Maghreb Street 289

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 45

‫‪1‬‬

‫أسبوعية مستق ّلة تحترم القارئ‬

‫العدد ‪ - 289‬من الثالثاء ‪ 14‬إلى االثنين ‪ 20‬ديسمبر ‪ - 2021‬الموقع االلكتروني ‪ -www.acharaa.com‬البريد االلكتروني ‪maghrebstreet@gmail.com :‬‬

‫االفتتاحية‬

‫سيادته‪...‬‬
‫بقلم ‪:‬‬
‫د‪ .‬ألفة يوسف‬

‫وقفة‬

‫الثقافة‬
‫الفكر يّة‬
‫بقلم ‪ :‬د‪ .‬فتحي التريكي‬

‫‪ 7‬اجراءات جديدة‬
‫على وقع انتحار النهضوي سامي السيفي ‪:‬‬ ‫منها مواصلة‬
‫ال يحسنون حتى الفبركة‪...‬‬
‫تجميد البرلمان‬
‫واستفتاء شعبي‬
‫أصحاب المؤسسات‬ ‫وانتخابات مب ّكرة في‬
‫التونسية يعانون ومنهكون‬ ‫‪ 17‬ديسمبر ‪...2022‬‬

‫وسيحكم‬
‫من ‪ 6‬آالف نص جبائي !!‬

‫اتصاالت تونس تواصل التعاقد‬


‫مع شركات تتالعب بمعطيات‬

‫تونس‬
‫التونسيين‬

‫بمفرده!‬
‫بعد ‪ 2000‬سنة‪ ،‬هل‬
‫سيلقى حنبعل المجبري‬
‫مصير حنبعل برُقة؟‬

‫مسرحيون ي ُناشدون‬
‫عبد القادر مقداد العودة‬
‫للمسرح ويدعون‬
‫ّ‬
‫للتدخل‪..‬‬ ‫سع ّيد‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪2‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫االفتتاحية‬

‫سيادته‪...‬‬
‫بقلم ‪ :‬د‪ .‬ألفة يوسف‬

‫عانت منها البرشية يف القرن املايض‪.‬‬ ‫بالضمانات التي يجب أن تكون بناء عىل القانون"‪.‬‬ ‫قريبا يحتفل املسيحيّون بميالد املسيح‪ ،‬ولع ّلها‬
‫هذا الكالم يمكن أن يقوله أيّ شخص ألنّه كالم عا ّم‬ ‫فرصة لنستذكر معا واحدة من أبرز تعاليم األناجيل‬
‫‪ +‬وآخر ما لحظنا يف خطابات سيادته إن يف‬ ‫يكاد يكون صالحا لك ّل زمان ومكان‪ .‬هذا ما يسمّ ى يف‬ ‫تقول‪" :‬هكذا ألنّك فاتر ولست باردا وال حا ّرا‪ ،‬أنا مزمع‬
‫اجتماعات مجلس الوزراء أو عند لقائه بأعضاء‬ ‫ّ‬
‫بالشعارات ال ّرنّانة ا ّلتي تداعب مشاعر‬ ‫لغة ّ‬
‫السياسة‬ ‫أن أتقيّأك من فمي"‪ .‬تذ ّكرت هذه املقولة وأنا أشاهد‬
‫الحكومة منفردين جنوحه إىل االستفراد بالكالم‪ ،‬وكأنّه‬ ‫املستمعني وال سيّما إذا ما لم تكن لهم أدنى خربة بإدارة‬ ‫السياسيّة بتونس ملا بعد ‪ 25‬جويلية‪ .‬ال ش ّك‬ ‫القرارات ّ‬
‫يسمع نفسه فقط بل ويتمتّع بذلك‪ .‬وهذا ما يحملنا‬ ‫شؤون الدّولة وبصعوباتها اليوميّة ومشاكلها العمليّة‪.‬‬ ‫ونيس قد استبرش خريا بالقرارات‬ ‫ّ‬ ‫الشعب التّ‬ ‫أن أغلب ّ‬ ‫ّ‬
‫يايس‪ ،‬هو‪" :‬هل‬
‫الس ّ‬ ‫عىل طرح سؤال ها ّم عىل املستوى ّ‬ ‫التي اتّخذها رئيس الجمهوريّة يوم ‪ 25‬جويلية ‪،2021‬‬
‫الفلسفي العميق‬
‫ّ‬ ‫سيادته قادر عىل االستماع باملعنى‬ ‫‪ +‬التّناقض أو اعتماد سيادة ال ّرئيس عىل مبدإ‪:‬‬ ‫وهي قرارات وضعت حدّا لعربدة طبقة سياسيّة عربدة‬
‫"السياسة" بمعناها‬‫ّ‬ ‫لهذه الكلمة"؟ هل يمتلك أساليب‬ ‫"افعلوا ما أقول‪ ،‬وال تفعلوا ما أفعل"‪ .‬ففي كثري من‬ ‫استم ّرت عرش سنوات‪ ،‬ونتج عنها دمار اقتصاديّ‬
‫يف العامّ يّة التّونسيّة بما تفرتضه من طرح تساؤالت‬ ‫األحيان نجد سيادة ال ّرئيس ينتقد من يعتربون ّ‬
‫أن‬ ‫تجسمه األرقام أيما تجسيم ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واجتماعي‬
‫ّ‬ ‫وسيايس‬
‫ّ‬
‫ومن مراجعات ومن تطويق الخالفات ومرونة يف األخذ‬ ‫"الحرية هي السب والشتم والثلب"‪ ،‬ومع ذلك وجدناه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فسقوط الدّينار والتضخم املايل ّ والتخفيض يف التقيم‬
‫وال ّردّ؟‬ ‫يتّهم أشخاصا لم يقفوا أمام القضاء بتهم شنيعة‪.‬‬ ‫السياديّ من قبل أكثر من وكالة تصنيف معرتف بها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫أن ثروة زوجة أحد املحامني‬ ‫مثال‪ ،‬أشار سيادته إىل ّ‬ ‫الصعبة وارتفاع‬ ‫وانخفاض رصيد البالد من العملة ّ‬
‫ويف الحاالت القليلة التي ابتعد فيها سيادته عن‬ ‫تبلغ ‪ 100‬مليار رغم أنّها عاطلة عن العمل‪ .‬وأشار‬ ‫الصحّ ة والتّعليم‬
‫نسبة الجريمة وتفاقم انهيار نظامي ّ‬
‫العموميّات والتّهديد والتّخوين والدّعوات إىل التّطهري‪،‬‬ ‫أن سيادته لم يذكر‬ ‫إىل عقارات تمتلكها املرأة‪ .‬ورغم ّ‬ ‫العموميّني‪ ...‬هي حقائق ال يمكن أن ينكرها أحد‪ .‬بل‬
‫السلطة‬‫وجدناه يلمّ ح إىل النّظام القاعديّ ا ّلذي يجعل ّ‬ ‫"مشكورا" اسم املحامي وال اسم زوجته‪ ،‬فقد فتح هذا‬ ‫لع ّل حركة النّهضة ورشكاءها من بعض "التّقدّميّني‬
‫بيد مجالس مح ّلية وجهويّة هي التي تنتخب نوّاب‬ ‫االجتماعي لتنهش‬
‫ّ‬ ‫التّرصيح الباب لصفحات التّواصل‬ ‫االنتهازيّني" أنفسهم لم ينكروا ذلك‪ ،‬وإنّما حاولوا‬
‫طرف عن طوباوية هذا‬ ‫وبغض ال ّ‬
‫ّ‬ ‫الربملان وتراقبه‪.‬‬ ‫عرض محام بعينه وعرض زوجته‪ .‬وتتالت رضوب‬ ‫فقط أن يتربّؤوا ممّ ا اقرتفت أيديهم ليحمّ لوا وزره‬
‫الصاعات والحسابات واملصالح‬ ‫النّظام ا ّلذي ينفي ّ‬ ‫القذف والثّلب بأنواعها‪ .‬فهل ح ّرية سيادته تسمح‬ ‫للشغل أو لنظامي بورقيبة وبن‬ ‫ونيس ّ‬‫ّ‬ ‫لالتّحاد العا ّم التّ‬
‫فإن حديث سيادته عن‬ ‫ّ‬ ‫وخصوصا العصبيّة منها‪،‬‬ ‫له بأن يكون ترصيحه فاتحا باب انتهاك األعراض‬ ‫الشوع‬ ‫السياسة ّ‬‫الشائع يف أدبيّات ّ‬‫عيل‪ .‬وإذا كان من ّ‬
‫"الشكات األهليّة" أمر الفت لالنتباه‪ .‬فهو يتحدّث عنها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نفس يف‬ ‫والحرمات؟ ويف سياق آخر‪ ،‬كيف يمكن أن‬ ‫يف محاسبة املسؤولني بعد مائة يوم من تحمّ لهم أيّ‬
‫بصفتها حالّ أمثل للمنظومة االقتصاديّة التّونسيّة التي‬ ‫ظ ّل تشديد سيادته عىل رضورة احرتام القوانني وضع‬ ‫نوع من أنواع املسؤوليّة‪ ،‬فما بالك بهؤالء ا ّلذين تحمّ لوا‬
‫تعاني مشاكل جوهريّة وعميقة‪ ،‬وهو ال يدعو حتّى إىل‬ ‫الشخصيّات تحت اإلقامة الجربيّة ث ّم رفع تلك‬ ‫عدد من ّ‬ ‫املسؤوليّة طيلة أكثر من ثالثة آالف يوم؟‬
‫مختصني يف االقتصاد وإنّما يقول‬
‫ّ‬ ‫دراسة األمر من قبل‬ ‫اإلقامة الجربيّة بعد أسابيع أو بعد أشهر دون أن نفهم‬
‫ّ‬
‫متوقعا‬ ‫أن سقوط النّهضة ورشكائها كان‬‫والواقع ّ‬
‫يف استخفاف واضح‪ " :‬يقولون إنه ال وجود لرشكات‬ ‫ملاذا ت ّم فرض اإلقامة الجربيّة وال ملاذا ت ّم رفعها‪.‬‬
‫الشعب نهائيّا‪ .‬انتهت املنظومة‬‫ّ‬ ‫بعد أن لفظهم‬
‫أهلية يف القانون‪ .‬املسألة بسيطة‪ ،‬نستصدر أمرا بها"‪.‬‬
‫وكأن املسائل االقتصاديّة تدار بمثل هذه االستهانة‬ ‫ّ‬ ‫يايس‬
‫الس ّ‬ ‫‪ +‬من نافل القول أنّه مهما كان النّظام ّ‬ ‫ّ‬
‫السياسيّة ملا بعد ‪ 14‬جانفي منذ خمسة أشهر تقريبا‪.‬‬
‫مؤسسة رئاسة الجمهوريّة الحفاظ‬ ‫ّ‬ ‫املعتمد‪ّ ،‬‬
‫فإن عىل‬ ‫لكن هل بنيت منظومة أخرى؟ أو عىل األق ّل هل وضعت‬
‫ّ‬
‫والسهولة‪.‬‬
‫عىل الوحدة الوطنيّة‪ .‬قد تختلف املواقف وال ّرؤى‬ ‫أسس دقيقة واضحة لبناء منظومة سياسيّة جديدة؟‬
‫وم ّرة أخرى يستند سيادته يف هذا الربنامج ا ّلذي‬ ‫الشعب التّونيس وبث‬ ‫ولكن التّفريق بني ّ‬‫ّ‬ ‫وتتعدّد‪،‬‬
‫أن ال ّرئيس قيس سعيّد‬ ‫ما يتبيّنه املتأمّ ل الحصيف ّ‬
‫ينوي تطبيقه إىل شعارات رنّانة تدغدغ املشاعر مثل‬ ‫خطابات الكراهيّة بني أفراده أمر مرفوض بل ّ‬
‫إن‬
‫السادس من الدّستور يق ّر ّ‬ ‫ما فتئ يدور حول نفسه منذ ‪ 25‬جويلية‪ ،‬ومن‬
‫حديثه عن‪" :‬توزيع الثروة بشكل عادل"‪ ،‬كما يستند‬ ‫بأن الدّولة تلتزم‬ ‫الفصل ّ‬
‫إىل ما يسمّ يه "إرادة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبديهي أن نر ّكز حديثنا‬
‫ّ‬ ‫يدور حول نفسه ال يتقدّم‪.‬‬
‫الشعب" وإىل مرشوع االستفتاء‬ ‫بنرش قيم االعتدال و التسامح وتلتزم بمنع دعوات‬
‫عىل سيادة ال ّرئيس ال عىل شخصه طبعا‪ ،‬وإنّما عىل‬
‫"الشعب يقبل هذا النظام أو‬‫ّ‬ ‫ا ّلذي يلوّ ح به‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫التّكفري والتّحريض عىل الكراهية والعنف وبالتّصدّي‬
‫الدّور ا ّلذي يقوم به‪ ،‬وهو ا ّلذي تحمّ ل مسؤوليّة أن‬
‫يرفض"‪.‬‬ ‫لها‪ .‬ومن هنا يبدو لنا غريبا ما يتك ّرر يف خطابات‬
‫السلطات يف يده‪ .‬منذ ‪ 25‬جويلية انتظر‬ ‫تكون جميع ّ‬
‫سيادته من إشارة إىل الـ"هم" املتآمرين واملجرمني‬ ‫ّ‬
‫الشعب هي التي أتت‬ ‫أن إرادة ّ‬
‫وربّما ينىس سيادته ّ‬ ‫وإىل الغرف املظلمة وسواها من العبارات ذات ّ‬ ‫التّونسيّون قرارات هامّ ة ليس أقلها فتح ملفات الفساد‬
‫الشحنة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالنّهضة وتوابعها ذات ‪ 23‬أكتوبر ‪ ،2011‬وينىس ّ‬
‫أن‬ ‫وملفات االقتصاد‪ .‬انتظر التّونسيّون‬ ‫وملفات اإلرهاب‬
‫إن أصحاب القرار ال يشتمون‬ ‫"البارانوية" الواضحة‪ّ .‬‬
‫الشعب نفسه دفع ثمنا باهظا الختياره آنذاك‪.‬‬ ‫هذا ّ‬ ‫اسرتاتيجيّات واضحة يف مختلف املجاالت تقيّم الفرتة‬
‫وال يهدّدون وال يتّهمون بال دليل وإنّما عليهم فتح‬
‫الشعب ضامنا لنجاح أيّ تجربة ال‬ ‫فليس "تحكيم" ّ‬ ‫ّ‬ ‫السابقة وتقف عىل مواطن الخلل وما أكثرها‪ ،‬وتبني‬ ‫ّ‬
‫امللفات والحرص عىل تنظيم محاكمات عادلة‬
‫سيّما يف مثل هذا ال ّ‬ ‫"تونس الجديدة" فعال وفق أساليب اقتصاديّة دقيقة‬
‫ظرف الخطري‪ .‬فهل تونس اليوم‬ ‫إن من شأن‬ ‫واملحاسبة بالوسائل القانونيّة املتاحة‪ّ .‬‬
‫ورؤى اجتماعيّة واضحة وأجندة سياسيّة مضبوطة‪.‬‬
‫مستعدّة للدّخول يف تجربة سياسيّة واقتصاديّة أفقها‬ ‫بث الكراهية‬‫اإلغراق يف التّخوين وكيل التّهم جزافا ّ‬
‫املجهول؟ وكم وقتا ستتسامح "إرادة هذا ّ‬ ‫لكن متابع خطابات رئيس الجمهوريّة يخرج‬
‫الشعب"‬ ‫السيايس‬
‫ّ‬ ‫والفتنة‪ .‬وليست نتائجه خطرية عىل املستوى‬ ‫بمالحظات أهمّ ها‪:‬‬
‫اليومي‬
‫ّ‬ ‫مع استمرار ارتفاع األسعار وتدهور خدمات‬ ‫فحسب وإنّما عىل املجتمع ايضا وقد تزيد يف تأجيج‬
‫أن تونس مقدمة‬ ‫بأنواعها وانغالق آفاق التّشغيل؟ يبدو ّ‬ ‫نار الحقد بني التّونسيّني‪ ،‬وهي نار أرضمت من ‪،2011‬‬ ‫ّ‬
‫والشعارات التي‬ ‫‪ +‬إغراق ال ّرئيس يف العموميّات‬
‫أن سخونة‬ ‫اجتماعي ساخن‪ ،‬ومن املعروف ّ‬ ‫ّ‬ ‫عىل شتاء‬ ‫وقد تساهم بشكل ال مبارش يف تزايد العنف واستفحال‬ ‫ال تفيد شيئا فعليّا عىل أرض الواقع‪ .‬من ذلك مثال‬
‫الشعارات والخطب‬ ‫الشتاء التونيس ال تجديها نفعا ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجريمة‪ .‬ولع ّل تكرار عبارة "التّطهري" ا ّلتي يستعملها‬ ‫قوله يف اجتماع مجلس الوزراء األخري‪" :‬ال تأخذنا يف‬
‫الضخمة وإلقاء عبء الفشل عىل‬ ‫ال ّرنّانة والوعود ّ‬ ‫فيس‪ ،‬إذ أنه من‬‫سيادته أمر خطري عىل املستوى الن ّ ّ‬ ‫الحق لومة الئم بناء عىل القانون وعىل من يطبّقون‬
‫ّ‬
‫والضبابيّة‪.‬‬ ‫أطراف آخرين سمتهم الهالميّة‬ ‫أن هذه الكلمة بال ّذات كانت منطلقا لفاشيات‬ ‫املعلوم ّ‬ ‫القانون" أو حديثه عن رضورة "إحاطة ك ّل صفقة‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪3‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫حياة «الشارع المغاربي»‬


‫تعزز فريق كتاب االفتتاحيات يف «الشارع املغاربي» بانضمام الدكتورة ألفة يوسف‪.‬‬
‫أرسة «الشارع املغاربي» ترحب باالستاذة وهي عىل يقني من أنها ستثري مع بقية االساتذة املتعاونني مع‬
‫الجريدة محتوى «الشارع املغاربي» أسلوبا ومضمونا‪.‬‬
‫للتذكري يتكون فريق كتاب االفتتاحيات من السيدات والسادة‪ :‬الصادق بلعيد وحمادي بن جاءبالله وعز‬
‫الدين سعيدان ونائلة السليني وخالد عبيد وجمال الدين العويديدي ورافع الطبيب وأحمد بن مصطفى وفوزي‬
‫البدوي ونادر الحمامي ونهلة عنان وأنس الشابي وأيمن البوغانمي‪.‬‬

‫تجاهل‬ ‫قادرة عىل الزيادة يف الرواتب واصفا الوضع االقتصادي‬ ‫غير مسبوقة‬
‫باملعقد جدا‪.‬‬ ‫تكتم كبري يرافق بداية املشاورات بني الحكومة‬
‫عبوا عن استيائهم من «تجاهلهم»‬ ‫عدد من املرسحيني ّ‬ ‫إعفاء مريب‬ ‫وصندوق النقد الدويل لالنطالق يف مفاوضات حول اتفاق‬
‫ّ‬
‫من طرف ادارة أيام قرطاج املرسحية وعدم تلقيهم دعوات‬ ‫قرض جديد‪ .‬مصادر موثوق بها اكدت لـ«الشارع املغاربي»‬
‫مصدر بوزارة الصناعة أكد لـ «الشارع املغاربي»‬
‫ملواكبة فعاليات الدورة ‪ 22‬التي اختتمت عشية األحد‬ ‫استغالل بعض املستثمرين عالقاتهم بمسؤولني نافذين‬ ‫ان سلسلة اجتماعات عقدت يف «دار الضيافة» بمشاركة‬
‫املايض‪ ..‬املمثل ملني النهدي أكد يف ترصيح لـ»الشارع‬ ‫ملحاولة تمرير فصول بمرشوع قانون املالية لسنة ‪2022‬‬ ‫مجموعة من املديرين العامني وبرئاسة رئيسة الحكومة‬
‫املغاربي» أنه لم يتلق الدعوة مطلقا وأنه علِم بموعد‬ ‫تقنن إعفاءات جبائية عىل بعض املنتجات التي يحتكرون‬ ‫نجالء بودن‪ .‬وشهدت نهاية االسبوع املنقيض انعقاد‬
‫التظاهرة من خالل الفتة وجدها مع ّلقة بأحد شوارع‬ ‫توريدها‪.‬‬ ‫اجتماع بني اعضاء الحكومة املكلفني باالصالحات ووفد‬
‫العاصمة‪.‬‬ ‫املصدر قال انه الحظ استماتة أحد املديرين بالوزارة‬ ‫عن اتحاد الشغل وصفه مصدر رفيع املستوى بـ«البارد»‪.‬‬
‫النهدي استنكر تغييبه عن مهرجان ايام قرطاج‬ ‫لسنوات متتالية من أجل تمرير فصل ينص عىل اعفاء‬ ‫واكد املصدر لـ«الشارع املغاربي» ان املطروح هذه‬
‫كرا برصيده املرسحي وبعروضه داخل وخارج‬ ‫املرسحية مذ ّ‬ ‫توريد نوع من الرخام وان هذا اإلعفاء سيتسبب يف خسارة‬ ‫املرة «غري مسبوق» وأن هناك توجها نحو تقليص يف‬
‫تونس فيما اكد املرسحي املنصف البلدي بدوره عدم تلقيه‬ ‫الدولة موارد جبائية بحوايل ‪ 15‬مليون دينار‪.‬‬ ‫االجور بنسبة قد تصل اىل ‪ 5‬يف املائة عالوة عىل التوجه‬
‫دعوة يف الغرض من اإلدارات السابقة بعد الثورة مستنكرا‬ ‫املصدر نقل عن بعض املطلعني عىل امللف أن ثمن تمرير‬ ‫نحو التفويت يف أكثر من ‪ 6‬مؤسسات عمومية عىل االقل‬
‫تغييب من سماهم «أفذاذ وأسياد» املرسح التونيس عن‬ ‫الفصل املشار اليه بلغ ‪ 100‬ألف دينار قالوا انه تم ضخها‬ ‫وانطالق يف رفع الدعم ليصل اىل رفع تام يف غضون سنتني‪.‬‬
‫املشهد‪.‬‬ ‫يف حساب املدير املعني‪.‬‬ ‫وكان وزير االقتصاد والتخطيط سمري سعيد قد شدد يف‬
‫افتتاح ايام املؤسسة املنعقدة بسوسة عىل ان الدولة غري‬

‫زووووم‬
‫على مستوى العالم العربي وفي حفل ضخم أقيم ببيروت ‪:‬‬
‫حممد سليم العلويني يتوج بجائزة االنجاز العلمي لسنة ‪2021‬‬
‫غري املتصلني" مثلما أشار اىل ذلك يف حوار‬ ‫مؤسسة" تكريم" خالل‬ ‫كشفت‬
‫اجرته معه صحيفة "عكاظ " السعودية‬ ‫حفل ضخم أقيم يوم ‪ 3‬ديسمرب الجاري‬
‫مشددا عىل انه ينبغي عىل صانعي القرار‬ ‫بالعاصمة اللبنانية بريوت عن قائمة‬
‫ان يدركوا ان ايصال خدمات االنرتنات‬ ‫ا ُملتوجني العرشة من العالم العربي ممن‬
‫لجميع الناس ال يمثل عبئا وانما فرصة‬ ‫تميزوا يف مجاالت الثقافة والتعليم والعلوم‬
‫انسانية عظيمة ‪.‬‬ ‫والبيئة واالعمال الخريية واملجتمع‬
‫واكد الدكتور التونيس عىل أهمية رسعة‬ ‫واالقتصاد‪.‬‬
‫التطبيقات املستقبلية وايصال املعلومات‬ ‫وأسندت املؤسسة جائزتها عن فئة‬
‫واإلشارات وانعكاس ذلك عىل العديد‬ ‫االبداع العلمي للدكتور التونيس محمد‬
‫من املجاالت مثل الزراعة الذكية وقيادة‬ ‫سامي العلويني االستاذ املتميز يف الهندسة‬
‫املركبات عن بعد وغريها‪.‬‬ ‫الكهربائية والحاسوبية بجامعة امللك عبد‬
‫ويستثمر الباحث محمد سليم‬ ‫الله للعلوم والتقنية‪.‬‬
‫العلويني كل رصيده املعريف والبحثي يف‬ ‫الباحث التونيس محمد سليم العلويني‬
‫وضع متطلبات شبكة الجيل السادس‬ ‫من الكفاءات التونسية التي اختارت‬
‫لالتصاالت‪.‬‬ ‫الهجرة للخارج بعد استكمال دراستها‬
‫تألق العلويني ونرشه العديد من‬ ‫الثانوية بتونس طلبا للعلم وبحثا عن افق‬
‫االبحاث يف مجال اختصاصه استقطب‬ ‫ارحب للتطوير والبحث‪ ..‬وبعد دراسات‬
‫االهتمام لتتوج رحلة بحثه الطويلة‬ ‫عليا يف الواليات املتحدة االمريكية وفرنسا‬
‫بالعديد من الجوائز االخرى قبل تتويجه‬ ‫اختار االقامة منذ حوايل ‪ 12‬عاما باململكة‬
‫العلويني يلقي كلمة الشكر بحضور منشطة الحفل‬
‫االخري من ضمنها جائزة التقدير لعام‬ ‫العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ 2016‬للجنة جمعية االتصاالت الالسلكية‬ ‫الدكتور العلويني من مواليد القريوان‬
‫الكهربائية من معهد جورجيا للتقنية‬ ‫العربي مثنيا عىل جامعة امللك عبد الله‬
‫التقنية التابعة ملعهد مهنديس الكهرباء‬ ‫زاول تعليمه االبتدائي والثانوي بمعاهدها‬
‫بالواليات املتحدة االمريكية سنة ‪1995‬‬ ‫للعلوم والتقنية التي اعترب انها جامعة‬
‫واإللكرتونيات (‪ )IEEE‬وجائزة عبد‬ ‫العمومية مثلما اشار اىل ذلك يف الكلمة التي‬
‫وشهادة دراسات معمقة يف االلكرتونيات‬ ‫استثنائية يف املنطقة والعالم لدعمها‬
‫الحميد شومان للباحثني العرب لسنة‬ ‫معبا عن شكره‬‫ّ‬ ‫القاها خالل حفل التتويج‬
‫من جامعة بيار وماري كوري بفرنسا‬ ‫البحث العلمي ‪..‬‬
‫‪ 2016‬يف العلوم الهندسية وجائزة اإلنجاز‬ ‫للمدرسة العمومية مؤكدا انها كوّنت‬
‫سنة ‪ 1994‬وشهادة هندسة من املعهد‬ ‫لكن قبل االستقرار باملمكلة العربية‬
‫يف العلوم الهندسية من منظمة التعاون‬ ‫اجياال منذ السبعينات والثمانينات وأنه‬
‫العايل لالتصاالت بفرنسا‪.‬‬ ‫السعودية وتركيز جهوده عىل البحث‬
‫اإلسالمي يف عام ‪ 2017‬وجائزة الكويت يف‬ ‫تسنى لها مواصلة دراستها يف الخارج‪.‬‬
‫وانصبّت ابحاث الدكتور التونيس‬ ‫العلمي كان هذا الباحث التونيس قد‬
‫حقل العلوم التطبيقية وغريها من الجوائز‬ ‫كما اعترب يف كلمته ان تتويجه رسالة‬
‫وفريقه البحثي عىل االتصاالت الالسلكية‬ ‫احرز عىل شهادة الدكتورا يف الهندسة‬
‫االخرى‪.‬‬ ‫ولفتة تقدير لكل الباحثني واالساتذة‬
‫وخاصة حول شبكات ما بعد الجيل‬ ‫الكهربائية من معهد كاليفورنيا للتقنية‬
‫الجامعيني العرب الذين اختاروا االقامة‬
‫خالد النوري‬ ‫الخامس والسادس الالسلكية و"توصيل‬ ‫سنة ‪ 1998‬وماجستري يف علوم الهندسة‬
‫واملساهمة بالبحث العلمي داخل الوطن‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪4‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫‪ 7‬اجراءات جديدة منها مواصلة تجميد البرلمان‬


‫واستفتاء شعبي وانتخابات مب ّكرة في ‪ 17‬ديسمبر ‪: 2022‬‬

‫وسيحكم تونس بمفرده!‬


‫معز زيود‬
‫للمحطات االنتخابيّة من دون مج ّرد استشارة‬ ‫الذي حاك األمر عـ‪117‬ـدد الذي جلعه يُمسك ّ‬
‫بكافة‬ ‫انتهت فرتة التخمينات وقرأ رئيس‬
‫«الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات» يُوجّ ه رضبة‬ ‫الصالحيّات يف تسيري دواليب الدولة‪ ،‬ال سيما ّ‬
‫أن‬ ‫الجمهوريّة قيس سعيّد رسميّا الفاتحة عىل‬
‫قاصمة‪ ،‬ال فقط إىل تلك الهيئة الدستوريّة املغلوبة‬ ‫أمر ‪ 22‬سبتمرب جعل قراراته معصومة من شبهة‬ ‫روح دستور ‪ .2014‬واستجاب للضغوط‪ ،‬معلنًا‬
‫عىل أمرها بل خصوصا إىل روح القانون ودولة‬ ‫الطعن‪ .‬وهل من معنى لحظر إمكانيّة الطعن يف‬ ‫عن خارطة طريق محدّدة التوقيت ليمنح‬
‫املؤسسات‪ ،‬حتّى يف ظ ّل «تعليق» العمل بالدستور‬ ‫ّ‬ ‫قرارات أيّة سلطة سوى االنفراد بالحكم والرتويج‬ ‫نفسه عىل األق ّل عامً ا إضافيّا من الحكم املطلق‪،‬‬
‫وتكييف التدابري االستثنائيّة بما يراه صاحب السلطة‬ ‫لكون قرارات صاحب السلطة ال يمكن ّإل أن تكون‬ ‫رغم شتّى املحاذير التي قد تفرزها القرارات‬
‫األوحد أم ًرا مناسبًا‪ .‬ترصّ ف الرئيس قيس سعيّد إذن‬ ‫أن البرش‬ ‫دائما عىل صواب وأنّه ال يخطأ أبدا‪ ،‬مع ّ‬ ‫الرئاسيّة األخرية‪.‬‬
‫مؤسسة أخرى يف البالد يمكن‬ ‫وكأنّه ليس هناك أيّة ّ‬ ‫طاؤون بطبعهم‪ ،‬بما يف ذلك األنبياء أنفسهم ما‬ ‫خ ّ‬
‫أن تبدي رأيها يف مثل هذه الخيارات املصرييّة سوى‬ ‫داموا دون مرتبة اإلله؟!‪.‬‬ ‫بأن «خارطة‬ ‫اقتنع الرئيس قيس سعيّد أخريًا ّ‬
‫أن ك ّل ما هو‬‫رئاسة الجمهوريّة‪ .‬واألكثر من ذلك ّ‬ ‫ومن بني التوصيفات املثرية التي ساقها رئيس‬ ‫الطريق» ليست مج ّرد خريطة معبّدة يف كتب‬
‫ّ‬
‫ومؤسسات قبل إعالن‬ ‫قائم يف هذه البالد من قوانني‬ ‫الدولة يف خطابه أمس‪ ،‬حديثه عمّ ا هو متداول يف‬ ‫الجغرافيا ومدوّناتها‪ .‬وبذلك استجاب ولو عىل‬
‫ّ‬
‫وصف‬ ‫«صف ثالث‬‫ّ‬ ‫الساحة الوطنيّة بشأن وجود‬ ‫مضض لضغوط الداخل والخارج‪ ،‬ال بالعودة‬
‫سعيّد قراراته املتعاقبة قد بات مج ّرد هراء وعبث‪،‬‬
‫وصف خامس‪ ...‬لست مع الذين يريدون‬ ‫ّ‬ ‫رابع‬ ‫ماض لن يعود‪ ،‬وإنّما بتحديد سقف زمني‬ ‫ٍ‬ ‫إىل‬
‫عىل الرغم من أنّه قد امتطاها يف طريق الوصول إىل‬
‫صناعة الصفوف وبعد ذلك االصطفاف»‪ .‬وهو يتعمّ د‬ ‫مضبوط لعودة مسار «الديمقراطيّة االنتخابيّة»‪.‬‬
‫قرص رئاسة الجمهوريّة بقرطاج‪.‬‬
‫بذلك السخرية املبارشة من االتّحاد العام التونيس‬ ‫أعلن أوّال‪ :‬عن وفاة مجلس نوّاب الشعب رسميّا‪.‬‬
‫ضغوط ليّنة‬ ‫ط الثالث» التي‬ ‫للشغل ومن مبادرته املسمّ اة بـ»الخ ّ‬ ‫وق ّرر ثانيا‪ :‬افتتاح العام الجديد بإطالق استشارة‬
‫أن إعالن رئيس‬ ‫املحصلة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ليس بخاف‪ ،‬يف‬ ‫حاولت املركزيّة النقابيّة من خاللها املسك بالعصا‬ ‫إلكرتوني ومبارش‪ ،‬لتحديد طبيعة‬ ‫شعبيّة‪ ،‬بشكل‬
‫ّ‬
‫الجمهوريّة لقراراته األخرية قد جاء استجابة‬ ‫من وسطها واالضطالع بدور الوسيط من أجل‬ ‫النظام السيايس املأمول‪ .‬وكشف ثالثا‪ :‬عن أنّه‬
‫لضغوط متظافرة تتع ّلق برضورة اإلعالن عن تحديد‬ ‫أن رئيس‬ ‫إنقاذ سفينة توشك عىل الغرق‪ .‬صحيح ّ‬ ‫سيُش ّكل لجنة ستضطلع بتأليف نتائج االستشارة‪.‬‬
‫فرتة التدابري االستثنائيّة ووضع خارطة طريق‬ ‫الدولة يُمسك اليوم بك ّل أوصال السلطة التنفيذيّة‬ ‫ورابعا‪ :‬حدّد يوم عيد الجمهوريّة الذي يُصادف‬
‫واضحة حيال الفرتة املقبلة‪ .‬فال ننىس بالخصوص‬ ‫والترشيعيّة‪ ،‬غري أنّه قد ذهب بعيدًا جدّا بمثل هذه‬ ‫بكافة السلطات موعدا لالستفتاء عىل‬ ‫ّ‬ ‫تاريخ مسكه‬
‫ما جاء يف البيان الصادر‪ ،‬يوم ‪ 10‬ديسمرب الجاري‪،‬‬ ‫الدرجة من السخرية املكشوفة إزاء اتّحاد الشغل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وخاصة‬ ‫الدستور الجديد والنصوص ذات الصلة‪،‬‬
‫عن رؤساء بعثات مجموعة الدول السبع بتونس‬ ‫ومهما بدت منظمة األجراء‪ ،‬يف نظره‪ ،‬ضعيفة وفاقدة‬ ‫بش التونسيّني بموعد‬ ‫القانون االنتخابي‪ .‬وخامسا‪ّ :‬‬
‫تزامنا مع ذكرى اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ألدنى قدرة عىل مواجهة خياراته فإنّها عىل خالف‬ ‫االنتخابات الترشيعيّة التي ستضع حدّا لغياب‬
‫تخل القوى الكربى يف‬ ‫ّ‬ ‫فهو لنئ كشف بوضوح‬ ‫ذلك تمتلك من آليّات التح ّرك امليداني ما ال يمكنه‬ ‫مؤسسة الربملان‪ ،‬لتتزامن مع االحتفال بالذكرى‬ ‫ّ‬
‫العالم عن مسألة العودة إىل ما قبل قرارات ‪25‬‬ ‫أن يتصوّر حجمها وتأثريها‪ .‬وهو ما يُش ّكل اختبا ًرا‬ ‫الثانية لعيد الثورة الجديد يوم ‪ 17‬ديسمرب ‪.2022‬‬
‫جويلية واالعرتاف بالواقع القائم وبشعبيّة رئيس‬ ‫حقيقيّا اليوم لالتحاد العام التونيس للشغل ق ّلما‬ ‫بقيّة اإلجراءات املعلن عنها تبدو ذات أهميّة‬
‫الجمهوريّة‪ ،‬فإنّه قد اشرتط مواصلة تقديم الدعم‬ ‫وُضع أمامه خالل العقود األخرية‪ .‬ويف ك ّل األحوال‬ ‫ثانويّة باملقارنة مع كنه القرارات املذكورة أعاله‪.‬‬
‫إىل تونس‪ ،‬والسيما يف ظ ّل األزمة االقتصاديّة الخانقة‬ ‫إن «هذه الطريق‬ ‫فإن رئيس الجمهوريّة الذي قال ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتكمن يف مرسوم يتع ّلق بـ»الصلح الجزائي» مع‬
‫التي تم ّر بها‪ ،‬بـ»تحديد سقف زمني واضح يسمح‬ ‫محفوفة باملخاطر‪ ،‬وسنتصدى لكل محاوالت‬ ‫املو ّرطني يف الفساد لإلسهام يف تمويل التنموي يف‬
‫مؤسسات ديمقراطيّة بما‬ ‫بعودة رسيعة لسري عمل ّ‬ ‫يتوقف كثريا عند‬ ‫ّ‬ ‫الفوىض واإلرباك» يبدو أنّه لم‬ ‫مؤسسات الدولة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املفقرة‪ ،‬بعد أن أمست‬ ‫الجهات‬
‫يف ذلك برملان منتخب يضطلع بدور هام»‪ .‬وليس‬ ‫خطورة اإلقدام عىل السخرية من اتحاد الشغل أو‬ ‫عاجزة تمامً ا عن اعتماد أيّة استثمارات عموميّة‬
‫املقصود هنا طبعا تشكيل برملان صوريّ ‪ ،‬وخصوصا‬ ‫عس‬ ‫محاولة تركيعه‪ .‬ويف ك ّل الحوال يبدو أنّه قد ّ‬ ‫لتغيري واقعها‪ .‬وآخر القرارات تتمثّل يف إطالق‬
‫مهام حكومة نجالء بودن وفتح الباب عىل مرصاعيه‬ ‫حق الدولة‬‫محاكمات ض ّد «ك ّل الذين أجرموا يف ّ‬
‫أمام تأكيد مجموعة الدول السبع عىل «أهمية شموليّة‬
‫وشفافيّة عمليّة إرشاك ّ‬ ‫أمام أزمة يف عالقة بأه ّم «رشيك» اجتماعي يف البالد‪.‬‬ ‫وحق شعبها ومازالوا إىل اآلن يجرمون»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التونسيّة‬
‫كافة األطراف املعنيّة‪ ،‬بما يف‬
‫أن املركزيّة النقابيّة معروفة بقدرتها عىل‬ ‫ومع ّ‬ ‫مناشدًا القضاء «املستق ّل» بوجوب االلتزام بقراره‬
‫ذلك األصوات املختلفة يف الطيف السيايس واملجتمع‬
‫فإن قيادة‬ ‫املناورة الهادئة زمن العواصف العاتية‪ّ ،‬‬ ‫«القضائي» املذكور لوضع ح ّد للفساد والفاسدين‪.‬‬
‫املدني»‪ ...‬وهذا تحديدا ما ال يوحي به خطاب األجندة‬
‫اتّحاد الشغل لن تُفوّت‪ ،‬عىل األرجح‪ ،‬إدانة توصيفات‬ ‫وهو ما يتواءم تقريبا مع سنّة التهديد والوعيد التي‬
‫الذي أدىل به رئيس الجمهوريّة أمس‪ ،‬ال فقط يف ظ ّل‬
‫مستها يف العمق‪ ،‬إىل درجة ما توحي به من فقدانها‬ ‫ّ‬ ‫تك ّررت يف خطابات وترصيحات متعدّدة للرئيس‬
‫امليضّ يف استهداف خصومه السياسيّني وتجريمهم‬ ‫ّ‬
‫تضخم‬ ‫أدنى قدرة عىل مقاومة ما يبدو من عالمات‬ ‫سعيّد‪ ،‬وآخرها مضامني كلمته‪ ،‬أمس اإلثنني‪ ،‬عند‬
‫وتخوينهم‪ ،‬دون إثبات االتّهامات الجزائيّة املوجّ هة‬
‫حكم فردي قد ال تسلم منه‪.‬‬ ‫إرشافه عىل اجتماع مجلس الوزراء‪.‬‬
‫إليهم‪ ،‬وإنّما أيضا يف اعتماد املنهجيّة نفسها بشأن‬
‫إعالن قرارات مصرييّة دون أدنى تشاور مع مختلف‬
‫قرارات مسقطة‬ ‫ملخص خطاب الرئيس إذن هو أن يستم ّر‬ ‫ّ‬
‫الدولة قد أعلن يف خطاب األمس عن قطع أشواط يف‬ ‫عىل هذا األساس‪ّ ،‬‬ ‫الوضع االستثنائي الراهن عامّ ا آخ ًر بحاله من‬
‫فإن القرارات املعلن عنها‪،‬‬
‫الفاعلني البارزين يف البالد‪.‬‬ ‫أعدادها وتحديد األسئلة واملقرتحات التي ستُطرح‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويف مقدّمتها تواريخ املحطات املقبلة املتعلقة‬ ‫دون نقصان‪ .‬ويف تلك األثناء‪ ،‬ستواصل الحكومة‬
‫ّ‬
‫يف ك ّل اإلحوال‪ ،‬ال يمكن القول إن الشعب التونيس‬ ‫عىل املواطنني‪ .‬ومن املعلوم يف العلوم االجتماعيّة ّ‬
‫أن‬ ‫الحاليّة ‪-‬بما قد يطرأ عليها من تعديالت محتملة‪-‬‬
‫قد ّ‬ ‫بالتصويت الشعبي عىل االستفتاء يوم ‪ 25‬جويلية‬
‫تنفس الصعداء بعد الخطاب الرئايس األخري‪،‬‬ ‫املنهجيّة املعتمدة يف اختيار شبكة األسئلة وترتيبها‬ ‫تسيري دواليب الدولة وفق «الدستور الصغري» الذي‬
‫‪ 2022‬وتنظيم االنتخابات الترشيعيّة يوم ‪17‬‬
‫أن طريق التغيري ال يتع ّلق فقط بخارطة‬ ‫باعتبار ّ‬ ‫وتعليلها من شأنها أن تؤثّر سلفا يف تحديد األجوبة‬ ‫ديسمرب ‪ ،2022‬ال تحتمل أدنى نقاش بل هي يف‬ ‫حبكه الرئيس قيس سعيّد واملتمثّل يف األمر الرئايس‬
‫سياسيّة بل يم ّر خصوصا عرب تحسني املناخ‬ ‫املنتظرة‪.‬‬ ‫حكم التنزيل القويم‪ .‬والحال أنّه ال يمكن الحديث‬ ‫عـ‪117‬ـدد‪.‬‬
‫االقتصادي العام ومعالجة مشكلة املديونيّة املتفاقمة‬ ‫لم يخضع هذا الطرح كذلك إىل أدنى تف ّكر أو‬ ‫إطالقا عن نظام ديمقراطي يف ظ ّل تعمّ د السلطة‬ ‫استهداف الجميع‬
‫وتطوير االستثمار يف البالد‪ .‬وقبل ك ّل يشء‪ ،‬الح ّد‬ ‫حتّى نقاش وطني‪ ،‬يف ظ ّل إرصار رئيس الجمهوريّة‬ ‫تغييب النقاش العام للقضايا املصرييّة قبل اتّخاذ‬ ‫ليس جديدا ّ‬
‫أن سعيّد لم يُعف‪ ،‬هذه امل ّرة أيضا‪،‬‬
‫من الغالء واالرتفاع الجنوني لألسعار الذي أدّى إىل‬ ‫عىل رفض الحوار والتشاور مع أبرز الفاعلني يف‬ ‫قرارات ملزمة بشأنها‪ .‬ويف هذا الصدد تحديدا يندرج‬ ‫أحدا من سخريته وانتقاداته الالذعة‪ .‬واملقصود‬
‫تدهور غري مسبوق ألحوال التونسيّني املعيشيّة‪ ،‬قد‬ ‫املشهد التونيس سواء من األحزاب أو املنظمات‬ ‫القرار املتع ّلق بإطالق استشارة شعبيّة عرب املحامل‬ ‫ّ‬
‫الرئيسيني‪،‬‬ ‫بذلك أنّه لم يُر ّكز هجومه عىل خصومه‬
‫تدفع بهم إىل تصعيد طفرة االحتجاجات االجتماعيّة‬ ‫الوطنيّة الكربى‪ .‬ويبدو أنّه ال يُقصد بمثل هذا‬ ‫اإللكرتونيّة أو بالطرق املبارشة ملن استعىص عليهم‬ ‫وأساسا عىل حركة النهضة وحلفائها‪ ،‬مثلما فعل‬
‫الضاربة رغما عنهم‪.‬‬ ‫التغييب املتعمّ د ّإل تفريغ هؤالء الفاعلني من أيّة‬ ‫املخصصة للغرض‪ .‬فهذه‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املنصات الرقميّة‬ ‫النفاذ إىل‬ ‫يف الفرتة األوىل ملا بعد ‪ 25‬جويليّة‪ ،‬بل صبّ جام‬
‫ولنا أن نتساءل يف نهاية املطاف‪ ،‬إن كانت‬ ‫أن الرشعيّة الشعبيّة ال يمتلكها‬ ‫رشعيّة‪ ،‬باعتبار ّ‬ ‫االستشارة هي التي يُفرتض أن تُحدّد طبيعة النظام‬ ‫نعوته املوغلة يف السلبيّة عىل كاّفة ما جرؤ عىل نقد‬
‫الدولة التونسيّة قادرة عىل الصمود إىل غاية ديسمرب‬ ‫اليوم ّإل رئيس الجمهوريّة الذي تباهى يف خطابه‬ ‫ستتأسس عليها ك ّل‬
‫ّ‬ ‫السيايس برمّ ته‪ ،‬وهي التي‬ ‫خياراته أو أدائه أو مضامني األوامر التي أق ّرها‪ .‬يف‬
‫‪ ،2022‬يف ظ ّل حكم يستمرئ تدابريه االستثنائيّة وال‬ ‫بما يتمتّع به من عمق شعبي واسع النطاق‪...‬‬ ‫فإن مضامينها ال تزال‬ ‫املراحل الالحقة‪ .‬ومع ذلك ّ‬ ‫هذا املضمار‪ ،‬لم يرت ّد رئيس الجمهوريّة يف شيطنة‬
‫يقبل اإلنصات ّإل لرتانيم صوته ورجع صداه‪.‬‬ ‫أن تحديد مواعيد مضبوطة‬ ‫وال يخفى أيضا ّ‬ ‫إىل غاية اليوم يف حكم املجهول‪ ،‬وإن كان رئيس‬ ‫ك ّل من وسمه بإقرار الحكم الفردي‪ ،‬مع أنّه هو‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪5‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫خطاب قيس سعيد ‪:‬‬

‫رس الترسيع‪ ..‬والرتاجعات‬


‫كوثر زنطور‬
‫اعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد في خطابه يوم امس االثنين عن ‪ 7‬اجراءات خلفت خيبة امل لدى خصومه ومؤيديه على حد سواء ممن كانوا ينتظرون‬
‫قرارات قصووية ال تقل عن حل البرلمان وحل المجلس االعلى للقضاء واالعالن عن سلسلة ايقافات فيما عول الشق المقابل على نجاح الضغط الداخلي‬
‫والخارجي في "فرملة" الرئيس واجباره على التراجع عن التمشي االحادي الذي يتوخاه منذ يوم ‪ 25‬جويلية‪.‬‬
‫شكل خطاب رئيس الجمهورية يوم امس مفاجأة‬
‫يف الساحة الوطنية التي عدلت ساعتها عىل تاريخ ‪17‬‬
‫ديسمرب بعد ان تحول اىل ما يشبه املوعد الرسمي‬
‫املنتظر لالعالن عن قرارات امىض قيس سعيد‬
‫االسابيع االخرية يف التسويق لها واعداد العدة لفرضها‬
‫عىل الجميع عرب سياسة تكريس االمر الواقع‪ .‬كانت‬
‫مفاجأة فرسها جل املتابعني بالبيان املشرتك لسفراء‬
‫مجموعة السبع الكبار واالتحاد االوروبي الصادر‬
‫نهاية االسبوع املنقيض والذي ُربط فيه الدعم برشوط‬
‫سياسية تقيض بانهاء حالة الضبابية عرب تسقيف‬
‫زمني واضح لفرتة التدابري االستثنائية املتواصلة مثلما‬
‫هو معلوم منذ اكثر من ‪ 4‬اشهر بالتمام والكمال‪.‬‬
‫حمل الخطاب فعال هذا التسقيف الذي شكل‬
‫مطلبا ملحا السيما من "املانحني الدوليني" مع‬
‫"غلق" فانة املساعدات والقروض والهبات بالنظر اىل‬
‫الواقع السيايس بالبالد املتسم بالضبابية وباحتقان‬
‫تذهب تقارير دبلوماسية اىل انه قد يولد انفجارا لم‬
‫تعرفه البالد خاصة انه ياتي يف ظل وضع اقتصادي‬
‫ومايل هش والرشوط " املجحفة" التي تواجهها‬
‫الحكومة يف مسار شاق وصعب لتعبئة موارد سواء يف‬
‫مفاوضاتها مع صندوق النقد الدويل او عىل املستوى‬
‫الثنائي والذي عولت عليه السلطات كثريا وكانت‬
‫النتيجة قرض جزائري تمت املصادقة عليه دون‬
‫الكشف عن أية تفاصيل تتعلق به بما يف ذلك قيمته‬
‫املالية‪.‬‬
‫قد يكون التسقيف خطوة لتسهيل املفاوضات‬
‫الجارية وقد يُخفف من الضغط املسلط عىل قيس‬
‫سعيد من الخارج وهو الذي فشل يف طمأنته‪ ،‬لكن‬
‫مهما كان الحال فان تحديد موعد انتخابات ترشيعية‬
‫ليوم ‪ 17‬ديسمرب ‪ 2022‬وموعد استفتاء ليوم ‪25‬‬
‫يعوض الحوار الوطني ثم استفتاء ينتظم يوم ‪25‬‬ ‫وان ربط البعض الترسيع يف عرض هذه االجندة‬ ‫عن مواعيد انتخابية كان بمثابة "الصدمة" ملن يعرف‬ ‫جويلية ‪ 2022‬واطالق استشارة شعبية بداية من‬
‫جويلية ‪ 2022‬سيكون منطلقا لتغيري جذري يف‬ ‫بالتحركات املرتقبة ليوم ‪ 17‬ديسمرب الذي سيشهد‬ ‫قيس سعيد وقد يكون الرس يف صعوبات تعبئة موارد‬ ‫"الفاتح" من جانفي القادم يف اطار قواعد جديدة‬
‫املنظومتني السياسية والدستورية برشعية شعبية‬ ‫احتجاجات تقودها مبادرة "مواطنون ضد االنقالب"‬ ‫مثلما ارشنا وهي صعوبات اطلقت العنان لرافيض‬ ‫للعملية السياسية لم يكشف عنها وملح اىل انها لن‬
‫اراد سعيد ان تكون واسعة عرب صناديق االقرتاع وعرب‬ ‫وحركة النهضة فإن تراجع قيس سعيد عن اتخاذ‬ ‫مسار ‪ 25‬جويلية العادة التنظم والتصعيد وحتى‬ ‫تكون بارشاف من الهيئات املستقلة وتحديدا الهيئة‬
‫اقرتاحات قادمة من الشعب ستفيض بعدها فقط اىل‬ ‫قرارات روج محيطه خالل االيام القليلة املاضية أنها‬ ‫التوعد بعقد جلسة عامة عن بعد للربملان‪.‬‬ ‫العليا املستقلة لالنتخابات واحالة هذا الدور لوزارتي‬
‫انتخابات ترشيعية فيما يواصل سعيد بقية عهدته‬ ‫تتمثل يف اعالن نهاية دستور ‪ 2014‬وحل املجلس‬ ‫ويف الواقع فإن "الالعب الدويل" كان مؤثرا يف‬ ‫الداخلية وتكنولوجيات االتصال لن يكون سوى عودة‬
‫الرئاسية ربما بدستور جديد ونظام سيايس جديد‬ ‫االعىل للقضاء واقرار سلسلة ايقافات ستشمل‬ ‫تطورات الساعات االخرية وقد يكون هو ايضا وراء‬ ‫ومسا من مكاسب تطالب نفس القوى‬ ‫ّ‬ ‫اىل الوراء‬
‫وبرملان منتخب اغلبية نوابه من تنسيقياته دون اي‬ ‫سياسيني وقضاة ورجال اعمال عالوة عىل حل‬ ‫تراجع سعيد الرافض حتى وقت قريب تقديم خارطة‬ ‫الدولية التي كان ضغطها وراء اعالنات يوم امس‬
‫اعتبار بأن تغيريات مثيلة تتطلب انتخابات ترشيعية‬ ‫الربملان‪ ،‬بقي محل تساؤالت ومثل خيبة امل ملؤيديه‬ ‫طريق بعرض اجندة مرحلة تأسيسية ستنطلق يوم ‪1‬‬ ‫بعدم املساس بها‪.‬‬
‫ورئاسية ايضا‪.‬‬ ‫الذين لم يروا ان اعالنات يوم امس كانت كافية‪.‬‬ ‫جانفي باستشارة وطنية واستفتاء الكرتوني يتواصل‬
‫تسريع ام تراجع ؟‬
‫ومن الصعب ان ينجح قيس سعيد يف فرض‬ ‫باب المجهول‬ ‫حتى يوم ‪ 20‬مارس‪ .‬بعدها ياتي دور لجنة سيتم‬
‫سئُل رئيس الحكومة السابق هشام املشييش‬
‫قراراته مثلما حصل يف السابق ليس النها تحمل يف‬ ‫ما قدمه قيس سعيد يف اجندة مرحلته التأسيسية‬ ‫تحديد اعضائها الذين سيكلفون باعداد ديباجة‬
‫بشكل ملح عن اسباب انقالبه عىل رئيس الجمهورية‬
‫بذورها مرحلة معدة عىل املقاس يف " غرف مظلمة"‬ ‫ال يبعد عن تأسيس ديمقراطية شكلية شبيهة يف‬ ‫االقرتاحات الواردة عليها وتوليفها حسب العبارة التي‬
‫بعد ان فرضه فرضا يف املنصب ‪ ،‬اجابة من االجابات‬
‫دون اي ترشيك الي طرف وانما باعتبارها ال تعدو‬ ‫خطورتها بالديمقراطية الشكلية التي سادت بالبالد‬ ‫استعملها قيس سعيد ومن منطلق تلك االقرتاحات‬
‫الشحيحة التي يقدمها املشييش هو" املرشوع‬
‫ان تكون سوى عملية تحيل ومغامرة غري محسوبة‬ ‫طيلة العرشية السابقة‪ .‬هناك من يتفهم حتى اليوم‬ ‫سيُنتظم استفتاء يوم ‪ 25‬جويلية تعقبه انتخابات‬
‫الخطري" الذي عرضه سعيد عليه والذي كان سيفيض‬
‫العواقب يخيل اىل سعيد ان تخوين الجميع واتهامهم‬ ‫سياسة سعيد يف ادارة مرحلة ما بعد ‪ 25‬جويلية‬ ‫سابقة الوانها يوم ‪ 17‬ديسمرب ‪ 2022‬وتتم يف االثناء‬
‫اىل حل الربملان بما يفتح املجال امام ادخال تغيريات‬
‫بالعمالة والتامر وتلقي اموال من الخارج واللهث‬ ‫ويقدم لها ما يقدم من تربيرات مجملها يصب‬ ‫صياغة قانون انتخابي جديد واملرور اما اىل تعديالت‬
‫جذرية عىل املنظومة السياسية والدستورية ‪.‬ما يُذكر‬
‫وراء املناصب وفشل العرشية االخرية ستُعبد له‬ ‫يف املخاوف من االخرتاقات وبطبيعة فرتة التدابري‬ ‫دستورية او إىل صياغة دستور جديد‪.‬‬
‫بشكل الفت عن اجابات املشييش هو اجابته القاطعة‬
‫الطريق اللغاء هيئات وفاعلني واملرور بقوة نحو‬ ‫االستثنائية وما تستوجب من "تحصني الدولة"‬ ‫وزادت االجندة التي قدمها سعيد يف تأكيد نزعته‬
‫وهو يؤكد ان "البالد لن تشهد اية انتخابات قادمة‬
‫تفعيل مرشوع سيايس شخيص ‪.‬‬ ‫وجرأة وشجاعة وتحمل املسؤولية الكاملة يف اتخاذ‬ ‫االحادية وهو الذي الغى بشكل واضح كل رشاكة‬
‫يف عهد قيس سعيد" "انساو حاجة اسمها انتخابات‬
‫مرحلة جديدة دشنها قيس سعيد يوم امس لن‬ ‫قرارات حتى وان كانت تثري املخاوف من االنحراف‬ ‫ممكنة يف بلورة مالمح وادوات تشكيل املشهد الجديد‬
‫كان باش يعمل سعيد ايل يف مخو"‪.‬‬
‫تكون سهلة ال للبالد وال له شخصيا اذ ان التصعيد‬ ‫نحو دكتاتورية باعتبار ان الوضع لم يعد يجتمل‬ ‫ومنح لنفسه حرصية ادارة املرحلة بكل تفاصيلها‬
‫هذه الراوية عادت اىل السطح طيلة االشهر‬
‫سيكون سمة الفرتة املقبلة والسؤال هو كيف سيواجه‬ ‫احرتام اجراءات وضعت لـ"تأبيد املنظومة"‪.‬‬ ‫دون تقديم اية ضمانات كفيلة عىل االقل بدحض‬
‫االربعة املنقضية وكان لها ما يؤيدها اذ ان سعيد‬
‫سعيد عملية الصد املتوقعة الجندته وهل سيجد دعما‬ ‫هذه وجهة نظر مازالت تتبناها قلة قليلة حتى مع‬ ‫املخاوف من انحراف املرحلة التـأسيسية الجديدة‬
‫لم يرش بأي شكل من االشكال اىل اعتزامه تنظيم‬
‫من املؤسسة العسكرية التي يقول معارضوه ان‬ ‫قرارات يوم امس التي انهت الربملان دون ان تنهيه‬ ‫وتوظيفه اجهزة الدولة التي باتت تحت امرته بمفرده‬
‫انتخابات بل وكان يتُهم بـ"التحايل" بعدم حل‬
‫سحب مساندتها له سيكون بوابة تغيري كل موازين‬ ‫وفتحت مسار اصالحات دون كشف ماهيتها واحيل‬ ‫السيما منها املناصب الحساسة والتي ستكون يف قلب‬
‫الربملان حتى ال يُجرب عىل تنظيم انتخابات سابقة‬
‫القوى‪.‬‬ ‫البت فيها الستشارة شعبية واستفتاء الكرتوني‬ ‫العملية السياسية القادمة وهنا نتحدث تحديدا عن‬
‫الوانها‪ .‬ما سبق طرحه مقدمة مهمة لفهم ان االعالن‬
‫وزارتي الداخلية وتكنولوجيات االتصال‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪6‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫أنتم ضحايا أنفسكم‪ ...‬فعن أية عدالة تتحدثون؟‬


‫زينب التّوجاني (أستاذة الحضارة‪ ،‬جامعة منوبة)‬
‫«تفرقت الجماعة اإلسالمية إىل جماعات‪ ،‬وانهارت نهائيا ً‬ ‫االنتقالية‪:‬‬ ‫يف حوار للمفكرة القانونيّة نرشته يوم ‪ 7‬جوان ‪ 2021‬ويف‬
‫معادلة الحكم القائمة عىل الوفاق التاريخي بني العلماء‬ ‫أوال تصحيح مفهوم «مناضلني» فيا راشد الغنويش‪،‬‬ ‫يسمى‬
‫ّ‬ ‫إجابة عن سؤال يتعلق بملف العدالة االنتقالية وما‬
‫والحكام‪ ،‬فقامت دول ال يمثل فيها العلماء أساسا ً من أسس‬ ‫تناضلون من أجل ماذا بالضبط؟ من أجل التمكني والدولة‬ ‫بـ»ضحايا االستبداد» أجاب الغنويش‪« :‬هناك حاليا ً أزمة أخالقيّة‬
‫رشعيتها فقد كانت محنة اإلسالم وعلمائه عظيمة مع هذه‬ ‫الدينية؟‪ ،‬فأنتم «مجاهدون» و»إخوان» ولكن ليس‬ ‫السجون واملطاردة‬ ‫تجاه املناضلني الذي أمضوا شبابهم يف ّ‬
‫الدولة‪ ،‬فاختار بعضهم املعاضدة للحكام جريا ً عىل عادة علماء‬ ‫«مناضلني»‪ .‬ألنكم بلسانكم قلتم أنه تجمعكم «رابطة األخوة‬ ‫واملالحقة واملنايف وعانوا من اإلقصاء االجتماعي وغريها من‬
‫اإلسالم‪ ،‬بوعي أو بدون وعي‪ ،‬ملا حصل من تحول عميق‪ ،‬بل من‬ ‫يف الله» ويف كتابكم «الحركة اإلسالمية‪ :‬الواقع واآلفاق» هذا‬ ‫املظالم‪ .‬بعد انكسار الطغيان‪ ،‬لم يَعرتف قطاع من النخبة‬
‫انقالب جذري يف طبيعة الدولة‪،‬عما كانت عليه طول العصور‪ ،‬أو‬ ‫ما قلتموا‪« :‬نقصد بالحركة اإلسالمية جملة النشاط املنبعث‬ ‫التونسية بحقوق هؤالء من منطلق إيدولوجي وحساسيات‬
‫رعاية ملصلحة عامة أو شخصية‪ ،‬واختار البعض اآلخر الخروج‬ ‫بدوافع اإلسالم لتحقيق أهدافه وتحقيق التجدد املستمر له‬ ‫وحقروا‬ ‫ّ‬ ‫سياسية‪ .‬لقد أنكر هؤالء‪ ،‬وكانوا مؤثّرين‪ ،‬حقوقهم‬
‫إىل صف املعارضة السياسية من خالل تكوين جمعيات وأحزاب‬ ‫من أجل ضبط الواقع وتوجهه أبداً»‪ .‬مؤكدا ً عىل أن «الدولة‬ ‫ّ‬
‫دورهم يف تحقيق الثورة واالنتصار لها‪ .‬ال ب ّد من حل لهذه‬
‫سياسية‪.« ...‬‬ ‫لم تعد إسالمية‪ ،‬ولم تعد تمثل األمة وال اإلسالم‪ ،‬بل علمانية‬ ‫املظلمة املستم ّرة‪ ،‬يكون منطلقه االعرتاف بحقوق الضحايا‬
‫وتقول‪« :‬حققت الحركة اإلسالمية إنجازات عظيمة يف‬ ‫قهرية تمثل إرادة خارجية»‪ .‬و»ملا انقطعت الدولة‪ ...‬أصبح‬ ‫صل الله عليه‬ ‫معنويا ً أساسا ً وماديا ً حسب املمكن‪ .‬يقول النبي ّ‬
‫محاولتها تحرير األمة من تراث االنحطاط وآثار الغزو الغربي‬ ‫هدف الحركة اإلسالمية استعادة الرشعيّة اإلسالمية املفقودة‪،‬‬ ‫اس ِبأَمْ وَا ِل ُكمْ‪َ ،‬و َلك ْ‬
‫ِن ي ََسعُ هُ ْم ِمن ْ ُك ْم‬ ‫وس ّلم‪“ :‬إِن َّ ُك ْم َل ْن تَ َسعُ وا الن َّ َ‬
‫املدمر‪ ،‬فقد ظلت بعيدة عن تحقيق هذا الهدف «إقامة رشع‬ ‫فكانت انطالقة حركة اإلخوان املسلمني بقيادة حسن البنا‬ ‫ط ا ْلوَجْ ِه وَحُ ْس ُن ا ْل ُخلُ ِق”‪ .‬من ال نقدر عىل تعويضه ماليا‪ً،‬‬ ‫ب َْس ُ‬
‫الله يف األرض»‪ .‬ويفرس الغنويش ذلك القصور بأنه يعود أساسا ً‬ ‫بعد ثالث سنوات من سقوط الخالفة»‪ .‬ثم تغوص يف ما تعتربه‬ ‫نك ّرمه بخطوات فيها ر ّد اعتبار له واعرتاف بتضحياته‪ .‬ربّما‬
‫إىل نمط التفكري داخل هذه الحركة‪ ،‬والذي ال يزال – عىل الرغم‬ ‫«واقع األمة» متحدثًا عن التحوالت التي تعيشها هذه األمة‬ ‫تكون تلك األمور الرمزية مهمّ ة ج ّدا ً لهم وألرسهم‪ .‬ال ب ّد أن نقبل‬
‫من املحاوالت املتكررة ونجاحه الجزئي‪ -‬مشبعا ً بمثالية عرص‬ ‫بعد انبعاث الصحوة اإلسالمية أو جهاد الصحوة» ويف هذا‬ ‫بتونس متعددة وال ننكر إسهام أيّ طرف يف بنائها‪ .‬القطيعة‬
‫االنحطاط ال صلة له بالواقع‪ ،‬إال ّ من خالل شخوص تجمد عنها‬ ‫الكتاب أحصيت عدد سجناء الرأي يف تونس ب‪ 3‬آالف معتربا‬ ‫فكرة خطرة تجعلنا كما لو كنّا يف جهنم‪“ :‬ك ّلما دخلت أمّ ة لعنت‬
‫عىل ضوء مقوالت ومفاهيم تبلورت يف عصور أقل ما يُقال فيها‬ ‫أنهم يعربون عن اتجاهات جديدة نحو اإلسالم ضد العلمانية‬ ‫أختها”‪ .‬ال يجب أن يسود هذا املنطق يف كتابة تاريخ وطننا‪.‬‬
‫إنها تختلف إىل حد كبري عن عرصنا»‪.‬‬ ‫مشوها طبعا مفهوم العلمانية ومعتربا أن اإلسالم سينترص‬ ‫من واجبنا أن نسجّ ل لدولة االستقالل ورجاالتها إنجازاتهم وأن‬
‫ضحيتم من أجل فكرة الدولة املوهومة‪ ،‬الدولة املستحيلة‪،‬‬ ‫لهذه األسباب‪:‬‬ ‫نعرتف للمناضلني ض ّد االستبداد بفضلهم وبحقوقهم‪ .‬فلوالهم‪،‬‬
‫الدولة التي لم توجد إال يف الفكر اإلخواني املصاب بالجهل‬ ‫أوالً‪ :‬قوة اإلسالم الذاتية‪.‬‬ ‫الستم ّرت املحاكمات السياسية الجائرة التي لم تخ ُل منها فيما‬
‫والوثوقية والتعصب والالتاريخية‪ .‬فكونت أجياال تعادي التنسيب‬ ‫ثانياً‪ :‬هرم املرشوع املقابل أي العلمانية‪.‬‬ ‫مىض أية سنة من السنوات»‪.‬‬
‫والعقالنية والتفكري التاريخي وتحمل ترسانة ايديولوجية مضادة‬ ‫ثالثاً‪ :‬فساد األنظمة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وعندما سأله املحاور‪»:‬البعض يتهمكم كما يتهم غريكم‬
‫للمعرفة وتعتقد أن العلوم الرشعية تكفي اإلنسان املعارص‬ ‫رابعاً‪ :‬عمق اإلسالم يف نفوس الشعوب املسلمة‪.‬‬ ‫من معاريض النظام السابق بالتلبّس بدور الضحية والتغطية‬
‫وتنطلق من منطلقات غيبية إلرساء دولة رهاناتها األخروية‬ ‫خامساً‪ :‬الثروات الطائلة يف العالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫عمّ ا قد يكون لكم من دور يف العنف السيايس؟‬
‫أولوية عىل رهاناتها الدنيوية ومن أجل هذا الوهم ورطت مئات‬ ‫سادساً‪ :‬تقدم وسائل االتصال‪.‬‬ ‫اكتفى الغنويش بالقول‪« :‬نحن مع قراءة موضوعية‬
‫العائالت وآالف الشباب فسجن من سجن بسبب هذه األوهام‬ ‫سابعاً‪ :‬انتشار اإلسالم يف الغرب‪.‬‬ ‫مؤسسة وتقطع مع الثنائيات‬ ‫ّ‬ ‫ومنصفة للتاريخ تكون‬
‫وقتل من قتل بسبب هذه األوهام وهاجر من هاجر بسبب هذه‬ ‫وقد حددت أيضا العوائق فاعتربت أنها‪:‬‬ ‫السائدة والتي تقسم املجتمع إىل وطنيني وخونة وديمقراطيني‬
‫وخربت أوطان بسبب هذه األوهام‪ .‬ولم تنكر أن شبابا‬ ‫األوهام ُ‬ ‫أوالً‪ :‬استمرار حالة الجمود الفكري‪.‬‬ ‫وإخوانجية»‪.‬‬
‫ليهبوا الناس اآلمنني ويقطعوا‬ ‫فقدوا بصريتهم فسكنوا الجبل ُ‬ ‫ثانياً‪ :‬فرض الشعوبية والقومية عىل العالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫كرر الغنويش نفس هذا املحتوى تعليقا عىل انتحار أحد قادة‬
‫ّ‬
‫رؤوس الحراس البسطاء ‪ ،‬لم تنكر أنهم يذكرونك بشبابك‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬قضية التعددية التي ال يزال من الصعوبة القبول بها‬ ‫تنظيمه يف التسعينات يف مقره بمونبليزير‪ .‬فقد اتهم الغنويش‬
‫اليوم تبدلت يف مستوى التكتيك السيايس يا راشد الغنويش‬ ‫داخل الحركة‪.‬‬ ‫اإلعالم والقوى املعادية للعدالة بأنّها سبب الحادثة ملقيا‬
‫ورصت تزعم انك تدافع عن حريات النساء ولكن ما نرشته يف‬ ‫رابعاً‪ :‬العالقة اإلشكالية بني اإلسالم والديمقراطية‪.‬‬ ‫بكامل املسؤولية عىل عاتق املعارضني لسياسته اإلخوانية‬
‫السبعينات خربت به عقوال ودمرت به حيوات وعطلت به آماال‬ ‫خامساً‪ :‬قضية املرأة‪.‬‬ ‫محمال غريه عبء الحادث املؤلم‪ .‬ولم يعرب الغنويش عن أدنى‬
‫ثم تركت قواعدك تصارع قبضة النظام الحديدية ويف أحسن‬ ‫سادساً‪ :‬الحركة اإلسالمية والفن‪.‬‬ ‫شعور بالذنب تجاه ما تسبب به للرجل الذي أرضم للتو النار يف‬
‫االحوال ما زرعته يف عقولهم من فوات تاريخي وفررت إىل لندن‬ ‫وانتهيت يف توصياتك إىل وعظ ديني من نوع توثيق الصلة‬ ‫نفسه‪ ،‬ولم يبد أنه فهم درس التاريخ وال استخلص من تجربته‬
‫تتنعم مع أهلك بنعيم الديمقراطية الكافرة‪ ،‬ولم نرك تفعل شيئا‬ ‫بالله حتى ينترص املرشوع اإلسالمي «توثيق الصلة بالله عن‬ ‫وتجربة غريه عربا‪ ،‬فهو ال يزال متمسكا بلعب دور الضحية‬
‫طيلة العرشية املاضية وانت تحكم لحماية األطفال والنساء من‬ ‫طريق الذكر والتالوة وسائر العبادات وتوطيد أوارص الجماعة‬ ‫الذي يحارب من أجل الخري والعدل فيما معارضوه يقفون يف‬
‫العنف باسم الدين ومن التطرف الديني الذي تتحمل مسؤولية‬ ‫واالنخراط يف العمل الجمعياتي املنظم‪ ،‬وذلك امتثاال ً لقوله‬ ‫صف الظالم والقهر والطغيان‪ .‬ويريد الغنويش أن يتمادى يف‬
‫زرعه يف البالد وأنت الذي أتيت به من خارج البالد من املودودي‬ ‫تعاىل‪( :‬واعتصموا بحبل الله جميعا ً وال تفرقوا)‪.‬‬ ‫تحميل نظام سقط مسؤولية ما فعل بنفسه وبيديه وقد كان‬
‫ومن البنا ومن كل فكر عقيم وزرعته يف عقول اإلخوان ضحاياك‬ ‫فمن أجل أي يشء تناضل يا راشد الغنويش؟ من أجل‬ ‫يف الحكم‪ ،‬ويريد الغنويش أن يعترب التونسيون أن ضحاياه الذين‬
‫كالنار يف الهشيم‪.‬‬ ‫اإلسالم؟ حقا؟؟ ها قد رأيناك تتخىل عما تعتربه تعاليم‬ ‫احتشدوا بالخطاب الديني وراءه من أجل دولة الخالفة والحكم‬
‫وبعيدا عن املزايدات السياسوية من أي نوع‪ -‬لست سوى‬ ‫الرشيعة يف أول فرصة لتتمسك بالحكم‪ ،‬وهل كنت تفعل ذلك‬ ‫الديني وحيث كان كل همه التمكن من السلطة لتغيري صبغة‬
‫فكف عن‬‫ّ‬ ‫ضحية نفسك وكذلك أتباعك هم ضحايا أنفسهم‬ ‫من أجل تمكني جماعتك وايديولوجيتك؟ طبعا إنك ال بقيت‬ ‫النظام ومعاداة التحديث عىل أساس انه تجفيف منابع وعداء‬
‫التظلم ولعب دور الضحية‪ .‬فأنت جعلت قواعدك ضحايا وجنيت‬ ‫املرشد وال استطعت القطع نهائيا معه‪ ،‬لقد فقدت مصداقيتك‬ ‫للدين‪ .‬إنه يريد من التونسيني االعرتاف بأن تلك التضحيات‬
‫عليها وهم اتبعوك وصدقوك فيما كنت تتموقع لتتقدم الصفوف‬ ‫كداعية إىل التشبث بقيم امليثاق اإللهي وفقدت طبعا مصداقيتك‬ ‫التي قدمها اإلخوة كانت لصالح وطنهم وعليه فإنهم أبطال‬
‫داخل تنظيمك العاملي وتطمح أن تصبح مرشده األعىل ذات يوم‬ ‫كسيايس براغماتي‪ ،‬وضعت يدك يف أيادي من اتهمتهم‬ ‫يجب االعتذار لهم‪ ،‬يف حني كانوا يف األغلب قواعد تالعب بعقولها‬
‫عىل حساب ما دمرت يف بلدك ويف العالم‪ .‬م ّكنت النظام املايض‬ ‫باالستبداد وبالفساد وانضممت إىل منظومة الحكم التي قلت‬ ‫املرشد وتمكن الفكر الدغمائي املتعصب منها فنجا من ذلك نفر‬
‫من فرصة تربير استبداده وغذيت تسلطه وجنيت عىل من اتبعك‬ ‫إنك ناضلت ضدها‪ ،‬يا لخيبة الصحوة ويا لخيبة املرشوع ويا‬ ‫قليل وسقط يف التطرف والتعصب كثريون تحولت حياتهم إىل‬
‫ومن عارضك‪ .‬جنيت عىل وطن‪ .‬فاملسؤولية تقع مبارشة عليك‬ ‫لخيبة الديمقراطية املمزوجة باإلسالم السيايس‪ ...‬ال تحققت‬ ‫ومناف وعلل وتفكك ارسي وعائيل‪ .‬لقد عاد‬ ‫ٍ‬ ‫جحيم بني سجون‬
‫الن معركتك مع بورقيبة كانت شخصية وجعلتها معارك وهمية‬ ‫صحوة وال نهضة وال دعوة وال مجال لها لتتحقق يا سيدي‬ ‫الغنويش يف سبعينات القرن املايض فأعلن أن املجتمع حاد عن‬
‫لفئة عريضة من أتباعك كان يمكن لهم أن يطوروا اعرتاضهم‬ ‫املرشد‪ ،‬فهل تعلم ملاذا؟ ألنها دعوة قائمة عىل الجهل بالتاريخ‬ ‫صوابه بسبب «السياسة البورقيبية التغريبية» وقىض عقدا‬
‫عىل النظام بشكل صحي بعيد عن االيديولوجيا االخوانية ولكنك‬ ‫وعىل أوهام األمة املنشودة‪ ،‬إنك خارج التاريخ يا راشد الغنويش‬ ‫يدعو الشباب يف املعاهد ليكوّن بهم تنظيما يغري به سياسات‬
‫التقطت غضبهم مع قصورهم الفكري فحولتهم إىل شبه قنابل‬ ‫ولذلك لن تنجح حركتك العليلة إال يف تدمري البالد أكثر وأكثر‪.‬‬ ‫الدولة ويعيد به «مجد اإلسالم» مثلما فعل الخميني يف إيران‬
‫متفجرة وأدلجتهم وجعلتهم «مجاهدين» يف سبيل الله يف الظاهر‬ ‫والدليل عىل ذلك ماثل أمام عينيك‪ :‬إنهم يستغلونكم ليقاتلوا‬ ‫وكما فعل الرتابي يف السودان وطفق يقنع النساء بوضع‬
‫ويف سبيل «شهوة السلطة التي ترقد بني ضلوعك» يف الباطن‪،‬‬ ‫كل نفس تجديدي وبكم يرضبون الشعب وعربكم يصبحون‬ ‫الحجاب ويوزع أفكار الصحوة يف البيوت واملدارس والسجون‬
‫وأنت املرشد إىل هذا الجهل املقدس وأنت الذي استنبته يف البالد‪.‬‬ ‫أقوى وأقوى فأنتم تغذون الفساد والفساد يتغذى بكم وأنتم‬ ‫واملدن والقرى‪ ،‬هؤالء الذين تكونوا يف فكر الدعوة اإلخوانية‬
‫فكفى لعبا لدور الضحية املسكني فقد انكشف ألتباعك قبل‬ ‫والفساد وجهان لعملة واحدة‪ ...‬هي « النكبة» هي « التخلف»‬ ‫رشبوا من فكر الحركات املسماة إسالمية تلك التي تدعي أنها‬
‫معارضيك ما كان االستبداد ساترا له‪ .‬ولهذا حرق أخوك يف الله‬ ‫هي االعتداء عىل األوطان» هي « رسقة مصائر الشعوب» ‪.‬‬ ‫وحدها فهمت الدين وتريد العمل عىل إعادة أمجاده وتطبيق‬
‫نفسه يف عقر دارك‪ .‬فيا خيبة األخوة التي كشفت عن عداوة‬ ‫ثانيا تصحيح مفهوم «ضحايا» فلستم ضحايا االستبداد بل‬ ‫نوضح بعض‬ ‫ّ‬ ‫رشائعه وتحقيق النجاة اإللهية‪ .‬ويجدر بنا أن‬
‫واستغالل وتوظيف لألبرياء‪.‬‬ ‫أنتم ضحايا فكرة الدولة اإلسالمية ولقد قلت بلسانك‪:‬‬ ‫النقاط التي قد ترفع بعض االلتباسات يف الخطاب حول العدالة‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪7‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫على وقع حادثة القاعدي النهضوي سامي السيفي ‪:‬‬

‫ال حيسنون حتى الفربكة‪...‬‬


‫أنس الشابي‬
‫حتى يفرض عىل الدولة رغباته وتذكرون ما حدث أيامها‬ ‫بعد إقدام سامي السيفي عىل إحراق نفسه داخل مقر‬
‫من هجوم عىل مقرات األمن والشعب والرش بماء الفرق‬ ‫حركة النهضة يف مونبليزير أصدر الغنويش بيانا جاء فيه‬
‫والتظاهر يف أوقات الذروة إىل أن وصلنا إىل جريمة باب‬ ‫أن ما حدث ليس إال "نتيجة لجريمة دولة االستبداد التي‬
‫سويقة‪.‬‬ ‫انتهكت حقوق بعض مواطنيها قبل الثورة وأقرت لهم‬
‫هذا االعرتاف الرصيح الوارد يف "الجرأة" تم الرتاجع‬ ‫حقوقا ضمن مسار العدالة االنتقالية لم تلتزم بتطبيقها‪.‬‬
‫عنه تماما‪ .‬ففي سنة ‪ 2012‬نرش هذا الحزب بياناته يف‬ ‫عالوة عىل ما يلقى مناضلو النهضة من تبخيس‬
‫كتيب ولكن الغريب يف األمر أنه ملا أعاد نرش بيان الذكرى‬ ‫لنضاالتهم ووصم بتلقي تعويضات وهميّة وتشويه وما‬
‫‪ 15‬للتأسيس‪:‬‬ ‫تتعرض له حركتهم من شيطنة واستهداف ال يتوقف"‬
‫‪ -‬حذف االعرتاف بأن شبّانا إسالميني هم الذين ارتكبوا‬ ‫وهو ما يعني أن حركته براء من دم املرحوم محمّ ال‬
‫الجريمة‪.‬‬ ‫بذلك الدولة قبل ‪ 2011‬وبعدها املسؤولية كاملة‪ ،‬وهو‬
‫غي خطة "الفرض واالفتكاك" لتصبح "فرض‬ ‫‪ّ -‬‬ ‫أمر تعودنا عىل صدوره عنه ألنه بارع يف قلب الحقائق‬
‫الحريات"‪.‬‬ ‫وتزوير املعاني وتدليس املفاهيم ويل عىل ما ذكر جملة‬
‫بحيث تغري املعنى تماما بني النرشتني‪ .‬وما يدل‬ ‫من املالحظات‪:‬‬
‫عىل الترصف الفج يف النص تباعد الفقرات عن بعضها‬ ‫‪ )1‬الدولة قبل ‪ 2011‬ال تتحمّ ل أية مسؤولية فالرجل‬
‫وظهور الفراغات يف الصفحة مما يدل عىل أن القيادة‬ ‫ارتكب جرما حوكم بسببه وقىض مدّته املحكوم بها‬
‫راجعته وأزالت منه ما ذكرنا أعاله لتظهر الفراغات‬ ‫وخرج بعد ذلك إىل ممارسة حياته العادية وفق ما ذكرت‬
‫واكتفت بتغيري تلك الصفحة فقط بدل أن توزع الفراغات‬ ‫زوجته وأخته يف ترصيحاتهما الصحفية‪.‬‬
‫عىل بقية الصفحات حتى ال يظهر التغيري‪ .‬هكذا هم حتى‬ ‫‪ )2‬بعد ‪ 2011‬وبعد أن أمسك الغنويش بمفاصل الدولة‬
‫يف التزوير والتدليس ال يحسنون الفربكة بحيث ال نتعجب‬ ‫بدأ يف التعويض لجماعته وهو ما دفع بالوزير حسني‬
‫مما ذكر الغنويش عن السيفي طاملا أن حزبه ال يتورع‬ ‫الديمايس إىل االستقالة احتجاجا ألن يف ذلك تدمريا للمالية‬
‫عن تزوير بياناته وهي منشورة بني الناس ويف استنقاص‬ ‫ولالقتصاد الوطني فجاؤوا بإلياس الفخفاخ الذي مكنهم‬
‫لذكاء التونسيني ألنهم يف تقديرهم ال يقرؤون وإن قرؤوا‬ ‫من الحصول عىل تعويضات أدت إىل ما عليه الدولة من‬
‫فإنهم ينسون‪.‬‬ ‫إفالس‪ .‬واتخذ التعويض يف هذه الحالة أشكاال متعددة‬
‫‪ )3‬بعد جريمة باب سويقة التي ارتكبها منتسبون‬ ‫منها أوّال الحصول عىل أموال مبارشة من خزينة الدولة‬
‫لحركة النهضة بتخطيط من قيادته تنفيذا ملا ُ‬
‫سمِّ ي‬ ‫وراجت قائمات تناولت بالذكر أسماء بعض السياسيني‬
‫عبت مختلف القوى السياسية‬ ‫سياسة "تحرير املبادرة" ّ‬ ‫ومنها ثانيا تسوية املسار املهني بحيث اعتربوا الفرتة‬
‫عن تنديدها بهذه العملية اإلرهابية التي لم تعرف تونس‬ ‫التي قضاها النهضوي يف السجن وكأنه يف حالة شغل‬
‫لها شبيها‪ .‬و ّملا أحست الحركة بأن الطوق أُحكم حولها‬ ‫لنجد عامال وقد أصبح بني ليلة وضحاها مهندسا رئيسا‬
‫من طرف املجتمع املدني أرسلت مذكرات شخصية إىل‬ ‫وهو ما أدى إىل إفالس الصناديق االجتماعية ومنها ثالثا‬
‫زعماء األحزاب السياسية أيامها تهدّدهم فيها بأن املوقف‬ ‫استحداث صندوق كرامة وهيئة سهام بن سدرين لتمكني‬
‫ممّ ا سمته فرض الحريات سيكون املحدّد يف تصنيف‬ ‫ما تبقى من املنتسبني للحركة من تعويضات مجزية عن‬
‫هذه الحركات وزعمائها سلبا أو إيجابا‪ .‬ولم يتجارس أي‬ ‫املرحوم سامي السيفي‬ ‫الجرائم التي ارتكبوها‪ .‬هذا املخطط وجد معارضة من‬
‫واحد ممّ ن وجهت إليهم هذه الرسالة عىل نرشها واكتفوا‬ ‫قبل حتى املواطنني العاديني وهو ما أدى بحكومة الشاهد‬
‫جميعهم بالصمت وقد أمضاها الحبيب اللوز بتاريخ ‪11‬‬ ‫نرشت جريدة "الجرأة" عن الغنويش تقريرا مطوّال تناول‬ ‫إىل التحايل عىل املواطنني وذلك باالقتطاع من املرتبات‬
‫ماي ‪.1991‬‬ ‫فيه تاريخه وملا وصل إىل جريمة باب سويقة اعرتف‪:‬‬ ‫واألجور بتعلة مساعدة الصناديق االجتماعية ولكنها‬
‫تلك هي حركة النهضة منذ أن نشأت ال يردعها رادع‬ ‫‪ -‬بأن الذين ارتكبوا الجريمة هم من "الشبان‬ ‫حولت هذا االقتطاع لصالح املنتفعني بالعفو الترشيعي‬
‫أخالقي أو قانوني عن إيهام وتضليل خصومها حتى‬ ‫اإلسالميني" أي الذين ينتمون لتنظيمه‪.‬‬ ‫العام حسبما نص عىل ذلك األمر الحكومي الصادر يف‬
‫تتمكن منهم ألنهم أعداء الله وفق ما تتصور‪.‬‬ ‫‪ -‬بالتخيل عن خطته التي سمَّ اها "الفرض واالفتكاك"‬ ‫الرائد الرسمي عدد ‪ 6‬بتاريخ ‪ 18‬جانفي ‪.2019‬‬
‫والتي تعني ترسيح القطيع وتركه يترصف كيفما شاء‬ ‫‪ )3‬القول بأن إحراق سامي نفسه يف مقر الحركة‬
‫يعود إىل تبخيس ما سماه الغنويش نضاالتهم ليس‬
‫ّ‬
‫وخاصة‬ ‫ويف مثل هذه الظروف املتوتّرة ال مناص من حدوث التجاوزات‬ ‫كذلك ألن "خدمة الوطن فريضة وال جزاء عىل فريضة"‬
‫الفردية منها‪ ،‬فكان أن حصلت « حادثة باب سويقة» املتمثلة يف مهاجمة‬ ‫كما قال مواطننا التونيس املرصي عبد العزيز جاويش‪.‬‬
‫بعض الشبان اإلسالميني ألحد مقرات الحزب الحاكم بالعاصمة وحرقهم لها‬ ‫فطلب التعويض واإلرصار عليه ووعد املنتسبني للحركة‬
‫مما أدى اىل حادث مؤسف تمثل يف وفاة أحد الحراس‪ .‬وقد مثّل هذا الحادث‬ ‫مقتطف‬ ‫بالحصول عليه واللجوء للتهديد إن لم تستجب الحكومة‬
‫لذلك مثلما صنع الهاروني جعل من هذه الحركة ومن‬
‫منعرجا حاسما يف تاريخ الرصاع بني السلطة والحركة‪ .‬ورغم استنكار الحركة‬ ‫من تقرير‬ ‫منظوريها ال يختلفون يف يشء عن املرتزقة والحس‬
‫الرسمي لهذه الحادثة املعزولة واملؤسفة‪ ،‬عىل ما أحاط بها من غموض‪ ،‬واعدام‬
‫حركة‬
‫الشعبي لدينا يميز مليا بني الوطني الصادق واملرتزق‬
‫السلطة الذين قاموا بها بعد محاكمتهم‪ ،‬فقد اتّخذتها ذريعة جديدة لالستمرار‬ ‫لذلك انترشت مقولة "كيلو نضال بقدّاه؟"‪.‬‬
‫بخطى حثيثة يف مرشوع تجريم الحركة والتنكيل بأبنائها وكل من له صله ولو‬ ‫النهضة‬ ‫والذي يجب أن ننتبه إليه أن ما جاء عىل لسان الغنويش‬
‫ليس جديدا أو مستحدثا وإنما هو سياسة ممنهجة لم‬
‫هامشية بها‪.‬‬
‫‪ .18‬لقد انهار « منهج التد ّرج» الذي ادعته السلطة لتحقيق الديمقراطية‪،‬‬
‫بمنابسة‬ ‫يتخلف عنها أبدا من ذلك مثال‪:‬‬

‫الذكرى ‪15‬‬
‫‪ )1‬أمىض الغنويش عىل وثيقة أمام الجميع تعهد فيها‬
‫وانقلب اىل شعار فضفاض فاقد أليّ مصداقيّة‪ .‬وأ ّكدت األحداث فيما بعد أنه‬ ‫بأال تتجاوز مدة املجلس التأسييس السنة ولكنه غدر‬
‫استخدم للدعاية والتغطية عىل مرشوع اإلستئصال وترك املعارضة تعيش عىل‬
‫التمنّي املتد ّرج اىل أن ت ّم اإلجهاز عىل الحد األدنى ملعالم الديمقراطية وهو حق‬
‫لتأسيسها‬ ‫بالجميع وبقي ‪ 3‬سنوات كاملة ولم يخرج إال بعد ألي‬
‫وبعد أن ضمن بقاءه يف الحكم يف ما سمي بالتوافق وعلل‬
‫التعبري وإبداء الرأي‪ .‬واخت ّل التوازن بصورة كليّة لصالح الدولة بل لصالح جهاز‬ ‫ذلك بقوله إن اإلمضاء أخالقي وليس قانونيا‪.‬‬
‫طمت ج ّل دفاعاته‪.‬‬‫األمن ومراكز النفوذ عىل حساب املجتمع الذي ح ّ‬ ‫‪ )2‬يف احتفاله بالذكرى ‪ 15‬لتأسيس حركة النهضة‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪8‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫من إنجازات عشرية الدمار ‪:‬‬

‫هيجو»‪...‬‬
‫مليون و‪ 700‬ألف تونيس وتونسية «حي ّبو ّ‬
‫منير الف ّلاح‬
‫جاء يف نتائج املسح الوطني للهجرة الصادر عن‬
‫املعهد الوطني لإلحصاء أن لدى مليون و‪ 700‬ألف‬
‫خمُس ممّ ن تجاوزت‬ ‫تونسيّة وتونيس (أي قرابة ُ‬
‫أعمارهم ‪15‬عاما) رغبة ونيّة ملغادرة البالد‪...‬كما جاء‬
‫أن ‪ 39‬ألف مهندس و‪ 3300‬طبيب غادروا‬ ‫يف ذات املسح ّ‬
‫تونس بني سنتي‪ 2015‬و‪.2020‬‬
‫ّ‬
‫تراوحت تفسريات هذه الظاهرة بني البحث عن‬
‫أن غالبيّتهم هاجرت‬ ‫الشغل وتحسني الدّخل لذا نجد ّ‬ ‫ّ‬
‫املتوسط وأساسا فرنسا وأملانيا وإيطاليا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لدول شمال‬
‫دالالت نتائج هذا املسح هامّ ة بل خطرية ملا جاء به‬
‫من تأكيد لظاهرة يراها ويلمسها وربّما يعيشها جزء‬
‫هام من التّونسيّني والتّونسيّات‪.‬‬
‫والسعي لها بك ّل‬ ‫ّ‬ ‫بداية ال ب ّد من التّذكري بأن الهجرة‬
‫طرق‪ ،‬نظاميّة كانت أم غريها‪ ،‬ليست اختصاصا‬ ‫ال ّ‬
‫وأن رغبة الهجرة للشمال موجودة لدى أطياف‬ ‫ّ‬ ‫تونسيّا ّ‬
‫واسعة من شعوب عديدة تشكو من أوضاع أمنيّة غري‬
‫حسب شهادات ميدانية من املرشفني عىل القطاع الصحي يف أملانيا يتمتع‬ ‫مستق ّرة (حروب ونزاعات) من صعوبات إقتصاديّة أو‬
‫األطباء التونسيون بسمعة راقية عىل مستوى الكفاءة واالنضباط‬ ‫من أوبئة‪ ،‬وقريبا ستجتاح العالم موجات هجرة بسبب‬
‫بالخارج؟ والجواب هو سعيا منهم لتحسني مستوى‬ ‫يف هذا املشهد ا ُملعولم املحكوم بمنطق ال ّربح‬ ‫التغيات املناخيّة ا ُملؤذنة بك ّل األخطار‪...‬‬ ‫ّ‬
‫العيش وهي طريقة مُه ّذبة للقول"من أجل املال !"‬ ‫والخسارة فقط‪ ،‬منطق تمليه وتتح ّكم يف صريورته‬ ‫والسعي للهجرة بأيّة طريقة‬ ‫ّ‬ ‫الحديث إذن عن ال ّرغبة‬
‫أن البحث عن تحسني‬ ‫لنتّفق جميعا وبداية عىل ّ‬ ‫مسكة باملقدّرات املاليّة يف العالم‪،‬‬ ‫األطراف األقوى أي ا ُمل ِ‬ ‫وتوسعها لتشمل من كانوا "موعودين"‬ ‫ّ‬ ‫وبأيّ ثمن‬
‫الوضع املادّي واإلجتماعي ليس عيبا وعىل أنه سعي‬ ‫الشعوب ا ُملستضعفة‬ ‫ّ‬ ‫الضحيّة ا ُملختارة هي طبعا‬ ‫ّ‬ ‫توصلوا لتحصيل علمي‬ ‫ّ‬ ‫بمستقبل يف بلدانهم بعد أن‬
‫وأسباب نُموِّها وتقدّمها يعني يف ما يعني منظومتها‬ ‫مُحرتم وحتّى كبري بات حديثا عن ظاهرة مُتعدّدة األبعاد‬
‫رشعي ومرشوع !‬ ‫ّ‬
‫التبويّة والحقا"منتوجها"من الكفاءات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫"الشماليّة"‬ ‫يف بلدان املنشأ فضال عن بلدان اإلستقبال‬
‫السؤال األعمق دائما حسب رأيي املتواضع هو ما‬ ‫ّ‬ ‫التي تعيش بدورها أوضاعا م ّ‬
‫الذي يجعل بلدنا م ّ‬ ‫موضوعيّا ال يمكن تناول ما ورد يف نتائج هذا املسح‬ ‫ُعقدة منها ته ُّر ِم س ّكانها‬
‫ُنفرا للكفاءات ؟ ما الذي يجعل أناسا‬
‫من جهة وصعود حركات يمينيّة متط ّرفة يلتحف بعضها‬
‫ويعبون يف ك ّل مناسبة عن تع ّلقهم بها‬ ‫ّ‬ ‫يحبّون بالدهم‬ ‫جريَ فيه واإلعالن عن نتائجه‬ ‫السياق الذي أ ُ ِ‬‫خارج ّ‬
‫واجتماعي صعب‬ ‫فالفرتة مُرتبطة بظرف اقتصاديّ‬ ‫بخطاب سيادويّ وتحمل يف عمقها بذورا فاشيّة‪...‬‬
‫يختارون الهجرة ؟ هل وجد هؤالء مجاال للمساهمة يف‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫السفر وإختيار مكان اإلقامة‬ ‫كما وجب التّذكري ّ‬
‫بأن ّ‬
‫بناء تصوّرات للنّهوض ببالدهم يف مجاالتهم ؟ هل أُعترب‬ ‫ومعقد تتداخل فيه عوامل جيوسياسيّة بصعوبات‬
‫والعمل هي من الحقوق اإلنسانيّة األساسيّة ‪.‬‬
‫ك ّل فر ٍد منهم مصدر ثراء وإثراء لتونس ال كشخص‬ ‫ِس ِب البطالة من جهة‬ ‫وافدة مع الوباء وتسبّبه يف تزايد ن َ‬
‫ال يمكن التّغايض عن أهميّة العمل اإلحصائي يف‬
‫كلفة تكوينه كذا وكذا من آالف الدّينارات عىل‬ ‫كانت ُ‬ ‫وتصاعد ضغوطات بلدان شمال املتوسط عىل جنوبها‬
‫اِيجاد قاعدة علميّة أليّ تحليل لظاهرة ما (الهجرة يف‬
‫ميزانيّة الدّولة ؟‬ ‫لكبح موجات الهجرة من جهة وسع ِيها لـ"اختيار"من‬
‫هذه الحالة) واِستغاللها يف خطاب سيايس من جانب‬
‫تُرحّ ب بهجرتها إليها‪.‬‬
‫ما يُن َ ِّف ُر العدد األكرب منهم هو غياب أيّ مرشوع‬ ‫الحاكمني وا ُملعارضني عىل ح ّد سواء بعيدا عن الوصم أو‬
‫ّ‬ ‫الجائحة‪ ،‬عىل وقعها األليم‪ ،‬أضاءت عدّة زوايا كانت‬
‫ويبشهم بأنّهم سيكونون‬ ‫وطني يستبطن تط ّلعاتهم‬ ‫حتّى عن مُناكفات ظرفيّة يخضع فيها الخطاب ملوقع‬
‫خاصة يف ما تع ّلق بهجرة الكفاءات الطبيّة ويف‬ ‫ّ‬ ‫مظلمة‬
‫بُناة وطن يطيب فيه عيش أبنائهم وأحفادهم ؟‬ ‫بالسلطة أو للتّموقع حولها أو ضدّها‪...‬‬ ‫ّ‬
‫املقابل ساهمت بفعاليّة يف املستشفيات واملخابر ضمن‬ ‫نتائج املسح اإلحصائي هذا هامّ ة بل تمثّل يف ذات‬
‫تغي نحو األفضل بعد‬ ‫ّ‬ ‫أن ال يشء‬ ‫األدهى واألم ّر ّ‬
‫املجهود الدّويل للتصدّي للوباء من مواقعها بالخارج‬ ‫الحني "كنزا" من ا ُملعطيات ووضعيّة دا ّلة عىل كيفيّة‬
‫الثّورة بل إن تزايد عدد ال ّراغبني وال ّراغبات يف ترك البالد‬
‫ّ‬ ‫والحديث عنها كان يقترص تقريبا عىل التّعليق بفخر‬ ‫التّعامل معها من جُ ّل املعنيّني واملتابعني‪.‬‬
‫يؤش عىل تزايد املخاوف من‬ ‫لإلستقرار نهائيّا خارجها‬
‫عىل وجود الكفاءة هذه أو تلك يف هذه البالد أو ذاك املخرب‬ ‫فالتكيز‪ ،‬إعالميّا‪ ،‬عىل عدد مُغادري أرض الوطن من‬ ‫ّ‬
‫املستقبل والقبول بـ "ا ُملغامرة" لتأمني مستقبل أبنائهم‬ ‫وقد يتعدّى التّفاعل أحيانا التعبري عن مشاعر الغبن من‬ ‫وقرن ذلك بـ"الخسائر املاديّة" التي تتكبّدها‬ ‫الكفاءات َ‬
‫وبناتهم واإلكتفاء بعالقة اإلنتماء لألرض والعائلة‬ ‫وجود هذه الكفاءة أو تلك بالخارج وليس بتونس‪...‬‬
‫يف أبسط شواهدها (العودة يف بعض املناسبات أو‬ ‫البالد هو سعي إرادي أو غري إرادي لسلعنة الكفاءة‬
‫موفق وظالم‬ ‫َّ‬ ‫هذا التّناول‪ ،‬حسب رأيي ا ُملتواضع‪ ،‬غري‬ ‫والعِ لم والتّعتيم عىل الجوانب األخرى ليس أق ّلها موقع‬
‫للسياحة) وحتّى بعض من آمنوا بإمكانيّة بناء تونس‬ ‫ّ‬ ‫لتلك الكفاءات ذاتها! ك ّل بالد ومنها طبعا تونس يجب‬ ‫طاقات العلميّة يف بناء مرشوع وطني!‬ ‫هذه الكفاءات وال ّ‬
‫جديدة وعادوا بعد الثّورة غادر عدد ها ّم منهم مُجدّدا !‬ ‫أن تكون ال فخورة بكفاءاتها وانجازاتها فحسب وانما‬ ‫ال أحد يجهل وال يمكنه حتّى ان تجاهل أهميّة‬
‫أن ك ّل معلومة تنبني عىل مسح‬ ‫خالصة القول ّ‬ ‫عليها أيضا أن تعتربها إثرا ًء للبالد ومساهمة هامّ ة يف‬ ‫الشغل يف حياة ّ‬ ‫ومِ حوريّة التّعليم والتّكوين ث ّم ّ‬
‫الشعب‬
‫لكن األه ّم منها هو تثمينها‬ ‫ّ‬ ‫إحصائي جدّي هامّ ة‬ ‫ا ُملنجَ ز اإلنساني‪ .‬كما وجب ترشيك هذه الكفاءات يف‬ ‫التّونيس أفرادا وعائالت وحتّى جهات ودورها يف بناء‬
‫باستنباط برامج وسياسات جديدة ومُجدّدة تجعل‬ ‫طرق ا ُملثىل لوضع تصوّرات وآليّات إلستفادة تونس‬ ‫ال ّ‬ ‫حارض البالد ومستقبلها ‪.‬‬
‫اختيار البقاء بتونس والعمل بها (حتّى بالتّضحية‬ ‫منهم‪.‬‬ ‫التبية والتّعليم‬ ‫التكيز عىل ّ‬ ‫يف تونس ومنذ ‪ 1956‬ت ّم ّ‬
‫بقدر من الدّخل املادّي) وازنا أمام ترك البالد ّ‬
‫ألن العمل‬ ‫شاهدنا وسمعنا جميعا عن تنظيم حمالت لجمع‬ ‫وتوحيدهما كإحدى ركائز بناء الدّولة الحديثة‪.‬‬
‫هنا يجعل ك ّل فر ٍد يساهم يف بناء تونس أخرى تحرتم‬ ‫تربّعات وتطوّ ع للعمل بمستشفيات ميدانيّة وقا ّرة‪...‬‬ ‫وتغيات الوضع وطنيًّا وإقليميًّا‬ ‫ّ‬ ‫لكن وبمرور العقود‬
‫كفاءته وقدرته عىل اإلضافة سواء من موقعه كعامل‬ ‫سمعنا كذلك عن مهندسني ومهندسات من تونس‬ ‫ودُوليًّا وإنحسار رقعة تأثري الدّولة الوطنيّة ال ّراعية‬
‫فالحي أو كميكانيكي أو كعامل بناء أو كمهندس أو‬ ‫مؤسسات دوليّة‪ ...‬سمعنا وسمعنا لكن‬ ‫ّ‬ ‫يصنعون ربيع‬ ‫املؤسسات الدّوليّة العابرة للدّول والقا ّرات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تعاظم دور‬
‫طبيب أو باحث علمي‪.‬‬ ‫ويف ك ّل م ّرة يطرح سؤال نفسه‪ :‬ملاذا سعى هؤالء للعمل‬ ‫حتّى أنّنا بتنا نسمع عبارة‪" :‬العالم أصبح قرية"!‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪9‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫أصحاب املؤسسات التونسية يعانون ومنهكون‬


‫من ‪ 6‬آالف نص جبائي !!‬ ‫كريمة السعداوي‬
‫اختتمت السبت ‪ 11‬ديسمرب ‪ 2021‬الدورة‬
‫‪ 35‬أليام املؤسسة التي التأمت هذا العام‬
‫طيلة ثالثة أيام بحضور املئات من الفاعلني‬
‫االقتصاديني واملسؤولني وافتتحتها رئيسة‬
‫الحكومة نجالء بودن تحت شعار "املؤسسة‬
‫والجمهورية‪ :‬رشكاء يف إعادة البناء"‪.‬‬
‫واتسمت الدورة بثراء املشاركات التي تطرقت‬
‫اىل محاور عديدة أبرزها "تمويل ضغوط‬
‫امليزانية وتأثرياتها" و"نظام الحكم والنجاعة‬
‫االقتصادية" و"االستثمار والرتقب… اي‬
‫عالجات ممكنة؟" و"الشباب واملؤسسة‪ ،‬رؤية‬
‫للمستقبل"‪.‬‬

‫وتأتي هذه الدورة يف ظرف دقيق‪ ،‬حيث عجزت‬


‫مؤخرا الرشكة الوطنية للسكك الحديدية عن خالص‬
‫أجور شهر نوفمرب وقبلها وكالة تونس افريقيا‬
‫لألنباء التي تعرف صعوبات‪ ،‬يف نفس اإلطار‪ ،‬فضال‬
‫عن تواتر املعطيات حول معاناة ديوان الحبوب‬
‫والصيدلية املركزية من مشاكل لخالص املزودين‬
‫ومواجهة أعبائها التشغيلية فضال عن بداية توريد‬
‫شحنات من السماد الفالحي يف سياق تدهور‬
‫‪ 395‬اصالح نص جبائي لم يدخل منها حيز النفاذ‬ ‫بمقتضيات واحكام ‪ 6‬مجالت قانونية جبائية‬ ‫االستثمار وبشكل سلبي عىل جاذبية تونس‪.‬‬
‫منظومة انتاجه برشكة فسفاط قفصة وفروعها‬
‫سوى ‪ 75‬اجراء مما يعني ان نسبة تقدم انجاز‬ ‫تتضمن عىل االقل أكثر من ألف نص قانوني و‪531‬‬ ‫وعشية انعقاد الدورة‪ ،‬استقبلت رئيسة‬
‫عالوة عىل انهيار عرشات آالف من الرشكات‬
‫االصالح ال تتجاوز اليوم ‪ 19‬باملائة‪.‬‬ ‫قرارا رضيبيا تم اعتمادها منذ ‪ 2011‬و‪ 265‬مذكرة‬ ‫الحكومة نجالء بودن رمضان‪ ،‬بقرص الحكومة‬
‫الصغرى واملتوسطة والزج بعدد كبري من أصحابها‬
‫وأدت الوضعية عموما اىل تفاقم التهرب‬ ‫عامة صادرة عن االدارة العامة لألداءات بوزارة‬ ‫بالقصبة‪ ،‬رئيس هيئة الخرباء املحاسبني وليد بن‬
‫يف السجون لعدم خالص شيكاتهم‪ .‬وأ ّكد وليد بلحاج‬
‫الرضيبي‪ ،‬اذ ال يدفع ‪ 70‬باملائة من االشخاص‬ ‫املالية و‪ 4700‬توصية يف مادة الجباية والرضائب‬ ‫صالح‪ .‬ونوّهت بودن حسب بالغ صدر بموقع‬
‫عمر منسق الدورة يف افتتاحها ان الطبقة السياسية‬
‫الطبيعيني املمارسني ألنشطة اقتصادية سوى ‪42‬‬ ‫بما يضع املؤسسة التونسية يف مكابدة مستمرة مع‬ ‫رئاسة الحكومة بالدور األسايس للخرباء املحاسبني‬
‫هي املسؤول الوحيد عن األزمة التي تعيشها تونس‬
‫مليون دينار سنويا إلدارة الجباية وذلك‪ ،‬حسب‬ ‫ما ال يقل عن ‪ 6‬آالف نص وقانون ومادة جبائية‪.‬‬ ‫اىل جانب بقية الفاعلني االقتصاديني‪ ،‬يف املساهمة‬
‫اليوم‪ ،‬وأنها كذلك املسؤول الوحيد عن القرارات التي‬
‫دراسة انجزتها جمعية االقتصاديني التونسيني‪ ،‬بما‬ ‫كما اشارت وثيقة هيئة الخرباء املحاسبني‬ ‫يف اإلصالحات االقتصادية التي تعتزم الحكومة‬
‫اتخذت أو باألحرى التي لم تؤخذ وعىل انعدام الرؤية‬
‫يعني ان معدل دفوعاتهم ال يتجاوز‪ 100‬دينار‬ ‫بالبالد التونسية بالرجوع اىل تقرير ممارسة أنشطة‬ ‫تطبيقها من أجل اصالح املالية العمومية ودعم‬
‫وأزمة الثّقة السائدة يف تونس‪.‬‬
‫سنويا…‬ ‫االعمال العاملي ‪ 2020‬الذي يصدره كل عام البنك‬ ‫االستثمار‪.‬‬
‫المؤسسات التونسية‬
‫تصورات حلول‬ ‫الدويل اىل ان معدل الوقت الذي يخصص إلنجاز‬ ‫من جهته‪ ،‬قدم رئيس هيئة الخرباء املحاسبني‬
‫لم تبتعد كثريا توصيات الندوة ‪ 35‬أليام املؤسسة‬ ‫االجراءات الجبائية يناهز بالنسبة لتونس ‪144‬‬ ‫السيد وليد بن صالح وثيقة تضمّ نت جملة من‬ ‫وتحديات البقاء‬
‫يف تونس يف جوهرها عن اقرتاحات هيئة الخرباء‬ ‫ساعة سنويا واىل ان متوسط عدد الدفوعات إلدارة‬ ‫االقرتاحات تتعلق خاصة بتنقيح النظام الجبائي‬ ‫بي املعهد العربي للمؤسسات يف "مذكرة‬ ‫ّ‬
‫املحاسبني وذلك بالخصوص يف ما يهم تحسني‬ ‫الجباية يساوي ‪ 8‬عمليات سنويا‪ .‬وتم تصنيف‬ ‫وتطويره ودعم االستثمار‪ .‬كما اقرتح تخفيف‬ ‫مفاهيم الدورة ‪ 35‬أليام املؤسسة" أن تونس شهدت‬
‫مناخ االعمال ودعم االستثمار‪ ،‬اذ جرى الرتكيز‪،‬‬ ‫تونس يف هذا الصدد يف املرتبة ‪ 108‬ضمن ‪189‬‬ ‫وتبسيط النصوص القانونية واإلجراءات ومقاومة‬ ‫مؤخرا‪ ،‬عديد التغيريات السياسية‪ ،‬أفضت إىل تنامي‬
‫يف هذا الصدد‪،‬عىل ان تآكل النسيج املؤسساتي‬ ‫دولة يف حني يتمركز املغرب‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ ،‬يف‬ ‫التهرب الرضيبي وتعزيز املراقبة وتحسني مناخ‬ ‫الشكوك والتساؤالت حول مدى انسجام "االقتصاد"‬
‫خفض نسبة االستثمار مقارنة بالناتج‬ ‫واالستثماري ّ‬ ‫املرتبة ‪.24‬‬ ‫األعمال‪ .‬وقد ثمنت رئيسة الحكومة االقرتاحات‬ ‫و"السياسة"‪ ،‬باعتبار ان العالقة بينهما ال تقترص‬
‫املحيل االجمايل من ‪ 21.5‬اىل ‪ 14.5‬باملائة خالل‬ ‫وتصل عىل هذا االساس نسبة الضغط الجبائي‬ ‫املقدمة مؤكدة أن الخرباء املحاسبني يمثلون قوة‬ ‫فقط عىل تصورات ووضع سياسات عمومية ومنوال‬
‫العرشية االخرية ال فقط نتيجة الضغط الجبائي‬ ‫واالقتطاعات االجبارية املتاحة اىل نحو ‪ 32.5‬باملائة‬ ‫اقرتاح ملزيد دعم االستثمار‪ ،‬وخلق مناخ م ّ‬
‫ُحفز‬ ‫تنموي وتحقيق نسبة النمو وتوزيع ثروات فقط‪ ،‬بل‬
‫املتصاعد وتوسع االقتصاد غري املهيكل وانما اساسا‬ ‫من الدخل الوطني غري أن وثيقة هيئة الخرباء‬ ‫لجلب املستثمرين‪.‬‬ ‫تتعدى ذلك إىل تحديد الدور املحوري الذي يمكن‬
‫بسبب نقص الحوافز املالئمة ومرافقة اصحاب‬ ‫املحاسبني اعربت يف هذا الصدد عن اعتقادها يف غياب‬ ‫وكشفت وثيقة الهيئة قبل تقديمها نحو ‪60‬‬ ‫أن يلعبه االقتصاد يف بناء الجمهورية‪ ،‬دور مهم‬
‫املؤسسات‪.‬‬ ‫ارادة اصالح الجباية وتخفيف عبء البريوقراطية‬ ‫اقرتاحا لتبسيط االجراءات والنصوص االدارية‬ ‫جدا للمؤسسة يف بناء الجمهورية سواء من حيث‬
‫وتمت الدعوة‪ ،‬بشكل خاص‪ ،‬اىل مراجعة قانون‬ ‫بحكم أن االدارة التونسية تبنت يف ‪ 2014‬مرشوعا‬ ‫وخاصة الجبائية ومجابهة التهرب الرضيبي ودعم‬ ‫التنظيم املؤسيس أو الضمان السيايس أو تعزيز قيم‬
‫االستثمار الذي دخل حيز التطبيق سنة ‪2017‬‬ ‫إلعادة النظر يف املنظومة الرضيبية يقوم عىل اعتماد‬ ‫االستثمار ان املؤسسات التونسية ملزمة بالتقيد‬ ‫الجمهورية‪.‬‬
‫نظرا لغموضه سيما يف ما يتعلق بالتنمية الجهوية‬ ‫وشدّد املعهد عىل ان هذه األوضاع تطرح‬
‫والرشاكة الخارجية وابقائه عىل منظومة الرتاخيص‬ ‫تساؤالت مختلفة حول إعادة النظر يف أنظمة‬
‫القطاعية املعقدة (القرار الوزاري‪)417- 2018‬‬ ‫الحوكمة ومنوال التنمية ومفهوم القيادة بعد‬
‫علما ان تقريرا للمنظمة الدولية للتعاون االقتصادي‬ ‫األزمات السياسية واالجتماعية والصحية التي أدت‬
‫والتنمية كان قد اشار اىل وجود ‪ 259‬عائق للمنافسة‬ ‫إىل نرش مناخ من الضبابية إضافة إىل العدائية‬
‫يف قطاعي التجارة بالجملة والتفصيل والنقل‬ ‫وانعدام الثقة تجاه الفاعلني االقتصاديني‪ ،‬الذين‬
‫البحري‪ ،‬فحسب‪.‬‬ ‫أصبحوا محل اتهام اليوم مما يطرح اشكاال محوريا‪:‬‬
‫وركز ايضا املشاركون يف ندوة ايام املؤسسة‬ ‫هل تحتاج املؤسسة اليوم إىل تجديد نفسها؟ أم هي‬
‫والخرباء املحاسبون عىل حد سواء عىل انه من‬ ‫بحاجة ملراجعة موقعها ودورها يف املجتمع؟ أم أنها‬
‫املؤكد املرور وبشكل عاجل‪ ،‬اىل معالجة االشكاليات‬ ‫يف حاجة إىل إعادة هيكلة‪ ،‬يف إطار مقاربة قيمية‬
‫املتعلقة بنظام الحوافز املالية لالستثمار والتي يمكن‬ ‫اجتماعية وجمهورية؟‬
‫ان تصل اىل ثلث قيمة االستثمار وذلك عىل حساب‬ ‫وتتنامى هذه التساؤالت‪ ،‬وفق تقدير املعهد‬
‫الحوافز الجبائية‪ .‬كما يوجه‪ ،‬يف ذات السياق‪ ،‬الخرباء‬ ‫العربي لرؤساء املؤسسات‪ ،‬يف سياق اقتصادي‬
‫املحاسبون انتقادات عديدة اىل بطء رقمنة بعث‬ ‫يسيطر عليه تجفيف مصادر التمويل الداخلية‬
‫املؤسسات والتخفيف من اجراءات البريوقراطية‬ ‫والخارجية وزيادة الضغوط التضخمية‪ ،‬باإلضافة‬
‫وذلك من خالل اعتماد فعيل ألحكام قانوني ‪47‬‬ ‫إىل عدم التقدم يف اإلصالحات الهيكلية وضعف‬
‫و ‪ 78‬لسنة ‪ 2019‬ومقتضيات األمر الحكومي‬ ‫نسبة النمو وتدهور بقية املؤرشات عىل غرار البطالة‬
‫والهشاشة االجتماعية‪ ،‬وهي مؤرشات تؤثر عىل قرار‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪10‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫تكون مثمرة حسب رئيس الكنفدرالية ألن جوهر‬ ‫ووفق قويعة تالحق هذه الفئة من رواد األعمال‬ ‫ولعل للدعوة امللحة الصادرة عن املنظمة املالية‬ ‫‪ 310 2020-‬املؤرخ يف ‪ 15‬ماي ‪. 2020‬‬
‫املسألة يتعلق بكيفية إدارة األزمة بحذر دون الوقوع‬ ‫قضايا تتعلق بإصدار شيكات بال رصيد‪ ،‬وهم‬ ‫الدولية إلنقاذ املؤسسات التونسية من مخاطر التعثر‬ ‫ووقع التشديد عىل رضورة مراجعة منظومة‬
‫يف فخ الرجوع إىل املربع األول‪ ،‬ألن أية مغامرة غري‬ ‫يوجهون يوميا العديد من الرسائل املصحوبة‬ ‫املايل الشديد ما يربره بعمق‪ ،‬اذ افاد نهاية نوفمرب‬ ‫تحديد االسعار التي تعود اىل سنة ‪ 1991‬وتوطيد‬
‫محسوبة قد تجعل من شلل معظم القطاعات أمرا‬ ‫برصخات الفزع‪.‬‬ ‫الفارط رئيس املنظمة الوطنية لرواد األعمال ياسني‬ ‫نشاط مجلس املنافسة مع الترسيع يف املصادقة‬
‫حتميا‪ ،‬وفق تقديره‪.‬‬ ‫وكان استطالع آلراء الرشكات أجرته منظمة‬ ‫قويعة بأن ‪ 80‬باملائة من املؤسسات االقتصادية تغلق‬ ‫عىل النصوص التطبيقية املتصلة بقانوني االقتصاد‬
‫روابط ‪/‬مراجع ‪:‬‬ ‫كنفدرالية املؤسسات املواطنة التونسيّة “كوناكت”‬ ‫أبوابها بعد مرور ‪ 18‬شهرا عىل تأسيسها مربزا ان‬ ‫االجتماعي والتضامني والتمويل التشاركي عالوة‬
‫‪ -‬مذكرة مفاهيم الدورة ‪ 35‬أليام املؤسسة ‪- 9 -‬‬ ‫اواسط الشهر املايض‪ ،‬قد أشار إىل أن نحو ‪ 13‬باملائة‬ ‫تونس تضم نحو ‪ 940‬ألف مؤسسة اقتصادية وان‬ ‫عىل اعادة صيغة قانون املؤسسات والرشكات التي‬
‫‪ 11‬ديسمرب ‪ - 2021‬سوسة‪.‬‬ ‫من املؤسسات الصغرية واملتوسطة ذات رأس املال‬ ‫املؤسسات املهيكلة ال تشكل سوى نسبة ضئيلة منها‪.‬‬ ‫تمر بصعوبات اقتصادية وتوضيح املفاهيم املتعلقة‬
‫‪ -‬بالغ حول استقبال رئيسة الحكومة لرئيس‬ ‫األجنبي أغلقت أبوابها نهائيا‪.‬وكشفت النتائج التي‬ ‫كما أشار رئيس املنظمة اىل أن عدد الرشكات التي‬ ‫بـ "املقيم" و"غري املقيم" يف قانون الرصف واكساء‬
‫هيئة الخرباء املحاسبني‬ ‫شملت أكثر من ‪ 500‬رشكة‪ ،‬أن أكثر من ‪ 70‬باملائة‬ ‫أغلقت أبوابها نهائيا يزيد عن ‪ 130‬ألفا وأن نحو‬ ‫مسالة استثمار االجانب يف تونس وتحويل اموالهم اىل‬
‫‪ -‬تقرير هيئة الخرباء املحاسبني املتضمن ل ‪60‬‬ ‫من املؤسسات املستجوبة أ ّكدت تراجع رقم معامالتها‬ ‫‪ 460‬ألف رشكة تعاني من شبح اإلفالس ألسباب‬ ‫البالد طابعا واضحا‪.‬‬
‫مقرتح إلصالحالجباية ودفع االستثمار‬ ‫العام املايض مقابل ‪ 34‬باملائة يف السنة التي سبقتها‪.‬‬ ‫متعددة‪ ،‬بما أدى إىل إحالة أكثر من مليون موظف‬ ‫وأوضح تقرير املرصد االقتصادي ‪ 2020‬للبنك‬
‫‪ -‬تقرير البنك الدويل حول ممارسة انشطة‬ ‫وقال رئيس الكنفدرالية طارق الرشيف ّ‬
‫إن سرب اآلراء‬ ‫وعامل عىل البطالة التي تتجاوز نسبتها ‪ 17.5‬باملائة‪.‬‬ ‫الدويل يف اطارمناقشة بعض اإلجراءات الهيكلية‬
‫االعمال لسنة ‪2020‬‬ ‫املنجز بالتعاون مع برنامج األمم املتحدة اإلنمائي‪،‬‬ ‫واوضح أن استمرار البريوقراطية اإلدارية‬ ‫األكثر إلحاحا والالزمة للمساعدة يف إعادة القطاع‬
‫‪ -‬املذكرة التاليفية لوزارة املالية حول االصالح‬ ‫سمح بالوقوف عىل حجم تأثري الجائحة الصحيّة‬ ‫واملتمثلة يف طول فرتة املعامالت اإلدارية من‬ ‫الخاص إىل املسار الصحيح انه من املؤكد ان تشمل‬
‫الجبائي ‪ -‬نوفمرب ‪.2013‬‬ ‫عىل الرشكات الصغرية واملتوسطة التونسيّة‪ .‬وأوضح‬ ‫أجل إنشاء مؤسسة اقتصادية‪ ،‬جعل العديد من‬ ‫هذه اإلجراءات دعم قدرة الرشكات الجديدة عىل‬
‫‪ -‬دراسة جمعية االقتصاديني التونسيني حول‬ ‫أن الجائحة أثّرت بشكل الفت عىل وضعيّة تلك‬ ‫املستثمرين الشبان يتخلون عن أفكارهم يف بعث‬ ‫دخول السوق وتقديم منتجات أو خدمات جديدة‪،‬‬
‫العدل الرضيبي وتعبئة موارد الدولة ‪.2017 -‬‬ ‫املشاريع وتسببت لها يف العديد من اإلشكاليات املالية‬ ‫مشاريع للحساب الخاص بسبب ذلك‪ ،‬وأن أصحاب‬ ‫ومعالجة املعوقات الهيكلية التي تساهم يف تعقيد‬
‫‪ -‬تقييم املنظمة الدولية للتعاون والتنمية‬ ‫والهيكلية‪ ،‬إىل درجة أن البعض منها اضمحل‪.‬‬ ‫املشاريع الصغرية واملتوسطة عىل وجه التحديد‬ ‫وصول الرشكات اىل التمويل‪ ،‬ومعالجة التدهور‬
‫االقتصادية حول املنافسة يف تونس ‪.2019 -‬‬ ‫وبالنظر إىل هذه املعضلة الشائكة‪ ،‬فإن أية‬ ‫كانوا األكثر عرضة للمشاكل وأنهم باتوا يفكرون يف‬ ‫الكبري يف أداء املصالح الديوانية وتطوير رؤية‬
‫‪ -‬تقرير املرصد االقتصادي ‪ -‬تونس ‪ -‬البنك‬ ‫اسرتاتيجية تريد أن تتوخاها السلطات للنهوض‬ ‫االنخراط يف عمليات هجرة غري رشعية بعد إفالس‬ ‫واضحة لسياسات االبتكار من أجل تغذية القطاعات‬
‫الدويل ‪.2020 -‬‬ ‫بالرشكات برصف النظر عن تحفيزها ماليا‪ ،‬قد ال‬ ‫مؤسساتهم وإغالقها‪.‬‬ ‫التي بدأت تربز فيها سمات االبتكار وامليزة النسبية‪.‬‬

‫جديد “كيا”…‬

‫الشاحنة اخلفيفة ‪K2500‬‬


‫المح ّرك‬ ‫تبلغ‪ 1,5 ‬طن مع وزن شامل بـ‪ 3,2 ‬أطنان‪.‬‬
‫وتساعد قوة دفع العجلتني الخلفيتني (أربع عجالت خلفية)‬
‫أطلقت رشكة “سيتي كارز” الوكيل الرسمي ملاركة “كيا”‬
‫الجنوب كورية بتونس‪ ،‬شاحنتها الخفيفة الجديدة ‪k2500‬‬
‫شاحنة ‪ K2500‬مجهزة بمحرك سعة ‪ 2,5‬لرت (‪)2497cc‬‬
‫مازوط تبلغ قوته ‪.CVDIN 130‬‬ ‫املزدوجتني عىل الوثوق يف الشاحنة وعىل ضمان استقرارها حتى‬ ‫يف إطار وفاء ماركة “كيا” لقيمها ووعودها‪ ،‬تتمتّع‪ ‬الشاحنة‬
‫أمّ ا كتلة املحرك فهي مقرونة بمحوّل رسعة يدوي االستعمال‬ ‫يف حالة الحمولة الزائدة‪.‬‬ ‫الغني عن التعريف والذي‬
‫ّ‬ ‫‪ K2500‬بشهرة الدار املمتازة ونجاحها‬
‫وذي ‪ 6‬نواقل للحركة فيما تبلغ رسعة الشاحنة القصوى ‪150‬‬ ‫ويبلغ طول‪ ‬الشاحنة ‪K2500‬ـ‪ 5,125 ‬أمتار وعرضها ‪1,740‬‬ ‫أثبت جدواه وصالبة شاحناتها‪.‬‬
‫كلم يف الساعة مع معدل استهالك للمازوط بـ ‪ 9,5‬لرتات يف املائة‬ ‫مرت يف حني يبلغ علوّها ‪ 1,995‬مرت وقاعدتها‪ 2,615‬مرت‪ .‬أمّ ا‬ ‫ويأتي إطالق‪ ‬شاحنة ‪ K2500‬التي طاملا انتظرها مستعملو‬
‫كلم‪.‬‬ ‫قياسات فضاء الحمولة فتبلغ ‪ 3,110‬أمتار طوال و‪ 1,630‬مرت‬ ‫الشاحنات الخفيفة استجابة النتظارات وحاجات الحريف‬
‫عرضا‪.‬‬ ‫التونيس‪.‬‬
‫السعر والعرض‬ ‫ويرتكز الجانب الخلفي من الشاحنة عىل خمسة نوابض‬ ‫وتمثل الشاحنة الجديدة وسيلة عمل موثوق بها ومتعدّدة‬
‫شاحنات ‪ K2500‬متوفرة يف قاعة العرض التابعة لـ “سيتي‬ ‫ّ‬
‫وتمتص جانبا من‬ ‫من الصفائح املعدنية التي ّ‬
‫توفر مرونة أفضل‬ ‫االستعماالت وتتكيّف مع هامش واسع من االستخدامات سواء‬
‫كارز” الكائنة باملنطقة الصناعية بالكرم وبقاعات عرض‬ ‫رجّ ات الطريق خالل االستعماالت األكثر كثافة‪.‬‬ ‫بالنسبة للقطاع الصناعي أو األنشطة التجارية أو ما يتعلق‬
‫الوكاالت املعتمدة من طرف رشكة “كيا“‪.‬‬ ‫وعىل صعيد التجهيزات‪ ،‬تحتوي الشاحنة ‪ K2500‬عىل معدّات‬ ‫بميدان اللوجستيك ومهن النقل وإيصال السلع بصفة عامة‪.‬‬
‫وتُعرض الشاحنة ‪ K2500‬املجهّ زة بصفيحة معدنية جانبية‬ ‫ذات مستوى عميل وتوفر رفاهة مثالية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫وتتميّز‪ ‬الشاحنة ‪ K2500‬بخصائص تقنية وبامتيازات ال‬
‫متدلية بسعر ‪ 61.990‬دينارا (‪ )TTC‬وهي متوفرة يف لونني‪:‬‬ ‫خاصة بالسائق ومكيف هواء وبلور نوافذ‬ ‫ّ‬ ‫وسادة هوائية‬ ‫مثيل لها وهي مطروحة يف نموذج بغرفة قيادة ذات ‪ 3‬مقاعد‬
‫األبيض (‪ )Clear White‬واألزرق (‪.)Marine Blue‬‬ ‫كهربائي العمل وراديو ومفتاح تخزين ‪…USB‬‬ ‫وصفيحة معدنية جانبية متدلية‪.‬‬
‫أمّ ا طاقة حمولة الشاحنة فهي كبرية بما فيه الكفاية اذ‬
‫ملزيد املعلومات اتصلوا بنا عىل موقع الواب‪ www.kia.tn – contact@kia.tn :‬أو عىل أرقام الهواتف التالية‪ 36406200 :‬و‪ 36010701‬و‪36010710‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪11‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫من شبه المستحيل‬


‫لتتمكن فقط من تسديد فوائد ديونها ‪:‬‬

‫تونس مطالبة بتحقيق نسبة نمو سنوية بـ‪٪ 7‬‬ ‫كريمة السعداوي‬
‫يعني حتما إعادة جدولة الدين وإعادة جدولة الدين ال تتم إال ّ يف‬ ‫وتعترب تونس اآلن بلدا ذا مخاطر عالية جدّا‪.‬‬ ‫أهم األرقام التي تخص الدين يف تونس هي ‪:‬‬
‫إطار نادي باريس‪.‬‬ ‫وللتذكري فإن الرتقيم السيادي هو تقييم لقدرة البلد عىل‬ ‫‪ -‬مستوى الدين الخارجي بالدينار والدوالر ومقارنته‬
‫فأن يرصح محافظ البنك املركزي ومعه وزيرة املالية وحتى‬ ‫مواصلة تسديد ديونه األجنبية يف املواعيد املحددة وبصفة‬ ‫بمستوى الناتج الداخيل اإلجمايل (‪.)PIB‬‬
‫رئيسة الحكومة بأن تونس لن تذهب اىل نادي باريس دون تقديم‬ ‫طبيعية‪.‬‬ ‫‪ -‬مستوى خدمة الدين أي مستوى مستحقات الدين الخارجي‬
‫أي تعليل وأي تفسري وأية رؤية وأي تشخيص ألوضاع تونس‬ ‫هذا ما جعل العديد من التقارير تصدر بتواتر عن العديد من‬ ‫من أصل وفوائد لسنة معينة مع مقارنة مستوى خدمة الدين‬
‫من حيث عجز االقتصاد عن افراز النمو وخلق الثروة وخلق‬ ‫الجهات مثل وكاالت التصنيف وصندوق النقد الدويل ومؤسسات‬ ‫باملداخيل الجارية بالعملة لنفس السنة (صادرات مع مداخيل‬
‫مواطن الشغل وتفاقم عجز امليزان التجاري ومن حيث تراكم‬ ‫مالية لها عالقات تاريخية بتونس مثل ‪Bank of America‬‬ ‫أخرى جارية)‪.‬‬
‫الديون التي استعملت يف تغطية النفقات العامة للدولة عوض‬ ‫وغريها من املؤسسات املالية الناشطة عىل مستوى دويل‪.‬‬ ‫‪ -‬مستوى دين الدولة مبارشة والذي ينقسم اآلن اىل حوايل‬
‫أن تستعمل يف تمويل االستثمار العمومي هو رضب من رضوب‬ ‫البنك الدويل يشري يف تقريره األخري اىل أن الدين الخارجي‬ ‫‪ ٪ 60‬خارجي (بالعمالت األجنبية) و‪ ٪ 40‬داخيل (بالدّينار‬
‫املغالطة والتربيرات الزائفة وبيع األوهام والالمسؤولة‪.‬‬ ‫لتونس وصل يف ‪ 2020‬اىل مستوى ‪ 41‬مليار دوالر‪ .‬ونحن نعلم‬ ‫وبالعمالت األجنبية)‪.‬‬
‫مثل هذه املغالطات تزيد الطني بلة ألنها تؤجل الدخول الفعيل‬ ‫أن تونس واصلت االقرتاض من الخارج ليصل مستوى الدين‬ ‫كل هذه املؤرشات تدهورت بشكل واضح‪.‬‬
‫يف اإلصالحات ويف انقاذ ما يمكن إنقاذه من االقتصاد التونيس‬ ‫الخارجي لتونس اىل مستوى ‪ 45‬مليار دوالر اآلن‪ .‬يف نفس الفرتة‬ ‫• الدين الخارجي تضاعف أكثر من ثالث مرات منذ ‪2010‬‬
‫واملالية العمومية والخارجية‪.‬‬ ‫نزل مستوى الناتج الداخيل اإلجمايل (‪ )PIB‬من ‪ 39‬مليار دوالر‬ ‫وأصبح يتجاوز مستوى ‪ ٪ 110‬من النّاتج الداخيل اإلجمايل‪.‬‬
‫يبدو أن لهذه الثقة الزائدة عند بعض «املسؤولني» يف البنك‬ ‫سنة ‪ 2011‬اىل ‪ 35‬مليار دوالر سنة ‪ 2020‬واىل أقل من ذلك سنة‬ ‫• خدمة الدّين تجاوزت مستوى ‪ ٪ 20‬من املداخيل الجارية‬
‫املركزي ويف الحكومة لهذه عالقة بزيارة الوزير األول الجزائري‬ ‫‪.2021‬‬ ‫بينما كانت دون مستوى ‪ ٪ 9‬سنة ‪.2010‬‬
‫لتونس األسبوع الفارط والزيارة املنتظرة للرئيس الجزائري يف‬ ‫وبما أن معدّل كلفة الدين الخارجي يفوق ‪ ٪ 4‬سنويا فهذا‬ ‫• دين الدولة تضاعف أربع مرات منذ ‪ 2010‬وأصبح يتجاوز‬
‫األيام القليلة القادمة‪ .‬حتى وإن كان األمر كذلك فهذا يعني أن‬ ‫يعني أن تونس تحتاج اىل تحقيق نسب نمو سنوية ال تقل عن ‪6‬‬ ‫مستوى ‪ ٪ 100‬من الناتج الداخيل اإلجمايل‪.‬‬
‫تونس ال تزال يف الطريق الخاطئ اذ أنها تواصل ال ّلهث وراء املزيد‬ ‫اىل ‪ ٪ 7‬لتتمكن من تسديد فوائد الدين (‪)interêts de la dette‬‬ ‫يف ظل هذه املعطيات تمت مراجعة الرتقيم السيادي (أو‬
‫من القروض عوض الدخول بمسؤولية يف إصالح ما أفسد الذين‬ ‫ال غري‪.‬‬ ‫التصنيف االئتماني) لتونس من طرف وكاالت التصنيف‬
‫تداولوا عىل السلطة منذ ‪ 2011‬اىل اآلن‪.‬‬ ‫يف ظل هذه املعطيات هل أن الدين الخارجي التونيس ما زال‬ ‫(‪ )Moody’s et Fitch Rating‬تسع مرات اىل األدنى يف ظرف عرش‬
‫لن تذهب تونس اىل نادي باريس بمحض ارادتها ولكنها‬ ‫مستداما (‪)soutenable‬؟ أي هل أن تونس ال تزال فعال قادرة عىل‬ ‫سنوات اذ مرت تونس من ‪ +BBB‬مع توجه إيجابي يف ‪ 2010‬اىل‬
‫ستدعى اىل نادي باريس‪.‬‬ ‫تسديد دينها الخارجي دون تعثر؟ الجواب املنطقي هو ال والتعثّر‬ ‫‪ CCC‬مع توجه سلبي يف ‪.2021‬‬

‫التونسية لألوراق المالية ‪:‬‬


‫أداء متميز لـ ‪ STIP‬وأسبوع سيئ لـ ‪SERVICOM‬‬
‫منحى السوق ‪:‬‬
‫واصل سوق البورصة خالل األسبوع املمتد من ‪ 6‬إىل ‪ 10‬ديسمرب‬
‫الجاري انهياره مترضرا من حالة الركود السائدة واملنحى اليسء ألغلب‬
‫املؤرشات القطاعية‪ .‬وخرس املؤرش املرجعي "توننداكس" ‪ ٪ 0,7‬من‬
‫قيمته مرتاجعا اىل ما دون سقف ‪ 7000‬نقطة (عند ‪ 6972‬نقطة)‪.‬‬
‫وقبل أقل من شهر عىل نهاية السنة يتموقع املؤرش املرجعي بالكاد يف‬
‫املنطقة الخرضاء بـ ‪ ٪ 1,3 +‬حسب تحليل الوسيط ببورصة االوراق‬
‫املالية بتونس‪.‬‬
‫• تميز االسبوع املذكور بتباطؤ ملحوظ يف نسق املبادالت مقارنة‬
‫باألسبوع السابق جامعا ‪ 10,9‬ماليني دينار وذلك بسبب كساد املبادالت‬
‫بالكتل اذ شهد االسبوع صفقة واحدة بالكتل تعلقت بسهم التجاري‬
‫بنك وجذبت ‪ 2,5‬مليون دينار‪.‬‬
‫تحليل تطور األسهم‬
‫• عاد أفضل أداء خالل االسبوع املذكور لسهم الرشكة التونسية‬
‫‪ - 2‬توظيف ما مجموعه ‪ 22410‬حصة بما يقابل ‪ 112050‬سهما‬ ‫أخبار السوق‬ ‫لصناعات االطارت املطاطية ‪ STIP‬الذي حقق دون أن يكون محل‬
‫جديدا و‪ 515430‬سهما قديما تمثل ‪ ٪ 28,75‬من العرض العمومي‬ ‫• "سمارت تونس" ‪ SMART TUNISIE‬تدخل البورصة ‪:‬‬ ‫مبادالت قفزة بـ ‪ ٪ 13,1‬بقيمة ‪ 1,810‬دينار‪ .‬وسجل مصنّع االطارات‬
‫و‪ ٪ 8,68‬من رأسمال الرشكة بعد الرتفيع فيه‪ .‬ويتم منح هذه الحصص‬ ‫تم ادارج رشكة "سمارت تونس" الرائدة يف قطاع الذكاء‬ ‫املطاطية منذ بداية العام "غزوة" ضاعف بمقتضاها رسملته اىل ‪8‬‬
‫اىل مستثمرين يرغبون يف عمليات رشاء بما ال يق ّل عن ‪ 250614‬دينار‬ ‫االصطناعي بتونس يف السوق الرئيسية للتسعري بالبورصة عرب عملية‬ ‫ماليني دينار‪.‬‬
‫لدى الوسيط ببورصة االوراق املالية بتونس‪ .‬ويتم انجاز التوظيف‬ ‫مزدوجة اعتمدت تحويل مجموع اسهم بـ ‪ 48‬مليون دينار والرتفيع يف‬ ‫• أنهى سهم الرشكة التونسية للبنك ‪ STB‬بدوره االسبوع يف‬
‫املذكور بنفس رشوط العرض بالسعر الثابت‪.‬‬ ‫رأسمالها بـ ‪ 10‬ماليني دينار‪ .‬وبعد دخول الرشكة البورصة سيحتفظ‬ ‫وضعية مريحة محققا تقدما بـ ‪ ٪ 5,2‬يف حدود ‪ 2,630‬دينار جامعا‬
‫وبالتوازي مع هذا العرض ق ّرر املساهمون يف "سمارت تونس"‬ ‫الجمهور بـ ‪ ٪ 30,37‬من رأسمالها‪ .‬وتعاطيا مع العرض يكتتب‬ ‫‪ 358‬ألف دينار‪.‬‬
‫ّ‬
‫التخل عن جزء من أسهمهم لفائدة العاملني باملجمع‪ .‬ويتعلق التخيل‬ ‫املعنيون حرصيا يف مقادير من األسهم يتكون كل واحد منها من ‪5‬‬ ‫• سجلت رشكة "رسفيكوم" ‪ SERVICOM‬أسوأ أداء يف االسبوع‬
‫بـ ‪ ٪ 1,04‬من رأسمال الرشكة بعد ترفيع بـ ‪ 12,750‬يف كل سهم بما‬ ‫أسهم جديدة لالكتتاب بنقود عينية ومن ‪ 23‬سهما قديما يتم رشاؤها‪.‬‬ ‫وتراجع سهمها بـ ‪ ٪ 11,6‬يف حدود ‪ 1,750‬دينارا وسط مبادالت هزيلة‬
‫يمثل خصما بـ ‪ ٪ 50‬مقارنة بسعر االدارج بالبورصة‪.‬‬ ‫وتم دخول "سمارت تونس" اىل البورصة عرب ‪:‬‬ ‫بـ‪ 10‬آالف دينار‪ .‬وكان مجمع "رسفيكوم" قد أعلن خالل األسبوع‬
‫وسيتم افتتاح العرض بسعر ثابت للجمهور من ‪ 13‬اىل ‪ 22‬ديسمرب‬ ‫‪ - 1‬عرض بسعر ثابت يض ّم ‪ 56022‬نصيبا ممنوحا بما يوافق‬ ‫املذكور أنه خرس قضية الطعن التي رفعها عىل صندوق االستثمار‬
‫‪ .2021‬وسيتم قبول طلبات الرشاء يف اطار توظيفي جميل انطالقا من‬ ‫‪ 280110‬اسهم جديدة و‪ 1288506‬أسهم قديمة‪ .‬ويتم تثبيت الـ‬ ‫االمريكي ‪.GEM‬‬
‫يوم ‪ 13‬ديسمرب وبالنسبة للمستثمرين يف مثل هذا التوظيف يمكن غلق‬ ‫‪ 1568615‬سهما املمنوحة يف اطار العرض بسعر ثابت (والتي تمثل‬ ‫• تصدّر سهم التجاري بنك ‪ Attijari Bank‬حجم املبادالت وتمكن‬
‫االستثمار الجميل سلفا وبال سابق اعالم ويف موعد ال يتجاوز يوم ‪22‬‬ ‫‪ ٪ 71,43‬من العرض العمومي و‪ ٪ 21,69‬من رأس املال بعد الرتفيع‬ ‫سلبي (‪ 1,4٪ -‬عند ‪ 300‬دينار) من تغذية‬
‫ّ‬ ‫رغم انهاء االسبوع يف موقع‬
‫ديسمرب ‪ 2021‬مهما كانت الحالة‪.‬‬ ‫فيه) لدى بورصة القيم املنقولة يف تونس بسعر ‪ 25,500‬عن السهم‪.‬‬ ‫السوق بـ ‪ 2,7‬مليون دينار‪.‬‬
‫اشهار‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪12‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫سيدي الرئيس‪ :‬أقرب طريق إىل قلب املواطن «قفته»‪...‬‬


‫مبارك عزيزي‬
‫عقيد متقاعد من الجيش الوطني (مختص في استراتيجيات االمن والدفاع والعالقات الدولية)‬

‫كانت قبل الثورة تخاف من النظام القائم وتطبق برامج‬ ‫ووصويل يرغب يف تحقيق مصالحه عىل حساب مصلحة‬ ‫منذ ‪ 25‬جويلية واىل حد اليوم مرت اكثر من اربعة اشهر‬
‫الحكومة بحرفية عالية وهي تعترب ضحية سياسات‬ ‫الوطن‪ ،‬ومسؤول ثالث له رغبة يف االصالح لكنه خائف من‬ ‫حلم فيها الشعب التونيس بالتغيري والتخلص من آثار‬
‫الفساد ويمكن االستثمار فيها واعادتها اىل وضعها االصيل‬ ‫تغري موازين القوى‪.‬‬ ‫العرشية السوداء التي تسببت يف تدمري الوطن واملواطن‪.‬‬
‫بعد املحاسبة‪.‬‬ ‫‪ .1‬صنف المسؤول الموالي لدولة الفساد‬ ‫ورغم تفاعل الشعب ايجابيا مع قرارات الرئيس ودعمه‬
‫‪ .3‬صنف المسؤول المتخوف‬ ‫يمثل هذا الصنف النسبة الكبرية من املسؤولني الذين‬ ‫الكامل له فإن االمل يف التغيري بدأ مع مرور الوقت يتالىش‬
‫من اتخاذ القرار‬ ‫تم رشاء ذممهم سواء بالرتهيب او بالرتغيب وكذلك‬ ‫رغم ثقة املواطن يف صدقية ومصداقية الرئيس لتحقيق‬
‫يمثل هذا الصنف نسبة ال بأس بها من مسؤويل الدولة‪.‬‬ ‫الذين تم ضخهم بمفاصل الدولة الحساسة من طرف‬ ‫تطلعات الشعب‪ .‬فقد وجد املواطن نفسه يف وضعية تتسم‬
‫ولكنهم متخوفون من االنخراط يف برنامج الرئيس بسبب‬ ‫جهات سياسية فاسدة طاملا تشدقت بعدم تحملها اية‬ ‫بعدة تناقضات بني االمل واالحباط بني رئيس يملك الرشعية‬
‫غياب الضمانات القانونية التي تحميهم يف صورة عودة‬ ‫مسؤولية سيادية بالدولة طيلة عرش سنوات‪ .‬ويتمثل دور‬ ‫واملرشوعية يسعى اىل القضاء عىل الفساد وتغيري حال‬
‫منظومة الفساد‪ .‬وذلك بالقياس عىل الحاالت السابقة التى‬ ‫هؤالء املسؤولني يف اعاقة عمل الدولة عن طريق االحتماء‬ ‫املواطن ولوبيات تسعى اىل الحفاظ عىل وضعية التمعش‬
‫كشفت ملفات فساد لكنها جوبهت بالتتبعات القضائية‬ ‫بالقوانني والترشيعات التي تم سنها عىل قياس الفساد‪.‬‬ ‫التي حققتها بالتواطؤ مع مسؤويل العرشية السوداء والتي‬
‫واملضايقات والنقل التعسفية‪...‬‬ ‫فهم ظاهريا يطبقون القانون ولكنهم يف الواقع عىل اتصال‬ ‫بات نفوذها اقوى من السابق‪ .‬ولنئ اختار السيد الرئيس‬
‫لذلك اذا اراد الرئيس النجاح يف مسريته وكسب املواطن‬ ‫دائم بالجهات السياسية الفاسدة التي عينتهم وينسقون‬ ‫عىل ان يكون يف صف الشعب من خالل الرتكيز عىل التحكم‬
‫اىل جانبه ومحاربة الفساد‪ ،‬وجب عليه االستثمار يف‬ ‫معها سبل افشال مقررات الرئيس برسية تامة‪ .‬ويمكن‬ ‫يف اسعار املواد االساسية وتحقيق نوع من الرفاه للمواطن‬
‫هذا الصنف من مسؤويل الدولة وذلك بتوفري الضمانات‬ ‫مقاومة هذه "الخاليا النائمة" التي شعارها "أحب من‬ ‫كمرحلة اوىل وعاجلة من برنامجه االصالحي‪ ،‬ورغم صدق‬
‫القانونية لهم وترشيكهم يف الربامج املستقبلية للدولة‬ ‫أحب وكره من كره" باعتماد مقاربة تهدف اىل محارصتهم‬ ‫نواياه‪ ،‬فإنه اصطدم بعراقيل وعوائق نصبها له اعداء‬
‫وتشجيعهم ‪.‬الن هؤالء املسؤولني يمثلون الذراع القوي‬ ‫بقوانني جديدة تخدم الصالح العام وكذلك باملعلومة وتغيري‬ ‫الشعب من املنتسبني ملنظومة العرشية السوداء وكل من‬
‫الذي سيطبق قرارات رئيس الدولة عىل امليدان وبالتايل‬ ‫املواقع والخطط‪ .‬علما ان هدف الجهة التي عينتهم يف‬ ‫واالهم‪ .‬ويتجىل ذلك يف االساليب التي اعتمدها اعداؤه من‬
‫تحقيق تطلعات الشعب ‪.‬وبتفعيل هذه املقاربة االصالحية‬ ‫مواقعهم الحصول عىل املعلومة التي تمكن الفساد من‬ ‫خالل املضاربة والرتفيع يف اسعار مواد االستهالك التي‬
‫سيجد رئيس الدولة نفسه يف وضعية تتسم بالرشعية‬ ‫التمكن بالدولة واملواطن ومحاربة الوطنيني‪.‬‬ ‫سعى الرئيس اىل تخفيضها لفائدة املواطن‪.‬‬
‫واملرشوعية امللموسة وكذلك بالقوة التي سيستمدها من‬ ‫‪ .2‬صنف المسؤول االنتهازي والوصولي‬ ‫ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو‪ :‬ملاذا عجز الرئيس‬
‫الشعب والتي ستمكنه من محاربة الفساد بأريحية‪.‬‬ ‫اتسمت العرشية السوداء باملحسوبية واملحاباة وتدمري‬ ‫عن فرض ارادة الشعب رغم التعيينات التي طالت الحكومة‬
‫ان محاربة الفساد وتحقيق تطلعات الشعب يتطلبان‬ ‫الكفاءات الوطنية‪ .‬وقد أفرزت هذه الوضعية صنفا جديدا‬ ‫وبقية املسؤولني بالدولة ؟‬
‫اتباع مراحل ذات أولويات متتالية‪ .‬ومن أوكد االولويات‬ ‫من املسؤولني الذين آثروا مصلحتهم الخاصة عىل مصلحة‬ ‫يرتكز نجاح عمل مؤسسات الدولة يف تحقيق برامجها‬
‫التحكم يف االسعار‪ .‬لذلك فان أقرب طريق اىل االنتصار‬ ‫الوطن‪ .‬وانخرطت هذه الفئة يف منظومة الفساد بسهولة‬ ‫عىل منظومة تتكون من مسؤولني وطنيني من الهرم اىل‬
‫عىل منظومة الفساد هي" قفة " املواطن‪ .‬وعربها يمكن‬ ‫متمتعة بهامش الحرية والثغرات القانونية التي وضعت‬ ‫القاعدة وعىل جميع املستويات وطنيا وجهويا ومحليا‬
‫العبوراىل تفعيل بقية املراحل بدعم من الشعب الذي ال تقهر‬ ‫لخدمة الفساد وكذلك متأثرة بنظرائهم الذين تم تعيينهم‬ ‫تعمل بطريقة موحدة ومتناغمة‪ .‬وهنا يمكن القول بأن‬
‫إرادته‪ .‬وال بد من االشارة اىل اننا يف سباق مع الساعة او‬ ‫يف مفاصل الدولة ويف خطط ال تتناسب ومؤهالتهم العلمية‬ ‫الوضعية الحالية للدولة تتسم ببطء شديد يف تحقيق برامج‬
‫باألحرى مع الفساد الذي يراهن عىل ابقاء الوضع عىل ما‬ ‫واملهنية‪ .‬وهكذا تمرست هذه الفئة يف ضمان مصالحها‬ ‫الحكومة وتطلعات الشعب‪ .‬وهذا يعود اىل وجود معوقات‬
‫هو عليه او تأزيمه لتأليب الشعب عىل رئيس الدولة وبقية‬ ‫عىل حساب مصلحة الوطن وذلك بمسايرة سلطة االمر‬ ‫وحواجز مفتعلة بني املستوى االول للسلطة (الحكومة‬
‫الوطنيني أمال يف االنقضاض عىل السلطة عرب التآمر عىل‬ ‫الواقع‪.‬‬ ‫والوالة) وبني بقية املستويات بسبب مسؤويل " الدولة‬
‫الدولة داخليا وخارجيا من خالل املضاربة ورفع االسعار‬ ‫وبعد قرارات ‪ 25‬جويلية‪ ،‬باتت هذه الفئة خائفة عىل‬ ‫العميقة ما بعد الثورة" التي اسسها سياسيو العرشية‬
‫وبث االشاعات وذلك لدفع الشعب اىل التخيل عن الرئيس‬ ‫مصالحها لذلك راهنت عىل ربح الوقت ومسايرة اجراءات‬ ‫السوداء‪ .‬وتمثل املستويات االخرية الحلقة الهامة لتحقيق‬
‫ونرش الفوىض بالبالد باعتماد نفس املخططات الجهنمية‬ ‫الرئيس بسلبية مع عدم التصادم مع منظومة الفساد‬ ‫برامج وتوجهات املستوى االول عىل امليدان‪ .‬وقد افرزت‬
‫التي تم اعتمادها ضد الوطن والشعب يف اوائل تسعينات‬ ‫والحفاظ عىل "شعرة معاوية" معها عىل امل عودتها‬ ‫سياسات العرشية السوداء الفاشلة والخبيثة ثالث اصناف‬
‫القرن املايض ولكن بأساليب اشد فتكا من السابق‪.‬‬ ‫للسلطة ومواصلة مسرية التمعش ‪.‬علما ان هذه الفئة‬ ‫من مسؤويل الدولة التونسية وهي‪ :‬مسؤول بالدولة موال‬
‫ملنظومة الفساد ومتمعش منها‪ ،‬ومسؤول ثان انتهازي‬

‫مراسل قار بأوروبا ‪:‬‬ ‫مستشارو التحرير ‪:‬‬

‫جمال بن جميع‬ ‫المنصف السليطي ‪ -‬مسعود رمضاني ‪-‬‬


‫أنس الشابي ‪ -‬أسعد جمعة ‪ -‬كريم الميساوي ‪-‬‬
‫ّ‬
‫الفني ‪:‬‬ ‫المدير‬ ‫تصدر عن شركة «كوثر العالمية لالتصال»‬
‫السيدة السالمية ‪ -‬عامر الجريدي‬ ‫شركة محدودة المسؤولية‬
‫فيصل بن البشير‬
‫الشارع التلفزي واالذاعي‪:‬‬
‫المستشار الرقمي‪:‬‬
‫ّ‬
‫الفالح‬ ‫منير‬
‫بهاء الباهي‬ ‫المؤسسة والمديرة المسؤولة‬

‫مدقق لغوي‪:‬‬
‫رئيس قسم الرياضة ‪:‬‬ ‫كوثر زنطور‬
‫نور الدين حميدي‬ ‫العربي الوسالتي‬
‫االستشارات التاريخية ‪:‬‬ ‫مستشاران لدى إدارة التحرير برتبة رئيس تحرير ‪:‬‬
‫مكلفة بمهمة لدى إدارة التحرير‪:‬‬
‫د‪.‬محمد لطفي الشايبي‬ ‫معز زيّ ود ‪ -‬الحبيب القيزاني‬
‫هيفاء بن محمد‬
‫العنوان ‪:‬‬ ‫الريبورتاجات ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫كتاب افتتاحيات ‪:‬‬
‫محمد الجاللي‬
‫‪ 45‬شارع آالن سافاري ‪ 1002 -‬تونس‬ ‫الصادق بلعيد ‪ -‬حمادي بن جاءبالله ‪ -‬عز الدين سعيدان‬
‫التحرير ‪:‬‬
‫الفاكس ‪71 890 065 :‬‬ ‫الهاتف ‪36 063 034 :‬‬ ‫‪ -‬نائلة السليني ‪ -‬ألفة يوسف ‪ -‬خالد عبيد ‪-‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫عواطف البلدي ‪ -‬أنور الشعافي‪ -‬منى المساكني‬ ‫جمال الدين العويديدي ‪ -‬رافع الطبيب ‪-‬‬
‫‪contact@acharaa.com‬‬ ‫‪ -‬صالح بوزيان ‪ -‬أماني الخديمي ‪ -‬خالد النوري ‪-‬‬ ‫أحمد بن مصطفى ‪ -‬فوزي البدوي ‪ -‬نادر الحمامي ‪-‬‬
‫تميم أوالد سعد ‪ -‬كريمة السعداوي ‪-‬‬ ‫نهلة عنان ‪ -‬أنس الشابي ‪ -‬أيمن البوغانمي‬
‫المطبعة ‪BETA:‬‬
‫‪i@beta.com.tn‬‬ ‫نائلة الشقراوي ‪ -‬حازم الشيخاوي ‪ -‬يوسف مارس‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪13‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫بعد ‪ 2000‬سنة‪ ،‬هل يلقى حنبعل املجربي مصري حنبعل ُبرقة؟‬


‫العربي الوسالتي‬
‫بطولة كأس العرب املقامة حاليا بقطر مألت‬
‫إن ما يميّز‬‫الدنيا وشغلت الناس ويمكن القول ّ‬
‫هذا الحدث الريايض الهام هو أنه نجح عىل‬
‫عكس بقيّة القمم واملحافل العربية األخرى يف‬
‫توحيد الشعوب وتوجيهها نحو وجهة واحدة‬
‫وقبلة أوحد هي قطر رغم ما يحمل هذا االسم‬
‫من صداع وطنني يف رؤوس كثريين‪ .‬الجماهري‬
‫الرياضية يف تونس وبعد حالة من الجمود‬
‫والركود الريايض املفتعل بسبب غياب النقل‬
‫التلفزي للبطولة املحلية واحتجاب صورة‬
‫املنتخب يف املواعيد الرسمية وجدت ضالتها يف‬
‫بطولة تحرتم نفسها وجمهورها‪.‬‬
‫بطولة حافظت فيها األلوان الساحرة عىل‬
‫بريقها الطبيعي والحقيقي وكانت فيها املالعب‬
‫تحفة فنية بكل املقاييس‪ .‬يبقى الجدل املرافق‬
‫لك ّل « ّملة عربية» متعلقا هذه امل ّرة ببعض‬
‫التعاليق الصادرة من هذا الجانب وذاك والتي‬
‫كادت تتسبب أحيانا بعمد أو دونه يف إيقاظ فتنة‬
‫نائمة عىل تخوم الحدود العربية املتشابكة عىل‬
‫املضمون والوحيد لدخول مربّع األمان ولتس ّلق‬ ‫التفسري املنطقي والوحيد ربّما لهذا األمر هو‬ ‫لم تدحض الصور التلفزية املتداولة صحّ ة هذه‬ ‫غرار ما يحصل من تالسن بني املغرب والجزائر‬
‫س ّلم الرتقيات‪.‬‬ ‫أننا متفقون جميعا عىل أننا يف تونس تعوّدنا أن‬ ‫الرواية من عدمها‪ .‬فبعض اللقطات املجتمعة‬ ‫نجحت كرة القدم يف إخماده ويف إخماد رماد‬
‫ّ‬
‫«املرسمني» هم‬ ‫يف تونس ال يخفى عىل أحد ّ‬
‫أن‬ ‫نحارب الناجح حتى يفشل ونسند الفاشل حتى‬ ‫وكأن «ترويكا» املنتخب التي يقودها‬ ‫ّ‬ ‫تظهر‬ ‫حرب تفوح رائحتها منذ زمن طويل‪.‬‬
‫الوصفة الوحيدة للنجاح‪ ..‬وأن األقدمية الوظيفية‬ ‫يثبت‪ ..‬فنحن جميعا نقف عىل أرض خصبة‬ ‫املساكني تعمدت تجاهل املجربي‪ .‬الصور ذاتها‬ ‫حتى محليا خ ّلفت املشاركة التونسية يف‬
‫هي حجر األساس لتحقيق النماء وضمان‬ ‫تنبت فيها مثل هذه التقاليد والثقافات وتطرح‬ ‫تظهر كذلك أن املجربي نفسه بالغ وأطنب يف‬ ‫البطولة الكثري من الجدل‪ .‬البداية كانت بالغوص‬
‫االستمرارية‪ .‬هذه الصورة التونسية األًصيلة ال‬ ‫مثل هذه القناعات واألفكار البالية‪ .‬عىل هذه‬ ‫طلب الكرة بل األكثر من ذلك أنه احتج يف أكثر‬ ‫فنيا يف مستوى املنتخب‪ .‬فتس ّلح البعض بسهام‬
‫تجدها فقط يف اإلدارة بل يف ك ّل مؤسسة ويف ك ّل‬ ‫خدع القائد الشهري حنبعل عندما‬ ‫األرض الخالدة ُ‬ ‫من مناسبة عىل عدم استالمها والم زمالءه عىل‬ ‫النقد لجلد أفكار الناخب الوطني املنذر ّ‬
‫كبي يف‬
‫بيئة اقتصادية فيها العامل والصانع والعرف‬ ‫رفض نبالء وشيوخ قرطاج مدّه بالعون والعتاد‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫حني تلذذ البعض اآلخر بتعداد ضيوف ومرافقي‬
‫ّ‬
‫املتمسك بالنواميس‬ ‫واملوظف واملدير‪ .‬فتجد فيهم‬ ‫ملواصلة زحفه عىل روما خشية أن يعود لهم وهو‬ ‫أن ما حدث‬ ‫من وجهة نظر شخصية ال أعتقد ّ‬ ‫الوفد الجامعي الذين نالوا نصيبهم من «القافلة‬
‫واألعراف وبسنن األولني فيكون متوجسا محتاطا‬ ‫مظفر فخرس الحرب وخرست معه قرطاج‬ ‫ّ‬ ‫بطل‬ ‫يرتقي اىل مستوى الجريمة املتعمدة‪ .‬وأنا متفق‬ ‫الخريية» القطرية تكريما ملجهوداتهم الجبارة يف‬
‫من رياح التغيري يخىش عىل نفسه وعىل كرسيه‬ ‫كل ما بنت‪.‬‬ ‫إن املجربي بحيويته‬ ‫تماما مع الطرح الذي يقول ّ‬ ‫صناعة «الفرينة املحلية»‪ .‬أمّ ا العامة من جمهور‬
‫من اإلقاالت ومن االنقالبات فيفنى يف مكتبه اىل‬ ‫نعم قبل ألفي عام من هذا التاريخ الذي‬ ‫ونشاطه وتوهجه املفرط قياسا بحركية زمالئه‬ ‫املنتخب فقد أقاموا مأتما وعويال عىل ما تع ّرض‬
‫أن ينال تقاعده وهؤالء لألسف كثر يف املنتخب‪.‬‬ ‫نقف عليه اليوم واجه حنبعل أعداءه بتكتيك‬ ‫صنع هذا املشكل من العدم‪ .‬والحقيقة يبدو أنّنا‬ ‫له نجم املنتخب التونيس وقائده الجديد حنبعل‬
‫هناك أيضا من يحاربك ألنه يخىش نجاحك فهو‬ ‫األبطال األشاوس لكن فاته أن الطعنة ستأتيه‬ ‫يف تونس لم نتعوّد بعد عىل العب يجوب امللعب‬ ‫املجربي يف مباراة تونس وعمان لحساب ربع‬
‫يرى يف فشلك نجاحا له‪ .‬وهناك من يخاف عىل‬ ‫من الخلف من أهله وذوييه واليوم وبعد هذا‬ ‫طوال وعرضا بهذا املستوى وبهذا النشاط املفرط‬ ‫نهائي البطولة‪.‬‬
‫الزمن الطويل نخىش عىل القائد الجديد حنبعل‬ ‫الذي تسبب لخلل فينا يف أزمة داخل املنتخب‪.‬‬ ‫رشارة الحكاية والتي لم تعد تخفى عىل‬
‫مقعده املتح ّرك فريفض الدخول يف لعبة املنافسة‬
‫املجربي أن يلقى نفس املصري‪.‬‬ ‫وحتى بعض الالعبني يف املنتخب لم يتعودوا عىل‬ ‫طن البعض أو زعموا ّ‬
‫أن‬ ‫أحد انطلقت عندما تف ّ‬
‫ويختار الدخول تحت وصاية املنظومة وهؤالء‬
‫درس حنبعل ذلك القائد األسطوري العظيم‬ ‫طلب الكرة املتك ّرر بهذا الشكل كما أن بعضهم‬ ‫«تنسيقية قدماء» املنتخب يف التشكيلة األساسية‬
‫أخطر من النوع األوّل ألنهم أكثر عددا‪ .‬وهناك‬
‫سيبقى محفورا يف البال ألجيال وأجيال‪ .‬وهذا‬ ‫تعوّد التواكل والتعويل فقط عىل فورمة «النمس»‬ ‫للمنتخب والتي يش ّكل نواتها األساسية القائد‬
‫كذلك من يحتمي بـ»العرف الكبري» فيكون‬ ‫ّ‬
‫يفس ربّما سخط الجماهري عىل‬ ‫الدرس هو ما ّ‬ ‫يتكفل يف بعض املباريات بحسم األمور‬ ‫الذي كان‬ ‫القديم يوسف املساكني ويساعده يف ذلك بعض‬
‫وجوده رضوريا إلرضاء املدير ‪.‬هذا النوع عىل‬ ‫منظومة يوسف املساكني ومن معه ليس كرها‬ ‫لصالحنا خاصة إذا كان يف قمة مستواه‪ .‬معنى‬ ‫قدماء املنتخب عىل رأسهم الفرجاني سايس‬
‫ق ّلة عدده صوته مسموع ألن تأثريه كبري‪ .‬أمّ ا‬ ‫يف املساكني ولكن سخطا عىل كل منظومات‬ ‫أن الالعبني املتهمني بريئون مما نسب إليهم‬‫ذلك ّ‬ ‫املتهم الرئييس بمحاولة االطاحة بالزعيم الجديد‬
‫البقيّة فهم األغلبية الصامتة التي ال حول لها وال‬ ‫«التكركري والتكمبني واملسمار يف حيط» التي‬ ‫فالغافل عن الذنب ال حرج عليه ومن شبّ عىل‬ ‫تعمدت عدم تمرير الكرة لحنبعل يف محاولة‬
‫قوّة فإن ساندوك فلن ينفعوك وإن صمتوا عن‬ ‫ترتع يف البالد‪ .‬هذه املنظومات التي فتكت بجسد‬ ‫يشء شاب عليه واملجربي هو اآلخر بريء ممّ ا‬ ‫مفضوحة منها للح ّد من توهجه وإشعاعه‪.‬‬
‫حقك ونرصتك فلن يرضّ وك وهؤالء عىل ما يبدو‬ ‫ّ‬
‫البالد والعباد وبنت للفساد جدران عالية يحتمي‬ ‫زعم البعض فهو قادم من وراء البحار وال يعرف‬ ‫والرواية إحقاقا للحق وجدت آذانا صاغية وهناك‬
‫هم األًصدقاء الحقيقيون لحنبعل داخل املنتخب‪.‬‬ ‫بداخلها «السكان األصليون» لإلدارة واملؤسسات‬ ‫جيّدا نواميس الدار‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مشقة التثبّت‬ ‫من ردّدها دون حتى تكليف نفسه‬
‫العاقل من اتعظ بغريه ولم يتع ّلم من دروس‬ ‫التونسية وبداخل كل املرافق العمومية التي تسري‬ ‫يبقى السؤال اآلن ملاذا انترشت هذه الرواية‬ ‫بأن املساكني والفرجاني أهل لذلك‪.‬‬‫إيمانا منه ّ‬
‫إن‬‫املايض لن يستوعب درس الحارض لذلك ّ‬ ‫بقانون تونيس رصف‪ .‬قانون يحتكم يف باطنه‬ ‫امللغومة يف صفوف الجماهري التونسية وانترشت‬ ‫حكاية تهميش حنبعل املجربي تكاد تكون‬
‫نرصة «حنبعل الصغري» واجب حتى ال يلقى‬ ‫اىل فرمان واحد يقوم عىل الوالء واالنتماء أكثر‬ ‫كانتشار النار يف الهشيم ويبقى هذا التساؤل‬ ‫العنوان األبرز ملباراة تونس وعمان‪ .‬وحتى‬
‫نفس مصري القائد الكبري‪ .‬فطباع أهل قرطاج لم‬ ‫من اعتماده عىل الكفاءة واألداء‪ .‬هذا القانون‬ ‫أن البعض استمات يف الدفاع‬ ‫مرشوعا جدّا خاصة ّ‬ ‫املتابعة االعالمية داخليا وخارجيا استأثرت يف‬
‫حقا هو مصلحة األفراد‬ ‫تتغي وما يشغلهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولن‬ ‫هو نفسه الدستور الداخيل لإلدارة التونسية‬ ‫عنها رغم تكذيب املجربي وبقيّة الالعبني للواقعة‬ ‫جانب كبري منها بهذا الحدث غري الريايض الذي‬
‫أكثر من مصلحة البالد‪ .‬وألننا نحب هذه البالد‬ ‫أو لنقل جزء منها حتى ال نتهم بالتعميم وهو‬ ‫من خالل بعض الصور التي تكشف عن نقاوة‬ ‫طغى عىل املشهد وحجب يف جانب كبري منه إنجاز‬
‫فلن ندع حنبعل يُغدر م ّرة أخرى‪.‬‬ ‫نفسه أيضا طريق النجاح واملصعد االجتماعي‬ ‫األجواء وايجابيتها يف قطر؟‬ ‫املنتخب يف الوصول اىل املربّع الذهبي‪ .‬من جانبها‬

‫موقع الشارع املغاريب‬


‫‪www.acharaa.com‬‬
‫أخبار صحيحة ودقيقة وآنية‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪14‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫اتصاالت تونس تواصل التعاقد‬


‫مع رشكات تتالعب بمعطيات التونسيني‬
‫● آالف خطوط الهاتف مشغلة بطرق غير قانونية‬
‫● شركات تستغل رموزا على ملك موظفين بالمشغل الوطني للتدليس‬
‫● حرفاء يشتكون من انتحال صفاتهم لتسويق خطوط هاتفية‬
‫تحقيق‪ :‬محمد الجاللي‬
‫تدليس بال محاسبة‬ ‫تستهدف املعطيات الشخصية لإليهام ببيع خطوط هاتفية‪ ،‬وفق‬ ‫تستغل عديد الرشكات الخاصة تقصري مؤسسة "اتصاالت‬
‫حصل "الشارع املغاربي" من مصدر باتصاالت تونس عىل‬ ‫وثائق نفذ اليها التحقيق‪.‬‬ ‫تونس" القرتاف جرائم يف حق الحرفاء ويف حق املشغل الوطني‬
‫مراسلة رسمية موجهة من املدير الجهوي لالتصاالت بسليانة‬ ‫ّ‬
‫وتؤكد الوثائق ان الرشكة الخاصة شغلت خطني باسم ادريس‬ ‫عىل حد السواء‪.‬‬
‫اىل اإلدارة العامة للمشغل الوطني يؤكد فيها أن رشكة تنشيط‬ ‫يف ‪ 5‬ديسمرب ‪ 2019‬مع إضافة صفر اىل رقم بطاقة تعريفه‬ ‫هذه الرشكات املختصة يف بيع خطوط الهاتف وبطاقات‬
‫متعاقدة مع "تلكوم" عمدت يف ماي ‪ 2016‬اىل تشغيل خطوط‬ ‫وتسجيلها كبطاقة إقامة وان نفس الرشكة استغلت رمز تشغيل‬ ‫الشحن أو يف عمليات تنشيط ميداني للرتويج لخدمات املؤسسة‬
‫هاتفية مستغلة أرقام بطاقات تعريف حرفاء دون علمهم لإليهام‬ ‫عىل ذمة مديرة (رئيسة فضاء) لتشغيل الخطني رغم ان اإلجراءات‬ ‫الوطنية ما فتئت تتالعب باملعطيات الشخصية للحرفاء وتتعمد‬
‫ببيع خطوط والحصول عىل أموال غري مستحقة‪.‬‬ ‫الداخلية لـ "تلكوم" تمنع حصول أصحاب الخطط الوظيفية عىل‬ ‫االيهام ببيع االف خطوط الهاتف وتستويل عىل مقدرات "تلكوم"‬
‫وسبق لكاتب التحقيق ان اتصل يف شهر نوفمرب من سنة ‪2020‬‬ ‫رموز تشغيل حتى يتفرغوا ملراقبة عمليات البيع ويتفادوا الوقوع‬ ‫يف ظل تواطؤ من مسؤولني مركزيني وجهويني‪.‬‬
‫باملدير الجهوي السابق بسليانة بشري السعيدي الستفساره عن‬ ‫يف وضعيات تضارب للمصالح‪.‬‬ ‫االف الخطوط المدلّسة‬
‫اإلجراءات القانونية التي اتخذتها ادارته يف شأن الرشكة املتحيلة‬ ‫وكان فاضل كريّم الوزير األسبق لتكنولوجيات االتصال‬ ‫تؤكد مصادر باتصاالت تونس ان املشغل الوطني رفع مؤخرا‬
‫لكنه رفض التطرق للموضوع مكتفيا بالقول‪ " :‬لقد مرت أريع‬ ‫والرئيس املدير العام األسبق التصاالت تونس قد رصح لكاتب‬ ‫شكاية جزائية عىل رشكة ‪ Pro d’un jour‬املتعاقدة معها للقيام‬
‫سنوات عىل هذا املوضوع وال أعلم شيئا عن التجاوزات التي‬ ‫التحقيق ان ادارته مكنت عددا من اصحب الخطط الوظيفية وكل‬ ‫بعمليات تنشيط وترويج ملنتجاتها مع مقاضاة ‪ 31‬موظفا بـ‬
‫تتحدث عنها‪".‬‬ ‫من يمكنه املساهمة يف البيع امليداني من رموز تشغيل للرتفيع يف‬ ‫"تلكوم" بنزرت وذلك بعد سنتني من مواجهة كاتب التحقيق‬
‫باملشغل الوطني اىل مواصلة نفس الرشكة‬‫ّ‬ ‫وتشري مصادر‬ ‫مبيعات الخطوط‪.‬‬ ‫إلدارة الرشكة بجرائم مقرتفة يف عمليات البيع امليداني يف نفس‬
‫التعاقد مع اتصاالت تونس وانتقالها اىل واليات أخرى بدعوى‬ ‫وتكشف وثائق أخرى نفذ اليها "الشارع املغاربي" ان رشكة‬ ‫الوالية‪.‬‬
‫القيام بالتنشيط والرتويج لخدمات "تلكوم" رغم ما تم توثيقه‬ ‫خاصة شغلت يف ‪ 28‬جانفي ‪ 2021‬خطني بنفس بطاقة تعريف‬ ‫وتشري نفس املصادر اىل ان الرشكة الخاصة لم تلتزم بدورها‬
‫من تجاوزات مقرتفة من قبل أعوانها يف ‪.2016‬‬ ‫حريفة تدعى هندة وانها سجلت الخط األول باسم الحريفة وانها‬ ‫وأنها كانت تعمد اىل بيع الخطوط الهاتفية وتشغيلها بعد الحصول‬
‫تحيّل في مطار تونس قرطاج‬ ‫سجلت بعد دقيقة فقط الخط الثاني باسم "‪"CC‬مع تدوين نفس‬ ‫عىل رموز تشغيل يفرتض اتاحتها فقط ألعوان اتصاالت تونس‪.‬‬
‫يشري تقرير بحث منجز من قبل إدارة التفقد بـ "تلكوم" يف‬ ‫عنوان الحريفة يف العقدين‪.‬‬ ‫ّ‬
‫باملشغل الوطني عىل‬ ‫وحصل "الشارع املغاربي" من مصادر‬
‫‪ 2015‬اىل توصل إدارة املؤسسة بشكاية من حريف يدعى هيثم‬ ‫وكانت الصحيفة قد تط ّرقت يف مقال سابق بعنوان "شبكات‬ ‫قائمة بآالف الخطوط املشغلة بطرق غري قانونية يف نفس الوالية‪.‬‬
‫طالبا كشف هوية املوظف الذي استغل بطاقة تعريفه ثم انتحل‬ ‫النهب والتدليس وإدارة اتصاالت تونس تتسرت" اىل ضلوع رشكات‬ ‫فضل عدم ذكر اسمه انه يصعب‬ ‫ويؤكد موظف بـ "تلكوم" ّ‬
‫صفته الستخراج خط هاتفي ثم االمضاء بدال عنه بما تسبب له‬ ‫خاصة يف واليات املنستري والقرصين واريانة يف تدليس معطيات‬ ‫حرص العدد الحقيقي للخطوط الوهمية ولعميات التدليس وان‬
‫يف أرضار رغم وجوده يف نفس فرتة تشغيل الخط خارج تونس‪.‬‬ ‫شخصية لحرفاء وااليهام ببيع خطوط هاتفية والقيام بعمليات‬ ‫لجوء بعض الرشكات الخاصة اىل حيل مختلفة ومتنوعة يف التدليس‬
‫وخلص البحث اىل أن رشكة خاصة تستغل نقطة بيع تابعة‬ ‫تشغيل مكثفة ويف اوقات قياسية وتشغيل خطوط يف ساعات‬ ‫تسبب يف استحالة معرفة العدد الصحيح للخطوط الوهمية‪ ،‬وان‬
‫التصاالت تونس بمطار تونس‪-‬قرطاج شغلت خطا هاتفيا باسم‬ ‫متأخرة من الليل خالل حظر الجوالن سنة ‪ ،2020‬وذلك باالعتماد‬ ‫ّ‬
‫املشغل الوطني‪.‬‬ ‫ذلك يحدث بالتواطؤ مع بعض العاملني لدى‬
‫هيثم يف ‪ 23‬نوفمرب ‪ 2012‬واىل أنها غريت نوعية الخط من مسبق‬ ‫عىل رموز تشغيل يفرتض عدم اتاحتها لغري أعوان البيع امليداني‪.‬‬ ‫ادريس كان أحد الحرفاء املترضرين من عمليات التدليس التي‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪15‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫الخطوط املشغلة تنتمي اىل والية باجة وأن ‪ 30‬باملائة منها تنتمي‬ ‫دون علمهم لتسويق هواتف جوالة‪.‬‬ ‫الدفع اىل خط مفوتر بعد يوم فقط من التشغيل‪.‬‬
‫اىل والية نابل وأن ‪ 34‬باملائة منها تابعة لواليات تونس الكربى‪.‬‬ ‫ووثّق التقرير اعتماد الرشكة الخاصة ‪ MIB‬عىل وثائق مزورة‬ ‫وأكد التقرير ان االمضاء املدون بعقد االشرتاك غري مطابق‬
‫ورجّ ح املراقبون استغالل الرشكة الخاصة بطاقات الحرفاء‬ ‫لشهائد عمل أو شهائد خالص لتسويق عروض تجارية‪.‬‬ ‫إلمضاء هيثم يف شكايته التصاالت تونس ولوكيل الجمهورية‪.‬‬
‫وانتحال صفاتهم يف امضاء العقود لتشغيل خطوط مفوترة دون‬ ‫يف هذا االطار زار املتفقدون مقر احدى الرشكات املذكورة يف‬ ‫وأشار نفس التقرير اىل ان الديون املتخلدة بالخط ا ُملدلس‬
‫علمهم‪.‬‬ ‫شهادات عمل فتبني لهم عدم وجودها بالعنوان املسجل‪.‬‬ ‫بلغت ألفي دينار بعد استغالله طيلة شهرين فقط وقبل قطعه يف‬
‫وشدد التقرير عىل أن ديون الخطوط املفوترة التي تم تشغيلها‬ ‫ولنئ اقرتح فريق التفقد اتخاذ اإلجراءات القانونية الرضورية‬ ‫‪ 4‬فيفري ‪.2013‬‬
‫بلغت قرابة ‪ 26‬ألف دينار وعىل أن الرشكة الخاصة لم تعمل عىل‬ ‫يف حق الضالعني يف التدليس والتحيل واهدار أموال املؤسسة‬ ‫ويالحظ التقرير من خالل دراسة ملفات االشرتاك املتعلقة‬
‫قطع أي خط رغم تجاوز بعضها ‪ 12‬فاتورة‪.‬‬ ‫الوطنية مع دعوة إدارة الشؤون القانونية للنظر يف إمكانية الغاء‬ ‫بالخطوط املفوترة املشغلة من قبل رشكة ‪ MIB‬بمطار تونس‬
‫وخالل تحريها يف ملف نقطة بيع الرشكة الخاصة بباجة‬ ‫العقود مع الرشكات الخاصة املستهرتة بمصالح "تلكوم"‪ ،‬فان‬ ‫قرطاج يف سنتي ‪ 2012‬و‪ 2013‬انه تم قطع أو الغاء أغلب‬
‫اكتشفت تفقدية االتصاالت ان إدارة اتصاالت تونس لم تمض عىل‬ ‫مصادر باملشغل الوطني تؤكد تواصل تعاقده مع نفس الرشكات‬ ‫الخطوط وأن الديون غري املستخلصة لهذه الخطوط بلغت أكثر‬
‫العقد الذي يربطها بنقطة البيع‪.‬‬ ‫عىل مدى سنوات‪.‬‬ ‫من ‪ 93‬ألف دينار وأن الرشكة كانت تتعمد عدم قطع خطوط‬
‫زياد التلمساني على الخط‪..‬‬ ‫جرائم شركة الصفاء‬ ‫أخرى رغم تجاوز الديون املتخ ّلدة بذمتها االف الدنانري‪.‬‬
‫ورغم التجاوزات التي تم اقرتافها من قبل الرشكة اكتفى فريق‬ ‫يف ‪ 30‬ديسمرب ‪ 2014‬ق ّرر صالح الجراية الرئيس املدير‬ ‫وذكر التقرير ان الرشكة الخاصة كانت تُشغل الخطوط املباعة‬
‫ّ‬
‫التفقد بالنظر يف إمكانية إلغاء التعاقد مع فرع الرشكة الخاصة‬ ‫العام األسبق التصاالت تونس إيقاف التعامل مع الرشكة الخاصة‬ ‫باملطار باالعتماد عىل كلمات عبور خاصة بنقاط بيع أخرى تابعة‬
‫بباجة دون غريه من بقية الفروع‪ .‬كما طالب بإحالة امللف عىل‬ ‫"صفاء للتوزيع" مع توجيه رسالة اعتذار اىل حريفة تدعى يرسى‬ ‫لها يف القريوان واملرىس والبحرية وشارع لندرة والحبيب ثامر‬
‫إدارة الشؤون القانونية ملطالبتها بالتعويض التصاالت تونس‪.‬‬ ‫بعد تالعب الرشكة بمعطياتها الشخصية واستخراج خط باسمها‬ ‫بالعاصمة‪.‬‬
‫ويبدو أن اإلدارة العامة حينها لم تول هذا امللف األهمية الالزمة‬ ‫دون علمها‪ ،‬وفق تأكيد تقرير منجز من قبل تفقدية االتصاالت يف‬ ‫تحيّل عابر للمدن‪..‬‬
‫واكتفت برفع قضية جزائية دون إيقاف التعاقد مع الرشكة‪.‬‬ ‫نفس السنة‪.‬‬ ‫وقف املتفقدون عىل وجود اخالالت أخرى يف عمل الرشكة‬
‫وللحصول عىل مزيد التفاصيل حول هذا امللف راسلنا اإلدارة‬ ‫وبعد مرور سنوات عىل هذا التقرير بقي قرار الرئيس املدير‬ ‫الخاصة عىل غرار غياب عقود بيع ممضاة من قبل الحرفاء وعدم‬
‫العامة التصاالت تونس الستفسارها عن مختلف اإلجراءات اإلدارية‬ ‫العام حربا عىل ورق يف ظل تأكيد مصادر بـ "تلكوم" استمرار‬ ‫تطابق بيانات ملف االشرتاط مع البيانات املدرجة يف املنظومة‬
‫والقانونية التي اتخذتها ضد الضالعني يف املس من صورة املؤسسة‬ ‫التعاقد مع الرشكة الخاصة‪.‬‬ ‫االلكرتونية واستغالل نفس بطاقة تعريف احد الحرفاء لتسويق‬
‫الوطنية ويف التالعب بمعطيات الحرفاء ففضلت عدم اإلجابة رغم‬ ‫ويشري تقرير لتفقدية االتصاالت منجز يف ‪ 30‬جانفي ‪2015‬‬ ‫أكثر من عرض تجاري قصد الحصول عىل هواتف باهظة الثمن‬
‫مرور أكثر من ست شهور‪.‬‬ ‫اىل ان يرسى اقتنت يف ‪ 14‬ديسمرب ‪ 2012‬مفتاحا من الجيل الثالث‬ ‫مثل هواتف "ايفون" أو "سامسونغ"‪.‬‬
‫كما اتصلنا بالالعب الدويل زياد التلمساني املمثل القانوني‬ ‫‪ Clé 3 G‬من وكالة تجارية التصاالت تونس يف الوردية وان نقطة‬ ‫كما وثّق املتفقدون لجوء الرشكة الخاصة اىل عمليات تحيل‬
‫األسبق للرشكة فكانت إجابته‪" :‬عفوا لم تعد يل أية عالقة بهذه‬ ‫شغلت خطا مفوترا باسم‬ ‫بيع تابعة لرشكة الصفاء للتوزيع بباجة ّ‬ ‫لتسويق عروض تجارية مصحوبة بهواتف جوالة‪.‬‬
‫الرشكة بما أني بعت حصتي فيها ولم أعد مديرا لها"‪.‬وبتثبتنا يف‬ ‫نفس الحريفة بعد سنة فقط‪.‬‬ ‫ويف هذا السياق أشار التقرير اىل ان الرشكة كانت تُشغل‬
‫املنشورات القانونية للرائد الرسمي تبني أن إدارة الرشكة انتقلت‬ ‫ويؤكد نفس التقرير ان امضاء يرسى ال يتطابق مع االمضاء‬ ‫خطوطا هاتفية يف والية وتسوق عروضها التجارية بنفس الخطوط‬
‫من ذمة الالعب الدويل إىل رشيك آخر ثم إىل زوجته يف ‪ 2017‬وأنها‬ ‫املدون عىل عقد اقتناء الخط املفوتر وان الحريفة اضاعت بطاقة‬ ‫شغلت نقطة‬‫يف والية أخرى مثلما حصل يوم ‪ 8‬ماي ‪ 2012‬عندما ّ‬
‫ال تزال منضوية يف مجمع للرشكات عىل ذمة الالعب السابق‪.‬‬ ‫تعريفها بعد اقتناء مفتاح الجيل الثالث مبارشة‪.‬‬ ‫بيع تابعة لها ببوسالم خطا هاتفيا بالتزامن مع تسويق عرض‬
‫هكذا يتسبب تقصري إدارة "اتصاالت تونس" يف التصدي‬ ‫ويُلفت التقرير اىل ان فريقا رقابيا تحول اىل نقطة بيع الرشكة‬ ‫تجاري لنفس الخط بنقطة بيع بمطار تونس قرطاج‪.‬‬
‫إلجرام منظم تقرتفه بعض رشكات خاصة بتواطؤ من بعض‬ ‫الخاصة بباجة وأنه ثبت لديه ان الرشكة تعمد اىل تشغيل خطوط‬ ‫وبي ان هذا التشغيل كان يهدف اىل تمتيع البعض بهواتف‬ ‫ّ‬
‫موظفيها يف التالعب بمعطيات حرفائها الشخصية ويف اهدار‬ ‫هاتفية جوالة باالعتماد عىل رموز تشغيل عىل ذمة اعوان لها‬ ‫جوالة دون وجه حق وأنه سبق لصاحبة الخط املشغل ببوسالم ان‬
‫أموالها نظري خطوط وهمية وغري مجدية أو عروض تجارية تذهب‬ ‫بنقاط بيع تقع يف كل من تونس وبنزرت وباجة ومنوبة يف نفس‬ ‫حصلت عىل ستة خطوط مفوترة مصحوبة بهواتف جوالة يف نفس‬
‫اغلب مداخيلها اىل جيوب عصابات مختصة يف التدليس وافتعال‬ ‫الوقت وان اعوانها يستغلون بطاقات تعريف الحرفاء اكثر من‬ ‫شهر ماي ومن نقاط بيع يف البحرية واملرىس واملنزه والتضامن‪.‬‬
‫الوثائق والغريب ان املؤسسة الوطنية تواصل التعامل مع نفس‬ ‫مرة مع ملء وختم عقود االشرتاك عوضا عنهم‪.‬‬ ‫واكد تقرير التفقد ان نقاط بيع الخطوط تتبع رشكتي ‪ MIB‬و‬
‫الرشكات وترفض وضع حد لإلفالت من املحاسبة‪.‬‬ ‫واتضح للمراقبني ان ‪ 6‬باملائة فقط من عناوين أصحاب‬ ‫‪ CELLCOM‬وأنها كانت تستغل بطاقات تعريف بعض الحرفاء‬

‫من تاريخ تونس الحديثة‬

‫بورقيبة يف زيارة رسمية للمملكة املغربية الشقيقة‬


‫رفقة امللك الحسن الثاني رحمه الله‪ .‬بورقيبة نجح‬
‫يف سلك سياسة الحياد االيجابي تجاه الشقيقتني‬
‫الجزائر واملغرب مما سمح له بأن يكون األخ الناصح‬
‫النصوح الذي ال يريد إال خري الشقيقتني وخري املنطقة‬
‫كك ّل‪ .‬مع األسف ف ّرطت تونس مع الرئيس الحايل يف‬
‫هذا الدور االيجابي والحيوي ربما الستقرار الفضاء‬
‫املغاربي بعد اصطفافه الالمرشوط خلف السلط‬
‫الجزائرية الحالية‪...‬‬
‫وعلم "الشارع املغاربي" أن الدوائر السياسية‬
‫املغربية العليا امتعضت شديد االمتعاظ من هذا‬
‫االصطفاف الذي يقطع مع تقاليد الديبلوماسية‬
‫التونسية القائمة عىل االمتثال للرشعية الدولية وعىل‬
‫قدسية حسن الجوار مع الشعبني الجزائري واملغربي‬
‫عىل ح ّد السواء‪.‬‬
‫مع االمتعاض ال تزال السلطات املغربية مقتنعة‬
‫بأن هذا االصطفاف االحادي اىل الجانب الجزائري لن‬
‫يطول وسيُقوّم مع عودة تونس اىل أصولها وتقاليدها‬
‫التي أكسبتها اشعاعها واحرتام الجميع‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪16‬‬ ‫قالوا‬
‫الشارع السياسي‬

‫قيس سعيد‬
‫املشكل يف تونس اليوم دستوري‬
‫ّ‬
‫السوق السياسي‬
‫نتيجة دستور سنة ‪ 2014‬الذي ثبت أنه‬
‫السوق السياسي إضافة تسعى «الشارع المغاربي» من خاللها إلى الخوض في الصور التي تُخامر أذهان‬
‫لم يعد صالحا وال يمكن أن يتواصل العمل‬
‫به باعتبار انه ال مرشوعية له ‪ ...‬من يحرتم‬ ‫التونسيين بشأن سياسييهم وشخصيّاتهم العامّ ة‪ ،‬بهدف متابعة مدى تطوّر أدائهم الملتصق أساسا‬
‫سيادة الشعب ال يستعني بأطراف أجنبية‬ ‫أي توصيف‬ ‫باللحظة الراهنة‪ .‬فليس المغزى من السوق السياسي القيام بتقييم صارم‪ ،‬فالذاتية ركن ركين في ّ‬
‫لالستقواء بها واملستقبل يحدده الشعب‪  ‬وبناء املستقبل ال‬ ‫المتوسط أو حتّى الحسن‪ ...‬دمتم‬
‫ّ‬ ‫ألداء الغير‪ .‬وقد يرقى من رأيناه هنا واآلن حبيسا في مرتبة الرديء إلى عتبة‬
‫يكون عرب الشتم والتطاول عىل مؤسسات الدولة واالفرتاء‬ ‫أهال وسهال في سوقنا‪...‬‬
‫✔ الفاهم بن يفهم‬
‫‪ ...‬الطريق صارت واضحة وهي العودة إىل الشعب بطريقة‬
‫جديدة ومختلفة تماما‪  ‬وال ب ّد من ح ّل قانوني يستند إىل إرادة‬
‫الشعب وسيادته‪ ‬‬ ‫رديء‬ ‫حسن‬
‫‪ ‬نجالء بودن‬
‫الحكومة سارعت يف اعداد مرشوع‬ ‫راشد الغنوشي‬ ‫المبلغون عن الفساد‬
‫اتفاق مع صندوق النقد الدويل حول‬ ‫من أكثر ّ‬
‫السياسيّة إثارة للجدل فضال‬ ‫الشخصيّات ّ‬ ‫املبلغون عن الفساد أو "مطلقو الصفارة" او كاشفو‬
‫برنامج جديد متكامل سيبعث بإشارات‬
‫ايجابية للمستثمرين االجانب وللبلدان‬ ‫عن ال ّرفض الذي يقابل به وإنعدام الثّقة فيه رئيس حزب‬ ‫الفساد‪ ...‬تتعدد التسميات والهدف واحد‪ :‬التصدي ملختلف‬
‫الصديقة املستعدة ملساعدة تونس ماليا‬ ‫النّهضة راشد الغنّويش‪.‬‬ ‫الجرائم املقرتفة من قبل بعض املؤتمنني عىل املالية العمومية‬
‫السنوات األخرية وأساسا منذ إنتخابات ‪2019‬‬ ‫يف ّ‬ ‫او املرفق العام أو حتى املتعاملني مع مؤسسات الدولة‪.‬‬
‫وسيسمح بتحسني التصنيف السيادي لبالدنا‪ ....‬ان تونس‬
‫ّ‬
‫وتصعيد راشد الغنويش لرئاسة الربملان‪ ،‬تراجع منسوب‬ ‫هم قلة ولكن عزائمهم ال تلني يف التصدي لنهب أموال‬
‫كانت دائمة حريصة وستبقى حريصة عىل خالص تعهداتها‬ ‫الثّقة يف ّ‬
‫الخارجية يف االجال نظرا ملستوى احتياطي العملة املوجودة‬ ‫الشخص ويف التّنظيم الذي يرأسه وكتلته الربملانيّة‬ ‫دافعي الرضائب وإرصار بال حدود عىل اماطة اللثام عن‬
‫بالبنك املركزي‪....‬‬ ‫خاصة بعدما تحول الربملان اىل مرسح للبيع والرشاء واىل‬ ‫املتالعبني بأموال املجموعة الوطنية او مستغيل نفوذهم‬
‫حلبة لتصفية الحسابات ولو باللكمات‪.‬‬
‫عبير موسي‬ ‫راشد الغنّويش مثله مثل قيادات عديدة من النهضة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ومراكزهم لتحقيق منافع ومآرب غري قانونية‪.‬‬
‫الدساترة الناشطون يف اطار الشفافية‬ ‫هم جنود ولكنهم ليسوا كلهم مجهولني‪ .‬يحارب بعضهم‬
‫الصادمة واملستف ّزة والك ّل يذكر خطاباتهم تحت قبّة الربملان‬ ‫يتقن"فن" التّرصيحات ّ‬‫ّ‬ ‫الفساد وتضارب املصالح واالثراء غري املرشوع والنهب‬
‫والقانون والذين لم يقبلوا بسياسة‬ ‫ّ‬
‫ويف غريها من املنابر‪ ،‬خطابات مليئة بمضامني تقسم الشعب وتسعى إلعادة مفاهيم‬ ‫املمنهج للمالية العمومية بوجوه مكشوفة وأصوات مرتفعة‬
‫االنبطاح ولم يرضوا باملصالحة الشاملة‬
‫خلناها من املايض‪...‬‬ ‫وهويات معلنة ويتحرك بعضهم يف رسية تامة متسلحني‬
‫ولم يتورطوا يف أيّة حكومة أو يف أيّ قرار‬
‫ُقبيل ‪ 25‬جويلية ‪ 2021‬ويف أوج إشتداد األزمة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬ ‫بما يملكون من معطيات وبيانات ووثائق عما يحدث من‬
‫ضد الدولة وال يف افالس تونس ويف كل‬
‫بتونس وأمام نفاد صرب عدد ممّ ن وعدتهم النهضة بتعويضات عمّ ا عانوا سنوات‬ ‫استيالءات وتجاوزات صلب مؤسساتهم العمومية‪.‬‬
‫الجرائم التي حدثت منذ الثورة يت ّم تعنيفهم واقصاؤهم خالل‬ ‫اإلستبداد تفتّقت قريحة رئيس مجلس ّ‬
‫الشورى بخطاب عايل النّربة مطالبا برصف‬ ‫كاشفو الفساد باتوا بعد اغالق مقر الهيئة الوطنية‬
‫هذه العرشية السوداء‪ ....‬يف تغيري رئيس السلطة القائمة (‬ ‫التّعويضات يف أجل ال يتعدى ذكرى عيد الجمهورية والحال أنّه يعرف تماما ّ‬
‫أن حزبه‬ ‫ملكافحة الفساد بال هيكل يحميهم وال سند اداري يقيهم‬
‫رئيس الجمهورية قيس سعيد) لتاريخ عيد الثورة من ‪14‬‬ ‫ّ‬ ‫السعي عىل األق ّل لتُ ّ‬‫كان يف الحكم وكان بإمكانه ّ‬
‫نفذ حكومة املشييش ما جاء يف التقرير‬ ‫من قصاص مؤسساتهم وهرسلة مديريهم وهم الذين عانوا‬
‫جانفي اىل ‪ 17‬ديسمرب استهداف للدستوريني وللدساترة‬
‫الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة املنشور بال ّرائد ال ّرسمي للجمهوريّة التّونسيّة‪ .‬رئيس‬ ‫االمرين من مجالس تأديب كانت عصا مس ّلطة عىل رقاب‬
‫الثابتني الذي لم يقبلوا ولن يرضوا بغري تطبيق القوانني‬ ‫الشورى ورئيس الحزب راشد الغنّويش يعلمان ّ‬ ‫مجلس ّ‬
‫حق العلم ك ّل ما كان يمكن‬ ‫كثريين منهم وكانوا عرضة للتهديدات واالعتداءات والقضايا‬
‫وترشيكهم يف بناء مستقبل تونس ‪.‬‬
‫تحقيقه‪ ،‬لكنّهما وعوضا عن ذلك‪ ،‬ر ّكزا إهتماماتهما وأعمالهما وحتّى مناوراتهما عىل‬ ‫امللفقة وااليقافات والعزل والتهديد والوعيد والرتغيب‬
‫راشد الغنوشي‬ ‫رغبتهما يف مزيد اإلطباق عىل مفاصل الدّولة بُغية اإلستفراد بالحكم ‪.‬‬ ‫والتهريب‪..‬‬
‫هناك حمالت اعالمية متواصلة عىل‬ ‫السيفي حرقا‬ ‫بعد ك ّل هذا وبقطع النّظر عن دوافع عمليّة انتحار املرحوم سامي ّ‬ ‫بعد إجراءات ‪ 25‬جويلية توجه العرشات منهم اىل رئاسة‬
‫حركة النهضة وعىل كل مناضليها ‪..‬ما‬ ‫داخل املق ّر املركزي لحزب حركة النّهضة‪ ،‬لم يتوان راشد الغنّويش سويعات قليلة بعد‬ ‫الجمهورية بعرائض وشكايات وملفات مدعمة بقرائن‬
‫حدث اليوم هو ثمرة من ثمار الحمالت‬ ‫الحادثة ويف الوقت ال ّذي مازال فيه رماد الحريق ساخنا‪ ،‬لم يتوان عن محاولة رمي‬ ‫دامغة عن تغلغل الفاسدين يف ثنايا اإلدارة وسيطرة مافيات‬
‫االعالمية الظاملة عىل حركة النهضة وعىل‬ ‫(وفق زعمه) حرموا املرحوم من حقوقه!‬ ‫املسؤوليّة عىل"اآلخرين"أي أولئك الذين ِ‬ ‫االفساد والنهب املمنهج ملقدرات الشعب عىل مؤسسات‬
‫شبابها وعىل مناضيل الثورة الذين جلبوا‬ ‫ُوفق بل كان غاية يف اإلسفاف حيث لم يحرتم‬ ‫ذاك التّرصيح لم يكن فقط غري م َّ‬ ‫وحتى وزارات فلم يجدوا اذانا صاغية وال تجاوبا يذكر رغم‬
‫لنا الحريات ‪..‬رحم الله سامي (يف اشارة اىل الهالك يف الحريق)‬ ‫ّ‬
‫والصرب ألهله‪ ...‬راشد‬ ‫حتّى حرمة امليت والقاضية فقط بالرتحّ م عليه وطلب املغفرة له‬ ‫إعالن الرئيس قيس سعيد حربا عىل الفساد واملفسدين‪.‬‬
‫‪..‬سامي من ضحايا الفقر والتهميش وقد امىض أكثر من ‪10‬‬ ‫الغنّويش ركب عىل الحادثة األليمة يف النّهاية وحمّ ل مسؤوليّتها لخصومه والحال ّ‬
‫أن‬ ‫ورغم حالة االستياء التي املت بالعديد من كاشفي‬
‫سنوات يف السجن مناضال ضد اإلستبداد والدكتاتورية ورغم‬ ‫السيفي أقدم عىل حرق نفسه داخل مق ّر النّهضة وكانت "رسالته" موجّ هة‬ ‫املرحوم ّ‬ ‫الفساد ال تزال رغبتهم امللحة يف تغيري واقع مشوب بسيطرة‬
‫الثورة وقيام الحرية لكن وبعد ‪ 10‬سنوات لم ينل الحد األدنى‬ ‫أوّال للنّهضة ولقياداتها وكان حريّا براشد الغنّويش أن يكون أكثر تواضعا ويكتفي‬ ‫عصابات فاسدة خيطا ناظما لتحركاتهم وتنظيم صفوفهم‬
‫من الكرامة رغم ان هيئة الحقيقة والكرامة والعدالة اإلنتقالية‬ ‫بما يقال عادة أمام املوت فما بالك بموت شنيع حصل داخل بيته وأصاب عددا من‬ ‫وبعث هيكل هم عموده الفقري ملواصلة معاركهم الطاحنة‬
‫أفضت ملقررات‪  ‬لكنها بقيت حربا عىل ورق‪. ..‬‬ ‫املتواجدين فيه ساعتها؟‬ ‫ضد الذين عاثوا فساد يف الدولة‪.‬‬
‫زهير المغزاوي‬
‫سنحمي مسار ‪ 25‬جويلية ولهذا‬
‫التيقنا مع اتحاد الشغل ال من اجل اقرار‬ ‫للتاريخ‬
‫خيار ثالث ولكن لتثبيت الخيار الوطني‬
‫عليها ومليم واحد ما خذيتوش فمذابيك انىس‬ ‫يف ‪ 2013‬جاء الغنويش لوالدي األستاذ محمد‬
‫‪..‬هناك خياران يف البالد ونحن مع الخيار‬
‫الحكاية هاذي متع الهيئة وراهو املنصب هذا‬ ‫النوري (عضو مجموعة ‪ 18‬أكتوبر) ربي يشفيه‬
‫املؤمن بـ ‪ 25‬جويلية …نعترب انفسنا‬
‫موش بش تخلصوني بيه ويل يناضل ما يلزموش‬ ‫وقالو يا أستاذ قررنا بش نحطوك عىل رأس هيئة‬
‫رشكاء يف العمل عىل ان يحقق ‪ 25‬جويلية اهدافه واالغلبية‬
‫يخلص ماكانيش يويل اسمو ارتزاق موش نضال‪.‬‬ ‫الحقيقة والكرامة‪ .‬قالو ومتع شنية هاذي؟ قالو‬
‫الساحقة ملتفة حول هذا الخيار الوطني ‪...‬دعونا القوى‬
‫وراهي الهيئة يل ناوين تعملوها بش تكون‬ ‫عملناها بش نعوضو بيها لوالدنا‪ .‬قالو وشكون‬
‫السياسية اىل التحول من حالة االنتظار اىل حالة الفعل‬
‫مرشوع فتنة يف البالد وبش تخليو جرح عميق‬ ‫بش يدفع الفلوس؟ قالو الدولة‪ .‬قالو والدولة‬
‫الداعمة لـ ‪ 25‬جويلية والضاغطة عندما يجب حتى عىل‬
‫يقسم الشعب التونيس ويمكن ينتج عنها ثورة‬ ‫اش دخلها تعوضلهم!؟ هاذم اوالدكم اعطوهم‬
‫رئيس الجمهوية نفسه لو حدثت انحرافات… «‬
‫تطيح بحكمكم خاصة كان جات اعوام قحط ألن‬ ‫انتم من فلوسكم سمعت أنو عندكم برشة فلوس‬
‫غازي الشواشي‬ ‫الشعب ما يقبلش انو يعوض فئة قال شنوا عىل‬ ‫الربة ربحتوهم كي كانو هوما يف الحبس وتعذبو‪.‬‬
‫ترصيح رئيس الجمهورية قيس سعيد‬ ‫نضالها وهذا عيب‪.‬‬ ‫هاذي فرصة بش تعوضولهم وزيد فاش قام‬
‫بأن دستور ‪ 2014‬لم يعد صالحا يعد‪ ‬‬ ‫فبهت الذي كفر وقال له يا أستاذ حبينا‬ ‫هيئة ودوالب ومرصوف زايد واألهم من هذا هو‬
‫انزالقا خطريا نحو االنحراف بالسلطة‬ ‫نكافؤوك ونكرموك باملنصب هذا وأنت ترفض‪.‬‬ ‫دعاء الرش وضياع الوقت ويزي ما سمرستو بيهم‬
‫وتكريسا للحكم الفردي وانا ادعو اىل‬ ‫قالو هاذي هدية مسمومة وأنا محامي اكثر من‬ ‫ويل يحب تعويض يميش للمحكمة وزيد انتوما‬
‫العودة فورا إىل املسار الدستوري‪....‬‬ ‫اربعني عام وال اقبل انو آخر عمري نويل قايض‬ ‫الكبارات يف الحزب ماكم تعوضتو تحت حس‬
‫وتعديل الدستور يف حال ما اقتضت الرضورة يجب ان يكون‬ ‫ونطبق قانون عملتوه وحدكم وعىل مقاسكم‬ ‫‪ 2009‬ويمكن حتى تعوض وقت بن عيل خاتر‬ ‫مس بعناوين متعددة وآخرهم منصف بن سالم‬
‫ضمن اآلليات الدستورية باعتباره العقد السيايس واالجتماعي‬ ‫وربي يحاسبني عىل ظلم كبري نهار آخر‪ .‬وكان‬ ‫الحكم جبتهولو يف عهدو وقتلو برا نفذو وكي‬ ‫وأنا كنت محاميه وربحتلو حكم من املحكمة‬
‫بني الحاكم واملحكوم ورئيس الجمهورية لم يقم باالصالحات‬ ‫فما تكريم هو أنو الشعب ما يدعيش عليا بالرش‬ ‫تقبض ايجا خلصني يف اتعابي وراني لليوم‬ ‫اإلدارية فيه تعويض عىل سنوات التدريس‬
‫املطلوبة‪  ‬وما اقدم عليه‪  ‬كان لتنفيذ مرشوعه الشخيص الرامي‬ ‫نهار آخر و يكون ضمريي مرتاح‪.‬‬ ‫مازلت ما خلصتش والسماح وموش هذا أول‬ ‫بالجامعة كي طردو الوزير محمد الرشيف بعد ما‬
‫اىل تغيري الدستور وتركيز نظام رئايس وما يسمى بالنظام‬ ‫مراد النوري‬ ‫واحد بل وأنت تعرف أنو قياداتكم الكل دافعت‬ ‫تعارك مع بن عيل وحكمولو بقريب املليار عام‬
‫القاعدي‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪17‬‬
‫الشارع العالمي والعربي‬
‫‪17‬‬

‫صواريخ نووية روسية خالل استعراض عسكري بموسكو‬

‫الظاهر والخفي في أزمة أوكرانيا بين أمريكا وروسيا ‪:‬‬

‫ملاذا ّلوح بوتني باللجوء اىل السالح النووي االسرتاتيجي؟‬


‫الحبيب القيزاني‬
‫ومعها ليتوانيا وبريطانيا بفرض عقوبات‬ ‫لروسيا بما مثل اخرتاقا اسرتاتيجيا ملنطقة‬ ‫بسبب امداد االتحاد السوفياتي آنذاك نظام‬ ‫منذ أيام وبعد ما يزيد عن شهر من‬
‫جديدة عىل روسيا وخصوصا تجميد خط‬ ‫نفوذ روسية وكشف عن نوايا غربية‬ ‫فيدال كاسرتو بكوبا بصواريخ طويلة املدى‬ ‫حمالت االتهام واالتهام املضاد‪ ،‬بلغت أزمة‬
‫"نورثسرتيم‪ "2‬الرويس لتصدير الغاز اىل‬ ‫ملحارصتها ومنع تمتّعها بـ"فضاء حيوي"‬ ‫اليشء الذي رأى فيه الرئيس جون كينيدي‬ ‫أوكرانيا بني الواليات املتحدة وروسيا ذروتها‬
‫أوروبا كشف زيف الذريعة‪.‬‬ ‫ملستقبل نموّها االقتصادي باألساس‪.‬‬ ‫ّ‬
‫بشن‬ ‫تهديدا لألمن القومي لبالده وهدّد‬ ‫مع تلويح الكرملني باللجوء اىل السالح‬
‫ضغط واشنطن عىل موسكو مع اظهار‬ ‫ففي ترصيح أدىل به يف ربيع ‪،2020‬‬ ‫حرب نووية عىل االتحاد السوفياتي قبل أن‬ ‫النووي اليقاف زحف "الناتو" نحو حدود‬
‫رغبة يف التفاوض ال يعدو أن يكون سوى‬ ‫أشهرا بعد وصوله اىل دفة السلطة وصف‬ ‫يق ّرر نيكيتا خروتشوف األمني العام للحزب‬ ‫بالده الغربية‪.‬‬
‫محاولة البتزازها‪ .‬وال يمكن تفسري هذا‬ ‫بايدن بوتني بـ "القاتل" قبل أن يستدرك‬ ‫الشيوعي السوفياتي آنذاك سحب الصواريخ‬ ‫حبس العالم أنفاسه لكن مع تراجع‬
‫السلوك املتناقض برصاع أجنحة يف البيت‬ ‫ويطلب لقاء مع نظريه الرويس يف جوان‬ ‫مقابل الحصول عىل تعهّ د امريكي بعدم‬ ‫بايدن وتأكيده أن ميثاق الحلف األطليس‬
‫األبيض (صقور ضد حمائم) وانّما بحالة‬ ‫بجينيف‪ .‬ويف نوفمرب ‪ 2021‬بدأت وسائل‬ ‫غزو كوبا‪.‬‬ ‫ال يشمل أوكرانيا اتضح أن األزمة لم تكن‬
‫االرتباك وبمحاولة اإلدارة األمريكية ح ّل‬ ‫االعالم الغربية حملة تروج لـ "استعداد‬ ‫بعد ترصيحات أمريكية نارية توعدت‬ ‫سوى مناورة بني القوتني العظميني امتحن‬
‫قضايا يلغي بعضها بعضا‪ .‬ذلك أن الواليات‬ ‫رويس لشن حرب عىل أوكرانيا" صاحبها‬ ‫روسيا بـ "عقوبات لم تر مثلها من قبل يف‬ ‫خاللها كل طرف مدى تصميم اآلخر عىل‬
‫املتحدة تدرك أنها عىل شفا كارثة اقتصادية‬ ‫نرش األخرية ‪ 120‬الف جندي عىل حدود إقليم‬ ‫حال اقدامها عىل غزو أوكرانيا" حسب كالم‬ ‫الدفاع عن مصالحه االقتصادية‪ :‬حاول‬
‫وربّما حتى حرب أهلية إضافة اىل توجسها‬ ‫"دونباس" ور ّد الروس بنرش ‪ 175‬ألف جندي‬ ‫بايدن‪ ،‬تراجع األخري بعد لقاء عن بعد مع‬ ‫االمريكان محو مرشوع الخط الرويس‬
‫من أن تكون االنتخابات املقبلة للكونغرس‬ ‫عىل حدود بالدهم مع أوكرانيا إدراكا منهم‬ ‫بوتني رفع فيه األخري "ال" روسية أمام ض ّم‬ ‫الجديد "نورثسرتيم‪ "2‬المداد أوروبا بالغاز‬
‫يف نوفمرب ‪ 2022‬والرئاسية يف ‪ 2024‬أكثر‬ ‫بأن واشنطن قد تشن حربا بأياد أوكرانية‬ ‫أوكرانيا للحلف األطليس وتزامن مع ترصيح‬ ‫لكنهم اصطدموا بفيتو رويس قاطع‪.‬‬
‫سخونة من االنتخابات الفارطة التي‬ ‫عىل جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك وأنه‬ ‫لفالريي غرياسيموف‪ ،‬رئيس هيئة األركان‬ ‫قراءة يف خلفيات أزمة اعدت لها واشنطن‬
‫فرضت نتائجها عىل الشعب األمريكي‬ ‫لن يكون أمامهم يف تلك الحالة مف ّر من‬ ‫الروسية أكد فيه أن "الثالوث النووي‬ ‫منذ سنوات اليقاف صعود روسيا ومعها‬
‫بمساعدة القوات املسلحة‪ .‬ثم ان واشنطن‬ ‫خوض نزاع مسلح دفاعا عن جاليتهم املقدر‬ ‫الرويس يضمن ردع العدوّ املحتمل" مضيفا‬ ‫الصني كقوتني تنازعانها ما تبقى لها من‬
‫لم تهضم تفوّق الصني عليها وعودة روسيا‬ ‫عددها يف الجمهوريتني املذكورتني بنحو‬ ‫أن "أكثر من ‪ ٪ 95‬من منصات اطالق‬ ‫نفوذ عىل ريادة العالم بعدما احتكرت ذلك‬
‫كالعب أسايس عىل رقعة الشطرنج العاملية‬ ‫نصف مليون رويس‪ .‬وتزامنا مع ذلك نرشت‬ ‫الصواريخ النووية االسرتاتيجية الروسية يف‬ ‫طيلة ‪ 30‬سنة يف ظل نظام أحادي القطب‪.‬‬
‫وتخطيطها مع حلفائها للتخلص من‬ ‫بولونيا التي ارتمت يف أحضان الغرب نحو ‪20‬‬ ‫حالة استعداد دائم لالستخدام القتايل"‪.‬‬
‫الدوالر كعملة عاملية وما يعني ذلك من‬ ‫‪ ٪‬من قواتها املسلحة عىل حدود بيالروسيا‬ ‫الحقيقة أن مسلسل األزمة األوكرانية‬ ‫عاش العالم خالل شهر نوفمرب املنقيض‬
‫انهيار القتصادها‪.‬‬ ‫حليفة روسيا تحت ذريعة التصدّي ملوجات‬ ‫سمّ م العالقات األمريكية‪-‬الروسية منذ‬ ‫عىل وقع أزمة أمريكية‪-‬روسية ذ ّ‬
‫كرت‬
‫من هنا تعتمد االسرتاتيجية االمريكية‬ ‫هجرة العرب واالكراد‪ .‬لكن مطالبة بولونيا‬ ‫االنقالب الذي أطاح بالحكومة املوالية‬ ‫بأجواء "أزمة كوبا" التي اندلعت سنة ‪1962‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪18‬‬
‫‪18‬‬ ‫الشارع العالمي والعربي‬
‫اسرتاتيجي ال غري هو منع روسيا من‬ ‫أمريكيني وانقليز عشية انتصارهم عىل‬ ‫نفسها أمام خيارين ‪ :‬إمّ ا القبول بإلحاق‬ ‫– قبل فوات األوان ويف ظ ّل استحالة هزم‬
‫توظيف ورقة تزويد أوروبا بالغاز كسالح‬ ‫املانيا يف الحرب العاملية الثانية بغزو روسيا‬ ‫ارضار فادحة بحلفائها أو املشاركة مبارشة‬ ‫روسيا عسكريا – عىل خنقها اقتصاديا‬
‫لتحقيق اجندات جغراسياسية والتأثري عىل‬ ‫وبسط نفوذ أمريكا كقوة عظمى وحيدة يف‬ ‫يف الحرب اليشء الذي يضعها يف طريق صدام‬ ‫بحرمانها من األسواق العاملية‪ .‬وتدرك‬
‫الدول األوروبية‪.‬‬ ‫العالم‪ .‬اقرتاح اصطدم بمعارضة أصحاب‬ ‫نووي شامل مع روسيا يق ّر خرباء دوليون‬ ‫واشنطن يف نفس الوقت انه اذا كان بإمكانها‬
‫تخل الكونغرس‬ ‫ّ‬ ‫تؤكد ذلك أنباء عن‬ ‫القرار األخري يف البلدين‪.‬‬ ‫يف شؤون التس ّلح ان انهزام روسيا فيه من‬ ‫حاليا هزم الصني عسكريا فإن هذا الخيار‬
‫األمريكي عن العقوبات التي لوّ ح بها بايدن‬ ‫كما لم ينس الروس االلتزام – الخدعة‬ ‫املستحيالت‪.‬‬ ‫مستحيل يف ظل تحالف رويس‪-‬صيني‪.‬‬
‫يف وجه بوتني‪.‬‬ ‫الذي قدمه الرئيس بوش األب لغورباتشوف‬ ‫األخطر بالنسبة لألمريكان يف هذا‬ ‫تحالف تسعى الديبلوماسية االمريكية‬
‫ويف املحصلة لم يكن التلويح بالورقة‬ ‫بعدم توسع "الناتو" رشقا وتنكر واشنطن‬ ‫السيناريو أن حربا نووية مع روسيا ستجعل‬ ‫لكرسه تارة باملغازلة وطورا بالضغط عرب‬
‫األوكرانية سوى فصل آخر من مناورات‬ ‫لذلك ومضيّها بعد انهيار منظومة االتحاد‬ ‫الصني منترصة تلقائيا بما يؤدي اىل انهيار‬ ‫العقوبات االقتصادية‪.‬‬
‫تخفي رصاع مصالح اقتصادية بني العمالقني‬ ‫السوفياتي وانفراط عقد حلف فرصوفيا يف‬ ‫اقتصاد أمريكا وربما تفككها وهو سيناريو‬ ‫تزامنا مع ذلك تتصيّد أمريكا – طبقا‬
‫خرج منه الروس منترصون ‪ :‬فبعدما‬ ‫سياسة احتواء روسيا وتطويقها بالقواعد‬ ‫ال يمكن لها القبول به‪.‬‬ ‫السرتاتيجية ف ّرق تسد – خطأ يف الحسابات‬
‫خرس االمريكان حربهم الديبلوماسية‬ ‫العسكرية‪.‬‬ ‫لم يكن تعليق موسكو منذ مدة بعثتها‬ ‫الروسية ناتج عن ضغط االستفزازات‬
‫واالقتصادية الجهاض تزويد أوروبا بالغاز‬ ‫ويف غياب ثقة متبادلة تمسكت موسكو‬ ‫لدى "الناتو" نتيجة فورة غضب أو نزوة‬ ‫لتوريطها يف حرب بأوكرانيا وبيالروسيا‬
‫الرويس عرب خط "نورثرسرتيم‪ "1‬خصوصا‬ ‫بأن يتم لقاء بايدن – بوتني عن بعد وعىل‬ ‫جنون وإنما لسببني ‪ :‬أولهما أن الروس عىل‬ ‫وأرمينيا وترانسنسرتيا معا دون مشاركة‬
‫أمام تشبث مستشارة املانيا املنتهية واليتها‬ ‫الهواء مبارشة من باب منع اية مساومة‬ ‫يقني بأن هدف محاولة استدراجهم لحرب‬ ‫مبارشة منها مع اللجوء اىل فرض حصار‬
‫انغيال مريكل ها هم يخرسون حرب منع‬ ‫رسية أو تقديم تنازالت معلن عنها وحتى‬ ‫تقليدية واسعة النطاق مع الدول األوروبية‬ ‫بحري عىل الصني عرب غواصات حلف‬
‫استكمال بناء خط "نورثسرتيم‪ "2‬الذي‬ ‫يكون العالم عىل بيّنة من مواقف الطرفني‪.‬‬ ‫هو تشتيت قدرات جيشهم عىل جبهات‬ ‫"أوكوس" لتدمري اقتصادها وقطع أوصال‬
‫سيمكن روسيا من عائدات مالية هائلة عىل‬ ‫يدرك بوتني أيضا أن الغرب لم يغفر‬ ‫قتال عديدة تتطلب خطوط امداد واسناد‬ ‫طريق الحرير مع خنق بطئ لروسيا عرب‬
‫امتداد عقود‪.‬‬ ‫لروسيا تدخلها يف سوريا والتسلل اىل منطقة‬ ‫لوجستي كبرية ومتواصلة بما يسمح‬ ‫فرض عزلة دولية عليها‪ .‬ولكن ماذا عن‬
‫وما يثري حنق االمريكان هو ان االنتصار‬ ‫طاملا اعتربتها واشنطن تابعة للنفوذ الغربي‪.‬‬ ‫تحي فرصة انقضاض‬ ‫ّ‬ ‫باستنزافه وربّما‬ ‫موقف الكرملني؟‬
‫الرويس يعني س ّد الباب أمام مرشوعهم مل ّد‬ ‫كما يدرك استحالة إيقاف العربدة االمريكية‬ ‫نووي عليها‪.‬‬ ‫يدرك بوتني أن مجال املناورة أمام هذا‬
‫أوروبا بغاز الحجر الصخري الذي يعملون‬ ‫دون التلويح بعصا النووي االسرتاتيجي‬ ‫ثاني األسباب ادراك الكرملني أن مركز‬ ‫السيناريو محدود اذ أن بالده ال تستطيع‬
‫عىل تأهيله نظرا لصعوبة استخراجه‬ ‫لوضع أمريكا امام حدود قدراتها الحقيقية‬ ‫القرار يف "الناتو" أمريكي‪-‬بريطاني ‪100‬‬ ‫البقاء مكتوفة األيدي يف حال اندالع نزاع‬
‫وتكاليفه الباهظة‪ .‬ويأتي انتصار الروس‬ ‫ولم يفته ان ير ّد عىل تحجج اإلدارة االمريكية‬ ‫‪ ٪‬وأنه ال يه ّم واشنطن ولندن أن تكون‬ ‫مسلح محدود ألن ذلك يعني هزيمة‬
‫تعزيزا النتصارهم يف سوريا بعدما منعوا‬ ‫بأنه من حق كل دولة اختيار رشكائها بأن‬ ‫أوروبا وقودا للحرب طاملا ان وراء ذلك هدفا‬ ‫اسرتاتيجية لها ليست مستعدة للقبول بها‪.‬‬
‫بتدخلهم م ّد خطوط أنابيب النفط والغاز‬ ‫ذلك ال يجب أن يتم عىل حساب أمن دول‬ ‫اسرتاتيجيا أكرب وأهم‪.‬‬ ‫ومن هنا لم يكن أمامه سوى حل واحد ‪:‬‬
‫من الخليج العربي اىل أوروبا‪.‬‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫لذلك قطع الكرملني الطريق عىل هذا‬ ‫تصعيد األزمة اىل درجة غري مقبولة‬
‫انه رصاع عىل املصالح وعىل ضمان‬ ‫ومهما يكن يبدو يف النهاية ان واشنطن‬ ‫السيناريو مؤكدا استعداده لخوض نزاع‬ ‫تحتم دخولها الحرب بما يعني مواجهة‬
‫املستقبل مع ما يتطلب من دهاء وتكتيك ال‬ ‫وحلفاءها الغربيني افتعلوا النفخ يف نار‬ ‫نووي اذا لزم األمر‪.‬‬ ‫مبارشة مع أمريكا لكن عن بعد أي عىل‬
‫يقدر عليهما اال ّ عظماء املخططني‪.‬‬ ‫األزمة األوكرانية طمعا يف تحقيق هدف‬ ‫ذلك أن الروس لم ينسوا اقرتاح جنراالت‬ ‫أرايض دولة ثالثة حتى تجد أمريكا بدورها‬

‫صورة تتحدث‬

‫صورة ملحطة قطارات‬


‫مدينة نانجينغ الصينية‪،‬‬
‫ويظهر فيها ما ال يقل عن‬
‫‪ 40‬قطار يف انتظار لحظة‬
‫االنطالق اىل وجهات مختلفة‬
‫ببالد تع ّد نحو مليار و‪500‬‬
‫مليون نسمة‪.‬‬
‫بدأ تأسيس املحطة عام‬
‫‪ 2009‬وانتهى يف جوان‬
‫‪ 2011‬وتعد ‪ 28‬رصيفا لكل‬
‫واحد منها سكة‪.‬‬
‫وتعترب البنى التحتية‬
‫ووسائل النقل الرسيعة‬
‫من أرسار التفوق الصيني‬
‫يف مجال التجارة الدولية يف‬
‫انتظار اتمام طريق الحرير‬
‫لتسويق السلع الصينية‪..‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪19‬‬
‫‪19‬‬ ‫الشارع العالمي والعربي‬
‫ليبيا ‪:‬‬

‫من هو رجل أمريكا الغامض يف سباق االنتخابات الرئاسية؟‬


‫ان خيار أمريكا استقر عىل شخصية عمرها دون األربعني‬ ‫"املصدق حرباره" أو "بابي ‪ "35‬مثلما يكنّى هو "الحصان‬
‫عاما"‪.‬‬ ‫األسود" األمريكي يف سباق االنتخابات الرئاسية الليبية‬
‫وتضيف "رأي اليوم" ‪" :‬لفتت األوساط الليبية اىل “مصدق‬ ‫املنتظر اجراؤها يوم ‪ 24‬ديسمرب الجاري حسب مراسل‬
‫حرباره” كشخص وحيد من ضمن قائمة املرشحني سنه‬ ‫صحيفة "رأي اليوم" بليبيا‪.‬‬
‫اقل من أربعني عاما‪ ،‬ويعيش يف أمريكا‪ ،‬وبات يرتدد عىل‬ ‫الصحيفة كتبت يف تطرقها للموضوع ‪" :‬من هو الشاب‬
‫ليبيا‪ .‬وظيفته حسب املعلن وسيط دويل‪ ،‬ومهتم بقضايا‬ ‫“املصدق حرباره”‪ ،‬الذي تشري اليه أوساط ليبية بانه الحصان‬
‫التنمية يف مناطق ما بعد النزاع” ومديرا تنفيذيا للتحالف‬ ‫األسود األمريكي يف سباق االنتخابات الرئاسية يف ليبيا املقرر‬
‫األمريكي الليبي‪ ،‬ويوصف السيد حرباره بانه مقرب من‬ ‫اجراؤها يف ‪ 24‬من هذا الشهر‪ ،‬يف وقت تطالب جهات ليبية‬
‫السفري األمريكي يف طرابلس وعىل تواصل وتنسيق وثيق‬ ‫بتأجيل موعد االنتخابات اىل فيفري من العام املقبل بينما‬
‫به‪ .‬ويعلن حرباره عن برنامجه االنتخابي تحت شعار “معا‬ ‫ترصّ اإلدارة االمريكية واألمم املتحدة عىل موعد االنتخابات‪،‬‬
‫نتقدم بليبيا” ويتضمن املرشوع االنتخابي وعودا بمشاريع‬ ‫محذرة من يعرقلها بعواقب وخيمة؟‬
‫اقتصادية‪ ،‬وضمان وظائف‪ ،‬ورفع مستوى دخل الفرد الليبي‬ ‫تقول مصادر ليبية ان فوز أحد املرشحني للرئاسة‬
‫بشكل غري مسبوق‪.‬‬ ‫املعروفني عىل الساحة الليبية سواء “سيف اإلسالم القذايف‬
‫وغرد “حرباره” عىل توتري أمس بالقول “سالتقي‬ ‫او “خليفة حفرت اوعبد الحميد الدبيبة” بمنصب رئاسة ليبيا‬
‫بكل أطياف املجتمع من كل الخلفيات” فرباريني وخرض‬ ‫سيؤدي اىل صدام عسكري وفوىض‪ ،‬ألن األطراف األخرى‬
‫– علمانيني واسالميني – اخوان واخوات – كبار وصغار‬ ‫الخارسة لن تقبل بنتائج االنتخابات‪.‬‬
‫مهجرين ومقيمني يف الداخل والخارج‪ ،‬أينما وجد الليبي‬ ‫وتعلل املصادر ذلك بأن كل مرشح ينتمي اىل معسكر‬
‫ستجدني‪ .‬ادعو الجميع لفتح باب التواصل وسنكون يف املوعد‬ ‫إقليمي ودويل‪ ،‬وتشري اىل ان سيف اإلسالم مدعوم من روسيا‬
‫املصدق حرباره‬
‫“رئيس ليبيا هو رئيس لكل الليبيني دون استثناء”‪.‬‬ ‫واالمارات‪ ،‬بينما خليفة حفرت محسوب عىل مرص وفرنسا‪.‬‬
‫وترجح مصادر ليبية ان تشهد الحملة االنتخابية لرجل‬ ‫اما الدبيبة فيمثل التحالف الرتكي القطري واالخوان املسلمني‬
‫هو الشخص الذي تعده واشنطن لهذا املنصب‪.‬‬
‫أمريكا ظهور انصار له بشكل مكثف‪ ،‬وان الرجل يتحرك يف‬ ‫يف ليبيا وخارجها‪.‬‬
‫وتقول املصادر الليبية‪ ،‬ان بداية الحملة الدعائية‬
‫الرشق والجنوب بكل حرية وبحماية ودعم كامل‪.‬‬ ‫وبطبيعة الحال وبما أن مصالح هذه األطراف متضاربة يف‬
‫للمرشحني ستشهد زخما ودعما أمريكيا كبريا لـ“مصدق”‪.‬‬
‫وقد تكون الواليات املتحدة تعمل عرب دعم املرشح “املصدق‬ ‫ليبيا فان فوز أي مرشح مدعوم من جهة منها سوف يسبب‬
‫وتسمي أوساط ليبية ”املصدق حرباره “بابي‪ 35‬او "بو ‪.”35‬‬
‫حرباره” لتجنب الشخصيات املثرية للجدل والرفض يف حال يف‬ ‫عدم اعرتاف من الجهات األخرى‪ ،‬وبالتايل التمرد عىل نتائج‬
‫الن الربملان الليبي كان قد وافق عىل اقرتاح رئيس مفوضية‬
‫فوز احدها‪ ،‬وما لذلك من تداعيات قد تذهب نحو االنفجار‬ ‫االنتخابات‪ ،‬والذهاب البطال مفاعيلها‪ ،‬بما سوف يؤدي اىل‬
‫االنتخابات بتخفيض عمر املرشح للرئاسة الليبية من‬
‫العسكري‪ ،‬ولكن قد يكون حرباره مرشوع امريكي ابعد من‬ ‫الذهاب بليبيا اىل وضع أسوإ بكثري من الواقع الحايل‪ .‬ولذلك‬
‫‪ 40‬اىل ‪ 35‬سنة‪ .‬ما اثار التساؤالت حول هذا التعديل قبيل‬
‫ذلك‪ ،‬وان الرجل طعم لجر ليبيا نحو ارسة اتفاق” ابراهام”‪،‬‬ ‫سعت واشنطن للبحث عن شخصية غامضة غري معروفة‪،‬‬
‫االنتخابات ‪ .‬وأوضحت املصادر انه عند هذه اللحظة بدأت‬
‫وفرض التطبيع عىل ليبيا مع إرسائيل‪ ،‬ولعل السودان نموذج‬ ‫تدخل بها سباق الرئاسة عىل حساب الشخصيات األخرى‬
‫الخطة االمريكية للتدخل املبارش يف االنتخابات وبات وضحا‬
‫حي لهذه اللعبة االمريكية املكررة‪.‬‬ ‫الظاهرة يف الصورة‪ .‬ويبدو املرشح للرئاسة “املصدق حرباره”‬

‫اإلنقليزية وإلغاء تجريم الشذوذ الجنيس‪.‬‬ ‫الروبل بدل الدوالر‬

‫منع‬ ‫موقع «الشبكة العاملية» نقل عن ألكسندر ميخاييف‬


‫ر‪.‬م‪.‬ع رشكة «روسوبورونالسكبورت» الروسية‬
‫حكومة نيوزيلندا املؤلفة من حزبي العمال والخرض‬ ‫املتخصصة يف تصدير األسلحة أنه اتفق مع السلطات‬
‫ق ّررت منع انتاج التبغ واستهالكه عىل مراحل وأقرت‬ ‫الهندية عىل تعويض الدوالر بالروبل الرويس والروبي‬
‫قانونا يمنع كل من أعمارهم دون الثمانية عرش من‬ ‫الهندي يف اتفاقيات الصفقات العسكرية‪.‬‬
‫التدخني مع الرتفيع يف هذا السن كل عام حتى بلوغ مرحلة‬ ‫أعمالها يوم الجمعة املايض ‪ 10‬ديسمرب الجاري‪.‬‬ ‫املوقع نقل أيضا عن ميخاييف تذكريه بقرار صادر‬
‫منع التدخني بصفة نهائية‪.‬‬ ‫الخارجية الصينية اعتربت أيضا أن القمة املذكورة‬ ‫منذ عام ‪ 2017‬عن الرئيس فالديمري بوتني يفرض‬
‫القرار يشمل بدرجة أوىل السكان األصليني من قبائل‬ ‫«نُظمت لرسم خطوط تحامل أيديولوجية واستغالل‬ ‫إتمام الصفقات بالروبل الرويس ويمنع التعامل بالدوالر‬
‫«املاوري» املدمنة عىل التدخني أكثر من أحفاد املهاجرين‬ ‫الديمقراطية والتحريض عىل االنقسام واملواجهة»‬ ‫األمريكي مشريا اىل أن العمل بذلك يتم أيضا مع الصني‬
‫الربيطانيني الذين سكنوا الجزيرة‪.‬‬ ‫وتعهّ دت بـ «مقاومة كل أنواع الديمقراطية الزائفة‬ ‫وايران وتركيا‪.‬‬
‫يشار اىل أن كل قرارات منع استهالك مواد معينة والتي‬ ‫ومعارضتها بحزم»‪.‬‬ ‫«الشبكة العاملية» أضاف ان اتفاقا تم بني موسكو‬
‫تم اتخاذها بني سنتي ‪ 1930‬و‪ 1940‬مثل منع الكحول‬ ‫ونيودلهي عىل تركيز مصنع بالهند لتصنيع الرشاش‬
‫بالواليات املتحدة االمريكية والتدخني بأملانيا ثم قرارات‬ ‫الهدف هو السعودية؟!‬ ‫الرويس «كالشنيكوف أك ‪ »203‬مالحظا ان ذلك تزامن‬
‫منع املواد املخدرة منذ عام ‪ 1960‬فشلت وأدت اىل ظهور‬ ‫مع تأكيد وزير الخارجية الهندي هارش فاردان انطالق‬
‫مافيات منظمة تتاجر بهذه املواد املحظورة‪.‬‬ ‫تسلم بالده منظومات صواريخ «آس ‪ »400‬الروسية ومع‬
‫صحيفة “فايننشيال تايمز” الربيطانية كشفت أن قرار‬
‫التوقيع عىل اتفاق للتعاون التكنو‪-‬الحربي بني البلدين‪.‬‬
‫اإلمارات تعديل العطلة األسبوعية لتكون يومي السبت‬
‫هزيمة جديدة‬ ‫واألحد وفق النمط الغربي (عوضا عن الجمعة والسبت)‬
‫املوقع لفت اىل أن االتفاق يتضمن بناء مجمع النتاج‬
‫صواريخ «براهموس» الهندية طويلة املدى واملطاردة‬
‫يستهدف السعودية أساسا‪ ،‬وحملة اململكة األخرية‬
‫مني مجمع صناعة الطائرات الحربية الفرنسية‬ ‫الروسية «سو ‪ »30‬والدبابة «تي ‪ »90‬إضافة اىل برنامج‬
‫لإلصالح التي تهدف إىل استعادة بعض النشاط التجاري‬
‫«داسو» بهزيمة جديدة يف سوق الصفقات‪ .‬فقد فازت‬ ‫انتاج طائرة مطاردة من الجيل الخامس‪.‬‬
‫الذي اجتذبته اإلمارات لعقود من الزمن‪.‬‬
‫رشكة لوكهيد مارتن االمريكية بصفقة تزويد سالح الجو‬ ‫الصحيفة أضافت أن القرار يأتي يف اطار مساعي‬
‫الفنلدي بطائرات «أف ‪ »35‬عىل حساب رشكات بوينغ التي‬ ‫اإلمارات إلبقاء اقتصادها أكثر جاذبية لألجانب وللغربيني‬ ‫سالح دمار شامل‬
‫عرضت مقاتالتها «أف ‪ »18‬وداسو التي عرضت طائرتها‬ ‫بالذات وقطع الطريق عىل املنافسة السعودية‪.‬‬
‫«رافال» و«أوروفايرت» بطائرتها «تيفون» و«ساب»‬ ‫الصحيفة أشارت أيضا إىل أن اإلصالحات العلمانية‬ ‫«الديمقراطية أصبحت منذ فرتة طويلة سالح دمار‬
‫بطائرة «كريبن»‪.‬‬ ‫األخرى يف اإلمارات‪ ،‬التي يتفوق فيها الوافدون عىل‬ ‫شامل تستخدمه الواليات املتحدة للتدخل يف الدول األخرى‬
‫املنافسة بني فرنسا والواليات املتحدة بلغت ذروتها مع‬ ‫املواطنني عددا بنسبة تسعة إىل واحد‪ ،‬شملت السماح‬ ‫والشعال ثورات ملوّنة بالخارج»‪.‬‬
‫افتكاك األخرية صفقة الغواصات النووية مع اسرتاليا قبل‬ ‫لألجانب بامتالك أعمالهم دون رشيك محيل‪ ،‬ومنحهم‬ ‫بهذه الكلمات ر ّد املتحدث باسم وزارة الخارجية‬
‫أن تعوض باريس خسارتها بصفقة هائلة من طائرات‬ ‫تأشريات إقامة طويلة األجل‪ ،‬وحتى فتح الباب أمام‬ ‫الصينية عىل دعوة أمريكا تايوان بدل بكني للمشاركة يف‬
‫«رافال» مع االمارات وأخرى مع قطر‪.‬‬ ‫تجنيس النخبة من املغرتبني إىل جانب إنشاء محاكم باللغة‬ ‫«قمة من أجل الديمقراطية» نظمتها عرب الفيديو وأنهت‬
‫‪22‬‬
‫صفحة‬

‫العدد ‪ - 289‬من الثالثاء ‪ 14‬إلى االثنين ‪ 20‬ديسمبر ‪ - 2021‬الموقع االلكتروني ‪ -www.acharaa.com‬البريد االلكتروني ‪maghrebstreet@gmail.com :‬‬

‫مرسحيون ُيناشدون‬
‫عبد القادر مقداد‬
‫العودة للمرسح‬
‫سعيد‬
‫ويدعون ّ‬
‫ّ‬
‫للتدخل‪..‬‬

‫الكاتبة حياة الرايس لـ «الشارع المغاربي»‬

‫يشغلني وضع تونس‬


‫وارتدادها إىل أدنى الدرجات‬
‫• ال يزعجني أبدا أن أصنف ككاتبة نسوية‬
‫• أحب أن يشم القار ئ عطر األنثى في كتاباتي‬
‫• ما حدث يوم ‪ 25‬جويلية بداية ثورة حقيقية‬
‫• يشغلني وضع المرأة المهددة في ذاتها‬
‫وفي جسدها وفي خطابها وفي نصها‬

‫فن تشكيلي‬ ‫مسرح‬ ‫سينما‬ ‫وقفة‬


‫بالطيب‪ّ ،‬‬
‫فنان ّصامت‬ ‫ّ‬ ‫رضا‬ ‫«آخر مرة»‪،‬‬
‫كرّس حياته بحثا‬ ‫قرطاجتا تونس‬
‫الشمس‬‫عن ّ‬ ‫المسرحية الحدث‬ ‫الثقافة‬
‫التي بداخله‬ ‫الفكر يّة‬
‫بقلم ‪:‬‬ ‫بقلم ‪:‬‬ ‫بقلم ‪:‬‬
‫د‪ .‬خليل قويعة‬ ‫د‪ .‬الطاهر بن قيزة‬ ‫محمود الجمني‬ ‫بقلم ‪:‬‬
‫د‪.‬فتحي التريكي‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪21‬‬ ‫‪21‬‬ ‫الشارع الثقافي‬

‫وقفة‬

‫الفكرية‬
‫ّ‬ ‫الثقافة‬
‫د‪ .‬فتحي التريكي‬
‫كرضورة تستوجبها قراءة النص الديني قراءة تستجيب‬ ‫تتطابق فيه عقلنة الذهن والسلوك بعقلنة نمط الحياة‬ ‫كر‪ ،‬عندما ندرس العالقة الشائكة‬ ‫من املفيد أن نذ ّ‬
‫ملتطلبات العرص‪ .‬والحقيقة أن التعقلية يف مجال الخطاب‬ ‫يف املجتمع حتى ال يعيش الفرد العربي انفصاما نفسيا‬ ‫بأن الثقافة تحديدا هي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعقدة بني الثقافة والفكر‪،‬‬
‫الديني تعني التدخل يف جميع مستوياته بدقة إلصالحه‬ ‫عميقا يعيش رفاهة التكنولوجيا وبالدة الذهن وسذاجة‬ ‫قبل كل يشء ظاهرة رمزيّة من صناعة اإلنسان‪ ،‬فهي‬
‫واالبتعاد به عن طريق الشعوذة والغطرسة والتسلط‬ ‫الفهم يف اآلن نفسه‪ ،‬قد يؤدي ذلك إىل انحيازه الواعي إىل‬ ‫طريقة رضوريّة لفهم الواقع والتفاعل معه وتغيريه‬
‫واإلرهاب‪.‬‬ ‫العنف أحيانا وإىل ممارسته بتشدد وعجرفة أحيانا أخرى‪.‬‬ ‫توفر لإلنسان تصوّرات‬ ‫ّ‬ ‫أو التأقلم مع معطياته‪ .‬فهي‬
‫فالعالم العربي لم يتقبل هذه السريورة للعقل بسهولة‬ ‫وأفضل مثال عىل ذلك مرشوع بعض االتجاهات اإلسالمية‬ ‫ومقوالت مشرتكة تسمح لنا بتشخيص ما يحدث حولنا‬
‫بل احتدت النقاشات وكثرت اإلصطدامات ولم تستطع‬ ‫الذين يقبلون التطور التكنولوجي ويرفضون التطور‬ ‫كم فيه وابتكار الطرق والوسائل التي تخوّل لنا‬ ‫والتح ّ‬
‫املبادئ العقلية والثقافة النقدية مزيد التغلغل يف النسيج‬ ‫االجتماعي محافظني عىل التقاليد القديمة يف أحسن‬ ‫العيش املشرتك كما تساعد العنرص البرشي عىل البقاء‬
‫االجتماعي إال بصعوبة قصوى‪ .‬وليس ثمة شك أن هذه‬ ‫الحاالت ومحيني ألفكار وطقوس وممارسات بالية ال‬ ‫والطموح إىل السعادة‪ .‬وإضافة إىل ك ّل ذلك‪ ،‬تعطي الثقافة‬
‫اإلشكالية تبقى أساسية بالنسبة إلينا‪ ،‬بل إن الثقافة‬ ‫تتماىش ومقتضيات العرص‪ .‬وهو مرشوع شجع بصفة‬ ‫شكال معيّنا ومخصوصا للعواطف والوجدان واإلحساس‬
‫الفكريّة التي هي ابنة هذه السريورة للعقل تبقى السبيل‬ ‫آلية املتشددين اإلرهابيني عىل التنظم أوال ثم ممارسة‬ ‫والتوقعات واإلبداعات وقد تتناقله‬ ‫ّ‬ ‫واآلمال واملواقف‬
‫املمكنة لتطوير مجتمعاتنا‪.‬‬ ‫العنف ثانيا‪ .‬نعيش ازدواجية مرضيّة ‪ :‬تأخر ذهني‬ ‫األجيال ليتمحور يف عادات وتقاليد ليت ّم فيما بعد تجديدها‬
‫لألسف الشديد نحن يف تونس قبل الثورة وبعدها لم‬ ‫واجتماعي وقبول التكنولوجيا املتطورة‪.‬‬ ‫واستئنافها أو خرقها واستبدالها من قبل األجيال الجديدة‪.‬‬
‫نستطع بناء املرشوع الثقايف الفكري املنشود إال يف فرتات‬ ‫نعم نحن اآلن يف حاجة أكيدة ألن يقود الفكر املنفتح‬ ‫يظهر ذلك يف اآلثار واألعمال اإلنسانية املختلفة التي ترثها‬
‫محدودة‪ .‬ألننا مازلنا نعتقد أن الثقافة هي شأن يجب‬ ‫قاطرة الثقافة بمختلف تعابريها وإبداعاتها وذلك‬ ‫األجيال حبّا واعتقادا ونقدا وإبداعا وفكرا‪ .‬فتصبح تلك‬
‫ترصيفه وتدبريه كما ندبّر شؤوننا العادية‪ ،‬دون نظرة‬ ‫للتوضيح والنقد والتشخيص والتنظري‪ .‬ذلك ما سمّ يته يف‬ ‫األعمال الثقافيّة تراثا نستخدمه أحيانا مرتاسا وأحيانا‬
‫مستقبلية ودون فلسفة واضحة ودون سياسة مالئمة‬ ‫كر الذي يخرج من برجه الفوقي ومن‬ ‫أبحاثي باملثقف املف ّ‬ ‫فإن مفهوم الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫منطلقا للتغيري والتح ّرر‪ .‬وهكذا‬
‫ملا أفرزته املعارصة من مفاهيم جديدة وتصوّرات جذريّة‪،‬‬ ‫أسوار أكاديميّته ليختلط مع املبدعني يتغ ّذى من أعمالهم‬ ‫مرتبط تكوينا وعمال‪ ،‬من خالل شكله ومحتواه‪ ،‬بالفكر‪.‬‬
‫ذلك ما جعل بعض الذين يعتربون أنفسهم مختصني يف‬ ‫ويفهم مقارباتهم فيقدّم لهم تشخيصه ونقده ليتفاعل‬ ‫الثقافة املتميّزة هي التي تنطلق من تلك‬ ‫أن ّ‬‫والحقيقة ّ‬
‫الثقافة يهيمنون عىل كل أقسامها وإنتاجيّاتها ويفرغونها‬ ‫الفن والفكر‪ ،‬الوجدان والعقل وذلك سيؤدّي حتما لتقدّم‬ ‫العالقة لتعطي التفكري مكانة أوّليّة‪ ،‬ألن التفكري تحليال‬
‫من أهدافها‪ ‬وتصوراتها حتى تتحوّل املؤسسات الثقافية‬ ‫ثقايف ولنهضة جديدة‪.‬‬ ‫ونقدا هو الذي يربز العمل الثقايف بصفة عامة ويحدد‬
‫إىل صندوق إعانات وإغاثة ولقمة ملن أستطاع إليها سبيال‪.‬‬ ‫ليس ثمة شك يف أن للمثقف املفكر يف عرصنا وظيفة‬ ‫منزلته وقيمته ومتانته وعالقاته مع الفكر واإلحساس‬
‫عندما أنشأنا معهد تونس للفلسفة وتبنّته وزارة‬ ‫محددة بانتمائه الطبقي والسلطوي كما ذهب إىل ذلك‬ ‫من ناحية ومع البيئة واملجتمع من ناحية أخرى‪ .‬لذلك‬
‫أن الفالسفة‬ ‫الثقافة‪ ،‬ه ّلل بعضهم يف غضب واضح ّ‬ ‫الفيلسوف السيايس اإليطايل انطونيو غراميش عندما‬ ‫نجد يف املجتمعات املتقدّمة حركة فكريّة ثقافيّة متواصلة‬
‫مكانهم الجامعات ووزارة التعليم العايل‪ ،‬ألنّهم يعتربون‬ ‫املثقفني التّقليديّني الذين يقومون بوظيفتهم‬ ‫ّ‬ ‫ميز بني‬ ‫تربط اإلبداعات العلميّة والفنيّة واألدبيّة بواسطة عمليّات‬
‫أن الفكر بعيد ك ّل البعد عن الثقافة‪ .‬كذلك بعض املنشغلني‬ ‫ّ‬ ‫بانتظام كاملعلمني واألساتذة واإلداريني وغريهم واملثقفني‬ ‫التبسيط املنهجي باملعارف املتاحة لعامة الشعب‪ .‬أمّ ا‬
‫بالفلسفة أطلقوا صيحة فزع خوفا من اختالط الفلسفة‬ ‫العضويني النّسقيني وهم مرتبطون ارتباطا مبارشا‬ ‫يف مجتمعاتنا فيتدحرج الفكر تحت ضغط السلطات‬
‫واملرتفعة واملنتزعة بالعامة حتى وإن‬ ‫ّ‬ ‫النبيلة واملستعصية‬ ‫طبقات التي تستخدمهم يف تنظيم مصالحها السياسية‪.‬‬ ‫بال ّ‬ ‫السياسية والدينيّة ليصبح ثانويّا أو يأخذ شكال‬
‫ّ‬
‫أن اليونسكو نظمت‬ ‫كر ّ‬‫كانت متكوّنة من أهل الثقافة‪ .‬أتذ ّ‬ ‫كما ال يمكن الشك أيضا يف قدرات املثقف املفكر عىل‬ ‫إيديولوجيا ويف كل األحوال ينسحب من ّ‬
‫الثقايف الذي يعمل‬
‫يف سنوات عديدة تظاهرة سمّ تها «ليلة الفلسفة» تبدأ‬ ‫تجاوز املصالح املحلية نحو مبادئ وقيم أكثر كونية‪ .‬ومع‬ ‫عىل حرص الفكر والعلم داخل أسوار األكاديميات‪.‬‬
‫السادسة بعد الزوال وتنتهي الخامسة صباحا يف قاعات‬ ‫ذلك البد من االنتباه إىل ظاهرة تحدث عنها األديب املفكر‬ ‫أطروحة هشام رشابي يف مبحثه «النقد الحضاري‬
‫عديدة بمق ّرها تجد فيها املحارضات يف كل فروع الفلسفة‬ ‫الفرنيس جوليان بندا منذ العرشينات من القرن املايض‬ ‫للمجتمع يف نهاية القرن العرشين» اعتربت أننا منذ‬
‫كما تجد حلقات نقاش يف قضايا آنيّة ملحّ ة‪ ،‬هناك أيضا‬ ‫يف كتابه “خيانة رجال الدين” وكان يتوجه بالالئمة عىل‬ ‫الثمانينات قد دخلنا منعطفا جديدا عىل املستوى الثقايف‬
‫أن جمهور غفري‬ ‫تقديم كتب فلسفية ونقدها‪ .‬واملهم هو ّ‬ ‫املثقفني عامة الذين قد غادروا موطنهم الطبيعي ونعني‬ ‫العام‪ .‬فقد ظهر جليّا أن الفكر الذي صاحب املراحل‬
‫شديد التنوّ ع يحرض بجدّية كاملة ويشارك بفعالية وكنت‬ ‫الفكر والثقافة واإلبداع لريتبطوا بأهل السياسة والسلطة‬ ‫السابقة يحتاج اليوم إىل إعادة نظر وإىل صياغة جديدة‬
‫قد حارضت يف بعضها‪.‬‬ ‫طمعا يف املال والجاه ‪ ،‬ازداد بهذه الظاهرة عالقة التواطؤ‬ ‫إن لم نقل تفكيكا كليا‪ .‬ألن الخطر األكرب يتمثّل يف عدم‬
‫مستفيدا من هذه التجربة اقرتح كريس اليونسكو‬ ‫بني املثقف والسلطة التي تحوّل املثقف إىل جندي قلم يربر‬ ‫القدرة عىل النقد الجذري ألوضاعنا وفكرنا وثقافتنا كما‬
‫للفلسفة سنة ‪ 2017‬تنظيم مهرجان الفلسفة بمدينة‬ ‫كر‬‫القمع ويشجع عىل الهيمنة‪ .‬فليس ك ّل مثقف مف ّ‬ ‫التمسك باإليديولوجيات املاضوية وباالتجاهات‬ ‫ّ‬ ‫يتمثّل يف‬
‫الثقافة حتى نفتح للجميع إمكانية التفكري معا وقد‬ ‫ّ‬ ‫تخل عن الثقافة‬‫ّ‬ ‫تقدّمي التوجّ ه‪ ،‬فقد يكون بتواطئه قد‬ ‫الفكرية التقليدية‪ .‬فالفكر كان حارضا بقوّة عرص‬
‫ولكن بعض من الذين‬ ‫ّ‬ ‫وافقت وزارة الثقافة عىل ذلك‬ ‫والفكر يف آن واحد‪.‬‬ ‫النهضة العربيّة وهشام رشابي دعا إىل تبوّئ الفكر مكانة‬
‫يحرتفون الفلسفة عارضوا الفكرة بمقاالت رجعيّة تبني‬ ‫ّ‬
‫املتعقل‬ ‫كر هو‬ ‫ومهما يكن من أمر فإن املثقف املف ّ‬ ‫أوّليّة اآلن للتخ ّلص من عبوديّة التقاليد‪.‬‬
‫والثقافة يف درجة أخرى لكي ال نقول‬ ‫ّ‬ ‫أن الفلسفة رفيعة‬ ‫الذي يعطي للعقل صبغة االنفتاح‪ .‬يرى الفيلسوف األملاني‬ ‫ولع ّل الحديث عن التقدم يف الثقافة العربية حاليا‬
‫وضيعة‪ .‬لكنّهم قد شاركوا يف ليايل الفكر التي تنظمها‬
‫ّ‬ ‫كانط أن استعمال العقل يؤدي يف النهاية إىل ما تؤديه‬ ‫يستوجب إعادة صياغة بعض املفاهيم والتصورات الالزمة‬
‫سفارة فرنسا بتونس‪.‬‬ ‫الحروب وأشكال العنف ولكن بأقل رسعة ودون دماء‬ ‫إلعادة بناء نهضة عربية جديدة تقوم عىل مكتسبات‬
‫أن الثقافة الفكريّة رضورة ملحّ ة اآلن‬ ‫وشخصيا أرى ّ‬ ‫وتقتيل‪ .‬وإذا علمنا أن الغاية القصوى من الحرب هي‬ ‫فلسفة النهضة التي عاشها العالم العربي يف بدايات القرن‬
‫يف تونس ويف العالم العربي‪ .‬ففي مجتمعاتنا الحالية يجب‬ ‫إقرار السالم حتى وإن كان هذا السالم مسلحا قائما عىل‬ ‫العرشين كما تقوم عىل مرتكزات انتماءاتنا الحضارية‬
‫يعب بشكل أو بآخر عن روح العرص‬ ‫عىل املثقف املفكر أن ّ‬ ‫نظام دكتاتوري فإن العقل هو أيضا يؤدي إىل السلم ولكن‬ ‫وتج ّذر ملتزمات تحديث أنماط حياتنا وتأقلمها مع‬
‫وذلك بواسطة استبطان العلوم املعارصة والتكنولوجيات‬ ‫هذه املرة ستكون سلما توافقية مبنية عىل الحوار أكثر‬ ‫مستجدات العلوم والتكنولوجيا‪ .‬فيبدو يل أن مبادئ تقدمنا‬
‫املتطوّرة واإلبداعات الفنية املتميّزة وعن حضور األنا يف‬ ‫من بنائها عىل الغلبة‪ .‬سلم يرتجمها التآنس‪.‬‬ ‫الحضاري اآلن ال تكمن أساسا يف بعدها التقني بقدر ما‬
‫الهنا واآلن بواسطة تجذير الرتاث الثقايف يف املعارصة‬ ‫فسريورة العقلنة التي تأسست عليها الحداثة قد‬ ‫تتموضع داخل تصورات متجددة يجب استئناف البحث‬
‫ومتحضا ومتخ ّلقا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مثقفا‬ ‫ليجعل من اإلنسان العربي‬ ‫اقتحمت كل امليادين بما يف ذلك ميدان الخطاب الديني‬ ‫فيها تحت معطيات واقعنا املتأزم ومن خالل تطور العلوم‬
‫فالثقافة باإلبداع والفكر هي مفتاح التميّز والتقدّم‪.‬‬ ‫نفسه عندما ورد استعمال العقل لفهم الخلق ومستتبعاته‬ ‫واكتساب التقنيات الرضورية لتكوين مجتمع متوازن‬

‫الوعد‬
‫معالوعد‬
‫النشرمع‬
‫فيالنشر‬
‫التأخيرفي‬
‫منالتأخير‬
‫شيءمن‬
‫فيشيء‬
‫الجميعفي‬
‫نستسمحالجميع‬
‫فإننانستسمح‬ ‫والقراء‪،‬فإننا‬
‫والشعراءوالقراء‪،‬‬
‫الكتابوالشعراء‬
‫منالكتاب‬
‫العديدمن‬
‫منالعديد‬
‫إلينامن‬
‫المرسلةإلينا‬
‫المادةالمرسلة‬
‫لوفرةالمادة‬
‫نظرالوفرة‬
‫تنويه‪: :‬نظرا‬
‫تنويه‬
‫ّان‪.‬‬
‫اإلبّان‪.‬‬
‫فياإلب‬
‫وستنشرفي‬
‫محفوظةوستنشر‬
‫المراسالتمحفوظة‬
‫جميعالمراسالت‬
‫بأنجميع‬
‫بأن‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪22‬‬
‫‪22‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫ملف العدد‬

‫مرسحيون ُيناشدون‬
‫عبد القادر مقداد العودة للمرسح‬
‫ّ‬
‫للتدخل‪..‬‬ ‫سعيد‬
‫ّ‬ ‫ويدعون‬
‫عواطف البلدي‬
‫في كتاب الس ّد للمسعدي قال غيالن لميمونة « مستحيل أن أسكن أو تسكني ألن حياتنا مفعمة عقبات وثنايا وارتحاالت وأسفارا‪ »..‬هذة الروح الثائرة‬
‫والمقتحمة والمتوثبة أبدا هي روح الباثوس ‪Pathos‬التي تحدث عنها أرسطو وبرغسون وغيرهما‪ ..‬تمنينا لو ان هذه الروح العنيدة تسكن جسد المسرحي عبد‬
‫القادر مقداد المعتكف منذ الثورة ولو للحظة حتى تعيده الى خشبة المسرح أداء وكتابة واخراجا وتأطيرا وتعيده أيضا الى جمهوره الذي كان يرتحل اليه باآلالف‬
‫في زمن ليس ببعيد وينشد عودته الى اليوم‪..‬‬
‫«الشارع المغاربي» فتح ملفا «تكريميا» على هامش أيام قرطاج المسرحية حول الممثل عبد القادر مقداد ومسيرته بتشريك بعض زمالئه ورفاق دربه ومن‬
‫تتلمذوا على يديه لقول كلمة حق في الرجل ولحثه على االلتحاق بركبهم من جديد‪..‬‬

‫لطيفة القفصي ‪:‬‬ ‫لمين النهدي ‪:‬‬ ‫رؤوف بن عمر ‪:‬‬ ‫جليلة ب ّكار ‪:‬‬
‫«نرجو أن يتدخل قيس‬ ‫«اشتقنا إلى عبد‬ ‫«غياب عبد القادر‬ ‫«عبد القادر مقداد‬
‫سعيد العادة عبد القادر‬ ‫القادر مقداد ونأمل أن‬ ‫مقداد عن المسرح‬ ‫مبدع محترف بأتم‬
‫مقداد الى المسرح»‬ ‫يعود إلينا قريبا»‬ ‫خسارة كبرى»‬ ‫معنى الكلمة»‬

‫فن املرسح يف القرن العرشين)‪ .‬وتذكرنا محاوالت‬ ‫مقداد هو شخص محرتف بأتم معنى الكلمة‬ ‫والحفر يف ذاته‪ .‬نحن ندرك جيّدا ان الجمع بني‬ ‫ال شك أن الجميع يعلم أن املمثل عبد القادر‬
‫اصدقاء مقداد وزمالئه وأهل قطاعه عرب حثه عىل‬ ‫فقد عاش وواكب بدايات فرقة مدينة قفصة التي‬ ‫األساليب الفنية واإلبداعية واملضامني الفكرية‬ ‫مقداد مبدع حقيقي وفنّان متكامل شغل دنيا‬
‫العودة بمحاوالت جورج برنارد شو صديق كريج‪.‬‬ ‫كانت يف الحقيقة صعبة ماديا" مذ ّكرة أن عبد‬ ‫والفلسفية الجادة هي غاية املنى يف ابداع نص‬ ‫املرسح يف تونس وخارجها‪ .‬وأحدث خالل مسريته‬
‫املمثل رؤوف بن عمر تحدث معنا عن مقداد كما‬ ‫القادر مقداد قدّم ضمن الفرقة التي كان يديرها‬ ‫مرسحي رصني ومغاير يف ان واحد‪ .‬وهذه‬ ‫دويا عظيما لفت إليه أنظار الجماهري العريضة‬
‫لم يتحدث من قبل ‪ ..‬تحدّث عن صفحة ال تطوى‬ ‫املرسحي رجاء فرحات انذاك مرسحية "جحا‬ ‫املسألة طبعا لم يغفل عنها مقداد فهو الساعي‬ ‫والنخب من أهل الفكر والثقافة وخاصة أهل‬
‫وعن نفس إنسانية يف حالة من أحوال العظمة‬ ‫والرشق الحائر" و"محمد عيل الحامي" ويف‬ ‫اىل ابتداع كيانه عرب ابتداع النص املرسحي وهو‬ ‫القطاع املرسحي من مخرجني ومؤلفني وممثلني‬
‫والعبقرية أو حالة من أحوال النبل واالريحية وذلك‬ ‫"الجازية الهاللية" و"الربني والعرتة" وبأن دوره‬ ‫الباحث عن مستقر ممكن داخل نصه املغاير لهذا‬ ‫ومرشفني عىل اإلضاءة والديكور والصوت‪ ..‬مقداد‬
‫من خالل عمله مع الرجل يف "الربني والعرتة" أو‬ ‫يف هذه املرسحية مثل انطالقة حقيقية له‪.‬‬ ‫يتحتّم علينا يف ّ‬
‫ملفنا هذا ان نذ ّكر بمسرية الرجل‬ ‫قرر االعتزال واالعتكاف والصمت بعد تعرضه‬
‫متابعة أعماله ‪ .‬يقول بن عمر " مقداد ممثل قدير‬ ‫وتحدثت بكار عن أهمية الجوالت املرسحية‬ ‫الحافلة وأن نلفت االنتباه إىل أن "عمّ ار بالزور"‬ ‫خالل الثورة إىل هجمة "رشسة" و"اتهامات‬
‫تعرفت إليه عندما التحق بفرقة مدينة قفصة‪..‬‬ ‫يف العمل ولفتت إىل ذكاء مقداد وقدرته عىل جلب‬ ‫و"حمّ ة الجريدي" و"صاحب الكالم" وغريه من‬ ‫بالفساد املايل واإلداري" اعتربها اصدقاؤه‬
‫عندما أدى أول دور رئييس له يف مرسحية "الربني‬ ‫الجماهري العريضة يف قفصة ويف بقية الجهات‬ ‫األسماء إنّما هم جميعهم عبد القادر مقداد لحما‬ ‫املقربون صدمة قوية ومؤملة بالنسبة إليه ألنها‬
‫والعرتة" كان أداؤه متميزا وانتبهنا آنذاك إىل انه‬ ‫قائلة "جميعنا كنا نتنقل داخل الجهات لكن مقداد‬ ‫ودما ووجدانا وعطا ًء وإبداعا‪ ..‬وهم انفسهم‬ ‫صدرت عن أشخاص‪ ،‬م ّد لهم عبد القادر مقداد‬
‫ممثل ممتاز وانه سيكون له شأن عظيم وهذا ما‬ ‫عرف كيف يختار مواضيعه التي تتعلق بالثقافة‬ ‫ذلك املرسحي الكبري الذي هجر ركحه وجمّ د‬ ‫ذات يوم يد العون عىل مستوى التأطري والتكوين‬
‫جعل أعماله تدوم عرشات السنوات"‪.‬‬ ‫الجهوية وتسلط الضوء عىل واقع الجهات"‪.‬‬ ‫قلمه وأطفأ أضواء كامرياته وغ ّلق أبواب مرسحه‬ ‫ماديا ومهنيا‪.‬‬
‫ولفت بن عمر إىل أن أعمال عبد القادر مقداد‬ ‫وختمت بكار قائلة "عبد القادر مقداد مكوّن‬ ‫واعتزل رغم إقرار الجميع بأنه لم يفرغ كل ما يف‬ ‫"الرصين المغاير"‬
‫كانت مطلوبة جدا واىل انه كان يتنقل بها داخل‬ ‫ممتاز فقد ارشف عىل تكوين مرسحيني وممثلني‬ ‫جعبته بعد وبأنه طاقة لم ولن تنضب‪..‬‬ ‫إن االهتمام بعبد القادر مقداد وبأعماله ونحن‬
‫الجهات ويف العاصمة إىل درجة انه لم يعد يف‬ ‫ممن درسوا باملعهد العايل للمرسح وكذلك ممن لم‬ ‫قد يكون املرسح بالنسبة لعبد القادر مقداد‬ ‫نودّع الدورة ‪ 22‬أليام قرطاج املرسحية إنما هو‬
‫حاجة إىل دعم وزارة الثقافة وهي سابقة من نوعها‬ ‫يدرسوا به"‪.‬‬ ‫هو ذاك الفعل الذي يتعمق يف كشف املنزلة‬ ‫اهتمام بـ"الرصني املغاير" ‪ ..‬فقد كان من أنصع‬
‫ومسألة مستحيلة لدى بقية املرسحيني اآلخرين‪.‬‬ ‫قد يذك ّرنا اعتزال عبد القادر مقداد باعتزال‬ ‫البرشية وتحليل معنى الحياة والبحث عن مربر‬ ‫األصوات الداعية إىل إحياء املرسح الشعبي ومن‬
‫مضيفا "كان يعرض حوايل ‪ 200‬عرض يف السنة‬ ‫االنقليزي ادوارد جردون كريج ‪Edward‬‬ ‫لها وللوجود وما ينبغي أن تتصف به الحياة‬ ‫أعمق املشتغلني عىل األعمال الخائضة يف املسائل‬
‫وهذا أمر يستحيل تحقيقه مع بقية الفرق"‪.‬‬ ‫‪( Gordon Craig‬ممثل ومخرج ومصمم مناظر‬ ‫والوجود كي يستحق أن يحياه اإلنسان‪ .‬تقول‬ ‫ّ‬
‫مبسطة‬ ‫الفكرية والوجودية املعارصة بطريقة‬
‫وتابع بن عمر "ما حصل ملقداد بعد الثورة‬ ‫ظر مرسحي ‪ ،‬له تأثري كبري يف تطوير‬‫ومصلح ومن ِّ‬ ‫املمثلة واملؤلفة املرسحية جليلة ب ّكار "عبد القادر‬ ‫وذكية طاملا دفعت الجمهور إىل التساؤل والنقد‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪23‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫ملف العدد‬

‫رهن املناسبات العظيمة وأعظمها تكليف امللوك‬ ‫مثل صدمة للجميع ‪ ..‬لألسف انسحب مقداد يف‬
‫والرؤساء بها ‪ .‬وابن خلدون نفسه مدين لسلطان‬ ‫أوج عطائه علما أنني اتصلت به مرارا وتكرارا‬
‫تونس بتأليف كتابه‪ ،‬وتخ ّليه ملدة اربع سنوات عن‬ ‫رفقة بعض الزمالء واألصدقاء إلعادته وخاصة‬
‫كل املهام واعتزال االهل واالصحاب‪ ،‬منحه الوقت‬ ‫رفيقة دربه لطيفة القفيص وأخربته مرارا أن وزير‬
‫لوضع تاريخه العظيم يف أيام العرب والرببر"‪..‬‬ ‫الثقافة دعاه للعودة ولكنه يف كل مرة يرفض"‪.‬‬
‫ونتساءل بدورنا هل ينبغي ان يتدخل قيس سعيّد‬ ‫وختم رؤوف بن عمر قوله "غياب عبد القادر‬
‫شخصيا العادة مقداد اىل خشبة املرسح حتى‬ ‫مقداد عن املرسح خسارة كربى النه ال يزال قادرا‬
‫يواصل ما بدأه رفقة رموز املرسح وينتج اعماال‬ ‫عىل العطاء واالبداع وذلك لقدرته عىل التأطري‬
‫يخ ّلدها التاريخ مثلما فعل سابقا ؟ تقول املمثلة‬ ‫واالخراج والتكوين والتأليف واألداء"‪ .‬مضيفا‬
‫ورفيقة درب مقداد لطيفة القفيص "نرجو ان‬ ‫"اعتقد ان صدمته كبرية اىل درجة انه لم يعد‬
‫يتدخل رئيس الجمهورية قيس سعيد ووزيرة‬ ‫يرى نفسه يف العودة ‪ ..‬ومقداد ليس يف حاجة ألي‬
‫الثقافة حتى نرد ملقداد اعتباره وحتى يعود‬ ‫شخص ملساعدته او القناعه بالعودة النه لو كان‬
‫للمرسح ألنه مازال لديه ما يقدم"‪.‬‬ ‫يريد العودة لعاد بمرسحية جديدة مثلما فعل‬
‫وأضافت القفيص " عبد القادر مقداد دخل‬
‫نعيمة الجاني ‪:‬‬ ‫المنصف البلدي ‪:‬‬ ‫املخرج البشري الدرييس الذي غاب ‪ 15‬سنة وعاد‬
‫التاريخ وقدم اضافات كثرية وعديدة للمرسح فقد‬ ‫«ما احوجنا لعودة‬ ‫«عبد القادر‬ ‫اىل االخراج بعمل مرسحي جديد"‪.‬‬
‫كوّن اجياال كنت انا من بينهم ‪ ..‬من فينا ينىس‬
‫الجهود التي بذلها لتأسيس مركز الفنون الدرامية‬ ‫عبد القادر مقداد ‪...‬‬ ‫موهبة كبيرة‬
‫اما املمثلة نعيمة الجاني التي تعاملت مع‬
‫مقداد يف مسلسل "الدوار" و"فج الرمل" قالت‬
‫بقفصة؟ كنا نأمل ان يخصص هذا املركز لتكوين‬ ‫أقول له ‪:‬أنت من‬ ‫جدا ومفعمة بالعطاء‬ ‫بدورها "مقداد فنان كبري فقد انطلق يف بداياته‬
‫املرسحيني بجهة قفصة عوضا ان يتنقلوا لدراسة‬ ‫مع املرسحي فاضل الجعايبي " مضيفة "يكفي‬
‫املرسح بعيدا عن مسقط رؤوسهم وذلك للقطع‬ ‫الفنانين الذين ال‬ ‫وأقول له نحن‬ ‫ان نقول إن "الربني والعرتة" واحدة من اجمل‬
‫مع مشقة التنقل ومصاريفه"‪ .‬متابعة "كان‬ ‫يمكن نسيانهم»‬ ‫نحتاجك بيننا»‬ ‫االعمال املرسحية الشعبية الراسخة يف اذهان‬
‫توجه كل املراكز آنذاك يصب يف هذا الهدف وهذه‬ ‫الجمهور التونيس والعربي اىل اليوم "‪.‬‬
‫االمال‪ ..‬بكل اسف تمنيت لو لم يتأسس مركز‬ ‫وأشارت اىل تألق مقداد يف فرقة مدينة قفصة‬
‫النهدي "عرفت مقداد يف سبعينات القرن املايض‬ ‫باملرسح مجددا بعد الثورة قائلة "عبد القادر هرم‬
‫فنون درامية بقفصة وحافظنا عىل فرقة مدينة‬ ‫عرب مرسحيات تظل يف الذاكرة اىل اليوم عىل‬
‫بفرقة مدينة قفصة يف ثالث مرسحيات تقريبا‬ ‫يف املرسح وال يمكن اقصاؤه وال يمكن ان يتخىل‬
‫قفصة فقط ألن املركز كان سببا يف اندثارها"‪.‬‬ ‫غرار "فرئان الداموس" و"مجنون رقم سبعة"‬
‫وهي الربني والعرتة وجحا والرشق الحائر وسرية‬ ‫عن دوره كمرسحي مهما حدث‪ ..‬انا متأكدة ان‬
‫وأردفت "فرقة مدينة قفصة خطت يف بدايتها‬ ‫و"عرس هارون" الفتة اىل ان عبد القادر مقداد‬
‫محمد عيل وهي االنطالقة االوىل لعبد القادر مقداد‬ ‫مقداد اختار االنسحاب لقوة االلم والوجع الذي‬
‫طريقها يف ظل صعوبات عديدة مادية ومعنوية‬ ‫حقق نجاحات كربى يف املرسح التونيس واىل أنه‬
‫مع رجاء فرحات والفاضل الجعايبي بعد ذلك‬ ‫لقيه من أبنائه املرسحيني الذين كونهم واطرهم‬
‫ولكنها نجحت يف ان تكون ذات اشعاع تونيس‬ ‫ساهم يف تكوين عديد الوجوه املرسحية وهي اليوم‬
‫ثم اصبح مقداد مدير فرقة مدينة قفصة وانتج‬ ‫وعاملهم واحسن معاملتهم ‪ ..‬لديه كل الحق ان‬
‫وعربي" مضيفة ان مركز الفنون الدرامية بقفصة‬ ‫نجوم بارزة عىل غرار لطيفة القفيص ومحمد‬
‫اعماال جيدة عىل غرار حمة الجريدي الذي كتبها‬ ‫يتأثر ولكن اقول له ليس لديك الحق من ان تحرم‬
‫كان سببا يف طمس الطابع الذي كنا نشتغل عليه"‪.‬‬ ‫سايس القطاري"‪.‬‬
‫املرحوم الصحفي احمد عامر"‪.‬‬ ‫الناس من اخراجك ومن ابداعاتك يف التمثيل"‪.‬‬
‫وقالت "عبد القادر مقداد ركيزة من ركائز‬ ‫وتابعت "عندما تعاملت مع مقداد يف مسلسل‬
‫وتابع النهدي "جمعتني بمقداد عالقة طيبة‬ ‫وختمت نعيمة الجاني قولها "كانت جميع‬
‫املرسح التونيس وبالتايل العربي وهو قيمة ثابتة‬ ‫"الدوار" اكتشفت يف الرجل جوانب إنسانية قائلة‬
‫جدا يف بدايات فرقة مدينة قفصة قائال "اشتقنا‬ ‫عروضه ناجحة و‪ complet‬واينما ذهب الجميع‬
‫حقيقية‪ ..‬ال يوجد شخص اليوم ال يعرف هذا‬ ‫"يس عبد القادر انسان رائع رغم انني كنت يف‬
‫اىل عبد القادر مقداد ونأمل أن يعود إلينا قريبا‬ ‫يحبونه ويحرتمونه قائلة "ما احوجنا لعودة عبد‬
‫الرجل وهذا املبدع الحقيقي يف تونس والعالم‬ ‫بدايتي _ الدوار هو العمل الثالث يل آنذاك_ اال‬
‫ألنه ترك فراغا وما زال بإمكانه تقديم اضافات‬ ‫القادر مقداد ‪ ...‬احييك يس عبد القادر ‪..‬انت من‬
‫العربي وحتى يف العالم االوروبي نظرا الننا‬ ‫انني وجدت كل العون والدعم والتأطري من عبد‬
‫نوعية للمرسح التونيس"‪.‬‬ ‫الفنانني الذين ال يمكن نسيانهم ابدا وان غبت‬
‫اشتغلنا وقدمنا عروضا كثرية خارج تونس"‪.‬‬ ‫القادر مقداد واشتغلنا بعد ذلك يف مسلسل فجر‬
‫متابعة "عبد القادر مقداد مخرج يخرج من املمثل‬ ‫الحل بيد سعيّد‪! ‬‬ ‫سنوات اطول مكانك سيبقى محفوظا ويجب ان‬
‫الرمل"‪.‬‬
‫يف كتابه "فاتح العقول ابن خلدون" يقول‬ ‫تعود الينا الن االبداع ال ينضب وانت مبدع"‪.‬‬
‫زيت الكتان من شدة حزمه وجدّيته‪ ..‬ورغم هذه‬ ‫وأضافت " عبد القادر مقداد فخر مرسح‬
‫الدكتور املنجي الكعبي إن االعمال العظيمة‬ ‫ويف حديثه عن عبد القادر مقداد قال املمثل ملني‬
‫الجدية ال نسمع كلمة بذيئة منه وال سب الجاللة‬ ‫الجنوب وكل التونسيني وتأسفت كثريا لعدم رؤيته‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪24‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫ملف العدد‬


‫السياسية وان مقداد كان مصدر الهام للثقافة يف‬ ‫مثلما يفعل اخرون"‪.‬‬
‫الجهة"‪.‬‬ ‫وقالت مازحة "عندما كان يؤطرهم او يم ّرنهم‬
‫من جهته قال مدير فرقة مدينة تونس الطاهر‬ ‫وال يعجبونه كان ينتف شعره اىل ان اصبح اصلع‬
‫الرضواني "كان يل رشف العمل مع عبد القادر‬ ‫وبال شعر او انه يرتكهم عىل الركح ويغادر‬
‫مقداد سنة ‪ 98‬عندما تخرجت من املعهد العايل‬ ‫الفضاء حتى يهدأ" مضيفة "اذكر انه عندما كنا‬
‫للمرسح وتعلمت منه الكثري خاصة عىل مستوى‬ ‫بالتمارين وبالربوفة داهمنا الليل وصباح اليوم‬
‫اعداد النص والشخصيات وهي تقنيات درسناها‬ ‫املوايل ولم ننتبه"‪ .‬ولفتت اىل انه ملقداد مدرسة‬
‫حقيقة يف املعهد العايل للمرسح ولكن عىل امليدان‬ ‫خاصة به وهي املدرسة املقدادية قائلة "هذا‬
‫عبد القادر مقداد علمنا اكثر وعلمنا كيف نطبق‬ ‫رأيي الخاص وال تهمني آراء املشوشني‪ ..‬هذه‬
‫املدرسة افتقدت من املرسح ومن تنكر ملقداد‬
‫ما درسنا مضيفا "ملقداد فضل عيل ولن انساه هو‬
‫وكانوا جاحدين يف يوم ما هم كانوا طلبة يدرسون‬
‫خاصة‬
‫باملعهد العايل وكانوا يرتادون مركز الفنون‬
‫وتابع الرضواني "تجربتي مع عبد القادر‬
‫مقداد هي البداية الحقيقية يف مسريتي االحرتافية‬ ‫الطاهر الرضواني ‪:‬‬ ‫حسن المبروكي ‪:‬‬ ‫الدرامية ليقدم لهم مقداد يد العون ماديا ومعنويا‬
‫وكل ما يحتاجون من وثائق ارشيفية او عروض‬
‫مشريا اىل ان مقداد ممثل متمكن ودراماتورج‬ ‫«تجربتي مع عبد‬ ‫«يا حبذا لو تدخل‬ ‫وثائقية باملعهد العايل‪.‬‬
‫قوي خاصة عىل الركح ونسميه نحن ‪l'acteur‬‬
‫‪ généreux‬النه يعطينا طاقة وحافزا حتى نكون‬
‫القادر مقداد هي‬ ‫رئيس الجمهورية‬ ‫وختمت القفيص "عبد القادر مقداد كان‬
‫حنونا وكريما رغم انه صعب وأيضا "ولد باب‬
‫متميزين ‪.‬‬ ‫البداية الحقيقية في‬ ‫ووزيرة الثقافة القناع‬ ‫الله" عاش زوايل وعاش اليتم يف طفولته ولكن‬
‫ويف الجانب اإلنساني ملقداد قال الرضواني‬
‫هناك اشياء ربما ال يريد مقداد ان نتحدث عنها‬
‫مسيرتي االحترافية»‬ ‫عبد القادر مقداد‬ ‫للرجل انفة وعزة نفس لم ارهما عند غريه"‪.‬‬
‫متابعة "املرسح يف حاجة اىل مقداد وأظن انه لديه‬
‫ولكن سأقولها يف املطلق‪ " :‬كان انسان معطاء‬ ‫بالعودة»‬ ‫الكثري ليقدمه أداء وكتابة واخراجا‪."..‬‬
‫وسخيا وكريما جدا فقد كان ال يمر يوما اال‬ ‫املمتلكات التي ليست ملكا لها"‪.‬‬ ‫من جهته قال املمثل حسن املربوكي "يا حبذا‬
‫وقصده شخص او اثنني بمكتبه ملساعدتهم ماديا‬ ‫وتحدث ايضا عن مرسحية "فريان الداموس"‬ ‫بفرقة مدينة قفصة اشتغل عىل مدرسة كوميدي‬ ‫لو تدخل رئيس الجمهورية ووزيرة الثقافة القناع‬
‫قائال إن هذه املرسحية تذكرنا بشخصية جون‬ ‫ديالرتي وقدم للجمهور اعماال ذات خصوصية‬ ‫عبد القادر مقداد بالعودة اىل املشهد" الفتا اىل ان‬
‫وكان يغلق باب املكتب متعمدا حتى يكرم ذلك‬
‫شتمبك يف روايته "رجال وفرئان" ويقصد مقداد‬ ‫عاملية بمضمون تونيس محيل وايضا عىل مستوى‬ ‫مقداد قيمة حقيقية وثابتة يف املرسح التونيس‪.‬‬
‫الشخص وال يحرجه امام البقية كان حريصا عىل‬
‫بفرئان الداموس عمال املناجم الذين كانوا مهمشني‬ ‫استعمال الديكور او الضوء البسيط والسينوغرافيا‬ ‫وأضاف املربوكي "تألم مقداد كثريا اىل درجة‬
‫إخفاء هذا االمر لكن حدث صدفة امامي عندما‬
‫ومسحوقني من طرف املستعمر الفرنيس"‪.‬‬ ‫املحلية والجهوية بجهة قفصة واملناجم والجريد‬ ‫انه لم يعد يريد الحديث عن املرسح والفن تألم‬
‫كنت بمكتبه"‪.‬‬
‫وعن الجانب االنساني لعبد القادر مقداد قال‬ ‫كل هذه املرسحيات كانت تتناول االشكاليات‬ ‫ايضا النه شعر انه لم يخرج من الباب الكبري"‬
‫وختم الرضواني مرسح اليوم يحتاج اىل مقداد‬
‫البلدي "هو رجل انساني واجتماعي اىل ابعد‬ ‫املوجودة انذاك بالجهة واملشاكل ايضا ولكن مع‬ ‫متابعا "عبد القادر مقداد يرفض العودة اعالميا‬
‫كتلة ابداعية ليست مج ّزئة ممثال ومخرجا ومؤلفا‬
‫الحدود ومتواضع" مضيفا "بكل اسف االنسان‬ ‫تقديم نوع اخر جديد من املرسح الكالسيكي مثل‬ ‫ومرسحيا من تلقاء نفسه"‪.‬‬
‫وحتى عىل مستوى ادارة االنتاج كان الرجل‬ ‫القدير واملتواضع ال يجد حظه يف بالدنا النه عندما‬ ‫عمل " صالح الدين االيوبي" كان ملقداد ملسات‬ ‫واشار اىل ان غياب عبد القادر مقداد عن‬
‫حقيقة مقتدر ولذلك نحتاجه اليوم يف املرسح و‬ ‫يتواضع الفنان يستغل االخرين تواضعه‪ ..‬عبد‬ ‫مهمة جدا يف االخراج اذ لم يكن سهال تقديم اعمال‬ ‫الساحة املرسحية بمثابة الخسارة الكربى قائال‬
‫كان موزعا جيدا ايضا ويحسن الرتويج العماله‬ ‫القادر مقداد من هامات االبداع يف تونس ولكنهم‬ ‫ذات صبغة تقدمية وبها ارتقاء فني رفيع وتقدم‬ ‫"يحز يف نفيس كثريا عندما ارى مكان عبد القادر‬
‫بطريقة عجيبة وجدية وجيدة جدا واحقاقا للحق‬ ‫تناسوه عمدا"‪.‬‬ ‫للمرسح الكالسيكي"‪.‬‬ ‫مقداد خاليا اليوم عىل خشبة املرسح ولكن يبقى‬
‫مقداد كان يحرتم جدا املتفرج والجمهور قائال‬ ‫وعن عودة مقداد اىل املرسح قال البلدي‬ ‫وأضاف "ملقداد ايضا منهجية يف هذه االعمال‬ ‫االمل مطروحا يف عودته"‪.‬‬
‫عودة مقداد اليوم رضورة دون اي شك ولكن‬ ‫"املسالة تعود اليه وحده قد ال يتحمل مقداد‬ ‫ويف تقديمها ويف اخراجها كما تناول ايضا يف‬ ‫مقداد ‪L'acteur généreux‬‬
‫بالنسبة ايل الشخص االقدر واالنجع عىل اقناع‬ ‫الوقوف عىل الركح مجددا ولكن بامكانه عىل األقل‬ ‫اعمال اخرى مفهوم الكلمة وحرية التعبري يف‬ ‫توجّ هنا بالسؤال اىل املرسحي املنصف البلدي‬
‫مقداد للعودة هو مقداد نفسه"‪.‬‬ ‫كتابة املرسحيات واعلم جيدا انه قادر عىل كتابة‬ ‫مرسحية "صاحب الكالم" الفتا اىل انه مقداد‬ ‫حول رضورة عودة زميله ورفيق دربه بفرقة‬
‫سنوات طويلة غاب خاللها عبد القادر مقداد‬ ‫الكثري من املرسحيات او حتى اإلخراج" مضيفا ال‬ ‫يتميز بمنهجية واضحة يف تقديم العمل واخراجه"‬ ‫مدينة قفصة سابقا فر ّد قائال "عبد القادر‬
‫عن خشبة املرسح جسدا وروحا وكتابة واخراجا‬ ‫احد اليوم قادر عىل اقناع مقداد بالعودة اال مقداد‬ ‫الفتا اىل ان مقداد قدم مرسحية حمة الجريدي‬ ‫موهبة كبرية جدا ومفعمة بالعطاء االبداعي‬
‫واداء‪ ..‬غياب لم يتقبّله جمهور "حمّ ة الجريدي"‬ ‫نفسه وأقول له ارجوك نحن نحتاجك حتى لو‬ ‫التي تروي واقع الطبقات الفكرية واالجتماعية يف‬ ‫الفني املرسحي وغري املرسحي‪ ..‬كرجل مرسح‬
‫وأحباء "عمار بالزور" ومتابعي "الدوّار"‪ ..‬عزلة‬ ‫لم تعد مهتما بالصعود عىل الركح مجددا اكتب‬ ‫مدينة معينة متسائال "ملاذا تلك الطبقة السحيقة‬ ‫كان ملقداد ملسات عجيبة وجميلة يف كيفية اقناع‬
‫رفضها واستنكرها اصدقاء مقداد ومحبّيه االمر‬ ‫لنا مرسحيات‪ .‬وختم البلدي عبد القادر مقداد‬ ‫التي تعاني الفقر والتهميش والطبقة املالكة التي‬ ‫املشاهد باملادة املعروضة كان متألقا عىل مستوى‬
‫الذي جعلهم يرصخون يف كل مرة بأعىل أصواتهم‬ ‫رجل مقتدر ليس يف املرسح فقط ولكن ايضا يف‬ ‫تستغل هذه الطبقات الفقرية مشريا اىل وجود‬ ‫الدراماتورجيا ومتمكنا يف تقديم نوعية خاصة‬
‫لحث صديقهم عىل العودة‪ ،‬آملني أن يستجيب‬ ‫الشعر واملوسيقى موضحا ان عالقته االجتماعية‬ ‫طبقات سياسية اخرى فاسدة اشتغل عليها مقداد‬ ‫تحمل بصماته"‪.‬‬
‫لدعوتهم هذه املرة‪..‬‬ ‫كانت واسعة جدا مع الجمهور والشعب واالطياف‬ ‫يف املرسحية وقد قدمت نفسها انها تمتلك هذه‬ ‫وتابع البلدي "ملا استأنف مقداد العمل‬

‫عبد الرحمان مامي‬ ‫شخصيات تونسية‬


‫‪ -‬عبد الرحمان مامي ولد في ‪ 15‬سبتمبر ‪ 1903‬بضاحية المرسى واغتيل في ‪ 13‬جويلية‬
‫‪.1954‬‬
‫‪ -‬درس عبد الرحمان مامي في المدرسة الصادقية بتونس العاصمة ثم اتجه إلى‬
‫فرنسا لدراسة الطب وهناك أجرى بحثا يتعلق بحمى المستنقعات التي تفشت بصفة‬
‫كبيرة في الثالثينات‪ .‬واستعمل مع طبيب فرنسي دواء جديدا في عالج هذا الوباء‪.‬‬
‫‪ -‬عاد الدكتور مامي إلى تونس سنة ‪ 1936‬وفتح عيادته الخاصة في أحد األحياء الشعبية‬
‫بالعاصمة‪ ،‬وقد خصص يوما أسبوعيا لمعالجة مرضاه من الفقراء بدون أجر‪.‬‬
‫‪ -‬انتمى الدكتور مامي إلى الحزب الحر الدستوري التونسي‪ ،‬وناضل في صفوفه‪.‬‬
‫كما ساهم في إسعاف جرحى أحداث ‪ 9‬أفريل ‪ 1938‬وفي أعمال الجبهة الوطنية كما‬
‫عرف بمساعيه التوفيقية عند حصول خالفات بين عناصر الحزبين الدستوريين القديم‬
‫والجديد‪.‬‬
‫‪ -‬نظرا لمواقفه الوطنية تعرض الدكتور مامي لالغتيال من قبل العصابة الفرنسية‬
‫المسماة باليد الحمراء وذلك في ‪ 13‬جويلية ‪ ،1954‬بعد أن كانت قد اغتالت وطنيين‬
‫آخرين من أبرزهم فرحات حشاد في ديسمبر ‪ 1952‬والهادي شاكر في سبتمبر ‪.1953‬‬
‫‪ -‬تخليدا لذكراه أطلق اسمه على مستشفى األمراض الصدرية بأريانة وشارع كبير‬
‫بمدينة المرسى‪.‬‬
‫نص ألسامة ال ّر اعي‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪25‬‬ ‫الشارع الثقافي‬

‫الكاتبة حياة الرايس لـ «الشارع المغاربي» ‪:‬‬

‫يشغلني وضع تونس‬


‫وارتدادها إىل أدنى الدرجات‬
‫أجرت الحوار ‪ :‬نائلة الشقراوي‬
‫هي شهرزاد الرواية التونسية‪ ،‬مابين تونس والعراق وباريس كانت سيرتها األدبية واالنسانية‪ ..‬أستاذة‬
‫الفلسفة التي اشرعت أجنحتها على األدب والصحافة‪ ،‬ال يزعجها ان تصنف ككاتبة نسوية ألنها تنتصر‬
‫للمرأة ولقضاياها وتؤمن ان لألنثى عطرها الخاص الذي يجب أال يخلو منه حبر الكاتب‪ ،‬تجربة ثرية تخطت‬
‫جغرافيا المكان وتحكمت بكرونولوجيا الزمن في آثارها األدبية‪ .‬حياة الرايس ضيفتنا اليوم‪.‬‬
‫يمس كيان االنسان من الداخل‬‫ساحرة وإيقاع داخيل ّ‬ ‫نهنئك باصدارك الجديد "الجسد املسكون‬
‫ليرسي يف جسد النص‪.‬‬ ‫والخطاب املضاد" ونريد ان نعرف عنه املزيد‬
‫اذا وقع ذلك منك يف قلب االخر (القارئ ) فانت قد‬ ‫ويف أية خانة تصنفينه انت التي كتبت القصة‬
‫نقلت اليه نبض الكون‪.‬‬ ‫والرواية والشعر واملرسح والبحث الفلسفي‬
‫الشعر طقس عام يف مناخاتي الرسدية كلها من‬ ‫ولألطفال أيضا حسب كتبك السابقة‪ .‬ما هي‬
‫قصة ورواية ومرسحية وحتى املقاالت والدراسات‪...‬‬ ‫هويته االجناسية؟‬
‫هو أسلوب كتابة كامتداد ألسلوب عييش أنا امراة‬ ‫شكرا لتهانيك‪.‬‬
‫تحاول ان تعيش شعريا وابداعيا ورسديا عىل األرض‪.‬‬ ‫هذا الكتاب هو كتاب فكري ‪ :‬مجموعة دراسات‬
‫الشعر ان تكون حواسك كلها يف حالة يقظة‬ ‫وبحوث‪ ،‬حول املرأة‪ ،‬يف رصاعها اليومي‪ ،‬مع السائد‬
‫اللتقاط ابسط الجزئيات وأدق التفاصيل من حولك‬ ‫الثقايف واالجتماعي والسيايس والتاريخي‪ ...‬لكي‬
‫التي ال يراها اغلب الناس يف دوامة الركض اليومي‬ ‫تكون كائنا قائما بذاته ال بغريه‪ .‬مشاركا اآلخر غري‬
‫وراء عربات املوت‪ ...‬ان تلتقط هذه التفاصيل وان‬ ‫مرتهن اليه‪ .‬وكذات قائلة ليس كموضوع للقول‪.‬‬
‫عشوية صيفية تحت‬ ‫صديقتني تلطفه نسائم‬
‫ياسمينة الفريندا الخلفية‪.‬‬
‫ال يزعجني أبدا أن أصنف‬ ‫تبث فيها روحا هي بعض روحك وتصنع منها الحدث‬ ‫‪ -‬طرحت موضوع األمهات العازبات‪.‬بشهادات‬
‫قلت إن الكاتب الذي ليست له قضية ليس‬ ‫ككاتبة نسوية‬ ‫والفرح والرسد والقصيدة وليست الرواية غري نسيج‬
‫التفاصيل التي تؤثث االحداث وتكسو الشخصيات‪...‬‬
‫منهن مبارشة‪.‬‬
‫"النساء املسكونات بالجان" كحاالت باثولوجية‬
‫بكاتب وإنما هو يلعب لعبة ترصيف الكلمات‬
‫فماهي القضايا التي كانت من اوكد اهتماماتك‬ ‫أحب أن يشم القارئ عطر‬ ‫وهنا يحرضني قول الناقد العراقي عذاب الركابي‬
‫يف سياق حديثه عن تجربتي بني الشعر والنثر يقول‪:‬‬
‫_ أظهرت الحركات اإلصالحية النسائية يف بداية‬
‫القرن املايض لنساء همّ شهن التاريخ ‪_ ...‬‬
‫ككاتبة ؟‬
‫من اوكد اهتماماتي مقاومة الفكر السلفي الذي‬ ‫األنثى في كتاباتي‬ ‫"رسقت إيقاع القصيدة‪ ،‬وخيال النثر"‪ .‬تهمة‬ ‫أظهرت تراثا نسائيا‪ ،‬شفويا‪ ،‬شعبيا‪ ،‬منسيا‪،‬‬
‫يريد ان يعود بنا اىل زمن الخالفة والرعايا والحريم‬ ‫جميلة‪ ،‬اعتز بها فذلك اقىص ما انشده يف نيص‬ ‫مغرتبا غربتني‪ :‬غربة طغيان الثقافة الرسمية‪ .‬وغربة‬
‫ودونية املراة كمخلوق من درجة عارشة ‪ .‬يشغلني‬ ‫ما حدث يوم ‪ 25‬جويلية‬ ‫اإلبداعي سواء كان نثرا او شعرا او رسدا ‪ ....‬ال حدود‬ ‫طغيان املدوّنة الذكورية‪ .‬يف حكايات وأساطري " أهل‬
‫عندي بني اإليقاع واملوسيقى الداخلية للنص وبني‬ ‫الجزيرة"‪.‬‬
‫وضع بالدي وارتدادها اىل ادنى الدرجات بفعل هذا‬
‫الفكر الرجعي الذي خ ّرب البالد‪ .‬هدفه رضب الثالوث‬
‫بداية ثورة حقيقية‬ ‫املخيال الذي يصدح ويتغنى بكل ذلك او عىل إيقاع‬ ‫_ احتفيت بنصوص نساء‪ ،‬أعدن قراءة تاريخ‬
‫كل ذلك‪.‬‬ ‫شخصيات تونسية‪ ،‬نسائية‪ .‬مثل " الكاهنة الرببرية‬
‫املزعج للفكر السلفي "الثقافة والتعليم واملراة"‬
‫وتدمري كل البنى التحتية يف عملية تخريب ممنهجة‪.‬‬
‫يشغلني وضع المرأة المهددة‬ ‫والشعر عموما ليس يف القصيدة ولكن يف الكون‬ ‫" يف عالقتها بحسان ابن النعمان من طرف املرسحية‬
‫ليتم له بسط جربوته وتسهل سيطرته عىل مجتمع‬ ‫في ذاتها وفي جسدها وفي‬ ‫كما قلت وعلينا اقتناص ومضاته ونفحاته لنطرز‬
‫بها إيقاع حياتنا فتصيب إيقاع نصنا كامتداد طبيعي‬
‫القديرة وحيدة الدريدي ‪...‬‬
‫_ أعدت قراءة شخصية " ع ّليسة " املتأرجحة بني‬
‫جاهل وضعيف‪ ،‬ذليل وفقري وتعيس همه األول‬
‫لقمة العيش‪ .‬لكن التونسيني ابهروني بدرجة وعيهم‬ ‫خطابها وفي نصها‬ ‫السلوب حياتنا وشخصيتنا‪.‬‬ ‫الحقيقة والخيال‪ .‬بني الواقعي واألسطوري‪ .‬صانعة‬
‫ويقظتهم ملثل هذا الفكر الذي يستهدف إنسانيتهم‬ ‫واذا اردت كالما آخر فديواني الشعري الثاني‬ ‫مجد قرطاج وعظمتها‪.‬‬
‫بالدرجة األوىل عندما خرجوا يف يوم قايض حرارته‬ ‫كتبت بلغة شعرية بعيدا عن رسد االحداث بصغة‬ ‫يطبع يف دار "ابجد" بالعراق بعدما ترجم اىل‬ ‫حياة الرايس الروائية اين انت من الشعر ؟‬
‫‪ 45‬درجة يف يوم ال ينىس يوم ‪ 25‬جويلية‪ .‬واعتربه‬ ‫جافة وباردة ‪...‬و يكفي ذلك اإليقاع املوسيقي الذي‬ ‫االسبانية من طرف الشاعرة واملرتجمة املغربية‬ ‫ورس الوجود يأتي الشعر ‪:‬‬ ‫رس اللغة ّ‬
‫بني ّ‬
‫ذلك هو اليوم الحقيقي للثورة او بداية الثورة الن‬ ‫يرتدد يف الزمة " بغداد وقد انتصف الليل فيها" عىل‬ ‫خديجة بجاج‪.‬كما ترجم ديواني األول اىل الفرنسية‬ ‫يأتي الشعر عندما نرى الكون بعني القلب ونفهم‬
‫الثورة مسار‪...‬‬ ‫كامل الفصل األول‪.‬‬ ‫من طرف املرتجم الجزائري عيىس حديبي‪.‬‬ ‫لغة الطري ونصغي للصخر ونرهف السمع لرصد تلك‬
‫يشغلني وضع املراة املهددة يف ذاتها ويف جسدها‬ ‫والهمس يف اذنك ان روايتي القادمة تبدأ أحداثها‬ ‫وروايتي "بغداد وقد انتصف الليل فيها" يف‬ ‫الومضات والنفحات والجزيئات النورانية املبثوثة‬
‫ويف خطابها ويف نصها‪.‬‬ ‫الغريبة من حوار اجتماعي \فلسفي مجنون بني‬ ‫طبعتها الرابعة اعتقد ان من بني أسباب نجاحها انها‬ ‫يف تجليات الكون ونحولها اىل كلمات ذات موسيقى‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪26‬‬ ‫الشارع الثقافي‬


‫مخافة ان يغادرها اىل جنس اخر ‪.‬بل قوة الكاتب عندما يتلبّس‬ ‫كتبت السرية الذاتية يف بغداد وقد انتصف الليل فيها‬

‫شكرا هالة الوردي‬


‫شخصيات غري شخصيته وليست من نوعه وال تشبهه‪.‬‬ ‫ولكنك كنت كأنك واحدة من األبطال واالحداث هل تركيزك‬
‫لكن انا كتبت كثريا عن الرجل ومجموعتي " ليت هندا ‪"...‬‬ ‫عىل املكان وأهله كان متعمدا وملاذا ؟‬
‫كل ابطال قصصها رجال وكذلك " عناويني " انا وفرنسوا‬ ‫روايتي "بغداد وقد انتصف الليل فيها" هي رواية سريية‬
‫‪...‬و جسدي املبعثر عىل العتبة " وطقوس رسية ‪ ...‬وجحيم "‬ ‫وطبيعي ان أكون الشخصية الرئيسية لكنها يف ذات الوقت هي‬
‫وغريها‪ ...‬انا اكتب عن الرجل ولكن ال احب ان اكتب مثل الرجل‬ ‫سريتي وسرية اشخاص عارصتهم وعايشتهم مثل الروائي الكبري‬
‫أ‪ .‬عميره عليّه الصغيّر‬ ‫اؤمن بالخصوصيات واجد اريحية كبرية ان اكتب بكامل انوثتي‬ ‫جربا إبراهيم جربا الذي خصصت له فصال كامال وكذلك فعلت‬
‫واحب ان يشم القارئ عطر االنثى يف كتاباتي لكن بخطابي‬ ‫مع الدكتور عبد الرحمان منيف و"سقراط بغداد" استاذي يف‬
‫هالة الوردي ملن ال يعرفها هي أستاذة جامعية وباحثة يف الحضارة العربية‬
‫الخاص الذي ينبع من مشاكيل الخاصة ونيص الذي ال يشبه‬ ‫الفلسفة مدني صالح ‪ ...‬كل هؤالء كانوا ابطاال يف روايتي وهي‬
‫اإلسالمية وهي منذ اصدارها سنة ‪ 2016‬كتاب “األيام األخرية ملحمد” ما فتئت‬
‫أي نص اخر ال رجال وال امراة ‪ .‬اقصد التفرد والتميز مطلوب‬ ‫سرية مكان أيضا بني تونس وبغداد وباريس أعطيت البطولة‬
‫تبحث وتنقب يف تاريخ فرتة التأسيس للدولة االسالمية وكان آخر اصداراتها‬
‫بالنسبة للمراة او الرجل نحن نلتقي ولكن ال نشبه بعض‬ ‫فيها للمكان وحتى الزمان ليكون شاهدا عىل مرحلة تاريخية‬
‫“‪ ”Meurtre à la Mosquée‬وقد تناولت فيه حادثة اغتيال الخليفة الثاني‬
‫البد من الحفاظ عىل الخصوصيات النها هي التي تعطي نكهة‬ ‫من حياة العراق لألجيال وهي تستمد أهميتها كما قال احد‬
‫للمسلمني اي عمر ابن الخطاب‪ .‬وكما أثارت كتبها الثالثة السابقة اهتمام‬
‫النص‪.‬‬ ‫النقاد العراقيني من توثيقها لزمن ومكان انمحيا من الوجود‬
‫القراء فان مؤلفها األخري هذا أثار كذلك ضجة خاصة يف ما بني غري املختصني‪.‬‬
‫ما هو موقفك من إجراءات الرئيس قيس سعيد يوم‬ ‫ولم يبقيا اال بني أوراق الكتب التي تروي ذلك الوجود الذي كان‪.‬‬
‫يمكن أن نختلف مع الباحثة حول فهم عبارة ما استقتها من مصادرها او‬
‫‪ 25‬جويلية وكيف تقبلت تعيينه امرأة رئيسة حكومة ؟‬ ‫كل أجيال التسعينات وما بعدها لن يعرفوا ما كانت عليه مدنهم‬
‫حملتها اكثر ممّ ا تتحمل او أوّلتها يف غري قصدها او أن نلوم املؤلفة عىل انها‬
‫ّ‬
‫والنسابني العرب واملسلمني‬ ‫اقترصت يف مصادرها ومراجعها عىل املؤرخني‬ ‫إجراءات كنا ننتظرها من زمان حتى خرج الشارع يف يوم‬ ‫اال من الكتابات التي وثقت ماضيهم‪.‬‬
‫وحتى نشكك يف حقيقة املعلومات التي استقتها من الطربي او الذهبي‬ ‫مشهود يوم ‪ 25‬جويلية‪ .‬فاستجاب الرئيس الرادة الشعب‪.‬‬ ‫لك مؤلف بعنوان "جسد املرأة من سلطة اإلنس اىل‬
‫والجوزي والبالذري وابن األثري وغريهم من املصادر واملراجع الكثرية التي‬ ‫سلطة الجن"ماهي حدود جرأتك يف الكتابة ومدى قربك‬
‫الشعب طالب ايضا باملحاسبة ومحاكمة الفاسدين لكن‬
‫اعتمدتها‪.‬‬ ‫يف الحديث عن الجسد؟‬
‫هذا االمر تعثر كثريا ولم نرى محاسبات شافية ذلك ان الرئيس‬
‫لكن ليس لنا اال ّ أن نهنّئ الزميلة األستاذة هالة الوردي عىل شجاعتها‬ ‫كتابي "جسد املرأة من سلطة االنس اىل سلطة الجن " الذي‬
‫ليس له عصا سحرية يف تتبع العصابات واللوبيات و‪...‬‬
‫العلمية وعىل جسارتها يف التصدي بالبحث يف تاريخ اعتربه أصحابه مقدّسا‬ ‫صدر عن دار سينا بالقاهرة سنة ‪ 1995‬هو عىل حد علمي اول‬
‫القضاء عىل شبكة الفساد املتمكنة واملسترشية يف البالد‬
‫بأن التساؤل حوله يرتقي اىل درجة اإلثم وحتى‬ ‫ال يقبل التشكيك فيه وأفتوا ّ‬ ‫بحث من نوعه يتناول حاالت النساء املسكونات بالجان وقد‬
‫طوال وعرضا ولكن االمر يتطلب وضع اسرتاتيجية عامة ملقاومة‬
‫ّ‬
‫الكفر‪.‬هالة الوردي يف تناولها ملوت الرسول محمد وما حف من تسمية الخليفة‬ ‫كان موضوعا مسكوتا عنه بل يعترب االقرتاب من جسد املرأة‬
‫الفساد تشارك فيها كل القوى الوطنية الفاعلة والصادقة‬
‫األول أبا بكر وتصارع املسلمني عىل السلطة ويف حروب متتالية وما رشحته‬ ‫من املحرمات ولو بمقاربات علمية بحثية سوسيولوجية ‪/‬‬
‫والرشيفة ولو بنسبة الن الفساد ال يقاومه شخص مهما‬
‫يف شخصية عمر ابن الخطاب “رضبت يف اللحم الحي” لعقول جمّ دها الجهل‬ ‫سايكولوجية‪ ...‬وقد هاجمني االخوان بسببه يف ندوة معرض‬
‫كانت مكانته واألخطر من كل ذلك ان القضاء الذي سيحاسب‬ ‫القاهرة الدويل التي أقيمت خصيصا له‪ .‬والقصة معروفة‬
‫وأضحت ترى تاريخ االسالم والعرب مقدّسا وصنعت له صورة ورديّة تمجّ د‬ ‫املفسدين هو نفسه يف اغلبه فاسد‪.‬‬
‫أبطاله وأخرجتهم حتى من عالم الواقع واصبغت عليهم هالة من القدسيّة‬ ‫تناولتها الصحافة ووصلت اصداؤها اىل تونس‪...‬‬
‫وهذا التباطؤ يف إيقاف املفسدين الذين اجرموا يف حق‬ ‫رويتها يف سريتي الذاتية ويف عدة مناسبات‪...‬‬
‫والكرامات وكانت النتيجة هي ما عليه البنية الثقافية والفكرية للشعوب‬
‫الشعب قد اعطاهم فرصة السرتداد انفاسهم واالستقواء‬ ‫هل تخضع الكتابة لجنس صاحبها ؟ وهل تصنيفك‬
‫املنتمية للتاريخ العربي واالسالمي اآلن والتي أضحت فيها شعوبها ال ترى‬
‫باالجنبي والتخريب من الداخل‪ .‬كان البد من طرق الحديد وهو‬ ‫ضمن الكاتبات النسويات يرضيك ام يضع لك حدودا ؟‬
‫اصالحا يف حارضها اال بالعودة ملاضيها وانجبت تلك الوحوش البرشية الرافعة‬
‫لسيف الجهاد والتكفري العادة بناء دولة الخالفة والعدل املوهوم‪ .‬هالة الوردي‬ ‫حام ولكن االمر ليس سهال عىل ما يبدو كانت هناك ضغوطات‬ ‫انا ال يزعجني ابدا ان اصنف ككاتبة نسوية بل بالعكس‬
‫يف كتابها هذا ”اغتيال يف املسجد” أعادت الخليفة عمر ابن الخطاب اىل طبيعته‬ ‫كبرية عىل الرئيس من الداخل والخارج خاصة‪.‬‬ ‫هذا يضعني يف صلب القضية و ال يوجد كاتب حقيقي ليس له‬
‫سي دولته الناشئة وامّ ته كما فهم عقيدته‬‫البرشية ‪ ،‬فهو حاكم ككل الحكام ّ‬ ‫املنا االن يف الحكومة الجديدة وكيل ثقة يف قدرة املراة عىل‬ ‫قضية لكنها ال تضع يل حدودا كونها ليست قضيتي الوحيدة ‪.‬‬
‫وكما تربّى عليه يف بيئته العربية الصحراوية وهو كذلك برش يمكن أن يصاب‬ ‫اإلدارة والتسيري‪ .‬وانا اطمنئ اليها اكثر الن املراة عموما اقل‬ ‫طرحت قضايا وجودية فلسفية يف قصة "عزرائيل والكاتب"‬
‫بالخرف وحتى بالجنون ويمكن أن يكون عادال وتقيّا وحتى رجال عنيفا‬ ‫فسادا من الرجل‪.‬‬ ‫ضمن مجموعتي القصصية األوىل "ليت هندا" وقضايا‬
‫ومهووسا بعذاب القرب وباملوت‪.‬‬ ‫بعدما راينا حكم " الرجال " وكيف قادوا البالد اىل املهلكة‬ ‫اجتماعية أخرى كون قضية املراة عندي ليست معزولة عن‬
‫من يقرأ الكتاب بعيون املحب للمعرفة ودون أفكار مسبقة وحتى من‬ ‫وفشلوا فشال ذريعا لن نغفره لهم‪ .‬بعد كل ذلك الخراب الذي‬ ‫قضية املجتمع عن قضية الرجل نشرتك يف بعض املسائل مع‬
‫غري املختصني ال يفوته اال أن يستمتع بقراءته وأن يحيي املؤلفة عىل نزاهتها‬ ‫الحقوه بالبالد والعباد يجب ان تسقط اسطورة تفوق الرجل‪.‬‬ ‫بعض الخصوصيات‪.‬‬
‫العلمية وجهدها الجبار يف التوثيق واإلحالة املدققة يف كل ما أوردت من‬ ‫فلنجرب حكم املراة وال نحكم عليها مسبقا وندعمها‬ ‫والكتابة ال تخضع بالرضورة لجنس الكاتب والدليل عىل‬
‫معلومات ويشكرها عىل تصدّيها بجرأة العالم لتحريك السواكني ورجّ العقول‬ ‫ونعطيها فرصة‪ .‬وان ال نشكك يف قدرتها اطالقا‪ .‬وهي فرصة‬ ‫ذلك ان املراة تعالج قضايا الرجل وتكتب عنه والعكس صحيح‬
‫التي ك ّلستها قرون الجمود والتقليد والجبن املتوارث‪.‬‬ ‫للتخلص من الرواسب التي تسكننا حول دونية املراة وعدم‬ ‫وقد يكتب الرجل عن املراة احسن مما تكتب عن نفسها والعكس‬
‫اهليتها قد اثبت التاريخ عكس ذلك دائما‪.‬‬ ‫صحيح‪ .‬الكتابة ال تتلبّس جنس صاحبها وتتشبث بتالبيبه‬

‫صورة تتح ّدث‬

‫“سيرك عمار”‬
‫هو سيرك أسسه أحمد بن عمار القايد‪ ،‬المولود سنة ‪ 1860‬بدوار مجانة‬
‫والية البرج ( الجزائر)‪.‬‬
‫قام بترويض الحيوانات المتوحشة وبدأ بتقديم عروضه محليّا‪.‬‬
‫حظي “سيرك عمار” بشهرة كبيرة دفعت به إلى تقديم أول عرض له‬
‫في انقلترا‪ ،‬وهناك تعرف على “ماري بونفو” التي تزوج بها وهي فرنسية‬
‫األصل ليتطور السيرك بعد ذلك أكثر فأكثر‪.‬‬
‫توفي احمد بن عمار سنة ‪ 1913‬وواصلت زوجته وأبناؤه الستة المسيرة‬
‫بعده وأصبح اسم “سيرك عمار” عالميا‪ ،‬ومرتبطا بايطاليا بعد ان تم بيع‬
‫هذا االسم ألكبر مسيري عروض السيرك بايطاليا‪.‬‬
‫عن فاطمة ماطري‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪27‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫أيام قرطاج المسرحية‬

‫حازت على جائزة أفضل‬


‫عمل متكامل‬

‫«آخر مرة»‪،‬‬
‫املرسحية احلدث‬
‫د‪ .‬الطاهر بن قيزة‬
‫كما جسمته بصورة رائعة مريم بن حميدة ورافقها‬ ‫يف البداية‪ ،‬لم افهم جيّدا سبب إلحاح صديقي‬
‫بامتياز أسامة كشكار‪ .‬فأنت يف حرضة ممثلني من‬ ‫الناقد األدبي محمد مومن عىل أن أشاهد مرسحيّة‬
‫الصنف الرفيع املمتاز‪ .‬إنه البسيط الذي يخفي آالف‬ ‫"آخر مرة" لوفاء الطبوبي الحائزة عىل جائزة‬
‫اللمسات وآالف التعبريات التي تنبذ التكرار وتُبدع‬ ‫أفضل عمل متكامل يف سهرة اختتام الدورة ‪ 22‬أليام‬
‫يف كل حني موقفا‪ ،‬وصورة‪ ،‬ووضعا‪ ،‬وحكاية‪ .‬ليس‬ ‫قرطاج املرسحية‪ .‬لعله ي ّكن لها صداقة خاصة‪ .‬لعل‬
‫يف اإلضاءة غري املستطيالت واملربعات مما يعني أننا‬ ‫للمرسحيّة بُعدا فلسفيّا أراد صديقي أن يخترب مدى‬
‫يف حرضة مواقف مسطرة ووضعيات مُنمطة إىل حد‬ ‫فهمي له‪ .‬لعله‪ ،‬باعتباره ناقدا مرسحيّا منذ عدّة عقود‬
‫القرف‪ .‬يف الديكور طاولة وكرسيني‪ .‬ثمة مشاهد ترى‬ ‫رأى يف املرسحيّة ما لم يره من قبل‪ .‬شاهدته يستعمل‬
‫فيها الكرايس تتقارب ثم تتباعد ثم تتواجه‪ .‬فالكرايس‬ ‫جميع وسائل اإلقناع لتقبل وفاء الطبوبي بحضوري‬
‫شخصية تلعب دورا تعبرييا تماما مثل الضوء‬ ‫رغم نفاذ التذاكر‪ ،‬والشباك املغلق منذ الساعات األوىل‬
‫واملوسيقى‪ .‬لم تُهمل وفاء الطبوبي شيئا من العنارص‬ ‫تدخل الحبيب بالهادي‪ ،‬منتج العرض‬ ‫ّ‬ ‫من فتحه‪.‬‬
‫الركحية لتجعل كل يشء يف مرسحيتها يتك ّلم‪ ،‬وكل‬ ‫ألتمكن من حضور العرض الثاني للمرسحيّة بقاعة‬
‫يشء يشارك يف سنفونية عنيفة‪ ،‬مرصعة بشتى‬ ‫الريو‪.‬‬
‫أشكال التعبري املبارش واملجازي‪ .‬مالبس املمثلني‬ ‫جم ٌع غفري من الشبان والشابات وبعض املسؤولني‬
‫باألبيض واألسود‪ .‬وهي توحي بالصور الفوتوغرافية‬ ‫يف قطاع املرسح مألوا قاعة االنتظار بضجيج اشتقت‬
‫وبني تاريخي الذكوري‪ .‬ليست مرسحيّة "آخر مرة"‬ ‫القديمة‪ ،‬إىل درجة أنك قد تخال نفسك يف سينما‪ ،‬أمام‬ ‫إليه منذ أيام "غسالة النوادر" ومرسحيّة "عرب"‪.‬‬
‫نسويّة املنحى‪ ،‬وهي ال تدعي ذلك‪ .‬إنها شهادة عىل‬ ‫صور‪ .‬وإذا بهم يخرجون من‬ ‫ٍ‬ ‫أبطال تراهم يف شكل‬ ‫زاد فضويل السيما بعدما عرفت أنه سيعقب العرض‬
‫قيمة الحب‪ ،‬وعىل أشكاله الرديئة القاتلة‪ .‬فالحب‪،‬‬ ‫طورهم فيُواجهونك بلحمهم ودمهم‪.‬‬ ‫نقاش يف القاعة نفسها‪ .‬والحقيقة أن االستعداد‬
‫أعزك الله‪" ،‬أوله هزل وآخره جد"‪" .‬آخر مرة"‬ ‫يا إالهي‪ ،‬كم تطلبت "آخر مرة" من ساعات‬ ‫للنقاش إنما هو استعداد للمواجهة‪ .‬سأباغت صديقي‬
‫مرسحيّة جديّة بحبها‪ ،‬ليس فيها اجرتار وال تكرار‪.‬‬ ‫عمل وتوضيب وتدقيق كلمات وحركات وإيحاءات‬ ‫مومن بإنباهي إىل الجزئيات التي ال يتفطن إليها‬
‫أعرتف أن هذه املرسحيّة جعلتني أتفاءل كثريا‪.‬‬ ‫ومواقف وسياقات‪ .‬تذكرت صديقي اليبنتز‪ :‬لكل‬ ‫املشاهد أول مرة‪.‬‬
‫فاملخرجة وفاء الطبوبي‪ ،‬مؤلفة نص املرسحيّة‪،‬‬ ‫مونادة فردي ٌّة تجعلها كائنا فريدا ليس كمثله أحد‪.‬‬ ‫بتنهُّ‬
‫بدأت "آخر مرة"‪ ،‬أو بدا يل الصوت كذلك‪ ،‬د‬
‫شابة‪ .‬ومساعد املخرجة إسماعيل املحضاوي شاب‬ ‫(‪ )Tout Etre est Un être‬قد يذ ّكرك العرض‬ ‫تلته موسيقى حادة‪ ،‬بها إيقاع يشبه دقات القلب‪،‬‬
‫أيضا‪ .‬واملمثلني مريم بن حميدة وأسامة كشكار يف‬ ‫بمرسحيّة "غسالة النوادر" أو غريها من مرسحيات‬ ‫لكنك تعجز عن استصاغته باعتباره رضبا من‬
‫عنفوان الشباب‪ ،‬وكذلك مدير اإلضاءة يزيد بالهادي‪،‬‬ ‫فرقة املرسح الجديد‪ .‬غري أن "آخر مرة" ليست مثل‬ ‫موسيقى الرتفيه ا ُملهدئة لألعصاب‪ .‬وعىل نقيض ذلك‪،‬‬
‫تلك املرسحيات الرائدة‪ .‬يشء واحد يربطها بتلك‬ ‫ترمي بك املوسيقى يف جو مشحون بالتوتّر‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫ومصمم السينوغرافيا إسكندر الرشيف‪ ،‬واملسؤول‬
‫املرسحيات وهو العظمة والريادة‪ ،‬أو ما يسميه‬ ‫كان ظهور املمثلني مريم بن حميدة واسامة كشكار‬
‫عن املوسيقى صالح الرشقي‪ .‬كل ذلك يعني أن جيال‬
‫باشالر "بالحدث اإلبستمولوجي"‪ .‬وهو حدث بمعنى‬ ‫عىل شكل مواجهة عنيفة بني مدير إداري معتد بنفسه‬
‫جديدا من املرسحيني بدأ يفرض نفسه بعمله وبكدّه‬
‫أنه تعبري عن قطيعة وبداية مرحلة جديدة يف تاريخ‬ ‫وبموقعه‪ ،‬يسمح لنفسه أن يتحرش بسكريتريته‪ ،‬التي‬
‫وامتيازه وقدرته عىل اإلبداع والتأثري‪.‬‬
‫املرسح التونيس‪ ،‬بل ُقل إنها عودة مركبّة ومؤكدة‬ ‫رغم كفاءتها‪ ،‬تعيش عىل إيقاع جهنمي من العناية‬
‫شعرت يف هذه املرسحيّة برضب من "النعمة"‬ ‫جيل جديد من‬ ‫للنص املرسحي الذي ال يويل ظهره للتعبري ال ُركحي‬ ‫بطفلها وبدارها وبعملها تخرتقه وترية الخوف من‬
‫(‪ )La grâce‬التي تميّز كل متعبّد‪ ،‬وكل امرأة‬
‫تجاوزت حدود الجمال‪ .‬النعمة عطاء إلهي‪ ،‬تشعر‬
‫المسرحيين بدأ‬ ‫واللغة البدنيّة التي قد تقول ما يعجز عنه الكالم‬ ‫الطرد‪.‬‬
‫يفرض نفسه بعمله‬
‫ويُفحَ م بفعله كل ذي عقل ووجدان‪.‬‬ ‫تعجب من سالسة النص املرصع املنضد واملركب‬
‫بها حني تكون يف حرضة الحب الويف والعمل املتقن‬ ‫أردت أن أكون حارض الذهن‪ ،‬رقيبا بعقيل َملقول‬ ‫بسالسة لغته التونسية التي ال تجد فيها كلمة واحدة‬
‫الذي يفرض نفسه باعتباره أثرا فريدا يسلك طريقا‬ ‫وقدرته على اإلبداع‬ ‫النص ومُضمره‪ ،‬فإذا بي أنساق دون أن أق ّرر ذلك يف‬ ‫يمكن االستغناء عنها‪ ،‬وال حركة واحدة بال معنى‬
‫لم يسبقه إليه أحد‪ ،‬وهو ال يق ّلد أحدا‪ ،‬ويرتقي بك‬
‫إىل مراتب املتعايل الذي يهب األشياء واألحداث‬ ‫والتأثير‪...‬‬ ‫سياق عواطفي التي جعلتني أتحّ ول من مشاهد إىل‬
‫شخصية تشارك باملساندة واإلدانة واأللم والتحفظ‬
‫وال مغزى‪" .‬آخر مرة" نص ال بد أن يُنرش ويُقرأ‬
‫لنفهم أن أداءه يتطلب دراماتورجيا كاملة‪ ،‬ونصا‬
‫واألشخاص داللة تجعل مصطلحاتك القديمة عاجزة‬ ‫واملوافقة والقبول والرفض‪ .‬تتحّ ول املواجهة بني‬ ‫جسديا‪ ،‬وتعبريا ركحيّا غاية يف التعقيد ملن أراد‬
‫عن التعبري عن هذا الذي لم نعرف بعد ما هو‪...‬‬ ‫الشخصيتني إىل مواجهة بيني وبني نفيس بيني‬ ‫محاكاته‪ ،‬وغاية يف البساطة والتلقائية ملن أراد تتبعه‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪28‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫أيام قرطاج المسرحية‬

‫قراءة تأويلية لمسرحية «‪ 18‬أكتوبر»‬

‫«حديث الثورة يرقص‬


‫من جديد فتسقط األقنعة»‬

‫د‪.‬فوزية ضيف هللا‬


‫الجمل عىل ضناه» عىل حد تعبري كاتب النص نفسه‪.‬‬ ‫الجسد‪ ،‬بعبارات الورع التي تعلمتها بعد زواجها من العرويس اليميني‪.‬‬ ‫ط»‬‫ط»‪« .‬طريق ش ّ‬ ‫يُدوّي صوت الريح‪ ،‬تشت ّد العاصفة يف «طريق الش ّ‬
‫يُمرسح الكاتب التوافق بني اليسار واليمني‪ ،‬عىل هيئة تزاوج مثيل‬ ‫ولكن حليمة «تونس»‪ ،‬هي أرض تعاقبت عليها األفكار‪ ،‬بك ّل أطيافها‪،‬‬ ‫مكان معزول‪ ،‬هو طريق للمرور‪ ،‬تربته جافة‪ ،‬مناخه صحراوي‪ ،‬أرضه ال‬
‫مُقنّع‪ .‬وبعد محاوالت عديدة‪ ،‬ينجح عمار يف اقناع العرويس بتمثيل‬ ‫جسدها يُعارش األحزاب كاأليام‪ ،‬كالساعات‪ ،‬ولكن قلبها ظ ّل ينبض للثورة‬ ‫تصلح للسكن أو للعيش أو للزراعة‪ .‬ورغم هذا الخالء فقد ر ّكز العرويس‬
‫مرسحية «التوافق»‪ ،‬وقبول الزواج‪ ،‬طلبا للجوء اىل الدانماك‪ .‬ولكن‬ ‫نص حليمة‪ ،‬من السواد إىل‬ ‫الراقصة‪ ،‬لحبّ ال يموت‪ ،‬هو الحريّة‪ّ .‬‬
‫يتغي ّ‬ ‫«براكة» للتجارة‪ ،‬مع زوجته‪ .‬كسدت التجارة‪ ،‬ضاقت السبل بعد تن ّكر‬
‫اليميني يخل بعهد التوافق‪ ،‬ويفشل يف اقناع لجنة الهجرة يوم ‪18‬‬ ‫البياض‪ ،‬وتنعتق مفاصلها‪ ،‬تسقط األقنعة‪ ،‬فتتم ّرغ عىل الخشبة‪ ،‬كحيّة‬ ‫ط خاليا‪ ،‬أكثر‬‫الح ّكام الجدد وغدر األصدقاء القدامى‪ .‬أصبح طريق الش ّ‬
‫أكتوبر‪ .‬يعود كل منهما مصدوما‪ ،‬مفجوعا‪ ،‬يُصاب عمار بالكحيل‪ ،‬وتعود‬ ‫غي جلدها‪ ،‬ينتفض جسدها ا ُملتم ّرد‪ ،‬وتنطق باملسكوت عنه‪ .‬يُصبح‬ ‫تُ ّ‬ ‫من ذي قبل‪ .‬يد ّل خالء املكان عىل معاناة من يطأ أرضه‪ .‬ما أعتم الظالم‬
‫للعرويس نوبات الرصع الحادة‪.‬‬ ‫والقصوى بعد أن عجزت اللغة عن إملامها‬ ‫الجسد اللغة التعبريية األوىل ُ‬ ‫حني تنغلق اآلفاق وتجهض األحالم‪.‬‬
‫عندما تسقط األقنعة‬ ‫نص بمفرده‪،‬‬ ‫بتفجري ما توارى يف املايض‪ .‬كل شخص يف املرسحية‪ ،‬هو ّ‬ ‫ثم يح ّل «عمّ ار النفطي»‪ ،‬صديق الجامعة القديم‪ ،‬مهزوما خائبا‪ .‬لقد‬
‫ّ‬
‫تتحل‪ ،‬وتتح ّرر‪ ،‬يساعدها‬ ‫ينقش اسمه كما يريد‪ ،‬ولكن حليمة عندما‬ ‫خاب ظنّه يف الثورة بعد أن ع ّلق عليها آماله وأهدافه اليسارية‪ .‬يقرتح‬
‫لقد فشلت محاوالت التوافق‪ ،‬بني مفهومي‪ ،‬الرفقة واالخوة‪ ،‬وتتلذذ‬
‫عمار اليساري يف اتمام ثورتها‪ .‬تحتاج األنوثة لفكر لتصبح أقوى‪ ،‬قوة‬ ‫عمار النفطي عىل صديقه العرويس الخروج من البالد وطلب اللجوء‬
‫حليمة بهزيمتهما‪ ،‬وتطردهما خارج أرضها دون رحمة‪ .‬يكشف الحوار‬
‫وتمسكها كل مرة بتجريب أفكار أخرى‪ ،‬فهي ال تخىش‬ ‫ّ‬ ‫حليمة يف عنادها‪،‬‬ ‫إىل الدانمارك‪ .‬سوف يتظاهران بالزواج املثيل‪ ،‬وهو ما يتطلب تمّ رنا‬
‫الجسدي بني العرويس وعمار‪ ،‬أن الرصاع لم يكن قائما عىل مبادئ‪ ،‬بل‬
‫املغامرة‪ .‬تتخ ّلص من األلم باالنصات اليه لآلخر‪ ،‬وكان «عمّ ار النفطي»‬ ‫واتفاقا وتوافقا بني اليمني واليسار‪ ،‬بني مفهوم االخوة ومفهوم الرفقة‪،‬‬
‫كانت رحاه تدور عىل مفاهيم وكلمات‪ .‬لكل منهما معجمه الخاص‪،‬‬
‫أحد آالمها األوىل‪ ،‬إحدى أفكارها األوىل‪ ،‬التي ظ ّلت تُطبّبها‪ ،‬ولكنّه عاد‬ ‫بني التسليم والقبول وبني الثورة ومطالبها‪ .‬توافق بني حزبني مختلفني‪،‬‬
‫معجم يرتاوح بني الجنة والخمرة‪ ،‬بني السواك والسيجارة‪ ،‬بني الحياة‬
‫عىل شكل آخر‪ .‬لقد عادت الثورة إىل «حليمة»‪ ،‬لتُعيدها إىل مسارها‪ .‬جاء‬ ‫يحكمان األرض ذاتها‪ ،‬باسم مفاهيم مختلفة‪ ،‬وتحت لثام صداقة مقنعة‪.‬‬
‫الدنيا والحياة اآلخرة‪ .‬ولكن يجمعهما حب الصعود‪ ،‬تحت رمزية النخل‬ ‫سوف يحاوالن إقناع اللجنة يف سفارة الدانمارك‪ ،‬يوم ‪ 18‬أكتوبر‪،‬‬
‫الفكر اليساري‪ ،‬ليُعيد لحليمة توازنها‪ ،‬فكرا وجسدا‪ .‬فرقص جسدها‪،‬‬
‫والجريد املتساقط‪ ،‬يسقط كل منهما‪ ،‬ويصبح للنخلة قلبا جديدا‪ ،‬يشع‬ ‫للحصول عىل تأشرية السفر‪ .‬ولكنهما فشال يف ذلك‪ .‬ينكرس طموحهما‪،‬‬
‫حُ ًّرا‪ ،‬ثائ ًرا‪ ،‬وراقصها عمار‪ ،‬ليشكال فراشتني من فراشات الثورة‪ ،‬تحت‬
‫بياضا‪ .‬هكذا هو قلب حليمة‪ ،‬يكون بلون فستانها األبيض الذي لفت به‬ ‫لهيب الفكر الثائر‪ .‬التهبت الثورة من جديد‪ ،‬تراصت العبارات مثقلة‬ ‫ويصيبهما يأس مقيت‪.‬‬
‫مفاتنها‪ ،‬وتتخلص من سواد الوسطية‪ .‬ال يمكن لألرض النقية إال أن تظل‬ ‫بجحيم الرفض‪ ،‬وتنهّ دت تفاصيل الجسد معربة عن غبار األماني التي‬ ‫نص موغل في التجريد‪،‬‬
‫بيضاء‪ ،‬ناصعة‪ ،‬قوية وشامخة‪ ،‬ثائرة وحرة‪ ،‬أبية رغم بطش الذئاب‪.‬‬ ‫جفت منابعها‪ ،‬وكانت األرجل تد ّك األرض د ّكا رقيقا وخطريا‪ ،‬وسط‬ ‫ّ‬ ‫يتلحّ ف حكمة المنطوق‬
‫ال تؤمن حليمة عىل أرضها بتوافق مزيّف‪ ،‬وال تسمح لهذه األقنعة أن‬ ‫َ‬
‫الرمال الذهبية التي تصاعدت‪ ،‬لتحول الواقع اىل تجريد ضبابي‪ ،‬وتحوّل‬ ‫لقد نحت بوكثري دومة نصه يف لغة صحراوية‪ ،‬لغة أهل الجريد‪،‬‬
‫تواصل وجودها عىل مرسح الثورة‪ .‬يعود لها رشدها الثوري‪ ،‬وتقتلع‬ ‫الجسد اىل عالمة عىل بداية الثورة‪ .‬ظهرت غالل الثورة يانعة يف شكل‬ ‫فكأننا حينما نسمعه عىل لسان الشخوص‪ ،‬نصيب برعشة املعنى‪ .‬نتأهب‬
‫قلبها بيديها‪ ،‬فتتم ّرد عىل االثنني‪ ،‬حبيبها القديم‪ ،‬وزوجها العرويس‪.‬‬ ‫اللوحة الراقصة‪ ،‬جمع بني اللحم املنتيش‪ ،‬والفكر املحرتق‪ ،‬جمع بني‬ ‫لالمساك باللفظ‪ ،‬فيأتي بعدة حرف مطلسم‪ .‬ألفاظ النص تراوح بني‬
‫تحر ّرت األرض «حليمة» من أقنعة االيديولوجيات‪ ،‬من «الخطابات‬ ‫مايض نضايل‪ ،‬وحارض توافقي‪.‬‬ ‫الشعر واللحن‪ ،‬وسط كتابة شذراتية ذكرتني بنحت زرادشت نفسه‪.‬‬
‫املمتلئة وهجا بال نار»‪ ،‬لتؤمن بنفسها فقط‪ ،‬بقدرتها عىل الرقص فوق‬ ‫«عمار النفطي» و«العروسي»‪،‬‬ ‫النص صعب عىل من لم يعرفوا لهجة الجريد‪ ،‬لكنه يطرق باب األلفة‬
‫مظاهر الدّمار األخرية‪.‬‬
‫التوافق المزعوم‬ ‫كفاجعة مُفرحة‪ ،‬يُوقظ يف نفس املتلقي ثورة داخل الذاكرة‪ ،‬ويخلخل‬
‫تراجيديا التوافق‬ ‫لقد اختار بوكثري دومة‪ ،‬عنوانا يُوحي بحدث تاريخي سيايس‬ ‫طبقات املعاني التي تكدّست عرب التاريخ‪ .‬يدفعك النص إىل االنشداد‬
‫غادرت حليمة أرض التوافق الكاذب‪ ،‬وأماطت اللثام حول املايض‬ ‫عاشته تونس‪ ،‬هو تاريخ التوافق املعارضة يوم ‪ 18‬أكتوبر ‪ ،2005‬ضد‬ ‫نحوه‪ ،‬ينغمس القول فوق الخشبة مع ثورة الناطقني به‪ ،‬يتساوى‬
‫املتشابك‪ ،‬ثم رمت جلدها خارجا‪ ،‬وسمحت للحمها أن يتنفس من جديد‪،‬‬ ‫االستبداد‪ .‬وانتهى ارضاب املعارضني الثمانية بتشكيل هيئة ‪ 18‬أكتوبر‬ ‫ويتوافق مع لحن الصحراء‪ ،‬مع غربة الشخوص‪ ،‬مع وجع االنتظار‪ ،‬ومع‬
‫دون ايديولوجيات‪ ،‬وخارج ثانية الحرام والحالل‪ ،‬أرست معالم حياتها‬ ‫للحقوق والحريات‪ .‬فالتقى العرويس (املربي) االسالمي‪ ،‬خريج كلية‬ ‫املتاهة التي تدور فيها الحكاية‪.‬‬
‫الجديدة‪ ،‬بعد املعاناة‪ .‬ولكن عىل جانب أغرب من أديمها ال يزال «العرويس»‬ ‫الرشيعة‪ ،‬بصديق الجامعة املحامي الشيوعي «عمار النفطي»‪ .‬التقيا‬ ‫نص متشبّع بحكمة األجداد‪ ،‬بحكمة الرتاب‬ ‫للنص جذور فلسفية‪ّ ،‬‬
‫وعمّ ار» يجربان لعبة «التوافق» الجديدة‪ ،‬تحت مفاهيم مختلفة‪ .‬طاملا لم‬ ‫عىل أرض مألوفة‪ ،‬وطأتها أطياف مختلفة واتجاهات فكرية متعددة‪.‬‬ ‫ط‪ ،‬حيث ال بحر‬ ‫والسماء والنخل‪ .‬ي ّ‬
‫ُصفر الريح يف أرجائه‪ ،‬عىل طريق الش ّ‬
‫تتوحّ د اللغة‪ ،‬ولم تتوحّ د العبارات‪ ،‬فال يمكن للجسد والفكر أن يجربّا‬ ‫ترمز حليمة إىل تونس‪ ،‬هذه األرض التي تعاقبت عىل تربتها‪ ،‬رصاعات‬ ‫وال موج‪ .‬ولكن املوج يتالطم فكرا متأجّ جا‪ ،‬تتناطح تيارات الهواء بك ّل‬
‫التوافق عىل نهجه الحقيقي‪ .‬يرتدي كل من اليمني واليسار‪ ،‬بدلة جديدة‪،‬‬ ‫غي وجهها‬ ‫ايديولوجية مُتناحرة‪ ،‬من اليسار إىل اليمني‪ ،‬كانت حليمة تُ ّ‬ ‫أطيافها فوق أديم األرض‪.‬‬
‫كلما داهمهما الفشل‪ ،‬يمارسان األمر بالثورة‪ ،‬والنهي عن الرتاجع‪ ،‬كل‬ ‫يف كل مرة‪ ،‬لكن عمقها ظ ّل هو هو‪ ،‬عمقا مُتحررا‪ ،‬ثائرا عىل ك ّل مُستبد‪.‬‬ ‫«حليمة»‪ ،‬األرض الثائرة والمطعونة‪،‬‬
‫عىل جهته‪ ،‬لكنّهما ال يلتقيان وال ّ‬
‫يتفقان‪ ،‬وال يتوافقان إال ّ بُرهة من الزمن‬ ‫ّ‬
‫التفسخ‬ ‫فرفضت الحب املغ ّلف باالستبداد‪ ،‬ورفضت التح ّرر الناتج عن‬ ‫المنسي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫طبقات من الجسد‬
‫الهارب‪ ،‬عىل صوت العاصفة املدوية‪.‬‬ ‫واالغرتاب‪ ،‬تن ّكرت األرض لألب املنسل‪ ،‬ألنه شوّه تاريخ الحرية‪ ،‬و«دار‬ ‫النص‪ ،‬وتُخفي ّ‬
‫خفة‬ ‫ّ‬ ‫كانت حليمة‪ ،‬بلباسها الرشعي‪ ،‬تُواري صدق‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪29‬‬ ‫وجهة نظر‬


‫الشارع الثقافي‬ ‫سينما‬

‫قرطاجتا تونس‬ ‫تأجيل تصوير فيلم «برج الرومي»‬


‫ملنصف ذويب‬
‫محمود الجمني‬
‫سينمائي‬
‫يعايش وطني منذ ‪ 30‬أكتوبر إىل غاية ‪ 12‬ديسمرب الحايل حدثني ثقافيني وهما أيام قرطاج‬
‫السينمائية يف دورتها الثانية والثالثون وأيام قرطاج املرسحية يف دورتها الثانية والعرشون التي‬
‫أختتمت يوم ‪ 12‬ديسمرب الحايل‪.‬‬
‫ينضح املركز – أعني العاصمة‪ -‬طيلة شهر ونصف ثقافة مرئيّة ومشهديّة‪..‬ال بد من مباركة هذين‬
‫تجس العالقة مع الشعوب الحاثة‬ ‫املهرجانني فهما واجهة تونس عىل العالم بهما تفخر وبواسطتهما ّ‬
‫والبعيدة‪ .‬شعوب بعضها نقاسمه اللغة والثقافة والجغرافيا وأخرى نتوق لفعل تثاقفي معها يفيد‬
‫الطرفني أخذا وعطاء‪.‬‬
‫املؤسسني‪ .‬أهداف وغايات رسموها منها ما تجاوز ستة عقود‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هكذا كان باعتقادي هدف اآلباء‬
‫أعني ما تعلق بأيام قرطاج السينمائية‪...‬‬
‫لقد ُرسمت تلك األهداف للمهرجانني ضمن سياقات ثقافية واجتماعية وسوسيو إسرتاتيجية‬
‫صالحة لزمنها‪ ..‬لكن منذ ذلك الحني سالت مياه كثرية تحت الجسور وتطوّرت سياقات بل ولدت‬
‫سياقات جديدة بفضل عاميل العوملة والتطور التكنولوجي‪...‬‬
‫هذا التسارع والتطور املتالحق أال يدفعنا إىل التساؤل عن مدى مالءمة سياسة املهرجانني لواقع‬
‫الحال وعن قدرتهما عىل التطور الذاتي إسرتاتيجية وأهدافا ثم انجازا وانتشارا بل إشعاعا داخليا‬
‫وخارجيا؟‬
‫هذه الجملة من التساؤالت ال يمكن اإلجابة عنها دون توصيف لواقع الشأن الثقايف مع ربطه‬
‫بالسياسة الثقافية للدولة إن وجدت‪.‬‬
‫املشرتك واملميز للمهرجانني‪:‬‬
‫تعي مدير املهرجان وفق‬ ‫يشرتك املهرجانان يف أسلوب اإلدارة فهما يتبعان سلطة اإلرشاف التي ّ‬
‫معايري ال تعلمها إال هي‪.‬‬
‫قد يقبل بمبدأ «املمول هو سيد القرارات»‪ ..‬ال رضو‪ .‬لكن هذه أموال دافعي الرضائب وأنه يف‬ ‫منير الفالح‬
‫كل املجالني من هو حريّ باإلسهام بد ًء باملشورة عىل غرار الجمعيات السينمائية ومراكز فن املرسح‬
‫وما جاء فيها من شهادات ملناضلني أمثال محمد‬ ‫أعلن السينمائي منصف ذويب عن تأجيل‬
‫بالجهات إستنادا إىل مبدأ «التشارك» حتى ننتقل من التسيري اإلداري العمودي إىل التسيري الجماعي‬
‫صالح فليس وفتحي بالحاج يحيى وحمة الهمامي‬ ‫تصوير فيلم «برج ال ّرومي» لبداية شهر جويلية‬
‫‪ Managment‬دون اإلخالل بوظيفة ودور من هو عىل رأس املهرجان‪.‬‬
‫وغريهم مع اإلستعانة بما عاش شخصيا من أحداث‬ ‫القادم لعدم توفر التمويل الكايف إلنجاز عمل‬
‫هذا االختيار يف التعيني والتسيري يجنّب أهل القطاع خصاما ال يفيد بل يفنّد ما يسميه البعض‬
‫عندما انتمى يف فرتة شبابه لحركة «برسبكتيف»‪.‬‬ ‫مكلف يؤرخ لفرتة تاريخية معينة‪...‬‬
‫«الزبونية» و«تقاسم الكعكة» و«الحيتان الكبرية» و«التهميش» الخ ‪....‬‬
‫ومن األخبار التي رشحت عن فريق العمل أن‬ ‫يذكر أن فيلم "برج الرومي" متحصل عىل‬
‫تكاد تكون الفضاءات موحدة بما أن دور سينما العاصمة واملدينة الثقافية هي أهم الفضاءات‪.‬‬
‫أدوار البطولة أسندت لكل من فاطمة بن سعيدان‬ ‫منحة من صندوق الدعم السينمائي يف حدود‬
‫االختالف هو خروج أيام قرطاج السينمائية إىل بعض الجهات‪ ،‬خروج ليس بالسهل القيام به بالنسبة‬
‫وريم بن مسعود وسهري بن عمارة ونجيب بلقايض‬ ‫‪ 400‬ألف دينار وهي ال تفي بالحاجة يف غياب‬
‫للمرسح الن مراكز الفنون الدرامية والركحية املجهزة لم يؤخذ رأيها يف إسهامها من عدمه‪ ..‬كم نتوق‬
‫وصالحة النرصاوي واألمني النهدي وهيلني‬ ‫دعم التلفزة الوطنية او إحدى القنوات الخاصة‪،‬‬
‫إىل عدالة ثقافية تخرج أهل الجهات من وضع الهامش إىل وضع املركز‪..‬الجهات بدورها يف حاجة إىل‬
‫كاتزاراس ونادية بوستة‪.‬‬ ‫وتخيل أصحاب القاعات عن دورهم يف إسناد عملية‬
‫الغذاء الثقايف وهو أمر ميسور خاصة بالنسبة أليام قرطاج السينمائية‪...‬إن تمتع بقية الجهات بالفرجة‬
‫وعن خياراته عىل مستوى الكاستينغ‪ ،‬يقول‬ ‫اإلنتاج‪،‬وصعوبة إيجاد دعم خارجي ‪.‬‬
‫السينمائية تسهم يف رفع الذائقة الفنية ملن نأت بهم املسافات عن العاصمة‪.‬‬
‫منصف ذويب إن نسبة كبرية من املشاركني يف‬ ‫ويذكر أيضا ان سيناريو الفيلم مقتبس عن‬
‫هذا اإلختيار يقع التفكري فيه عند اإلعداد حتى ال يقع التعلل بالكلفة املادية إذ يمكن إلدارة املهرجان‬ ‫ْ‬
‫رشاء حقوق ّ‬ ‫العمل شباب من خريجي املعهد العايل للفنون‬ ‫الحزقي «نظارات‬ ‫كتاب املناضل اليساري عز الدين‬
‫بث بعض األرشطة تونسية وأجنبية‪.‬‬
‫الدرامية والركحية وأنه اختار من بني ‪ 500‬مرشح‬ ‫أمي»‪...‬وتدور أحداثه حول سجن برج الرومي‪،‬‬
‫الفرجة ومتعتها وأجواء االحتفال وعبقه مرغوبان فيهما فليعززا بمتعة فكرية من خالل النقاش‬
‫‪ 30‬شابا لتجسيد أدوار املساجني السياسيني‬ ‫ومعاناة سجناء الرأي أثناء عهد النظام البائد‬
‫ومالقاة الفاعلني يف الفن من منتجني ومخرجني وممثلني وتقنيني‪..‬‬
‫مشريا إىل أن ارتباط فتحي الهداوي بتصوير‬ ‫داخل هذا السجن ومأساة أمهاتهم وشقيقاتهم‬
‫ليت العروض (مرسح وسينما) تكون مصحوبة بتقني يرشح ويبدي الرأي ‪ ،‬يطرح الصعوبات‬
‫املسلسالت التلفزية فرض عليه البحث عن مرشح‬ ‫وزوجاتهم للتمكن من زياراتهم‪.‬‬
‫ويبي كيف تغ ّلب عليها‪..‬آن األوان أن يُعىل من شأن مهن الظل وذلك من خالل التكريم كما دأبت عليه‬ ‫ّ‬
‫ثان ألحد األدوار الرئيسية للعمل فيما اعترب األدوار‬ ‫برج الرومي هو عودة للدراما السياسية‬
‫أخريا أيام قرطاج السينمائية‪.‬‬
‫النسائية هي املحرك األسايس لألحداث وقد تم‬ ‫والتاريخية التونسية التي تدور حول حقبة زمنية‬
‫كل هذه األمنيات والدعوات إىل تجاوز حاجز سور العاصمة هل تحقق يف ظل وضع كارثي‬
‫اختيار ممثالت من املرسح التونيس منهن فاطمة‬ ‫وهي السبعينات التي شهدت محاكمات لوجوه‬
‫للفضاءات الثقافية بالجهات وحتى داخل العاصمة؟‬
‫بن سعيدان‪ ،‬هيلني كتزارس‪ ،‬صالحة النرصاوي‪،‬‬ ‫املعارضة اليسارية التونسية‪ ...‬وسجنهم يف سجن‬
‫يقول املثل «علينا تأمني مال سياستنا» تأمينا ليس ماديا فحسب بل قبل كل يشء تصوّري‪ ...‬أي‬
‫ريم بن مسعود‪ ،‬نادية بوستة وسهري بن عمارة‪...‬‬ ‫برج الرومي ببنزرت‪...‬‬
‫أنّه عىل الدولة ومن خاللها سلطة اإلرشاف رسم سياسة ثقافية واضحة املراحل واملعالم ترتكز عىل‬
‫مع مشاركة خاصة لألمني النهدي‪..‬‬ ‫املعلوم ان هذا السجن بناه الفرنسيون عام‬
‫غائيات وأهداف ومراحل ومقاربات متناسقة تقطع مع أهواء وأحالم املسؤول األول‪ .‬لقد ترك لنا بعض‬
‫وعن تعاون األمني النهدي مع ذويب يف فيلم‬ ‫‪ 1932‬وقاموا بتحصينه جيداً‪ .‬وبعد االستقالل‬
‫املسؤولني كوارث ناجمة عن اختيارات ونرجسية مثل «ساحات الفنون» لقد ك ّلف هذا االختبار املجموعة‬ ‫ْ‬
‫"برج الرومي" ومدى ارتباط هذه املشاركة‬ ‫بورقيبة إىل سجن للمعتقلني‬ ‫حوّله الرئيس الحبيب‬
‫الوطنية أمواال طائلة لو ُصفت عىل تجهيز دور الثقافة واملراكز الجهوية للمرسح الوليدة لكان أفضل‪.‬‬
‫بمعايشة النهدي تجربة السجن بربج الرومي‪،‬‬ ‫من شخصيات املقاومة‪...‬ويقول منصف ذويب يف‬
‫جل املراكز الجهوية للفنون الدرامية والركحية ال تمتلك مقرات وهي نزيلة عىل املراكز الجهوية‬
‫أكد مخرج العمل أن ملني النهدي سيكون السجان‬ ‫هذا الشأن أن فيلمه مستوحى من أحداث حقيقية‬
‫للثقافة التي تعاني بدورها نقصا يف األموال والتجهيزات‪ .‬ويكفي أن نحيص عدد الدور املجهزة بأحدث‬
‫يف برج الرومي وتعرف هذه الوظيفة بـ«شاف‬ ‫إقتبسها عن «نظارات أمي» للكاتب والسجني‬
‫تقنيات العروض واإلضاءة وغريها‪ ...‬غياب السياسة الثقافية للدولة أثّر وسيظل عىل الفعل الثقايف وعىل‬
‫سنرتا» ويدعى يف الفيلم «بنڨا»‪.‬‬ ‫السابق عز الدين الحزقي‪ ،‬الذي روى فيه معاناته‬
‫توجه أية هيئة مهرجان وأية إدارة مهما كانت حسن النوايا ومهما كانت شطارة األفراد‪.‬‬
‫وأضاف أن تعاونه مع األمني النهدي يف هذا‬ ‫اليومية داخل أسوار برج الرومي ملا سجن من‬
‫تتواىل املهرجانات وتتعدد الفرجة موسما بعد موسم وال يدري أهل امليدان إال قلة من أهل االختصاص‬
‫العمل سيحمل الجديد واإلضافة خاصة أن عددا‬ ‫أجل أفكاره وإنتمائه ملجموعة ٱفاق «برسبكتيف»‬
‫املقربني مُخرجات كل مهرجان االيجابي منها والسلبي‪.‬‬
‫من األعمال املرسحية جمعتهما ومنها عمل بصدد‬ ‫اليسارية‪ ...‬ويؤكد منصف ذويب أنه اعتمد أيضا‬
‫ذلك أن الفعل التقييمي العقالني إما منعدم أو منقوص‪ .‬مما انج ّر عنه غياب ذاكرة أو أرشيف تام‬
‫التحضري بعنوان «نموت عليك»‪.‬‬ ‫يف كتابة سيناريو الفيلم عىل روايات أدب السجون‬
‫للمهرجانني يعتمد عن ضبط إسرتاتيجية كل دورة وال يجعل املرشفني عليها يبدؤون وكأن دورتهم‬
‫دورة تأسيس ‪ .‬للذاكرة وظيفتها التوجيهية لن تستدعي إعالء للمايض وإنما ألخذ العربة من نقائصه‬
‫حتى ال تتكرر‪.‬‬
‫فعىل سبيل املثال ما هو نصيب الحضور اإلفريقي باألخص يف مهرجان ملا أقيم سنة ‪ 1996‬كان‬
‫هاجسه األول الحضور العربي واإلفريقي‪ .‬مرحبا بالتفتح عىل ثقافات العالم عمال بقول مختار اللغماني‬
‫كن عربيا فيما تكتب‬ ‫«كن عربيا فيما تشعر‬
‫وال تنىس بأن العالم أرحب»‬
‫لنكن منفتحني عىل تجارب هذه القرية الصغرية‪ :‬العالم دون أن ننىس أمننا الثقايف اإلفريقي والعربي‬
‫حتى ال يقال لنا طاحونة اليشء املعتاد‪.‬‬
‫فاطمة سعيدان‬ ‫املنصف ذويب‬ ‫األمني النهدي‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪30‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫سينما‬

‫من حق القريوان عودة احلياة لقاعات السينام‬


‫قرأت هذه األيام العديد من املنشورات عىل فايسبوك فيها دعوة‬
‫رصيحة إلستعادة مدينة القريوان زعامتها السينمائية التي عرفتها يف‬
‫فرتة السبعينات والثمانينات من القرن املايض حيث كانت قبلة املنتجني‬
‫واملوزعني السينمائيني لتصوير أفالمهم هناك ملا تتمتع به املدينة من‬
‫ديكور طبيعي خالب وأيضا لعرض أفالمهم ونقاشها مع جمهور مثقف‬
‫تربى سينمائيا داخل نوادي السينما والسينمائيني الهواة ‪...‬‬
‫وان ننىس فلن ننىس ان مدينة القريوان إحتضنت تصوير فيلم‬
‫“جحا” من إخراج “جاك براتياي” ومن بطولة النجم املرصي والعاملي‬
‫عمر الرشيف والنجمة العاملية املولودة يف تونس كلوديا كاردينال وكان‬
‫ذلك يف سنة ‪...1958‬‬
‫يروي الفيلم حكاية “جحا” شاب فقري ساذج ألرسة كثرية العيال‬
‫عمر الرشيف يف دور جحا‬
‫قاعة الكازينو سابقا‬ ‫أكثرهم من البنات‪.‬‬
‫حار أبوه فيه بسبب غرابة أطواره‪ ،‬وأرسله ليتعلم يف جامع الزيتونة‪،‬‬
‫األربعينات وقاعة سينما باريس يف سنوات الثالثني‬ ‫مرص القديمة لجلب التابوت‪.‬‬
‫وهناك شاهد الشيوخ جالسني وحول كل واحد منهم تالميذه‪ ،‬وجد شيخ‬
‫وسينمتاك الجيش الفرنيس وبعث املرحوم مصطفى‬ ‫أذكر أن مدينة القريوان كانت من املدن املفضلة‬
‫يقول إن األرض كروية‪ ،‬بينما سمع آخر يؤكد إنها منبسطة وسطحها‬
‫النقبو نادي السينما سنة ‪1964‬وبعث اهم مجلة‬ ‫إلقامة األسابيع السينمائية العاملية وأذكر انه يف منتصف‬
‫مستوي‪ ..‬تعجب جحا من عدم اتفاقهم عىل رأي واحد‪ .‬فيسخر من‬
‫سينمائية جحا ثم اصبحت الفن السابع املختصة يف‬ ‫الثمانينات كلفت بوصفي رئيس حركة نوادي السينما‬
‫اختالفهم ويقرر ان يرتكهم‪.‬‬
‫النقد السينمائي وكذالك احمد الخشني بعث نادي‬ ‫من طرف االستاذ عمارة السخريي الكاتب العام للجنة‬
‫تبدأ مأساة جحا بوقوعه ىف الحب‪ .‬فقد كان ىف املدينة شيخ عجوز‬
‫السينمائيني الهواة سنة ‪ 1965‬وتحصل عىل اول صقر‬ ‫الثقافيّة الوطنية باإلرشاف عىل إفتتاح أسبوع السينما‬
‫طيب القلب كانت له زوجة كبرية السن‪ ،‬وأراد الشيخ أن يتخذ له زوجة‬
‫ذهبي يف تارخ مهرجان قليبية واخرج رشيط تحت مطر‬ ‫السوفياتية وكنت مصحوبا ببطلة الفيلم النجمة‬
‫أخرى صغرية دون أن يط ّلق زوجته االوىل‪.‬‬
‫الخريف وتحصل فتحي كميشة عىل ثاني صقر ذهبي يف‬ ‫“سفالتانا توما” وكان اللقاء شيقا وثريا‪.‬‬
‫عانت الزوجة الشابة الجديدة “ف ّلة” من الوحدة مع زوجها الكبري‪،‬‬
‫تاريخ مهرجان قليبية ونشط بهذا النادي املرحوم الحبيب‬ ‫حملة “من حق القريوان عودة الحياة لقاعات‬
‫وعندما شاهدت جحا وقعت يف حبّه‪ ،‬وهكذا بدأت قصة حب متبادلة بني‬
‫املرسوقي واملخرج رضا الباهي والجامعي حمادي بوعبيد‬ ‫السينما” عىل فايسبوك دشنها الدكتور رفيق بوجدارية‬
‫جحا وف ّلة‪.‬‬
‫واملخرج عبد الوهاب بودن وعبد الله الكايف واملولدي‬ ‫بنص بمناسبة انعقاد أيام قرطاج السينمائية األخرية‬
‫جحا ليس الفيلم الوحيد الذي صوّر بالقريوان بل عقبه العديد من‬
‫الفهري ومحمد الفايز وكانت والزالت القريوان ديكورا‬ ‫رجع فيه بأسلوب حميمي فيه الكثري من الحنني‬
‫األفالم العاملية لكبار مخرجي هوليوود لعل أهمّ ها فيلم “انديانا جونز‪:‬‬
‫للسينما العاملية فقد صور بها املخرج العاملي سبيلبارق وجل املخرجني‬ ‫والنوستالجيا إىل الفرتة الزاهية للفن السابع بمدينة القريوان‪ ...‬نص هذه‬
‫سارقو التابوت” الذي انجز سنة ‪ 1981‬من إخراج ستيفن سبيلبارغ‬
‫التونسيني سلمى بكار وعبد اللطيف بن عمار ورضا الباهي والنارص‬ ‫التدوينة منشور يف إحدى األعداد لجريدة "الشارع املغاربي"‪ ...‬وتلته‬
‫وبطولة هاريسون فورد‪...‬‬
‫خمري واحمد الخشني وطارق الرشطاني‪ ...‬منذ أسابيع إستقبلت السيدة‬ ‫تدوينات أخرى لعدد من الفاعلني عىل الساحة السينمائية التونسية‬
‫وقعت أحداث هذا الفيلم يف عام ‪ ، 1936‬خالل التوسع النازي‪.‬‬
‫وزيرة الشؤون الثقافية مشكورة نخبة من املجتمع املدني بمعتمدية‬ ‫إخرتت الحديث عن إحداها بإمضاء السينمائي طارق الرشطاني حيث‬
‫ينغمس أدولف هتلر يف البحث عن تابوت العهد الذي يضم الوصايا‬
‫جربة العادة نشاط قاعة سينما والقريوان تستعد النجاز الدورة الرابعة‬ ‫قال‪”:‬القريوان اول مدينة يصور بها رشيط سينمائي ناطق بعنوان‬ ‫العرش والذي يمكنه ً‬
‫وفقا لألسطورة من خالل قوى خارقة للطبيعة‬
‫اليام القريوان السينمائية بدون قاعة سينما باملدينة‪...‬فهل من لفتة لهذه‬ ‫مجنون القريوان تمثيل محيي الدين مراد سنة ‪ 1937‬واول رشيط‬
‫القضاء عىل جيوش بأكملها‪.‬‬
‫املدينة لتستعيد أمجادها وزعامتها للفن السابع يف تونس‪...‬‬ ‫بااللوان الطبيعية بعنوان جحا تمثيل عمر الرشيف وكلوديا كاردينال‬
‫تريد حكومة الواليات املتحدة العثور عىل التابوت قبل هتلر ولذلك‬
‫منير الفالح‬ ‫سنة ‪ 1958‬وبني بها من اهم قاعات السينما الكزينو البلدي يف اواخر‬
‫قرروا إرسال دكتور هنري جونز (إنديانا جونز)‪ ،‬أستاذ علم اآلثار‪ ،‬إىل‬

‫حمدة بن التيجاني‬ ‫شخصيات تونسية‬

‫ولد بتونس في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1901‬وزاول تع ّلمه بالفرع االبتدائي للمدرسة العلوية‪.‬‬


‫أسسها‬ ‫الفني فانضمّ إلى جمعيّة “التقدّم” التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫وفي سنة ‪ 1926‬بدأ نشاطه‬
‫البشير القديدي‪ .‬وأوّل دور أسند إليه هو دور الوزير ابن خالد في مسرحية “غانية‬
‫أسسها عبد‬ ‫“السعادة” التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫األندلس”‪ .‬ثمّ انضمّ حمدة بن التيجاني إلى جمعيّة‬
‫الجليل األرناؤوط‪ ،‬وأدّى فيها عدّة أدوار منها فرعون (في “عائدة”) ودوق ألبا (في‬
‫أسس علي بن كاملة فرقته‬ ‫“شهداء الوطنية”) وكسرى (في “فتح فارس”)‪ .‬ولمّ ا ّ‬
‫المسرحيّة انتدبه مقابل ‪ 45‬فرنكا في األسبوع وكان هذا المرتّب ال يتقاضاه ّ‬
‫إال‬
‫الفنانون الكبار‪ .‬مثّل في عدّة مسرحيّات منها مسرحيّة “ف ّر ان البندقيّة” ثم انضمّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫المتهني وتفوّق في عدّة أدوار‬ ‫أسسها البشير‬ ‫إلى فرقة “المستقبل التمثيلي” التي ّ‬
‫منها صالح الدّين األيوبي‪ .‬وانضمّ بعد ذلك إلى عدة فرق أخرى (كالتمثيل العربي‬
‫تأسست فرقة‬ ‫ّ‬ ‫واالتحاد المسرحي والكوكب التّمثيلي واتّحاد كواكب التّمثيل) حتّى‬
‫مدينة تونس في سنة ‪ 1953‬فكان من األوائل الذين انضمّ وا إليها وبقي يعمل بها‬
‫جل المسرحيات التي أخرجها المديرون‬ ‫توفي في ‪ 11‬أوت ‪ .1983‬وقد مثّل في ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى ان‬
‫د عبد‬ ‫ومحمّ‬ ‫الفنيون الذين تداولوا على إدارة هذه الفرقة العتيدة‪ :‬زكي طليمات‬ ‫ّ‬
‫العزيز العقربي وحسن الزمرلي وعلي بن عيّاد ومحسن بن عبد هللا والمنصف‬
‫السويسي والبشير الدّريسي ومحمد كوكة‪ .‬وكان نجاحه في مختلف األدوار التي‬
‫النظير‪ ،‬وال تُنسى براعته في القيام بدور القبّار في مسرحيّة‬ ‫أسندت إليه منقطع ّ‬
‫“هاملت” وبدور اليهودي في مسرحية “البخيل”‪ .‬أمّ ا المسرحيّة التي لفتت إليه‬
‫األنظار وكانت سببا في ذيوع شهرته‪ ،‬فهي دون منازع مسرحيّة “الماريشال”‬
‫يفضل‬‫ّ‬ ‫لكن حمدة بن التيجاني كان‬ ‫ّ‬ ‫(اقتباس نورالدين القصباوي عن موليير)‪.‬‬
‫أحب أدواره إليه أدوار عبد الرّحمان‬‫ّ‬ ‫التّمثيل بالفصحى على التّمثيل بالدّارجة‪ .‬وكانت‬
‫الناصر وصالح الدين وعنترة بن شدّاد‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪31‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫ندوة‬


‫في النادي الثقافي أبو القاسم الشابي بالوردية ‪:‬‬

‫حتقيب الفوارق اجلاملية وأنامط اخلطاب‬


‫رضا بن صالح‬
‫منذ تأسيس «نادي القصة» يف ستينات‬
‫القرن العرشين كانت بوصلته متجهة‬
‫صوب الرسد التونيس «أقصوصة ورواية»‬
‫وصوب الكاتب التونيس فكانت اللقاءات‬
‫السبتية والشهرية والسنوية تخصص‬
‫ملواضيع أدبية شكلت العوالم الرسدية‬
‫للكتابة التونسية ضمن سياق تدبّر الرسد‬
‫التونيس يف مستوى الجماليات والتيمات‪.‬‬
‫وكان فضاء النادي الثقايف أبو القاسم‬
‫الشابي بالوردية فضاء لالحتفاء بكتّاب‬
‫الرسد تعريفا وتقديما وتوقيعا‪ .‬وضمن‬
‫األنشطة التي يعقدها نادي القصة ظلت‬
‫الندوة السنوية محط أنظار الهيئة املسرية‬
‫واملشهد الثقايف تلك الندوة التي تتحول‬
‫اىل مائدة نقاش وجدل وحوارات حول‬
‫األساليب تارة وحول القضايا أحيانا‪.‬‬
‫وضمن هذا التوجه سارت الهيئة‬
‫الجديدة التي يرتأسها سمري بن عيل‬
‫واختارت موضوع ندوتها لسنة ‪2021‬‬
‫«تحوالت الرسد التونيس وإشكاليات‬
‫التحقيب» يومي ‪ 26‬ــ‪ 27‬نوفمرب مع‬
‫استدعاء الكاتب التونيس عبد القادر‬
‫مشهد حفل تكريم الكاتب عبد القادر بالحاج نرص‬ ‫بالحاج نرص ضيف رشف الذي خصصت‬
‫الروائية» لرضا األبيض وتناول بلقاسم بن‬ ‫خمس مداخالت «آليات كتابة الواقع يف‬ ‫فكانت ندوة علمية وطنية شارك فيها‬ ‫له جلسة علمية تضمنت أربع مداخالت‬
‫جابر «بنية العوالم التخييلية يف األعمال‬ ‫رواية القرن الحادي والعرشين ووعي‬ ‫املختصون يف الرسديات والبحوث الجمالية‬ ‫للتعريف بجمالية الكتابة يف تجربته‪.‬‬
‫الرسدية لعبد القادر بالحاج نرص من خالل‬ ‫الكتابة الرسدية» وقدمها لطفي الزكري‬ ‫والرباغماتية‪ :.‬عادل خرض‪ ،‬نور الدين‬ ‫وقد ضبطت الهيئة املسرية للنادي لهذه‬
‫توظيف التاريخ والرتاث الشعبي» وتناول‬ ‫وتناول محمد السويلمي «يف تحوالت الرواية‬ ‫بنخود‪ ،‬محمد القايض‪ ،‬مصطفى الكيالني‪،‬‬ ‫الندوة عدة أهداف أولها تسليط الضوء عىل‬
‫إسماعيل شعيبي «لعبة العوالم املمكنة يف‬ ‫التونسية‪ :‬النساء ووعي الكتابة الرسدية»‬ ‫أحمد القاسمي‪ ،‬رضا األبيض‪ ،‬سمري بن‬ ‫مبحث معريف مهمش أكاديميا ومهمش‬
‫إجرائيا ّ‬
‫ألن قسما كبريا من املدونة الرسدية‬
‫مجموعة‪:‬بالبل املدينة العتيقة لعبد القادر‬ ‫وعالج محمد صالح مجيد «التجريب‬ ‫عيل‪ ،‬املنجي الطرابليس‪ ،‬رضا بن صالح‪،‬‬
‫التونسية التي تعود إىل الرواد مفقودة‬
‫بالحاج نرص» ودرس رياض خليف «املنوال‬ ‫عند الباردي وتحوالت الرسد التونيس»‬ ‫لطفي الزكري‪ ،‬محمد السويلمي‪ ،‬محمد‬
‫ّ‬
‫وألن قسما‬ ‫وتالفة وبعضها يحتاج تحقيقا‬
‫السوسيولوجي يف روايات عبد القادر‬ ‫بينما درس فتحي بن معمر «اليومي يف‬ ‫صالح مجيد‪ ،‬فتحي بن معمر‪ ،‬سوسن‬
‫كبريا من البحوث الجامعية والقراءات‬
‫بالحاج نرص»‪.‬‬ ‫القصة التونسية» وقرأت سوسن العجمي‬ ‫العجمي‪ ،‬فيصل الشطي‪ ،‬جنات العليمي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫متجهة صوب املنجز الرسدي املرصي‬
‫وختمت الجلسة بكلمة للمحتفى به‬ ‫«التناص والتجريب يف رواية أطياف املاء‬ ‫عبد املجيد البحري‪ ،‬بشري الجلجيل‪ ،‬أصيل‬
‫والعراقي والسوري‪ ...‬فكان التحقيب‬
‫س ّلط الضوء فيها عىل مساره اإلبداعي‬ ‫لهيام الفرشييش» وشفعت الجلستان‬ ‫الشابي‪ ،‬اسماعيل شعيبي‪ ،‬رضا خليف‪،‬‬
‫وسيلة نادي القصة إىل تبني الفوارق‬
‫ومسريته وأنار الكثري من كواليس الساحة‬ ‫بنقاش من قبل الحضور‪.‬‬ ‫بلقاسم بن جابر ولذلك توزعت الندوة عىل‬
‫الجمالية وأنماط الخطاب بني التجارب‬
‫الثقافية التونسية مع استعادة الكثري من‬ ‫ويف اليوم الثاني للندوة كان املثقفون‬ ‫يومني فكان أولهما بكلية اآلداب بمنوبة‬
‫املختلفة املنتمية إىل حقب متباعدة وكان‬
‫كر والتذكري‬‫الذكريات والرسد رديف التذ ّ‬ ‫عىل موعد مع الجلسة الثالثة التي كانت‬ ‫والثاني يف مقر نادي القصة بالوردية‪.‬‬
‫التحقيب مناسبة لتقديم بعض التجارب‬
‫والذكريات‪.‬‬ ‫برئاسة الدكتور محمد القايض وحارض‬ ‫وقد شهد اليومان حضورا كبريا‬ ‫التونسية والتعريف بها‪ .‬ومن الرضوري يف‬
‫وقد رأى نادي القصة رضورة الخروج‬ ‫فيها فيصل الشطي بمداخلة عنوانها‬ ‫للمهتمني واملبدعني واملتابعني الذين أثروا‬ ‫هذا السياق أن نشري إىل الدور الكبري الذي‬
‫عن صيغ التكريم الشكلية التي تقوم عىل‬ ‫«رواية القرن الحادي والعرشين يف تونس‬ ‫الندوة بالنقاش واألسئلة واملحاورات‪.‬‬ ‫لعبه نادي القصة يف حفظ الذاكرة الرسدية‬
‫التعريف بضيف الرشف ومنحه بعض‬ ‫وسؤال الهوية‪:‬جدلية االنغالق واالنفتاح‬ ‫وكان هذا الحضور طبيعيا بحكم تعطش‬ ‫للرواد اذ حقق النادي أقاصيص الدوعاجي‬
‫الدقائق لتقديم كلمة وإسناده شهادة‬ ‫أو جدلية االقصاء والقبول باآلخر» يف‬ ‫املثقف التونيس إىل هذه الندوة بعد تعطل‬ ‫وأصدرها منشورة وكذلك الشأن مع‬
‫تقدير‪ .‬واختار نادي القصة ّ‬
‫أن يُكرم الكاتب‬ ‫حني ركزت جنات العليمي عىل «املختلف‬ ‫الكثري من األنشطة بسبب الوضع الصحي‬ ‫أقاصيص العريبي «الرماد» التي رأت النور‬
‫بتخصيص جلسة علمية للنظر يف أعماله‬ ‫واملؤتلف يف روايات مسعودة بوبكر»‬ ‫وكان الحضور بحكم الربنامج الذي تضمن‬ ‫مطبوعة‪.‬‬
‫وهذا التقليد الجديد يف التكريم رشعته‬ ‫وتناول عبد املجيد البحري «الواقعية‬ ‫أربع جلسات علمية قامت األوىل منها‬ ‫فكان هدف نادي القصة يف ندوة‬
‫الهيئة املسرية مع الكاتب التونيس املقيم يف‬ ‫القذرة يف الرواية التونسية املعارصة يف‬ ‫التي كانت برئاسة الدكتور عادل خرض‬ ‫‪ 2021‬األول زيادة وترية اهتمام الباحثني‬
‫فرنسا أبي بكر العيادي الذي خصصت له‬ ‫ضوء إشكالية التصنيف» ودرس البشري‬ ‫عىل خمس مداخالت هي «تاريخ الرواية‬ ‫واملشتغلني بعلم التوثيق إىل النظر يف‬
‫جلسة علمية يف معرض الكتاب قدّم فيها‬ ‫الجلجيل «األقصوصة وثوب الواقع بني‬ ‫التونسية‪:‬املنجز وغري املنجز إىل اليوم»‬ ‫هذه املسألة ‪.‬أما الهدف الثاني فكان‬
‫البشري الجلجيل ورضا بن صالح مداخلتني‬ ‫لغة الفن ولغة العرص ‪:‬قراءة يف نماذج‬ ‫قدمها مصطفى الكيالني وعالج سمري‬ ‫بحكم تطور املجتمع التونيس ‪،‬تمحض‬
‫تعلقتا ببعض أعمال العيادي‪.‬‬ ‫من القص التونيس» وتناول أصيل الشابي‬ ‫بن عيل «نصوص روّاد الرسد التونيس بني‬ ‫الفعل النقدي ‪/‬قراءة النصوص للمداخل‬
‫ويلتزم النادي الذي جعل مجلة "قصص"‬ ‫مدونة الرواد من خالل «التخييل وإنتاج‬ ‫التأثر وهاجس التأصيل» وتناول أحمد‬ ‫واملقاربات العلمية املتأسسة عىل مناهج‬
‫مجلة علمية محكمة نظري مجلة فصول‬ ‫صور الذات عند عيل الدوعاجي» واختتمت‬ ‫القاسمي الفوارق بني شعرية القص‬ ‫البحث العلمي وهذا الهدف تحقق بحكم‬
‫وكتابات معارصة‪ ....‬بنرش املداخالت يف‬ ‫هذه الجلسة بنقاش هذه النقاشات التي‬ ‫وشعرية السينما من خالل «خليفة األقرع‬ ‫الرشاكة املعقودة بني نادي القصة ومخترب‬
‫أعداد قصص القادمة ودعا الباحثني إىل‬ ‫حرضها الكثري من املبدعني منهم مسعودة‬ ‫بني واقعية القص وشعرية السينما»‬ ‫الرسديات والدراسات البينية يف كلية اآلداب‬
‫تقديم اقرتاحاتهم العلمية للندوة القادمة‬ ‫بوبكر والحبيب املرموش وعمر السعيدي‬ ‫وطرح املنجي الطرابليس «مسالك التجريب‬ ‫والفنون واإلنسانيات بمنوبة هذا املخرب‬
‫التي ستكون يف شهر مارس وستتناول‬ ‫ومحمد الجابيل‪..‬‬ ‫وقضايا التحقيب يف نماذج من األقصوصة‬ ‫الذي رحّ ب رئيسه األستاذ نورالدين بنخود‬
‫مسألة التجريب يف الرسد التونيس علما ّ‬
‫أن‬ ‫أمّ ا الجلسة الختامية التي كانت تكريما‬ ‫التونسية وتناول رضا بن صالح «املشهدية‬ ‫بالفكرة وتحمّ س لها وشارك يف تنظيمها‪.‬‬
‫نادي القصة عزم عىل تنظيم أربع ندوات‬ ‫لعبد القادر بالحاج نرص فقد ترأسها رضا‬ ‫وإنشائية األقصوصة التونسية يف بداية‬ ‫أما الهدف الثالث فكان تجسري‬
‫وطنية يف السنة ملواكبة الزخم اإلبداعي من‬ ‫وقدمت فيها أربع مداخالت‬ ‫بن صالح ُ‬ ‫القرن الحادي والعرشين»‪.‬‬ ‫العالقة بني املثقف وبني الباحث الجامعي‬
‫ناحية ومواكبة املنجز النقدي من ناحية‬ ‫كانت األوىل بعنوان «تمثيل املرجع يف‬ ‫أما الجلسة العلمية الثانية التي كانت‬ ‫للتخلص من تلك الجفوة الوهمية التي‬
‫ثانية‪....‬‬ ‫نماذج من مدونة عبد القادر بالحاج نرص‬ ‫برئاسة الدكتور نور الدين بنخود‪ ،‬فتضمنت‬ ‫أرضت كثريا بالرسد والنقد التونسيني‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪32‬‬ ‫الشارع الثقافي‬


‫لقاءات بيت الحكمة‬

‫لقاء تكريمي لروح الفقيد هشام جع ّيط (‪)2021 - 1935‬‬


‫ظم املجمع التونيس للعلوم واآلداب والفنون "بيت الحكمة" يوم اإلثنني ‪ 6‬ديسمرب ‪ 2021‬لقاء‬ ‫ن ّ‬
‫تكريميا لروح هشام جعيّط فقيد املجمع وكل املهتمني بشؤون املعرفة عموما‪ ،‬والدراسات التاريخيّة‬
‫خصوصا‪ ،‬والذي اضطلع برئاسة أكاديميّة بيت الحكمة خالل املواسم األكاديميّة ‪.2015 – 2012‬‬
‫افتتح ال ّلقاء رئيس املجمع الدكتور محمود بن رمضان وأرشفت عليه الدكتورة منرية شابوتو الرمادي‬
‫رئيسة قسم العلوم اإلنسانيّة واالجتماعيّة ببيت الحكمة‪ ،‬واهتمّ ت‬
‫شهادات كل املتدخلني حضوريا وعن بعد بمؤ ّرخ مألت مسريته الدنيا‬
‫وشغلت الناس عىل ح ّد العبارة الشهرية‪ ،‬فأضحت أعماله مشعّ ة‬
‫أن املجمع‬ ‫عربيّا وعامليّا‪ ،‬كما أ ّكد األستاذ محمود بن رمضان عىل ّ‬
‫ظم يف جوان القادم ندوة دوليّة حول املنزلة العلميّة للراحل‪.‬‬ ‫سين ّ‬
‫بث بيت الحكمة فعاليات اللقاء‬ ‫ولتمكني كل الراغبني يف املواكبة‪ّ ،‬‬
‫مبارشة عرب صفحته (الفايسبوك) كما واكبه حضوريّا الرئيس‬
‫السابق األستاذ فؤاد املبزع ومجمعيون وعائلة الفقيد‪ ،‬إىل جانب‬
‫عديد الباحثني واإلعالميني والرموز الوطنيّة ملا يحظى به األستاذ‬
‫وعاملي‪ .‬وبهذه املناسبة أصدر‬ ‫ّ‬ ‫وطني‬
‫ّ‬ ‫هشام جعيّط من إشعاع‬
‫املجمع كتابا يحتوي عىل مداخالت تكريميّة لروح املؤ ّرخ وردت‬
‫باللغتني العربيّة والفرنسيّة متضمّ نة كلمتني تأبينيّتني‪ ،‬األوىل‬
‫للرئيس السابق للمجمع الدكتور عبد املجيد الرشيف (‪2016-‬‬
‫نص‬‫‪ )2021‬والثانية لألستاذ خالد كشري‪ ،‬كما احتوى عىل ّ‬
‫لألستاذة منرية شابوتو الرمادي ذ ّكرت عربه باملسرية العلميّة‬
‫الثريّة للفقيد‪ ،‬إضافة إىل قائمة مؤ ّلفاته وصور تذكاريّة‪،‬‬
‫ومجموعة شهادات قدّمها العديد من زمالئه املجمعيني‪ ،‬ومن‬
‫محيطه األرسي‪ ،‬ومن النسيج املعريف املهتم بأعماله وبحوثه‪.‬‬

‫الكوني في التراث الصوفي‬


‫عز الدين العامري‬
‫الوجيز تمثّل النزعة الكونيّة وفقا لفعاليات الندوة دحضا لجميع‬ ‫الصوفيّة يقود بالرضورة إىل اقتحام كهوف أسئلة «معنى‬ ‫ما الكوني؟ هل هو املطلق؟ ما مدى مرشوعيّة األطروحة‬
‫األطروحات الدغمائيّة املعتقدة يف مرشوعيّة االنغالق بحجج‬ ‫الكون ومعنى اإلنسان يف هذا الكون» عىل ح ّد عبارة الدكتور‬ ‫التي تختزله يف عبارة الكيل؟ أيّ معنى لإلقرار بأنّه العام؟ هل‬
‫الخصويص والتفوّق والكمال الخ‪ ..‬لنستخلص األهميّة القصوى‬ ‫عبد املجيد الرشيف الذي ترأّس الجلسة العلميّة األوىل‪ ،‬ويصطدم‬ ‫هو الكائن أم ما يجب أن يكون؟ هل يمكن ملا هو خصويص أن‬
‫ملنزلة جل الخصوصيات يف تش ّكل الكوني بما هو جوهر العقل‬ ‫املتأمّ ل يف تضاريس الكوني يف الرتاث الصويف بدروبه الوعرة‬ ‫يكون يف سياقات ما كونيّا؟ ماهي طبيعة نزاعات الكوني؟ كيف‬
‫من حيث هو القاسم املشرتك بني الكيانات اإلنسانيّة حسب‬ ‫ذات الصلة بعتمة درب تعريفه‪ ،‬لذلك اختلفت حوله أنسقة‬ ‫يدحض الكوني منطق املركزيّة الثقافيّة؟‬
‫العبارة الديكارتيّة‪ .‬فمن البديهي جدّا أن تفيض هذه املقاربات إىل‬ ‫النص الفلسفي ومقاربات املناطقة واألطروحات الالهوتيّة‪.‬‬ ‫أثريت هذه األسئلة خالل ندوة انعقدت يف املجمع التونيس‬
‫استكناه حقيقة التكامل بني ثنائيات‪:‬‬ ‫إنّه بكل اختزال رحلة استكشافيّة يف كوكب األسئلة املتع ّلقة‬ ‫للعلوم واآلداب والفنون «بيت الحكمة» يومي ‪ 9‬و‪ 10‬ديسمرب‬
‫‪-‬العام والخاص‪.‬‬ ‫بقضايا الخلق والوجود والعالقة بني املتناهي والالمتناهي‪،‬‬ ‫ظمها قسم الدراسات اإلسالميّة باملجمع بالتعاون مع‬ ‫‪ 2021‬ن ّ‬
‫‪-‬الكيل والجزئي‪.‬‬ ‫وهذا ما اهتمّ ت به مداخلة رئيس الجمعيّة التونسيّة للدراسات‬ ‫الجمعيّة التونسيّة للدراسات الصوفيّة حول إشكاليّة الكوني يف‬
‫‪-‬املوضوعي والذاتي‪.‬‬ ‫أن معيش‬ ‫الصوفيّة األستاذ توفيق بن عامر تلك التي انتهت إىل ّ‬ ‫الرتاث الصويف‪ ،‬وتتن ّزل التظاهرة ضمن سلسلة أنشطة القسم‬
‫كذا هو معيش الكوني يف الرتاث الصويف تزول فيه الفوارق‬ ‫التصوّف مساءلة تتّصل «بالغاية من خلق الكون وبعمليّة الخلق‬ ‫املهتمّ ة منذ املوسم األكاديمي املايض بإشكاليّة الروحانيّة وفقا‬
‫ويتجسد عربه «مطلب السلم مع الذات بالنظر إىل املقامات‬ ‫ّ‬ ‫يف ح ّد ذاتها» وبالعالقة بني الذات البرشيّة والذات اإللهيّة‪ ،‬وهو‬ ‫للكلمة االفتتاحيّة التي قدّمها الدكتور محمود بن رمضان رئيس‬
‫واملجاهدات الصوفيّة من ناحية‪ ،‬وبالنظر إىل هرميّة الروح» كما‬ ‫يعب عنه بمراتب الوجود الذي يختلف باختالف رضوب‬ ‫ما ّ‬ ‫املجمع مؤ ّكدا تنوّ ع املداخالت العتبارات تتّصل بتعدّد املعضالت‬
‫خصصت‬ ‫ّ‬ ‫ورد يف مداخلة األستاذة سارة الجويني حافيز‪ ،‬التي‬ ‫يفس تركيز الكثري من املداخالت‬ ‫ّ‬ ‫املعيش والنظم الثقافيّة ممّ ا‬ ‫ّ‬
‫املتدخلني من‬ ‫التي يطرحها مفهوم الكونيّة من جهة‪ ،‬ولتنوّ ع‬
‫مداخلتها إلشكاليّة مظاهر السلم يف الفكر الصويف‪ ،‬مشرية إىل ّ‬
‫أن‬ ‫عىل مفاهيم «املختلف واملشرتك الثقايف»‪ ،‬و«الكوني املوحّ د بني‬ ‫مجمعيني وباحثني من جهة ثانية‪ ،‬كما أبرز يف هذا السياق رئيس‬
‫عمق التجربة الصوفيّة يكمن يف روحانيّة التواصل بني املتناهي‬ ‫املغاير» و«املؤتلف املستنبط من املختلف»‪ ،‬فالخصويص يحمل‬ ‫القسم األستاذ احميدة النيفر أهميّة البحث يف القضايا الروحانيّة‬
‫والالمتناهي الذي يحصل بواسطته «اإلرشاق الصويف»‪ ،‬وغالبا‬ ‫كوني‪ ،‬وعليه يزعزع مفهوم‬ ‫ّ‬ ‫يف غياهبه رشوط تحوّله إىل ما هو‬ ‫يف سياقاتنا الراهنة املتّسمة بمظاهر األزمات االقتصاديّة‬
‫ما يكون املعيش الصويف متعاليا عن الوصف واالختزال‪ ،‬فتجربة‬ ‫ألن الخصوصيّة حاضنة لكافةّ‬ ‫الكوني أوهام املركزيّة الثقافيّة ّ‬ ‫والسياسيّة واالجتماعيّة‪ .‬فمن الطبيعي أن يطرح الكوني أسئلة‬
‫«املحبّة اإللهيّة عاطفة نفسيّة روحيّة ذاتيّة» قوامها «االرتقاء‬ ‫الطاقات اإلبداعيّة الكامنة يف أعماق الذوات البرشيّة‪ .‬باملعنى‬ ‫ألن الولوج إىل الكوسمولوجيا‬ ‫فلسفيّة ودينيّة وأنطولوجيّة ّ‬
‫بتجربة العشق واملعرفة إىل منازل عاليّة» وفقا ملداخلة األستاذ‬
‫محمّ د الكحالوي حول الكوني يف تخييل املحبّة لدى الصوفيّة‪.‬‬
‫ّ‬
‫املتدخلني املسألة الدينيّة‬ ‫ّ‬
‫وألن التديّن ظاهرة كونيّة تناول أغلب‬
‫بوصفها تجربة غنيّة باملظاهر الروحانيّة املشبعة لالحتياجات‬
‫السيكولوجيّة واألنطولوجيّة‪ ،‬وهو ما تق ّره العلوم اإلنسانيّة‬
‫وخاصة مدارس علم النفس‪ ،‬كما أبرزت رضورته القصوى‬ ‫ّ‬
‫األنسقة الفلسفيّة‪ ،‬لذلك يتجدّد يوميّا الرتاث الصويف العاملي‬
‫باعتباره «بؤرة معان متجدّدة» إن استعرنا فلسفة بول ريكور‬
‫التي استندت إليها األستاذة مريم جاب الله يف مداخلة اعتنت‬
‫موضحة مكانة التأويل الذي‬ ‫ّ‬ ‫بتأويل الكوني يف الرتاث الصويف‬
‫يجعل من األعمال الصوفيّة الكونيّة ديناميكيّة عىل الدوام‪،‬‬
‫ونابضة منعشة للروح املنهكة عرب املسار التاريخي‪.‬‬
‫فمن الطبيعي أن تتعدّد التجارب الروحيّة من خالل التنوّ ع‬
‫السلوكي واملرجع القيمي والتنظريي‪ ،‬كما تختلف أشكال التفاعل‬
‫مع هذه التجارب‪ ،‬لكن يظل املشرتك عالمة الكونيّة‪ ،‬وعليه تدعو‬
‫الفلسفات املتح ّررة من االنتمائيّة الشوفينيّة واإلقصائيّة إىل‬
‫اإلنسان الكوني‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪33‬‬ ‫الشارع الثقافي‬


‫قراءة في كتاب‬

‫قضايا اإلنسان كام شخصتها فتحية دبش يف روايتها «ميالنني»‬


‫د‪ .‬عفيف البوني‬
‫لونك كما تقول فتحية‪« :‬وكأنك بال اسم»‪ ،‬األسود‬ ‫قرأت رواية ميالنني للروائية الواعدة فتحية‬
‫كما املهاجر‪ ،‬تقول إنه يحمل هويتني واغرتابني‬ ‫دبش واستمتعت بقراءتها وبما أثارته من قضايا‬
‫وجنسيتني ويتحول إىل سلعتني يف البلدين‪.‬‬ ‫اإلنسان بلغة رسيعة ويف رسدية أتقنت الروائية‬
‫تضيف‪ « :‬نحن نحن (ن الحنان) إىل اصولنا عندما‬ ‫سبكها ونحت شخصياتها باقتدار أدبي أعجبني‪.‬‬
‫نكون هنا ونحن (من الحنان) إىل فرنسا عندما‬ ‫وأعتقد أنها لهذه الرواية التي نالت عليها جائزة‬
‫نكون هناك‪ »...‬وتضيف‪« :‬يتاجر بنا الوطن هنا‬ ‫مهمة هي جائزة كتارا قد نالتها عن جدارة‪ .‬ففي‬
‫وهناك‪ »...‬تلخيص ملعاناة تراجيدية لكن بمنطق‬ ‫هذه الرواية توجد طرافة يف الصياغة األدبية ويف‬
‫أدبي يف رسدية تتعاىل عىل الحقد وال تسقط يف‬ ‫التناول لقضايا إنسانية جوهرية‪ ،‬وبصيغة أخرى‬
‫الكراهية ضد من تسببوا يف كل هذا‪ ،‬بل إنها حني‬ ‫أعتقد أن الروائية يف هذه الرواية قد نجحت يف من‬
‫تتطرق إىل األلفاظ التي اصطنعها القدامى للتعبري‬ ‫خاللها كمبدعة‪.‬‬
‫عن التمييز ضد السود من مثل‪ :‬العبيد‪ ،‬وصفان‪،‬‬ ‫سألخص ما انتهيت إليه من قراءتي حول ما‬
‫شواشني‪ ...‬تحافظ الروائية عىل الرصانة هي‬ ‫أثارته من قضايا اإلنسان تاركا لغريي من النقاد‬
‫تعرف أن السفهاء والعنرصيني هم وحدهم من‬ ‫املختصني يف أدب الرواية أن ينقدوا هذا العمل‬
‫لم يتخلوا عن هذه التسميات التحقريية والتي‬ ‫اإلبداعي‪ ،‬كما يقيمونه بمعايري هم يرونها‪،‬‬
‫جب أن تزول من االستعمال يف زمن حظر وإلغاء‬ ‫وأكتفي شخصيا بالتعليق عىل مسائل مفهومية‬
‫العبودية وتجريمها كجريمة ضد اإلنسانية‪...‬‬ ‫أثارتها فتحية دبش‪ ،‬وأجد نفيس معنيا بها كما‬
‫قضية التمييز ضد املراة أيضا أخذت حظها يف‬ ‫البرش خصوصا حني يتعلق االمر بأي مس من‬
‫ميالنني حيث نقرأ فيها تساؤال عن عدم إسناد‬ ‫الكرامة البرشية‪.‬‬
‫الرب مسألة القوامة إىل األنثى عوض إسنادها إىل‬ ‫أثارت الروائية قضية لون البرشة السوداء لجزء‬
‫الرجال‪ ..‬وهنا تقرأ ايضا تذكريا بالسائد من أفكار‬ ‫من البرش والتي بسببها وجد واستمر التمييز‬
‫التخلف والتمييز ضد املرأة املسلمة والعربية‪:‬‬ ‫العنرصي‪ ،‬وإن كاد ينتهي عىل األقل عىل مستوى‬
‫األنثى معتربة حارسة لتاج العرش املخبأ بني‬ ‫الترشيعات القانونية وطنيا ودوليا‪.‬‬
‫فخذيها‪ ،‬لذلك الزواج ال يحتاج إىل الحب‪ .‬وهدفه‬ ‫اسم لييس أطلقه الباحثون الذين حفروا وعثروا‬ ‫التمييز بسبب سواد اللون ممارسة ال إنسانية‬
‫صوت العذرية والرشف عىل حساب عقل املرأة‬ ‫عىل بقايا أقدم هيكل عظمي لجدتنا السوداء‪،‬‬ ‫مثبتة ومتوحشة‪ .‬تقول فتحية» السواد بالء ال‬
‫وحريتها وكرامتها‪ .‬والعذرية ليست مسألة‬ ‫وقد اختاروا لها ذلك االسم لحظة االكتشاف وهم‬ ‫نملك له حوال وال قوة‪ ...‬ال نحن من األسوياء وال‬
‫شخصية بما يعني أن الرشقية ال تملك أن تترصف‬ ‫يسمعون ألغنية فرقة البيتلز ‪Thi beetls( Lucy‬‬ ‫نحن من ذوي االحتياجات الخصوصية ‪ »...‬قالت‬
‫بحرية يف جسدها بما يف ذلك تلك القطعة الصغرية‬ ‫‪)in the sky with Diamonds‬‬ ‫هذا وهي قد اختارت بذكاء كلمة ميالنني عنوانا‬
‫الحاملة السم العذرية‪ .‬جسد املرأة عندنا مملوك‬ ‫وهكذا سفهت علوم اآلثار والتاريخ‬ ‫لروايتها‪.‬‬
‫كعقلها من طرف غريها أي العائلة واملجتمع‪.‬‬ ‫واالنرتوبولوجيا وغريها نظريات العنرصيني‬ ‫نحن نعرف أن هذا املصطلح يعني علميا‬
‫وإن التزويج عندنا يراد منه تعليق إسناد القوامة‬ ‫وحتى نصوص األديان كلها اي نصوص االنبياء‬ ‫ما حدث بيولوجيا يف البيئة األفريقية الحارة‬
‫لرجل أي إسناد مسؤولية حراسة رشف املرأة إىل‬ ‫حول اصل أول إنسان‪ ،‬وهي املرأة األفريقية‬ ‫واالستوائية من فعل الطبيعة يف إصباغ اللون‬
‫الرجل‪ .‬ذلك هو الزواج الرشقي أما يف فرنسا وعىل‬ ‫السوداء‪ .‬وإذن تنوع االعراق واأللوان ليس من‬ ‫األسود عىل برشة اإلنسان لحمايته صحيا من‬
‫سبيل املثال فهو ال يحتاج إىل العذرية‪.‬‬ ‫صنعنا بل صنعته الطبيعة وهذا ال يرتب علوية وال‬ ‫أشعة الشمس حتى ال يصاب بأمراض خطرية‬
‫أثارت فتحية باستغراب استغراب البعض هنا‬ ‫دونية ألي لون أو اي عرق من كل األلوان واالعراق‬ ‫تنتج من التعرض يف حالة اللون االبيض للبرشة‪-‬‬
‫او هناك‪ ،‬كيف اجتمع يف ذاتها وجسدها سواد‬ ‫املختلفة‪ .‬وكل تمييز هو عمل ال إنساني بل وكريه‬ ‫لألشعة ما فوق البنفسجية‪ .‬جذور هذا االضطهاد‬
‫البرشة واالنتماء لتونس كتونسية أصيلة‪ .‬وهي‬ ‫كما حصل يف ظاهرة العبودية املقيتة عرب التاريخ‪،‬‬ ‫بسبب االختالف يف لون البرشة لألعراق املختلفة‬
‫تشري إىل قصريي النظر والبصرية‪ .‬فتونس هي‬ ‫وكانت آخر نماذجها التفرقة العنرصية يف امريكا‬ ‫هو من صنع الطبيعة أو البيولوجيا‪ .‬فال سواد‬
‫بكل التونسيني مهما تنوعت ألوان برشتهم أو‬ ‫ويف جنوب افريقيا وروديسيا سابقا من املؤسف‬ ‫البرشة أو بياضها او صفرتها من اختيار البرش‬
‫أصولهم‪ ،‬كلهم أصالء‪.‬‬ ‫ان يزعم بعض ادعياء العلم يف الواليات املتحدة‬ ‫وال علوية وال دونية ألي لون وإن تمايزت األعراق‬
‫كلهم أصالء وكلهم تونسيون ال يتفوق أي‬ ‫يف عرصنا وجود فارق يف مستوى ذكاء التالميذ‬ ‫بتعدد األلوان‪ ...‬أسالفنا من كل األلوان واألعراق‬
‫تونيس عىل النتونيس اآلخر إال بما له من العلم وما‬ ‫البيض والتالميذ السود‪ .‬وقد فرسوه بسبب اللون‬ ‫انحدروا من الجدة األوىل األصل السوداء او السمراء‬
‫له من العمل وحسب‪.‬‬ ‫والعرق‪ .‬والعلم يسفههم حيث عقدوا مقارنة‬ ‫‪-‬لييس‪-Lucy ،‬‬
‫أخريا‪ ،‬أقول‪ :‬لقد نجحت فتحية يف إنشاء رواية‬ ‫مغلوطة بني تالميذ ينتمون لعائالت وأحياء فقرية‬ ‫كما ‪-‬وليست حواء التوراتية او االنجيلية وال‬
‫استحقت عليها وعن جدارة جائزة مهمة‪ .‬وأتوقع‬ ‫مهمشة وبني تالميذ من عائالت ثرية بمدارس‬ ‫هي زوج آدم القرآنية‪ ،-‬لييس هي جدة كل البرش‪،‬‬
‫ان تستممر يف ممارسة هواية الكتابة وأنتظر ان‬ ‫نموذجية يف أحياء مرفهة‪.‬‬ ‫تأنسنت ‪-‬تطورا وطفرة‪ -‬وكانت برشتها سوداء‬
‫تتطور هوايتها إىل حرفة دائمة‪ ،‬وهي من خالل‬ ‫قضية أخرى قديمة يف تاريخ البرش خاصة يف‬ ‫قبل بضعة ماليني من السنني ومن صلبها تناسلت‬
‫هذه الرواية قد فرضت نفسها مع آخرين من‬ ‫تاريخ العرب واملسلمني‪.‬‬ ‫كل االعراق واأللوان بحسب البيئات‪:‬‬
‫التونسيني والتونسيات ممن يثرون مكتبة الرواية‬ ‫ويف ميالنني معالجة متبرصة بالتمييز بسبب‬ ‫العرق األبيض ‪ ,Europoide‬والعرق املنغويل‬
‫التونسية والعربية بأدب واقعي يعري ويكشف ما‬ ‫اللون وبالتمييز ضد املتاجرين يف املهاجر وهكذا‬ ‫االسرتايل‬ ‫والعرق‬ ‫‪Mongoloide‬‬ ‫األصفر‬
‫نعيشه من تناقضات وما نصبو إىل تحقيقه من‬ ‫تصبح املعاناة اإلنسانية مضاعفة يف بلد الهجرة‬ ‫‪ Australoide‬والعرق االسود او االسمى او االفري‬
‫الطموحات يف الحريات ويف املساواة‪.‬‬ ‫كما يف بلد البلد األثرية‪ ،‬فاملجتمع يعرفك بحسب‬ ‫‪ Negroide‬وال وجود لعرق أرقى اكثر تفوقا وال‬
‫لعرق اوطى كما زعم العنرصيون‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪34‬‬ ‫الشارع الثقافي‬


‫قراءة في كتاب‬

‫الرواية بني قناع التخييل وهاجس التمثيل‪:‬‬


‫قراءة يف «وطن يف قاعة االنتظار» لطارق الشيباين‬
‫شفيع بالزين‬
‫من خاللها قضايا وتيمات محددة فقد رمز بشخصية ناظم إىل‬ ‫مع أن الرواية خطاب تخيييل ال مرجعي فإن صلتها باملرجع‬
‫التونيس األصيل املعتدل واملتسامح ورمز بابنه يرسي إىل الشاب‬ ‫عىل درجة من التعقيد وااللتباس لكونها تحاول أن تصل بني‬
‫التونيس املتفتح والحالم بمستقبل أفضل‪ ،‬ورمز بابنه يارس إىل‬ ‫عاملني من طبيعتني مختلفتني‪ :‬عالم الواقع املحسوس وهو‬
‫الفكر املتطرف الذي بدأ ينترش يف صفوف الشباب التونيس بعد‬ ‫مرجعي وعالم الرواية اللغوي وهو جمايل‪ .‬وما زالت النظريات‬
‫الثورة ورمز باألستاذ النارص إىل الفكر اليساري والثوري الذي‬ ‫لم تقدم جوابا حاسما عن سؤال‪ :‬كيف تحيل الرواية عىل الواقع‬
‫كان يعاني من التهميش واإلقصاء ورمز بشخصية الفاضل‬ ‫وتمثل العالم؟ وال شك يف أن هذا السؤال تعلق أكثر بالرواية‬
‫إىل اإلنسان االنتهازي األناني الذي يغلب مصالحه الفردية عىل‬ ‫الواقعية ألنها أكثر االتجاهات التصاقا بالواقع وادعاء تمثيله أو‬
‫كل يشء ويرضب بجميع القيم عرض الحائط من أجل شهواته‬ ‫األقل إيهاما بتمثيله‪ .‬ومع أن الرواية الواقعية قد أقرت بصعوبة‪-‬‬
‫ومصالحه‪ ،‬كما رمز به إىل ظاهرة الفساد التي كانت منترشة يف‬ ‫وربما استحالة‪ -‬تمثيل الواقع وتصوير العالم ورغم ما تعرضت‬
‫تونس‪ ،‬ونضيف إليها الشخصيات الهامشية مثل نعيمة وسمية‬ ‫له من نقد وما ظهر بعدها من اتجاهات اشتغلت عىل كرس‬
‫وكمال الفأر وعمر بعوة وغريها من الشخصيات التي ترمز إىل‬ ‫اإليهام بالواقع والكشف عن طبيعة اللعبة الرسدية واإلقرار‬
‫القطاع الهاميش أو املنبوذ واملستغل يف املجتمع التونيس‪ .‬غري أن‬ ‫بعجز الرواية وقصورها عن تمثيل العالم ومحاكاة الواقع إىل‬
‫الرتميز األسايس يتمثل يف وصل مختلف الشخصيات واألحداث‬ ‫حد صارت فيه الرواية انعكاسا لذاتها من خالل ظاهرة الرواية‬
‫والحكايات بصورة استعارية كربى هي استعارة "الوطن قاعة‬ ‫الواصفة‪ ،‬فإن االتجاه الواقعي ما يزال حارضا بقوة من خالل‬
‫انتظار" التي هيمنت عىل عالم الرواية باعتبارها رمزا ملا أصاب‬ ‫االشتغال عىل اسرتاتيجيا اإليهام بالواقع وتمثيل العالم‪ .‬وهذه‬
‫الوطن أو املجتمع التونيس منذ حكم بن عيل إىل اليوم من حالة‬ ‫العودة القوية للنزعة الواقعية لوحظت بشكل الفت يف العديد‬
‫رسدها الكاتب يف مظاهر‬ ‫عطالة أو عطب أو انسداد شاملة ّ‬ ‫من الروايات التونسية الصادرة يف العرشية األخرية بل إن منها‬
‫وأشكال شتى سواء عرب حكايات الشخصيات وعالقاتها‬ ‫روايات بالغ أصحابها يف نزعة اإليهام بالواقع وتمثيل العالم إىل‬
‫ومشاريعها التي تنتهي بالفشل واالنغالق واإلجهاض أو عرب‬ ‫درجة هيمنت فيها النزعة التسجيلية والتأريخية عىل نحو قد‬
‫وترية الحياة البطيئة واململة التي يملؤها الفراغ والالمعنى أو‬ ‫تبدو فيه الرواية أقرب إىل "الشهادة عىل العرص"‪.‬‬
‫عرب انتشار البطالة والعطالة بمعناها الواقعي املبارش أو حتى‬ ‫وضمن هذا االتجاه يمكن تناول رواية "وطن يف قاعة‬
‫عرب اإلجراءات اإلدارية املعقدة والبريقراطية التي تجعل حياة‬ ‫االنتظار" لطارق الشيباني ملا فيها من نزعة مشغولة بكتابة‬
‫املواطن دائرة مغلقة وليست اإلدارة التونسية سوى جزء من‬ ‫تاريخ تونس املعارص ورصد تطورات األحداث واألوضاع‬
‫فضاء عام اتسم بالجمود والتهميش والعطالة ولعل أبرزه‬ ‫السياسية واالجتماعية التي عاشتها البالد التونسية يف الفرتة‬
‫إن دققنا النظر يف الرواية متالزمتان ووجهان لقضية واحدة‬ ‫األخرية من حكم بن عيل والفرتة التي تلت الثورة التونسية‬
‫انتشار املقاهي وكثرة مرتاديها‪ .‬وال شك يف أن املقهى ترمز لدى‬
‫ولذلك فإنهما يتقاطعان يف النهاية يف "قاعة االنتظار" باعتبارها‬ ‫وانعكاساتها الخطرية عىل املجتمع التونيس‪ .‬فإذا قرأنا الرواية‬
‫التونسيني ككل للفراغ واالنتظار غري أن هذه الرمزية اتسعت يف‬
‫استعارة كربى يف الرواية دالة عىل ما أصاب الوطن منذ حكم‬ ‫عىل األقل يف مستواها السطحي والخطي الحظنا مسايرتها‬
‫نهاية الرواية لتشمل املجتمع ككل وتتحول إىل استعارة كربى‬
‫بن عيل إىل الثورة واسترشاء الحرقة واإلرهاب من عطب كامل‬ ‫ملجريات الوقائع كما حدثت يف الواقع ونزوعها يف كثري من‬
‫للوطن حيث يقول السارد‪" :‬املقاهي يف الوطن هي‪ ...‬األمكنة‬
‫وانسداد شامل يف جميع اآلفاق جعل الوطن أشبه بقاعة‬ ‫األحيان إىل الرسد اإلخباري وتغليب املرجعي عىل التخيييل والعام‬
‫التي اختلقها الوطن نفسه لينتظر نفسه‪ ...‬املقاهي هي قاعات‬
‫االنتظار‪ .‬وزيادة عىل ما تتضمنه الرواية من تعددية صوتية‬ ‫عىل الخاص واملوضوعي عىل الذاتي بما يجعل الرواية "رسدية‬
‫انتظار مفتوحة للجميع لينتظر الجميع" ثم يوسع دائرة‬
‫وحوارية ناشئة عن تعدد الرؤى بتعدد الشخصيات فناظم الوالد‬ ‫تاريخية" لها قيمة مرجعية أكثر من قيمتها التخييلية أو ربما‬
‫الرمز ليتجاوز الفضاء املخصوص إىل املجتمع والوطن ككل‬
‫يمثل رؤية معتدلة وابنه يرسي يمثل رؤية متحررة ويارس يمثل‬ ‫تستمد قيمتها التخييلية من استنادها إىل معطيات مرجعية‬
‫حيث يقول‪" :‬تحولت حياته وتحول الوطن كله من حوله إىل‬ ‫رؤية متشددة واألستاذ النارص يمثل الرؤية اليسارية الثورية‬ ‫وتاريخية دقيقة حيث تقدم لنا صورة واقعية شديدة القرب‬
‫قاعة انتظار كبرية‪ ...‬قاعة شاسعة ال حدود لها‪ ...‬قاعة بحجم‬ ‫والفاضل يمثل الرؤية االنتهازية‪...‬الخ‪ ،‬وتعدد األصوات بتعدد‬ ‫والوفاء للواقع عىل درجة كبرية من الدقة واألمانة والصدق‪.‬‬
‫االنتظار"‪ .‬ثم إن الرواية فضال عن ذلك ال تكتفي بالتأريخ‬ ‫اللغات (العربية الفصحى‪ -‬الدارجة التونسية‪ -‬الفرنسية)‬ ‫والشك يف أن طارق الشيباني‪ -‬وهو صاحب تجربة رسدية ال‬
‫وترسيد الواقع التونيس وتمثيل قضاياه ورشائحه االجتماعية‬ ‫واللهجات أو النربات حسب املهن (رجل األعمال‪ -‬املحامي‪ -‬رجل‬ ‫بأس بها وحاصل عىل أكثر من جائزة‪ -‬يتقن اللعبة الرسدية‬
‫املختلفة سواء بطريقة تهكمية أو رمزية‪ ،‬بل تطرح األسئلة‬ ‫األمن‪ -‬املدرس‪ -‬التاجر‪ -‬عامل املقهى‪ -‬عامل الحانة‪ -‬املومس‪)...‬‬ ‫ويدرك مزالق تسخري الرواية لكتابة الواقع وتمثيل العالم‬
‫الكربى التي تشغل التونسيني سواء منها األسئلة السابقة‬ ‫أو حسب الوسط االجتماعي (املنحرف‪ -‬املتدين‪ -‬املهمش‪ )...‬أو‬ ‫وتغليب املرجعي عىل التخيييل ويعي مخاطر تسلط املؤرخ عىل‬
‫التي تتعلق باالستبداد والبطالة والفساد والتهميش وحتى‬ ‫حسب الهوية الجندرية (الرجل‪-‬املرأة) أو الثقافية (التونيس‪-‬‬ ‫الروائي‪ .‬ولذلك فإنه يشتغل ككل روائي واقعي وفق اسرتاتيجيا‬
‫الهوية أو األسئلة الجديدة بعد الثورة وعىل رأسها سؤاال الهجرة‬ ‫الفرنيس)‪ ،‬وحسب أسلوب الخطاب ونربة الكالم (جاد‪ -‬هازل‪-‬‬ ‫اإليهام بالواقع بواسطة قناع التخييل‪ ،‬ويحرص عىل شد القارئ‬
‫الرسية (الحرقة) واإلرهاب‪ .‬يقول‪" :‬السؤال الحارق الذي يطرح‬ ‫تعليمي‪ -‬مستهرت)‪ ،‬وسم الكاتب الخطاب الروائي بسمتني‬ ‫بواسطة تقنيات رسدية عىل درجة كبرية من اإلحكام والتأثري‪.‬‬
‫نفسه‪ :‬كيف تحول شباب األحياء الشعبية‪ ...‬إىل شباب مجاهد؟‬ ‫فنيتني مساهمتني يف التلطيف من نزعة تمثيل العالم واإليهام‬ ‫ولعل أبرز هذه الخطط الرسدية امللطفة من وهم املرجعي‬
‫‪ ...‬كيف يتحول شاب ما من السعي الحثيث إىل توفري الحياة‬ ‫بالواقع أي نزعة التأريخ والتقرير وهما التهكم والرتميز‪ .‬أما‬ ‫والواقعي كرس البناء الرسدي الخطي والتعاقب الزمني التاريخي‬
‫األفضل‪ ...‬إىل شاب يسعى إىل املوت؟ّ"‪ .‬ولنئ قدمت الرواية‬ ‫التهكم فهو نزعة غالبة عىل الخطاب الرسدي سواء صدرت عن‬ ‫لألحداث عن طريق تقنية التناوب بني رسد حكايتني متزامنتني‬
‫أجوبة عن هذه األسئلة سواء عىل لسان الشخصيات أو عىل‬ ‫الشخصيات أو نبعت من منظور السارد وهي تلعب دورا مهما يف‬ ‫هما حكاية التوأمني يارس ويرسي من جهة وحكاية يس الفاضل‬
‫لسان السارد نفسه فإنها تبقى أجوبة محدودة بحدود العالم‬ ‫خلق مسافة بني الخطاب والحكاية أو بني التخييل واملرجع حيث‬ ‫من جهة أخرى‪ .‬فقد وزع الفصول بينهما بالتساوي وحافظ عىل‬
‫الذي تمثله الرواية والسياقات التي تنشئها ومرتبطة يف الغالب‬ ‫تُخرج السارد وهو بصدد "عرض" التاريخ أو تمثيل الواقع من‬ ‫نظام التناوب بينهما باستثناء الفصل الذي خص به شخصية‬
‫بمنظور الشخصية وتجربتها الخاصة وهو ما يعني أن القارئ‬ ‫الحيادية املزعومة أو األمانة املوهومة وتكرس وهم املطابقة بني‬ ‫"نعيمة" والفصل األخري الذي جمع فيه بني الحكايتني ضمن‬
‫مدعو هو كذلك إىل االنخراط يف التفكري يف هذه األسئلة والبحث‬ ‫الرواية والواقع‪ ،‬إذ تقدم لنا األحداث والشخصيات من منظور‬ ‫اإلطار الرسدي الرمزي الحاضن للرواية ككل وهو "قاعة‬
‫عن أجوبة أعمق وأشمل‪ ،‬رغم أن هذا القارئ نفسه الذي يتوجه‬ ‫خاص وذاتي هو منظور السارد (الكاتب؟) باعتباره منظورا واعيا‬ ‫االنتظار"‪ .‬غري أن هذا البناء الرسدي التناوبي املحدث للمفارقة‬
‫إليه السارد يف كثري من األحيان بالخطاب توجها مبارشا‪ ،‬يظل‬ ‫بتناقضات الواقع وناقدا أو رافضا ملا آلت إليه البالد التونسية من‬ ‫الرسدية بني زمن الحكاية الذي تجري فيه األحداث بشكل متزامن‬
‫يف الرواية قارئا سلبيا مرسودا له باملعنى التقليدي للحكي‪ ،‬أي‬ ‫انسداد وعطب نتيجة تراكمات سياسية واجتماعية واقتصادية‬ ‫ومتواقت وزمن الخطاب الذي يستحيل فيه رسد حكايتني أو‬
‫مطالبا بأن يتماهى مع العالم التخيييل باعتباره تمثيال للعالم‬ ‫وأخالقية اختزلتها حكايتا التوأم ويس الفاضل‪ ،‬وانتهت بالوطن‬ ‫حدثني متزامنني يف آن واحد مما اضطر السارد إىل هذا التناوب‬
‫املرجعي أو إيهاما بالواقع‪ .‬ولذلك يهيمن عليه السارد العليم‬ ‫يف قاعة االنتظار‪ .‬وأما الرتميز فرغم حدوده ووضوحه فإنه‬ ‫بني حكاية "التوأم" وحكاية "يس الفاضل" ليس راجعا فحسب‬
‫فيتحكم يف مواقفه وردود أفعاله ويغنيه عن التفكري والتأويل‬ ‫يلعب دورا مهما يف التخفيف من املنحى الترصيحي املبارش الذي‬ ‫إىل طبيعة الرسد الخطية واستحالة رسد حدثني متزامنني يف‬
‫وملء الفراغات ألنه يقدم له عاملا كامال جاهزا ويوفر له‬ ‫يهيمن عىل الرواية‪ .‬وال شك يف أن الشخصيات بأسمائها الدالة‬ ‫آن واحد بقدر ما هو خطة رسدية مقصودة تحقق رضوبا من‬
‫املعلومات التي يحتاج إليها رسدا ووصفا وتعليقا وال يرتك له‬ ‫ومالمحها املوصوفة بدقة وترصفاتها وأفكارها وما يقدمه‬ ‫التعليق والتشويق وتجري أشكاال من املقارنة واملوازاة واملقاطعة‬
‫نقاط فراغ ليمألها وال معطيات غامضة ليفرسها وال أسئلة‬ ‫السارد عنها من معلومات غزيرة ليس القصد منها اإليهام‬ ‫بني حكايتني وشخصيتني تمثالن تيمتني مختلفتني ومنفصلتني‬
‫أو رموزا ليجيب عنه ويؤولها مادام الراوي إلها عليما يحتكر‬ ‫بالواقع وتمثيل العالم املوصوف أو املتحدث عنه فحسب‪ ،‬وإنما‬ ‫ظاهرا هما تيمة الحرقة واإلرهاب كما تمثلها حكاية التوأم‬
‫جميع السلطات ويمارسها يف الرواية بحرية مطلقة‪.‬‬ ‫وظفت كذلك لرتمز لنماذج اجتماعية وإنسانية معينة ولتعالج‬ ‫وتيمة الفساد كما تمثلها حكاية يس الفاضل ولكنهما تيمتان‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪35‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫فن تشكيلي‬

‫إيقاع‪ ‬الفن‪:‬‬

‫تنوع تشكييل وثراء برصي فالتقاء فني بفنان عاشق مليدانه‬


‫ّ‬
‫ا‪.‬م سمية الحمداني‬
‫لتعب بدورها عن رؤية فنية‬‫ّ‬ ‫منظومة فنية تتوحّ د معنى‬ ‫عشق فحب وهوس فالتقاء فني متزاوج فمتوالف‬
‫متواشجة األطراف‪.‬‬ ‫بإيقاعات مرتاسلة ألعمال فنية متباينة يف ثرائها‬
‫إذا‪ ،‬فما يميّز تجربة الفنان هو شدّة انفتاحها عىل‬ ‫وتنوّعاتها‪ ،‬متواترة يف تصوّراتها الفنية‪ ،‬متناغمة يف‬
‫التأويل لتقديم اإلضافة التشكيلية‪ .‬لذلك‪ ،‬فهو ال يحبّذ‬ ‫تلوّناتها‪...‬التقاء فاجتماع فني بفنان عاشق لفنه ومليدانه‬
‫الحديث كثريا عن أعماله بل يريد من املتأمل استنباط‬ ‫التشكييل‪ ..‬التقاء بالفنان صالح بن عمر فاكتشاف‬
‫قراءات متعدّدة حسب مستويات متناوبة‪ .‬فطبيعة أعماله‬ ‫لتجربته يف زمنيتها املتعاقبة يف أحداثها املتواترة اثر‬
‫الفنية مجال خصب لتأويالت مرتاسلة بحيث تحمل يف‬ ‫معرضه الفني‪ ..» rencontre « ‬عشق أللوان فريشة يرسم‬
‫جانب من خصوصياتها التشكيلية روحا انطباعية كامنة‬ ‫بها‪ ..‬غرام بخيوط ينسجها لتتوالف فتتشابك وتضفي‬
‫يف مخزون الذات كإضاءة يف أعماق الفنان واحاسيسه‬ ‫منسوجة متلوّنة يف نسيجها وإيقاعاتها اللونية‪ ..‬هيام‬
‫املتهافتة‪ .‬فالعمل الفني بالنسبة إليه هو رفيق دربه‪..‬‬ ‫بمواد متنوّعة تمظهر خزفيات متناوبة‪ ..‬تناوب تشكييل‬
‫رفيقه يف املكان والزمان‪ ..‬هو ذاكرته ومذ ّ‬
‫كراته يف عامله‬ ‫الفنان صالح بن عمر‬ ‫كل منحوتاته‪.‬‬ ‫يستعيد وفقه الفنان موادا مغايرة فيش ّ‬
‫الفني‪ ..‬يصاحبه لحظة بلحظة‪ ،‬همسة بهمسة ونبضة‬ ‫فكيف يرتاسل فن الزمن اإليقاعي املوافق إلحساس‬
‫بنبضة‪ ..‬هو التأمل والتلذذ فاالنتشاء بالتشكيل‪ ..‬هو‬ ‫برضورة داخلية"‪ .‬رضورة داخلية تعكس خصب خيال‬ ‫الفنان فعشقه لفنه النفتاحات عىل صفاء ال ّرؤية الفنية‬
‫الساطعة فاأللوان الشفافة‪ ،‬يف عالم‬‫اإلبحار يف عالم األلوان ّ‬ ‫وإبداع فنان تشكييل شامل يف تصوّراته الفنية‪ .‬فيحدو‬ ‫الشاملة بتصوّراتها الفنية فالثرية؟ كيف تفاعل حب‬
‫الخيوط والنسج بينها‪ ،‬يف عالم املواد املستهلكة واستغاللها‬ ‫هذا التوجّ ه الفني‪ ،‬من خالل هذه التصوّرات الفنية الثرية‪،‬‬ ‫الفنان "صالح بن عمر" لفنه ليرتجمه يف جميع أعماله‬
‫فتطويعها وادماجها تشكيليا‪ ..‬الغوص فاالنبالج يف‬ ‫رغبة متواصلة يف البحث عن صيغ فنية متناسقة رغم‬ ‫الفنية عرب لقاء فني مسرتسل بني رسم فخزف ومنحوتة‬
‫السكون والحركة فالديناميكية‪ ..‬لذلك‪ ،‬ينجيل العمل الفني‬ ‫ّ‬ ‫تقابلها‪ .‬صيغ فنية تشمل رسوما متباينة يف تلوّناتها‪،‬‬ ‫فمنسوجة؟ هل يف هذا الثراء الفني ما أثار إحساس الفنان‬
‫ميدانا حقيقيا لوجدانه وأفكاره لرتجمة عشقه فافتتانه‬ ‫شفافة يف تكويناتها‪ ،‬ومنسوجات متناسقة يف تواتراتها‬ ‫املتهافت التساع مجال اإلبداع فالتشكيل فيثري بدوره عني‬
‫بفنه‪ .‬فوفق هذا الثراء الفني‪ ،‬يتحقق املعنى الكيل واملوحد‬ ‫اللونية أو عرب رشائط لونية تتك ّرر او عرب تراتبات نسقية‬ ‫املتأمل؟‬
‫للعمل‪ .‬فيساهم بدوره يف إشاعة التناغمات املتوالفة يف‬ ‫تضفي إيقاعية متناغمة‪ .‬وخزفيات مختلفة يف األحجام‪،‬‬ ‫حسب هذه الحيثيات الفنية املتنوّعة‪ ،‬ووفق هذا اإلطار‬
‫تجربته‪ .‬تجربة تجمع بني ما تمليه الرضورة الفنية وبني‬ ‫متناقضة يف األشكال‪ ،‬ومنحوتات تجمع موادا مستعادة‬ ‫الفني النابع من أحاسيس داخلية متواترة‪ ،‬بتفنن الفنان‬
‫ما ينتجه الفنان‪ .‬حيث‪ ،‬يتحدّث "الحبيب بيده" قائال " أن‬ ‫كالت تضفي‬ ‫كالت منسجمة‪ .‬تش ّ‬ ‫متباينة ويف تبايناتها تش ّ‬ ‫صالح بن عمر بإحساس الفنان املحب لفنه‪ ،‬بإحساس‬
‫نرسم محاولة جميلة يف ح ّد ذاتها وال يستطيع إدراكها إال‬ ‫ّ‬
‫الخاصة بها فتتوازن إيقاعيا‬ ‫لغة تعبري تحمل مفرداتها‬ ‫الفنان املنتيش بآلياته عرب سياق اإلبداع ضمن تفاعالت‬
‫من ق ّرر التعمّ ق فيما وراء املرئي والبحث يف أغوار الذات‪.‬‬ ‫مع رؤى الفنان الفكرية بتناسقات مختلفة‪.‬‬ ‫املتغية‪ ..‬ينتيش يف زمنية معايشة‬ ‫ّ‬ ‫أدائية مع األدوات‬
‫وبالتايل‪ ،‬اكتشاف املمكن والحوار مع الشكل باعتباره‬ ‫فرييس توليفات بني مجموعة من العنارص الفنية‬ ‫املمارسة الفنية‪ ،‬فيهت ّم بموضوع الحب كشعور متعالق‬
‫عصارة فكر ونتيجة ملعاناة كونية فوجودية"‪ .2‬عصارة‬ ‫تربز عرب طاقة فشحنة إبداعية مثرية الهتمامات الفنان‬ ‫بني طرفني‪ ..‬شعور ال مفهوم له وال قوانني محدّدة‪..‬‬
‫فكر تح ّلق يف رمزية األعمال بتنوّعاتها وخصوصياتها‬ ‫بذاته والهتمامات املشاهد بإثارته فاستقطابه للمشاهدة‬ ‫فيتلذذ بحب وشغف ال حدود له يف تشكيل األلوان فاملواد‬
‫التشكيلية‪ .‬مما يعكس ثراء ال ّرؤية عىل اعتبار أن الفن‬ ‫فالتأمل والتأويل املتناوب‪ " .‬فالفن مرآة كاشفة سواء‬ ‫وتفعيل اآلليات التعبريية‪ .‬بحيث يردف بقوله "أشتغل عىل‬
‫مجال ال محدود‪ ،‬منفتح عىل إمكانات ال متناهية‪ .‬إمكانات‬ ‫لإلنسان الفرد او لإلنسان الجماعة إال أنه عىل الرغم من‬ ‫الحب‪ ،‬والحب ليس لديه مفهوم هو إحساس نابع من‬
‫فنية تحيل اىل التفاصيل اإلجرائية الكامنة يف مساره‬ ‫ارتباطه بمحيطه وظروف نشأته يشكل عاملا مستقال‬ ‫األعماق‪ ،‬إحساس يجمع بني طرفني‪ :‬طرف أول فالتقاء‬
‫التشكييل والقابلة لتعدّد التأويالت‪.‬‬ ‫تحكمه قوانينه الخاصة‪ .‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬يبدو الفن‬ ‫بطرف ثاني آخر‪ .‬ومن يتفحّ ص فيتأمّ ل األعمال من رسم‬
‫فعالية خالقة تنشد مداها"‪ .1‬ينشد وفقه الفنان "صالح‬ ‫فنسيج وخزف فمنحوتة‪ ،‬يالحظ وجود طرفني يف توالف‬
‫بن عمر" إىل إرساء انطباعات مرتاسلة فمتنوّعة تنتمي إىل‬ ‫متزاوج وفق التكوينات التشكيلية‪ .‬ويف هذا التزاوج‪ ،‬هناك‬
‫‪ - 2‬بيده ( الحبيب)‪ :‬الحوار التشكييل مع العالمة الخطية يف الفن‬
‫عالقات ثنائية جدلية رابح‪/‬خارس‪ ،‬ساكن‪/‬متح ّرك‪ .‬ولكن‬
‫العربي املعارص‪ ،‬بمجلة الحياة الثقافية‪ ،‬تونس‪ ،1995 ،‬سلسلة عدد‬ ‫‪1 - Huyghe ( René) : sens et destin de l’art, Paris, P‬‬ ‫خاص فمرتبط‬ ‫ّ‬ ‫يظ ّل هذا اإلحساس بمثابة شعور له رونق‬
‫‪ 71،‬ص ‪.124‬‬ ‫‪210.‬‬

‫رسوم ومنسوجات فخزفيات ومنحوتات للفنان صالح بن عمر‪ ،‬فنان عاشق مليدانه التشكييل‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪36‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫فن تشكيلي‬

‫كرس حياته‬
‫طيب‪ ،‬ف ّنان ّصامت ّ‬‫رضا بال ّ‬
‫بحثا عن الشّ مس التي بداخله‬
‫خليل قويعة‬
‫ً‬
‫كتابة‬ ‫طيب‬ ‫وبعيدا عن التّذهني الهنديس‪ ،‬فقد كانت أعمال رضا بال ّ‬ ‫السحب‬ ‫ذات عشيّة ِسبت مغيّمة من شهر ديسمرب سنة ‪ ،1993‬كانت ّ‬
‫مختلفة‪ ،‬قائمة عىل إعالء جانب الشعريّة والغنائيّة الفيّاضة يف‬ ‫ً‬ ‫للمدينة‬ ‫السماء‪ ،‬كنّا يف مكتب السيد منري‬ ‫الشمس يف كبد ّ‬ ‫مكفه ّرة وقد ع ّز ظهور ّ‬
‫ترصيف اللمسات وجانب التلقائيّة يف تكوين الفضاءات‪ .‬ولقد كانت‬ ‫ّ‬ ‫الفالّح‪ ،‬مدير دار الثقافة املغاربيّة «ابن خلدون»‪ ،‬ننتظر موعد انعقاد‬
‫مدينته طيّعة‪ ،‬حبىل بتعبرييّة ال ّلون وذلك التوالد ال ّلوني الذكي ما بني‬ ‫السنويّة التّحاد الفنّانني التّشكيليّني التونسيّني‪ .‬كان الفالّح‬ ‫الجلسة ّ‬
‫الصعب أن نعثر عىل األثر الفني‬ ‫والساخنة‪ ...‬ومن ّ‬ ‫الحساسيّات الباردة ّ‬ ‫متميّزا بربطة عنق ملوّنة‪ ،‬مستوحاة من ملسات فانسن فان كوغ وألوانه‬
‫الخاصة‪ ،‬هنا وهناك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال ّريادي الذي تركه الفنّان‪ ،‬خارج بعض املجموعات‬ ‫خصيصا لذلك اليوم‪ ،‬احتفا ًء بحدث‬ ‫(‪ ،)1890 - 1853‬وقد وضعها ّ‬
‫وبعيدا عن التّقنية وقاموس املفردات التشكيليّة‪ ،‬هناك فعالً َشبه‬ ‫ال ّلقاء واستعدادا الستقبال «أفراد» الفنانني التشكيليّني الذين أنهكهم‬
‫ّ‬
‫طيب وبني شخصيّة الفنّان الهولندي‬ ‫بني ما نعرفه من مالمح رضا بال ّ‬ ‫أن يوم اجتماعهم َغـدَا عيدًا وأضحى يوم‬ ‫صقيع التّباعد واالنعزال‪ ،‬حتى ّ‬
‫رسام كادح‪ ،‬غريب يف وحدته‪ ،‬يرسم ليكون وليس‬ ‫فان كوغ‪ ،‬فكالهما ّ‬ ‫اتّحادهم تحت سقف واحد حدثا يرشح يف زحمة التذكار‪ .‬كنا يف مكتب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ليعيش وكالهما سعيد يف غربته‪ ،‬آت من ظلمة تراجيديّة طبعت تاريخه‬ ‫الفن الحديث بتونس‪ ،‬فنذكر‬ ‫املدير نتحدّث عن شذرات متف ّرقة من تاريخ ّ‬
‫الشمس التي بداخله‪ .‬كالهما يتحدّد تع ّلقه بالحياة‬ ‫الشخيص ويبحث عن ّ‬ ‫هذا ونُلمّ ح لذاك ونقفز عىل البقيّة قف ًزا عندما جاءنا خرب وفاة الفنان‬
‫ّ‬
‫الفن‪ ،‬يصوّر بانفعال فيّاض ونشوة غامرة‪.‬‬ ‫الشغف الذي يدفعه إىل ّ‬ ‫بقدر ّ‬ ‫طيب‪ .‬كان الخرب موجعا‪ .‬عندها لم نعد بحاجة ال إىل‬ ‫التّونيس رضا بال ّ‬
‫ّ‬
‫ولوال الطاقة التي تهديها لهما الفرشاة وقدرات اللون ملا شعرا بأيّ معنى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انتظار السيّد يوسف ال ّرقيق وال إىل انتظار النصاب القانوني وقد وقع‬
‫للوجود‪ ...‬كالهما ساكت‪ ،‬صامت‪ ،‬مترشنق يف دواخله (‪)introverti‬‬ ‫االتّفاق عىل تأجيل هذه الجلسة‪ .‬لم يعد هناك حديث سوى عن رضا‬
‫يتوسل بال ّلوحة تعبريا عن غليان دفني وانفجار داخيلّ‪ ...‬وكان فان‬ ‫ّ‬ ‫وتراه‬ ‫وسخي العطاء‬‫ّ‬ ‫طيب‪ ،‬هذا ال ّرجل امللغز‪ ،‬قليل الكالم وكثري األلوان‬ ‫بال ّ‬
‫كوغ قد كتب يف رسالة ألخيه ثيو «بدال من أن أحاول نقل ما هو أمام‬ ‫ودافئ الوجد‪.‬‬
‫أعب عن نفيس بقوّة‬ ‫بدقة‪ ،‬أستخدم ال ّلون استخداما متم ّردا حتّى ّ‬ ‫نظري ّ‬ ‫ّ‬
‫أجل‪ ،‬كان بالطيب طيّبا فعال‪ ،‬لطيفا ما أمكن من اللطافة‪ ،‬وديعا‬ ‫ّ‬
‫طيب يقول يف صائفة سنة ‪ 1993‬باملحرس يف‬ ‫أش ّد طالقة»‪ ،‬فيما كان بال ّ‬ ‫ما أمكن من الوداعة‪ ،‬كان صامتا يف غالب األحيان‪ ،‬صامتا يتّـقد بَوحً ا‬
‫ذات الحوار‪« :‬أنا ال أرسم ما يوجد أمامي‪ ،‬بل أرسم ما أرى»‪ .‬فكالهما‬ ‫وهاجا‪ ...‬وكان فنّانا‪ .‬آخر لقاء يل معه كان‬ ‫وعبار ًة‪ ،‬هادئا جدّا يخفي أمالً ّ‬
‫الحس‪ ،‬يلوذ إىل عاطفيّة ال ّلون لتدا ُرك عقالنيّة الخطوط‬ ‫ّ‬ ‫كان مرهف‬ ‫السنة ذاتها بمهرجان املحرس‪ ،‬هناك يف ورشته‪ ،‬وجها‬ ‫يف صائفة تلك ّ‬
‫ّ‬
‫وتحديداتها الذهنيّة واالفالت من موضوعيّة األشكال ودقتها‪ ...‬وكانت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لوجه أمام أزرق البحر وفريوزه اآلرس الذي يفتح كوامن النفس ‪ ،‬وقد‬
‫من فضائل هذه العواطف الجيّاشة التي تحكم مسار اإلبداع وحياة املبدع‬ ‫حوار حدّثني فيه عن عشقه الدّفني إىل األزرق وعن ُكمونه‬ ‫ٍ‬ ‫استدرجته إىل‬
‫الشكل وال ّلون‪.‬‬ ‫أنّها ساعدت عىل خلق معادلة يتوافق عىل ضوئها ك ّل من ّ‬ ‫السي الذي ييضء دياجري القلب املظلمة‪...‬‬ ‫ّ‬
‫هكذا‪ ،‬عندما ينجز الفنّان لوحته‪ ،‬فكأنّما يش ّكل ذاته بك ّل ما تضمره‬ ‫ّ‬
‫الفن‬ ‫طيب (‪ )1993 - 1939‬هو عالمة منسيّة يف حداثة‬ ‫رضا بال ّ‬
‫من آالم وآمال‪ .‬ولقد كان رضا بال ّ‬ ‫لم يعد لنا يشء نعرف من خالله ال ّرجل غري لوحته‪ .‬إنّه يشبه لوحته‪،‬‬
‫طيب يقاوم باأللوان فكرة املوت‪ .‬ولم‬ ‫بتونس والعالم العربي قاطبة‪ .‬بعض من حياته الثملة بمعنى الهيام وتيه‬
‫ابن لوحته‪ .‬هكذا قلت للنّاس بقرص بلديّة باريس‪ ،‬يف فيفري ‪،2017‬‬
‫يكن يرسم تم ّلقا وتز ّلفا لألثرياء أو للجنة الرشاءات ولم يكن يمتهن‬ ‫والصمت والعزلة ترشق يف لوحته‪ .‬بدا لنا‬ ‫ّ‬ ‫الفن‪ ،‬املثقلة بندوب الغربة‬ ‫ّ‬
‫عندما دعيت ألكون كوميسريا ملعرض «‪ »Symbiose‬التّونيس – العراقي‬
‫السائدة‪ ،‬بل لم يكن يغازل ُسلطة‬ ‫السطحيّة ّ‬ ‫ال ّلعب عىل إثارة ال ّذائقة ّ‬ ‫منيس بني ديار املدينة التي أضحت رسما دارسا تعبق‬ ‫ّ‬ ‫باب‬ ‫ّ‬
‫بالطيب مثل ٍ‬
‫الذي كان بدعوة من رئيس جمعيّة «‪ » Coup de Soleil ‬يف إطار الدّورة‬
‫السادة املستمعون واملشاهدون من‬ ‫السائد وما يطلبه ّ‬ ‫النّموذج ال ّذوقي ّ‬ ‫بوهج ال ّذاكرة املخمليّة وقد تج ّلت تشكيليّا بني أزرق وأبيض وتلك ال ّلمسة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 23‬لتظاهرة الكتاب املغاربي والرشقي التي ترشف عىل تنظيمها هذه‬
‫عشاق الفولكلور الفجّ ‪ ...‬بل كان وفيّا لرؤيته‪ ،‬صادقا مع فنه‪ .‬وكان‬ ‫توهج أسئلة دافئة يف أعماق النّفس‪ ،‬هناك عىل‬ ‫الربتقاليّة والقرمزيّة التي ّ‬
‫وقو ًرا بقدر ما كان ً‬ ‫هدف هذا املعرض إىل التّعريف بال ّرصيد الفنّي لروّاد‬
‫َ‬ ‫الجمعيّة الفرنسيّة‪.‬‬
‫عنيفا مع نفسه‪.‬‬ ‫مدى فضاء ال ّلوحة الذي أربكه ّ‬
‫الصقيع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحركة الفنيّة يف العالم العربي وثرائها الجمايل‪ ،‬اعتمادا عىل مجموعة‬ ‫ّ‬ ‫كان العا َلم لدى بال ّ‬
‫تستحق مسرية رضا بالطيب مراكمة البحوث والدّراسات‬ ‫وفعال‪،‬‬ ‫وهاجا‪ ،‬شحنة تِلو شحنة‪.‬‬ ‫يتدفق ضوءًا ّ‬ ‫طيّب‬
‫صدربعل من األعمال الفنيّة‪ ...‬وقد ارتآى السيّد جورج موران‪ ،‬رئيس‬
‫الفن الحديث‬ ‫متوهجة داخل مدوّنة ّ‬ ‫ّ‬ ‫حول نتائجها وما أخصبته من أعمال‬ ‫الجمعيّة‪ ،‬أن يختار هذه لوحة رضا بال ّ‬ ‫كان يستبطن يف نظراته حركة التّفاصيل وإيقاع األشياء وقد تحوّلت إىل‬
‫طيب‪ ،‬هذه‪ ،‬لتكون ملصقا‬
‫بتونس‪ ...‬عىس أن تقع إضاءتها أكثر فأكثر داخل الفضاء الثقايف وعىس‬ ‫عالمات مكتنزة وملهمة‪ .‬كانت فرشاته ذكيّة ومرحة‪ .‬كان وحيدا يف غالب‬
‫للتّظاهرة‪.‬‬
‫أن تكون درسا مفيدا لدى شباب الفنّانني‪.‬‬ ‫الوقت‪ ،‬وكانت مواقفه ُرخامً ا وملسات فرشاته حريرا‪.‬‬

‫البشير الرحال‬ ‫شخصيات تونسية‬


‫ولد البشير الرحال بتونس سنة ‪ 1901‬وزاول دراسته بالمدرسة العرفانية‬
‫التي كان من معلميها رائد المسرح الكبير الشيخ إبراهيم األكودي‪ .‬وبفضل‬
‫ما بذره في تالميذه من حب المسرح شغف البشير الرحال بالتمثيل وهو‬
‫في المدرسة االبتدائية‪ .‬وقبل الحصول على الشهادة االبتدائية اضط ّر إلى‬
‫االنقطاع عن التعليم إثر وفاة أبيه ليلج معترك الحياة يبحث عن عمل يرتزق‬
‫منه ويعول أسرته‪ .‬فتع ّلم أوال صناعة األحذية ثم انتقل إلى مكتب المحامي‬
‫محمد الحبيب رجل‪ .‬اما انطالقته الحقيقية في ميدان المسرح فكانت على يدي‬
‫رجل المسرح الكبير جورج أبيض عندما أدمج فرقتي «اآلداب» و«الشهامة»‬
‫في فرقة واحدة باسم «التمثيل العربي» وتولّى إدارتها الفنية إذ أسند إليه‬
‫دورا مهمّ ا في مسرحية «البرج الهائل» (تعريب فرح أنطون) عام ‪.1922‬‬
‫فكان النجاح حليفه وبدأ منذ ذلك التاريخ نجمه يصعد إلى أن بلغ القمة‪.‬‬
‫سخر لها‬‫ّ‬ ‫ظهرت شخصية (الحاج كلوف) مع الممثل البشير الرحّ ال الذي‬
‫كل ثقافته وموهبته المسرحية ثم كان الموعد مع صالح المهدي فأمحمد‬
‫األكحل وصاحب شخصية (الحاج كلوف) الممثل الكبير محمد بن علي في دور‬
‫(الحطاب) والزهرة فائزة زوجة (الحاج كلوف) وعبد العزيز العرفاوي في دور‬
‫(مرزوق) الخادم‪.‬‬
‫هذه السلسلة االذاعية الناجحة والخالدة حولها المخرج عبد الرزاق‬
‫الحمامي سنة ‪ 1970‬الى التلفزيون من خالل سلسلة باألبيض واألسود بثت‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫تونس أيام زمان‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪37‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫فن تشكيلي‬


‫حوار الحضارات واألمل المنشود‪:‬‬

‫التبوي والث ّقايف‬


‫استرشاف للمرشوع ّ‬
‫أ‪.‬د‪ .‬سامي بن عامر‬

‫فال شك ان الرتبية ركن أسايس يف املجتمعات‪ ،‬فمن خاللها‬ ‫تاريخه الغارق يف القدم‪ .‬وهو ما يكون الفارق الثقايف االيجابي‬ ‫بات النظام العاملي الجديد موضع نقد كبري من طرف املفكرين‬
‫يتكون الفرد ويرتقي اىل ُس ّلم يمكنه من مكانة فاعلة يف املجتمع‬ ‫بني البلدان العربية‪.‬‬ ‫وعرضة ملواجهة عديد األطياف االجتماعية التي تزداد أعدادها‬
‫الذي يعيش فيه‪.‬‬ ‫غري أن السؤال األهم والذي وجب طرحه يف هذا املجال يتمثل‬ ‫الشسة والتي‬ ‫بمرور الزمن‪ .‬فهل يجدر بنا يف إطار هذه العوملة ّ‬
‫والتبية يف البيداغوجيا املعارصة تحمل معنى شاسعا وهي‬ ‫ّ‬ ‫يف طريقة تعاملنا مع هذه الجذور وفهمنا لها‪ .‬فهل الهوية نقطة‬ ‫والصاع املبارش‪ ،‬ان نتساءل‬ ‫ّ‬ ‫تتأسس عىل التّطاحن االجتماعي‬‫ّ‬
‫تهم شخصية الفرد كاملة مما يجعلها مختلفة عن التّعليم‪ .‬ومن‬ ‫انطالق ثابتة ام نقطة وصول؟ وهل يمكن التّعامل معها خارج‬ ‫اليوم عن مستقبل االنسان يف مجتمعاتنا؟ وهل التّطور املجتمعي‬
‫هذا املنطلق‪ ،‬تصبح الرتبية أساس النسيج االجتماعي من حيث‬ ‫مفهوم الزمن وتأثرياته املتحوِّلة؟‬ ‫لإلنسان مرتبط برفاهيته املادية التي يتمكن من تجميعها او‬
‫انها تصنع املعرفة كما تصنع القيم اإليطيقية التي تربط عنارص‬ ‫وقد سبق ان كتبنا يف حوار مطول نرش بجريدة «الرشوق‬ ‫باألحرى بتكامله الفيزيائي والذهني وبقدرته عىل إنتاج املعنى‬
‫املجتمع وتضمن نقل املعارف ونقل هذه القيم لديمومة هذا‬ ‫التونسية» أن الهُ وية تبقى يف بحث دائم عن شكلها النهائي‪ ،‬فهي‬ ‫لحياته؟‬
‫املجتمع‪ ،‬بذلك تصبح رضورة وركيزة أساسية للمجتمع‪ .‬وتصبح‬ ‫ثمرة بحث متواصل‪ ،‬غري متناه‪ .‬وهي تجمع بني املايض والحارض‬ ‫أليس حري بنا أن نحلم بمجتمع ينبني عىل رفاهية ال ّذات‬
‫الضامن األسايس لتكوين أجيال قادرة عىل املساهمة اإليجابية‬ ‫أيضا ّ‬ ‫واملستقبل‪ .‬مما يجعل منها صريورة‪ .‬وان ثبتت أهمية الذاكرة‬ ‫بدال عن رفاهية املادة‪ ،‬عن االرتياح بدال عن االستهالك؟ إن يف هذا‬
‫يف حوار الحضارات‪.‬‬ ‫والعودة إىل الجذور‪ ،‬إال أن هذه الذاكرة وهذه العودة تتطلب منا‬ ‫مطالبة رشعية لضمان نوعية انسانية وتنوع الثّقافات والفنون‬
‫وال شك يف أنه ال سبيل اىل تصوُّر أي مرشوع تربوي دون أخذ‬ ‫قدرة عىل اإلبداع والتغيري والنقد وتفتحا عىل املعرفة‪.‬‬ ‫العالم‪ ‬وتحقيق فعيل لحوار الحضارات‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وتناغم‬
‫ما نعيش اليوم من مستجدات معرفية وتكنولوجية وايطيقية بعني‬ ‫فأن نكون أصيلني اليوم‪ ،‬يستوجب منا أكيدا أن نكون عىل‬ ‫وإن السؤال املطروح اليوم عىل كل دولة هو التّايل‪ :‬كيف يمكن‬
‫االعتبار‪ .‬فلقد اقتنعت اوروبا منذ بداية القرن الواحد والعرشين‬ ‫معرفة أكث َر بتاريخنا وعىل فه ٍم بجذورنا‪ ،‬غري أن كل جذر غائص‬ ‫ٍ‬ ‫مقاومة مركزية سطوة الثقافة املتجانسة للوصول اىل املساهمة‬
‫بأن الرأس مال البرشي يمثل أهم ورقة رابحة للنمو والتشغيل يف‬ ‫يف األرض ال يتغذى إال بما هو حيوي وجوهري‪ ،‬والذي يصبح ماء‬ ‫السلمي‬‫يف بناء فسيفساء ثقافية عاملية وتحقيق مبدا التّعايش ّ‬
‫هذا العالم الجديد املتغري‪ .‬لذلك تصبح الرتبية مجاال هاما إلعداد‬ ‫النبات املغذي للشجرة ذات األغصان املتفرعة‪.‬‬ ‫العاملي؟‬
‫الكفاءات الجديدة القادرة عىل تحقيق هذا الهدف باإلضافة اىل‬ ‫وأن نكون أصيلني اليوم‪ ،‬لن يمنعنا من االستلهام من‬ ‫ويف ما ييل نسوق ثالثة برامج نعتربها ركيزة أساسية قادرة‬
‫الكفايات التّقليدية‪.‬‬ ‫الحضارات األخرى‪ .‬إن األنا املبدع هو الذي ينظر إىل تراثه وكذلك‬ ‫عىل تحقيق املرشوع الحضاري املستقبيل يف بلداننا العربية عموما‬
‫مثْل هذا التوجه الذي يفرضه عرصنا الحديث‪ ،‬يضعنا أمام‬ ‫اىل تراث الحضارات األخرى من خالل نظرة نقدية استرشافية‪.‬‬ ‫ويف تونس بالخصوص‪ ،‬مرشوع قادر عىل إعداد جيل متشبع‬
‫رهان تربوي جديد تصبح فيه الرتبية منفتحة عىل كل ما يوفر‬ ‫فكنه الهوية بالنسبة لألنا املبدع هو العلم بأن هوية املكان قد ال‬ ‫بهويته ومبدع‪ ،‬مما يم ّكنه من املشاركة اإليجابية واملتكافئة يف‬
‫للتلميذ من اكتساب لهذه القدرات‪.‬‬ ‫تنحرص يف مفهوم اإلقليمية الضيقة‪ ،‬بل يمكن أن تتخطى حدود‬ ‫الحوار العاملي‪ :‬مراجعتنا ملفهومنا للهوية وتطويرنا للمجال‬
‫ولع ّل اهم العوامل القادرة عىل تحقيق هذا ال ِّرهان‪ ،‬هو توفري‬ ‫هذه األخرية لتشمل مكانا أكرب حيث ترتاءى ثقافات أخرى تصبح‬ ‫الرتبوي وتحقيقنا لالستثناء الثقايف‪.‬‬
‫التوازن يف تكوين التلميذ‪ .‬توازن يُمْ كن تحقيقه بالتخلص من‬ ‫مصدر إلهام املبدع‪ .‬ولنا يف تاريخ الفن التشكييل العاملي أكثر‬ ‫حول وجوب مراجعة‬
‫الهيمنة العقالنية والرتكيز عىل تدريس القيم االنسانية وانفتاح‬ ‫من مثال‪ .‬أليس الفن اإلسالمي مزيجا متناغما لعديد التأثريات‬ ‫ُ‬
‫الهويّة‬ ‫مفهوم‬
‫الحياة الداخلية‪ :‬االحساس‪ ،‬الخيال‪ ،‬الجسد املعاش‪ ،‬التفاعل‬ ‫الحضارية املختلفة؟ اما يف العالم الغربي الحديث‪ ،‬فلم يقترص‬ ‫ان ما عشنا خالل العرشية األخرية بالخصوص‪ ،‬يف تونس ويف‬
‫الشعوري‪ ،‬التأثر االويل وعىل غريها من القيم التي ليس لها اعتبار‬ ‫هانري ماتيس ‪ Henri Matisse‬عىل مراجعه الغربية‪ ،‬إذ أخذ‬ ‫معظم البلدان العربية‪ ،‬من خروقات ناجمة عن إساءة لفهم مفهوم‬
‫يف مؤسساتنا الرتبوية والتي تمثل أهمية كربى‪ ،‬حتى تُكمّ ل تراكم‬ ‫من الفن العربي اإلسالمي مادَّة لفنه‪ ،‬فوجد يف األرابسك مثال ويف‬ ‫الهُ وية من طرف مجموعات متطرفة‪ ،‬جعل من هذا املفهوم جزءا‬
‫املعارف وتمْ رين العقل ولكي تُقاوم غياب املعنى والالمباالة‪.‬‬ ‫طحة واملوزعة عىل الحامل‪ ،‬خري مرجعية يضمن بها‬ ‫أشكاله املس ّ‬ ‫من األزمة التي تعيشها األوطان العربية اليوم وعائقا عن التقدم‬
‫نتبي أهمِّ ية تدريس الفنون يف مدارسنا االبتدائية ومعاهدنا‬‫وهنا ّ‬ ‫الطابع املسطح الذي تميزت به لوحاته‪ ،‬مما يم ِّكنه من التّصدي‬ ‫واالنفتاح عىل اآلخر‪ .‬وهو ما يفرض علينا مراجعة مؤ ّكدة ملعنى‬
‫يمس القلب‬‫ُّ‬ ‫اإلعدادية والثانوية يف تحقيق هذه األهداف‪ ،‬إذ انه‬ ‫لقواعد املنظور املعتمدة يف الرسم التقليدي‪ .‬ك ُّل هذا ضمن ٍ‬
‫تمش‬ ‫الهوية‪ ،‬تكريسا ملا يمكن ان يحفظ ذاكرتنا وجذورنا ويفتح لنا‬
‫واالحساس كما يخاطب تجربتنا يف التّعجُّ ب ويف عالقتنا بغموض‬ ‫ومؤسس لقيم جديدة إبداعية معارصة‪ .‬ووجد بول كيل‬ ‫ِّ‬ ‫خاص به‪،‬‬ ‫مجاال للحوار مع اآلخر إعدادا ملستقبل أفضل‪.‬‬
‫العالم والذوات ليصبح مجاورا لالمرئي وفاتحا للمادة ارسار‬ ‫‪ Paul Klee‬أيضا يف تونس مصدرا إللهامه‪ .‬فتنبَّه لعامل الضوء‬ ‫مخاض حول‬ ‫ٍ‬ ‫ولع ّلنا نعيش اليوم يف العالم العربي أهم مرحلة‬
‫الذهن‪.‬‬ ‫وألشكال املعمار ولل ُّرموز التي يُوفرها الرتاث التونيس‪ ،‬فربط بينها‬ ‫التّساؤل عن هذه الهوية وعن طرق تعاملنا معها‪ .‬ففي تونس مثال‪،‬‬
‫وباإلضافة لهذه األهداف القيمية والشعورية والذهنية التي‬ ‫ليصنع عمال فنيا‪ ،‬فتح به مجاالت جديدة يف البحث التشكييل‬ ‫هناك من يعتقد أن الهوية التونسية هي حرصا عربية إسالمية‪،‬‬
‫يقدمها الفن يف العملية الرتبوية‪ ،‬فان تدريس املواد الفنية يصبح‬ ‫املعارص‪ .‬وتلك هي أمثلة من الحوار الحضاري التي نسعى اىل‬ ‫ويراها آخر بربرية او يعتربها‪ ‬ضاربة يف القدم منذ عهد قرطاج‪.‬‬
‫ايضا‪ ،‬يف إطار تمش تعليمي معارص‪ ،‬متناغم مع متطلباتنا الحياتية‬ ‫االقتداء بها‪.‬‬ ‫لكن أليست ُهوية التونيس جامعة لهذا وذاك؟ فلقد بات من املؤكد‬
‫ال ّراهنة‪ .‬فمادة الفنون التشكيلية مثال يف مؤسساتنا الرتبوية‪ ،‬ال‬ ‫تحقيق اإلصالح التربوي‬ ‫أن البعد العربي اإلسالمي طبع شخصية التونيس عموما‪ ،‬إال أن‬
‫تقترص عىل تعليم مهارات يدوية محددة أو عىل التحسس للفن أو‬ ‫وحتى نكون قادرين عىل توفري التفاعل اإليجابي مع اآلخر إلثراء‬ ‫ذاكرة هذا األخري تبقى أيضا نتاجا لكل املراحل التاريخية التي‬
‫الرتفيه‪ ،‬بل هي باألساس مادة هادفة إىل معرفة مرتبطة بحب التطلع‬ ‫تجاربنا واثراء تجارب اآلخر ايضا‪ ،‬أال يتحتم علينا نهج سياسة‬ ‫م ّر عربها‪ .‬ونفس اليشء بالنسبة للدّول العربية األخرى‪ .‬فمرص‪،‬‬
‫والرغبة يف الفهم من خالل غزو املجهول أين يكون تلمس الذات وحق‬ ‫تربوية قادرة عىل تكوين أجيال عارفة بتاريخها وبخصوصياتها‬ ‫البلد العربي اإلسالمي مثال‪ ،‬ال يمكن ان نفصله عن انتمائه اىل‬
‫الخطأ مسموح بهما‪ .‬وهو ما يفيض إىل تمكني املتعلم من اكتساب‬ ‫ومتفتحة يف اآلونة نفسها عىل اآلخر ومبدعة؟‬ ‫الحضارة الفرعونية القديمة‪ .‬كما ال يمكن ان نفصل العراق عن‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪38‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫فن تشكيلي‬

‫تطوير صناعاتها الثقافية‪ ،‬انطالقا من مبدأ التعدُّدية َّ‬


‫الثقافية القادر‬ ‫معرفة عملية ممكن استخدامها يف وضعيات مختلفة وخارج إطارها املبارشين يف العوملة بخالف العوالم االخرى التي وجدت أنفسها فيها‪.‬‬
‫عىل التَّحقيق الفعيل لحوار الحضارات‪ .‬وهو ما يمكننا من هذا التنوع‬ ‫الخاص وقابلة للنقل إىل مواد أخرى‪ ،‬يف زمن أصبح يتميز باختفاء لذلك تصبح عالقتنا بها مختلفة‪ ،‬وما يحدُّدها اساسا هو ميزان القوى‬
‫الثقايف والفني ومن وقاية االنسانية من عبادة النفعية التي من شانها‬ ‫عديد املهن وظهور مهن جديدة‪ .‬ويفيض ايضا إىل إنجازات تصميمية الذي يخدم ال محالة صانعي القرار يف هذا املجال‪.‬‬
‫ان تشجع عىل الفردية واالنانية وتضعف االنتماءات وتفيض بنا اىل‬ ‫تحقيق االستثناء الثقافي‬ ‫وتنظيمية قادرة عىل أن تم ِّكن التلميذ من فكر مرن قادر عىل اإلبداع‬
‫فقدان القيم‪.‬‬ ‫ورد مفهوم االستثناء الثقايف يف القانون الدويل ويف السياسة‬ ‫والعمل الجماعي وتحمّ ل املسؤولية‪ ،‬فكر متميِّز بكفاءة ناتجة عن‬
‫وال شك انه ال مجال لتحقيق الحوار الحضاري يف أي بلد خارج‬ ‫موقف قابل للحوار ولتجدُّد املهارات‪ ،‬وهي كفاءة يبحث عنها املشغل الثقافية بعد أن بادرت فرنسا بعرضه سنة ‪ 1993‬يف االتفاق العام‬
‫مرشوع ثقايف ال يضمن عامل التكافؤ بينه وبني بقية الدول املشاركة‬ ‫اليوم ويحتاج إليها كل فرد للنجاح يف حياته املهنية مهما كان نوعها‪ .‬بشأن التعريفات الجمركية واملفاوضات التجارية (‪ ،)GATT‬ويهدف‬
‫يف هذا الحوار‪ .‬لذلك فان نجاح كل دولة يف هذا اإلطار يخضع إىل‬ ‫السلع والخدمات الثقافية يف املعاهدات الدولية وخصوصا‬ ‫وهو أيضا فكر يصبح يف إطار تمش تعليمي معارص‪ ،‬تمرينا للتَّسامح اىل استثناء ِّ‬
‫يف املنظمة الدولية للتجارة واىل مساندة الفنانني يف بلدانهم والتعريف‬ ‫والحرية الذي يحبط األنانية والعصبية والتَّطرف‪.‬‬
‫عنرصين اثنني‪:‬‬
‫‪ ‬مثل هذا التميش الذي وجب تعميمه يف املجال الرتبوي‪ ،‬يفيض بأعمالهم الفنية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مدى حرصها عىل حماية ذاكرتها وتراثها الثقايف وإبداعات‬
‫وإن كانت الواليات املتحدة وال تزال متشبّثة بحرية املبادالت‬ ‫إىل إعطاء القيمة للذات البرشية وللقيم اإلنسانية العميقة فيها‪ .‬كما‬
‫فنانيها وطاقتها عىل صياغة اسرتاتيجية نمو ثقايف قادرة عىل تطوير‬
‫وضعية َّ‬ ‫يفيض إىل إعداد مجتمع يكون الفرد فيه واع بخصوصياته‪ ،‬مما يمكنه التجارية واملنافسة غري املرشوطة للمنتوج الثقايف والفني‪ ،‬فان الدول‬
‫املثقف والفنان وموقعه باعتباره يؤدي مهنة فاعلة يف املجال‬
‫من االنفتاح عىل اآلخر وقبول الرأي املغاير ويف إعالء الحوار العاملي‪ .‬األوروبية والتي تتزعمها فرنسا‪ ،‬تطالب بأحقية حماية منتوجها‬
‫الثقايف واالقتصادي عىل حد السواء‪ ،‬وعىل تمكن هذه الدولة من إنشاء‬ ‫ان املرشوع املجتمعي الذي ننتظره غدا‪ ،‬يوجب علينا أن ندافع الفني وبأحقية مبدأ االستثناء الثقايف‪ ،‬الذي يهدف أساسا اىل رعاية‬
‫الهياكل واملؤسسات الالزمة لذلك‪.‬‬ ‫املبدعني ووقاية الفن من سيطرة الكسب‪.‬‬ ‫كلنا جميعا عن هذا املرشوع الرتبوي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدى ديناميكية دبلوماسيتها‪ .‬فالدبلوماسية الناجحة أمام‬ ‫وانطالقا من وعيها بخطورة تجنيس الثقافة‪ ،‬أيّدت اليونسكو‬ ‫السؤال مطروحا اي مرشوع اعددنا لهذا الغرض؟ وهل‬ ‫ويبقى ُّ‬
‫تحديات هذه السياسات الجغرافية الثقافية هي التي تتمكن بمعية‬ ‫يمكن استخدم التوصيات التي انبثقت عن املجلس االوروبي يمكن يف بيانها الدويل يف خريف سنة ‪ 2001‬مبدأ االستثناء الثقايف ودعت‬
‫املجتمع املدني وكل األطراف‪ ،‬من نرش فنونها وثقافتها ومن إرساء‬ ‫استخدامها حرفيا يف الواقع العربي؟ أم ان املرشوع الرتبوي يف البلدان إىل تبني نظرة إنسانية للعالقة التي تربط االقتصاد بالثقافة عامة‬
‫تبادل وتعاون مكثف مع بقية دول العالم‪ .‬تعاون قائم عىل االحرتام‬ ‫وباإلبداع بالخصوص‪ ،‬وهي عىل استعداد مل ِّد يد املساعدة القانونية‬ ‫العربية يتطلب ان نأخذ بعني االعتبار خصوصيات هذه البلدان؟‬
‫ّ‬
‫والصداقة واالعرتاف املتبادل‪.‬‬ ‫والتّسامح‬ ‫وجب ان نذ ِّكر ان العالم االوروبي يُعترب من ضمن الفاعلني والتقنية للدول األعضاء وذلك لصياغة مشاريعها الوطنية يف مجال‬

‫اجلويني وبن علجية يف عيون عدنان الشوايش‬ ‫موسيقى‬


‫الصرب يطفي ناري»‪« ،‬سمراء‬ ‫ّ‬ ‫لو كان موش‬ ‫نواصل رحلتنا مع منشورات الفنان الكبري‬
‫يا سمراء»‪« ،‬حبّي يتبدّل يتجدّد» وغريها من‬ ‫عدنان الشوايش ونظرته للفنانني الكبار الذين‬
‫إبداعات «عم الهادي» ‪ ،‬رحمه الله وطيّب ثراه‪،‬‬ ‫سبقوه عىل الساحة املوسيقية وكانوا وراء‬
‫تثبت مدى خصوبة وتنوّ ع خريات تربة عبقرية‬ ‫التأسيس ألغنية تونسية أصيلة ‪...‬‬
‫هذا ال ّرجل الفنّان النّابغة املعطاء‪.‬‬ ‫والبداية ستكون مع الراحل املايسرتو عبد‬
‫هو كذلك إنسان ذو حزم مشهود و لطف‬ ‫الحميد بن علجية حيث قال فيه ‪:‬‬
‫فيّاض معهود‪ ...‬إكتشفت فيه هذه الخلطة‬ ‫أوّل م ّرة قابلته فيها مبارشة كانت سنة‬
‫الصامة وال ّلني عندما كان يرشف عىل‬ ‫ال ّرائعة من ّ‬ ‫‪ 1970‬لحظة كنت أتهيّأ لإلختبار الغنائي‬
‫الذي يت ّم ‪ ،‬عىل ضوئه ‪ ،‬إختيار املواهب ّ‬
‫الشابّة‬
‫تسجيل األغاني وال يسمح أليّ كان من العازفني‬ ‫عبد الحميد بن علجية‬ ‫الهادي الجويني‬
‫املرشحة للغناء يف برنامج نجوم الغد ‪...‬سألني‬ ‫ّ‬
‫أو املغنّني أو التّقنيّني بإرتكاب أيّة ز ّلة موسيقية‬
‫أو سلوكية أثناء التّسجيل كتكرار نفس األخطاء‬ ‫وأشاهده كيف كان يتفنّن يف تغطيس صوّره‬ ‫بجهة «الفيات»‪ ،‬من الدّعابة والحوارات الشيّقة‬ ‫«ماذا ستغنّي؟»‬
‫الصغرية اململوءة بشتّى انواع‬
‫يف تلك األحواض ّ‬ ‫املمتعة مع أصدقائه املق ّربني‪ »...‬حمّ ادي النّيفر‪،‬‬ ‫ّ‬
‫أجبت ‪« :‬مني عذبك ملحمّ د عبد الوهاب‪»...‬‬
‫يف التّنفيذ من طرف بعض العازفني أو املغنّني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السوائل ث ّم ينرشها لتجف عىل تلك الحبال‬ ‫ّ‬ ‫بوراوي بن عبد العزيز‪ ،‬عبد املجيد بن جدّو‪،‬‬ ‫فباغتني بسؤال ثاني أربكني وجعلني أفقد‬
‫متأخرا‪ ،‬ولو بدقائق‪ ،‬إىل األستوديو‬ ‫أو العودة‬ ‫قليال من ّ‬
‫املمتدّة عىل طول وعرض تلك الغرفة املظلمة‪...‬‬ ‫جعفر ماجد رحمهم الله وكذلك املنجي بلعربي‬ ‫التكيز‪ ،‬إذ قال‪ « :‬أال تحفظ أغنية‬
‫بعد فرتة ال ّراحة ّ‬
‫الصباحية‪....‬‬
‫الفن ال ّرائع إىل درجة أنّني اشرتيت‬
‫حبّبني يف هذا ّ‬ ‫ونور الدّين صمّ ود أطال الله يف عمرهما»‪ ،‬كنت‪،‬‬ ‫تونسية ؟» فأجبت ِبـ«نعم‪...‬لكنّني تد ّربت عىل‬
‫كان يف هذه الحاالت يزمجر ويعاتب‬
‫آلة تصوير باهضة الثّمن من نوع «‪»laika‬‬ ‫عىل صغر سنّي وق ّلة تجربتي‪ ،‬فردا قا ّرا يف هذه‬ ‫هذه األغنية بال ّذات»‪ ..‬حدّق النّظر يف وجهي‬
‫املخالفني واملخطئني بشدّة ودون أيّ تردّد أو‬ ‫ّ‬
‫الصور‪..‬‬ ‫وأصبحت من املولعني بإلتقاط ّ‬ ‫املثقفة املتنوّرة ال ّرائعة التي‬ ‫«الش ّلة» ال ّرائقة‬ ‫املتصبّب عرقا من شدّة شعوري بالحرج وال ّرهبة‬
‫حرج‪ ...‬لكن بعد اإلنتهاء من التّسجيل يعود‬ ‫تع ّلمت منها الكثري ولن أنىس فضلها عيل ّ وعىل‬
‫رحمك الله يا مع ّلمي الفاضل وصديقي‬ ‫يف مثل هذه ال ّلحظات الفارقة الهامّ ة بالنّسبة يل‬
‫«عم الهادي» إىل ما عُ ِرف به وجُ ِبل عليه من‬ ‫مسريتي الفنّية‪..‬‬ ‫كشابّ يرغب يف إحرتاف ميدان الغناء ‪،‬ث ّم همس‬
‫ّ‬ ‫ومشجّ عي ومُ ِلهمي و سيّدي وأخي املحرتم‬
‫رقة ولطافة ووداعة ودعابة وظرافة واحرتام‬ ‫ِّ‬
‫كان ِس عبد الحميد هو الذي يكتب «يُرقم»‬ ‫تبس ٍم أعادا يل الثّقة بالنّفس وكامل‬ ‫يل بلطف و ُّ‬
‫ال ّراقي‪...‬‬
‫للجميع‪ ...‬هكذا كان أستاذي ومسندي وق ّرة‬ ‫أما الشخصية الثانية التي تحدث عنها‬ ‫موسيقى ك ّل أعمايل ويص ّلح أخطاءها‪ ،‬وكم‬ ‫ّ‬
‫تركيزي قائال ‪« :‬تفضل‪ِ ،‬س عدنان»‪....‬‬
‫عيني «بابا الهادي» وهكذا رحل عنّا العزيز‬ ‫عدنان الشوايش يف تدويناته الفنان الكبري‬ ‫خاصة يف بداياتي‪ .‬كان كذلك‬ ‫ّ‬ ‫كانت كثرية‬ ‫أغن من‬ ‫ّ‬ ‫مسكت بعودي وغنّيت كما لم‬
‫الغايل تاركا يف قلوب الذين عايشوه وأحبّوه‬ ‫الهادي الجويني‪ ..‬حيث قال فيه‪ :‬هو إسم بارز‬ ‫يرشف عىل التدريبات ويقود فرقتي املوسيقية‬‫ّ‬ ‫قبل صحبة فرقة اإلذاعة و التّلفزة التونسية‬
‫ّ‬
‫وتع ّلموا منه الكثري ‪،‬وأنا واحد منهم‪ ،‬لوعة كبرية‪،‬‬ ‫يف تاريخ األغنية التّونسية و فنّان موهوب مبدع‬ ‫يف ك ّل أكرب وحتّى أصغر املهرجانات ‪.‬‬ ‫ال ّرائعة التي أطربتني وجعلتني أنتيش وأكتشف‬
‫وناحتا يف سج ّل تاريخنا أثرا فنّيا عميقا شامخا‬ ‫أصيل‪.‬‬ ‫ورقته وظرافته‬ ‫ّ‬ ‫كان‪ ،‬مع لطفه الفيّاض‬ ‫ألوّل م ّرة متعة الغناء صحبة عازفني كبار‪..‬‬
‫بهيّا سوف يبقى إن شاء الله منارة شاهقة ال‬ ‫ّ‬
‫ك ّرس حياته إلثراء ذاكرتنا الشعبية بآللئ‬ ‫املميّزة‪ ،‬محرتفا ملتزما صارما حازما وفريدا‬ ‫بإختصار‪ ،‬نجحت يف اإلختبار‪.‬‬
‫تنطفئ تنري سبيل مراكب جميع مبدعي األجيال‬ ‫غنائية نادرة فريدة نقيّة مألت وال تزال تمأل‬ ‫يف موهبة «قيادة العازفني» بسالسة وأساليب‬ ‫ث ّم نلت‪ ،‬الحقا‪ ،‬رشف العمل ضمن فرقة‬
‫الحارضة والقادمة‪.‬‬ ‫ومرسة وأصدا ًء موسيقية لطيفة‬ ‫ّ‬ ‫حياتنا بهجة‬ ‫خاصة به وحده‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫سيّدي وأستاذي وصديقي النّصوح حبيبي عبد‬
‫رحمك الله يا «بابا الهادي « الغايل وأبقاك‬ ‫عذبة معتّقة زكية‪..‬‬ ‫ّ‬
‫بفن التصوير الشميس‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كان أيضا شغوفا‬ ‫الحميد بلعلجية رحمه الله وطيّب ثراه‪...‬‬
‫كنزا من أثمن كنوز تونس العزيزة األصيلة‬ ‫«تحت الياسمينة يف ال ّليل»‪« ،‬الموني ّ‬
‫إل‬ ‫الساعات‬ ‫يقض ّ‬ ‫وملمّ ا بتقنياته ومجمل أرساره ‪ّ ،‬‬ ‫كان فنّانا وموسيقارا كبريا وإنسانا لطيفا‬
‫الوفيّة الفنّانة ال ّراقية‪..‬‬ ‫«إل تعدّى وفات زعمة يرجع»‪،‬‬ ‫غاروا منّي»‪ّ ،‬‬ ‫الخاص بجهة «الفيات»أين كنت أزوره‬ ‫ّ‬ ‫بمخربه‬ ‫ّ‬
‫الخاص‬ ‫ظريفا ال تخلو مجالسه الضيّقة بمكتبه‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪39‬‬ ‫الشارع الثقافي‬


‫آراء‬

‫العنف ضد املرٔاة‪ٕ..‬اىل ٔاين؟‬


‫منى ٔاحمد البريكي ‪ -‬روائية‬
‫االنتخابي فعال الخروج من بوتقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحق‬ ‫فهل أتاح لها هذا‬ ‫رقم ضمن سلسلة منضوية يف خدمة رأس املال املستكرش‪.‬‬ ‫ونحن نحتفل منذ أيّام باليوم العاملي لحقوق اإلنسان ورغم‬
‫"الدّون" إىل مجال املشاركة و"النّدية" الفعليّة ؟‬ ‫ّ‬
‫الخاص تعمل‬ ‫ومع ك ّل الحقوق التي اقتلعتها ما زالت يف القطاع‬ ‫تحصلت عليها اإلنسانية جمعاء بعد‬ ‫ّ‬ ‫كل املكتسبات املدنية التي‬
‫حقا حني تجاهلت عدّة‬ ‫وهل كانت لجنة "كوليب" فاعلة ّ‬ ‫بمقابل ال يرىض به ال ّرجل‪ ،‬كما تجدها محتاجة إلثبات جدارتها‬ ‫تضحيات مازال العنف يمارس ض ّد املرأة وبأشكال مختلفة‪.‬‬
‫إصالحات لقوانني كانت رائدة يف ستينيّات القرن املايض ولم تعد‬ ‫ّ‬
‫خاصة‬ ‫الوظيفي‬
‫ّ‬ ‫وتبذل جهودا مضاعفة للحفاظ عىل منصبها‬ ‫والعنف ظاهرة مجتمعيّة ناتجة عن تراكمات ومعوّقات‬
‫كذلك اليوم؟‬ ‫إذا كان إداريا أو سياسيّا‪.‬‬ ‫نفسيّة وثقافيّة واقتصادية مختلفة ومتداخلة‪ ،‬وقد تنامت‬
‫وهل املرأة ال ّريفية التي تمثّل ثلث عدد النّساء يف تونس تعترب‬ ‫املهني وكفاحها من أجل حياة كريمة‬ ‫ّ‬ ‫خضم سباقها‬ ‫ّ‬ ‫ويف‬ ‫يف العرشيّة األخرية وازدادت حدّتها وتأ ّزمها خالل ّ‬
‫السنتني‬
‫املساواة يف املرياث أولويّة؟ وهي امرأة تعيش التّهميش وتقارع‬ ‫تنىس أنوثتها وال تجد الوقت الكايف لنفسها وال ألبنائها‪.‬‬ ‫املاضيتني بسبب تداعيات الكوفيد ‪ .19‬وتع ّد املرأة من أكثر‬
‫هشة وبمقابل ماديّ بخس‬ ‫طرقات وتعمل يف أطر ّ‬ ‫املوت عىل ال ّ‬ ‫ومع ذلك فهي تتحمّ ل مسؤوليّة يف قبول العنف املس ّلط عليها‬ ‫ظاهرة الخطرية بمختلف أبعادها‬ ‫املترضّ رين من هذه ال ّ‬
‫ّ‬
‫ودون تغطية اجتماعية ‪ ،‬لتعيل أرسة يف أغلب األحيان تخل عنها‬ ‫والخضوع له اعتقادا منها بأنّها يجب أن تضحّ ي وتتنازل عن‬ ‫وتمظهراتها‪.‬‬
‫وتنصل من مسؤولياته تجاهها إمّ ا هروبا من‬ ‫ّ‬ ‫األب أو ال ّزوج‬ ‫بعض حقوقها لتنال حقوقا أخرى مغمّ سة باملهانة‪.‬‬ ‫ويف هذه الدّراسة ا ّلتي ارتأيتها حفرا يف أه ّم املشاكل ال ّراهنة‬
‫ّ‬
‫الفقر املدقع أو انغماسا يف عالم الجريمة والتهريب واإلرهاب؟‬ ‫ّ‬
‫إن املتأمّ ل يف األوضاع ال ّراهنة ويف العنف القائم عىل النوع‬ ‫ّ‬ ‫ومقاربة متعدّدة األوجه للعنف ضد املرأة ليس يف بعديه ال ّلفظي‬
‫ويف الحالة الثّانية يصبح العنف النّفيس الذي يس ّلطه املجتمع‬ ‫االجتماعي بما هو عمل يرضّ باملرأة ويكون ض ّد إرادتها وينقسم‬ ‫والجسدي فقط‪ ،‬وإنّما من جوانب سوسيو‪-‬سيكولوجية‬
‫عىل ك ّل أ ّم أو زوجة أو أخت أو بنت ألحد هؤالء أكثر خطورة‬ ‫(الضب)وثالث عاطفي ورابع‬ ‫ّ‬ ‫جنيس وآخر جسديّ‬ ‫ّ‬ ‫إىل عنف‬ ‫التبوي بالنّفيس وباالجتماعي كما باملوروث‬ ‫يتشاكل فيها ّ‬
‫وأش ّد إيالما من العنف الجسديّ الذي تتع ّرض له املرأة وال جريمة‬ ‫اقتصاديّ إضافة إىل املمارسات التّقليدية ا ّلتي تح ّد من ح ّرية‬ ‫الثّقايف‪ ،‬أتساءل بالقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫مفقر؟‪.‬‬ ‫ارتكبتها غري وجودها كأنثى يف مجتمع‬ ‫املرأة وتنقص من اعتزازها بذاتها كبرش سويّ وكمواطن مساو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫"أو ليس من املعيب يف بالد تفاخر بمجلة األحوال الشخصيّة‬
‫أن مقاربة اإلعالم للتّصدّي لظاهرة العنف ض ّد‬ ‫إضافة إىل ّ‬ ‫لل ّرجل يف الحقوق والواجبات وك ّلها انتهاك لكينونتها ورضب‬ ‫أن رضب ال ّزوج‬ ‫الصادرة منذ ‪ 1956‬أن يعترب ثلث املجتمع فيها ّ‬ ‫ّ‬
‫الصحفي‬ ‫والسبق ّ‬
‫ّ‬ ‫املرأة مقاربة نمطيّة تقليديّة تقوم عىل اإلثارة‬ ‫الصحة ويف‬ ‫كالحق يف ّ‬‫ّ‬ ‫بحقوق اإلنسان وخاصة الدّستورية منها‬ ‫لزوجته له ما يربّره ؟‬
‫وتنقصها الحرفيّة والنّبش عميقا يف األسباب وطرق عالجها‬ ‫التّعليم ويف األمن ويف العمل وح ّرية ال ّرأي املنصوص عليها يف‬ ‫وهل الدّولة بما هي الجهاز األوحد املخوّل له ممارسة العنف‬
‫بالضحية وتُم ّرر أحيانا أصوات تدينها وتبحث‬ ‫ّ‬ ‫ويقع التّشهري‬ ‫ك ّل املواثيق الدّولية‪ ،‬ال يسعه ّإل التّسليم بأهمّ ية دور اإلعالم‬ ‫الضورية لحماية املرأة‬ ‫عند االقتضاء لها القدرة والوسائل ّ‬
‫الصمت ويكتفني‬ ‫عن مربّرات للمعنِّف لذلك تلتزم بعض املعنَّفات ّ‬ ‫ووسائل التّواصل االجتماعي يف التّحسيس بمخاطر استالب‬ ‫ومعاملتها كمواطن له حقوق يجب العمل عىل توفريها؟‬
‫بمواجهة فرديّة أو الخضوع واالستسالم لواقع رديء‪.‬‬ ‫كيان املرأة عىل املجتمع واألجيال القادمة‪.‬‬ ‫املدني مساعدتها عىل‬ ‫ّ‬ ‫وكيف يمكن للقوانني وللمجتمع‬
‫وللتخ ّلص من ك ّل أنواع العنف ض ّد املرأة عليها أن تناضل‬ ‫وأل تنخرط يف‬ ‫واطؤ ضدّها ّ‬ ‫ِ‬ ‫تكف عن التّ‬ ‫ّ‬ ‫لذلك عىل املرأة أن‬ ‫العيش بكرامة وح ّرية؟‬
‫"اللعنف" وهو "أعظم‬ ‫من أجل إرساء ثقافة مواطنية تك ّرس ّ‬ ‫ّ‬
‫مقاربة تك ّرس النّوع االجتماعي وتشري إىل الفروق بني الذكور‬ ‫لإلجابة عن ك ّل هذه األسئلة الحارقة وجب علينا الوقوف‬
‫قوّة يف يد البرشيّة وهي أقوى من أعتى أسلحة الدّمار ا ّلتي‬ ‫واإلناث التي تحدّد أدوارهم ومسؤولياتهم وفرصهم وامتيازاتهم‬ ‫أوّال وأخريا عىل رضورة تالزم عمل الجمعيّات الحقوقيّة وال ّلجان‬
‫اخرتعها العقل البرشيّ ‪ ".‬كما يع ّرفه املهاتما غاندي‪ .‬وال يمكن‬ ‫الصادم أن تخرج النّساء‬ ‫متوقع منهم سلفا‪ .‬وإنّه من ّ‬ ‫ّ‬ ‫وماهو‬ ‫التّرشيعيّة مع الربامج التّعليميّة والتّوعوية وكذلك مع ال ّرهانات‬
‫خلق مجتمع مسالم يعيل الفكر وينبذ العنف‪ ،‬إال إذا س ّلمنا ّ‬
‫بأن‬ ‫الشعب يف تقرير مصريه جنبا إىل جنب‬ ‫بحق ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف مظاهرة تطالب‬ ‫االقتصاديّة ورفع تحدّيات أمام ك ّل اإلرهاصات ا ّلتي تجعل من‬
‫بديهي وبأن ال وجود لحقيقة مطلقة يمكن قبولها‬ ‫ّ‬ ‫االختالف‬ ‫الصفوف األمامية للحيلولة‬ ‫مع ال ّرجال فيفاجأن بهم يقفون يف ّ‬ ‫املرأة مواطنا من الدّرجة الثّانية‪.‬‬
‫ونتيجة يصبح وجود ك ّل فرد وجودا‬ ‫ً‬ ‫والتّسليم بها من الجميع‪،‬‬ ‫بينهن وبني عنارص األمن لو حصل احتكاك أو عنف مدّعني ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ألنه ال معنى لرتسانة قوانني تحمي املرأة عىل الورق فقط‪،‬‬
‫مع اآلخر ومشاركته مع احرتام اختالفه عنه دون نظرة فوقيّة‬ ‫منهن ويف هذا اإلجراء الوقائي حيف‬ ‫ّ‬ ‫لهم القدرة عىل املواجهة أكثر‬ ‫بينما واقعها رازح يف الغبن والخوف؛ وهي تواجه مجتمعا‬
‫وال تجريم له‪.‬‬ ‫االجتماعي ال يق ّل خطورة عن التّح ّرش‬ ‫ّ‬ ‫وعنف قائم عىل النّوع‬ ‫ذكوريّا مازال يتأرجح بني التّسليم بح ّريتها وهويّتها كإنسان‬
‫ّ‬
‫فمتى نربّي الناشئة عىل نبذ العنف واعتماد التواصل‬ ‫الجنيس وال عن زواج القارصات وال عن االستغالل االقتصاديّ‬ ‫ّ‬ ‫بعيدا عن جندريّة تختزلها يف بعدها املختلف عنه وبني موروث‬
‫والحوار مع اآلخر لبنة لك ّل العالقات سيُخلق مجتمع متسامح‬ ‫ألنّه يستقي مرشوعيّته من نفس املعني وإن لبس لُبوس املروءة‬ ‫يريد ال ّرجوع بها إىل عصور الحرملك والحريم‪.‬‬
‫ويوجد مشرتكا إنسانيا‬ ‫ِ‬ ‫الضمري ويك ّرس التّعدّد‬ ‫يعيل ح ّرية ّ‬ ‫وال ّرجولة‪ .‬وبالنّظر يف معاناة املرأة التّونسية وخاصة العاملة‬ ‫فاملرأة اليوم تعاني عنفا رمزيا ناعما يتح ّكم فيها عرب‬
‫قِ وامُه الحقوق والواجبات واملساواة أمام القانون الذي تسنده‬ ‫حقنا التّساؤل حول أهمّ ية رشط التّناصف يف املشاركة يف‬ ‫من ّ‬ ‫املتداول املعيش خدمة لنسق وسياسات حكومات عاجزة‬
‫أخالق متّفق عليها دون تضارب معه‪.‬‬ ‫السياسية جنبا إىل جنب مع ال ّرجل‪.‬‬ ‫الحياة ّ‬ ‫ومنوال تنمويّ فاشل ما انف ّك يستنزف قواها ويجعلها مج ّرد‬

‫صحلب الدرع‬ ‫صورة تتحدث‬

‫هو دقيق رمادي اللون يصنع من حب القصب الذي‬


‫يزرع بالبالد التونسية‪ .‬يسمى بالفرنسية ‪le sorgho‬‬
‫وباالنقليزية ‪.- sorghum-‬‬
‫يستعمل دقيق الدرع كصحلب ساخن (يختلف‬
‫صحلب الدرع عن الصحلب التركي ‪ -salep -‬المتأتي من‬
‫درنيات الصحلبيات‪.)-orchids -‬‬
‫صحلب الدرع متداول في تونس كأكلة صباحية‬
‫‪- Porridge-‬خاصة في الشتاء البارد‪.‬‬
‫يطبخ ويضاف إليه السكر والفواكه والعسل وقالب‬
‫ال ّلوز أو الشامية كل حسب ذوقه و جيبه‪.‬‬
‫كما يمكن أن يستعمل دقيق الدرع لصنع بعض‬
‫أنواع الحلويات األخرى (الغريبة مثال)‪.‬‬
‫عن تونس أيام زمان‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪40‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫جهات‬


‫المهرجان الدولي للواحات بتوزر يعود للنشاط‬ ‫منوبة تحتضن المهرجان الدولي ألدب الومضة‬
‫“فن اإلقتصاد يف األدب” تنظم الرابطة العربية للفنون واإلبداع التي ترأسها الروائية فتحية‬ ‫تحت عنوان ّ‬
‫الهاشمي بدعم من املندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بمنوبة ووالية منوبة وبلدية وادي الليل من ‪ 20‬اىل ‪22‬‬
‫ديسمرب الجاري فعاليات الدورة الثانية لـ”املهرجان الدويل ألدب الومضة” وذلك بني فضاء املكتبة العمومية‬
‫التوقي من جائحة “كوفيد‬
‫ّ‬ ‫وبلدية الدندان حيث سيكون ضيف رشف هذه الدورة املؤجّ لة منذ الصائفة بسبب‬
‫القاص الفلسطيني زياد خدّاش‪.‬‬‫ّ‬ ‫‪19‬‬
‫ويفتتح هذا املهرجان األدبي يوم ‪ 20‬ديسمرب الجاري من خالل حفل استقبال الوفود العربيّة بمعزوفات‬
‫موسيقيّة عىل رشفهم يتخلله رفع العلمني التونيس والفلسطيني فتدشني عدد من املعارض وهي معرض للرسام‬
‫محمد منري من املغرب ومعرض الكتب تحت ارشاف الروائي محمد بليغ الرتكي والقاصة نور الورتاني ومعرض‬
‫للصناعات التقليدية‪ ..‬فاإلفتتاح الرسمي للمهرجان ضمن حفل يرشف عىل تسيريه اإلعالمي ناجي بن جنات‪..‬‬
‫تنتظم بعد ذلك الجلسة األوىل برئاسة األستاذ الدكتور محمد القايض‪ .‬وتتضمن مداخلة أوىل لألستاذ إيهاب‬
‫شغيدل من العراق ثم تقدّم مجموعة من القراءات القصصيّة‬
‫والشعريّة لكل من التونسيني األسعد بن حسني وصفية سليمان‬
‫والفلسطينيني عبد الحكيم محمد سالم خالد وعبد الغني سالمة‬
‫والعراقيني أيوب سعد وآية ضياء ومالك جالل والجزائري صالح‬
‫رابح والليبي معاوية الصويعي وإثر ذلك يقدّم األستاذ سعيد‬
‫بوعيطة من املغرب مداخلة عنوان “هاجس التجريب يف القصة‬
‫الندوة الصحفية للمهرجان‬
‫الومضة‪ :‬قصص مصطفى الغتريي أنموذجا” ثم تنتظم جلسة‬
‫عقدت جمعية املهرجان الدويل للواحات بتوزر منذ أسبوع ندوة صحفية بأحد نزل املدينة‬ ‫ثانية تتضمن أمسية شعرية وقصصية يؤمّ نها الشاعر املغربي‬
‫كشفت فيها عن أهم برامج املهرجان الدويل للواحات بتوزر الدورة ‪ 42‬والتي ستلتئم من ‪ 24‬إىل ‪27‬‬ ‫محمد منري وتتخللها قراءات لكل من التونسيني أحمد الشايب‬
‫ديسمرب‪ 2021‬وهي كما جاء عىل لسان رئيس الجمعية نرصالدين الشابي دورة مهداة إىل فقيد‬ ‫شعريار‪ ،‬ماج ‪ ،‬نور الدين بن يمينة وعيل بالسعيدي والليبي أسامة‬
‫طيب وعزيز عكريمي من فرنسا‪ .‬ومساء‬ ‫النّاجح والعراقي عامر ال ّ‬
‫الفن الشعبي ابن الجهة محمود العرفاوي‪ ...‬وسرتكز هذه الدورة باألساس عىل الخصوصيات‬
‫يوم ‪ 21‬ديسمرب تنتظم الندوة بجلسة أوىل برئاسة الجزائري‬
‫املحلية وستتيح الفرصة للشباب ملمارسة ابداعاته‪.‬‬
‫جالل خشاب ويقدّم خاللها األستاذ رضا بن صالح من تونس‬
‫سينطلق املهرجان يوم ‪ 24‬ديسمرب بعروض‬ ‫مداخلة بعنوان”صورة القدس يف قصص زياد خداش” تليها‬
‫فرجوية يف ساحة –السمرية‪ -‬ومنطقة ‪-‬راس‬ ‫قراءات شعرية وقصصية يف جلسة يديرها الشاعر الجزائري عبد‬
‫العني‪ -‬ويتضمّ ن سهرات فنية تنطلق يوم ‪25‬‬ ‫السالم رقية ويجنّح يف سمائها الشعراء والقصاصني التونسيني‬
‫ديسمرب بسهرة الفنانة يرسى املحنوش‪.‬‬ ‫طيّب صالح‬ ‫السلطاني وملني األطرش والجزائريني ال ّ‬ ‫يونس ّ‬
‫وت ّم االتفاق مع الفنّان الليبي أحمد‬ ‫طهوري والبشري قذيفة والعراقي عطوف الحسيني والليبي الفيتوري الصادق‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫السكري عىل احياء احدى السهرات إن لم يمنعه‬ ‫ثم تنتظم جلسة ثانية بادارة العراقي األستاذ زين العابدين بن حسني ويقدّم خاللها األستاذ محمد عمامي‬
‫الوضع الوبائي من السفر ويختتم املهرجان‬ ‫من فرنسا مداخلة بعنوان”الكثافة يف القصة الومضة” تليها جلسة للقراءات القصصية والشعرية يرأسها‬
‫بسهرة راب شبابية مع جنجون ونوردو‬ ‫الثنائي التونيس سمري العبديل وشمس الدين العوني وتتضمن قراءات للتونسية ـهندة بن حسني والجزائريني‬
‫‪... Nordo‬وتنتظم أمسيات تنشيطية طيلة أيام‬ ‫احمد ال ّزمام ونورة زيتون وعبد القادر رقية وحبيب صيام والليبي فوزي املصباحي واملرصية دينا ّ‬
‫السيّد لطفي‬
‫املهرجان يف ساحة الرحبة وتكريم ألصحاب‬ ‫السيّدة” ك” لغات العالم”‬‫ثم ينتظم حفل توقيع لكتب األستاذ الناقد البشري الجلجيل وهي”هكذا …‪.‬تك ّلمت ّ‬
‫الصادر عن منشورات سوتيميديا لسنة ‪ 2021‬و”العجائبي يف أعمال إبراهيم الكوني ال ّروائية” الصادر عن‬
‫آخر االصدارات خالل سنتي ‪ 2020‬و‪ 2021‬من‬
‫ّ‬
‫للقاص يونس‬ ‫منشورات سوتيميديا لسنة ‪ 2020‬اىل جانب توقيع املجموعتني القصصيتني ” نصوص مه ّربة”‬
‫أبناء الجريد يف املجال الثقايف والفني والفكري‪.‬‬
‫السلطاني و”هذيان ساعة املعتوه” للقاص محمد عمامي واملجموعات الشعرية”حني اشتهانا الغرق “للشاعرة‬ ‫ّ‬
‫وتنتظم قبل االفتتاح الرسمي للمهرجان‬ ‫السايري و”‪ 144‬م‪ 2‬للشاعر العراقي ايهاب شغيدل و”يف عيونهم أرى الوطن” للشاعر االعالمي ناجي‬ ‫سليمى ّ‬
‫ندوة فكرية يوم ‪ 16‬ديسمرب يقدمها املفكر‬ ‫بن جنات‬
‫واملحلل السيايس رياض الصيداوي بعنوان‬ ‫يوم ‪ 22‬ديسمرب الجاري تنتظم جلسة بادارة الناقد التونيس البشري الجلجيل ليقدّم خاللها األستاذ الدكتور‬
‫“ سوسيولجية االرهاب” باملركب الجامعي‬ ‫فتحي بن معمر محارضة بعنوان ” القص الوجيز عند زياد خداش ولحظات اإلنعتاق واإلنفالت” تليها جلسة‬
‫وندوة أخرى مدعومة من رئاسة الجمهورية‬ ‫قراءات شعرية وقصصية يديرها الشاعر التونيس شمس الدين العوني ويتداول عىل مصدحها الشعراء‬
‫ووزارتي الثقافة والسياحة تهتم بالواحات‬ ‫التونسيون بسمة البوعبيدي‪ ،‬نورا الورتاني‪ ،‬ضحى بوترعة والعراقي فالح الشهبندر والشعراء الليبيني محمد‬
‫التونسية ورهانات التنمية املحلية‪...‬‬ ‫عبدالله الظفري وعبد املنعم اللمويش واملغربية فطيمة بصور تتلوها مداخلة ثانية للدكتور عيل الدرورة من‬
‫كما سيتم تنظيم أيام تنشيطية يف إطار مرشوع سياحة وثقافة أيام ‪18‬و‪ 19‬و‪ 20‬ديسمرب‬ ‫السعودية بعنوان “الشعر الشعبي ‪:‬ذاكرة الثقافة بالجزيرة العربية” فعود عىل بدء من خالل قراءات قصصية‬
‫مدعومة من صندوق دعم االنتاج األدبي والفني بوزارة الثقافة ودورة رياضية يف كرة قدم‬ ‫وشعريّة أخرى ي ّؤمنها التونسيون طارق البوغديري‪ ،‬محرزية الهاشمي‪ ،‬سليمى الرسايري واملغربي محمد‬
‫لألطفال‪ ..‬ووصف نرص الدين الشابي الدورة‬ ‫منري‪.‬‬
‫ويف تقديم للناقد البشري الجلجيل لضيف رشف هذه الدورة يقدّم القاص الفلسطيني زياد خداش املحتفى‬
‫الحالية للمهرجان باالستثنائية وقال إنها‬
‫به قراءة قصصيّة تتوّ ج بإختتام املهرجان من خالل تقديم الجوائز للفائزين يف املسابقة األدبية التي أعلنت‬
‫ستم ّكن زوّار الجهة خالل عطلة الشتاء من‬ ‫عنها الرابطة املن ّ‬
‫ظمة سابقا ولفائدة املبدعني الشبّان فتقديم وصالت موسيقية عراقية يتخللها تكريم املشاركني‬
‫اكتشاف أشياء لم يروها من قبل يف توزر ولم‬ ‫واملساهمني يف فعاليات هذا املهرجان ‪...‬‬
‫تقدمها لهم الدورات السابقة ‪.‬‬ ‫عن املكتب اإلعالمي للتظاهرة‬

‫مهرجان «أصوات نسائية» في سوسة‬


‫العام‪ ،‬من قبل لجنة تحكيم املهرجان التي تضم الفنانة السورية ميس حرب‪،‬‬ ‫تحتضن مدينة سوسة فعاليات النسخة الجديدة من مهرجان "أصوات‬
‫عرابة وضيفة رشف املهرجان ورئيسة لجنة التحكيم‪ ،‬وفاخر حكيمة وزياد‬ ‫نساء"‪ ،‬الذي إنطلق رسميا يف قلب املدينة الساحلية مساء األحد ويتواصل إىل يوم‬
‫زواري وجليلة عجبوني وفالنتينا قسيسية‪.‬‬ ‫‪ 15‬ديسمرب‪.‬‬
‫ويهتم مهرجان “أصوات نساء” بتسليط الضوء عىل التجارب الغنائية‬ ‫وافتتحت فعاليات "أصوات نساء" بحفل الفنانة التونسية وفاء الحرباوي‪ ،‬يف‬
‫النسوية‪ ،‬والرتكيز عىل املشاريع الفنية يف املوسيقى والغناء التي تقودها امرأة‪،‬‬ ‫حني يضم كل يوم حفلني متتاليني‪ ،‬بمشاركة تونسية دسمة مع كل من الفنانات‬
‫ويأتي من تنظيم جمعية “نحن نحب سوسة” بالرشاكة مع والية سوسة‪ ،‬ويعود‬ ‫سندس سعيدي ونرسين جابر وميسون فطنايس بجانب الفنانة السورية بسمة‬
‫هذا العام بسبع حفالت غنائية عىل مدار أربعة ليال متتالية من الحفالت الرسمية‬ ‫جرب والفنانة السودانية آسيا مدني‪ ،‬يف حني تحيي الفنانة الفرنسية كريستينا‬
‫التي يشهدها املرسح البلدي يف مدينة سوسة‪.‬‬ ‫روزميني حفل اختتام املهرجان مساء األربعاء ‪ 15‬ديسمرب‪.‬‬
‫وتشارك العروض التسعة يف فعاليات النسخة الثالثة من مهرجان "أصوات‬
‫املكتب اإلعالمي بمندوبية الثقافة بسوسة‬ ‫نساء"‪ ،‬بعدما تم اختيارها من أصل عرشات العروض التي تقدمت للمشاركة هذا‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪41‬‬
‫‪31‬‬
‫‪21‬‬ ‫شعر‬
‫الشارع الثقافي‬
‫فضاء اإلبداع‬
‫‪41‬‬ ‫‪awatefbeldi@gmail.com‬‬

‫ِطبيب البَ ْل َد ِة الوحي ْد‬ ‫ِ‬ ‫ُصول ل‬ ‫ِ‬ ‫َقبْ َل الو‬


‫معطف‬ ‫مَ حْ مو َل ًة يف عَ َربَهْ‪.‬‬ ‫رحيل في قطار‬ ‫بغداد ناءت‬
‫**‬ ‫الليل‬ ‫بجروحك‬
‫و َه ِذ ِه وَليمَ ٌة‬
‫هدى دغاري‬ ‫أقامَ ها جريانُنا‬ ‫عمار العربي الزمزمي‬ ‫مليكة العمراني‬
‫بال سالِمً ا‬ ‫الج ِ‬ ‫زول ابن ِِه ْم ِم َن ِ‬ ‫عِ ن ْ َد ن ُ ِ‬
‫صحْ بَةِ الثوّا ْر‬ ‫ِب ُ‬ ‫دمعاتك يا سيف تحرق قلبي‬
‫تتعثّر الخطوات‪،‬‬ ‫ال يش َء يُ ْرخِ ي حَ بْ َل ذِ ْك َرياتِنا البعيد ِة‬
‫ني أُعْ ِد َم‬ ‫َل ِكن ّ ُه بَعْ َد ِسن َ‬ ‫وتتغلغل يف وريدي‬
‫تسحب ظ ّلها كخيط عنكبوت‪،‬‬ ‫األشا ْر «‬ ‫عل ال ّزعي ِم ِر ْف َق َة ْ‬ ‫ِبتُهْ مَ ةِ « التّآم ُِر َ‬
‫األش ْ‬
‫جان‬ ‫طل ُِق ِم ْن ِسجْ نِها ْ‬ ‫و يُ ْ‬
‫هارب من عبث مكنسة‬ ‫طار ال ّليْلْ‬ ‫حيل يف قِ ِ‬ ‫مثل ال ّر ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأنت تغادر باب املطار‬
‫أن تُعا َد جُ ثّتُ ْه‬ ‫دون ْ‬ ‫ِم ْن ِ‬ ‫أصابعك السمر تمررها بحنو عىل شعري‬
‫ويعود الحب إىل مخبئه‪ ،‬كمعطف شتوي‬ ‫َفكان َ ِت الجنا َز ُة غريبَة‪ً:‬‬ ‫َكون يف تَوْديعِ نا‬ ‫أن ي َ‬ ‫ُون ْ‬ ‫ِم ْن د ِ‬
‫ْ‬
‫ُصول أيّما إنسان ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ِظارنا عِ ن َد الو‬ ‫أ ْو يف انْت ِ‬
‫تؤجج لهفتي وتحرق قلبي امللتاع فيك‬
‫ال مَ ْوكِبَ َللد ّْف ِن ال عَ زا َء ال أذْكا ْر‪.‬‬ ‫هاتفك الجوال ذكرني بك‬
‫ال ب َْسمَ ٌة ُم ْرتَ ِب َك ْه‬
‫**‬ ‫صوتك املذبوح‬
‫تَ ْرتَ ِس ُم عىل الشفا ِه ال يَ ٌد تُ َلوّ حُ مُضط ِربَ ْه‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت يف بُ ْرن ُ ِس ْه‬ ‫و َه ِذ ِه أوْصا ُل عَ مّ ي جُ مِّ عَ ْ‬
‫ال ُقبْ َل ٌة ِب َلهْ َفةٍ م ْ‬ ‫تمتمات أمي وهي تدلق سطل املاء عىل‬
‫ِم ْن بَعْ دِما َق ّ‬ ‫ط َف ْه‬ ‫ُختَ َ‬
‫طعَ ها و بُعْ ِث َر ْ‬
‫ربك يا الغال‬ ‫ت‬
‫غات العا َل ِم مُجْ تَ ِمعَ ْه‬ ‫ضمّ ٌة تَنُوبُ عَ ْن لُ ِ‬ ‫ال َ‬ ‫عتبة البيت وتبكي‬
‫لُ ْغ ٌم تَبا َرى املِحْ َو ُر و الحُ َلفا ْء‬ ‫وأبي يجرب كرس خواطرك‬
‫زن أ ْو ِم ْن َف َر ٍح‬ ‫ال دَمْ عَ ٌة ِم ْن حُ ٍ‬
‫يف َز ْرعِ هِ ِبحَ ْقلِهِ‬ ‫كم أنت يا جبل املحامل صابر‬
‫تَذْ ِر ُفها العيْنان‪ْ.‬‬
‫علي بالناجي‬ ‫يف مَ عْ َر َك ْه‬ ‫كم ناءت بحملك األثقال‬
‫ناق َة فيها ل ُهَ‬ ‫ال َ‬ ‫**‬
‫صيف َل ْم أقِ ف ُمنت ِظ ٍرا غودو‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫عل ال ّر‬‫َ‬ ‫ولكم رشدك الغزاة وما عييت‬
‫ربك يا الغال‬ ‫ال جَ مَ َل ال ب ََق َر ْه‬ ‫سأستظل بشمعة يف ريحك‬
‫ت مَ َقعَ دًا بالعَ َربَ ْه‬ ‫ب َِل انْتَبَذْ ُ‬
‫وحق الله ربك يا الغال‬ ‫و هذ ِه َزوْجَ تُ ُه‬ ‫وأمسح دمع الثكاىل‬
‫و حَ ا َلمَ ا القِ طا ُر غا َد َر ا َملحَ ط ْهّ‬
‫نغري عليك حتى من الهواء‬ ‫ط النِّسا ِء ِ َ‬
‫حاس ْه‬ ‫َس َ‬ ‫و ْ‬ ‫وأهدهد جرح اليتيمة يف غيابك‬
‫ظال ِم كالثّعْ ْ‬
‫بان‬ ‫يَنْسابُ يف ال ّ‬
‫‪..‬‬ ‫يُخا ِلط نواحَ ها الدّعا ْء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بغداد ناءت بحملك وجروحك‬
‫الق ِو ّر(ه) « َ‬ ‫عل « ْ‬ ‫أمام َي مَ شاهِ ُد‬ ‫ت ِ‬ ‫تَالحَ َق ْ‬
‫و حق خالق الكون‬ ‫القتَ َلهْ‪.‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫وأنا الغريبة يف بالد الله‬
‫يان‪.‬‬ ‫ِم ْن ِرحْ َلةٍ ق ْد َل ّفها الن ّ ْس ْ‬
‫نغري عليك حتى من السكون‬ ‫**‬ ‫تغرقني دموعي‬
‫**‬
‫و بال بيك يا سمح العيون‬ ‫س ْه‬ ‫و َهذَا يَو ِْمي األوّ ُل ِبا َمل ْد َر َ‬
‫الشجَ ْر‬ ‫ستَا يف األ ْر ِض َك ّ‬ ‫هذا أبي ساقا ُه َق ْد ُغ ِر َ‬
‫عندي املوت و العيشة سوى‬ ‫الغام َر ُة‬ ‫ِ‬ ‫و َف ْرحَ تي‬ ‫يَ ْك ُسو ّ‬
‫ِب َر ْغ ِم َ‬ ‫التابُ ِج ْسمَ ُه ا ُملبَ َّل َل ِبالعَ َر ِق‬
‫ربك يا الغال‬ ‫صا ا ُملعَ ّل ِم‬ ‫خوْيف ِم ْن عَ َ‬
‫و حق الله ربك الغال‬ ‫ِسوَتي الجدي َد ِة و املِحْ َفظ ْهَ‬ ‫ِبك ْ‬
‫ط ْر‬ ‫َكأنّمَ ا فاجَ أ ُه ا َمل َ‬ ‫َ‬
‫يغتالني‬
‫الصخو َر يف الحُ قولْ‬ ‫األشوا َك و ّ‬ ‫ُصار ُع ْ‬
‫‪..‬‬ ‫سةِ‬ ‫ّ‬
‫والطل َ‬ ‫الص ْل ِ‬
‫صال‬ ‫و ال ّلوْحَ ةِ و ح ْزمَ ةِ األعْ وادِ و ّ‬ ‫َ‬
‫ت ما فيهِ حَ ْسبَ ق ْو ِلهِ‬ ‫ِليُن ْ ِب َ‬
‫ي ِ‬ ‫كل صباح‬
‫ربك يا الحبيب‬ ‫و امل ِ ْق َلمَ ْه‬
‫ْ‬
‫الجريان‬ ‫يال و‬ ‫« نَصيبٌ ِل ْلعِ ِ‬ ‫عالء الدين سعيدي‬
‫نغري عليك حتى من الدبيب‬ ‫و ن َ ْوب َُة البكا ِء عِ ن ْ َد عَ ْودَتي‬
‫ِل ُر ْؤيَةِ قِ ّ‬ ‫السوائ ِم‬ ‫الطيور و ّ‬ ‫ِ‬ ‫و النّمْ ِل و‬
‫إن كانك يوم عالناظر تغيب‬ ‫طتِنا‬
‫و ك ِّل مَ ْن يَ ُم ُّر ِبا َمل َكان»ْ‬
‫طر شقاء‬ ‫يشح الخري و تم ّ‬ ‫ميّتَ ًة ُمنْبَعِ جَ هْ‪.‬‬ ‫يغتالني كل صباح‬
‫كام َل ا َملحْ صو ْل‬ ‫ض ِج ِ‬ ‫ِف ُقبَيْ َل الن ُّ ْ‬ ‫َل ِكنّما الجَ را ُد يُتْل ُ‬
‫ربك يا الغال‬ ‫**‬ ‫ط َلقاً‬ ‫يحييني كل مساء‬
‫اإلحباط ُم ْ‬ ‫ِ‬ ‫َفال يُصابُ ِب‬
‫و حق الله ربك يا الغال‬ ‫ت ِم ْن إغفاءتي‬ ‫أف ْق ُ‬ ‫َ‬
‫جمال متواضع ألق‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يوس ِل ْلمَ ي ْ‬
‫ْدان‪.‬‬ ‫و يَن ْ ِز ُل مُجَ ّددًا ِبعَ ْز ِم برو ِمث ْ َ‬
‫‪..‬‬ ‫س و أط َر َد ال ّديْجو ْر‬ ‫الصبْحُ ق ْد تنف َ‬ ‫و ّ‬ ‫موىش بأىس شفيف‬
‫ري يَبْعَ ُ‬ ‫َ‬ ‫**‬
‫من همس البحر‬ ‫وات ِم ْن ُرقادِ هِ ْم‬ ‫ث األمْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫ص‬ ‫عل‬ ‫يكتب أوىل قصائدي‬
‫خاض و َْه َي تَحْ تَ ِطبْ‬ ‫و َه ِذ ِه أمّ ي ا ّلتي أ َ ْد َر َكها ا َمل ُ‬
‫و ضو الصبح و بصيص القمر‬ ‫الصو ْر‪.‬‬ ‫كأنما ق ْد نفِ خ يف ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الفال ْة‬ ‫الشا ِة يف َ‬ ‫ت مَ وْلودَها َك ّ‬ ‫َضعَ ْ‬ ‫َفو َ‬ ‫بصوته الرخيم‬
‫نغري عليك حتى من املطر‬ ‫ت نَحْ َو البابْ‬ ‫اندفعْ ُ‬ ‫و حا َلمَ ا َ‬
‫س ِت ْه‬ ‫ص حَ ب ِْل ُ َّ‬ ‫ت ِل ْلبَي ِْت بَعْ َد َق ِّ‬ ‫و َرجَ عَ ْ‬ ‫جذوة من حب دفني‬
‫و حتى من قطرات الندى‬ ‫ّ‬
‫باع و الذئابْ‬ ‫ِّ‬
‫ت بي مَ جْ موعَ ة ِمن الض ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫أحا َ‬
‫ط ْ‬
‫تحْ ِمل ُه يف حِ ضنِها‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يتقاطر إغواء‬
‫‪..‬‬ ‫الربيق ثا ِبتَ ْه‬ ‫ِ‬ ‫عيونُهُ ْم َر ْغ َم‬ ‫ينري ويستنري‬
‫ف يف ب ُْخنُقِ ها‬ ‫َق ْد لُ َّ‬
‫من طيب العطور‬ ‫َكأنّها ُزجاجْ‬ ‫ما احىل و أفتن ضحكتك‬
‫وجوههُ ْم ْ‬ ‫و َفو َْق ظهْ ِرها الحَ طبْ ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ريح الورد و ورق الزهور‬ ‫ُّهون باهِ تَ ْه‬ ‫رغ َم الد ِ‬ ‫ُ‬ ‫يا ذهبية الروح‬
‫كأنها ترابْ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ائر الجدي ْد‬ ‫ال أَحَ َد ِسوايَ َرحّ بَ ِبال ّز ِ‬
‫نغري عليك حتى من املرور‬ ‫َأت َزوْجٌ ُم ْرتَ َقبْ‬ ‫ف» األنْثَى َه ٌّم طا َلمَ ا َل ْم ي ِ‬ ‫َ‬ ‫يا ساحرة مترسبلة‬
‫بجفن الليل لو كانه غفا‬ ‫رغ َم احْ تِجاجي القيْ َد يف يَدَيْ‬ ‫َضعُ وا ْ‬ ‫َو و َ‬
‫‪ -‬كان يقول أهلُنا ‪-‬‬ ‫يف حضورك املهيب‬
‫‪..‬‬ ‫األسبابْ‬ ‫دون أن يُوَضحُ وا ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ِب ِ‬ ‫رؤياك وسماع صوتك‬
‫است ِْغرابْ ‪.‬‬ ‫موع حَ ْو َلنا ْ‬ ‫الجُ‬ ‫يف‬ ‫أن يُثريُوا‬ ‫و ْ‬
‫َار و العَ طبْ «‪.‬‬ ‫َ‬ ‫و ِس ْلعَ ٌة َسيعَ ُة البَو ِ‬
‫من ظلك نغري‬ ‫ِ‬ ‫**‬ ‫لعنات حب مكتومة تهرصني‬
‫ان سار وراك كيف انت تسري‬ ‫**‬ ‫ً‬ ‫و َه ِذ ِه ْ‬ ‫وهوامات محمومة تجتاحني كل حني‬
‫سعي َدة ُمبْت ِسمَ ْه‬ ‫َ‬ ‫َت َ‬ ‫أختي بَد ْ‬
‫من الكتان حتى لو حرير‬ ‫ال تَ ْسألُوا عَ مّ ا جَ َرى‬ ‫يا صباحى املرشق ويا مسائي املستكني‬
‫َغدَا َة َليْ َلةِ َزفافِ ها‬
‫إن كانه لبس أو كانه غطاء‬ ‫ص ًل يف حِ كايَةٍ‬ ‫َلعَ ّل ُه يَ ُكو ُن َف ْ‬ ‫ما ألطفك وانت تعجنني طني الكالم‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ني غا َد َرت مَ ن ِزلنا‬ ‫ْ‬ ‫ف الدّمو َع ح َ‬ ‫َكأنّها َل ْم تَذْ ِر ِ‬
‫ربك يا الغال‬ ‫للصغا ْر‬ ‫ن َ ْرويها ّ‬ ‫لتكتبيني دوما بشغف ال يلني‬
‫ّ‬ ‫يف و َ‬ ‫يف الهَ ْود َِج ُمن ْ َك ِم َش ْه‬
‫و حق الله ربك يا الغال‬ ‫َض ِح النها ْر‬ ‫َل ِكنّها بَعْ َد ُ‬ ‫أشياء تحكى وال تحكى‬
‫هور َرحَ َلتْ‬ ‫ش ٍ‬
‫‪..‬‬ ‫إن عِ ْشنا يا أحْ بابْ ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫هى معني هذا الحنني‬
‫ِب ِر ْف َقةِ جَ نينِها‬
‫من حن والديك‬
‫شقاك من روحك عليك‬ ‫من ّ‬
‫نغري عليك مالطيبة اليل فيك‬ ‫بالشقوق و الثقوب‬ ‫ّ‬ ‫و قطط الليل‬
‫و من شيطان وسوس يف الصاله‬ ‫حيث أعشاش العناكب‬ ‫و النّابشون يف الحم ِم‬ ‫ُ‬
‫رأيت امرأة‬
‫ربك يا الغال‬ ‫و الياعسيب ‪..‬‬ ‫و البقايا ‪..‬‬
‫و حق الله ربك يا الغال‬ ‫و قبائل النّمل يف معسكراتها‬ ‫فون‬ ‫ّ‬
‫املتعف َ‬ ‫و‬
‫‪..‬‬ ‫تع ّد طوبَ ال ّليايل املمطرة‬ ‫ّ‬
‫و الثكاىل‬ ‫محمّ د شوشان‬
‫من حن الوساد‬ ‫ٍ‬
‫رشيعة‬ ‫و تب ّد ُد العمر بال‬ ‫الكاتمون هنَّات العمر ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫و حلم يجيك يف وقت الرقاد‬ ‫حكاية قديمةٍ‬‫ٍ‬ ‫تقهقه خلف ك ّل‬ ‫العروش الخاوية ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ُ‬
‫رأيت امرأة‬
‫نغري عليك من رب العباد‬ ‫عر‬ ‫ّ‬
‫لم تكن يف حاجة ٍ للش ِ‬ ‫رأيت عمرا ً ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تُهَ ِّربُ ال ّليل إىل مخادع الكادحني‬
‫إن كان دعيت و تكرم عطى‬ ‫و ال للماورائيات ‪.‬‬ ‫شقيّا ً …‬ ‫بگامل خصبها ‪..‬‬
‫ربك يا الغال‬ ‫قمح و حفنة ما ٍء ‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫گانت ترغب يف‬ ‫حائط للمبكى‬‫ٍ‬ ‫أسن َد رگامه إىل‬ ‫ُ‬
‫يقتات ‪:‬‬
‫و حق الله ربك يا الغال‬ ‫تيّمم بها جرح الهواء املسكوب ‪.‬‬ ‫و ع ّل َق أشالءه ‪،‬‬ ‫الجوعى و املرشّ َ‬
‫دون‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪42‬‬
‫‪23‬‬
‫‪32 42‬‬
‫‪22‬‬ ‫صفحة من إعداد ‪ :‬منير الفالح‬
‫الثقافي‬
‫والتلفزي‬ ‫الشارع‬
‫اإلذاعي‬ ‫الشارع‬
‫طرائف ّ‬
‫الزعيم (ج ‪)184‬‬
‫أنتريتي نبّ ار‬

‫بورڤيبة وحشاد‬ ‫لطفي بوشناق‬


‫أسمى وأرقى‪..‬‬
‫املعركة األخرية وطرح كل الفرضيات بما يف‬ ‫منذ أيام قليلة أحيت تونس ذكرى‬
‫ذلك اقدام السلطات الفرنسية عىل اإليقاف‬ ‫إغتيال الزعيم النقابي األشهر فرحات‬
‫والسجن أو حتى القتل‪.‬‬ ‫حشاد إبن جزيرة قرقنة‪...‬‬
‫حشاد بجولة‬ ‫يف تلك الفرتة قام فرحات ّ‬ ‫لم يكن حشاد زعيما ً نقابيا ً فحسب‪،‬‬
‫بطاقة اليوم سأخصصها للحديث عن الفنان الراقي وزعيم‬
‫يف الواليات املتحّ دة األمريكيّة صحبة الزعيم‬ ‫بل كان من أبرز رموز الحركة الوطنية‬
‫أن املنظمات ّ‬
‫النقابيّة‬ ‫الحبيب بورڨيبة‪ ،‬علمً ا ّ‬ ‫يف مواجهة قوى االستعمار الفرنسية‪،‬‬ ‫األغنية التونسيّة األصيلة الصديق لطفي بوشناق للرد عىل من اتخذه‬
‫هناك ذات النفوذ النقابي وبالتايل السيايس‬ ‫وقد ساهم يف تدويل القضية التونسية من‬ ‫مطيّة لعملية «‪ »BUZZ‬إعالمي حقرية للرتويج لربنامج تلفزي‬
‫تكن للرجل احرتامً ا كبريًا جدّا‪،‬‬‫الكبري‪ ،‬كانت ّ‬ ‫خالل سفره إىل عدّة وجهات كواشنطن‬ ‫يزعم صاحبه أنه جديد ومبتكر والحال أنه يجرت يف نفس األسلوب‬
‫يف حني كان بورڨيبة مقارنة بحشاد مج ّرد‬ ‫وسان فرانسيسكو ونيويورك وبروكسل‬ ‫والديكور وطريقة التنشيط التي عرف بها ملا كان بوقا للسياسة‬
‫«نكرة» لم تصل أخباره سوى ملجموعة‬ ‫وغريها خالل مناقشة مجلس األمن قضيتي‬ ‫السائدة زمن العهد البائد ملا كان منشطا يتحسس خطواته يف قناة‬
‫ضيّقة من املوظفني يف وزارة الخارجيّة‬ ‫استقالل تونس واملغرب‪.‬‬ ‫حنبعل وأيضا محاولة يائسة وبائسة لضيفه إلستعادة األضواء‬
‫وعدد ضيّق جدا من الصحفيني املهتمني‬ ‫وباعتقال سلطات االستعمار جميع‬ ‫وإستقطاب إهتمام املشاهدين بعملية قذف مجانية ألحد أساطني‬
‫بالشأن الفرنيس والعربي‪ .‬من غرائب األمور‬ ‫الزعماء والقادة الوطنيني يف بداية ‪،1952‬‬ ‫األغنية التونسية والعربية‪.‬‬
‫حشاد كان يقدّم بورڨيبة يف‬ ‫أن ّ‬ ‫وأروعها‪ّ ،‬‬ ‫تول فرحات حشاد مسؤولية قيادة‬ ‫ّ‬ ‫ما قاله سمري العقربي يف العمالق لطفي بوشناق محزن‬
‫صورة «زعيم الحركة الوطنيّة» ويرتاجع هو إىل مرتبة أق ّل من بورڨيبة‪.‬‬ ‫املقاومة التونسية يف وجه فرنسا‪ ،‬فتعالت األصوات واشتدت التحركات‬ ‫ومخزي‪ ..‬الفنان التونيس والعربي والعاملي لطفي بوشناق ال يحتاج‬
‫شهادات قدّمها صحفيون أمريكيون عديد امل ّرات‪.‬‬ ‫الشعبية واإلرضابات تزامنا مع انتهاج الكفاح املسلح‪ ،‬مما سبب ارتباكا‬ ‫من أحد أن يقول فيه شهادة أو يقيمه‪..‬‬
‫ونختم هذه البطاقة بطرفة حدثت بني الزعيمني الحبيب بورڨيبة‬ ‫للمستعمر الذي ّ‬
‫تيقن أن الزعيم النقابي وراء كل ذلك‪ ،‬فت ّم اتخاذ القرار‬
‫فمسريته الفنية الزاخرة والطويلة وتجربته اإلستثنائية‬
‫وفرحات حشاد يف نيويورك‪ ،‬يومها أهدى الزعيم فرحات حشاد «مريول‬ ‫بوجوب التخلص منه‪.‬‬
‫واملتفردة‪..‬إضافة لقدراته الصوتية الرهيبة وتنوعه يف جميع األنماط‬
‫صوف للزعيم بورڨيبة ألنو ما كانش عندو حوايج تدفيه ‪ .....‬نهارتها قال‬ ‫ذكرى تحل ويف البال تلك الرحلة التاريخية التي جمعت الزعيمني‬
‫بورڨيبة لحشاد «البس انت» قالو حشاد ‹›ال أنت اتو تمرض أنا ولد بحر‬ ‫يف الواليات املتحدة األمريكية (سبتمرب‪/‬أكتوبر ‪ )1951‬متزامنة مع‬ ‫املوسيقية وحدها كفيلة بالدفاع عنه ورد كل إساءة تطاله من أي‬
‫مستانس بالربد» ‪...‬‬ ‫املفاوضات الدائرة بباريس بني فرنسا والحكومة الوطنية يقودها الوزير‬ ‫كان كما قال صديقي ابن الجنوب خالد الحمروني‪..‬‬
‫وبقي الزعيم بورڨيبة يرتدي ذلك «املريول» لسنوات‪ ...‬ويوم علم‬ ‫األكرب محمد شنيق صحبة الزعيم محمود املاطري وثلة من الوزراء…‬ ‫عملية اإلفرتاء بدأت بإدعاء سمري العڨربي يف حواره مع سمري‬
‫بمقتل وإغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد بكى كثريا وكتب رسالة‬ ‫مفاوضات كان الزعيمان بورڨيبة وحشاد يدركان خاللها أن فرنسا‬ ‫الوايف بأنه كان وراء دعوة «النّكرة» حسب قوله لطفي بوشناق الذي‬
‫ألم الخري أرملة الشهيد وصلتها مبللة بالدموع ‪...‬لم ينس بورڨيبة يوما‬ ‫تناور وال ترغب يف منح تونس استقاللها‪ ،‬فكان عزمهما راسخا عىل‬ ‫لم يكن يعرفه أحد عىل الساحة املوسيقية التونسية للمشاركة يف‬
‫صداقة حشاد‪...‬‬ ‫خوض غمار الكفاح املسلح بما يحتم رسم اسرتاتيجية وخطة إلدارة‬ ‫حفل «النوبة»بمهرجان قرطاج الدويل ‪...‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أجيبه كشاهد عن العرص ومتابع مبارش ملرشوع حفل «النوبة»‬
‫وفنانون‬ ‫فن‬ ‫للفنان الكبري الفاضل الجزيري تصورا وإنجازا‪ ...‬فكرة هذا الحفل‬
‫وكل جزئياته صاغها يس الفاضل وقدمها لوزير الثقافة آنذاك‬
‫البلجيكي املشارك يف إنتاج فيلمها «نورا تحلم»‪.‬‬ ‫لطفي عاشور مرشح لألوسكار‬ ‫املرحوم منرص الروييس الذي أعطى تعليماته لتوفري كل متطلبات‬
‫تحصل الفيلم التونيس «اخوان» ملريم جعرب‬ ‫ّ‬ ‫يف نفس هذه التظاهرة‬ ‫عىل اثر فوز فيلم «نقطة عمياء» للطفي عاشور‬ ‫إنجاح املرشوع‪...‬‬
‫عىل جائزة أحسن فيلم قصري‪...‬‬ ‫بجائزة يوسف شاهني ألحسن فيلم قصري بمهرجان‬ ‫وكان يس الفاضل الجزيري وراء إختيار النوبات املقدمة‬
‫ُ‬
‫حيث‬ ‫ويُعترب هذا الفيل ُم من نوعيّة األفالم ذات اإلنتاج املشرتك‬ ‫القاهرة فإن الفيلم أصبح مؤهال للرتشح للتسابق‬ ‫واملوسيقيني والفنانني والراقصني املشاركني وحتى الكومبارس‪...‬‬
‫إنتاجه عد ٌد من الرشكات من كندا وتونس وقطر والسويد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫شاركت يف‬ ‫لجوائز األوسكار يف فئة االفالم القصرية‪...‬‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫العقربي‬ ‫ومن ضمن فريق العمل إختار يس الفاضل سمري‬
‫ويستكشف التوترات داخل أرسة تونسية عندما يعود شابٌ غائب‬ ‫«نقطة عمياء ‪ ،»Blind Spot -‬هو فيلم وثائقي‬
‫ِ‬ ‫للتنسيق املوسيقي وفتحي الهدّاوي للتنسيق الركحي‪ ...‬أقول هذا‬
‫زوجته السوريّة الجديدة والتي‬ ‫منذ عدة سنوات إىل منزله رفقة‬ ‫تحريك‪ ،‬عرض دوليا ألول مرة ضمن فعاليات‬
‫ترتدي النقاب مما يتسبَّبُ له يف مشاكل جمّ ة مع والده الذي يشتب ُه‬ ‫مهرجان القاهرة السينمائي الدويل ‪ ،‬وهو من إخراج‬ ‫ألني كنت مديرا لدار الثقافة ابن خلدون يف تلك الفرتة وكان يس‬
‫يف أن نجله كان يعم ُل لصالح تتظيم الدولة اإلسالمية‪.‬‬ ‫لطفي عاشور‪ ،‬وإنتاج تونس‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬ومدته‬ ‫الفاضل يستغل الطابق العلوي بإذن من وزير الثقافة لإللتقاء‬
‫بالفريق العامل يف النّوبة وإجراء بعض التمارين‪ ...‬فسمري ْ‬
‫العقربي‬
‫السينما التونسية تتوج في مهرجان‬ ‫‪ 14‬دقيقة‪.‬‬
‫القدس السينمائي‬ ‫تدور أحداث الفيلم تحت الحكم‬ ‫كان دوره قيادة العازفني وتنسيق أدوارهم وتطبيق اإلختيارات‬
‫شاركت السينما التونسية مؤخرا يف مهرجان‬ ‫الديكتاتوري لبن عيل‪ ،‬يف السابع من أكتوبر‬ ‫املوسيقية وتقريبها لفهم املوسيقيني املشاركني يف الحفل كما‬
‫القدس السينمائي وفازت بجائزة غصن الزيتون‬ ‫‪ ،1991‬حيث تم اختطاف رجل يف حمام إحدى الرشكات العامة‪ .‬تعرض‬ ‫ضبطها يس الفاضل الجزيري نفس اليشء كان يقوم به فتحي‬
‫الذهبي ألفضل ممثل رجال للممثل محمد ظريف‬ ‫للتعذيب والقتل ثم اختفى دون أن يتم العثور عليه‪ .‬بعد ما يقرب من‬ ‫الهداوي يف الجانب الركحي وتحرك املغنيّني والراقصني الكومبارس‪.‬‬
‫عن فيلم « ولدي» وفاز نفس الفيلم بجائزة أفضل‬ ‫ثالثني عاما‪ ،‬عاد للتحدث إلينا من خالل هذا العمل‪.‬‬ ‫العقربي بأنه صاحب تصور حفل النوبة أو‬ ‫وما قاله يس سمري ْ‬
‫سيناريو ملخرجه محمد بن عطية‪.‬‬ ‫يذكر أن هذا الفيلم لم يتم إختياره ضمن املسابقة الرسمية أليام‬ ‫الحرضة من محض خياله وإدعاء باطل‪..‬‬
‫يتناول الفيلم قضية تجنيد الجماعات املتشددة‬ ‫قرطاج السينمائية األخرية بداعي أنه لم يالق إستحسان لجنة اإلنتقاء‪.‬‬ ‫أعود للصديق لطفي بوشناق تعرفت عليه يف بداية الثمانينات‬
‫للشبان وإرسالهم إىل مناطق الرصاعات‪ ،‬من‬ ‫هند صبري أفضل ممثلة في مهرجان‬ ‫من القرن املايض يف سفرة جوية من مرص حيث كان يقيم هناك‬
‫خالل قصة أب يفاجَ أ برحيل ابنه عن‬ ‫السينما الفرنكوفونية‬ ‫يف تلك الفرتة إىل تونس‪ ..‬وأثناء السفرة تحدّثنا عن دار الثقافة ابن‬
‫البيت وسفره إىل سوريا‪ ،‬فيق ّرر ترك كل‬ ‫فازت هند صربي بجائزة أفضل ممثلة عن دورها يف فيلم «نورا‬ ‫خلدون يف عهد األستاذ عبد القادر القليبي وتكوين الفرقة املوسيقية‬
‫يشء والذهاب للبحث عنه واستعادته‬ ‫تحلم» من مهرجان ‪ Trophées Francophones du Cinéma‬املخصص‬ ‫هناك بقيادة املرحوم توفيق الضويوي والتي مثلت تونس يف املحافل‬
‫مرة أخرى‪.‬‬ ‫للسينما الفرنكفوانية والذي اختتم فعاليات دورته السابعة يف رواندا‪،‬‬ ‫الدولية‪.‬‬
‫وتوجت السينما التونسية يف نفس‬ ‫وتعترب الفنانة هند صربي أول فنانة عربية تفوز بهذه الجائزة‪.‬‬
‫ث ّم ألتقيته من جديد ملا إشتغلت بقناة ‪ 7‬وشارك يف عديد‬
‫املهرجان بجائزة غصن الزيتون الذهبي ألفضل فيلم وثائقي طويل عن‬ ‫لكنها اعتذرت عن الحضور يف حفل اإلختتام ووجهت هند صربي‬
‫فيلم فتح الله ‪ ،tv‬للمخرجة وداد الزغالمي‪.‬‬ ‫رسالة مصورة باللغة الفرنسية إلدارة الجائزة جاء فيها‬ ‫املنوعات التلفزية ‪...‬وملا أدرت مهرجان قرطاج الدويل سنة ‪1996‬‬
‫ويتناول الفيلم واقع الشباب املهمّ ش يف منطقة فتح الله‪ ،‬فجابت‬ ‫إنها تعتذر عن عدم استطاعتها حضور الفعالية‬ ‫أسندت إليه حفل اإلفتتاح ورشّ ك معه ألول مرة األركاسرت السمفوني‬
‫املخرجة بعدسة كامرياتها األنهج واألزقة لهذه املنطقة لتربز األوضاع‬ ‫وتسلم الجائزة بنفسها ولكنها مرتبطة بالسفر‬ ‫التونيس بقيادة أحمد عاشور وقدّم ألول مرة تلك األغاني الجميلة‬
‫الصعبة للمتساكنني ال سيما فئة الشباب الذي أنهكته الفاقة والبطالة‪،‬‬ ‫لجدة للمشاركة كعضوة لجنة تحكيم مسابقة‬ ‫التي كتب كلماتها الشاعر فتحي آدم‪.‬‬
‫لكن ذلك لم يمنع هؤالء الشباب من أن يكون حاملا ومبدعا‪.‬‬‫ّ‬ ‫األفالم الطويلة يف أوىل دورات مهرجان البحر‬ ‫وإلتقينا مرة أخرى يف قناة‪ 7‬يف سنة ألفني ملا تم إختياره‬
‫تتقاطع شخصيات فيلم «فتح الله تي يف» يف عديد الصفات‬ ‫األحمر‪ ،‬الفتة إىل أنها سعيدة بهذه الجائزة ألنها‬ ‫للمشاركة وفرقته يف منوعة «جريان القمر» الرمضانية التي قامت‬
‫واألعمال‪ :‬فهي شخصيات يجمعها حبّها للموسيقى وللفن الذي‬ ‫تضم عددا كبريا من النجوم يف الدول الناطقة‬ ‫بتنشيطها مريم بن حسني صحبة محمد الحنايش‪...‬‬
‫كان امللجأ الوحيد بالنسبة إليها للتعبري عما يخالجها وجدانيا‪،‬‬ ‫بالفرنسية أو التي تلقت دعمً ا من دول‬ ‫ولن أنىس يف الختام تلك ال ّلفتة الكريمة التي قام بها تجاه أهايل‬
‫فكانت املوسيقى وسيلتها يف نقد النظام السيايس السائد‬ ‫فرانكفونية وهو فخر كبري ورشف‬ ‫طرببة ملا قبل إقامة حفل إفتتاح املهرجان عندما طلبت منه ذلك‬
‫قبل الثورة وبعدها‪ .‬وهذه الشخصيات الثالث عانت الظلم‬ ‫أن تحصل عىل جائزة عاملية بهذه‬ ‫بضمان خالص الفرقة والعازفني فقط‪.‬‬
‫واالضطهاد ودخلت السجن من أجل مواقفها السياسية‬ ‫القيمة ووسط كل هؤالء النجوم‪.‬وتسلم‬ ‫هذا هو لطفي بوشناق كما عرفه وأحبه الجمهور يف تونس‬
‫ودفاعها عن الحريات‪.‬‬ ‫الجائزة بدال عنها ستيفان تيلمان املنتج‬
‫وجعل منه أيقونة األغنية ‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪43‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫‪43‬‬
‫الشارع الرياضي‬

‫الجريء‪ :‬قطر أحيت حلمنا العريب وأمتنى أن تن ّظم البطولة القادمة‬


‫وشدد وديع الجريء الذي يشغل أيضا منصب عضو داخل‬ ‫لكي نتوج بلقب هذه النسخة التي تعترب األجمل يف تاريخ هذه‬ ‫ال حديث داخل الشارع الريايض التونيس هذه األيام سوى‬
‫االتحاد العربي لكرة القدم‪ ،‬عىل رضورة صيانة كل املكاسب التي‬ ‫البطولة‪ .‬أمامنا مباراة قوية يف نصف النهائي أمام منتخب مرص‬ ‫عن بطولة كأس العرب التي تحتضنها قطر والتي نجحت‬
‫تحققت خالل النسخة الحالية لكأس العرب قائال‪" :‬نحن كعرب‬ ‫الشقيق‪ ،‬وسنحاول بمشيئة الله أن نتخطى هذا الدور لنكون‬ ‫والحقيقة تقال يف تنظيمها عىل جميع املستويات‪ .‬البطولة‬
‫سعداء بأن تنجح قطر يف استضافة بطولة أحيت من جديد حلمنا‬ ‫طرفا يف النهائي الحلم"‪.‬‬ ‫نجحت يف ش ّد األنظار وأحيت األمل من جديد يف مشاهدة كرة‬
‫العربي‪ ،‬وكل النجاحات التي تحققت يف هذه النسخة من كأس‬ ‫قدم عربية بمستويات عاملية وبعض املباريات خاصة يف الدور‬
‫العرب تطوقنا بمسؤولية الحفاظ عىل املكاسب‪ ..‬واثقون من أن‬ ‫نحن أ ّول من ت ّوج باللقب العربي‬ ‫الثاني ارتقت اىل مستوى عال جدّا جعلها تتصدّر "األفيشات"‬
‫قطر سفرية اإلبداع العربي ستقدم للعالم موندياال غري مسبوق‬ ‫يف الصحافة العربية التي عادت هذه امل ّرة مجربة عىل مواكبة‬
‫يف كل تفاصيله‪ ،‬والدليل عىل ذلك ما شاهدناه يف هذه البطولة‬ ‫ونريد أن نفوز بالكأس م ّرة أخرى‬ ‫الحدث العربي الباهر‪.‬‬
‫من تدبري احرتايف‪ ،‬من أول ما وصلت املنتخبات إىل الدوحة وحتى‬ ‫تونس هي األخرى تشق طريقها بثبات يف هذه املشاركة‬
‫مغادرتها‪ .‬لقد كنا يف مونديال روسيا قبل ثالث سنوات‪ ،‬واملالعب‬ ‫قطر سفيرة اإلبداع العربي وستق ّدم‬ ‫العربية حيث يحظى املنتخب التونيس بفرصة كبرية لتحقيق‬
‫التي تقدمها قطر الستضافة املونديال‪ ،‬وشاهدنا ستة منها يف‬
‫كأس العرب‪ ،‬ال تقل جماال عن مالعب روسيا‪ ،‬إن لم تكن أفضل‬
‫للعالم موندياال غير مسبوق‬ ‫اللقب يف صورة تغلبه يوم غد االربعاء عىل املنتخب املرصي يف‬
‫دربي عربي افريقي مفتوح عىل كل االحتماالت‪ .‬االستعدادات‬
‫منها"‪.‬‬ ‫عىل قدم وساق وكل الظروف مهيأة لتحقيق نجاح تونيس جديد‬
‫وبالعودة لكأس العرب واستدامة النجاح الذي تحقق للنسخة‬ ‫ينضاف لهذا املنتخب‪ .‬من جانبه بدأ رئيس الجامعة التونسية‬
‫العارشة‪ ،‬قال وديع الجريء‪:‬‬ ‫لكرة القدم وديع الجريء يف استغالل هذ الحدث الريايض‬
‫"أرى أنه من الجميل أن نتبع ما تفعله الفيفا مع كأس العالم‬ ‫الحتالل بعض العناوين الرئيسية يف بالتوهات قطر االعالمية‪.‬‬
‫لألندية‪ ،‬عندما تنيط ببلد مسؤولية استضافة نسختني متتاليتني‬ ‫الجريء كثّف من تحركاته وكان ليلة األحد ضيفا عىل قناة بي‬
‫لها‪ ،‬حدث هذا مع املغرب ومع اإلمارات ومع اليابان‪ ،‬أرى أنه‬ ‫اين سبورت حيث ترك مروره كالعادة بعض الجدل‪.‬‬
‫لإلستفادة من اإلرث الكبري الذي سيخلفه تنظيم املونديال بقطر‪،‬‬ ‫الظهور االعالمي لوديع الجريء يف الشاشة الصغرية ليس‬
‫وبخاصة هذه املالعب املبهرة‪ ،‬أن تتوىل قطر استضافة النسخة‬ ‫الوحيد بل كان للرجل بعض الحوارات املقتضبة كما انه نزل‬
‫القادمة لكأس العرب بعد سنتني بنفس املواصفات‪ ،‬ضمانا‬ ‫ضيفا عىل صحيفة املنتخب املغربية حيث أدىل بحوار مطوّل عاد‬
‫للنجاح الكامل‪ ،‬وبعدها تذهب كأس العرب لبالد عربية أخرى"‪.‬‬ ‫فيه عىل بعض األمور والتفاصيل‪.‬‬
‫ولم يفت وديع الجريء اإلشادة بالنقلة النوعية التي شهدها‬ ‫وديع الجريء تحدّث عن مباراة املنتخبني املغربي والجزائري‬
‫املغرب عىل مستوى البنى التحتية‪ ،‬والعمل الكبري الذي تقوم به‬ ‫معتربا اياها نهائيا قبل األوان قائال ‪" :‬كانت مباراة من الطراز‬
‫الجامعة امللكية املغربية لكرة القدم وعىل رأسها فوزي لقجع‪،‬‬ ‫الرفيع‪ ،‬وهذا ليس بالغريب عىل منتخبني يمثالن بلدين عريقني‬
‫وقال‪« :‬رائع ما قام به املغرب يف العرشية األخرية‪ ،‬إذ جوّد بشكل‬ ‫وعظيمني يف كرة القدم‪ .‬بالقطع كان املنتخب الجزائري هو‬
‫كبري بنياته التحتية وأصبح من الدول اإلفريقية املتقدمة يف‬ ‫املتأهل للدور نصف النهائي لحسمه رضبات الحظ لصالحه‪،‬‬
‫هذا الباب وهو يشء يسعدنا‪ ،‬كما أن العمل الهيكيل والقاعدي‬ ‫لكن املنتخب املغربي يهنأ عىل ما قدمه يف البطولة‪ ،‬لقد دخلها‬
‫متواصل والدليل عىل ذلك أن املنتخبات واألندية املغربية هي‬ ‫مرشحا وخرج منها مرفوع الرأس‪ ،‬يف النهاية البطولة خرست‬
‫كما التونسية واملرصية والجزائرية يف صدارة الكرة اإلفريقية‪،‬‬ ‫فريقا جيدا‪ ،‬ولكن هذه هي كرة القدم"‪.‬‬
‫وأعتقد أن وترية العمل الهيكيل تصاعدت بشكل كبري مع مجيء‬ ‫وعن حظوظ املنتخب التونيس قال رئيس الجامعة إنه ال‬
‫صديقي فوزي لقجع الذي أتقاسم معه شغف كرة القدم والرغبة‬ ‫يخفي طموحه من أمله يف تتويج منتخب تونس باللقب العربي‬
‫الجامحة يف تحقيق النجاح"‪.‬‬ ‫للمرة الثانية يف تاريخه "كنا أول منتخب يفوز بهذه الكأس‪،‬‬
‫ونريد أن نجدد عهدنا معها بعد كل هذه السنوات‪ .‬طموحنا كبري‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 289‬الثالثاء ‪ 14‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪44‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫الشارع الرياضي‬
‫‪44‬‬

‫اليونيس يصارع للبقاء‬


‫قضت دائرة الشيكات باملحكمة االبتدائية بأريانة عشيّة أمس بسجن الرئيس السابق للنادي االفريقي عبد السالم اليونيس ‪ 25‬عاما بالنفاذ‬
‫العاجل مع خطية مالية يف خمسة قضايا صكوك دون رصيد بواقع ‪ 5‬أعوام سجنا عن كل قضية‪.‬وكانت نفس الدائرة قد قضت يف وقت سابق بسجن‬
‫اليونيس يف قضايا مماثلة ملدة ‪ 28‬سنة عىل خلفية القضية التي تقدم بها نائبه السابق حمزة الوسالتي ضدّه‪ ،‬فيما يتعلق باصدار صكوك دون رصيد‪،‬‬
‫تجاوزت قيمتها ‪ 2.5‬مليون دينار‪ .‬كما ت ّم القضاء بسجنه مدّة عرشة سنوات بسبب إصداره شكني دون رصيد‪.‬‬
‫وارتفع إجمايل األحكام السجنية الصادرة يف حق اليونيس اىل ‪ 63‬سنة وهي قابلة للطعن وتسقط آليا يف حال خالص املبالغ املالية‪.‬‬
‫يتوقع صدور هذه األحكام رغم‬ ‫ّ‬ ‫أن الرئيس السابق للنادي االفريقي عبد السالم اليونيس كان‬ ‫مصدر موثوق به كشف لـ"الشارع املغاربي" ّ‬
‫أن اليونيس بصدد التفويت يف قطعة أرض عىل ملكه ألجل توفري‬ ‫سعيه يف بداية األمر اىل ايجاد حيل صلحي مع املتخاصمني‪ .‬املصدر ذاته أ ّكد ّ‬
‫املبلغ املطلوب لخالص الشيكات حتى يتجنب السجن‪.‬‬
‫يوفر اليونيس هذه املبالغ منذ فرتة ولكن التضييقات الكبرية التي مورست عليه جعلته عرضة للمالحقة القضائية‬ ‫وكان يف الحسبان أن ّ‬
‫أن الرجل لم يستطع السفر خارج البالد بسبب قرار املنع من السفر لذلك لم يقدر عىل ح ّل اإلشكال وهو‬ ‫وم ّرد هذا التأخري يف توفري املال هو ّ‬
‫ما دفعه للتفكري يف بيع أرضه بعد ان استوىف ك ّل الحلول األخرى‪.‬‬
‫من جهة ثانية تحاول بعض األطراف التقريب يف وجهات النظر بني اليونيس ونائبه السابق حمزة الوسالتي عىل أمل تخفيف العبء‬
‫املايل والحكم القضائي املس ّلط عليه ولكن يبدو األخري متمسكا بمقاضاة اليونيس رافضا كل مساعي الصلح‪.‬‬

‫بني فيوترش والرتجي‬ ‫مساعي ديبلوماسية يف قطر‬


‫تبحث إدارة نادي فيوترش املرصي الصاعد حديثا اىل‬ ‫بالتوازي مع االهتمام املتواصل بآخر استعدادات املنتخب التونيس لكرة القدم‬
‫دوري الدرجة األوىل املرصية عن القيام بتعزيزات خالل‬ ‫قبل مباراة الحسم أمام املنتخب املرصي لحساب نصف نهائي بطولة كأس العرب‬
‫املريكاتو الشتوي بهدف تدعيم رصيد الفريق بأسماء قادرة‬ ‫فيفا قطر ‪ 2021‬يوم غد االربعاء تراقب الجماهري التونسية بك ّل اهتمام وحذر آخر‬
‫عىل تقديم االضافة للفريق‪.‬‬ ‫تطورات موضوع ترحيل بعض التونسيني من قطر بسبب تهشيم عدد من الكرايس‬
‫الفريق املرصي الوافد حديثا عىل كرة القدم‬ ‫خالل إحدى مباريات البطولة‪.‬‬
‫املرصية من بابها الكبري ليست له تقاليد‬ ‫وحسب ما تداولته بعض وسائل االعالم يف قطر وكذلك يف بعض صفحات مواقع‬
‫كبرية ولكنه يملك املال الوفري وهو يبحث‬ ‫التواصل االجتماعي فإن السلطات القطرية فتحت تحقيقات بشأن تعمّ د بعض‬
‫عن التموقع ضمن كبار القوم يف مرص‬ ‫الجماهري تكسري عدد من الكرايس‪ .‬ورغم أن السلطات القطرية التي دعت إىل التحيل‬
‫حتى يكون له شأن يف قادم املواعيد‬ ‫بالروح الرياضية وااللتزام بالقوانني واملحافظة عىل املنشآت الرياضية لم ترش لجنسية‬
‫عىل غرار فريق برياميدز املرصي الذي‬ ‫فإن الصور ومقاطع الفيديو املنترشة تثبت انهم تونسيون‬ ‫وهوية الجماهري املتهمة ّ‬
‫حوّله االستثمار السعودي اىل هرم ثالث‬ ‫وبأنه ت ّم فعال استدعاء املتهمني والتحقيق معهم صبيحة يوم أمس‪.‬‬
‫يف مرص بعد االهيل والزمالك‪ .‬إدارة‬ ‫بعض املصادر املوجودة هناك أكدت ان السلطات القطرية اتخذت فعال قرارا‬
‫فيوترش تضع عىل طاولتها بعض‬ ‫برتحيل التونسيني وحرمانهم من متابعة مباراة الدور نصف النهائي وغريها‪.‬‬
‫وتسعى بعض األطراف التونسية إىل تطويق الخالف وايجاد صيغة تفاهم مع‬
‫األسماء العربية وخاصة التونسية‬
‫السلطات القطرية للعدول عن قرارها‪ .‬من جانبه وجّ ه وديع الجريء رئيس الجامعة‬
‫منها بما ان الفريق سبق له التعاقد‬
‫التونسية لكرة القدم نداء خاصا اىل السلطات القطرية واللجنة املنظمة لكأس العرب‬
‫مع أيمن الصفاقيس مهاجم‬ ‫فيفا قطر ‪ 2021‬طالب فيه بعدم ترحيل بعض التونسيني يف صورة ثبوت رواية‬
‫النجم الريايض الساحيل وهدّاف‬ ‫تسببهم يف تهشيم عدد من الكرايس يف ملعب املدينة التعليمية إثر مباراة تونس وعمان‪.‬‬
‫البطولة التونسية يف املوسم املايض‬ ‫وقال الجريء خالل حضوره يف قناة بي اين سبور إنه يعوّل‬
‫برصيد عرشة اهداف‪ .‬الصفقة كانت‬ ‫عىل رحابة صدر السلطات القطرية بعدم ترحيل التونسيني‬
‫مهمة جدا من الناحية املالية فقد رصد‬ ‫ملتزما بتعويض األرضار إذا ارتأت السلطات القطرية‬
‫لفريق املرصي ‪ 850‬ألف دوالر حصل‬ ‫ذلك‪.‬‬
‫فيما‬ ‫منها النجم عىل ‪ 500‬ألف دوالر‬ ‫املساعي التونسية لم تقترص عىل نداءات رئيس‬
‫تحصل الالعب عىل ‪ 350‬ألف دوالر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الجامعة التونسية لكرة القدم بل ان سفري تونس بدولة‬
‫من بني األسماء التي تهتم إدارة الفريق املرصي عىل‬ ‫لفض االشكال والتعهد لدى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التدخل‬ ‫قطر بدوره حاول‬
‫التوقيع لها نجد ظهري الرتجي الريايض التونيس رائد‬ ‫السلطات القطرية بعدم تكرر مثل هذه األفعال خاصة‬
‫ّ‬
‫برتشح‬ ‫انها صدرت عن حسن نيّة خالل احتفال الجماهري‬
‫الفادع الذي عاد حديثا اىل أجواء املباريات مع الرتجي‬
‫وأصبح ركيزة أساسية يف حسابات املد ّرب رايض الجعايدي‪.‬‬ ‫املنتخب وليس عن سوء قصد بهدف االرضار بمكتسبات‬
‫مصادر موثوق بها كشفت لـ»الشارع املغاربي» ّ‬
‫أن‬ ‫دولة قطر‪ .‬وحتى بعض االعالميني املعروفني واملقيمني بقطر‬
‫من الذين لهم شبكة عالقات واسعة ووثيقة بشخصيات قطرية‬
‫مسؤويل فيوترش سيحاولون ربط قنوات اتصال مبارشة‬
‫ّ‬
‫التوسط إلنقاذ التونسيني من مقصلة الرتحيل‪.‬‬ ‫فاعلة حاولت‬
‫مع هيئة الرتجي وتقديم عرض يقوم عىل استعارة الالعب‬ ‫ّ‬
‫امللف‬ ‫األكيد ان الساعات القليلة القادمة ستحمل الجديد يف هذا‬
‫ملدّة ‪ 6‬أشهر مع التنصيص عىل أحقية الرشاء‪ .‬ورغم أنّ‬
‫الذي أفسد عىل التونسيني متعة املشاركة يف البطولة العربية‬
‫املقابل املادي قد يكون محرتما جدّا قياسا بقيمة املعامالت املالية‬ ‫ونرجو أال ّ تكون قطر تعامل الجالية التونسية كما تعامل‬
‫يف‬ ‫فإن حاجة الرتجي اىل الفادع‬ ‫ّ‬ ‫يف سوق املريكاتو التونيس‬ ‫الصف الثاني التي تعيش تحت «سقف العبودية»‬ ‫ّ‬ ‫جاليات‬
‫الوقت الحايل قد تجعل فرضية مغادرته صعبة ان لم نقل‬ ‫هناك عىل غرار ما يحدث مع بعض الجنسيات اآلسيوية‬
‫مستحيلة يف ظ ّل املعطيات املتوفرة حاليا فمد ّرب الرتجي‬ ‫والتي تتهم قطر بسوء استغاللها وأحيانا بتعذيبها وهو‬
‫يبدو غري مقتنع بزياد مشموم وسامح الدربايل لن يكون‬ ‫امللف الذي أزعج كثريا القطريني خاصة أن منظمات عاملية‬
‫خيار املستقبل للفريق كما أن رشاد العرفاوي لن يكون‬ ‫دعت يف أكثر من م ّرة اىل سحب تنظيم املونديال من قطر‬
‫بمقدوره اللعب بانتظام يف هذه الخطة‪.‬‬ ‫بسبب تعذيب العمال‪.‬‬
www.acharaa.com maghrebstreet@gmail.com 2021 ‫ ديسمبر‬14 ‫ الثالثاء‬- 289 ‫العدد‬

45 ‫الشارع السياسي‬

You might also like