Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫جامعة عبد المالك السعدي‬

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‬


‫ماستر تدبير الشأن العام المحلي‬

‫موضوع البحث‪:‬‬

‫مفهوم عقد الصفقة‬

‫من إعداد الطلبة‪:‬‬


‫بشرى بنعمتي‬
‫خاولة بنهدي‬
‫بالل الركراكي‬

‫السنة الدراسية‪2019_2018 :‬‬

‫‪1‬‬
‫التصميم‬

‫المبحث األول ‪ :‬التطور التاريخي للصفقات العمومية بالمغرب‬

‫المطلب األول‪ :‬مراحل تطور الصفقات العمومية بالمغرب‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف عقود الصفقات العمومية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬النظام القانوني للصفقات العمومية واالستثناءات‬

‫المطلب األول ‪:‬النظام القانوني للصفقات العمومية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االستثناءات الواردة على مرسوم الصفقات العمومية‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬
‫تعد الصفقات العمومية من بين أهم العقود اإلدارية‪ ،‬التي تعتمدها‬
‫األشخاص المعنوية العامة في تنفيذ المشاريع االقتصادية و االجتماعية‪،‬‬
‫وذلك بتعاقدها مع المقاول الذي قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا خاصا‪،‬‬
‫وبالتالي فهي من األدوات المهمة المرتبطة بإحداث المشاريع الكبرى‬
‫وتحسين أداء المرافق العمومية ‪ ،‬حيث تشكل أهم ركائز النشاط‬
‫االقتصادي للبالد من خالل مساهمتها في إنعاش وتحديت النسيج‬
‫االقتصادي الوطني دون إغفال الدور االجتماعي الذي تقوم به‪ ،‬و‬
‫باعتبارها وسيلة من وسائل تجسيد فكرة استمرارية المرفق العام ‪،‬وإشباع‬
‫الحاجات العامة ‪،‬وتضمن الحفاظ على المال العام‪ ،‬لذلك حرص المشرع‬
‫المغربي عل تنظيم جميع األحكام واإلجراءات المتعلقة بتهيئتها‪،‬‬
‫وإبرامها‪،‬و تنفيذها ‪،‬و ممارسة الرقابة عليها‪.‬‬
‫لقد ارتبط ظهور الصفقات العمومية بالتطور الذي عرفه مفهوم الدولة‬
‫من دولة حارسة تسعى إلى الحفاظ على النظام العام و الدفاع الوطني‬
‫والعدالة بين المواطنين‪ ،‬إلى دولة متدخلة في جميع المناحي االقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪،‬و قد ترتب عن هذا التدخل تعدد االختصاصات وتعقد‬
‫وظائفها وتشعبها‪ ،‬مما فرض على الدولة توزيع اختصاصاتها مع‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬ومن نتائج هذا التوزيع لجوء هذه األخيرة إلى آلية‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬
‫إذن فالصفقات العمومية هي الوسيلة األساسية التي تعتمدها الدولة لتنفيذ‬
‫سياستها التنموية وقد حددها المشرع في مرسوم الصفقات العمومية‬
‫الجديدة ‪ 20‬مارس ‪، 2013‬بأنها كل عقد بعوض يبرم بين صاحب‬
‫المشروع من جهة و الشخص المعنوي من جهة أخرى‪ ،‬يدعى مقاول‬
‫أو خدماتي بهدف تنفيذ األشغال أو تسليم التوريدات أو القيام بالخدمات‪،‬‬
‫ومن أجل تحديث مسار االقتناء العمومي وجعله يستفيد من الوسائل‬
‫‪3‬‬
‫الحديثة في مجال التدبير‪ ،‬حيث تبرم الصفقات العمومية طبقا لمقتضيات‬
‫القانونية المنصوص عليها في المرسوم المنظم للصفقات العمومية عن‬
‫طريق طلب العروض أو المباراة أو حسب المسطرة التفاوضية من أجل‬
‫تحقيق الشفافية في اختيار صاحب الصفقة ‪،‬وضمان الوصول إلى‬
‫الطلبيات العمومية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التطور التاريخي للصفقات العمومية بالمغرب‬


‫باعتبار الصفقات العمومية كآلية من آليات تنزيل السياسات العامة‪،‬‬
‫تراهن عليها الدول لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية وطنيا ومحليا‪،‬‬
‫فإن جل الدول أولت اهتماما للنظام الذي يؤطر الصفقات العمومية‪،‬‬
‫والمغرب هو اآلخر لم يكن بمنأى عن هذا التنظيم‪ ،‬حيث عرف هذا‬
‫المجال مجموعة من اإلصالحات‪( 1‬المطلب األول)‪ ،‬كما أن عقد الصفقة‬
‫يثير عدة إشكاالت مفاهمية ‪،‬ألن األمر يتعلق بعقد إداري متصل بالمرفق‬
‫العام (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مراحل تطور الصفقات العمومية بالمغرب‬


‫عرف المغرب في مجال الصفقات العمومية مجموعة من اإلصالحات‬
‫يمكن تقسيمها إلى ثالثة مراحل‪.‬‬
‫المرحة األولى‪ :‬ما قبل الحماية مع معاهدة الجزيرة الخضراء لسنة‬
‫‪ ،1906‬والتي شكلت اإلرهاصات األولى لتنظيم الصفقات العمومية‬
‫بالمغرب‪ ،‬حيث اعتبرت المناقصة من أهم اآلليات التي اعتمدت عليها‬
‫‪1‬‬
‫حفيظ مخلول‪ ،‬حدود إصالح نظام الصفقات العمومية وفقا لمرسوم ‪ 20‬مارس ‪ ،2013‬دار النشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2017‬ص ‪8‬‬

‫‪4‬‬
‫اإلدارة في طلب المساعدة من الخواص إلنجاز مشاريعها ‪،‬خاصة في‬
‫ميدان البناء والتعمير ومد الطرق تحقيقا للمصالح االقتصادية ‪ ،‬وحتى‬
‫يطلع عليها المقاول من مختلف الجنسيات ‪ ،‬ألزمت المعاهدة الحكومة‬
‫المغربية أن تضع دفتر التحمالت والتصاميم والوثائق الملحقة لدى‬
‫الهيئات الدبلوماسية للدول الموقعة على االتفاقية‪ ،‬وأن تكون مدة اإلعالم‬
‫عن الصفقات كافية لالضطالع عليها‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬خالل فترة الحماية حيث بدأت تتضح مساطر تنظيم‬
‫الصفقات العمومية مع مرسوم ‪ 1917‬بمثابة نظام المحاسبة العمومية‪،‬‬
‫والذي نص في فصله ‪ 23‬على وجوب احترام اإلشهار والمنافسة عند‬
‫إجراء أي مناقصة‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬وهي مرحلة بعد حصول المغرب على االستقالل وإنعاش‬
‫المسلسل التشريعي في عدة مجاالت تالؤما مع الظروف الجديدة للمغرب‬
‫المستقل‪ ،‬حيث اتخذ تطور نظام الصفقات العمومية منحا جديدا مع‬
‫مرسوم ‪ 1958‬المتعلق بنظام المحاسبة العمومية‪ ،‬إذ نص هو اآلخر على‬
‫ضرورة إتباع المناقصة إلبرام الصفقات العمومية ‪،‬وعلى وجوب تأمين‬
‫المنافسة الحرة بين المرشحين ألقصى حد‪ ،‬وضمان النزاهة والتجرد أثناء‬
‫فحص العروض لضمان انجاز األشغال على أحسن وجه‪ ،‬وبقي تنظيم‬
‫صفقات العمومية والتوريدات والخدمات المبرمة لحساب الدولة‪ ،‬كأول‬
‫نظام مستقل يحاول لم شتات النصوص المنظمة لطرق إبرام الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬والذي خول لإلدارة إمكانية اللجوء إلى طرق إبرام أخرى‪،‬‬
‫كطلب العروض أو االتفاق المباشر‪ ،‬باإلضافة إلى المناصفة العمومية‪،‬‬
‫لكن ارتباط مرسوم ‪ 1965‬بالثمن بالتركيز على المناقصة كطريقة‬
‫أساسية لإلبرام ‪ ،‬انسجاما مع هاجس التوفير المالي لخزينة الدولة‪ ،‬كان‬
‫لوحده قاصرا في ضمان الجودة المتطلبة في صاحب الصفقة في ظل‬
‫التحوالت العلمية والتكنولوجيا‪ ،‬فكان هذا من بين األهداف األساسية التي‬

‫‪5‬‬
‫حاول تحقيقها مرسوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ 1976‬بشأن صفقات األشغال أو‬
‫األدوات أو الخدمات المبرمة لحساب الدولة‪ ،‬والذي ارتبط تنظيمه‬
‫بالجودة حيث وسع من سلطات اإلدارة في اختيار طرق اإلبرام التي‬
‫تراها مالئمة ‪ ،‬بإمكانية اللجوء إلى المباراة وتوسيع حاالت االتفاق‬
‫المباشر‪ ،‬وقلص من هيمنة طريقة المناقصة‪ ،‬ولم تعد إلزامية‪ ،‬كما ادخل‬
‫تغييرات على إعالن المنافسة وشكل تقديم العروض‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تعديالت مست مسطرة المناقصة‪.‬‬
‫لكن دينامية اإلطار المنظم للصفقات العمومية لم تقف عند هذا الحد‪ ،‬ولم‬
‫تعد معادلة الثمن والجودة الوحيدة في تنظيم مساطر إبرام الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬بل أصبح النظام يقاس بالمبادئ التي يضمنها للمنافسين من‬
‫شفافية ومساواة ومنافسة‪ ،‬في إطار تخليق اإلدارة وجودة التدبير‪ ،‬فصدور‬
‫مرسوم ‪ 30‬دجنبر ‪ ،1998‬وبداية القطيعة مع أسلوب المناقصة في إبرام‬
‫الصفقات‪ ،‬وقد جاء هذا المرسوم بمجموعة من المبادئ المنظمة إلبرام‬
‫الصفقات العمومية في المادة ‪:19‬‬
‫الشفافية في اختيار صاحب المشروع‬ ‫•‬
‫المساواة في الوصول إلى الطلبيات العمومية‪.‬‬ ‫•‬
‫اللجوء إلى المنافسة قدر اإلمكان‪.‬‬ ‫•‬
‫فعالية النفقة العمومية‪.‬‬ ‫•‬
‫وشكل هذا المرسوم تحوال في تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬بإشارته ألول‬
‫مرة لمقتضيات خاصة بالمراقبة ‪،‬ثم تجسيدها من خالل مجموعة من‬
‫اآلليات ارتبطت باإلدارة صاحبة الصفقة كاإلشراف المنتدب‪ ،‬والشخص‬
‫المكلف بتنفيذ الصفقة‪ ،‬باإلضافة إلى آليات التدقيق والمراقبة الداخليين‪،‬‬
‫انسجاما مع توسيع مجال حماية المال العام‪ ،‬كتوجه جديد أساسه محاربة‬
‫الفساد في مجال تدبير الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫رغم ما جاد به هذا المرسوم من مقتضيات ‪،‬فانه كان محط انتقادات همت‬
‫باألساس عدم مواكبة النظام العام االقتصادي ‪ ،‬وهذا كان وراء صدور‬
‫مرسوم ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات‬
‫الدولة وبعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها‪ ،‬مع احتفاظ اإلطار‬
‫المنظم للصفقات العمومية لبعض مكتسبات مرسوم ‪ ،1998‬جاء بعدة‬
‫مبادئ أساسية فيما يخص حرية الولوج إلى الطلبيات العمومية‪ ،‬والمساواة‬
‫في التعامل مع المتنافسين‪ ،‬والشفافية في اختيار صاحب المشروع‪ ،‬كما‬
‫كانت أهدافه متعددة من بينها إلزام صاحب المشروع بضمان اإلعالم‬
‫المناسب والمنصف لجميع المتنافسين خالل مختلف مراحل مساطر إبرام‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬ترسيخ أخالقيات اإلدارة‪ ،‬الحد من التدخل البشري‬
‫من خالل نزع الصفة المادية المساطر‪ ،‬وإلزام صاحب المشروع بنشر‬
‫المعلومات والوثائق في البوابة االلكترونية لصفقات الدولة‪.‬‬
‫وبالرغم من ما شكله هذا المرسوم من تقدم في مسار تحديث المساطر‬
‫وتدعيم الشفافية والفعالية في إبرام ومراقبة تدبير الطلبيات العمومية‪ ،‬فان‬
‫الممارسة العملية كشفت عن مجموعة من اإلختالالت والنواقص‪ ،‬من‬
‫بينها عدم النص على شمول مقتضيات المرسوم لصفقات المؤسسات‬
‫العمومية والجماعات الترابية‪ ،‬وبقي مركزا على صفقات الدولة‪ ،‬ضعف‬
‫آليات المراقبة الداخلية‪ ،‬غياب آلية مستقلة وفعالة للحسم في التظلمات‬
‫والشكايات‪ ،‬السلطة التقديرية الواسعة لصاحب المشروع‪ ،‬وكان من‬
‫الالزم معالجة هذا المرسوم من خالل مرسوم ‪ 20‬مارس ‪.2013‬‬
‫مرسوم ‪ 2013‬جاء كتتويج للنقاش العمومي الموسع الذي فتحته‬
‫الحكومة‪ ،‬في إطار تفعيل المقاربة التشاركية مع مجموعة الفاعلين‬
‫األساسيين في الطلبيات العمومية‪.‬‬
‫جاء مرسوم ‪ 2013‬في إطار سياقات متعددة أوال في ظل التغيرات التي‬
‫عرفها المحيط الوطني والدولي وضرورة االرتقاء بمنظومة الصفقات‬
‫‪7‬‬
‫العمومية إلى المستوى الذي يجعلها مواكبة لكل المستجدات التي تضمنها‬
‫التشريع الدولي‪ ،‬ومن جهة ثانية في إطار األوراش الكبرى التي فتحتها‬
‫الحكومة في مجال تدعيم الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى تنزيل مقتضيات دستور ‪ 2011‬خاصة المرتبطة بالشفافية والنجاعة‬
‫في تدبير المال العام‪ ،‬وبالحكامة وتخليق الحياة العامة وربط المسؤولية‬
‫بالمحاسبة‪ ،‬وجاء مرسوم بمجموعة من المستجدات في مجال تنظيم‬
‫‪2‬‬
‫وتدبير الصفقات العمومية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف عقود الصفقات العمومية‬


‫لقد جاء مرسوم ‪14‬اكتوبر ‪ 1976‬المتعلق بصفقات األشغال والتوريدات‬
‫والخدمات المبرمة لحساب الدولة‪ ،‬دون إعطاء تعريف دقيق للصفقات‬
‫العمومية واكتفى فقط بتحديد شكلها‪ ،‬حيث نصت الفقرة األولى من الفصل‬
‫الثالث من هذا المرسوم على ما يلي صفقات الدولة عقود مكتوبة تعتبر‬
‫كنانيش التحمالت المشار إليها في الفصل الرابع بمثابة عناصرها‬
‫‪3‬‬
‫األساسية‪.‬‬
‫أما مرسوم ‪ 30‬دجنبر ‪ 1998‬المغير للمرسوم السابق مرسوم ‪،1976‬‬
‫فإنه عرف الصفقة بكونها كل عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من‬
‫جهة وشخص طبيعي ومعنوي من جهة أخرى يدعى مقاول أو مورد أو‬
‫خدماتي ‪،‬ويهدف إلى تنفيذ أشغال أو توريدات أو القيام بخدمات‪ ،‬لم تكد‬
‫تنقضي ‪ 8‬سنوات على إعمال هذا المرسوم حتى خضع بدوره لتعديل‬
‫بمقتضى مرسوم ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬المحدد لشروط وإشكال صفقات الدولة‬
‫وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪11_10_9‬‬
‫‪3‬‬
‫بوشعاب سعاد‪ ،‬الصفقات العمومية كرافعة لتنمية‪ ،‬إصدارات المركز الديمقراطي العربي‪ ،‬برلين‪ ،‬ألمانيا‪ ،2018 ،‬ص ‪17‬‬

‫‪8‬‬
‫الذي تم إلغاءه بمرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬رقم ‪، 12.12.349‬الذي جاء‬
‫بتحديد أشكال إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬رغم أنه لم يأتي بتعريف صريح‬
‫للصفقة وإنما جاء بالمرادفات المشابهة لها في المادة ‪ 4‬من هذا المرسوم‪.‬‬
‫ولقد عرف الفقه اإلداري الصفقات العمومية بعدة تعاريف نذكر منها‬
‫الفقيه اندري دولوبادير الذي يقول إن الصفقات العمومية هي عقود‬
‫بمقتضاها يلتزم المتعاقد بالقيام بأعمال لفائدة اإلدارة مقابل ثمن محدد‪ ،‬أما‬
‫األستاذ ريني روموف فيرى أن الصفقات العمومية هي عقود بمقتضاها‬
‫يلتزم احد األشخاص ذاتيا أو معنويا تجاه شخص معنوي الدولة أو‬
‫الجماعات الترابية ‪،‬انجاز عمل لحسابها وتحت مسؤولية هذه األخيرة‬
‫مشروعا عاما‪ ،‬أو القيام بتوريدات أو خدمات تهم سير مرفق مقابل ثمن‬
‫‪4‬‬
‫محدد وطبقا للشروط المنصوص عليها في العقد‪.‬‬
‫وبهذا يمكن تعريف عقد الصفقة عقد مكتوب يقوم على تراضي إرادتين‬
‫مختلفتين بين شخصين لهما الشخصية القانونية ويتمتعان بحقوقهما‪ ،‬أي‬
‫أهلية األداء لممارسة حقوقها‪.‬‬
‫إن عقد الصفقة كباقي العقود التي لها محل‪ ،‬أي موضوع الصفقة الذي‬
‫يجب أن ينحصر دائما في إشباع رغبات اإلدارة‪ ،‬وهو الشيء الذي أكدته‬
‫المادة الخامسة من المرسوم التي تنص على أنه" يجب أن تقتصر‬
‫األعمال موضوع الصفقات على االستجابة لطبيعة الحاجات المراد‬
‫تلبيتها‪،‬ويتعين على صاحب المشروع قبل أية دعوة للمنافسة أو أية‬
‫مفاوضة أن يحدد بدل ما يمكن من الدقة الحاجات المراد تلبيتها‬
‫والمواصفات التقنية ومحتوى األعمال‪"...‬‬
‫وانطالقا من هذا التحديد للحاجيات التي تقوم بها اإلدارة يتم تحديد‬
‫‪5‬‬
‫موضوع الصفقة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪18‬‬
‫‪5‬‬
‫عبد اللطيف الشدادي‪ ،‬نظام الصفقات العمومية‪ ،‬طباعة سليكي أخوين‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة األول‪ ،‬الجزء األول‪ ،2019 ،‬ص ‪30‬‬

‫‪9‬‬
‫وشروط عقد الصفقة أربعة والتي ينظمها قانون االلتزامات والعقود‬
‫‪،‬لسنة ‪ 1913‬وهي عقد مكتوب‪ ،‬عقد بعوض‪ ،‬عقد رضائي‪ ،‬عقد تبادلي‬
‫أو تعويضي‪.‬‬
‫عقد مكتوب كما أشارت المادة ‪ 13‬من مرسوم ‪20‬مارس ‪2013‬‬ ‫•‬
‫فان الصفقات العمومية عقود مكتوبة تتضمن دفاتر التحمالت‬
‫شروط إبرامها وتنفيذها‪ ،‬أي أن شرط الكتابة يعتبر من الشروط‬
‫المنشئة للصفقة ومن مبادئها األساسية حيث يتم التعبير من خالله‬
‫عن اإليجاب والقبول من كال الطرفين‪ ،‬كما أن هذا الشرط يمكن من‬
‫إشهار الصفقة وأيضا يعمل على تجريد الوثائق من الصفقة المادية‪،‬‬
‫حيث في مرحلة المنازعات يتم اللجوء إلى شروط العقد‪.‬‬
‫عقد رضائي أي أنه عقد يقوم على االلتزام المتبادل من األطراف‪،‬‬ ‫•‬
‫حيث ينشئ التزامات متبادلة بينهما‪.‬‬
‫عقد بعوض أي أن أساسه هو الخدمات التي سيقوم بتنفيذها المتعاقد‬ ‫•‬
‫مع اإلدارة مقابل القيمة المالية التي تدفعها له اإلدارة‪.‬‬
‫عقد تبادلي أو تعويضي أي أن العالقة التعاقدية بين أطراف العقد‬ ‫•‬
‫‪6‬‬
‫تؤسس على المساواة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬النظام القانوني للصفقات العمومية واالستثناءات‬


‫الصفقات العمومية هي تحريك لعجلة اإلقالع السوسيو اقتصادي‪،‬‬
‫باعتبارها األداة األساسية لإلدارات لكي تقوم بتلبية حاجياتها‪ ،‬وما يعكس‬
‫هذه األهمية ؛اإلعتمادات الكبرى التي تصدرها الدولة والجماعات‬
‫الترابية والمؤسسات العمومية للصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪33_32_31‬‬

‫‪10‬‬
‫في هذا المبحث سنتطرق إلى النظام القانوني للصفقات العمومية (المطلب‬
‫األول) واالستثناءات (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬النظام القانوني للصفقات العمومية‬


‫تقوم اإلدارة بإبرام عدة عقود الصفقات‪ ،‬وعقود الكراء والخدمات‪ ،‬وعقود‬
‫االمتياز‪ ،‬وعقود التدبير المفوض‪ ،‬وعقود أخرى غير مسماة‪.‬‬
‫و بالرجوع لتعريف الصفقات العمومية الواردة في مرسوم الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬يظهر جليا أننا أمام عقد وهل هو خاضع لقواعد القانون‬
‫الخاص أم العام ؟‬
‫إن اإلحالة على تطبيق مقتضيات القانون المدني أو القانون التجاري على‬
‫العقود ال يفي تماما تطبيقه في إطار العالقة التعاقدية بين اإلدارة‬
‫والمتعاقد معها‪ ،‬حيث يبقى القانون اإلداري هو المصدر األساسي لتأطير‬
‫هذه العالقة التعاقدية ‪،‬مع األخذ بعين االعتبار اإلسنادات الواردة في‬
‫المرسوم‪.‬‬
‫ونتيجة لهذه العالقة التعاقدية‪ ،‬يتمتع الشخص المعنوي العام بعدة‬
‫امتيازات خاصة تتمثل في شروط العقد وسلطة الرقابة والتسيير والتعديل‬
‫‪7‬‬
‫في بعض بنوده وكذلك سلطة فسخه بشكل انفرادي‪.‬‬
‫وكذلك بالنسبة للقبول في العقود المدنية فان المشرع يشترط توافق‬
‫اإلرادتين وتبادل اإليجاب والقبول‪.‬‬
‫أما عقود الصفقات العمومية‪ ،‬فإيجاب نائل الصفقة يعبر عنه عند توقيعه‬
‫عقد الصفقة‪ ،‬باستثناء الحالة التي يقوم فيها المتنافس بسحب عرض‪ ،‬وهذا‬
‫ما أكدته المادة ‪ 33‬من مرسوم ‪20‬مارس ‪" 2013‬يظل المتنافسون‬
‫‪7‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪33‬‬

‫‪11‬‬
‫ملتزمين بالعروض التي قدموها خالل أجل خمسة وسبعين(‪ )75‬يوما‬
‫تحسب ابتداء من تاريخ جلسة فتح األظرفة" ‪،‬أما إذا أصبح نائال للصفقة‪،‬‬
‫تنص المادة ‪ 152‬من المرسوم على أنه "ال تتم المصادقة على الصفقات‬
‫من طرف السلطة إال بعد انصرام أجل خمسة عشر ‪ 15‬يوما بعد تاريخ‬
‫انتهاء أشغال اللجنة أو لجنة المباراة أو تاريخ توقيع الصفقة من طرف‬
‫نائلها إذا كانت هذه الصفقة تفاوضية بعد إشهار وإجراء منافسة‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 153‬من المرسوم ذاته‪ ،‬فتتحدث عن تبليغ الصفقة إلى نائلها‬
‫داخل اجل ‪ 75‬يوما‪ ،‬وإذا لم تحترم اإلدارة هذه اآلجال المشار إليها أي‬
‫‪ 75‬يوما كرر نائل الصفقة من التزامه إزاء صاحب المشروع‪ ،‬حيث‬
‫تنص المادة ‪ 153‬من المرسوم في فقرتها الثالثة على "إذا لم يتم تبليغ‬
‫المصادقة خالل اآلجال المذكورة يحرر نائل الصفقة من التزامه إزاء‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬وفي هذه الحالة يسلم له رفع اليد عن ضمانة‬
‫المؤقت"‪.‬‬
‫وعلى اختالف العقود المدنية والتجارية والتي تصبح ملزمة ألطراف‬
‫العقد مجرد توقيعها‪ ،‬فإن عقد الصفقة الذي وقع توقيعه من طرف ممثل‬
‫اإلدارة ال يكون نافذا إال بعد المصادقة عليه من طرف السلطة المختصة‬
‫طبقا للفقرة الثالثة من المادة ‪ 152‬من المرسوم التي تنص على أنه ‪":‬ال‬
‫تتم المصادقة على الصفقات من طرف السلطات المختصة إال بعد‬
‫انصرام أجل ‪ 15‬يوما"‪.‬‬
‫_الشرط الغير المألوف في القانون الخاص‪:‬‬
‫يعتبر هذا الشرط كمؤشر على الطابع اإلداري لعقد الصفقة‪ ،‬حيث يقوم‬
‫هذا الشرط بمنح حقوق وإلغاء التزامات على كاهل األطراف‪ ،‬هذه‬
‫االلتزامات تعد مغايرة لاللتزامات التعاقدية العادية والتي يمكن مناقشتها‬
‫في مجلس العقد‪ ،‬أي قبل التعاقد كما هو جاري به العمل في التعاقد‬

‫‪12‬‬
‫المدني أو التجاري‪ ،‬لذلك سمي بالشرط غير المألوف في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬والذي يميز العقد اإلداري عن العقود األخرى‪.‬‬
‫كما أن الفقه اإلداري جعله ضمن معايير تميز العقد اإلداري عن العقود‬
‫األخرى‪ ،‬إضافة إلى معايير أخرى‪ ،‬كما أن سلطة تحويل العقد ونسخه‬
‫بشكل انفرادي دون أي إخالل من طرف المتعاقد مع اإلدارة بالتزاماته‬
‫‪8‬‬
‫التعاقدية تشكل وجها من أوجه الشرط غير المألوف في القانون الخاص‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االستثناءات الواردة على مرسوم الصفقات العمومية‬


‫االستثناءات يمكن ان تتعلق ببعض العقود أو موضوعها‪ ،‬لكونها‬
‫تتضمن قواعد قانونية مختلفة عن تلك الموجودة في مرسوم الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬وبالتالي غير خاضعة لنظام القانون اإلداري ألن كما قلنا في‬
‫النظام القانوني للصفقات العمومية فالقانون اإلداري هو المصدر األساسي‬
‫لتأطير العالقة التعاقدية في الصفقة‪ ،‬ولكن هناك عقود تجتمع فيها شروط‬
‫تعريف عقد الصفقة العمومية ‪،‬لكنها ال يطبق عليها مرسوم ‪ 20‬مارس‬
‫‪ 2013‬رقم ‪ 12.12.349‬المنصوص عليها في المادة ‪ 3‬هذه العقود‬
‫هي‪:‬‬
‫• االتفاقيات أو العقود المبرمة وفقا لألشكال وحسب القانون العادي‪،‬‬
‫كما هي محددة في الفقرة السابعة من المادة ‪ 4‬من هذا المرسوم‬
‫وهي االتفاقيات أو العقود التي يكون موضوعها إما انجاز أعمال‬
‫سبق تحديد شروط توريدها وثمنها‪ ،‬وال يمكن لصاحب المشروع‬
‫تعديلها أو ليست له فائدة في تعديلها‪ ،‬وإما انجاز أعمال يمكن أن‬
‫تبرم وفق قواعد القانون العادي بحكم طبيعتها‪.9‬‬
‫• عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية‬
‫‪8‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪35_34‬‬
‫‪9‬‬
‫الفقرة ‪ 7‬من المادة ‪ 4‬من مرسوم الصفقات رقم ‪ 12.12.349‬الصادر في ‪ 20‬مارس ‪2013‬‬

‫‪13‬‬
‫• عمليات تفويت األموال بين مرافق الدولة الخاضعة للنصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬
‫• العقود المتعلقة بالمعامالت المالية المنجزة في السوق المالي الدولي‬
‫وكذا الخدمات المرتبطة بها‪.‬‬
‫• كذلك يمكن الحيد عن مقتضيات هذا المرسوم فيما يتعلق بالصفقات‬
‫المبرمة في إطار االتفاقيات أو المعاهدات التي وقعها المغرب مع‬
‫هيئات دولية أو دول أجنبية إذا نصت هذه االتفاقيات أو المعاهدات‬
‫صراحة على تطبيق شروط وأشكال خاصة بإبرام الصفقات‪.10‬‬
‫هذه االستثناءات موجودة في جميع المراسيم السابقة المنظمة للصفقات‬
‫العمومية من مرسوم ‪ 19‬ماي ‪ 1965‬إلى مرسوم ‪ 20‬مارس ‪.2013‬‬
‫‪ :1‬العقود المستثناة من تطبيق المرسوم‬
‫هذه االستثناءات في تطبيق المرسوم تكون عند إبرام الصفقة حيث تصبح‬
‫اإلدارة ملزمة بأن تخضع لنظام القانون العادي بدل القانون اإلداري‪،‬‬
‫وذلك في األعمال الموجودة في الملحق ‪ 1‬لمرسوم الصفقات العمومية‪،‬‬
‫هذه األعمال يمكن تقسيمها إلى أربع فئات‪:‬‬
‫• القانون العادي‪ :‬ويقصد به القانون الخاص الذي هو مجموعة‬
‫من القواعد التي تنظم مجاالت قانونية‪ ،‬وتتعدد فروعه‬
‫كالقانون المدني والقانون التجاري وقانون الشغل‪...‬‬
‫• عقود اإلذعان‪ :‬هي صيغة من صيغ إبرام العقود يقوم على‬
‫كون حد أطراف العقد ليس له إال الموافقة أو رفض العقد وال‬
‫يمكن له أن يغير أي شيء يتضمنه العقد ال أن يغير شرط من‬
‫شروطه أو أحكامه‪ ،‬فأحد الطرفين يعد العقد وان يضمن فيه‬
‫ما يريد وما على الطرف اآلخر إال القبول أو الرفض ونجد‬

‫‪10‬‬
‫المادة ‪ 3‬من نفس المرسوم السابق‬

‫‪14‬‬
‫هذا النوع من العقود في القطاع العام االقتصادي خصوصا‬
‫بعد خوصصة مجموعة من القطاعات االقتصادية ‪،‬وكذلك‬
‫تعدد الفاعلين االقتصاديين الخواص في مجال االتصاالت‬
‫التي كلها تخضع لمبدأ المنافسة مما أصبح لزاما على الدولة‬
‫أن تندرج في هذا النوع من العقود‪.‬‬
‫• عقود الخدمات الداخلية‪ :‬وهي عقود تبرمها الدولة مع وحدات‬
‫غير تابعة لها‪ ،‬لكنها تخضع للمراقبة من قبل اإلدارة‬
‫كمصالحها الداخلية‪ ،‬من خالل هذا العقد يمكن لإلدارة‬
‫خصوصا على المستوى المحلي أن تقوم بتسيير مباشر‬
‫ومستقل لمرافقها‪ ،‬حيث تبقى مقتضيات القانون العادي هي‬
‫المطبقة دون الخضوع للمساطر التقليدية إلبرام الصفقات‪،‬‬
‫هذه العالقة التعاقدية بين اإلدارة والوحدات الخارجية يؤطرها‬
‫شرطان سلطة الرقابة التي تمارسها اإلدارة على المتعاقد‬
‫كالتي تمارسها على مصالحها اإلدارية الداخلية‪ ،‬بحيث هناك‬
‫تبعية المتعاقد لإلدارة وبالتالي تمس باستقاللية المتعاقد وبمبدأ‬
‫المنافسة‪ ،‬باإلضافة للتبعية يجب أن تكون هناك عضوية‬
‫عبارة عن شبه احتكار للتجهيزات والخدمات لفائدة الشخص‬
‫‪11‬‬
‫المعنوي العام‪ ،‬وبالتالي وجود أيضا تبعية اقتصادية‪.‬‬

‫وتشمل عقود الخدمات الداخلية عقود مبرمة على اعتبار‬


‫شخصي تبرم مع أشخاص ذاتيين وليس معنويين‪ ،‬وتبرم على‬
‫أساس شخصي يكون شخص المتعاقد اساسي في ابرام العقد‬
‫وتنفيذه وهناك عقود التدبير المفوض التي سنخصص لها فرع‬
‫مستقل‬

‫‪11‬‬
‫عبد اللطيف الشدادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪39_38‬‬

‫‪15‬‬
‫‪:2‬عقود التدبير المفوض‬
‫يعتبر التدبير المفوض امتداد لسياسة الخوصصة التي شرع في تطبيقها‬
‫المغرب مند سنة ‪ 1993‬ودخل التدبير المفوض حيز التطبيق في‬
‫المغرب إبتداء من سنة ‪.1997‬‬
‫عرف المشرع التدبير المفوض بأنه عقد يفوض بموجبه شخص معنوي‬
‫خاضع للقانون العام لمدة محددة بتدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى‬
‫شخص معنوي عام أو خاص يسمى المفوض له يخول له حق تحصيل‬
‫أجرة المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المفوض‪.‬‬
‫وقد عرفه الفقه على كونه عقد اداري ‪،‬تعهد السلطة المفوضة للمفوض له‬
‫داخل المجال الترابي المحدد في مدار التفويض باستغالله ‪،‬وتدبير المرفق‬
‫العام الصناعي أو التجاري المحلي لمدة محددة تنتهي بانقضاء مدة‬
‫العقد‪.12‬‬
‫هذا العقد هناك من اعتبره عقد من العقود المدنية ‪،‬وبالتالي ال يجوز‬
‫تغييرها إال بموافقة الطرفين عمال بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬مما‬
‫يحول دون تعديل عقد التدبير المفوض وهذا يتنافى مع قاعدة قابلية‬
‫المرفق العام للتغيير والتعديل‪ ،‬وهناك من يعتبر عقد التدبير المفوض عقد‬
‫اداري لكون احد اطرافه شخص من أشخاص المعنوية العامة‪ ،‬وكذلك‬
‫يهدف إلشباع حاجيات المواطنين وتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وبالتالي‬
‫لإلدارة الحرية في تعديل التدبير المفوض وإلغائه دون التقييد بنصوصه‬
‫وشروطه‪.‬‬
‫ينظم التدبير المفوض القانون رقم ‪ 54.05‬الذي يعرف عقد التدبير‬
‫المفوض ويحدد المبادئ التي تحكم المرفق العام والتوازن المالي وكذا‬
‫مجال تطبيق القانون‪ ،‬الذي يشمل عقود التدبير المفوض سواء المبرمة‬

‫‪12‬‬
‫محمد يحيا‪ ،‬المغرب اإلداري‪ ،‬مطبعة اسبارطيل‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،2016 ،‬ص ‪311‬‬

‫‪16‬‬
‫من طرف الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية‪ ،‬وتطرق القانون‬
‫كذلك لمضمون عقد التدبير المفوض وطرق المصادقة عليه ونشره‪.‬‬
‫ويفرض هذا القانون على المفوض له بأن يتأسس في شكل شركة‬
‫خاضعة للقانون المغربي ويكون غرضها منحصرا في تدبير المرفق‬
‫العمومي‪ ،‬باإلضافة إلى المراقبة التي تمارسها الدولة أو سلطات أخرى‬
‫بموجب النصوص القانونية الجاري بها العمل‪ ،‬يتمتع المفوض تجاه‬
‫المفوض اليه بسلطة المراقبة االقتصادية والمالية والتقنية واالجتماعية‬
‫والتدبيرية مرتبطة بااللتزامات المترتبة على العقد‪،‬ويتمتع المفوض‬
‫بسلطة المراقبة للتأكد‪ ،‬من خالل المستندات وبعين المكان من حسن سير‬
‫المرفق المفوض تدبيره وحسن تنفيذ العقد‪.‬‬
‫يتم عقد التدبير المفوض عبر الدعوة للمنافسة لتحقيق المساواة بين‬
‫المترشحين وشفافية العمليات من اجل تخليق المرفق العام (منع الزبونية‬
‫والمحسوبية والرشوة واختالس المال العام)‪ ،‬ويجب إن تكون مسطرة‬
‫ابرام عقد التدبير المفوض موضوع اشهار مسبق ‪،‬وتحدد أشكال وكيفيات‬
‫إعداد وثائق المنافسة بالنسبة إلى الجماعات الترابية من قبل الحكومة‬
‫وبالنسبة إلى المؤسسات العمومية من قبل المجلس االداري أو الجهاز‬
‫التداولي‪.‬‬
‫أو عن طريق التفاوض المباشر في حاالت استثنائية‪ ،‬في حالة االستعجال‬
‫من أجل ضمان استمرارية المرفق‪ ،‬أو ألسباب يقتضيها الدفاع الوطني أو‬
‫األمن العام أو بالنسبة لألنشطة التي يختص باستغاللها حاملو براءة‬
‫االختراع‪ ،‬أو بالنسبة إلى األعمال التي ال يمكن أن يعهد بإنجازها إال إلى‬
‫مفوض إليه بعينه‪.‬‬
‫أو في حالة لم يكن هناك أي عرض أو لم تكن هناك جدوى من الدعوة‬
‫لمنافسة‪ ،‬في هذه الحالة يتعين على المفوض انجاز تقرير يوضح فيه‬

‫‪17‬‬
‫األسباب المؤدية إلى تبني هذه الطريقة وإلى إخبار المفوض إليه‬
‫بالمقترح‪.‬‬
‫أو عن طريق اقتراح تلقائي من مستثمر يتوفر على تقنيات أو تكنولوجيا‬
‫من شأنها تحسين خدمات المرفق العام بطلب التدبير المفوض‪ ،‬ويجب‬
‫على السلطة المفوضة دراسة هذا العرض وإشعار المرشح بمآله‪ ،‬وإذا‬
‫وافقت على هذا االقتراح التلقائي تحتفظ بحق استعمال هذا الغرض للقيام‬
‫إلى المنافسة مع إخبار المرشح المذكور والتقيد ببراءات والحقوق المالية‬
‫المرتبطة باقتراح المرشح‪.‬‬
‫مدة عقد التدبير المفوض ال تتجاوز ‪ 30‬سنة وال تقل عن ‪ 5‬سنوات‪ ،‬بيد‬
‫أنه يجب أن يؤخذ بعين االعتبار في المدة طبيعة األعمال المطلوبة من‬
‫المفوض اليه واالستثمار الذي يجب أن ينجزه‪ ،‬وال يمكن تمديد مدة عقد‬
‫التدبير المفوض إال عندما يكون المفوض إليه ملزما بانجاز أشغال غير‬
‫واردة في العقد األولي من شأنها أن تغير االقتصاد العام للتدبير المفوض‬
‫وال يمكن استهالكها خالل مدة العقد المتبقية مقابل رفع مفرط في‬
‫‪13‬‬
‫الثمن‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫عبد اللطيف الشدادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪44‬‬

‫‪18‬‬
‫الخاتمة‬

‫تعتبر الصفقات العمومية من أهم العقود اإلدارية التي تبرمها الدولة‬


‫والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية ونظرا ألهميتها في مختلف‬
‫الجوانب االقتصادية واالجتماعية واإلدارية ‪،‬باعتبارها وسيلة من وسائل‬
‫تجسيد فكرة استمرارية المرفق العام ‪،‬وإشباع الحاجات العامة تضمن‬
‫الحفاظ على المال العام الموجه إلى هذا الغرض‪ ،‬والصفقات العمومية‬
‫تمكن الدولة والجماعات الترابية من إنجاز مشاريعها التنموية‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن تحقيق التنمية المحلية يتوقف على عقلنة تدبير هذه الصفقات سواء‬
‫على مستوى الجودة أو على مستوى ترشيد النفقات‪ ،‬والرفع من‬
‫مردوديتها االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ولهذا عمل المشرع المغربي على‬
‫اتخاذ مجموعة من التدابير ألجل تطوير النظام القانوني المؤطر للصفقات‬
‫العمومية بالمغرب من خالل مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ ،2013‬المتعلق‬
‫بالصفقات العمومية وقد شكل إصالحا لنظام الصفقات العمومية‪ ،‬لكونه‬
‫يحفل بالعديد من المستجدات التي تتوخى تدعيم وحدة األنظمة المؤطرة‬
‫وتبسيط المساطر‪ ،‬وتحسين مناخ األعمال والمنافسة وتدعيم الشفافية‪،‬‬
‫التي تعتبر إحدى أهم المبادئ التي ينبني عليها نظام الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المراجع‪:‬‬

‫عبد اللطيف الشدادي‪ ،‬نظام الصفقات العمومية‪ ،‬طباعة سليكي أخوين‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة‬
‫األول‪ ،‬الجزء األول‪.2019 ،‬‬
‫حفيظ مخلول‪ ،‬حدود إصالح نظام الصفقات العمومية وفقا لمرسوم ‪ 20‬مارس ‪ ،2013‬دار‬
‫النشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2017‬‬
‫بوشعاب سعاد‪ ،‬الصفقات العمومية كرافعة لتنمية‪ ،‬إصدارات المركز الديمقراطي العربي‪،‬‬
‫برلين‪ ،‬ألمانيا‪.2018 ،‬‬
‫محمد يحيا‪ ،‬المغرب اإلداري‪ ،‬مطبعة اسبارطيل‪ ،‬الطبعة الخامسة‪.2016 ،‬‬
‫مرسوم الصفقات العمومية ‪ 12.12.349‬صادر في ‪ 8‬جمادى األولى ‪1434‬‬
‫(‪20‬مارس‪ ) 2013‬يتعلق بالصفقات العمومية ‪.‬ج‪.‬ر رقم ‪ 6140‬بتاريخ ‪04/04/ 2013‬‬

‫‪20‬‬

You might also like