Professional Documents
Culture Documents
د المخدرات وتأثيرها السلبي على الشباب وأسلوب الوقاية منها
د المخدرات وتأثيرها السلبي على الشباب وأسلوب الوقاية منها
د المخدرات وتأثيرها السلبي على الشباب وأسلوب الوقاية منها
0000
1
فهرس المحتويات
3 مقدمه
4 مضمون البحث
5 الفصل االول
5 المبحث االول :تعريف المخدرات
6 المبحث الثانى :تعريف اإلدمان على المخدرات
8 الفصل الثانى
8 المبحث االول :أسباب تعاطي المخدرات ووسائل مكافحتها
8 المبحث الثانى :أسباب تعاطي المخدرات وآثاره
19 الخاتمه
11 المصادر
2
مقدمة :
تمارس المخدرات دورا كبيرا جدا في دفع اإلنسان إلى ارتكاب مختلف الجرائم ,إذ إنها تؤثر على الجهاز
العصبي والحسي لإلنسان فتفقده السيطرة على نفسه عندما يحتاج إلى جرعة المخدر ,إذ يكون في نفسية
مضطربة تماما فيكون مستعدا الرتكاب أية جريمة من اجل الحصول على هذه الجرعة ,لكي يتخلص من
اآلالم الجسدية والنفسية التي يتركها عدم حصوله على المخدر الالزم لتهدئته ,هذا من جانب ومن جانب آخر
إن المدمن قد يرتكب الجريمة وهو في حالة التأثر بالمخدر إذ إن المخدرات تضعف تمييز الشخص وإدراكه
لألمور وحكمه عليها ,وبالتالي قد يرتكب الجريمة من حيث ال يعلم كارتكاب جريمة الدعارة أو الزنا أو
اللواط ,وسواء أكان هذا األمر بالنسبة للرجال أو النساء .بل إن أغلب الجرائم اإلرهابية – كالتفجيرات
االنتحارية – ترتكب تحت تأثير المخدرات التي تعطى ألولئك االنتحاريين ,وال أكون مبالغا عندما أقول بأن
لإلرهاب سببا مهما – باإلضافة إلى أسباب أخرى – أال وهو اإلدمان على المخدرات .
وعلى ذلك فإن المخدرات لها الدور الكبير والمهم في دفع اإلنسان إلى ارتكاب الجريمة سواء من اجل الحصول
على المخدر أو عندما يكون تحت تأثيره .
والبد من القول بأن اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها يرجع إلى التاريخ القديم إذ يضرب بجذوره فيه ,إذ
كان اإلنسان منذ آالف السنين يستعمل نباتات معينة تحتوي على مواد تغير من حالة العقل واإلدراك والحس
,وذلك من اجل الشعور بالسعادة أو تخفيف معاناة مريض معين أو نسيان معاناة الحياة وأعباءها .
ومن بين أهم األسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليها تأتي البيئة األسرية أو المدرسية أو
أصدقاء السوء أو ظروف العمل أو دور المجتمع عموما أو غير ذلك من األسباب .
وي الحظ بشأن أنواع المخدرات بأنها يمكن أن تنقسم إلى مخدرات نباتية أصلها الطبيعة من خالل النباتات ,
أو من الممكن أن تكون تلك المخدرات كيمياوية إذ تدخل النباتات في صناعتها أو تكون كيمياوية بدون تدخل
النباتات .
3
مضمون البحث
يقتضي التطرق في هذا المبحث إلى التعريف بالمخدرات من خالل بيان مفهومها العام والخاص ,باإلضافة
إلى تحديد مشروعيتها وهل أن استخدام المخدرات يكون مشروعا أم غير مشروع ,وما هي حاالت تلك
المشروعية أو عدمها .وكذلك تحديد أنواع المخدرات وأشكالها المختلفة حسب المعايير الدولية المتبعة في
ذلك .
وبناء على ذلك البد من تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ,نتناول في األول منهما ,مفهوم المخدرات
ومشروعيتها ,في حين نتطرق في الثاني إلى أنواع المخدرات .
يتطلب هذا الموضوع التطرق إلى فرعين مهمين األول يتناول مفهوم المخدرات ,في حين يتطرق الثاني
,إلى مشروعيتها .
إن التعرف على مفهوم المخدرات يقتضي التطرق إلى تعريفها أوال سواء أكان ذلك على المستوى اللغوي
أو القانوني أو الدولي ,باإلضافة إلى التطرق إلى تعريف اإلدمان على المخدرات الن مصطلح اإلدمان يرد
متالزما مع المخدرات في معظم األحوال سواء لوحده أو مع مصطلح آخر هو التعاطي والذي يسبق اإلدمان
من الناحية الزمنية .
4
الفصل االول
المبحث االول
إن تعريف المخدرات في اللغة يقارب إلى حد ما تعريفها في االصطالح الفني أو العلمي أو القانوني ,إذ
تدور المعاني في مجملها حول التخدير والخدر .
ففي اللغة ( تعني كلمة الخدر الكسل أو الفتور ,والمخدر يعني المضعف والمفتر ,ويقال تخدر الشخص أي
ضعف وفتر) ( ( . )1وتعني كلمة ( الخدر ) الستر ,وجارية مخدرة أي إذا لزمت الخدر ,والخدر في الرجل
()2
.والمخدر لغة يعني أيضا الظلمة والخدرة الظلمة الشديدة ,والخادر الكسالن ,والخدر من بابه طرب )
الشراب والدواء :فتور وضعف يعتري الشارب (. )3
(( والمخدرات فنيا تعني العقاقير المجلبة للنوم ,وفي القاموس الطبي تعني العقاقير المخدرة العقاقـــير التي
تسبب النوم أو التخديــــــر ,بينما تعني المواد النفسيــــة المواد التي تــؤثر على العقل ( المؤثرات العقلية ) ,
وفي الفارماجولوجيا تعد العقاقير المخدرة والمواد النفسية من العقاقير ذات التأثير على الجهاز العصبي
المركزي ,وتعرف العقاقير المخدرة بأنها العقاقير التي تخفف األلم وتحدث النوم أو النسيان وتحدث اعتمادا
جسميا ونفسيا وعند التوقف عن تعاطيها تحدث أعراض االنقطاع,بينما تعني المواد النفسية العقاقير التي تؤثر
على الحالة النفسية والسلوك )) (. )4
أما اصطالحا فإنه ال يوجد تعريف جامع مانع يتفق عليه العلماء للمخدرات ,إال انه يمكن القول بأن المخدرات
هي ( كل مادة مسكرة أو مفترة طبيعية أو مستحضرة كيميائيا من شأنها أن تزيل العقل جزئيا أو كليا ,وتناولها
يؤدي إلى اإلدمان ,بما ينتج عنه تسمم في الجهاز العصبي ,فتضر الفرد والمجتمع ,ويحظر تداولها أو
زراعتها أو صنعها إال ألغراض يحددها القانون وبما ال يتعارض مع الشريعة اإلسالمية
وبالنسبة للتعريف القانوني للمخدرات فقد عرفتها معظم قوانين المخدرات في البالد العربية ومنها العراق في
قانون المخدرات ,حيث عرف المخدر بأنه ( كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المدرجة في الجدولين
األول والثاني الملحقين بهذا القانون ) ( . )6وتطرق القانون اللبناني إلى تعريف المخدرات بالقول أن ( عبارة
– مخدرات – يقصد بها جميع النباتات والمواد الطبيعية والتركــيبية والمنتجات الموضوعة تحت المراقبــة
والخاضعـــة لتدابيــر رقابيــة بمـــوجب أحكام هذا القانون ) (. )7
5
كما أن فقهاء القانون قد عرفوا المخدرات بأنها(تلك المواد التي تسبب تسمم الجهاز العصبي وهي مجموعة
من المواد ينشئ عنها اإلدمان,وبدون األغراض التي يحددها القانون فإنه يحظر تـــداولها أو زراعتــها أو
()8
. صنعـها بحيــــث ال يجـــوز استعمـــالها إال بواسطة من رخص القانون لهم بذلك)
يعرف اإلدمان على المخدرات وفقا لتعريف هيئة الصحة العالمية في كتيب صدر عنها سنة ( )1773بأنه (
حالة نفسية ,وأحيانا عضوية ,تنتج عن تفاعل الكائن الحي مع العقار ,ومن خصائصها استجابات وأنماط
سلوك مختلفة ,تشمل دائما الرغبة الملحة في تعاطي العقار بصورة متصلة أو بين الحين واآلخر للشعور
بآثاره النفسية أو لتجنب اآلثار المزعجة الناجمة عن عدم توفره ,وقد يدمن المتعاطي على أكثر من مادة
واحدة في الوقت عينه ) (. )7
وقد عرف اإلدمان أيضا بأنه ( حالة تكيف اإلنسان بدنيا ونفسيا أو كليهما مع عقار يسيء استخدامه بحيث
تظهر عليه أعراض االنقطاع عند التوقف عن التعاطي ) (. )11
أما خصائص اإلدمان فتمثل بالحاجة النفسية وأحيانا العضوية للحصول على العقار المخدر ,كما توجد الرغبة
الملحة في االستمرار بتعاطي مجموعة عقاقير أو عقار ما مهما كانت الوسيلة لذلك وان كانت األخيرة غير
مشروعة ,كما أن زيادة الجرعات بصورة تصاعدية يعود إلى تعود جسم المدمن على العقار وعدم اكتفائه
بالجرعة السابقة ,هذا مع ظهور األعراض الجسدية والنفسية المميزة لكل عقار وبالخصوص في حالة
االنقطاع عنه فجأة (. )11
أما بالنسبة للتعاطي فإنه يمثل المرحلة األولى لإلدمان أو المرحلة التي تسبقه ,وعلى ذلك يظهر مستويين
للتعاطي ,األول يتمثل بالتعاطي على سبيل إحداث شعور بالسعادة واالنشراح أو مشاركة األصدقاء أو على
سبيل االستكشاف والتجريب ,أما المستوى الثاني وهو األكثر خطورة فهو اإلدمان على نوع معين أو أكثر
من العقاقير وصعوبة االمتناع عن تعاطيه ,وبالتالي يعرف التعاطي بأنه ( االستخدام غير الطبي أو العالجي
للمخدرات وذلك بتناول اإلنسان لمادة أو أكثر من المواد المسببة لإلدمان ) .
ويالحظ بان هناك بعض المصطلحات المرتبطة باإلدمان يجب توضيحها ولو بشيء من اإليجاز مثل االنقطاع,
وقوة التحمل ( المناعة) .فاالنقطاع معناه ( جميع األعراض البدنية والنفسية التي تصيب المدمن نتيجة تناوله
للعقار المدمن عليه أو عند حرمانه منه نهائيا ,وتكون تلك األعراض حسب نوع العقار المدمن عليه ) ,أما
قوة التحمل ( المناعة ) فيقصد بها (( الحالة التي تنشأ للمدمن عند مستوى معين من اإلدمان حيث يظهر التأثير
6
التنازلي للجرعة ذاتها من المادة ,أو الشعور بالحاجة إلى جرعة اكبر من هذه المادة المخدرة إلحداث الدرجة
ذاتها من الت أثير وهذا ما يؤدي إلى أن حساسية السم تفقد قابليتها في التحسس مما يؤدي إلى انخفاض درجة
استجابة الجسم للجرعة نفسها من العقار عند تكرار استعمالها ,أما قوة التحمل المضادة ( المناعة المضادة )
فمعناها تلك الحالة التي تؤدي إلى إيجاد مناعة لعقار آخر غير الذي أوجدها ,أي انه عند استعمال عقار معين
تنشأ حالة مناعة ليست مرتبطة به بل تتسع لتشمل عقار آخر غيره ))
7
الفصل الثانى
المبحث االول
إن ألية ظاهرة من الظواهر سواء أكانت سيئة أو حسنة عدة أسباب تؤدي إليها ,وهذه األسباب قد يكون
مرجعها الفرد في ذاته ,أو المجتمع في تكوينه العام وجزيئاته الكلية إذ يشجع على وجود هذه الظاهرة ,والذي
يعنينا هنا كون الظاهرة ذات األساس الفردي أو االجتماعي ضارة بالفرد والمجتمع وبالتالي يجب البحث عن
وسائل مكافحتها أو التصدي لها لتقليل خطورتها الفردية واالجتماعية معا أو إعدام تلك الخطورة نهائيا ,وهذا
في الواقع ال يأتي إال بتكثيف الجهود ( بدافع جدي ) الفردية واالجتماعية في الوقت ذاته لمواجهة تلك الظاهرة
.بل إن للجهود األخرى االقتصادية والسياسية والثقافية وبالخصوص اإلعالمية منها دورا مهما في مكافحة
أو إنهاء تلك الظاهرة وآثارها السلبية على المجتمع بصورة عامة .
وعلى ذلك فإن لظاهرة المخدرات أسباب تؤدي إليها ,وينبني على ذلك ضرورة وجود وسائل وسبل مختلفة
لمكافحة هذه الظاهرة التي هي بدورها متنوعة .وعلى ذلك سينقسم هذا المبحث إلى مطلبين نتعرض في
األول منهما إلى أسباب تعاطي المخدرات وآثاره ,ونتناول في ثانيهما وسائل مكافحة هذه الظاهرة سواء
أكانت وسائل وطنية أم دولية .
المبحث الثانى
يمكن القول بان أسباب تعطي المخدرات تنحصر في مجموعتين رئيستين ,األولى خاصة بالفرد ,أما الثانية
فتتعلق بالمجتمع عموما .وعلى ذلك البد من التطرق إلى هذا الموضوع في فرعين مستقلين ,نتعرض في
األول إلى األسباب الخاصة بالفرد ,في حين نتناول في الثاني دور المجتمع في تعاطي الفرد للمخدرات ,في
حين نتطرق في الثالث إلى آثار تعاطي المخدرات .
8
األسباب الخاصة بالفرد :
هناك مجموعة من األسباب التي ترجع إلى الفرد خصوصا وتشكل عامال مهما في دفعه إلى تعاطي المخدرات
أو اإلدمان ( االعتماد ) عليها .ويمكن إجمال هذه األسباب بما يأتي :
إن للدين تأثيرا كبيرا جدا في تكوين شخصية اإلنسان وجعلها متفاعلة بصورة إيجابية مع المجتمع ,ولألديان
على مر التاريخ انعكاسات ايجابية على نفسية اإلنسان وبالتالي على سلوكياته .إذ تعد األديان – ومنها ديننا
الحنيف – احد أهم األسباب التي تمنع من ارتكاب الجرائم المختلفة .فالحدود الدينية تمنع أي إنسان من
االعتداء على غيره من بني البشر ,بل تمنعه حتى من االعتداء على نفسه باالنتحار أو تناول المخدرات أو
المسكرات .لذلك نجد أن اإلنسان الملتزم دينيا متقيدا بتلك الحدود وبالتالي ال يرتكب األفعال التي تعد مخالفة
للدين الذي يعتنقه ,مع مالحظة أن الدين هو دين واحد منذ زمن نبي هللا آدم (ع) إلى زمن نبينا محمد (ص
وآله) .ويعد ضعف الوازع الديني أو قلته من أهم األسباب التي تساهم في ازدياد عدد الجرائم ,ومنها جرائم
المخدرات ,ويالحظ تأثير هذا العامل نفسية اإلنسان الن الدين يتعـــامل مــــع باطــن اإلنســــان ونفسيته
()27
.وبما أن الجريمة وفقا للتفسير الديني تنبعث من مصادر داخلية لإلنسان قبـــل أن يتعامـــل مــع ظاهره
لذلك فان الجريمة ليست إال انقالب للحقائق ناشئ من الخطأ في التصور أو الوهم في التفكير ,وهذا المرض
الفتاك هو الذي يؤدي إلى الظاهرة اإلجرامية إذ تعد األخيرة نتيجة حتمية الضطراب النفس وانحراف التفكير
وعدم الشعور أو اإلحساس بالخطيئة من قبل مرتكب الجريمة ومنها المخدرات لقناعته أن ما يرتكبه هو مباح
ومشروع بالنسبة له (. )31
بال شك أن زيادة القدرة المالية للفرد وبالخصوص بالنسبة إلى فئة السباب تساهم مساهمة فعالة في ازدياد
جرائم المخدرات ,وتتوسع هذه الجرائم مع زيادة حجم الحرية التي تعطيها العائلة ألبنائها .ويالحظ بان هناك
ارتباط وثيق جدا بين المقدرة المالية وبيئة الفراغ ,حيث تعد أوقات الفراغ فترات زمنية ترويحية ,لذلك
يحاول بعض المترفين تعاطي المخدرات أو المسكرات بوصفها من مصادر النشوة والسعادة أو لنسيان الهموم
ومشاكل العمل والترويح عن النفس ,إال أن األمر يتطور بعد ذلك إلى اإلدمان على هذه المسكرات أو
المخدرات مع ما يترتب على ذلك من آثار سيئة على الفرد المدمن والمجتمع بصورة عامة (. ) 31
9
ثالثا /التقليد :
في كثير من وقائع حياتنا اليومية نالحظ وجود التقليد لدى عدد كبير من األطفال والشباب بل وحتى الكبار ,
من خالل محاولة هؤالء تقليد غيرهم في بعض المظاهر ,سواء أكانت حسنة أم سيئة ,ونشاهد أيضا كثيرا
من األ طفال يدخنون السكائر أو يشربوا الخمر أو يتعاطوا المخدرات ال لشيء أال ألنهم يريدوا أن يقلدوا
قدواتهم السيئة سواء أكان هؤالء القدوات هم اآلباء أو اإلخوة أو األصدقاء ,ومن هنا نالحظ أيضا التأثير
الكبير الذي تتركه بيئة الصداقة السيئة على المجتمع من خالل انحراف األبناء في تيار لجريمة على مختلف
أنواعها ومنها المخدرات .وبالتالي تظهر ضرورة اختيار األصدقاء الجيدين والملتزمين أخالقيا سواء أكان
ذلك في بيئة المدرسة أو بيئة العمل أو في المجتمع عموما .
يؤدي السلوك المنحرف لبعض األفراد إلى ارتكاب جرائم المخدرات ,حيث يالحظ بان معظم جرائم المخدرات
وإدمان الخمور ترتبط بأنواع أخرى من السلوك المنحرف كالمراهنات ولعب القمار أو الميسر ,والنشاط
الجنسي غير المشروع ,وإقامة الحفالت الماجنة للرقص الرخيص أو للخالعة ,وكذلك االختالط المزري
بين الجنسين ,وهنا يالحظ بان المدمن أو السكران في لحقيقة قد يصل إلى مرحلة تفقده شعوره أو سيطرته
على نفسه مما يؤدي إلى ارتكابه مختلف الجرائم سواء كانت الجنســــية والتي قد تصل إلى زنا المحــــارم ,
()32
.والبد من اإلشارة إلى أن تعاطي أو الجرائم األخالقية األخرى أو حتى جرائم القتل أو غير ذلك
المخدرات قد يكون سببه التغلب على الخوف االجتماعي من اآلخرين ,فالشخص عند تعاطيه المخدرات
سوف يتغلب على هذا الخوف وبالتالي سيحضر إلى الحفالت أو المناسبات االجتماعية أو يتكلم مع من يحبها
مثال أو يستطيع أن يحضر الدرس ,وعلى ذلك فإن معظم المصابين بالرهاب ( الخوف ) االجتماعي سوف
()33
. يلجأون إلى تعاطي المخدرات ,وهذا ما يؤدي إلى ارتكابهم الجريمة
يعد هذا السبب من أهم األسباب الخاصة بالفرد والتي تزيد من نسبة مدمني المخدرات ومتعاطيها ,إذ أن
المروجين للمخدرات قد يوهمون األشخاص غير المتعلمين بان تعاطي المخدرات سوف يزيد من نسبة الذكاء
وتحصيل المعرفة بصورة أسرع وبطريقة أكثر اختصار ,في حين إن الحقيقة تجافي هذه الوهم الكاذب ,
كذلك قد يوهم بعض األشخاص – وقد يكون من بينهم متعلمين – بان تعاط بعض أنواع من المخدرات سوف
يزيد من القدرة الجنسية لذلك يلجا الشباب المنحرف إليها عند ممارستهم الزنا ,ال بل حتى األشخاص
المتزوجين زواجا مشروعا قد يلجأوا إلى المخدرات العتقادهم الخاطئ بأنها سوف تزيد من قدرتهم الجنسية
11
وبالخصوص في األيام األولى من الزواج ,في حيــــن أن لهـــذه المخـــــدرات األثر السلبــــي والسيئ سواء
على صحة اإلنسان أو على أخالقه (. )34
وينبغي اإلشارة هنا إلى إن موضوع الثقافة والتعليم يمارس ويؤدي دورا كبيرا جدا في صنع شخصية اإلنسان
وتكيفه مع طبيعة الحياة وظروفها ومشاكلها المختلفة ,فالمالحظ وحسب اإلحصاءات والمالحظات الميدانية
إن جرائم المخدرات مثل التعاطي واإلدمان أو الترويج والتجارة تكثر في األحياء أو المناطق المتدنية في
مستواها االجتماعي والثقافي واالقتصادي أو كما تسمى في أميركا باألحياء القذرة ,إذ يتعرض الشخص في
هذه األحياء ل مرافقة أصحاب الرذيلة والسوء ,باإلضافة إلى وضع أبنيتها غير النظامية ( العشوائية ) والتي
تساعد على االختفاء أو الهرب عند مطاردة الشرطة ,وفي الدول العربية تنتشر ظاهرة تعاطي المخدرات في
أحياء كثيرة منها ,ومن أمثلة ذلك أحياء الكرنتينة وغليل التي تقع في جنوب مدينة جدة في المملكة العربية
السعودية ,إذ شاعت مقولة مفادها أن الداخل إلى شوارع كرنتينة مفقود والخارج منها مولود وبالخصوص
بعد العاشرة ليال ,وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على خطورة مثل هذه األحياء التي ينتشر فيه التخلف
االجتماعي واالقتصادي والثقافي وتنعدم فيها الخدمــــات األساسية وهذا ما يشجــــع علـــــى اإلجرام فيها
()35
.ومن هنا يأتي دور أماكن التعليم سواء كانت المدارس الحكومية أو غيرها في الحد أو القضاء على
ظاهرة اإلدمان على المخدرات .
المبحث الثالث
تعد األسرة الخلية االجتماعية األولى أو اللبنة األساسية للمجتمع و وعلى ذلك ينبغي التركيز على دور األسرة
في صقل شخصية اإلنسان وبالخصوص عندما يكون في مراحل عمره األولى ,حيث إن الشواهد واألحداث
تدل على أن الطفل يصطبغ بصبغة أسرته ,فإذا كانت أسرته منحرفة وسيئة انعكس ذلك على تصرفات الطفل
أو الشاب وبالخصوص عندما يعلم اآلباء أبناءهم كيف يرتكبون الجرائم كوسيلة لمعيشة العائلة ,وعلى ذلك
يصبح اإلنسان متأثرا بأسرته المنحرفة في ارتكاب مختلف الجرائم ومنها المخدرات .أما في حالة كون
األسرة بالمبادئ األخالقية والفضائل الكريمة فان هذا األمر بال شك سينعكس على أخالق االبن وبالتالي تغدو
الجريمة أمرا محرما علية سوء دينيا أو أخالقيا أو حتى قانونيا ,حيث ستنغرس هذه المبادئ وتلك الفضائل
في نفسية الطفل لتصبح شيئا ال يمكن تخطيه أو تجاوزه بأي حال من األحوال .وهذا األمر وإن لم يكن مطلقا
تماما إال انه الغالب أو القاعدة العامة في المجتمع ,حيث توجد بعض االستثناءات التي يترتب عليها وجود
المنحرفين في عوائل محترمة وملتزمة باألخالق والدين والقانون ,في حين يوجد بعض الملتزمين بهذه
المبادئ في عوائل منحرفة .
11
ويبرز التصدع العائلي بهجر الزوج لزوجته أو طالقه لها أو لسوء عالقتهما النفسية أو الجنسية أو لوجود
تناقض بينهما من حيث إن احدهما بخيال وآلخر مسرفا أو أن احدهما انبساطيا واآلخر انطوائيا أو أن احدهما
متحررا واآلخر محافظا ,أو أن كالهما مدمنا على المخدرات أو المسكرات أو أن كالهما يمارس الدعارة ,
وبالتالي قد توجد تناقضت كثيرة أخرى تؤدي إلى انحراف االبن لعد اهتمام والديه به ,وكثير من اإلحصائيات
والدراسات الميدانية وبالخصوص في العراق أثبتت أن سبـــب االنحــــراف األخالقي لألحــــداث يزيــــد في
عوائل األحــــداث الجانحيـــن قياسا بعوائل غير الجانحين (.)36
أما بالنسبة للتأثيرات االجتماعية األخرى والتي قد تساهم مساهمة فعالة في كثرة اإلدمان على المخدرات في
على سبيل المثال توفر مواد اإلدمان عن طريق المهربين والمروجين ,ووجود أماكن اللهو في بعض
المجتمعات ,والتساهل في استخدام العقاقير المخدرة وتركها دون رقابة ,واالنفتاح االقتصادي دون رقابة ,
وضعف دور اإلعالم ووسائله المختلفة في بيان أخطار ظاهرة اإلدمان على المخدرات ,وجود العمالة األجنبية
,وتعد هذه األسباب من أهم األسباب االجتماعية والتي يمارس فيها المجتمع دوره في جعل اإلنسان مدمنا
على المخدرات من خالل تسهيل حصوله عليها دون رقابة تذكر ,وكـــذلك عن طــريق خلــق األجواء التي
تســـاعـــد على ارتكاب تلك الجـــــرائم الخــــاصـــة بالمخدرات (. )37
يترتب على تعاطي المخدرات أو اإلدمان ( االعتماد ) عليها جملة من اآلثار ,وفي مقدمتها تظهر اآلثار الدينية
المترتبة على ذلك ,ويبرز أيضا انعكاس اإلدمان على حجم الظاهرة اإلجرامية في المجتمع ,بل إن األمر
يتعدى حدود التأثير اإلجرامي على السلوك البشري ليتخطاه إلى التأثير على النواحي السمية والنفسية للمتعاطي
أو المدمن ,وكذلك فان هناك آثارا اقتصادية وأخرى سياسية واجتماعية تترتب على تعاطي المخدرات أو
اإلدمان ( االعتماد ) عليها .وعلى ذلك سنتناول ذلك وفقا للنقاط اآلتية -:
مما الشك فيه وال ريب أن هللا سبحانه وتعالى هو الذي خلق اإلنسان وكل شيء على هذه األرض ,وهو
الذي يعرف األشياء التي تحقق لإلنسان الخير وتلك التي تجلب عليه الشر ,باإلضافة إلى أن النفس البشرية
متكونة من جزئين هما الخير والشر وأيهما يغلب على اآلخر فانه سينعكس على تصـــرفات اإلنسان ,وكــــل
()38
.وبالتالي فان ذلك مصــــداقا لقــــوله تعــــالى (( ونفــــس وما سواها .فألهمها فجورها وتقواها ))
اإلنسان يستطيع أن يختار طريق الخير كما يستطيع أن يختار طريق الشر والجريمة وهذا االختيار يكون عن
طريق العقل الذي أعطاه هللا سبحانه وتعالى له ليميز به طريق الخير وطريق الشر .كما إن هللا سبحانه وتعالى
قد نهى عن تعاطي المخدرات عموما أو المسكرات وما يرتب بها من أعمال أو ممارسات قد تؤدي إليها
12
كالميسر وذلك لقوله تعالى (( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم
عن ذكر هللا وعن الصالة فهل انتم منتهون )) ( . )37وواضح جدا من هذه اآلية الكريمة اآلثار التي يمكن أن
تترتب على تعاطي المخدرات ( الخمر ) أو اإلدمان عليها وهي حصول العداوة ومن ثم البغضاء بين األشخاص
وبالتالي ارتكاب مختلف الجرائم بحقهم نتيجة ذلك الدافع النفسي والذي يكون نتيجة المخدرات وبالتالي الوقوع
في المحرمات الدينية ,باإلضافة إلى أن اإلدمان سيؤدي إلى نسيان هللا تعالى ونسيان ذكره جل وعال دائما
عن طريق الصد واالحتجاب عن الصالة والتي هي عمود الدين وبالتالي انعدام وجود أية قوة معنوية تقف في
وجه الجريمة ,وهذا من وجهة أخرى يبين أن ذكر هللا تعالى واإلدامة على الصالة يؤدي إلى تكوين نفسية
قوية تواجه مغريات الجريمة وتقف في وجه الرذائل التي نهانا هللا تعالى عنها ,مما ينعكس بدوره على
تصرفات اإلنسان المادية وبالتالي عدم االنجراف في تيار الجريمة ومنها تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليها
.
تعد المخدرات من أهم األسباب المباشرة التي تؤدي إلى إجرام المتعاطي أو المدمن ,حيث إنها تؤدي إلى
()41
, إحداث خلل في الجهاز العصبـــــي فيفقـــــد اإلنسان سيطرته على مــراكز السيطــــرة فــي الدماغ
وبالتالي تضعف الكوابح أو القيم األخالقية لدى اإلنسان فتظهر الشهوات الحيوانية لديه مما ينعكس على
ارتكاب الجرائم األخالقية وبالخصوص الجرائم الجنسية ,كما تظهر لدى اإلنسان الدوافع التي تمكنه من
ارتكاب أي فعل في سبيل إشباع حاجاته وان كان ذلك اإلشباع على حســـاب انتهاك حقوق اآلخرين
()41
إن اإلدمان على المخدرات وحرياتهـــــم وذلك باالعتـــــداء عليهـــم بالجريمة .وكما يقول بعض الباحثين
يؤدي إلى تحول المدمن إلى إنسان كسول غير مستقر مما يوجد في النهاية التشرد وبالتالي السرقة ,ويتحول
اإلنسان إلى فرد شكاك كثير التهيج وخائف وجبان والى صيرورته إنسان مشاكس ,وكنتيجة لهذا الجبن او
الخـــــوف يكون المدمــــن دائما في حالــــة هجـــــوم وعدوان على اآلخرين فتحصل جريمة االعتداء من
()42
– عن طريق تفجير المدمن قبله عليهم ,فالعالقة مباشرة بين جرائم السرقة والنهب والسلب واإلرهاب
لنفسه بين الناس – واالعتداء على األشخاص بالقتل أو الجرح أو الضرب والحرائق وحوادث المرور وبين
جرائم المخدرات ,ال بل إن الفرد قد يزني بأحد محارمه نتيجة وقوعه تحت تأثير السكر أو لمخدر ,أو أن
يصبح الفرد في حالة الدياثة أو التخنث بفعل المخدرات ألنه يضطر دائما للحصول على األموال من زوجته
أو أخته أو أمه أو بنته ليحصل على المخدرات ونظرا لوقوعه تحت طلب الحاجة الملحة الشديدة فانه ال
يحاسب محارمه على الطريقة التي تحصل بموجبها على األموال والتي تكون عن طريق الزنا أو الدعارة أو
السرقة وهذا ما يحصل في اغلب األحوال ,وهذا ما يقودنا لإلشارة إلى اآلثار غير المباشرة للمخدرات سواء
على الزوجة أو األم أو األخت ( , )43أو اآلثار غير المباشرة التي تحصل لذرية المدمن سواء من حيث اآلثار
13
السلوكية من خالل انحراف األوالد ,أو من حيث اآلثار الوراثية حيث إن معظم الوالدات المشوهة تحصل
نتيجة اإلدمان على المسكر أو المخدرات ,وهذا ما أثبتته الدراسات الطبية في هذا المجال .
للمخدرات تأثيرات جسمية مباشرة تترك أثرها على األعضاء الجسمية الخارجية أو الداخلية للمدمن ,ومن
أهم تلك اآلثار هي فقدان الشهية للطعام مما يؤدي إلى النحافة والضعف العام والهزال واصفرار الوجه أو
اسوداده باإلضافة احمرار العينين ووجود طبقة دائرية سوداء حولهما ,كما تؤدي المخدرات إلى التدرن
الرئوي عن طريق التهيج الموضعي لألغشية المخاطية والشعب الهوائية للجهاز التنفسي ,كما يحدث
اضطراب للجهاز الهضمي وكثرة الغازات وسوء الهضم والشعور باالمتالء واالنتفاخ في لمعدة تنتهي
باإلمساك أو اإلسهال كما يؤدي إلى توقف غدة البنكرياس عن عملها مما يؤدي إلى اإلصابة بمرض السكر,
كما يتضرر الكبد ويتليف حيث تتحلل خاليا الكبد عن طريق المخدرات ,كما يلتهب المخ وتتحطم وتتآكل
ماليين الخاليا العصبية مما يؤدي إلى الهلوسة وفقدان الذاكرة ,كما تؤدي إلى أمراض القلب عن طريق تكسر
خاليا الدم الحمراء وارتفاع ضغط الدم ,وتؤدي المخدرات أيضا إلى التأثير على النشاط الجنسي حيث تقلل
القدرة الجنسية ,وكذلك اإلصابة بنوبات الصرع ,باإلضافة إلى إيجاد مشاكل صحية لدى المدمنات الحوامل
حيث يتشوه المول ود خلقيا أو يولد فاقدا لبعض األعضاء هذا إن لم يمت الجنين في رحم أمه المدمنة قبل أن
يولد ,كما تعد المخدرات من أهم األسباب التي تؤدي لإلصابة بأشد األمراض فتكا باإلنسان كالسرطان (.)44
أما بالنسبة لآلثار النفسية فإنها تتمثل بان المخدرات تسبب ف التوتر االنفعال للمدمن والذي يؤدي إلى الشعور
بعدم القدرة على التكيف والتواؤم االجتماعي مع اآلخرين ,كما تحدث المخدرات اختالال في التفكير العام
وصعوبة وبطء القيام به ويترتب على ذلك فساد الحكم على األمور أو الحاالت التي قد يواجهها المدمن ,
باإلضافة إلى أن التوتر النفسي المستمر والقلق والشعور بعد االستقرار مع العصبية الجاهزة في أي وقت
والحدة في التعامل والمزاج المعكر وإهمال النفس والمظهر ,وعدم القدرة على العمل ,كل ذلك يعد من آثار
اإلدمان على المخدرات ,كما أن الشعور بالسعــــادة والنشــــوة سرعــــــان ما يتغيـــــر ويتحول إلى نــــدم
وحالة ألــــم وإرهاق مصحوب باالكتئاب والخمول ( . )45
يمكن اإلشارة إلى أن هذه اآلثار تنقسم إلى قسمين ,األول يتعلق باآلثار االجتماعية في عالقة المدمن مع
المجتمع عموما ,أما الثاني فيظهر من خالل عالقة المدمن بأسرته .فاإلدمان على المخدرات يجعل من
المدمن شخصا غير مقبول اجتماعيا وهذا ما سينعكس على عالقاته مع اآلخرين بوصفه شخصا مرفوض
اجتماعيا سواء أكان ذلك في مكان العمل أو مع أصدقائه وهذا ما يؤدي إلى صعوبة إقامته العالقات مع
اآلخرين بل وربما حتى مع نفسه ,حيث من الممكن أن يصل المدمن إلى مرحلة معينة بحيث ال يستطيع أن
14
يقتنع بنفسه أو بوجوده مما يدفعه إلى االنتحار .أما بالنسبة آلثار المخدرات على األسرة فيظهر ذلك من خالل
العالقة بين الوالدين في البيت ,وكذلك والدة أطفاال مشوهين ,باإلضافة إلى زيادة اإلنفاق على المخدرات
سيجعل دخل األسرة محدودا مما قد يدفع الزوجة أو األم أو اإلخوان أو األبناء إلى السقوط هاوية الجريمة ,
باإلضافة إلى توتر العالقات األسرية والعيش في جو من المشاكل االجتماعية التي ليس لها حال وال تنتهي
غالبا إال بضياع األسرة وتفككها وهذا ما ينعكس بدوره على المجتمع .
المبحث الرابع
نظرا لكون ظاهرة اإلدمان على المخدرات من المشاكل التي يعاني منها المجتمع عموما ,سواء على المستوى
الوطني أو الدولي ,لذلك يبدو من الالزم والواجب أيضا أن يتم البحث عن وسائل مكافحة هذه الظاهرة على
هذين المستويين ,وعلى ذلك فإنهما يتضمنان مجموعة وسائل تسعى إلى مكافحة هذه الظاهرة وذلك بالقضاء
عليها نهائيا أو الحد منها وتقليل أو إنهاء آثارها السلبية على الفرد والمجتمع .وبناء على ذلك يجب تقسيم هذا
المطلب إلى فرعين ,نتناول في األول منهما الوسائل الوطنية ,في حين نتعرض في ثانيهما إلى الوسائل
الدولية .
تتوزع الوسائل الوطنية إلى مجموعتين مهمتين جدا هما الوسائل الوقائية – كما يقال إن الوقاية خير من العالج
– والوسائل العالجية .وعلى ذلك سينقسم هذا الفرع إلى نقطتين أساسيتين األولى نتعــرض فيها إلى الوســــائل
الوقائية ,أما الثانـــية فنتطرق فيها إلى الوسائل العالجية .
فيما يتعلق بمجموعة الوسائل الوقائية فإنها تتوزع إلى وسائل مهمة يأتي في مقدمتها التربية والتعليم ,إذ
يعدان من الوسائل الوقائية المهمة والتي يظهر دورها الفعال في مكافحة ظاهرة اإلدمان على المخدرات أو
تعاطيها .إذ إن هذه الوسيلة يمكن أن تستخدم مع األفراد عموما سواء أكانوا في المدارس االبتدائية أو في
المدارس الثانوية أو في الجامعات أو أماكن العمل ,بل يمكن استخدام هذه الوسيلة حتى مع غير المتعلمين من
خالل إقامة الندوات التعليمية .فالتربية هي المعنى الحقيقي لتكوين المواطن الصالح المؤمن بربه ووطنه
وقيمه ودور ذلك اإليمان في االنعكاس على شخصية المتلقي النفسية والروحية والخلقية واالجتماعية والعقلية
والجسمية وحتى الفنية ,الن التربية والتعليم هي رسالة شاملة بكل المعني ,وبذلك فهي توجه إلى حل مشاكل
المجتمع وتنمية مشاعر االنتماء في نفوس الناشئة وتحريرهم من مظاهر السلوك المنحرف أو الشاذ ,وبالتالي
15
تجني بهم الوقوع في مخالفات القانون أو التعدي على قيم المجتمع وعاداته وبذلك تقيهم من ارتكاب الجرائم
المختلفة ,وتتضمن التربية والتعليم في الواقع قوى بشرية وإمكانات قادرة على تنوير الطريق أمام المتعلم
وتعريفه بحضارة العصر وكيفية التعامل معها وفقا للدين والقانون ووفقا أيضا للعادات والتقاليد االجتماعية
التي ال تتعارض مع الدين وال قانون وبالتالي تبديد الظالم والجهل والخرافة ,وعلى ذلك يأتي دور التربية
والتعليم إدارة ومنهجا وتدريسا ونشاطا عاما تقوم به مؤسسات المجتمع المدني مثال في تحرير الفرد من
نزعات االنحراف والميول العدوانية أو اإلجرامية والنأي به عن الالمباالة والشذوذ واإلدمان ,ومن أهم وسائل
التربية والتعليم في الوقاية من االنجراف في تيار التعاطي او اإلدمان على المخدرات هي المدرسة – على
()51
.وال يمكن أن ننسى الدور المستوى الحكومي – بوصفها النموذج المؤثر في سلوكية المتعلم ونفسيته
الذي تقوم به المرجعيات الدينية لمختلف الطوائف في التحذير من مخاطر اإلدمان على المخدرات وإلتزام
الناس بذلك تبعا لمدى ما يمتلكونه من إيمان إتجاه األحكام المنزلة من قبل هللا سبحانه وتعالى ,وبالتالي النأي
بهم عن ارتكاب جرائم المخدرات ,وهذا يشمل الناس المتعلمين وغير المتعلمين .باإلضافة إلى دور منظمات
المج تمع المدني في توضيح مخاطر اإلدمان على المخدرات للناس كافة واثر في ذلك في وقايتهم من جرائم
المخدرات .
ويبرز دور اإلعالم بوصفه من الوسائل الوقائية المهمة جدا لمكافحة تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليها ,إذ
إن لوسائل االتصال المختلفة السمعية منها والمرئية أو السمعية والمرئية والمقروءة دور مهم جدا في الحد من
الكثير من الظواهر اإلجرامية وبالخصوص المخدرات .إذ أن أجهزة اإلعالم المختلفة من المجالت والصحف
أو اإلذاعة والفضائيات أو االنترنيت وغيرها – فيما يستجد في المستقيل – لها دورها المهم في توعية
المواطنين باآلثار السلبية الفردية أو االجتماعية المترتبة على تعاطي المخدرات أو اإلدمان ,باإلضافة إلى
الوسائل االتصالية األخرى كالمسارح والمهرجانات والمعارض والندوات التثقيفية والمؤتمرات العلمية وغير
ذلك ,كل هذه الوسائل اإلعالمية من الممكن جدا أن تؤدي دورها الحقيقي والفعلي في توعية الناس وإفهامهم
بآثار تعاطي المخدرات وبالتالي وقايتهم من الوقوع في نتائجها السلبية (. )51
16
االستنتاجات :
-1تبين لنا من خالل البحث بان تعريف المخدرات في اللغة يقارب إلى حد ما تعريفه في االصطالح ,حيث
إن المعنى في كليهما يدور حول التخدير والخدر .
-2ظهر لنا معنى اإلدمان بأنه حالة نفسية وأحيانا عضوية تنتج عن تفاعل الكائن الحي مع العقار المخدر,
وهذا ما يجعله مختلفا عن مصطلح االنقطاع والذي يتمثل باإلعراض أو النفسية التي تترتب على عدم تناول
المدمن للعقار المدمن عليه وعندما يحرم منه فجأة ,أما قوة التحمل فتعني المناعة قبل الكمية ذاتها من العقار
المدمن عليه بحيث إن المدمن يحتاج إلى جرعات إضافية أي بكمية اكبر من السابقة حتى يحس بلذة المخدر.
-3هناك أنواع من المخدرات مباحة وغير محظورة قانونا كالتبغ والعقاقير المنومة والمهدئة ,وبالتالي
يقتصر الحظر القانوني على تلك المواد الواردة في قانون المخدرات .كما إن المشروعية يمكن أن تحدد وفقا
لكمية المخدر كما هو الحال بالنسبة لشرح مواد الجدول الثالث لقانون المخدرات العراقي .وكذلك فان
المخدرات تنقسم من حيث أصلها إلى نوعين هما المخدرات النباتية واصلها النباتات التي تزرع في األرض
الطبيعية ,والمخدرات الكيمياوية سواء أكانت المخلقة أو نصف المخلقة( المصنعة ) .
-4تبين لنا أيضا بأن أسباب تعطي المخدرات يشترك فيها كل من الفرد والمجتمع و وبالتالي يكون التعاطي
هو نتيجة هذين السببين بما يتضمناه في مجموعتيهما من أسباب .والمجتمع ال يقتصر على المجتمع الحر أو
غير المقيد ,بل يشمل أيضا مجتمع السجن أو المجتمع المقيد أو غير الحر .
-5بالنسبة آلثار تعاطي المخدرات أو اإلدمان عليه فإنها تشمل آثارا عديدة تتمثل باآلثار الدينية واإلجرامية
والجسمية والنفسية واجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية.
-6أما بالنسبة لوسائل مكافحة المخدرات فإنها تتمثل بمجموعة الوسائل الوطنية الوقائية والعالجية ,باإلضافة
إلى الوسائل الدولية المتمثلة بالنظام القانوني الدولي لمكافحة االتجار بالمخدرات عن االتفاقيات الثالثة الصادرة
عن األمم المتحدة وهي االتفاقية الوحيدة للمخدرات لعام ( )1761وبروتوكولها لعام ( , )1772واتفاقية
المؤثرات العقلية لعام ( , )1771واتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات
العقلية لعام ( ,)1788ولقد تضمنت االتفاقية األخيرة حماية واضحة وضمانات عديدة ضد االتجار غير
المشروع بالمخدرات .وقد تبين لنا أيضا وجود اتجاه فقهي يخلط بين الوسائل الوقائية والوسائل العالجية ,
في حين يجب أعمال التفرقة الزمنية والضرورية بين تلك الوسائل من حيث إن الوسائل الوقائية ينهض دورها
في مرحلة سابقة على اإلدمان ,في حين أن الوسائل العالجية يبرز دورها بعده .
17
التوصيات :
-1دعوة المشرع العراقي في قانون العقوبات رقم 111لسنة 1767إلى التشدد في عقوبة جرائم السكر
الواردة في المواد ( , ) 388 – 386الن المسكرات هي من أنواع المخدرات والتي ال تقل في آثارها السلبية
والمدمرة عن تلك اآلثار التي تحدثها المخدرات الواردة في فانون المخدرات العراقي رقم 68لسن , 1765
وجعل تلك العقوبة هي الحبس بين مدتيه الدنيا والعليا أي بين مدة ثالثة أشهر إلى خمس سنوات .
-2اقترحنا على المشرع العراقي حذف عبارة ( المصحات ) الواردة في المادة ( الرابعة عشر/سابعا) من
قانون المخدرات رقم ( )68لسنة 1765المعدل الن هذه العبارة تجيز للقاضي وضع المدمن في إحدى
المصحات العقلية أو النفسية وهذا ما ال يؤدي إلى تحقيق أهداف العالج ,واالقتصار على عبارة ( األماكن
الصحية التي تخصصها الوزارة لهذا الغرض ليعالج فيها ) أو عبارة (احد المصحات التي تنشأ لهذا الغرض
) خصوصا وان العبارة األخيرة واردة في المادة ( ) 2 / 386من قانون العقوبات العراقي وبالتالي يكون
من األفضل قانونا توحيد هذا األمر بالنسبة لمعالجة المدمنون سواء على السكر أو المخدرات .
-3ن دعو المشرع العراقي في قانون المخدرات إلى إتباع ما ذهب إليه المشرع اللبناني في المادتين ( , 182
) 183من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسالئف رقم ( )673لسنة , 1778والمشرع السوري في
المادة ( )44من قانون المخدرات رقم ( )2لسنة , 1773وذلك فيما يتعلق بتنظيم الوضع القانوني لمن تقدم
اختيارا وبرغبته الشخصية بطلب إلى المصحات الخاصة بمعالجة مدمني المخدرات أو المسكرات لكي يعالج
فيها ,باإلضافة إلى مراعاة السرية عند دخول المدمنين إلى تلك المصحات الخاصة بمعالجتهم سواء أكان
هؤالء المدمنون متهمون بارتكاب الجرائم أو محكوم عليهم و من المتقدمين طوعا واختيارا بطلباتهم لغرض
المعالجة في تلك المصحات .وعند ذلك يمكن للمعالجة الطبية في تلك المصحات الخاصة بالمدمنين أن تحقق
أغراضها في شفاء المدمن وتحسن حالته الصحية ومن ثم عودته إلى المجتمع إنسانا معافى من آثار المخدرات
وصالحا لخدمة أسرته ومجتمعه .
18
الخاتمه -:
للمخدرات دور كبير جدا في تكوين الشخصية اإلجرامية إلنسان معين ,وذلك ألنها تأثر على الجهاز العصبي
بالحديد وبالتالي تنعكس على تصرفات اإلنسان المدمن أو المتعاطي للمخدرات حيث تحدث خلال في تكوينه
النفسي أو لعقلي وتدفعه نتيجة لذلك إلى ارتكاب الجرائم المختلفة ,سواء أكانت تلك الجرائم الماسة باألشخاص
أو األموال كالقتل أو الضرب أو الجرح أو السرقة أو االختالس أو الرشوة أو التعذيب ,أو الجرائم األخالقية
كجرائم االغتصاب الجنسي أو اللواطة أو هتك العرض ,مع مالحظة إن اغلب مدمني المخدرات ومتعاطيها
يرتكبون الجرائم األخالقية لفقدانهم السيطرة على غرائزهم وبالتالي يضعف دور العقل في السيطرة على
الغرائز وبالخصوص الغريزة الجنسية .
وفيما يتعلق باألسباب التي تؤدي إلى اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها فهي مختلفة باختالف دور تلك
األسباب وأهميتها بالنسبة للمدمن أو المتعاطي للمخدرات ,فقد تكون التربية الالخالقية التي تلقاها المدمن في
صغره من أبويه هي الدافع إلى ذلك ,أو قد تكون البيئة المدرسية عن طريق أصدقاء السوء ,أو بيئة العمل
حيث إن ظروف العمل وساعاته الطويلة مثال أو سوء اإلدارة وضغطها على الموظفين قد تدفع بعضهم أيضا
إلى اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها للخروج من الضغط النفسي المتأتي من ذلك ,ال بل قد تؤثر المشاكل
الزوجية في كثير من األحيان إلى إدمان االبن أو تعاطيه المخدرات من خالل محاولته الخروج من الجو
المشحون الذي يعيشه مع أبويه المتخاصمين دوما .
أما بالنسبة إلى أنواع المخدرات فهي تنقسم إلى المخدرات النباتية والمخدرات الصناعية أو الكيماوية ( أو كما
تسمى في بعض قوانين المخدرات العربية بالسالئف ) ,ويالحظ أيضا بأن المخدرات يمكن أن يكون استخدامها
مشروعا كما في حلة الوصفة الطبية الالزمة لمعالجة مريض معين .
ومن جانب آخر يالحظ بان للمخدرات تأثير كبير في تكوين النفسية اإلجرامية من خالل التأثير على الجهاز
العصبي وكذلك على نفسية المدمن وبالتالي تكوين نفسية إجرامية من خالل اإلدمان على المخدرات وتعاطيها
,ويالحظ هنا أيضا بان اإلدمان عل المخدرات ال يقتصر تأثيره فقط على الصفة الجرمية لفعل المدمن بل
تمتد إلى اآلثار االقتصادية والسياسية واالجتماعية واألخالقية واألدبية باإلضافة إلى اآلثار الدينية ,وتنعكس
هذه اآلثار سلبا على المجتمع .
وفيما يتعلق بمشكلة الموضوع فتتمثل بالوسائل الالزمة لمكافحة المخدرات ,حيث من الواضح أن الوسائل
الوقائية هي خير من الوسائل العالجية ,لكن عندما يتم اإلدمان على المخدرات أو تعاطيها ففي هذه الحالة
يجب البحث عن العالج الن المحذور قد وقع وهو اإلدمان على المخدرات ,وتتمثل الوسائل الوقائية بوجوب
تقوية رابطة الشخص بأسرته وبمجتمعه وبالتالي بوطنه وتعزيز ثقة ذلك الشخص بنفسه ,باإلضافة إلى تقوية
19
الروادع الدينية بالنسبة له حتى يمكـن توقــــي الــوقــــوع في ( وحل ) الجريمة عن طريق المخدرات
المحظورة قانونا ,أما إذا لم تنفع كل تلك الوسائل في منع بعض األشخاص من تعاطي المخدرات ففي هذه
الحالة يجب تحريك الوسائل العالجية والمتمثلة بالوسائل األمنية والمتجسدة في إنشاء إدارات مكافحة المخدرات
في مختلف الدول باإلضافة إلى الشرطة الجنائية الدولية ( االنتربول ) ,وكذلك القانون بوصفه الوسيلة
العالجية التي تتعامل مع مخالفي قواعده ,وباإلضافة إلى هذه الوسائل الداخلية لمكافحة المخدرات هناك أيضا
الوسائل الدولية والمتمثلة باالتفاقيات الدولية الخاصة بذلك مثل اتفاقية مكافحة االتجار غيـــر المشــــروع
بالمخــدرات لسنة . 1788
أما المسألة األخرى والتي تمثل مشكلة أخرى تواجه البحث فتتمثل بالكيفية التي يتم من خاللها إعادة المدمن
أو المتعاطي إلى الحظيرة االجتماعية اإلنسانية كإنسان عادي صالح غير مريض بالمرض النفسي الناتج عن
المخدرات وهذا ال يتأتى إال من خالل تفهم وضعية المريض النفسي وظروفه الشخصية والنفسية وبالتالي
محاولة التخلص من كل اآلثار التي تركتها المخدرات عليه سواء أكانت الجسدية أو النفسية من خالل طرق
المعالجة الطبية والترفيهية ومحاولة القضاء على األسباب التي أدت إلى تعاطيه المخدرات ,وهذه هي المسألة
المهمة جدا في هذا الموضوع والتي يجب أخـــــذها بنظـــر االعتبــــــار واالهتمــــام والرعاية حتى يمكن
تخليص المجتمع من المخدرات وآثارها السلبية .
21
المصادر :
-1د .أكرم نشأت إبراهيم ,علم النفس الجنائي ,ط ,2عمان ,دار الثقافة للنشر والتوزيع . 1778 ,
-2رمزي العربي ,علم النفس ,ج , 2بيروت ,دار الرفيق للطباعة والنشر والتوزيع . 2116 – 2115 ,
-3د .سمير محمد عبد الغني ,المخدرات و مصر و دار الكتب القانونية . 2116 ,
-4د .عبد الرحمن محمد العيسوي ,علم النفس الجنائي ,اإلسكندرية ,دار المعرفة الجامعية .2113 ,
-5د .عبد الفتاح الصيفي و د .محمد زكي أبو عامر ,علم اإلجرام والعقاب ,اإلسكندرية ,بال ناشر ,بال
سنة طبع .
-6د .غسان رباح ,الوجيز في قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية ,بيروت ,منشورات الحلبي الحقوقية ,
. 2118
-7د .كامل فريد السالك ,قوانين المخدرات الجزائية ,بيروت ,منشورات الحلبي الحقوقية. 2116 ,
-8محمد ابن أبي بكر عبد القادر الرازي ,مختار الصحاح ,القاهرة ,دار الكتاب العربي و بال سنة طبع .
-7د .محمد شالل حبيب ,أصول علم اإلجرام ,ط , 2بغداد ,دار الحكمة . 1771 ,
( )11د .محمد شحاتة ربيع و د .جمعة سيد يوسف و د .معتز سيد عبد هللا ,علم النفس الجنائي ,القاهرة ,
دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع . 2113 ,
( )11محمد مزعي صعب ,جرائم المخدرات ,بيروت ,منشورات زين الحقوقية . 2117 ,
1-www.mrsa4.com
2- -www.barasy.com
3www.thulatha.com
4 -www.swissionfo.ch
5- http://forum.law-dz.com
6 - www.yemen-sound.com
21
7-www.aljazeeratalk.net
-1االتفاقية الموحدة للمخدرات لعام ( )1761والمعدلة بالبروتوكول الصادر سنة (. )1772
-2واتفاقية المؤثرات العقلية لسنة (, )1771
-3اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة . 1788
22