د المخدرات وتأثيرها السلبي على الشباب وأسلوب الوقاية منها

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 22

30007072008000

0000

1
‫فهرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫محتويات البحث‬

‫‪3‬‬ ‫مقدمه‬
‫‪4‬‬ ‫مضمون البحث‬
‫‪5‬‬ ‫الفصل االول‬
‫‪5‬‬ ‫المبحث االول‪ :‬تعريف المخدرات‬
‫‪6‬‬ ‫المبحث الثانى ‪ :‬تعريف اإلدمان على المخدرات‬
‫‪8‬‬ ‫الفصل الثانى‬
‫‪8‬‬ ‫المبحث االول‪ :‬أسباب تعاطي المخدرات ووسائل مكافحتها‬
‫‪8‬‬ ‫المبحث الثانى ‪:‬أسباب تعاطي المخدرات وآثاره‬

‫‪9‬‬ ‫األسباب الخاصة بالفرد‬


‫‪11‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬دور المجتمع في تعاطي الفرد للمخدرات‬
‫‪11‬‬ ‫آثار تعاطي المخدرات‬
‫‪15‬‬ ‫المبحث الرابع ‪ :‬وسائل مكافحة المخدرات‬
‫‪15‬‬ ‫الوسائل الوطنية‬
‫‪11‬‬ ‫االستنتاجات‬
‫‪18‬‬ ‫التوصيات‬

‫‪19‬‬ ‫الخاتمه‬

‫‪11‬‬ ‫المصادر‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬

‫تمارس المخدرات دورا كبيرا جدا في دفع اإلنسان إلى ارتكاب مختلف الجرائم ‪ ,‬إذ إنها تؤثر على الجهاز‬
‫العصبي والحسي لإلنسان فتفقده السيطرة على نفسه عندما يحتاج إلى جرعة المخدر ‪ ,‬إذ يكون في نفسية‬
‫مضطربة تماما فيكون مستعدا الرتكاب أية جريمة من اجل الحصول على هذه الجرعة ‪ ,‬لكي يتخلص من‬
‫اآلالم الجسدية والنفسية التي يتركها عدم حصوله على المخدر الالزم لتهدئته ‪ ,‬هذا من جانب ومن جانب آخر‬
‫إن المدمن قد يرتكب الجريمة وهو في حالة التأثر بالمخدر إذ إن المخدرات تضعف تمييز الشخص وإدراكه‬
‫لألمور وحكمه عليها ‪ ,‬وبالتالي قد يرتكب الجريمة من حيث ال يعلم كارتكاب جريمة الدعارة أو الزنا أو‬
‫اللواط ‪ ,‬وسواء أكان هذا األمر بالنسبة للرجال أو النساء ‪ .‬بل إن أغلب الجرائم اإلرهابية – كالتفجيرات‬
‫االنتحارية – ترتكب تحت تأثير المخدرات التي تعطى ألولئك االنتحاريين ‪ ,‬وال أكون مبالغا عندما أقول بأن‬
‫لإلرهاب سببا مهما – باإلضافة إلى أسباب أخرى – أال وهو اإلدمان على المخدرات ‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإن المخدرات لها الدور الكبير والمهم في دفع اإلنسان إلى ارتكاب الجريمة سواء من اجل الحصول‬
‫على المخدر أو عندما يكون تحت تأثيره ‪.‬‬

‫والبد من القول بأن اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها يرجع إلى التاريخ القديم إذ يضرب بجذوره فيه ‪ ,‬إذ‬
‫كان اإلنسان منذ آالف السنين يستعمل نباتات معينة تحتوي على مواد تغير من حالة العقل واإلدراك والحس‬
‫‪ ,‬وذلك من اجل الشعور بالسعادة أو تخفيف معاناة مريض معين أو نسيان معاناة الحياة وأعباءها ‪.‬‬

‫ومن بين أهم األسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليها تأتي البيئة األسرية أو المدرسية أو‬
‫أصدقاء السوء أو ظروف العمل أو دور المجتمع عموما أو غير ذلك من األسباب ‪.‬‬

‫وي الحظ بشأن أنواع المخدرات بأنها يمكن أن تنقسم إلى مخدرات نباتية أصلها الطبيعة من خالل النباتات ‪,‬‬
‫أو من الممكن أن تكون تلك المخدرات كيمياوية إذ تدخل النباتات في صناعتها أو تكون كيمياوية بدون تدخل‬
‫النباتات ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مضمون البحث‬

‫يقتضي التطرق في هذا المبحث إلى التعريف بالمخدرات من خالل بيان مفهومها العام والخاص ‪ ,‬باإلضافة‬
‫إلى تحديد مشروعيتها وهل أن استخدام المخدرات يكون مشروعا أم غير مشروع ‪ ,‬وما هي حاالت تلك‬
‫المشروعية أو عدمها ‪ .‬وكذلك تحديد أنواع المخدرات وأشكالها المختلفة حسب المعايير الدولية المتبعة في‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫وبناء على ذلك البد من تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ‪ ,‬نتناول في األول منهما ‪ ,‬مفهوم المخدرات‬
‫ومشروعيتها ‪ ,‬في حين نتطرق في الثاني إلى أنواع المخدرات ‪.‬‬

‫يتطلب هذا الموضوع التطرق إلى فرعين مهمين األول يتناول مفهوم المخدرات ‪ ,‬في حين يتطرق الثاني‬
‫‪ ,‬إلى مشروعيتها ‪.‬‬

‫إن التعرف على مفهوم المخدرات يقتضي التطرق إلى تعريفها أوال سواء أكان ذلك على المستوى اللغوي‬
‫أو القانوني أو الدولي ‪ ,‬باإلضافة إلى التطرق إلى تعريف اإلدمان على المخدرات الن مصطلح اإلدمان يرد‬
‫متالزما مع المخدرات في معظم األحوال سواء لوحده أو مع مصطلح آخر هو التعاطي والذي يسبق اإلدمان‬
‫من الناحية الزمنية ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل االول‬
‫المبحث االول‬

‫أوال ‪ /‬تعريف المخدرات ‪:‬‬

‫إن تعريف المخدرات في اللغة يقارب إلى حد ما تعريفها في االصطالح الفني أو العلمي أو القانوني ‪ ,‬إذ‬
‫تدور المعاني في مجملها حول التخدير والخدر ‪.‬‬

‫ففي اللغة ( تعني كلمة الخدر الكسل أو الفتور ‪ ,‬والمخدر يعني المضعف والمفتر ‪ ,‬ويقال تخدر الشخص أي‬
‫ضعف وفتر) (‪ ( . )1‬وتعني كلمة ( الخدر ) الستر ‪ ,‬وجارية مخدرة أي إذا لزمت الخدر ‪ ,‬والخدر في الرجل‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ .‬والمخدر لغة يعني أيضا الظلمة والخدرة الظلمة الشديدة ‪ ,‬والخادر الكسالن ‪ ,‬والخدر من‬ ‫بابه طرب )‬
‫الشراب والدواء ‪ :‬فتور وضعف يعتري الشارب (‪. )3‬‬

‫(( والمخدرات فنيا تعني العقاقير المجلبة للنوم ‪ ,‬وفي القاموس الطبي تعني العقاقير المخدرة العقاقـــير التي‬
‫تسبب النوم أو التخديــــــر ‪ ,‬بينما تعني المواد النفسيــــة المواد التي تــؤثر على العقل ( المؤثرات العقلية ) ‪,‬‬
‫وفي الفارماجولوجيا تعد العقاقير المخدرة والمواد النفسية من العقاقير ذات التأثير على الجهاز العصبي‬
‫المركزي ‪ ,‬وتعرف العقاقير المخدرة بأنها العقاقير التي تخفف األلم وتحدث النوم أو النسيان وتحدث اعتمادا‬
‫جسميا ونفسيا وعند التوقف عن تعاطيها تحدث أعراض االنقطاع‪,‬بينما تعني المواد النفسية العقاقير التي تؤثر‬
‫على الحالة النفسية والسلوك )) (‪. )4‬‬

‫أما اصطالحا فإنه ال يوجد تعريف جامع مانع يتفق عليه العلماء للمخدرات ‪ ,‬إال انه يمكن القول بأن المخدرات‬
‫هي ( كل مادة مسكرة أو مفترة طبيعية أو مستحضرة كيميائيا من شأنها أن تزيل العقل جزئيا أو كليا ‪ ,‬وتناولها‬
‫يؤدي إلى اإلدمان ‪ ,‬بما ينتج عنه تسمم في الجهاز العصبي ‪ ,‬فتضر الفرد والمجتمع ‪ ,‬ويحظر تداولها أو‬
‫زراعتها أو صنعها إال ألغراض يحددها القانون وبما ال يتعارض مع الشريعة اإلسالمية‬

‫وبالنسبة للتعريف القانوني للمخدرات فقد عرفتها معظم قوانين المخدرات في البالد العربية ومنها العراق في‬
‫قانون المخدرات ‪ ,‬حيث عرف المخدر بأنه ( كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المدرجة في الجدولين‬
‫األول والثاني الملحقين بهذا القانون ) (‪ . )6‬وتطرق القانون اللبناني إلى تعريف المخدرات بالقول أن ( عبارة‬
‫– مخدرات – يقصد بها جميع النباتات والمواد الطبيعية والتركــيبية والمنتجات الموضوعة تحت المراقبــة‬
‫والخاضعـــة لتدابيــر رقابيــة بمـــوجب أحكام هذا القانون ) (‪. )7‬‬

‫‪5‬‬
‫كما أن فقهاء القانون قد عرفوا المخدرات بأنها(تلك المواد التي تسبب تسمم الجهاز العصبي وهي مجموعة‬
‫من المواد ينشئ عنها اإلدمان‪,‬وبدون األغراض التي يحددها القانون فإنه يحظر تـــداولها أو زراعتــها أو‬
‫(‪)8‬‬
‫‪.‬‬ ‫صنعـها بحيــــث ال يجـــوز استعمـــالها إال بواسطة من رخص القانون لهم بذلك)‬

‫المبحث الثانى ‪:‬‬

‫تعريف اإلدمان على المخدرات‪:‬‬

‫يعرف اإلدمان على المخدرات وفقا لتعريف هيئة الصحة العالمية في كتيب صدر عنها سنة (‪ )1773‬بأنه (‬
‫حالة نفسية ‪ ,‬وأحيانا عضوية ‪ ,‬تنتج عن تفاعل الكائن الحي مع العقار ‪ ,‬ومن خصائصها استجابات وأنماط‬
‫سلوك مختلفة ‪ ,‬تشمل دائما الرغبة الملحة في تعاطي العقار بصورة متصلة أو بين الحين واآلخر للشعور‬
‫بآثاره النفسية أو لتجنب اآلثار المزعجة الناجمة عن عدم توفره ‪ ,‬وقد يدمن المتعاطي على أكثر من مادة‬
‫واحدة في الوقت عينه ) (‪. )7‬‬

‫وقد عرف اإلدمان أيضا بأنه ( حالة تكيف اإلنسان بدنيا ونفسيا أو كليهما مع عقار يسيء استخدامه بحيث‬
‫تظهر عليه أعراض االنقطاع عند التوقف عن التعاطي ) (‪. )11‬‬

‫أما خصائص اإلدمان فتمثل بالحاجة النفسية وأحيانا العضوية للحصول على العقار المخدر ‪ ,‬كما توجد الرغبة‬
‫الملحة في االستمرار بتعاطي مجموعة عقاقير أو عقار ما مهما كانت الوسيلة لذلك وان كانت األخيرة غير‬
‫مشروعة‪ ,‬كما أن زيادة الجرعات بصورة تصاعدية يعود إلى تعود جسم المدمن على العقار وعدم اكتفائه‬
‫بالجرعة السابقة ‪ ,‬هذا مع ظهور األعراض الجسدية والنفسية المميزة لكل عقار وبالخصوص في حالة‬
‫االنقطاع عنه فجأة (‪. )11‬‬

‫أما بالنسبة للتعاطي فإنه يمثل المرحلة األولى لإلدمان أو المرحلة التي تسبقه ‪ ,‬وعلى ذلك يظهر مستويين‬
‫للتعاطي ‪ ,‬األول يتمثل بالتعاطي على سبيل إحداث شعور بالسعادة واالنشراح أو مشاركة األصدقاء أو على‬
‫سبيل االستكشاف والتجريب ‪ ,‬أما المستوى الثاني وهو األكثر خطورة فهو اإلدمان على نوع معين أو أكثر‬
‫من العقاقير وصعوبة االمتناع عن تعاطيه ‪ ,‬وبالتالي يعرف التعاطي بأنه ( االستخدام غير الطبي أو العالجي‬
‫للمخدرات وذلك بتناول اإلنسان لمادة أو أكثر من المواد المسببة لإلدمان ) ‪.‬‬

‫ويالحظ بان هناك بعض المصطلحات المرتبطة باإلدمان يجب توضيحها ولو بشيء من اإليجاز مثل االنقطاع‪,‬‬
‫وقوة التحمل ( المناعة)‪ .‬فاالنقطاع معناه ( جميع األعراض البدنية والنفسية التي تصيب المدمن نتيجة تناوله‬
‫للعقار المدمن عليه أو عند حرمانه منه نهائيا ‪ ,‬وتكون تلك األعراض حسب نوع العقار المدمن عليه ) ‪ ,‬أما‬
‫قوة التحمل ( المناعة ) فيقصد بها (( الحالة التي تنشأ للمدمن عند مستوى معين من اإلدمان حيث يظهر التأثير‬

‫‪6‬‬
‫التنازلي للجرعة ذاتها من المادة ‪ ,‬أو الشعور بالحاجة إلى جرعة اكبر من هذه المادة المخدرة إلحداث الدرجة‬
‫ذاتها من الت أثير وهذا ما يؤدي إلى أن حساسية السم تفقد قابليتها في التحسس مما يؤدي إلى انخفاض درجة‬
‫استجابة الجسم للجرعة نفسها من العقار عند تكرار استعمالها ‪ ,‬أما قوة التحمل المضادة ( المناعة المضادة )‬
‫فمعناها تلك الحالة التي تؤدي إلى إيجاد مناعة لعقار آخر غير الذي أوجدها ‪ ,‬أي انه عند استعمال عقار معين‬
‫تنشأ حالة مناعة ليست مرتبطة به بل تتسع لتشمل عقار آخر غيره ))‬

‫‪7‬‬
‫الفصل الثانى‬

‫المبحث االول‬

‫أسباب تعاطي المخدرات ووسائل مكافحتها ‪:‬‬

‫إن ألية ظاهرة من الظواهر سواء أكانت سيئة أو حسنة عدة أسباب تؤدي إليها ‪ ,‬وهذه األسباب قد يكون‬
‫مرجعها الفرد في ذاته ‪ ,‬أو المجتمع في تكوينه العام وجزيئاته الكلية إذ يشجع على وجود هذه الظاهرة ‪ ,‬والذي‬
‫يعنينا هنا كون الظاهرة ذات األساس الفردي أو االجتماعي ضارة بالفرد والمجتمع وبالتالي يجب البحث عن‬
‫وسائل مكافحتها أو التصدي لها لتقليل خطورتها الفردية واالجتماعية معا أو إعدام تلك الخطورة نهائيا ‪ ,‬وهذا‬
‫في الواقع ال يأتي إال بتكثيف الجهود ( بدافع جدي ) الفردية واالجتماعية في الوقت ذاته لمواجهة تلك الظاهرة‬
‫‪ .‬بل إن للجهود األخرى االقتصادية والسياسية والثقافية وبالخصوص اإلعالمية منها دورا مهما في مكافحة‬
‫أو إنهاء تلك الظاهرة وآثارها السلبية على المجتمع بصورة عامة ‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإن لظاهرة المخدرات أسباب تؤدي إليها ‪ ,‬وينبني على ذلك ضرورة وجود وسائل وسبل مختلفة‬
‫لمكافحة هذه الظاهرة التي هي بدورها متنوعة ‪ .‬وعلى ذلك سينقسم هذا المبحث إلى مطلبين نتعرض في‬
‫األول منهما إلى أسباب تعاطي المخدرات وآثاره ‪ ,‬ونتناول في ثانيهما وسائل مكافحة هذه الظاهرة سواء‬
‫أكانت وسائل وطنية أم دولية ‪.‬‬

‫المبحث الثانى‬

‫أسباب تعاطي المخدرات وآثاره ‪:‬‬

‫يمكن القول بان أسباب تعطي المخدرات تنحصر في مجموعتين رئيستين ‪ ,‬األولى خاصة بالفرد ‪ ,‬أما الثانية‬
‫فتتعلق بالمجتمع عموما ‪ .‬وعلى ذلك البد من التطرق إلى هذا الموضوع في فرعين مستقلين ‪ ,‬نتعرض في‬
‫األول إلى األسباب الخاصة بالفرد ‪ ,‬في حين نتناول في الثاني دور المجتمع في تعاطي الفرد للمخدرات ‪ ,‬في‬
‫حين نتطرق في الثالث إلى آثار تعاطي المخدرات ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫األسباب الخاصة بالفرد ‪:‬‬

‫هناك مجموعة من األسباب التي ترجع إلى الفرد خصوصا وتشكل عامال مهما في دفعه إلى تعاطي المخدرات‬
‫أو اإلدمان ( االعتماد ) عليها ‪ .‬ويمكن إجمال هذه األسباب بما يأتي ‪:‬‬

‫أوال ‪ /‬عدم التقيد بالحدود الدينية ‪:‬‬

‫إن للدين تأثيرا كبيرا جدا في تكوين شخصية اإلنسان وجعلها متفاعلة بصورة إيجابية مع المجتمع ‪ ,‬ولألديان‬
‫على مر التاريخ انعكاسات ايجابية على نفسية اإلنسان وبالتالي على سلوكياته ‪ .‬إذ تعد األديان – ومنها ديننا‬
‫الحنيف – احد أهم األسباب التي تمنع من ارتكاب الجرائم المختلفة ‪ .‬فالحدود الدينية تمنع أي إنسان من‬
‫االعتداء على غيره من بني البشر ‪ ,‬بل تمنعه حتى من االعتداء على نفسه باالنتحار أو تناول المخدرات أو‬
‫المسكرات ‪ .‬لذلك نجد أن اإلنسان الملتزم دينيا متقيدا بتلك الحدود وبالتالي ال يرتكب األفعال التي تعد مخالفة‬
‫للدين الذي يعتنقه ‪ ,‬مع مالحظة أن الدين هو دين واحد منذ زمن نبي هللا آدم (ع) إلى زمن نبينا محمد (ص‬
‫وآله) ‪ .‬ويعد ضعف الوازع الديني أو قلته من أهم األسباب التي تساهم في ازدياد عدد الجرائم ‪ ,‬ومنها جرائم‬
‫المخدرات ‪ ,‬ويالحظ تأثير هذا العامل نفسية اإلنسان الن الدين يتعـــامل مــــع باطــن اإلنســــان ونفسيته‬
‫(‪)27‬‬
‫‪ .‬وبما أن الجريمة وفقا للتفسير الديني تنبعث من مصادر داخلية لإلنسان‬ ‫قبـــل أن يتعامـــل مــع ظاهره‬
‫لذلك فان الجريمة ليست إال انقالب للحقائق ناشئ من الخطأ في التصور أو الوهم في التفكير ‪ ,‬وهذا المرض‬
‫الفتاك هو الذي يؤدي إلى الظاهرة اإلجرامية إذ تعد األخيرة نتيجة حتمية الضطراب النفس وانحراف التفكير‬
‫وعدم الشعور أو اإلحساس بالخطيئة من قبل مرتكب الجريمة ومنها المخدرات لقناعته أن ما يرتكبه هو مباح‬
‫ومشروع بالنسبة له (‪. )31‬‬

‫ثانيا ‪ /‬زيادة القدرة المالية للفرد ‪:‬‬

‫بال شك أن زيادة القدرة المالية للفرد وبالخصوص بالنسبة إلى فئة السباب تساهم مساهمة فعالة في ازدياد‬
‫جرائم المخدرات ‪ ,‬وتتوسع هذه الجرائم مع زيادة حجم الحرية التي تعطيها العائلة ألبنائها ‪ .‬ويالحظ بان هناك‬
‫ارتباط وثيق جدا بين المقدرة المالية وبيئة الفراغ ‪ ,‬حيث تعد أوقات الفراغ فترات زمنية ترويحية ‪ ,‬لذلك‬
‫يحاول بعض المترفين تعاطي المخدرات أو المسكرات بوصفها من مصادر النشوة والسعادة أو لنسيان الهموم‬
‫ومشاكل العمل والترويح عن النفس ‪ ,‬إال أن األمر يتطور بعد ذلك إلى اإلدمان على هذه المسكرات أو‬
‫المخدرات مع ما يترتب على ذلك من آثار سيئة على الفرد المدمن والمجتمع بصورة عامة (‪. ) 31‬‬

‫‪9‬‬
‫ثالثا ‪ /‬التقليد ‪:‬‬

‫في كثير من وقائع حياتنا اليومية نالحظ وجود التقليد لدى عدد كبير من األطفال والشباب بل وحتى الكبار ‪,‬‬
‫من خالل محاولة هؤالء تقليد غيرهم في بعض المظاهر‪ ,‬سواء أكانت حسنة أم سيئة ‪ ,‬ونشاهد أيضا كثيرا‬
‫من األ طفال يدخنون السكائر أو يشربوا الخمر أو يتعاطوا المخدرات ال لشيء أال ألنهم يريدوا أن يقلدوا‬
‫قدواتهم السيئة سواء أكان هؤالء القدوات هم اآلباء أو اإلخوة أو األصدقاء ‪ ,‬ومن هنا نالحظ أيضا التأثير‬
‫الكبير الذي تتركه بيئة الصداقة السيئة على المجتمع من خالل انحراف األبناء في تيار لجريمة على مختلف‬
‫أنواعها ومنها المخدرات ‪ .‬وبالتالي تظهر ضرورة اختيار األصدقاء الجيدين والملتزمين أخالقيا سواء أكان‬
‫ذلك في بيئة المدرسة أو بيئة العمل أو في المجتمع عموما ‪.‬‬

‫رابعا ‪ /‬السلوك المنحرف لبعض األفراد ‪:‬‬

‫يؤدي السلوك المنحرف لبعض األفراد إلى ارتكاب جرائم المخدرات ‪ ,‬حيث يالحظ بان معظم جرائم المخدرات‬
‫وإدمان الخمور ترتبط بأنواع أخرى من السلوك المنحرف كالمراهنات ولعب القمار أو الميسر ‪ ,‬والنشاط‬
‫الجنسي غير المشروع ‪ ,‬وإقامة الحفالت الماجنة للرقص الرخيص أو للخالعة ‪ ,‬وكذلك االختالط المزري‬
‫بين الجنسين ‪ ,‬وهنا يالحظ بان المدمن أو السكران في لحقيقة قد يصل إلى مرحلة تفقده شعوره أو سيطرته‬
‫على نفسه مما يؤدي إلى ارتكابه مختلف الجرائم سواء كانت الجنســــية والتي قد تصل إلى زنا المحــــارم ‪,‬‬
‫(‪)32‬‬
‫‪ .‬والبد من اإلشارة إلى أن تعاطي‬ ‫أو الجرائم األخالقية األخرى أو حتى جرائم القتل أو غير ذلك‬
‫المخدرات قد يكون سببه التغلب على الخوف االجتماعي من اآلخرين ‪ ,‬فالشخص عند تعاطيه المخدرات‬
‫سوف يتغلب على هذا الخوف وبالتالي سيحضر إلى الحفالت أو المناسبات االجتماعية أو يتكلم مع من يحبها‬
‫مثال أو يستطيع أن يحضر الدرس ‪ ,‬وعلى ذلك فإن معظم المصابين بالرهاب ( الخوف ) االجتماعي سوف‬
‫(‪)33‬‬
‫‪.‬‬ ‫يلجأون إلى تعاطي المخدرات ‪ ,‬وهذا ما يؤدي إلى ارتكابهم الجريمة‬

‫خامسا ‪ /‬انخفاض مستوى التعليم ‪:‬‬

‫يعد هذا السبب من أهم األسباب الخاصة بالفرد والتي تزيد من نسبة مدمني المخدرات ومتعاطيها ‪ ,‬إذ أن‬
‫المروجين للمخدرات قد يوهمون األشخاص غير المتعلمين بان تعاطي المخدرات سوف يزيد من نسبة الذكاء‬
‫وتحصيل المعرفة بصورة أسرع وبطريقة أكثر اختصار ‪ ,‬في حين إن الحقيقة تجافي هذه الوهم الكاذب ‪,‬‬
‫كذلك قد يوهم بعض األشخاص – وقد يكون من بينهم متعلمين – بان تعاط بعض أنواع من المخدرات سوف‬
‫يزيد من القدرة الجنسية لذلك يلجا الشباب المنحرف إليها عند ممارستهم الزنا ‪ ,‬ال بل حتى األشخاص‬
‫المتزوجين زواجا مشروعا قد يلجأوا إلى المخدرات العتقادهم الخاطئ بأنها سوف تزيد من قدرتهم الجنسية‬

‫‪11‬‬
‫وبالخصوص في األيام األولى من الزواج ‪ ,‬في حيــــن أن لهـــذه المخـــــدرات األثر السلبــــي والسيئ سواء‬
‫على صحة اإلنسان أو على أخالقه (‪. )34‬‬

‫وينبغي اإلشارة هنا إلى إن موضوع الثقافة والتعليم يمارس ويؤدي دورا كبيرا جدا في صنع شخصية اإلنسان‬
‫وتكيفه مع طبيعة الحياة وظروفها ومشاكلها المختلفة ‪ ,‬فالمالحظ وحسب اإلحصاءات والمالحظات الميدانية‬
‫إن جرائم المخدرات مثل التعاطي واإلدمان أو الترويج والتجارة تكثر في األحياء أو المناطق المتدنية في‬
‫مستواها االجتماعي والثقافي واالقتصادي أو كما تسمى في أميركا باألحياء القذرة ‪ ,‬إذ يتعرض الشخص في‬
‫هذه األحياء ل مرافقة أصحاب الرذيلة والسوء ‪ ,‬باإلضافة إلى وضع أبنيتها غير النظامية ( العشوائية ) والتي‬
‫تساعد على االختفاء أو الهرب عند مطاردة الشرطة ‪ ,‬وفي الدول العربية تنتشر ظاهرة تعاطي المخدرات في‬
‫أحياء كثيرة منها ‪ ,‬ومن أمثلة ذلك أحياء الكرنتينة وغليل التي تقع في جنوب مدينة جدة في المملكة العربية‬
‫السعودية ‪ ,‬إذ شاعت مقولة مفادها أن الداخل إلى شوارع كرنتينة مفقود والخارج منها مولود وبالخصوص‬
‫بعد العاشرة ليال ‪ ,‬وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على خطورة مثل هذه األحياء التي ينتشر فيه التخلف‬
‫االجتماعي واالقتصادي والثقافي وتنعدم فيها الخدمــــات األساسية وهذا ما يشجــــع علـــــى اإلجرام فيها‬
‫(‪)35‬‬
‫‪ .‬ومن هنا يأتي دور أماكن التعليم سواء كانت المدارس الحكومية أو غيرها في الحد أو القضاء على‬
‫ظاهرة اإلدمان على المخدرات ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫دور المجتمع في تعاطي الفرد للمخدرات ‪:‬‬

‫تعد األسرة الخلية االجتماعية األولى أو اللبنة األساسية للمجتمع و وعلى ذلك ينبغي التركيز على دور األسرة‬
‫في صقل شخصية اإلنسان وبالخصوص عندما يكون في مراحل عمره األولى ‪ ,‬حيث إن الشواهد واألحداث‬
‫تدل على أن الطفل يصطبغ بصبغة أسرته ‪ ,‬فإذا كانت أسرته منحرفة وسيئة انعكس ذلك على تصرفات الطفل‬
‫أو الشاب وبالخصوص عندما يعلم اآلباء أبناءهم كيف يرتكبون الجرائم كوسيلة لمعيشة العائلة ‪ ,‬وعلى ذلك‬
‫يصبح اإلنسان متأثرا بأسرته المنحرفة في ارتكاب مختلف الجرائم ومنها المخدرات ‪ .‬أما في حالة كون‬
‫األسرة بالمبادئ األخالقية والفضائل الكريمة فان هذا األمر بال شك سينعكس على أخالق االبن وبالتالي تغدو‬
‫الجريمة أمرا محرما علية سوء دينيا أو أخالقيا أو حتى قانونيا ‪ ,‬حيث ستنغرس هذه المبادئ وتلك الفضائل‬
‫في نفسية الطفل لتصبح شيئا ال يمكن تخطيه أو تجاوزه بأي حال من األحوال ‪ .‬وهذا األمر وإن لم يكن مطلقا‬
‫تماما إال انه الغالب أو القاعدة العامة في المجتمع ‪ ,‬حيث توجد بعض االستثناءات التي يترتب عليها وجود‬
‫المنحرفين في عوائل محترمة وملتزمة باألخالق والدين والقانون ‪ ,‬في حين يوجد بعض الملتزمين بهذه‬
‫المبادئ في عوائل منحرفة ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ويبرز التصدع العائلي بهجر الزوج لزوجته أو طالقه لها أو لسوء عالقتهما النفسية أو الجنسية أو لوجود‬
‫تناقض بينهما من حيث إن احدهما بخيال وآلخر مسرفا أو أن احدهما انبساطيا واآلخر انطوائيا أو أن احدهما‬
‫متحررا واآلخر محافظا ‪ ,‬أو أن كالهما مدمنا على المخدرات أو المسكرات أو أن كالهما يمارس الدعارة ‪,‬‬
‫وبالتالي قد توجد تناقضت كثيرة أخرى تؤدي إلى انحراف االبن لعد اهتمام والديه به ‪ ,‬وكثير من اإلحصائيات‬
‫والدراسات الميدانية وبالخصوص في العراق أثبتت أن سبـــب االنحــــراف األخالقي لألحــــداث يزيــــد في‬
‫عوائل األحــــداث الجانحيـــن قياسا بعوائل غير الجانحين (‪.)36‬‬

‫أما بالنسبة للتأثيرات االجتماعية األخرى والتي قد تساهم مساهمة فعالة في كثرة اإلدمان على المخدرات في‬
‫على سبيل المثال توفر مواد اإلدمان عن طريق المهربين والمروجين ‪ ,‬ووجود أماكن اللهو في بعض‬
‫المجتمعات ‪ ,‬والتساهل في استخدام العقاقير المخدرة وتركها دون رقابة ‪ ,‬واالنفتاح االقتصادي دون رقابة ‪,‬‬
‫وضعف دور اإلعالم ووسائله المختلفة في بيان أخطار ظاهرة اإلدمان على المخدرات ‪ ,‬وجود العمالة األجنبية‬
‫‪ ,‬وتعد هذه األسباب من أهم األسباب االجتماعية والتي يمارس فيها المجتمع دوره في جعل اإلنسان مدمنا‬
‫على المخدرات من خالل تسهيل حصوله عليها دون رقابة تذكر ‪ ,‬وكـــذلك عن طــريق خلــق األجواء التي‬
‫تســـاعـــد على ارتكاب تلك الجـــــرائم الخــــاصـــة بالمخدرات (‪. )37‬‬

‫آثار تعاطي المخدرات ‪:‬‬

‫يترتب على تعاطي المخدرات أو اإلدمان ( االعتماد ) عليها جملة من اآلثار‪ ,‬وفي مقدمتها تظهر اآلثار الدينية‬
‫المترتبة على ذلك ‪ ,‬ويبرز أيضا انعكاس اإلدمان على حجم الظاهرة اإلجرامية في المجتمع ‪ ,‬بل إن األمر‬
‫يتعدى حدود التأثير اإلجرامي على السلوك البشري ليتخطاه إلى التأثير على النواحي السمية والنفسية للمتعاطي‬
‫أو المدمن ‪ ,‬وكذلك فان هناك آثارا اقتصادية وأخرى سياسية واجتماعية تترتب على تعاطي المخدرات أو‬
‫اإلدمان ( االعتماد ) عليها ‪ .‬وعلى ذلك سنتناول ذلك وفقا للنقاط اآلتية ‪-:‬‬

‫أوال ‪ /‬اآلثار الدينية ‪:‬‬

‫مما الشك فيه وال ريب أن هللا سبحانه وتعالى هو الذي خلق اإلنسان وكل شيء على هذه األرض ‪ ,‬وهو‬
‫الذي يعرف األشياء التي تحقق لإلنسان الخير وتلك التي تجلب عليه الشر ‪ ,‬باإلضافة إلى أن النفس البشرية‬
‫متكونة من جزئين هما الخير والشر وأيهما يغلب على اآلخر فانه سينعكس على تصـــرفات اإلنسان ‪ ,‬وكــــل‬
‫(‪)38‬‬
‫‪ .‬وبالتالي فان‬ ‫ذلك مصــــداقا لقــــوله تعــــالى (( ونفــــس وما سواها‪ .‬فألهمها فجورها وتقواها ))‬
‫اإلنسان يستطيع أن يختار طريق الخير كما يستطيع أن يختار طريق الشر والجريمة وهذا االختيار يكون عن‬
‫طريق العقل الذي أعطاه هللا سبحانه وتعالى له ليميز به طريق الخير وطريق الشر ‪ .‬كما إن هللا سبحانه وتعالى‬
‫قد نهى عن تعاطي المخدرات عموما أو المسكرات وما يرتب بها من أعمال أو ممارسات قد تؤدي إليها‬

‫‪12‬‬
‫كالميسر وذلك لقوله تعالى (( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم‬
‫عن ذكر هللا وعن الصالة فهل انتم منتهون )) (‪ . )37‬وواضح جدا من هذه اآلية الكريمة اآلثار التي يمكن أن‬
‫تترتب على تعاطي المخدرات ( الخمر ) أو اإلدمان عليها وهي حصول العداوة ومن ثم البغضاء بين األشخاص‬
‫وبالتالي ارتكاب مختلف الجرائم بحقهم نتيجة ذلك الدافع النفسي والذي يكون نتيجة المخدرات وبالتالي الوقوع‬
‫في المحرمات الدينية ‪ ,‬باإلضافة إلى أن اإلدمان سيؤدي إلى نسيان هللا تعالى ونسيان ذكره جل وعال دائما‬
‫عن طريق الصد واالحتجاب عن الصالة والتي هي عمود الدين وبالتالي انعدام وجود أية قوة معنوية تقف في‬
‫وجه الجريمة ‪ ,‬وهذا من وجهة أخرى يبين أن ذكر هللا تعالى واإلدامة على الصالة يؤدي إلى تكوين نفسية‬
‫قوية تواجه مغريات الجريمة وتقف في وجه الرذائل التي نهانا هللا تعالى عنها ‪ ,‬مما ينعكس بدوره على‬
‫تصرفات اإلنسان المادية وبالتالي عدم االنجراف في تيار الجريمة ومنها تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليها‬
‫‪.‬‬

‫ثانيا ‪ /‬اآلثار اإلجرامية ‪:‬‬

‫تعد المخدرات من أهم األسباب المباشرة التي تؤدي إلى إجرام المتعاطي أو المدمن ‪ ,‬حيث إنها تؤدي إلى‬
‫(‪)41‬‬
‫‪,‬‬ ‫إحداث خلل في الجهاز العصبـــــي فيفقـــــد اإلنسان سيطرته على مــراكز السيطــــرة فــي الدماغ‬
‫وبالتالي تضعف الكوابح أو القيم األخالقية لدى اإلنسان فتظهر الشهوات الحيوانية لديه مما ينعكس على‬
‫ارتكاب الجرائم األخالقية وبالخصوص الجرائم الجنسية ‪ ,‬كما تظهر لدى اإلنسان الدوافع التي تمكنه من‬
‫ارتكاب أي فعل في سبيل إشباع حاجاته وان كان ذلك اإلشباع على حســـاب انتهاك حقوق اآلخرين‬
‫(‪)41‬‬
‫إن اإلدمان على المخدرات‬ ‫وحرياتهـــــم وذلك باالعتـــــداء عليهـــم بالجريمة ‪ .‬وكما يقول بعض الباحثين‬
‫يؤدي إلى تحول المدمن إلى إنسان كسول غير مستقر مما يوجد في النهاية التشرد وبالتالي السرقة ‪ ,‬ويتحول‬
‫اإلنسان إلى فرد شكاك كثير التهيج وخائف وجبان والى صيرورته إنسان مشاكس ‪ ,‬وكنتيجة لهذا الجبن او‬
‫الخـــــوف يكون المدمــــن دائما في حالــــة هجـــــوم وعدوان على اآلخرين فتحصل جريمة االعتداء من‬
‫(‪)42‬‬
‫– عن طريق تفجير المدمن‬ ‫قبله عليهم ‪ ,‬فالعالقة مباشرة بين جرائم السرقة والنهب والسلب واإلرهاب‬
‫لنفسه بين الناس – واالعتداء على األشخاص بالقتل أو الجرح أو الضرب والحرائق وحوادث المرور وبين‬
‫جرائم المخدرات ‪ ,‬ال بل إن الفرد قد يزني بأحد محارمه نتيجة وقوعه تحت تأثير السكر أو لمخدر ‪ ,‬أو أن‬
‫يصبح الفرد في حالة الدياثة أو التخنث بفعل المخدرات ألنه يضطر دائما للحصول على األموال من زوجته‬
‫أو أخته أو أمه أو بنته ليحصل على المخدرات ونظرا لوقوعه تحت طلب الحاجة الملحة الشديدة فانه ال‬
‫يحاسب محارمه على الطريقة التي تحصل بموجبها على األموال والتي تكون عن طريق الزنا أو الدعارة أو‬
‫السرقة وهذا ما يحصل في اغلب األحوال ‪ ,‬وهذا ما يقودنا لإلشارة إلى اآلثار غير المباشرة للمخدرات سواء‬
‫على الزوجة أو األم أو األخت (‪ , )43‬أو اآلثار غير المباشرة التي تحصل لذرية المدمن سواء من حيث اآلثار‬

‫‪13‬‬
‫السلوكية من خالل انحراف األوالد ‪ ,‬أو من حيث اآلثار الوراثية حيث إن معظم الوالدات المشوهة تحصل‬
‫نتيجة اإلدمان على المسكر أو المخدرات ‪ ,‬وهذا ما أثبتته الدراسات الطبية في هذا المجال ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ /‬اآلثار الجسمية والنفسية ‪:‬‬

‫للمخدرات تأثيرات جسمية مباشرة تترك أثرها على األعضاء الجسمية الخارجية أو الداخلية للمدمن ‪ ,‬ومن‬
‫أهم تلك اآلثار هي فقدان الشهية للطعام مما يؤدي إلى النحافة والضعف العام والهزال واصفرار الوجه أو‬
‫اسوداده باإلضافة احمرار العينين ووجود طبقة دائرية سوداء حولهما ‪ ,‬كما تؤدي المخدرات إلى التدرن‬
‫الرئوي عن طريق التهيج الموضعي لألغشية المخاطية والشعب الهوائية للجهاز التنفسي ‪ ,‬كما يحدث‬
‫اضطراب للجهاز الهضمي وكثرة الغازات وسوء الهضم والشعور باالمتالء واالنتفاخ في لمعدة تنتهي‬
‫باإلمساك أو اإلسهال كما يؤدي إلى توقف غدة البنكرياس عن عملها مما يؤدي إلى اإلصابة بمرض السكر‪,‬‬
‫كما يتضرر الكبد ويتليف حيث تتحلل خاليا الكبد عن طريق المخدرات ‪ ,‬كما يلتهب المخ وتتحطم وتتآكل‬
‫ماليين الخاليا العصبية مما يؤدي إلى الهلوسة وفقدان الذاكرة ‪ ,‬كما تؤدي إلى أمراض القلب عن طريق تكسر‬
‫خاليا الدم الحمراء وارتفاع ضغط الدم ‪ ,‬وتؤدي المخدرات أيضا إلى التأثير على النشاط الجنسي حيث تقلل‬
‫القدرة الجنسية ‪ ,‬وكذلك اإلصابة بنوبات الصرع ‪ ,‬باإلضافة إلى إيجاد مشاكل صحية لدى المدمنات الحوامل‬
‫حيث يتشوه المول ود خلقيا أو يولد فاقدا لبعض األعضاء هذا إن لم يمت الجنين في رحم أمه المدمنة قبل أن‬
‫يولد ‪ ,‬كما تعد المخدرات من أهم األسباب التي تؤدي لإلصابة بأشد األمراض فتكا باإلنسان كالسرطان (‪.)44‬‬

‫أما بالنسبة لآلثار النفسية فإنها تتمثل بان المخدرات تسبب ف التوتر االنفعال للمدمن والذي يؤدي إلى الشعور‬
‫بعدم القدرة على التكيف والتواؤم االجتماعي مع اآلخرين ‪ ,‬كما تحدث المخدرات اختالال في التفكير العام‬
‫وصعوبة وبطء القيام به ويترتب على ذلك فساد الحكم على األمور أو الحاالت التي قد يواجهها المدمن ‪,‬‬
‫باإلضافة إلى أن التوتر النفسي المستمر والقلق والشعور بعد االستقرار مع العصبية الجاهزة في أي وقت‬
‫والحدة في التعامل والمزاج المعكر وإهمال النفس والمظهر ‪ ,‬وعدم القدرة على العمل ‪ ,‬كل ذلك يعد من آثار‬
‫اإلدمان على المخدرات ‪ ,‬كما أن الشعور بالسعــــادة والنشــــوة سرعــــــان ما يتغيـــــر ويتحول إلى نــــدم‬
‫وحالة ألــــم وإرهاق مصحوب باالكتئاب والخمول ( ‪. )45‬‬

‫رابعا ‪ /‬اآلثار االجتماعية ‪:‬‬

‫يمكن اإلشارة إلى أن هذه اآلثار تنقسم إلى قسمين ‪ ,‬األول يتعلق باآلثار االجتماعية في عالقة المدمن مع‬
‫المجتمع عموما ‪ ,‬أما الثاني فيظهر من خالل عالقة المدمن بأسرته ‪ .‬فاإلدمان على المخدرات يجعل من‬
‫المدمن شخصا غير مقبول اجتماعيا وهذا ما سينعكس على عالقاته مع اآلخرين بوصفه شخصا مرفوض‬
‫اجتماعيا سواء أكان ذلك في مكان العمل أو مع أصدقائه وهذا ما يؤدي إلى صعوبة إقامته العالقات مع‬
‫اآلخرين بل وربما حتى مع نفسه ‪ ,‬حيث من الممكن أن يصل المدمن إلى مرحلة معينة بحيث ال يستطيع أن‬
‫‪14‬‬
‫يقتنع بنفسه أو بوجوده مما يدفعه إلى االنتحار ‪ .‬أما بالنسبة آلثار المخدرات على األسرة فيظهر ذلك من خالل‬
‫العالقة بين الوالدين في البيت ‪ ,‬وكذلك والدة أطفاال مشوهين ‪ ,‬باإلضافة إلى زيادة اإلنفاق على المخدرات‬
‫سيجعل دخل األسرة محدودا مما قد يدفع الزوجة أو األم أو اإلخوان أو األبناء إلى السقوط هاوية الجريمة ‪,‬‬
‫باإلضافة إلى توتر العالقات األسرية والعيش في جو من المشاكل االجتماعية التي ليس لها حال وال تنتهي‬
‫غالبا إال بضياع األسرة وتفككها وهذا ما ينعكس بدوره على المجتمع ‪.‬‬

‫المبحث الرابع‬

‫وسائل مكافحة المخدرات ‪:‬‬

‫نظرا لكون ظاهرة اإلدمان على المخدرات من المشاكل التي يعاني منها المجتمع عموما ‪ ,‬سواء على المستوى‬
‫الوطني أو الدولي ‪ ,‬لذلك يبدو من الالزم والواجب أيضا أن يتم البحث عن وسائل مكافحة هذه الظاهرة على‬
‫هذين المستويين ‪ ,‬وعلى ذلك فإنهما يتضمنان مجموعة وسائل تسعى إلى مكافحة هذه الظاهرة وذلك بالقضاء‬
‫عليها نهائيا أو الحد منها وتقليل أو إنهاء آثارها السلبية على الفرد والمجتمع ‪ .‬وبناء على ذلك يجب تقسيم هذا‬
‫المطلب إلى فرعين ‪ ,‬نتناول في األول منهما الوسائل الوطنية ‪ ,‬في حين نتعرض في ثانيهما إلى الوسائل‬
‫الدولية ‪.‬‬

‫الوسائل الوطنية ‪:‬‬

‫تتوزع الوسائل الوطنية إلى مجموعتين مهمتين جدا هما الوسائل الوقائية – كما يقال إن الوقاية خير من العالج‬
‫– والوسائل العالجية ‪ .‬وعلى ذلك سينقسم هذا الفرع إلى نقطتين أساسيتين األولى نتعــرض فيها إلى الوســــائل‬
‫الوقائية ‪ ,‬أما الثانـــية فنتطرق فيها إلى الوسائل العالجية ‪.‬‬

‫أوال ‪ /‬الوسائل الوقائية ‪:‬‬

‫فيما يتعلق بمجموعة الوسائل الوقائية فإنها تتوزع إلى وسائل مهمة يأتي في مقدمتها التربية والتعليم ‪ ,‬إذ‬
‫يعدان من الوسائل الوقائية المهمة والتي يظهر دورها الفعال في مكافحة ظاهرة اإلدمان على المخدرات أو‬
‫تعاطيها ‪ .‬إذ إن هذه الوسيلة يمكن أن تستخدم مع األفراد عموما سواء أكانوا في المدارس االبتدائية أو في‬
‫المدارس الثانوية أو في الجامعات أو أماكن العمل ‪ ,‬بل يمكن استخدام هذه الوسيلة حتى مع غير المتعلمين من‬
‫خالل إقامة الندوات التعليمية ‪ .‬فالتربية هي المعنى الحقيقي لتكوين المواطن الصالح المؤمن بربه ووطنه‬
‫وقيمه ودور ذلك اإليمان في االنعكاس على شخصية المتلقي النفسية والروحية والخلقية واالجتماعية والعقلية‬
‫والجسمية وحتى الفنية ‪ ,‬الن التربية والتعليم هي رسالة شاملة بكل المعني ‪ ,‬وبذلك فهي توجه إلى حل مشاكل‬
‫المجتمع وتنمية مشاعر االنتماء في نفوس الناشئة وتحريرهم من مظاهر السلوك المنحرف أو الشاذ ‪ ,‬وبالتالي‬

‫‪15‬‬
‫تجني بهم الوقوع في مخالفات القانون أو التعدي على قيم المجتمع وعاداته وبذلك تقيهم من ارتكاب الجرائم‬
‫المختلفة ‪ ,‬وتتضمن التربية والتعليم في الواقع قوى بشرية وإمكانات قادرة على تنوير الطريق أمام المتعلم‬
‫وتعريفه بحضارة العصر وكيفية التعامل معها وفقا للدين والقانون ووفقا أيضا للعادات والتقاليد االجتماعية‬
‫التي ال تتعارض مع الدين وال قانون وبالتالي تبديد الظالم والجهل والخرافة ‪ ,‬وعلى ذلك يأتي دور التربية‬
‫والتعليم إدارة ومنهجا وتدريسا ونشاطا عاما تقوم به مؤسسات المجتمع المدني مثال في تحرير الفرد من‬
‫نزعات االنحراف والميول العدوانية أو اإلجرامية والنأي به عن الالمباالة والشذوذ واإلدمان ‪ ,‬ومن أهم وسائل‬
‫التربية والتعليم في الوقاية من االنجراف في تيار التعاطي او اإلدمان على المخدرات هي المدرسة – على‬
‫(‪)51‬‬
‫‪ .‬وال يمكن أن ننسى الدور‬ ‫المستوى الحكومي – بوصفها النموذج المؤثر في سلوكية المتعلم ونفسيته‬
‫الذي تقوم به المرجعيات الدينية لمختلف الطوائف في التحذير من مخاطر اإلدمان على المخدرات وإلتزام‬
‫الناس بذلك تبعا لمدى ما يمتلكونه من إيمان إتجاه األحكام المنزلة من قبل هللا سبحانه وتعالى ‪ ,‬وبالتالي النأي‬
‫بهم عن ارتكاب جرائم المخدرات ‪ ,‬وهذا يشمل الناس المتعلمين وغير المتعلمين ‪ .‬باإلضافة إلى دور منظمات‬
‫المج تمع المدني في توضيح مخاطر اإلدمان على المخدرات للناس كافة واثر في ذلك في وقايتهم من جرائم‬
‫المخدرات ‪.‬‬

‫ويبرز دور اإلعالم بوصفه من الوسائل الوقائية المهمة جدا لمكافحة تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليها ‪ ,‬إذ‬
‫إن لوسائل االتصال المختلفة السمعية منها والمرئية أو السمعية والمرئية والمقروءة دور مهم جدا في الحد من‬
‫الكثير من الظواهر اإلجرامية وبالخصوص المخدرات ‪ .‬إذ أن أجهزة اإلعالم المختلفة من المجالت والصحف‬
‫أو اإلذاعة والفضائيات أو االنترنيت وغيرها – فيما يستجد في المستقيل – لها دورها المهم في توعية‬
‫المواطنين باآلثار السلبية الفردية أو االجتماعية المترتبة على تعاطي المخدرات أو اإلدمان ‪ ,‬باإلضافة إلى‬
‫الوسائل االتصالية األخرى كالمسارح والمهرجانات والمعارض والندوات التثقيفية والمؤتمرات العلمية وغير‬
‫ذلك ‪ ,‬كل هذه الوسائل اإلعالمية من الممكن جدا أن تؤدي دورها الحقيقي والفعلي في توعية الناس وإفهامهم‬
‫بآثار تعاطي المخدرات وبالتالي وقايتهم من الوقوع في نتائجها السلبية (‪. )51‬‬

‫‪16‬‬
‫االستنتاجات ‪:‬‬

‫‪ -1‬تبين لنا من خالل البحث بان تعريف المخدرات في اللغة يقارب إلى حد ما تعريفه في االصطالح ‪ ,‬حيث‬
‫إن المعنى في كليهما يدور حول التخدير والخدر ‪.‬‬
‫‪ -2‬ظهر لنا معنى اإلدمان بأنه حالة نفسية وأحيانا عضوية تنتج عن تفاعل الكائن الحي مع العقار المخدر‪,‬‬
‫وهذا ما يجعله مختلفا عن مصطلح االنقطاع والذي يتمثل باإلعراض أو النفسية التي تترتب على عدم تناول‬
‫المدمن للعقار المدمن عليه وعندما يحرم منه فجأة ‪ ,‬أما قوة التحمل فتعني المناعة قبل الكمية ذاتها من العقار‬
‫المدمن عليه بحيث إن المدمن يحتاج إلى جرعات إضافية أي بكمية اكبر من السابقة حتى يحس بلذة المخدر‪.‬‬
‫‪ -3‬هناك أنواع من المخدرات مباحة وغير محظورة قانونا كالتبغ والعقاقير المنومة والمهدئة‪ ,‬وبالتالي‬
‫يقتصر الحظر القانوني على تلك المواد الواردة في قانون المخدرات ‪ .‬كما إن المشروعية يمكن أن تحدد وفقا‬
‫لكمية المخدر كما هو الحال بالنسبة لشرح مواد الجدول الثالث لقانون المخدرات العراقي ‪ .‬وكذلك فان‬
‫المخدرات تنقسم من حيث أصلها إلى نوعين هما المخدرات النباتية واصلها النباتات التي تزرع في األرض‬
‫الطبيعية ‪ ,‬والمخدرات الكيمياوية سواء أكانت المخلقة أو نصف المخلقة( المصنعة ) ‪.‬‬
‫‪ -4‬تبين لنا أيضا بأن أسباب تعطي المخدرات يشترك فيها كل من الفرد والمجتمع و وبالتالي يكون التعاطي‬
‫هو نتيجة هذين السببين بما يتضمناه في مجموعتيهما من أسباب ‪ .‬والمجتمع ال يقتصر على المجتمع الحر أو‬
‫غير المقيد ‪ ,‬بل يشمل أيضا مجتمع السجن أو المجتمع المقيد أو غير الحر ‪.‬‬
‫‪ -5‬بالنسبة آلثار تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليه فإنها تشمل آثارا عديدة تتمثل باآلثار الدينية واإلجرامية‬
‫والجسمية والنفسية واجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية‪.‬‬
‫‪ -6‬أما بالنسبة لوسائل مكافحة المخدرات فإنها تتمثل بمجموعة الوسائل الوطنية الوقائية والعالجية ‪ ,‬باإلضافة‬
‫إلى الوسائل الدولية المتمثلة بالنظام القانوني الدولي لمكافحة االتجار بالمخدرات عن االتفاقيات الثالثة الصادرة‬
‫عن األمم المتحدة وهي االتفاقية الوحيدة للمخدرات لعام (‪ )1761‬وبروتوكولها لعام (‪ , )1772‬واتفاقية‬
‫المؤثرات العقلية لعام (‪ , )1771‬واتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات‬
‫العقلية لعام (‪ ,)1788‬ولقد تضمنت االتفاقية األخيرة حماية واضحة وضمانات عديدة ضد االتجار غير‬
‫المشروع بالمخدرات ‪ .‬وقد تبين لنا أيضا وجود اتجاه فقهي يخلط بين الوسائل الوقائية والوسائل العالجية ‪,‬‬
‫في حين يجب أعمال التفرقة الزمنية والضرورية بين تلك الوسائل من حيث إن الوسائل الوقائية ينهض دورها‬
‫في مرحلة سابقة على اإلدمان ‪ ,‬في حين أن الوسائل العالجية يبرز دورها بعده ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫التوصيات ‪:‬‬

‫‪ -1‬دعوة المشرع العراقي في قانون العقوبات رقم ‪ 111‬لسنة ‪ 1767‬إلى التشدد في عقوبة جرائم السكر‬
‫الواردة في المواد ( ‪ , ) 388 – 386‬الن المسكرات هي من أنواع المخدرات والتي ال تقل في آثارها السلبية‬
‫والمدمرة عن تلك اآلثار التي تحدثها المخدرات الواردة في فانون المخدرات العراقي رقم ‪ 68‬لسن ‪, 1765‬‬
‫وجعل تلك العقوبة هي الحبس بين مدتيه الدنيا والعليا أي بين مدة ثالثة أشهر إلى خمس سنوات ‪.‬‬
‫‪ -2‬اقترحنا على المشرع العراقي حذف عبارة ( المصحات ) الواردة في المادة ( الرابعة عشر‪/‬سابعا) من‬
‫قانون المخدرات رقم (‪ )68‬لسنة ‪ 1765‬المعدل الن هذه العبارة تجيز للقاضي وضع المدمن في إحدى‬
‫المصحات العقلية أو النفسية وهذا ما ال يؤدي إلى تحقيق أهداف العالج ‪ ,‬واالقتصار على عبارة ( األماكن‬
‫الصحية التي تخصصها الوزارة لهذا الغرض ليعالج فيها ) أو عبارة (احد المصحات التي تنشأ لهذا الغرض‬
‫) خصوصا وان العبارة األخيرة واردة في المادة ( ‪ ) 2 / 386‬من قانون العقوبات العراقي وبالتالي يكون‬
‫من األفضل قانونا توحيد هذا األمر بالنسبة لمعالجة المدمنون سواء على السكر أو المخدرات ‪.‬‬
‫‪ -3‬ن دعو المشرع العراقي في قانون المخدرات إلى إتباع ما ذهب إليه المشرع اللبناني في المادتين ( ‪, 182‬‬
‫‪ ) 183‬من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف رقم (‪ )673‬لسنة ‪ , 1778‬والمشرع السوري في‬
‫المادة ( ‪ )44‬من قانون المخدرات رقم (‪ )2‬لسنة ‪ , 1773‬وذلك فيما يتعلق بتنظيم الوضع القانوني لمن تقدم‬
‫اختيارا وبرغبته الشخصية بطلب إلى المصحات الخاصة بمعالجة مدمني المخدرات أو المسكرات لكي يعالج‬
‫فيها ‪ ,‬باإلضافة إلى مراعاة السرية عند دخول المدمنين إلى تلك المصحات الخاصة بمعالجتهم سواء أكان‬
‫هؤالء المدمنون متهمون بارتكاب الجرائم أو محكوم عليهم و من المتقدمين طوعا واختيارا بطلباتهم لغرض‬
‫المعالجة في تلك المصحات ‪ .‬وعند ذلك يمكن للمعالجة الطبية في تلك المصحات الخاصة بالمدمنين أن تحقق‬
‫أغراضها في شفاء المدمن وتحسن حالته الصحية ومن ثم عودته إلى المجتمع إنسانا معافى من آثار المخدرات‬
‫وصالحا لخدمة أسرته ومجتمعه ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الخاتمه ‪-:‬‬

‫للمخدرات دور كبير جدا في تكوين الشخصية اإلجرامية إلنسان معين ‪ ,‬وذلك ألنها تأثر على الجهاز العصبي‬
‫بالحديد وبالتالي تنعكس على تصرفات اإلنسان المدمن أو المتعاطي للمخدرات حيث تحدث خلال في تكوينه‬
‫النفسي أو لعقلي وتدفعه نتيجة لذلك إلى ارتكاب الجرائم المختلفة ‪ ,‬سواء أكانت تلك الجرائم الماسة باألشخاص‬
‫أو األموال كالقتل أو الضرب أو الجرح أو السرقة أو االختالس أو الرشوة أو التعذيب ‪ ,‬أو الجرائم األخالقية‬
‫كجرائم االغتصاب الجنسي أو اللواطة أو هتك العرض ‪ ,‬مع مالحظة إن اغلب مدمني المخدرات ومتعاطيها‬
‫يرتكبون الجرائم األخالقية لفقدانهم السيطرة على غرائزهم وبالتالي يضعف دور العقل في السيطرة على‬
‫الغرائز وبالخصوص الغريزة الجنسية ‪.‬‬

‫وفيما يتعلق باألسباب التي تؤدي إلى اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها فهي مختلفة باختالف دور تلك‬
‫األسباب وأهميتها بالنسبة للمدمن أو المتعاطي للمخدرات ‪ ,‬فقد تكون التربية الالخالقية التي تلقاها المدمن في‬
‫صغره من أبويه هي الدافع إلى ذلك ‪ ,‬أو قد تكون البيئة المدرسية عن طريق أصدقاء السوء ‪ ,‬أو بيئة العمل‬
‫حيث إن ظروف العمل وساعاته الطويلة مثال أو سوء اإلدارة وضغطها على الموظفين قد تدفع بعضهم أيضا‬
‫إلى اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها للخروج من الضغط النفسي المتأتي من ذلك ‪ ,‬ال بل قد تؤثر المشاكل‬
‫الزوجية في كثير من األحيان إلى إدمان االبن أو تعاطيه المخدرات من خالل محاولته الخروج من الجو‬
‫المشحون الذي يعيشه مع أبويه المتخاصمين دوما ‪.‬‬

‫أما بالنسبة إلى أنواع المخدرات فهي تنقسم إلى المخدرات النباتية والمخدرات الصناعية أو الكيماوية ( أو كما‬
‫تسمى في بعض قوانين المخدرات العربية بالسالئف ) ‪ ,‬ويالحظ أيضا بأن المخدرات يمكن أن يكون استخدامها‬
‫مشروعا كما في حلة الوصفة الطبية الالزمة لمعالجة مريض معين ‪.‬‬

‫ومن جانب آخر يالحظ بان للمخدرات تأثير كبير في تكوين النفسية اإلجرامية من خالل التأثير على الجهاز‬
‫العصبي وكذلك على نفسية المدمن وبالتالي تكوين نفسية إجرامية من خالل اإلدمان على المخدرات وتعاطيها‬
‫‪ ,‬ويالحظ هنا أيضا بان اإلدمان عل المخدرات ال يقتصر تأثيره فقط على الصفة الجرمية لفعل المدمن بل‬
‫تمتد إلى اآلثار االقتصادية والسياسية واالجتماعية واألخالقية واألدبية باإلضافة إلى اآلثار الدينية ‪ ,‬وتنعكس‬
‫هذه اآلثار سلبا على المجتمع ‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بمشكلة الموضوع فتتمثل بالوسائل الالزمة لمكافحة المخدرات ‪ ,‬حيث من الواضح أن الوسائل‬
‫الوقائية هي خير من الوسائل العالجية ‪ ,‬لكن عندما يتم اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها ففي هذه الحالة‬
‫يجب البحث عن العالج الن المحذور قد وقع وهو اإلدمان على المخدرات ‪ ,‬وتتمثل الوسائل الوقائية بوجوب‬
‫تقوية رابطة الشخص بأسرته وبمجتمعه وبالتالي بوطنه وتعزيز ثقة ذلك الشخص بنفسه ‪ ,‬باإلضافة إلى تقوية‬

‫‪19‬‬
‫الروادع الدينية بالنسبة له حتى يمكـن توقــــي الــوقــــوع في ( وحل ) الجريمة عن طريق المخدرات‬
‫المحظورة قانونا ‪ ,‬أما إذا لم تنفع كل تلك الوسائل في منع بعض األشخاص من تعاطي المخدرات ففي هذه‬
‫الحالة يجب تحريك الوسائل العالجية والمتمثلة بالوسائل األمنية والمتجسدة في إنشاء إدارات مكافحة المخدرات‬
‫في مختلف الدول باإلضافة إلى الشرطة الجنائية الدولية ( االنتربول ) ‪ ,‬وكذلك القانون بوصفه الوسيلة‬
‫العالجية التي تتعامل مع مخالفي قواعده ‪ ,‬وباإلضافة إلى هذه الوسائل الداخلية لمكافحة المخدرات هناك أيضا‬
‫الوسائل الدولية والمتمثلة باالتفاقيات الدولية الخاصة بذلك مثل اتفاقية مكافحة االتجار غيـــر المشــــروع‬
‫بالمخــدرات لسنة ‪. 1788‬‬

‫أما المسألة األخرى والتي تمثل مشكلة أخرى تواجه البحث فتتمثل بالكيفية التي يتم من خاللها إعادة المدمن‬
‫أو المتعاطي إلى الحظيرة االجتماعية اإلنسانية كإنسان عادي صالح غير مريض بالمرض النفسي الناتج عن‬
‫المخدرات وهذا ال يتأتى إال من خالل تفهم وضعية المريض النفسي وظروفه الشخصية والنفسية وبالتالي‬
‫محاولة التخلص من كل اآلثار التي تركتها المخدرات عليه سواء أكانت الجسدية أو النفسية من خالل طرق‬
‫المعالجة الطبية والترفيهية ومحاولة القضاء على األسباب التي أدت إلى تعاطيه المخدرات ‪ ,‬وهذه هي المسألة‬
‫المهمة جدا في هذا الموضوع والتي يجب أخـــــذها بنظـــر االعتبــــــار واالهتمــــام والرعاية حتى يمكن‬
‫تخليص المجتمع من المخدرات وآثارها السلبية ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫المصادر ‪:‬‬

‫اوال ‪ /‬الكتب اللغوية والقانونية‪:‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬أكرم نشأت إبراهيم ‪ ,‬علم النفس الجنائي ‪ ,‬ط ‪ ,2‬عمان ‪ ,‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪. 1778 ,‬‬
‫‪ -2‬رمزي العربي ‪ ,‬علم النفس ‪ ,‬ج ‪ , 2‬بيروت ‪ ,‬دار الرفيق للطباعة والنشر والتوزيع ‪. 2116 – 2115 ,‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬سمير محمد عبد الغني ‪ ,‬المخدرات و مصر و دار الكتب القانونية ‪. 2116 ,‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬عبد الرحمن محمد العيسوي ‪ ,‬علم النفس الجنائي ‪ ,‬اإلسكندرية ‪ ,‬دار المعرفة الجامعية ‪.2113 ,‬‬
‫‪ -5‬د‪ .‬عبد الفتاح الصيفي و د‪ .‬محمد زكي أبو عامر ‪ ,‬علم اإلجرام والعقاب ‪ ,‬اإلسكندرية ‪ ,‬بال ناشر ‪ ,‬بال‬
‫سنة طبع ‪.‬‬
‫‪ -6‬د‪ .‬غسان رباح ‪ ,‬الوجيز في قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪,‬‬
‫‪. 2118‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬كامل فريد السالك ‪ ,‬قوانين المخدرات الجزائية ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬منشورات الحلبي الحقوقية‪. 2116 ,‬‬
‫‪ -8‬محمد ابن أبي بكر عبد القادر الرازي ‪ ,‬مختار الصحاح ‪ ,‬القاهرة ‪ ,‬دار الكتاب العربي و بال سنة طبع ‪.‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬محمد شالل حبيب ‪ ,‬أصول علم اإلجرام ‪ ,‬ط ‪ , 2‬بغداد ‪ ,‬دار الحكمة ‪. 1771 ,‬‬
‫(‪ )11‬د‪ .‬محمد شحاتة ربيع و د‪ .‬جمعة سيد يوسف و د‪ .‬معتز سيد عبد هللا ‪ ,‬علم النفس الجنائي ‪ ,‬القاهرة ‪,‬‬
‫دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ‪. 2113 ,‬‬
‫(‪ )11‬محمد مزعي صعب ‪ ,‬جرائم المخدرات ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬منشورات زين الحقوقية ‪. 2117 ,‬‬

‫ثانيا ‪ /‬مصادر االنترنيت ‪:‬‬

‫‪1-www.mrsa4.com‬‬

‫‪2- -www.barasy.com‬‬
‫‪3www.thulatha.com‬‬

‫‪4 -www.swissionfo.ch‬‬

‫‪5- http://forum.law-dz.com‬‬
‫‪6 - www.yemen-sound.com‬‬

‫‪21‬‬
‫‪7-www.aljazeeratalk.net‬‬

‫ثالثا ‪ /‬القوانين ‪:‬‬

‫‪ -1‬قانون العقوبات العراقي رقم ‪ 111‬لسنة ‪ 1767‬المعدل ‪.‬‬


‫‪ -2‬قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم ‪ 23‬لسنة ‪ 1771‬المعدل ‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون المخدرات العراقي رقم ‪ 68‬لسنة ‪ 1765‬المعدل‪.‬‬
‫‪ -4‬قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف اللبناني رقم ‪ 673‬لسنة ‪. 1778‬‬
‫‪ -5‬قانون المخدرات السوري رقم ‪ 2‬لسنه ‪. 1773‬‬
‫‪ -6‬قانون االحداث العراقي رقم ‪ 76‬لسنة ‪. 1783‬‬
‫رابعا ‪ /‬االتفاقيات الدولية ‪:‬‬

‫‪ -1‬االتفاقية الموحدة للمخدرات لعام (‪ )1761‬والمعدلة بالبروتوكول الصادر سنة (‪. )1772‬‬
‫‪ -2‬واتفاقية المؤثرات العقلية لسنة (‪, )1771‬‬
‫‪ -3‬اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة ‪. 1788‬‬

‫‪22‬‬

You might also like