والمَظَاهَرََوالمَرَتَكَ َ‬
‫‪4‬‬

‫‪َ-‬أَوََتَارَكَبَعَضََوَاجَبَاته‪َ.‬‬

‫‪َ-‬أَوََقَاتَلَالصَيَدَبَالكَفَاراتَالمَقَدَرة؛َوهي أربعة أجناس‪َ:‬هَدَيَ‪َ،‬وَعَتَقَ‪َ،‬وَصَدَقةَ‪َ،‬وَصَيامَ‪َ.‬‬


‫*َوإما الكفارات المطلقة‪َ:‬كَمَاَقَالَحَذَيَفةََ َلعَمَر‪«َ:‬فَتَنةَالرَجَلَفَيَأَهَلََهَوَمَالَهَوَوَلَدَهَيَكَفَرهََاَ‬
‫لة‪َ،‬وَالصَيَام‪َ،‬والصَدَقَة‪َ،‬وَالَمَرَبَالمَعَروف‪َ،‬والنهَيَعَنَالمَنكَر»‪َ.‬‬
‫الصَ َ‬

‫وَقَدََدَلََعَلَىَذلك‪َ:‬القَرآن‪َ،‬والَحَادَيثَالصَحَاحَيفَالتَكَفيرَبََ(الصَلواتَالخَمَس‪َ،‬والجَمعََة‪َ،‬‬
‫مالَالتيَيَقَالَفيها‪«َ:‬مَنََقَالََكَذا‪َ،‬وَعَمَلَكَذاَ=َغَفَرََ َله»‪َ،‬أَوََ«غَفَرََ َلهََ‬
‫َ‬ ‫والصَيَام‪َ،‬والحَجَ)‪َ،‬وَسَائَرَالَعَ‬
‫مَاَتَقَدَمََمَنََذَنَبَهَ»؛َوَهَيَكَثَيرةََ َلمَنََتَلَقَاهَاَمَنَالسَنن‪َ،‬خَصَوصاَمَاَصَنفَفَيَفَضَائلَالعمال‪َ.‬‬

‫وَاعَلَمَأَنََالعَنايةَبَهَذاَمَنَأَشَدََماَبَاإلنسانَالحَاجةََإليه؛َفَإَنََاإلَنَسَانََمَنَحََينَيَبَلََغ‪َ،‬خَصَوصَاَ‬
‫راتَالتََيَتَشَبَهَالجَاهَلَيَةََمَنَبَعَضَالوَجَوه‪َ،‬فَإَنََاإلَنَسََانَ‬
‫َ‬ ‫فَيَهَذَهَالَزَمَنةَوَنَحَوهاَمَنَأَزَمَنَةَالفَتَ‬
‫َالذيَيَنشَأََبَيَنَأَهَلَعَلَمََوَدَينَقَدَيَتَلَطَخَمَنَأَمَورَالجَاهَلَيَةَبَعَدَةَأَشَياءَ؛َفَكَيَفَبَغَيرَهذا؟!َ‬

‫بيَ♀َمَنَحَديثَأبيَسعيدََ◙‪«َ:‬لتت بعن س نن م ن‬
‫وَفَيَ«الصَحيحين»َعَنَالن َ‬
‫كان قبلكم حذو القذة بالقذة‪ ،‬حتى لو دخلوا جحر ضب ل دخلتموه»‪َ،‬قََالوا‪َ:‬يََاَرسََولَاهلل؛َاليَهَودَ‬
‫وَالنصَارى؟َقَال‪«َ:‬فمن!؟»‪َ.‬‬

‫هَذَاَخَبَرََتَصَدَيقَهَيفَقولهَتعا َلى‪﴿َ:‬فاس تمتعتم بخلقك م كم ا اس تمتع ال ذين م ن ق بلكم بخلقه م‬

‫وخضتم كالذي خاضوا﴾ [التوبة‪َ.]٦٩:‬‬

‫وَ َلهَذاَشَوَاهَدََيفَالصَحَاحَوالحَسَان‪َ.‬‬

‫وَهَذَاَأَمَرََقدَيَسَرَيَيفَالمَنتَسَبَينَإلىَالدَينَمنَالخَاصَة‪َ،‬كَمَاَقالَغيرَواحدََمنَالسَلَف‪َ،‬مَنهمَ‬
‫ابنَعَيَيَنةَ‪َ.‬‬

‫يَبَهَبَعَضََالمَنتَسَبَينَإَ َلىَالعَلَم‪َ،‬وَكَثيراَمنَأَحَوالَالنصَارىَ‬
‫فَإَنََكَثَيراَمنَأحوالَاليهودَقَدََابَتَلَ َ‬
‫لمَالَذيَبَعَثََاهللَبَهَ‬
‫يَبهَبعضَالمَنتَسَبينَإَ َلىَالدَين‪َ،‬كَمَاَيَبَصَرََذَلَكَمَنََفَهَمََديََنَاإلَسَ َ‬
‫قَدَابَتَلَ َ‬
‫مَحَمَداَ♀‪َ،‬ثَمََنَزَ َلهَعَلَىَأَحَوَالَالناس‪َ.‬‬
‫‪5‬‬

‫لمَفَهَوَعَلَىَنَورََمَنََرَبَه‪َ،‬وَكَانََمَيَتَاَفَأَحَيَاهَ‬
‫وَإَذَاَكَانََالَمَرَكَذَ َلك‪َ،‬فَمَنََشَرَحََاهللَصَدَرَهََ َللَسَ َ‬
‫تََيَنَ‬
‫حََوالَالجَاهَلَ َيََةَوَطَريََقَالَمَ َ‬
‫حََظَأَ َ‬
‫ل َ‬‫بََهَيفَالنََاسَ=َلََ َبََدََأَنََيَ َ‬
‫َ‬ ‫شََيَ‬
‫هَنََوراَيَمَ َ‬
‫لَلََ َ‬
‫عََ َ‬
‫اهللَوَجَ َ‬
‫يَببعضَذَلك‪َ.‬‬
‫(المَغَضَوبَعَلَيَهم‪َ،‬والضَ َالينَمنَاليَهودَوالنصَارى)؛َفَيَرىَأَنََقَدَابَتَلَ َ‬

‫اَللخَاصَةََوَالعَامَة‪َ:‬العَلَمََبَمَاَيَخَلَصََالنفَوسَمَنَهَذهَالوَرطَات‪َ،‬وَهَوَإَتَبَاعَالسَيَئَاتََ‬
‫فَأَنَفَعََمَ َ‬
‫الحَسَنات‪َ.‬‬

‫ىَلسَانَخَاتَمَالنبَيَينَمنَالعمال‪َ،‬والَخَلق‪َ،‬والصَفَاتَ‪َ.‬‬
‫و(الحسنات)‪َ:‬مَاَنَدَبََاهللَإَ َليَهَعَلَ َ‬

‫ومما يزيل موجب الذنوب‪َ:‬المَصَائبَالمَكَفَرة‪َ.‬‬

‫وَهَيَكَلََمَاَيَؤَ َلمَمَنََهَمَ‪َ،‬أَوََحَزَنَ‪َ،‬أَوَأَذَىَفَيَمَالََأَوََعَرَضََأَوَجَسَدَ‪َ،‬أَوََغَيَرَذَلك‪َ َ،‬لكَنَلَيَسَ‬


‫هَذَاَمَنَفَعَلَالعَبَد‪َ.‬‬

‫فَلَمَاَقَضَىَبَهَاتَيَنَالكَلَمَتَيَنَحَقََاهللَمَنََعَمَلَالصَالحَوَإَصَلحَالفَاسََدَقَال‪«َ:‬وخ الق الن اس‬


‫بخلق حسن»‪َ،‬وَهَوَحَقََالناس‪َ.‬‬

‫وجم اع الخل ق الحس ن م ع الن اس‪َ:‬أنَتص َلَم َنَقطع َك؛َبالس َلم‪َ،‬واإلكََرام‪َ،‬والََدعاءَلََه‪َ،‬‬


‫والستغفار‪َ،‬والثناءَعليه‪َ،‬والزيارةَله‪َ،‬وتعطيَمنَحرمكَمَنَالتعلََيم‪َ،‬والمنفعََة‪َ،‬والمََال‪َ،‬وتعفََوَ‬
‫عمَنَظلمكَيفَدم‪َ،‬أوَمال‪َ،‬أوَعرضَ‪َ.‬‬

‫وبعضََهذاَواجب‪َ،‬وبعضَهَمستحبَ‪َ.‬‬

‫عَلجَمَيعََمَاَأَمَرََاهللَ‬
‫وأما الخلق العظيم الذي وصف به محمداَ♀‪َ:‬فَهَوَالدَينََالجَامَ َ‬
‫بهَمَطَلَقا؛َهَكَذَاَقالَمَجَاهدََوغيره‪َ،‬وَهَوَتَأَويََلَالقَرآن؛َكمََاَقالََمَعائشََةََ‪«َ:‬كَانََخَلَقَهَ‬
‫ىَ‪َ-‬بَطَيبََنَفَسََوَانَشَرَاحَصَدَرَ‪َ.‬‬
‫القَرَآنَ»‪َ،‬وحقيقته‪َ:‬المَبَادرةَإلىَامتثالَماَيَحَبَهَاهللَ‪-‬تَعَال َ‬

‫وأما بيان أن هذا كله في وصية الل‪َ:‬فهوَأَنََاسَمَ(تَقَوَىَاهلل)َيَجَمَعَفَعَلََكَلََمَاَأَمَرََاهللَبَهَإَيجَابَاَ‬


‫وَاسَتَحَبَابا‪َ،‬وَمَاَنَهَىَعَنهَتَحَرَيماَوَتَنزَيها‪َ.‬‬
‫‪6‬‬

‫وَهَذاَيَجَمَعَحَقَوقََاهللََوَحَقوقََالعَبادَ‪َ.‬‬

‫َلكَنََ َلمَاَكَانَتَارَةََيَعَنيَبََ(التَقَوى)َخَشَيةََالعَذَابََالمَقَتَضَيةََللنَكَفَافَعََنَالمَحَارمََ=َجَاءَ‬
‫مَفَسَراَيفَحديثَمَعاذَ‪َ،‬وَكَذلكَيفَحديثَأبيَهريرةََ¶َ َالذيَرواهَالتَرمذيََوَصَحَحه‪َ:‬قيلَ‪َ:‬‬
‫ياَرسولَاهلل؛َمَاَأَكَثَرََمَاَيَدَخَلََالناسََالجَنةَ؟ََقَال‪«َ:‬تقوى الل‪ ،‬وحسن الخل ق»‪َ،‬قَيَل‪َ:‬وَمَاَأَكَثَرََمَاَ‬
‫يَدَخَلََالناسََالنارَ؟َقال‪«َ:‬الجوفان‪ :‬الفم‪ ،‬والفرج»‪َ.‬‬

‫وَفَيَ«الصَحيح»َعَنَعَبََدََاهللَبََنَعَمََرََ¶َقََال‪َ:‬قََالَرسََولَاهللَ♀‪«َ:‬أكم ل‬
‫المؤمنين إيمانا‪ :‬أحسنهم خلقا»؛َفجَعَلَكَمَالََاإلَيمانَيفَكَمَالََحَسَنَالخَلَق‪َ.‬‬

‫وَمَعَلَومََأَنََاإليمانََكَلَهَتَقَوىَاهلل‪َ.‬‬

‫وَتَفَصيلََأَصولََالتَقَوىَوَفَرَوعَهاَلََيَحَتَمَلَهَهذاَالمَوَضعَ؛َفَإَنَهاَالدَينَكَلَه‪َ.‬‬

‫دَلرَبَهَعَبَادَةََوَاسَتَعَانةَ؛َكماَفَيَقولَه‪﴿َ:‬إي ا نعب د وإي ا‬


‫لصََالعَبَ َ‬
‫َلكَنَيَنبَوعََالخَيَرََوَأَصَلَه‪َ:‬إَخَ َ‬
‫نستعين﴾ [الفاتحة]‪َ،‬وفَيَقوله‪﴿َ:‬فاعبدهَوتوكلَعليه﴾َ[هود‪َ،]1٢3:‬وفَيَقولََه‪﴿َ:‬علي ه توكل ت‬

‫وفَََيَقولَََه‪﴿َ:‬ف ابتاوا عن د الل ال رُْ واعب دوه واش كروا ل ه﴾‬


‫وإلي ه أني ب﴾ [الش ورى‪َ َ،]١٠:‬‬
‫[العنكب وت‪]١٧:‬؛ بَحَي َثَيَقَط َعَالعَب َدََتَعَل َقََقَلَب َهَم َنََالمَخَل َوقينَانَتَفَاع َاَبَهََمَأوََعَم َلَلَجَلهََم‪َ،‬‬
‫لزَمََةَالََدَعَاءَلَهَفَيَكَلََمَطَل َوبَ؛َمَنَفَاقَةَ‪َ،‬وَحَاج َةَ‪َ،‬‬
‫ى ‪-‬؛َوَذَلَكَبَمَ َ‬
‫وَيَجَعََلَهَمَتَهَرَبَهَ‪ -‬تَع َال َ‬
‫وَمَخَافَةَ‪َ،‬وغيرَذلك‪َ،‬وَالعَمَلََ َلهَبَكَلََمَحَبوبَ‪َ.‬‬

‫لَيَمَكَنَأَنََيَوصَفََمَاَيَعَقَبَهَذلك‪َ.‬‬
‫وَمَنََأَحَكَمََهَذاَفَ َ‬

‫لفَالناسََفَيماَيَقَدَرَونَ‬
‫وأما ما سألت عنه من أفضل العمال بعد الفرائض‪َ:‬فَإَنَهَيَخَتَلَفَبَاخَتَ َ‬
‫لَيَمَكَنَفَيهَجَوَابََجَامَعََمَفَصَلََ َلكَلََأَحدَ‪َ.‬‬
‫عَلَيَهَوَمَاَيَناسَبَأَوَقَاتَهم؛َفَ َ‬

‫لزَمََةَذَكَرَاهللَدَائَمَاَهََوَأَفَضَلَمَاَشَغَلََ‬
‫لكن مما هو كاإلجماع بين العلماء ب الل وأم ره‪َ:‬أَنََمَ َ‬
‫العَبَدََبهَنَفَسَهَيفَالجَملة‪َ.‬‬
‫‪7‬‬

‫وَعَلىَذَ َلكَدَلََحَدَيثَأَبيَهَرَيَرةََالَذيَرواهَمسََلمَ‪«َ:‬س بق المف ردون»‪َ،‬قََالوا‪َ:‬يََاَرسََولَاهلل؛َ‬


‫وَمَنََالمَفَرَدون؟َقال‪«َ:‬الذاكرون الل كثيرا والذاكرات»‪َ.‬‬

‫بيَ♀َأَنَهَقال‪«َ:‬أل أنبئكم بخير‬


‫وَفَيماَرَوَاهَأَبَوَداودََعنَأبيَالدَرَداءََ◙َعَنَالن َ‬
‫أعمالكم‪ ،‬وأْكاها عند مليككم‪ ،‬وأرفعها في درج اتكم‪ ،‬وخي ر لك م م ن إعط اء ال ذهب وال ورُ‪َ،‬‬
‫ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟»َقَ َالوا‪َ:‬بَلَىَيَاَرَسَولَاهلل!َقََال‪«َ:‬ذك ر‬
‫الل»‪َ.‬‬

‫وَالدَلَئَلَالقَرَآنَيَةََوَاإلَيمَانَيَةََ‪َ-‬بَصَراَوَخَبَراَوَنَظَراَ‪َ-‬عَلىَذَ َلكَكَثَيرةَ‪َ.‬‬

‫لزَمَالعَبَدَالَذَكَارََالمَأَثَورةََعَنَمَعَلَمََالخَيَرَوَإَمَامَالمَتَقَينَ♀‪َ.‬‬
‫وَأَقَلََذَ َلك‪َ:‬أَنََيَ َ‬

‫كالَذَكََارَالمَؤَقَتَةَيفَأَوَلَالنهَارَوآخَرَه‪َ،‬وَعَنَدَأَخَذَالمَضَجَع‪َ،‬وَعَنَدَالسَتَيقَاظَمََنَالمَنَام‪َ،‬‬
‫وَأَدَبَارَالصَلَوات‪َ.‬‬

‫وَالَذَكَارَالمَقَيَدة؛َمَثَل‪َ:‬مَاَيَقَالَعَنَدَالَكَل‪َ،‬والشَرَب‪َ،‬واللَبَاس‪َ،‬والجَمَاع‪َ،‬وَدَخَولَالمَنَزلَ‬
‫والمَسَجَدَوالخَلء‪َ،‬والخَرَوجَمَنَذَلك‪َ،‬وَعَندَالمَطَرََوالرَعَدَإلىَغيرَذلك‪َ.‬‬

‫مَلهَالكَتَبَالمَسَمَاةَبَََ«عَمَلَاليَوَمَوَاللَيَلة»‪َ.‬‬
‫وَقَدََصَنفَ َ‬

‫لزَمةَالذَكَرَمَطَلَقا‪َ،‬وَأَفَضلَه‪(َ:‬لََإَ َلهَإَلََاهلل)‪َ.‬‬
‫ثَمََمَ َ‬

‫وَقَدَتَعَرَضَأَحَوَالََيَكَونَبَقَيَةَالذَكَرَمثل‪(َ:‬سَبَحانَاهلل‪َ،‬وَالحَمَدَهلل‪َ،‬واهللَأَكَرب‪َ،‬وَلََحَوَلَوَلََ‬
‫قَوَةَإَلََبَاهلل)َأَفَضَلََمَنه‪َ.‬‬

‫ثَمََيَعَلَمََأَنََكَلََمَاَتَكَلَمَبَهَاللَسانََوَتَصَوَرَهَالقَلَبََمَمَاَيَقَرَبََإَلََىَاهللَمَنََتَعَلَمَعَلَمَ‪َ،‬وَتَعَلَيمََه‪َ،‬‬
‫يَعَنََمَنكَرَ‪َ:‬فَهَوَمَنَذَكَرَاهلل‪َ.‬‬
‫وَأَمَرََبَمَعَروفَ‪َ،‬وَنَهَ َ‬

‫وَ َلهَذاَمَنََاشَتَغَلَبَطَلَبََالعَلَمَالنافَعَبَعَدَأَدَاءَالفَرَائض‪َ،‬أَوَجَلَسََمَجَلَساَيَتَفَقَهَأَوَيَفَقَهَفَيهَالفَقَهَ‬
‫َالذيَسَمَاهَاهللَوَرَسَولهَ(فَقَهَا)‪َ:‬فَهَذَاَأَيَضاَمَنَأَفَضَلَذَكَرَاهلل‪َ.‬‬
‫‪8‬‬

‫وَعَلَىَذَ َلك؛َإَذَاَتَدَبَرتََ َلمَتَجَدََبَينَالَوَلينَفَيَكَلَمَاتَهمَفَيَأَفَضَلَالَعَمالََكَبَيرََاخَتَلفَ‪َ.‬‬

‫ى‪َ.‬‬
‫وَمَاَاشَتَبَهَأَمَرَهَعَلَىَالعَبَدَفَعَلَيَهَبَالستخارةَالمَشَروعة؛َفَمَاَنَدَمَمَنََاسَتَخَارَاهللََتَعَال َ‬

‫وَ َليَكَثَرََمَنَذَ َلكَوَمَنَالدَعاء؛َفَإَنَهَمَفَتَاحَكَلََخَيَرَ‪َ،‬وَلََيَعَجَلََفَيَقََول‪(َ:‬دَعَوَتََفَلَمََيَسَتَجَبََ‬


‫ي)‪َ،‬وَ َليَتَحَرََالَوَقَاتَالفَاضَلةَ؛َكآخَرََاللَيَل‪َ،‬وَأَدَبَارََالصَلَوات‪َ،‬وَعَندَالَذَان‪َ،‬وَوَقَمََنَزَولَالمَطَر‪َ،‬‬
‫َل َ‬
‫وَنَحوََذَلك‪َ.‬‬

‫وأما أرجح المكاسب‪َ:‬فالتَوَكَلَعلىَاهلل‪َ،‬وَالثَقَةَبَكَفَايَتَه‪َ،‬وَحَسَنَالظَنََبه‪َ.‬‬

‫وَذَ َلكَأَنَهَيَنبغيَللمَهَتَمََبَأَمَرَالرَزَقَأَنََيَلَجَأََفَيهَإَ َلىَاهللَوَيَدَعَوه؛َكَمَاَقَالَ‪ -‬سبحانهَ‪َ-‬فَيمَاَيَأَثَرَ‬


‫عَنهَنَبَيَه‪«َ:‬كلكم جائع إل من أطعمته؛ فاستطعموني أطعمكم‪ .‬يا عبادي؛ كلكم عار إل من كسوته؛‬
‫فاستكسوني أكسكم»‪َ.‬‬
‫وَفَيماَرَوَاهَالتَرَمَذَيََعَنَأَنسََ◙َقال‪َ:‬قالَرسولَاهللَ♀‪«َ:‬ليسأل أحدكم رب ه‬
‫حاجته كلها‪ ،‬حتى شسع نعله إذا انقطع؛ فإنه إن لم ييسره لم يتيسر»‪َ.‬‬
‫ىَ‪َ-‬يفَكتابه‪﴿َ:‬واسألواَاهللَمنَفضله﴾َ[النساء‪َ.]3٢:‬‬
‫وَقَدَقالَاهللَ‪َ-‬تَعَال َ‬

‫وقالَسبحانه‪﴿َ:‬فإذاَقضيمَالصَلةَفانتشَرواَفَيَالرضَوابتغَواَمَنَفضَلَاهلل﴾َ[الجمعََة‪]1٠:‬؛َ‬
‫وَهَذَاَوَإَنََكَانَفَيَالجَمَعة‪َ،‬فَمَعَناهَقَائَمََفَيَجَمَيعَالصَلَوات‪َ.‬‬

‫بيَ♀َ َالذيَيَدَخَلَالمَسَجدََأَنََيَقول‪«َ:‬اللهم اف تح ل ي‬
‫وَ َلهَذاَ‪َ-‬واهللَأَعَلمَ‪-‬؛َأَمَرَالن َ‬
‫أبواب رحمتك»‪َ،‬وَإَذَاَخَرَجََأَنََيَقَول‪«َ:‬اللهم إني أسألك من فضلك»‪َ.‬‬

‫وقَََََدَقَََََالَالخَليَََََلََ♀‪َ:‬ﱡﭐﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰﱠَ‬

‫العنكبوت‪َ،]17[َ:‬وَهَذاَأَمَرَ‪َ،‬والَمَرَيَقَتَضيَاإليجاب‪َ.‬‬
‫فالستعانةََباهللَواللَجَأََإَ َليَهَ‪َ-‬فَيَأَمَرَالرَزَقَوَغَيَرَهَ‪َ-‬أَصَلََعَظيمَ‪َ.‬‬

‫بغيَلهَأَنََيَأَخذََالمالََبَسَخَاوَةََنَفَسََ َليَبَارَكَلََهَفيََه‪َ،‬وَلََيَأَخَذَهَبَإَشَرَافََوَهَلَعَ؛َبَلَيَكَونَ‬
‫ثَمََيَن َ‬
‫يَفيََهَإَذَاَ‬
‫ءَالذيَيَحَتَاجَإَ َليَهَمَنَغَيَرََأَنََيَكَونَلََهَيفَالقَلَبَمَكانََةَ‪َ،‬والسَعَ َ‬
‫ل َ‬ ‫المَالََعَندهَبَمَنزلةَالخَ َ‬
‫‪9‬‬

‫سَعَىَكإصلحَالخلء‪َ.‬‬

‫وعَالذيَرواهَالتَرمذيََوَغَيَرَه‪«َ:‬من أصبح والدنيا أكبر همه؛ شتت الل عليه‬


‫وَفَيَالحَدَيثَالمَرَفَ َ‬
‫شمله‪ ،‬وفرُ عليه ضيعته‪ ،‬ولم يأته من الدنيا إل ما كتب له‪ ،‬ومن أصبح واآلخرة أكب ر هم ه؛ جم ع‬
‫الل عليه شمله‪ ،‬وجعل غناه في قلبه‪ ،‬وأتته الدنيا وهي راغمة»‪َ.‬‬

‫وَقَالَبَعَضَالسَلَف‪«َ:‬أَنَمَمَحَتَاجََإَلىَالدَنَيا‪َ،‬وَأَنَمَإَ َلىَنَصَيبكََمَنَاآلخرةَأَحَوَج؛َفَإَنََبَدَأَتَ‬
‫بَنصَيبكَمنَاآلخرةَمَرََعَلَىَنَصَيبكَمَنَالدَنَياَفَانَتَظَمَهَانَتَظَامَا»‪َ.‬‬

‫ى‪﴿َ:‬وماَخلقمَالجنَواإلنَسَإلَليعبَدونَ(‪َ)٥٦‬مَاَأريََدَمَنهمَمَنَرزقَومَاَأريََدَأنَ‬
‫قالَاهللَتعال َ‬
‫يطعمونَ(‪َ)٥7‬إنَاهللَهوَالرزاقَذوَالقوةَالمتين﴾َ[الذاريات]‪َ.‬‬

‫فَأَمَاَتَعَيَينَمَكَسَبََعَلَىَمَكَسَبَ‪َ،‬مَنَصَناعةَ‪َ،‬أَوَتَجَارةَ‪َ،‬أَوَبَنايةَ‪َ،‬أَوَحَرَاثَةَ‪َ،‬أوَغَيََرََذَلََك‪َ:‬فَهَذاَ‬
‫لفَالناس‪َ،‬وَلََأَعَلَمَيفَذلكَشَيَئاَعَامَا‪َ.‬‬
‫يَخَتَلَفَبَاخَتَ َ‬

‫ىَ‪َ-‬فَيهََاَالسََتخارةََالمَتَلَقَاةََعَنَمَعَلَمََالخَيََرَ‬
‫َلكَنَإَذَاَعَنََ َللنسانَجَهَةََفَلَيَسَتَخَرََاهللََ‪َ-‬تَعَال َ‬
‫♀ ؛َفَإَنََفيهاَمَنَالبَرَكَةَمَاَلََيَحَاطَبه‪َ.‬‬

‫رَلهَفَلَيَتَكَلَفَغَيَرَه‪َ،‬إَلََأَنََيَكَونَمَنهَكَرَاهةََشَرَعَيَةَ‪َ.‬‬
‫ثَمََمَاَتَيَسَ َ‬

‫وأما ما تعتمد عليه من الكتب يف العلوم‪َ:‬فَهَذاَبَابََوَاسعَ‪َ.‬‬

‫وهوَ‪َ-‬أَيَضاَ‪َ-‬يَخَتَلَفَبَاخَتَلفَنَشَءََاإلَنَسانَيفَالبلد؛َفَقَدَيَتَيَسَرَلهَيفَبعضَالبلدَمنَالعَلَمَ‬
‫أَوَمنَطَرَيقَهَوَمَذَهبَهَفيهَماَلَيَتَيَسَرَلهَيفَبلدََآخر‪َ.‬‬

‫َيَ‬
‫عََنَالنبََ َ‬
‫المََوَرَوثََ َ‬
‫لََمََ َ‬
‫قََيَالعَ َ‬
‫فََيَتَلَ َ‬
‫سََبحانهَ‪َ َ-‬‬
‫سََتَعَينَبََاهللَ‪َ َ-‬‬
‫لك ن جم اع الخي ر‪َ:‬أَنََيَ َ‬
‫هَهوَالذيَيَسَتَحَقََأَنََيَسَمَىَ(عَلَما)‪َ.‬‬
‫َ‬ ‫♀؛َفَإَنَ‬

‫وَمَاَسَواه‪َ:‬‬
‫‪ -‬إَمَاَأَنََيَكَونَعَلَما؛َفَلَيَكَونَنَافَعا‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫يَبَه‪َ.‬‬
‫‪ -‬وَإَمَاَأَنََلََيَكَونَعَلَماَوَإَنََسَمَ َ‬

‫وَ َلئَنََكَانَعَلَماَنَافَعاَفَلَبَدََأَنََيَكَونَفَيَمَيراثَمَحَمَدََ♀َمَاَيَغَنيَعَنهَمَمَاَهَوَمَثَلَهَ‬
‫وَخَيَرََمَنه‪َ.‬‬

‫لمه‪َ.‬‬
‫وَ َلتَكَنَهَمَتَه‪َ:‬فَهَمََمَقَاصدَالرَسَولَيفَأَمَرَهَوَنَهَيهَوَسَائَرَكَ َ‬

‫ىَ‪َ-‬وَلََمَعَ‬
‫فَإَذَاَاطَمَأَنََقَلَبَهَأَنََهَذاَهَوَمَرَادَالرَسَولَفَلَيَعَدَلَعنََهَفَيمََاَبَيَنَهَوَبَينَاهللَ‪ -‬تَعَال َ‬
‫الناسَإَذَاَأَمَكَنهَذَ َلك‪َ.‬‬

‫بيَ♀‪َ.‬‬
‫وَ َليَجَتَهدََأَنََيَعَتَصَمََفَيَكَلََبَابََمَنَأَبَوابَالعَلَمَبَأَصَلََمَأَثَورََعنَالن َ‬

‫وَإَذَاَاشَتَبَهَعَلَيََهَمَمَاَقَدَاخَتَلَفَفيََهَالنَاسَفَلَيَدَعََبَمَاَرَواهَمسََلمََيفَ«صَحَيحه»َعََنَعائشََةََ‬
‫‪َ‬أَنََرسََولَاهللَ♀َك َانَيَق َولَإَذَاَق َامَيَص َلَيَمََنَاللَي َل‪«َ:‬الله م رب جبري ل‬
‫وميكائيل وإسرافيل‪ ،‬فاطر السماوات والرض‪ ،‬عالم الايب والشهادة‪ ،‬أنت تحكم بين عباد فيما‬
‫كانوا فيه يختلف ون‪ ،‬اه دني لم ا اختل ف في ه م ن الح ق بإذن ك‪ ،‬إن ك ته دي م ن تش اء إل ى ص راط‬
‫مستقيم»‪َ.‬‬

‫ىَ‪َ-‬ق َدَق َالَفَيمََاَرَوَاهَعَنََهَرسََوله‪«َ:‬ي ا عب ادي؛ كلك م ض ال إل م ن هديت ه؛‬


‫ف َإَنََاهللَ‪َ-‬تَعََال َ‬
‫فاستهدوني أهدكم»‪َ.‬‬

‫وأما وصف الكتب والمصنفين‪ :‬فَقَدَسَمَعََمَناَفَيَأَثَناءَالمَذَاكرةَمَاَيَسَرهَاهللَ‪ -‬سَبحانه‪َ.‬‬

‫وَمَاَيفَالكَتَبَالمَصَنفةَالمَبَوَبَةَكَتَابََأَنَفَعََمنَ«صَحَيحَمَحَمَدََبنََإسماعيلََالبَخاريَ»‪َ َ،‬لكنَهَوَ‬
‫ودَللمَتَبَحَرَفَيَأَبَوابَالعَلَم؛َإَذََلََبَدََمَنَمَعَرفةَ‬
‫وَحَدَهَلََيَقومََبَأَصولَالعَلَم‪َ،‬وَلََيَقَومََبَتَمَامَالمَقَصَ َ‬
‫أَحَادَيثََأَخَر‪َ.‬‬

‫مورَالتيَيَخَتَصََبَعَلَمَهاَبَعَضََالعلماء‪َ.‬‬
‫َ‬ ‫وَكَلمََأَهَلَالفَقَهََوَأَهَلََالعَلَمَفَيَالَ‬

‫وَقَدَأَوَعَبمََالَمَةَفَيَكَلََفَنََمَنَفَنونَالعَلَمَإَيعَابا‪َ،‬فَمَنََنَوَرََاهللَقَلَبهَهَدَاهَبَمَاَيَبَلَغَهَمََنَذلََك‪َ،‬‬
‫‪11‬‬

‫للَ‪َ.‬‬
‫اهَلمَتَزَدَهَكَثَرةََالكَتَبَإَلََحَيَرَةََوَضَ َ‬
‫وَمَنََأَعَمَ َ‬

‫َيَ♀َلَبََنَ َلبَيََدََالنصََاريَ‪«َ:‬أوليس ت الت وراة واإلنجي ل عن د اليه ود‬


‫كماَقََالَالنبَ َ‬
‫والنصارى؟! فماذا تاني عنهم؟!»‪َ.‬‬

‫فَنسَأَلَاهللََالعَظَيمََأَنََيَرَزَقَناَالهَدَىَوالسَدادَ‪َ،‬وَيَلَهَمنََاَرَشَدَنا‪َ،‬وَيَقَيَنَاَشَرََأَنَفَسَنا‪َ،‬وَأَنََلََيَزَيََغَ‬
‫نَلدَنَهَرَحَمةَ‪َ،‬إَنَهَهَوَالوَهَاب‪َ.‬‬
‫قَلَوبَناَبَعَدََإَذَهَدَانا‪َ،‬وَيَهَبََ َلناَمَ َ‬

‫وَالحَمَدَهللَرَبََالعَالمين‪َ،‬وَصَلَوَاتَهَعَلَىَأَشَرَفَالمَرَسَلينَ‪َ.‬‬

‫ب‪َ:‬الحمدَهللَربَالعالمين)‪.‬‬
‫قال ‪( :‬فأجا َ‬

‫قول المصنف ‪ ‬تعَالى‪(َ:‬الحمَدَهللَربَالعَالمين)َلَمَيَذكرَالشَيخَتقَيَالَدينَيفَ‬

‫اإلجابةَالصلةَعلىَالنبيَ‪َ،‬وهذاَمنَالشيخَبناءَعلىَماَيراهَهوَفإنهَقدَذكرَأنَهَ‬

‫لمَيقفَعلىَحديثَيدلَعلىَلزومَافتتاحَالكلمَبالصَلةَعلَىَالنبَيَ‪َ،‬وإنمَاَ‬

‫الذيَوردَافتتاحَالكلمَبالحمدلةَوبالشهادة‪َ،‬فتكَونَالصَلةَعلَىَالنبَيَ‪َ‬تبعَاَ‬

‫للشََهادة‪َ،‬ولََذلكَتجََدَكثيََراَمََنَرسََائلهَيبتََدئهاَبالحمدلََةَوالشََهادة‪َ،‬ويصََليَعلََىَالنبََيَ‬

‫‪َ‬تبعاَلذكرهَعندَالشهادة‪َ.‬‬

‫أنََاَقصََديَمََنَهََذاَأنَالشَيخَحينمََاَلََمَيََردَالصََلةَعلََىَالنبََيَ‪َ‬يفَهََذهَ‬

‫الرسالةَويفَصدرهاَكانَذلكَعنَعلمَوليسَذلكَعنَسهوَفإنَهَيَرىَأنَالصَلةَيفَالبتَداءَ‬

‫ليسَلهاَفضلَواردَوإنَكانمَجائزةََلَشكَوداخلةَيفَعمومَالفضل‪َ،‬وإنماَقدَيكونَالفضلَ‬

‫يفَآخََرَالكََلمَحينمََاَيكََونَهنََاكَدعََاءَتناسََبَأنَيكََونَمََعَالََدعاءَالص َلةَعلََىَالنبََيَ‬

‫‪َ‬لنهَوردَيفَعددَمنَاآلثارَأنَمنَأسبابَإجابَةَالَدعاءَأنَيقَرنَبالصَلةَعلَىَ‬
‫‪12‬‬

‫النبَََيَ‪َ.‬وأمََاَالحمدلَََةَفالحَََديثَفيهَََاَمعَََروفَللجميَََعَوهَََوَق ول النب يَ‬

‫‪«َ:‬كل أمر ل يبدأ فيه بحمد الل فهو أبتر»َأي‪َ:‬ناقص‪ََ.‬‬

‫ق ال ‪( :‬أم َاَالوص َية‪َ:‬فم َاَأعل َمَوص َيةَأنف َعَم َنَوص َيةَاهللَورس َولهَلم َنَعقلهََاَ‬

‫واتبعها)‪َ.‬‬

‫ََقول المصنفَ‪َ‬تعالى‪(َ:‬أماَالوصية)َفمراده الوصيةَالتيَسألَعنهاَالسَائلَوهَو‪َ:‬‬

‫أنَيوصيهَبماَفيهَصلحَدينهَودنياهَهذاَالمرادَفقوله‪(َ:‬الوصية)َ"أل"َهناَللعهدَللوصيةَالتَيَ‬

‫طلبتهاَيفَسؤالكَالمتقدمَأول‪َ.‬‬

‫َوقوله‪(َ:‬فماَأعلمَوصيةَأنفعَمنَوصيةَاهللَورسولهَلمنَعقلهاَواتبعها)َهذهَكلمةَجامعةَ‬

‫جليلةَويجبَأنَتكونَبينَعينيَطالبَالعلم‪َ،‬وذلكَأنَالخيرَكلهَيفَكلمَاهللَوكَلمَرسَولهَ‬

‫‪َ،‬ومهماَابتغىَالمرءَالخيرَوالهَدىَوالعلَمَيفَغيَرَكَلمَاهللَوكَلمَرسَولَاهللَ‬

‫‪َ‬فإنهَحينَذاكَيكونَقدَابتعدَعنَالطريقَالسويَالقويم‪َ،‬ولذلكَجاءَعَنَعمَرَ‬

‫بنَعبدَالعزيزَ‪ ‬تعَالىَأنَهَقيَلَلَه‪َ:‬إنَأقوامَاَيعظَونَبأشَياءَمَنَغيَرَالكتَابَوالسَنةَ‬

‫فقال‪«َ:‬منَلمَيتعظَبالكتابَوالسنةَفلَوعظهَاهلل»‪َ.‬فالعظةَإنماَتكونَبمَاَيفَالكتَابَوالسَنةَ‬

‫أعني‪َ:‬لمنَعرفَمعناهاَبأنَفقهَدلئَلَألفاظهَاَوفهَمَالمقصَودَمنهَا‪َ،‬ومَنَلَمَيَتعظَبَذلكَ‬

‫وإنماَيتعظَبغيرهَمنَالمَورَالتَيَيفعلهَاَبعَضَالنَاسَبقصَدَتَوعيظَالنَاسَوتخَويفهمَمَنَ‬

‫بعضَالفعالَومنَبعضَالقوالَفلَشكَأنهَيلزمهَأ َنَيراجعَقلبَهَوأنَينظَرَيفَعملَهَوينظَرَ‬

‫يفَصدقهَفإنَأعظمَالكلمَكلمَاهللَ‪ ‬وخيرَالهديَهديَرسولَاهللَ‪َ‬وشرَ‬

‫المورَمحدثاهتاَكماَجاءَعنَالنبيَ‪َ.‬‬
‫‪13‬‬

‫ثم إن بعد ذلكَالمصنفَبينَأنَالنتفاعَبوصيةَاهللَوكلمهَوبوصَيةَرسَولهَوبكلمَهَلهَاَ‬

‫قيدان‪َ:‬‬

‫‪َ‬أنَيعقََلَمعناهََاَبََأنَيعََرفَالمعنََى‪َ،‬ومعرفََةَالمعََانَلَيسََتويَالنََاسَفيََه‪َ،‬بََلَإنَ‬

‫بعضهمَيكونَأعلمَمنَبعَضَيفَكَلمَاهللَوكَلمَرسَولهَبحسَبَمَاَعلَمَمَنَلسَانَالعَربَ‬

‫وبحسبَماَعلمَمنَعمومَكلمَاهللَوكلمَرسوله‪َ،‬إذَكلمَاهللَبعضهَيفسرَبعضا‪َ.‬‬

‫‪َ‬والقيد الثاين‪َ:‬قوله‪(َ:‬واتبعها)َوهذاَقيدَمهَم‪َ،‬إذَمَنَأعظَمَالمَورَالتَيَتَؤديَللعلَمَ‬

‫بكلمَاهللَوكلمَرسولهَالعملَفإنَأعظَمَطريَقَللعلَمَالعمَل‪َ،‬فمَنَعمَلَبمَاَتعلَمَزادهَاهللَ‬

‫‪ ‬علما‪َ،‬واكتسبَعلمَماَلمَيعلم‪َ،‬هذهَقاعدةَإنمَاَتوجَدَيفَديَنَاهللَ‪ ‬فاعمَلَبمَاَ‬

‫تعلممَقدرَاسَتطاعتك‪َ،‬وكلمَاَاتبعَمَأوامَرَاهللَوأوامَرَرسَولهَ‪َ‬انتفعَمَبمَاَ‬

‫تعلممَواكتسبمَعلمَماَلمَتعلم‪َ،‬وهذاَمؤدىَكلمَالشيخ‪(َ:‬لمنَعقلهاَواتبعها)‪َ.‬‬

‫ثمَشرعَبعدَذلكَيفَذكرَوصيةَيفَكتابَاهللَ‪ ‬فيهاَجماعَخيريَالدنياَواآلخرة‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬قالَتعالى‪﴿َ:‬ولقدَوصيناَالذينَأوتواَالكتَابَمَنَقَبلكمَوإيَاكمَأنَاتقَواَ‬

‫اهلل﴾َ[النساء‪َ.)]131:‬‬

‫َهذهَاآليةَالعظيمةَفيهاَوصيةَاآلدميينَجميعاَ﴿ولق د وص ينا ال ذين أوت وا الكت اب﴾َمَنَ‬

‫اليهَودَوالنصَارىَوغيََرهمَممَنَأوتََواَكتبَاَ﴿م ن ق بلكم وإي اكم﴾َأي‪َ:‬ووصََيناكمَمثَلَمََاَ‬

‫أوصيناهمَ﴿أن اتقوا الل﴾َفهذهَالكلمةَتقوىَاهللَ‪َ‬كلمةَعظيمة‪َ،‬ولكنَللسَفَأنَهَذهَ‬

‫الكلمةَتقرعَأسماعناَكثيراَولكنناَلَنتفكرَيفَمعانيهاَودلئلها‪َ،‬ولَوَنظَرَالمَرءَيفَالَدينَكلَهَ‬

‫منَالتوحيدَإلىَمنتهىَأقلَالعمالَالمندوبةَفيهَفإنهَسيجدَأنهاَجميعَاَتَدورَيفَفلَكَتقَوىَ‬
‫‪14‬‬

‫اهللَ‪َ،‬وهذهَالوصَيةَبتقَوىَاهللَ‪ ‬وصَيةَيجَبَعلَىَالمسَلمَأنَيوصَيَغيَرهَ َا‪َ،‬‬

‫ولذلكَقررَعلماؤناَ‪َ‬تعالىَأنَالخطيَبَيجَبَعليَهَأنَيَأمرَالنَاسَبموعظَة‪َ،‬ق الوا‪َ:‬‬

‫«وأقلهاَأنَيقول‪َ:‬اتقواَاهلل»‪َ،‬فَالمرَبتقَوىَاهللَ‪َ‬وصَيةَعظيمَةَيفَالكتَابَوهَيَوصَيةَ‬

‫يحسنَبالمسلمَبَلَيلزمَهَأحيانَنَأنَيعَظَأخَاهَالمسَلمَ َا‪َ،‬والنبَيَ‪َ‬يفَخطبَةَ‬

‫الحاجةَالتيَكانَيخطبهاَيفَالجمعةَويفَغيرهاَكذلكَيفَالنكاحَوغيَره‪َ،‬كَانَيفتتحهَاَبَثلثَ‬

‫آيََاتَكلهََاَفيهََاَأمََرَبتقََوىَاهللَ‪َ،‬فََالمرَبََالتقوىَلفظََةَسََهلة‪َ،‬لكََنَاكتسََابَمعناهََاَ‬

‫ومعرفةَدلئلهاَهذاَالذيَيفَفلكهَيدورَأهلَالعلمَجميعَاَيفَكلمهَمَوالنظَرَيفَأفعَالهمَإنمَاَ‬

‫يدورَعلىَماَيتعلقَبتقوىَاهلل‪ََ.‬‬

‫قال ‪( :‬ووصىَالنبيَ‪َ‬معاذاَ‪ ‬لماَبعثهَإلىَالَيمن؛َفقَال‪«َ:‬ي ا‬

‫معاذ؛ اتق الل حيثما كنت‪ ،‬وأتبع السيئة الحسنة تمحها‪ ،‬وخالق الناس بخلق حسن»)‪َ.‬‬

‫هَذهَالوصََيةَهَيَمفسََرةَلتيََةَالتَيَيفَكتََابَاهللَ‪َ،‬وصَىَالنبََيَ‪ََ َ‬اَ‬

‫معاذاَوهيَمتكونةَمنَثلثَجمل‪ََ:‬‬

‫• «يا معاذ؛ اتق الل حيثما كنت»‪َ.‬‬

‫• والثانية‪«َ:‬وأتبع السيئة الحسنة تمحها»‪َ.‬‬

‫• والثالثة‪«َ:‬وخالق الناس بخلق حسن»‪ََ.‬‬

‫َوهَََذهَالجمَََلَالَََثلثَهَََيَمَََنَبَََابَعطَََفَالخَََاصَعلَََىَالعَََامَفَََإنَق ول النب يَ‬

‫‪«َ:‬اتق الل حيثما كن ت»َتشَملَمَاَبعَدها‪َ،‬وإنمَاَمَاَبعَدهاَهَوَمحقَقَلهَاَأي‪َ:‬‬

‫محققَللتقوىَومكملَلها‪َ،‬وسيفصلَالمصنفَيفَشَرحَهَذهَالكلمَاتَالَثلث‪َ:‬يفَالتقَوى‪َ،‬‬
‫‪15‬‬

‫واتباعَالحسنة‪َ،‬ومخالطةَالناسَبالخلقَالحسن‪ََ.‬‬

‫قال ‪( :‬وكانَمعاذَ‪َ‬منَالنبيَ‪َ‬بمنزلةَعلية؛َفإنَهَقَالَلَه‪«َ:‬ي ا‬

‫معاذ؛ والل إني لحبك»‪َ،‬وكانَيردفهَوراءه‪َ.‬‬

‫ورويَفيََه‪َ:‬أن َهَ«أعل م الم ة ب الحلل والح رام»‪َ.‬وأن َهَ«يحش ر أم ام العلم اء برت وة»َأيَ‬

‫بخطوة‪ََ.‬‬

‫ومنَفضله‪َ:‬أنهَبعثهَالنبيَ‪َ‬مبلغَاَعنَهَداعيَا‪َ،‬ومفقهَا‪َ،‬ومفتيَا‪َ،‬وحاكمَاَإلَىَ‬

‫أهلَاليمن)‪َ.‬‬

‫هََذهَالكلمََاتَالتََيَأوردهََاَالشَيخَأرادَأنَيبََينَأهميََةَهََذهَالوصََيةَالتََيَأوصََىَالنبََيَ‬

‫‪ََ َ‬اَمعََاذا‪َ،‬وذلََكَأنَمعََاذَلََهَخصََائصَليسََمَلغيََرهَمََنَالنََاسَسََواءَمََنَ‬

‫الص َحابةَأوَمََنَغيََرهم‪َ،‬كمََاَقََالَأبََوَعبيََدَالقاسََمَالسََلمَ‪َ‬تع َالى‪«َ:‬فض َلَالنبََيَ‬

‫‪َ‬معاذاَعلىَكثيرَمنَأصحابهَبأمور»َوعَدَبعَضَهَذهَالشَياء‪َ،‬فمعَاذَ‪َ ‬‬

‫فضلَكثيراَمنَأصَحابَالنبَيَ‪َ‬بَأمور‪َ،‬وهَذاَمعنَىَق ول الش ي ‪(َ:‬وكَانَمعَاذَ‬

‫‪َ‬مََنَالنبََيَ‪َ‬بمنزلََةَعليََةَ)َفََذكرَبعََضَفضََائلهَفق ال‪(َ:‬فإنََه)َأي‪َ:‬النبََيَ‬

‫‪(َ‬قالَله‪«َ:‬يا معاذ؛ والل إني لحبك»)َوسببَإيرادَهذهَالجملةَأنَالعادةَأنَمنَ‬

‫أحبَشخصاَفإنهَيصدقَلهَيفَالنصيحة‪َ،‬والنبيَ‪َ‬أحبَمعاذاَولَذاَفلمَاَنصَحهَ‬

‫صدقَلهَيفَالنصيحة‪َ،‬وتلفظَلهَبكلماتَجامعاتَفيهاَخيرَالدنياَواآلخرة‪َ.‬‬

‫ثم قال بعد ذلك‪(َ:‬وكانَيردفهَوراءه)َهَذاَالوصَفَلمعَاذَ‪َ‬يَدلَعلَىَفضَله‪َ،‬إذَ‬

‫الصََلَوالقاعََدةَيفَحََالَأصََحابَالنبََيَ‪َ‬ويفَحََالَالنََاسَيفَزمََنَالنبََيَ‬
‫‪16‬‬

‫‪َ‬وبعدهَأنَالفضلَهوَالذيَيكونَأقربَجسدا‪َ،‬كَلماَكانَأفضَلَصَلحاَوبَراَ‬

‫ومكانةَكلماَكَانَأقَرب‪َ،‬وبن اء عل ى ذل كَأنَالنبَيَ‪َ‬ق ال‪«َ:‬ليلن ي م نكم أول وا‬

‫الحلم والنهى»َوهذاَصريحَيفَأنَمنَكانَأقربَإليهَفإنهَيستلزمَأنَيكونَمنَأوليَالحلمَ‬

‫والنهىَوالعلمَوالفضل‪َ،‬وبنىَالعلماءَعلىَهذاَقاعَدة‪َ،‬فقَدَذكَرَالعلمَاءَيفَقواعَدَال جَيحَ‬

‫بينَالدلةَأنَالدليلينَالنقليينَإذاَورداَعنَالنبيََ‪َ‬ولَيمكنَالجمعَبينهمَاَفإنَهَ‬

‫يحكمَب جيحَأحدهماَإذاَكانَالراويَبأحدَالحديثينَأقربَللنبيَ‪َ.‬‬

‫َإذن‪َ:‬قصَََديَمَََنَهَََذاَكلَََهَأنَنعَََرفَأنَمَََاَأشَََارَإليَََهَالشَََيخَمَََنَكَََونَالنبَََيَ‬

‫‪َ‬كانَيردفَمعاذاَمعهَعلىَدابته‪َ،‬فيردفهَمعهَفيركبانَمعاَعلىَدابةَواحَدةَ‬

‫ويمََسَجلََدَمعََاذََالجلََدَالشََريفَللنبََيَ‪َ،‬ويكََونَجسََمهَمَلصََقاَلجسََمهَ‬

‫‪َ‬فإنَهذاَشرفَولَشكَويدلَعلىَفضلَمعَاذَلَلمجَردَذلَكَوإنمَاَلمكانتَهَ‬

‫علماَوفضلَوعقلَوهوَالنهىَوماَرزقهَاهللَ‪ ‬منَمعرفةَبالحللَوالحرام‪َ.‬‬

‫ثم قال‪(َ:‬ورويَفيه)َقوله‪(َ:‬وروي)َجرتَعادةَكثيَرَمَنَالمتَأخرينَكمَاَنبَهَعلَىَذلَكَ‬

‫النوويَيفَكتابَ«التقريب»َأنَهَإذاَبنَيَهَذاَاللفَظَعلَىَالمجهَولَفإنَهَيكَونَإشَارةَإلَىَأنَ‬

‫الحديثَضعيف‪َ،‬وهَذاَالسَتخدامَيسَتخدمهَالمتَأخرونَلكنَهَلَيسَمَطَرداَفَإنهمَيطلقونَهَ‬

‫أحياننَولَيقصدونَبهَهذاَالستخدامَعموماَفلَيلتزمَهذاَالسَتخدامَالجميَع‪َ،‬قلَمَأقَولَ‬

‫هذاَلم؟َلنَهذاَالحديثَالولَالذيَأوردهَالمصَنفَوهَوَمَاَجَاءَأنَمعَاذَ‪َ‬أعلَمَ‬

‫أمةَمحمدَ‪َ‬يفَالحللَوالحرامَهَوَحَديثَصَحيح‪َ،‬فقَدَرواهَالترمَذيَوغيَرهَ‬

‫منَحديثَأنسَ‪َ‬وقال الترمذي‪«َ:‬إنهَحديثَحسنَصحيح»‪َ،‬ولكَنَربمَاَكَانَإيمَاءَ‬
‫‪17‬‬

‫الشيخَببناءَالفعلَعلىَالمجهولَلماَبعدهَمنَالحاديثَالتيَبعدها‪َ،‬فالحَديثَالولَفيَهَأنَ‬

‫النبيَ‪َ‬أخَربَأنَمَعَاذاَأعلَمَأمَةَمحمَدَ‪َ‬بَالحللَوالحَرامَوهَذاَ‬

‫يدلناَعلىَأنَمَعاذاَكانَعالما‪َ،‬ومَنَكَانَعالمَاَفَإنَنصَيحتهَتختلَفَعَنَنصَيحةَغيَرهَمَنَ‬

‫الناس‪َ،‬إذَالعالمَيحتاجَإلىَأمرينَلتذكيرَويحتاجَلمعرفةَمَاَلَمَيعلَم‪َ،‬إذَمَاَمَنَأحَدَيكَونَ‬

‫عالماَالعلمَكله‪َ،‬كما قال الخض ر لموس ى ‪«َ:‬مَاَنقَصَعلمَيَوعلمَكَمَنَعلَمَ‬

‫الجبارَ‪ ‬إلَكماَأخذَهذاَالعصفورَمنَالبحر»‪َ،‬فالعالمَيحتاجَإلىَوصاياَتكَونَأشَملَ‬

‫وأدقَوأكمل‪َ،‬فالعالمَيحتاجَإلَىَأنَتكَونَالوصَاياَالخارجَةَمنَهَأشَملَوأتَمَوأكمَلَالتَيَ‬

‫تصدرَلهَتكونَكذلك‪َ.‬‬

‫ثم قال‪(َ:‬ورويَأنهَ«يحشر أمام العلماء برتوة»)َقول ه‪«َ:‬أم ام العلم اء»َأي‪َ:‬يكَونَمتقَدماَ‬

‫أمامَالعلماء‪َ،‬وهذاَالحديثَرويَبألفاظَمتعددةَمنهاَماَجَاءَعنَدَأبَيَنعَيمَيفَ«الحلي ة»َمَنَ‬

‫حديثَأنَمَعاذاَ‪« ‬أمام العلم اء»َمَنَغيَرَزيَادةَ«يحش ر»َفيكَونَ«يحش ر»َمَنَبَابَ‬

‫تفسيرَأهلَالعلمَماَمعنىَأنَيكونَأمامَالعلماء؟َأي‪َ:‬يومَالقيامةَيفَالمحشر‪َ،‬وقوله‪«َ:‬برت وة»َ‬

‫فسرهاَالمصنفَبأنهاَخَطوة‪َ،‬وكذاَجاءَعنَأبيَضَمرةَراويَالحَديثَفق ال‪«َ:‬إنهَاَخطَوةَأوَ‬

‫أكثر»َفدلَذلكَعلىَأنَمعاذاَ‪ ‬يأيتَيومَالقيامَةَيفَزمَرةَالعلمَاء‪َ،‬وأنَهَيكَونَمَتقَدماَ‬

‫عليهم‪َ،‬إذَالعلماءَوإنَكانَهذاَالوصَفَيصَدقَعلَىَكثيَرَمَنَالنَاسَإلَأنهَمَليسَواَدرجَةَ‬

‫واحََدة‪َ،‬وهََذاَمسََلمَلَيفَالعلََمَولَيفَاإلمامََةَيفَالََدينَولَيفَالصََدقَمََعَاهللَ‪َ‬فيمََاَ‬

‫يبذلونه‪َ،‬ومعاذَ‪َ‬هوَالمتقدمَعلىَهؤلءَكلهم‪َ،‬ولذاَفإنَالقتداءَ ديَمعَاذَوخاصَةَ‬

‫لطلبةَالعلمَمهمَوسأشيرَإليهَعندَانتهاءَالكلمَيفَفضائلهَ‪ََ.‬‬
‫‪18‬‬

‫ق ال‪(َ:‬ومَنَفضَله)َأي‪َ:‬معََاذَ‪( ‬أنَهَبعثَهَالنبََيَ‪َ‬مبلغَاَعنَهَداعيَا‪َ،‬‬

‫ومفقها‪َ،‬ومفتيا‪َ،‬وحاكماَإلىَأهلَالَيمن)َفهَذهَتَدلَعلَىَالنيابَةَعَنَالنبَيَ‪َ‬يفَ‬

‫هذهَالمور‪َ.‬‬

‫المقصود‪َ:‬منَهذاَكلَهَأنَمَعَاذاَاخَتصَبثلثَةَخصَائصَوردتَيفَهَذهَالحاديَث‪َ:‬أنَهَ‬

‫كانَعالم‪َ،‬وأنَالنبيَ‪َ‬كَانَيحبَه‪َ،‬وأنَهَكَانَقريبَاَمَنَالنبَيَ‪َ‬بَدناَ‬

‫وقريبَمنهَأيضنَقلباَلجلَالمحبةَولكونَالنبيَ‪َ‬أنابهَعنه‪َ،‬فالنبيَلمَينَبَعنَهَ‬

‫يفَالقضاءَوالفتوىَإلَأكابرَالصحابةَكعليَومعاذََ–َرضيَاهللَعنَالجميعَ–َوهذاَيدلناَكلَهَ‬

‫علىَأنَوصيةَالنبيَ‪َ‬لمعَاذَوصَيةَتسَتحقَالوقَوفَمعهَا‪َ،‬وتسَتحقَالتأمَلَيفَ‬

‫دلئلَألفاظها‪َ،‬والنظرَفيها‪َ،‬ولذلكَاستحبَالعلماءَ–َكماَقلمَلكَمَقبَلَ–َأنَيقتَدىَطلبَةَ‬

‫العلمَ ديَاثنينَمنَالصحابة‪َ:‬هديَعبَدَاهللَبَنَمسَعودَ‪ ‬بَنَأمَعبَد‪َ،‬و َديَمعَاذَ‬

‫‪َ‬فإنَهديهماَعظيمَولعلهَيكونَلذلكَحديثَبعدَذلكَمنفصل‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬وكانَيشبههَبإبراهيمَالخليلَ♠‪َ،‬وإبراهيمَإمامَالناس‪َ.‬‬

‫وكََانَابََنَمسََعودَ◙َيقََول‪«َ:‬إن مع اذا ك ان أم ة قانت ا لل حنيف ا‪ ،‬ول م ي ك م ن‬

‫المشركين»؛َتشبيهاَلهَبإبراهيمَ)‪ََ.‬‬

‫قول المصنفَهنا‪(َ:‬وكانَيشَبهه)َيحتمَلَأنَتكَونَ"وكَانَيشَبه"َأي‪َ:‬وكَانَمعَاذَيشَبهَ‬

‫بإبراهيمَ‪َ،‬ويمكنَأنَتكونَ"وكانَيشَبهه"َفيكَونَالمشَبهَهَوَالنبَيَ‪َ‬‬

‫وسيأيتَماَيتعلقَبذلكَبعدَقليل‪ََ.‬‬

‫َقال‪(َ:‬وكانَيشبههَبإبراهيمَالخليلَ♠‪َ،‬وإبراهيمَإمامَالناس)َهناكَقاعَدةَيفَاللغَةَ‬
‫‪19‬‬

‫أنَالتشبيهَلَيقتضيَالتشبيهَمنَكلَوجه‪َ،‬وإنماَيكونَمنَوجَهَدونَوجَه‪َ،‬عنَدماَيشَبهَامَرؤَ‬

‫بنبيَمنَأنبياءَاهللَ‪ ‬كإبراهيمَأوَأيوبَيفَالصربَأوَموسَىَفيمَاَيتعلَقَباإليَذاءَ‪‬‬

‫أوَعيسىَأوَمحمدَ‪َ‬فإنهَلَيقتضيَأنَالمشبهَبهَيكونَمثلهَمطلقَا‪َ،‬فيكَونَمثلَهَ‬

‫نبياَويكونَمثلهَفاضلَويكونَمثلهَيفَأعلىَدرجاتَالجنةَونحوَذلك‪َ،‬وإنماَالتشَبيهَيقتضَيَ‬

‫التشبيهَيفَبعضَالمورَالتيَتكونَظاهرةَلبدَأنَيكونَذلكَالمرَأمَراَظَاهرا‪َ،‬وبَينَالشَيخَ‬

‫تقيَالدينَوجهَشبهَمعاذَ‪ ‬بإبراهيمَوهوَأنَإبراهيمَكانَإمامَالنَاسَفهَوَإمَامَللنَاسَ‬

‫يفَزمانََهَوبعََده‪َ،‬ولََذاَكانََمَالنبََوةَيفَذريََةَإبََراهيمَ‪﴿ ‬م ا ك ان إب راهيم يهودي ا ول‬

‫نصرانيا﴾ [آل عمران‪َ]٦٧:‬وإنماَعيسىَوموسىَومحمدَكلهمَكَانواَعلَىَالحنيفيَةَالسَمحةَ‬

‫ملةَإبراهيمَ‪َ،‬ثَمَبعَثَاهللَ‪َ‬لهَمَشَرائعَزائَدةَعلَىَمَاَجَاءتَيفَملَةَإبَراهيمَ‬

‫‪َ،‬فإبراهيمَكَانَإمامَاَيقتَدىَبَه‪َ،‬وكَذلكَمعَاذَ‪ ‬ولَذاَفَإنَالحاديَثَالتَيَ‬

‫رواهاَمعاذَوالحكامَالتيَأفتىَ اَمعاذَ‪ ‬يفَدرجَةََعاليَةَعنَدَفقهَاءَالمسَلمينَومَرَ‬

‫معناَقبلَأنَمنَقواعدَال جيحَعندَبعضَأهلَالعلمَال جيحَبماَرواهَالفقيه‪َ،‬وهَذاَوإنَقَالَ‬

‫بََهَالحنفيََةَوردَعلََيهمَغيََرهمَإلَأنَالفقهََاءَيقولََونَبََال جيحَبََذلكَلكََنَلَعلََىَسََبيلَ‬

‫اإلطلقَكماَقالَالحنفية‪َ،‬وإنماَبقيودَأوردوهاَيفَمحلهاَمذكورةَيفَكتبَالصول‪َ.‬‬

‫ثمَقال الشي ‪(َ:‬وكانَابنَمسعودَ‪َ‬يقول‪«َ:‬إن معاذا ك ان أم ة قانت ا لل حنيف ا‪ ،‬ول م‬

‫ي ك م ن المش ركين»؛َتش َبيهاَلََهَبََإبراهيم‪َ).‬لنَاآليََة‪﴿َ:‬إن إب راهيم ك ان أم ة قانت ا لل ه﴾‬

‫[النحل‪َ]١٢٠:‬وقدَجاءَأنَابنَمسعودَلماَقالَهذاَالكلمَقالَلهَصَاحبهَالَذيَكَانَبجانبَه‪َ:‬‬

‫«لعلكَأخطأتَإنَإبراهيمَكانَأمة»‪َ،‬فقال ابن مسعودَ‪«َ:‬إنَمعَاذاَكَانَأمَة»َيجعلهَاَ‬


‫‪20‬‬

‫طالبَالعلمَنصبَعينيهَدائماَفإنَالنبيَ‪َ‬أوصىَ اَمَنَهَوَمَنَأحَبَأصَحابهَ‬

‫إليهَومنَهوَمنَكانَمنَأصحابهَعالماَيقتدىَبه‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وهيَكذلكَلمنَعقلها)‪َ.‬‬

‫قوله‪(َ:‬وهيَكذلكَلمنَعقلها)َأي‪َ:‬تعلمهاَكماَذكرتَلكم‪َ،‬فيجبَعلىَطالبَالعلَمَأنَ‬

‫يعتنيَ ا‪َ،‬ولَيكونَآخرَعهدهَ اَأنَيقرأهاَمرةَثمَيكتفي‪ََ.‬‬

‫قال‪(َ:‬معَأنهاَتفسيرَالوصيةَالقرآنيةَ)‪َ.‬‬

‫قوله‪(َ:‬معَأنهاَتفسيرَالوصيةَالقرآنيةَ)َيدلناَعلىَمسألةَوهو‪َ:‬أنَالقرآنَلَمَيَدعَشَاذةَولَ‬

‫فاذةَولَصغيرةَولَكبيرةَإلَبينهاَولوَأنَاهللَ‪َ‬فتحَعلىَالعبدَالخيَرَلكتشَفَمَنَهَذهَ‬

‫الوصيةَيفَالقرآن‪َ،‬الوصيةَبتقوىَاهللَلدلَعلىَهذهَالمعانَالثلثَالتيَوردتَيفَوصيةَالنبيَ‬

‫‪َ‬لمعاذ‪َ،‬ولكنَلماَكانَالناسَعقولهمَوعلومهمَقاصرةَكانواَمحتاجينَلماَيبينَ‬

‫القرآنَوهوَسنةَالنبيَ‪َ،‬وقدَقالَالنبيَ‪«َ:‬أل وإن ي أوتي ت الق رآن‬

‫ومثله معه»‪َ،‬يعني‪َ:‬مبينةَلهَوهيَالسنة‪ََ.‬‬

‫قال ‪( :‬أماَبيانَجمعها‪َ:‬فلنَالعبدَعليهَحقان‪َ:‬‬

‫‪ -‬حقَهللَ‪َ.‬‬

‫‪ -‬وحقَلعباده)‪َ.‬‬

‫يقول الشي ‪َ‬تعالى‪(َ:‬أماَبيانَجمعها)َأي‪َ:‬وأماَجمعَهذهَالكلمَاتَالَثلث‪َ:‬اتَقَ‬

‫اهللَحيثماَكنم‪َ،‬والثانية‪َ:‬وأتبعَالسيئةَالحسنةَتمحهَا‪َ،‬والثالث ة‪َ:‬وخَالقَالنَاسَبخلَقَحسَن‪َ،‬‬

‫لماذاَجمعَهذهَالكلماتَالثلث؟َقال‪َ:‬لنَالحقوقَالتيَتجبَعلىَاآلدميَحقان‪َ:‬‬
‫‪21‬‬

‫‪َ‬إم ا ح ق لل ‪‬؛َوأعظمََهَإفََرادَاهللَ‪َ‬بالعبََادةَوهََو‪َ:‬التوحيََد‪َ،‬ثََمَبعََدَذلََكَ‬

‫النكفافَعنَالنواهيَوالمتثالَللوامر‪َ،‬وقدَتنازعَالعلماءَ‪ ‬تعالىَأيهمَاَأولَىَعنَدَ‬

‫التعارض‪َ،‬فعلَالمرَأمَالنكفافَعنَالنهي؟َهذاَواحد‪َ،‬وإنَق ال بعض هم‪«َ:‬إنَهَلَتعَارضَ‬

‫لنَ ّ‬
‫كلَأمرَهوَانكفافَعنَهني‪َ،‬وكلَهنيَإنماَهَوَامتثَالَلمَرَبالنكفَاف»‪َ،‬ولَذلكَيق ول‪َ:‬‬

‫«المرَضدهَالنهي»‪َ،‬هذاَماَيتعلقَبحقوقَاهللَ‪َ.‬‬

‫‪َ‬وأما حقوُ اآلدميينَفهيَكثيرةَإماَواجبةَبشرعَاهللَ‪َ‬أوَبعقَدَاآلدمَيَمَعَغيَره‪َ،‬‬

‫بأنَيعقدَعقداَإماَعقدَزواجَأوَعقدَبيعَونحوَذلكَمنَالمور‪ََ.‬‬

‫قال ‪( :‬ثمَالحقَالذيَعليهَلَبدَأنَيخلَببعضهَأحيانا‪َ:‬‬

‫‪ -‬إماَبتركَمأمورَبه‪َ.‬‬

‫‪ -‬أوَفعلَمنهيَعنه)‪َ.‬‬

‫يقول الشي ‪(َ:‬ثمَالحَقَالَذيَعليَه)َسَواءَكَانَحَقَهللَ‪َ‬أوَالحَقَلتدمَيَلبَدَأنَ‬

‫يخلَببعضهَأحياننَلبدَأنَيقصَرَفيَه‪َ،‬ومَاَمَنَشَخصَإلَوعنَدهَتقصَير‪َ،‬وقَدَنبَهَالعلمَاءَ‬

‫‪َ‬تعَالىَأنَمَنَظَنَيفَنفسَهَأنَهَلَيخطَهَوأنَهَلَيَذنبَفَإنَهَذاَأولَهلكَه‪َ،‬وأولَ‬

‫علمةَمنَعلماتَعدمَإصابته‪َ،‬ولذلكَفإنَمنَرحمةَاهللَ‪ ‬علىَالعبدَأنَيكونَلهَذنبَ‬

‫ويعرفَذنبه‪َ،‬إنَمنَرحمةَاهللَ‪ ‬علىَالعبَدَأنَيكَونَلَكَذنَبَوأنَتعَرفَذنبَك‪َ،‬وقَدَ‬

‫جاءَعنَإياسَبنَمعاويةَ‪َ‬تَعَالَىَقال‪«َ:‬إنَالعاقَلَالَذيَيعَرفَعيَبَنفسَه‪َ،‬فقيَلَلَه‪َ:‬‬

‫وماَعيبكَياَإياس؟َقال‪َ:‬كثرةَالكلم»‪َ،‬ولذلك فإن المرء إذا عرف ذنبه فإنه يستفيد أمرين‪َ:‬‬

‫‪َ‬تصحيحَذلكَالذنبَبالتوبةَواإلنابةَوالستغفار‪َ.‬‬
‫‪22‬‬

‫‪َ‬والمر الثاين‪َ:‬تحقيرَنفسهَوعَدمَتعظيمهَاَوتَذهللَبَينَالجبَارَ‪َ‬فَإنَلكَلَامَر َ‬

‫ذنبا‪َ،‬ولكنَالمنافقَأحياننَإذاَعرفَذنبهَتصاغره‪َ،‬والمؤمنَإذاَعرفَذنبهَتعاظم‪َ،‬وقدَجاءَيفَ‬

‫الثرَأنَالمؤمنَيرىَذنبهَكالجبلَيكادَيسقطَعلىَرأسَه‪َ،‬والمنَافقَيَرىَذنبَهَكالَذبابَيَأيتَ‬

‫علىَوجههَفيقولَبهَهكَذاَفيَذهب‪َ،‬ولَذلكَفَإنَالمسَلمَيعنَىَدائمَاَبقلبَهَويعنَىَبأعمالَه‪َ،‬‬

‫والذنبَليسَمعناهَارتكابَمحَرمَصَريحَبَلَقَدَيكَونَتقصَيرَيفَأمَرَمَنَالمَورَكمَاَذكَرَ‬

‫الشيخ‪(َ:‬إماَبتركَمأمورَبه‪َ،‬أوَفعلَمنهيَعنه‪َ).‬فالذنبَيشملَالمرين‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬فقالَالنبيَ‪«َ:‬اتق الل حيثما كنت»؛َوهذهَكلمةَجامعة‪َ.‬‬

‫ويفَقوله‪«َ:‬حيثما كنت»َتحقيقَلحاجتهَإلىَالتقوىَفيَالسرَوالعلنية)‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬فقالَالنبيَ‪«َ:‬اتق الل حيثما كنت»)َقال الشي ‪(َ:‬وهذهَكلمَةَجامعَةَ)َ‬

‫«اتق الل حيثما كنت»َفََ"حيثمَا"َكمَاَتعلمَونَمَنَصَيغَالعمَوم‪َ،‬بَلَقرنَمَبََ"مَا"َفتزيَدهاَ‬

‫عموماَفإنهاَتشملَيفَكلَمكانَتكونَفيهَفإنهَيلزمكَتقوىَاهللَ‪َ،‬ويلزمكَأيضَنَيفَكَلَ‬

‫حالَمنَالحوالَالتيَتكونَعليهَاَيفَيقظتَكَسَواءَكنَمَمضَطجعَاَوسَواءَكنَمَجالسَاَأوَ‬

‫قائماَويفَالحوالَالتيَتكَونَفيهَاَيفَمسَجدَويفَالحَوالَالتَيَتكَونَخَارجَمسَجد‪َ،‬ولَذاَ‬

‫كلماَكانَالمرءَمراقباَاهللَ‪ ‬يفَأحوالهَكلهاَكلماَكانَشَأنهَأعظَم‪َ،‬وأنَاَأذكَرَلكَمَبعضَاَ‬

‫منَأخبارَالكملَمنَالناسَالذينَراقبواَاهللَ‪َ‬يفَأحَوالهمَكلَهَاَواسَتحواَمَنَاهللَ‪َ ‬‬

‫كمَالَالحيَاء‪َ،‬وعنَدماَأعبَرَبالكمَلَلَأعنَيَأنَمَاَفعلَوهَيسََتطيعهَكَلَالنَاسَفَإنَيفَذلََكَ‬

‫مشقة‪َ،‬ولكنَكماَذكرتَلكَالناسَيفَالتقوىَدرجاتَكماَأنهمَيفَالعلَمَواإليمَانَدرجَات‪َ،‬‬

‫فمنَأخبارهمَيفَذلكَماَجاءَعنَعثمانَ‪َ،‬فإنَعثمانَ‪ ‬لمَيكَنَيظهَرَعورتَهَ‬
‫‪23‬‬

‫يفَأيَموضعَإلَلحاجةَكقضائهاَأي‪َ:‬كقضاءَالحاجةَوغيرهاَوذلكَمنَحيائهَمنَاهللَ‪َ،‬‬

‫وجاءَعنهَأيضنَ‪ ‬أنهَكانَإذاَدخلَالخلءَغطىَرأسهَحياء‪َ،‬وهذهَمنَصورَمراقبةَاهللَ‬

‫‪ ‬يفَالمواضََعَالتََيَعََادةَمََاَيغفََلَالنََاسَعنهََا‪َ،‬وكََذلكَأيضََنَجََاءَعََنَالص َحابةَ–َ‬

‫رضوانَاهللَعليهمَ–َمنَأفعالهمَخاصةَيفَأمورهمَحينمَاَيكونَونَيفَهجَدةَلَيلهمَويفَحَالَ‬

‫سرهمَماَفيهَخربَعظيمَوعجيبَيرجعَإليهَيفَكتبَالسير‪َ.‬‬

‫قال الشي ‪(َ:‬ويفَقوله‪«َ:‬حيثما كنت»َتحقيقَلحاجتهَإلىَالتقوىَفيَالسرَوالعلنية)َهَذهَ‬

‫فيهاَنكتةَوهوَأنَالتقوىَالعبدَهوَالذيَيحتاجهَا‪َ،‬أنَمَالَذيَتحتَاجَالتقَوىَفَإنَتقَواكَاهللَ‬

‫‪َ‬تنفعكَأنمَولَتنفعَغيركَفَإنَاهللَ‪ ‬غنَيَعَنَالعبَاد‪َ،‬غنَيَعَنَأعمَالهمَلَوَأنَ‬

‫أهلَالرضَجميعنَعبدواَاهللَ‪ ‬أوَعصوهَفإنَعبادهتمَوعصياهنمَلَيَنقصَولَيزيَدَيفَ‬

‫ملكَاهللَ‪ ‬شيئا‪َ،‬فَاهللَهَوَالغنَيَالحميَدَواهللَ‪َ‬هَوَالمسَتغنيَعَنَالعبَاد‪َ،‬فتقَواكَ‬

‫وعملكَبالصَالحاتَوانكفافَكَعَنَالمحرمَاتَإنمَاَهَوَلمصَلحةَنفسَك‪َ،‬ولَذلكَالتفَمَ‬

‫الشيخَلَذلكَفق ال‪(َ:‬تحقيَقَلحاجتَه)َأي‪َ:‬حاجَةَالعبَد‪(َ.‬إلَىَالتقَوىَفَيَالسَرَوالعلنيَة)َ‬

‫العلنية؛َالتقوىَفيهاَأسهلَفإنَالمرءَيستحيَمنَالناس‪َ،‬وأماَالسرَفالتقوىَفيهاَأصَعبَلنَ‬

‫لَرقيبَعليهَإلَاهللَ‪ ‬فحينئذَيكونَالحياءَالكامَلَمَنَاهللَ‪َ،‬ولَذلكَ‬

‫عثمانَلماَكانَيستحيَبعرفَالناسَيفَزماهنمَوإلىَعهدَقريبَأنَيخرجَأمامَالنَاسَكاشَفَ‬

‫الرأسَحاسرهَفإنهَاستحىَمنَاهللَ‪ ‬أنَيكونَحاسرَالرأسَيفَذلكَالموضَعَفكأنَهَأتَىَ‬

‫منَهذاَالباب‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬ثمَقال‪«َ:‬وأتبع السيئة الحس نة تمحه ا»؛َفَإنَالطبيَبَمتَىَتنَاولَالمَريضَ‬


‫‪24‬‬

‫شيئاَمضراَأمرهَبماَيصلحه‪َ.‬‬

‫والذنبَللعبدَكأنهَأمرَحتمَ)‪َ.‬‬

‫َقال الشي ‪(َ:‬ثمَقال‪«َ:‬وأتبع السيئة الحسنة تمحها»)َضربَلذلكَمثالَلطيفَاَقَال‪(َ:‬فَإنَ‬

‫الطبيبَمتَىَتناولَالمريضَشيئاَمضرا)َأي‪َ:‬هوَالذيَيكونَمضراَبهَ(أمرهَبمَاَيصَلحه)َأي‪َ:‬‬

‫بماَيصلحَذلكَالضرر‪َ،‬فعلى سبيل المثال‪َ:‬إذاَأكلَطعاماَضاراَفإنهَيَعطيهَدواءَيكونَسبباَيفَ‬

‫إسهالهَأوَيكونَسبباَيفَقيئهَذلكَالطعامَالذيَضره‪َ،‬ومثله أيضًا‪َ:‬ماَيكونَمَنَالسَمومَالتَيَ‬

‫تدخلَالجسدَاآلدميَفيعملَلهَغسيلَالمعَدةَوغيرهَاَمَنَهَذهَاإلجَراءاتَالتَيَتتخَذَعنَدَ‬

‫الطبيب‪َ.‬‬

‫َإذن‪َ:‬فأنسبَشيءَللمرضَأنَيَعالجَبماَيكونَدافعاَله‪َ.‬‬

‫َقال‪(َ:‬والذنبَللعبدَكأنهَأمرَحتمَ)َيعني‪َ:‬يقول الشي ‪(َ:‬كأنَالنبَيَ‪َ‬حينمَاَ‬

‫قال‪«َ:‬وأتبع السيئة الحسنة»َكأنهَماَمنَامر َمَنَالنَاسَإلَوسَيفعلَسَيئةَويتلَبسَ َا)َكَلَ‬

‫الناسَلبدَأنَيتلبسَبسيئة‪َ،‬وهذاَالذيَذكرتَلكمَقبلَقليلَأنَمَنَظَنَأنَهَلَمَولَنَيتلَبسَ‬

‫َلها‪َ،‬بلَإنَأنبيَاءَاهللَ–َصَلواتَاهللَوسَلمهَعلَيهمَ–َأكثَرَأهَلَ‬
‫َ‬ ‫بسيئةَفإنهَجاهلَبنفسهَظالم‬

‫العلمَعلىَجوازَصدورَصغائرَالذنوبَمنهم‪َ،‬فالصغائرَلَيكادَيسلمَمنهاَأحد‪َ،‬إلَمنَرحمَ‬

‫اهللَ‪ ‬يفَأحيانَمعينةَفكأنَهذاَالحديثَيفَصياغتهَحينماَقال‪«َ:‬أتبع الس يئة»َأي‪َ:‬السَيئةَ‬

‫المتحققةَكأنهَقال‪(َ:‬المتحققة)َفماَمنَامر َإلَوعندهَسيئةَإماَبفعَلَمحَرمَأوَبَ كَمَأمورَ‬

‫بََه‪َ،‬ولَشََكَأنَالسََيئاتَليسََمَدرجََةَواحََدةَبََلَبعضََهاَأعلََىَمََنَبعََض‪َ،‬بعضََهاَكبََائرَ‬

‫وبعضهاَصغائر‪َ،‬والكبائرَدرجات‪َ،‬والصغائرَكذلكَدرجات‪َ،‬وهذاَمعنَىَق ول الش ي ‪(َ:‬بمَاَ‬


‫‪25‬‬

‫يصلحه‪َ.‬والذنبَللعبدَكأنهَأمرَحتمَ)‪َ.‬‬

‫أخذهَمنَلفظَالحديث‪ََ.‬‬

‫ت‪َ.‬‬
‫قال ‪( :‬فالكيسَهوَالذيَلَيزالَيأتيَمنَالحسناتَبماَيمحوَالسيئا َ‬

‫وإنماَقدمَيفَلفظَالحديثَ«السيئة»َ‪-‬وإنَكانمَمفعولةَ‪ -‬لنَالمقصَودَهنَا‪(َ:‬محوهَا)‪َ،‬‬

‫لَ(فعلَالحسنة)؛َفصارَكقولهَيفَبولَالعرابي‪«َ:‬صبوا عليه ذنوبا من ماء»)‪َ.‬‬

‫ت)َالكَيسَ‬
‫قول المصنف‪(َ:‬فالكيسَهوَالذيَلَيزالَيأتيَمنَالحسناتَبماَيمحوَالسيئا َ‬

‫هو‪َ:‬العاقل‪َ،‬والعقلَأولَدرجاتهَالفهمَلكلمَاهللَ‪ ‬فإنَمنَصورَالعقَلَالفهَم‪َ،‬ولَذلكَ‬

‫العقلَنوعان‪َ:‬غريزيَومكتسب‪َ،‬والمكتسبَيتحققَبهَالعلَم‪َ،‬ولَيسَالعقَلَكلَهَغريَزيَبَلَ‬

‫بعضهَمكتسب‪َ،‬وهذاَهوَالمتقررَعندَالمحققين‪َ،‬وبناءَعلىَذلكَفَإنَالعاقَلَهَوَالَذيَفهَمَ‬

‫هذهَالوصيةَمنَالنبيَ‪َ‬فماَزالَيأيتَمنَالحسناتَبماَيمحوَسَيئاتهَسَواءَكانَمَ‬

‫السيئاتَمنَجنسَحسنةَأوَمنَغيرها‪َ،‬وأضربَلذلكَأمثلة‪َ:‬‬

‫‪َ‬فمن كان عنده تقصير يف الصلة‪َ،‬إماَبتفويمَإماَلكليتهاَأوَلبعضَواجباهتَاَأوَإنقَاصَ‬

‫يفَصفةَالطمئنانَفيها‪َ،‬وبعضَمندوباهتاَكالخشوعَوغيرهَفإنَالنوافلَوهَيَالحسَناتَترقَعَ‬

‫ماَتخرقَمنَالصلةَوبذلكَجاءَالحديث‪َ.‬‬

‫‪َ‬ومثله أيضًا نقول فيما يتعلق بالصوم فإنَالصومَيعرضَعليهَيفَرمضانَماَينقصه‪َ،‬إماَ‬

‫بغيبةَأوَنميمةَأوَنحوَذلكَمنَالمور‪َ،‬فإذاَأتبعَالمسلمَصومَرمضانَبصَيامَالنوافَلَوأولهَاَ‬

‫السمَمنَشوالَكَانَيفَذلَكَتكميَلَلجَره‪َ،‬وقَدَجَاءَيفَالحَديثَيفَ«مس لم»‪«َ:‬م ن ص ام‬

‫رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله»َفجعلَالشَرطَاجتمَاعَالم رين‪َ:‬فعَلَ‬


‫‪26‬‬

‫الواجبَثمَاإلتيانَبالمندوبَالذيَيتممَويكملَماَتخرقَمنَالناقصَفيه‪َ.‬‬

‫‪َ‬ومثله أيضًا يقال يف الحجَويفَغيرهاَمنَالعبادات‪َ.‬‬

‫ثمَأتىَالمصنفَبلفظةَبلغيةَجميلةَأوَدللَةَبلغيَةَمَنَالحَديثَفق ال‪(َ:‬وإنمَاَقَدمَيفَ‬

‫لفَظَالحديثَ«السيئة»َ‪َ-‬وإنَكانمَمفعولةَ‪َ)-‬الصلَأنَالحَديث‪"َ:‬وأتبَعَالحسَنةَالسَيئةَ"َ‬

‫لنَالحسنةَمفعولَبهَأولَوالسيئةَمفعولَبهَثانَفهيَالمتبعةَوليسمَهيَالتابعَةَالتَيَتكَونَ‬

‫متقدمة‪َ،‬قال‪َ:‬لكنهَقدمَالمفعولَعليهاَقال‪(َ:‬لنهَاَهَيَالمقصَودة)َإذَتقَديمَالمفعَولَالثَانَ‬

‫علىَالمفعولَالولَيجعلَهَهَوَالمقصَود‪َ،‬كمَاَأنَتقَديمَالمفعَولَعلَىَالفاعَلَيجعلَهَهَوَ‬

‫المقصود‪َ،‬فإذاَأردتَأنَتقولَلشَخصَأوَتتحَدثَعَنَأنَزيَداَضَربَعمَراَوأردتَالتنبيَهَ‬

‫لكونَعمراَهوَالمضروب‪َ،‬فتقول‪َ:‬ضربَعمروَزيَدَفكأنَكَتريَدَأنَتبَينَأنَالمقصَودَهَوَ‬

‫التنبيهَللفعلَالواقعَعلىَعمروَلَالفعلَالواقعَمنَزيدَوهذهَدللةَبلغية‪َ.‬‬

‫ثم قال‪(َ:‬فصَارَكقولَه)َأي‪َ:‬كقَولَالنبَيَ‪(َ‬يفَبَولَالعرابَي‪«َ:‬ص بوا علي ه‬

‫ذنوبا من ماء»)َالصلَيفَالسياقَأنَيقول‪«َ:‬صبوا ذنوب ا م ن م اء عل ى بول ه»َولكَنَلمَاَكَانَ‬

‫المقصودَبيانَصفةَتطهيَرَالبَولَقَدمَالجَارَوالمجَرورَالَذيَمحلَهَالتَأخيرَعلَىَالمفعَولَ‬

‫فقال‪«َ:‬صبوا عليه ّ‬
‫»َلنَهَوَالمقصَودَالتنبيَهَلصَفةَتطهيَرَهَذاَالبَول‪َ،‬وهَذاَلَشَكَأنَهَذاَ‬

‫الكلمَإنماَصدرَمنهَ‪َ‬لكونهَ‪َ‬أويتَجوامعَالكلمَفإنمَاَأوتيهَاَ‬

‫منَبابَالوحي‪َ،‬ولذلكَجزمَجماعةَمنَأهلَالعلمَومنهمَالقاضيَعياضَوغيَرهَأنَمَاَكَانَ‬

‫منَبابَجوامعَالكلمَومنهاَالحديثَالذيَمعناَيفَوصيتهَلمعاذَأنهَوحَيَمَنَاهللَ‪ ‬ولَ‬

‫شكَقطعَا؛َلنَالنبيَ‪َ‬قال‪«َ:‬أوتي ت جوام ع الكل م»َفهَوَوحَيَمنَهَلفظَاَوهَوَ‬


‫‪27‬‬

‫وحيَمنهَمعنىَكذلك‪َ.‬‬

‫طبعنَقوله‪(َ:‬لنَالمقصودَالسيئة)َأي‪َ:‬يعنيَمرادهَأنَالمقصَودَمَنَالحَديثَالتنبيَهَلمَاَ‬

‫يحصلَبهَتكفيرَالسيئاتَهذاَهوَالمقصود‪َ،‬فالمقصودَمنَالحديثَيكَونَحينئَذَمَاَيحصَلَ‬

‫بهَتكفيرَالسيئات‪ََ.‬‬

‫قال ‪( :‬وينبغيَأنَتكونَالحسناتَمنَجنسَالسيئات؛َفإنهَأبلغَيفَالمحوَ)‪َ.‬‬

‫َهذهَمسألةَسبقَاإلشارةَإليهاَأنَالحسنةَإذاَكانَمَمَنَجَنسَالسَيئةَالتَيَفعلهَاَاآلدمَيَ‬

‫فإنهََاَأبلََغَيفَالمحََو‪َ،‬هََذاَمسََلمَيفَالعقََلَويََدلَعليََهَالحاديََثَفََإنَقول ه‪«َ:‬وأتب ع الس يئة‬

‫الحس نة تمحه ا»َفإنَهَيحتمَلَأنَتكَونَالمعهَودةَأي‪َ:‬مَنَجَنسَواحَدَفتكونَانَمَنَجَنسَ‬

‫ت)َولَذلكَفَإنَمَنَ‬
‫واحد‪َ،‬وهذاَمعنىَقوله‪(َ:‬وينبغيَأنَتكَونَالحسَناتَمَنَجَنسَالسَيئا َ‬

‫أخطأَعلىَغيرهَبذمَلهَوغيبةَفعلىَقولَمنَيرىَعدمَلزومَتحليَلَمَنَاغتابَهَفَإنهمَيقول ون‪َ:‬‬

‫«إنَتكفيرَتلكَالسيئةَيكونَبالدعاءَلهَوبالثناءَعليه»َفتكَونَتلَكَالحسَنةَمَنَالجَنس‪َ،‬فأمَاَ‬

‫الدعاءَفإنهَثناءَعليهَعندَالجبارَ‪ ‬وطلبَأنَيثنيَعليَهَالجبَارَ‪َ،‬وأمَاَالثنَاءَعنَدَ‬

‫اآلدميينَفإنهاَمنَبابَذكرَمحاسنَأخيهَالمسلمَوهيَحسنةَفتكَونَمكفَرةَللسَيئةَالتَيَمَنَ‬

‫جنسهاَوهكذاَإنَشئمَأنَتأيتَيفَأغلبَالذنوبَوالسيئاتَفإنَكَسَتأيتَبمثلهَاَوبجنسَهاَمَاَ‬

‫يناسبها‪ََ.‬‬

‫ق ال ‪( :‬وينبغََيَأنَتك َونَالحس َناتَم َنَج َنسَالس َيئات؛َفإن َهَأبل َغَيفَالمح َو‪َ.‬‬

‫والذنوبَيزولَموجبهاَبأشياءَ)‪َ.‬‬

‫ذك رَالمص نفَ‪ ‬تع الى‪(َ:‬والََذنوبَيَزولَموجبهَا)َعب ر المص نف بقول ه‪(َ:‬يَزولَ‬


‫‪28‬‬

‫موجبها)َولم يقل‪«َ:‬تزولَالَذنوب»َلنَموجَبَالَذنبَهَوَالعقوبَة‪َ،‬وأمَاَالَذنبَفقَدَيبقَىَ‬

‫ولكنَيزولَموجبهاَومعَبقاءَالذنب‪َ،‬ولَذلكَفَإنَمَنَأسَماءَالجبَارَ‪َ‬العفَوَوالغفَورَ‬

‫وفرقواَبينَالعفوَوبينَالغفران‪َ،‬أن العفو هو‪َ:‬اإلزالةَبالكلية‪َ،‬بينما الافران ه و‪َ:‬اإلزالَةَللثَرَ‬

‫والموجب‪َ،‬هكذاَذكرَبعضَالعلماءَالذينَشرحواَأسماءَالجبارَ‪َ.‬‬

‫إذن‪َ:‬فإنَتكفيرَالذنوبَتارةَيكونَبمحوهاَكَأنَلَمَتكَنَموجَودة‪َ،‬وتَارةَيكَونَبسَ هاَ‬

‫وتغطيتهاَوعدمَاإلثابةَعليهاَورفعَشؤمهاَفإنَللَذنبَشَؤماَيفَالَدنياَيَراهَالمَرءَيفَدابتَهَويفَ‬

‫أهلهَويفَماله‪َ،‬ولهاَشؤمَيفَاآلخرةَبالعذابَوالنكالَيفَالربزخَويفَاآلخرة‪َ،‬اهللَ‪َ‬تكفيرهَ‬

‫للذنوبَعلىَنوعينَكماَمرَمعنا‪َ،‬وهذاَيَفَرقَاهللَ‪ ‬فيَهَبَينَشَخصَوآخَرَولَشَكَأنَ‬

‫محوَالذنبَبكليتهَأعظمَامتناناَمنَاهللَ‪َ‬وهذاَيكونَلبعضَالناسَدونَبعضَهمَلنَمَنَ‬

‫محيَذنبهَلَيراهَيومَالقيامة‪َ،‬فلَيراهَبالكليةَفَلَيقَعَيفَنفسَهَمَنَالكَدرَويقَعَيفَنفسَهَمَنَ‬

‫الخوفَماَيقعَيفَنفسَغيرهَممنَيراهَوإنَلمَيعاقبَعليهَفيغفرَلهَبذلكَمكانه‪ََ.‬‬

‫ذكََرَالمصََنفَهنََاَأسََبابَإزالََةَموجبََاتَالََذنوبَيفَالََدنياَواآلخََرة‪َ،‬وعََددَبعضََهاَ‬

‫ومكفراتَالذنوبَمتعددةَجداَأفردَفيهاَجماعةَمنَأهَلَالعلَمَكالسَيوطيَوقبلَهَابَنَحجَرَ‬

‫وقبََلَالثنََينَجمََعَالمنََذريَفيهََاَرسََالةَوكثيََرَمََنَأهََلَالعلََمَأيضََنَألفََواَحت َىَبعََضَ‬

‫المسلمينَمنَالمتقدمينَألفواَفيهاَأجزاءَخاصة‪َ،‬والمصَنفَأرادَمَنَذكَرَهَذهَالسَبابَأنَ‬

‫ينبَهَلخطََأَمَنَبعََضَطلبََةَالعلَمَحينمََاَظََنَأنَبعَضَهََذهَالسََبابَمتداخلَةَلََبعضَهََذهَ‬

‫السبابَلتبيينَأنَكلَسببَمنفصلَعنَالسببَاآلخر‪َ،‬فقال‪َ:‬أولهاَأوَأحدها‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬والذنوبَيزولَموجبهاَبأشياء‪َ:‬أحدها‪َ:‬التوبة)‪َ.‬‬
‫‪29‬‬

‫قال‪(َ:‬أحدها‪َ:‬التوبة)َوحكمَالتوبةَبا َاَطويَلَجَداَوواسَعَومَنَأحسَنَمَنَتكلَمَعَنَ‬

‫أحكامَالتوبةَاثنان‪َ:‬ابنَالقيمَبنَقدامةَ‪َ‬تعالىَوابَنَمفلَحَبعَدَذلَكَيفَكتابَهَ«اآلداب‬

‫الشرعية»‪َ،‬فقدَتكلمَواَكلمَاَنفيسَاَعمَاَيتعلَقَبالتوبَةَوشَروطهاَولَزومَتكرارهَاَهَلَيلَزمَ‬

‫تكرارها؟َوإنَلمَيعلمَالمرءَذنبَاَليتَوبَمنَهَأمَل؟َيفَكَلمَنفَيسَومفصَلَيحتَاجَالرجَوعَ‬

‫إليه‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬والثان‪َ:‬الستغفارَمنَغيرَتوبة؛َفإنَاهللَتعالىَقدَيغفرَلهَإجابةَلدعائهَوإنَ‬

‫لمَيتب‪َ.‬فإذاَاجتمعمَالتوبةَوالستغفارَفهوَالكمال)‪َ.‬‬

‫هذهَالنكتةَأرادَأنَيربزهاَالشيخَتقيَالدينَ‪َ‬تعالىَولذلكَذكرها‪َ،‬أرادَأنَيبينَلنَاَ‬

‫الشيخَأنَهناكَسببينَيتحققَ ماَتكفيرَالذنوب‪َ:‬‬

‫‪ -‬أحدها‪َ:‬التوبة‪َ.‬‬

‫‪ -‬والثاين‪َ:‬الستغفار‪َ.‬‬

‫َوالستغفارَلَيستلزمَالتوبة‪َ،‬فقدَتوجدَتوبةَبلَاستغفار‪َ،‬وقدَيوجدَاستغفارَبلَتوبة‪َ،‬إذَ‬

‫التوبةَمتعلقةَبالقلبَوالسَتغفارَمَتعلَقََباللسَان‪َ،‬ولَهَتعلَقَبالقلَبَفَلَاسَتغفارَإلَبطلَبَ‬

‫المغفرةَبأنَيقول‪َ:‬أستغفرَاهلل‪َ،‬هذاَطلبَالمغفرةَأي‪َ:‬أسألكَياَربيَأنَتغفرَذنبي‪َ،‬ولَذاَفَإنَ‬

‫النبََيَ‪َ‬كََانَيجمََعَبينهمََاَفيق ول‪«َ:‬إن ي لس تافر الل وأت وب إلي ه»َفجمََعَبََينَ‬

‫الستغفارَوالتوبةَوالواوَتقتضيَالمغايرةَيفَهذاَالموضَعَوتقتضَيَأيضَنَالجمَعَيفَالسَياقَ‬

‫فهيَبالجمعَوالمغايرةَمعا‪َ،‬فبَينَالنبَيَ‪َ‬أنَالتوبَةَوالسَتغفارَكلهمَاَيَأيتَبَهَ‬

‫النبيَ‪َ.‬‬
‫‪30‬‬

‫َإذن‪َ:‬التوبةَهي‪َ:‬اإلقلعَعنَالذنبَوتركهَمعَالعَزمَعلَىَعَدمَالعَودَلَهَوالنَدمَعلَىَمَاَ‬

‫فعلهَالمرءَقبل‪َ،‬هذهَالمورَالثلثَةَوالركَانَالثلثَةَوالشَروطَهَيَالتَيَتتحقَقَ َاَالتوبَة‪َ،‬‬

‫فمنَأتىَ ذهَالمورَالثلثةَفهوَتائب‪َ،‬وأماَالستغفارَفهَوَطلَبَالمغفَرةَمَنَاهللَ‪ ‬قَدَ‬

‫يكونَالمَرءَمصَراَعلَىَذنبَهَويسَتغفرَاهللَ‪َ،‬اهللَكَريمَفمَعَإصَرارَالعبَدَعلَىَالَذنبَ‬

‫وطلبهَالمغفرةَيغفرَذنبهَالماضَي‪َ،‬بَلَربمَاَغفَرَذنبَهَالمسَتقبل‪«َ،‬إن العب د لي ذنب فيس تافر‬

‫فيافر له ثم يذنب فيستافر فيافر له فما ْال يذنب ويستافر حتى يقول الل ‪ ‬له‪ :‬افع ل م ا‬

‫شئت فقد غفرت لك»َكماَجاءَيفَالحديثَهذاَمنَرحمةَاهللَلبعضَالناسَلَلمطلقَالناس‪َ.‬‬

‫َإذن‪َ:‬يجبَأنَنميزَالتوبةَوبينَالسَتغفار‪َ،‬السَتغفارَطلَبَالمغفَرةَأي‪َ:‬مغفَرةَالَذنبَ‬

‫الذيَفعلتهَولَتلزمَبينهَوبينَالتوبة‪َ.‬‬

‫ولذلكَقال الشي ‪(َ:‬فإ َنَاهللَتعالىَقدَيغفرَلهَإجابةَلدعائه)َالدعاءَهو‪َ:‬الستغفارَوإنَلمَ‬

‫يتََبَقلبََهَوينيََبَ(فَإذاَاجتمعََمَالتوبََةَوالسََتغفارَفهََوَالكمََال)َويفَالغالََبَأنَمََنَقََال‪َ:‬‬

‫أسََتغفرَاهللَوأتََوبَإليََه‪َ،‬وكََانَتلفظََهَ ََذهَالكلمََةَباللسََانَوالقلََبَمعَاَفإنَهَيكََونَجامعَاَ‬

‫لثنتين؛َلنناَعندماَنقولَذكرَالقلبَفإنناَنقصدَبَذكرَالقلَبَوسَيأيتَاإلشَارةَإليَهَأنَالمَرادَ‬

‫بذكرَالقلبَهوَاستشعارَمعنىَالكلمةَالتيَتلفظمَ ا‪َ،‬فعندماَتقول‪َ:‬أستغفرَاهلل‪َ،‬استشَعاركَ‬

‫للستغفارَأنَتستشعرَفضلَاهللَوكرمهَومنتَهَحيَثَسَيمحواَأثَرَهَذاَالَذنبَعنَك‪َ،‬وحينمَاَ‬

‫تقول‪َ:‬وأتوبَإليهَتستشعرَأنكَستقلعَعنَالذنب‪َ،‬وأنكَممتنعَمنهَوأنكَنادمَعلىَفعله‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬الثالث‪َ:‬العمالَالصالحةَالمكفرة)‪َ.‬‬

‫والعمالَالصالحةَكثيرةَجداَسيشيرَإليهاَالمصنفَبعدَقليلَوإنَكانَالمَرءَمصَراَعلَىَ‬
‫‪31‬‬

‫ذنبه‪َ،‬وإنَكانَمصراَولمَيتبَفإنَمَنَرحمَةَاهللَ‪َ‬بأمَةَمحمَدَ‪َ‬أنَهَجعَلَ‬

‫لهمَهذهَالعمالَالصالحةَالمكفرةَللذنوبَوهيَكثيرة‪َ.‬‬

‫قال‪َ*(َ:‬إماَالكفاراتَالمقدرة)‪َ.‬‬

‫هذاَنوعََمنَأنواعَالعمالَالصالحةَالمكفرةَللذنوب‪َ،‬فذكرَالول‪(َ:‬الكفاراتَالمقدرة)َ‬

‫والكف َاراتَالمقََدرةَبمعنََىَأنَالشََارعَقََدرهاَلََذنبَمعََين‪َ،‬ولََذلكَالعلم اء يقول ون‪«َ:‬إنَ‬

‫المقصََودَمََنَالكفَاراتَالزجََرَوالجََرب»َفََالزجرَلكََيَيمتنََعَولَيكََررَالفعََلَمََرةَأخََرى‪َ،‬‬

‫والجربَلتكفرَذنبهَفهيَجابرةَللذنوب‪َ،‬ومثلهاَيقالَأيضنَيفَالحدودَأنَالمقصودَمنهاَالزجَرَ‬

‫والجرب‪َ.‬‬

‫َإذن‪َ:‬فََالمكفراتَالمقََدرةَالتقََديرَمََنَاهللَ‪َ،‬وهََذاَمعنََىَق ولهم‪«َ:‬أنَهَلَقيََاسَيفَ‬

‫الكفارات»‪َ،‬الصلَعندَكثيرَمنَأهلَالعلمَأنَلَقياسَيفَالكفاراتَبناءَعلىَأنَالتقَديرَمَنَ‬

‫عَيفَرمضَان)َومَنَجَامعَيفَهنَارَرمضَانَ‬
‫َ‬ ‫اهلل‪َ،‬ضربَأمثلةَلذلك‪َ،‬فقال‪(َ:‬كماَيكفَرَالمجَام‬

‫فإنهَيكفرَبثلثة أمور‪َ:‬عتقَرقبة‪َ،‬فإنَلمَيجدَفإنَهَيصومَسَتينَيومَنَمتواليَة‪َ،‬فَإنَلَمَيسَتطعَ‬

‫فإنهَيطعمَستينَمسَكينا‪َ،‬هَذاَكفَارةَالجمَاعَيفَهنَارَرمضَانَعلَىَالرجَلَوالمَرأةَسَواءَإذاَ‬

‫كانمَمطابعة‪َ.‬‬

‫والمظاهرَالذيَيظاهرَمنَزوجتهَفيقول‪َ:‬هَيَعليَهَكظهَرَأمَهَأوَنحَوَذلَك‪َ،‬فإنَهَيجَبَ‬

‫عليهَأيضنَماَيفَاآليةَوهوَتحريرَرقبةَفإنَلمَيجدَفصيامَشهرينَمتتابعين‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬والمرتكبَلبعضَمحظوراتَالحجَ)‪َ.‬‬

‫المرتكبَلمحظوراتَالحَجَهَيَمَاَيسَمىَبَالمحظورات‪َ،‬وفعَلَالمحظَوراتَبعضَهاَ‬
‫‪32‬‬

‫يجبَفيهَفديةَدم‪َ،‬وبعضهاَيجبَفيهَبدنة‪َ،‬بعضهاَشاةَوبعضهاَبدنة‪َ،‬وبعضهاَيخيرَبينَثلثَةَ‬

‫وهكذا‪َ،‬وبعضهاَمثلَبالمثل‪َ،‬ومقومَيفَالدين‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬أوَتاركَبعضَواجباته)‪َ.‬أي‪َ:‬واجباتَالحجَلثرَابنَعباسَ‪َ‬يفَ«الموط أ»‪َ:‬‬

‫«من تر نسكا فعليه دم»َفمنَتَركَواجبَنَمَنَواجبَاتَالحَجَوجَبَعليَهَفديَة‪َ،‬وأمَاَفعَلَ‬

‫المحظوراتَففيهاَتخييرَبينَثلث‪َ:‬ففديةَمنَصيامَأوَصدقةَأوَنسك‪َ.‬‬

‫َ‬

‫قال‪(َ:‬أوَقاتلَالصيدَبالكفاراتَالمقدرة؛َوهيَأربعةَأجناسَ)‪َ.‬‬

‫قوله‪(َ:‬أوَقاتلَالصَيد)َيشَملَاثنَين‪َ:‬قاتَلَالصَيدَيفَالحَرم‪َ،‬وقاتَلَالصَيدَوهَوَمحَرم‪َ،‬‬

‫فالقاتلَيفَالصيدَيفَالحرمَسواءَكانَمحرمَاَأوَغيَرَمحَرم‪َ،‬وقاتَلَالصَيدَوهَوَمحَرمَسَواءَ‬

‫كانَيفَالحرمَأوَغيرَالحرم‪َ،‬فالحكمَفيهماَسواء‪َ.‬‬

‫َثمَذكرَأنَهذهَالجناسَالربعة‪(َ:‬هدي‪َ،‬وعتق‪َ،‬وصدقة‪َ،‬وصيامَ)َلَتخرجَعنهاَالهَديَ‬

‫والدم‪َ،‬قدَيكونَبدنةَوقدَيكونَشاة‪َ،‬والعتقَوهذاَواضح‪ ،‬والصدقة وهي‪ :‬اإلطعامَقدَتكَونَ‬

‫ستة‪َ،‬وقدَتكونَعشرة‪َ،‬وقدَتكونَثلثينَوقدَتكونَأكثرَمَنَذلَكَالسَتينَوهكَذا‪َ،‬والصَيامَ‬

‫يختلفَباختلفَالذنبَالذيَفعلهَاآلدمي‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وإماَالكفاراتَالمطلقة‪َ:‬كماَقالَحذيفةَلعمر‪«َ:‬فتنة الرج ل ف ي أهل ه ومال ه وول ده‬

‫يكفرها الصلة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والصدقة‪ ،‬والمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر»)‪َ.‬‬

‫قال المصنف‪(َ:‬الكفاراتَالمطلقة)َأي‪َ:‬غيرَالمقيدةَبذنبَمعينَوإنماَمطلقةَفهَيَكثيَرةَ‬

‫جدا‪َ،‬وقدَجاءَيفَالثرَأنَحذيفةَقالَلعمر‪«َ:‬فتنة الرجل في أهله ومال ه وول ده»َأي‪َ:‬الَذنوبَ‬


‫‪33‬‬

‫التََيَيفعلهََاَمََعَأهلََهَويفعلهََاَيفَمالََهَوولََدهَتكفرهََاَالص َلةَوالص َيامَوالص َدقةَوالمََرَ‬

‫بََالمعروفَوالنهََيَعََنَالمنكََر‪َ،‬وهََذاَواضََحَفََإنَالصَلةَإلََىَالصَلةَمكفَراتَللََذنوب‪َ،‬‬

‫والصَيامَإلََىَالصَيامَورمضََانَإلََىَرمضََانَيكفَرَالََذنوبَبينهََا‪َ،‬والصَدقةَتمحََوَالََذنوبَ‬

‫والخطاياَكماَهوَمعلوم‪َ،‬والمرَبالمعروفَوالنهيَعنَالمنكرَأيضَنَيكفَرَالَذنوب‪َ،‬والمَرَ‬

‫بالمعروفَيشملَكلَمعروفَومنهَالتعليمَللناسَفإنَاهللَوملئكتهَيصلونَعلىَمعلمَالنَاسَ‬

‫الخير‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وقدَدلَعلىَذلك‪َ:‬القرآن‪َ،‬والَحاديثَالصحاحَيفَالتكفيرَبََ(الصلواتَالخمَس‪َ،‬‬

‫والجمعة‪َ،‬والصيام‪َ،‬والحج)‪َ،‬وسائرَالعمالَالتيَيقَالَفيهَا‪«َ:‬م ن ق ال ك ذا‪ ،‬وعم ل ك ذا‬

‫غفر له»‪َ،‬أوَ«غفر له ما تقدم من ذنبه»؛َوهيَكثيرةَلمنَتلقاهاَمنَالسنن‪َ،‬خصوصَاَمَاَصَنفَ‬

‫فيَفضائلَالعمال)‪َ.‬‬

‫يقولَالمصنفَأنَالحاديثَالتيَمرتَيفَالسننَكثيرة‪َ،‬ومرَمعناَأنَبعضاَمنَأهَلَالعلَمَ‬

‫جمعهاَكالسيوطيَوغيرهم‪َ،‬لكنَهناَملحَظَذكَرهَالشَيخَيفَآخَرَكلمَه‪(َ:‬وهَيَكثيَرةَلمَنَ‬

‫تلقاهاَمنَالسنن)َتعبيرَالمصنفَهناَبَ"السنن"َأرادَأنَيبينَأنَالحاديَثَالتَيَعنَيَالعلمَاءَ‬

‫اَعلىَأنواع‪َ:‬‬

‫‪ -‬بعضهاَمتعلقَبالفضائل‪َ.‬‬

‫‪ -‬وبعضهاَمتعلقَبالحكام‪َ.‬‬

‫َفالمرادَبَ"السَنن"َهنَاَأي‪َ:‬السَننَالَواردةَعَنَالنبَيَ‪َ‬ولَيسَكتَبَالسَننَ‬

‫الربعةَونحوهاَممنَعنيَبالحكام‪َ،‬وقدَعنيَكثيرَمنَأهلَالعلَمَبجمَعَالحاديَثَالَواردةَ‬
‫‪34‬‬

‫يفَفضائلَالعمالَعلىَسبيلَالخصوص‪َ،‬ومنَالذينَجمعواَذلكَواشَتهرتَكتَبهمَالضَياءَ‬

‫المقدسيَفإنَلهَكتاباَلطيفاَجميلَاسمه‪«َ:‬فضائل العمال»َشرحَهَذاَالكتَابَالسَفارينيَيفَ‬

‫كتابهَ«تناظر العمال يف شرح فضائل العمال»‪َ،‬ومنَالكتَبَالجميلَةَيفَهَذاَالبَابَمَاَجمعَهَ‬

‫المحدثَعبدَالمؤمنَالدمياطيَيفَكتابهَ«المتجر الرابح»َفإنَهذاَالكتابَمنَالكتبَالجميلةَ‬

‫حقيقةَيفَجمعَفضائلَالعمال‪َ،‬وكثيرَمنَأهلَالعلمَيجمعَومنهمَمنَجمعَفضائلَالعمَالَ‬

‫منَالمسلمينَأبوَحفصَبنَشاهينَذكرَذلك‪َ،‬وبعضَأهلَالعلمَيجمعَبينَنوعين‪َ:‬الفضَائلَ‬

‫والزواجرَويسميَكتابهَبَ«الترغيب والترهيب»َمثل‪َ:‬قوامَالسنةَالصبهانَيفَكتابَهَ«الترغي ب‬

‫والترهيب»َوالذيَبنىَالمنذريَكتابهَعليه‪َ،‬فإنَالمنذريَيفَ«الترغيب والترهي ب»َبنَىَفكَرةَ‬

‫بَقوامَالسَنةَ«الترغي ب والترهي ب»‪َ،‬وأيضَنَابَنَشَاهينَأظَنَاسَمَ‬


‫الكتابَأساساَعلىَكتا َ‬

‫الكتابَيفَبعضَالنسخَيسمىَبَ«الترغي ب والترهي ب»َوإنمَاَشَهرَيفَبعضَهاَباسَمَ«فض ائل‬

‫العمال»‪َ.‬‬

‫المقصود‪َ:‬كثيرَمنَأهلَالعلمَعنيَبجمعَفضائلَالعمال‪َ،‬وهمَيتساهلونَعَادةَيفَشَرطَ‬

‫الصحةَفيهاَكماَجاءَعنَبعضهم‪«َ:‬إذاَجاءَالحللَوالحرامَشددناَوإذاَجاءَفضائلَالعمَالَ‬

‫تساهلنا»َبشرطَأنَيكونَأصلَالعملَمشروعا‪َ،‬ولَيشرعَأصلَعملَبحَديثَضَعيف‪َ،‬لكَنَ‬

‫إنَكََانَأصََلَالعمََلَمشََروعاَووردَفيََهَحََديثَولََمَيكََنَذلََكَالحََديثَمنكََراَولَشََديدَ‬

‫الضعفَوالوهاءَفإنَأهلَالعلمَقَدَتتَابعواَعلَىَالتسَاهلَيفَإيَرادهَسَواءَيفَمصَنفاهتمَأوَيفَ‬

‫وعظهمَفيعظونَبهَبالشرطينَالذيَذكرهتاَقبلَقليل‪َ،‬وهذاَتتَابعَعليَهَأهَلَالعلَمَمنَذَقَرونَ‬

‫كثيرةَبلَنصواَعليهَصراحة‪َ،‬وبعضهمَيقرَبعضَعلىَهذاَالمبدأ‪َ،‬ولَذاَفَإنَالتسَاهلَبَابَيفَ‬
‫‪35‬‬

‫مسألةَالمواعظَيفَخطَبَالجمعَةَونحوهَاَأوَيفَالمؤلفَاتَالتَيَألفَمَلجَلَتَذكيرَالنَاسَ‬

‫وتنبََيههمَوحََثهمَأوَزجََرهمَعََنَبعََضَالمََورَيتسََاهلَفيََه‪َ،‬وعلََىَذلََكَدأبَأهََلَالعلََمَ‬

‫‪َ‬تعالىَوقالوا‪«َ:‬لنَالباعَثَوالَدافعَلنقَلَالحاديَثَيفَالحكَامَأقَوىَممَاَيتعلَقَ‬

‫بفضائلَالعمال»‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬واعلمَأنَالعنايةَبهذاَمنَأشدَمَاَباإلنسَانَالحاجَةَإليَه؛َفَإنَاإلنسَانَمَنَ‬

‫حينَيبلغ‪َ،‬خصوصاَفيَهذهَالزمنةَونحوهاَمنَأزمنةَالفتراتَالتيَتشبهَالجاهليةَمنَبعَضَ‬

‫الوجوه‪َ،‬فإنَاإلنسانَالذيَينشأَبينَأهلَعلمَودينَقدَيتلطخَمنَأمورَالجاهليَةَبعَدةَأشَياء؛َ‬

‫فكيفَبغيرَهذا؟!)‪َ.‬‬

‫يقول الشي ‪(َ:‬واعلمَأنَالعنايةَبهذا)َأي‪َ:‬العنايةَبمكفراتَالذنوبَتعلماَوعملَلهاَ(منَ‬

‫أشدَماَباإلنسانَالحاجةَإليه)َلنهَماَمنَامر َإلَوسيذنبَذنبَا‪َ،‬صَغرَذلَكَالَذنبَأوَكَرب‪َ،‬‬

‫علمَحقيقتهَأوَلمَيعلمهَفهوَمحتاجَلمكفراتَالذنوب‪َ.‬‬

‫قال الشي ‪(َ:‬فإنَاإلنسانَمنَحينَيبلغ)َقوله‪(َ:‬منَحينَيبلغ)َوهَو‪َ:‬بلَوسَسَنَالتكليَفَ‬

‫بمعنى‪َ:‬أنَيبلغَعاقلَوحينئذَيبدأَالقلمَيفَالكتابة‪«َ،‬رفع القل م ع ن ث ل »َفهَذهَللغايَةَفَدلَ‬

‫علىَأنَبعدَالبلوسَوالعقلَيحصلَبهَالتكليف‪ََ.‬‬

‫قال‪(َ:‬منَحينَيبلغ‪َ،‬خصوصاَفيَهذهَالزمنة)َهذهَجملةَاع اضيةَ(ونحوهَاَمَنَأزمنَةَ‬

‫الفتراتَالتيَتشبهَالجاهليةَمنَبعضَالوجوه)َيقول الشي ‪َ:‬أنَالناسَعمومَاَمَنَحَينَيبلَغَ‬

‫يقعَيفَالذنوبَوخاصةَيفَهذهَالزمنةَيفَزمانهَوماَبعده؛َلنَهذهَالزمنَةَفيهَاَأمَرانَفشَمَ‬

‫بينَالناس‪َ،‬وكانَهذانَالمرانَقليلَيفَالزمانَالولىَالقرونَالفاضلةَالولىَعصرَالصَحابةَ‬
‫‪36‬‬

‫والتابعينَوتابعيهم‪َ،‬أولَهذهَالمورَهو‪َ:‬فشوَالجهل‪َ،‬وعندماَنَتكلمَعَنَالجهَلَفالمقصَودَ‬

‫بهَالجهلَالنسبي‪َ،‬وذلكَأنَالعلمَيفَعهدَالنبَيَ‪َ‬كَانَسَهلَميسَوراَلَخَوضَ‬

‫فيهَولَجدلَولَفيهَمراءَولَيوجدَفيهَتلبيسَلهَلَالباطَل‪َ،‬فَالحقَواضَحَبَينَوالوصَولَ‬

‫إليهَسهل‪َ،‬ولذلكَكانَالعلمَفاشياَيفَالمدينةَوماَحولها‪َ.‬‬

‫الم ر الث اين‪َ:‬فشََوَالشَهوات؛َفَإنَالشََهواتَتفشَوَلجََلَبعَدَالنَاسَعََنَعصَرَالنبََوة‪َ،‬‬

‫فالشهواتَتكثرَسواءَشهوةَالمالَأوَشهوةَالفَرجَأوَشَهوةَالشَرفَأوَغيرهَاَمَنَالشَهواتَ‬

‫التابعةَلهذهَالشهوات‪َ،‬وقدَجاءَعنَالنبيَ‪َ‬أنَهَقال‪«َ:‬ما ذئبان جائعان أرسل ف ي‬

‫غنم هما أفسد على دين المرء من حب المال والش رف»َفهَذانَالمَرانَالشَهوةَفيهمَاَأعلَىَ‬

‫وقدَكانمَضعيفةَيفَذلكَالزمانَيفَالزمانَالولَزمنَالنبيَ‪َ‬وأصحابه‪َ.‬‬

‫ت)َإشَارةَلَذلكَ‬
‫إذن‪َ:‬هذاَالمقصود‪َ،‬وقوله‪(َ:‬فيَهَذهَالزمنَةَونحوهَاَمَنَأزمنَةَالفتَرا َ‬

‫أي‪َ:‬ف ةَالعلمَعندماَيجهلَالناس‪َ،‬ولكنَمعَوَجودَف ةَإلَأنَاهللَ‪ ‬لَيقطعَالعلمَعَنَ‬

‫عمومَالناسَ«ل تزال طائف ة م ن أمت ي عل ى الح ق ظ اهرين ل يض رهم م ن خ الفهم»َفالَدينَ‬

‫ظاهرَباقَإلىَقيامَالساعة‪َ،‬لكنَهَيظهَرَيفَبلَدَويختفَيَيفَأخَرىَويقَوىَيفَبلَدَويضَعفَيفَ‬

‫ثانية‪َ.‬‬

‫وقوله‪(َ:‬التيَتشبهَالجاهليةَمنَبعضَالوجوه)َهذهَالجملةَتحتاجَإلَىَوقفَةَفَإنَمشَا ةَ‬

‫الجاهليةَمنَبعضَالوجوهَلَيدلَعلىَالشبهَالمطلقَفإنَمنَظنَالشبهَالمطلَقَأخطَأَووقَعَ‬

‫يفَتكفيََرَالنََاسَوإخََراجهمَمََنَالملََةَبحجََةَمشََا ةَالجاهليََةَالمطلقََةَفجعلهََمَكَفََاراَ‬

‫كالجاهليةَالولَىَولَيسَذلَكَكَذلك‪َ،‬وإنمَاَهنَاكَشَبهَبَينَالنَاسَالَذينَيقصَرونَبعَضَ‬
‫‪37‬‬

‫التقصيرَوبينَأهلَالجاهلية‪َ،‬سواءَكانمَالجاهليةَيفَجزيَرةَالعَربَأوَيفَغيرهَا‪َ،‬المقص ود‪َ:‬‬

‫منَغيرَالمسلمينَعموما‪َ،‬ولذلكَلماَاستدلَبعضهمَبآياتَالكفَارَيفَتخويَفَالعصَاة‪َ،‬ق ال‬

‫العلماءَ‪ ‬تعالى‪«َ:‬إنَهذاَصوابَمنَوجهَوخطَأَمَنَوجَهَفهَوَخطَأَإنَنزلَمَآيَاتَ‬

‫الكفارَيفَالعصاةَيفَالحكمَعليهمَبكفرهمَوإخَراجهمَمَنَالملَةَوإنَنزلتهَاَمَنَبَابَالعظَةَ‬

‫والتذكيرَفحسن»‪َ،‬وقدَجاءَذلكَعَنَالعَلءَكمَاَيفَ«البخ اري»َوغيَره‪َ،‬فمَاَزالَأهَلَالعلَمَ‬

‫يعظََونَمََنَيتلََبسَبمعصََيةَبآيََاتَنزلََمَيفَالكفََار‪َ،‬إذَكََلمَاهللَ‪َ‬لََهَعمََومَلفََظَ‬

‫وخصوصَسبب‪َ،‬وخصوصَالسببَمَندرجََقطعاَيفَعمومَاللفظ‪َ،‬لكنَعمَومَاللفَظَيشَملَ‬

‫كلَعاصَهللَ‪َ،‬هذاَيجبَأنَننتبهَلهاَوهوَملحظَمنَأخطأَفيهَيعني‪َ:‬اتجهَالتجاهين‪َ:‬‬

‫• إماَالمشا ةَالمطلقةَبأهلَالجاهليةَفكفرواَالمجتمعات‪.‬‬

‫• وإم َاَأنَيقََول‪َ:‬أنَآيََاتَالكف َارَهََذهَإنمََاَهََيَلسََناَمخََاطبينَ ََاَوأنَالعصََاةَيكونََونَ‬

‫كالطائعينَيفَإيماهنمَوكمالهَوهذاَمنَمداخلَالشيطانَالعظيمة‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬فإنَاإلنسانَالذيَينشأَبينَأهلَعلمَودينَقدَيتلطخَمنَأمورَالجاهليةَبعدةَأشياءَ)َ‬

‫منَنعمَاهللَ‪ ‬علىَالمرءَأنَينشأَالمرءَبينَأهَلَعلَمَوديَن‪َ،‬يعلمونَهَالَدينَوأهَلَديَنَ‬

‫يحثونهَعليه‪َ،‬فكمَمنَامر َيكونَمحباَللدين‪َ،‬لكَنَبيئتَهَالتَيَنشَأَفيهَاَوأهلَهَالَذينَعَا َ‬

‫معهََمَيمنعونََهَمََنَذلََك‪َ،‬فََإنَامََتنَاهللَ‪ ‬علََىَاإلنسََانَبََأنَنشََأَبيََنهمَفََإنَهَذهَنعمََةَ‬

‫عظيمََة‪َ،‬ولََذلكَلمَاَذكََرَالنبََيَ‪«َ:‬س بعين ألف ا ي دخلون الجن ة باي ر حس اب»َ‬

‫خاضَالصحابةَفيهم‪َ،‬قال بعضهم‪«َ:‬همَالذينَولَدواَيفَاإلسَلم»َلمَاَعلمَواَذلَكَظنَواَأنَ‬

‫مََنَنشََأَبََينَأهََلَعلََمَوديََنَيفَاإلسََلمَسََيكونَمََنَأكمََلَالنََاس‪َ،‬ومََعَذلََكَبََيَنَالنبََيَ‬
‫‪38‬‬

‫‪َ‬أنهَليسَكذلك‪َ،‬نعمَهَيَنعمَةَلكَنَكثيَرَممَنَينشَأَبَينَأهَلَعلَمَوديَنَقَدَ‬

‫يتلطخَمنَأمورَالجاهلية‪َ،‬إماَأنَيعتادَعلىَالدينَفلَيصبحَمستمكناَمنَقلبهَاعتَادَيعن ي‪َ:‬أنَ‬

‫يكونَقدَفعلهَمنَبابَالعادةَوليسَمنَبابَاإليمانَالتامَوإنَكَانَاإليمَانَالمطلَقَموجَود‪َ،‬‬

‫وإماَأنَيكونَمنَبابَماَدخلَعلىَذلكَالمجتمعَمنَبعضَالخطاءَوالجاهليةَالتيَتأيتَإمَاَ‬

‫منَشبهةَأوَشهوة‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬فكيفَبغيرَهذا؟!)َكيفَمنَكانَيفَمكانَبعيدَعَنَأهَلَالعلَمَوالَدين؟َولَشَكَ‬

‫أنَكلماَأقربَلهلَالعلمَوالدينَكلماَكانَأتمَلحالهَوأصلح‪َ.‬‬

‫ق ال ‪( :‬وفََيَ«الص حيحين»َعََنَالنبََيَ‪َ‬مََنَحََديثَأبََيَسََعيدَ‬

‫‪«َ:‬لتت بعن س نن م ن ك ان ق بلكم ح ذو الق ذة بالق ذة‪ ،‬حت ى ل و دخل وا جح ر ض ب‬

‫لدخلتموه»‪َ،‬قالوا‪َ:‬ياَرسولَاهلل؛َاليهودَوالنصارى؟َقال‪«َ:‬فمن!؟»‪َ.‬‬

‫هذاَخبرَتصديقهَيفَقولَهَتعَالى‪﴿َ:‬فاس تمتعتم بخلقك م كم ا اس تمتع ال ذين م ن ق بلكم‬

‫بخلقهم وخضتم كالذي خاضوا﴾ [التوبة‪َ.]٦٩:‬‬

‫ولهذاَشواهدَيفَالصحاحَوالحسا َن)‪َ.‬‬

‫هنََاَأوردَالمصََنفَحََديثاَوقََالَأنَهََذاَالحََديثَقصََدهَوهََوَتصََديقَلمََاَيفَكََلمَاهللَ‬

‫‪َ،‬نبدأَبالحديثَثمَنأيتَباآلية‪َ.‬‬

‫الحديثَمَاَثبَمَيفَالصَحيحينَأنَالنب يَ‪َ‬ق ال‪«َ:‬لتت بعن س نن»َأي‪َ:‬طريَقَ‬

‫«من كان قبلكم حذو القذة بالقذة‪ ،‬حتى لو دخلوا جح ر ض ب ل دخلتموه»‪َ،‬ق الوا‪َ:‬يَاَرسَولَ‬

‫اهلل؛َاليهودَوالنصَارى؟َق ال‪«َ:‬فم ن!؟»َهَذاَالحَديثَفيَهَأنَالنَاسَجميعَنَمَنَأمَةَمحمَدَ‬


‫‪39‬‬

‫‪َ‬سيتبعونَطريقةَمَنَكَانَقَبلهم‪َ،‬وإنَلَمَيكَنَدخَولَيفَديَنهمَوخروجَاَمَنَ‬

‫الملَةَولكنََهَاتبََاعَللسَننَفهََوَمشََا ةَلهََمَيفَبعََضَأفعََالهمَالجاهليََة‪َ،‬ولََمَيخََرجهمَمََنَ‬

‫اإلسلمَلنهَولذلكَقال‪«َ:‬لتتبعن»َأيهاَالمسلمونَ«سنن م ن ك ان ق بلكم»َفمَاَزلَتمَمَؤمنينَ‬

‫مسلمينَولكنَتلبستمَببعضَأوصافَالجاهليةَالتيَليسمَمنَأوصافَاإلسَلمَ«حذو القذة‬

‫بالقذة‪ ،‬حتى لو دخلوا جح ر ض ب ل دخلتموه»َوهَذاَالَذيَقصَدهَالنبَيَ‪َ‬همَاَ‬

‫أمران‪َ،‬ليسَالمقصودَالتفصيلَوإنماَالمقصودَأمرانَالذيَذكرهماَاهللَ‪ ‬يفَكتابهَحينمَاَ‬

‫قال‪﴿َ:‬اهدنا الصراط المستقيم (‪ )٦‬صراط الذين أنعم ت عل يهم غي ر الماض وب عل يهم ول‬

‫الضالين﴾ [الفاتحة]َفالماضوب عل يهم ه م‪َ:‬اليهَودَعرفَواَالحَقَوتركَوه‪َ،‬والض الون ه م‪َ:‬‬

‫النصارىَجهلَواَالحَقَوتعبَدواَاهللَبجهَل‪َ،‬ولَذلكَالنَاسَيفَاتبَاعهمَسَننَمَنَكَانَقَبلهمَ‬

‫المقصودَبهَأساساَعلىَسبيلَاإلجمالَهذانَالمران‪َ:‬‬

‫• أنَيعرفَالحقَوي كَذلكَالحقَنفاقاَأوَعناداَأوَرغبةَيفَدنياَأوَغيرَذلكَمنَالسباب‪.‬‬

‫• والمر الثاين‪َ:‬أنَيكونَجاهلَبالحق‪َ،‬فيتعبدَاهللَ‪َ‬علىَجهلَوعلىَغيرَهدى‪َ،‬وهَذاَ‬

‫هوَالمقصودَأساساَ ذاَالحديثَوماَعداَذلكَهوَمتفرعَعنَذلَك‪َ،‬ولَذلكَق ال الش ي ‪َ:‬‬

‫(هذاَخبرَتصديقهَيفَقولهَتعَالى‪﴿َ:‬فاس تمتعتم بخلقك م كم ا اس تمتع ال ذين م ن ق بلكم‬

‫بخلقه م وخض تم كال ذي خاض وا﴾ [التوب ة‪َ)]٦٩:‬ق ول اللَ‪﴿َ:‬فاس تمتعتم‬

‫بخلقكم﴾َالمَرادَبَالخلقَهَو‪َ:‬النصَيبَمَنَالَدنياَأي‪َ:‬اسَتمتعتمَبنصَيبكمَمَنَالَدنياَ‬

‫﴿كما استمتع الذين من قبلكم﴾َهذاَمعنَىَقوله‪«َ:‬لتت بعن س نن م ن ك ان ق بلكم»‪﴿َ،‬كم ا‬

‫استمتع الذين من قبلكم بخلقهم﴾َأي‪َ:‬بنصيبهمَمنَالَدنياَ﴿وخض تم كال ذي خاض وا﴾َ‬


‫‪40‬‬

‫قول الل ‪﴿َ: ‬كالذي﴾َالظهرَوالقَربَ–َواهللَأعلَمَ–َأنَقول ه‪﴿َ:‬كال ذي﴾َصَفةَ‬

‫لمصدرَفحينئذَيكونَمعناه ا‪َ:‬وخضَتمَكَالخوضَالَذيَخاضَوه‪َ،‬وحينئَذَفيكَونَعائَداَ‬

‫لمحذوف‪َ،‬وهذاَهوَالقَربَيفَتأويَلَهَذهَاآليَةَأنَ﴿كال ذي﴾َيعَودَلمصَدرَأنَهَصَفةَ‬

‫لمصدر‪َ،‬وذكرَأهلَالعلمَأنَهذهَاآليةَوهيَقول اللَ‪﴿َ:‬فاس تمتعتم بخلقك م كم ا‬

‫اس تمتع ال ذين م ن ق بلكم بخلقه م﴾َهََذهَصََفة‪َ،‬والص فة الثاني ة‪﴿َ:‬وخض تم كال ذي‬

‫خاضوا﴾َفجمعمَهذهَاآليةَبينَأمرين‪َ:‬الستمتاعَبالخلقَوالخوض‪َ،‬فأمَاَالمر الول‪َ:‬‬

‫فهوَالَذيَيسَمىَبالشَهواتَوهَو‪َ:‬فسَقَالعمَال‪َ،‬فَإنَالمَرءَيسَتمتعَبالَدنياَمَعَعلمَهَ‬

‫بالمنعَمنَبعضَتصرفاتهَفيها‪ََ.‬‬

‫والم ر الث اينَوهََو‪َ:‬قول ه‪﴿َ:‬وخض تم كال ذي خاض وا﴾ هََوَالشََبهاتَوهََيَالبََدعَ‬

‫والمحدثاتَالتيَتكونَعندَالناسَمنَالمسلمينَومنَقبلهمَكماَيفَهذهَاآليةَبسَببَجهلهَمَ‬

‫بشرعَاهللَ‪َ،‬ولذلكَيقول أهل العلم‪«َ:‬إنَفسادَالدينَلَيخَرجَعَنَهَذينَالسَببين‪َ:‬إمَاَ‬

‫فسَادَالعتقَادَوإمَاَالعمَلَبخََلفَالعتقَاد»َلَيوجَدَغيَرَهََذينَالم رين‪َ:‬فسَادَالعتقََادَ‬

‫ويؤديَفسادَالعتقادَإلىَالوقَوعَيفَالبَدعَوالمحَدثاتَوالَتكلمَيفَشَرعَاهللَ‪َ‬بغيَرَمَاَ‬

‫شرع‪َ،‬وإماَبالعملَبخلفَالعتقادَوهوَالوقوعَيفَالكبائرَوالَذنوبَونحَوَذلَكَمَنَالمَورَ‬

‫وأشدهاَالنفاقَ–َنسألَاهللَالسلمةَ‪َ.-‬‬

‫طبعََا‪َ،‬وق ول المص نف‪(َ:‬وله َذاَش َواهدَيفَالص َحاحَوالحس َا َن)َالتعبيََرَبََينَالصََحاحَ‬

‫والحسانَمسَالكَمعروفَةَيفَكتَبَالحَديثَمَاَالفَرقَبينهَا؟َالمتَأخرونَبعَدَذلَكَحملَواَ‬

‫الحسنةَعلىَماَخفَضبطه‪َ،‬وبعضَأهلَالعلمَومنهمَالبغويَيفَ«المصابيح»َحملَالصحاحَ‬
‫‪41‬‬

‫علىَمَاَجَاءَيفَكتَبَمعينَة‪َ،‬والحسَانَعلَىَالحاديَثَالصَحيحةَالتَيَوردتَيفَغيَرَهَذهَ‬

‫الكتََبَوهََوَ«الص حيحين»َفكََلَمََاَوردَيفَالسََننَفإنََهَيسََمىَ"حسََانا"َوعلََىَالعمََومَ‬

‫المصطلحَيعني‪َ:‬لهَدلئلَمختلفة‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وهذاَأمرَقدَيسريَيفَالمنتسبينَإلىَالَدينَمَنَالخاصَة‪َ،‬كمَاَقَالَغيَرَواحَدَمَنَ‬

‫السلف‪َ،‬منهمَابنَعيينةَ)‪َ.‬‬

‫قول ابن عيينة‪«َ:‬أنَمنَزلَمنَعبادَهذهَالمةَففيهَشبهَمنَالنصارى‪َ،‬ومنَزلَمَنَعلمَاءَ‬

‫هَذهَالمَةَففيََهَشَبهَبَاليهود»َفالعََالمَيعَرفَالحََقَوي كَهَلشَهوةَمََالَأوَلشَهوةَشََرفَأوَ‬

‫لغيرهََاَمََنَشََهواتَالََدنياَفعََرفَالحََقَوتركََه‪َ،‬والعابََدَيتعبََدَاهللَ‪ ‬علََىَغيََرَهََدىَ‬

‫وبصيرةَفيقعَيفَالمحدثات‪َ،‬ثمَيأيتَذلكَالعالمَفيربرَتلكَالمحدثاتَرغبَةَيفَالَدنيا‪َ،‬وذلَكَ‬

‫ماَوقعَفسادَيفَأمةَمحمدَ‪َ‬إلَبأحدَهذينَالسببينَالذينَأمرنَاَيفَكَلَصَلةَأنَ‬

‫نستعيذَباهللَمنهما‪ََ.‬‬

‫قال ‪( :‬فإنَكثيراَمنَأحوالَاليهودَقدَابتليََبهَبعضَالمنتسبينَإلَىَالعلَم‪َ،‬وكثيَراَ‬

‫منَأحوالَالنصارىَقدَابتليَبهَبعَضَالمنتسَبينَإلَىَالَدين‪َ،‬كمَاَيبصَرَذلَكَمَنَفهَمَديَنَ‬

‫اإلسلمَالذيَبعثَاهللَبهَمحمداَ‪َ،‬ثمَنزلهَعلىَأحوالَالناس)‪َ.‬‬

‫َهذاَكلمَالشيخَيقررهَكثيراَيفَعشراتَالمواضعَيفَقضيةَماَيتعلقَبالشَبهَبأهَلَالكتَابَ‬

‫منَاليهودَوالنصارىَمنَالعلماءَوالعبادَإنماَيقعَبسببَهذاَالمر‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬وإذاَكانَالمرَكذلك‪َ،‬فمنَشرحَاهللَصدرهَللسلمَفهوَعلىَنورَمنَربه‪َ،‬‬

‫وكانَميتاَفأحياهَاهللَوجعلَلَهَنَوراَيمشَيَبَهَيفَالنَاسَ=َلَبَدَأنَيلحَظَأحَوالَالجاهليَةَ‬
‫‪42‬‬

‫وطريقَالمتَينَ(المغضَوبَعلَيهم‪َ،‬والضَالينَمَنَاليهَودَوالنصَارى)؛َفيَرىَأنَقَدَابتلَيَ‬

‫ببعضَذلك)‪َ.‬‬

‫ولذلكَيقول الشي ‪(َ:‬وإذاَكانَالمرَكَذلك)َوهَوَمَاَتقَررَيفَالكتَابَوالسَنةَأنَالنَاسَ‬

‫سيقعونَيفَهذينَالمرينَوهو‪َ:‬ضللَالعلمَاءَوخطَأَالعبَادَبسَببَالجهَلَأوَبسَببَتعمَدَ‬

‫الخطأ‪(َ،‬فمنَشرحَاهللَصدرهَللسلم)َوهذاَهدايَةَمَنَاهللَ‪( ‬فهَوَعلَىَنَورَمَنَربَه)َ‬

‫فكانَعلىَنورَمنَاهللَ‪َ‬قذفهَاهللَ‪َ‬يفَقلبهَفأحبَالهدايةَوالدينَ(وكانَميتَاَفأحيَاهَ‬

‫اهللَ‪َ)‬والحياةَإنماَتكونَبالكتابَوالسنةَ(وجعلَلهَنوراَيمشيَبهَيفَالنَاس)َهَذاَالنَورَ‬

‫الذيَيمشيَبهَيفَالناسَهوَالعلمَ(لبدَأ َنَيلحَظَأحَوالَالجاهليَة)َلبَدَأنَيعَرفَأحَوالَ‬

‫الجاهليةَإماَقصداَبمعرفةَتلكَالوصافَأوَيلحظهاَبملحظةَأفعَالَالنَاسَحينَذاك‪َ،‬وهَذاَ‬

‫معنىَالثرَالذيَجاءَعنَعمرَ‪«َ:‬إنما ينقض اإلسلم عروة عروة إذا نشأ ف ي اإلس لم‬

‫من لم يعرف الجاهلية»َفمنَلمَيعرفَالجاهليةَحقيقةَأوَلمَيعرفَالجاهليةَمَنَبَابَالصَفةَ‬

‫لهاَفإنهَحينئذَقدَيدخلَعليهَمنَمداخلَالشرَالشيءَالعظيم‪َ،‬ولذلكَق ال‪(َ:‬لَبَدَأنَيلحَظَ‬

‫أحوالَالجاهليةَوطريقَالمتينَ(المغضوبَعليهم‪َ،‬والضالَينَمنَاليهودَوالنصارى)؛َفيَرىَ‬

‫أنَقدَابتليَببعضَذلك)َأولَماَيجبَعلىَطالبَالعلمَأنَينظرَويعيَبَنفسَهَقبَلَأنَيعيَبَ‬

‫علىَاآلخرين‪َ،‬كثيرَمماَنراهَمنَكتابةَبعَضَطلبَةَالعلَمَإذاَأرادَأنَيَتكلمَعَنَبعَضَالمَورَ‬

‫فإنهَيبتدأَبنقدَاآلخرينَويسلمَلنفسَهَكمَالَالتسَليم‪َ،‬وكأنَهَلَيسَبَذلكَالمَذنبَولَبَذلكَ‬

‫المخطه‪َ،‬ويجبَعلىَاإلنسانَدائماَقبلَأنَينظرَيفَعيوبَاآلخرينَأنَينظرَيفَعيبهَوينظرَماَ‬

‫نقصَيفَشأنهَوحينئَذَإذاَسَعىَيفَإصَلحَنفسَهَوفقَهَاهللَ‪ ‬يفَكلمَةَيقولهَاَيفَإصَلحَ‬
‫‪43‬‬

‫غيره‪َ،‬وهذاَمعنىَكلمَالشيخ‪(َ:‬فيرىَأنَقدَابتلى)َهوَأوَ(ابتليَببعضَذلَك)َفينظَرَيفَحالَهَ‬

‫أولَويسعىَلتصحيحَذلكَالحالَبالنكفافَوبإتباعَالسيئةَبالحسنة‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬فأنفعَماَللخاصةَوالعامة‪َ:‬العلمَبماَيخلَصَالنفَوسَمَنَهَذهَالورطَات‪َ،‬‬

‫وهوَإتباعَالسيئاتَالحسنات‪َ.‬‬

‫و(الحسََنات)‪َ:‬مََاَنََدبَاهللَإليََهَعلََىَلسََانَخََاتمَالنبيََينَمََنَالعمََال‪َ،‬والخََلق‪َ،‬‬

‫ات)‪َ.‬‬
‫والصف َ‬

‫يقول‪َ:‬هذهَثمَبعدَأنَقررَذلَكَكلَهَبَينَالشَيخَ‪َ‬تعَالىَأنَأعظَمَوأنفَعَمَاَيكَونَ‬

‫(للخاصةَ)َمنَأهلَالعلمَ(والعامة)َعمومَالناس‪َ،‬فهيَوصيةَللخاصةَكمعاذَومنَشابهَمعَاذَ‬

‫ت)َورطَاتَالسَيئاتَ‬
‫منَطلبةَالعلمَوعمومَالمسلمينَ(بماَيخلصَالنفوسَمنَهذهَالورطَا َ‬

‫وكلمَرسولهَ‪َ‬كلَحسنةَيمحوَ اَكلَسيئةَوتكَونَمَنَجنسَها‪َ،‬فَإنَمَنَعنَيَ‬

‫بعلمَكلمَوخوضَيفَدينَاهللَ‪ ‬بغيرَماَشَرعَإذاَانشَغلَبقَراءةَكَلمَاهللَ‪ ‬والنظَرَ‬

‫فيهَويفَكلمَرسولَاهللَ‪َ‬وقراءتهَفقطَفإنهَسيجدَخروجَهذهَالشبهاتَمَنَقلبَهَ‬

‫ودخولَنورَاإليمانَقلبهَإليهَكذلك‪َ،‬ومثلهَيقالَأيضَنَيفَعشَراتَالعمَال‪َ،‬فَأتىَالمصَنفَ‬

‫بكلمةَجامعةَيفَبيانَالحسناتَماَهي؟َقال‪(َ:‬و(الحَسنات)‪َ:‬ماَندبَاهللَإليهَعلىَلسانَخاتمَ‬

‫ات)َالعمال‪َ:‬أفعالَالجوارحَوالخ لَُالتَيَتكَونَ‬
‫النبيينَمنَالعمال‪َ،‬والخلق‪َ،‬والصف َ‬

‫كذلكَيفَأفعالَالجوارحَولكنهاَصفاتَلزمة‪َ،‬أماَالعمالَفإنهاَطارئةَوالصفاتَهيَأشملَ‬

‫منَذلك‪َ،‬فإنَالصفةَقدَتكونَلهيئةَاللباسَوقدَتكونَلهيئةَالفعَلَوقَدَتكَونَلصَفةَملزمَةَ‬

‫متعلقةَبالقلب‪َ،‬ولذلكَفإنهاَأمورَمختلفةَكلهاَمندوبَإليها‪َ.‬‬
‫‪44‬‬

‫قال ‪( :‬ومماَيزيلَموجبَالذنوب‪َ:‬المصائبَالمكفرة‪َ.‬‬

‫وهيَكلَماَيؤلمَمنَهم‪َ،‬أوَحزن‪َ،‬أوَأذىَفيَمالَأوَعرضَأوَجسد‪َ،‬أوَغيرَذلَك‪َ،‬لكَنَ‬

‫ليسَهذاَمنَفعلَالعبد)‪َ.‬‬

‫بعدماَذكرَأنَالمكفراتَمنها‪َ:‬المكفراتَالمقَدرة‪َ،‬ومنها‪َ:‬المكفَراتَغيَرَالمقَدرة‪َ،‬بَينَ‬

‫أنَالمكف َراتَغيََرَمقََدرةَبعضََهاَأعمََالَوبعضََهاَمطلََقَالحسََنات‪َ،‬ومََنَالمكف َراتَغيََرَ‬

‫المقدرةَلكنَهذهَليسمَمنَفعلَالعبدَالبتلءَالذيَيصيبَاهللَ‪ َ‬اَالعبد‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬ومماَيزيلَموجبَالذنوب‪َ:‬المصائبَالمكفرة‪َ.‬‬

‫وهيَكلَماَيؤلمَمنَهم‪َ،‬أوَحزن‪َ،‬أوَأذىَفيَمالَأوَعرضَأوَجسد‪َ،‬أوَغيرَذلَك‪َ،‬لكَنَ‬

‫ليسَهذاَمنَفعلَالعبَد)َوإنمَاَهَوَبَإرادةَاهللَ‪ ‬وتقَديرهَ‪َ،‬ولَذلكَلَيَزالَ‬

‫البلءَبالعبدَالمؤمنَحتىَيمشَيَعلَىَالرضَوليسَمَعليَهَخطيئَة‪َ،‬وإذاَجَيءَيَومَالقيامَةَ‬

‫وعرضمَصحائفَالعمالَجاءَأنَالناسَيتمنونَأنَيكونواَمنَأشدَالناسَبلءَيفَالدنياَلمَاَ‬

‫يرونهَيومَالقيامةَمنَتكفيرَالذنوبَورفعَةَالَدرجاتَلمَنَابتلَيَيفَالَدنيا‪َ،‬وهَذاَمعنَىَقَولَ‬

‫بعضَالسلفَمنَالتابعينَكأبيَرافع‪«َ:‬كانواَيفرحونَبالبلءَأشَدَمَنَفَرحهمَبالعطَاء»َأشَدَ‬

‫الناسَبلءَالنبياءَثمَالمثلَفالمثلَيبتلىَالناسَعلىَقَدرَديَنهم‪َ،‬ومَاَيَزالَالَبلءَبالرجَلَ‬

‫المؤمنَحتىَيمشيَعلىَالرضَوليسمَعليهَخطيئة‪َ.‬‬

‫َالمقص ود‪َ:‬مَنَهََذاَكلَهَأنَاإلنسََانَيعَرفَأنَهَذهَالبليََاَالتَيَتصََيبَالمَرءَمكفَراتَ‬

‫من‬ ‫لذنوبَهَوهَيَرحمَةَمَنَاهللَ‪َ‬لَهَ﴿ولنبل ونكم بش يء م ن الخ وف والج وع ونق‬

‫الموال والنفس والثمرات * وبشر الصابرين﴾ [البقرة‪﴿َ،]١٥٥:‬الم (‪ )١‬أحس ب الن اس أن‬


‫‪45‬‬

‫يتركوا أن يقول وا آمن ا وه م ل يفتن ون (‪ )٢‬ولق د فتن ا ال ذين م ن ق بلهم * فل يعلمن الل ال ذين‬

‫ص دقوا ول يعلمن الك اذبين﴾ [العنكب وت]‪َ،‬وقَولَالمصََنفَهنَاَبََدأَالمصَنفَبَََ"هََمَ"َلنَ‬

‫أعظََمَمََاَيكفَرَاهللَ‪ ‬بََهَالََذنوبَالهََم‪َ،‬وقََدَجََاءَيفَكتََابَ«الق در»َلعبََدَاهللَبََنَوهََبَ‬

‫‪ ‬تع َالىَأنَالحس ن ب ن أب ي الحس ن البص ريَ‪َ‬تع َالىَق ال‪«َ:‬أعظََمَمََاَيجََدهَ‬

‫المؤمنَيفَصحيفةَحسناتهَيومَالقيامةَماَأصيبَبهَمنَهمَوحزنَيفَالدنيا»َفالهمَأمَرهَعظَيمَ‬

‫ولذلكَأصيبَالنبيَ‪ َ‬مَعظيمَلمَيصبَبهَأحد‪َ.‬‬

‫ثم قال‪(َ:‬أوَحَز َن)َوالفَرقَبَينَالهَمَوالحَزنَاله م‪َ:‬للمَرَالمسَتقبلَوالح زن‪َ:‬علَىَمَاَ‬

‫مضى‪َ،‬إذاَفقدَحبيباَأوَعزيزاَأوَمالَأوَوظيفةَأوَغيرَذلكَمنَالمور‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬أوَأذىَفيَمالَأوَعرضَ)َالعرضَالمقصَودَالكَلمَفيَهَويفَعرضَهَ(أوَجسَد‪َ،‬أوَ‬

‫غيرَذلك‪َ،‬لكنَليسَهذاَمنَفعلَالعبد)َوإنماَهوَمنَفعلَالجبارَ‪ ‬وهوَرحمةَللمؤمنَ‬

‫من الموال والنفس والثمرات‬ ‫دونَمنَعداهَ﴿ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونق‬

‫* وبشر الصابرين﴾َفهوَبشرىَللصابرينَوالمؤمنين‪َ.‬‬

‫قال ‪( :‬فلماَقضىَبهاتينَالكلمتينَحقَاهللَمنَعملَالصالحَوإصلحَالفاسدَقال‪َ:‬‬

‫«وخالق الناس بخلق حسن»‪َ،‬وهوَحقَالناس‪َ.‬‬

‫وجماعَالخلقَالحسنَمعَالناس‪َ:‬أنَتصلَمَنَقطعَك؛َبالسَلم‪َ،‬واإلكَرام‪َ،‬والَدعاءَلَه‪َ،‬‬

‫والستغفار‪َ،‬والثناءَعليه‪َ،‬والزيارةَلَه‪َ،‬وتعطَيَمَنَحرمَكَمَنَالتعلَيم‪َ،‬والمنفعَة‪َ،‬والمَال‪َ،‬‬

‫وتعفوَعمنَظلمكَيفَدم‪َ،‬أوَمال‪َ،‬أوَعرض‪َ.‬وبعضَهذاَواجب‪َ،‬وبعضهَمستحبَ)‪َ.‬‬

‫ربطاَلولَالكَلمَبَآخرهَفَإنَالمصَنفَ‪َ‬تعَالىَسَألهَأبَوَالقاسَمَالمغربَيَأربعَةَ‬
‫‪46‬‬

‫وصايا‪َ،‬وأولَوصيةَسألهَإياهاَسألهَأنَيعطيهَويكتبَلهَبوصيةَجامعةَتامة‪َ،‬فلماَبينَالوصَيةَ‬

‫الولىَذكرَلهَحديثَالنبيَ‪َ‬لمعاذَ«اتق الل حيثم ا كن ت‪ ،‬وأتب ع الس يئة الحس نة‬

‫تمحها‪ ،‬وخالق الناس بخلق حسن»َفبينَالتقوىَومعناهاَثَمَبينَإتباعَالسيئةَالحسنةَثمَشَرعَ‬

‫اآلنَبالجزءَالثالثَمنَالوصيةَالكاملةَالجامعةَالتيَأوصىَ َاَالنبَيَ‪َ‬معَاذاَأنَ‬

‫يخَالقَالنَاسَبخلََقَحسَن‪َ،‬ق ال‪(َ:‬فلمَاَقضَىَبهَاتينَالكلمتَينَحَقَاهللَمَنَعمَلَالصَالحَ‬

‫وإصلحَالفاسد)َالكلمتين‪«َ:‬اتق الل حيثما كنت»َمنَامتثلهَاَفقَدَأدىَحَقَاهللَ‪َ‬عليَه‪َ،‬‬

‫والكلمةَالثانية‪َ:‬وهيَقولَالنبيَ‪«َ‬وأتبع السيئة الحسنة تمحها»َمَنَامتثلهَاَفإنَهَ‬

‫يصلحَ اَالفاسدَمنَقولهَوعمله‪َ،‬فيتمَإصلحَالفاسدَ ا‪َ،‬ق ال‪(َ:‬لمَاَذكَرَهَاتينَالكلمتَين)َ‬

‫التيَيتحققَ ماَهذانَالهدفانَوهاتانَالغايتان‪َ،‬قالَ‪«َ:‬وخ الق الن اس بخل ق‬

‫حسن»َقال‪(َ:‬وهوَحقَالناس)َأي‪َ:‬أنَهذاَيتعلقَبهَحقَالناس‪َ.‬‬

‫وقبلَأنَأبدأَبشرحَمَاَذكَرهَالمصَنف‪َ،‬لَشَكَأنَللعبَادَعلَىَالمسَلمَحقَوقَمتعَددة‪َ،‬‬

‫بعضهاَيقوىَبسببَقرابةَكوالدينَوإخوة‪َ،‬أوَبسببَصَفةَكجيَرانَونحَوهم‪َ،‬أوَبسَببَديَنَ‬

‫فإنَحقَالمسلمَعلىَالمسلمَأعلىَمنَحقَغيرَالمسلمَعلىَالمسلم‪َ،‬وهناكَحقوقَمشَ كةَ‬

‫بينَالجميع‪َ،‬ومنَامتثَلَأمَراَواحَداَللنبَيَ‪َ‬وهَوَقول ه‪«َ:‬وخ الق الن اس بخل ق‬

‫حس ن»َفإن َهَحينئََذَيمتثََلَويََؤديَجميََعَحقََوقَالعبََادَعليََه‪َ،‬بََرهمَوفََاجرهم‪َ،‬مَحسََنهمَ‬

‫ومسيئهم‪َ،‬منَوجبَالحقَعليهَومنَندبَله‪َ،‬ولذلكَقال المصنف‪(َ:‬وجماعَالخلقَالحسنَ‬

‫معَالناس)َأمورَقال أولها‪(َ:‬تصلَمنَقطعك)َسواءَكانَمنَالرحمَأوَمنَغيرها‪َ،‬ومنَوصلَ‬

‫منَقطعهَمنَبابَأولىَأنَيصلَمنَلمَيقطعهَأوَكَانَبَاراَبَهَوهَذاَمَنَبَابَالدللَةَالولَىَ‬
‫‪47‬‬

‫وفحوىَالخطاب‪َ،‬قال‪(َ:‬بالسلم‪َ،‬واإلكرام)َنصهَعلىَالسلمَخاصةَلنَهَرويَيفَخَربَعنَدَ‬

‫الشجريَيفَأماليهَواحتجَبهَاإلمامَأحمدَأنَالنبيَ‪َ‬قال‪«َ:‬صلوا»َويفَلفظَ«بل وا‬

‫أرحامكم ولو بالسلم»َقالوا‪«َ:‬ولو»َهنَاَللتقليَلَفأقَلَمَاَيحصَلَبَهَصَلةَالَرحمَبَأنَيسَلمَ‬

‫عليهمَفالواجبَردَالسلمَوالمندوبَابتداؤه‪َ،‬فالمندوبَابتداؤهَفمنَسَلمَعليَهَمَنَرحمَهَ‬

‫ولمَيردَالسلمَعليهمَفهوَقاطع‪َ،‬ومنَابتدأهمَبالسلمَفهَوَواصَل‪َ،‬وبَينَالواصَلَوالقَاطعَ‬

‫منَالتفمَعنهَالصفتانَفليسَبواصلَولَبقاطع‪َ.‬‬

‫َالمقصود‪َ:‬منَهذاَأنهَلماَقال‪(َ:‬أنَتصلَمنَقطعك؛َبالسلم)َالَنصَعلَىَالسَلمَللثَرَ‬

‫الواردَواحتجَبهَأحمدَوغيره‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬واإلكرام)َواإلكرام يشمل أمورا متعددة‪َ:‬كرمَالمالَوكرمَاللسَانَومَنَالكَرمَكَفَ‬

‫الذى‪َ،‬ولذلكَفإنَمنَالكرمَماَهوَواجبَكالنفقةَعلىَالقَاربَالَذينَتجَبَنفقَتهمَسَواءَ‬

‫كانواَأصولَأوَفروعاَأوَكانواَمنَالحواشي‪َ،‬وتفصيلَذلكَيفَبابَالنفقةَمنَكتبَالفقه‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬والدعاءَله)َأي‪َ:‬والدعاءَلمنَوصلَلرحمَهَالتَيَقطعهَا‪َ،‬وقَدَاسَتدلَالشَيخَتقَيَ‬

‫الدينَ‪َ‬تعَالىَيفَبعَضَكتبَهَبمَاَجَاءَيفَالحَديثَعن د بع ض أه ل الس نن‪«َ:‬أن النب ي‬

‫‪ ‬س أله رج ل أن ل ه قراب ة يص لهم وأنه م يقطعون ه‪ ،‬فق ال‪ :‬ف أين أن ت ع ن‬

‫الستافار؟»َفاستدلَبهَالشيخَتقيَالدينَأنَهذاَالستغفارَيكونَلهم‪َ،‬ولَذلكَفَإنَمَنَأقَلَ‬

‫حقَالقريبَعلىَقريبَهَأنَيَدعوَلَه‪َ،‬ومَنَذلَكَبَينَالعلمَاءَ‪َ‬تعَالىَأنَصَلةَالَرحمَ‬

‫درجتانَبخلفَالقطعي‪َ،‬فأماَالرحمَالتيَيجبَصلتهاَمنَحيثَالفعالَفهيَثلثَةَأشَياءَأوَ‬

‫أربعةَأقلهاَأ َنَيصلهَبالسلم‪َ.‬‬
‫‪48‬‬

‫• والمر الثاين‪َ:‬أنَينفقَعليهَإنَوجبمَالنفقةَعليه‪َ.‬‬

‫• والمر الثالث‪َ:‬أنَيدعوَله‪ََ.‬‬

‫• والمر الرابع‪َ:‬أنَيكفَالذىَعنهَلنَأقلَشعبَاإليمانَكفَالذى‪ََ.‬‬

‫قال‪(َ:‬والدعاءَله‪َ،‬والستغفار)َوهوَمنَبابَعطَفَالخَاصَعلَىَالعَام‪(َ.‬والثنَاءَعليَه)َ‬

‫أي‪َ:‬والثناءَعلىَالقريب؛َلنَذمهَوغيبتهَوذكرَمساوئهَمنَالمورَالمنهيَعنهاَفتكونَقطيعة‪َ،‬‬

‫وضدهاَبضدهاَوالسكوتَوسط‪َ،‬وحينئذَلماَيكَونَمثنيَاَعلَىَقريبَهَالَذيَهنَيَعَنَقطيعتَهَ‬

‫فإنهَيكو َنَيعني‪َ:‬قدَأتىَبصلةَالرحمَوهوَمنَمكارمَالخلق‪ََ.‬‬

‫قال‪(َ:‬والزيارةَله)َوهذهَواضحة‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وتعطيَمنَحرمك)َأي‪َ:‬منعك‪َ،‬والحرم قد يكون يف أشياء منها‪َ:‬التعليم‪َ،‬وهذهَمَنَ‬

‫المورَالمهمة‪َ،‬ولعليَأقفَمعهاَيفَدقيقةَمعَضيقَالوقم‪َ،‬إنَمنَالمورَالتيَيقعَفيهاَبعضَ‬

‫طلبةَالعلمَوالشيخَيفَوصيتهَهذهَالتيَبينَأيديناَكتبهاَلطلبَالعلَم‪َ،‬وأشَارَلهَذاَالمعنَىَيفَ‬

‫المقدمةَكماَمرَمعناَأنَمماَيقعَفيهَطلبةَالعلمَأحياننَالشحَوالظنَبالعلم‪َ،‬فَإنَأبخَلَالبخَلَ‬

‫أنَتبخلَبالعلمَكمَمنَامر َعرفَفائدةَفبخَلَعلَىَالنَاسَ َاَخشَيةَأنَتنسَبَلغيَرهَوهَوَ‬

‫عندماَيبخلَ ذاَالعلمَيحرمَنفسهَالجرَويَضيعَعلىَنفسهَالخيرَويعاقبَبحرماهناَفكَمَمَنَ‬

‫امر َعرفَمسألةَوفتحَعليهَفيهاَفلماَلمَيعلمهاَغيرهَوينشَرهاَبَينَالنَاسَعوقَبَبحرماهنَاَ‬

‫ونسياهنا‪َ،‬وكمَقالَمنَأهلَالعلمَمنَالسلفَ‪َ‬تعَالىَلمَاَذكَرَذنبَاَمَنَالَذنوبَالتَيَ‬

‫وقعَفيهَقال‪«َ:‬فعاقبنيَاهللَبنسيانَالعلم»َفمنَالعقوباتَالخاصةَبطلبَةَالعلَمَأنَينسَواَالعلَمَ‬

‫هذهَعقوبةَنبهَعليهاَجماعةَمنَعلمَاءَالمَةَولَذلكَمَنَأرادَأنَألَينسَىَعلمَهَوألَيفَوتَ‬
‫‪49‬‬

‫عليهَماَفتحهَاهللَ‪ ‬عليهَمنَفهمَفليعلَمَالناسَوهذاَيدلناَعلىَأنَالبخلَبالعلمَوعلىَأنَ‬

‫الشحَبهَذنبَيعاقبَالمرءَبضدهَوهوَالحرمانَوالنسيان‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬والمال)َأنَيبذلَالمرءَمالهَلمنَحرمهَولوَكانَجاراَقدَبخلَعليهَبمالَفإنهَيكرمَهَ‬

‫بمالَوطعام‪َ،‬وليسَالمقصودَبالمالَأنَتسرفَيفَبذلهَوعطيته‪َ،‬وإنَماَالمقصودَأنَتبذلهَولَوَ‬

‫كانَيسيراَوالناسَيفَبذلهمَالمالَأنواع‪َ:‬فمَنَالنَاسَمَنَيكَونَكَريمَالمَالَبالنقَدَفيعطيَكَ‬

‫نقدا‪َ،‬وبعضهمَمنَيكَونَكرمَهَبالمَالَكَرمَطعَامَفيبَذلَالمَالَطعامَاَولَيبذلَهَنقَدا‪َ،‬ومَنَ‬

‫الناسَمنَتكونَكرامتهَبالمالَإقراضاَوهَوَنَوعَمَنَالكَرمَوصَورَالكرامَةَبالمَالَأوَالكَرمَ‬

‫بالمََالَمتعََددةَجََداَوليسََمَصََورةَواحََدة‪َ،‬ولكََنَأشََيرَوأذكََرَبعََضَأنواعهََاَللتنبََهَلهََذاَ‬

‫المسلك‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وتعفوَعمنَظلمك)َوكلَذلَكَجَاءَيفَهَذهَاللفَاظَالتَيَأوردهَاَالمصَنفَكلهَاَ‬

‫وردتَعنَنبيناَ‪َ،‬قال‪(َ:‬وتعفوَعمنَظلمَك)َممَنَظلمَكَيفَعرضَكَوبشَركَ‬

‫أوَظلمكَيفَمالكَونحوَذلك‪َ،‬فمنَاعتدىَعليكَوظلمكَفعفوتَعنَهَفَإنَهَذاَمَنَمكَارمَ‬

‫الخلق‪َ،‬ولَيلزمَأنَيكونَالعفوَعندَالمقدرةَفإنَالعفوَعندَالمقدرةَكمال‪َ،‬كمَالَيفَالعفَوَ‬

‫لنهَقادرَعلىَالنتصارَفيعفو‪َ،‬ولكَنَالعفَوَعنَدَعَدمَالمقَدرةَكَذلكَمكَارمَأخَلق‪َ،‬ففَيَ‬

‫الحالتينَهوَكرمَخلق‪َ،‬ولكنَالباعثَيفَالولَأعلى‪َ،‬وكَمَمَنَالنَاسَيعفَوَمطلقَاَفَإذاَكَانَ‬

‫قادراَلمَيعفو‪َ،‬ولذلكَناسبَالعفوَمطلقاَولَيؤجلَالعفوَلحينَالمقدرة‪ََ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وتعفوَعمنَظلمكَيفَدم‪َ،‬أوَمال‪َ،‬أوَعرض‪َ.‬‬

‫وبعضَهذاَواجب‪َ،‬وبعضهَمستحب‪َ).‬وتممَاإلشارةَلبعضَالواجبَوالمستحب‪َ.‬‬
‫‪50‬‬

‫ق ال ‪( :‬وأمَاَالخلَقَالعظَيمَالَذيَوصَفَبََهَمحمَداَ‪َ:‬فهَوَالََدينَ‬

‫الجامعَلجميعَماَأمرَاهللَبهَمطلقا؛َهكذاَقالَمجاهدَوغيَره‪َ،‬وهَوَتأويَلَالقَرآن؛َكمَاَقالَمَ‬

‫عائشةَ‪«َ:‬كان خلقه الق رآن»‪َ،‬وحقيقتَه‪َ:‬المبَادرةَإلَىَامتثَالَمَاَيحبَهَاهللَتعَالىَبطيَبَنفَسَ‬

‫وانشراحَصدرَ)‪َ.‬‬

‫هذهَمسألةَقدَيقعَمنَبعضَطلبةَالعلمَبعضَالَ ددَفيهَاَحينمَاَيسَمعونَويقَرأونَقَولَ‬

‫اهللَ‪﴿َ:‬وإنك لعل ٰى خلق عظ يم﴾ [القل م‪َ]٤:‬كثيَرَمَنَالنَاسَيظَنَأنَالمَرادَبقَولَاهللَ‬

‫‪َ‬يفَهََََذهَاآليََََة‪﴿َ:‬وإن ك لعل ٰى خل ق عظ يم﴾َأي‪َ:‬الخََََلقَالتََََيَهََََوَعليهََََاَ‬

‫‪َ،‬ولََيسَالمََرَكََذلكَفََإنَعامََةَالمفسََرينَمََنَالسََلفَعلََىَأنَالمََرادَ‬

‫بالخلقَهناَهوَالدينَلنَالدينَيسمىَيفَلسانَاللغةَخلقاَفكَأنَاهللَ‪َ‬ق ال‪"َ:‬إنَكَلعلَىَ‬

‫دينَعظيم"َوهذهَاآليةَتدلَعلىَمعنيين‪َ:‬‬

‫‪َ‬المعن ى الول‪َ:‬أنَهََذاَصََفةَيفَقََولَاهللَ‪﴿َ:‬وإن ك لعل ٰى خل ق عظ يم﴾َصََفةَ‬

‫للخلقَالذيَهوَالدين‪َ،‬فاإلسلمَهوَديَنَعظَيمَبَلَهَوَأعظَمَديَنَشَرعهَاهللَ‪َ‬للنَاسَ‬

‫وقدَامتنَاهللَ‪ ‬علىَهَذهَالمَةَالمتَأخرةَزمانَاَالضَعيفةَبَدناَ َذاَالَدينَالعظَيمَالَذيَ‬

‫يشملَمناحيَالحياةَكلها‪َ،‬ومعَذلكَفإنهَيؤجرَعليهاَأجوراَعظيمَةَيَومَالقيامَةَعلَىَأعمَالَ‬

‫قليلةَيفعلها‪َ.‬‬

‫‪َ‬والمر الثاين‪َ:‬المرَأنَيكونَالعظيمَصفةَلمتثالَالنبَيَ‪َ‬للَدين‪َ،‬وعلَىَ‬

‫ذلََكَفيكََونَفعََلَالنبََيَ‪َ‬وامتثالََهَلهََذاَالََدينَعظََيمَوهََوَكََذلك‪َ،‬فََإنَالنبََيَ‬

‫‪َ‬يفَحركاتهَوسكناتهَوقيامهَوقعودهَورقدتهَويفَشأنهَكلَهَممتثَلَأمَرَاهللَ‪َ‬‬
‫‪51‬‬

‫ووحيهَلهَحتىَيفَاجتهادهَعندَمنَيقولَوهَوَكثي ر م ن أه ل العل م‪«َ:‬أنَالنبَيَ‪َ‬‬

‫يجتهدَقيل‪َ:‬يفَأمَورَالَدنياَاتفاقَاَويفَبعَضَأمَورَالشَرع»َعلَىَقَولَبعَضَالصَوليينَدونَ‬

‫بعضهم‪َ.‬‬

‫‪َ:‬مَنَهَذاَأنَالنبَيَ‪َ‬علَىَديَنَيفَامتثالَه‪َ،‬ولَذلكَق ال المص نف‪َ:‬‬


‫َ‬ ‫المقصود‬

‫(وأمَاَالخلَقَالعظَيم)َاسََتدراكَلكََيَينتبََهَطالََبَالعلََمَلهََذهَالمسََألةَالََذيَوصََفَاهللَبََهَ‬

‫محمداَ‪َ‬يفَاآلية‪﴿َ:‬وإنك لعل ٰى خلق عظيم﴾ (فهوَالدينَالجامعَلجميعَمَاَأمَرَ‬

‫اهللَبه)َ﴿وإنك لعل ٰى خلق عظيم﴾َأي‪َ:‬أنكَعلىَديَنَعظَيمَيجمَعَكَلَالمَورَمَنَالقَوالَ‬

‫والفعالَوالعباداتَوالخلقَوالمعاشيَوالمورَالعامةَوالخاصَةَفهَوَيجمَعَكَلَمَاَأمَرهَ‬

‫اهللَ‪ ‬أوَأمرَاهللَ‪َ‬بهَيفَكتابهَ‪َ‬وفيماَأوحاهَلنبيهَ‪َ.‬‬

‫ق ال‪(َ:‬هكَذاَقََالَمجاهََدَوغيََره)َومجاهََدَتلميََذَابََنَعب َاسَ‪َ‬حََربَهََذهَالمََةَ‬

‫وترجمانَقرآهنا‪َ،‬وكثيرَمنَأقوالَمجاهدَهيَمنقولةَعنَابنَعباسَفقدَجاءَأنَمجاهداَوقفَ‬

‫معَابنَعباسَ‪َ‬علىَكلَآيةَيسألهَعنها‪َ،‬ولذلكَكانمَتفسيرَمجاهدَيفَمرتبةَمتقدمَةَ‬

‫عندَالسلفَوأئمةَالمسلمينَ‪-‬رحمةَاهللَعلىَالجميعَ‪َ.-‬‬

‫قال الشي ‪(َ:‬وهوَتأويلَالقرآ َن)َأي‪َ:‬أنَخلقَالنبيَ‪َ‬المقصودَ ذهَاآليةَهَوَ‬

‫تأويلَالقرآنَهوَالدين‪َ،‬فأفعالَالنبيَ‪َ‬هيَتأويَلَالقَرآن‪َ،‬ولَذاَق ال أه ل العل مَ‬

‫‪ ‬تعََالى‪«َ:‬أنَأفعََالَالنبََيَ‪َ‬حجََةَلنهََاَيفَأحََايينَكثيََرةَتكََونَبيانََاَ‬

‫لمجملَوقدَتكونَتوضيحاَلمرَاهللَ‪َ‬يفَكتابه»َفأفعالَالنبيَ‪َ‬وأقوالهَكلهاَ‬

‫تأويلَللقرآنَوتفسيرَوتوضيحَوبيانَلمجملَفيهَ«أل وإني أوتيت القرآن ومثله معه»‪َ.‬‬


‫‪52‬‬

‫َثم قال‪(َ:‬كماَقالمَعائشةَ‪«َ:‬كان خلقه القرآن»)َإذن‪َ:‬فقول عائش ة‪«َ:‬ك ان خلق ه الق رآن»َ‬

‫أي‪َ:‬أعمالََهَكلهََا‪َ،‬ولََيسَالمََرادَبََالخلقَيفَتعامََلَالنََاسَبعضََهمَدونَبعََض؛َلنَهََذهَ‬

‫الخََلقَجََزءَمََنَأعمالََهَ‪َ‬لََيسَنفيَاَللمعنََىَالمتبََادرَللََذهنَبََلَإنَالمعنََىَ‬

‫المتبادرَللذهنَهوَجزءَمنَقول عائشة‪«َ:‬كان خلقه القرآن»َوق ول الل ‪﴿َ:‬وإن ك لعل ٰى‬

‫خلق عظيم﴾َيجبَأنَننتبهَلهذاَالمعنىَفإنهَيدلَعلَىَمعَانَمَذكورةَيفَغيَرَهَذاَالمكَانَأوَ‬

‫لواجبَمذكورةَيفَغيرَهذاَالمكان‪َ.‬‬

‫َثم قال‪(َ:‬وحقيقته)َأي‪َ:‬وحقيقةَكمالَالخلقَالذيَامتثلهَالذيَفعلهَالنبَيَ‪َ‬‬

‫وأثنيَعليهَبه‪َ.‬‬

‫َقال‪(َ:‬المبادرةَإلىَامتثالَماَيحبهَاهللَتعالىََبطيبَنفسَوانشراحَصدرَ)َتعبيَرَالمصَنفَ‬

‫‪َ‬تعالىَأجادَفيهَلماَقال‪(َ:‬وحقيقته‪َ:‬المبادرةَإلىَامتثَال)َالمبَادرةَإلَىَالمتثَال؛َلنَهَ‬

‫أحياننَقدَيمنعَمنَالمتثالَمانعَطبيعيَأوَمانعَكونَأوَأمَرَآخَرَمَنَالموانَع‪َ،‬لكَنَالمَؤمنَ‬

‫عندماَيبادرَللمتثالَفإنَهَيتحقَقَلَهَكمَالَالحصَولَالمقصَود‪َ،‬ولَذلكَجَاءَيفَالحَديثَيفَ‬

‫الصحيحَأنَالنبيَ‪ ‬قال‪«َ:‬إن إخوانا لك م ف ي المدين ة م ا قطع تم وادي ا ول‬

‫رقيتم جبل إل كان لهم من الجر مثل ما لكم حبسهم العذر»َفهَمَبَادرواَللمتثَالَولكَنَلَمَ‬

‫يستطيعواَالمتثالَلمرَمنَأمورَالدنياَالعارضةَالتيَتمنعَمنَذلك‪َ،‬ولذلكَأجادَحينماَق ال‪َ:‬‬

‫(وحَقيقته‪َ:‬المبادرةَإلىَامتثال)َوقوله‪(َ:‬إلىَامتثالَماَيحبهَاهللَتعَالى)َفعبَرَبمحبَةَاهللَ‪‬‬

‫وهذاَالذيَيحبهَاهللَ‪َ‬هيَالمحبةَالكونيةَوهيَالمحبةَالشرعية‪َ،‬فكلَماَأحبهَاهللَ‪‬‬

‫محبةَشرعيةَفإنهاَهيَالمحبةَهيَالمرَالشرعي‪َ،‬فإنَكَلَمَاَيحبَهَاهللَ‪َ‬هَوَالمَأمورَبَهَ‬
‫‪53‬‬

‫أمراَشرعيا‪َ،‬وقدَعبرَالمصنفَبقوله‪(َ:‬مَاَيحبَهَاهلل)َلنَهَتَارةَيكَونَالمَرَصَريحاَبالدللَةَ‬

‫عليهَبدللةَاللفظ‪َ،‬وتارةَيكونَالدللةَعليهَمنَحيثَالمعنىَفتكونَأوامرَالشَرعَدلَمَعلَىَ‬

‫المعنىَولمَتدلَعلىَالفعلَوهذاَكثير؛َفإنَالشرعَيأمرَبالمعروفَوينهىَعنَالمنكرَفكلَمَاَ‬

‫كانَمنَالمعروفَوالحسنَفإنَالشرعَقدَأمرَبه‪َ،‬وكلَماَكانَمَنَبَابَاإلحسَانَفَإنَالشَرعَ‬

‫قدَأمرَبهَوإنَلمَيأمرَبعينَه‪َ،‬فَالمرَتَارةَيكَونَصَريحاَوتَارةََبَالمعنى‪َ،‬ولَذلكَفَرقَبعَضَ‬

‫الفقهاءَومنهمَالشيخَموسىَيفَحواشيهَبينَدللةَالكلمتين‪َ،‬بينَدللَةَالمنَدوبَوبَينَدللَةَ‬

‫المعنى‪َ،‬بينَدللةَالمسنونَوبينَدللةَالمندوبَفقال‪«َ:‬إنَالمسَنونَمَاَوردتَالسَنةَبَالمرَ‬

‫بََهَوالحََثَعليََه‪َ،‬وأمَاَالمنََدوبَفقََدَتكََونَالدللََةَعليََهَبالسََنةَوقََدَتكََونَالدللََةَعليََهَ‬

‫بالمعان»َوقدَتكونَالدللةَعليهَبالمعانَمثل‪َ:‬النظافَةَمنَدوبَعليهَاَوإنَلَمَيَردَأمَرَبعينَهَ‬

‫بالفعلَالمعينَالذيَيؤديَإلىَالنظافةَوهكذا‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬بطيبَنفسَوانشراحَصدرَ)َهَذهَمسَألةَمهمَةَجَداَوهَيَقضَيةَأنَمَنَيقبَلَعلَىَ‬

‫الطاعةَلهَحالتان‪َ:‬‬

‫• إماَأنَيجاهدَنفسهَفيكونَلهَأجران‪َ:‬أجرَالطاعةَوأجرَالمجاهدة‪.‬‬

‫• وإماَأنَيقبلَعلىَالطاعةَبانشَراحَصَدرَوبإقبَالَنفَسَوبفَرحَبإتيَانَهَذهَالطاعَةَوأجَرَ‬

‫الثانَأعظمَمنَالول‪َ.‬‬

‫َوقَدَأطَالَابَنَالقَيمَ‪َ‬تعَالىَيفَأكثَرَمَنَموضَعَيفَالدللَةَعلَىَأنَالَذيَيفعََلَ‬

‫العبََادةَونفسََهَمنشََرحةَبفعلهََا‪َ،‬آنسََةَباإلتيََانَ ََاَفََإنَأجََرهَأعظََمَممَنَيفعََلَالعبََادةَمََعَ‬

‫مجاهدة‪َ،‬الولَالذيَيفعلَالعبَادةَمَعَالمجاهَدةَلَهَأجَران‪َ:‬أجَرَالمجاهَدةَوأجَرَالعبَادة‪َ،‬‬
‫‪54‬‬

‫والثانَأعظمَباعتبارَأنَالحسناتَتختلف‪َ،‬نعمَوالثَانَأعظَمَباعتبَارَمَاَوقَرَيفَقلبَهَفَتعظمَ‬

‫الحسنةَبماَوقعَيفَقلبه‪َ،‬وهذاَمتقررَعندَأهلَالعلمَ‪َ‬تعالىَومنَذلكَماَقالَهَعب د الل‬

‫بن مبار ‪«َ:‬جاهدتَنفسَيَيفَقيَامَالليَلَعشَرينَسَنةَفارتاحَمَعشَرينَسَنة»َويفَق ول الل‬

‫‪﴿َ:‬من عمل صالحا من ذكر أو أنث ٰى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة﴾ [النحل‪َ]٩٧:‬جاءَ‬

‫يفَمعنىَحياةَطيبةَأكثرَمنَتوجيهَومعناهاَمتقاربَمنَهذهَالتوجيهَاتَأنَالحيَاةَالطيبَةَهَيَ‬

‫اللتذاذَبالطاعة‪َ،‬فيأنسَبالطاعةَويقبلَعليهَاَوتنشَرحَنفسَهَبفعلهَا‪َ،‬ويجَدَمَنَالنَسَبَاهللَ‬

‫والعملَبطاعتهَعلماَوتعلماَوصَلةَوهتجَداَوصَياماَمَاَلَيجَدهَغيَرهَيفَمَلذَالَدنيا‪َ،‬فهَذاَ‬

‫رجلَجمعَاهللَلهَلذةَالدنياَبعملَالطاعةَفتكونَيفَلذتَهَالعمَلَالَذيَيتلَذذَبَهَرفعَةَعنَدَاهللَ‬

‫‪َ‬ومنزلةَوهذهَدرجةَعظيمةَهيَمعنىَق ول اللَ‪﴿َ:‬م ن عم ل ص الحا م ن ذك ر أو‬

‫أنث ٰى وه و م ؤمن فلنحيين ه حي اة طيب ة﴾َ«والقَرآنَحمَالَأوجَه»َكمَاَقَالَأبَوَالَدرداء‪َ،‬فمَنَ‬

‫الوجهَماَناسبَمقامناَأنَالحياةَالطيبةَلمنَاستمرَعلىَالعملَالصالحَمعَاإليمانَوالتوحيدَ‬

‫واإلخلصَهللَ‪ ‬أنَاهللَيحييهَحياةَطيبةَيفَطاعتهَفيلتذَويرتبطَبالطاعَةَبعَدَالرتيَاض‪َ،‬‬

‫وكََمَألَفَالعلمََاءَكتبَاَمفََردة‪َ،‬فََألفَبعضََهمَيفَرياضََةَالنفََوسَمث ل‪َ:‬ابََنَالسََني‪َ،‬وألَفَ‬

‫بعضهمَيفَرياضةَالبَدانَمث ل‪َ:‬أبَيَنعَيمَالصَبهانَوغيَرهمَممَاَيَدلَعلَىَالمعنَىَالَذيَ‬

‫ذكرته‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬وأماَبيانَأنَهذاَكلهَفيَوصيةَاهلل‪َ:‬فهوَأنَاسمَ(تقوىَاهلل)َيجمعَفعلَكلَ‬

‫ماَأمرَاهللَبهَإيجاباَواستحبابا‪َ،‬وماَنهىَعنهَتحريماَوتنزيها‪َ.‬وهذاَيجمَعَحقَوقَاهللَوحقَوقَ‬

‫العبادَ)‪َ.‬‬
‫‪55‬‬

‫يق ول الش ي ‪َ،‬رجََعَلكلمََهَالولَفََأرادَأنَيق ول‪َ:‬والدللََةَعلََىَأنَهََذهَالََثلثَالتََيَ‬

‫جاءتَيفَحديثَالنبيَ‪َ‬ووصيتهَلمعَاذَداخلَةَيفَالكلمَةَالجامعَةَيفَكتَابَاهللَ‬

‫‪َ‬وهيَالمرَبتقوىَاهللَ‪َ.‬‬

‫َقال‪(َ:‬وأماَبيانَأنَهذاَكله)َوهيَالمورَالثلثةَالتيَجاءتَيفَحَديثَمعَاذَيفَوصَيةَلَهَ‬

‫التيَيفَالقرآنَوهيَالمرَبتقوىَاهللَ‪(َ،‬فهوَأنَاسمَ(تقوىَاهلل)َيجمعَفعَلَكَلَمَاَأمَرَ‬

‫اهللَبهَإيجاباَواستحبابا‪َ،‬وماَنهىَعنهَتحريماَوتنزيها)‪َ.‬‬

‫قال‪َ:‬ومنَفعلَذلكَفقدَشملَذلكَ(حقَوقَاهللَوحقَوقَالعبَادَ)َفكَلَالخَلقَالحسَنةَ‬

‫وكلَاجتنابَللسيئاتَوفعلَالحسناتَوكلَمكَارمَالخَلقَهَيَمَنَالتقَوىَ َذاَالمعنَى‪َ،‬‬

‫ولذاَعندماَيجتمعَاثنانَبكلمَةَ"اتَقَاهلل"َيفَ قَالولَالعَالمَبَاهللَوبشَرعهَمَعَالثَانَالَذيَ‬

‫يسمعَهذهَالكلمَةَولَيعَرفَكمَالَمعناهَا‪َ،‬ويفَ قَالولَالَذيَارتاضَمَنفسَهَيفَالطاعَةَ‬

‫فيفتحَاهللَ‪ ‬عليهَيفَفهمهاَماَلَيفتحَاهللَ‪َ‬علىَالثانَفيها‪َ،‬وهكذاَمَنَالمَورَالتَيَ‬

‫تكونَيف قَالناسَيفَالفهمَويتبعَالفهمَالعمل‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬لكنَلماَكانَتارةَيعنيَبََ(التقوى)َخشيةَالعذابَالمقتضيةَللنكفافَعَنَ‬

‫المحارمَ=َجَاءَمفسَراَيفَحَديثَمعَاذ‪َ،‬وكَذلكَيفَحَديثَأبَيَهريَرةَ¶َالَذيَرواهَ‬

‫الترمذيَوصححه‪َ:‬قيَلَ‪َ:‬يَاَرسَولَاهلل؛َمَاَأكثَرَمَاَيَدخلَالنَاسَالجنَة؟ََقَال‪«َ:‬تق وى الل‪،‬‬

‫وحسن الخلق»‪َ،‬قيل‪َ:‬وماَأكثرَماَيدخلَالناسَالنارَ؟َقال‪«َ:‬الجوفان‪ :‬الفم‪ ،‬والفرج»)‪َ.‬‬

‫َيفَهذهَالجملةَبينَالشيخَ‪َ‬تعالىَأنهَقدَيتبادرَلبعضَالناسَأنَالمرادَبالتقوىَهوَ‬

‫خشيةَالعذاب‪َ،‬وهذاَحتىَموجودَيفَلسَانناَإذاَأردتَأنَتخَوفَشَخصَتقَولَلَه‪َ:‬اتَقَاهلل‪َ،‬‬
‫‪56‬‬

‫فتقيمَالتقوىَوالمرَ اَمقامَالتخويف‪َ،‬وهذاَلذلكَقال الشي ‪(َ:‬لكَنَلمَاَكَانَتَارةَيعنَيَبَََ‬

‫(التقوى)َخشيةَالعذابَالمقتضيةَللنكفافَعنَالمحارمَ)َ﴿وإذا قيل له اتق الل أخذت ه الع زة‬

‫باإلثم﴾ [البق رة‪َ،]٢٠٦:‬فتسَتخدمَالتقَوىَأحيانَنَمَنَبَابَالتخويَفَمَنَعَذابَاهللَ‪‬‬

‫وسخطه‪َ،‬وماَرتبهَاهللَ‪ ‬منَجزاءَعلىَفعلَمحرمَلماَكَانَهَذاَاإلطَلقَوهَوَمَنَبَابَ‬

‫إطلقَالخاصَعلىَالمعنىَالعامَيفَالتقوى‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬جاءَمفسراَيفَحديثَمعاذَ)َالمتقدمَففيهَحَثَعلَىَأوامَرَ«وأتب ع الس يئة الحس نة»َ‬

‫فهوَأمرَبفعلَالحسنة‪َ،‬وفعلَبمخالطةَالناسَومخالطتهمَبالخلقَالحسَن‪َ،‬فأكَدَعلَىَأمَرينَ‬

‫منَبابَالتأكيدَعلىَماَقدَيظنَأنهَليسَداخلَيفَمضمونَالتقوى‪ََ.‬‬

‫ق ال‪(َ:‬وكَذلكَيفَحََديثَأبََيَهريََرةَ‪َ‬الَذيَرواهَالترمََذيَوصَححه‪َ:‬قيََلَ‪َ:‬يََاَ‬

‫رسولَاهلل؛َماَأكثرَماَيدخلَالناسَالجنة؟ََقال‪«َ:‬تقوى الل‪ ،‬وحسن الخلق»)َفقوله‪«َ:‬وحس ن‬

‫الخلق»َاآلنَليسَمنَبابَالمغايرةَوإنماَمنَبابَعطفَالخاصَعلَىَالعَام‪َ،‬فحسَنَالخلَقَ‬

‫هوَمنَالتقوى‪َ،‬لكنَلماَظنَأنَالتقوىَهوَالنكفافَعنَالمحرمَوعنَالزواجرَفحسَبَأكَدَ‬

‫النبيَ‪َ‬علىَحسنَالخلقَمنَبابَالتأكيد‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬قيل‪َ:‬وماَأكثرَماَيدخلَالناسَالنارَ؟َقال‪«َ:‬الجوفان‪ :‬الف م‪ ،‬والف رج»‪َ).‬لنَأغلَبَ‬

‫الشهواتَمتعلقةَ ذينَالمرين‪َ:‬شهوةَالحديثَوشهوةَالفرج‪َ،‬وأغلبَالشبهاتَإنمَاَيعظَمَ‬

‫اإلثمَ اَعندَالتكلمَ اَفإذاَتكلمَالمرءَبالشبهةَفإنهَحينئذَيكونَسَبباَلشَر‪َ،‬ووجَهَذلَكَ«أن‬

‫النبي ‪ ‬جاءه بعض أصحابه فقالوا‪ :‬إن أحدنا يود لو أنه هوى من على رأس جب ل‬

‫أحب إليه من أن يتكلم بما في نفسه‪ ،‬فق ال النب ي ‪ :‬ذل ك ص ريح اإليم ان»َلَيسَ‬
‫‪57‬‬

‫المرادَبهَماَيفَنفسهَوإنماَصريحَاإليمانَامتناعهَوخوفهَمنَاهللَ‪ ‬منَالكلمَبه‪َ.‬‬

‫ق ال ‪(َ:‬وف َيَ«الص َحيح»َع َنَعبََدَاهللَبََنَعمََرَ‪َ‬قََال‪َ:‬قََالَرسََولَاهللَ‬

‫‪«َ:‬أكمل المؤمنين إيمانا‪ :‬أحسنهم خلقا»؛َفجعلَكمالَاإليمانَيفَكمالَحسَنَ‬

‫الخلق‪َ.‬ومعلومَأنَاإليمانَكلهَتقوىَاهلل‪َ.‬وتفصَيلَأصَولَالتقَوىَوفروعهَاَلَيحتملَهَهَذاَ‬

‫الموضع؛َفإنهاَالدينَكله)‪َ.‬‬

‫ق ول الش ي ‪(َ:‬وف َيَ«الص حيح»)َيعن ي‪َ:‬عبََدَاهللَبََنَعمََرَأنَالنبََيَ‪َ‬قََال‪َ:‬‬

‫«أكمل المؤمنين إيمانا‪ :‬أحسنهم خلقا»‪َ،‬قال‪(َ:‬فجعلَكمالَاإليمَانَيفَكمَالَحَسَنَالخلَق)َ‬

‫حسنَالخلقَليسَهوَاإليمان‪َ،‬وإنماَكمالَاإليمانَمنَصفاتهَاللزمةَلهَحسنَالخلق‪َ،‬وذلكَ‬

‫أنَالخلقَمنَالعملَالصالح‪َ،‬والعملَالصالحَمنَاإليمانَفيكملَإيمانَالمَرءَبحسَنَخلقَه‪َ،‬‬

‫ولذاَكانَأكملَالناسَإيماناَمحمدَ‪َ‬وكانَأحسنَالناسَخلقَاَوأكَرمهمَتعَاملَ‬

‫ولَخلقَأحسنَمنَخلقهَ–َصلواتَاهللَوسلمهَعليهَ–َولذاَفإنَأهلَالعلمَألفواَكتبَاَمفَردةَ‬

‫يفَأخلقَََهَ‪َ،‬فَََأبوَالشََيخَالصَََبهانَألََفَ«أخَََلقَالنبَََيَ‪َ»‬‬

‫وعشراتَألفواَيفَشمائلهَويعنونَبشمائلهَيفَالصلَأخلقَه‪َ،‬ويتبعَونَذلَكَيفَذكَرَشَمائلهَ‬

‫لباسهَوصفتهَالشكلية‪َ.‬‬

‫ثمَذكر الشي َقال‪(َ:‬ومعلومَأنَاإليمانَكلهَتقَوىَاهللَ‪َ)‬وشَمولَالتقَوىَوتفصَيلَ‬

‫أصولَالتقوىَوفروعهاَلَيحتملهَهذاَالموضع‪َ.‬‬

‫َيقول‪(َ:‬والتفصيل)َيفَهذاَالموضوعَفيماَيتعلقَبالتقوىَوماَفيَهَعلَىَسَبيلَالتفصَيلَلَ‬

‫يمكنَاإلشارةَإليه‪َ،‬وإنماَيعرفَبالعلمَومعرفةَكلمَأهلَالعلمَيفَالفقَهَويفَاآلداب‪َ،‬ولَذلكَ‬
‫‪58‬‬

‫يقول‪َ:‬لبدَمنَمعرفةَالفقهَواآلدابَمعا‪َ،‬ويفيدونَلتدابَكتباَوللفقهَكتبَا‪َ،‬وقَدَق ال بع ض‬

‫السلف‪«َ:‬كَانواَيتعلمَونَالدبَقبَلَتعلمهَمَالفقَه»َأوَ«قبَلَتعلمهَمَالحَديث»َوالحَديثَ‬

‫يطلقَعلىَالفقهَوالعكس‪َ،‬والدبَتعلمهَومعرفتهَمهم‪َ،‬وقدَيأيتَإشارةَلَهَبعَدَذلَكَإنَشَاءَ‬

‫اهلل‪ََ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬لكنَينبوعَالخيرَوأصله‪َ:‬إخلصَالعبدَلربهَعبادةَواستعانة؛َكماَفيَقوله‪َ:‬‬

‫﴿إيا نعبد وإيا نستعين﴾[الفاتحة]‪َ،‬وفيَقوله‪﴿َ:‬فاعبده وتوكل عليه﴾[هود‪َ،]١٢٣:‬وفَيَ‬

‫قولََه‪﴿َ:‬علي ه توكل ت وإلي ه أنيب﴾[الش ورى‪َ،]١٠:‬وف َيَقولََه‪﴿َ:‬ف ابتاوا عن د الل ال رُْ‬

‫واعبدوه واشكروا له﴾ [العنكبوت‪]١٧:‬؛َبحيثَيقطعَالعبدَتعلقَقلبهَمنَالمخلوقينَانتفاعَاَ‬

‫بهمَأوَعملَلجلهم‪َ،‬ويجعلَهمتهَربهَتعالى؛َوذلكَبملزمةَالدعاءَلهَفيَكلَمطلوب؛َمَنَ‬

‫بوب)‪.‬‬
‫فاقة‪َ،‬وحاجة‪َ،‬ومخافة‪َ،‬وغيرَذلك‪َ،‬والعملَلهَبكلَمح َ‬

‫ذكر الشي َ‪َ‬تعالىَكلمةَجميلَةَق ال‪(َ:‬لكَنَينبَوعَالخيَرَوأصَله)َينبَوعَالخيَرَيفَ‬

‫العمََالَويفَالعتقََادَويفَالقََوالَهََوَإخََلصَالعبََدَهللَ‪َ،‬وكََلَأمََرَهََوَمتفََرعَعََنَ‬

‫اإلخلصَلهَ‪َ،‬ولذلكَيحتاجَالمرءَدائمنَأنَيعتنيَ َذاَالبَابَوهَوَاإلخَلصَ‬

‫لهَ‪َ،‬وأنَيراجعَنفسهَفيهَتراتَوكرات‪َ،‬كماَقال الحسن البصريَ‪ ‬تعالى‪َ:‬‬

‫«ماَأمنَالرياءَإلَمنافق‪َ،‬ولَخافَهَإلَمَؤمن»َوقَالَعمَنَيَذكرَبَاإلخلصَوالتخويَفَمَنَ‬

‫ضدهَوهوَالشركَوالرياءَقال‪«َ:‬لنَتجلسَمعَأقوامَيخوفونكَحتىَتأمنَخيرَمنَأنَتجلَسَ‬

‫معَأقوامَيؤمنونكَحتىَتخاف»‪َ.‬‬

‫إنَالحديثَأيهاَالفاضلَعنَإخلصَالعبادةَهللَ‪َ‬أمَرَمهَم؛َلنَاإلخَلصَهَوَلَ‬
‫‪59‬‬

‫إلهَإلَاهلل‪َ،‬فمنَعرفَمعنىَلَإلهَإلَاهللَمخلصاَبذلكَقلبهَفهَوَالمخلَصَحقيقَةَهللَ‪َ،‬‬

‫اإلخََلصَألَتعبََدَإلَاهللَأنَتفََردَاهللَ‪َ‬بأفعالََهَوبأفعََالَالعبََادَوبأسََمائهَوصََفاته‪َ،‬‬

‫اإلخََلصَألَتشََركَمََعَاهللَ‪ ‬أحََداَيفَهََذهَالمََورَكلهََا‪َ،‬ومََنَأفعََالَالعبََادَأفعََالَ‬

‫الجوارحَفلَيصرفَشيءَمنَالعباداتَلغيرَاهلل‪َ،‬ومنَأفعالَالعبادَأفعالَالقلوبَوهَوَالَذيَ‬

‫أشارَإليهَالمصنف‪َ،‬فإنَالقلوبَلهاَاعتقادَولهاَفعل‪َ،‬قي ل‪«َ:‬ولهَاَكَلم»َأشَارَإليَهَبعضَهم‪َ،‬‬

‫ومََنَالََذينَفرقََواَبََينَالعتقََادَوالفعََلَالجنيَدَ‪ ‬تعَالى‪َ،‬وكََانَالجنيَدَعلََىَطريقََةَ‬

‫الوزاعيَيفَالفقه‪َ،‬فمنَأفعالَالقلوبَالتوكلَوالستعانةَوالستغاثةَوغيرَذلَكَمَنَالمعَانَ‬

‫التيَسيشيرَإليهاَالمصنف‪َ،‬فكلماَكانَالمرءَأكملَيفَإخلصَأفعالَالقلوبَهللَ‪ ‬كلمَاَ‬

‫كانَأكملَتقوىَوإنابةَلهَ‪َ،‬والناسَيعنونَبأفعالَالجوارحَوهيَحسنةَوكَمَظَلَ‬

‫فيهاَأقوامَفصرفواَعباداتَلغيرَاهلل‪َ،‬ولكَنَمَنَبعَضَالخاصَةَمَنَيغفَلَعَنَالعنايَةَبأفعَالَ‬

‫القلوب؛َوإنَلفعالَالقلوبَشأناَعظيما‪َ،‬فهلَراجعَالمرءَقلبهَيفَتوكله؟َوهلَراجَعَالمَرءَ‬

‫قلبهَيفَاستعانته؟َوهلَراجعَالمرءَفعَلَقلبَه؟َيفَحسَنَظنَهَبَاهللَ‪ ‬وانقطَاعَالظَنَبمَاَ‬

‫سواه؟َهذهَالمورَالمهمةَيجبَعلىَالمؤمنَأنَيراجعَهذاَالمر‪َ،‬وسيأيتَمعنَاَبعَدَقليَلَأنَ‬

‫أقوىَماَيقويَأفعالَالقلوبَهوَذكرَاهللَ‪َ،‬واهللَماَقوىَشيءَأفعالَالقلَوبَمَنَاإلنابَةَ‬

‫لهَوالتوكلَعليهَوالستعانةَبهَوغيرَذلَكَمَنَالفعَالَالكثيَرةَالتَيَفصَلَكثيَراَمَنَأنواعهَاَ‬

‫ومدارجهاَالعلمةَابنَالقيمَيفَ«المدارج»َإلَذكرَاهللَ‪َ،‬وسيأيتَيفَكَلمَالشَيخَمَاَيَدلَ‬

‫علىَذلك‪ََ.‬‬

‫ل ذلكَيق ول الش ي ‪(َ:‬لكَنَينبَوعَالخيَرَوأصَلَه‪َ:‬إخَلصَالعبَدَلربَهَعبَادةَواسَتعانةَ)َ‬


‫‪60‬‬

‫وتوكلَوتضرعاَوغيرَذلكَ(كماَفيَقولَه‪﴿َ:‬إي ا نعب د وإي ا نس تعين﴾[الفاتحة])َفبَدأَاهللَ‬

‫‪َ‬بالمعمولَقبلَالعاملَ﴿إيا نعبد وإيا نستعين﴾َقال أه ل البي ان والبلغ ة‪«َ:‬وتقَديمَ‬

‫المعمولَعلىَالعاملَيدلَعلَىَالحصَرَوالقصَد»َفأمَاَالحصَرَفإنَهَيَدلَعلَىَأنَهَلَيجَوزَ‬

‫صرفَأيَمنَالعبادةَوأيَمنَالستعانةَبغيرَاهللَ‪َ،‬وأماَالقصدَفيدلَعلَىَأنَهَيجَبَأنَ‬

‫تقصدَبكليتكَاهللَ‪﴿ ‬إيا نعبد﴾َفلَتكونَالعبادةَمقصودةَإلَلهَسبحانه‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وفيَقوله‪﴿َ:‬فاعبده وتوكل عليه﴾ [هود‪َ)]١٢٣:‬فدلَعلىَأنَالتوكلَمنَعبَادةَاهللَ‬

‫‪ ‬بلَهوَمنَآكدها‪َ،‬ولذلكَقررَبعضَأهلَالعلمَومنهمَابنَالقيمَعلىَأنَالتوكَلَعبَادةَ‬

‫محضةَفلَيجوزَصرفهاَلغيرَاهللَفلَيصحَأنَتقَول‪َ:‬أتوكَلَعلَىَاهللَثَمَعليَك‪َ،‬لنَالتوكَلَ‬

‫فعلَقلَبَولَيكَونَإلَهللَ‪َ‬وممَاَاسَتدلَبَهَهَذهَاآليَة‪﴿َ:‬فاعب ده وتوك ل علي ه﴾َأي‪َ:‬‬

‫فاصرفَالعبادةَكلهاَهلل‪َ،‬واجعلَالتوكلَكلهَلهَ‪‬وهوَالعبادة‪َََ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وفيَقوله‪﴿َ:‬عليه توكلت وإليه أنيب﴾ [الشورى‪َ)]١٠:‬وعليهَمثلَمَاَتقَدمَتقَديمَ‬

‫المعمولَعلىَالعاملَفدلَعلىَالحصر‪َ،‬فلَيصرفَالتوكلَإلَهللَ‪َ،‬فلَتتوكلَإلَعلَىَ‬

‫اهلل‪َ،‬والتوكلَهوَفعلَالقلب‪َ،‬فلَتعتمدَبقلبكَإلَعلىَاهللَلَعلىَطبيب‪َ،‬ولَعلَىَمَديرَولَ‬

‫علىَأبَولَعلىَغيرَأستاذَولَعلىَغيره‪َ،‬توكلَعلىَاهللَ‪َ،‬إنماَأولئَكَأقَوامَيكونَونَ‬

‫طرائقَلتحقيقَالهدفَالذيَتريده‪َ.‬‬

‫قال‪﴿(َ:‬وإليه أنيب﴾)َكذلكَاإلنابةَإنماَتكونَلهَسبحانه‪َ.‬‬

‫َقال‪(َ:‬وفيَقوله‪﴿ :‬فابتاوا عند الل الرُْ واعبدوه واش كروا ل ه﴾ [العنكب وت‪َ)]١٧:‬فَلَ‬

‫يعبدَإلَاهللَ‪ ‬وحدهَلجلَالرزق‪َ.‬‬
‫‪61‬‬

‫ث م ق ال الش ي ‪(َ:‬بحي َثَيقط َعَالعب َدَتعل َقَقلب َهَم َنَالمخل َوقينَانتفاع َاَبهََمَأوَعم َلَ‬

‫لجلهم)َوهذاَيدلناَعلىَأنَالقلبَإذاَانقطعَمنَالتعلقَبالمخلوقينَوتعلقَبَاهللَ‪َ،‬فإنَهَ‬

‫إنمََاَتكََونَأعمالََهَكلهََاَهللَ‪﴿ ‬ق ل إن ص لتي ونس كي ومحي اي ومم اتي لل ه رب‬

‫العالمين﴾ [النعام‪َ]١٦٢:‬لَشريكَله‪َ،‬فتكونَأعمالكَكلهَاَهلل‪َ،‬هَذاَكمَالَالتقَوى‪َ،‬ولكَنَ‬

‫الناسَيتفاوتونَيفَذلكَتفاوتاَبينن‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬ويجعلَهمتهَربهَتعالى‪ .‬وذلَكَبملزمَةَالَدعاءَلَهَفَيَكَلَمطلَوب؛َمَنَ‬

‫بوب)‪َ.‬‬
‫فاقة‪َ،‬وحاجة‪َ،‬ومخافة‪َ،‬وغيرَذلك‪َ،‬والعملَلهَبكلَمح َ‬

‫ذكر الشي ‪ ‬تعالىَأنَأكثرَماَيقويَتعلَقَالقلَبَبَاهللَ‪َ‬أمَران‪َ،‬وانتبَهَلهَذينَ‬

‫المرين‪َ،‬فقدَألحظَإليهماَالشيخَيفَكلمه‪َ،‬‬

‫‪َ‬المر الول‪َ:‬الدعاء؛َوماَنفعَعبدَيفَقلبهَتعلقاَباهللَ‪ ‬مثل‪َ:‬الَدعاء‪َ،‬لنَكَعنَدماَ‬

‫تدعوَاهللَ‪َ‬لَيسمعَدعَاؤكَإلَهَوَسَبحانه‪َ،‬ولَيعلَمَبَهَإلَهَوَ‪َ،‬فحينئَذَتعلَمَ‬

‫أنكَإنماَتلقيَحاجتكَبه‪َ،‬وإنماَتناجيهَسبحانه‪َ،‬وخاصةَعندماَتكَونَيفَسَجودَأوَتكَونَيفَ‬

‫ظلمةَليل‪َ،‬وقدَانقطعَالرجاءَمنَالدنياَوأهلهَا‪َ،‬ولَمَيتصَلَإلَبَهَسَبحانه‪َ،‬ولَذلكَمَاَقَوىَ‬

‫رمَذيَأنَالنب يَ‪َ‬ق ال‪َ:‬‬


‫ّ‬ ‫إيما َنَشخصَشيءَأعظمَمَنَالَدعاء‪َ،‬وقَدَجَاءَعنَدَالت‬

‫«الدعاء هو العبادة»‪َ،‬فهوَالعبادةَوهوَأقوىَماَيقويَعلقةَالعبدَبربه‪َ،‬ولذلكَقال‪(َ:‬بملزمَةَ‬

‫الدعاءَلهَ–َ‪َ–َ‬فيَكلَمطلوب؛َمنَفاقة‪َ،‬وحاجَةَ)َأيَحاجَةَتحتاجهَاَأكثَرَمَنَ‬

‫دعاءَاهللَ‪َ،‬وإنَأحدهمَليسألَاهللَ‪َ‬إذاَانقطَعَشسَعَنعلَهَمَنَالصَحابةَ–َرضَوانَ‬

‫اهللَعليهمَ–َكلَأمَرَينَزلَبَكَفاسَألَاهللَ‪َ،‬إذاَنزلَمَبَكَحاجَةَاسَألهاَاهللَ‪َ،‬إذاَ‬
‫‪62‬‬

‫تأملمَأملَأوَتأملمَرجاءَيفَمستقبلك‪َ،‬فاسألَاهللَ‪َ،‬إذاَخفمَأحداَفاسألَاهللَ‪َ،‬‬

‫إذاَترددتَيفَأمرَفالجَأَإلَىَاهللَبالَدعاءَبالسَتخارة‪َ،‬ليختَارَلَكَالصَلح‪َ،‬عليَكَبالَدعاء‪َ،‬‬

‫عمرَماذاَيقولَ‪‬؟َيقول‪«َ:‬إنيَلَأحملَهمَالستجابةَ–َأوَنحوَمماَقالَ–َولكَنَهَمَ‬

‫الدعاء»َفذاتَالدعاءَهمَلَيستطيعهَكلَامَر ‪َ،‬لَيسَكَلَامَر َيفَتحَعليَهَيفَبَابَالَدعاء‪َ،‬‬

‫وقدَنقلَابن مفلحَيفَ«اآلداب»َعن بعض الصالحين أنه يقول‪«َ:‬أنَهَكانَمَتنَزلَبَيَالحاجَة‪َ،‬‬

‫فأكثرَمنَدعاءَاهللَ‪َ،‬فأتمنىَألَترتفعَتلكَالحاجةَلماَأجدَيفَقلبيَمنَاإلقبالَوالتعلَقَ‬

‫باهللَ‪َ»‬فماَيعطيكَاهللَ‪ ‬حينَالدعاءَواإلخلصَفيهَوالتضرعَمنَالسعادةَوالحياةَ‬

‫الطيبةَوانشراحَالصدرَربماَيكونَأعظمَمنَالطلبَالذيَتطلبه‪َ،‬هذاَالمرَالول‪َ.‬‬

‫بوب)َأي‪َ:‬هللَ‪َ،‬وهذهَالفرقَبينَأهلَالسنةَ‬
‫‪َ‬المر الثاينَقال‪(َ:‬والعملَلهَبكلَمح َ‬

‫العََالمينَبََاهللَوبشََرعه‪َ،‬وبََينَمََنَيََدعيَمحب َةَاهللَ‪ ‬مم َنَخََالفَطََريقتهمَمََنَأهََلَ‬

‫الجهالة‪َ،‬إنَبعَضَالنَاسَيَدعيَأنَمجَردَمحبتَهَهللَ‪ ‬كافيَةَيفَنيلَهَالَدرجاتَالعاليَة‪َ،‬‬

‫ومنصََبَالوليََةَوالفََوزَبالجن َة‪َ،‬والتقََدمَعلََىَاآلخََرين‪َ،‬لََيسَذلََكَكََذلك‪َ،‬إنمََاَالعََربةَ‬

‫والمحكَالمتثالَلمَرَاهللَ‪ ‬وأمَرَرسَولهَ﴿ق ل إن كن تم تحب ون الل ف اتبعوني يحب بكم‬

‫الل﴾ [آل عمران‪َ،]٣١:‬ويف الحديث القدسي‪«َ:‬من عاد لي ولي ا فق د آذنت ه ب الحرب‪ ،‬وم ا ْال‬

‫عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كن ت س معه ال ذي يس مع ب ه وبص ره ال ذي‬

‫يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها»‪َ،‬فبَينَاهللَ‪َ‬أنَهَمَاَتقَربَإليَهَعبَدهَ‬

‫بشيءَأحبَإليهَمماَاف ضَعليه‪َ،‬وماَزالَيتقربَإليهَبالنوافلَحتىَيحبه‪َ.‬‬

‫َالمقصود‪َ:‬أنَمنَالمعاييرَالمهمةَالتيَتجعلَالقلبَمتعلقَاَبَاهللَ‪ ‬اإلكثَارَمَنَفعَلَ‬
‫‪63‬‬

‫َج‪َ،‬قصََدَبيََمَاهللَ‪َ،‬‬
‫محبََوبَاهللَ‪َ‬صََلة‪َ،‬قيََام‪َ،‬علََم‪َ،‬تعل َم‪َ،‬تعلََيم‪َ،‬صََدقة‪َ،‬حَ ّ‬

‫اإلحسانَإلىَالنّاسَبالمالَوبالخلق‪َ،‬البدنَ«كل سلمة على ابن آدم ص دقة»َوغيَرَذلَكَمَنَ‬

‫المورَالفاضلة‪َ،‬ولَيحسنَويعرفَمحبوبَاهللَ‪ ‬إلَمنَتعلمَشرعه‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬ومنَأحكمَهذاَفلَيمكنَأنَيوصفَماَيعقبهَذلك)‪َ.‬‬

‫يقول‪َ:‬منَعرفَهذينَالمرين‪َ:‬الدعاءَواإلتيَانَبمحبَوبَاهللَ‪َ‬وامتثلَهَفَلَيمكَن‪َ،‬‬

‫انظرَمهماَتكلمَالمتكلم‪َ،‬مهماَقالَالخطيبَوأطنب‪َ،‬ومهماَتكلمَالَواعظَوأسَهبَفَواهللَلَ‬

‫يمكنَوأقولهاَحقيقةَبماَأخربَبهَأولئك‪َ،‬لَيمكنَأنَتصفَماذاَسينعمَاهللَ‪ ‬علىَالعبَدَ‬

‫منَحَلوةَاإليمَان‪َ،‬ومَاذاَسَينعمَاهللَ‪َ‬علَىَالعبَدَمَنَالتعلَقَبَهَ‪‬وصَدقَ‬

‫اإليمَانَوالتوكََلَوالسَتعانةَعليََهَ‪َ،‬الََزمَالم رين‪َ:‬الََدعاء‪َ،‬والمََرَالثَان‪َ:‬الََزمَفعََلَ‬

‫محبوبَاهللَ‪َ،‬الزمَهذينَالمرينَتفلحَيفَالدنياَواآلخرة‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وأماَماَسألمَعنهَمنَأفضلَالعمالَبعدَالفرائض)‪َ.‬‬

‫هذهَالجملةَالتيَأوردهاَالمصنفَهيَالجوابَللسؤالَالثانَوهيَالوصَ ّيةَال ّثانيَة‪َ،‬وهَيَ‬

‫أفضلَالعمال‪َ،‬وعبرَالمصنفَبأنهاَبعدَالفَرائض؛َلنَأفضَلَمَاَيعمَلَهَوَالفَرائضَ«وم ا‬

‫تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه‪ ،‬وما ْال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حت ى‬

‫أحبه»َفدلَعلىَأنَأفضلَالعباداتَهيَالواجبات‪َ،‬ثمَبعدهاَالعمَالَالنوافَلَبعضَهاَأفضَلَ‬

‫منَبعضَولَشك‪َ،‬لكنَماَأفضلها؟َهذاَماَسيتكلمَعنهَالمصنف‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬فإنهَيختلفَباختلفَالناسَفيماَيقدرونَعليهَوماَيناسبَأوقاتهم)‪َ.‬‬

‫طبعًا العلماء ‪ ‬تعالى لهم مسلكان‪:‬‬


‫‪64‬‬

‫‪َ‬منَأهلَالعلمَمنَيرىَأنَهناكَأعمالَفاضلةَعلىَسبيلَاإلطلق‪َ.‬‬

‫‪َ‬ومنهمَوهوَالذيَينصرهَالمصَنفَوكثيَرَمَنَأهَلَالعلَم‪َ،‬أنَهَذاَيختلَفَبَاختلفَ‬

‫الشخاص‪َ،‬وباختلفَالحوالَوباختلفَالزمان‪َ،‬والفقهاءَ‪َ‬تعالىَيوردونَأفضلَ‬

‫العمالَيفَموضعين‪َ:‬يريدوهناَيفَأولَبابَصلةَالتطوعَمَنَ«كت اب الص لة»‪َ،‬ويريَدوهناَيفَ‬

‫أولَ«كت اب الجه اد»‪َ،‬ذكََرَهََذهَالمسََألةَيفَهََذينَالموضََعينَالش َيخَمحم َدَبََنَمفلََحَيفَ‬

‫«الفروع»‪َ،‬فقدَذكرَهذهَالمسألةَيفَموضعينَمختلفين‪َ،‬والمصنفَ‪َ‬تعالىَالشيخَتقَيَ‬

‫الدينَيرىَأنَالعبادَأنَالنوافلَلَتوجدَنافلةَأفضلَمنَغيرهاَعلىَسبيلَاإلطَلق‪َ،‬وإنَكَانَ‬

‫يرجحَالذكرَكماَسيأيتَبعدَقليلَلمعنى‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬فإنهَيختلفَباختلفَالناسَفيماَيقدرونَعليه)َفمنَكانَعاجزاَعنَعبادةَلَنقَولَ‬

‫أنهاَأفضلَيفَحقه‪َ،‬بلَإنَغيرهاَمنَالعبَاداتَأفضَلَيفَحقَه‪َ،‬فمَنَعجَزَعَنَالصَدقةَكيَفَ‬

‫تكونَيفَحقهَأفضل؟َمنَعجزَعنَالجهادَلعدمَوجوده‪َ،‬وقدَجاءَعنَالنبيَ‪َ‬يفَ‬

‫أكثرَمنَحديثَماَيدلَعلىَأنهَلَيلزمَأنَيكَونَموجَوداَيفَكَلَوقَمَومَعَذلَكَيَؤجرَمَنَ‬

‫نواهَلكنهَغيرهَيكونَأفضلَيفَحقهَمنه‪َ،‬ومثلهَيفَالصدقة‪َ،‬منَلمَيجدَالمال‪َ،‬القيامَيفَالصلةَ‬

‫لمنَكانَعاجزا‪َ،‬برَالوالدينَلمنَكانَوالداهَمتوفيين‪َ،‬فقدَفاتَمحلهماَوهكذا‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬فإنهَيختلفَباختلفَالناسَفيماَيقدرونَعليه)َقال‪(َ:‬وماَيناسَبَأَوقَاتهم)َقول ه‪َ:‬‬

‫(وماَيناسبَأوقاتهم)َيعني‪َ:‬أنَيفَبعضَالوقاتَتكونَبعضَالعباداتَأفضل‪َ،‬ومنَالقواعدَ‬

‫يفَذلك‪َ:‬‬

‫• أنَالعبادةَإذاَشرعمَيفَزمانَمخصوصَفأفضَلَمَاَيشَرعَيفَذلَكَالزمَانَتلَكَالعبَادة‪َ،‬‬
‫‪65‬‬

‫عندماَنقولَيومَالضحى‪َ،‬أفضلَعبادةَفيهَنحرَالضحية‪َ،‬ونق ول‪َ:‬إنَأفضَلَمَاَيفعَلَيفَ‬

‫رمضانَصيامَرمضان‪َ،‬وأفضلَماَيفعلَيفَالحجَقصَدَبيَمَاهللَالحَرامَحاجَا‪َ،‬وهكَذاَيفَ‬

‫الوقاتَالمضيقة‪.‬‬

‫• كمََاَأنَبعََضَالوقََاتَلَتشََرعَفيهََاَبعََضَالعبََادات‪َ،‬فََإنَمََنَأفضََلَالوقََاتَوقََمَ‬

‫العصر‪َ،‬ومعَذلكَينهىَفيهاَعنَالتنفل‪َ،‬فقدَنهيناَعنَالصلةَبعدَصلةَالعصرَيفَأكثرَمنَ‬

‫حديث‪َ،‬ولكنَأفضلَالعمالَبعدَصَلةَالعصَرَذكَرَاهللَ‪َ،‬كمَاَتعلمَونَربمَاَيَأيتَ‬

‫اإلشارةَإليهَيفَفضلَالذكرَبعدَصلةَالعصر‪َ.‬‬

‫الوقاتَتختلفَوالحوالَتختلف‪َ،‬ولذلكَقال‪(َ:‬فَلَيمكَنَفيَهَجَوابَجَامعَمفصَلَ‬

‫لكلَأحدَ)َلَيمكنَأنَنقول‪َ:‬إنَكلَواحدَلَهَهَذهَالقاعَدةَبَلَتختلَفَبَاختلفَالحَوال‪َ،‬‬

‫العالمَيفَحقهَالتعليمَأفضل‪َ،‬الجاهلَالتعلمَيفَحقَهَأفضَلَلرفَعَالجهَل‪َ،‬القَادرَعلَىَالبَذلَ‬

‫بالمالَوهكذاَيختلفونَمنَحالَإلىَحال‪َ،‬منَكانَوالداهَحيينَفربهمَاَمَنَأفضَلَالعبَاداتَ‬

‫وهكذا‪َ،‬كاناَمحتاجينَأفضلَممنَلمَيكوناَمحتاجَوهكذا‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬لكنَمماَهوَكاإلجماعَبينَالعلماءَباهللَوأمره‪َ:‬أنَملزمةَذكَرَاهللَدائمَاَهَوَأفضَلَ‬

‫ماَشغلَالعبدَبهَنفسهَيفَالجملة)‪َ.‬‬

‫يق ول‪(َ:‬لك َنَمم َاَهََوَكاإلجمََاع)َلََمَيعب َرَالمصََنفَباإلجمََاعَلكََنَيقََول‪َ:‬هََوَشََبيهَ‬

‫باإلجماع‪َ،‬ووجهَقوله‪(َ:‬أنهَكاإلجماع)َلنَهَلَيوجَدَصَراحةَهَذاَالكَلم‪َ،‬ولكنَهَمضَمونَ‬

‫كلمهم‪َ،‬كماَسيأيتَ–َإنَشاءَاهللَ–َيفَتوجيهَكلمهم‪َ.‬‬

‫َقال‪(َ:‬لكنَمماَهوَكاإلجماعَبينَالعلماءَباهللَوأمَره)َالعلمَاءَبَاهللَهَمَالعَالمونَبأفعَالَ‬
‫‪66‬‬

‫القلََوب‪َ،‬لنَأفعََالَالقلََوبَهََيَالد ّالَةَعلََىَاهلل‪َ،‬فالعََالمَبََاهللَهََوَالعََالمَبأفعََالَالقلََوب‪َ،‬‬

‫والعالمَبأسمائهَوصفاته؛َلنَمنَأسبابَتقويةَاإليمانَبَاهللَ‪ ‬التفكَرَيفَأسَمائهَ‪‬‬

‫وصفاتهَالفعليةَوالذاتية‪َ.‬‬

‫(وأمره)َأي‪َ:‬بشرعه‪َ،‬وهذهَأجودَممنَعبرَبعلماءَال ّظاهرَوالبَاطنَمَنَبعَضَالفَرق‪َ،‬بَلَ‬

‫الصوابَأنَنقول‪َ:‬العلماءَباهللَوبأمره‪َ،‬فيجمعونَبينَالمرين‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬أنَملزمةَذكرَاهللَدائماَهوَأفضلَماَشغلَالعبدَبهَنفسهَيفَالجملة‪َ).‬فيشَغلَنفسَهَ‬

‫ا‪َ،‬لماذا قلنا‪َ:‬إنهاَأفضل؟َلنكَإذاَتأملمَكلَمَاَقيَلَمَنَالعبَاداتَأنهَاَهَيَالفضَلَفلَنَ‬

‫تجدَعبادةَإلَوفيهاَذكرَاهللَ‪َ،‬الصلةَفيهاَذكر‪َ،‬التقاءَالصَفينَفيهَذكر‪َ،‬الزكاةَفيهاَذكر‪َ،‬‬

‫الصومَفيهَذكر‪َ،‬الحجَفيهَذكر‪َ،‬كلَعبادةَفاضَلةَإتياهنَاَبصَفةَالكمَالَفيهَاَذكَر‪َ،‬وهَذاَيَدلناَ‬

‫علىَأنَأفضلَالعمالَيفَالجملةَأي‪َ:‬علَىَسَبيلَاإلجمَالَهَوَالَذكر‪َ،‬وعبَرَبَذلكَلنَهَيفَ‬

‫بعضَالحيانَينهىَعنَالذكرَومثل ذلك‪َ:‬حالَالقيامَيفَالصلةَوقراءةَاإلمام‪َ،‬فقَدَهنينَاَعَنَ‬

‫الََََذكرَوأمرنََََاَبالسََََتماعَواإلنصََََاتَ﴿وإذا ق رل الق رآن فاس تمعوا ل ه وأنص توا﴾‬

‫[العراف‪َ،]٢٠٤:‬قال أحمد‪«َ:‬أجمعَعلىَأنهَاَنزلَمَيفَالصَلة»َأي‪َ:‬حينمَاَيقَرأَاإلمَامَيفَ‬

‫الصلةَالجهريةَفيجبَاإلنصاتَلهَولَينشغلَلَبقَراءةَولَذكَر‪َ،‬فقَدَتكَونَبعَضَالصَورَ‬

‫مسَتثناة‪َ،‬ولكَنَلَوَأردتَالنظََرَنظَراَبعيَداَفإنهََاَراجعَةَللَذكر‪َ،‬فإنهََاَسَماعَلَذكرَوهكََذا‪َ،‬‬

‫ولذلكَعبرَالمصنفَ(يفَالجملة)َلنهاَقدَتكونَهناكَاستثناءاتَيفَبعضَالصور‪َ.‬‬

‫ثم قال‪(َ:‬وعلىَذلكَدلَحديثَأبيَهَريرةَالذيَرواهَمسلم‪«َ:‬سبق المف ردون»‪َ،‬قَالوا‪َ:‬يَاَ‬

‫رسولَاهلل؛َومنَالمفردو َن؟َقال‪«َ:‬الذاكرون الل كثيرا والذاكرات»)‪َ.‬‬


‫‪67‬‬

‫هذاَالحديثَيدلَعلَىَأنَالمفَردينَالَذينَيَذكرونَاهللَ‪ ‬كثيَراَوالَليتَيَذكرنَاهللَ‬

‫‪ ‬كثيراَهمَالسَابقون‪َ،‬سَبقواَالنَاسَيفَعلَوَالدرجَةَيفَالجنَةَوسَبقواَالنَاسَيفَدخَولَ‬

‫الجن َة‪َ،‬وسََبقواَالنََاسَيفَأمََورَكثيََرةَيفَيََومَاآلخََرةَويفَالََدنياَكََذلك‪َ،‬وهََؤلءَالمفََردونَ‬

‫الََذاكرونَوالََذاكراتَهََمَلبََدَوأنَيتلبسََواَبفعََلَمحبوبََاتَاهللَ‪َ‬ولَشََك‪َ،‬فلبََدَأنَ‬

‫يكونواَقدَصلواَوصامواَوحجواَواعتمرواَوغيرَذلكَمنَالعبادات‪َ،‬وهذهَالعباداتَفيهاَذكرَ‬

‫اهللَ‪َ،‬فهذاَالحديثَدلَعلىَأمرين‪َ:‬‬

‫‪َ‬المر الول‪َ:‬أنَالذاكرينَهمَالسابقون‪َ،‬فيكَونَفعلهَمَهَوَالفضَل‪َ،‬وهَذهَمَنَبَابَ‬

‫ة‪َ،‬فإنَذكرَالحكمَمقروننَبصفةَإيماءَلكَونَ‬
‫َ‬ ‫إماطةَالحكمَبالصفة‪َ،‬وهذاَمنَبابَاإليماءَللعل‬

‫الصفةَعلةَله‪َ،‬وإلَوإنَلمَتكنَتلكَالصفةَعلةَفإنهَيكونَذكرهَاَلغَوا‪َ،‬وكَلمَالشَارعَمنَزهَ‬

‫عنَاللغوَفيه‪َ،‬هذاَواحد‪َ.‬‬

‫‪َ‬المعنى الثاين‪َ:‬الذيَدلَعليهَهذاَالحَديث؛َدلَهَذاَالحَديثَعلَىَأنَالسَابقين‪َ،‬مَنَ‬

‫شرطهمَأنَيكونواَقدَأتواَبالواجبات‪َ،‬التيَهيَالعباداتَالصَالحة‪َ،‬فَدلَعلَىَأنَلَتعَارضَ‬

‫بينَكونَالذكرَفاضلَمعَفعلَباقيَالعباداتَكماَتقدم‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬وفيماَرواهَأبوَداودَعنَأبيَالَدرداءَ‪َ‬عَنَالنبَيَ‪َ‬أنَهَ‬

‫قال‪«َ:‬أل أنبئكم بخير أعمالكم‪ ،‬وأْكاها عند مليككم‪ ،‬وأرفعها في درجاتكم‪ ،‬وخير لكم م ن‬

‫إعطاء الذهب والورُ‪ ،‬ومن أن تلقوا ع دوكم فتض ربوا أعن اقهم ويض ربوا أعن اقكم؟»َقَالَوا‪َ:‬‬

‫بلىَياَرسولَاهلل!َقال‪«َ:‬ذكر الل»‪َ.‬‬

‫والدلئلَالقرآنيةَواإليمانيةَ–َبصراَوخبراَونظراَ–َعلىَذلكَكثيرةَ)‪َ.‬‬
‫‪68‬‬

‫الحَََديثَأبَََيَالَََدرداءَ‪ ‬فيَََهَأنَالنب يَ‪َ‬ق ال‪«َ:‬أل أنب ئكم بخي ر‬

‫أعمالكم»َقوله‪«َ:‬بخير أعمالكم»َأي‪َ:‬أفضلهاَ«وأْكاها عند مليككم‪ ،‬وأرفعها في درجاتكم‪،‬‬

‫وخير لكم»َإلىَآخرَالحديث‪َ،‬هذاَالحديثَصريحَيفَفضلَالذكر‪َ،‬لكنَأهَلَالعلَمَقَالواَإنَ‬

‫الذكرَيشملَأمرين‪َ:‬‬

‫• الََذكرَالخََالص؛َوهََوَأنَيََذكرَاهللَ‪َ‬إم َاَذكََرَالطلََبَأوَذكََرَالثنََاء‪َ،‬ذكََرَالطلََب‪َ:‬‬

‫الدعاء‪َ،‬دعاءَالطلب‪َ،‬وذكرَالثناء‪َ:‬تمجيدَاهللَ‪َ،‬والثناءَعليه‪َ.‬‬

‫• والمر الثاين‪َ:‬الذكرَالمشروكَبغيرهَمنَالعبادات‪َ،‬فالصلةَذكر‪َ،‬والحجَذكر‪َ،‬فمَاَجعلَمَ‬

‫الصلةَإلَللذكرَوماَجعلَالحجَإلَللذكر‪َ،‬وماَجعلَالوقوفَبعرفةَوالطوافَبالبيمَإلَ‬

‫لذكرَاهللَ‪ ‬وإحياءَشعائرَاهللَ‪َ.‬‬

‫ثم قال‪(َ:‬والدلئلَالقرآنيةَواإليمانيَةَ–َبصََراَوخبَراَونظَراَ–َعلَىَذلَكَكثيَرة‪َ).‬قول ه‪َ:‬‬

‫(والََدلئلَالقرآنيَةَ)َيعن ي‪َ:‬النصََوصَالشََرعيةَكثيََرة‪َ،‬ق ال‪(َ:‬واإليمانيَةَ)َهََذهَسََأقفَمعهََاَ‬

‫قليل‪َ،‬قوله‪(َ:‬اإليمانيةَ)َيدلناَعلىَأنَلهلَاإليمانَالذينَاجتمَعَفَيهمَوصَفان‪َ،‬وهنَاَيجَبَ‬

‫أنَنفرقَبينَمعرفةَأهلَالعلمَوغيرهم‪َ،‬أهلَاإليمانَماَاجتمعَفيهمَوصفان‪َ:‬العلَمَوالعبَادة‪َ،‬‬

‫والذيَيجتمعَفيهَهذانَالوصفان‪َ،‬وينَالَمنهمَاَنصَيباَعظيمَا‪َ،‬وييسَرَاهللَ‪َ‬عليَهَفيهمَاَ‬

‫معا‪َ،‬فإنَهذاَمنَأندرَالناس‪َ،‬وقلماَيجتمَعَيفَامَر َهَذانَالوصَفان‪َ،‬حتَىَق ال بع ض أه ل‬

‫العلم‪«َ:‬إنَمنَاجتمعَفيهَالعلمَوالعبادةَأنهَأندرَمنَالكربيمَالحمر»َلكونَالعلمَقَدَيشَغلَ‬

‫المرءَويعلمهَالرخصَفيبتعدَعنَالعبادة‪َ،‬أوَيكونَالعلَمَسَبباَلكسَبَحَظَمَنَالَدنيا‪َ،‬وأمَاَ‬

‫المنشغلونَبالعبادةَفإنَكثيراَمنهمَيزهدَيفَالعلم‪َ،‬عندماَنتكلمَعَنَأهَلَاإليمَانَفهَمَالَذينَ‬
‫‪69‬‬

‫جمعواَهذينَالوصفين‪َ،‬إنَمنَنظرناَيفَطريقتهَفيهَالوصفانَلكنَأقل‪َ،‬وكلماَطالَبكَالَزمنَ‬

‫وجدتَمنَاجتمعَفيهَالوصفانَأقل‪َ،‬نعم‪َ،‬قدَتجدَصاحبَعبَادة‪َ،‬وقَدَتجَدَصَاحبَعلَم‪َ،‬‬

‫لكََنَلَتجََدَمََنَيجتم َعَفيََهَالوصََفانَإلَأقَ َّلَالقليََل‪َ،‬إذاَوجََدتَمََنَاجتمََعَفيََهَهََذانَ‬

‫الوصفانَفاسألهَعماَيفتحَاهللَ‪ ‬عليهَيفَأمورَأفعالَالقلوب‪َ،‬ومَاَيجَدهَمَنَالنَسَبَاهللَ‬

‫‪َ،‬هذاَالنسَيفتحَاهللَ‪َ‬علىَبعضَالعبادَيفَبعضَالمواضع‪َ،‬عندماَتكونَيفَعرفةَ‬

‫تنقطعَإلىَاهللَ‪ ‬وتفعلَبعضَالعباداتَعلىَعلمَوبصيرةَ–َواعذرونَإنَخرجمَقلَيلَ‬

‫–َأقول‪َ:‬علىَعلمَوبصيرة‪َ،‬لنَالجاهلَعنَدماَيَأيتَيفَعرفَةَيقَومَيصَليَركعَات‪َ،‬يقَولَمَاَ‬

‫يجوزَلنهَوقمَهنيَلنكَجمعمَالظهرَوالعصرَجمعَتقديم‪َ،‬ولَيجوزَالصَلةَبعَدَصَلةَ‬

‫العصرَعلىَأصَحَقَوليَأهَلَالعلَمَلنَالصَحيحَأنهَاَمتعلقَةَبالصَلةَلَبالوقَم‪َ،‬وبعَضَ‬

‫الناسَيسجدَفأناَأقول‪َ:‬هذاَمخرجَعلىَالخلف‪َ،‬هلَالسجودَعبادةَمسَتقلةَأمَأنهَاَصَلة؟َ‬

‫فهلَهيَصلةَأمَليسمَصلة؟َوهكذاَمنَالمسائل‪َ.‬‬

‫فالمقص ود‪َ:‬مََنَدعََاَاهللَ‪َ‬علََىَعلََمَوبصََيرة‪َ،‬وأتََىَبََالورادَالمشََروعةَالََواردةَ‬

‫جوامعَالكلم‪َ،‬وتفكرَيفَمعانيهاَفإنهَسيجدَيفَقلبهَأنسَاَوانشَراحاَوإقبَالَمَاَلَيجَدهَغيَره‪َ،‬‬

‫هناَقول الشي ‪(َ:‬والدلئلَاإليمانيةَ)َيقصدَأهلَالعلمَواإليمَانَوالطاعَةَالَذينَأخَربواَعَنَ‬

‫أنفسهمَيفَالذكرَماذاَوجدوه‪َ،‬منهمَالشيخ‪َ،‬فقدَحكىَعنهَتلميذهَ–َأعني‪َ:‬بالشيخَالمؤلفَ–َ‬

‫فقدَحكىَعنهَتلميذهَأنهَيقول‪«َ:‬أنهَكانَيفَكلَغداةَوصبحَيومَيأيتَبأذكار»َويقول‪«َ:‬إنَهَذهَ‬

‫الدعيةَوالذكارَالتيَأقولهاَيفَصبحيَوعشييَهيَزادي‪َ،‬إذاَلمَأقلهَاَفَإنيَأجَدَيفَجسَديَ‬

‫ضعفاَووهنا»َوهذاَمنَأخبارَأهلَاإليمانَالذيَقصدهَالشيخ‪َ.‬‬
‫‪70‬‬

‫إذن‪َ:‬أناَوقفمَمعَهذهَالكلمةَلكَيَنفهمهَا‪َ،‬لَيسَكَلَمَاَنجَدهَيفَالخبَارَعَنَالوائَلَ‬

‫صحيح‪َ،‬فإنَبعضَمَاَيوجَدَيفَالكتَبَفيمَاَعنَيَبطبقَاتَالصَوفيةَلبَيَابَنَعبَدَالَرحمنَ‬

‫السلمي‪َ،‬وبعضَماَذكرهَأبوَنعيمَيفَ«حلية الولياء»َفيهَمنَأنَاسَأهَلَعبَادةَولكَنهمَليسَواَ‬

‫أهلَعلم‪َ،‬أنظرَلهلَالعلمَوالعبادةَمعاَخاصةَمنَالصَحابةَوتَابعيهمَوتَابعيَتَابعيهمَومَنَ‬

‫سارَعلىَطريقتهم‪َ،‬هؤلءَهمَالذينَأنظرَلطريقتهمَفيماَيخربونَبهَيفَهذهَالمور‪َ،‬وهَذاَهَوَ‬

‫المرادَفهذاَملحظَيجبَأنَننتبهَله‪َ،‬طبعاَوبعضهمَيقلَوبعضهمَيزيَد‪َ،‬ذكَرتَلكَمَالجنيَد‪َ،‬‬

‫الجنيدَكانَمنَأهلَالعلمَوكانَفقيهاَعلىَمذهبَالوزاعيَويفتيَبه‪َ،‬فكثيَرَممَاَيَذكرهَمَنَ‬

‫الحوالَوالخبارَهيَعلىَطريقةَأهلَالسَنّةَ‪َ‬تَعََالَى‪َ،‬طبعَاَالخَربَالَواردَوالنظَرَهَوَ‬

‫الستدللَبالمعان‪َ.‬‬

‫ق ال‪(َ:‬وأقَََلَذلَََك‪َ:‬أنَيَََلزمَالعبَََدَالذكَََارَالمَََأثورةَعَََنَمعلَََمَالخيَََرَوإمَََامَ‬

‫المتقين‪َ.)‬‬

‫قوله‪(َ:‬وأقلَذلك)َأي‪َ:‬وأقلَالذكرَالمندوب؛َلنَالذكرَمنهَماَهوَواجبَالذيَيكَونَيفَ‬

‫الصلةَومنهَماَهوَمندوب‪َ،‬أقلَذكرَمندوبَيفعلهَالمسلم‪َ،‬منَنقَصَعنَهَفإنَهَمكَروهَعلَىَ‬

‫طالبَالعلمَخاصةَأنَي كه‪َ.‬قال‪(َ:‬أنَيلزمَالعبدَالذكارَالمأثورةَعنَمعلمَالخير)َالذكَارَ‬

‫الََواردة‪َ،‬وقََدَجمعهََاَجماعََةَكمََاَسََيأيتَبعََدَقليََل‪(َ،‬عََنَمعلََمَالخيََرَوإمََامَالمتقََينَ‬

‫‪َ.‬كالذكارَالمؤقتةَيفَأولَالنهارَوآخره)‪َ.‬‬

‫قوله‪(َ:‬كالذكارَالمؤقتةَيفَأولَالنهارَوآخَره)َعبَرَالمصَنفَ‪َ‬تعَالىَبَأولَالنهَارَ‬

‫وآخرهَهوَالذيَيعبرَعنهَبعضَأهلَالعلمَبأنهَطريفَالنهار‪َ،‬وأخذواَذلكَمنَق ول اللَ‪َ:‬‬
‫‪71‬‬

‫﴿وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الاروب﴾ [ُ‪َ]٣٩:‬فأمرَاهللَ‪َ‬بالتسبيحَيفَ‬

‫أولَالنهارَقبلَطلوعَالشمسَوقبلَالغروبَوهوَآخرَالنهار‪َ،‬فيكونَالصلَفيهما‪َ،‬فإنَقلَمَ‬

‫إنَهَقََدَجََاءَأنَيف الحادي ث‪«َ:‬ب ك أص بحت»َوبح ديث‪«َ:‬الله م ب ك أمس يت»َوهكََذاَمََنَ‬

‫اإلمساء‪َ،‬فكيفَيكونَالمساءَيفَآخرَالنهار‪َ،‬نقول‪َ:‬إنَقاعدةَلسانَالعربَأنَكلَمَاَكَانَبعَدَ‬

‫الزوالَأي‪َ:‬بعدَأذانَالظهَرَيسَمىَمسَاء‪َ،‬ق ال اإلم ام أحم د‪«َ:‬إنَأهَلَالحجَازَيقولَونَبعَدَ‬

‫زوالَالشمسَكيفَأمسيم؟َوقبلَزوالهاَكيفَأصبحم؟»َوماَزلناَإلَىَوقتنَاَهَذاَإذاَأردتَ‬

‫أنَتقولَلشخصَبعدَالظهرَماَتقولَلهَكيفَأصبحم‪َ،‬إنمَاَتقَولَلَهَكيَفَأمسَيم؟َمَاَزالَ‬

‫هذاَعرفناَونتوارثهَمنَلسانَالعربَيعني‪َ:‬كبارَالسنَعندنا‪َ،‬وهذاَهوَلسَانَالعَرب‪َ،‬فكَلَمَاَ‬

‫كانَبعدَزوالَالشمسَأي‪َ:‬بعدَالظهرَيسمىَمساء‪َ،‬فحينئذَيكونَذكرَالمساءَداخلَفيمَاَبعَدَ‬

‫الزوال‪َ،‬وعليهَحملَفقهاؤناَالحديثَالذيَوردَعند أهل السنن‪«َ:‬رميت بعد ما أمسيت»َأي‪َ:‬‬

‫بعدَالزوال‪َ،‬فيكونَالرميَهناَيومَالعيدَبعدَالزوال‪َ.‬‬

‫َإذن‪َ:‬هذاَماَيتعلقَبقول المصنف‪(َ:‬أولَالنهارَوآخره)َوآخرَالنهار‪َ،‬وهناَمسألةَأشيرَلهاَ‬

‫إشارة‪َ،‬معلومَأنَالذكرَيكونَعندَاإلمساءَوعندَاإلصباح‪َ،‬وقدَجاءَفيَهَأحاديَثَتبلَغَعشَرةَ‬

‫أوَتزيدَقليل‪َ،‬جمعهاَالنوويَ‪َ‬تعالى‪َ،‬ثمَإنَالشيخَعبدَالعزيزَبنَبازَ–َعليهَرحمةَاهللَ‬

‫–َانتقىَمنَأحاديثَالتيَأوردهاَالنوويَالحاديثَالصحيحةَفقطَوأخرجهاَيفَجزء‪َ،‬فجمعَ‬

‫فيهاَأحاديثَالصباحَوالمساءَدونَماَعداها‪َ،‬وسماهاَ«تحفة الخيار»‪َ،‬هَذهَالحاديَثَفَرقَ‬

‫بينَالمساءَوالصباح‪َ،‬فماَهوَوقمَالذكرَالذيَتقالَفيهَعندَالصباحَوماَهوَالذيَيكَونَعنَدَ‬

‫المسََاء؟َفيََهَأقََوالَمتعََددةَذكرهََاَابََنَالجََزريَيفَكتابََهَوتبعََهَعلََىَذكرهََاَالشََوكانَيفَ‬
‫‪72‬‬

‫«التحفة»َكذلك‪َ،‬وابَنَعَلنَيفَشَرحهَلذكَارَالنَووي‪َ،‬فأوردهَاَإيَراداَأوَأوردَبعَضَهَذهَ‬

‫القوالَعلىَسبيلَاإليجاز‪َ،‬أماَأذكارَالصباحَفقدَقيل‪َ:‬يفَابتداءَوقتهاَقولن؛َقي ل‪َ:‬إنَابتَداءَ‬

‫وقتهاَيبدأَمنَطلوعَالفجرَأي‪َ:‬أذانَالفجرَالثان‪َ،‬وهوَالفجرَالصادق‪َ،‬وهَوَالَذيَعليَهَأكثَرَ‬

‫أهلَالعلم‪َ،‬وقيل‪َ:‬إنَابتداءَوقتهاَيبَدأَمَنَطلَوعَالشَمس‪َ،‬وهَوَالَذيَجَزمَبَهَابَنَالقَيمَيفَ‬

‫الوابل‪َ،‬وفهمَمنَكلمَالشيخَتقيَالدين‪َ،‬وسببَهذاَالفهمَمنَكلمَالشَيخَتقَيَالَدينَأنَيفَ‬

‫المذهبَقولَيفَابتداءَالنهار‪َ،‬هلَابتداؤهَمنَطلوعَالفجَرَأمَأنَابتَداءهَمَنَطلَوعَالشَمس؟َ‬

‫وينبنيَعلىَهذاَالختلفَأحكامَفقهيَةَمنهَا‪َ:‬الوقَوفَبعرفَة‪َ،‬وبنَاءَعلَىَذلَكَفَإنَالشَيخَ‬

‫ينتصرَيعني‪َ:‬بالشيخَالشيخَتقيَالدين‪َ،‬فإنَالشيخَينتصرَإلىَأنَابتَداءَالنهَارَيبَدأَمَنَطلَوعَ‬

‫الشمس‪َ،‬ففهمَمنَذلكَأنَأذكارَالصباحَتبدأَمنَطلَوعَالشَمسَوفيَهَنظَر؛َلنَالش ي تق ي‬

‫الدينَيقول‪«َ:‬إنَالليلَينتهيَبطلوعَالفجر‪َ،‬والصَباحَوالنهَارَيبتَدأَبطلَوعَالشَمس‪َ،‬والفَ ةَ‬

‫التيَتكونَبينَطلَوعَالفجَرَإلَىَطلَوعَالشَمسَبَرزخ‪َ،‬فهَوَحَدَبَينَالليَلَوالنهَار»َيلحَقَ‬

‫بالليلَأحياننَويلحقَبالنهارَأحيانا‪َ،‬وعلىَذلكَفَإنَنسَبةَهَذاَالقَولَللشَيخَتقَيَالَدينَفيَهَ‬

‫نظر‪َ،‬والقربَأنَنقولَوهوَظاهرَالقرآنَأنَهَقبَلَطلَوعَالشَمس‪َ،‬قبَلَطلَوعَالشَمسَفَدلَ‬

‫علىَأنَنسبةَهذاَالقولَإليهَكماَفهمهَجماعةَفيهَنظر‪َ،‬والصَوابَأنَابتَداءهاَيبَدأَمَنَطلَوعَ‬

‫الفجر‪َ،‬هذاَواحد‪َ.‬‬

‫‪َ:‬بَالزوالَلمَاذا؟َ‬
‫• أماَانتهاءَأذكارَالنهارَفقيل‪َ:‬إلىَالزوال‪َ،‬وقيل‪َ:‬إلىَطلوعَالشمس‪َ،‬وقيل ّ‬

‫لنَماَبعدَالزوالَيسمىَإمساء‪َ،‬وأذكارَالمساءَقيل‪َ:‬تبدأَمَنَزوالَالشَمسَأي‪َ:‬مَنَأذانَ‬

‫الظهر‪َ،‬وقيل‪َ:‬منَبعدَوقي ل‪َ:‬مَنَحَينَأنَتَ يضَالشَمسَللغَروب‪َ،‬وقي ل‪َ:‬مَنَغَروبَ‬


‫‪73‬‬

‫الشمس‪َ،‬وعلى العموم‪َ:‬فإنَهَذهَالقَوالَاجتهاديَة‪َ،‬ولَذلكَفالَذيَيرجحَهَالشَيخَعبَدَ‬

‫العزيزَبنَبازَ–َعليهَرحمةَاهللَ–َأنَكلَهذاَجائز‪َ،‬وأنمَادعَبماَشئم‪َ،‬ولكَنَمَاَأمكنَكَ‬

‫أنَتقفَعندَاآليةَأنَتسبحَاهللَ‪ ‬قبلَطلوعَالشمسَوقبلَغروبَالشمسَفإنهَأولى‪َ،‬‬

‫وهذهَالقبليةَلَحدَلهاَمنَبَدءَاإلمسَاءَوهَوَغَروبَالشَمس‪َ،‬وهَوَزوالَالشَمسَومَنَ‬

‫حينَطلوعَالشمس‪َ.‬‬

‫َ‬

‫قال‪(َ:‬وعندَأخذَالمضجع)‪َ.‬‬

‫فيهََاَأدعيََةَكثيََرةَمنه ا‪َ:‬مََاَيفَ«الص حيحين»َأنَالنب يَ‪َ‬ك ان ي دعو‪«َ:‬الله م‬

‫باسمك أموت وأحيا»َوحديث البراء المشهور‪«َ:‬الحمد لله الذي أحيانا»َعندَالستيقاظَكانَ‬

‫النبيَ‪َ‬يقول‪«َ:‬الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور»َ«اللهم أس لمت‬

‫وجهي إليك وفوضت أمري إليك»َالدعيةَالمعروفة‪َ.‬‬

‫ت)‪َ.‬‬
‫قال‪(َ:‬وعندَالستيقاظَمنَالمنام‪َ،‬وأَدبارَالصلوا َ‬

‫المرادَبأدبارَالصلواتَنوعان‪َ:‬قبلَالسلمَوبعده‪َ،‬أماَقبلَالسلمَفقدَجَاءَفيَهَالح ديث‪َ:‬‬
‫ّ‬

‫«ثم ليتخير من الدعاء ما شاء»‪َ،‬وأماَبعدهَفقدَقررَجماعةَمنَأهلَالعلَمَومَنهمَابَنَالقَيمَأنَ‬

‫دعاءَالطلبَ–َأنظرَمعيَنتكلمَعنَدعاءَالطلبَوليسَالذكرَ–َأنَدعاءَالطلبَلَيشَرعَدبَرَ‬

‫صلواتَالفريضةَمباشرة؛َلنَالمشروعَدبرَصلواتَالفريضةَالنشغالَبماَورد‪َ،‬بمَاَثبَمَيفَ‬

‫حديث ال ّثوبان وغيره‪«َ:‬أستافر الل ثلثا اللهم أنت السلم»َإلىَآخَرهَثَمَإذاَانقضَىَمَنَهَذاَ‬

‫الذكرَالواردَلهَأنَيدعوَدعاءَطلبَوإنَشاءَرفَعَيَده‪َ،‬وهَلَالفضَلَالَدعاءَقبَلَالسَلمَأمَ‬
‫‪74‬‬

‫بعده؟َمعَالحكمَبأفضليةَالذكرَدبرَالصلوات‪َ،‬نقول‪َ:‬الفضلَأنَيكونَقبلَالسلمَبشرطَأنَ‬

‫يكونَمنَجوامعَالكلم‪َ،‬يحرصَعلىَأنَيكونَمنَجوامعَالكلم‪َ،‬يكونَليسَفيهَمَلذَالَدنياَ‬

‫قدرَالمستطاع‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬والذكارَالمقيدة؛َمثل‪َ:‬ماَيقالَعندَالكل‪َ،‬والشرب‪َ،‬واللباس‪َ،‬والجمَاع‪َ،‬‬

‫ودخولَالمنزلَوالمسجدَوالخلء‪َ،‬والخروجَمنَذلك‪َ،‬وعندَالمطرَوالرعدَإلىَغيرَذلك‪َ.‬‬

‫وقدَصنفمَلهَالكتبَالمسماةَبََ«عمل اليوم والليلة»)‪َ.‬‬

‫هذهَكتبَكثيرةَجداَألفمَفيه‪َ،‬منَأولَمنَكتبَيفَذلكَاإلمامَأبوَعبَدَالَرحمنَالنسَائيَ‬

‫المتوىفَسنةَثلثَمئةَوثلثة‪َ،‬صاحبَ«كتاب السنن»َفإنهَعقدَكتابةَيفَالسننَالكَربىَوأفَردَ‬

‫بعدَذلك‪َ،‬وربماَكانَهوَالذيَأفردهَباسَمَكتَابَ«عم ل الي وم والليل ة»‪َ،‬ثَمَإنَتلميَذهَراويَ‬

‫السننَالصغرىَعنهَالمسمىَبالمجتبىَوهوَابنَالسنيَالمتويفَبعَدهَأوَالمتَوفىَبعَدهَبسَتينَ‬

‫سنةَفقدَتويفَابنَالسَنيَسَنةَثَلثَمئَةَوأربعَةَوسَتّينَأوَواحَدَوسَتينَسَنة‪َ،‬بعَدهَبواحَدَ‬

‫وستينَسنةَألفَكتاباَهوَأجلَكتابَيفَعملَاليَومَالليلَة‪َ،‬وهَوَكتَابَ«عم ل الي وم والليل ة»َ‬

‫وقدَطبعَقديماَيفَالهند‪َ،‬وأعيدَطبعهَطبعاتَكثيرة‪َ،‬وقدَنصَجماعةَمنَأهَلَالعلَمَعلَىَأنَ‬

‫أجلَكتابَيفَعمَلَاليَومَوالليلَةَهَوَكتَابَابَنَالسَنيَ–َعليَهَرحمَةَاهللَ‪َ،-‬وألَفَبعَدهمَ‬

‫جماعةَمنهمَأبوَنعيمَلكنهَغيرَموجودَوالمنذريَوغيرهم‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬ثمَملزمةَالذكرَمطلقا‪َ،‬وأفضله‪(َ:‬لَإلهَإلَاهلل))‪َ.‬‬

‫قول ه‪(َ:‬ثَمَملزمََةَالََذكرَمطلقَا)َأي‪َ:‬ثََمَبعََدَأقََلَالكمََال‪َ،‬أقََلَالكمََالَملزمََةَالََذكرَ‬

‫المقيد‪َ،‬ثمََبعدَذلَكَوهَوَالكمَالَأنَيَلزمَالَذكرَمطلقَاَأي‪َ:‬يفَكَلَأحوالَه‪َ،‬وعنَدماَنقَولَ‬
‫‪75‬‬

‫مطلقاَحتىَيفَالنومَيكونَذاكرا‪َ،‬فإنَقلمَكيفَيكونَذلك؟َنقول‪َ:‬إنَمنَنامَوهوَعلَىَذكَرَ‬

‫أصبحَذاكرا؛َلنهَيكتبَلهَأجرَماَختمَعليهَهناره‪َ،‬وقدَجاءَيفَذلكَبعضَالخبار‪َ.‬‬

‫ث م ق ال‪(َ:‬وأفضََله‪(َ:‬لَإل َهَإلَاهلل)‪َ).‬أي‪َ:‬وأفضََلَالََذكرَهََو‪َ:‬لَإلََهَإلَاهللَعلََىَسََبيلَ‬

‫اإلجمَََال‪َ،‬والَََدليلَعلَََىَكونَََهَأفضَََلَالَََذكرَمَََاَجَََاءَعنَََدَالترمَََذيَوحسَ َنهَأنَالنب يَ‬

‫‪َ‬ق ال‪«َ:‬أفض ل ال ذكر ل إل ه إل الل»‪َ،‬ويفَلفََظَعنََدَأحمََدَمََنَحََديثَأب َيَذرَ‬

‫‪ ‬أنَالنبيَ‪َ‬قال‪«َ:‬لَإلهَإلَاهللَأفضلَالحسنات»‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬وقدَتعرضَأحوالَيكونَبقيةَالَذكرَمثَل‪(َ:‬سَبحانَاهلل‪َ،‬والحمَدَهلل‪َ،‬واهللَ‬

‫أكرب‪َ،‬ولَحولَولَقوةَإلَباهلل)َأفضلَمنه)‪َ.‬‬

‫هذهَالكلماتَالربعةَالتيَذكرهاَالمصنفَهيَمنَالباقياتَالصالحات‪َ،‬وقدَذكَرَ‪َ ‬‬

‫الباقياتَالصالحاتَيفَموضعينَمنَكتابه‪َ،‬فقالَ‪﴿َ: ‬والباقي ات الص الحات خي ر عن د‬

‫ربك ثوابا وخير أمل﴾ [الكهف‪َ،]٤٦:‬وقالَ‪﴿َ: ‬والباقيات الصالحات خير عند رب ك‬

‫ثوابا وخير مردا﴾ [مريم‪َ،]٧٦:‬وهذاَيدلناَعلىَأنَهَذهَالباقيَاتَالصَالحاتَالمَرادَ َاَهَذهَ‬

‫الكلماتَالربعَأوَالخمس‪"َ:‬لَإلهَإلَاهلل"َو"سَبحانَاهلل"َو"الحمَدَهلل"َو"اهللَأكَرب"َو"لَ‬

‫حولَولَقوةَإلَباهلل"‪َ،‬كذاَجاءَتعدادهاَخمساَيفَحديثَأبَيَسَعيد‪َ،‬وجَاءَيفَحَديثَغيَرهَ‬

‫أنهاَأربع‪َ،‬وعلىَالعمومَفإنَذكرَالربعَهوَمَنَبَابَذكَرَبعَضَصَورَالعَام‪َ،‬لَيسَمَنَبَابَ‬

‫التخصيصَعليها‪َ،‬وهذهَالكلماتَالخمسَعموماَالربعَةَالتَيَذكرهَاَالمصَنفَوقبلهَاَ"لَ‬

‫إلهَإلَاهلل"َهيَأفضلَكلمَيتكلمَبهَالعبدَبعَدَالقَرآن‪َ،‬أفضَلَكَلمَتَتكلمَبَهَهَذهَالباقيَاتَ‬

‫الصالحات‪َ،‬فهيَخيرَثواباَأجراَعندَاهلل‪﴿َ،‬وخير أمل﴾ يعني‪َ:‬يعطيكَاهللَ‪ َ ‬اَماَتأمَلَ‬


‫‪76‬‬

‫وإنَلمَتطلَبَ«م ن ش اله ذك ري ع ن مس ائلتي أعطيت ه أفض ل مم ا أعط ي الس ائلين»َكمَاَيفَ‬

‫الحديثَعندَالنسائيَمنَحديثَأبيَسعيد‪َ،‬وهيَ﴿وخير مردا﴾َأي‪َ:‬يفَعاقبةَأمَركَيفَالَدنياَ‬

‫ويفَاآلخرة‪َ،‬كماَقال النبيَ‪َ‬لفاطمةَوزوجهَاَعلَيَ‪«َ:‬أل أدلكم ا عل ى‬

‫خير لكما من خادم تسبحان الل ثلث ا وثلث ين وتحم دان الل ثلث ا وثلث ين وتكب ران الل أربع ا‬

‫وثلثين»َفالباقياتَالصالحاتَخيرَمَرداَيفَالَدنياَوخيَرَمَرداَيفَاآلخَرة‪َ،‬لكَنَأحيانَاَتكَونَ‬

‫سبحانَاهللَأفضلَمنَلَإلهَإلَاهللَمثل‪َ:‬السجودَوالركوع‪َ،‬فإنَالسَجودَوالركَوعَسَبحانَاهللَ‬

‫أفضل‪َ،‬الحمدَهللَتكونَأفضلَيفَقَراءةَالفاتحَة‪َ،‬وتكَونَأفضَلَعنَدَافتتَاحَالكَلم‪َ،‬فتفتَتحَ‬

‫حديثكَوخطبتكَبحمدَاهلل‪"َ،‬لَحولَولَقوةَإلَبَاهلل"َعنَدَالسَتعانة‪َ،‬مث ل‪َ:‬عنَدماَتسَمعَ‬

‫"حيَعلىَالصلة"َالحوقلةَعندَسماعكَلهماَفإنكَتقول‪َ:‬لَحولَولَقوةَإلَباهلل‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬ثمَيعلمَأنَكلَماَتكلمَبهَاللسَانَوتصَورهَالقلَبَممَاَيقَربَإلَىَاهللَمَنَ‬

‫تعلمَعلم‪َ،‬وتعليمه‪َ،‬وأمرَبمعروف‪َ،‬ونهيَعنَمنكر‪َ:‬فهوَمنَذكَرَاهلل)‪َ.‬‬
‫‪ ‬هنا عندنا مسأتلان ُّ‬
‫نمر عليهما برسعة‪،‬‬
‫‪ ‬الولى قوله‪(َ:‬ثمَيعلمَأنَكلَماَتكلمَبهَاللسانَوتصَوره)َانتبَهَهنَاَلق ول المص نف‪َ:‬‬

‫(وتصَوره)َالعلمَاءَ‪َ‬تعَالىَيقول ون‪«َ:‬إنَذكَرَاهللَ‪َ‬نوعَان‪َ:‬ذكَرَباللسَانَوذكََرَ‬

‫بالقلب»َفأمَاَذكرَاللسانَفهو‪َ:‬التلفظَوأقلَالتل ّفظَعلىَقولَبعضَأهلَالعلمَأنَيسمعَنفسه‪َ،‬‬

‫وقال بعضهمَوهوَالقرب‪«َ:‬أنَيحركَلسانهَوشفتيه»‪َ.‬‬

‫‪ ‬المر ال ّثاين‪َ:‬ذكرَالقلب‪َ،‬والمرادَبَذكرَالقلَبَهَوَالتصَورَللمعَانَإذَلَيوجَدَكَلمَ‬

‫نفسي‪َ،‬ماَيفَشيءَعندناَكلمَنفسي‪َ،‬وإنماَهوَأنَتتصورَمعنىَلَإلهَإلَاهلل‪َ،‬ماَمعنىَسَبحانَ‬
‫‪77‬‬

‫اهلل؟َماَمعنىَاهللَأكرب؟َيفَالمسندَأنَالنبيَ‪َ‬قالَلعليَبنَحاتم‪«َ:‬يا علي أتعلم ما‬

‫معنى الل أكبر؟ الل أكبر م ن ك ل ش يء»َهَذاَالتصَورَللمعَانَهَوَذكَرَالقلَب‪َ،‬ولَذاَفأفضَلَ‬

‫الذكرَماَواطأَفيهَذكرَاللسانَذكرَالقلب‪َ،‬فإذاَاجتمعَالمرءَهذانَالَذكرانَفهَوَأكمَلَالَذكر‪َ،‬‬

‫هذاَواحد‪َ.‬‬

‫‪ ‬املسألة اثلانية‪َ:‬بينَالمصنفَيفَهذهَالجملةَماَذكرتَهَقبَلَأنَكَلَالعمَالَالصَالحةَ‬

‫هيَمنَذكرَاهلل‪َ،‬فقال‪(َ:‬منَاشتغلَبطلبَالعلمَأوَجلسَمجلساَيتفقهَأوَيفقهَفيهَالفقهَالَذيَ‬

‫سماهَاهللَورسولهَ(فقها)‪َ:‬فهذاَأيضاَمنَأفضلَذكرَاهلل)‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬ولهذاَمنَاشتغلَبَطلبَالعلمَالنَافعَبعَدَأداءَالفَرائض‪َ،‬أوَجلَسَمجلسَاَ‬

‫يتفقهَأوَيفقهَفيهَالفقهَالذيَسماهَاهللَورسولهَ(فقها)‪َ:‬فهذاَأيضاَمنَأفضلَذكرَاهلل‪َ.‬‬

‫وعل َىَذل َك؛َإذاَت َدبرتَل َمَتج َدَب َينَالولََينَف َيَكَلم َاتهمَف َيَأفض َلَالعمََالَكبيََرَ‬

‫اختلفَ)‪َ.‬‬

‫وذلكَلنَالعمالَالتيَذكرتَبينهاَتداخلَواش اكَيفَالَذكرَبالخصَوص‪َ،‬ومَنَمَنهجَ‬

‫الشيخَتقيَالدينَدائمنَهوَأنهَيجعلَالختلفَدائمَاَاخَتلفَتنَوعَولَيسَاخَتلفَتضَاد‪َ،‬‬

‫ويحرصَدائماَعلىَجمعَأقوالَالسلفَالمتقدمينَفيجعلهَقولَواحَدا‪َ،‬فمَنَاخَتلفَتنَوعَ‬

‫أي‪َ:‬باختلفَالحوالَوهكذا‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وماَاشتبهَأمرهَعلَىَالعبَدَفعليَهَبالسَتخارةَالمشَروعة؛َفمَاَنَدمَمَنَاسَتخارَاهللَ‬

‫تعالى)‪َ.‬‬

‫هناَذكرَالمصنفَصورةَمنَصورَالدعاءَوهوَالستخارة‪َ،‬إذَالسَتخارةَمَنَالَدعاء‪َ،‬قَدَ‬
‫‪78‬‬

‫لَيكونَدعاءَطلبَلشَيءَوإنمَاَطلَبَخيَارة‪َ،‬وقول ه‪(َ:‬المشَروعة)َأي‪َ:‬الَواردةَعَنَالنبَيَ‬

‫‪َ‬وقَََدَوردتَصَََيغَأصَََحهاَمَََاَيفَ«الص حيح»َمَََنَحَََديثَجَََابرَأنَالنب يَ‬

‫‪«َ:‬ك ان يعلمه م الس تخارة كم ا يعلمه م الس ورة م ن الق رآن»َوفيََهَأنَيق ول‪َ:‬‬

‫«اللهمَإنيَأستخيركَبعلمكَوأستقدركَبقدرتكَوأسألكَمنَفضلكَالعظيمَفإنكَتعَلَمَولَ‬

‫أعلمَوتقدرَوأناَلَأقدرَوأنمَعلمَالغيوبَاللهمَإنَكنمَتعلمَأنَهذاَالمرَويسميَحاجتَهَ‬

‫خيرَليَفيَدينيَومعاشَيَوعاقبَةَأمَريَأوَقَالَعاجلَهَوآجلَهَ»َهنَاَيفَقولَه‪«َ:‬أوَقَال»َذك ر‬

‫جماعة ومنهم النوويَوهوَظاهرَالحديث‪«َ:‬أنَهذاَمَنَبَابَاخَتلفَالروايَة»‪َ،‬فعلَىَذلَكَ‬

‫يجوزَلكَأنَتقولَالكلمةَالولَىَويجَوزَلَكَأنَتقَولَالكلمَةَالثانيَة‪َ،‬والفضَلَألَتجمَعَ‬

‫بينهمََا‪َ،‬لنَالصََلَأنَالدعيََةَالمقيََدةَبزمََانَأوَبمكََانَأوَبعََددَأوَبفضََلَالصََلَفيهََاَ‬

‫التوقيف‪َ،‬كماَيفَحديث البراءَالمتقدَمَمعناَوفيه‪«َ:‬آمنت بنبيك الذي أرسلت»َلماَقال الب راء‪َ:‬‬

‫«وآمنت برسولك الذي أرسلت»َقال النبي ‪«َ:‬ل قل آمنت بنبيك الذي أرسلت»َ‬

‫فدلناَعلىَالتوقيف‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬فماَندمَمنَاستخارَاهللَتعالى)‪َ.‬‬

‫قوله‪(َ:‬فماَندمَمنَاستخارَاهللَتعالى)َهذاَوردَفيهَخَربَعَنَأنَسَ‪ ‬رواهَالطَربانَ‬

‫يفَمعجميهَ«الصاير»َو«الوسط»‪َ.‬‬

‫قول ه‪(َ:‬وليكثَرَمَنَذلَك)َأي‪َ:‬وليكثَرَمََنَالسَتخارة‪َ،‬فيشََملَأم رين‪َ:‬ففَيَكََلَأمَرَلََهَ‬

‫يستخير‪َ،‬يحرصَالمرءَعلىَأنَيستخيرَيفَكلَشيءَحتىَيفَأمَورَالَدنيا‪َ،‬تريَدَأنَتَذهبَمَعَ‬

‫طريقَترددتَعلىَطريقينَاستخرَاهللَوأنمَيفَالسَيارة‪َ،‬وقَدَجَاءَيفَلفَظَعنَدَالترمَذيَمَنَ‬
‫‪79‬‬

‫حديثَأبيَأيوبَ«أن من ألفاظ الستخارة أن تقول‪ :‬اللهم خرني»َحتىَيفَالسيارةَاللهَمَخَرَ‬

‫لي‪َ،‬اللهمَخرَليَإلىَيمينَأوَيسار‪َ،‬استخرَماَالذيَيضَرك؟َهَوَعبَادةَتتعبَدَاهللَ‪َ ‬ا‪َ،‬‬

‫هذاَواحد‪َ.‬‬

‫‪َ‬المر الثاين‪َ:‬يفَقوله‪(َ:‬وليكثرَمنَذلك)َيشملَالمرَالواحَدَأكثَرَمَنَالسَتخارةَفيَهَ‬

‫مرتينَوعاشَرَوعشَرين‪َ،‬لنَهَدعَاءَواهللَ‪َ‬يحَبَالملَحَيفَالَدعاءَولربمَاَلَمَيسَتجبَ‬

‫دعاؤكَفيكتبَلكَالخيرةَإلَبعدَالدعاءَالثالثَأوَالعاشرَاهللَأعلمَبه‪َ.‬‬

‫َ‪ ‬وثمرة االستخارة أمور‪:‬‬


‫• المر الول‪َ:‬الجر‪.‬‬

‫• الثاين‪َ:‬تعلقَالقلبَباهللَ‪ ‬وانقطاعهَعنَأسبابَالدنيا‪.‬‬

‫• الثال ث‪َ:‬أنَكَتَدعوَاهللَ‪َ‬أنَييسَرَلَكَويكتَبَلَكَمَاَاختَارهَسَبحانه‪َ،‬فَإذاَأجيََبَ‬

‫دعاؤكَفإنَاهللَسَيكتبَلَكَالخيَرة‪َ،‬ارتَاحَقلبَكَأوَلَمَيَرتح‪َ،‬أقبلَمَعليَهَأوَلَمَتقبَل‪َ،‬‬

‫ولذلكَقال‪«َ:‬وليمض»َالنبيَ‪َ‬يقول‪«َ:‬وليمض بأمره»َولم يقل‪َ:‬ينظرَيفَقلبهَ‬

‫ومنشرحَلهَصدره‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬ومنَالدعاء؛َفإنهَمفتاحَكلَخير‪َ،‬ولَيعجلَفيقول‪(َ:‬دعوتَفلمَيستجبَلي))‪ََ.‬‬

‫وقدَثبمَيفَ«الصحيحين»َمنَحديثَأبَيَهريَرةَ‪َ،‬أنَالنب يَ‪َ‬ق ال‪َ:‬‬

‫«يستجاب لحدكم ما لم يعجل‪ ،‬يقول‪ :‬دعوت فلم يستجب لي»‪َ.‬‬

‫(وليتحرَالوقاتَالفاضَلة؛َكَآخرَالليَل‪َ،‬وأدبَارَالصَلوات‪َ،‬وعنَدَالذان‪َ،‬ووقَمَنَزولَ‬

‫المطر‪َ،‬ونحوَذلك)‪َ.‬‬
‫‪80‬‬

‫هذهَبعضَالوقاتَالفاضلةَووردَغيرهاَكالسَفرَوالصَومَوغيَره‪َ،‬وعنَدناَهنَاَيفَمسَائلَ‬

‫آخرَالليلَواضحَوهوَالثلثَالخيرَمنَالليل‪َ،‬وعبرَالمصَنفَبََ"الليَل"َعلَىَالنَزاعَمنتهَىَ‬

‫الليل‪َ.‬‬

‫ت)َمَرَمعنَاَأنَالمصَنفَيَرىَأنَدبَرَالصَلواتَالَذيَيسَتجابَموضَعَ‬
‫(وأدبارَالصلوا َ‬

‫استجابةَالدعاءَماَكانَقبلَالسلمَفتدعوَقبلَالسلم‪َ،‬ومنَأهلَالعلمَمنَيرىَأنَهَيكَونَدبَرَ‬

‫الصلواتَأي‪َ:‬بعدَالسلمَلكنَبشرطَأنَالفريضةَلَتدعوَمباشرةَبعدهاَوإنماَتَذكرَالذكَارَ‬

‫الواردةَعنَالنبيَ‪َ‬يفَحديثَثوبانَوعبدَالرحمنَبنَعوفَوعائشةَوغيرهَاَمَنَ‬

‫الحاديثَثمَبعدَذلكَتدعو‪َ.‬‬

‫وقول المصنف‪(َ:‬وعندَالذا َن)َوردَفيَهَأكثَرَمَنَحَديث‪َ،‬والمَرادَبَََ"عنَدَالذا َن"َأي‪َ:‬‬

‫وقمَالذانَوبعده‪َ،‬يشملَالمرين‪َ:‬وقمَالذانَوبعده‪َ،‬وقَدَجَاءَيفَذلَكَبعَضَالحاديَثَ‬

‫التيَتدلَعلىَأنهَعندَالذانَمذكورةَيفَأماكنَيفَمحله‪َ،‬ومثله‪َ:‬وقمَنزولَالمطرَإلىَآخره‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وأماَأرجحَالمكاسب)‪َ.‬‬

‫هذاَهوَالسَؤالَالثالَث‪َ،‬وهَوَمَاَهَوَأرجَحَالمكاسَب؟َومَرادهَبَأرجحَالمكاسَبَأي‪َ:‬‬

‫كسبَالدنيا‪َ،‬ماَهوَأفضلَوسيلةَكسَبَرزق؟َوهَذهَيَذكرهاَالفقهَاءَيفَأولَ«كت اب البي ع»‪َ،‬‬

‫وقد قال بعضهم‪«َ:‬أنَأفضلَالمكاسبَالزراعة»َلنَالعبدَيكونَمتعلقاَبَاهلل‪َ،‬وق ال بعض هم‪َ:‬‬

‫«بلَإنَأفضلَالمكاسبَالتجارة»‪َ،‬وق ال بعض هم‪«َ:‬بَلَأفضَلَالمكاسَبَالشَركة»َلنَفيهَاَ‬

‫صدقَوقد جاء يف الحديث‪«َ:‬أنا ثالث الشريكين إذا صدقا وبرا»‪َ،‬وقيل‪«َ:‬الصيد»َلنَهَكسَبَ‬

‫لمباح‪َ،‬وقيل‪َ:‬غيرَذلك‪َ.‬‬
‫‪81‬‬

‫قال‪(َ:‬وأماَأرجحَالمكاسب‪َ:‬فالتوكلَعلىَاهلل‪َ،‬والثقةَبكفايته‪َ،‬وحسنَالظنَبه)‪َ.‬‬

‫هناَالتفاتَمنَالمصنفَأوَالمؤلفَ‪َ ‬تعالىَإلىَأنَالمكسبَالطيبَلَيسَباعتبَارَ‬

‫صفةَالكسب‪َ،‬وإنماَفعلَالقلب‪َ،‬فيجبَأنَتعتنيَبقلبكَبثلثةَأمور‪َ،‬وكنَمَأنَويَأنَأفصَلَ‬

‫يفَهذهَالمورَالثلثةَلكَنَضَاقَالوقَم‪َ،‬وه ي‪َ:‬التوكَل‪َ،‬والثقَةَبكفايتَه‪َ،‬وحسَنَالظَنَبَه‪َ،‬‬

‫وهذهَالمورَالثلثةَبينهاَتلزم‪َ،‬والمَرَبالتوكَلَعلَىَاهللَكثيَر‪َ،‬ومَرَمعنَاَبعَضَاآليَة‪َ،‬وأمَاَ‬

‫الثقةَبكفايتهَفقَدَجَاءَالمَرَ َاَيفَقَولَاهللَ‪﴿َ:‬فس يكفيكهم الل﴾ [البق رة‪َ]١٣٧:‬فمَنَ‬

‫وثقَأنَاهللَ‪َ‬سيكفيهَكلماَهمهَوكلماَأرادهَمنَعدوَومنَجوعَومنَغيرهَفهذهَهيَالثقَةَ‬

‫بكفايَةَاهللَ‪َ،‬وأمَاَحسَنَالظَنَبَهَوهَوَالمَرَالثالََثَالَذيَأوردهَالمصَنفَفهَوَنعمََةَ‬

‫عظيمة‪َ،‬ولذلكَثبمَعنَابن مسعودَ‪َ‬أنهَقال‪«َ:‬والذي ل إله غيره ما أعطي عبد مؤمن‬

‫شيئا خيرا من حسن الظن بالل»‪َ،‬ثم قال‪«َ:‬والذي ل إله غي ره ل يحس ن عب د الظ ن ب الل ‪‬‬

‫إل أعطاه الل ظنه»‪َ،‬انظرَحسنَالظنَهذاَفعلَالقلب‪َ،‬ثمَالثقةَبالكفاية‪َ،‬مَاَأحسَنَأحَدَالظَنَ‬

‫باهللَإلَأعطاهَاهللَظنهَهذهَالثقةَبكفايةَاهلل‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬وذلكَأنَهَينبغيَللمهتمَبأمرَالرزقَأنَيلجأَفيهَإلىَاهللَويدعوه؛َكماَقَالَ–َ‬

‫سبحانهَ–َفيماَيأثرَعنهَنبيه‪«َ:‬كلكم جائع إل من أطعمته؛ فاستطعموني أطعمكم‪ .‬ي ا عب ادي؛‬

‫كلكم عار إل من كسوته؛ فاستكسوني أكسكم»‪َ.‬‬

‫وفيمََاَرواهَالترمََذيَعََنَأنََسَ‪َ‬قََال‪َ:‬قََالَرسََولَاهللَ‪«َ:‬ليس أل‬

‫أحدكم ربه حاجته كلها‪ ،‬حتى شسع نعله إذا انقطع؛ فإنه إن لم ييسره لم يتيسر»)‪َ.‬‬

‫هذاَالكلمَالذيَذكرهَالمصنفَكلمَكلهَنور؛َلنهَكلمَرسولَاهللَ‪َ،‬وهَذاَ‬
‫‪82‬‬

‫تكرارَلماَأوردهَالمصنفَيفَأولَكلمَهَالعظَةَبكَلمَاهللَوكَلمَرسَوله‪َ،‬تزويَقَالكَلمَتبَعَ‬

‫وليسَأصل‪َ،‬إذاَأوعظمَأحداَفذكرهمَبكلمَاهللَوكلمَرسوله‪َ،‬احرصَعلىَهذاَالمر‪َ،‬كَلَ‬

‫خيرَيفَكلمَاهللَوكلمَرسوله‪َ،‬يقول الشي ‪(َ:‬ينبغيَللمهَتمَبَأمرَالَرزقَأنَيلجَأَفيَهَإلَىَاهللَ‬

‫ويدعوه)َلنَدعاءكَبأنَيرزقكَاهللَالرزقَالحسنَعبادة‪َ،‬ويرجىَإجابتها‪َ،‬وكماَجاءَيفَالثَرَ‬

‫الذيَذكرهَالمصنفَوالحديث‪َ،‬وهذاَيدلناَعلىَأنَسؤالَالرزقَمهم‪َ،‬لكَنَالعلماء يقول ون‪َ:‬‬

‫«فرقَبينَسؤالَالرزقَوبَينَسَؤالَمَلذَالَدنيا»‪َ،‬وفَرقَبَينَالمَرين‪َ،‬وقَدَمنَعَأهَلَالعلَمَ‬

‫كراهةَأوَمنعاَكلياَمنَسؤالَملذَالدنياَيفَالصلةَوأجَازواَسَؤالَالَرزق‪َ،‬فَالرزقَأنَتقَول‪َ:‬‬

‫اللهمَارزقنيَبيتاَأي‪َ:‬سكناَوزوجةَوولداَفهذاَرزق‪َ،‬وأمَاَملذَالدنياَفلَتقول‪َ:‬اللهمَارزقنيَ‬

‫دابةَهملجةَأيَشيءَمثل‪َ:‬أنَتقولَاآلن‪َ:‬اللهمَارزقنيَسيارةَفارهَةَفخمَةَماتعَة‪َ،‬ومثلَهَأنَ‬

‫تذكرَأوصافاَمعينةَيفَزوجةَترتغبهاَمنَأمورَالدنيا‪َ،‬ولكنَوكلَالمرَهلل‪َ،‬اسَتخر‪َ،‬واسَألَاهللَ‬

‫‪ ‬أنَيختََارَلََكَالصََلح‪َ،‬واسََألَاهللَ‪َ‬بصََفاتَالكمََال‪َ،‬وصََفاتَالكمََالَيفَ‬

‫المطلوب‪َ،‬فتقول‪َ:‬اللهمَارزقنيَزوجَةَصَالحة‪﴿َ،‬فالص الحات قانت ات﴾ [النس اء‪َ]٣٤:‬أي‪َ:‬‬

‫طائعات‪َ،‬وكذلكَأيضاَيفَغيرهاَمنَالرزق‪َ،‬ويفَقول النبيَ‪«َ:‬فإنه إن ل م ييس ره‬

‫لم يتيسر»َفاهللَ‪َ ‬هوَالذيَييسرَالرزاقَولَشكَمعَبذلَالسبابَمنَاآلدمي‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬وقدَقالَاهللَ–َتعالىَ–َيفَكتابه‪﴿َ:‬واسألوا الل من فضله﴾ [النساء‪َ.]٣٢:‬‬

‫وقََالَسََبحانه‪﴿َ:‬ف إذا قض يت الص لة فانتش روا ف ي الرض وابتا وا م ن فض ل الل﴾‬

‫ت)‪َ.‬‬
‫[الجمعة‪]١٠:‬؛َوهذاَوإنَكانَفيَالجمعة‪َ،‬فمعناهَقائمَفيَجميعَالصلوا َ‬

‫‪ ‬هذه يعن‪ :‬مسأتلان نكتتان‪:‬‬


‫‪83‬‬

‫• الشيخَتقيَالدينَعندهَمبدأَأنَكلَالحكامَموجودةَيفَالقرآن‪َ،‬ودائماَيقَررَهَذاَالصَل‪َ،‬‬

‫ولذلكَإذاَأوردَحكماَيفَالسنةَفإنهَيوردَأنَهذاَالحكمَأوَغيرَذلكَمنَالَدلئلَاللغويَة‪َ،‬‬

‫ولذلكَتجدَهذاَيفَأسلوبهَولغتهَكثير‪َ،‬هذاَالمرَالول‪.‬‬

‫• المر الثاين‪َ:‬هذاَاستدللَاستدلَبهَالشيخَقال‪َ:‬إنَطلبَالرزقَموجودَيفَكتَابَاهللَاآليَةَ‬

‫الولىَيفَقوله‪﴿َ:‬واسألوا الل من فضله﴾َوفضلهَعامَيشملَكلَشيء‪َ،‬ومنَفضلهَ‪‬‬

‫الََرزقَويشََملَهََذاَجميََعَالرزاق‪﴿َ،‬والل فض ل بعض كم عل ٰى بع ض ف ي ال رُْ﴾‬

‫[النحل‪َ]٧١:‬فمنَأنَتسَألَاهللَ‪ ‬رزقَاَيفَالمَال‪َ،‬يفَالولَد‪َ،‬يفَالصَحة‪َ،‬يفَالعلَم‪َ،‬يفَ‬

‫غيرَذلكَمنَالمور‪.‬‬

‫قال‪(َ:‬وقالَسبحانه‪﴿َ:‬فإذا قضيت الصلة فانتش روا ف ي الرض وابتا وا م ن فض ل الل﴾)َ‬

‫ت)َهذهَالقاعدةَ‬
‫قال‪(َ:‬وهذاَوإنَكانَفيَالجمعة)َأي‪َ:‬السياقَ(فمعناهَقائمَفيَجميعَالصلوا َ‬

‫الصوليةَالمشهورةَأنَالعربةَبعمومَاللفظَلَبخصوصَالسبب‪َ،‬وقول الل ‪ ‬هنا‪﴿َ:‬ف إذا‬

‫قضيت الصلة﴾َ«القرآن حمال أوجه»َكمَاَقَالَأبَوَالَدرداءَبشَرطينَألَيخَالفَقرآنَاَآخَرَ‬

‫وألَيخالفَلسانَالعرب‪َ،‬فقول اللَ‪﴿َ:‬فإذا قضيت الصلة﴾َيحتمَلَأنَتكَونَعهديَةَ‬

‫لتقدمَذكرَالمعهود‪﴿َ،‬يا أيها الذين آمنوا إذا ن ودي للص لة م ن ي وم الجمع ة﴾ [الجمع ة‪َ،]٩:‬‬

‫ومعلومَأنَالعهَدَإذاَجَاءَبعَدَذكَرهَقبَلَفتكَونَ"ال"َعهديَة‪َ،‬ويحتمَلَأنَتكَونَالجنسَية‪َ،‬‬

‫فيشملَكلَصلة‪َ،‬والمعنيانَصحيحان‪َ،‬وهذاَالذيَأرادهَالشيخَفيقول‪(َ:‬وهَذاَوإنَكَانَفَيَ‬

‫ت)َوعلىَذلكَفالمعنىَالثانَإذاَقضيمَكلَصلةَمنَ‬
‫الجمعة‪َ،‬فمعناهَقائمَفيَجميعَالصلوا َ‬

‫صلواتناَفانتشرواَيفَالرضَوهو‪َ:‬بذلَالسَببَوابتغَواَمَنَفضَلَاهللَالَذيَأمَركمَاهللَ‪َ ‬‬
‫‪84‬‬

‫بسؤالهَ﴿واسألوا الل من فضله﴾ وملحظَذلكَيفَالسنةَفإنَالسنةَجاءَفيهاَأنَالمَرءَإذاَخَرجَ‬

‫منَالمسجدَفإنهَيقول‪«َ:‬اللهم افتح لي أبواب رْق ك وفض لك»‪َ،‬فَالرزقَهنَاَهَذاَهَوَالَذيَ‬

‫يكونَبعدَالخروجَمنَالصلة‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬ولهَذاَ–َواهللَأعلَمَ‪-‬؛َأمَرَالنبَيَ‪َ‬الَذيَيَدخلَالمسَجدَأنَ‬

‫يقََول‪«َ:‬الله م اف تح ل ي أب واب رحمت ك»‪َ،‬وإذاَخ َرجَأنَيق َول‪«َ:‬الله م إن ي أس ألك م ن‬

‫فضلك»)‪َ.‬‬

‫نعمَهوَكذلك‪َ.‬‬

‫ق ال ‪(َ:‬وقََََََدَقََََََالَالخليََََََلَ‪َ:‬ﱡﭐﱪﱫﱬﱭ ﱮ‬

‫ﱯﱰﱠَالعنكبوت‪.]17[َ :‬‬

‫‪َ،‬وهذاَأمر‪َ،‬والمرَيقتضيَاإليجاب‪َ.‬‬

‫فالستعانةَباهللَواللجأَإليهَ–َفيَأمرَالرزقَوغيرهَ–َأصلَعظيمَ)‪َ.‬‬

‫هذاَملحظَجميلَمنَالشيخَأنهَذكرَقولَإبراهيمَ‪‬لماَفيهَمنَشَبهَأوَلمَاَيفَمعَاذَ‬

‫منَشبهَبهَمنَحيثَالقتداءَوتعليمَالناسَالخيرَوقدَأمرَالخليلَالمسَلمينَوالحنيفيَينَبَأنَ‬

‫يبتغواَعندَاهللَالرزقَوأنَيعبدوهَويشكرواَله‪َ،‬وهذاَيقتضيَاإليجَاب‪َ،‬فَاهللَ‪َ‬هَوَالَذيَ‬

‫يبتغيَعندهَالرزق‪َ،‬ويكونَذلكَبتعلقَالقلبَوالدعاء‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬ثمََينبغيَلهَأنَيأخذَالمالَبسخاوةَنفسَليباركَلهَفيه‪َ،‬ولَيأخذهَبإشَرافَ‬

‫وهلع؛َبلَيكونَالمالَعندهَبمنزلةَالخَلءَالَذيَيحتَاجَإليَهَمَنَغيَرَأنَيكَونَلَهَيفَالقلَبَ‬

‫مكانة‪َ،‬والسعيَفيهَإذاَسعىَكإصلحَالخلء)‪َ.‬‬
‫‪85‬‬

‫يقول الشي ‪(َ:‬ثمَينبغيَله)َأي‪َ:‬للمسلمَ(أنَيأخذَالمالَبسخاوةَنفسَليباركَلهَفيه)َهذهَ‬

‫أخذهاَمنَالحديثَالذيَيفَ«صحيح البخاري»َمنَحَديثَحكَيمَبَنَحَزام‪«َ:‬أن ه لم ا س أل‬

‫النبي ‪ ‬أعطاه ثم سأل فأعط اه ث م ق ال ل ه النب ي ‪ :‬ي ا حك يم إن ه ذا‬

‫المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بور ل ه في ه»‪َ،‬وق ول النب يَ‪َ:‬‬

‫«فمن أخذه بسخاوة نفس»َذكرَشراحَالحديثَأنَلهاَمعنيين‪َ:‬‬

‫• المعنى الول‪َ:‬أنَيكونَأنَهَيحتمَلَأنَالمَرادَ«بس خاوة نف س»َأخَذَسَخاوةَنفَسَآخَذ‪َ،‬‬

‫فحينئذَيكونَاآلخذَقدَأخذَهَذاَالمَالَمَنَغيَرَإلحَاحَولَطلَبَولَشَرهَيفَتحصَيله‪َ،‬‬

‫وهذاَمعنىَسخاوةَنفسَالمتحصلَعلىَالمال‪.‬‬

‫• والمعنى الثاين‪َ:‬وهَوَمحتمَلَأيضَاَولَيوجَدَمَاَيمنَعَمَنَصَحته‪َ،‬أنَيكَونَم راد النب يَ‬

‫‪«َ:‬فمن أخذه بسخاوة نف س»َأي‪َ:‬مَنَبَادرَالمَالَومعطيَه‪َ،‬وحينئَذَفيكَونَ‬

‫باذلَالمالَقَدَأعطَاهَبانشَراحَنفَسَمنَه‪َ،‬لَيسَبَإكراهَولَبإلحَاح‪َ،‬فهَوَيعَودَبطريقَةَأوَ‬

‫بأخرىَلنوعَالطلبَالذيَتحصلَبهَمحصلَالمال‪َ.‬‬

‫َإذن‪«َ:‬فمن أخذه بسخاوة نفس بور له فيه»‪َ،‬وبركةَالمَالَأمَرَمهَم‪َ،‬فَإنَالمَالَلَعَربةَ‬

‫بكثرته‪َ،‬فإنَاهللَ‪َ ‬قدَذكرَيفَكتابهَأنهَيمدَللكافرينَمداَأي‪َ:‬يكثَرَأمَوالهم‪َ،‬ليسَمَبركَةَ‬

‫المالَبكثرته‪َ،‬وإنماَبركةَالمالَبأمورَخمسَمنهاَذكرهاَالعلماء‪َ،‬أنهَيسَتخدمَالمَالَيفَطاعَةَ‬

‫اهلل‪َ،‬ولَيستخدمهَيفَحرام‪َ،‬منَاستخدمَمالهَيفَحرامَفليعلمَأنَبركَةَالمَالَفيَهَقليلَة‪َ،‬الثَانَ‬

‫أنَالمرادَبربكةَالمالَبركتهَبحيث‪َ:‬أنَيكونَقليلهَكافيا‪َ،‬فلَيحتاجَلسؤالَالناس‪َ،‬ولَيحتاجَ‬

‫إلىَطلبهم‪َ،‬ويستغنيَبماَرزقهَاهللَعماَيفَأيديَالناس‪َ،‬كافياَلطعامَه‪َ،‬كافيَاَلَيملَقلبَهَويمَلَ‬
‫‪86‬‬

‫قلبَأهله‪َ،‬بعضَالناسَعنَدهَمَالَلكَنَأهلَهَلَيكفَيهمَهَذاَالمَالَيريَدونَأكثَر‪َ،‬لَيعلمَأنَ‬

‫العيبَفيهَهوَوليسَيفَأهله‪َ،‬فليراجعَنفسهَيفَماله‪َ،‬وهكذاَأمورَأخَرىَمَذكورةَيفَغيَرَهَذاَ‬

‫المكان‪َ،‬هذاَماَيتعلقَبقوله‪(َ:‬ليباركَلهَفيه)‪َ.‬‬

‫َقال‪(َ:‬ولَيأخذهَبإشرافَوهلعَ)َاإلشَرافَهَوَتطلَعَالَنفس‪َ،‬وتعرضَهَلَه‪َ،‬وهلَع‪َ:‬شَرهَ‬

‫لتحصلَالمال‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬بلَيكونَالمالَعنده)َهذاَمنَكلمَالشيخَ(بمنزلةَالخلء)َلبدَمنَتحصَيلَالمَالَ‬

‫كماَقال بعضهم‪«َ:‬نعمَالمالَالذيَيستغنيَبهَعنَأنذالَالنَاس»َإنَمَنَأشَدَمَاَيقَعَيفَنفَسَ‬

‫المرءَأنَيحتاجَلمالَبيدَغيرهَفيسألهَقرضاَأوَصدقةَأوَإحسانا‪َ،‬ولذلكَنعمَالمالَبيَدَالعبَدَ‬

‫المؤمنَالمرادَبَهَهَذاَالَذيَيغنيَهَعَنَالنَاس‪َ،‬لَيسَالمَرادَبق ول بعض هم‪«َ:‬نعَمَالمَالَبيَدَ‬

‫الرجلَالصالح»َالمكاثرة‪َ،‬لَواهللَليسَهذاَالمَراد‪َ،‬وإنمَاَالمَرادَمَاَيسَتغنيَبَهَعَنَالنَاس‪َ،‬‬

‫وليسَالمرادَماَيكاثرَبهَويزيد‪َ.‬‬

‫َقال‪(َ:‬يكونَالمالَعندهَبمنزلةَالخلءَالَذيَيحتَاجَإليَهَمَنَغيَرَأنَيكَونَلَهَيفَالقلَبَ‬

‫مكانةَ)َالكلمَالذيَيقولهَسهلَنطقه‪َ،‬أماَتطبيقهَواهللَصعبَ﴿ْين للناس حب الشهوات من‬

‫النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفض ة﴾ [آل عم ران‪ ]١٤:‬ابَنَآدمَلَوَكَانَلَهَ‬

‫واديانَمنَذهبَلبتغىَلهماَثالثا‪َ،‬هذاَالذيَيصلَإلىَماَذكرهَالشيخَنقلَعنَالسَلف‪َ،‬هَذهَ‬

‫مرحلةَعالية‪َ،‬هذهَمرحلةَينالهاَالمرءَبالمجاهدة‪َ،‬ليسَتحضرَدرسَثمَتخرجَفتكَونَكَذلكَ‬

‫ل‪َ،‬هذاَتأثرَوقتَي‪َ،‬مَنَلزمَمحبَوبَاهللَ‪ ‬مَنَالطاعَات‪َ،‬مَنَلزمَذكَرَاهللَمَنَكلمَهَ‬

‫والثناءَعليهَودعاءه‪َ،‬هذاَالذيَينعمَاهلل‪َ،‬اهللَهَوَالمَنعمَعليَك‪َ،‬اهللَهَوَالمتفضَلَعليَكَبَأنَ‬
‫‪87‬‬

‫يجعلَحبَالمالَيفَقلبكَخارجك‪َ،‬حضرَالمالَذهَب‪َ،‬ربحَمَتجارتَكَخسَرت‪َ،‬تعلقَكَ‬

‫باهللَهذهَنعمة‪َ،‬إنماَتحتاجَمنَالمالَالبلغة‪َ،‬نحَنَنَتكلمَعَنَأقَوامَأنَاَأولَمَنَأتحَدثَعَنَ‬

‫نفسيَلسمَأقار مَفلَأهتمَغيريَوأناَبريءَوأنَاَواقَعَيفَالشَيء‪َ،‬ولكَنَاإلنسَانَيجَبَأنَ‬

‫يكونَعالماَأنَأولئكَالقومَإنماَسبقواَكوهنمَمفردينَفانفردَحَبَاهللَيفَقلَو مَلَهَسَبحانه‪َ،‬‬

‫بذكرهمَومتابعتهمَالنبيَ‪َ‬يفَالطاعاتَفأدىَذلكَبخلوصَأفعالَقلو مَللجبارَ‬

‫‪َ،‬هذاَأفعالَالقلوبَالذيَتكلممَعنهاَقبلَقليل‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬والسعيَفيهَإذاَسعىَكإصلحَالخلء)َواضحَهذا‪.‬‬

‫قال ‪(َ:‬وفيَالحديثَالمرفوعَالذيَرواهَالترمذيَوغيره‪«َ:‬من أصبح والدنيا أكب ر‬

‫همه؛ شتت الل عليه شمله‪ ،‬وفرُ عليه ضيعته‪ ،‬ولم يأته من الدنيا إل ما كتب ل ه‪ ،‬وم ن أص بح‬

‫واآلخرة أكبر همه؛ جمع الل عليه شمله‪ ،‬وجعل غناه في قلبه‪ ،‬وأتته الدنيا وهي راغمة»‪.‬‬

‫وقالَبعضَالسلف‪«َ:‬أنمَمحتاجَإلىَالدنيا‪َ،‬وأنمَإلىَنصَيبكَمَنَاآلخَرةَأحَوج؛َفَإنَ‬

‫بدأتَبنصيبكَمنَاآلخرةَمرَعلىَنصيبكَمنَالدنياَفانتظمهَانتظاما»‪.‬‬

‫قالَاهللَتعالى‪﴿َ:‬وما خلقت الجن واإلنس إل ليعبدون (‪ )٥٦‬ما أري د م نهم م ن رُْ وم ا‬

‫أريد أن يطعمون (‪ )٥٧‬إن الل هو الرْاُ ذو القوة المتين﴾ [الذاريات])‪.‬‬

‫اهللَأكربَهذهَاآليةَفيهَاَأنَالصَلَعبَادةَاهللَ‪ ‬وأنَاهللَمسَتغنيَعَنَالعبَاد‪َ،‬استشَعرَ‬

‫هذاَالمَر‪َ،‬وأنَاهللَهَوَالَرزاقَذوَالقَوةَالمتَينَهَذهَدللَةَتسَمىَدللَةَالسَياقَوالقَ ان‪َ،‬‬

‫دللتانَبينهماَتقاربَدللةَالسياقَوالق ان‪َ،‬فدلَذلَكَأنَكمَالَالعبَادةَأنَتعلَمَأنَالَرزقَ‬

‫منَاهللَ‪َ.‬‬
‫‪88‬‬

‫قال ‪(َ:‬فأماَتعيينَمكسبَعلىَمكسب‪َ،‬منَصناعة‪َ،‬أوَتجارة‪َ،‬أوَبناية‪َ،‬أوَحراثَة‪َ،‬‬

‫أوَغيرَذلك‪َ:‬فهذاَيختلفَباختلفَالناس‪َ،‬ولَأعلمَيفَذلكَشيئاَعاما)‪.‬‬

‫قول‪(َ:‬ولَأعلم)َأي‪َ:‬لَأجزمَوإلَفالخلفَمشهور‪َ،‬وقدَنقلهَيفَغيرَهذاَالمكان‪.‬‬

‫قال ‪(َ:‬لكنَإذاَعنَللنسانَجهةَفليستخرَاهللَ–َتعالىَ–َفيهاَالسَتخارةَالمتلقَاةَ‬

‫عنَمعلمَالخيرَ‪َ‬؛َفإنَفيهاَمنَالبركةَماَلَيحاطَبه‪.‬‬

‫َ‬

‫ثمَماَتيسرَلهَفلَيتكلفَغيره‪َ،‬إلَأنَيكونَمنهَكراهةَشرعيةَ)‪َ.‬‬

‫معَقول المصنف‪(َ:‬فَإنَفيهَا)َيفَالسَتخارةَ(مَنَالبركَةَمَاَلَيحَاطَبَه)َلَشَكَلنَكَ‬

‫تدعوَفتقول‪َ:‬إنَكنمَتعلمَأنَهذاَالمرَخيرَليَيفَدينيَومعاشيَفاكتبهَلَيَ–َهَذاَالتقَديرَ–َ‬

‫ويسرهَليَ–َفيصبحَيسيراَ–َوباركَليَفيه‪َ،‬انظر‪َ:‬وباركَليَفيه‪َ،‬فَإذاَبَاركَاهللَ‪َ ‬لَكَيفَ‬

‫الخيرَفهذهَماَلَيحيطَبهَالبشر‪َ،‬فالربكةَمنَاهللَولَيعلمَكمالهاَإلَهوَسبحانه‪َ،‬إلَأنَيكَونَ‬

‫يفَماَاستخارهَفيهَكراهةَشَرعية‪َ،‬كراهَةَيعن ي‪َ:‬كراهَةَنَدب‪َ،‬كراهَةَيعن ي‪َ:‬غيَرَإلَزام‪َ،‬فهَذهَ‬

‫الولىَبأهلَالعلمَأنَيبتعدواَعنَماَفيهَكراهةَشرعية‪َ،‬على سبيل المثال‪َ:‬أجرةَالحجامَ«جاء‬

‫أن النبي ‪ ‬سئل عن أج رة الحج ام»َوقَدَثبَم‪«َ:‬أن النب ي ‪ ‬اح تجم‬

‫فأعطى الحجام أجرة وهو أب و طيب ة»َفَدلَعلَىَأنَهَاَمباحَة‪َ،‬ومَعَذلَكَلمَاَسَئلَعَنَأجَرةَ‬

‫الحجامَقال‪«َ:‬أعلف ناضحك»َأي‪َ:‬لَتأكلَمنهاَشيئاَوإنماَأعطهاَالغلمَأوَالناقةَالتيَتأتيكَ‬

‫بالماء‪َ،‬فدلَذلكَعلىَأنَأجرةَالحجامَليسمَفاضلةَففيهاَكراهة‪َ،‬ليسمَكراهةَتحريمَوإنمَاَ‬

‫كراهةَدونَذلك‪َ،‬ومثلهَكثيرَمنَالعمالَوخاصةَماَيكونَيفَذلَكَالكسَبَوسَيلةَمَنَبَابَ‬
‫‪89‬‬

‫الوسائلَالمفضيةَلمرَمحرم‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وأماَماَتعتمدَعليهَمنَالكتبَيفَالعلوم)‪َ.‬‬

‫هذاَالسؤالَالرابعَوالخيرَوهو‪َ:‬الكتبَالتيَيعتمدَعليهاَيفَالعلومَعموماَوكتَابَواحَدَ‬

‫يفَالحديث‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬وأما ما تعتمد عليه من الكتب يف العلوم‪َ:‬فهذاَبابَواسع‪َ.‬‬

‫وهوَ–َأيضاَ–َيختلفَباختلفَنشءَاإلنسانَيفَالبلد؛َفقدَيتيسرَلهَيفَبعضَالَبلدَمَنَ‬

‫العلمَأوَمنَطريقهَومذهبهَفيهَماَلَيتيسرَلهَيفَبلدَآخر)‪َ.‬‬

‫هذهَكلمةَجميلةَمنَالشيخَ‪َ‬تعالىَأذكرَتعليقاَيسيراَعليهَاَيق ول‪َ:‬إنَكتَبَالعلَمَ‬

‫بََابَواسََعَلَيمكََنَاإلحاطََةَبََهَولَيمكََنَأنَأعطيََكَكتابََنَيغنيََكَعََنَجميََعَالكتََبَيفَ‬

‫العلوم‪َ،‬وهذاَالسؤالَدائمنَيكررهَطلبَةَالعلَمَمَاَهَوَالكتَابَيفَالفقَهَالَذيَأسَتغنيَبَه؟َلَ‬

‫يوجََد‪َ،‬يفَالصََولَلَيوجََد‪َ،‬ويفَاللغََةَكََذلك‪َ،‬وهََوَ(يختل َفَب َاختلفَن َشءَاإلنسََانَيفَ‬

‫البلد)َوسببَالَنشءَيفَالَبلدَقَدَيتَوفرَيفَبعَضَالَبلدَكتَبَليسَمَمتَوفرةَيفَبَلدَآخَر‪َ،‬‬

‫إضافةَإلىَأنَالبلدانَتختلفَيفَالمعتمدَعندهمَيفَاإلقراءَوالتدريس‪َ،‬وهذاَملحظَينبَهَعليَهَ‬

‫أهلَالعلمَسماعاَوكتابَة‪َ،‬سَماعاَيفَمَاَيتلقَاهَالمَرءَمَنَأشَياخه‪َ،‬وكتابتَهَفيمَاَموجَودَعنَدَ‬

‫العلماءَالوائلَأنَاإلنسانَلَيغربَعنَأهلَبلدهَيفَالتعلم‪َ،‬فماَيقرؤهَأهلَبلدهَيمشَيَعليَهَ‬

‫ولَيغربَعليه‪َ،‬نعمَيتوسعَلكنَلَيغربَيفَابتدائهَلكيَلَيصعبَعليهَالعلم‪َ.‬‬

‫َقال‪(َ:‬أوَمنَطريقهَومذهبهَفيه)َوهذهَالمسألةَمشَهورةَيفَقضَيةَالتَيَأشَرتَإليهَاَقبَلَ‬

‫قليل‪َ.‬‬
‫‪90‬‬

‫قال ‪(َ:‬لكن جماع الخير‪َ:‬أنَيستعينَباهللَ–َسَبحانهَ–َفَيَتلقَيَالعلَمَالمَوروثَ‬

‫عنَالنبيَ‪‬؛َفإنهَهوَالذيَيستحقَأنَيسمىَ(علما)‪َ.‬‬

‫وماَسواه‪َ:‬‬

‫‪ -‬إماَأنَيكونَعلما؛َفلَيكونَنافعا‪َ.‬‬

‫‪ -‬وَإماَأنَلَيكونَعلماَوإنَسميَبه‪َ.‬‬

‫َ‬

‫َ‬

‫ولئنَكانَعلماَنافعاَفلَبدَأنَيكونَفيَميراثَمحمدَ‪َ‬ماَيغنيَعنهَممَاَهَوَ‬

‫مثلهَوخيرَمنه)‪َ.‬‬

‫واضحَهذاَالكلم‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬ولتكن همته‪َ:‬فهمَمقاصدَالرسولَيفَأمرهَونهيهَوسائرَكلمه‪َ.‬‬

‫فإذاَاطمأنَقلبهَأنَهذاَهوَمرادَالرسولَفلَيعَدلَعنَهَفيمَاَبينَهَوبَينَاهللَ–َتعَالىَ–َولَ‬

‫معَالناسَإذاَأمكنهَذلك)‪َ.‬‬

‫هذهَالمسألةَلطيفةَجداَيفَقول ه‪(َ:‬ول تكن همت ه‪َ:‬فهَمَمقاصَدَرسَولَاهللَ‪َ)‬‬

‫فلََيسَالعنايََةَبالح َديثَفقََطَحفََظَاللفََاظ‪َ،‬بََلَلبََدَمََنَفهََمَالمعََانَوه ي‪َ:‬المقاصََد‪َ،‬‬

‫فالمقاصدَهناَالمرادَ اَالمعَانَالتَيَقصَدهاَالنبَيَ‪َ‬يفَألفاظَه‪َ،‬وهَذهَالمعَانَ‬

‫مكشوفةَومعروفةَبينهاَأهَلَالعلَمَوقسَموهاَأنواعَاَفَإنَهنَاكَمقاصَدَعامَةَومقاصَدَكليَةَ‬

‫ومقاصدَجزئية‪َ،‬وأنواعهاَمختلفةَوتختلفَباختلفَالبابَالذيَهوَفيهَفهيَثلثةَأنَواعَمَنَ‬
‫‪91‬‬

‫المقاصَد‪َ،‬وهَذاَمعنَىَقول ه‪(َ:‬يفَأمَرهَونهيَهَوسَائرَكلمَه)َوقول ه‪(َ:‬وسَائرَكلمَه)َيشََملَ‬

‫الخبارَبالمغيبات‪َ،‬ويشملَأيضنَاإلخبارَالسابقَواللحقَونحوَذلك‪ََ.‬‬

‫قال‪(َ:‬فإذاَاطمأنَقلبه)َهذهَمسألةَاطمئنانَالقلبَمهمة‪َ،‬وقد ج اء يف الح ديث‪«َ:‬اس تفتي‬

‫قلبك وإن أفتا المفتون»َأخذَالعلماءَمنَذلكَأنَمنَنظرَيفَالسنةَفلهَحالتان‪َ:‬‬

‫‪َ‬إماَأنَيكونَمجتهداَكاملَاآللة؛َفإنَالمجتهدَكاملَاآللةَإنماَي جحَلهَبعَدَاطمئنَانَ‬

‫قلبه‪َ،‬وهذاَواضحَولَشكَفيه‪َ.‬‬

‫‪َ‬وأماَغيرَالمجتهدَوهوَالذيَيستفتيَغيرهَمنَالعلماءَفيأخذَقوله‪.‬‬

‫َفقدَذكر العلماءَ‪َ‬تعالى‪«َ:‬أنَمنَاستفتىَغيرهَمنَالعلماءَفلمَتسكنَنفسَهَلقَولَ‬

‫ذلكَالعالمَمعَجهلهَبدليلهَوجهلهَبمستندهَيفَالمسَألةَأوَجهلَهَبَالخلفَيفَالمسَألة‪َ.‬فهَلَ‬

‫يلزمََهَأنَيسَألَغيََرهَحتَىَتسََكنَنفسََهَأمَل؟»َهََذهَفيهََاَوجهََانَلهََلَالعلََم‪َ،‬وقََدَذكََر‬

‫المحققونَكابنَحمدانَيفَ«صفة المفتي والمستفتي»َوجماعةَالمرداويَوغيرهَ«أنهَيلزمهَأنَ‬

‫يكررَالستفتاءَحتىَتسكنَنفسه»‪َ،‬والمرادَبعدمَسَكونَالَنفسَلَيسَالشَكَالَذيَيَردَعنَدَ‬

‫الموسوسَوليسَنحوَذلك‪َ،‬وإنماَالمرادَبسكونَالنفسَأنَيعلمَأنَهَذاَلَيسَمخالفَاَلَنصَ‬

‫منَالحديث‪َ،‬وهذاَهوَالصوابَإنَشكَيفَكونهَمخالفاَلحَديثَأوَسَنةَفيحَرمَعليَهَالخَذَ‬

‫ذهَالفتوىَلنَنفسهَلمَتسكنَإليه‪َ،‬وهَذاَمعن ىَقول ه‪«َ:‬اس تفتي قلب ك»‪َ،‬ولَذاَعنَدماَيق ول‬

‫بعض الناس‪«َ:‬اجعلَبينكَوبينَالنارَمفتين‪َ،‬وامشَيفَطريقهَواجعلهَحجابَاَلَكَبينَكَوبَينَ‬

‫النار»‪َ،‬نقول‪َ:‬هذاَغيرَصحيح‪َ،‬فإن يف الحديث‪«َ:‬استفتي قلبك»‪َ،‬لمنَكانَقلبَهَمؤمنَاَولَيسَ‬

‫شاكاَموسوسا‪َ،‬وكانَعندهَطرفَعلمَبنص‪َ،‬منَجهلَالنصَفلَاسَتفتاءَبقلبَهَفحينئَذَيلزمَهَ‬
‫‪92‬‬

‫التقليدَلمنَوثقَيفَدينهَوعلمه‪َ.‬‬

‫ق ال‪(َ:‬وليجتهََدَأنَيعتصََمَفََيَكََلَبََابَمََنَأبََوابَالعلََمَبأصََلَمََأثورَعََنَالنبََيَ‬

‫‪َ.)‬‬

‫هذاَمهمَوتكلمَعنهاَأهلَالعلمَأنَتحرصَعلىَأنَكلَبابَترجعَلصَله‪َ،‬فَأبوابَالفقَهَ‬

‫كلَبابَارجعَللحاديثَالصولَفيهَا‪َ،‬احَرصَعلَىَحفَظَالصَولَيفَكَلَأبَوابَالعلَم‪َ،‬‬

‫بعضَطلبةَالعلمَيحفظَالمتنَكاملَمنَالمختصراتَولَيعرفَأدلتهَاَولَيعَرفَمسَتندها‪َ،‬‬

‫احرصَعلىَأنَتعرفَيفَكلَبابَماَهوَالصل‪َ،‬وقدَعنيَالعلماءَبذكرَأصلَكلَالبواب‪َ.‬‬

‫ق ال ‪(َ:‬وإذاَاشََتبهَعليََهَممََاَقََدَاختلََفَفيََهَالنََاسَفليََدعَبمََاَرواهَمسََلمَيفَ‬

‫«صحيحه»َعنَعائشةََأنَرسولَاهللَ‪َ‬كانَيقولَإذاَقامَيصليَمنَالليل‪«َ:‬الله م‬

‫رب جبري ل وميكائي ل وإس رافيل‪ ،‬ف اطر الس ماوات والرض‪ ،‬ع الم الاي ب والش هادة‪ ،‬أن ت‬

‫تحكم بين عباد فيما كانوا فيه يختلفون‪ ،‬اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك‪ ،‬إن ك ته دي‬

‫من تشاء إلى صراط مستقيم»)‪َ.‬‬

‫هذاَالحديثَوالدعاءَالَذيَكَانَيَدعوَبَهَالنبَيَ‪َ‬هَوَتأويَلَالقَرآنَكمَاَيفَ‬

‫سورةَالبقرةَحينماَق ال اللَ‪﴿َ:‬ك ان الن اس أم ة واح دة﴾ [البق رة‪َ]٢١٣:‬أي‪َ:‬كَانواَأمَةَ‬

‫واحدةَفاف قواَواختلفواَكماَجاءَيفَسورةَيَونس‪َ،‬ثَمَذك ر الل ‪ ‬أنَهَقَدَبعَثَ﴿النبي ين‬

‫مبشرين ومنذرين﴾َإلىَآخرَاآلية‪َ،‬ثمَيهديَمنَيشاءَإلىَصَراطَمسَتقيم‪َ،‬هَذاَالَدعاءَالَذيَ‬

‫جَاءَالنبََيَ‪َ‬كََانَيَدعوَفيََهَبََهَقيََامَالليَلَهََوَمظنَةَإجابَةَالَدعاءَلنََهَيفَقيامََهَ‬

‫‪َ‬يفَالليل‪َ،‬والداعيَبهَإمامَالمتقينَالذيَينزلَعليهَالوحيَصبحاَوعشياَومَعَ‬
‫‪93‬‬

‫ذلكَدعاَأنَيريهَاهللَالحقَحقاَويرزقهَاتباعهَ«اهدني لما اختلف في ه م ن الح ق بإذن ك‪ ،‬إن ك‬

‫تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»‪َ،‬قال اب ن الق يمَ‪َ‬تعَالى‪«َ:‬حقيَقَبَالمفتيَأنَيكثَرَ‬

‫منَالدعاءَ ذاَالذكرَالذيَوردَعنَالنبيَ‪«َ»‬اه دني لم ا اختل ف في ه م ن الح ق‬

‫بإذنك‪ ،‬إنك تهدي من تشاء إلى ص راط مس تقيم»َق ال اب ن الق يم‪«َ:‬وكَانَشَيخناَ–َيعن ي‪َ:‬بَهَ‬

‫الشيخَتقيَالدينَمؤلفَهذهَالرسالةَ–َيكثرَمنَهذاَالدعاءَوكانمَإذاَأشكلمَعليهَالمسَألةَ‬

‫يأيتَبالثرَالواردَعنَمعاذ ب ن جب ل‪«َ:‬الله م ي ا معل م آدم علمن ي وي ا مفه م س ليمان فهمن ي»َ‬

‫اإلنسانَمحتاجَللدعاءَحتىَيفَالعلمَالشرعيَأنَيدلكَاهللَ‪ ‬علىَأحبَالعلومَفيفقهَكَ‬

‫فيها‪َ،‬أنَيدلكَعلىَمنَيدلكَطريقَالصوابَمنَشيخَوكتَاب‪َ،‬أنَيبَاركَيفَوقتَكَأنَيريَكَ‬

‫الحقَحقاَيفَاجتهادكَويفَمنَتستفتيَويفَغيرَذلك‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬فإنَاهللَ–َتعالىَ–َقدَقالَفيماَرواهَعنهَرسوله‪«َ:‬يا عبادي؛ كلكم ض ال إل‬

‫من هديته؛ فاستهدوني أهدكم»‪َ.‬‬

‫وأما وصف الكتب والمصنفين‪َ:‬فقدَسمعَمناَفيَأثناءَالمذاكرةَماَيسرهَاهللَ–َسبحانه)‪َ.‬‬

‫هذاَالكلمَماَمعناه؟َيقول‪(َ:‬وأماَوصفَالكتبَوالمصنفين)َوالنسبَوميزةَكَلَامَر َ‬

‫فهذاَذكرناه‪َ.‬‬

‫ق ال‪(َ:‬ف َيَأثن َاءَالم َذاكرة)َومََرادَالمصََنف‪(َ:‬ف َيَأثن َاءَالم َذاكرة)َيعن ي‪َ:‬عنََدماَنََتكلمَ‬

‫اسَتطراداَالمَذاكرةَتََأيتَاسَتطراداَلَقصَدا‪َ،‬ولََذلكَقَدَتسَتفيدَممَاَيكَونَيفَالمَذاكرةَمََنَ‬

‫النكَمَمََاَلَتجََدهاَفيمَاَيقصََدَابتََداء‪َ،‬وهَذاَيسََتفادَمََنَمجالسَةَأهََلَالعلََمَومََذاكرهتم‪َ،‬‬

‫والشيخَتقيَالدينَ‪َ‬تعالىَكثيرَمنَكلمهَكانَمذاكرةَثمَيعرضَعليهَفيقرأَعليهَفيقَرهَ‬
‫‪94‬‬

‫أوَيزيدَفيهَوينقصَنبهَعلىَذلكَابنَعبدَالهاديَيفَ«العقود»‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬وماَيفَالكتبَالمصنفةَالمبوبةَكتابَأنفعَمنَ«صحيحَمحمدَبنَإسماعيلَ‬

‫البخاري»‪َ،‬لكنَهوَوحدهَلَيقومَبأصولَالعلم‪َ،‬ولَيقومَبتمامَالمقصودَللمتبحرَفيَأبوابَ‬

‫العلم؛َإذَلَبدَمنَمعرفةَأحاديثَأخر)‪َ.‬‬

‫يقولَالمصنفَلماَسئلَماَهوَكتابَحديثَيغنيهَعماَبعده؟َقال‪(َ:‬ماَأعلمَكتاباَأنفعَمَنَ‬

‫«ص َحيحَمحم َدَبََنَإسََماعيلَالبخََاري»)َالجعفََيَ‪َ‬تع َالى‪َ،‬هََذاَالكتََابَفيََهَمََنَ‬

‫الميزاتَماَلَيوجدَيفَغيره‪َ:‬‬

‫• فإنهَقدَشرطَالصحيحَووىفَبماَشرطَعلىَنفسه‪َ،‬بلَكانَشرطهَأعلَىَمَنَشَرطَغيَرهَيفَ‬

‫الصحيح‪.‬‬

‫• المر الثاين‪َ:‬أنهَأجادَالتبويب‪.‬‬

‫• المر الثالث‪َ:‬أنهَلمَيتكلمَفيَهَبرأيَه‪َ،‬وإنمَاَأوردَرأيَالسَلفَ‪َ‬تعَالىَيفَالتبويَبَ‬

‫ولمَيردهَيفَالكلم‪.‬‬

‫• المر الرابع‪َ:‬أنهَأجادَالتبويبَيفَالدللةَعلىَبعَضَالمعَانَوالفهَم‪َ،‬وكثيَرَمَنَتبويبَهَلَ‬

‫جزمَفيه‪َ،‬وإنماَفيهَإشاراتَللمعان‪.‬‬

‫• المر الخامس‪َ:‬أنهَأحسنَتقسيمَالبواب‪َ،‬فجعلَالحديثَربماَيوردَيفَأكثرَمنَموضع‪َ.‬‬

‫َوقدَعنيَالعلماءَ‪َ‬تعالىَيفَتتبعَطريقةَالبخاريَيفَتبويبَهَويفَتجزأتَهَالحاديَثَ‬

‫ويفَشرطه‪َ،‬فألفواَيفَذلكَشيئاَعظيماَمماَيدلَعلىَماَوفقَاهللَوامتنَاهللَعلَىَالبخَاريَفيمَاَ‬

‫فعلهَيفَصحيحه‪َ.‬‬
‫‪95‬‬

‫َثم قال‪َ:‬لَيكفيَهذاَيفَالحديثَلَيغنيَقطعَا‪َ،‬أمَاَأحاديَثَالحكَامَفقَدَذكَرَجماعَةَ‬

‫ومنهمَالشيخَتقيَالدينَنفسه‪«َ:‬أنَأغلبَأحاديثَالحكامَالتيَيحتاجهاَالنَاسَموجَودةَيفَ‬

‫الكتََبَالسََتة»َ«البخ اري»َو«مس لم»َو«الس نن»َلبََيَداودَو«الترم ذي»َو«النس ائي»َو«اب ن‬

‫ماج ة»َ ََذاَال تيََب‪َ،‬وإنَتممهََاَبَََ«مس ند أحم د»َفقلمََاَيخََرجَحََديثَيحتاجََهَالنََاسَيفَ‬

‫الحكامَخارجَعنَهذهَالستةَوالسبعة‪َ،‬قلماَينَدرَبَلَهَوَأقَلَمَنَالنَادر‪َ،‬ذكَرَذلَكَالشَيخَ‬

‫الدينَوهوَكماَقال‪َ.‬‬

‫ق ال ‪(َ:‬وك َلمَأه َلَالفق َهَوأه َلَالعل َمَف َيَالمََورَالتََيَيخ َتصَبعلمهََاَبع َضَ‬

‫العلماء‪َ.‬‬

‫وقدَأوعبمَالمةَفيَكلَفنَمنَفنونَالعلمَإيعابا)‪َ.‬‬

‫لَشكَأنَاهللَ‪ ‬قيضَلهذهَالمةَرجالَاجتهدواَففصلواَيفَجزئياتَالمسائلَإيعابا‪َ،‬‬

‫نعمَقدَيكونَذلكَلهَصعوبتهَعلىَبعضَالطلبَةَلكَنَلَهَثمرتَه‪َ،‬وثمَرةَعظيمَةَجَدا‪َ،‬ولكَنَ‬

‫الوقمَانتهىَونحنَاآلنَبعدَانتهاءَالوقم‪َ،‬لعلَناَنتكلمَعنهاَيومنَآخر‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬فمنَنورَاهللَقلبهَهداهَبماَيبلغهَمنَذلك)‪َ.‬‬

‫نورَاهللَ‪ ‬يفَالقلب‪َ،‬اسألَاهللَ‪ ‬إياهَأنَينيرَقلبك‪َ،‬منَأنارَاهللَقلبَهَعَرفَالحَقَ‬

‫منَالباطل‪َ،‬منَأنارَاهللَقلبهَعرفَالصوابَمنَالخطأ‪َ،‬مَنَأنَارَاهللَقلبَهَعَرفَالطريَقَالَذيَ‬

‫يكونَأخسرَلمطلوبه‪َ،‬كمَمنَأناسَأنارَاهللَقلو مَإماَ دايَةَأوَبتوفيَقَمنَهَسَبحانه‪َ،‬الصَلَ‬

‫هوَتوفيقهَسَبحانهَابتَداءَمَنَغيَرَسَببَواضَح‪َ،‬فَإذاَأنَارَاهللَقلبَكَفإنَكَهتَدى‪﴿ ،‬الل ن ور‬

‫الس ماوات والرض﴾ [الن ور‪َ]٣٥:‬أي‪َ:‬منََورَالسََماواتَوالرض‪َ،‬فمََنَنََورَاهللَقلبََهَفهََوَ‬


‫‪96‬‬

‫المهََدي‪َ،‬فاسََألَاهللَ‪ ‬الهدايََة‪َ،‬واسََألَاهللَ‪َ‬الرشََاد‪َ،‬واسََألَاهللَ‪ ‬الطريََقَ‬

‫المناسبَلذلك‪َ.‬‬

‫قال‪(َ:‬ومنَأعماهَلمَتزدهَكثرةَالكتبَإلَحيرةَوَضللَ)‪َ.‬‬

‫هَذاَذكرنَاهَقبَلَقليَلَأنَكثَرةَالتَأليفَقَدَتكَونَسَبباَيفَالضَررَعلَىَبعَضَالنَاسَإمَاَ‬

‫صعوبةَأوَضللةَ–َنسألَاهللَالسلمةَ‪َ.-‬‬

‫َ‬

‫قال‪(َ:‬كماَقالَالنبيَ‪َ‬لبنَلبيدَالنصاري‪«َ:‬أوليست التوراة واإلنجي ل عن د‬

‫اليهود والنصارى؟! فماذا تاني عنهم؟!»)‪َ.‬‬

‫وكذلكَيفَآخرَالزمانَحينماَيرتفعَالعلمَيبقىَالقَرآنَبَينَأيَديهمَلكَنهمَلَينتفعَونَبَه‪َ،‬‬

‫فقد جاء يف الحديث‪«َ:‬أننا في آخر الزمان يرف ع العل م بم وت العلم اء ويتخ ذ الن اس ر وس ا‬

‫جهال»َفموتَالعلماءَيرتفعَبهَالعلمَمعَأنَالقرآنَيبقىَلقيامَالساعة‪َ.‬‬

‫قال ‪(َ:‬فنسألَاهللَالعظَيمَأنَيرزقنَاَالهَدىَوالسَداد‪َ،‬ويلهمنَاَرشَدنا‪َ،‬ويقينَاَشَرَ‬

‫أنفسنا‪َ،‬وأنَلَيزيغَقَلوبناَبعدَإذَهدانا‪َ،‬ويهبَلناَمنَلدنهَرحمة‪َ،‬إنهَهوَالوهاب‪َ.‬‬

‫والحمدَهللَربَالعالمين‪َ،‬وصلواتهَعلىَأشرفَالمرسلينَ)‪َ.‬‬

‫اللهََمَصََليَوسََلمَعلََىَنبينََاَمحمَد‪َ،‬فقََطَأخََتمَيفَالصَلةَعلََىَالنبََيَ‪َ،‬‬

‫ذكرتَلكمَأنَالشيخَرأيهَأنَالصلةَتكونَمناسبةَيفَالخاتمةَمَعَالَدعاء‪َ،‬وعَادةَأهَلَالعلَمَ‬

‫أنهمَيختمونَكتبهمَووصاياهمَودروسهمَبالدعاءَلنهَبعدَطاعة‪َ.‬‬

‫َ‬
‫‪97‬‬

‫فنسأل الل ‪ ‬أن يافر ذنبنا ويستر عيبنا‬

‫و‪ ‬على نبينا محمد‪.‬‬

‫َ‬

‫واحد‬ ‫جملس‬ ‫ِف‬ ‫الكتاب‬ ‫َت َّم إ ْق َر ُ‬


‫اء‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََّ‬
‫يوم السبت ِف ال ََّرابع والعرشين من شهر ربيع األول‬
‫َ ْ َ َْ َ َ َ َْ‬ ‫َ ََ‬
‫ثالث وأربعي بعد األرب ِع ِمائ ِة واألل ِف‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬‫سن‬
‫جبامع األمرية العنود بيح اخلزامة بمدينة الرياض‬

You might also like