Professional Documents
Culture Documents
44659560 المذاهب المسرحية
44659560 المذاهب المسرحية
44659560 المذاهب المسرحية
المذاهب المسرحية
قصص و حكايات
www.kesaswehekayat.tk
1
تقليد قدامى اليونانيون في مسرحياتهم Jمن حيث الشكل مع بعض التيسيرات من أهمها :
أ -يباح وجود عقدة ثانوية أو أكثر ،ذلك بشرط أال تشوه وحدة العقل أو تضعف من العقدة األساسية -نعني وحدة
الموضوع .
ب -إمكانية اتساع وحدة الزمان ،فيجب أال تقف عند دورة شمسية واحدة كما قال أرسطو ، Jبل يمكن أن تمتد
إلى ثالث دورات ،أي ثالثة أيام .
ج -قد يمتد نطاق وحدة المكان ،بحيث يمكن أن يشمل قصرا Jبأكمله أو مدينة كاملة .
د -اإلبقاء على عظامية الشخصيات ،ولكن ال مانع من وضع واتخاذ الوصيفات في أدوار Jال تعد أدوارا تافهة .
هـ -اإلبقاء على األسلوب األرستقراطي على أن يكون أسلوبا وسليما وشاعريا وواضحا ال لبس فيه .
و -من سمات الكالسيكية هي أنها ال تعرف األناشيد وال الكورس. J
ز -في الكالسيكية الحديثة يتم إحالل الحب وأهواء النفس مكان القضاء والقدر ،كمحور Jتدور حوله أحداث
الرواية ،ومن هذا المنطلق أصبحت الكالسيكية ذات نزعة عالمية .
هذه هي بعض التيسيرات في محاكاة قدامى اليونان من حيث الشكل .
لقد كانت موضوعات مآسي ومالهي الكالسيكيين الفرنسيين متخذة من الموضوعات اليونانية والرومانية ،
وكذلك متخذة من بطون التاريخ وأحداثه العظمية ،وبعد ذلك يطورون هذه المواضيع بما يوائم اآلداب الحديثة
السائدة في القرن السابع عشر .هذا ونرى أن الكالسيكية الحديثة كانت تعنى بالروح وال تعنى بالمظهر ،حيث
أن المظهر لم يكن يزيد على إطار مادي سرعان ما ينساه المتفرج على المسرحية .وفي المسرحيات الكالسيكية
الحديثة تكثر األحاديث الفردية " المنلوجات " والمناقشات التي يبطؤ معها الفعل وتقل معها الحركة.
إن الكالسيكية الحديثة كانت تشبه إلى حد كبير الكالسيكية اليونانية من حيث أنها تتجه إلى تسلية الطبقة
الخاصة ،وقد الحظ هذا أولس جليوس Aulus Giliusالذي أطلق على المذهب هذه التسمية ،وقد اختصت
الملهاة الكالسيكية الحديثة في معظم أحوالها بجعل جو المسرحية مضحكا على سخافة وأمراض المجتمع
األخالقية ،حتى أطلقوا على موليير " Jالمشرع وواضع Jقوانين السلوك للمجتمع .
وإذا صح أن الكالسيكية الحديثة كانت تتجه إلى تسلية الطبقة الخاصة ،إال أنها نجحت في رفع الشعب إلى منزلة
هذه الطبقة بما كانت تقدمه إلى طبقاته من دروس في أزمات الروح والمشكالت النفسية في عالم المأساة وما
كانت ( تشرح ) به سلوك الناس وأخالق النماذج البشرية في عالم الملهاة.
وقد Jكان كورني Jأعظم من يمثل المأساة الكالسيكية الفرنسية ،وكان راسين نجمها الالمع.
1
إنه يحتم علينا قبل أن نذكر الرومانسية في ميدان المسرح أن نذكر التحديد القصير اليسير
الذي وضعه هيني األلماني " " 1856 - 1797لتوضيح الفرق بين المذهب الكالسيكي والمذهب
الرومانسي ،لقد شبه هيني المذهب الكالسيكي بمذهب القيود ،ذلك المذهب الذي يحدد أهدافه ويقف
عندها ،حيث أن الفنان الكالسيكي يلتزم بقوانين صارمة ال يستطيع الخروج عنها ،فهي دائما تبدو في
إطار مادي محدود ،أما المذهب الرومانسي فقد شبهه بمذهب االنطالق …مذهب العاطفة والحرية
….المذهب الذي يطير بأجنحة قوية في عالم الروحانيات غير المحدود ،فقد كان هيني يوجب على
األديب أو الفنان أن يجعل الرمز أهم أدواته .
إننا نعلم أن المذهب الرومانسي هو المذهب المقابل للمذهب الكالسيكي ،فالمذهب الكالسيكي إذا
كان يتقيد بقانون الوحدات الثالث مثال ،أال وهي :وحدة الفعل ووحدة الزمان ووحدة المكان ،كما يتقيد
بوحدة المادة والنغم ،فإن المذهب الرومانسي ال يتقيد بشيء من هذه الوحدات ،فشكسبير مثال ،كان
يجمع في مسرحياته إضافة إلى العقدة األساسية أكثر من عقدة ثانوية ،وهو كذلك ال يقتصر كما فعل
الكالسيكيون على قصة أو حكاية واحدة تتسلط عليها جميع األضواء ،بل هو يحشد في جميع مسرحياته
قصصا شتى وحكايات ثانوية ينظم منها كلما تقدم الفعل مقدا رائعا حافال بالآلليء ،بحيث ال تمل العين
من رؤيته والنظر إليه والتمتع به .
لقد كان شكسبير في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر ينظم مسرحياته في إنجلترا
كأنه ينظمها للعالم جميعا وللزمان كله وللبشرية كلها ،لقد كان شكسبير إنسانا عالميا ،ولم يكن شاعرا
محليا أو صناعة إنجليزية ،لهذا السبب لم يعرفه اإلنجليز ،وظلوا يجهلونه ما يقارب قرنا ونصف القرن أو
أكثر ،حتى جاء شليجل ( ) 1845 - 1767وهو رجل غير إنجليزي وعرفهم به وبقيمته ،حتى أدركوا
أنهم يملكون كنزا ،أال وهو أديب أغلى من إمبراطوريتهم .
لقد حطم شكسبير قيود الكالسيكية وجعل المسرحية كائنا حيا يتنفس برئتين قويتين ،ويطير بجناحين
طليقين ال يخضعان لقانون غير قانون الفن والحس والذوق والعاطفة ،القانون الذي يستوي أمامه الملوك
تجد لهم ظروف تبعث على الضحك ،ويبكون ّ والسوقة ألنهم جميعا بشر ،ويضحك في ظله الناس حينما
حينما تحز بهم ظروف ال يكون لهم فيها من البكاء مفر … .وهذه هي الدنيا .
1
الصميمة ،وكانت أوروبا Jكلها في ذلك الوقت تقبل على قصJص هJؤالء الكتJاب العظمJJاء وقصJص
إضرابهم Jوتلتهمها التهاما.
نود أن نبين أن هناك فرق بين المذهب الواقعي والمذهب الطبيعي ،ومن مجرد النظر إلى اسم كل منهما نسJJتنبطJ
الفرق بين المذهبين .....فالشيء الطبيعي Jهو الشيء الذي يكون منسوبا Jإلى الطبيعة ...الطبيعة كما خلقهJJا هللا ،
تلك الطبيعة التي لم تتأثر بالعوامل الخارجية الطارئة التي صنعها اإلنسان في الغالب بما يتواضع علية من تقاليJJد
وآداب ،وما يسنه من شرائع وقوانين ،وما يبتدعه من أصول الذوق العام ،أم عن الشJيء الJواقعي فهJو الشJيء
الذي تحول إليه الشيء الطبيعي Jبعد أن تأثر بتلك العوامل الخارجية الطارئة ،والعوامل التي صنعها المجتمع بما
تواضع عليه من تقاليد وآداب ،وما سنه من قوانين وشرائع .
قبل أن نبدأ في موضوعنا هذا يجب أن ننبه إلى أنه ما من إنسان في هذا الوجود إال وفيه قJJدر من الطبيعJJة وقJJدرJ
من الواقعية ...بل ليس ثمة أي مجتمع من المجتمعات إال وفيه من هJJذا وذاك ....إال أنJJه إذا طغت عليJJة سJJمات
المذهب الطبيعي Jقلنا عنه أنه مجتمع طبيعي ....فإذا غلبت عليه سمات المذهب الواقعي سمياه مجتمعا واقعياJ
ترى ما الفرق بين الصورة والكلمة وبين الكائن الحي في التعبير عن الحقيقة ؟ ...لمJJاذا يشJJعر الجمهJJور نفسJJه ،
الجالس في صالة المسرح بهJJذا الفJJرق ،ولمJJاذا يJJرفض الجمهJJور السJJماح للمثJJل بJJأن يكشJJف عمJJا يسJJمح لملتن
ورابلية باإلنابة عنه ؟ ...ثم كيف يمكن أن يكون ثمة ضل من الشك في أن الممثل ال ينبغي أن يسمح لJJه بالحريJJة
نفسها التي يسمح بها للكاتب أو للمصور ؛ بل هو في الواقع ال يسمح له بهذه اإلجازة ؟
يعتJJبر المJJذهب الJJواقعي JوسJJيلة وضJJيعة من وسJJائل التعبJJير ،خلعوهJJا على العين عميت أبصJJارهم ،فتسJJمعهم
ينقنقون كالضفادع " الجمال هو الواقع ،والواقع Jهو الجمال -ذاك هJJو كJJل مJJا أعرفJJه في هJJذه الJJدنيا -وكJJل مJJا
أحرص على أن أعلمه -فال تدع المعرفة وراء هذا " .
أم الفرق فهو مسألة حب ،فذاك الذي يحب هذه الJJدنيا فJJيرى JالجمJJال في كJJل مكJJان ؛ إنJJه الJJه يحJJول النقص إلى
كمال بالعلم والمعرفة ...إنه يستطيع أن يبريء األعرج والمريض ،ويمكنه أن ينفخ روح الشجاعة في الضعافJ
المنحوبين ؛ بل في وسعة أن يتعلم كيف يشفي األعمى فيرد Jعليه بصره ! ...إن القوة قد ألقت بمقاليJJدها بين يJJدي
الفنان الذي يسيطر Jفيما اعتقد في هذه العالم .
إن إمكانية أن يقع المذهب الواقعي من نفوس الجمJJاهير موقJJع االستحسJJان أمJJر محتمJJل تمJJام االحتمJJال في فJJترة
وجيزة من الزمن ،ولكن ليس في فترة غيرهJJا فالجمJJاهير Jال تهتم دائمJJا بJJالبحث عن المعرفJJة ......كال ....بJJل
هي ال تهتم حتى بعصارة األفهام ،أو ذاك الجوهر الفرد البسيط الدائم ،الذي هو جوهر الحق ،المسJJتقر في كJJل
مكان إلى األبد ،وال يراه إنسان .إن ما يعني الجماهير هو الجري وراء المال ،تلك القوه السمينة البهيميJJة الJJتي
يرغون منها ما يمكن أن تتيح لهم -تلك القوة الJJتي هي أشJJبه بJJالمرأة ،يصJJافحها JالمصJJافحون حينمJJا ال يقنعJJون
منها بقبلة ،تلك القوة التي أشبه بالسيد السند ،حينما ينفح بعشJJر قطJJع من الJJذهب إلى " سJJائلة الفقJJير " ....تلJJك
القوة التي ال يعنيها إال أن تتصدق بالقليل من المال في مواضع تكون فيها المحبة أولى وأجدى .
فطالما Jكانت الجماهير تتألف من تلك الطبقة الخسيسة الحوشية ...تلك الطبقة المسJJاومة الJJتي ال تبJJذل من الخJJير
إال فتاته ،فلسوف تضل مفتونة بهذا المذهب الواقعي Jالذي هو حيلة الفنان الوضيع العاجز .
إنه ليس ثمة مJJا يJJدعوا إثJJارة القلJJق في نفJJوس رواد المسJJرح ،وليس ثمJة مJJا يJJدعوهم إلى استشJJعار الكآبJJة ....
عفوا ....استشعار الغيظ إن أردت ..أما الكآبة فليس ثمة ما يدعوا إلى مثقال ذرة منها ،إذ أن هذا العدد المعدود
من رواد المسرح الذين يشغفون بالجمال ويمقتون المذهب الواقعي ؛ هم أقلية صغيرة تتJJألف من سJJتة ماليين من
1
األنفس ،وهم مبعJJثرون هنJJا وهنJJاك في أطJJراف المعمJJورة ،وهم كJJذلك ال يJJذهبون إلى المسJJارح
الحديثة ،وإن ذهبوا فنادرا .
لقد أراد بعض الكتاب الطبيعيون أن يصفوا لنا عالم بأسره فلم يستطيعوا أن يصفوا سوى مستشفى كل ما
يحتويه هو أناس مجانين أو ناقصو العقل أو منحرفون ،وقد حدث هذا في المسرح حينما أصابته ريح
المذهب الطبيعي ،لقد كان ابسن جبار المذهب الواقعي في المسرح وهو الذي كتب بعض مسرحيات
اصطبغت بعض معالم المذهب الطبيعي إال أنها لم تنزل إلى مستوى حضيض المسرحيات الطبيعية كما
فعل تالميذه الذين تتلمذوا على زوال وكذلك على الكاتب السويدي أوجست مترندبرج .
إنه لمن المؤلم أن يؤدي هذا المذهب الطبيعي مذاهب األدب بجميع أربابه إلى الدمار الخلقي والصحي ،
ولعل السبب في ذلك هو إلتزام المذهب الطبيعي بالصدق في تسجيلـ مجريات الحياة والمبالغة في
التزام ذلك ،دون أن يعمل األدباء حسابا إلى العواطف المكتوبة التي تنفجر باإلطالع المكشوف على ما
يجمل به أن يختفي ويستتر من موبقات العالم الجنسي ،والذي يدهشنا أن المذهب الطبيعي لم يجتذب
نحوه سوى ضعاف العقول والبنية من األدباء وكذلك المفكرين المرضى والعليلين .
لقد حاول بعض األدباء أن يتلمذوا على ابسن ،وحاولوا أن يقلدوا طريقته في الحوار وأسلوبه الموضوعي
في تصوير الشخصيات لكنهم فشلوا ،ولعل السبب في فشلهم هو أن أسلوب ابسن في تصوير شخصياته
أسلوب تحليلي ينتهي دائما إلى تعقيد القواعد وتقنين القوانين …… .هذا ليس أسلوب المذهب
الطبيعي والطبيعيين ،ألن الطبيعيين من أسمهم نستدل على أنهم ال يعنون بالقواعد والقوانين في تصوير
شخصياتهم ،فهم إنما ينقلون لنا من الحياة صورة طبيعية صادقة ،طليقة من القوانين متحللة من القواعد
1
،غير مقيدة باآلداب والشرائع ،فمسرحيات الطبيعيين تضع الشخصيات بين المشاهد عارية
سافرة ،كأنها مقاطع طويلة وعريضة لهضبة من الهضاب أو سهل من السهول .هذا وينحصر عملهم على
إعطائك صورة لهذا المقطع ،أما ما وراء هذا فمتروك لك أنت وحدك تستنتج مما ترى ما يحلو لك من
أفكار وآراء ونظريات على هدى ما ترى من طبقات ذلك المقطع .
إن الطبيعيون من رجال المسرح قد ساروا على نهج زوال وأصحابه من قصر نشاطهم على تصوير حياة
الطبقة الدنيا ،ونقل ما تزخر به تلك الحياة إلى المسرح ليراه الناس على حقيقته ،وال ندري ما الذي
جعل أولئك الطبيعيين يقصرون نشاطهم على تصوير تلك الطبقة على ما قصره علية زوال وأصحابه ….
وباألحرى كل ما يشين تلك الطبقة من سقوط وتهافتـ أخالقي وشذوذ وضعة ،ولؤم ودنس وحب بهيمي
… .فهل هم فعلوا ذلك لمجرد أنهم قلدوا زوال ؟ … .أو فعلوه ألنهم كانوا يؤمنون أن الذي يكشف النفس
اإلنسانية على حقيقتها كشفا تاما هو تصويرها وهي غارقة في حمأة الرذيلة ،دون أن يكسوها بما تكسوها
به الفضائل من أثواب النفاق والياء ،كأنه في نظرهم تلك الفضائل نفاق مصطنع ورياء مجلوب ،اخترعته
الحضارة وتوسلت به اإلنسانية في أطوار ضعفها لتجعله سالحا للضعفاء يقيهم شرة األقوياء ؟…….
لقد صرح الطبيعيون أن هدفهم هو أن يضعوا الناس أمام الحقيقة التي خلقوا عليها ال لبس فيها وال غموض
وال تعميه ،وصرحوا أن غرضهم من تصوير الناس على هذا النحو هو أن يفهم المصلحون حقيقة النفس
اإلنسانية قبل أن يحاولوا إصالحها ،فالطبيب النطاسي هو الذي يتحسس مواضع الداء ويتعرف أسبابه
واألصل الذي عنه نشأ ،بطبيعي الحال ما دامت المسألة مسألة تشخيص ألمراض النفس اإلنسانية فليس
يهم الطبيعيين من هذه النفس إال أمراضها ،والعجيب أن زوال -أمير القصة الطبيعية في األدب الفرنسي
-أدرك ما للمسرح من خطر في هذا الميدان ،فحاول أن يغزوه بتمثيله من النوع الطبيعي اسمها "
تيريزراكان " ففشل ،وفشلي تمثيليته … .ومن ثمة عاد إلى القصة وقصر نشاطه عليها .
إن الذي فشل فيه زوال نجح فيه تولستوى ( ) 1910 - 1828الروسي العظيم ،فقد كان طبيعيا إلى حد
بعيد في تمثيلية " سلطان الظالم " حيث صور في هذه التمثيلية قوة تأثير البيئة وتحكمها على الفرد ،
ولقد تجنب تولستوى الوقوع في الخطأ الذي وقع فيه زوال ،ولعلة حينما جنب نفسه الوقوع فيه ،قد
وقف مثل ابسن في أعلى درجات السلم الواقعي وفي أول درجات السلم الطبيعي .
1
المذهب الرمزي .2
إن الرمزية في المسرحية ضرب من ضروب الرومانسية أكثر شهرة وأقل استغالقا من العاطفية .فا
الرمزية شىء ينحني جادة الصواب ،ثم هي شيء معقول بحكم الترتيب وهي اليوم تستعمل في العالم
كله ،فنحن اليمكن أن نسميها شيء مسرحيا إذا كنا نقصد بالشي المسرحي الشي الزاهر المبهر ن ومع
ذلك فالرمزية هي لباب المسرح إذ لم يكن بدا من أن ندرج فنها من بين الفنون الرفيعه والرمزية ليست
شيء يخشى منة إنها الرقة نفسها وهي شيء يفهمة الملوك وذي المناصب الرفيعة ،وثمة نفر يخشون من
الرمزية ويكرهونها ويدعون أن سب ذلك هو أنها تحمل في ىطياتها البالء واالذي ،وأنها ليست في االدب
شيء .ثم هم يقدمون لذلك أنهم يعيشون في عالم واقعي غالأنهم اليستطيعون أن يفسروا لنا لماذا
يستخدمون الرموز لكي يقولو لنا هذا الكالم ،وال كيف كانوا طوال حياتهم يستخدمون هذة الرموز نفسها
التي يجدونها ،مما يعسر عليهم أدراكهاـ الي هذا الحد .وذاك أن الرمز ليست في أصول الفنون كلها
فحسبـ بل أنها في جذور الحياة جميعا ،بل نحن النستطيع جعل هذة الحياة شئا نحتملة إالعن طريق
الرموز التي نستخدمها على الدوام .ومن هذا القول يمكن القول بأن الرمزية .
شبه الرومانسية في أنها ال تهدف الى مجرد تصوير الجوانب الظاهرة من الواقع .وهي تضيف في
خطراتها التي هي أقل من خطرات الرومانسية عنصرا خياليا أو شاعريا لمظاهر الواقع السطحية .كما أن
الرمزية ال تقيد نفسها بخلق الصورة الساحرة فحسبـ ،وانما تؤلف صورة محددة عن معنى العمل الفني
المختص من النواحي الفكرية واالخالقيه أو العاطفية .فالرمز موضوع أو عمل اليقتصر على القيمة
الذاتية وأنما يشمل أيضا القيمة الخارجية .فالرمز في الفن هو رباط من القيم ن والكاتب المسرحي
الذي ينغمس في الرمزية يحاول أن يبين سلسلة من المعاني والقيم يشعر بشانة ال يستطيع أن يعبر عنها
تعبيرا وافيا أو مقنعا أال إذا سلك تلك المسالك القصيرة الى المستويات العميقه من العواطف والوجدان.
أاللوان التي تثيرها الرمزية مختلفة فهي ترضي الرغبة الشديدة في الهرب من االمور المالوفة و االمور
الدنيوية ،كما أنها تمتع المرء ذا االتجاةـ االخالقي المتين والذي يحس بأنة قد أضاع وقته في المسرح
سدى اذ لم يعد منة بجوهرة فكرية فلسفية أو أخالقية ،اضافة الي ذلك ترضي الجوانب الشاعر يه
والخيالية اذ أنها تحرك نشاط الجانب البياني العقلي .
ومقدار الرمزية يختلف اختالف كبير حتى في المسرحيات ذات الطبيعة الرمزية األكيدة .وكثير ما نجد
الرمزية في معظم المسرحيات التي من هذا النوع عرضية بالنسبة لموضوع كانت طريقة معالجته
رومانسية أو واقعية بشكل عام .
1
فكتاب المسرح يميلون إلى استخدام الحيل الرمزية إلبراز قيم ال يمكن أن تظهر بوضوح
كاف أو بقوة في التصوير الواقعي للوجود البشري وحدة ز وقد تكون مثل هذه الرمزية شيئا صعب
المنال ،وليس فيها من قيمة تتعدى الشبيه البياني في إيحائها بمشابهة المعني ،ولكنها قد تكون عنصرا
أساسيا في بنا المسرحية فتحتل مكان عنصر ظاهري .
نماذج من المسرح الرمزي :
.1مسرحيات ابسن " بيت الدمية " و " البطة البرية ".
.2مسرحيات لوليم باتلر ييتس " كاثلين ني هوليهان ". CATHLEEN NI HOULIHAN
.3ومن أحسن االمثله علي المسرحيات الرمزية تلك المسرحيات التي وجدت في العصور الوسطي التي
كانت تعرف بالمسرحيات األخالقية .
.4مسرحيات بيتس في مسرحية "موطن الحبيب " THE LAND OF HEART,S DESIRR
1
المذهب التعبيري .3
أسم أطلقه النقاد األلمان ،نشا نتيجة احتجاج النقاد في محاولة الرومانسية والواقعية أبعاد العناصر التي
ال تدخل صمنها .وهذا المذهب كما يوحي اسمه ،محاوله ألكتشاف تقنية وطريقه للتعبير عما يعتقد
الكاتب المسرحي بأنة يشكل الحقيقة الباطنة في مسرحية ،وهو طريقة أوفى ،وأكثر تأثيرا من طرق بقية
المذاهب المسرحية .فهو من جهة يشكل احتجاجا لي ما في الرومانسية من أباطيل عاطفية ،ومن جهة
اخرى يشكل احتجاجا على اتجاة الواقعية غلي االكتفاء بالتصوير الدقيق للمور الظاهرية في الحياة
واللهجات والوسط االجتماعي واألخالق والعواطف واألفكار عند طبقة من طبقات المجتمع.
فالتعبيري يرى أن الرومانسية تحاول أن تستبدل التأويل األمين للتجربة اإلنسانية بتأويل مزيف ؛ ويرى
أن الواقعية تضيع الحقائق السيكيولوجية الباطنة نتيجة أنشغالها بالنقل الدقيق للظواهر .ثم أن التعبيرية
تكشف عن تأثير االنشغال المعاصر بتجارب الرجل المعاصرالفنية والمعقدة والشعورية والالشعورية على
المسرحية ،وتفضح عن ضيق كل من الكاتب المسرحي والمخرج ذرعا بالقيود التي فرضتها المسرحية
الطبيعية في نهاية القرن التاسع عشر ،وتظهر رغبه شديدة في االستغالل الكامل لجميع ما في المسرح
الحديث من وسائل هائلة في المعدات وفي أل أضاءه ،وتحاول أن تخرج بالوسائل التخيليه القويه ما
في المسرحية التجربية من مفاهيم فلسفية أو مادية .والتعبيرية تتيح أقصى مجال من الحرية في
أستخدام األساليب والوسائل الفنية واالجواء .فقد نجد في المسرحية الواحدة أنتقاال فجائيا –النعطي له
أحيانا تفسيرا – من الشعر الي النثر ،ومن الواقعية الموضوعية الي ذروت المولوج الذاتي ،ومن حوار
واقعي تقليدي الي كالم مسرف االيجاز ز واما كان التركيز ينصب على تجارب الفرد أو الجماهير
األساسية فأن المسرحية التعبيرية تتجهنحو تبسيط الحبكة المسرحية وتقليل الفعل الموضوعي ،وذلك
لكي ال ينصرف االنتباه عن االمور الرئيسية .
سمات المذهب التعبيري
.1اشتمال المسرحية التعبيرية على شخصية رئيسية واحدة تعاني أزمة روحية أو ذهنية أو نفسية ،على
أن تري البيئة والناس في المسرحية من خالل نظرة تلك السخصية الرئسية إليها.على أن تكون متفرسة
يترجمها مؤلف المسرحية ويعبر عنها بوسائل المسرحيه الرمرية .
.2تتألف المسرحية التعبيرية عادة من عدد كبير من المشاهد والمناظر.
.3المشهد األول غالبا ما يكون من مشاهد الحياة ،وذلك لتيسيرالدخول الى الموضوع .
.4تهدف الى تصوير دخيلة النفس وتجسم تجارب العقل الباطن ،فليس المهمتصوير المظاهر الخارجية
المحتملة الوقوع .
.5شخصيات الروايه التعبيريه نماذج ،الافراد عائدين ومن ثمة يسمون بأسماء رمزية أو ندعوهم :
الرجل او المرأه أو الشاعر أو الشرطى ....الخ .
.6اللغة مقتضبة يكثر فيها حذف أواخر الجمل ..وهي لغه سريعه تلغرافية ...ويفضل أن تكون لغة
دارجة تبتعد عن اللغة الرسمية التي اليستعملها الناس في تفكيرهم الخاص.
.7التمثيل يكون فيها سريعا شديد التحدر ،خياليا ،متنوع المناظر مصحوب بالموسيقى واالصوات
الرمزية ،حافل بالحيل المسرحية كاالقنعة والمالبس الغريبه واألضاءه التي تثير الخيال.
1
نماذج من المسرح التعبيري
مسرحية " اآللة الحاسبة" ل"ألمـر رايس"
مسرحية " القرد كثيف الشعر" ل"يوجين أونيـل"
مسرحية " من الصباح إلى منتصـف الليل" و " الغاز "Gasل" جورج قيصر"
مسرحية " حياة اإلنسـان" ل "أنـدرييف"
المذهب السريالي أو السريالزم مذهب في الفن واألدب أسسه الشاعر الفرنسي أندريه بريتون في باريس
عام. 1924حيث سقطت المبادىء واالفكار التي كانت سائدة في العالم قبل الحرب العالمية األولى،
فخاب ظن الناس في كل ما كان سائدا من قيم مأثورةـ ونظريات ثابتة ،والتمسوا في عالج مشكالتهم
االجتماعية مبادئ وفلسفات جديدة .فنشأت نزعة جارفة تدعو إلى التحلل من األخالق وتحرير الغرائز
والرغبات المكبوتة في النفس البشرية .وأكثر من ذلك إلشباع الغرائز والرغبات إشباعا حرا ال يخضع
ألي قيد ،وال تردعه أية مواضعة من مواضعات المجتمع .حيث لم تقتصر هذه النزعة على الحياة ،بل
امتدت إلى الفن واألدب ،مما أدى إلى ظهور السريالية أو مذهب ما فوق الواقع أو ما وراء الواقع أو
المذهب الذي يستند إلى الالوعي .فهو ذلك المذهب الذي يحلق بنا وراء الحدود المألوفة ،والذي
يحاول أن يمد األدب والفنون لهذا السبب بما لم تألفه اآلداب والفنون من المواد الغريبة عليها ،أو
المواد التي لم يسبق للكتاب أو الفنانين أن يستعملوها أما رهبة منها أو وجهال بها أو لعدم قدرتهم علي
تكيف طريقه تناولها ،ومن ذلك المزج بين المسرحية الواحدة أو القصة الواحدة أو الصورة أو التمثال
1
الواحد بين تجارب العقل الواعي والعقل الباطن ..ومن ضرورات هذا المزج أال يخضع
الكاتب أو الشاعرأو الفنان ألصول المنطق والتفكير المعقد السليم ،وذلك ألن من أهم قواعد السريالزم أن
تتغلب سمات العقل والباطن وصبغته على سمات العقل الواعي وصبغته في عملية المزج بين تجارب
كل منهما في رواية الكاتب أو قصيدة الشاعر أو صورة الرسام أو التمثال… ومن أثار غلبة العقل الباطن
على العقل الواعي هذا التحليل من أصول المنطق والتفكير المعقد السليم .
فهو كالمذهب الدادي الذي انبثقت منة السريالية فإنه يستخدم الفن سالحا ضد الشر والقيود التي يراها
السرياليون في المجتمع .فالسريالية تحاول أن تكشف عن واقع جديد يتجاوز الواقع الفعلي .فا السريالية
كلمة جديدة تعني ما فوق الواقعية.
ومن ينعم النظر في هذا الكالم يدرك كيف الرومانسية توشك أن تقترب من السريالزم ألن أصل
الرومانسية تغليب العاطفة والخيال علي األمور العقلية .فالسرياليون يدعون أنهم يصنعون أشكاال وصورا
بدون وعي ،وبدون تفكير لكن بأحساس فطري خالص ،وعن طريق الصدفة .وباستخدام هذا المنهج
يد عي السرياليون أن بإمكانهم صنع عالم في مجال الفن واألدب أكثر جماال من العالم الحقيقي .فهم ّ
بهذه الطريقة يحاولون مفاجأة المشاهد وعرض مايعتقدونه العالم العميق والحقيقي من الطبيعة البشرية .
والحركة السريالية مازلت تؤثر على الفنانين والكتاب في العالم .
فانطالقا من اإليحاء واإلشارة التي آمن بها السرياليون ،لم يحفلوا كثيرا بوضع خاتمة لمسرحية أو قصة ،
وأنما تركو للمشاهد أو القارىء مهمة تصور الخاتمه التي يريدها ،والتي ترسمها له قواه النفسية أو
المطلقة من كبتها .وآمنوا أيضا بأن المقاطع واالوزان في الشعر ،وأوضاع الجملة وأساليبها في النثر الفني
مظهر من مظاهر الصنعة يعترض طريق الخلق الفني ،ويقتل إحساس الفنان الخالق .لذلك يجب أن
يعبر السريالي عما اختلج في أعماقه والوعيه بحرارة عفوية .
ومهما يكن من اختالف آلراء في السريالزم ،فالكاتب أو الفنان الذي يأخذ بهذا المذهب يفضل أاليرتبط
باألوضاع المعروفة في المذاهب األخرى ،وهو لذالك يأبـى التقيد في المسرحية مثال بالقالب الواحد
يصب مسرحيته فيه كما كان يصنع الكاتب الكالسيكي أو الكاتب الواقعي بل هو يؤثر التنقل في
المسرحية الواحدة بين األجواء المختلفة ….األجواء السائبة المتحللة من العرف والتقاليد … وهذا التحلل
من العرف والتقاليد هو سمه من سمات الرومنسية ،إال أنه في السريالزم تحللـ نشأ مما كرثت به
الحرب العالمية األولى ( ) 1918– 1914نفوس من اصطلوا حرها فزعزعت فيهم القيم األخالقية
وجعلتها تفلت من ربقة العقل ( القديم ) الذي زلزلت أركانه نظرية النسبية الجديدة وما أذهل به فرويد
عقول العالم من أبحاثه السيكلوجية العجيبة التي أثبتت مدى تسلط عقلنا الباطن وهيمنته القاهرة علينا
وتحكمه في تكيف أخالقنا ،وبالتالي في عقلنا الواعي .
المراحل التي مر بها السـريالزم :
في البداية أطلق علي حركة السريالزم ( دادا ) أي بابا ،وهي الكلمة التي ارتجلوهاـ لثورتهمـ العاصفة
بجميع القيم األخالقية ،والسخرية وما وسعتهم السخرية بما توارثه الناس من آداب وتقاليد وشرائع
ومثل .وأنهم اتخذوا أحط الطرق وأوقحهاـ لنشر هذه الروح الجديدة وإشاعتها بين الناس .وقد وجدوا أن
إنجيلهم الجديد وقيمهم الجديدة في تعاليم ماركس ،تلك التعاليم التي كانت أكبر مخدر للطبقات العاملة
1
،ولهذا نشبت بينهم وبين رجال السياسة واألديان عامة ،والسيما الكاثوليكيين ،مصادمات
فكريه عنيفة ،إذا كانوا يغرون الشعب بالتحرر من الكثلكة إلى الواقعية االشتراكية .
أما الفن الجيد الذي كانوا ينشدونه فقد وجدوه في تلك الكتابة الالشعورية أو الكتابة التلقائية والتي كان
أندريه بريتون أول من ارتفع بها إلى السريالزم الصحيح ،وباألحرى كان أول من انتشلها من بؤرة الفوضى
التي قضت فيها فترة الحصانة في موسكو.
وأول هذ األطوار التي مر بها السريالزم من الفترة ( )1924– 1920وهي الفترة التي كان فيها السريالزم
يلتمس طريقه إلى الفنون واآلداب والسياسة باستخدام الوسائل التي يستطيع بها تسخير العقل الباطن
لإلنتاج في هذا الميدان الفسيح الرحب .أما الطور الثاني فكان من الفترة ( ) 1930 _ 1925وهو الطور
التي تحقق فيه كيان السريالزم ،وذلك بقيام الشيوعية الدولية ،وكان ذلك مصحوبا باإلنتاج الفعلي في
عالم األدب والفنون وفقا ألصوله الالشعورية ( التلقائية) الخالصة… أما الطور الثالث الذي مر به السريالزم
هو ذلك الطور الذي أخذ فيه معتنقو السريالزم بالتحلل تدريجيا من ربقة موسكو السياسية ،وهو تحللـ
يكاد يكون ردة إلى األصول التي ثار عليها منشئو السريالزم الذين كانو ينكرون الوطنية ويستهزئون
بالشرائع ويسخرون من التقاليد ويزرون باألديان… مما نتج عن هذه الردة أن أصبح كتاب السريالزم
وفنانوه يتهاونون إلى حد ما في الكتابة الالشعورية أو التلقائية التي يكتبها الكاتب وهو شبه ذاهل عن
نفسه ،وعادوا يجيزون الكتابة الشعور يه إلى حد ما – كما أجازوا ذلك في الفن أيضا .أما السريالزم في
طوره الحديث ،ظهر بطريقة جديدة أو وجه جديد من أوجه السريالزم ،وهي طريقة اإلضطراب الذهني
(البارانويا ) التي ينتاب الكاتب السريالي فيها حاله أشبه بالشرود الفكري يصدر فيها عن مزاج سوداوي
يجعل أفكاره ممفككة يكاد الربط بينها يكون معدوما… .وقد تأثر بالفن الحديث الكثير من كتاب المسرح
الذين يثيرون في القارئ أو المتفرج الكثير من مشاعر الرحمة وأحاسيس الحنان بجمال ما يصوره خيالهم
المنطلق من صورة الروح اإلنساني المستكن في أغوار النفس وال يحسن إظهارها إال هؤالء السرياليون.
السمات التي تميزت بها المسرحيات السريالية :
استطاع المذهب السريالي أن يقدم للمسرح وجه نظر جديدة حيث تميزت المسرحيات السريالية
بمجموعة من الخصائص منها:
أن المسرحيات السريالية تكاد تكون تشبه المسرحيات الطبيعية من حيث عدم اشتمالها على ذروة ،
ومن حيث أنها مجرد صورة ال تربطها إال فكرة عامة.
المسرحية السريالية تشبه الحلم أو أحالم اليقظة والتي هي من آثار سلطان العقل الباطن.
نـماذج من المسـرح السـريالي-:
مسـرحية قلبي في بالد األحـالم ( )My Heart is in the Highlandsل (وليم ساروين)
1
المذهبـ الصوفي .5
في أواخر القرن التاسع عشر ،وفي الثلث األول من القرن العشرين الميالدي ،قامت حركة أدبية قوية في
أيرلندا كان أبطالها يهدفون إلى ما تهدف إليه الحركة السياسية الثورية هناك من االنفصال عن إنجلترا.
ومن ثم كان لهذه الحركة طابعها الفذ المستقل عن األدب اإلنجليزي بعامة ،شعره ونثره وأغراضه.
وقد تميزت تلك الحركة في دنيا المسرح بانطباعات عدة أهمها ما كان يدعو إليه الكاتب المسرحي
جون ملينجتون سين John Millington Synge 1871 - 1909م ،وليدي أوجستا جريجوري Lady
Augusta Gregory 1852 - 1932م ،ووليم بتلر ييتس William Butler Yeats 1865-1939م،
من الثورة على المذهب الواقعي وتجريد المسرح والمسرحية لألغراض األدبية الخالصة البعيدة عن
األفكار ،التي ال تنشد إصالحا ً وال تهتم بنقد المجتمع ،أو التبشير بفلسفة اجتماعية خاصة ،وكان سين
يتحمس لهذا تحمسا ً شديداً ،ويحتج له بأنه ال بد للمسرحية أن تكون عمال ً فنيا ً خالصا ً يسمو بالنفس
البشرية ويعلو بها فوق عذاب هذه الحياة المملة المتعبة المكتظة باآلالم والمواجع ،تماما ً كما تفعل
الموسيقي السيمفونية.
من أجل ذلك اتجه الكتاب نحو األسطورة واألسطورة الدينية ،ونحو تصوير الروح الريفي الذي تزيده طبيعة
الجزيرة األيرلندية فتنة على فتنة وسحرا ً فوق سحر.
وقد اتجهتـ ليدي جريجوري ووليم ييتس بالمسرحية اتجاها ً صوفيا ً روحانياً ،وهو ما يكاد يشبه ما حدث في
عالم التصوف الشرقي ،حينما انقسم المتصوفة في الشرق فكان منهم من حافظ على روح الشريعة ،وإن
ساروا بفرائض الدين في طريق كله تزكية روحية وصفاء مستنير وتطهير وجداني ال غبار عليه ،وكان منهم
فئة أخرى ضالة استعلت على العلم والشريعة ،فزعمت أنهما للعامة ،العامة التي ال بد أن تؤخذ بالعلوم
1
والفرائض والشرائع والقوانين تضبط حركتها وتقيد تصرفاتهاـ في كل شيء ،في العبادات وفي
المعامالت على السواء .أما الخاصة وهم صفوة المتصوفة فيما يزعم هؤالء ،فهم أهل الحقيقة ،وهم لذلك ال
يتقيدون بما يدعو إليه الدين من فرائض ،وما يلزم به العامة من علم ومن شرائع وقوانين،ـ وكال الفريقين
يدعو إلى التخلص من مادة هذا العالم واالندماج في الذات اإللهية.
وتكاد ليدي أوجستا جريجوري تمثل الفئة األولى ،ويكاد وليم بتلر ييتس يمثل الفئة الثانية.
والمذهب الصوفي خليط من المذاهب الرومانسية والرمزية والسريالية ،كما أن له صلة واضحة ببذرته
األولى ،وهي المسرحية الدينية والسيما النوع األخالقي منها .وقد كتبت ليدي جريجوري مسرحيتها
الصوفية "الرجل المسافر" ،في حين كتب ييتس مسرحية على نمط هذا المذهب هي "حيث الشيء".
كما تجدر اإلشارة إلى مسرحية "كل حي" ،وهي مسرحية أخالقية تنسب إلى مؤلف مجهول في عصر
إدوارد الرابع Edward IV 1461-1483م ،وقد مثلت هذه المسرحية في الميادين العامة قديماً ،إال أنها
أعيد إخراجها في العصر الحديث في كل من إنجلترا وأمريكا ونالت نجاحا ً وأقبل عليها الجمهور إقباال ً
شديداً ،وذلك لما فيها من اإلثارات الدينية القوية التي تالئم أمزجة الجمهرة المتدينة في كل أمة من
األمم.
الوجودية نسبة إلى الوجود ،ولكل شيء عند الوجوديين وجود وصورة ،والصورة هي مجموعة من الخصائص
والصفات الثابتة التي يتصف بها الشيء ،فهي جوهر الشيء الموجود أو ماهيته ،أو ما هويته ،كما يعبر عنها
بعض الوجوديين نسبة إلى ما هو؟.
أما الوجود فهو كينونة الشيء بالفعل في هذا العالم ،والشيء ال تكون له صورة إال إذا وجد أوال ً ،ولذلك كان
الوجود سابقا ً على الصورة في نظر الوجوديين ،وهم في ذلك يختلفون عن أفالطون في نظرية المثل
المشهورة التي تجعل الصور سابقة على وجود األشياء .وهكذا يقول الوجوديون بوجـود األشياء أوال ً ،ثم
تتولى هي بنفسها صيرورتها إلى الصورة التي تريد.
والوجوديون يقصدون بهذا الكالم عن الوجود والصورة ،اإلنسان قبل أي شيء آخر ،بل لعلهم ال يقصدون به
شيئا ً آخر غير اإلنسان ،ويذهب "جان بول سارتر ،"Jean Paul Sartreإلى أن وجود األشياء يأتي بعد
صورتها إال في اإلنسان،ـ إذ يتحقق وجوده أوال ً ،ثم تتحقق صورته :أي صفاته ،أو ماهيته ،أو هويته ،بعد ذلك.
وهذه الفئة من الوجوديين ،هي الفئة المادية التي تنكر وجود الخالق -سبحانه -الذي يخلق الناس وهم
ينكرون وجود الخالق ألن اإلنسان الوجودي في نظرهم هو الذي يتولى خلق أعماله ،ويحدد صفاته أو
1
ماهيته أو صورته بنفسه ،وعلى ضوء ما يراه بعد أن يفكر ويختار اختيارا ً حرا ً ال يمليه عليه
أحد من الخارج .حتى ولو كان هذا المملي من الوجوديين أنفسهم.
على أن من الوجوديين فئة أخرى تؤمن بوجود الخالق ،وهؤالء هم الوجوديون الدينيون ،أو الوجودية
المؤلهة ،أي التي تعترف بوجود إله خلق اإلنسان ،لكنه لم يخلق أعماله .إن الله في نظر هؤالء الوجوديين
الدينيين يخلق اإلنسان،ـ ثم اإلنسان بعد ذلك هو الذي يخلق أعماله بنفسه ،أي أنهم يرفضون فكرة الجبر،
ويؤمنون بفكرة االختيار .ومن هنا كانوا يؤمنون بوجود اإلنسان أوال ً ،ثم بالصورة التي يخلقها اإلنسان ثانيا ً.
أما الوجوديون الملحدون الذين ال يؤمنون بوجود إله ،فزعيمهم هو "جان بول سارتر"،ـ ومنهم "مارتينـ
هيدجر ،"Martin Heideggerو"ألبير كامي ،"Albert Camusو"سيمون دي بوفوار Simone de
."Beauvoirوتقوم فلسفة هؤالء على وجوب أن ينظر اإلنسان في مجتمعه ،وفي العالم الذي يعيش فيه،
وما يجب عليه أن يقوم به في هذا المجتمع وفي ذلك العالم ،ليكون وجوده مشروعا ً.
المسرح التجريبي مفهوم حديث ،يرجعه بعض النقاد إلى ستانسالفسكي في محاولته إلنشاء معمل
مسرحي ألحد تالميذه ،وإلى أنتونيان آرتود ،Antonin Artaudفي مسرحه "القسوة"،ـ وتجارب العنف
كما في مسرح فايس ،وكلها وغيرها تجارب تحق عليها صفة التجريب ،أو صفة الطليعية ،طبقا ً لمفاهيم
العصر الحديث .إذ إن التجريب أصال ً هو ما كان يتعلق بعرض خاص ،له مواصفات فكرية وتنفيذية كالتي
حققها ماكس رينهارت ،Max Reinhardtفي مسرحه الخاص الصغير.
والحقيقة أنه ليس هناك تاريخ ثابت لتحديد نشأة المسرح التجريبي ،وإن كانت ثمة بدايات قد طالعنا بها
ظهور المسرح الحديث ،في أواخر القرن التاسع عشر الميالدي ،وفي مقدمة هذه البدايات مسرح "أندريه
عد مسرحه من أوائل المسـارح أنطوان ،"Andre Antoineمؤسس المسـرح الحر في فرنسا ،إذ يُ ّ
التجريبية ،التي ذاع صيتها في جميع أرجاء العالم ،وكان تجريبا ً لجمهور عام.
كانت بداية المسرح الحر بداية متواضعة ،ومع ذلك أصبح مسرحه المبني من الخشب في الفنون الجميلة
بباريس ،حيث قدم أنطوان أول عروضه للمسرح التجريبي ،صرخة مدوية ورمزا ً للقوي التقدمية في عصره،
وقد نجح أنطوان ،الممثل والمخرج ،منذ اللحظة األولى في وصل التعاون بين مسرحه وكتاب األدب،
1
خاصة األكاديميين منهم ،وعلى رأسهم إميل زوال .أما مسرحه فقد كان يتسع 343متفرجاً،
وكانت تسودهم روابط األسرة .وقد كان مسرح أنطوان ،بحق ،ثورة على التقاليد المسرحية ،واتجاها ً جديدا ً
نحو األسلوب الطبيعي بكل تفاصيله ،فالممثلون في المسرح التجريبي يتحركون على المسرح حركة
طبيعية ،وألول مرة أدار الممثل ظهره للجماهير ،وكانت مفاجأة لم يعهدها أحد من قبل ،وغالى أنطوان
في أسلوبه ،حين اقتضت بعض المناظر أن تظهر تماما كالطبيعة ،فتجد محل جزار بلحوم حقيقية ،ومحل
صانع أحذية بكل عدده وعدته .ولم يكن أنطوان ليرضى مطلقاً ،إال أن يحاكي الطبيعة بحذافيرها.
وظهر ،فيمن ظهر من أعالم المسرح التجريبي الحديث في فرنسا ،المخرج "جاك كوبوه" ،الذي أنشأ
مسرح "الفييه كوالمبيه" عام 1913م .ومن دوافع تأسيس مسرحه الجديد ،ضيقه الشديد بالوسط
المسرحي والمسرحيين في أيامه .وقد كان "كوبوه"،ـ حين أسس مسرحه ،غير مهيما ً باتجاه مسرحي
معين ،إال أنه أوضح فلسفة مسرحه الجديد بنشرة يختلف فحواها عمقاً ،عما سبق أن جاءت به نشرات
المسارح التجريبية األخرى ،في عصره.
وحين بدأ "كوبوه" مسرحه ،بدأه بأحد عشر ممثال ً ،راحوا يقرأون المسرحيات بصوت عال ،ويرتجلون
المشاهد التمثيلية ،ويؤدون التمرينات اإللقائية والحركية ،التي تعينهم على األداء الفني السليم.
وهكذا ضرب مسرحه أروع األمثلة في حقل التجريب المسرحي ،حتى صارت مسرحياته األسس ،التي
نهج على منوالها تالميذه من بعده ،أمثال :جوفيه وديالن وبيتويف وباتي.
أما دعاة التجريب بمعناه الطليعي ،مضمونا ً وشكال ً والتزاماً ،فقد مارسوه بشجاعة ،وأبدوا فيه نشاطا ً
ملحوظاً ،نحو تطوير حركة الطليعيين المسرحيين ،في مجال المسرح ،في النصف الثاني من القرن
العشرين الميالدي ،حسب رأي "جيمس روز ايفانز" ،التي أنتجت عددا ً من األشكال المسرحية ،ما زالت
تواصل رسالتها ،ومنها على سبيل المثال؛ مسرح الالمعقول ،ومسرح البوب ،المسرح التجريبي الذي
يتناول موضوعات حديثة ،ومسرح الجريدة الحية ،والمسرح التسجيلي.
وتلك األشكال ،وما إليها من أشكال التجريب الطليعي ،هدفها البحث عن اإلمكانات الجديدة ،واألغوار
البعيدة ،لفن الدراما بأوسع المفاهيم.
والمسرح التجريبي بأشكاله المسرحية المتعددة ،ال يجتذب ،خاصة في بداية عهده ،إال الخاصة
المتخصصة ،إذ إن اإلنتاج ،في الغالب ،يتمتع بدرجة عالية من التقدير الفني والفكري ،خاصة ما يتعلق
بتكتيك الفن المسرحي .إال أنه بمضي الوقت أخذ شكال ً جماهيرياً ،كمسرح الالمعقول والمسرح
التسجيلي.
ومن أشهر المسارح التجريبية المعاصرة في إنجلترا ،مسرح "ستوك أون ترنت"،ـ الذي يتخذ لنفسه شكل
المسرح في الدائرة .وتقدم فرقته عديدا ً من التجارب المسرحية ،التي ال تعتمد على الديكور ،وإنما على
كافة المؤثرات التكنولوجية التي تسهم في إثراء العمل المسرحي .والمسرح في الدائرة ،أو مسرح
الحلقة( ،اُنظر صورة المسرح الدائري) ،يتمتع بمزايا عدة ،أهمها:
أ .منصة للتمثيل تختلف جذرياً ،عن منصة التمثيل التقليدية المغلقة ،بحيث تعطي الممثل فرصة أكبر
الكتساب حصيلة جديدة من حرفية األداء ،وهو محاط بالجماهير من جميع الجهات.
ب .مسرح بسيط في إنشائه ،اقتصادي في نفقات الصرف على برامجه.
1
ج .مسرح يربط المتفرج والجمهور برباط الود ،ويجعل من وجه الممثل شبيها ً بنظيره في
السينما والتليفزيون ،من حيث الرؤية واألثر الدرامي المباشر.
ويُعد مسرح "الهامستيد "Hampsteadبحي سويس كوتدج Swiss Cottageأشهر المسارح الطليعية
بإنجلترا ،ويتسع المسرح لحوالي 150متفرج .ولهذا المسرح فلسفة خاصة في مجال التجريب ،إذ
يشجع المحترفين من الممثلين لإلدالء بخبرتهم،ـ واختبار مواهبهم على أعلي المستويات ،بغض النظر
عن األجور الضئيلة ،التي يدفعها لقاء ما يُتاح لهم من فرص.
وهناك أمثلة عديدة ،ال حصر لها ،من المسارح التجريبية المماثلة ،التي أصبحت توصف بالمسارح
الطليعية ،ولكل من هذه المسارح ،بالطبع ،فلسفته وأسلوبه في العمل الطليعي.
كانت تجربة "أنطوان" ثورة على القديم بكل مفاهيمه ومقوماته ،واالتجاه بالمسرح جذريا ً نحو محاكاته
للطبيعة .وكانت محاولة "فسفولود ميرهولد "Vesvolod Meyerholdالروسي ،في االستعانة بالرمزية
والتعبيرية ،في تجسيد العمل المسرحي ،ثورة ضد أستاذه "كونستانتينـ ستانسالفسكي Konstantin
،"Stanislavskiمحقق الواقعية؛ ثم كانت تجربة "كوبوه" الفرنسي ،نحو اكتشاف مسرح الغد ،مسرح
الجماعة ،ورفضه اإليمان باتجاه معين دون آخر؛ ثم كانت الحركة الطليعية الحديثة في أوروبا ،التي
تمثلت في مسرح "الالمعقول" ،وما بعده كمسرح "الواقعة" ،والمسرح "المفتوح" ،والمسرح "الحر"،
والمسارح المشابهة ،التي انتشرت في أواخر الستينيات ،وبداية السبعينيات من القرن العشرين الميالدي
في أمريكا.
ال يكشف المسرح الملحمي عن شخصيات ،وال يعقد عقدة مسرحية ،بل يروي قصة ويسردها .والقصة هي
التي تستلفتـ النظر ،وهي التي يتحتم عليها أن ترشد الممثلين وتهديهم .من ناحية أخرى ،ال تبسط
المسرحية الملحمية حدثا ً كبيرا ً واحداً ،بل تحبك عديدا ً من األحداث الصغيرة التي تلقي الضوء على
موقف ما من زوايا مختلفة.
وخاتمة الدراما الملحمية أو الملهاة ليست لها في الواقع إال أهمية ثانوية .فكثير من المتفرجين الذين
شاهدوا "فيدرا "ال يذكرون بالطبع الطريقة التي تنتهي بها المسرحية ،فالقصة بالفعل هي التي تستلفت
النظر .وال يسري هذا القول على مسرح "برخت" فقط كما في "فيدرا" و"أندروماك" ،بل في كل مسرح
1
ملحمي جدير بهذا االسم .مثال ً تروي "أنتيجونا" قصة امرأة شابة تعرض نفسها للموت طاعة
مسن تطلق لنفسها العنان وتصرح البن زوجها بأنها ّ للقوانين غير المكتوبة .وتروي "فيدرا" قصة زوجة رجل
تحبه؛ ألنها ظنت أن زوجها قد مات ،ويعود الزوج .وتروي مسرحيات شكسبير قصصا ً من الجمال بحيث
حولها البعض إلى حكايات زادت من شهرة مؤلفها وذيوع صيته .وتروي "حرب طروادة" قصة رجلين
حسني النية ظنا أن الحكمة يمكن أن تجنبهما شرور الحرب ،وتروي "الخرتيت" قصة رجل يرفض أن
يتبع حركة تقليد القطيع التي تدفع إلى العبودية.
وسر جاذبية هذه القصص الملحمية يكمن في نهاية األمر في موقف ال مخرج منه:
"فيدرا" أمام حب محرم" ،أنتيجونا" أمام إخالص محرم ،عطيل األسود أمام امرأة بيضاء من الجمال
والطهر بحيث ترمز إلى التملك المحرم ،وهكذا.
أما عن الطبائع والدراسة النفسية التقليدية التي أشتهر بها المسرح الملحمي فهي مقتضبة.
ويحاول الشاعر األلماني برخت في مسرحه الملحمي أن يبين الكائنات في مواجهة بناء اجتماعي
يكونها ويوجهها ويلزمها ،والجدية توجد عند برخت في مسرحه بالقدر الذي يريد أن يبين به في
المسرحية الواحدة بيئة اجتماعية بعاداتها ومعتقداتها ،وتطورا ً موازيا ً لها في األفكار واألفعال وطباع البشر،
هذه الحركة التاريخية المزدوجة هي ما أراد أن يبرزه في مسرحه الملحمي الذي يلقي الضوء على أثر
متبادل ،أثر البشر على المجتمع ،وأثر المجتمع على البشر .وبهذا القدر يعبر المسرح الملحمي عن إثراء
للمعرفة اإلنسانية.
وقد اتهم برخت المسرح التقليدي بأنه يقدم طبائع ثابتة فقط ال غير ،وأكد على الواقعية التي تقول بأن
وتعد مسرحية "جاليليوجاليلي" من أشهر مسرحيات برخت ّ اإلنسان غالبا ما يكون نتاجا ً لألحداث.
والمذهب الملحمي في الوقت ذاته ،وهي تروي حياة العالم جاليليو.
1