الأمراض النفسية

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 71

‫الفصل الثالث‬

‫تصنيف األمراض النفسية ‪.‬‬ ‫‪0‬‬


‫الفرق بين العصاب والذهان ‪.‬‬ ‫‪ㄱ‬‬
‫نماذج من األمراض العصابية ‪.‬‬ ‫‪ㄴ‬‬
‫القلق العصابى ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫عصاب الوسواس القهرى ‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬
‫عصاب الهستريا ‪.‬‬ ‫‪ㄷ-‬‬
‫االكتئاب العصابى ‪.‬‬ ‫‪ㄹ-‬‬

‫‪-1-‬‬
‫أوال‪ -:‬تصنيف األمراض النفسية ‪Classification :‬‬
‫التص نيف هو تخفيض ع دد الظ واهر وتحدي دها على أس اس خ واص‬
‫مشتركة بين مفردات النوع (المرض) الواحد … بحيث يسهل إخضاع الظواهر‬
‫المنف ردة لق وانين عامة يس هل فهمها والتعامل معها ‪ .‬كما يه دف التص نيف إلى‬
‫إيج اد لغة مش تركة بين المتخصص ين فى مخ الف أنح اء الع الم بحيث إذا ذكر‬
‫أحدهم اسم الفصام مثالً عرف اآلخرون ما يقصده ‪.‬‬

‫( محمود حميدة ‪)1990‬‬

‫وتتجلى أهمية التص نيف فى مج ال علم النفس المرضى من ق ول (كاتل‬


‫‪ : )1940‬أن علم األم راض يس بق بالض رورة العلم بأس بابها ‪ -‬أو بتعب ير‬
‫( م ارزولف ‪ )1945‬بن اء مجموعة األع راض يتق دم اكتش اف العلل واألس باب‬
‫… فقبل أن يطلب منا البحث عن س بب خلل أو اض طراب وظيفى – البد أن‬
‫يك ون قد س بق لنا ع زل ه ذا الخلل أو االض طراب والتع رف عليه وتمي يزه عن‬
‫غيره مما يختلف معه فى أعراضه ‪( .‬كمال دسوقى ‪. )1973‬‬

‫وفى بداية وضع تص نيف لألم راض العقلية ك ان يؤخذ فى االعتب ار‬
‫موض وع " األع راض" أو تجميع األع راض – ثم بعد ذلك س اد مب دأ البحث عن‬
‫العلل وأسباب نشأة األمراض ‪ ،‬وهذا المبدأ يؤخذ به حتى اليوم ‪.‬‬

‫ومرت عملية (تقسيم) األمراض النفسية والعقلية بمراحل متعددة فقد كان‬
‫هناك ما يسمى بالتقسيم الثالثى (‪ )1913‬كما يلى ‪-:‬‬

‫المجموعة األولى ‪ :‬تلك ال تى تق وم على االختالالت الفس يولوجية والعص بية‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫للمخ والجهاز العصبى المركزى ( تسمم‪ -‬صدمات – اضطرابات دموية) ‪.‬‬

‫‪-2-‬‬
‫المجموعة الثانية ‪ :‬هى مجموعة أم راض ال ذهان ال تى ال تكشف عن‬ ‫‪ㄴ-‬‬
‫اضطرابات جسمية من نوع يمكننا من تشخيص الذهان بالرجوع إليها ‪ .‬بمعنى‬
‫أن المرض يرجع إلى أسباب نفسية بحتة ‪.‬‬

‫المجموعة الثالثة ‪ :‬تح وى االختالالت غ ير المس تحبة للن واحى اإلنس انية‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫حيث ال مج ال ألس اس جس مى فى األم راض العض وية ذاتها وي دخل فى ه ذا‬
‫الن وع أم راض العص اب – اض طرابات الطبع – س بول الشخص ية اإلجرامية‬
‫والمضادة للمجتمع ‪.‬‬

‫بمع نى أن ه ذا التقس يم يق ول لنا أن األم راض العقلية إما هى عض وية‬


‫األصل ‪ ،‬أو وظيفية المنشأ أو تراجع لظروف التربية والتنشئة الخاصة بكل فرد‬
‫‪.‬‬

‫بعد ذلك وض عت تقيس مات عدي دة منها ع ام ‪ 1939‬وقتئذ تم وضع‬


‫األم راض العقلية ض من أم راض الجه از العص بى وك ان المع روف منها أربعة‬
‫مجموعات فقط ‪:‬‬

‫النقص العقلى ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫الفصام ‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫ذهان الهوس واالكتئاب ‪.‬‬ ‫‪ㄷ-‬‬

‫كل األمراض العقلية األخرى ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫ويض يف (كم ال دس وقى ‪ )1973‬أن الص عوبة فى التص نيف فى مج ال‬


‫الطب العقلى ترجع إلى أن ه ذا العلم كعلم نفس مرضى يص نف ألع راض‬

‫‪-3-‬‬
‫إحص ائية نظرية وكعلم نفس عالجى يص نف من واقع الح االت فى العي ادات‬
‫والمستشفيات …‪.‬‬

‫واإلنسان جسم وعقل ‪ ،‬عضوى ونفسى كل منهما علة ومعلول لألخر فى‬
‫الم رض ‪ ،‬والطيب النفسى ح تى فى أك ثر األم راض عض وية له دور نس بى –‬
‫بينما الط بيب الجس مى الي وم ال يمكنه إال أنه يس تعن على العالج الب دنى‬
‫(الجسمى) بعلم النفس ‪.‬‬

‫كذلك موضوع سير المرض بدءاً بالتشخيص حتى العالج فإن هذا يتبع‬
‫الطب النفسى ‪.‬‬

‫وقد اختلف الب احثون فى تقس يم األم راض النفس ية تبعا لوجهة النظر ال تى‬
‫ينظ رون خاللها إلى ه ذه األم راض ‪ ،‬وه ذا وضح كما أش رنا س ابقاً إال أنه اتفق‬
‫الجميع على تقس يمها طبق اً لألس باب واألع راض ( طبيعة التغ ير المرضى ال ذى‬
‫ينشأ عنها ) ‪.‬‬

‫وسنش ير هنا باختص ار إلى التص نيف األم ريكى ثم نع رج إلى التص نيف‬
‫المصرى وهذا ما سنأخذ به بصورة أكبر ‪.‬‬

‫وظهر التص نيف األم ريكى األول لألم راض العقلية ‪Mamual of‬‬
‫‪ diagnostic mental disorder‬وأطلق عليه ال دليل التشخيصى‬ ‫‪1952‬‬
‫‪ ،‬ثم ح دث به تط ور وتع ديل مما جعلهم‬ ‫األول لألم راض العقلية ‪DSM-I‬‬
‫ع ام ‪ 1968‬ثم‬ ‫يص درون ال دليل التشخيصى الث انى وأطلق عليه ‪DSM-II‬‬
‫ظهر ال دليل التشخيصى الث الث وأطلق عليه ‪ DSM-III‬ع ام ‪ 1980‬ثم ح دث‬
‫تعديل له عام ‪ 1987‬وأطلق عليه ‪. .DSM-III.R‬‬

‫‪-4-‬‬
‫وتم‬ ‫وفى ع ام ‪ 1994‬ص در ال دليل التشخيصى الرابع ‪DSM-IV‬‬
‫تقسيم االضطرابات فيه على خمس محاور رئيسية إضافة إلى مجموعة محاور‬
‫فرعية ‪ ،‬ويمكن إيجازها فيما يلى ‪:‬‬

‫اض طرابات تش خص ألول م رة وتظهر غالب اً فى مرحل تى الطفولة‬ ‫‪ㄱ‬‬


‫والمراهقة ‪ ،‬مثال ذلك ‪:‬‬

‫اضطرابات التعلم ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫اضطرابات التواصل ‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫اضطرابات نقص االنتباه ‪.‬‬ ‫‪ㄷ-‬‬

‫التخلف العقلى ‪.‬‬ ‫‪ㄹ-‬‬

‫االض طرابات العقلية ال تى ترجع إلى حالة طيبة عامة وغ ير مص نفه فى‬ ‫‪ㄴ‬‬
‫مكان آخر ‪ ،‬مثال ذلك ‪:‬‬

‫اضطرابات ترجع إلى تعاطى المخدرات والكحوليات ‪.‬‬ ‫‪ㅁ-‬‬

‫اضطرابات ترجع إلى المهدئات والمنومات ومضادات القلق ‪.‬‬ ‫‪ㅂ-‬‬

‫الفصام واالضطرابات الذهانية األخرى ‪.‬‬ ‫‪ㄷ‬‬

‫اضطرابات الوجدان أو المزاج ‪.‬‬ ‫‪ㄱ‬‬

‫اض طرابات القلق (اض طرابات الهلع – الره اب االجتم اعى – اض طراب‬ ‫‪ㄱ‬‬
‫القلق العام …الخ) ‪.‬‬

‫االضطرابات جسدية الشكل ‪Somatoform Disorder :‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫‪-5-‬‬
‫مث ال ذلك ‪ :‬االض طراب جس دى الش كل غ ير المتم يز – اض طراب األلم –‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫التوهم المرضى ‪.‬‬

‫االضطرابات الجنسية واضطرابات الهوية الجنسية ‪ :‬مثال ذلك ‪:‬‬ ‫‪ㄴ‬‬

‫اضطراب خلل الوظيفة الجنسية ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫اضطراب الهوية الجنسية ‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫اضطراب األكل ‪ :‬مثال ذلك ‪:‬‬ ‫‪ㄷ‬‬

‫(فقدان الشهية العصبى – النهم المرضى)‬

‫اضطرابات النوم ‪ :‬مثال ذلك ‪:‬‬ ‫‪ㄹ‬‬

‫اضطرابات النوم األولية ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫اضطرابات النوم التى ترجع ألسباب نفسية ‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫اض طرابات الشخص ية ‪ :‬وقد تم وض عها على مح ور خ اص كما فى‬ ‫‪ㅁ‬‬


‫‪ .SAM-III.R‬وتض منت إح دى عشر اض طرابا باإلض افة إلى اض طرابات‬
‫مستحدثين ‪ .‬مثال ذلك ‪:‬‬

‫اضطراب الشخصية النرجسية ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫اضطراب الشخصية االعتيادية ‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫اضطراب الشخصية الفصامية ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫وسيأتى شرح ذلك تفصيلياً عند حديثنا عن اضطرابات الشخصية بشكل‬


‫مفصل ‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫التصنيف المصرى ‪:‬‬
‫كما أش رنا س ابقاً أنه توجد تص نيفات عدي دة منها م وجز التص نيف‬
‫األمريكى‬

‫ك ذلك هن اك تقس يم العلم اء الس وفيت ال ذى يق وم أساس اً على أن األم راض‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫تنقسم إلى (عضوية األصل – نفسية األصل) ‪.‬‬

‫ك ذلك س نعرض هنا التقس يم المص رى بش كل مبسط كما ورد فى ال دليل‬ ‫‪ㄴ-‬‬
‫المصرى لتقسيم األمراض وكما أورده (شاهين – الرخاوى ‪. )1977‬‬

‫وتقسم هذه األمراض تبعاً لألسباب وطبيعة التغير المرضى الذى ينشأ عنها‬ ‫‪ㄷ-‬‬
‫كما يلى ‪-:‬‬
‫‪ -1‬أمراض عقلية ونفسية عضوية ‪-:‬‬
‫ويقصد بها مجموعة األم راض ال تى يك ون الس بب األك بر فى ح دوثها هو‬
‫وجود تغير فى خاليا المخ نفسها ومنها ‪-:‬‬

‫الضمور العقلى الشيخوخى ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫الشلل الجنونى العام ‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫المرض العقلى المصاحب لبعض األورام المخية السحائية ‪.‬‬ ‫‪ㄷ-‬‬

‫بعض حاالت الصرع ‪.‬‬ ‫‪ㄹ-‬‬


‫‪ -2‬أمراض عقلية ونفسية سمية ‪-:‬‬
‫وهى مجموعة األم راض ال تى يك ون الس بب األك بر فى ح دوثها ح االت‬
‫التسمم الحاد أو المزمن ‪ ،‬وتتميز بأنها أمراض تشفى بزوال أسبابها ‪.‬‬

‫‪-7-‬‬
‫ومن أمثلة الس موم الخارجية ال تى تس بب األم راض العقلية (الخمر –‬
‫الحش يش – المه دئات – الغ ازات الس امة مثل أول أكس يد الكرب ون‬
‫………‪.‬الخ) ‪.‬‬
‫ومن أمثلة التسمم الداخلى ( إفراز مواد ضارة تؤثر على المخ – التسمم‬
‫البولى – التسمم الكبدى {كوليميا} – الغيبوبة السكرية ) ‪.‬‬
‫‪ -3‬أمراض نفسية وعقلية وظيفية ‪-:‬‬
‫وهى مجموعة األمراض التى لم يكشف العلم لها سبباً عضوياً حتى اآلن‬
‫ويرجع الس بب األك بر فى ح دوثها إلى اض طراب الجه از النفسى للم ريض‪.‬‬
‫وتنقسم بدورها إلى ‪-:‬‬
‫األم راض النفس ية الوظيفية ‪ ( :‬الهيس تريا – القلق – الوس واس القه رى‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫– االكتئاب التفاعلى وغيرها )‬
‫األم راض العقلية الوظيفية ‪( :‬الفص ام – جن ون اله وس واالكتئ اب‬ ‫‪ㄴ-‬‬
‫…‪..‬الخ) ‪.‬‬
‫‪ -4‬اضطرابات الشخصية والطباع ‪-:‬‬
‫ويطلق ه ذا على مجموعة الشخص يات ال تى تتصف بص فات ش ديدة‬
‫التطرف عن سمات الشخصية العادية ‪ ،‬مثال ذلك ‪:‬‬

‫اض طرابات نمط الشخص ية ( الشخص ية الفص امية – ش به الفص امية –‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫الشخصية المضادة للمجتمع ) ‪.‬‬

‫اض طرابات س مات الشخص ية ( الشخص ية االنفجارية – نزعة الس رقة‬ ‫‪ㄴ-‬‬
‫المرضية )‬

‫‪-8-‬‬
‫الشخص يات غ ير الناض جة ( الشخص ية الس لبية غ ير االعتمادية –‬ ‫‪ㄷ-‬‬
‫الشخصية الهستيرية ) ‪.‬‬

‫وبعد أن عرضنا لتصنيف األمراض النفسية بشكل موجز نظراً ألن هناك‬
‫تص نيفات عدي دة ومتط ورة من مرحلة زمنية إلى أخ رى فمثال التص نيف ال وارد‬
‫فى الدليل الثانى ‪DSM-II‬‬

‫‪ ،‬ك ذلك هن اك‬ ‫يختلف عما هو وارد فى ال دليل الرابع ‪DSM-IV‬‬


‫تصنيف العلماء السوفيت الفرنسى ‪ ،‬والمصرى الذى ذكرناه سابقاً‬
‫واآلن س نذكر نم اذج من تلك االض طرابات وخاصة مجموعة األم راض‬
‫النفس ية والعقلية الوظيفية ‪ ،‬واض طرابات الشخص ية – كما هو وارد فى‬
‫التصنيف المصرى …… وعرضنا يتضمن التعريف ببعض من هذه األمراض‬
‫وأسباب كل منها – وأعراضه وطرق عالجه ‪.‬‬

‫ولكن بج در بنا قبل أن نش رع فى ذلك البد لنا أ‪ ،‬نف رق بين األم راض‬
‫النفس ية الوظيفية ( ويطلق عليها العص اب ) ‪ ،‬واألم راض العقلية الوظيفية‬
‫(ويطلق عليها الذهان ) ‪.‬‬

‫الفرق بين العصاب والذهان ‪:‬‬


‫العصاب النفسى ‪ -: Neurosis‬من أكثر االضطرابات النفسية حدوثاً‬ ‫‪ㄱ‬‬
‫كما أنه يمثل نس بة كب يرة من مجم وع المرضى ال ذين ي ترددون على المم ارس‬
‫العام (الطبيب) الذى يحتار مع مثل هؤالء المرضى مما يجبره إلى اللجوء إلى‬
‫تشخيص ات عامة غ ير مح ددة أو أن يكتب للم ريض بعض الفيتامين ات ‪ -‬وإ ن‬

‫‪-9-‬‬
‫ك ان ألمين اً يخ بره بأنه ال يع انى مرض اً جس دياً وعليه أن يبحث عن العالج‬
‫النفسى ‪.‬‬

‫وأش ارت العديد من اإلحص اءات أن ح والى ثلث المرضى أو يزيد من‬
‫الم ترددين على العي ادات الخاصة مص ابون بالعص اب ليس إال ‪( .‬ش اهين –‬
‫الرخاوى ‪. )1977‬‬

‫وهذه األمراض العصابية تظهر فى شكل ضيق وتوتر – عدم قدرة على‬
‫العمل – عصبية فى المزاج …‪ .‬الخ ‪.‬‬

‫‪ :‬هو مرض عقلى تتدهور فيه الشخصية إلى‬ ‫أما الذهان ‪Psychosis‬‬ ‫‪ㄴ‬‬
‫حد كب ير … أو هو اض طراب ش ديد يص يب تكامل الشخص ية ‪ ،‬وي ؤثر فى‬
‫عالقات الشخص االجتماعية‪)page, 1978( .‬‬

‫وقد يطلق العديد من الن اس لفظ الجن ون على االض طرابات العقلية وهو‬
‫خطأ واضح ألن كلمة الجن ون ليس لها داللة طيبة واض حة وال يوجد فى الطب‬
‫مرض يسمى الجنون وهى كلمة عامة تشير إلى االضطراب الذى يحدث للفرد‬
‫بعيدا عن مألوف تقاليد المجتمع ‪.‬‬

‫وتتم يز األم راض العقلية (الذهاني ة) بع دة أع راض يمكن من خاللها‬


‫تمييزها عن األمراض النفسية (العصابي) وهى ‪-:‬‬

‫اض طراب واضح فى الس لوك بعي داً عن طبيعة الف رد من انط واء ‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وانعزال وإ همال فى الذات والعمل ‪ ،‬واالهتمام بأشياء بعيدة عن طبيعته األصلية‬
‫‪.‬‬

‫‪-10-‬‬
‫تغ ير فى الشخص ية األص لية … واكتس اب ع ادات وتقاليد وس لوك تختلف‬ ‫(‪)2‬‬
‫عن الشخصية األولى ‪.‬‬

‫تشويش فى محتوى الفكر ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫تغير الوجدان عن سابق أمره ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫عدم استبصار المريض أو اعترافه بمرضه ‪ ،‬ولذا يرفض العالج ‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫اضطراب فى اإلدراك مع وجود الضالالت والهالوس ‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫البعد عن الواقع والجنوح إلى الخيال‪ (.‬بتصرف ‪ /‬جمعه سيد ‪)1990‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫ولمزيد من التوض يح فإننا نفصل الق ول فى العالقة بين العص اب وال ذهان‬
‫‪:‬‬

‫فبعض الع املين فى مج ال الص حة العقلية يعت برون أن العص اب حالة‬


‫مخففة من ال ذهان – فى حين يعتبروهما آخ رون منفص لتان تمام اً ‪ ،‬وبص رف‬
‫النظر عن ص حة أى من ال رأيين ف إن هن اك فروقا كث يرة وواض حة بين الن وعين‬
‫من االضطرابات ‪( .‬جدول رقم‪)1‬‬

‫وقد أش ار { عمر ش اهين – الرخ اوى ‪ }1971‬إلى اس تحداث ما يس مى‬


‫بالح االت الوسط ‪،‬وهى تش مل أنواعا من اض طرابات الشخص ية واألش كال‬
‫المرضية التى لم تكتمل سيرتها حتى تصل إلى الذهان ويطلق أحيان اً ح االت "‬
‫البين بين" وهى حاالت تقع بين العصاب والذهان …‪.‬‬

‫وال يمكن تشخيصها فى البداية على أنها عصاب أو ذهان ‪.‬‬

‫‪-11-‬‬
‫ورغم الف روق الواض حة بين العص اب وال ذهان إال أنه يجب التحفظ فى‬
‫التفرقة الش ديدة بين الن وعين نظ راً لما ط رأ على تص نيفها من تغ يرات فى‬
‫السنوات األخيرة ‪.‬‬

‫جدول (‪)1‬‬

‫الفرق بين العصاب والذهان‬


‫الذهان‬ ‫العصاب‬
‫تتغير جذرياً وهذا التغير يكون ش‪33‬ديد كمي ‪3‬اً أو‬ ‫الشخصية تتغير تغيرا جزئيا كمياً‬
‫تغير ملحوظ كيفياً ‪.‬‬
‫تظل سليمة من الناحية الشكلية تض‪33 3‬طرب اض‪33 3‬طراباً بالغ ‪3 3‬اً س‪33 3‬واء فى إدراك‬ ‫الصلة‬
‫الواقع أم العالقة به أو المسئولية فيه ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫بالواقع‬
‫يتدهور إلى حد كبير عادة ‪.‬‬ ‫يحافظ المريض على مظهره‬ ‫المظهر‬
‫العام‬
‫يظل فى ح‪33333333‬دود الط‪33333333‬بيعى أى قد تظهر تصرفات بدائية ( كالتبول أو الت‪33‬برز‬ ‫السلوك‬
‫الغرابة على مالبسه ) نتيجة لعملية النك‪33333333333333333333333‬وص‬ ‫بعض‬ ‫فيه‬ ‫تظهر‬ ‫العام‬
‫الشديدة ال سيما فى الحاالت المتأخرة ) ‪.‬‬ ‫المعقولة ‪.‬‬
‫قد يتشتت وقد ينع‪33‬دم أو يص‪33‬بح جدي‪33‬دة خاصة‬ ‫ال يتغير تغيراً ملحوظاً‬ ‫الكالم‬
‫بالمريض ‪.‬‬
‫قليل ( إن وجد ) وقد يظهر فى واضح وش‪33 3‬ديد ويظهر فى ص‪33 3‬ورة ض‪33 3‬الالت‬ ‫اضطراب‬
‫مختلفة وطيران أفكار وضحالة وتشتت ‪.‬‬ ‫صورة وساوس وانشغال‪.‬‬ ‫التفكير‬
‫موجودة بأنواعها ‪.‬‬ ‫ال توجد أو نادرة جداً ومؤقتة‪.‬‬ ‫الهالوس‬
‫اض‪33‬طراب كمى طفيف ال يتع‪33‬دى اض ‪33 3‬طراب كمى ش ‪33 3‬ديد واض ‪33 3‬طرابات نوعية‬ ‫اضطراب‬
‫متعددة ‪.‬‬ ‫القلق أو االكتئاب البسيط ‪.‬‬ ‫المزاج‬
‫مض‪33 3‬طربة ع‪33 3‬ادة وقد تك‪33 3‬ون س‪33 3‬ليمة فى أول‬ ‫سليمة عادة‪.‬‬ ‫البصيرة‬

‫‪-12-‬‬
‫المرض ‪.‬‬
‫ال يظهر فى س‪333333‬لوك الم‪333333‬ريض قد يظهر بصورته الشاذة فى سلوك الم‪33‬ريض‬ ‫محتوى‬
‫بص‪33 3‬ورة واض‪33 3‬حة ولكنه ي‪33 3‬ؤثر النتقاء الكبت والمقاومة ‪.‬‬ ‫الالشعور‬
‫على تص‪33 3 3 3‬رفاته بطريق غ‪33 3 3 3‬ير‬
‫مباشر الس‪3333333333333333333333333‬تمرار الكبت‬
‫والمقاومة ‪.‬‬

‫‪-13-‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نماذج من األمراض العصابية ‪-:‬‬
‫‪ -1‬القلق العصابى ‪-:‬‬

‫وهو أحد أك ثر االض طرابات العص ابية انتش اراً ويطلق عليه أحيان اً‬
‫‪:‬عص اب القلق " ح تى أن كل األع راض العص ابية األخ رى تظهر لتجنب ش دة‬
‫اإلحس اس ب أعراض القلق …‪ .‬وقد وصف (فرويد ‪ )1894‬الخص ائص‬
‫األكلينيكية لهذا العصاب بأنها ‪:‬‬

‫قابلية عامة لإلثارة ‪ :‬وتوقع القلق أو القلق من حالة القلق ‪ ،‬ونعنى به وجود‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫شحنه منه فى حالة طفو على السطح ‪ ،‬وعلى استعداد لمهاجمة األنا لدى الفرد ‪.‬‬

‫أع راض الت وتر العض لى ‪ :‬وتتض من (االرتج اف أو الرعشة – وت وتر‬ ‫‪ㄴ-‬‬
‫العضالت وآالمها – وعدم االستقرار – وسرعة اإلجهاد ) ‪.‬‬

‫أعراض زيادة نشاط الجهاز العصبى المستقل ‪ ( :‬سرعة ضربات القلب –‬ ‫‪ㄷ-‬‬
‫الش عور باالختن اق – جف اف الحلق – الدوخة – الغثي ان – اض طراب البلع –‬
‫انقط اع الطمث أو ع دم انتظامه ل دى الس يدات – اإلمس اك – اإلس هال ‪…… -‬‬
‫الخ ) ‪.‬‬

‫‪ ㄱ-‬األعراض النفسية ‪:‬‬

‫‪ ㄷ‬الشعور بالتوتر العام ‪.‬‬

‫‪ ㄹ‬المخاوف العامة غير المحددة ‪.‬‬

‫‪ ㅁ‬ضعف القدرة على التركيز ‪.‬‬

‫‪ ㅂ‬ضعف القدرة على العمل واإلنتاج ‪.‬‬

‫‪-14-‬‬
‫‪ ㅅ‬زيادة الحساسية فيصبح شعور المريض مرهقاً جداً ‪.‬‬

‫‪ ㅇ‬عدم االستقرار ‪.‬‬

‫‪ ㅈ‬األرق واضطراب النوم ( أحالم – كوابيس) ‪.‬‬

‫وقد يب دأ المرضى فى أى سن ولكنه يك ثر فى العق دين الث الث والرابع من‬


‫العمر وإ ن لم يعالج بسرعة فإنه يصبح مزمناً ‪ ،‬وقد يظل مدى الحياة ‪.‬‬

‫األسباب ‪ -:‬هناك عدد غير محدد من العوامل التى يمكن أن تؤدى إلى هذا‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫النوع من االضطراب ‪-:‬‬

‫الوراثة ‪ :‬ربما تلعب الوراثة دوراً فى ه ذا االض طراب وخاصة أنه لوحظ‬ ‫‪ㄴ-‬‬
‫أن والدى المريض يعانون من نفس القلق الذى تعانى منه الحالة – وبالرغم من‬
‫ض عف ه ذا المؤشر إال أنه لوحظ أن األف راد قد يرث وا بعض الس لوكيات من‬
‫آبائهم ‪.‬‬

‫اضطرابات وتفكك الحياة األس‪33‬رية ‪ :‬وما بص در من قلق ن زاع بين الوال دين‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫وحاالت الطالق تجعل األبناء مهيئين لإلصابة بالقلق النفسى ‪.‬‬

‫العوامل البيئية ‪ :‬نظ راً لحالة ع دم االس تقرار الع ام وتزايد مع دالت البطالة‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫مما يدفع الفرد إلى اإلحباط الذى بدوره إلى حالة من القلق العام ‪.‬‬

‫الص ‪33‬راع النفسى ‪ :‬س واء ك ان ه ذا الص راع على المس توى الش عورى أو‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫الالشعورى ( صراع بين دافعين يريد الشخص أن يحققها) ‪.‬‬

‫‪-15-‬‬
‫ك ذلك هن اك مجموعة من األس باب المرس بة وال تى يمكن أن يح دث بع دها‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫ظه ور الم رض (الفشل – فق دان عزي ز‪ -‬اض طراب العالقة س واء فى مج ال‬
‫العمل أو الحب – أو أى صدمة نفسية أخرى) ‪.‬‬

‫كذلك هناك أسباب عضوية (كالحمى – أو وقوع حادث أليم) ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫أنواع القلق ‪-:‬‬
‫القلق العام ‪ :‬دون وجود شئ محدد ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫المخ‪33‬اوف ‪ :‬وهنا يرتبط القلق بموض وع مح دد ك الخوف من الم رض ‪ ،‬أو‬ ‫‪ㄴ-‬‬


‫بعض أنواع من الحيوانات … الخ ‪.‬‬

‫القلق الكي ‪33‬انى ‪ :‬وهو ال ذى ال يتعلق بمش كلة التكيف وإ نما بطبيعة الوج ود‬ ‫‪ㄷ-‬‬
‫نفسه ( من أنا…) وهذا النوع من القلق يكون فى بداية الذهان ‪.‬‬

‫القلق الثانوى ‪ :‬وهو الذى يصاحب األمراض النفسية والعقلية األخرى ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫ملحوظة ‪ -:‬عند تشخيص أى اضطرابات نفسه البد من توافر عدد معين‬


‫من المحك ات كما هو وارد فى دليل تش خيص األم راض العقلية س واء ك ان‬
‫األم ريكى أو الفرنسى أو المص رى … ألنها كلها غالب اً متش ابهة إن لم يكن فى‬
‫كل المحكات … بل على األقل فى أغلبها ‪.‬‬

‫فمثالً إذا ك ان عص اب القلق أو االكتئ اب أو غيرها كما هو وارد فى‬


‫‪ DSM‬له (‪ )8‬محك ات … إذن البد من ب وافر خمس منها ح تى نس تطيع أن‬
‫نقول أن هذا الشخص مصاب بهذا االضطراب أو ذاك ‪.‬‬

‫‪-16-‬‬
‫عالج عصاب القلق ‪-:‬‬
‫أن أهم ما يتخذ تمهي داً للعالج هو تقصى ت اريخ حي اة الم ريض تفص يلياً‬
‫وفحصه فحص اً ش امالً ‪ ،‬ألن ذلك ي ؤدى بنا إلى التش خيص الس ليم ‪ ،‬ومن ثم‬
‫نستخدم بعدها شتى أنواع العالج ومنها ‪:‬‬

‫العالج النفسى ‪ -:‬ويق وم فيه المع الج أو األخص ائى النفسى بمعرفة أس باب‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫المرضى والعمل على حلها … ك ذلك تط وير شخص ية الم ريض ح تى يص بح‬
‫أك ثر تكيف اً … ويعد العالج النفسى أهم أن واع العالج ويش مل اإليح اء والحث‬
‫والتوضيح ‪ ،‬وقد نستخدم شتى فنيات العالج النفسى مثل ‪:‬‬

‫(العالج الس لوكى – أو التحليل النفسى – أو العالج االنفع الى لتوض يح‬
‫خطأ األفكار المؤدية إلى االضطراب ) ‪.‬‬

‫العالج االجتم ‪33 3‬اعى ‪ -:‬ويش مل تهيئة جو الم نزل والبيئة ال تى يعيش فيها‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫المريض ( المنزل – العمل) حتى يتم تأهيل المريض وال نسمح بعودة المرض‬
‫مرة أخرى ‪.‬‬
‫العالج الط‪33 3‬بى ‪ -:‬وذلك باس تخدام العق اقير المناس بة (المه دئات) أو‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫المطمئن ات ‪ ،‬ك ذلك عالج األع راض الجس مية المص احبة كفق دان الش هية ‪،‬‬
‫باإلض افة إلى بعض الفيتامين ات ‪ ،‬وي راعى أال يعتمد على العق اقير فقط وأن‬
‫تعطى بجرعات منتظمة حتى ال تصير إدمانا فيما بعد ‪.‬‬
‫‪-2‬عصاب الواسواس القهرى ‪Obsessive – Compulsive Disorder :‬‬
‫يطلق عليه أحيان اً العص اب الح واذى ‪ ،‬ويع بر ه ذا الم رض عن ح االت‬
‫س لوكية ش اذة تس تحوذ فيها على الف رد فك رة أو خ اطرة أو ص ورة أو اندفاعه‬

‫‪-17-‬‬
‫(وساوس أو هواجس غير مرغوبة) غالباً ما تكون سخيفة وتافهة ولكنها تفرض‬
‫نفس ها عليه وتظل تع اوده وت راوده ‪ ،‬أو يلح فيها عليه فعل غ ريب فيجد نفسه‬
‫مندفعاً تمام اً عن التخلص من تلك الفكرة التى توسوس بها نفسه أو طردها ‪ ،‬أو‬
‫عن اإلقالع عن ذلك الفعل المج بر على إتيانه وتكري ره رغم إدراكه لطبيعتها‬
‫الشاذة والتافهة ‪ ،‬كما يغشاه توتر شديد وقلق حاد وخوف كلما نزعت نفسه إلى‬
‫كبح جماحها أو مقاومتها أو حيل بينه واالنس ياق لها ‪ ،‬وال يش عر باالرتي اح إال‬
‫ب اجترار تلك الفك رة أو إتي ان ه ذا الفعل ‪ ،‬ثم ما يلبث أن يه دأ ح تى ت راوده تلك‬
‫الوساوس أو الطقوس الحركية من جديد فيحاول مقاومتها ومجاهدتها لكنه يفشل‬
‫‪ ،‬فينصاع ويستسلم لها مرة ثانية وثالثة ورابعة فيدمنها ما لم يتم عالجه ‪ .‬وهكذا‬
‫يصرف المصاب بهذا االضطراب وقته ويبدد جهده فى مقاومة أمور تب دو تافهة‬
‫ال طائل من ورائها ‪ ،‬مما ي ؤدى به إلى اإلنه اك الش ديد وس وء التوافق ‪ ،‬وربما‬
‫اضطراب بعض وظائفه العقلية‪.‬‬

‫وقد يالحظ أن لكل منا بعض األفك ار ال تى ت راوده بين الحين واآلخر ‪،‬‬
‫وطق وس حياته اليومية المعينة ‪ ،‬وع ادات فى المأكل والمش رب واالس تماع‬
‫والتذوق منذ يبدأ يومه حتى يخلد إلى النوم ‪ ،‬لكن لهذه العادات والطقوس وظيفة‬
‫بنائية فى تنظيم حياته ‪ ،‬إال إنما عن دما تك ون غريبة وش اذة وتافهة ومس يطرة‬
‫عليه إلى حد وتع وق توافقه الشخصى واالجتم اعى ‪ ،‬وتص بح مص دراً للخ وف‬
‫والقلق والشعور بالكآبة والتعاسة يكون لها داللة مرضية ‪.‬‬

‫(عبد المطلب القريطى ‪)1998‬‬

‫‪-18-‬‬
‫نظ ‪33‬رة تاريخية ‪ -:‬تع ددت آراء علم اء النفس ح ول التس مية ال تى تطلق‬
‫على ه ذا العص اب ‪ ،‬فلقد اس تخدم فرويد مص طلح " عص اب الشك "‬
‫‪ Zwangsneurose‬الذى أطلقه كرابلين على هذا المرض ‪ .‬وهذا المصطلح‬
‫فى اللغة األلمانية يعنى القهر واإللزام والجبر ‪.‬‬

‫وفى المصطلحات الفرويدية يستخدم مصطلح ‪ Zwang‬للداللة على قوة‬


‫داخلية ‪ ،‬ويك ون اس تخدام ه ذا المص طلح غالب اً فى إط ار العص اب الحص ارى ‪،‬‬
‫وعندئذ يعنى أن الشخص يستشعر نفسه مرغماً بهذه القوة الداخلية على أن يفعل‬
‫‪ ،‬وعلى أن يفكر على ه ذا النحو ‪ ،‬ويناصل ضد ه ذه الق وة (البالنش ‪)1973‬‬
‫ولقد اختلفت ترجمة ه ذا المص طلح فبينما دلت فى لن دن على الحص ار ف إن‬
‫الترجمة أص بحت تع نى القهر ‪ .‬ويطلق كث ير من الم ؤلفين على الم رض ردود‬
‫الفعل الحص ارية القهرية ‪ .‬وفى الفرنس ية أيضا ت رجمت أيضا كلمة ‪Zwang‬‬
‫قهر ( وهما ترجع ان إلى نفس األصل الالتي نى) كما‬ ‫إلى ‪Compulsion‬‬
‫ترجمت أيضا إلى حصار ‪ Obsession‬للداللة على أفكار ‪ ،‬يستشعر الشخص‬
‫نفسه ملزم اً ب التفكير فيها ‪ ،‬ويستش عر أنها تحاصر ‪ ،‬ب المعنى الح رفى للكلمة ‪،‬‬
‫ومن ثم ف إن المص طلح األلم انى ‪ Zwangsneurose‬تك ون ترجمته العص اب‬
‫الحصارى ‪.‬‬

‫ولقد قام فرويد بعزل العصاب الحصارى فى عامى ‪ 1895-1894‬عن‬


‫بقية األم راض " ك ان من المحتم على أن أب دأ عملى بتحديد وص فى لألم راض "‬
‫فإلى جانب الهستريا وجدت ما يبرر وضع عصاب الحصار كمرض قائم بذاته‬
‫ومس تقل ‪ ،‬وذلك على ال رغم من أن غالبية الم ؤلفين يض عون الحص ار بين‬
‫زمالت األعراض التى تشكل التدهور أو يخلطون بينها وبين النيوراستينيا ‪.‬‬

‫‪-19-‬‬
‫وبدأ فرويد بتحليل الميكاتيزم السيكولوجى للحصار ‪ ،‬ثم قام بعملية إعادة‬
‫تنظيم واض عاً فى م رض نفسى واحد أعراض اً منذ وقت طويل توصف بأنها "‬
‫مش اعر ‪ ،‬وأفك ار ومس الك قهرية ‪ ،‬الخ " واكنها تنتمى إلى أطر وص فية جد‬
‫ان ‪ ،‬و" وبنية انفعالية " عند دوبرية ‪" ،‬‬ ‫دهور عقلى عند ماجن‬ ‫مختلفة ( " ت‬
‫ونيوراستينياً " عند بيرد …‪ .‬الخ )‬

‫وبعد فرويد بوقت قصير ‪ ،‬وصف جانبه ‪ 1909‬تحت مصطلح سيكاثينيا‬


‫عص اباً قريب اً من ذلك ال ذى يش ير إليه فرويد تحت اسم‬ ‫‪Psychastenie‬‬
‫عص ار الحص ار ‪ ،‬ولكنه ركز وص فه ‪ ،‬ح ول تص ور مختلف لألس باب المول دة‬
‫للم رض ‪ ،‬فما هو أساسى بالنس بة إليه ‪ ،‬بل ويس بب الص راع الحص ارى نفسه ‪،‬‬
‫هو حالة من القص ور ‪ ،‬وض عف فى الق درة العقلية على ال تركيب وض عف فى‬
‫الحيوية النفس ية ‪،‬بينما يختلف األمر عند فرويد ‪ ،‬حيث الش كوك والكف وف ‪ ،‬هى‬
‫محصلة صراع ‪ ،‬يعبئ ويسد الطريق أمام طاقات الفرد ‪.‬‬

‫ولقد أدت تط ورات التحليل النفسى إلى الترك يز ‪ ،‬أك ثر ف أكثر باألهمية‬
‫على االنتظام البنيوى للحصار ‪ ،‬بأكثر منه على األعراض ‪.‬‬

‫والبد أن نشير هنا إلى أن مصطلح عصاب الحصار ليس بالمكافئ الدقيق‬
‫للمصطلح األلمانى الذى ذكرناه آنف اً ( على الرغم من أن فرويد قام بترجمة هذا‬
‫المصطلح األلمانى بعصاب الحصار) فمصطلح ‪ Zwang‬يدل على القهور ‪،‬‬
‫ليس فقط فى الفكر بل أيضا فى األفع ال والوج دانات ومع نى ذلك أن ه ذا‬
‫المصطلح الذى استخدمه فرويد للداللة على الحصار إنما يدل أيضا على القهر‬
‫والفوبيا ‪ .‬فهو ب ذلك أق رب إلى مفه وم البس يكاثينيا ال ذى وص فه جانيه " الداللة‬

‫‪-20-‬‬
‫على اض طرابات تح دث فى ثالثة مج االت رئيس ية وهى الوج دان ‪ ،‬والفكر ‪،‬‬
‫الفعل " ( سامى هنا ‪)1964‬ويتفق ذلك مع ما سبق ذكره من أن فرويد جمع فى‬
‫م رض واحد ‪ ،‬أعراضا ك انت توصف بأنها " مش اعر وأفك ار ومس الك قهرية "‬
‫أى الفوبيا والحصار والقهر على الترتيب ‪.‬‬

‫ولقد وضع فرويد أول وصف متكامل للعص اب الحص ارى القه رى فى‬
‫كت اب " مقدمة عامة للتحليل النفسى " ع ام ‪ ، 1917‬بقوله ‪ :‬ينش غل عقل‬
‫الم ريض بأفك ار غ ير س ارة ‪ ،‬ويش عر بان دفاعات تب دو غريبة بالنس بة إليه وأنه‬
‫م دفوع لي ؤدى أعم االً ال تس ره ‪ ،‬وليس لدية الق درة على االمتن اع عنها ‪ ،‬وقد ال‬
‫يك ون لألفك ار والوس اوس نع نى فى ذاتها ‪ ،‬لكنها مث ابرة ومس يطرة على عقل‬
‫المريض دائماً ‪.‬‬

‫فهو نقطة البدء فى تركيز فكرى مجهد ينهك المريض ‪ .‬وأن عليه – ضد‬
‫إرادته – أن يقلق ‪ ،‬ويتأمل كما لو ك ان األمر مس ألة حي اة أو م وت … وتتك ون‬
‫االندفاعات فى الغالب من بعض األشياء المخيفة ‪ ،‬حتى أن المريض‪ ،‬ال ينكرها‬
‫رب منها فى رعب ويحمى نفسه‬ ‫على أنها غريبة فحسب ‪ ،‬بل أنه أيضا يه‬
‫بالتحذير والحرص والتدقيق ضد إمكانية ظهورها ‪.‬‬

‫وه ذا الوصف ال ذى قدمه فرويد ‪ ،‬تت داخل فيه أع راض القهر وأع راض‬
‫الحص ار وأع راض الفوبيا ‪ .‬إذ أن تك رار األفك ار فى الحص ار ‪ ،‬ال يختلف عن‬
‫تك رار األفع ال فى القهر فكالهما يرتبط بالشك ‪ ،‬وتجنب الم ريض لالندفاعية‬
‫المخيفة فى الداخل فى حالة الحصار ‪ ،‬ال يختلف عن تجنبه للموضوع المخيف‬
‫فى الخارج فى حالة الفوبيا ‪.‬‬

‫‪-21-‬‬
‫ووجهة النظر ه ذه تجد ما يؤي دها فى التعريف ات ال تى وض عها كل من‬
‫ب يرون (‪ )1951‬وم ايرجروس (‪ )1960‬ومحمد عثم ان نج اتى (‪)1961‬‬
‫وايزنك (‪. )1965‬‬

‫فنجد " بيرون " يعرف الحصار ‪ :‬على أنه فكرة أو صورة تفرض نفسها‬
‫على الفرد فى اس تقالل عن اإلرادة ‪ ،‬نتيجة للتأثير التلق ائى لآللية النفس ية وع ادة‬
‫ما يتم تمييز أحصره فكرية ( شعور المريض ينشغل بفكره وال يستطيع طردها‬
‫) وأحصره اندفاعية ( يكون المريض مدفوعاً إلى إتيان فعل مناقض لشخصيته‬
‫) ‪ ،‬وأحص ره كافة ( خ وف من موض وعات معينة ‪ ،‬ومن أفع ال معينة )‬
‫والحصار يكون مصحوباً بوعى مكتمل ‪ ،‬ونلتقى به فى أعصبه مختلفة ‪ ،‬وعلى‬
‫وجه الخص وص فى البس يكاثينيا ال تى يش كل الحص ار واح داً من أعراض ها‬
‫الرئيسية ‪.‬‬

‫أما " م ايروجروس " فقد أوضح فى أع راض الحص ار والقهر والفونيا‬
‫تشكل معاً حلقة مفرغة يدور فيها المريض ‪ ،‬فمثالً تتكون لديه فكره حصارية ‪،‬‬
‫بعد أن يلمس ش يئاً ما ‪ ،‬فيظن أن يديه أص بحنا ق ذرتين ‪ ،‬فيب دأ فى غسل يديه ‪.‬‬
‫ولكن بعد غسل يديه م رة واح دة ‪ ،‬تلح عليه الفك رة م رة أخ رى ‪ ،‬وعليه أن‬
‫يغس لها بعدئذ م رات متك ررة ‪ ،‬وإ ال فإنه يش عر ب القلق ال ذى يرتبط ب الفكرة‬
‫الحصارية ‪ ،‬وبذلك يدخل المريض فى سلسلة من السلوك الالمعقول ‪ ،‬ويصل‬
‫إلى أن يغسل يديه مثالً ثالث م رات ‪ ،‬وفى كل م رة ثالث غس الت ‪ ،‬ثم يشك فى‬
‫أن المنشقة التى استخدمها نظيفة ‪ ،‬وهنا يبدأ خوف مرضى آخر (فوبيا) ‪.‬‬

‫‪-22-‬‬
‫ونحن نجد هنا أن " م ايرجروس " ي رى أن الفك رة الحص ارية هى ال تى‬
‫تدفع المريض إلى السلوك القهرى وأن الشك فى نظافة المنشفة هو "فوبيا قذارة"‬
‫تترجم عن نفسها فى فكرة حصارية ‪ ،‬تقوم بدورها فى دفع المريض إلى سلوك‬
‫قهرى ‪ ،‬وهكذا تتكرر هذه الحلقة سعياً وراء خفض القلق ‪.‬‬

‫أما " محمد عثمان نجاتى " فيستخدم مصطلح البسيكاثينيا مرادفا للعص اب‬
‫القهرى وهو يشمل الإلعال القهرية والوساوس والمخاوف المرضية ‪ ،‬ويعرف‬
‫العصاب القهرى أو البسيكاثينيا بأنه " مرض نفسى يتميز بتسلط الوساوس ‪ ،‬أو‬
‫المخاوف على ذهن المريض ‪ ،‬أو قيام المريض ببعض األفعال والحركات غير‬
‫اإلرادية ‪( .‬محمد عثمان نجاتى ‪ ، 1961‬ص ‪)208‬‬

‫وه ذا التعريف ينقصه أن الم ريض يع رف س خف ه ذه األفع ال ولكنه ال‬


‫يس تطيع تجنبها ‪ .‬ويمكننا الق ول أن مرضى العص اب القه رى يع انون غالب اً من‬
‫األفك ار الحص ارية ومن المخ اوف المرض ية ‪ ،‬أى أن الم ريض الم ريض يعيش‬
‫زملة األعراض الثالثة ‪.‬‬

‫وه ذا ما ي ذهب إليه "أيزن ك" حين يضع المخ اوف المرض ية بأش كالها‬
‫المختلفة واألع راض الحص ارية القهرية واالكتئ اب االس تجابى ( ويس ميه هك ذا‬
‫ليم يزه عن ذه ان اله وس االكتئ اب ) تحت اسم الدايس ثيميا ( أو عص اب من‬
‫الن وع األول )وي رى أيزنك أن الدايس ثيميا تش تمل على مجموعة من األم راض‬
‫تميل أعراض ها للظه ور مع اً فى نفس الش خص ون ادراً ما توجد منفص لة فى‬
‫الطبيعة ‪ ،‬كما هى موج ودة فى كتب الطب العقلى ‪ ،‬وغالب اً ما يص حب الطاقة‬
‫العصبية واالنفعالية ‪ ،‬بسبب قلق المريض ومخاوفة واكتئابه ‪ ،‬ويميز أيزنك بين‬

‫‪-23-‬‬
‫ه ؤالء المرضى ومرضى " العص اب من الن وع الث انى " ويع نى الهس تيرين‬
‫والس يكوباتيين وهو ال ذين يع انون فض الً عما س بق من اض طرابات فى الس لوك‬
‫( أيزنك ‪ ، 1965‬ص ‪ )99-98‬ولس نا اآلن بص دد مناقشة تقس يم إيزنك‬
‫لألعص بة واألذهنة ‪ ،‬غ ير أنه البد أن نش ير إلى أو وجهة نظر أيزنك وأن ب دت‬
‫ص ائبة فى جمع زملة األع راض القهرية (قهر وحص ار وفوبي ا) فإنها تقف‬
‫بمفردها فى ضم االكتئاب إلى هذه الفئة من األعصبة ‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر ‪ ،‬فإننا إزاء إجم اع ه ذه اآلراء إلى زملة األع راض‬
‫الثالثة ( القهر والحص ار والفوبي ا) تميل إلى الظه ور مع اً ‪ ،‬ينبغى أال يفوتنا أن‬
‫مرضى الفوبيا (المخاوف المرضية) ال يعانون فى العادة من أعراض العصاب‬
‫القهرى ‪ ،‬فالمريض الذى يخاف من الثعابين أو الفئران أو األماكن المرتفعة أو‬
‫الض يقة أو غ ير ذلك ‪ ،‬يعيش حي اة طبيعية ‪ ،‬طالما أنه لم يتع رض للموض وع‬
‫المخيف ‪.‬‬

‫" ومن هنا ف إن م ؤتمراً يضم جمعي تى الطب والطب العقلى األمريك تين‬
‫ع ام ‪ ، 1952‬ق رر فصل المخ اوف المرض ية عن فئة ردود األفع ال القهرية‬
‫الحصارية " ‪.‬‬

‫واتجه كثرة من العلماء إلى تعريف الحصارى القهرى فى استبعاد للفوبيا‬


‫‪ ،‬وفينخل (‪، )1969‬‬ ‫(المخ اوف المرض ية) ومن ه ؤالء أي دلبرج (‪)1968‬‬
‫وأيزنك (‪ ، )1972‬وولمان (‪ ، )1973‬وليونارد (‪. )1975‬‬

‫فلقد ع رف " وارين " العص اب الحص ارى بأنه عص اب نفسى يتم يز‬
‫بأفك ار حوازية وش كوك وطق وس قهرية من طبيعة معق دة ( وبحسب التحليل‬

‫‪-24-‬‬
‫النفسى تنتج األع راض وس مات الشخص ية من نك وص ال ش عورى إلى التنظيم‬
‫الباكر االستى السادى) ‪.‬‬

‫وقدم " هاريمان " تعريفاً لعصاب القهر على أنه " تبديد للطاقة النفسية فى‬
‫سلوك قهرى حصارى " ‪ ( .‬أفعال ال جدوى منها أو أفكار معقولة ) ‪.‬‬

‫وك ذلك ف إن "انجلش وانجلش" يطلق ان على الم رض اسم االس تجابة‬
‫الحصارية القهرية ‪ ،‬وبصفاته بأنه "سلوك عصابى ‪ ،‬يرتبط فيه القلق باالنشغال‬
‫بأفكار غير مرغوبة (حصار) وبدفعات عنيدة إلى تكرار أفعال معينة المرة تلو‬
‫المرة (قهر) ويضيفان أن األحصرة والقهور كان يجرى التميز بينهما فيما سبق‬
‫‪ ،‬ولكن من المس لم به اآلن ‪ ،‬أنهما يش كالن زملة واح دة ‪ ،‬أو ط راراً س لوكياً‬
‫واحداً ‪.‬‬

‫(انجلش وانجلش ‪ )1958‬وهما فى ذلك يتفق ان مع " ب راون ومننجر " فى‬
‫أنه " ال يمكن فصل العص اب القه رى تمام اً عن العص اب الحص ارى ‪ ،‬فعن دما‬
‫تتس لط الوس اوس يوجد الس لوك القه رى وفى العص اب القه رى توجد الش كوك‬
‫الوسواسية " ‪.‬‬

‫ويق دم " أي دلبرج " تعريف اً للعص اب الحص ارى القه رى م ؤداه أن " ه ذا‬
‫العص اب يتم يز بأفك ار وأفع ال متك ررة هى غريبة على األنا ‪ ،‬وتس تخدم ك دفاع‬
‫ضد ت أرجح تن اقض الوج دان ‪ ،‬ي ؤدى إلى عجز عن اتخ اذ الق رارات ‪ .‬وتظهر‬
‫عند الش خص ش كوك قهرية ‪ ،‬فى ص ورة ع رض أو فى ص ورة س مة لخلق‬
‫عص ابى ‪.‬والش خص فى ه ذه الحالة ال يفهم الداللة الحقيقية ألفك ار وأفعاله‬
‫الحصارية "‪.‬‬

‫‪-25-‬‬
‫أما "فينخل " فيعرف األفكار الحصارية بأنها " مشتقات حفزات مطرودة‬
‫– تنم عن كونها مش تقات بطابعها المص رف ‪ ،‬أى بع دم تناسب االنفع االت‬
‫المص احبة لها ‪ ،‬أو ب الجمود ال ذى يطبع التث بيت بها – وه ذه الحف زات أحيانا ما‬
‫تك ون قد احتفظت بطابعها كحف زات ‪ ،‬وأحيان اً ما تك ون قد فقدته ‪ ،‬فتتك ون من‬
‫مج رد أفك ار ش ديدة ‪ ،‬يتحتم التفك ير فيها ‪ ،‬واس تمرارها العنيد يمثل طاقة فك رة‬
‫أخ رى ‪ ،‬هى فك رة ح افزة ‪ ،‬ترتبط بها بالت داعى وس بق كبتها ‪ ،‬والقه ور هى‬
‫أحص ره ما ت زال تع اش فى ص ورة ان دفاعات ‪ ،‬والقه ور أيضا مش تقات ‪ ،‬ال‬
‫لحاجات غريزية كذلك شدتها تعبر عن شدة الحفزات المكبوتة … ويمكن القول‬
‫أن الفكرة الحصارية قد تكون تعبيراً عن رغبه " ‪.‬‬

‫ويميز " فينخل " بين كل األعصبة النفسية من ناحية وبين الحصار والقبر‬
‫من ناحية فيقول " فى جميع األعصبة النفسية يعدو تحكم األنا غير كاف نسبياً ‪،‬‬
‫ففى أع راض التب دين ‪ ،‬تتعطل األنا ‪ ،‬فتح دث أفع ال لم نقصد إليها األنا ‪ .‬أما فى‬
‫القه ور وال؛ص رة ‪ ،‬ف إن تحكم فى الحركة لم يتغ ير ‪ ،‬ولكن األنا ‪ ،‬ال تش عر أنها‬
‫ح رة فى اس تخدام ق وة التحكم ه ذه ‪ ،‬فعليها أن تس تخدمها انص ياعاً ألمر غ ريب‬
‫ص ادر عن عميل أك ثر ق وة ين اقض حكم األنا ‪ ،‬فاألنا مكرهة على أن تفعل أو‬
‫تحذف أشياءاً بعينها ‪ ،‬وإ ال فإنها تستشعر تهديدات بأخطار مروعة " ‪.‬‬

‫األعراض العقلية للوسواس القهرى ‪-:‬‬

‫يلخص شتيكل األعراض العقلية لتسلط األفكار على النحو التالى ‪-:‬‬

‫سيل ال يحد من ارتباطات األفكار … ال يقدر المريض معه على التحكم‬ ‫(‪)1‬‬
‫فى تسلسل أفكاره خصوصاُ عندما تصبح مرضية ‪.‬‬

‫‪-26-‬‬
‫رغبة المريض فى تحقيق التركيز الكامل على فكره معينة مع استبعاد ما‬ ‫(‪)2‬‬
‫عداها –من أفكار ‪.‬‬

‫إض فاء المعقولية على ص راعاته … فكل مش اكل الم ريض وص راعاته‬ ‫(‪)3‬‬
‫يعبر عنها بشكل عقلى ابريرى لكى تبدو منفصلة عن أسسها االنفعالية ‪.‬‬

‫االس تقطاب ‪ :‬وفى ه ذه الحالة يك ون ل دى الم ريض رأي ان مختلف ان‬ ‫(‪)4‬‬
‫ومتعارض ان لم يتبل ور أح دهما بحيث يغلب اآلخر ‪ .‬ويظهر اس تقطاب التفك ير‬
‫خصوصاً عندما يتعلق األمر بمسائل خلقيه ‪ ،‬ألن ذهن المريض تعتمل فيه ميول‬
‫خلقه وأخرى غير خلقيه – دون يستطيع ترجيح هذا الميل أو ذاك ‪.‬‬

‫األفك ار المض ادة ‪ :‬إذا ان دمج الم ريض فى التفك ير – تص احب عملية‬ ‫(‪)5‬‬
‫تفك يره أراء معاكسة تع وق مج راه مطالبه بص حة مض مون ه ذا التفك ير وملحة‬
‫فى إثب ات منطقية فى تركيبه وس ياق عباراته وكث يراً ما يك ون التغلب على ه ذه‬
‫األفكار المعاكسة مهمة كبرى ال يقوى على حملها المريض ‪.‬‬

‫االعتق اد فى الق وى الخارقة لألفك ار ‪ :‬إذ أن إليم ان الم ريض بالس حر‬ ‫(‪)6‬‬
‫والق وى الخارقة تلعب دوراً كب يراً فى عملية تفك يره ‪ ،‬وخاصة إذا اعتقد ب أن ما‬
‫يعانيه من مرض عبارة عن سحر أو مس من الجن ‪( .‬بتصرف – كمال دسوقى‬
‫‪. )1973‬‬
‫األعراض األكلينيكية ‪-:‬‬
‫ال يع رض الم ريض نفسه على الط بيب إال بعد م دة من المقاومة ‪،‬‬
‫واعتب اره أن ذلك ض عف ال يس تحق العالج ح تى تن ال منه األع راض ويب دأ فى‬
‫المعان اة الش ديدة وهنا يص بح فى ح يرة من أم ره ويس أل المس اعدة ‪ ،‬وقد وج دت‬

‫‪-27-‬‬
‫فى بحث عن الوس واس القه رى فى مصر أن معظم المرضى ي أتون بين سن‬
‫‪ 30-20‬بعد فترة من المرض تتراوح من شهور إلى ‪ 5‬سنوات ‪.‬‬

‫والمعت اد أن يك ون ذك اء المرضى هنا ف وق المتوسط ‪ ،‬وأن يكون وا ذوى‬


‫مستوى اجتماعى واقتصادى يفوق مرضى النفسية األخرى ‪.‬‬

‫وي أتى الم ريض ويش كو من القلق الش ديد ‪ ،‬أو االكتئ اب الن اتج عن‬
‫الوس واس القه رى ولكن أحيان اً ما يش كو مباش رة من الوس واس وقد ك انت نس بة‬
‫المرضى حسب ش كواهم فى مصر ك اآلتى مع العلم أن كث ير يع انون من م زيج‬
‫من القلق واالكتئاب والوسواس ‪.‬‬

‫‪. %71‬‬ ‫القلق‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫‪. %18‬‬ ‫االكتئاب‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫‪. %25‬‬ ‫الوساوس‬ ‫‪ㄷ-‬‬

‫ويميل التكوين الجسمى لهؤالء المرضى إلى ما يسمى بالتكوين الواهن‪،‬‬


‫أى النحافة والميل مع تضاريس حادة بالوجه وطول الرقبة واألطراف ‪.‬‬

‫ونستطيع تقسيم األعراض اإلكلينيكية إلى اآلتى ‪-:‬‬

‫أ‪ -‬أفكار وسواسية ‪:‬‬

‫فكرة أو صورة ‪Idea and Image.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫اندفاع ‪Impulse .‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫اجترار أفكار ‪Rumination .‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪-28-‬‬
‫خوف ‪Phobia .‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫ب‪ -‬أفعال قهرية ‪( :‬طقوس حركية)‬

‫ج‪ -‬أفكار وأفعال قهرية مختلفة وهى األكثر شيوعاً ‪.‬‬


‫‪ -1‬األفكار والصور ‪-:‬‬
‫وهنا تس يطر على الم ريض فك رة خاصة ‪ ،‬أو ص ورة لمنظر ما حميد أو‬
‫كريه أو جمل معينة تتردد على مخه أو نغمة موسيقية مستمرة فى تفكيره وأذكر‬
‫المريض الذى كلما خال لنفسه ‪ ،‬راودته فكرة وصورة الجثة بعد تعفنها وحاول‬
‫عبث اً المقاومة والتخلص من ه ذه الفك رة والص ورة بكل الط رق ح تى أنه امتنع‬
‫عن الجلوس بمفرده ولكن أخذت هذه الفكرة تطارده حتى أصبحت تراوده فى‬
‫كل األوقات حتى أثناء مشاهدته السينما أو التليفزيون أو قراءته للجرائد ‪ ،‬كذلك‬
‫ذلك المريض الذى بدأت تسيطر عليه فكره أن أحد الرجال سيغتصبه أثناء سيره‬
‫فى الش ارع ‪ ،‬وهو يعلم تمام اً اس تحالة ذلك خصوص اً عن دما يصف نفسه ويق ول‬
‫لى أنه ع ادة أقبح من فى الش ارع … ولن يج ول بخ اطر أحد من الم ارة ه ذا‬
‫الخ اطر ‪ ،‬ولكن الفك رة مس يطرة عليه ح تى أنه ب دأ ينع زل عن الن اس وال ي ذهب‬
‫للعمل ‪ ،‬وتلك الس يدة ال تى تش كو من تك رار وت ردد ه ذه النغمة الموس يقية ألحد‬
‫أدوار السيدة منيرة المهدية رغم كرها الشديد لهذا النوع من الموسيقى ‪ ،‬ولكن‬
‫هذه النغمة مستمرة حتى أنها تحلم بها … وهكذا ‪.‬‬
‫‪ -2‬االندفاعات ‪-:‬‬
‫ويش عر الم ريض هنا بحث مس يطر ‪ ،‬أو رغبة جامحة ‪ ،‬أو ان دفاع ألن‬
‫يق وم بأعم ال ال يرضى عنها ‪ ،‬ويح اول مقاومتها لكن تس يطر عليه ه ذه الرغبة‬

‫‪-29-‬‬
‫بإلح اح وبق وة وع ادة ما تك ون ه ذه االن دفاعات فى هيئة عدوانية أو انتحارية ‪،‬‬
‫فيش عر الم ريض بالرغبة فى رفس الم ارة بالش ارع ‪ ،‬أو دفع أخوته من الش رفة‪،‬‬
‫أو إلق اء نفسه من األدوار العليا أو القط ار أو األت وبيس ‪ ،‬وأحيانا ان دفاعات‬
‫مض حكة ‪ ،‬كالغن اء فى المس جد أو الكنس ية أو الض حك فى الجن ازة ‪ ،‬أو ض رب‬
‫من أمامه على قف اه ‪ ،‬أو الرغبة الجامحة فى عد وض رب األع داد األحادية أو‬
‫الثنائية إلى ما ال نهاية ‪ ،‬وقد تعرض أحد مرضاى لسلسلة من العذاب والسخرية‬
‫ج راء الحث المس يطرة أن يعد ش عر ذقنه بعد الحالقة ‪ ،‬وهو يع رف تفاهة ه ذه‬
‫الرغبة لدرجة أنه توقف عن الحالقة ‪ ،‬ولكنه ب دأ ينظر فى الم رآة ويعد ش عر‬
‫ذقنه الطويل وهو يبكى بكاءاً مرا ساعات طويلة وكلما أخطأ بدأ العد من البداية‬
‫‪ ،‬وأص بح ال يس تطيع ال ذهاب إلى كليته ‪ ،‬ح بيس الم نزل والم رآة وذقنه ‪ ،‬وال‬
‫يمكن إقناعه بحلقها ‪ ،‬ح تى أن نى اس تعنت بالتخ دير ح تى ال يش عر به ذه الرغبة‬
‫الملحة وتمت عملية الحالقة ونقله للمستش فى للعالج ‪ ،‬وأحيان اً يأخذ االن دفاع‬
‫طابع اً مختلف اً ‪ ،‬مثل عدم النطق ببعض الحروف ‪ ،‬أو االمتناع عن كتابة بعض‬
‫الكلم ات المكونة من ك ذا ح رف ‪ ،‬وقد رفض أحد المرضى العالج عند أحد‬
‫األطباء ألن لقبه مكون من خمس حروف ‪.‬‬

‫وك ذلك تلك الس يدة ال تى ك انت تلح عليها الرغبة فى ذبح أبنتها الوحي دة‬
‫وأص بحت تع انى من ج راء ه ذا االن دفاع ألنها ال تص دق أنه ممكن التفك ير به ذه‬
‫الص ورة وك انت تص رخ أن نى مجنونة اذبح ونى قبل أن أذبحها ‪ ،‬اس جنونى ‪..‬‬
‫وأصبحت ال تدخل المطبخ وتخاف من رؤية السكين حتى تم عالجها ‪ ،‬ونالحظ‬
‫هنا أن الخ وف دائم اً ما يص احب ه ذه االن دفاعات ‪ ،‬فالس يدة تخ اف من المطبخ‬
‫والسكين وكذلك هذا الشاب يخاف من األدوار العليا الندفاع إلقاء نفسه ‪ ،‬وذلك‬

‫‪-30-‬‬
‫يخ اف من الج امع ح تى ال يغ نى أو يض حك ‪ ،‬وهك ذا ‪ .‬وأذكر ذلك الح اج ال ذى‬
‫ج اء باكيا فى ه دوء يرج ونى تحويله لمستش فى األم راض العقلية ‪ ،‬فرجوته أن‬
‫يعطي نى التفاص يل عن ش كواه ‪ ،‬ف رفض بش دة ‪ ،‬ف أخبرنى أنه يس تحق أ ي دخل‬
‫المستش فى أو الس جن ‪ ،‬وأن ما بداخله ال يس تطيع أن يب وح به ألى إنس ان ‪،‬‬
‫واس تمر فى البك اء ح تى أنه ار تمام اً ‪ ،‬وب دأ يع ترف بأنه يعتربه ان دفاع خ بيث‬
‫باغتصاب لبنته البالغة من العمر خمس سنوات وكذلك صديقاتها الالتى فى نفس‬
‫السن ‪ ،‬وأص بح يبكى رآها وال يعلم وهو الرجل التقى الح اج ال ورع ‪ ،‬ال ذى لم‬
‫يفعل س وءاً فى حياته كيف تنتابه ه ذه الرغب ات وال تى ال يمكن أن يق وم بها ‪،‬‬
‫وب الطبع أفهمته أن ذلك ب الرغم منه ‪ ،‬وأنه حاله ان دفاعات الوس واس القه رى ‪،‬‬
‫وك ذلك ينت اب الم ريض أحيان اً ان دفعات السب واإلهانة للقيم الدينية واألنبي اء أى‬
‫العيب فى الذات اإللهية ‪ ،‬وصور مشينه ومحرجة وجنسية هلل ولألنبياء ‪.‬‬

‫وهذا الشاب الذى ينقب ويبحث فى كل األوراق الملقاة فى الشارع أو س لة‬


‫المهمالت ح تى ال يك ون اسم اهلل فى ه ذه األوراق ‪ ،‬وبالت الى ي دنس اسم اهلل ‪،‬‬
‫وعبث اً يح ول إقن اع نفسه أنه ال يس تطيع أن يبحث فى كل أوراق الع الم ولكن‬
‫االن دفاع ملح وش ديد ‪ ،‬وال يس تطيع ردعه رغم المقاومة الش ديدة ‪ ،‬تمام اً مثل‬
‫الشاب الذى كانت تلح عليه الرغبة فى قضم أظ افره ألنها مملوءة بالميكروب ات‬
‫ومن ثم أص بح ي نزف من أص ابعه دما أنه قضم الظفر بأكمله وأص بح معرض اً‬
‫لآلالم الشديدة من جراء تعرية أصابعه من األظافر ‪ .‬وذلك الذى يخلع بنطلونه‬
‫ح تى يبحث عن أى رم اد للس جائر ب الرغم من ع دم تدخينه ‪ ،‬وقد س بب له ذلك‬
‫إحراج اً ش ديداً أنه أحيان اً ال يجد المك ان المناسب لخلع مالبسه ‪ ،‬ومن ثم أص بح‬

‫‪-31-‬‬
‫ح بيس منزله ‪ .‬واألمثلة كث يرة ال تحصى ‪ ،‬وكل م ريض يحت اج كت اب خ اص‬
‫لوصف أعراضه وآالمه ‪ (.‬أحمد عكاشة ‪)1992‬‬
‫‪-3‬اجترار األفكار‪-:‬‬
‫وهنا تنت اب الم ريض أفك اراً وأس ئلة وتكهن ات ‪ ،‬وال يمكن اإلجابة عنها‬
‫ويح اول التخلص من ه ذه األس ئلة دوى ج دوى كالس ؤال التقلي دى ‪ ،‬خلقنا اهلل ‪،‬‬
‫إذن من خلق اهلل ؟ وطالما س ألنا أنفس نا ه ذا الس ؤال ثم طردن اه من ذهننا ‪،‬‬
‫واس تمر كما هو اإليم ان أو اإللح اد ‪ ،‬ولكن ه ذا الم ريض ال يس تطيع ردع ه ذا‬
‫الس ؤال أو يتس اءل لم اذا نعيش ‪ ،‬ولم اذا نم وت …؟ وال يحتل تفك يره س وى ه ذا‬
‫السؤال ويصبح فريسة اإلجابة عليه ‪ ،‬وال يستطيع القيام بأى نشاط ذهنى آخر ‪.‬‬
‫أو لم اذا ال تحل مش كلة الفقر فى الع الم ؟ أو هل الت اريخ ص حيح أم كله أك اذيب‬
‫وقصص تختلق على م دى العص ور ؟ أو هل أنا أعيش أم أنا فى حلم دائم ؟‬
‫وأحيانا ما تأخذ ه ذه األفك ار ص ورة أس ئلة ال نهائية غ ير ممكن اإلجابة عنها ‪،‬‬
‫وأذكر تلك الس يدة البالغة من العمر خمس ين عام اً وال تى ب دأت تفكر فى احتم ال‬
‫رض اعتها وزوجها من مرض عة واح دة ومن ثم يك ون ال زواج ب اطال‪ ،‬وعبث اً‬
‫يحاول الزوج إقناعها أن تطرد هذه الفكرة التى هى مقتنعة بعدم صحتها ولكن‬
‫دون جدوى ‪ ( .‬أحمد عكاشة ‪)1998 ، 1992 ،‬‬
‫‪ -4‬المخاوف القهرية ‪-:‬‬
‫ترتبط المخاوف القهرية دائما باألفكار أو الصور واالندفاعات والطقوس‬
‫الحركية كما س بق أن ش رحنا ‪ ،‬فتك ون المخ اوف وس يلة لله روب من الموقف‬
‫القه رى ال ذى تس ببه األع راض األخ رى ‪ ،‬ف الخوف من الجوامع أو الكن ائس أو‬
‫الجن ازات أو المط ابخ هو ث انوى الن دفاعات خاصة بتلك األم اكن ‪ ،‬وك ذلك‬

‫‪-32-‬‬
‫الص ورة القهرية للجثة المتعفنة جعلت الش خص يخ اف من الجل وس بمف رده‬
‫وهك ذا ‪ ،‬ولكن ب الطبع توجد المخ اوف القهرية األولية وخصوصا بعض مما‬
‫ذكرن اه مع القلق النفسى أو اس تجابة الخ وف من األم اكن المغلقة أو المتس عة‬
‫والمرتفعة والمظلمة ‪ ،‬والخوف من الدم ‪ ،‬واألمراض والميكروبات والتلوث ‪،‬‬
‫ع ادة ما نجد فى حي اة الف رد الخاصة عالقة رمزية بنوعية الخ وف فه ذه الفت اة‬
‫ال تى ص دمت فى خطوبتها ب دأت تخ اف من الجل وس على مرح اض ح تى ال‬
‫تتع رض للتل وث بالم اء وال ذى يحتمل أن يك ون محمال بالحيوان ات المنوية من‬
‫الج يران ومن ثم تص بح ح امالً ‪ ،‬وب الرغم من ثقافة ه ذه الفت اة وعرفتها أن ه ذا‬
‫االحتم ال لن يح دث إطالق اً ‪ ،‬إال أن ه ذا س يطر عليها ح تى ب دأت تس تعمل‬
‫مرحاضا خ اص بها ‪ ،‬ثم ب دأ الخ وف يتعمم ب أال تلمس رجال ح تى ال تل وث‬
‫بالحيوان ات المنوية ‪ .‬وقد لمس ش قيقها ش عر رأس ها ‪ ،‬فأص بحت ال تس تطيع‬
‫االستحمام الحتمال وجود الحيوانات المنوية فى شعرها وبالتالى سقوطها على‬
‫جس مها إن بلت ش عرها ‪ ،‬وب دأت ال تص افح أحد وال تجلس مع رجل وال تأكل‬
‫ألن الخ بز والطع ان قد ت دخل الرج ال فى إع دادهما ‪ ،‬ح تى انع زلت تمام اً‬
‫وأصيبت بهزال شديد حتى تم نقلها للمستشفى للعالج ‪ ،‬وهذه السيدة التى تخاف‬
‫من الميكروب ات ومن هنا ب دأت فى وضع أوالدها ط وال النه ار فى الحم ام‬
‫لالستحمام سواء صيفا أو ش تاءاً مما أثر على صحتهم ثم ب دأت فى غسل كل ما‬
‫يقع يدها عليه من تليفون ‪ ،‬وراديو وتليفزيون وكان زوجها يصرخ أمامى بأنها‬
‫خ ربت بيته وال يفهم مع نى مرض ها ‪ ،‬ألنها قد حطمت األث اث من ج راء غس يله‬
‫ع دة م رات ‪ ،‬وعبثا يح اول إقناعها فتخ بره أنها مقتنعة تمام اً ولكن الخ وف‬
‫المسيطر عليها من الميكروبات والتلوث حول حياتها جحيما‪.‬‬

‫‪-33-‬‬
‫‪ -5‬الطقوس الحركية ‪-:‬‬
‫وهى من أك ثر األع راض القهرية ش يوعاً ‪ ،‬وتأخذ هيئة الرغبة الجامحة‬
‫المس يطرة للقيتم بحرك ات معق دة معينة للتخلص من إلح اح الخاصة ب ذلك ومن‬
‫أشهر األمثلة ‪:‬‬

‫غسيل األيدى مئات المرات أو غسيل الجسم بعد عمليات التبول أو التبرز‬
‫أو أثن اء ف ترة الطمث ويوجد بعض مرض اى ممن يمكث ون فى إلم ام ثالث إلى‬
‫خمس س اعات متواص لة إلنه اء عملية االغتس ال وب الطبع تنتهى ه ذه العملية‬
‫بإنهاك شديد وضياع وقت النهار والشلل االجتماعى عن القيام بأى نشاط آخر ‪،‬‬
‫فتب دأ المريضة فى غسل ي دها ثم غسل الح وض ‪ ،‬ثم تشك ثانيا فى نظافة ي دها‬
‫فتب دأ م رة ثانية وأحيان اً تق وم بعد غسل ي ديها مئ ات الم رات وإ ذا أخط أت تع اود‬
‫الكرة ثانياً ‪ ،‬وإ ن جاءت نقطة ماء على مالبسها تخلع المالبس وتغسلها وتحت اج‬
‫لالس تحمام لغسل الحم ام أو الب انيو ‪ ،‬ثم تب دأ ثانية فى غسل ي ديها وهك ذا ‪ ،‬وتلك‬
‫المريضة ال تى ال تس تطيع أن تص افح أح داً وتمسك كل ش ىء بورقة ح تى ال‬
‫تتلوث ‪ ،‬وال تصيبيها أية عدوى ‪ .‬وذلك الذى ال يستطيع القيام من سريره حتى‬
‫يجىء وال داه وال ده من اليمين ووالدته من الش مال ويب دأن فى ق راءة بعض س ور‬
‫الق رآن وإ ن أخطأ فى الق راءة فيجب عليها أن تعي دا الق راءة م رة أخ رى ويب دأ‬
‫يومه بسلسلة من الطقوس والحركات التى يجب أن تنفذ بحذافيرها وإ ال فعليه أن‬
‫يبدأ ثانيا ‪.‬‬

‫وك ان ه ذا الط الب غ ير ق ادرا على ال ذهاب إلى كليته أنه عن دما يس تعد‬
‫لل نزول يك ون موعد المحاض رات قد انتهى ‪ .‬وتلك الس يدة ال تى يجب أن تفتش‬
‫جس مها ص بحاً ومس اءاً عن ظه ور أى أورام خبيثة وأص بحت ه ذه الحرك ات‬

‫‪-34-‬‬
‫تسيطر عليها وال تستطيع البدء فى الخروج أو القيام بأى نشاط قبل البحث عن‬
‫ه ذه األورام ‪ .‬بل أن نى أذكر الس يدة ال تى ك انت تن ام فى الب انيو لتنظيف نفس ها‬
‫أثناء الطمث وترفض الخروج من المياه حتى تنتهى فترة الطمث مما أدى إلى‬
‫أص ابتها بااللته اب الرئ وى ع دة م رات ‪ ،‬وأص بحت ه ذه الطق وس الحركية‬
‫القهرية ته دد حالتها الجس مية مما اض طرنا أن نوقف الطمث ص ناعيا‪ .‬وك ذلك‬
‫المريض الذى ال يستطيع السير إال باحثاً عن الحشرات حتى ال يقتلها ‪ ،‬أو الذى‬
‫يلمس أعمدة النور أو يتسلق الساللم بطريقة خاصة ‪ .‬وهكذا …‪.‬‬
‫عالج الوسواس القهرى ‪-:‬‬
‫البد من اس تخدام ش تى أن واع العالج ( النفسى – الط بى – االجتم اعى )‬
‫كذلك عمل برنامج عالجى يتضمن كل هذه األنواع من العالجات ‪.‬‬

‫العالج النفسى ‪ -:‬من الممكن اس تخدام العالج النفسى لعالج الوس اوس‬ ‫‪ㄱ‬‬
‫القهرية وذلك بتكليف الم ريض بممارسة فنية إيق اف التفك ير لكى يتحكم فى‬
‫أفكاره المقحمة ‪.‬‬

‫كذلك يدرب على االسترخاء لمواجهة القلق الشديد ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫استخدام الفيدباك ‪ Deed back‬لزيادة مستوى مهارة العميل ‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫تخفيض مس توى ش دة الص راعات ومس اعدته على اكتس اب الق درة على‬ ‫‪ㄷ-‬‬
‫التحدث مع نفسه كوسيلة تساعد على تخفيف أفكاره الوسواسية ‪.‬‬

‫على المع الج النفسى أن يعمل على إع ادة ص ياغة أفك ار أو أفع ال الم ريض‬ ‫‪ㄱ-‬‬
‫الوسواسية ويقنعه لها …‪ .‬مع متابعة ذلك من خالل الجلسات ‪.‬‬

‫‪-35-‬‬
‫العالج الطبى ‪ -:‬وهو مهم فى هذا النوع من االضطرابات بجانب العالج‬ ‫‪ㄱ‬‬
‫النفسى … ويعطى الم رض مجموعة من العق اقير ال تى تح اول كبح جم اح‬
‫األفكار أو األفعال التسلطية ومقاومتها ‪ .‬مثال ذلك ‪( :‬األنافرانيل ‪ ،‬البروزاك)‬
‫‪ -3‬عصاب الهستيريا ‪Hysteria -:‬‬
‫مقدمة ‪ -:‬الهس تيريا م رض نفسى تظهر فيه األع راض والعالم ات …‬
‫وك أن الم ريض يقص دها ليحقق بها ه دفاً ما ‪ ،‬ولكنه ال ي درك كيف تظهر ه ذه‬
‫األع راض فى تلك الص ورة إذ أن ذلك يح دث دون وعى منه ودون أن ي درى‬
‫كيف حدث ذلك ؟ ولماذا ؟ والغرض األساسى من ظهور أعراض الهستيريا هو‬
‫اله رب من القلق الش ديد غ ير المحتمل … وه ذا يجعلنا نق ول ب أن الهس تيريا لها‬
‫عالقة وثيقة بالقلق إذ أنه عادة ما تحل محلة فيصبح المريض غير قلق والعكس‬
‫صحيح – فقد يظهر القلق متى اختفت أعراض الهستيريا ‪.‬‬
‫تاريخ المرض ‪-:‬‬
‫اش تق المص طلح من لفظة يونانية ‪ Hystera‬وتع نى ال رحم‪ ،‬حيث ك ان‬
‫ق دماء اليون ان يطلق ون عليه م رض ال رحم ظنا منها أنه يص يب النس اء دون‬
‫الرج ال نظ راً النقباض ات ال رحم وتحركاته داخل جسم األن ثى كما س اد االعتق اد‬
‫نفسه ل دى المص ريين الق دماء ‪ .‬وقد أطلق على م رض الهس تيريا فى العص ور‬
‫الوسطى مرض الشيطان العتقادهم أن أرواحا شريرة تتملك المصابين به ‪ .‬ثم‬
‫أخ ذت ه ذه األفك ار تتع دل وتتغ ير بتج دد معرفتنا عن طبيعة ه ذا االض طراب‬
‫حيث أعلن " ش ارل لب وا" فى مطلع الق رن الس ابع عشر أنه يص يب ال ذكور‬
‫واإلن اث وأن مص دره المخ وليس ال رحم ‪ ،‬ح تى ج اء " ش اركو " خالل الق رن‬
‫التاسع عشر ليفسر الهستيريا على أساس أنها استجابة لعوامل نفسية لدى بعض‬

‫‪-36-‬‬
‫األف راد المهي ئين لها ‪ ،‬وأف اض من بع ده تلمي ذة "جانيه " فى تن اول ه ذه العوامل‬
‫النفسية ‪ ،‬ثم تبعه " فرويد وبروير" وركزا على عالج الهستيريا باستخدام طرق‬
‫التنويم والتداعى الحر فضال عن تفسيرها فى إطار المقوالت الفرويدية ‪( .‬أحمد‬
‫عكاشة ‪)164– 161 : 1992 ،‬‬

‫وينظر إلى الهستيريا على أنها تعبير عن استجابة الفرد بشكل ال ش عورى‬
‫ه روبى من الش دائد والض غوط واإلجه ادات والص راعات ال تى يعانيها ‪ ،‬بحيث‬
‫تتح ول ه ذه الض غوط والص راعات إلى خلل فى أعص اب الحس أو الحركة أو‬
‫األحش اء ال يك ون له أس اس من تلف عض وى أو فس يولوجى ‪ ،‬وقد تأخذ ش كالً‬
‫تفككيا كفق دان ال ذاكرة … وهى تش يع ل دى األطف ال والم راهقين لع دم نض وج‬
‫الجهاز العصبى وكذلك فى مرحلة الشيخوخة التى يأخذ الجهاز العصبى خاللها‬
‫فى الض مور ‪ ،‬كما تح دث ل دى أف راد الجنس ين وأن ك انت نس بة ش يوعها ل دى‬
‫اإلناث أعلى من مثيلتها لدى الذكور ‪.‬‬

‫وتع بر أع راض الهس تيريا عموما عن س وء التوافق الشخصى‬


‫واالجتماعى للفرد ‪ ،‬وفشله فى مواجهة المواقف والمشكالت التى تعترضه وما‬
‫يترتب عليها من توتر وقلق ‪ .‬لذا ينزع المريض إلى حيل ال ش عورية هروبية –‬
‫ك ون أن ي درك دوافعة إلى ذلك – تعفيه من تحمل مس ئولياته ومواجهة مش كالته‬
‫فيب دو غالبا كما لو ك ان ع اجزا يس تدر عطف الن اس ويس ألهم رعايته ‪ .‬وينظر‬
‫إلى الس لوك الهس تيرى على أنه ه روب من القلق الش ديد الن اجم عن المواقف‬
‫والص راعات النفس ية القاس ية المؤلفة ال تى ال تحمل الف رد مواجهتها ‪ .‬وتص ورا‬

‫‪-37-‬‬
‫أع راض ه ذا الس لوك على أنها ب دائل للقلق ف إن ظه رت يص بح الف رد غ ير قلق اً‬
‫والعكس صحيح ‪.‬‬
‫أنواع الهستيريا وأعراضها ‪ -:‬تصنف الهستيريا إلى نوعين هما ‪:‬‬

‫‪ -1‬الهستيريا التحولية ‪Conversion -:‬‬

‫وتتح ول فيها الض غوط النفس ية والمكبوت ات والقلق وما ي ترتب على ذلك‬
‫كله من اض طراب انفع الى بش كل ال ش عورى إلى أع راض جس مية غريبة تتخذ‬
‫من أحد أعضاء الحس أو الحرمة أو األحشاء مركزا لها ‪ ،‬ودون أن يكون لذلك‬
‫س بب عض وى أو فس يولوجى ‪ ،‬ويعد ه ذا التحويل وما ي ترتب عليه من خلل أو‬
‫أعراض بمثابة حل رمزى لصراعات المريض ‪.‬‬

‫ومن بين أعراض الهستيريا التحولية ما يلى ‪:‬‬

‫أع‪33‬راض حركية ‪ Paralysis -:‬فى أحد األط راف أو الش لل النص فى‬ ‫(‪)i‬‬
‫‪ ،‬الرعشة‬ ‫أو الكامل ‪ ،‬فق دان الص وت أو الخ رس الهس تيرى ‪Aphonia‬‬
‫وارتج اف األط راف غ ير المنتظم ‪ ،‬اللزم ات أو النفض ات الحركية ‪ Tics‬ال تى‬
‫تبدو من خالل تقلصات عضالت الوجه أو حركات اليدين أو األكتاف أو الرقبة‬
‫أو ارتع اش جف ون العي نين أو مداومة ض بط المالبس كرابطة العنق مثالً ‪،‬‬
‫النوب ات الهس تيرية ال تى ت تراوح ش دتها بين إغم اءات بس يطة وهيج ان عص بى‬
‫تيرية ‪،‬‬ ‫غط نفسى أو أزمة انفعالية ‪ ،‬والغيبوبة الهس‬ ‫ديد يعقب ض‬ ‫ش‬
‫واالض طرابات الجلدية ‪ ،‬والج وال الهس تيرى ‪ Gaits‬أو الس ير كما لو ك ان‬
‫المريض تحت تأثير مسكرات أو مخدرات ‪.‬‬

‫‪-38-‬‬
‫أع‪33‬راض حاس‪33‬ية ‪ -:‬ك العمى الهس تيرى والصم الهس تيرى وفق دان الشم‬ ‫(‪)ii‬‬
‫والت ذوق الهس تيرى واأللم الحاسى الهس تيرى وفق دان الحساس ية الجلدية فى‬
‫منطقة جسمية أو أكثر ‪ ،‬والخدار الهستيرى أو انعدام الحساسية العامة ‪.‬‬

‫أع‪33‬راض حش‪33‬وية ‪ -:‬كفق دان الش هية ‪ ،‬والص داع ‪ ،‬والش عور بالغثي ان ‪،‬‬ ‫(‪)iii‬‬
‫والقئ الهستيرى ‪ ،‬الحمل الكاذب ‪.‬‬

‫أع‪33‬راض أخ‪33‬رى ‪ -:‬كاض طراب ال وعى ‪ ،‬والطفلية الهس تيرية ومنها أن‬ ‫(‪)iv‬‬
‫يتحدث المريض كاألطفال مثال ‪ ،‬والسعال الهستيرى ‪ ،‬والبرود الجنسى‪.‬‬

‫ويذكر " دانييل الجاش " أن الصراع فى الهستيريا التحولية يأخذ صورة‬
‫أعراض جسمية تكون بمثابة تحقيق بديل عن رغبات ال شعورية …‪ .‬وأن كل‬
‫ع رض منها إنما يحمل مع نى يمكن تفس يره ‪ ،‬ف العمى الهس تيرى قد يغ نى " ال‬
‫أريد أن أرى " كما أن اس تحالة المشى أو ص عوبته معن اه " أريد أن أذهب إلى‬
‫أم اكن محرمة … ولكن ال أفعل ه ذا فلن أذهب إلى أى مك ان " ‪( .‬الج اش‬
‫‪. )146 : 1979‬‬

‫وهكذا فإن لكل عرض معناه فى إطار حالة المريض والظروف التى نشأ‬
‫فيها أو يواجهها ‪ ،‬فالغيبوبة الهستيرية لدى ط الب يعانى من ضغوط وتشديدات‬
‫والديه على ض رورة الحص ول على مجم وع مرتفع قد تع نى اله روب من قلق‬
‫االمتح ان والتش ديد الزائد من قبل الوال دين على التف وق ‪ .‬والقئ الهس تيرى ل دى‬
‫فت اه جامعية مثال قد يك ون حال رمزيا لص راعها الش ديد بين رغبتها فى ال زواج‬
‫والحمل ‪ ،‬ورفض ها لفك رة ال زواج عن دما تكرهها األس رة عن وه على االرتب اط‬
‫بش اب ال تميل إليه أو لتخوفها من الحي اة الزوجية أو النش غالها بالدراسة ‪ ،‬كما‬

‫‪-39-‬‬
‫أن الش لل الهس تيرى ال ذى ربما يح دث فى اليد اليم نى لمراهق أو ش اب مثال قد‬
‫يك ون تعب يرا عن ص راعه الش ديد بين إلح اح ال دافع الغري زى الجنسى ومن ثم‬
‫رية من ناحية ‪ ،‬والموانع الدينية واألخالقية‬ ‫ادة الس‬ ‫نزوعه إلى ممارسة الع‬
‫وت أنيب الض مير الن اجم عنها من ناحية أخ رى ‪ .‬والمثل أيضا ف إن الص مم أو‬
‫العمى الهستيرى قد يكون تعبيرا رمزيا عن سخطنا ونفورنا واحتجاجنا على ما‬
‫نس معه أو ن راه من مش اهد مؤذية لمش اعرنا أو خادشة لكرامتنا ومفهومنا عن‬
‫ذواتنا … وهكذا ‪.‬‬

‫وتت داخل أع راض الهس تيريا التحولية مع أع راض بعض األم راض‬
‫العض وية والنفس ية والعقلية األخ رى كالش لل العض وى ‪ ،‬الص راع ‪ ،‬والص مم‬
‫العضوى ‪ ،‬والفصام ‪ ،‬واالكتئاب … لذا يذكر ( عمر شاهين – يحيى الرخاوى‬
‫‪) 143 : 1977‬‬

‫بيهاتها الناتجة عن‬ ‫تيرية يمكن تمييزها عن ش‬ ‫اهر الهس‬ ‫أن المظ‬
‫اضطرابات جسمية عضوية بما يلى ‪:‬‬

‫عندما تتفق مع الوصف العلمى الدقيق األصلى للمرض العضوى المشابه‬ ‫(‪)i‬‬
‫‪.‬‬

‫أن ش دتها تتب اين أى تختلف ق وة وض عفا فى ف ترة قص يرة ‪ ،‬فاإلحس اس قد‬ ‫(‪)ii‬‬
‫يكون شديداً فى لحظة ما وبعده بدقائق يصبح طفيف اً ‪ ،‬كما أنه فى حالة هستيرية‬
‫كفق دان الص وت واإلحج ام ال ش عوريا عن الكالم ‪ ،‬قد يس تجيب الم ريض عن دما‬
‫يطلب إليه أن يكح أو يسعل ‪.‬‬

‫‪-40-‬‬
‫أن ه ذه األع راض يمكن تغييرها ل دى الم ريض باإليح اء أثن اء عملية‬ ‫(‪)iii‬‬
‫الفحص إذ يمكن زي ادة المس احة الجلدية لفقد اإلحس اس مثالً أو نقلها قليل عن‬
‫موضعها األول ‪.‬‬

‫أن شخص ية الم ريض ودراسة حالته وظ روف حياته وبيئته تفسر كث يرا‬ ‫(‪)iv‬‬
‫من هذه األعراض وتعيننا على التحقق من مصدرها الحقيقى ‪.‬‬
‫الهستيريا التفككية ‪Dissociative -:‬‬
‫عن دما يحت دم الص راع ويش تد القلق بحيث ال يطيقه الف رد ف إن تنظيم‬
‫الشخصية ووظائفها ينزعان إلى التفكك واالنفصال بحيث تبدو هذه األجزاء أو‬
‫الوظ ائف كما لو ك انت تعمل مس تقلة عن بعض ها البعض ‪ ،‬كوس يلة لحماية‬
‫اإلنس ان عن طريق إنه اء الص راع مؤقت اً وما ينجم عنه أو ما يصاحبه من توتر‬
‫وقلق ‪ .‬ومن المظاهر اإلكلينيكية للهستيريا التفككية ما يلى ‪:‬‬

‫(أ) فقدان الذاكرة ‪Amnesia -:‬‬

‫حيث يفقد الم ريض ذاكرته بالنس بة لخ برات أو أح داث أليمة خاصة‬
‫مكبوتة وعن دما يواجه موقفا فى حياته يستش ير تلك الخ برات ‪ ،‬ت نزع ذاكرته‬
‫وبشكل فجائى إلى التعطل وذلك لتجنب ما ينشأ عنها من توتر وقلق وقد يستمر‬
‫ه ذا الفق دان لس اعات مح دودة أو أي ام وق د= يس تمر ش هورا ‪ ،‬وربما يتمكن‬
‫الم ريض من ت ذكر ما قبل ه ذه الخ برات وما بع دها ‪ ،‬في أتى الفقد على ش كل‬
‫فج وات وقد يمتد فيش مل أح داث ف ترة زمنية طويلة ‪ ،‬ومن ص ور اض طراب‬
‫الذاكرة عند الهستيريين تزييف الوقائع وإ عطاء تفاصيل كاذبة عن أحداث وقعت‬

‫‪-41-‬‬
‫فعالً ‪ ،‬وقد يلفق الم ريض كث يرا من القصص الوهمية من خياله منا لو ك انت‬
‫واقعية دون قصد أو دراية ‪.‬‬

‫(ب) الجوال‪ 3‬النومى (المشى أثناء النوم) ‪: Somnambulism‬‬

‫حيث ينفصل خالله الجه از الح ركى عن بقية األجه زة فيس ير الم ريض‬
‫خالل نومه لفترة قصيرة يعود بعدها للنوم ‪ ،‬وقد يمارس أثناء مشيه سلوكا معقدا‬
‫أو بس يطا وربما ع دوانيا الس تحالة قيامه ب ذلك أثن اء اليقظة ‪ ،‬إال أن يك ون خالل‬
‫تلك الحالة على عالقة ض عيفة بما يحيط به ‪ ،‬وعن دما يص حو من نومه فإنه ال‬
‫يت ذكر ش يئا مما فعله ‪ .‬ويش يع ه ذا االض طرابات ل دى األطف ال أك ثر منه ل دى‬
‫البالغين ‪.‬‬

‫(ج) االختفاء أو (الشرود الهستيرى) ‪: Fugue‬‬

‫وفى ه ذه الحالة ال يفقد الم ريض ذاكرته بالنس بة لحياته الس ابقة وإ نما‬
‫يخ رج من عمله أو مس كنه على غ ير ه دى لف ترة قص يرة أو طويلة يتخذ فيها‬
‫هوية جدي دة وحي اة جدي دة ( قد يعمل فى وظيفة ما أو ي تزوج من جديد …الخ)‪.‬‬
‫وعندما تعود له ذاته الحقيقية يدهش ويكاد ال يدرى مما فعله شيئا يذكر ‪.‬‬

‫(د) تعدد الشخصيات ‪Multiple Personalities‬‬

‫حيث يتقمص الم ريض شخص ية أخ رى أو أك ثر ‪ ،‬ويق وم خالل ذلك‬


‫وبطريقة ال ش عورية بإتي ان بعض التص رفات ال تى يأتيها بشخص يته وكما هى‬
‫عليه فى الواقع ‪ ،‬ويتم التغير فجائيا من شخصية إلى أخرى ويرتبط ذلك بطبيعة‬
‫الضغوط وشدتها على الفرد ‪ ،‬ويختلف اضطراب تعدد الشخصيات عن مرض‬
‫الفص ام فى أن األول يتمثل فى تقمص شخص ية أخ رى أو أك ثر منها تناس قها‬

‫‪-42-‬‬
‫ونمط سلوكها وعالقاتها ‪ ،‬أما فى حاالت الفصام فتظل شخصية المفصوم واحدة‬
‫لكنها تكون منقسمة على نفسها وغير متماسكة وال مترابطة‪.‬‬

‫جدير بالذكر أن األعراض الهستيرية ربما تكون مؤقتة وتزول نهائيا بعد‬
‫ذلك ‪ ،‬لكنها ربما تس تمر ل دى الشخص ية الهس تيرية أساسا ‪ ،‬وقد تك ون أعراض اً‬
‫ثانوية لبعض أم راض عقلية أخ رى كانفص ام الشخص ية واالكتئ اب وتص لب‬
‫شرايين المخ ‪.‬‬
‫أسباب الهستيريا ‪-:‬‬
‫أسباب وراثية ‪ -:‬ذات تأثير محدود ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫أس‪333‬باب شخص‪333‬ية ‪ :‬ته يئ لظه ور الم رض ترجع إلى طبيعة الف رد قبل‬ ‫(‪)2‬‬
‫مرضه غالبا ما تتركز فى خصائص ما يسمى بالشخصية الهستيرية التى سبق‬
‫ذكرها ‪.‬‬

‫أس‪33‬باب نفس‪33‬ية ‪ :‬كالص راع النفسى الش ديد بيت الغرائز – خاصة ال دفعات‬ ‫(‪)3‬‬
‫الجنسية والمعايير االجتماعية ‪ ،‬اإلحباطات والشعور بالعجز والفشل فى تحقيق‬
‫األه داف ‪ ،‬الض غوط االنفعالية واالجتماعية الناتجة عن المش كالت األس رية‬
‫والعاطفية وما ي ترتب عن كل ذلك من حرم ان وقلق واض طراب ‪ ،‬والتن اقض‬
‫الوجدانى ‪.‬‬

‫الصدمات االنفعالية الشديدة الناجمة عن مواقف مؤلمة أو حوادث مفجعة ‪.‬‬

‫اإليحاء والتقليد ‪ :‬ال سيما إذا كان أحد الوالدين ذو شخصية هستيرية ‪.‬‬

‫‪-43-‬‬
‫وبينما يحصر " فرويد " الهستيريا فى كونها ترجع إلى صراعات جنسية‬
‫ذات ش حنات انفعالية مكبوتة تنفس أو تع بر عن نفس ها من خالل أع راض تب دو‬
‫جس مية ‪ ،‬ف إن الس لوكيون يربط ون الهس تيرية بض عاف القش رة اللحائية‬
‫المص حوب بتفكك ما أس ماه " ب افلوف " بالنظ ام اإلرش ادى الث انى مما ي ؤدى إلى‬
‫أن تنفس الغرائز كبتها فى اس تجابات دفاعية س لبية ربما تأخذ ش كل اإلث ارة‬
‫الحركية _ كنوبة ارتعاش – أو شكل كف حركى (كغيبوبة هستيرية)‪.‬‬

‫( كمال دسوقى ‪)1973‬‬


‫أعراض الهستيريا ‪-:‬‬
‫تظهر الهستيريا فى صورة أعراض جسمية وأخرى عقلية ومن أهم هذه‬
‫األعراض ‪-:‬‬
‫أوال ً ‪ :‬األعراض الجسمية ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬الشلل الهستيرى ‪:‬‬

‫ويص يب أعض اء الحركة كال ذراعين أو ال رجلين ‪ ،‬ويمكن تم يزه عن‬


‫الش لل العض وى بأنه يح دث فج أة بعد انفع ال نفسى ح اد أو أنه ال يتناسب مع‬
‫الوصف التش ريحى لألعص اب ‪ ،‬فضال عن مظهر المبالغة ال ذى يظهر به‬
‫المصاب بالشلل الهستيرى ز ويصبح المريض بالشلل الهستيرى غير ق ادر على‬
‫الحركة ‪ ،‬ويحت اج لكل العناية الطبية لمرضى الش لل العض وى ‪ ،‬فبالنس بة‬
‫لمريض الشلل العضوى فيصعب تحريك أصابعه ‪ ،‬ولكنه يستطيع رفع الكتف‪،‬‬
‫أما مريض الهستيريا فال يستطيع تحريك الذراع بأكمله ‪ ،‬كذلك يصاب المريض‬
‫العض وى ببعض الض مور فى العض الت لكن يحتمل ح دوث ذلك فى الح االت‬

‫‪-44-‬‬
‫الهس تيريا المزمنة ‪ ،‬ك ذلك يص اب الم ريض بالش لل العض وى باض طرابات فى‬
‫التبول مع احتمال حدوث بعض القرح والتقيحات فى الجسم نظرا لعدم الحركة‬
‫‪ ،‬وهذا ما ال يحدث فى الشلل الهستيرى ‪.‬‬

‫ومن الح االت الش هيرة فى ه ذا المج ال وال تى ق ام بدراس تها " فرويد "‬
‫دراسة مستفيضة فى حالة اآلنسة " دورا " وال تى دلل بها فرويد على أس باب‬
‫األعراض ‪.‬‬

‫وخالصة هذه الحالة أن الفتاة " دورا " كانت تحب طالبا يدرس الطب فى‬
‫(فينا) وعدها بالزواج عندما يتخرج من كلية الطب ‘ال أنه بعد أن تخرج لم يف‬
‫بوع ده ‪ ،‬وك ان ينتحل المع اذير لع دم إتم ام ال زواج ‪ ،‬وعلى ال رغم من ذلك ف إن‬
‫الفت اة ك انت على اتص ال به وه ذا ما أدى أهلها إلى تح ذيرها ألن س لوكها ك ان‬
‫موضع نقد ‪ ،‬وفجأة أصيبت الفتاة بالشلل فى ذراعها ‪ ،‬ولم توجد إصابة عضوية‬
‫بال ذراع ‪ ،‬وك ان تفس ير اإلص ابة بالش لل حسب نظرية " فروي د" أن الش لل ال ذى‬
‫ح دث للفت اة هو الن وع الهس تيرى بس بب الص راع الش ديد بين ال ذات العليا ال تى‬
‫كانت توحى للفتاة بإطاعة أهلها والخضوع لرأيهم عن عدم الكتابة لذلك الشاب ‪،‬‬
‫وبين النزع ات ال تى ك انت تش عر بها ورغبتها فى ال زواج منه ‪ ،‬وقد انتهى‬
‫الصراع بالشلل الذى أراح الفتاة ومنعها من الصراعات التى كانت تعانيها ‪.‬‬

‫ب‪ -‬النوبات التشنجية الهستيريا ‪-:‬‬

‫وتح دث النوبة الهس تيرية وال تى تش مل الجسم كله مص حوبة بص يحات‬


‫وتنهدات دون أى دموع ‪ ،‬ويحدث بعد النوبة أن يكون المصاب فى حالة ذهول‬
‫‪ ،‬كما يع زف عن الكالم ‪ ،‬كما يك ون س هل االنقي اد وتح دث ع ادة أثن اء النه ار ‪،‬‬

‫‪-45-‬‬
‫وتب دأ ب أن يقع الم ريض على األرض دون أى أذى وتتش نج أطرافه ‪ ،‬ولكنه ال‬
‫يتغ ير لونه ‪ ،‬وإ ن لمسة أحد فإنه يث ور ويتهيج ويكسر ما حوله ‪ ،‬ويخبط برجليه‬
‫فى األرض ثم يفيق بعد ذلك فى حالة س وية س ليمة – فال تص يب إال يض رر‬
‫بس يط وت أتى غالبا أثر انفع ال وه ذه النوبة الهس تيرية من أك ثر األع راض‬
‫الهس تيرية ش يوعا وخصوصا فى الشخص يات الهس تيرية ‪ ،‬ويجب التم يز بين‬
‫النوبة الهستيرية والصرعية لتقديم العالج لكل حالة ‪.‬‬

‫ويفرق " أحمد عكاشة " بين النوبة الهستيرية والصرعية فى التالى ‪:‬‬ ‫‪ㄱ‬‬

‫تح دث النوبة الهس تيرية فى وج ود الكث ير من األقرب اء وبعد أزمة انفعالية‬


‫– بعكس النوبة الص رعية ال تى تنت اب الم ريض فى أى وقت وبغض النظر عن‬
‫الرائين وأحيانا أثناء النوم ‪.‬‬

‫النوبة الهس تيرية تتم يز بالص راع العقلى واالنفع الى ‪ ،‬وال يص حبها أى‬
‫تلف فى المخ – عكس النوبة الصرعية التى تنشأ من انعدام التوافق فى المراكز‬
‫المخية ‪.‬‬

‫ال ي ؤذى الم ريض نفسه أثن اء النوبة الهس تيرية – كما يح دث فى النوبة‬
‫الصرعية من عض اللسان ‪ ،‬وقطع الشفة ‪ ،‬وكسر بعض األسنان أو العظام ‪ ،‬أو‬
‫الوقوع على آلة حادة وأصابت المريض ‪.‬‬

‫ن ادرا ما يتب ول الم ريض على نفسه فى النوبة الهس تيرية – ولكنها ما‬
‫تحدث فى الصرعية ‪.‬‬

‫ج‪ -‬العمى الهستيرى ‪ -:‬وينقسم العمى الهستيرى إلى قسمين ‪:‬‬

‫‪-46-‬‬
‫(‪ )2‬العمى الكلى ‪.‬‬ ‫العمى الجزئى ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫أما العمى الج زئى ‪ :‬فإننا نالحظ فى ه ذه الح االت اض طرابات األبص ار‬ ‫‪ㄱ‬‬
‫تكون فى ناحية معينة بالذات نجد مثالً ‪ :‬المريض يستطيع أن يقرأ كتاب اً ‪ ،‬ولكنه‬
‫ال يس تطيع أن ي رى ش خص معين ‪ ،‬أو يعجز عن رؤيا طريقة إلى العمل أو‬
‫المنزل ‪.‬‬

‫أما العمى الكلى ‪ :‬فقد يص يب عين واح دة أو العي نين مع اً ‪ ،‬ويك ون ذلك‬ ‫‪ㄴ‬‬
‫بش كل فج ائى والم ريض ب العمى الهس تيرى يلجأ إلى تلك الوس يلة ليتجنب‬
‫الص عوبات والعوائق ال تى تعترضه فى موقف معين يتصف بالحساس ية الش ديدة‬
‫تجاهه فيفقد القدرة على الرؤية دون وجود أى سبب تشريحى أو عضوى يفسر‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫ومث ال ذلك ‪ :‬ام رأة فق دت بص رها بعد رؤية زوجها فى وضع مخ زى مع‬ ‫‪ㄱ‬‬
‫ام رأة أخ رى ‪ ،‬فأص ابها العمى كحيلة ال ش عورية من حيل األنا للحف اظ على‬
‫عالقتها بزوجها ‪ ،‬وثمة ملحوظة إكلينيكية أنه يص احب العمى الهس تيري فق دان‬
‫ذاكرة للموقف المسبب للصدمة االنفعالية ‪ ،‬وهذا دليل على عدم كفاءة األنا ل دى‬
‫المريض الذى يود أن يصاب بهذا المرض على أن يواجه مشاكله الحقيقية ‪.‬‬

‫ويكثر العمى الهستيرى لدى الجنود فى الحرب أثر انفجار قنابل ويكون‬
‫ذلك بش كل فج ائى كن وع من اله روب من ه ذه المواقف المؤلفة ال تى يف رون بها‬
‫ليتجنبوا الصعوبات والعوائق التى قد تعتريهم ‪.‬‬

‫الكامل بنس يان الش خص كل ما يصل بماض يه وي دخل فى ذلك اس مه‬


‫وعنوانه والمكان الذى جاء منه والناس الذين يعرفهم بما فيهم أسرته ‪.‬‬

‫‪-47-‬‬
‫أما فق دان ال ذاكرة الج زئى ‪ :‬فيتمثل فى نس يان ج زء معين من حي اة‬
‫المصاب فقد ينسى كل الظروف المزعجة التى سبقت مباشرة ظهور الهستيريا‬
‫لديه ‪ ،‬وقد ينسى فترة معينة من طفولته ‪ ،‬أو لشىء ما ارتبط بانفعال قوى ‪.‬‬

‫ونس تطيع أن نوضح فق دان ال ذاكرة الكامل بالمث ال الت الى { نقال عن‬
‫مصطفى فهمة ‪: } 19‬‬

‫حالة فالح فى ح والى الثالثين من عم ره وجد فى حالة ذه ول أحض ره‬


‫شخص إلى إحدى المستشفيات وعند سؤاله لم يعرف اسمه وال من أين أتى وال‬
‫عنوانه وال عمله وال أس ماء أص دقائه ‪ ،‬أحضر ذلك الش خص إلى المستش فى فى‬
‫ي وم س بت وعند فحصه لم يوجد فيه أى عله عض وية ‪ ،‬وفى ي وم االث نين ق ام من‬
‫مرق ده مفزوعا وس أل الممرضة من ال ذى أحض ره إلى المستش فى ولم اذا ؟ وب دأ‬
‫من ذلك الت اريخ يخ بر الممرضة عن اس مه ومن أين أتى ‪ ،‬وذكر لها أنه يجب‬
‫عليه ال ذهاب لمركز الب وليس ألنه ارتكب حادثه ‪ .‬وقد ذكر لها الحادثة وهو‬
‫تتلخص فى أنه كان يقود عرباً محملة بالخضروات ‪ ،‬وفى أثناء سيرة قتل رجال‬
‫عج وزا إذ تع ذر عليه تجنبه ألنه خ رج فج أة من خالل الحق ول أثن اء الليل ‪ ،‬وقد‬
‫سببت له هذه الحادثة ارتباكا شديدا عندما ذهب إلى أصدقائه ليقص لهم الحادثة‬
‫وأخ ذوا يخوفونه من نت ائج الح ادث ونص حوه بض رورة تبليغ األمر لرج ال‬
‫الشرطة والذى حدث بعد ذلك أن الرجل وهو فى طريقة إلى مركز البوليس فقد‬
‫ذاكرته فنسى ‪.‬‬

‫د‪ -‬فقد الشهية العصبى الهستيرى ‪:‬‬

‫‪-48-‬‬
‫وقد يك ون إما جزئيا أو ك امال ‪ ،‬ويعت بر ه ذا الع رض المرضى وس يلة‬
‫لتعبير عن عدم الرضا ‪ ،‬وللفت انتباه اآلخرين وإ شعارهم بالقلق على المصاب ‪،‬‬
‫ونتيجة لالضطرابات االنفعالية التى يعانيها المريض فيحجب عن الطعام كنوع‬
‫من االحتجاج على تصرفات اآلخرين ‪ ،‬وقد تزداد الحالة مما سبب خطرا على‬
‫الم ريض نتيجة لرفضه تماما للطع ام ‪ ،‬ويك ثر ه ذا الن وع من األع راض‬
‫الهستيرية عند المراهقات الالتى يحاولن حل مشاكلهن بهذا العرض ‪ ،‬فعندما ال‬
‫تجد الفت اة طريقة مباش رة لتحقيق غرض ها فتع بر عن ثورتها تج اه أهلها به ذه‬
‫األعراض وهذا يعد وسيلة ال شعورية لتحقيق غرض معين بطريقة غير سويه‬
‫‪ ،‬ويعتبر األطباء أن هذه األعراض نوع من االنتحار البطىء ‪ .‬وتحدث أحيانا‬
‫أعراض على النقيض من األعراض السابقة وهى ما تسمى " بالشهية الزائدة "‬
‫وتك ون على ش كل ش هية زائ دة عن الحد عن الحد ‪ ،‬وملفتة للنظر ‪ ،‬وعلى غ ير‬
‫الع ادة بالنس بة للف رد المص اب ‪ ،‬وتعت بر ه ذه الحالة المرض ية حالة من ح االت‬
‫الهستيريا االنفعالية التى يعانيها الفرد ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬األعراض العقلية ‪-:‬‬
‫قد ذكرنا من قبل فق دان ال ذاكرة بأنواعه الكلى أو الج زئى ‪ ،‬ك ذلك أش رنا‬
‫إلى المشى أثناء النوم وهما يعدان من ضمن األعراض العقلية لعصاب الهستريا‬
‫‪ ،‬وسنكمل األعراض العقلية بما يلى ‪:‬‬

‫التجوال الالش‪3‬عورى ‪ -:‬كث يرا ما نق رأ فى الص حف عن ش ريد فقد ذاكرته‬ ‫‪ㄱ‬‬


‫وال يع رف من أين أتى ومن هو ‪ .‬ويعت بر التج وال أو الش رود عرضا من‬
‫أع راض الهس تيريا حيث ينسى المص اب هويته لف ترة من ال زمن ويه رب من‬
‫مكان إقامته المعهود إلى مكان آخر ‪.‬‬

‫‪-49-‬‬
‫ف إذا ما انتبه إلى نفسه تس اءل أين هو وكيف وصل إلى ه ذا المك ان ‪ ،‬إن‬
‫هروبه من مك ان إقامته ش كل من أش كال اله روب من الظ رف المقلق ال ذى ك ان‬
‫ينطوى عليه ذلك المكان ونسيانه للماضى بعد عملية كبت عميقة ‪.‬‬

‫أن شروده يمكن أن يكون لس اعات ‪ ،‬ويمكن أن يمتد عدة سنوات وكثيرا‬
‫ما يظهر فى المك ان الجديد غ ير مهتم بما ك ان عليه من قبل ح تى يس تفيق إلى‬
‫ظرفه الجديد بتأثير مناسبة عارضة أو حادثة شديدة الوقع ‪.‬‬

‫ازدواج الشخص‪33‬ية ‪ -:‬ازدواج الشخص ية حالة يعيش فيها الم ريض ف ترة‬ ‫‪ㄱ‬‬
‫بشخصية ذات شعور وسمات وسلوك ومظاهر معينة ‪ ،‬ثم يعيش فى فترة أخرى‬
‫بشخصية مغايرة لألولى فى كثير من صفاتها ‪ ،‬ثم يعود للشخصية األولى وهكذا‬
‫‪ ،‬وفى أغلب الح االت ينسى الم ريض فى اللحظة الراهنة ما يتعلق بالشخص ية‬
‫األخ رى ‪ ،‬كما يغلب أن يعيش الم ريض معظم ال وقت بإح دى الشخص يتين‬
‫( وهى شخص يته العادية األص لية ‪ ،‬بينما يك ون ظه ور الشخص ية األخ رى فى‬
‫فترات نادرة …) ‪.‬‬

‫أن الشخص ية المزدوجة ح الى من ح االت الهس تيريا نطهر وتتط ور ك رد‬
‫فعل لما يش عر به الم ريض من قلق ‪ ،‬أو يعت بر ازدواج الشخص ية وس يلة يعت دى‬
‫بها الف رد على نفسه ال ش عوريا كوس يلة للعق اب ولتخليص نفسه من حالة القلق‬
‫بعد صراع معين ‪ ،‬وذلك أن المريض يعاقب نفسه على جرمه ال شعوريا عندما‬
‫يسجن شخصيته األولى ويمنعها من االستمتاع جزاء سلوكها فى الحياة ‪ .‬ثم أن‬
‫ازدواج الشخص ية يعت بر وس يلة هروبية ‪ ،‬كما أنه يجعل الم ريض مركز عناية‬
‫فهو وسيلة لجذب انتباه اآلخرين إليه ‪.‬‬

‫‪-50-‬‬
‫يذكر " مصطفى فهمى " ( …‪ ..‬أن المريض بازدواج الشخصية يستفيد‬
‫من عملي تين ال ش عورتين هما ‪ :‬الع زل الزائد ألنه يس تبعد كل شخص يته القديمة‬
‫بأكملها ‪ ،‬والكبت الزائد ألن إح دى الشخص يتين تكتب عن طريق النس يان كل‬
‫خبرات الشخصية األولى ويمحوها من ذاكرة المريض ) ‪.‬‬
‫عالج الهستيريا ‪-:‬‬
‫العالج النفسى ‪ :‬وهو أهم أن واع العالج فى ه ذا الم رض وينبغى أن‬ ‫(‪)1‬‬
‫ن درك أن اإليح اء فحسب قد يزيل الع رض ولكنه ال يغ ير طريقة التفاعل‬
‫لصعوبات الحياة …‪ .‬ولذا ينبغى أن يكون العالج أكثر عمقا ويهدف إلى تط وير‬
‫الشخصية ككل حتى يستطيع المريض أن يواجه صعوبات الحياة بمنطق الواقع‬
‫ال الهروب والتمسك بالمرض لتحقيق المكاسب وقد يستخدم المع الج النفسى هنا‬
‫شتى أساليب العالج النفسى كالعالج السلوكى ( العالج بالتنفير إلزالة العرض )‬
‫والعالج باستخدام التحلل النفسى وغيرها ‪.‬‬

‫العالج البي‪33‬ئى االجتم‪33‬اعى ‪ :‬ويه دف ه ذا الن وع من العالج بتع ديل الظ روف البيئية‬
‫ال تى يعيش فيها الم ريض ق در اإلمك ان ‪ ،‬ومحاولة التخفيف من الض غوط ال تى‬
‫يتع رض لها وال تى ربما تك ون هى الس بب فى ظه ور األع راض ‪ ،‬وك ذلك فى‬
‫بعض الح االت نض طر إلى إبع اد الم ريض عن الجو ال ذى تس بب فى ح دوث‬
‫الم رض بعض ال وقت ح تى يتمكن المع الج من تط وير الشخص ية وجعلها ق ادرة‬
‫على المواجهة والتفاعل والتعايش ‪.‬‬
‫‪ -4‬االكتئاب العصابى ‪-:‬‬

‫‪-51-‬‬
‫مقدمة ‪ - :‬يعتبر االكتئاب منى أكثر األمراض النفسية شيوعاً هذه األيام‬
‫… وما من ش خص منا إال وأتت عليه لحظ ات فى حياته ش عر فيها ب الحزن‬
‫والض ياع ( أزمة ما – فق دان عزي ز‪.. -‬الخ ) ومثل ه ذا الش عور نج ده يس يطر‬
‫على البعض بصورة أقوى ولفترة أطول مما هو معتاد – لذا تسمى هؤالء بأنهم‬
‫مصابون باالكتئاب ‪.‬‬

‫واالكتئ اب بالنس بة للغالبية العظمى من الن اس يع بر عن اس تجابة عادية‬


‫تثيرها ( ح يرة مؤلمة كالفشل فى عالقة – أو خيبة أمل ‪ … -‬الخ ) وما يم يز‬
‫ه ذا الن وع الع ادى من االكتئ اب … أنه يح دث لف ترات قص يرة قد ال تزيد على‬
‫أسبوعين ‪ ،‬كما أنه عادة يرتبط بالموقف الذى أثاره ‪.‬‬

‫أما ما يسمى باالكتئاب المرضى فهو عادة يتميز بأربع خصائص هى‪:‬‬
‫أكثر حدة ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫يستمر لفترات طويلة ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫يعوق الفرد بدرجة جوهرية عن أداء نشاطاته المعتادة ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫األسباب التى تثيره قد ال تكون واضحة أو متميزة بالشكل الذى نراه عند‬ ‫(‪)4‬‬
‫الغالبية العظمى من الناس ‪ ( .‬عبد الستار إبراهيم ‪)1998‬‬

‫وقد يك ون ظه ور االكتئ اب على نح وم واضح مرتبطا ببعض األح داث‬


‫المأساوية ( كالكوارث الطالق – كوارث مادية ) ولهذا يطلق العلماء على هذا‬
‫النوع من االكتئاب االستجابى … إشارة إلى خاصية ارتباطيه بمواقف وأحداث‬
‫خاصة وفى ه ذه الحالة تك ون االس تجابة مرتبطة ب الموقف …‪ .‬يس تطيع بع دها‬
‫الشخص أن يمارس حياته المعتادة بعد فترة قصيرة ‪.‬‬

‫‪-52-‬‬
‫أما إذا اس تمر االكتئ اب ح تى بعد زوال ف ترة الح داد ( أس بوعين أو أك ثر)‬
‫فهنا يمكن تس ميته باالكتئ اب العص ابى ال ذى يتم يز عن االكتئ اب الع ادى ‪:‬‬
‫باض طراب الم زاج – مش اعر النكد – الي أس – اختالطه بم زيج من األع راض‬
‫العص ابية األخ رى ( القلق – الخ وف من المس تقبل – مش اعر التهديد‬
‫واإلحباط) ‪.‬‬

‫كذلك يحدث االكتئاب فى أحيان كثيرة من فترة إلى أخرى من حياة الفرد‬
‫دون وج ود أس باب خارجية واض حة – وه ذا ما نس ميه باالكتئ اب ال داخلى وهو‬
‫أشد خطراً من النوع االستجابى ‪.‬‬

‫وفى أحي ان أخ رى ي أتى االكتئ اب فى ش كل دورات تتلوها أو تس بقها‬


‫دورات من الهي اج واله وس وهو ما يطلق عليه ب ذهان اله وس واالكتئ اب وهو‬
‫موضوع حديثنا عندما نعرض لألمراض الذهانية فى الفصل القادم ‪.‬‬

‫وإ ذا أردنا أن نتحدث عن االكتئاب فإننا نحتاج إلى مجلدات ولكن سنكتفى‬
‫هنا بإش ارات بسيطة عن أسبابه وأعراضه وبعض من النظري ات المفسرة له ثم‬
‫عالجه ‪.‬‬

‫التعريف على االكتئاب ‪-:‬‬


‫ليس االكتئ اب هو مج رد ه ذا الح زن الم ؤقت على وف اة عزيز ‪ ،‬أو ذلك‬
‫الهب وط فى الم زاج ال ذى يتملكنا بين الحين واآلخر ‪ ،‬وليس هو مج رد إحس اس‬
‫بوح دة تتقشع بزي ارة ص ديق أو مبادلة الح ديث مع أحد الرف اق أو ال زمالء ‪.‬‬
‫عن دما ي ذكر االكتئ اب ت ذكر معه الكث ير من خص ائص االض طراب النفسى بما‬

‫‪-53-‬‬
‫فيها الم زاج العكر والتش اؤم ‪ ،‬والش عور ب الهبوط ‪ ،‬والعجز ‪ ،‬بطء عملي ات‬
‫التفك ير وبطء الت ذكر ‪ ،‬وانتق اء ال ذكريات الحزينة والمهنية ‪ .‬ما ك ان يس رنا‬
‫باألمس القريب لم يعد اليوم يحمل إال مشاعر األسى والحزن ‪ .‬بعبارة أخرى ‪،‬‬
‫يع بر االكتئ اب عن كل تلك اآلالم النفس ية والجس مية والمنغص ات ال تى تمضى‬
‫عليها األيام والشهور ‪ :‬هذا هو االكتئاب المرضى ‪ ،‬الذى أصبح اليوم باإلمكان‬
‫التعرف عليه ‪ ،‬وعالجه نفسيا بكفاءة عالية ‪.‬‬

‫ومع ذلك فإن التعرف على االكتئاب وتحديد عناصره ال يكون دائما سهال‬
‫‪ ،‬وذلك بس بب تقنعه ب أعراض ‪ ،‬وأم راض جس مية أخ رى ال يحد الط بيب لها‬
‫تفس يرا عض ويا يس اعده على عالجها ‪ .‬وله ذا ليس من الن ادر أن يلجأ الم ريض‬
‫لالكتئاب ‪.‬‬

‫أوال‪ -‬كما لجأ " عمر الحم زاوى " فى رواية " الش حاذ " ‪ :‬رائعة نجيب‬
‫محفوظ المعروفة – إلى األصدقاء المقربين شاكيا من الخمود والكسل ‪ ،‬والعجز‬
‫عن الن وم ‪ ،‬ونقص ال وزن ‪ .‬بعب ارة أخ رى ‪ ،‬يمكن أن يأخذ االكتئ اب فى البداية‬
‫ش كل أع راض وأم راض جس مية أخ رى كالص داع ‪ ،‬وفق دان الش هية ‪،‬‬
‫واض طرابات الن وم وآالم العض الت ‪ ،‬واض طرابات المع دة ‪ .‬وت زداد المش كلة‬
‫تعقيدا عندما يكون االكتئاب مصحوباً بأمراض نفسية وجسمية أخرى مستقلة‪.‬‬
‫ولهذا نجد أن المهتمين بحقل الصحة النفسية يولون جزءاً كبيراً من اهتماماتهم‬
‫للتعرف على االكتئاب ‪ ،‬باكتشاف مختلف الطرق واألدوات المالئمة لتشخيصه‬
‫‪.‬‬

‫‪-54-‬‬
‫وع ادة يتب نى الع املون بحقل الص حة النفس ية والعقلية ‪ ،‬طريق تين فى‬
‫التعرف على االكتئاب بمعناه المرضى والمتميز إكلينيكيا ‪:‬‬

‫‪ ㄱ‬يتمثل الطريق األول منهما ‪ :‬وهو ع ادة ما يع رف بطريق الفحص النفسى‬


‫اإلكلي نيكى – بلق اء الم ريض وجها لوجه ‪ ،‬وس ؤاله بطريقة منهجية منظمة عن‬
‫مختلف الظروف االجتماعية والنفسية والطبية التى أحاطت بشكواه ‪ .‬وعادة ما‬
‫يحاول األخصائى النفسى الطبى خالل هذا الفحص أن يضع تشخيصه المناسب‬
‫للحالة بما يت وافر له من خ برة ‪ ،‬أو ب الرجوع إلى ما يت وافر لديه من األدلة‬
‫التشخيص ية لألم راض النفس ية والعقلية ال تى تش رحها المراجع الطبية النفس ية‬
‫المعروفة ‪ .‬ومن أمثلتها وأكثرها ش هرة المرشد – التشخيصى واإلحص ائى‬
‫الرابع ال ذى أص درته الص حة الدولية ‪ ،‬والمع روف باسم التص نيف الع المى‬
‫العاشر لالضطرابات النفسية ‪ .‬وكالهما يشرح ويصنف األمراض واألعراض‬
‫المم يزة لكل مرضى نفسى أو عقلى مع روف ‪ ،‬وذلك باالعتم اد على ما يت وافر‬
‫من خ برة وبحث ‪ .‬وكالهما يكشف عن أوجه الخالف والتم ايز بين ه ذه‬
‫األمراض والجماعات واألفراد المستهدفة لها ‪.‬‬

‫‪ ㄱ‬ويعتمد الط‪3333‬رق الث‪3333‬انى – الس‪3333‬يكومترى ‪ -:‬فى التع رف على األم راض‬


‫النفس ية والعقلية بما فيها االكتئ اب ‪ ،‬من خالل اس تخدام المق اييس النفس ية‬
‫والس لوكية المقنعة ‪ ،‬وعلى ما تكش فه من عالم ات ‪ ،‬وج وانب من األنم اط‬
‫الس لوكية ال تى تظهر ل دى الف رد ‪ ،‬وتم يز شخص يته ‪ ،‬وج وانب تفاعالته‬
‫االجتماعية ‪ ،‬والتى يتميز بها هذه االضطراب أو ذاك ‪.‬‬

‫(عبد الستار إبراهيم ‪)1998‬‬

‫‪-55-‬‬
‫نظريات االكتئاب ‪-:‬‬
‫تع ددت النظري ات النفس ية ال تى تن اولت االكتئ اب ‪ ،‬ويح اول الب احث من‬
‫خالل ه ذا الفصل ع رض بعض النظري ات ح تى تص بح الص ورة مكتملة ح ول‬
‫مفهوم االكتئاب ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬النظريات القديمة ‪-:‬‬
‫لقد أتى وصف االكتئ اب فى معظم التق ارير الطبية القديمة ‪ ،‬ففى ع ام‬
‫أربعمائة قبل الميالد ق دم " هيب وقراط " مقالة عم المالينخوليا وهو عب ارة هن‬
‫المص طلح الق ديم لمفه وم االكتئ اب ‪ .‬ولقد أش ار " هيب وقراط " إلى أن االكتئ اب‬
‫م رض عقلى مثل الص رع ‪ ،‬اله وس ‪ ،‬وجن ون العظمة ‪ .‬والمع نى الح رفى‬
‫(للمالينخولي ا) هو سوء الطبع األسود الذى يتحرك نحو المخ فيس بب المرض ‪.‬‬
‫وقد بين " أرس طو " (ع ام ‪ 370‬قبل الميالد) إلى أن المالينخوليا موج ودة عند‬
‫المفك رين والش عراء والفن انين والحك ام ز ويتسم م رض المالينخوليا كما أش ار "‬
‫أرت وس " ( ع ام ‪ 80‬بعد الميالد )بمجموعة من الخص ائص النفس ية اآلتية ‪:‬‬
‫القلق ‪ ،‬والحزن ‪ ،‬والمعاناة من األرق وقلة النوم ‪ ،‬والشعور بالرعب والفزع ‪،‬‬
‫والرغبة فى الموت ‪.‬‬

‫وقد أش ار " فلكس بالتر " ( فى أواخر ع ام ‪ )1500‬إلى أن المالبنخوليا‬


‫ن وع من االغ تراب العقلى ال ذى ي ؤدى إلى الح زن والخ وف ‪ .‬وي رى أن‬
‫خص ائص الف زع وال رعب من األح داث غ ير المرئية هى عب ارة عن الس بب‬
‫الرئيسى الشائع المرتبط بهذا المرض ‪ .‬وقد نصح باستخدام العقاقير ‪ ،‬وتوجيه‬
‫النصائح واإلرشاد ‪ ،‬وفصد الدم ‪ ،‬والكى كنوع من أنواع العالجات ‪.‬‬

‫‪-56-‬‬
‫ويعت بر " ك ربلين " ع ام (‪ )1921‬أول من ف رق بين العديد من األم راض‬
‫مثل ‪ :‬الهوس ‪ ،‬المالينخوليا ‪ ،‬وقد استطاع أن يقدم وصفا إكلينيكا رائع اً كل نوع‬
‫من أنواع هذه األمراض ‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال ‪ :‬فقد استطاع أن يميز الجنون االكتئابى – الهوس عن‬
‫بقية األمراض األخرى ‪ .‬كما أوضح كرابلين أن هذا المرض وراثى ‪ .‬وبالرغم‬
‫من أنه زواج بين اله وس واالكتئ اب إال أنهما ال يح دثان مع اً ‪ ،‬فاالكتئ اب‬
‫عرضى منفصل تماما عن الهوس ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬النظريات النفسى – دينامية ‪-:‬‬
‫أش ار " ك ارل إبراه ام " ( ع ام ‪ )1911‬أن البغض والض غينة هو من أهم‬
‫المش اعر الس ائدة عن الف رد المك تئب ‪ ،‬ونظ را ألن مش اعر البغض والحقد‬
‫والكراهية غ ير مقبولة عند الف رد ‪ ،‬ل ذا يح اول أن يكتب مثل ه ذه المش اعر ثم‬
‫يس قطها ‪ ،‬ويش عر الف رد ب البغض والكراهية من قبل اآلخ رين ثم ي أتى بعد ذلك‬
‫االعتق اد بأنه منب وذ بس بب نقائصه وعيوبه الفطرية ومن ثم يص بح مكتئبا ‪ .‬ولقد‬
‫وجد إبراه ام من خالل دراس اته العديد من ال دالئل على العدائية المكبوتة فى‬
‫أحالم المكتئ بين اإلجرامية كما أنهم يح اولون االنتق ام من اآلخ رين ‪ .‬وال يح اول‬
‫المرضى باالكتئاب أن يعزون دفاعاتهم إلى الحزن ولكن إلى عيوبهم الشخصية‬
‫‪ .‬وهم يعانون األعراض المازوخية والشعور بالذنب ‪ ،‬ويحاولون دائما إرضاء‬
‫ميل الالشعور إلى إنكار الحياة ‪.‬‬

‫ولقد ص اغ " فرويد " التفس ير األساسى للتحليل النفسى لمفه وم االكتئ اب‬
‫وقد ق ارون بين المالينخوليا ب الخطوات العادية للح داد والح زن على أمل أن ه ذه‬

‫‪-57-‬‬
‫المقارنة ربما تس اعدنا على وصف المالينخوليا كم رض نفسى ‪ .‬فعن دما يفقد‬
‫ف رد ما موض وع ما محبا إلى ذاته فإنه يس حب عواطفه الليبيدية على الموض وع‬
‫ألن شدة العاطفة بالموضوع قوية جدا ‪ ،‬لذا فإن األنا يقبل بطء حقيقة فقدانه ‪ .‬لذا‬
‫ف إن المالينخوليا طبقا لنظرية فرويد تح دث عن دما ال يك ون هن اك فق دان‬
‫لموض وع واضح ‪ .‬وقد وجد فرويد أنه من الغ ريب أن الح زين يعتقد أن‬
‫الموض وع خ ارجى عن ذاته قد فقد ‪ ،‬ولكن الف رد المالينخوليا يح دد فق دان ه ذا‬
‫الشئ من خالل ذاته ‪ .‬وأش ار فرويد أن الف رد عن دما يفقد موض وعا محبا إلى‬
‫ذاته فبدال من أن تتجه الطاقة الليبيدية نحو موضوع آخر فإنها تتجه نحو األنا ‪.‬‬

‫وتس تخدم الطاقة الليبيدية المتح ررة فى توجد األنا مع الموض وع المفق ود‬
‫عن طريق اإليح اء ل ذا األنا ال تس تطيع أن توجه الل وم أو النقد إلى نفس ها‬
‫كموض وع وعن طريق تع ويض التوحد مع الموض وع المحب ‪ ،‬ف إن الم ريض‬
‫يرتد إلى المرحلة الفمية لليب دو حيث أن الطفل ال يس تطيع أن يف رق بين نفسه‬
‫وبين بيئته ‪ .‬كما أن هن اك العديد من العالق ات المرتبطة بالموض وع تك ون‬
‫متناقصة وج دانيا وبس بب ه ذا التن اقض الوج دانى ف إن ج زء من الطاقة الليبيدية‬
‫تتحرر من الطاقة النفسية المرتبطة بالموضوع لتعزيز الحزن نحو الذات ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -:‬النظريات األحادية والثنائية ‪-:‬‬
‫النظرية األحادية ‪ :‬وت ؤمن ه ذه النظرية بوح دة األم راض الوجدانية ‪،‬‬ ‫(‪)i‬‬
‫وع دم اختالفها إال فى ش دة األع راض ‪ ،‬ورائد ه ذه النظرية " أوب رى ل ويس "‬
‫( عام ‪ )1966‬نقال عن { أحمد عكاشة ‪ ، 1980‬ص ‪ ، }211‬والذى يؤمن أن‬
‫االكتئ اب يزخر ب أعراض مختلفة ‪ ،‬تتب اين فى الكم وليست فى الكيف ‪ .‬وأنه ال‬
‫يوجد ما يسمى باالكتئاب النفسى أو العصابى أو الخارجى مستقال عن االكتئاب‬

‫‪-58-‬‬
‫العقلى أو ال ذهانى أو ال داخلى ‪ ،‬وأن الف ارق الوحيد بينهما هو تعقيد وش دة‬
‫يولوجيا وبيولوجيا‬ ‫راض األكلينيكية ‪ ،‬وأنه ال يوجد اآلن ما يثبت فس‬ ‫األع‬
‫اختالف ه ذين الن وعين من الم رض‪ ،‬وأن االكتئ اب ال داخلى أحيانا ما تس ببه‬
‫عوامل خارجية ‪ ،‬وك ذلك كث يرا ما تك ون مس ببات االكتئ اب النفسى الخ ارجى‬
‫ضعيفة بل وأضاف لويس أن القلق النفسى ما هو إال أحد مظاهر االكتئاب ‪ ،‬وال‬
‫يصح فصله عن االضطرابات الوجدانية بل يجب مناقشته مع هذه األمراض ‪.‬‬

‫النظرية الثنائية ‪ :‬يعتقد معظم أطباء النفس فى هذه النظرية أن االكتئاب نوعان‬
‫‪-:‬‬

‫االكتئاب الداخلى أو العقلى أو الذهانى ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫االكتئاب الخارجى أو النفسى أو العصابى أو التفاعلى ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫خليط بين نوعى االكتئاب { أحمد عكاشة ‪ ، 1980‬ص ‪}212‬‬ ‫(‪)3‬‬


‫رابعا ‪ :‬النظرية الفينومنولوجية ‪:‬‬
‫يث ير مص طفى زي ور ( ب ‪ ،‬ت ‪ ،‬ص‪ )23 – 22‬إلى أن االكتئ اب هو‬
‫عب ارة عن … ت دهور الق درة على الص يرورة ال تى ي ترتب عليها انخف اض فى‬
‫الش عور ب الوجود أى الش عور بالكينونة … ذلك أن الكينونة ال مع نى لها بغ ير‬
‫الص يرورة وه ذا الش عور ب الفراغ ‪ .‬وه ذا يع نى بطبيعة الح ال الم وت النفسى‬
‫عن دما ينقطع التن اغم بين األنا والع الم ‪ ،‬عن دما يصل نقص ان الش عور بالكينونة‬
‫فقصا ح ادا فيصل إلى عدمية الوج ود ‪ ..‬وبع دى الزم ان والمك ان يض طربا‬
‫اض طرابا ش ديدا فى االكتئ اب وس بق الق ول أن نقص ان الكينونة أى الف راغ فى‬
‫المك ان ال مع نى له بغ ير الص يرورة أى الف راغ فى الزم ان ‪ ،‬والواقع أن معظم‬

‫‪-59-‬‬
‫أطباء النفس الفينومينولوجيين يرون فى اضطراب الزمانية ( ويقصد به الزمن‬
‫المعاش ال الزمن المحسوب بالدقائق والساعات ) … مفتاح االكتئاب ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬النظرية البيوكيميائية ‪:‬‬
‫اكتشف عق ار أيبروينازيد المض اد لالكتئ اب فى الخمس ينات وال ذى ك ان‬
‫يستخدم فى عالج الدرن ‪ .‬وقد قامت بعد ذلك نظرية – بناء على تجربة قام بها‬
‫" س يكتور " { ع ام ‪ }1963‬نقال عن مص طفى زي ور (ب‪،‬ت ‪ ،‬ص ‪ … )25‬أن‬
‫هذا العقار يعمل كمثبط لخميرة المونوامين اكسيداز وخاصة أمينات الكاتيكول ‪،‬‬
‫وتش مل النورادرني الين وال دوبامين ال ذى منه النورادرين الين ‪ .‬وقد ت بين من‬
‫التج ارب البيوكيميائية أن ال دوبامين يتخلق ب دوره من ال دوبا ‪ ،‬وه ذه تتخلق من‬
‫ميتابوليا من األمين األح ادى المس مى بالتيروس ين وقد ت بين أيضا من التج ارب‬
‫أن التيروس ين وال دوبا ‪ ،‬ي زيالن الكآبة التجريبية ال تى تس ببها م ادة ال رزربين‬
‫وهك ذا انتهى إلى أمين ات الك اتيكول يمكن اعتبارها الخلفية البيوكيميائية‬
‫النفعاالت االكتئاب والمرح ‪.‬‬

‫ولما كان األمين األحادى الدوبامين الذى يتخلق منه النورادينالين فيخزن‬
‫فى حبيب ات س يتوبالزم خاليا عص بية … دفينة داخل ال دماغ وخاصة فى منطقة‬
‫المهادوما تحت المهاد ‪ ،‬ثم فى قرن أمون بالقشرة الدماغية وهى المواضع التى‬
‫بينت التجارب التشريحية الفسيولوجية على أنها الخلفية التشريحية الفسيولوجية‬
‫لالنفعاالت ‪ .‬فإذا ما نبهت هذه الخاليا العصبية انطلق الدوبامين وأصبح فعاال ‪.‬‬
‫إال أنه يفقد نش اطه بواس طة الخم يرة المؤكس دة س الفة ال ذكر ‪ .‬وبالت الى ف إن‬
‫مثبطات الخميرة المؤكسدة تتيح ألمنيات الكاتيكول أن تقوم بدورها النشط فتزيل‬
‫انفع ال االكتئ اب … واألمني ات يزيد إفرازها تحت ظ روف كل من‬

‫‪-60-‬‬
‫النورادين الين واألدرين الين … هن اك إذن أثر متب ادل بين البعد الس يكولوجى‬
‫والبعد البيوكيميائى ‪.‬‬
‫سادسا ً النظريات المعرفية ‪:‬‬
‫لقد تحدى " بك " (‪ )1967‬وجهة النظر العامة التى وصفت االكتئاب أنه‬
‫اضطراب عاطفى ولم تضع فى االعتبار المظاهر المعرفية الواضحة لالكتئاب‬
‫مثل ‪ :‬تق دير ال ذات المنخفض ‪ ،‬الش عور بالي أس ‪ ،‬والش عور بالي أس ‪ ،‬والش عور‬
‫ب العجز ‪ .‬وقد أكد "بك " أن اإلدراك ي ؤدى إلى المعرفة واالنفع ال عند األف راد‬
‫الماديين واالكتئابيين أيضاً ‪.‬‬

‫وبخالف اإلدراك ات المعرفية العادية ‪ ،‬نجد أن االدرك ات المعرفية للف رد‬


‫المك تئب تس يطر عليها العملي ات المفرطة فى الحساس ية والمحت وى ‪ .‬وه ذه‬
‫االدركات المعرفية تحدد االستجابة العاطفية فى االكتئاب ‪.‬‬

‫وق ام " بك " باختب ار محت وى الفكر الش ديد الحساس ية للمكتئ بين ‪ .‬وقد‬
‫اكتشف من خالل ذلك مفاهيم مشوهة وغير حقيقية يعانى منها الفرد المكتئب ‪.‬‬
‫وقد ظهر أيضا من خالل الت داعيات الح رة للمرضى االكتئ ابيين مجموعة من‬
‫الخصائص اإلدراكية السالبة مثل ‪ :‬احترام الذات المنخفض ‪ ،‬الحرمان ‪ ،‬فقدان‬
‫الذات ‪ ،‬الواجبات ‪ ،‬لوم الذات ‪ ،‬مطالب الذات ‪ ،‬واألوامر والهروب من الواقع‬
‫باالس تغراق فى الخي ال ‪ ،‬والمي ول والرغب ات االنتحارية ‪ .‬وتك ون كل ه ذه‬
‫اإلدراكات مشوهة وغير حقيقية ألن المرضى باالكتئاب يميلون إلى المبالغة فى‬
‫تفخيم أخط ائهم والعوائق ال تى تع ترض مس ارهم ‪.‬واس تطاع " بك " أن يقسم‬
‫المف اهيم النظرية المتع ددة للم ريض المك تئب إلى الث الوث المع رفى ‪ ،‬ف يرى‬

‫‪-61-‬‬
‫المكتئب عالمه وذاتها ومستقبله بطريقة سالبة ‪ ،‬وكذا أصبح هذا الثالوث غالباً أو‬
‫مس يطرا ك ان الم ريض أك ثر اكتئابا ‪ ،‬وتظهر أع راض أخ رى غ ير معرفية‬
‫لالكتئاب ‪ ،‬ألن الشخص يشعر بالنبذ أو يعتقد أنه منبوذ فيشعر بالحزن ‪.‬‬

‫كما يب دو أن المط الب كلها مملة من المح ال تجاوزها ‪ ،‬وفى ض وء ه ذا‬


‫تشل الرغبة واإلرادة ويريد الهروب من هذا المصير ‪.‬‬

‫وقد أش ار " مليجز وبول بى " (‪ )1969‬أن الش عور بالي أس هو المح ور‬
‫األساسى فى االكتئ اب ‪ .‬ويع زى األمل والي أس إلى تق دير الف رد إلى قدرته على‬
‫إنجاز أهداف معينة ‪ .‬وهذا التقدير يعتمد على النجاح السابق فى أهداف معينة ‪.‬‬
‫وعادة ما يشعر المكتئب باليأس فيما يتعلق بمستقبله ‪ ،‬فنجده ‪:‬‬

‫يعتقد أن مهاراته لم تصبح مؤثرة من أجل الوصول إلى أهدافه ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫يعتقد بالفشل بسبب عدم كفاءته الذاتية وأنه يجب أن يعتمد على اآلخرين‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫يشعر أن مجهوداته السابقة لتحقيق األهداف بعيدة المدى قد بات بالفشل ‪.‬‬ ‫‪ㄷ-‬‬

‫وب الرغم من اعتق اد المك تئب بأنه ق ادر على إنج از أهدافه ‪ ،‬إال أن ه ذه‬
‫األهداف تبقى هامة بالنسبة له ‪ ،‬لذا نجده مستغرقا فى مثل هذه األهداف التى لم‬
‫يستطع إنجازها ‪.‬‬

‫وقد أش ار " بك " فى حديثه عن االكتئ اب وتفس يره له ذا الم رض إلى‬


‫عوامل معرفية عدي دة من أهمها التق دير الس لبى لل ذات ‪ ،‬س وء تأويل األح داث‬
‫الحياتية بما يؤدى إلى فقدان الثقة بالنفس واليأس واإلحباط … وهناك تفسيرات‬
‫أخرى عديدة ال يتسع المجال لذكرها فى هذا المقام ‪.‬‬

‫‪-62-‬‬
‫أعراض االكتئاب ‪-:‬‬
‫أج رت منظمة الص حة العالمية (‪ )1983‬دراسة عن االض طرابات‬
‫االكتئابية فى الثقافات المختلفة شملت عينة قوامها ‪ 573‬فردا (‪ %58.9‬إناث ‪،‬‬
‫‪ %41.1‬ذكور) من المصابين باكتئاب ال يعزى لعيوب جسمية أو شيخوخة أو‬
‫تسمم أو إلى تلف بالمخ ‪ ،‬وتراوحت األعمار الزمنية ألفراد العينة بين ‪70 ،10‬‬
‫سنة ‪ ،‬وقد تم اختيار العينة من خمس مناطق ريفية وحضرية من بعض البلدان‬
‫النامية والمتقدمة وهى إي ران ( طهران ن= ‪ ) 107‬وكندا (مونتلاير ن = ‪)108‬‬
‫وسويسرا (بازل ن =‪ )136‬واليابان (نجازاكى ن =‪ ، 108‬وطوكيو ن =‪)114‬‬
‫وتبين من نتائج هذه الدراسة ما يلى ‪:‬‬

‫أك ثر األع راض وج ودا فيما بين ‪ %76‬و ‪ %100‬من أف راد العينة هى‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الح زن ‪ ،‬انع دام االبته اج ‪ ،‬والقلق ‪ ،‬والت وتر ‪ ،‬ع دم النش اط ‪ ،‬فق دان االهتم ام ‪،‬‬
‫فقدان المقدرة على التركيز ‪ ،‬األفكار الموحية بالشعور بالقصور وعدم الكفاءة‬
‫وانعدام القيمة ‪.‬‬

‫أك ثر األع راض ش يوعاً فيما بين ‪ %51‬و ‪ %75‬من أف راد العينة هى ‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫اليأس ‪ ،‬العدوان ‪ ،‬التهيج ‪ ،‬اضطراب األداء االجتماعى ‪ ،‬بطء التفكير وتخلفه ‪،‬‬
‫ع دم البت ‪ ،‬تغ ير فى إدراك ال وقت ‪ ،‬األفك ار االنتحارية ‪ ،‬التخلف النفسى‬
‫الحركى ‪ ،‬انعدام االتصال بالناس نقص فى الشهوة الجنسية ‪ ،‬االستيقاط مبكراً ‪،‬‬
‫ع دم المق درة على الن وم ‪ ،‬الن وم المتقطع والمض طرب ‪ ،‬نقص ان الش هية ‪ ،‬تغ ير‬
‫وزن الجسم ‪ ،‬مشاعر الضغط واأللم ‪.‬‬

‫‪-63-‬‬
‫أك ثر األع راض وج ود فيما بين بين ‪ %26‬و ‪ %50‬من أف راد العينة هى‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫األحاس يس الموحية بالش عور بال ذنب ول وم ال ذات ‪ ،‬وس واس الم رض‪ ،‬الهي اج‬
‫النفسى الحركى ‪ ،‬مزاج أسوأ فى الصباح ‪ ،‬اإلمساك ‪ ،‬أمراض بدنية أخرى ‪.‬‬

‫أكثر األعراض وجودا فيما بين ‪ %1‬و ‪ %25‬من أفراد العينة هى ‪:‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫األفكار الموحية بالفقر ‪ ،‬والشعور باالضطهاد ‪ ،‬وباالستهداف ‪ ،‬واألوهام‬


‫الموحية بالش عور بال ذنب ‪ ،‬أوه ام وس واس الم رض ‪ ،‬م زاج أس وأ فى المس اء‬
‫وأوهام أخرى ‪.‬‬
‫تصنيف االكتئاب ‪-:‬‬
‫يص نف االكتئ اب من حيث درجاته إلى نوي ات متفاوتة الش دة ت تراوح ما‬
‫بين الح االت الطفيفة الخفيفة والح االت المص حوبة ب أعراض ذهانية ‪ ،‬كما‬
‫‪ ،‬واكتئ اب‬ ‫يص نف من حيث م دى ديمومته إلى اكتئ اب تف اعلى ‪Reactive‬‬
‫مزمن ‪. Chronic‬‬

‫نوبة إكتئابية طفيفة أو خفيفة الشدة ‪ : Mild Severity‬وهى أقرب إلى‬ ‫(‪)1‬‬
‫عسر المزاج ‪ ،‬ويكون المزاج االكتئابى أو متالزمة االكتئاب فيها أمراً مؤكداً ‪،‬‬
‫حيث يشعر المرء بالهم وفقدان االهتمام ‪ ،‬كما ينتابه اإلحساس بالتعب ‪ .‬وغالبا‬
‫ما يك ون الم ريض ق ادرا على مجابهة مط الب الحي اة اليومية وممارسة معظم‬
‫نشاطاته ولكن بصعوبة ‪ .‬ويالحظ فى هذه النوبة غياب سمات الهياج واألوهام‬
‫واألفك ار االنتحاري ة‪ .‬كما يالحظ أنها ربما تنشأ لظ روف واقعية عارضة أو‬
‫لظروف نفسية ‪ ،‬وغالبا ما تزول بزوالها دون خدمة طبية متخصصة ‪.‬‬

‫‪-64-‬‬
‫‪ :‬وت ؤدى إلى اض طراب‬ ‫نوبة اكتئابية متوس طة الش دة ‪Moderate‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ال روتين الي ومى للم ريض وص عوبة قيامة ب األداء االجتم اعى والمه نى لكنها ال‬
‫تعج زه تمتم اً ‪ .‬ويالحظ فى ه ذه النوبة وج ود تعطل وأفك ار خاصة بعد الكف اءة‬
‫والفاعلية وأفك ار أخ رى ذات مض مون اكتئ ابى وبعض الهي اج مع ع دم وج ود‬
‫أوه ام ‪ .‬ومن الض رورى لتشخيص ها إض افة إلى ما س بق اس تمرارها لم دة‬
‫أسبوعين على األقل ‪.‬‬

‫نوبة اكتئابية ش ديدة ب دون أع راض ذهانية ‪ : Severe‬وتك ون مص حوبة‬ ‫(‪)3‬‬


‫بهياج ملحوظ وأوهام اكتئابية ‪ ،‬وأفكار أو خطط أو محاوالت انتحارية ‪ ،‬وكذلك‬
‫باض طراب األداء االجتم اعى أو تعطله تماما ‪ ،‬ويس تخدم فى تشخيص ها أيضا‬
‫ض رورة اس تمرارها ل دى الم رء لم دة أس بوعين على األقل إال إذا ك انت ذات‬
‫بداية سريعة جداً ‪.‬‬

‫نوبة اكتئابية ح ادة مع أع راض ذهانية ‪Severe With Psychotic‬‬ ‫(‪)4‬‬


‫‪: Symp‬ويطلق عليها أيضا اكتئاب ذهانى ‪ ،‬وذهان اكتئابى تفاعلى ‪ ،‬وهو مثل‬
‫النونة السابقة إال أنها تتضمن أطواراً حادة وذهولية وضالالت وهالوس وبطء‬
‫نفسى ح ركى قد يتط ور إلى حالة من الس بات ‪ ،‬وعالم ات أخ رى تن ذر بتعديد‬
‫حياة المريض من بينها اإلضراب عن الطعام ‪ ،‬وهياج يصعب السيطرة عليه ‪،‬‬
‫أو أعمال اندفاعية انتحارية وهو ما يطلق عليه بالسوداوية الفجائية ‪.‬‬

‫ويمكننا تلخيص أهم الف روق بين االكتئ اب خفيف الش دة ( العص ابى)‬
‫واالكتئاب حادة الشدة مع أعراض ذهانية (الذهان) فى الجدول التالى ‪:‬‬

‫‪-65-‬‬
‫جدول (‪ )2‬يوضح أهم الفروق بين االكتئاب العصابى واالكتئاب الذهانى‬

‫االكتئاب الذهانى‬ ‫االكتئاب العصابي‬


‫‪ -‬أس‪3333333333‬باب نفس‪3333333333‬ية واقعية طفيفة ويوجد يرجع إلى أس ‪33 3 3‬باب عميقة الج ‪33 3 3‬ذور غالبا ما‬
‫تكون وراثية أو بيئية اجتماعية ‪.‬‬ ‫استعداد للتغلب عليها ‪.‬‬
‫‪ -‬بطء فى النشاط العقلى واضطراب مح‪33‬دود ت‪33 3‬دهور فى النش‪33 3‬اط والوظ‪33 3‬ائف العقلية يفقد‬
‫نس‪33‬بياً فى التفك‪33‬ير وال‪33‬وعى وب‪33‬الرغم من ذلك معها الم‪3333‬ريض اتص‪3333‬اله ب‪3333‬الواقع ويعجز فى‬
‫التع‪33333333‬رف على البيئة والزم‪33333333‬ان والمك‪33333333‬ان‬ ‫فإن المريض يكون على اتصال بالواقع ‪.‬‬
‫واألشخاص ‪.‬‬
‫‪-‬اللياقة البدنية العامة والمظهر الع ‪33‬ام جي ‪33‬دة ت ‪33 3‬دهور الحالة الجس ‪33 3‬مية بش ‪33 3‬كل ع ‪33 3‬ام حيث‬
‫الض‪33333‬عف واله‪33333‬زال والع‪33333‬زوف عن الطع‪33333‬ام‬ ‫إلى حد ما‬
‫والشراب وعدم االهتمام بالمظهر الشخصى‪.‬‬
‫‪ -‬نظ ‪33 3‬رة تش ‪33 3‬اؤمية وم ‪33 3‬زاج ح‪33333‬زين غ ‪33 3‬ير ح‪33333‬زن ش‪33333‬ديد ونظ‪33333‬ره س‪33333‬وداء إلى الحي‪33333‬اة‬
‫مص ‪33‬حوبة بعجز عن التج ‪33‬اوب االنفع ‪33‬الى مع‬ ‫مصحوب بجمود انفعالى تام ‪.‬‬
‫المث‪33‬يرات المختلفة فال يش‪33‬عر ب‪33‬أى عاطفة أو‬
‫انفعال ويبدو وكأنه فى غيبوبة ‪.‬‬
‫‪ -‬اتج‪33 3‬اه س‪33 3‬لبى نحو ال‪33 3‬ذات مع مش‪33 3‬اعر ذم تحق ‪33‬ير ال ‪33‬ذات والش ‪33‬عور بال ‪33‬ذنب لدرجة ع ‪33‬دم‬
‫الرغبة فى الحياة والميل لالنتحار ‪.‬‬ ‫خفيفة ‪.‬‬
‫‪-‬لديه بص‪33 3 3 3‬يرة بمرضه ويس‪33 3 3 3‬عى غالبا إلى غ ‪33‬ير م ‪33‬درك لحالته وتنع ‪33‬دم البص ‪33‬يرة إلى حد‬
‫كبير وال يسعى للعالج ‪.‬‬ ‫العالج ‪.‬‬
‫ت‪33 3 3 3‬دهور ش‪33 3 3 3‬ديد فى الطاقة النفس – حركية‬ ‫‪ -‬هبوط نسبى فى الطاقة النفس حركية ‪.‬‬
‫يعجز معها عن القي ‪33 3 3‬ام بمتطلب ‪33 3 3‬ات الحي ‪33 3 3‬اة‬

‫‪-66-‬‬
‫اليومية ‪.‬‬

‫أسباب االكتئاب ‪-:‬‬


‫عوامل وراثية ‪ :‬تؤكد نت ائج بعض الدراس ات ش يوع االض طرابات‬ ‫(‪)1‬‬
‫الوجدانية عموما واالكتئ اب خصوصا بين الت وائم المتش ابهة واألق ارب ‪ ،‬وقد‬
‫كش فت نت ائج دراسة منظمة الص حة العالمية الس ابق اإلش ارة إليها (‪ )1982‬عن‬
‫وج ود اض طراب وج دانى ل دى أقراب اء مرضى االكتئ اب فى ‪ %28.3‬من‬
‫الح االت الداخلية المنشأ ‪ ،‬ول دى ‪ %19.7‬من الح االت النفس ية المنشأ أى ل دي‬
‫‪ %48‬من أفراد العينة اإلجمالية ‪.‬‬

‫عوامل بيوكيميائية ‪ :‬نتيجة اض طراب اإلف رازات الهرمونية أو الجه از‬ ‫(‪)2‬‬
‫العص بى ‪ ،‬حيث يالحظ ظه ور أع راض االكتئ اب ل دى اإلن اث مثال أثن اء ف ترة‬
‫الطمث ‪ ،‬وأثن اء ما يطلق عليه سن الي أس أى بعد توقف إف رازات الهرمون ات‬
‫الجنسية كما يبدو المزاج المنقلب مسيطراً أثناء فترة ما بعد الوالدة ‪ ،‬ومع تناول‬
‫أقراص منع الحمل ‪.‬‬

‫عوامل نفس ية وشخص ية ‪ :‬كخص ائص الشخص ية األك ثر اس تهدافا‬ ‫(‪)3‬‬


‫لالض طراب ومنها ‪ :‬س مات الشخص ية المنطوية ؛ كالخجل واالنس جابية‬
‫ومحدودية األص دقاء واالهتمام ات والحساس ية والس لبية واالعتمادية ‪ ،‬ال تردد‬
‫والح ذر والمحافظة ‪ ،‬والش عور ب النقص وع دم الكفاية وت دنى مفه وم ال ذات ‪.‬‬
‫المعاناة من بعض األعراض فى الطفولة ‪ ،‬األمراض الجسمية المزمنة ‪ ،‬الك رب‬
‫النفسى المستمر سواء االجتماعى أو العائلى أم النفسجسمى أم المهنى ‪ .‬الشعور‬
‫بالوحدة والفراغ وبعدم األهمية نتيجة التقاعد أو العنوسة أو الشيخوخة أو الفشل‬

‫‪-67-‬‬
‫المتكرر ‪ ،‬التوتر االنفعالى المستمر واالحباطات الشديدة واالصدمات ‪ ،‬ككارثة‬
‫الخ امس من يونيو ‪ ،‬والح داث المفجعة ‪ ،‬كفقد ش خص عزيز أو فقد ث روة أو‬
‫مكانة اجتماعية ‪ ،‬أو الش رف أو الكرامة ‪..‬وعيرها مما ي ؤدى إلى اإلحس اس‬
‫بالضياع واليأس ‪( .‬أمين القريطى ‪)294 : 293– 1998‬‬

‫أس باب بيئية اجتماعية ‪ :‬ومن بينها األس اليب الوالدية الالس وية فى التنش ئة كإهم ال‬
‫األبن اء ونب ذهم والقس وة الش ديدة عليهم ‪ ،‬والخص ائص المزاجية واالكتئابية‬
‫للوال دين أو أح دهما ‪ ،‬التفكك األس رى واالنفص ال المبكر للوال دين أو عن‬
‫الخالفات الوالدية الشديدة واضطراب المناخ األسرى ‪.‬‬

‫وقد رأى فرويد أن االكتئ اب ينط وى على نك وص للمرحلة الفمية نتيجة‬


‫اإلفراط أو التفريط فى عملية اإلشباع خالل تلك المرحلة ‪ ،‬وعدم النضج الكافى‬
‫للنا ‪ ،‬فهى ال تتعامل مع الموض وع (األم) على أس اس تب ادل األخذ والعط اء ‪،‬‬
‫ولكن على أس اس األخذ وح ده فى كل وقت وب دون حس اب ‪ ،‬مما يزيد من‬
‫التمركز ح ول ال ذات والتن اقض الوج دانى نحو موض وع الحب المفق ود والنقمة‬
‫عليه برغم االحتياج الشديد له واالعتماد عليه ‪ .‬لذا عندما يتعرض هذا المرء‬
‫لخيبة أمل ش ديدة – خس ارة ما لو فق دان عزيز لديه – يتولد لديه إحب اط آخر‬
‫وغضب وقلق ال ش عورى خوف اً من الهجر ‪ ،‬ثم يمتص ه ذا الغضب ويحوله إلى‬
‫ذاته كنقمة عليها ب دالً من النقمة على الموض وع ‪ ،‬ومن ثم يكرهها وي نزع إلى‬
‫اتهامها والحط من ق درها واإلمع ان فى تع ذيبها مما ي ؤدى إلى االكتئ اب ال ذى‬
‫ربما يقود فى النهاية إلى االنتحار حيث يرتد العدوان أو غريزة الموت إلى نفسه‬
‫بعد أن لم تجد لها متنفساً فى العالم الخارجى ‪( .‬أمين القريطى ‪)294 : 1998‬‬

‫‪-68-‬‬
‫أما الس لوكيون ف يرون أن االكتئ اب يح دث نتيجة النس حاب مص ادر‬
‫التعزيز المعت ادة أو غيابها من حي اة الف رد ‪ :‬ك الزواج أو الوظيفة أو ال ثروة أو‬
‫النج اح ‪ ،‬ونتيجة لذلك يقل معدل نشاطه وإ ذا لم يستشعر الفرد تعزيزاً وتدعيماً‬
‫وتعاطف اً ومساندة من قبل اآلخرين الستعادة المعدل المعتاد لنشاطه ‪ ،‬فإنه يأخذ‬
‫فى المزيد من الت دهور ح تى ينس حب تمام اً ويك تئب ‪ .‬وأكد ب احثون آخ رون‬
‫"آرون بك وس يلجمان" على ال دور اله ام ال ذى يلعبه اإلدراك ال واعى والنش اط‬
‫المع رفى ل دى الف رد فى نش أة االكتئ اب ‪ ،‬ف المكتئبون غالب اً ما يفك رون بطريقة‬
‫غير منطقية ويقللون من شأن اإلنجازات ومواطن القوة ‪ ،‬وينزعون إلى تجسيم‬
‫الفشل ون واحى العجز وت ؤدى خ براتهم الس ابقة المش وبة ب الكرب والمش قة ألنه‬
‫ينظروا إلى أنفسهم كعاجزين ‪ ..‬لذا عندما يواجهون موقفاً طارئاً فإنهم يشعرون‬
‫بع دم الكف اءة والي أس ويحل االكتئ اب ل ديهم محل القلق ‪( .‬دافي دوف ‪: 1986 ،‬‬
‫‪ ) 675 – 674‬ومن ثم يعول هؤالء الباحثون على تعديل هذا التفكير السلبى‬
‫باستخدام العالج المعرفى لالكتئاب ‪.‬‬
‫عالج االكتئاب ‪:‬‬
‫هناك طرق عديدة لعالج االكتئاب سنكتفى هنا بذكر أهمها ‪:‬‬

‫العالج النفسى ‪:‬‬ ‫‪ㄱ‬‬

‫يتضمن العالج النفسى لالكتئاب ابتداء من المقابلة ثم التشخيص ثم العمل‬


‫العالج نفسه طرقاً ووسائل عديدة من أهمها ‪:‬‬

‫العالج النفسى السلوكى ‪.‬‬ ‫‪ㄱ-‬‬

‫العالج السلوكى المعرفى ‪.‬‬ ‫‪ㄴ-‬‬

‫‪-69-‬‬
‫العالج باستخدام المهارات االجتماعية ‪.‬‬ ‫‪ㄷ-‬‬

‫العالج عن طريق تعديل االنفعاالت ‪.‬‬ ‫‪ㄹ-‬‬

‫االسترخاء العضلى والتخيل الذهنى ‪.‬‬ ‫‪ㅁ-‬‬

‫التدريب على تأكيد الذات ‪.‬‬ ‫‪ㅂ-‬‬

‫إلى غ ير ذلك من الط رق النفس ية الحديثة ‪ ،‬وال تى تعتمد بش كل أساسى‬


‫الفاحص وشخصية المريض‪.‬‬

‫العالج الكيميائى ‪:‬‬ ‫‪ㄱ‬‬

‫ب دأ اس تخدام العالج الط بى بما يس مى بمض ادات االكتئ اب‬


‫‪ Antidepressants‬ح والى ع ام ‪ 1940 ، 1930‬ثم ح دث تط ور كب ير فى‬
‫اكتش اف ع دد من العق اقير ال تى لها ت أثير إيج ابى باإلض افة إلى العالج النفسى‬
‫ومن أكثر العقاقير شيوعاً (ماربالن ‪ ،‬توفرانيل ‪ ،‬الموتيفال)‪.‬‬

‫ويجد باإلش ارة أن العق اقير تمثل عملية ض بط األع راض وليست عالج اً‬
‫للم رض – ذلك ألن العالج الكيمي ائى يس اعد على تحسن الحالة المزاجية أو‬
‫األع راض فقط – لكن الس بب م ازال موج وداً ل ذا البد من العالج النفسى بج انب‬
‫العالج الكيميائى ‪.‬‬

‫فقد أش ار " بك ‪ " 1976‬فى دراس ته أن العالج الكيمي ائى المص حوب‬
‫بعالج نفسى ق ائم على تع ديل أس اليب الش خص فى التفك ير أفضل من العالج‬
‫الكيمي ائى بمف رده – لكن نس بة التحسن والعالج عند المقارنة بين مجموع تين‬

‫‪-70-‬‬
‫تعرضنا لعالج كيميائى أو معرفى منفرد ‪ ،‬كانت فى مصلحة العالج السلوكى –‬
‫المعرفى‪.‬‬

‫أى عن دما نش جع المص اب باالكتئ اب على النش اط االيج ابى ‪ ،‬ومحاربة‬


‫األفكار االنهزامية ‪ ،‬والبحث النشط عن الشروط التى تسبب اإلصابة بالحاالت‬
‫الوجدانية الس لبية ال تى تتملكهم ‪ ،‬وه ذا هو فيما يب دو ما يجعل ه ذه األن واع من‬
‫العالج النفسى تفوق مثيالتها من العالج الطبى – الكيميائى ‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما سبق البد من االهتمام بالبيئة االجتماعية للمريض وشلة‬


‫األص دقاء وظ روف العمل إلى غ ير ذلك من العوامل ال تى أس همت فى ح دوث‬
‫المرض أو التى يمكن أن تسهم فى إحداث والتعجيل بعملية الشفاء ‪.‬‬

‫مما س بق م وجز ض ئيل ج داً عن ط رق عالج االكتئ اب أنه لو أردنا أن‬


‫نتحدث عن عالج كل اضطراب بالتفصيل الحتاج األمر أن نفرد لكل اضطراب‬
‫أو مرض كتاب خاص به‪.‬‬

‫‪-71-‬‬

You might also like