Professional Documents
Culture Documents
BKB Aq05575 Ketabpedia
BKB Aq05575 Ketabpedia
1
القـواعــد السديدة
في
حماية العقيدة
الدكتور
طــه حامد الدليمي
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
2
المقدمة
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
3
أساسه ابت مشكوكاً فيه .وما ذلك بدين؛ ألن الدين مبناه
على القطع واليقني.
لقد علِمنا من ديننا أنه حىت املسائل الفرعية إذا كانت املسألة
عظيمة أو خطرية فإن هللا تعاىل يشدد يف شروط أدلتها ما ال
يشدد يف غريها :فمن املعروف أن كل الشهادات يكتفى فيها
بشاهدين ،إال الزان فال بد إلثبات وقوعه من مضاعفة الشهود
مع توفر املشاهدة العيانية اجلازمة ،خلطورة التهمة ومساسها
بسمعة املتهم ودينه ومصريه .
وهكذا احلال عندما يتعلق األمر مبا هو أعظم أال وهو أصول
الدين اليت هبا يتقرر مصري اإلنسان :هل إىل اجلنة أم إىل النار
؟ وقبلها هل هو من املسلمني أم من الكفار ؟ وما يرتتب على
ذلك من مسائل وأحكام يف الدنيا واآلخرة .
فما هي العناصر أو الشروط اليت ينبغي توفرها يف
أدلة أصول الدين وهي هبذا املستوى من املنزلة واخلطورة ؟ أو
بعبارة أخرى :كيف ميكن أن تثبت هذه األصول ؟
اجلواب عن هذا السؤال هو موضوع هذا الكتاب املختصر .
إن معرفة هذه الشروط أمر يف غاية األمهية لكونه ال غىن عنه
من أجل محاية الدين من اإلضافات واملبتدعات اليت كثرت
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
5
املؤلف
1419هـ 1998 /م
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
8
المنهج القرآني
في إثبات أصول الدين
لقــد نصــب هللا تعــاىل هلــذه األم ـور أو األصــول مــن األدلــة يف
كتابه ما ال ميكن بعدها جحودها أو أتويلها ألن النصـو الـيت
تناولتها واضحة بينة متضافرة ال حتتمـل تكـذيباً أو أتويـالً .وهـي
الــيت يس ــميها األص ـوليون ب ــ(قطعية الثب ــوت والدالل ــة) .ول ــذلك
اعترب منكرها كافراً خارجاً عن امللة.
فــال جيــوز اعتقــاد أمــر أو اإلميــان أبصــل مــن أصــول الش ـريعة ،
وتكف ـ ــري م ـ ــن مل يعتق ـ ــده أو يـ ـ ــؤمن ب ـ ــه مـ ـ ــا مل يثب ـ ــت يف القـ ـ ــرآن
ابلنصـو الصـر ة القطعيـة اخلاليـة مـن االحتمـاالت الدالـة علـى
غري ما يدل عليه ظاهر تلك النصو صراحة وقطعاً .
فهــل األدلــة الــيت نصــبها اإلماميــة علــى إثبــات (اإلمامــة) حــائزة
على هذه الشروط ؟!
ولنفــرتأ أن إنســاانً عــاقالً ذكي ـاً مل يعــرف اإلســالم مــن قبــل،
أراد أن يتعرف عليه مـن خـالل القـرآن فـاطلع عليـه اطالعـاً عـابراً
.إنـ ـ ــه – وال شـ ـ ــك – سـ ـ ــيعلم أن تل ـ ـ ــك األصـ ـ ــول االعتقاديـ ـ ــة
والشــرعية – الــيت ذكر ــا آنفـاً – هــي مــن أوليــات وأساســيات مــا
يـ ــدعو اليـ ــه هـ ــذا الكتـ ــاب لكثـ ــرة ورود األدلـ ــة عليهـ ــا ،وتك ـ ـرار
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
10
روى الكليني عن أبي عبد هللا (جعفر الصادق) قال ( :كان أمير المؤممنين()) ممامؤاث ؤ ()1
كؤؤان ال (ؤؤن ()) ممامؤؤاث وع ؤؤدد الة] ؤ … ومؤؤن أ ك ؤؤر نل ؤ نؤؤان نم ؤؤن أ ك ؤؤر معر ؤؤ هللا ة ؤؤار
و عالى ومعر رسوله صلى هللا عل ه وآله وسل ) -أصول الكا ي .181/1
وعن أبي عبد هللا ()) قال( :ال ي(ؤ النؤاإ مال معر انؤا وال يعؤلر النؤاإ تناالانؤا مؤن عر نؤا
كان مممناث ومن أ كر ا نان نا اثر ومن ل يعر نا ول ينكر ا نان ضاالث حاى يرج ملى الادى) -
أصول الكا ي . 187/1
ويقول ابن تابويه القمي ( :اعاقاد ا ي األ ب اء والرسل واألئم والمالئك علؤيا ال(ؤالم ا اؤ
معصؤؤومون مراؤؤرون مؤؤن نؤؤل د ؤ ي وا ا ؤ ال يؤؤل بون ن ة ؤاث ص ؤ ي اثر وال نبيؤ اثر وال يعصؤؤون هللا مؤؤا
أمره ويفعلون ما يممرون .ومن فى عنا العصؤم ؤي ءؤيء مؤن أحؤوالا قؤد جالاؤ ي ومؤن
جالا او نا ر .واعاقاد ا يا ا ا معصومون موصو ون تالكمال والامام والعل مؤن أوائؤل
أموره وأواخرها وال يوصفون ي ءيء من أحوالا بنقص وال عص ان وال جال) -االعاقؤادا
- 70اب ؤؤن تابوي ؤؤه القم ؤؤي – المرةعؤ ؤ العلم ؤ ؤ – قؤ ؤ 1412ه ؤ ؤ ؤؤي = = دي ؤؤن اممام ؤ ؤ
با قيق غالم رضا الماز د ار ي.
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
11
إمن ــا ه ــذه العقائ ــد وأمثاهل ــا أش ــياء اعتق ــدوها أوالً م ــن خـ ــارج
الق ــرآن ...مث م ــن بع ــد ذل ــك كلفـ ـوا أنفس ــهم البح ــث في ــه عم ــا
عســى أن يؤيــدها مــن النصــو أبي وجــه كــان علــى طريقــة (-
يعتقدون مث ...يستدلون ) .وهو أمـر ال يصـعب علـى أحـد ،
بــل هــو أســلوب كــل أهــل البــدع والضــالالت والــدايانت الباطلــة
الــذين يعتقــدون بعقــوهلم وآرائهــم أوالً ،مث يبحثــون يف النصــو
بعد ذلك .
طريقة القرآن
في إثبات أصول االعتقاد
اإلخبار واإلثبات
يتب ــني م ــن خ ــالل اس ــتقراء الق ــرآن أن هللا تب ــارك وتع ــاىل ح ــني
يع ــرأ ألص ــول العقي ــدة ال يكتف ــي بتقري ــر احلقيق ــة واخل ــرب عنه ــا
حىت يضيف إىل ذلك إقامة الربهان العقلي على صحتها .
فالنصو يف هذا الباب ليست جمرد أخبار ،وإمنا هي أخبار
برهن هللا على صحتها ابلدليل .
وهكذا يتبع القران الكرمي يف طرحه ألصول العقيدة أسلوب
-1التقرير واإلخبار أوالً .
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
14
التكرار
وب ـني اإلخبــار واإلثبــات تتكــرر اآلايت وتكثــر فتبلــغ املئــات .
وهذه هي احلقيقة الثالثة اليت يالحظها املتتبع
آلايت االعتقاد .
فــال يكتفــي القــرآن وهــو يتحــدا عــن أصــول االعتقــاد يــة او
آيتــني ،فضـالً عــن نصــف آيــة مــن هنــا وربعهــا مــن هنــاك –كمــا
هو احلال يف أدلة الشيعة عن (اإلمامة) وغريها -وإمنا هي مئات
م ــن اآلايت تتض ــافر مجيعه ــا لت ــؤدي وظيف ــة واح ــدة ه ــي تقري ــر
العقيدة وإثبا ا.
-1وض ــوح اللف ــه وإحكام ــه حبي ــث ال ميك ــن محل ــه عل ــى
معىن آخر غـري ظـاهر معنـاه املتبـادر إىل الـذهن كقولـه تعـاىل وهـو
يقرر رسـالة نبينـا حممـد ( : محماو رساولا هللا) الفـتح
29/فهذا اللفه قطعي الداللة على كون حممد رسول هللا .
-2كثرة اآلايت وتضافرها .
هذه أربعة حقائق متالزمة ال تتخلف يف القرآن يف
بيانه ألصول االعتقاد ومسائله الكربى وهي :اإلخبار واإلثبـات
والتكرار والوضوح التام .
وهناك حقيقتان أخراين ختصان هذا الباب مها :
ان العقل والرواية ( األحاديث النبويـة او الـرواايت واآلاثر ) ال
يس ـ ــتقالن نش ـ ــاء أص ـ ـول العقي ـ ــدة م ـ ــا مل ت ـ ــذكر أوالً يف الق ـ ــرآن
ابلطريقة اليت بيناها آنفاً .
إن دور العقــل او األحاديــث واآلاثر يف ابب األصــول يقتصــر
عل ــى التعض ــيد والتأكي ــد مل ــا ثب ــت أوالً ابلق ــرآن .مث تفص ــيل م ــا
أمجل ذكـره فيـه مـن األصـول وبيـان فرعيا ـا .وسـأتناول احلـديث
عن هاتني احلقيقتني الحقاً إن شاء هللا تعاىل .
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
16
-3اليوم اآلخر
جاء اإلخبار عنه يف آايت كثرية جداً منها:
مالك يوم الوين الفاحتة3/
ونالآخ ة هم يوقنون البقرة4/
نتم أَمواقا َفأَ
م
ْ ُ اا َ ح
ْ ون ِنال َّل ِه َو ُ ُ ْ ْ َ ف َقكْ ُف ُ َ َ َْ
اون
اه ُق ْ َج ُع َ ام إِ َل ْ ِ
م ُث َّ
ام ُي ْح ِ ا ُك ْ
م ُث َّ
م ُي ِم ُات ُك ْ
ُث َّ
البقرة28/
ونااذ ُن َين ُيكَ ِااذ ِن َن * ا َّلاا ِذ َ
م كَ ِ
مئِاا ٍذ ِل ْل ُ
ياال يَ ْو َ
َ و ٌ
ل ُم ْع َتا ٍواه إِلا َّ ُا ُّ ب ِن ِ
اذ ُ
ماا ُيكَ ِ
ين * َو َ الاو ِ
ِن َ ْو ِم ِ
أَثِ ٍم املطففني12-10/
م َّ
اب ال َّناا ِر الا ِذي ُ ْن ُات ْ وقوا َعا َذ َ م ُ ُ ل ل َُه ْ َ و ِق َ
ون السلوة20/ ِن ِه ُقكَ ِذ ُن َ
مااا ا َّلاا ِذ َ
ين َ َفاا ُ وا َو َاا َّذ ُنوا ِنايَاقِ َنااا َو ِل َدااا ِأ َ وأَ َّ
ون الااآْ ِخ ِة َف ُ
اار َ ُ َ حْ م
ُ ب
ِ ا ذ
َ اا ع
َ ل
ْ ا ااي ف
ِ ااك
َ ِ ئ ل
َ و
ْ أ َ
الروم16/
وجاء إثباته ابألدلة العقلية يف آايت كثرية كذلك منها:
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
23
فاذا آمن املـرء ابهلل وبرسـوله وابليـوم اآلخـر فعليـه بعـد ذلـك أن
يعمل مبقتضى هذا اإلميان .
وهنا اليت دور الشريعة .
فالــدين عقيــدة وشـريعة :العقيــدة هــي األصــل ،والشـريعة فــرع
عنها .تلك األساس ،وهذه البناء .
ويتب ــني م ــن خ ــالل اس ــتقراء الق ــرآن أن أص ــول الشـ ـريعة تثب ــت
أبمرين مها :
-1اإلخبار
-2والقطع
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
25
أي اخلــرب القــرآين القطعــي الداللــة .وال حاجــة هنــا إىل الــدليل
العقلي للربهنة على صحتها ،ألهنا إمنا خياطب هبا املسلم املؤمن
بصــحة مــا نــزل مــن القــرآن ،فهــو ال تــاج للعمــل هبــا إىل غــري
علمه أبهنا مما أنزل ،وأن هللا كلفه هبا .فال تاج املسلم اىل أدلة
إثباتيــة علــى أن الصــالة مــن الــدين أو الزكــاة أو الصــيام ؛ ولــذلك
ال خياطــب الكــافر هبــا .إمنــا تــاج إىل دليــل قطعــي علــى أن هللا
خاطبه أو كلفه هبا .
والشريعة أصول وفروع هلذه األصول .
فأص ــول الشـ ـريعة -كالص ــالة والزك ــاة وب ــر الوال ــدين -ال ب ــد
إلثبا ــا م ــن ال ــدليل اخل ــربي القطع ــي .أم ــا تفاص ــيلها وفروعه ــا
فيكفي فيها الدليل الظين الراجح.
والــدليل القطعــي إمنــا هــو قطعــي لوضــوحه وعــدم احتمالــه لغــري
ظاهر معناه .
وال أبس من التأكيد علـى أنـه ال بـد أن يكـون الـدليل قرآنيـاً ،
فــال تســتقل الــرواايت وال اآلراء الــيت يســموهنا (عقليــات) جيــاد
شيء جديد يف األصول دون ان يثبت ذلك ابلقرآن أوالً .
وهذا الشرط يشمل أصول العقيدة والشريعة.
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
26
خالصة القانون
فتكون ألصول العقيدة مخسة شروط هي :
-1النص القرآين
-2القطعي الداللة
-3الكثري التكرار
-4إخباراً
-5وإثبااتً
وألصول الشريعة ثالثة شروط هي :
-1النص القرآين
-2القطعي الداللة
-3إخباراً فقط
هذا هو القانون أو املنهج القرآين يف إثبات األصول .
و(اإلمامـ ــة) – عنـ ــد اإلماميـ ــة – مـ ــن املسـ ــائل الـ ــيت ال يصـ ــح
اإلميــان إال هبــا حبيــث يعــد منكرهــا عنــدهم مــن الكــافرين ! فهــي
إذن مــن املســائل االعتقاديــة األص ـولية أو األساســية طبق ـاً ملــنهج
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
27
القرآن .فـال بـد أن تثبـت عنـد مـن يـراد لـه أن يـؤمن هبـا – علـى
أقل تقدير – ابلنص القرآين القطعي الداللة .
فهل لذلك النص يف القرآن من وجود ؟!
كل الذي تجون به آايت متشاهبة ظنية الداللة،
كهذه اآلايت :
لا
م ُه َّن َقا َ ما ٍ َفأَ َق َّ م َرنُّ ُه ِنكَ ِل َ اه َ ( َو إِ ِ انْ َتلَى إِنْ َ ِ
ان ُ ِر يَّتِاي لا َو ِم ْماما َقاا َ اس إِ َ ك ِلل َّن ِ اع ُل َ إِنِي َج ِ
الَا ِل ِم َن) (البقرة. )124: الا َع ْه ِوي َّ لا ل يَ َن ُ َقا َ
ينآم ُنوا ا َّل ِذ َ
ين َ سو ُل ُه َوا َّل ِذ َ م ال َّل ُه َو َر ُ ما َو ِل ُّ ُك ُ
(إِ َّن َ
ون
م َرا ِ ُع َ ه ْ ون ال َّز َا َة َو ُ صل َة َو ُي ْؤ ُق َ ون ال َّ م َ ُي ِد ُ
) (املائدة. )55:
ام ا ْل ِخ ْن ِز يا ِ َح ُ م ْ َت ُ َوالا َّو ُم َول ْ م ا ْل َ ت َع َل ْ ُك ُ م ْ (ح ِ َ
م ْو ُقو َ ُة م ْن َخنِ َد ُ َوا ْل َل ِل َغ ْ ِ ال َّل ِه ِن ِه َوا ْل ُ ما ُأ ِه َّ َو َ
ماا س ُاب ُُ إِ َّلا َ ل ال َّ ما أ َ َ َ ط َح ُ َو َ م َت َ ِتيَ ُ َوال َّن ِ َوا ْل ُ
ب َوأَ ْن صااااا ِ ااااح َع َلاااااى ال ُّن ُ ماااااا ُ ِنا َ م َو َ َ َّ ْا ُ
اااات ْ
ا م يَئِ َ َ
ق ا ْل َ ْو َ س ٌم ِف ْ موا ِنا ْلأ ْزل ِم َ ِل ُك ْ س ُ س َت ْد ِ َق ْ
مه ْ ااو ُ
شا ْ م َفلااا َق ْخ َ اان ِتيااانِ ُك ْ ين َ َفااا ُ وا ِما ْ ا َّلااا ِذ َ
ت م ُ م ق ت َل ُكم ِتي َن ُكم وأَ ل م شو ِن ا ْل وم أَ
ْ َ ْ َ ْ ْ ُ ْ َ ْ َْ َ اخ َ ْ َو ْ
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
28
ال احتمــال فيهــا ألن الــدليل األصــويل إذا تطــرق إليــه االحتمــال
ان
اه ِم ْ ام ِن ِ
ما ل َُه ْ
بطل به االستدالل كما قـال تعـاىلَ ( :و َ
اان لااا
الَا َّ
اان َو إِ َّن َّ
الَا َّ
َّ ااون إِ َّلااا
اام إِ ْن يَ َّت ِب ُعا َ
ِع ْلا ٍ
ش ْئا) (النجم. )28: ُي ْغنِي ِم َن ا ْل َح ِق َ
إن داللة هـذه اآلايت وسـواها ممـا احتجـوا بـه ليسـت قطعيـة ،بـل
وال تدخل يف ابب الظن الراجح الذي يقبل يف فـروع الشـريعة أو
وهم ،أحسن أحواله ان يكون ظنا مرجوحاً : الفقه !! وإمنا هي ٌ
فاآليررة األوى تتحــدا عــن إمامــة ســيدان إب ـراهيم وال ذكــر
فيها لعلـي وال غـريه قـط .وال دليـل فيهـا صـر اً علـى أن اإلمامـة
املــذكورة فيهــا هــي اإلمامــة الــيت اصــطلح عليهــا الشــيعة ،إمنــا هــي
اإلمامــة مبعــىن القــدوة .غايــة مــا ميكــن قولــه جــدالً أن مــا يدعونــه
أمر ظين ! والظن ال تثبت به العقائد الكربى .
واآليرة الثانيررة تتحــدا عــن امليتــة والـدم وحلــم اخلنزيــر .فمــا
الــذي حشــر (إمامــة) علــي -كرمــه هللا -بــني هــذه األمــور وال
رابط جيمع بينهما ؟! مث إنه ال ذكر هلذا املوضوع يف اآلية البتة .
أمــا اآليــة الثالثــة -فباإلضــافة إىل أنــه ال ذكــر فيهــا لعلــي وال
غ ـ ــريه وال ل ـ ـ ــ(اإلمامة) وال ل ـ ـ ــ(العصمة) وه ـ ــذا يكف ـ ــي يف إبط ـ ــال
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
30
االحتجـ ــاج هبـ ــا علـ ــى ذلـ ــك -جنـ ــدها يف سـ ــياق يتحـ ــدا عـ ــن
أمهات املؤمنني .بل إن أول اآلية خطاب صريح موجه إليهن .
فمــا األمــر الــذي ملنــا جزمـاً علــى أن ــرجهن مــن حكــم اآليــة
ونقصرها على علي وبعض أهـل بيتـه فقـط ؟! وحـني نتبـني األمـر
ال جن ــد دل ــيالً م ــن اآلي ــة عل ــى ه ــذا س ــوى ال ــتحكم ب ــال ح ــاكم
داع ! وأعلى ما ميكن قبوله هنـا أن يقـال :إن ذلـك واالدعاء بال ٍّ
ش ْئا) . الَ َّن ل ُي ْغنِي ِم َن ا ْل َح ِق َ ظن َ ( ،و إِ َّن َّ
فلــم تنطبــق علــى هــذا (األصــل) شــروط إثبــات أصــول الشـريعة
اليت هي فروع ابلنسبة ألصل العقيدة .بل وال فـروع الشـريعة :اذ
أن هن ـ ــاك أم ـ ــوراً فرعي ـ ــة يف الـ ـ ـدين ك ـ ــاحليض واجلم ـ ــاع والنك ـ ــاح
والطــالق والبيــع والشـراء … اخل تناوهلــا القــرآن ايت واضــحة :
إمـا قطعيــة الداللــة ،وإمــا تفيــد املســلم ظنــا راجحـاً يكفــي للعمــل
أبمثاهلا من الفرعيات !!
فكيــف يؤســس مثــل هــذا االمــر العظــيم الــذي يكفــر جاحــده
على نصو داللتها يف أحسن أحواهلا ظنية مرجوحة ؟!
إن الظـ ــن املرجـ ــوح ال جيـ ــوز العمـ ــل بـ ــه يف الفرعيـ ــات الفقهيـ ــة
فكيف يدخل يف ابب األصول االعتقادية ؟!!
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
31
ام ـ ــا اذا أردان ان نطب ـ ــق املواص ـ ــفات أو الش ـ ــروط ال ـ ــيت خت ـ ــص
أص ــول االعتق ــاد واملس ــتفادة م ــن اس ــتقراء الق ــرآن وه ــي :ال ــنص
القرآين القطعي الذي يكثر ويتنوع وهو يتناول املوضوع بطريقتني
:اإلخبـ ــار مث اإلثبـ ــات العقلـ ــي ،فسـ ــيظهر جزم ـ ـاً ان خـ ــري ابب
يدخل حتته هذا االمر هو ابب اخلرافات .
فأين األدلة املتكررة؟!
وأين األخبار القطعية ؟!
وأين أدلة اإلثبات ؟
إن كان النص خربا فأين إثباته ؟!
وإن كان إثبااتً فأين اخلرب الذي جاء يثبته ؟!
العقل
وأصول الدين
ل ــو ك ــان ( العق ــل ) ال ــذي ينس ــبون إلي ــه م ــا يس ــمونه ابحلج ــج
العقليــة شــيئاً لــه كيــان مســتقل اذا طرحــت عليــه املســائل أجــاب
جبـواب واحــد عـن كــل مســألة ،وهـذا اجلـواب معصـوم مــن اخلطــأ
ألمكن ان يكون مرجعاً عند النزاع يف أصـول االعتقـاد ،كمـا هـو
حال القرآن يف أجوبته عنها :اذ هو كتاب مستقل معروفة آايته
ال يقبل الزايدة وال النقصـان ،اتفـق املسـلمون مجيعـاً علـى قطعيـة
ثبوتيته ،وميكن الرجوع اليه بسهولة ويسر لنجد اجلواب القطعي
يف مجيــع أصــول الــدين ومســائله العظيمــة .ولــيس األمــر كــذلك
ابلنسبة لـ(العقل) .
ف ــ(العقل) املقصــود حقيقتــه العمليــة مــا يعقلــه كــل عاقــل ،أي
رأيـه ومـا يصـدقه ويستسـيغه هـو بعقلـه .ومبـا ان كـل إنسـان ميكـن
ان يعقل او يرى مـا ال يعقلـه أو يـراه اآلخـر فـال بـد مـن ان تعـدد
اآلراء وتتضــارب (احلجــج العقليــة) اال فيمــا اتفقــت عليــه عقــول
البشــر كالبــديهيات ،أو األمــور العلميــة البحتــة كالرايضــيات ،او
مــا يــدخل حتــت التجربــة واملشــاهدة ،وهــذه امــور حمســة وملموســة
ميكن الربهنة عليها ابلوسائل املعروفة ،وقد اتفق العامل عليها.
وعل ــى ه ــذا ف ــإن م ــا تس ــمعه م ــن ق ــوهلم :العق ــل ك ــم بك ــذا
ويقضــي بكــذا فهــو تــدليس ولعــب ابأللفــا ! ألن العقــل املطلــق
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
33
هنا ليس هو عقالً واحداً ال خيطـئ يرجـع اليـه كـل العقـالء ،وإمنـا
هــو عقــل املــتكلم نفســه ،أي مــا يـراه هــو بعقلــه ! فهــو رأي مــن
اآلراء ال أكثر .وقد خيتلف فيه مع غـريه مـن العقـالء فـريى غـريه
بعقله و كم بغري ما يراه هو و كم به ،وهكذا! ..
امل ــادة هل ــا ث ــالا ح ــاالت :ص ــلبة وس ــائلة وغازي ــة ،واهلـ ـواء :
أوكس ــجني ونرتوج ــني وهي ــدروجني ،وامل ــاء س ــائل وغ ــاز وثل ــج ،
والش ـ ــمس :دفء ون ـ ــور وح ـ ـ ـرارة ،وال ـ ــزمن :ماض ـ ــي وحاض ـ ــر
ومستقبل ،واإلنسان روح وعقل وجسم ،والعائلة أب وأم وأوالد
.وهكذا احلال ابلنسبة إىل هللا :األب واالبن وروح القدس .
لقد كان القس يقدم هذه (األدلة العقلية) يف مناظرة مـع احـد
علماء املسلمني أمام حشد كبري من الناس .فال بد
– واحلالة هذه -أنه كـان مقتنعـاً عقليـاً مبثـل هـذا الـدليل العقلـي
املتهافت(.)2
ومــن لــه أد اطــالع علــى كتــب الفالســفة واملتكلمــني الــذين
ارادوا ان خيضعوا العقيدة آلرائهم وعقوهلم يـدرك معـىن مـا اقـول ،
ويصيبه الذهول هلذا االختالف والتضارب ابحلجج اليت يسموهنا
(عقليـة) دون طائـل اذ ان كــل حجـة ميكـن نقضــها مبثلهـا ،حــىت
ان بعضــهم ألَّــف يف بيــان (تكــافؤ األدلــة العقليــة) وأهنــا ال ميكــن
ان تؤدي اىل يقني إلمكان نقضها مبثلها .
هو (ءروش) ي والعال الم(ل هو (أحمد ديؤدا ) .والمنؤاررة م(ؤنل ؤي ءؤري ( )2الق
ديو .
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
35
وحىت إن واحداً منهم وهو ابـن واصـل احلمـوي الـذي كـان مـن
أبــرعهم -كمــا يقــول اخلبــري احلــاذق شــين اإلســالم ابــن تيميــة -
يف الفلسفة والكالم قال وهو يصور هذا املعىن ( :استلقى علـى
قفـ ــاي وأضـ ــع امللحفـ ــة علـ ــى نصـ ــف وجهـ ــي مث اذكـ ــر املقـ ــاالت
وحجج هؤالء وهؤالء واعـرتاأ هـؤالء وهـؤالء حـىت يطلـع الفجـر
ومل يرتجح عندي شيء ) .
وقد انشد بعضهم يف هذا قائالً :
مكسور
ُ كاسر
كالزجاج َختا ُهلا حقاً وكلٌّ ٌ
ِ افت
حجج َ ُ
ٌ
ومل ـ ــا كان ـ ــت احلج ـ ــج (العقلي ـ ــة) عل ـ ــى مث ـ ــل ه ـ ــذا احل ـ ــال م ـ ــن
االخــتالف -وواقــع الفالســفة واملتكلمــني أوضــح شــاهد -فــاهلل
جــل وعــال أرحــم بعبــاده مــن ان يكــل ديــنهم اىل عقــوهلم ا ــردة .
ودين هللا أعظم من ان يكون ألعوبة لقراء اليت يسموهنا ظلما بـ(
العقل ) .
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
36
وملا كـان هللا قـد أقـام احلجـة علـى خلقـه علـى أو وج ٍّـه وأكمـل
صــورة ،فــال بــد ان تكــون هــذه احلجــة أم ـراً آخــر غــري ( احلجــج
العقلية ) ألهنا مضطربة خمتلفة .
فأين هي احلجة إذن؟!
القرآن هو الحجـة
يقــول تعــاىل :رساال مبشاارين ومنااذرين لئلاا
يكااون للناااس علااى هللا حل ا نعااو ال ساال
و ان هللا عزيزا حك ما * لكن هللا يشهو نما
انزلا إل ك أنزله نعلماه والمل كا يشاهوون
و فااى ناااد شااه وا( النســاء . )166،165/فلــيس
مع حجة هللا وال بعدها ألحد حجة ،وشهادة هللا تكفـي فلـيس
بعدها وال قبلها شهادة .
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
37
ان
ب ِما ْمااا َف َّ ْط َنااا ِفااي ا ْل ِك َتااا ِ
؟ وهللا تعــاىل يقــول َ :
يَ ْ ٍأ( األنعام . )38:هذا ما ال ميكن ان يقر به عاقل !
مث مىت قصـر القـرآن يف بيـان أصـول الـدين حـىت نلجـأ إىل غـريه
؟!
لــذلك ال يصــح عقـالً ان اليت ( العقــل ) أبمــر هــو مــن أصــول
العقيــدة دون ان يكــون هــذا األصــل مفصـالً يف القــرآن .والقــرآن
شاهد على ما أقول.
وظيفة العقل
وظيفــة العقــل إذن ليســت يف البحــث عــن أصــول الــدين مبعــزل
عـن الـوحي ،وإمنـا تنحصـر بتعقـل مـا جـاء بـه الـوحي واعتقـاده ،
والتيقن من كونه مما تستسيغه العقول السليمة ،وأنـه لـيس هنـاك
مــن تنــاقض فيــه ،وإقامــة األدلــة علــى ذلــك س ـواء كانــت األدلــة
عقلية أم نقلية .
ويقــوم العقــل كــذلك ابســتنباط األحكــام الشــرعية الفرعيــة مــن
أدلتهــا الظنيــة ،سـواء كانــت هــذه األدلــة نصوصـاً شــرعية أو غــري
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
40
ذل ــك يف حال ــة ع ــدم ت ــوفر ال ــنص يف أي مس ــألة م ــن املس ــائل .
وكذلك يقوم بتنزيل هذه األحكام على مواردها .
خمصـ ــص ،فيقطعـ ــون ا مـ ــل عـ ــن تفصـ ــيله واملطلـ ــق عـ ــن قيـ ــده
وهكذا.
طريقة كل املضلني
وهكـ ــذا ال توجـ ــد فرقـ ــة ضـ ــالة أو داينـ ــة ابطلـ ــة إال وتسـ ــتطيع
االحتج ــاج ابلق ــرآن وغ ــريه عل ــى طريق ــة املتش ــابه .ب ــل ه ــذا ه ــو
الواقع :
أل ــيس الق ــدري ــتج مبث ــل قول ــه تع ــاىل :إنااااا هااااويناه
السب ل إما شا ا وإما فورا اإلنسان. 3/
واجلربي ـتج بقولـه :وماا قشااأون إلا أن يشااأ
هللا اإلنسان 30/مع أن اآليتني يف سورة واحدة !
واخلـ ـ ــارجي ـ ـ ــتج بقولـ ـ ــه :ان الحكااااااام الااااااا د
يوسف.40/
واملعط ـ ــل ـ ــتج بقول ـ ــه لااااا ا مثلاااااه يااااا أ
الشورى. 11/
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
44
ما ٌ
ما ٌ َقا ِ َ ب ُأ َّ ال ا ْل ِك َتاا ِه ِان أَ ْاواأ ِم ْ س َ سوا َ َ ل ْ ُ
ون * ال ُو َ س ُم يَ ْ اأ ال َّل ْ ِل َو ُ
ه ْ ون آيَا ِ ال َّل ِه آ َن َ يَ ْت ُل َ
ون ْ اااون ِنال َّلا ِ
اااآخ ِ َو يَااااأ ُم ُ َ اااو ِم الا ِ اااه َوا ْل َا ْ ُي ْؤ ِم ُنا َ
ونساا ِر ُع َ م ْنكَا ِ َو ُي َ ان ا ْل ُ
م ْع ُ و ِ َو يَ ْن َه ْو َن َع ِ ِنا ْل َ
صااا ِل ِح َن ( آل ان ال َّ اك ِما َ ِفااي ا ْل َخ ْ ا َا ِ َو ُأو َلئِا َ
عم ـ ـران . )114-113:يق ـ ــول :فاملس ـ ــيحيون م ـ ــن الص ـ ــاحلني
وليسوا من الكافرين .
اسأَ ِلا ما أَ ْن َز ْل َنا إِ َل ْ َ
ك َف ْ ك م َّش ٍ
ت ِفي َ َ فإِ ْن ُ ْن َ
ُ
اك( يـونس)94 : ان َقبْ ِل َ اب ِم ْون ا ْل ِك َت َ ا َّل ِذ َ
ين يَ ْد َأ َ
يقول :فاملسلم اذا كان يف شك مما انزل إليه فعليـه أن يرجـع إىل
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
46
أهـ ــل اإلجني ــل فيس ــأهلم ليـ ــدلوه علـ ــى احلقيقـ ــة .فاملس ــيحيون هـ ــم
املرجــع ،فــاذا مل يكــن املرجــع س ــليماً اي صــديقي ضــاع كــل م ــن
حاول الرجوع اليه .
فاسااألوا اهاال الااذ ان نااتم لا قعلمااون
األنبيــاء .7/يقــول :فمــن هــم اهــل الــذكر ؟ النصــارى هــم اهــل
الذكر .املسيحيون هم املرجع .
أي الفريقني أقوى حجة ؟!
وأان اقـ ـ ــول معلق ـ ـ ـاً علـ ـ ــى اسـ ـ ــتدالل هـ ـ ــذا النص ـ ـ ـراين ابآليتـ ـ ــني
األخريتني فقط :
أليست حجة املسيحي يف الداللة على أن ( أهل الذ )
املقصودين يف اآليـة هـم النصـارى أقـوى مـن حجـة اإلمـامي حـني
أهاااال الااااذ ه ــو (األئم ــة يق ــول :إن املقص ــود ب ـ ـ
املعصومون) ؟!
إن قول ــه تع ــاىل :فساااألوا اهااال الاااذ يس ــاوي
فسألا الذين يد أون الكتاب من قبلك
وقوله :ان نتم ل قعلمون يساوي قوله :فاان
ناات فااي شااك ممااا اناازلا إل ااك .ويســتطيع
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
47
ولــوال قطــع اآليــة عــن ( أمهــا ) ومرجعهــا ملــا اســتطاع النصـراين أن
ــتج هبـ ـا عل ــى م ــا أراد م ــن ك ــون املس ــيحيني ه ــم املرج ــع عل ــى
اإلطالق .
وهكــذا فعــل الــذين احتج ـوا لــ( عصــمة األئمــة ) أو (اإلمامــة)
-م ــثالً -بقول ــه تع ــاىل :إنماااا ي ياااو هللا ل اااذهب
عاااانكم الاااا جا أهاااال الب اااات ويطهاااا م
قطه ااا ا إذ عمــدوا إىل آيــة مــن القــرآن فــاقتطعوا منهــا هــذا
اجلــزء -وهــو آخرهــا -وفصــلوه عــن أوهلــا؛ فــال ينتبــه القــار إىل
العالقة العضـوية بينهمـا .ومسـوا هـذا اجلـزء بــ(آية التطهـري) إمعـاانً
يف صــرف نظــره عــن اآليــة كاملــة وهــي قولــه تعــاىل خطــاابً ألزواج
النيب : وق ن في ن اوقكن ولا قبا جن قبا ج
اللاهل ااا الاااأولى وأقمااان الصااال ة وآقااا ن
الز اااة وأطعاان هللا ورس اوله إنمااا ي يااو هللا
...األحزاب.34/
وقاموا كـذلك بفصـل اآليـة عـن اآليـة الـيت بعـدها الـيت تعـزز أن
املقصود ابخلطاب هو أمهـات املـؤمنني دون سـواهن ،وهـي قولـه
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
50
اان
مااا ُي ْت َلااى ِفااي ُن ُااوقِ ُك َّن ِم ْ تعــاىل َ :وا ْ ُاا ْ َن َ
َط فا َخ ِب ا م ِ إِ َّن ال َّل َه َ َ
ان ل ِ آيَا ِ ال َّل ِه َوا ْل ِحكْ َ
(األح ـزاب .)34:وفص ــلوها أيض ـاً ع ــن الس ــياق كل ــه ال ــذي ه ــو
خطـ ــاب ألمهـ ــات املـ ــؤمنني (رضـ ــي هللا عـ ــنهن) :اذ بـ ــدأ بقولـ ــه
تعـاىل :يا أيهاا النباي قال لأزواجاك ان ناتن
ق تن الح اة الون ا وزينتها فتعاال َن – إىل قولـه
– وان نتن ق تن هللا ورساوله – اىل قولـه – ياا
منكن نفاحش – اىل قوله نساأ ا لنبي من يأ
– ومن يدنت مانكن هللا ورساوله – اىل قولـه –
يا نساأ النباي لساتن أحاو مان النسااأ ان
اقد ااتن – اىل قولــه -وقاا ن فااي ن ااوقكن ولاا
قب جن قب ج اللاهل الأولى وأقمن الصل ة
وآق ن الز اة وأطعن هللا ورسوله – مث اليت قوله
تعــاىل مباشــرة – ان ماااا ي ياااو هللا ل اااذهب عااانكم
الا جا اهاال الب اات ويطها م قطه ا ا – مث
ن ما يتلى في ن وقكن من يستمر بقوله – وا
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
51
الــدين فــال يصــح أن ختضــع هلــذا التقنــني .إن هــذه األمــور مــن
اختص ــا الق ــرآن وح ــده ايت ــه احملكم ــات القاطع ــات الدالل ــة
حصراً .
الوظيفة الخاصة
بكل من الكتاب والسنة والعقل
إن هــذا تــاج منــا إىل استحضــار الوظيفــة اخلاصــة بكــل مــن
الكت ـ ــاب والس ـ ــنة واالجته ـ ــاد حبي ـ ــث ال خت ـ ــتلط ه ـ ــذه الوظ ـ ــائف
ببعضها فنقع يف االضطراب .
أبداء هــذه الوظيفــة خــري قيــام .وهــذا يثبــت تطبيقي ـاً ابالســتقراء
بعد أن ثبت تنظريايً ابألدلة القطعية .
وظيفة السنة
أمــا الســنة أو األحاديــث النبويــة فهــي وإن اســتوعبت أصــول
الدين ،لكن استيعاب القرآن الكرمي ال يقل عـن اسـتيعاب السـنة
هلذه األصول .وهذا أمر مقطـوع بـه؛ فـال ميكـن حبـال أن تتضـمن
الســنة أصـالً غفــل القــرآن عــن ذكــره ،أو قصــر عــن تضــمنه .لكــن
هنــاك ملحظـاً يف غايــة األمهيــة هــو أن أحــداً مــن اخللــق يســتحيل
علي ــه أن يض ــيف إىل الق ــرآن م ــا ل ــيس من ــه .وعلي ــه يس ــتحيل أن
خيرتع أحـد أصـالً ويضـع لـه نصـاً صـر اً ميكـن أن ينسـبه للقـرآن.
بينم ــا ميك ــن أن خي ــرتع أصـ ـالً ويض ــع ل ــه نصـ ـاً ص ــر اً ينس ــبه إىل
الس ــنة .وه ــذا واق ــع كثـ ـرياً .فح ــىت ال خي ــرتق أح ــد أص ــول ال ــدين
توج ــب علي ــه إذا اح ــتج ألص ــل برواي ــة أن اليت أوالً مب ــا يثبت ــه م ــن
القرآن ابلنص الصريح؛ ألنه – كما قلنـا -مل تنفـرد السـنة أبصـل
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
59
وهبذا يتم وأد كل الرواايت امللفقة اليت يلجأ إليها أهـل األهـواء
أتييــداً لبــدعهم بعــد أن أعي ــتهم آايت القــرآن أن جيعلوهــا انطق ــة
حبججهــم .فلــو كــان مــا ابتــدعوه صــحيحاً ملــا تــرك هللا ذكــره يف
كتابه وموضوعه األساس أصول الدين وقضاايه الكربى .
أمــا وظيفــة االجتهــاد اخلاصــة فقــد ذكرانهــا ســابقاً عنــد حــديثنا
عن (العقل) وعالقته أبصول االعتقاد .
الخالصة
وخالصــة هــذا املبحــث أن أي أصــل أو أمــر عظــيم أضــيف -
أو يض ـ ـ ــاف -إىل ال ـ ـ ــدين س ـ ـ ـواء ك ـ ـ ــان م ـ ـ ــن أص ـ ـ ــول االعتق ـ ـ ــاد
كـ(اإلمامة) أو(العصمة) ،أو كان من أصـول الشـريعة ومسـائلها
العظيمة كـ(مخس املكاسب) أو القضااي اخلطرية املتعلقـة أبعـراأ
النــاس وفــروج احملصــنات مثــل نكــاح (املتعــة) يــرد علــى مــن أضــافه
وال ميك ــن القب ــول ب ــه ش ــرعاً لس ــبب بس ــيط ه ــو أن ــه أض ــيف إىل
الدين بـال دليـل يصـلح أن يسـمى دلـيالً ابملعـىن العلمـي للـدليل .
ومـا ال دليـل عليـه فهـو ابطــل ،وال ينبغـي ملسـلم أكرمـه هللا جــل
وع ــال ابلعق ــل وأع ــزه ابل ــوحي ،وجع ــل أس ــاس دين ــه قائمـ ـاً عل ــى
الــدليل واحلجــة والربهــان أن يعتقــد ابط ـالً ويتبــع ومه ـاً أو ظن ـاً ال
يغين من احلق شيئاً.
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
62
اون إِ َّلا
ام إِ ْن يَ َّت ِب ُع َ
ان ِع ْل ٍ
اه ِم ْ
م ِن ِ
ما ل َُه ْ
وقولـهَ (:و َ
شا ْئا)
اق َ ان ا ْل َح ِ
الَ َّن ل ُي ْغنِاي ِم َ الَ َّن َو إِ َّن َّ
َّ
(النجم )28:وأمثاهلـا مـن اآلايت البينـات الـيت تلـزم اإلنسـان أبن
يبــين أصــول اعتقاداتــه وأساســيات دينــه علــى اليقــني ،وال تعــرتف
مبا بين منها على الظن والشبهة واالحتمال .
وهــذا يســتلزم -أول مــا يســتلزم -إســقاط مجيــع األدلــة الظنيــة
وعـ ــدم اعتبارهـ ــا ،فـ ــال داعـ ــي لالنشـ ــغال بطـ ــال دالال ـ ــا ألن
الدليل فقد اعتباره من األساس .
ليس هذا هو قصدي متاماً مبا غاب عـن أذهـان العلمـاء ،إمنـا
هو شيء آخر هو األساس وهذا وصفه .لقد انشغلنا ابلوصـف
وذهلن ـ ــا ع ـ ــن املوص ـ ــوف ال ـ ــذي ه ـ ــو وج ـ ــوب أن يك ـ ــون ال ـ ــدليل
األصويل نصاً قرآنياً حصراً .فالرواايت ال أتيت أبصل غاب ذكره
فلــم يبينــه هللا تعــاىل أوالً يف الق ــرآن .فض ـالً عــن أن يكــون ه ــذا
األصل ال ذكر له يف الكتاب وال يف السنة فنحتاج إىل استنتاجه
بعقولنا القاصرة .إذن ملاذا بعث هللا حممداً ؟!
قصر الدليل األصويل على النص القرآين احملكم
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
65
وابجلم ــع ب ــني الوص ــف واملوص ــوف نتوص ــل إىل ه ــذا الق ــانون
الرابين األصويل أال وهو وجوب كون الدليل األصـويل نصـاً قرآنيـاً
قطعي الداللة ،فال يقبل فيه:
-النص القرآين الظين الداللة
-وال النص الروائي
-فضالً عن االجتهاد العقلي .
بعب ــارة أخ ــرى :قص ــر ال ــدليل األص ــويل عل ــى حمكم ــات آايت
الكتاب .
عل ــى األص ــول ،وجعلن ــاه اثنيـ ـاً عل ــى بين ــة قاطع ــة م ــن أن ه ــذه
األصـول الـيت يـؤمن هبـا إمنـا هــي األصـول الـيت جـاء هبـا رســول هللا
من ربه جل وعـال .ويف الوقـت نفسـه يسـتطيع إطـالق احلكـم
اجلازم دون تردد ببطالن كل أصـل ابطـل بنفسـه دون احلاجـة إىل
االســتعانة أبحــد مــن العلمــاء وغــريهم ،وال معرفــة أبي علــم مــن
تلــك العلــوم الــيت أشـران إليهــا آنفـاً .بــل يســتطيع أي مســلم حــىت
لو كـان أميـاً أن يُسـكت أي عـامل مـن علمـاء الضـاللة مهمـا أويت
مــن علــم وكــان علــى درايــة أبســاليب اجلــدل مــا دام أصــله الــذي
تج له ال وجود له يف القرآن ابلنص احملكـم الصـريح القطعـي يف
داللته .
وأما احلديث وعلومه فال حاجة له فيه البتة ألن األصول كلها
موجودة صراحة يف القرآن .
ك ــذلك العل ــوم العقلي ــة ش ــأهنا ش ــأن م ــا س ــبقها م ــن العل ــوم:
التفسري فما دونه !
وهبــذا نكــون قــد خلصــنا الفكــر اإلســالمي األصــويل مــن حالــة
التضـ ــخم والرتهـ ــل الـ ــيت أصـ ــابته يف الصـ ــميم ،وأدت بـ ــه إىل أن
يتح ــول إىل فك ــر انع ـزايل ب ــوي ال س ــن التعام ــل مع ــه إال م ــن
امتلــك رصــيداً غــري قليــل مــن العلــم والثقافــة واملعرفــة ،بينمــا يتفــق
اجلميـ ــع علـ ــى أن األصـ ــول وأدلتهـ ــا جيـ ــب أن تكـ ــون يف متنـ ــاول
اجلميع علماء وعامة .
لقــد كــان يفــرتأ علــى الفكــر اإلس ـالمي األصــويل أن ســم
ه ــذه القض ــية العظيم ــة من ــذ البداي ــة ويربزه ــا وجيعله ــا يف متن ــاول
إدراك كــل مســلم .ولــو حصــل ذلــك لكنــا قــد اســتغنينا عــن هــذه
الـ ــردود الطويلـ ــة املرهقـ ــة ،وختلصـ ــنا مـ ــن آالف الكتـ ــب املطولـ ــة
واملختصرة الـيت ألفـت يف موضـوع العقيـدة ،والـيت هـي جمـرد ردود
على أابطيل أهل الزيغ الذين جنحوا أميا جنـاح يف جـران بعيـداً عـن
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
69
الدين معقداً إىل هذه الدرجة اليت وصلنا إليها يف معزل عن
القرآن ملا قال الرسول هذا القول ،وجلاز شرعاً أن تتعدد
األداين والطوائف بتعدد أصوهلا اليت ال ضابط هلا كما جاز
تعدد املذاهب الفقهية طبقاً لالختالف اجلائز يف املسائل
الفرعية اليت ال ميكن أن ترجع يف عمومها إىل مثل ما ترجع
إليه األصول من ذلك القانون الرابين القرآين احلكيم الذي هو
موضوع رسالتنا هذه.
ولقد أتملت أصول الفرق الزائغة فوجد ا مجيعاً اتفهة
ليست بشيء ؛ ألهنا ال تقوم على أساس شرعي يستحق
التوقف والنظر .وعلى هذا فإن إطالة حبل النقاش فيها
ابلنظر يف دالالت (أدلتها) دون حسمه ببيان كون (الدليل)
غري مؤهل لالستدالل من األساس هو الذي أعطى هذه
األصول قيمة يف أذهان الناس ،وجعل الكثريين منهم
يعيشون حالة من الشك ،أو -على األقل -تملون
صحة هذه األصول .ولو اتبعنا املنهج اإلهلي القرآين لكان
قد تبني لكل مسلم تفاهة كل أصل من تلك األصول ومن
اجلولة األوىل ألننا بتطبيق هذا املنهج ال حنتاج إىل ردود طويلة
أو معقدة تشوش صورة احلق يف ذهن القار أو السامع
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
73
المحتوى
القرآن هو الحجة
ور ف العقل
أدل القرآن عقل ت ا
حنج القرآن ال نف الزائ ين
ا ةا) الماشاته هو العالم الفارق بين الفريقين
ريق نل المضلين
أمثل من احاناج النصارى تالقرآن
أي الفريقين أقوى حن ؟
القرآن يشاد أ ه المرج الوحيد ي لقي األصول
لمانا ياربون من القرآن ملى عقولا وآرائا
األحاديث (أو الروايا ) وأصول الدين
الوظيفة الخاصة بكل من الكتاب والسنة والعقل
ور ف القرآن الخاص
ور ف ال(ن
الخالص
ضرب قاض لكل األصول الةا ل
القواعد السديدة يف محاية العقيدة
76