Professional Documents
Culture Documents
Ajah 2018-n2 111-131
Ajah 2018-n2 111-131
اع ـ ـ ـ ــداد
د /حنــــان مالكــــي
استاذ محاضر أ بقسم العلوم االجتماعية
كلية العلوم االنسانية واالجتماعية
جامعة محمد خيضر بسكرة -الجزائر
111 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
113 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
أو ما اسماه بعض الباحثين التربويين بالهدر التربوي ،في مقابل زيادة نسبة العاطلين
عن العمل من خريجي المدارس والجامعات وغيرهما من المراكز والمعاهد التكوينية.
وفي هذا االطار سنحاول في هذه الورقة العلمية ان نعرض بشيء من
التحليل أهم االطروحات ألبرز المفكرين التربويين الذين تناولوا قضية الالمساواة في
الفرص التعليمية في المدرسة.
أوال :تحديد بعض المفاهيم :المدرسة ,الالمساواة ,الالتكافؤ ,الفرص التعليمية.
-1-1مفهوم المدرسة :اختلفت التعاريف حول المدرسة في العديد من الكتب
والتخصصات ،سنورد فيما يلي بعضها.
أ -المدلول اللموي للمدرسة :
أُخ ــذت كلم ــة المدرس ــة م ــن الفع ــل " َد َر َس" ،والت ــي تعن ــي َد َر َس الكت ــابُ :ي َد ِر ُس ــهُ
ـت :قـ ـرأت كتـ ــب أه ــل الكتـــاب. ود َار ُس ــه أي عنـ ــاده حت ــى انق ــاد لحفظـ ــهَ .د َر ْس ـ َ
اس ــةَ ، ِ
ود َر َ
الم ْـد َراس :هـو الكتـاب. ِ ِ
استَهٌ :ذاكرته .اْل َم ْد َراس والم ْد َراس :الموضع الـذي يـدرس فيـه ،و ٌ د َر َ
المــدراس :البيــت الــذي يــدرس فيــه الق ـرآن ،وكــذلك ٍ
المـ ْـد َراس :الــذي ق ـ أر الكتــاب ودرســهاَ .
مــدارس اليهــود(ابــن منظــور ،3988 :ص .)353وجــاء فــي المنجــد فــي اللغــة العربيــة:
رس :ه ــو تعل ــيم يعطيــه م ــدرس أو أس ــتاذ ويلقي ــه علــى ص ــف أو جماعــة مســتمعين. مـ ْـد ُ
مدرس ــة :جم ــع م ــدارس –"دار للتعل ــيم الج ــامعي الع ــام أو االختصاص ــي"(انطـ ـوان نعم ــة
الم ْد َرسـ ـةُ :يقص ــد به ــا بن ــاء أو مؤسس ــة تربوي ــة مح ــددة،
وآخ ــرون ،0555 :ص .)708و َ
فالمدرسـ ـ ـ ـ ــة والمـ ـ ـ ـ ــنهج مصـ ـ ـ ـ ــطلحان يعن يـ ـ ـ ـ ــان الم ضـ ـ ـ ـ ــمون نف سـ ـ ـ ـ ــه فــ ـ ـ ــي الع لـ ـ ـ ـ ــوم
االجتماعية "( فريديريك معتوق ، 3993 :ص .) 99
وجاء في قاموس علم االجتماع في تعريف مصطلح المدرسة :
114 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
115 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
الكل ي ــة " ،ففري ــدريك هات س ــن يعرف ه ــا " بأن ه ــا ن ظ ــام مع ق ــد م ــن ال ســلوك ال م ــنظم،
ا لــذي ي هــدف إ لــى تحق يــق جم لــة مــن الوظــائف فــي إ طــار الن ظــام االجت مــاعي
ال قــائم " .أ مــا " الرنولــد كلــو " ي صــف المدرســة ع لــى أن هــا " :ن ســق مــنظم مــن
العقا ئ ــد وال ق ــيم والتقال ي ــد ،وأن م ــاط التفك ي ــر وال س ــلوك ال ت ــي تتج س ــد ف ــي بنيت ه ــا
وفـ ــي إ ي ـ ــديولوجيتها الخا صـ ــة "( ع ل ـ ــي أ سـ ــعد وط ف ـ ــة ،ع لـ ــي جا سـ ــم ال شـ ــهاب :
، 0557ص .) 33
مـ ـ ــن خـ ـ ــالل مج مـ ـ ــل الت عـ ـ ــاريف أ عـ ـ ــاله؛ ن جـ ـ ــد أن أ صـ ـ ــحاب ال مـ ـ ــنهج
التنظيمي ،عرفـوا المدرسـة ع لـى " أن هـا ن ظـام اجت مـاعي مق عـد أل نـه يت كـون مـن
ن ســق مــن ا لــنظم كالعقا ئــد وال قــيم والتقال يــد ال تــي تم ثــل مكونــات الثقا فــة وفــق
إيديولوجية خاصة بها تقوم بوظائف في إ طـار ن ظـام عـام أال وهـ و المجت مـع،
فـ ــي حـ ــين ن جـ ــد البا حـ ــث " فردينانــــد بونســــون " ي عـ ــرف المدرسـ ــة ع لـ ــى أن هـ ــا :
" مؤسسة اجتماعية ضـرورية ت هـدف إ لـى ضـمان عمل يـة التوا صـل بـين العائ لـة
والدول ـ ــة م ـ ــن أ ج ـ ــل إ ع ـ ــداد األج ي ـ ــال الجد ي ـ ــدة ،ودمج ه ـ ــا ف ـ ــي إ ط ـ ــار الح ي ـ ــاة
االجتماع يــة " .مــن خــالل تعريــف البا حــث " فردينا نــد بون ســون " ،ن جــد أ نــه حــد د
أهم ي ــة المدرس ــة ال ت ــي تمث ل ــت ف ــي كون ه ــا حل ق ــة وص ــل ب ــين األ سـ ـ رة والدول ــة،
وال ت ــي ت ق ــوم بوظي ف ــة التن ش ــئة االجتماع ي ــة ل ل ــنشء الجد ي ــد إللحا ق ــه ب ــالمجتمع
فيما بعد .
أ مــا " شـــيبمان " ف يــرى أن المدرســة هــي " شــبكة مــن الم را كــز واألدوار
ال تــي ي قــوم ب هــا المعل مــون والتالم يــذ ،ح يــث يــتم اكت ســاب الم عــايي ر ال تــي ت حــدد
ل ه ــم أدواره ــم الم س ــتقبلية ف ــي الح ي ــاة االجتماع ي ــة "( ع ل ــي أ س ــعد وط ف ــة ،ع ل ــي
116 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
جا ســم ال شــهاب ، 0557 :ص .) 33ه نــا جــاء تعريــف شــيبمان للمدرســة ع لــى
أ ســاس ان هــا ب نــاء ل هــم وظــائف؛ ح يــث وضــح أن الم را كــز واألدوار ال تــي ي قــوم
ب ه ــا المعل م ــون والتالم ي ــذ ،ه ــي ال ت ــي ت م ــنحهم أدوار م س ــتقبلية ف ــي المجت م ــع
الذي ينتمون إليه .
التعريف السوسيولوجي للمدرسة :
ت شــكل المدرســة نظا مــا مع قــدا ومكث فــا ورمزيــا مــن ال ســلوك االن ســاني
ال مـ ــنظم ا لـ ــذي يـ ــؤدي ب عـ ــض الوظـ ــائف االسا سـ ــية دا خـ ــل البن يـ ــة االجتماع يـ ــة
( علي أسعد وطفة ،علي جاسم ال شـهاب ، 0557 :ص ) 38؛ وم نـه فالمدرسـة
عند السوسيولوجين في ال غا لـب؛ هـي مج مـوع ال سـلوكيات واالف عـال ال تـي ي قـوم
ب هـا اال فـ راد ( ال فــاعلون ) فــي المجت مــع ،وهـذه االف عــال ت كــون وفــق ن ظــام خــاص
مت ش ــعب ،يتوا ف ــق وفل س ــفة المجت م ــع وأهدا ف ــه .ف ــي ح ــين يوض ــح م ع ــن خل ي ــل
العمر " أن مؤسسة التعليم هي جزء من المجتمع ،اتفق ع لـى ان شـاءها بق صـد
المحاف ظــة ع لــى ثقاف تــه ون قل هــا مــن ج يــل آل خــر ،أي أن هــا ت قــوم ب تــوفير فــرص
الن مـ ــو المنا سـ ــبة ،وهـ ــي ب هـ ــذه ال صـ ــورة تعت بـ ــر مـ ــن أن شـ ــطة عوا مـ ــل ال تـ ــأثير
االجت مــاعي ،ال تــي غال بــا مــا ت بــدأ التن شــئة في هــا للمن شــأ ب عــد ســن الساد ســة مــن
ع م ـ ره ،بتحد يــد أدق ت بــدأ ب عــد تن شــئة اال س ـ رة وجما عــة الن ظــائر ( مح مــد فوبــار :
، 0533ص .) 33
وضح الباحث أعاله مفهوم المدرسة؛ كمؤسسة من مؤسسات التنشئة
االجتماعية ،وعرفها من خالل وظيفتها وأسماها بالتنشئة المدرسية ،ووصفها بانها
تعتبر عامال مؤث ار في تنشئة االبناء بعد سن السادسة أي بعد التنشئة األسرية.
117 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
118 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
التعليمية يجد نفسه ويتمثل في صيغة مدرسة تفتح أبوابها للجميع على مبدأ التكافؤ
والمساواة دونما تمييز بالمطلق ،وتقتضي هذه الصيغة أن تقوم المدرسة باستيعاب
جميع االطفال في سن الدخول إلى المدرسة دون اعتبارات عرقية أو دينية أو طائفية
أو جغرافية ،أو ألي اعتبار آخر...،وبالتالي فإن الديمقراطية التربوية تتجسد في
التوزيع العادل للخيرات التربوية بين افراد المجتمع ...وبناء على هذا فإن غياب تكافؤ
فرص التعليم يمثل انتهاكا للديمقراطية"( معن خليل العمر ،0535:ص.)333
من خالل تحديد الباحثان أعاله لمفهوم التكافؤ والمساواة للفرص التعليمية،
والذي ربطاه بالديمقراطية ،يمكننا استنتاج أن الالمساواة والال تكافؤ في الفرص
التعليمية في المدرسة ،يعني عدم وجود ديمقراطية في التعليم ،بحكم أن المدرسة
وظيفتها استيعاب جميع االبناء دون تمييز ،ومن أهم مبادئها المساواة والعدل ،وعلى
ه ذا يمكن أن تكون المدرسة عادلة وديمقراطية في عملية استيعاب االطفال والتحاقهم
بها ،دون تمييز ال ألي اعتبارات كالعرق ولون البشرة وال للطبقة ،لكن السؤال المطروح
هل تبقى عادلة دائما؟ هل البقاء فيها مرهون باألصلح واالجدر أو االقوى؟
هذا ما اثاره الباحثان أعاله في نفس المرجع ،حيث يؤكدان أن مفهوم التكافؤ
في فرص التعليم أثار جدال فكريا واسعا بين مختلف االتجاهات الفكرية والفلسفية ،ال
سيما فيما يتعلق بالدور االصطفائي للمدرسة في المراحل العليا من التعليم ،حيث تقوم
المدرسة بعملية اصطفاء وفقا لمعايير الذكاء واالجتهاد ولعوامل اجتماعية مختلفة،
وهذا يعني أن شروط الدخول المتكافئ إلى المدرسة ال يتضمن تأكيدا للممارسة
الديمقراطية في المدرسة(علي أسعد وطفة ،علي جاسم الشهاب ،0557 :ص
ص.)333-330
119 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
سلط الباحث اعاله الضوء على نقطة جوهرية في مسالة المساواة من عدمها
في الفرص التعليمية؛ فعملية االنتقاء التي تقوم بها المدرسة من خالل االختبارات
ووضعها لمعايير خاصة وشروط ،ال تمكن بعض الملتحقين بها من االستمرار بها،
إما باإلقصاء المباشر أو غير المباشر ،مما يجعل مسالة المساواة التربوية
واالجتماعية أيضا مسالة نسبية" ،إال أن مفهوم تكافؤ الفرص التعليمية تطور ،وأصبح
يتجلى في مفاهيم جديدة مثل :الزامية التعليم ومجانيته ،وبدأت كثير من البلدان تعتمد
اجراءات متطورة لتدعيم تكافؤ الفرص مثل صفوف التقوية ،ووضع برامج خاصة
للطالب الذين يجدون صعوبات دراسية ،وتقديم مساعدات مدرسية ومادية لألطفال
الذين ينحدرون من أوساط اجتماعية متدنية"(علي اسعد وطفة ،علي جاسم الشهاب:
،0557ص.)333
باإلضافة إلى ما سبق؛ أعطى الباحث عبد الكريم غريب مفهوم للتكافؤ
وديمقراطية التعليم ،ووضح أن المفهومان يمثالن مفهومين غاية في التجريد ،ولقد
تطور تعريفهما عبر الزمن في عالقة مع التحوالت االجتماعية والسياسية ،وكذا
تحوالت المدرسة نفسها ،وفي القرن 39اتسم هاذان المفهومان بضرورتهما للدولة
وللطبقة المتوسطة الصاعدة ،وذلك من أجل زعزعة التراتبيات االجتماعية المتأسسة
على النسب والمال ،بهدف ولوج وظائف متواجدة تحت مسؤولية الدولة على وجه
الخصوص(غريب ،عبد الكريم ،0559 :ص.)93
كما وضح الباحث نعيم حبيب جعنيني أن مفهوم الفرص التعليمية
Equality of educational opportunitiesمن أهم المفاهيم المستخلصة من
مبادئ وقيم الديمقراطية ،ففهم الديمقراطية بمعناها العام يؤدي إلى فهم ديمقراطية
121 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
121 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
وهناك عوامل خارجية تتعلق بالمجتمع والمدرسة ،ويؤكد في هذا الصدد أيضا
عبد الكريم غريب أن المدرسة الحالية تختلف عن المدرسة التقليدية ،فهي تمارس نوعا
من الفارقية... ،إال أنها تأخذ بعين االعتبار من خالل ذلك سوى االعتبارات
االجتماعية ،أي الفشل السابق .وينبغي قبل حدوث أي فشل تمييز ما يمكن تفاديه،
وألجل ذلك ال تتواجد إال وسيلة وحيدة ،وهي ايجاد طرائق تمكن من القيام برصد دقيق
لحاجيات ومتطلبات االفراد في بداية التكوين وخالله(عبد الكريم غريب،0559 :
ص .)387هنا وضح الباحث االشتغال بالمجموعات كطريقة يتسنى من خاللها
للمتعلمين التعبير عن الحاجيات والمتطلبات ،أي مراعاة الفروق الفردية ،وذلك من
خالل تكوين مجموعات متجانسة ومتوافقة إلى حد كبير ،بمعنى أن تختار كل
مجموعة مواد دراسية معينة ،واستبدال االختيار بدل االجبار في التعليم.
كما يؤكد الباحث علي اسعد وطفة وعلي جاسم الشهاب في مؤلف لهما؛ أن
السوسيولوجية النقدية كشفت عن حقائق خفية ومعقدة في بنية الفعل المدرسي ،وهذه
الحقائق تتناقص مع الصورة المشرفة لمفهوم المدرسة ووظائفها...فالمدرسة وكالة
اجتماعية رهينة باألنظمة االجتماعية التي تهيمن وتسود في المجتمع الذي يحتضنها،
وفي ظل هذه الهيمنة تمارس وظائفها على مقاييس النظام االجتماعي القائم ("..علي
اسعد وطفة ،علي جاسم الشهاب ،0557 :ص.)339
ووضح نفس الباحثين أعاله أنه " ..ففي الوقت الذي تقوم فيه المدرسة بتحقيق
التجانس الثقافي بين هؤالء الذين ينتمون اليها ،تعمل من جهة أخرى على التمييز
واالصطفاء فيما بينهم ، ..إن إحدى الوظائف االساسية للمدرسة هي إنتاج النظام
االجتماعي واعادة انتاجه ...وضح كريستوفر جينكيس أن قدرة المدرسة على
122 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
المساهمة في تحقيق المساواة مرهون إلى حد كبير بتغير عميق في البنى االقتصادية
والسياسية القائمة" ،واضاف نفس المرجع أن "الالمساواة االجتماعية تشكل مصد ار
لمختلف أشكال الالمساواة التربوية والمدرسية"(.عبد الكريم غريب ،0559 :ص،)399
كما لخص الباحث جغنيني أهم عوامل الالمساواة في الفرص التعليمية في النقاط
التالية:
-3العوامل االقتصادية :كتعذر بعض االفراد الحصول على الخدمات التربوية عالية
التكلفة ،مما يجعل الميسورين فقط يستفيدون.
-0العوامل االجتماعية :كالجهل ،واالمية وتخلف الوعي االجتماعي ،والفقر والبطالة،
مما يؤدي الى انخفاض الوعي التربوي ،وزيادة النمو السكاني بما ال يتوافق مع
الزيادة االقتصادية ،مما يعرقل الخطط التنموية للمجتمعات ،وهذا ما يفرز بدوره
تعذر المجتمع تحقيق التكافؤ والمساواة في الفرص التعليمية.
-3العوامل العنصرية :وتتمثل في وجود تمييز عنصري بسبب العرق أو انتماءات
قومية أو دينية.
-7عوامل ترتبط بالجن :خاصة في المجتمعات التقليدية والمحافظة ،والتي تجد
فيها االناث صعوبات وعوائق في تعليم االناث ،مما ينعكس على تطور
المجتمعات ،بتجميد الطاقات االنثوية عن المشاركة في العملية االنتاجية.
-0العوائق العائدة إلى االنتماءات االيديولوجية أو الحزبية ،وخاصة في المجتمعات
التسلطية التي ال تؤمن بالتعددية والديمقراطية.
123 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
124 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
المفهوم الى قرار يتخذه الطالب أو أسرته ،أو كالهما معا بالتخلي عن متابعة
التحصيل المدرسي نهائيا ،أو العدول عن الدراسة في فرع علمي معين واالنتقال الى
فرع علمي آخر ،وغالبا ما يستند مثل هذا القرار على متغيرات مدرسية واجتماعية
مختلفة... ،ومن اآلليات التي تحدد معالم االصطفاء الذاتي يمكن االشارة إلى ما يلي:
قلما يتجه اطفال الفئات االجتماعية للتسجيل في الفروع العلمية الهامة بالمقارنة -
مع أبناء الفئات االجتماعية الميسورة.
يترك ابناء الفئات االجتماعية المتواضعة المدرسة مبك ار قياسا إلى أبناء الفئات -
االخرى.
عندما يكون االطفال المنتسبون الى المدرسة في عمر واحد ومستوى نجاح -
مدرسي واحد يالحظ ان اطفال الفئات االجتماعية المتواضعة يواظبون بدرجة اقل
في متابعة دراستهم في المراحل العليا (.علي اسعد وطفة ،علي جاسم الشهاب:
،0557ص)380
ويمكننا استخالص أهم مظاهر الالمساواة في الفرص التعليمية في التعليم؛ وذلك
من خالل المبادئ العامة للمساواة في الفرص التعليمية ،سنوردها في النقاط التالية:
-3إن عدم التزام أي دولة بتوفير فرص التعليم لمن هم في سن االلزام للتعليم ،والزام
اولياء امورهم ال أبناءهم باالستفادة من هذا االلزام لتحقيق النجاح ومواصلة التعلم،
ومكافحة الهدر التربوي الذي يعود باألضرار الكبيرة على الفرد والمجتمع ،يعتبر
مظه ار من مظاهر الالمساواة والالتكافؤ في الفرص التعليمية.
-0كما أن عدم التزام المجتمع بتوفير خدمة التعليم المجاني ألفراده ،خاصة في
المراحل التعليمية االولى ،يعد مظه ار من مظاهر عدم المساواة في الفرص
125 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
126 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
ان كل من بيار بورديو وباسرون؛ ال يريا في المدرسة إال أداة ايديولوجية في
يد الدولة ،فهي تمارس من خاللها كل أنواع العنف الرمزي ،وهي كذلك أداة إلعادة
االنتاج الثقافي ،بمعنى إعادة إنتاج لمختلف الطبقات االجتماعية ،فإلى جانب مؤلفهما
إعادة االنتاج ،هناك كتاب الورثة الذي ناقش فيه بورديو عالقة مؤسسة المدرسة
بالمجتمع ،ووضع أهمية العوامل الثقافية على العوامل االقتصادية ،ووضح أن ثقافة
المدرسة تنتمي إلى ثقافة الطبقة العليا ،وأن أبناء الطبقة الدنيا يجدون أنفسهم يعيشون
حالة اغتراب عن ثقافة المدرسة ،كما أورد مفهوم الرسمال الثقافي؛ الذي يأخذ بعين
االعتبار :السلطة البيداغوجية ،سلطة اللغة ،سلطة المؤسسة التعليمية ،وثقافة
المؤسسة ،وأكد بورديو كذلك أن للمدرسة وظيفة ظاهرة ،أال وهي إنتاج كفاءات ،إال أن
وظيفتها الكامنة والفعلية هي ممارسة العنف الرمزي؛ "ويعرفه بيار بورديو؛ بأنه عنف
لطيف وعذب ،وغير محسوس وهو غير مرئي بالنسبة لضحاياه أنفسهم ،وهو عنف
يمارس عبر الطرائق والوسائل الرمزية الخالصة ،أي عبر التواصل وتلقين المعرفة
على وجه الخصوص عبر عملية التعرف واالعتراف ،أو على الحدود القصوى
للمشاعر والحميميات (عبد الجليل بن محمد االزدي ،0553 :ص.)03
-0-0اطروحة جاك هالك:
يؤكد هذا المفكر التربوي أن النظام المدرسي لم يوجد من أجل تلبية
احتياجات المجتمع باليد العاملة فحسب ،وانما من أجل تطبيع أطفال المدارس
واعدادهم لقبول النظام السياسي واالقتصادي القائم على أسس الالمساواة االجتماعية،
فالنظام المدرسي القائم قد أصبح بديال للكنيسة في تعزيزه لألنظمة االجتماعية القائمة.
فالمدرسة ،فقا لمنظور هاالك تقوم بدور مزدوج ،فهي تقوم بتلبية احتياجات النظام
127 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
الرأسمالي لليد العاملة من جهة ،واضفاء الشرعية على البنية الطبقية من جهة
ص .)383هذا ما أكده قبله المفكر أخرى"(علي اسعد وطفة ،علي جاسم الشهاب:
دوركايم "برؤيته المنهجية الرصينة أن المدرسة تؤدي دورين متعارضين جوهريا
متكاملين وظيفيا ،فهي تعمل على تحقيق الوحدة والتجانس بين منتسبيها في المراحل
التعليمية االولى من جهة ،وفي المقابل تعمل على توليد التباين واالختالف بينهم في
المراحل العليا والجامعية من جهة أخرى.
-3-0اطروحة ايفان اليتش:
يدعو هذا المفكر االمريكي إلى الغاء المدرسة "مجتمع بال مدارس" ،كون
المدرسة تكرس التفرقة والالمساواة بين المتعلمين ،كما يرفض المدرسة ويدعم خطاب
ما بعد المدرسة أو الدعوة إلى غلق المدارس واالستغناء عنها ،كونها مرتكزة على
مقومات ايديولوجية ،كنظرته للتعليم االلزامي في سن محددة واجباريته ،واعتباره مظه ار
من مظاهر عدم احترام حريات االفراد ،والتعليم الذي يكون بين جدران المدرسة،
فإليتش يراه مجحفا ومقيدا ،كون المدرسة هي المخولة الوحيدة لتقديم الشهادات التي
يمكن من خاللها تقلد مختلف المناصب في المستقبل ،ويرى في ذلك خلطا بين
المدرسة كبناء وبين التعليم ،ويضيف أن المدرسة تحافظ على قيم استهالك معينة،
مما يفرز في المستق بل جيال مدجنا ومهيئا لإلنتاج دون تغيير أو معارضة ،ويؤكد
كذلك أن المدرسة ماهي إال أداة في يد الدولة .وأشار كذلك إلى الزيادة الواضحة في
عدد مباني المؤسسات التعليمية أكثر من عدد المتمدرسين ،بمعنى ال يجود تكافؤ وال
نظام ،وتحولت المدرسة من مؤسسة تنشؤية إلى مؤسسة ربحية ،تنتج للسوق ما يجب
128 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
عليها انتاجها في اطار عقد مبرم مسبقا ،وهذا ما يضعف ويقلل من قيمة مخرجات
المدرسة.
-4-0أطروحة جون ديوي:
يعد جون ديوي على رأس البراغماتين المعاصرين ،الف العديد من الكتب ولديه
العديد من الدراسات والمقاالت ،التي تناولت التربية والمجتمع والديمقراطية والتربية،
وناقش من خالل كتابه المدرسة والمجتمع العالقة بين المؤسسة التعليمة والمجتمع
الذي تنتمي اليه ،وأكد في اطروحته عن المدرسة أنها جزء ال يتج أز من المجتمع،
وعملية التربية والتعليم ليست عملية اعداد للمستقبل ،بل إنها عملية حياة ،وربط بين
التربي ة والديمقراطية ربطا قويا ،كون الديمقراطية عند ديوي ليست مجرد تطبيق سياسي
لمفهوم قديم في العصور اليونانية ،بل هي أسلوب في الحياة االجتماعية والخبرة
المشتركة المتبادلة ،فالمدرسة عند جون ديوي هي الجزء المصغر لتلك الحياة
االجتماعية التي يكتسب فيها الطفل الخبرة والقيم الخلقية عن طريق مشاركته في
المجتمع ،فإن التجديد في المدرسة يهدف إلى جعلها صورة للحياة االجتماعية ،ولهذا
نادى بالمدرسة التي تالءم المجتمع والتي أصبحت في ظل التربية الجديدة تمثل
مؤسسة اجتماعية تشبه واقعيتها وأهميتها حياة الطفل في المنزل أو البيئة المجاورة له
أو الفناء الذي يلعب فيه( .انطوان الخوري ،3930 :ص .)035وبالتالي فالمدرسة
حسب جون ديوي ماهي إال امتداد للحياة االسرية ،وال يجب أن يحس الطفل انه
غريب عنها ،بل بالعكس يجب يتأقلم معها الطفل ويرتاح فيها مثلها مثل اسرته،
ليتمكن من استيعاب وتعلم مختلف القيم والمعارف التي تؤهله ليكون فردا صالحا في
المجتمع مستقبال .ان جون ديوي كذلك تأسف في كتابه المدرسة والمجتمع عن الوضع
129 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
الذي آلت إليه المدارس ،حيث أصبحت ترهق المتعلمين أكثر مما تربيهم (جون ديوي:
،3908ص.)33
خاتمة:
ان اختالف النظر في تكريس المدرسة لالمساواة في الفرص التعليمية ،يعود في
الغالب الى االختالف في الخلفيات الثقافية وااليديولوجية لمختلف الباحثين والمفكرين
التربويين ،إال أننا نالحظ العديد من االفكار المتجانسة حول إشكالية الالمس ــاواة في
الفرص التعليمية ،وهذا ناتج من وعي المفكرين لكون المدرسة مؤسسة اجتماعية
بالدرجة االولى ،تخضع إليديولوجية المجتمع وتعمل كغيرها من المؤسسات االخرى
على تحقيق أهدافه ،كما أنها يمكن أن تكود أداة لتعزيز المساواة االجتماعية والتربوية
بدل تكريسها لالمساواة ،وهذا مرهون –كما يؤكد أغلب الباحثين -باإليديولوجيا التي
يتبعها للمجتمع الذي تنتمي اليه.
قائمــــة المراجع
أوال :المراجع العربية
( )3بن محمد االزدي ،عبد الجليل .)0553( .بيير بورديو( .الفتى المتعدد والمضياف).
مراكش :المطبعة والوراقة الوطنية.
( )0جغنيني ،نعيم حبيب .)0559( .علم اجتماع التربية المعاصر( .بين النظرية
والتطبيق) .عمان :دار وائل.
( )3جمال الدين أبو الفضل ،ابن منظور .)3993( .لسان العر المحيط .المجلد الثالث.
بيروت :دار صادر.
131 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2
اجمللة العربية لآلداب والدراسات االنسانية
( )7خليل العمر ،معن .)0535( .التنشئة االجتماعية( .االصدار الثاني) .عمان :دار
الشروق.
( )0الخوري ،انطوان .)3930( .التربية من أفوا رجالها( .قديمهم وحديثهم) .الدار
البيضاء :دار الكتاب.
( )3ديوي ،جون .)3908( .المدرسة والمجتمع( .تعريب قندلفت ديمتري) .القاهرة :مطبعة
المعارف.
( )3غريب ،عبد الكريم .)0559(.سوسيولوجيا المدرسة .الدار البيضاء :منشورات عالم
التربية.
( )8فوبار ،محمد .)0533( .المدرسة والمجتمع واشكالية ال تكافؤ الحظوظ( .تقديم غريب،
عبد الكريم) .الدار البيضاء :منشورات عالم التربية.
( )9معتوق ،فريديريك .)3993( .معجم العلوم االجتماعية .بيروت :أكاديميا للنشر.
( )35نعمة ،انطوان ،وآخرون .)0555(.المنجد في اللمة العربية المعاصرة( .مراجعة
الحموي مأمون ،وآخرون) .بيروت :دار المشرق.
( )33نور الدين ،محمد عباس .)0550( .التنشئة األسرية( ،رؤية نفسية اجتماعية تربوية).
(تقديم ومراجعة :غريب عبد الكريم) .الدار البيضاء :منشورات عالم التربية.
( -)30وطفة ،علي أسعد .الشهاب ،علي جاسم( .)0557علم االجتماع المدرسي( .بنيوية
الظاهرة المدرسية ووظيفتها االجتماعية) .بيروت :المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
والتوزيع.
ثانيا :المراجع االجنبية.
Boudon, Raymond & Besnard, Phillipe. Cherkoui Mohamed. Pierre
Lécuyer Bernard.(2005). Dictionnaire de Sociologie, Paris :
Larousse.
131 يناير 2102 العـــــــدد ( ) 2