A Guide To Happiness and Well-Being at Workplace

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 62

National Program for

Happiness & Wellbeing


National Program for
Happiness & Wellbeing
4

10

28
National Program for
50 ّ Happiness & Wellbeing
74
2018 ©
98

116

ّ
ّ
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫"إن ثروتي سعادة شعبي"‬


‫المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب اهلل ثراه)‬
‫السعادة وجودة الحياة جزء ال يتجزأ‬
‫األب المٔوسس لدولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫من نسيج دولتنا‬

‫تأسيس‬ ‫تأسيس العديد من‬ ‫إطالق‬


‫عالميًّا من حيث التركيز على السعادة‬ ‫وصممنا أداة جديدة لتقييم أثر‬
‫ّ‬ ‫الدولة‪،‬‬ ‫لكل شـعب تاريخ خاص ينفرد به؛ ومن خالل‬
‫مجلس السعادة‬ ‫مراكز سعادة‬ ‫البرنامج الوطني‬
‫وجودة الحياة باعتبارهما ضرورة وطنية‪.‬‬ ‫الخطط والمبادرات المعنية بالسعادة على‬ ‫فهمنـا لتاريخنـا واإللمام به‪ ،‬يمكننا أن‬
‫العالمي‬ ‫المتعاملين‬ ‫للسعادة واإليجابية‬
‫ففي مارس عام ‪ ،2017‬وتزامنًا مع االحتفال‬ ‫المجتمع‪ ،‬وبعدها أطلقنا أول دليل‬ ‫نوائـم رؤيتنا للمسـتقبل مع ما حققناه من‬
‫في عام ‪2017‬‬ ‫في جميع أنحاء الدولة‬ ‫في عام ‪2016‬‬
‫دشنته األمم‬‫باليوم الدولي للسعادة الذي ّ‬ ‫لمواءمة السياسات الحكومية لتحقيق‬ ‫إنجازات في الماضـي‪ ،‬لنبلغ معًا أعلى‬
‫المتحدة‪ ،‬أعلن صاحب السمو الشيخ محمد‬ ‫سعادة المجتمع‪ .‬ومن خالل إطالق هذا‬ ‫مراتـب التقدم والتطور‪ .‬وتاريخ دولة‬
‫بن راشد آل مكتوم عن تأسيس مجلس‬ ‫البرنامج‪ ،‬تج ّلت الرؤية الحكيمة لصاحب‬ ‫محط فخر واعتزاز‬ ‫ّ‬ ‫اإلمارات العربيـة المتحدة‬
‫السعادة العالمي‪ ،‬وهو هيئة تضم نخبة‬ ‫السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم‪،‬‬ ‫لنـا‪ ،‬كما أن مفهوم السـعادة ليس جديدًا‬
‫من كبار الباحثين والخبراء يتو ّلون مسؤولية‬ ‫نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء‬ ‫متأصل في‬
‫ّ‬ ‫علـى شـعبنا أو قيادتنا؛ بل هو‬
‫وضع أحدث المنهجيات التي يمكن أن‬ ‫حاكم دبي‪ ،‬في عدم إنشاء وزارة يقتصر‬ ‫أدل على ذلك من أن‬ ‫تاريـخ دولتنـا‪ ،‬وليس ّ‬
‫تتب ّناها الدول من أجل تحقيق السعادة‪،‬‬ ‫نطاقها على السياسات والمشاريع‬ ‫رؤيـة آبائنا المؤسسـين‪ ،‬بقيادة المغفور له‬
‫وسوف يستعرض هؤالء الباحثون أهم‬ ‫المتعلقة بالسعادة فقط‪ ،‬بل أراد سموه أن‬ ‫تجسدت‬‫ّ‬ ‫الشـيخ زايد بن سـلطان آل نهيان‪،‬‬
‫النتائج التي توصلوا إليها في تقرير سنوي‬ ‫يكون نشر السعادة مسؤولية مشتركة‬ ‫في تحقيق السـعادة لشعب دولة اإلمارات‬
‫حول السعادة العالمية‪.‬‬ ‫بين كافة الجهات الحكومية وأن تكون‬ ‫العربية المتحدة‪.‬‬
‫السعادة "أسلوب حياة في مجتمع اإلمارات‬
‫إطالق مبادرة‬ ‫توظيف‬
‫والهدف األسمى والغاية العليا للعمل‬ ‫وانطالقًا من هذه الغاية السامية‪ُ ،‬أطلق‬
‫ساعات السعادة‬ ‫أكثر من ‪ 140‬من‬
‫الحكومي فيها‪".‬‬ ‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية عام‬
‫واإليجابية‬ ‫مسؤولي السعادة‬
‫‪ .2016‬كما سبقته سلسلة من المبادرات‬
‫في الجهات االتحادية‬ ‫واإليجابية‬
‫يشير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد‬ ‫الناجحة مثل إنشاء مجالس السعادة‬
‫آل مكتوم في كتابه "تأمالت في السعادة‬ ‫واإليجابية التي تضمنت أكثر من ‪ 140‬من‬
‫واإليجابية" إلى أهمية السعادة واإليجابية‬ ‫عدة‬
‫مسؤولي السعادة واإليجابية في ّ‬
‫في مختلف جوانب العمل الحكومي‪،‬‬ ‫مؤسسات في القطاعين الحكومي‬
‫مؤكدًا على أن هدف الحكومة هو خلق‬ ‫والخاص‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد أطلقنا‬
‫البيئة التي يستطيع الناس أن يحققوا فيها‬ ‫مبادرة "ساعات السعادة واإليجابية" في‬
‫سعادتهم‪ .‬واليوم‪ ،‬أصبحت دولة اإلمارات‬ ‫وأسسنا العديد من‬‫الجهات االتحادية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫مصاف الدول الرائدة‬ ‫العربية المتحدة في‬ ‫مراكز سعادة المتعاملين في جميع أنحاء‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬

‫دليل عملي لتحقيق السعادة وجودة الحياة‬

‫ومن المقرّر أن يلي هذا الدليل مجموعة‬ ‫ولذا‪ ،‬سوف نستعرض في‬ ‫ندعوكم من خالل هذا الدليل أن تنضموا‬ ‫استرشادًا برؤية القيادة الرشيدة لدولة‬ ‫"سعادة اإلنسان اإلماراتي أولوية قصوى وهدف‬
‫أدوات تفصيلية تستعرض األساليب‬ ‫هذا الدليل ما يلي‪:‬‬ ‫إلينا في رحلة من االستكشاف والتع ّلم‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة والتزامها باالرتقاء‬
‫والممارسات العملية التي يمكن من خالل‬ ‫• ‪4‬مفاهيم السعادة واإليجابية وجودة‬ ‫نتعرّ ف خاللها على كيفية تهيئة البيئة‬ ‫ً‬
‫سعادة في‬ ‫بدولتنا لتكون من أكثر الدول‬
‫مستدام لحكومتنا االتحادية وحكوماتنا المحلية"‬
‫تطبيقها ترسيخ ثقافة السعادة وجودة‬ ‫الحياة‪ ،‬وأهمية التركيز عليها وتعزيزها‬ ‫المناسبة الزدهار الموظفين في عملهم‪،‬‬ ‫العالم‪ ،‬فإننا نطلق هذا الدليل ضمن‬ ‫صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان‬
‫الحياة المهنية‪.‬‬ ‫في بيئة العمل‪.‬‬ ‫ثم مساعدتهم لبلوغ أعلى مراتب‬ ‫ومن ّ‬ ‫مبادرات البرنامج الوطني للسعادة‬ ‫رئيس دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫السعادة وجودة الحياة‪ .‬وسيتم نشر الدليل‬ ‫واإليجابية‪ .‬ويهدف هذا الدليل إلى تحويل‬
‫• ‪4‬إطار عمل السعادة وجودة الحياة‬ ‫على الوزارات والجهات الحكومية ليكون‬ ‫تلك الرؤية إلى واقع ملموس في بيئات‬
‫المهنية‪ ،‬والذي يرتكز على األبحاث‬ ‫مرجعًا لمسؤولي السعادة واإليجابية‪،‬‬ ‫العمل‪ ،‬وجعل السعادة وجودة الحياة‬
‫والدراسات التي أجريت في مجاالت علم‬ ‫وموظفي إدارة الموارد البشرية‪ ،‬وغيرهم‬ ‫أولوية رئيسية لدى الجهات الحكومية‪.‬‬‫ً‬
‫النفس اإليجابي‪ ،‬والعلوم العصبية‪،‬‬ ‫من القادة المعنيين‪ .‬كما نأمل أن تمتد‬ ‫يستند الدليل إلى مجموعة من األبحاث‬
‫ونظريات القيادة واإلدارة اإليجابية وغيرها‪.‬‬ ‫فائدة هذا الدليل لتصل إلى العاملين في‬ ‫المستفيضة على الصعيدين النظري‬
‫ويحدد هذا اإلطار المحاور الرئيسية التي‬
‫ّ‬ ‫القطاع الخاص والمؤسسات غير الحكومية‪.‬‬ ‫والعملي من جميع أنحاء العالم‪.‬‬
‫يقوم عليها تطوير ثقافة عمل داعمة‬ ‫فالنظريات والنماذج الحديثة في مجاالت‬
‫لنشر السعادة وجودة الحياة المهنية‪.‬‬ ‫ً‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإننا نهدف إلى فهم‬ ‫علم النفس اإليجابي‪ ،‬والعلوم العصبية‪،‬‬
‫كما يتضمن كل محور من هذه المحاور‬ ‫العوامل األساسية التي تقوم عليها ثقافة‬ ‫والنظريات الحديثة في مجاالت اإلدارة‬
‫مجاالت تركيز محددة يمكن االسترشاد‬ ‫السعادة وجودة الحياة‪ .‬ويستعرض الدليل أثر‬ ‫ال جذريًا في‬ ‫والقيادة وغيرها أحدثت تحو ً‬
‫بها في وضع منهجيات العمل لألفراد‬ ‫نشر تلك المفاهيم في بيئات عملنا وكيفية‬ ‫بيئات العمل في القطاعين العام والخاص‬
‫والقادة على حدٍّ سواء‪.‬‬ ‫تحويلها إلى واقع ملموس في حياتنا‪.‬‬ ‫تركز هذه‬‫على مستوى العالم‪ ،‬حيث ّ‬
‫العلوم باستمرار على دراسة أثر السعادة‬
‫ال عن وضع‬ ‫وجودة الحياة المهنية فض ً‬
‫منهجيات جديدة لتحقيق تلك الغاية‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
٩ ٨

ّ ُ

ّ ً

ّ
ّ
ّ

ً ً ّ
ّ ٍ
‫‪11‬‬ ‫السعادة وجودة الحياة المهنية‬ ‫‪10‬‬

‫السعادة وجودة‬
‫الحياة المهنية‬
‫تعريف السعادة وجودة الحياة‬ ‫‪ 12‬‬
‫أهمية السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬ ‫‪ 14‬‬
‫إطار عمل السعادة وجودة الحياة‬ ‫‪1 8‬‬
‫أساس إطار عمل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬ ‫‪ 20‬‬
‫ترسيخ السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬ ‫‪ 24‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪13‬‬ ‫السعادة وجودة الحياة المهنية‬ ‫‪12‬‬

‫"اإليجابية هي طريقة تفكير‪ ،‬والسعادة هي أسلوب حياة‪ .‬ليس ما‬


‫ّ‬
‫بكل ذلك"‬ ‫تملكه أو ما تفعله هو ما يجعلك سعيدًا‪ ،‬بل كيفية تفكيرك‬
‫تعريف السعادة وجودة الحياة‬
‫صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم‬
‫نائب رئيس الدولة‪ ،‬رئيس مجلس الوزراء‪ ،‬حاكم دبي‬

‫كل من المملكة المتحدة وتشيلي‬ ‫تلتها ٌّ‬ ‫األكاديميون وصانعو السياسات خالل‬ ‫جودة الحياة "‪ "Wellbeing‬مفهوم وثيق‬ ‫يختلف الخبراء والباحثون حول التعريف‬
‫اللتين وضعتا مقاييس وطنية خاصة‬ ‫العقود القليلة الماضية على دراسة كيفية‬ ‫الصلة بالسعادة لكنه مفهوم قائم بذاته‪.‬‬ ‫الدقيق لمفهومي السعادة "‪"Happiness‬‬
‫بقياس السعادة‪ .‬وفيما يخص بيئات‬ ‫قياس سعادة الشعوب‪ .‬وساهمت بعض‬ ‫فباإلضافة إلى ما يتضمنه من سعادة‬ ‫وجودة الحياة "‪ ،"Wellbeing‬وما الذي‬
‫العمل‪ ،‬تقوم مؤسسة "غالوب" األمريكية‬ ‫الحكومات‪ ،‬والمنظمات غير الحكومية‪،‬‬ ‫بمفهومها التجريبي‪ ،‬فإنه يُعنى أيضًا‬ ‫أي مدى‬
‫ينطوي عليه كال المفهومين‪ ،‬وإلى ّ‬
‫الستشارات األداء في بيئات العمل الدولية‬ ‫والشركات الخاصة في وضع عدد من‬ ‫بكيفية تقييم األفراد لحياتهم بشكل‬ ‫كل منهما مع اآلخر‪ .‬لكن يظل‬ ‫يتداخل ّ‬
‫(‪ )Gallup‬بتطبيق استبيان "‪ "Q12‬الذي‬ ‫المقاييس الموثوقة لتقييم حالتنا النفسية‬ ‫تحكمهم في حياتهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عام‪ ،‬ومدى‬ ‫هناك قدر من اإلجماع حول المبادئ العامة‬
‫ّ‬
‫الموظفين‬ ‫يتضمن ‪ 12‬سؤا ً‬
‫ال لتقييم رضا‬ ‫ّ‬
‫ككل‪.‬‬ ‫يومًا بعد يوم ونظرتنا إلى الحياة‬ ‫يستمدون منه إحساسهم‬ ‫ّ‬ ‫والمصدر الذي‬ ‫ّ‬
‫لكل مفهوم‪ ،‬والعالقة بينهما وأهميتهما‬
‫في عدد من الجوانب في بيئة العمل‪.‬‬ ‫بالغاية‪ .‬ال ُتعنى جودة الحياة بمشاعر‬ ‫في بيئة العمل‪.‬‬
‫أسفرت هذه الجهود الدولية عن وضع‬ ‫األفراد فحسب‪ ،‬وإنما بأدائهم على‬
‫مؤشرات لقياس السعادة وجودة الحياة‬ ‫الصعيدين الشخصي واالجتماعي‪.2‬‬ ‫السعادة "‪ "Happiness‬كلمة ذات ّ‬
‫شقين؛‬
‫ومن بينها "مؤشر التنمية البشرية لبرنامج‬ ‫الشق األول هو التجريبي ويشير إلى الحالة‬
‫األمم المتحدة اإلنمائي" و "أهداف التنمية‬ ‫يمكن تقسيم حياتنا اليومية إلى ثالثة‬ ‫النفسية في اللحظة الراهنة والشعور‬
‫حددتها األمم المتحدة‪،‬‬‫المستدامة" التي ّ‬ ‫أقسام‪ :‬وقت العمل‪ ،‬ووقت الفراغ‪ ،‬ووقت‬ ‫بمشاعر إيجابية مثل البهجة والحماس‬
‫يركز على دعم مقوّ مات‬‫وكالهما ّ‬ ‫النوم‪ .‬يستغرق العمل نصف‪ ،‬أو أكثر من‬ ‫والحب واألمل‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تكمن‬
‫السعادة وجودة الحياة مثل التعليم‪،‬‬ ‫نصف‪ ،‬وقت استيقاظنا‪ .‬ولذا فإن بيئة العمل‬ ‫السعادة في تغليب تلك المشاعر اإليجابية‬
‫والسالمة‪ ،‬والدخل‪ ،‬والصحة البيئية‪ .‬ومن‬ ‫اإليجابية يمكن أن تكون مصدرًا للمشاعر‬ ‫ّ‬
‫الشق الثاني‬ ‫أما‬
‫على المشاعر السلبية‪ّ .‬‬
‫األمثلة األخرى أيضًا مؤشر "حياة أفضل"‬ ‫اإليجابية والشعور بالغاية؛ وهي العوامل‬ ‫ّ‬
‫يفكر األفراد في‬ ‫فهو تقييمي‪ ،‬وفيه‬
‫الذي وضعته منظمة التعاون االقتصادي‬ ‫المثلى لتعزيز السعادة وجودة الحياة‪ .‬وقد‬ ‫لحظات السعادة التي عاشوها من قبل‬
‫والتنمية لتصنيف دول العالم سنويًا على‬ ‫شهدنا خالل األعوام الماضية تركيزًا متزايدًا‬ ‫وكيف يمكن أن يساهم ذلك في بث‬
‫أساس جودة حياة مواطنيها‪ .‬وعلى‬ ‫على تعزيز السعادة وجودة الحياة؛ ليس‬ ‫رضاهم العام‪.1‬‬
‫المستوى الوطني‪ ،‬فقد وضعت مملكة‬ ‫في بيئات العمل فحسب وإنما على‬
‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬ ‫بوتان مؤشر "إجمالي السعادة الوطنية"‪،‬‬ ‫الصعيدين الوطني والعالمي‪ .‬كما حرص‬

‫"‪1. Kahneman, Daniel, and Jason Riis. "Living and Thinking about It: Two Perspectives on Life.‬‬
‫‪In The Science of Well-Being, edited by N. Baylis, Felicia A. Huppert, and B. Keverne, 285–301. Oxford University Press, 2005.‬‬
‫‪2. New Economics Foundation, Measuring Wellbeing: A guide for practitioners, London: New Economics Foundation, 2012.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪15‬‬ ‫السعادة وجودة الحياة المهنية‬ ‫‪14‬‬

‫أهمية السعادة وجودة‬


‫الحياة في بيئة العمل‬

‫تحظى بيئات العمل اإليجابية والسعيدة‬ ‫ولضمان خدمة مجتمعنا بأفضل صورة‬ ‫ّ‬
‫يمثل األفراد أحد األصول القيّمة لدى‬
‫بكثير من المزايا التي تفتقر إليها بيئات‬ ‫ممكنة‪ ،‬يجب علينا أو ً‬
‫ال أن نولي العناية‬ ‫المؤسسات التي يعملون بها نظرًا لما‬
‫العمل التقليدية‪ .‬ولهذا‪ ،‬فإن المؤسسات‬ ‫واالهتمام الكافيين لألشخاص الذين‬ ‫يتمتعون به من إمكانات تساعدهم في‬
‫التي تحرص على تهيئة بيئة عمل إيجابية‬ ‫بجد واجتهاد كل يوم لتحقيق‬ ‫ّ‬ ‫يعملون‬ ‫توفرت لهم‬ ‫تحقيق إنجازات كبرى إذا ما ّ‬
‫وسعيدة ستجني في النهاية ثمار ذلك‪.‬‬ ‫ذلك‪ .‬وتتضح أهمية هذا األمر على وجه‬ ‫السبل والظروف الداعمة لذلك‪ .‬فكل فرد‬
‫اإلنتاجية‬ ‫التغيّ ب عن العمل‬ ‫وتنقسم هذه المزايا إلى مزايا ملموسة‪،‬‬ ‫الخصوص في القطاع العام أكثر منه في‬ ‫بناء‬
‫يقدم منظورًا مختلفًا ً‬ ‫ّ‬ ‫في بيئة العمل‬
‫مثل زيادة معدالت الحفاظ على الموظفين‬ ‫القطاع الخاص‪ ،‬ألن جهودنا في القطاع‬ ‫على تجربته وخبراته في الحياة‪ ،‬كما أنهم‬
‫الحالة المعنوية‬ ‫اإلجازات المرضية‬
‫وتعزيز إنتاجية وجودة العمل‪ .‬كما أن هذه‬ ‫العام تستهدف خدمة بالدنا وتحقيق‬ ‫يمتلكون القدرة على إحداث أثر إيجابي‬
‫التفاعل‬ ‫التأخر عن العمل‬ ‫المؤسسات تشهد انخفاضًا كبيرًا في‬ ‫المصلحة العامة للدولة ككل‪ .‬ولتوفير‬ ‫من خالل العمل الذي يقومون به‪ .‬ومن‬
‫الثقة‬ ‫تراجع معدالت الحفاظ‬ ‫معدالت التغيّب عن العمل‪ ،‬واإلجازات‬ ‫هذه الخدمات بما يضمن نشر السعادة في‬ ‫خالل تهيئة الظروف المالئمة للموظفين‪،‬‬
‫على الموظفين‬ ‫المرضيّة‪ ،‬والتأخر عن العمل‪ .‬ووفقًا لدراسة‬ ‫نركز على دعم سعادة‬ ‫ربوع بالدنا‪ ،‬علينا أن ّ‬ ‫نحفز لديهم الرغبة والدافع‬‫ّ‬ ‫يمكننا أن‬
‫أجرتها جامعة "وارويك" (‪ ،)Warwick‬فإن‬ ‫ورفاه األفراد المك ّلفين بتحقيق تلك الغاية‪.‬‬ ‫لتحقيق غاياتهم والغاية العليا‬
‫اتخاذ خطوات جادّ ة نحو تعزيز السعادة‬ ‫بهذه الطريقة‪ ،‬يمكننا تحقيق األثر األكبر‬ ‫للمؤسسات التي يعملون بها‪.‬‬
‫وجودة الحياة في بيئة العمل يؤدي إلى‬ ‫واألسرع في بيئات العمل‪.‬‬
‫زيادة اإلنتاجيّة بنسبة تصل إلى ‪ .1%12‬ويمكننا‬
‫ً‬
‫عادة ما‬ ‫أن نالحظ أن سعادة الموظفين‬
‫تنعكس انعكاسًا مباشرًا في جودة وحجم‬
‫اتخاذ خطوات جادّ ة نحو تعزيز السعادة‬ ‫تقدمها المؤسسة‬ ‫الخدمات التي ّ‬
‫وجودة الحياةفي بيئة العمل‬ ‫للمتعاملين لديها‪.‬‬
‫يؤدي إلى زيادة اإلنتاج ّية‬

‫‪%12‬‬
‫بنسبة تصل إلى‬

‫‪1. Sgroi, D: Happiness and Productivity: Understanding the Happy-Productive Worker – 2015.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪17‬‬ ‫السعادة وجودة الحياة المهنية‬ ‫‪16‬‬

‫دراسة علمية‬ ‫المبتسمون يكونون أكثر قبو ً‬


‫ال لدى‬ ‫قصارى جهدهم في العمل‪ ،‬وعندما‬ ‫ً‬
‫صلة‬ ‫أما المزايا غير الملموسة فهي األكثر‬
‫ابتسامات صادقة‬ ‫المتعاملين الذين يشعرون بمزيد من الرضا‬ ‫يشعرون بالحافز الذي يجعلهم يتح ّلون‬ ‫بنقاشنا حول السعادة‪ ،‬وهي المزايا التي ال‬
‫عن الخدمة التي حصلوا عليها بشكل عام‪.3‬‬ ‫بفضيلة اإليثار في عملهم وفي حياتهم‬ ‫ً‬
‫مباشرة‪ ،‬ومع ذلك فإننا نشعر‬ ‫يمكن قياسها‬
‫كشفت دراسة ُأجريت في جامعة والية‬
‫كما أثبتت األبحاث التي ُأجريت في مجال‬ ‫الشخصية‪ ،‬ويجعلهم يدافعون عن‬ ‫بأثرها ربما بصورة أكبر من أثر المقاييس‬
‫ميشيغان أن االبتسامة الصادقة‬
‫العلوم العصبية أننا عندما نرى االبتسامة‬ ‫مؤسساتهم في جميع األوقات‪.‬‬ ‫الموضوعية مثل اإلنتاجيّة‪ .‬فالتركيز على‬
‫يمكن أن تساهم في تحسين الحالة المزاجية‬
‫على وجوه اآلخرين‪ ،‬تنشط بعض خاليا‬ ‫السعادة وجودة الحياة يساهم في رفع‬
‫لألفراد وزيادة إنتاجيّتهم‪ .‬قام باحثون بدراسة‬
‫الدماغ المعروفة باسم الخاليا العصبية‬ ‫واألهم من ذلك أن األشخاص السعداء‬
‫ّ‬ ‫الحالة المعنوية داخل المؤسسات‪ ،‬ويع ّزز‬
‫سلوك مجموعة من سائقي الحافالت لمدة‬
‫ّ‬
‫يحفز‬ ‫المرآتية (‪ ،4)mirror neurons‬وهو ما‬ ‫يجذبون اآلخرين نحوهم؛ فالناس‬ ‫التفاعل في العمل‪ ،‬ويدعم بناء الثقة والوالء‬
‫أسبوعين وتابعوا ما يحدث عندما يبتسم‬
‫أجسامنا للرد باالبتسامة أيضًا‪ .‬وأخيرًا‪ ،‬فإن‬ ‫يستمتعون بقضاء الوقت مع من يكونون‬ ‫بين الموظفين وبعضهم البعض من ناحية‬
‫السائقون ابتسامات زائفة‪ .‬يُعرف هذا المفهوم‬
‫االبتسامة والضحك يحفزان تدفق بعض‬ ‫مصدرًا للتحفيز والتفاؤل والسلوك اإليجابي‪.‬‬ ‫وبينهم وبين المؤسسات التي يعملون بها‬
‫باسم "التصرّ ف السطحي ‪"surface acting‬‬
‫الهرمونات المسؤولة عن الشعور بالسعادة‬ ‫والسعادة عدوى محمودة يمكن نشرها‬ ‫من ناحية أخرى‪.‬‬
‫خالفًا لمفهوم "التصرّ ف العميق ‪"deep acting‬‬
‫مثل الدوبامين‪ ،‬والسيروتونين‪،‬‬ ‫داخل أي مؤسسة وإحداث تغيير سريع‬
‫الذي كانت ترتسم فيه ابتسامة صادقة على‬
‫واألوكسيتوسين‪ ،‬واإلندورفين‪.5‬‬ ‫وجذري في بيئة العمل‪.‬‬ ‫عندما يشعر األفراد بحصولهم على‬
‫وجوه المشاركين في الدراسة عند تحفيز‬
‫االهتمام والدعم في بيئة العمل‪ ،‬فإنهم‬
‫أفكار إيجابية لديهم‪ .‬ووجد الباحثون أن‬
‫تنهض الوزرات والهيئات االتحادية المختلفة‬ ‫يقدم الموظفون السعداء نموذجًا يحتذى‬ ‫ّ‬ ‫يقابلون هذا الدعم واالهتمام بإخالص‬
‫الحالة المزاجية للسائقين كانت تسوء عندما‬
‫بسواعد بشر لديهم احتياجاتهم‬ ‫به أمام زمالئهم ويشجعون غيرهم على‬ ‫حقيقي في العمل ليس فقط فيما يتعلق‬
‫تحسنت حالتهم‬
‫ّ‬ ‫يصطنعون االبتسامة‪ ،‬بينما‬
‫وطموحاتهم وتطلعاتهم؛ والسعادة‬ ‫ً‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬تؤثر‬ ‫االستمتاع بالعمل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الموكلة إليهم وإنما في‬ ‫بالمسؤوليات‬
‫المزاجية مع االبتسامات الصادقة (عبر تحفيز‬
‫يشكالن األساس الذي يمكن‬ ‫ّ‬ ‫وجودة الحياة‬ ‫سعادة الموظفين بشكل إيجابي على‬ ‫المؤسسة ككل‪ .‬ويس ّلط صاحب السمو‬
‫أفكار وذكريات سعيدة)‪.‬‬
‫من خالله نقل تلك الروح اإليجابية إلى‬ ‫سعادة المتعاملين؛ حيث وجدت إحدى‬ ‫الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الضوء‬
‫مج ّلة أكاديمية اإلدارة‬
‫المتعاملين لدى تلك الهيئات والعمل نحو‬ ‫الدراسات التي أجريت في جامعة بنسلفانيا‬ ‫على هذا األمر في كتابه حين ينصح القادة‬
‫‪"Academy of Management Journal" - 2011‬‬
‫بناء مجتمع أكثر سعادة وصحة وإيجابية‪.‬‬ ‫أن االبتسامات الصادقة‪ 2‬التي يتبادلها‬ ‫ال "عامل موظفيك كما تحب أن يكونوا‬ ‫قائ ً‬
‫الموظفون في بيئات العمل تترك انطباعًا‬ ‫مع متعامليك"‪ .‬وسوف يجني القادة ثمار‬
‫ّ‬
‫فالموظفون‬ ‫إيجابيًا لدى المتعاملين‪.‬‬ ‫هذه المعاملة عندما يبذل الموظفون‬

‫ً‬
‫نسبة إلى عالم األعصاب الفرنسي دوشين دو بولون (‪ )1875-1806‬الذي‬ ‫‪ .2‬يُطلق على االبتسامة الصادقة والنابعة من القلب اسم "ابتسامة دوشين"‬
‫قام بدراسة العالقة بين تعبيرات الوجه والحالة الداخلية للبشر‪ .‬وفي هذه االبتسامة‪ ،‬تمتد الشفتان إلى أقصى جانبي الفم وتضيق فيهما العينان‬
‫وتظهر حولهما خطوط أشبه بالتجاعيد‪.‬‬
‫أثبتت األبحاث التي ُأجريت في مجال العلوم العصبية‬ ‫ ‬ ‫‪3. University of Pennsylvania: Is service with a smile enough? Authenticity of positive displays during service encounters.‬‬
‫‪Organizational Behaviour and Human Decision Processes (P. 38-55) – 2004.‬‬
‫أننا عندما نرى االبتسامة على وجوه اآلخرين‪،‬‬ ‫‪ .4‬يشتهر ماركو إياكوبوني‪ ،‬طبيب األعصاب في جامعة كاليفورنيا بوالية لوس أنجلوس‪ ،‬بأبحاثه حول الخاليا العصبية المرآتية‪ ،‬وهي دائرة صغيرة من الخاليا‬
‫تقع في منطقة القشرة أمام الحركية "‪ "premotor cortx‬والقشرة الجدارية الخلفية "‪ "inferior parietal cortex‬في الدماغ‪.‬‬
‫تنشط بعض خاليا الدماغ المعروفة باسم الخاليا العصبية المرآتية‬ ‫‪https://www.scientificamerican.com/article/the-mirror-neuron-revolut/.‬‬
‫ّ‬
‫يحفز أجسامنا للرد باالبتسامة أيضًا‬ ‫(‪ ،)MIRROR NEURONS‬وهو ما‬ ‫‪5. Happiness Hormones – The Neurochemicals of Happiness, https://www.happiness.org/happiness-hormones/.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪19‬‬ ‫‪18‬‬

‫ممارسات‬
‫المخرجات‬

‫سياسات‬
‫إطار عمل السعادة‬
‫تعزيز‬ ‫وجودة الحياة‬
‫الصحة‬
‫ّ‬
‫برامج‬

‫ص سعداء‬
‫وإي‬ ‫ترسيخ‬

‫عوامل التمكين‬
‫جاب ّيون‬
‫الغاية‬ ‫نوصي جميع القادة‬

‫المؤسسية‬
‫شخا‬
‫ّ‬
‫مؤشرات األداء الرئيسية‬ ‫قياس‬ ‫والمسؤولين باالستفادة من‬

‫أ‬
‫توطيد‬
‫رؤيتنا أن تكون‬ ‫العالقات‬
‫إطار عمل السعادة وجودة‬
‫الحياة لترسيخ ثقافة‬
‫دولة اإلمارات‬ ‫اإليجابية التي ستؤدي بدورها‬
‫العربية المتحدة‬ ‫إلى نشر السعادة وجودة‬
‫من بين الدول‬ ‫تحقيق‬
‫الحياة في بيئة العمل‬

‫األكثر سعادة‬ ‫اإلمكانات‬

‫في العالم‬

‫الرجاء مراجعة الصفحة ‪ 120‬للحصول‬


‫على نسخة مبسطة عن إطار العمل‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪21‬‬ ‫السعادة وجودة الحياة المهنية‬ ‫‪20‬‬

‫المحاور الرئيسية إلطار عمل‬ ‫أساس إطار عمل السعادة وجودة‬


‫ السعادة وجودة الحياة‬ ‫الحياة في بيئة العمل‬
‫‪ .3‬توطيد العالقات‪:‬‬ ‫‪ .1‬ترسيخ الغاية‪:‬‬ ‫بعد دراسة العوامل المتعددة‬
‫من خالل التشجيع على‬ ‫التأكيد على أن تكون لدى‬ ‫التي تساهم في تعزيز السعادة‬
‫نشر روح الفريق الواحد‬ ‫المؤسسة رؤية واضحة‬ ‫وجودة الحياة في بيئة العمل‪،‬‬ ‫وجهان لعملة‬ ‫وغيرهم من القياديين والمدراء‪ ،‬خالل‬ ‫تركز الكثير من الدراسات واألبحاث على‬‫ّ‬
‫وبناء الثقة والوالء بين‬ ‫ومجموعة من القيم‬ ‫قمنا بتحليل وتجميع العوامل‬ ‫• يعمل األفراد السعداء واإليجابيّ ون‬ ‫السعادة‬ ‫سعيهم لتهيئة بيئة من السعادة واإليجابية‬ ‫أهمية ترسيخ قيم السعادة واإليجابية‬
‫األفراد والمؤسسات حتى‬ ‫يلتزم بها الموظفون‪،‬‬ ‫المتشابهة في مجموعات‬ ‫على ترسيخ المشاعر اإليجابية والتح ّلي‬ ‫لموظفيهم وتحقيق إنتاجية أفضل‪ .‬يتضمن‬ ‫وجودة الحياة في بيئة العمل‪ .‬وقد تب ّنى‬
‫يتضمن إطار عمل السعادة وجودة الحياة‬
‫ّ‬
‫يتمكن األفراد من الخروج‬ ‫بحيث يمكن المواءمة‬ ‫ّ‬
‫تشكل المحاور الرئيسية األربعة‬ ‫بشخصية إيجابية من خالل االستعانة‬ ‫إطار العمل الكثير من المعلومات‪ ،‬لكنه‬ ‫الباحثون والخبراء نهجًا شموليًا ودقيقًا‬
‫يكمل أحدهما اآلخر نحو‬ ‫ّ‬ ‫عنصرين أساسيين‬
‫من النطاق النمطي‬ ‫بين تطلعات الموظفين‬ ‫إلطار عمل السعادة وجودة‬ ‫باألدوات المتاحة في بيئة العمل وفي‬ ‫مبسطة‬‫ّ‬ ‫يعرضها باستخدام مفاهيم‬ ‫المتعددة للسعادة‬‫ّ‬ ‫الستكشاف الجوانب‬
‫العمل على تحقيق السعادة وجودة الحياة‬
‫الذي اعتادوا الشعور فيه‬ ‫وتطلعات المؤسسة‪.‬‬ ‫قسمنا كل محور‬ ‫الحياة‪ ،‬كما ّ‬ ‫حياتهم الخاصة لتعزيز السعادة‬ ‫وسهلة الفهم مشيرًا إلى العالقة بين تلك‬ ‫وجودة الحياة‪ ،‬ومن بينها العالقات بين‬
‫في بيئة العمل‪ .‬العنصر األول هو األفراد‬
‫ثم‬
‫بالراحة واألمان‪ ،‬ومن ّ‬ ‫منها إلى مجاالت تركيز يُعتقد‬ ‫وجودة الحياة‪.‬‬ ‫المفاهيم بصورة واضحة‪.‬‬ ‫الزمالء في العمل‪ ،‬ومشاركة الموظفين‪،‬‬
‫السعداء واإليجابيّون الذين يأخذون زمام‬
‫توطيد عالقاتهم باآلخرين‪،‬‬
‫‪ .2‬تعزيز الصحة‪:‬‬
‫تحدد طبيعة السعادة‬
‫ّ‬ ‫أنها‬ ‫األفراد السع‬ ‫والصحة البدنية‪ ،‬وغيرها من الجوانب‬
‫ّ‬
‫دا ء‬
‫المبادرة ويطبقون األدوات الرامية إلى‬
‫وتقبّل ثقافة التنوع‪.‬‬ ‫وجودة الحياة في بيئة العمل‪،‬‬ ‫وإننا نشجع جميع القادة والمسؤولين‬ ‫األخرى‪ .‬وعلم السعادة وجودة الحياة من‬
‫االعتناء بالصحة البدنية‬ ‫وا‬ ‫تحقيق سعادتهم وتعزيز جودة حياتهم؛‬
‫وهذه المحاور هي‪:‬‬ ‫إلي‬ ‫على االستفادة من إطار عمل السعادة‬ ‫المجاالت المثيرة لالهتمام التي تتطور يومًا‬
‫والنفسية والذهنية ونشر‬ ‫ج‬ ‫والعنصر الثاني هو المؤسسة السعيدة‬
‫وجودة الحياة لترسيخ ثقافة اإليجابية التي‬ ‫بعد يوم لتكشف عن مجموعة جديدة من‬
‫‪ .4‬تحقيق اإلمكانات‪:‬‬ ‫ّ‬

‫ا‬
‫تمكن الموظفين‬ ‫ثقافة‬ ‫واإليجابية التي تحرص على توفير األدوات‬

‫ب ّ‬
‫ي‬
‫ستؤدي بدورها إلى تعزيز السعادة وجودة‬ ‫يقدم‬
‫ّ‬ ‫المعارف والرؤى‪ .‬ومن هذا المنطلق‪،‬‬
‫سعيدة واإليج‬

‫ون‬
‫تمكين الموظفين‬ ‫من تحقيق التطور الفكري‬ ‫والسبل والبيئة المالئمة لتحقيق السعادة‬
‫ابي‬ ‫ال‬ ‫الحياة مع فرق العمل‪ .‬لن ينعكس أثر هذا‬ ‫هذا الدليل إطار عمل قائم على المعرفة‬
‫ومساعدتهم على تحقيق‬ ‫والبدني والنفسي‪.‬‬ ‫وجودة الحياة لموظفيها ومتعامليها‪.‬‬

‫ة‬
‫ت‬
‫ا‬ ‫الدليل على الموظفين فحسب‪ ،‬بل سيمتد‬ ‫الحدسية ويعتمد في المقام األول على‬
‫التطور المهني‪ ،‬وصقل‬
‫إلى المتعاملين وسينعكس في نهاية‬ ‫نماذج نظرية في مجاالت علم النفس‬

‫س‬
‫مهاراتهم‪ ،‬ونشر ثقافة‬ ‫• تعمل المؤسسات‬

‫س‬
‫المطاف على دولتنا التي نفخر بخدمتها‬ ‫اإليجابي‪ ،‬والعلوم العصبية‪ ،‬واإلدارة‬
‫التطور والنمو‪ ،‬وتقدير‬ ‫السعيدة واإليجابية‬

‫مؤ‬
‫واالنتماء إليها‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن‬ ‫والقيادة اإليجابية‪ ،‬قامت بوضعها شركات‬
‫إنجازاتهم في العمل‪.‬‬ ‫على تمكين األفراد لتحقيق السعادة‬

‫ال‬
‫االسترشاد بإطار العمل الحالي يمثل‬ ‫خاصة ومنظمات غير حكومية‪ ،‬باإلضافة‬
‫وجودة الحياة من خالل رفع مستوى‬
‫عدة خطوات‬ ‫خطوة أولى من بين ّ‬ ‫إلى الخبرات المأخوذة من روّ اد قادة الفكر‬
‫الوعي‪ ،‬وتوفير األدوات وعوامل‬
‫تستهدف المضي قدمًا بالرؤية التي تب ّنتها‬ ‫والقادة التنفيذيين‪.‬‬
‫التمكين الالزمة‪ ،‬وتهيئة البيئة التي تتيح‬
‫حكومة دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫لألفراد فرصة االرتقاء بسعادتهم‬
‫ضمن البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية؛‬ ‫يجمع إطار عمل السعادة وجودة الحياة بين‬
‫وجودة حياتهم‪.‬‬
‫وهي "أن تكون دولة اإلمارات من أكثر الدول‬ ‫ّ‬
‫ليشكل‬ ‫األد ّلة العلمية والمبادئ النظرية‬
‫يتضمن إطار عمل السعادة وجودة الحياة‬
‫سعادة في العالم"‪.‬‬ ‫نموذجًا توضيحيًا تسترشد به المؤسسات‬
‫يكمل أحدهما اآلخر نحو‬
‫ّ‬ ‫عنصرين أساسيين‬ ‫الحكومية‪ ،‬وبخاصة مسؤولي السعادة‬
‫العمل على تحقيق السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬ ‫واإليجابية وموظفي الموارد البشرية‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪23‬‬ ‫السعادة وجودة الحياة المهنية‬ ‫‪22‬‬

‫يمكن للمؤسسات‬
‫التقييم والتحسين المستمر‬ ‫عوامل التمكين‬ ‫المخرجات‬
‫إجراء استطالعات رأي‬
‫التقييم والتحسين المستمر هو آخر‬ ‫عوامل التمكين هي السياسات والبرامج‬ ‫نسعى من خالل مخرجات إطار عمل‬
‫بصفة دورية‪،‬‬ ‫مقوّ مات إطار عمل السعادة وجودة الحياة‬ ‫والممارسات الداخلية التي تطبقها‬ ‫السعادة وجودة الحياة إلى تحقيق أهدافنا‬
‫وتنظيم جلسات نقاشية‪ ،‬وتقييم‬
‫أحدث التوجهات والدراسات‬
‫‬ ‫حيث يتم تجميع ردود األفعال والتقييمات‬
‫والتحقق الدائم من كفاءة وفعالية إطار‬
‫المؤسسة لترسيخ المبادئ المشار إليها‬
‫أعاله ضمن ثقافتها المؤسسية‪ .‬وتساعد‬
‫المنشودة من تطبيق هذا اإلطار‪ .‬وغايتنا‬
‫العليا منه هي تهيئة بيئة عمل سعيدة‬
‫العمل لضمان استمراريته وحداثته‪ .‬ويمكن‬ ‫عوامل التمكين المؤسسية على تهيئة بيئة‬ ‫وإيجابية ُتعلي قيم التناغم والوالء‬
‫المتعلقة بالسعادة واإليجابية‬
‫للمؤسسات إجراء استطالعات رأي بصفة‬ ‫سعيدة وإيجابية للموظفين‪ ،‬وهو ما‬ ‫واإلنتاجية بين الموظفين‪ .‬وتتسم هذه‬
‫وجودة الحياة‪ ،‬حتى يكون تنفيذ‬ ‫دورية‪ ،‬وتنظيم جلسات نقاشية‪ ،‬وتقييم‬ ‫سينعكس أثره الحقًا على تعامالتهم مع‬ ‫المخرجات بأنها موضوعية وقابلة للقياس‬
‫إطار العمل في المؤسسة مواكبًا‬ ‫أحدث التوجهات والدراسات المتعلقة‬ ‫زمالئهم ومتعامليهم والمجتمع كله‪.‬‬ ‫باستخدام أدوات التقييم الداخلي مثل‬
‫ألحدث التطورات‬ ‫بالسعادة واإليجابية وجودة الحياة‪ ،‬حتى‬ ‫استطالعات الرأي والجلسات النقاشية على‬
‫يكون تنفيذ إطار العمل في المؤسسة‬ ‫مستوى فرق العمل أو المؤسسة بالكامل‪.‬‬
‫مواكبًا ألحدث التطورات‪ .‬وينبغي أيضًا أن‬ ‫ويساهم الرصد المتواصل لهذه المقاييس‬
‫يعكس إطار العمل الدراسات العلمية التي‬ ‫في تتبّع التقدم المحرز ورفع مستويات‬
‫تحظى باإلجماع بين الباحثين إلى جانب‬ ‫السعادة وجودة الحياة‪.‬‬
‫مراعاته لالحتياجات الخاصة وفردية كل‬
‫مؤسسة واحتياجات األفراد الذين يعملون‬
‫ّ‬
‫ككل‪.‬‬ ‫بها وثقافة المجتمع‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪25‬‬ ‫السعادة وجودة الحياة المهنية‬ ‫‪24‬‬

‫ترسيخ السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬

‫الممارسات‬ ‫البرامج‬ ‫السياسات‬


‫أي سياسة لن تؤتي‬ ‫تختلف الممارسات عن البرامج في أنها‬ ‫تحتاج بعض السياسات الملخصة إلى وجود‬ ‫من بين السياسات الشائعة لتعزيز سعادة‬ ‫سياسات بيئة العمل هي القواعد واللوائح‬ ‫قد يظن البعض أن السعادة وجودة‬
‫تحتاج بشكل أقل إلى جهد تنظيمي و لكن‬ ‫مكملة لدعم تنفيذها‪ .‬وتتنوع هذه‬‫ّ‬ ‫برامج‬ ‫الموظفين وجودة حياتهم في بيئة العمل‬ ‫ّ‬ ‫التي تحكم السلوك اليومي للموظفين‬ ‫الحياة ينشآن بصورة أساسية في بيئة‬
‫ثمارها ما لم تتلقى دعمًا‬ ‫بشكل مستمر و دائم لتصبح جزءًا ال يتجزأ‬ ‫البرامج ما بين األنشطة صغيرة النطاق‬ ‫سياسات ساعات الدوام المرنة‪ ،‬وإجازات‬ ‫في إطار عملهم وعالقاتهم ببعضهم‬ ‫العمل كنتيجة لثقافة المؤسسة ورؤيتها‬
‫من القيادة العليا بالمؤسسة‪،‬‬ ‫من الحياة اليومية في بيئة العمل‪ .‬ويمكن‬ ‫وقصيرة األمد أو المبادرات الكبرى طويلة‬ ‫رعاية الطفل واإلجازات الممنوحة ألسباب‬ ‫البعض وبالمتعاملين وغيرهم من األطراف‬ ‫والعالقات الوطيدة بين الموظفين‪،‬‬
‫ولذا ال بد من إيمان والتزام فريق‬ ‫النظر إلى الممارسات على أنها التطبيق‬ ‫األجل‪ ،‬وتظهر هذه البرامج عند بدء‬ ‫إنسانية كحاالت طارئة ‪ ،‬وخيارات العمل عن‬ ‫المعنية األخرى‪ .‬والسياسات المدروسة‬ ‫وغيرها من العوامل األخرى‪ .‬والواقع أن‬
‫القيادة بالكامل بها‬ ‫الفعلي لقيم المؤسسة‪ ،‬فهي تعبّر عن‬ ‫المؤسسات في تنفيذ السياسات التي‬ ‫بعد وغيرها‪ .‬وبالطبع ال يُشترط أن تناسب‬ ‫والداعمة للموظفين هي األساس الذي‬ ‫تحقيق السعادة وجودة الحياة يتطلب‬
‫مقوّ مات ثقافة المؤسسة ككل وتتضمن‬ ‫وضعتها‪ ،‬كما يمكن إظهار هذه البرامج‬ ‫هذه السياسات العامة الرامية إلى ترسيخ‬ ‫يقوم عليه أي جهد نحو ترسيخ السعادة‬ ‫الكثير من العمل والجهد الواعي واإليمان‬
‫بعض الجهود مثل المشاركة في أعمال‬ ‫بطريقة تفاعلية من خالل تنظيم جلسات‬ ‫السعادة وجودة الحياة جميع المؤسسات‪،‬‬ ‫واإليجابية في بيئة العمل‪ .‬كما أن هذه‬ ‫الحقيقي بأهميتهما للمؤسسة‬
‫تقوم على إيثار اآلخرين أو إظهار االمتنان‬ ‫حوارية أو ورش عمل تفاعلية وبرامج تدريبية‬ ‫ومن المهم أن يشارك الموظفون في كل‬ ‫السياسات هي الركيزة األساسية التي تقوم‬ ‫حد سواء‪ .‬ويمكن‬‫والموظفين على ٍّ‬
‫والتقدير أو التزام الشفافية‪ .‬وتترسخ‬ ‫وأنشطة اجتماعية وغيرها‪ .‬وال بد من أخذ‬ ‫مؤسسة في وضع السياسات الخاصة‬ ‫عليها البرامج والممارسات الداعمة لتحقيق‬ ‫للمؤسسات االستعانة بآليتين لترسيخ‬
‫الممارسات مع زيادة عدد األفراد الذين‬ ‫آراء الموظفين حول هذه البرامج بعين‬ ‫بمؤسستهم من خالل االستماع إلى‬ ‫رؤية المؤسسة‪ .‬وجدير بالذكر أن أي سياسة‬ ‫السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‪،‬‬
‫يطبقونها داخل المؤسسة حيث يقدمون‬ ‫االعتبار لتفعيل مشاركتهم‪ ،‬مع أهمية‬ ‫آرائهم وأخذ احتياجاتهم بعين االعتبار‪.‬‬ ‫لن تؤتي ثمارها ما لم تتلقى دعمًا من‬ ‫وهما توفير األدوات الالزمة للموظفين‬
‫نموذجًا وقدوة يحذو اآلخرون حذوها إلى أن‬ ‫التركيز على تناسب هذه البرامج مع الفئة‬ ‫كما ينبغي تقييم السياسات‬ ‫القيادة العليا بالمؤسسة‪ ،‬ولذا ال بد من‬ ‫لتحقيق أهدافهم‪ ،‬وتهيئة الظروف التي‬
‫تصبح ثقافة سائدة في المؤسسة ككل‪.‬‬ ‫المستهدفة من الموظفين‪.‬‬ ‫واالستراتيجيات ذات الصلة بصورة دورية‬ ‫إيمان والتزام فريق القيادة بالكامل بها‪.‬‬ ‫تضمن تحقيق النجاح في ذلك‪ .‬ويعتمد‬
‫للتأكد من أنها تناسب المؤسسة‬ ‫نجاح هاتين اآلليتين على تب ّني مجموعة‬
‫والموظفين وأنها تؤخذ على محمل الجد‪،‬‬ ‫من السياسات والبرامج والممارسات التي‬
‫باإلضافة إلى أهمية تخصيص الموارد‬ ‫ترسخ ثقافة المؤسسة وقيمها‪.‬‬
‫سواء على المستوى المالي أو‬
‫ً‬ ‫الكافية‪،‬‬
‫مستوى الموارد البشرية‪ ،‬لتنفيذ هذه‬
‫السياسات واالستراتيجيات‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫فــــــي‬
‫كــــل لحظـــة‬

‫الســـــــــعادة‬ ‫ُت َ‬
‫عــــــــد‬

‫خيـــــــــارًا‬
‫قائـــــــــــمًا‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪29‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪28‬‬

‫ترسيخ الغاية‬
‫لمحة عامة‬ ‫‪ 30‬‬
‫صياغة رؤية ُملهمة‬ ‫‪ 32‬‬
‫ترسيخ القيم الجوهرية‬ ‫‪ 36‬‬
‫صياغة سردية مؤثرة‬ ‫‪ 40‬‬
‫غرس ثقافة اإليثار‬ ‫‪ 44‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪31‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪30‬‬

‫لمحة عامة‬

‫عندما تكون لدينا غاية محددة‪ ،‬فإننا‬ ‫ينبغي على المؤسسات أن تحدد لنفسها‬ ‫ينبع شعور األشخاص بالحافز تجاه عملهم‬ ‫"عزم راسخ لتحقيق هدف‬ ‫ٌ‬ ‫ُتعرّ ف الغاية بأنها‬ ‫"ال شيء أسوأ من أن يهتز‬
‫ومؤثرة تساعد الموظفين في‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واضحة‬ ‫ً‬
‫غاية‬ ‫من تطلعاتهم الشخصية من جانب‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬
‫يمثل أهمية لنا ويمثل بالتبعية أهمية‬ ‫ّ‬
‫نملك الحافز والدافع في كل ما نقوم‬ ‫يقين القائد برؤيته‪،‬‬
‫تحسين أدائهم‪ ،‬والعمل بعزم وإصرار‪،‬‬ ‫المهمة والرسالة اللتان تضطلع المؤسسة‬ ‫للعالم حولنا"‪ .1‬والغاية هي أي شيء يتزايد‬
‫به في حياتنا اليومية بدءًا من األنشطة اليومية‬ ‫واالستفادة مما لديهم من معرفة‬ ‫بتنفيذهما من جانب آخر‪ .‬وتختلف الغايات‬ ‫اهتمامنا به بمرور الوقت ويكون دافعًا لنا‬ ‫ويتردد في عمله‪،‬‬
‫المعتادة وحتى السعي نحو تحقيق طموحاتنا الكبرى‬ ‫ومهارات وقدرات إبداعية لخدمة‬ ‫الفردية من شخص آلخر‪ ،‬لكنها تتنوع ما بين‬ ‫للقيام بفعل ما أو السعي لتحقيق هدف‬
‫مجتمعهم‪ .‬فتحقيق السعادة وجودة‬ ‫مهمة المؤسسة‪ ،‬أو‬ ‫الشعور بالشغف تجاه‬ ‫ما‪ .‬عندما تكون لدينا غاية محددة‪ ،‬فإننا‬
‫ويتشاءم من مستقبله"‬
‫ّ‬
‫الحياة في بيئة العمل يبدأ بصياغة رؤية‬ ‫بناء مستقبل مهني‪ ،‬أو الرغبة في التع ّلم‬ ‫نملك الحافز والدافع في كل ما نقوم به‬ ‫صاحب السمو الشيخ محمد‬
‫واضحة وهادفة وتحديد القيم التي‬ ‫وتطوير المهارات في مجال العمل‪ .‬أما‬ ‫في حياتنا اليومية بدءًا من األنشطة اليومية‬ ‫بن راشد آل مكتوم‬
‫تساهم في ترسيخ تلك الرؤية في عملنا كل‬ ‫الغايات المؤسسية فتنبع من وضع رؤية‬ ‫المعتادة وحتى السعي نحو تحقيق‬ ‫نائب رئيس الدولة‪ ،‬رئيس مجلس الوزراء‪،‬‬
‫يوم‪ .‬ومن خالل ربط تلك الرؤية والقيم بتاريخ‬ ‫واضحة وتحديد لمجموعة القيم التي‬ ‫طموحاتنا الكبرى‪ .‬الغاية إذن تذكي ٌر دائم لنا‬ ‫حاكم دبي‬
‫المؤسسة وتاريخ الدولة بشكل عام‪ ،‬يمكننا‬ ‫ينبغي أن يتمسك بها جميع الموظفين‬ ‫بالنتائج التي نتط ّلع إلى تحقيقها‪ .‬وسوا ٌء‬
‫الوصول إلى سردية ملهمة ومؤثرة يسهل‬ ‫يوميًا في عملهم‪ .‬وترسيخ الغاية أم ٌر ال غنى‬ ‫أكنا أفرادًا أم مؤسسات أم حكومات‪ ،‬فإننا‬
‫على الموظفين تحديد دورهم فيها‪.‬‬ ‫عنه على الصعيد الفردي والمؤسسي؛ فهو‬ ‫جميعًا ندرك أن العمل الذي نقوم به كل‬
‫وعندها سيصبح لدى الموظفين حافز مثالي‬ ‫يمكن األفراد من تحديد عالقتهم‬‫ّ‬ ‫ويمهد الطريق‬ ‫ّ‬ ‫يوم يترك أثرًا حقيقيًا حولنا‬
‫يجعلهم يبذلون وقتهم وجهدهم‬ ‫ّ‬
‫ويمكن‬ ‫بالمؤسسة التي يعملون بها‪،‬‬ ‫لتحقيق رؤية طموحة ألنفسنا ولوطننا‪.‬‬
‫وقدراتهم وطاقاتهم اإلبداعية ليس‬ ‫المؤسسات من تحديد مسار واضح‬
‫لخدمة مؤسساتهم فحسب وإنما لخدمة‬ ‫للموظفين وهدف وغاية عليا يسعون‬
‫المجتمع والدولة أيضًا‪.‬‬ ‫لتحقيقها‪ .‬كما أن العمل وفق غاية راسخة‬
‫يضمن التزام الموظفين وتفاعلهم‬
‫وإدراكهم الكامل لطبيعة العمل الذي‬
‫يقومون به؛ وهو ما تظهر أهميته على وجه‬
‫السردية‬ ‫القيم‬ ‫الرؤية‬ ‫الخصوص في مؤسساتنا الحكومية التي‬
‫نسعى من خاللها إلى خدمة وتحسين‬
‫السعادة وجودة الحياة‬
‫حياة المتعاملين والمجتمع بأكمله‪.‬‬
‫في مكان العمل‬
‫‪ .1‬حسب تعريف عالم النفس ويليام ديمون‪ ،‬أستاذ التربية بجامعة ستانفورد‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪33‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪32‬‬

‫دراسة حالة‬ ‫مبان ومدارس ومستشفيات ومهما‬ ‫ٍ‬ ‫"مهما أقمنا من‬
‫رؤية دولة اإلمارات‬ ‫صياغة رؤية ُملهمة‬
‫مددنا من جسور فإن ذلك كله يبقى كيانًا ماديًا ال روح‬
‫العربية المتحدة للنمو‬
‫والتنمية‬ ‫فيه‪ .‬إن الروح الحقيقية وراء التقدم هي روح اإلنسان‬
‫عام ‪ ،1971‬قاد الشيخ زايد بن سلطان آل‬
‫القادر بفكره وبفنه وإمكانياته على صيانة كل هذه‬
‫نهيان إخوته في جميع أنحاء اإلمارات‬ ‫والتقدم بها والنمو معها"‬
‫ّ‬ ‫المنشآت‬
‫نحو توحيد تطلعاتهم تحت راية واحدة‪.‬‬
‫المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب اهلل ثراه)‬ ‫التعريف‬
‫واسترشادًا برؤية سموه السديدة‪ ،‬أرسى آباؤنا‬
‫المؤسسون دعائم دولة عالمية أط ّلت على‬
‫األب المٔوسس لدولة اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫والسياق‬
‫العالم من بين دروب الصحراء القاسية‪ .‬وهكذا‬ ‫تحدد الرؤية الواضحة‬
‫ّ‬ ‫ولكي تكون الرؤية مؤثرة‪ ،‬ال بد أن تكون‬ ‫والملهمة هدفًا‬
‫ُ‬ ‫تحدد الرؤية الواضحة‬
‫ّ‬
‫تطورت دولة اإلمارات العربية المتحدة لتصبح‬ ‫واضحة وصادقة‪ ،‬وأن تعبّر عن كل فرد‬ ‫وغاية يشترك األفراد والمؤسسات في‬‫ً‬
‫ً‬
‫وقدرة على‬ ‫واحدة من أكثر دول العالم تقدمًا‬
‫والملهمة هدفًا‬‫ُ‬ ‫داخل المؤسسة وتكون مصدر إلهام لهم‪.‬‬ ‫السعي لتحقيقهما‪ ،‬كما أنها تكون حافزًا‬
‫المنافسة‪ .‬لم يقتصر تركيز رؤية الشيخ زايد‬
‫ً‬
‫وغاية يشترك األفراد‬ ‫تمكن الموظفين من‬ ‫ّ‬ ‫والرؤية الجيدة أيضًا‬ ‫للعمل ونقطة استقطاب يجتمع حولها‬
‫ً‬
‫بن سلطان آل نهيان لتحقيق التنمية والنمو‬
‫والمؤسسات في‬ ‫مواءمة طموحاتهم الشخصية مع‬ ‫خاصة عند العمل على نطاق‬ ‫الموظفون‬
‫االقتصادي على البنية التحتية فحسب‪ ،‬بل امتدت‬ ‫طموحات المؤسسة وتكون بمثابة حافز‬ ‫متشعب ومتشابك من المشاريع‪ .‬وكلما‬
‫لتشمل العنصر البشري واالهتمام بالتعليم‪.‬‬ ‫السعي لتحقيقها‪،‬‬ ‫نفسي ومعنوي لالستثمار في عملهم‬ ‫كانت الرؤية ُمحكمة الصياغة‪ ،‬كانت أكثر‬
‫ً‬
‫نواة للنقلة النوعية‬ ‫وقد كانت هذه الرؤية‬ ‫كما أنها تكون حافزًا للعمل‬ ‫وإنتاجيتهم ‪ .‬ويظهر ذلك جليًا في‬ ‫قدرة على استقطاب أفراد ذوي خلفيات‬
‫التي شهدتها دولة اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫ونقطة استقطاب يجتمع‬ ‫المؤسسات غير الربحية التي تتميز بصياغة‬ ‫مختلفة للعمل معًا نحو تحقيق غاية‬
‫خالل مسيرة التطور والتنمية التي كانت وال‬ ‫ً‬ ‫رؤى ملهمة للغاية‪ .‬على سبيل المثال‪،‬‬ ‫يحدد‬
‫ّ‬ ‫مشتركة‪ .‬وتحديد الرؤية وترسيخها‬
‫خاصة عند‬ ‫حولها الموظفون‬
‫تزال تسير وفقها‪ .‬وحاليًا‪ ،‬تحتل دولة اإلمارات‬ ‫ُتكرّ س رابطة مرض ألزهايمر "‪Alzheimer’s‬‬ ‫ّ‬
‫ويحفزنا لبذل‬ ‫مسار العمل بشكل أفضل‬
‫متقدمة في العديد‬
‫ّ‬ ‫العربية المتحدة مرتبة‬
‫العمل على نطاق متشعب‬ ‫"عالم‬
‫ٍ‬ ‫‪ "Association‬جهودها للوصول إلى‬ ‫قصارى جهدنا‪ .‬كما أن العمل نحو المضي‬
‫من المؤشرات ومن بينها التنافسية‪ ،‬والسعادة‪،‬‬ ‫ومتشابك من المشاريع‬ ‫خال من مرض ألزهايمر"‪ ،‬بينما تسعى‬ ‫ٍ‬ ‫يعزز تركيز فرق العمل‬ ‫قدمًا برؤية طموحة ّ‬
‫وسهولة ممارسة األعمال وغيرها‪.‬‬ ‫منظمة "أوكسفام" الدولية (‪)Oxfam‬‬ ‫ّ‬
‫ويعزز‬ ‫على تحقيق غاية عليا مشتركة‬
‫خال من الفقر"‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫عادل‬
‫ٍ‬ ‫"عالم‬
‫ٍ‬ ‫للوصول إلى‬ ‫توجيه الموظفين في اتجاه واحد‪ ،‬وهو ما‬
‫ومثل هذه الرؤى تجذب األشخاص‬ ‫يجعلهم أكثر قدرة على تجاوز التحديات‬
‫وتستميل عواطفهم وتشجعهم على‬ ‫والعقبات أينما ظهرت‪.‬‬
‫غرس أهداف المؤسسة في ذاتهم‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪35‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪34‬‬

‫لصياغة رؤية ملهمة‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫ترسيخ‬ ‫وحتى ال تكون الرؤية مجرد فكرة نظرية ال‬ ‫عندما يتعلق األمر برؤية المؤسسة‪ ،‬يضطلع‬ ‫تكمن أهمية فهم األفراد لرؤية‬
‫يهتم أحد بتنفيذها‪ ،‬ينبغي على القادة‬ ‫قادة المؤسسات بمهام أكبر وأوسع‬ ‫مؤسساتهم في تحقيق التوافق بين القيم‬
‫رؤية المؤسسة في الحياة‬
‫غرس تلك الرؤية في العمليات اليوميّة‬ ‫نطاقًا؛ حيث تقع على عاتقهم مسؤولية‬ ‫والغاية العليا لدى الفرد مع رؤية المؤسسة‪،‬‬
‫اليومية للموظفين‬ ‫بالمؤسسة‪ .‬فالرؤية الجيدة ال ينبغي أن‬ ‫صياغة رؤية هادفة وملهمة وذات صلة‬ ‫مما سيحقق تناغمًا وانسجامًا لدور الفرد‬
‫من خالل تجسيدها‬ ‫تظهر على شعارات المؤسسة وفي‬ ‫بعمل المؤسسة‪ .‬وبعد صياغة رؤية‬ ‫في مؤسسته وبالتالي سيعزز من إنتاجية‬
‫في مختلف األنشطة‬ ‫خطابات قادتها فحسب‪ ،‬بل يجب أن‬ ‫المؤسسة‪ ،‬يبدأ القادة والمسؤولون فيها‬ ‫األفراد في منظومة العمل‪ .‬وفهم رؤية‬
‫تنعكس في العمل الذي تنفذه هذه‬ ‫بعرضها على جميع الموظفين والتأكد من‬ ‫المؤسسة ضروري أيضًا لفهم غايتها العليا‬
‫والسلوكيات في العمل‪.‬‬
‫المؤسسة‪ .‬وقد كشفت دراسة ‪ 1‬أجرتها‬ ‫فهمهم لها وترسيخها في بيئة العمل‬ ‫وهو ما يستغرق وقتًا وجهدًا‪ ،‬لكنه يبدأ‬
‫جامعة بنسلفانيا حول رضا الموظفين عن‬ ‫واالسترشاد بها في كافة الجهود المبذولة‪.‬‬ ‫الفعال‪ .‬ينبغي أن يشعر األفراد بأن‬
‫ّ‬ ‫بالتواصل‬
‫التعبير‬
‫أن الموظفين يرغبون دائمًا أن يشعروا بأن‬ ‫الباب مفتوح أمامهم دائمًا للتواصل مع‬
‫مبسط‬
‫ّ‬ ‫عن الرؤية بأسلوب‬ ‫عملهم ذو أهمية ّ‬
‫وأن إسهاماتهم تساعد‬ ‫مدرائهم وكبار القادة في المؤسسة‬
‫ودقيق وذو معنى حتى‬ ‫ً‬
‫عالوة‬ ‫بالفعل في تحقيق رؤية مستقبليّة‪.‬‬ ‫وسهولة الوصول واالرتياح بطرح األسئلة‬
‫يسهل فهمها‪.‬‬ ‫على ذلك‪ ،‬يشعر الموظفون بالمزيد من‬ ‫وطلب المزيد من المعلومات واستيضاح‬
‫الرضا عن عملهم عندما يتط ّلعون إلى‬ ‫تحسن فهمهم ألهداف‬ ‫ّ‬ ‫التفاصيل التي‬
‫مراعاة ارتباط الرؤية‬ ‫المستقبل ويرون دورهم فيه وإسهامهم‬ ‫مؤسستهم‪ .‬وعند العمل في فريق واحد‪،‬‬
‫بنطاق عمل المؤسسة حتى‬ ‫في تغيير العالم إلى مكان أفضل‪.‬‬ ‫يجب أن يعي األفراد مدى إسهام العمل‬
‫يسهل على الموظفين‬ ‫الذي يقومون به في الوقت الراهن في‬
‫مواءمة تطلعاتهم‬ ‫تحقيق الرؤية الكبرى للمؤسسة‪ ،‬وأال يقتصر‬
‫الشخصية معها‪.‬‬ ‫فهمهم على نطاق المشروع أو طبيعة‬
‫مهامهم فحسب‪ ،‬وإنما فهم أسباب‬
‫تنفيذ هذا المشروع وأثره المتوقع‪ .‬فهذه‬
‫المعرفة تدفعهم لبذل قصارى جهدهم‬
‫والمضي‬
‫ُ‬ ‫وتحفزهم للمشاركة الفاعلة‬
‫قدمًا حتى عند مواجهة الصعاب‪.‬‬

‫‪1. Annie McKee: Being Happy at Work Matters – Harvard Business Review, 2014.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪37‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪36‬‬

‫دراسة علمية‬
‫مؤسسات ترتكز‬ ‫ترسيخ القيم الجوهرية‬
‫على القيم‬
‫أثناء اإلعداد لنشر كتاب حول بناء‬
‫المؤسسات المرتكزة على القيم‪ ،‬قام‬
‫ريتشارد باريت‪ ،‬وهو مؤسس "مركز باريت‬
‫للقيم" (‪ )Barrett Values Centre‬في المملكة‬
‫المتحدة وواضع نموذج "مستويات الوعي‬ ‫التعريف‬
‫حدد‬
‫السبعة" للتطور الشخصي‪ ،‬بإجراء دراسة ّ‬ ‫والسياق‬
‫من خاللها القيم التي تستند إليها أكثر من ‪2000‬‬
‫لما كانت القيم التي نؤمن بها هي‬ ‫ّ‬ ‫ولما كانت القيم التي نؤمن بها هي الحافز‬ ‫ّ‬ ‫لضمان التزام األفراد بالعمل نحو تحقيق‬
‫شركة في ‪ 60‬دولة حول العالم‪ .‬وكشف هذا‬
‫رؤية المؤسسة‪ ،‬يجب أو ً‬
‫الجهد البحثي عن أن الشركات "المرتكزة على‬ ‫الحافز األقوى وراء أفعالنا‪،‬‬ ‫تحدد‬
‫ّ‬ ‫األقوى وراء أفعالنا‪ ،‬فإنها كثيرًا ما‬ ‫ال فهم اإلجراءات‬
‫مدى قدرتنا على االلتزام بغاية محددة‪.‬‬ ‫تمكنهم من تحقيق تلك‬ ‫ّ‬ ‫والسلوكيات التي‬
‫القيم" والتي تلتزم بمجموعة راسخة من القيم‬ ‫تحدد مدى قدرتنا على االلتزام‬
‫ّ‬ ‫فإنها كثيرًا ما‬
‫وفي حال لم تكن قيمنا متوافقة مع قيم‬ ‫الرؤية‪ .‬و ُتعرّ ف القيم بمجموعة المبادئ أو‬
‫أداء واألكثر نجاحًا بفارق كبير عن‬
‫كانت األفضل ً‬ ‫بغاية محددة‬ ‫الرؤية‬ ‫نتمكن من‬‫ّ‬ ‫المؤسسة التي نعمل بها‪ ،‬لن‬ ‫توجه سلوكيّاتنا وتستند إليها‬
‫المعايير التي ّ‬
‫غيرها من المؤسسات‪ .‬وقد تم تقييم أداء هذه‬
‫إنجاز عملنا على الوجه األكمل‪ .‬بالمثل‪ ،‬إذا‬ ‫تمثل التجسيد اليومي‬ ‫أفعالنا‪ ،‬كما أنها ّ‬
‫المؤسسات من خالل مقارنة عائداتها المالية‬
‫كان العمل الذي نقوم به غير متوافق مع‬ ‫لرؤية المؤسسة والسبل التي تنتهجها‬
‫ّ‬
‫مؤشر "ستاندرد آند بورز" الذي‬ ‫وباالستناد إلى‬
‫القيم التي نؤمن بها‪ ،‬فسوف تتأثر قدرتنا‬ ‫يوميًا نحو تحقيق رؤيتها‪.‬‬
‫يضم ‪ 500‬من الشركات الرائدة في التداول العام‬
‫على المشاركة واإلنتاجية‪ .‬وال يظهر هذا‬
‫في سوق األسهم في الواليات المتحدة على‬
‫التوافق التام في جميع الحاالت‪ ،‬لكن‬ ‫إننا نتخذ مئات القرارات يوميًا‪ ،‬والطريق الذي‬
‫مدار ‪ 10‬أعوام‪.‬‬
‫عندما يحدث هذا التوافق‪ ،‬فإنه يؤدي إلى‬ ‫بناء على هذه القرارات ما هو إال‬
‫نسلكه ً‬
‫‪Building a Values-Driven Organization:‬‬
‫حالة من التناغم المثالي بين الموظفين‬ ‫انعكاس مباشر للقيم والمعتقدات التي‬
‫‪A Whole-System Approach to Cultural‬‬
‫والمؤسسة التي يعملون بها‪.‬‬ ‫ً‬
‫وعادة ما تمدنا هذه القيم‬ ‫نؤمن بها‪.‬‬
‫)‪Transformation (2006‬‬
‫القيم‬ ‫باإللهام ‪ ،‬سواء بصورة واعية أو غير واعية‪،‬‬
‫على اختيارنا لمسار وظيفي محدد‪ .‬وعند‬
‫توظيف أشخاص جدد‪ ،‬فإننا نسعى إلى‬
‫البحث عن هؤالء الذين يشاركوننا نفس‬
‫قيمنا حتى يسهل عليهم مواءمة رؤيتهم‬
‫الشخصية مع رؤيتنا وغايتنا‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪39‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪38‬‬

‫لترسيخ القيم الجوهرية في بيئة العمل‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫يلعب القادة دورًا محوريًا في تحديد قيم‬ ‫جدي ٌر بالذكر أيضًا أن فهمنا للقيم التي‬ ‫لكل شخص منا مجموعة من القيم‬ ‫ّ‬
‫تفعيل‬ ‫االستناد‬
‫المؤسسة التي يعملون بها والتأكد من‬ ‫نؤمن بها يساعدنا في التحديد الواعي‬ ‫الخاصة التي يؤمن بها؛ لكن تظل هناك‬
‫الخطوات التي تمكن‬ ‫على قيم الدولة وإرثها‬
‫استرشادها بقيم دولتنا ككل وتماشيها‬ ‫ألولويات العمل المهمة ويجعل عملنا أكثر‬ ‫بعض القيم العامة (مثل النزاهة‪ ،‬واألمانة‪،‬‬
‫الموظفين من تجسيد‬ ‫الثقافي عند تحديد‬ ‫حدد مجموعة القيم‬ ‫مع إرثنا الثقافي‪ُ .‬ت َّ‬ ‫موثوقية ويساعدنا على التركيز‪ ،‬وهو ما‬ ‫واالنتماء‪ ،‬والوالء) التي تجعل من بيئة‬
‫القيم المؤسسية‪.‬‬ ‫القيم المؤسسية‪.‬‬ ‫الجوهرية لكل مؤسسة على حدة‪ ،‬ويُراعى‬ ‫يساعدنا بدوره على تالفي اتخاذ قرارات قد‬ ‫العمل مكانًا أكثر سعادة‪ .‬والقيم التي‬
‫فيها أن تكون هادفة وذات مغزى لألفراد‬ ‫تتعارض مع أهدافنا على المدى البعيد‪ .‬كما‬ ‫نؤمن بها هي التي تدفع قراراتنا وترشد‬
‫تحديد‬ ‫الذين يعملون بالمؤسسة (ولغيرهم من‬ ‫أن فهم قيمنا واإللمام بها يعزز ثقتنا‬ ‫وتوجه أفعالنا‪ .‬تس ّلط آني ماكي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ضمائرنا‬
‫األثر المترتب على التمسك‬ ‫الجهات المعنية ذات الصلة)‪ .‬ولضمان‬ ‫بأنفسنا ويساعدنا في تحديد أولوياتنا‪.‬‬ ‫في كتابها "كيف تكون سعيدًا في العمل‬
‫غرس القيم المؤسسية في بيئة العمل‬ ‫وكلما زاد وضوح القيم التي نؤمن بها‪ ،‬أصبح‬ ‫‪ ،"How to be Happy at Work‬الضوء‬
‫بالقيم المؤسسية‪ ،‬على‬
‫اليومية‪ ،‬ينبغي على القادة توجيه‬ ‫من السهل علينا رصد أي انحراف عن مسارنا‬ ‫على أهمية المواءمة بين القيم الشخصية‬
‫الصعيدين الداخلي والخارجي‪،‬‬ ‫الموظفين لكيفية تطبيق هذه القيم على‬ ‫وتصحيحه على الفور‪.‬‬ ‫والقيم المؤسسية وكيف أن هذا األمر‬
‫وذلك للتأكيد على أهميتها‪.‬‬ ‫أفضل نحو ممكن‪ ،‬وأن يكونوا قدوة‬ ‫يؤدي في نهاية المطاف إلى تعميق حس‬
‫يُحتذى بها من خالل تجسيد تلك القيم‬ ‫المشاركة والتفاعل لدى الموظفين‪.1‬‬
‫تقدير‬ ‫في سلوكهم اليومي‪ .‬فهذا األمر سيؤدي‬ ‫فاإليمان بأهداف المؤسسة وقيمها أم ٌر ال‬
‫يقدمون‬
‫ّ‬ ‫الموظفين الذين‬ ‫إلى تحفيز الموظفين للتمسك بتلك القيم‬ ‫غنى عنه لتحفيز الموظفين ومنحهم‬
‫نموذجًا يُحتذى به في التمسك‬ ‫ّ‬
‫يتمكن القادة‬ ‫وتطبيقها هم أيضًا‪ .‬وعندما‬ ‫غاية يسعون إليها ّ‬
‫كل يوم‪.‬‬
‫من بيان أثر القيم المؤسسية‪ ،‬على‬
‫ومعايشة القيم المؤسسية‪.‬‬
‫الصعيدين الداخلي والخارجي‪ ،‬يمكنهم‬
‫ترسيخ تلك القيم وتعزيزها على نحو دائم‪.‬‬
‫ويمكن دعم هذه الجهود من خالل تقدير‬
‫يجسدون أفضل مثال‬‫ّ‬ ‫الموظفين الذين‬
‫حي وملموس للقيم المؤسسية‪.‬‬

‫‪1. Annie McKee: How to be Happy at Work: The Power of Purpose, Hope and Friendship – 2017.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪41‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪40‬‬

‫دراسة حالة‬
‫"أمازون"‬
‫صياغة سردية مؤثرة‬
‫تشتهر "أمازون"‪ ،‬الشركة العالمية الرائدة‬
‫في مجال التسوق اإللكتروني‪،‬‬
‫بسردية مؤسسية مميزة؛ فقصة "أمازون" تدور‬
‫حول شركة ّ‬
‫تركز في المقام األول واألخير على‬
‫المتعاملين انطلقت بداياتها من مرآب منزل‬
‫رئيسها التنفيذي جيف بيزوس لتتوسع بعدها‬ ‫التعريف‬
‫وتصبح عمالقًا عالميًا رائدًا‪ .‬وتتميز "أمازون"‬ ‫والسياق‬
‫ّ‬
‫المتمثلة‬ ‫مهمتها‬
‫ّ‬ ‫بتكريس جهودها لتنفيذ‬
‫أثبتت العديد من الدراسات أن السرديات ذات‬ ‫يتميز أسلوب السرد الجيد بقدرته على‬
‫في تحقيق أكبر قدر من الراحة وتقديم ّ‬
‫أقل‬
‫معنى يؤثر في مشاعرنا وسلوكيّاتنا‪ ،‬ألنها‬ ‫ترسيخ نفسه في ذهن المتلقي‪ ،‬وهو أداة‬
‫ّ‬
‫وتركز جميع‬ ‫األسعار الممكنة لمتعامليها‪.‬‬
‫إجابات لتفسير دوافع قيامنا بعملنا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫تقدم‬
‫ّ‬ ‫فعالة تستعين بها المؤسسات في جذب‬
‫جوانب ثقافتها المؤسسية‪ ،‬بدءًا من ممارسات‬
‫ويرى الكثيرون أن أصعب لحظات حياتهم‬ ‫انتباه المتعاملين‪ .‬فالسردية المؤثرة‬
‫التوظيف وسياسات خدمة المتعاملين ووصو ً‬
‫ال‬
‫أثبتت العديد من الدراسات‬ ‫هي التي غابت عنهم فيها الغاية والهدف‬ ‫تخاطب مشاعرنا وتالئم بينها وبين‬
‫إلى استثماراتها‪ ،‬على تعزيز هذه السردية‪ .‬وهذا‬
‫التركيز على المتعاملين هو مبدأ توجيهي‬ ‫أن السرديات ذات معنى يؤثر‬ ‫انصب تركيزهم‬ ‫ّ‬ ‫وراء ما يفعلون؛ أي عندما‬ ‫دوافعنا ألداء عملنا‪ .‬كما أنها وسيلة فعالة‬
‫ً‬
‫على العمل الذي يقومون به بدال من التركيز‬ ‫لبناء هوية مؤسسية مميزة‪ ،‬ويمكن تعزيز‬
‫للشركة منذ تأسيسها وينعكس في جميع‬ ‫وسلوكياتنا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫في مشاعرنا‬ ‫على الدافع وراء هذا العمل‪ .‬وهنا يأتي دور‬ ‫والء المتعاملين وانتمائهم من خالل‬
‫ّ‬
‫وتشكل جذور‬ ‫المؤسسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قراراتها ورسائلها‬
‫إجابات لتفسير دوافع‬
‫ٍ‬ ‫تقدم‬
‫ّ‬ ‫ألنها‬ ‫ّ‬
‫لتذكرنا بالغاية العليا‬ ‫السردية المحكمة‬ ‫ربطها بالتجارب الشخصية لهؤالء‬
‫قصة "أمازون" اآلن جزءًا ال يتجزأ من هويتها‬
‫قيامنا بعملنا‬ ‫ال لرؤية‬ ‫لعملنا ولوضع سياق أكثر شمو ً‬ ‫المتعاملين‪ .‬وينطبق األمر نفسه على‬
‫التجارية كسبت من خاللها والء ماليين‬
‫المؤسسة وقيمها‪.‬‬ ‫الموظفين‪ ،‬فتعريف الموظفين بتاريخ‬
‫المتعاملين والمورّدين والشركاء في جميع‬
‫المؤسسة يجعلهم يرون أدوارهم ضمن‬
‫أنحاء العالم‪.‬‬
‫ويعمق الحافز النفسي‬‫ّ‬ ‫سياق أكثر شمو ً‬
‫ال‬
‫للعمل لديهم‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪43‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪42‬‬

‫لصياغة وترسيخ سردية ملهمة‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫ّ‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫البناء على رؤية‬ ‫وبحكم موقعهم‪ ،‬فإن قادة المؤسسات‬ ‫المؤسسية‪ ،‬يمكن‬
‫ّ‬ ‫عند صياغة السردية‬ ‫يُمكن لألفراد المشاركة بصياغة سردية‬
‫ّ‬
‫تضطلع به‬ ‫هم األقدر على بيان الدور الذي‬ ‫النظر إلى الموظفين على أنهم‬ ‫خاصة بهم في بيئة العمل بحيث تتقاطع‬
‫المؤسسة وقيمها‬
‫مؤسساتهم ضمن سياق السردية األشمل‬ ‫المسؤولون عن كتابة هذه السردية‪ ،‬بينما‬ ‫هذه السردية الشخصية مع سردية‬
‫وتاريخها لوضع سردية‬ ‫للدولة ككل‪ ،‬وكيف أن كل موظف لديهم‬ ‫يكون دور القادة هو تحريرها وتنقيحها‪ ،‬إذ‬ ‫المؤسسة التي يعملون بها‪ .‬لماذا نعمل‬
‫ومحكمة‪.‬‬
‫متماسكة ُ‬ ‫يؤدي دورًا محوريًا في سردية المؤسسة‬ ‫يقومون بتجميع تاريخ المؤسسة ورؤيتها‬ ‫هنا؟ وما الذي يمكننا إنجازه؟ وكيف يساعد‬
‫والدولة على حدٍّ سواء‪.‬‬ ‫وقيمها ضمن سردية متماسكة توضح‬ ‫عملنا في تطوير المؤسسة؟ تبدأ اإلجابة عن‬
‫االستدالل‬ ‫أهمية ومغزى العمل الذي تقوم به‬ ‫هذه األسئلة بأفعال بسيطة مثل االلتزام‬
‫بسردية المؤسسة في‬ ‫مساحة ألفكاري‬
‫المؤسسة‪ .‬يمكن اعتبار السردية الملهمة‬ ‫وتحمل‬
‫ّ‬ ‫بأداء المهام المنوطة بنا‪،‬‬
‫المقوّ م النهائي من مقوّ مات ترسيخ الغاية‬ ‫المسؤولية تجاه عملنا‪ ،‬وإدراك األثر الذي‬
‫جميع المواد اإلعالمية‬
‫في بيئة العمل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ككل‪.‬‬ ‫يتركه عملنا على المجتمع‬
‫والترويجية داخل‬
‫المؤسسة وخارجها‪.‬‬ ‫ومن الوسائل الفعالة التي يستعين بها‬ ‫ومن خالل مشاركتنا في السردية الملهمة‬
‫القادة في الترويج للغاية العليا للعمل‬ ‫لمؤسساتنا‪ ،‬يمكننا توجيه جهودنا نحو غاية‬
‫االستلهام‬ ‫الحكومي الربط بين تلك الغاية وبين تاريخ‬ ‫أكبر بكثير من غاياتنا الشخصية‪ .‬ولكي‬
‫بتاريخ الدولة وقصة‬ ‫دولتنا وسرديتها الملهمة‪ .‬فمنذ أن تأسس‬ ‫تتمكن المؤسسة من الترويج لهذه السردية‬‫ّ‬
‫الشعب لتسليط الضوء‬ ‫اتحادنا‪ ،‬ومرورًا بما وصلنا إليه من تقدم‬ ‫لدى المتعاملين الخارجيين‪ ،‬ال بد أن يسبق‬
‫اقتصادي وريادة عالمية‪ُ ،‬تعد سردية دولة‬ ‫ذلك إيمان حقيقي من الموظفين داخل‬
‫على الهدف األسمى‬
‫اإلمارات العربية المتحدة شاهدًا على العمل‬ ‫المؤسسة بهذه السردية وأن يساهموا في‬
‫والغاية العليا للعمل‬ ‫الدؤوب آلبائنا المؤسسين وجميع قادتنا‪.‬‬ ‫تطورها ونجاحها‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن‬
‫الحكومي‪.‬‬ ‫شغف هذا الذي دفع آباءنا المؤسسين‬ ‫ٍ‬ ‫فأي‬
‫ّ‬ ‫االستعانة بالسرديات الملهمة للموظفين‬
‫إلى تحديد هذا المسار الذي تتحرك فيه‬ ‫لتساهم في السردية الكبرى للمؤسسة‪،‬‬
‫دولتنا؟ وما التحديات التي واجهوها وكيف‬ ‫وبالتالي االستفادة من أحد أهم أصول‬
‫تغلبوا عليها؟ وكيف كانت رؤية آبائنا‬ ‫المؤسسة وهم العنصر البشري لديها‪.‬‬
‫المؤسسين مصدرًا إللهام شعبنا لمواصلة‬
‫تلك الجهود الدؤوبة؟‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪45‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪44‬‬

‫دراسة حالة‬
‫مليونية العطاء‬ ‫غرس ثقافة اإليثار‬
‫أعلنت دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫عام ‪" 2017‬عام الخير"‪ ،‬لتشجيع‬
‫القطاعين العام والخاص وأفراد المجتمع على‬
‫العطاء وعمل الخير والتح ّلي بفضيلة اإليثار‪.‬‬
‫وتماشيًا مع تلك المبادرة‪ ،‬أطلق البرنامج الوطني‬
‫للسعادة واإليجابية مبادرة "مليونية العطاء" التي‬ ‫التعريف‬
‫تهدف إلى تشجيع أعمال الخير واإليثار وتوثيقها‬ ‫والسياق‬
‫ونشرها عبر وسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫بأن جهودهم تترك أثرًا إيجابيًّا في المجتمع‬ ‫تنبع فضيلة اإليثار من مشاعر كالتعاطف‬ ‫تتعلق قيمة اإليثار بخلوها من األنانية والذات‬
‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬
‫وأنهم يساهمون في تحقيق غاية عليا‬ ‫والمشاركة الوجدانية؛ بمعنى القدرة على‬ ‫ال من ذلك باآلخرين‬‫واالهتمام بد ً‬
‫ثم يشعرون بالمزيد من التعاطف مع‬ ‫ومن ّ‬ ‫فهم منظور اآلخرين وما يشعرون به‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وبسعادتهم‪ .‬ومن خالل التحلي بقيمة‬
‫اآلخرين‪ .‬وقد كشفت الدراسات التي أجرتها‬ ‫وتشير الفرضية التي تربط بين اإليثار‬ ‫اإليثار‪ ،‬يمكننا التركيز على غاية عليا‬
‫تتج ّلى أهمية‬ ‫مؤسسة "كون كوميونيكيشنز" (‪Cone‬‬ ‫والمشاركة الوجدانية إلى أن المشاركة‬ ‫واالهتمام واالستثمار بأمور تتعدى نطاق‬
‫ترسيخ ثقافة اإليثار‬ ‫‪ )Communications‬عن أن "‪ %80‬من عينة‬ ‫الوجدانية تو ّلد فضيلة اإليثار‪ .1‬فالتعاطف‬ ‫اهتماماتنا ومصالحنا الشخصية‪ .‬ويُبدي‬
‫شملت ‪ 1800‬شخص تتراوح أعمارهم ما بين‬ ‫مع اآلخرين يعكس شعورًا بالتراحم‪ ،‬بينما‬ ‫األشخاص الذي يتح ّلون بقيمة اإليثار اهتمامًا‬
‫في المؤسسة‬
‫‪ 25-13‬عامًا يرغبون في العمل لدى‬ ‫يشير اإليثار إلى وجود حافز يدفعنا إلى‬ ‫كبيرًا بالمؤسسة التي يعملون بها وبجميع‬
‫لما لها من أثر في ربط أهداف‬ ‫مؤسسة تولي اهتمامًا لألثر التي تتركه على‬ ‫االهتمام بسعادة ورفاء اآلخرين كغاية في‬ ‫المستفيدين من عملهم‪ ،‬كما ينشأ بينهم‬
‫الموظفين بالغاية العليا‬ ‫المجتمع واإلسهامات التي تقدمها له"‪ ،‬في‬ ‫حد ذاتها‪.2‬‬ ‫وبين قادتهم وزمالئهم في العمل رابط‬
‫للمؤسسة وإضافة بُعدٍ ذي‬ ‫حين ذكر "‪ %88‬أنهم يشعرون بمزيد من‬ ‫نفسي وقدر من التعاطف‪ .‬إنهم دائمو‬
‫مغزى وقيمة إلى حياتهم‬ ‫الرضا عن عملهم عندما تتاح لهم الفرصة‬ ‫يبدأ ترسيخ ثقافة اإليثار بالتركيز على‬ ‫البحث عن الفرص التي يستطيعون من‬
‫إلحداث أثر إيجابي فيما يتعلق بالقضايا‬ ‫المسؤولية االجتماعية للمؤسسات (‪.)CSR‬‬ ‫خاللها تقديم يد العون والمساعدة‬
‫االجتماعية والبيئية"‪ .3‬وهكذا نرى أن ترسيخ‬ ‫حيث أن مسؤولية المؤسسة أن تبادر في‬ ‫لزمالئهم وفرق العمل التي يعملون بها‪.‬‬
‫الشعور بالغاية لدى الموظفين يكون أقوى‬ ‫التأثير بالبيئة وسعادة المجتمع‪ .‬فاألنشطة‬ ‫ولذا تتج ّلى أهمية ترسيخ ثقافة اإليثار في‬
‫عندما يحصلون على الفرصة لممارسة‬ ‫الخيرية أو التطوعية التي تطلقها‬ ‫المؤسسة لما لها من أثر في ربط أهداف‬
‫سلوكيات التسامح وإظهار مشاعر اإليثار‬ ‫المؤسسات تؤدي إلى تفعيل مشاركة‬ ‫الموظفين بالغاية العليا للمؤسسة وإضافة‬
‫والتأكد من أنهم يحظون بالدعم من‬ ‫الموظفين ورفع مستويات الرضا بينهم؛‬ ‫ُعد ذي مغزى وقيمة إلى حياتهم‪.‬‬ ‫ب ٍ‬
‫مؤسساتهم في هذا الصدد‪.‬‬ ‫ألن المشاركين في هذه األنشطة يشعرون‬

‫‪1. C. Daniel Batson, Altruism in Humans – 2010.‬‬


‫‪2. C. Daniel Batson, David A. Lishner & Eric L. Stocks: The Empathy-Altruism Hypothesis – 2015.‬‬
‫‪3. Cone Communications: 2016 Cone Communications Millennial Employee Engagement Study – 2016.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪47‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪46‬‬

‫لترسيخ ثقافة اإليثار في المؤسسات‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫ّ‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫تنفيذ‬ ‫لفضيلة اإليثار العديد من الفوائد وترسيخها‬ ‫ال تستمد أفعال اإليثار قيمتها وأهميتها‬ ‫يمكن لألفراد التح ّلي بفضيلة اإليثار وقيم‬
‫ضمن ثقافة العمل هو الوسيلة المثلى‬ ‫من حجمها أو نطاقها‪ ،‬بل يمكن ألي فعل‬ ‫التسامح داخل بيئة العمل وخارجها‪ ،‬وهو‬
‫مبادرات المسؤولية‬
‫لترسيخ الشعور بالغاية العليا لدى‬ ‫بسيط أن يترك أثرًا كبيرًا‪ .‬وهناك في‬ ‫ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز‬
‫المجتمعية للمؤسسات‪،‬‬ ‫الموظفين‪ .‬ويمكن للقادة تعريف‬ ‫مجتمعنا خيارات ال حصر لها لكل من‬ ‫شعورهم بالسعادة واالرتقاء بجودة‬
‫مثل األنشطة التطوعية التي‬ ‫الموظفين بكيفية المشاركة في الفرص‬ ‫يفكر في بذل وقته أو جهده أو ماله‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حياتهم‪ .‬ويتج ّلى هذا األمر في بيئة العمل‬
‫تؤدي إلى تعزيز المشاركة‬ ‫التطوعية وإطالعهم على كافة التفاصيل‬ ‫يمكننا على سبيل المثال المشاركة في‬ ‫الموظفين مع زمالئهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من خالل تفاعل‬
‫الالزمة للقيام بذلك‪ .‬وهناك العديد من‬ ‫المبادرات المجتمعية التي تطلقها‬ ‫الجود والكرم‬ ‫كما يمكن إبداء فضيلة ُ‬
‫والرضا لدى أفراد المجتمع‪.‬‬
‫الفرص للمساهمة في المبادرات‬ ‫الجهات الحكومية أو في الفرص‬ ‫بالقول أو الفعل – سوا ٌء من خالل تقديم‬
‫المجتمعية الحكومية باإلضافة إلى البرامج‬ ‫التطوعية التي يتيحها القطاع غير‬ ‫النصح والمشورة والمواساة وقت الشدائد‬
‫تسليط الضوء‬
‫القيادية التي تقودها الجهات‬ ‫الحكومي‪ ،‬أو من خالل الجهود الفردية‬ ‫والتعبير عن االمتنان أو من خالل عرض‬
‫على أهمية ردّ الجميل‬ ‫الحكوميةوخلق فرص العمل التطوعي‪،‬‬ ‫تهمنا‪.‬‬ ‫تركز على قضية‬ ‫التي ّ‬ ‫المساعدة والمساهمة في حل مشكلة ما‪،‬‬
‫ّ‬
‫للمجتمع وكيف أنه يؤثر‬ ‫ليس فقط لتحسين حياة اآلخرين بل لكونه‬ ‫وتحمل المسؤولية ودعم اآلخرين في‬ ‫ّ‬
‫على كل فرد فينا وعلى‬ ‫مصدرًا اساسيًا للسعادة وتحسين جودة‬ ‫سعيهم للتطور والنجاح‪ .‬ويجب أال يكتفي‬
‫مؤسستنا‪.‬‬ ‫الحياة ‪ .‬وجدير بالذكر أن نشر ثقافة التطوع‬ ‫األفراد بإبداء سلوكيات اإليثار فحسب‪ ،‬بل‬
‫في بيئات العمل ال يفيد اآلخرين فحسب‪ ،‬بل‬ ‫ينبغي عليهم تشجيع اآلخرين على القيام‬
‫تسليط الضوء‬ ‫يظهر أثره في ثقافة المؤسسة وفي تعزيز‬ ‫باألمر نفسه‪ .‬فترسيخ قيمة اإليثار في‬
‫سعادة الموظفين بل والمجتمع ككل‪.‬‬ ‫نفوس اآلخرين يتيح لنا فرصة التع ّلم‬
‫على األفراد الذين يشاركون‬
‫منهم وتحقيق التطور ونصبح قادة‬
‫بجهد تطوعي في المجتمع‬ ‫إيجابيين في مؤسساتنا‪.‬‬
‫سواء عن طريق المبادرات‬
‫المؤسسية أو الفردية‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪49‬‬ ‫ترسيخ الغاية‬ ‫‪48‬‬

‫صياغة‬
‫رؤية واضحة‪ ،‬ودقيقة‪ ،‬وهادفة‬

‫ربط‬

‫‪5‬‬
‫إسهامات األفراد ودوافعهم بالغايات العليا‬
‫ّ‬
‫ككل‬ ‫للمؤسسة والدولة‬

‫تقديم مثال ُيحتذى‬


‫من خالل تطبيق قيم المؤسسة‬
‫على أساس يومي‬
‫الخطوات الـ‬
‫لترسيخ الغاية في بيئة العمل‬
‫ّ‬
‫تبني‬
‫ثقافة اإليثار وتحفيز التفاعل مع اآلخرين‬
‫والتعاطف معهم‬

‫الجمع‬
‫بين رؤية المؤسسة وقيمها وتاريخها لوضع‬
‫وملهمة‬‫سردية ُمحكمة ُ‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪51‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪50‬‬

‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬
‫لمحة عامة‬ ‫‪ 2‬‬
‫‪5‬‬
‫ترسيخ ممارسات اليقظة الذهنية‬ ‫‪ 4‬‬
‫‪5‬‬
‫تعزيز بيئة عمل إيجابية‬ ‫‪ 58‬‬
‫ضبط النفس والتحكم في االنفعاالت الشخصية‬ ‫‪ 62‬‬
‫تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية‬ ‫‪ 66‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪53‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪52‬‬

‫لمحة عامة‬

‫المعروف أن العقل السليم‬ ‫شكل الصحة البدنية والنفسية‬ ‫و ُت ّ‬ ‫أثبتت األبحاث التي أجريت على مدار عقود أن‬ ‫أهم‬
‫ّ‬ ‫من المعروف أن الموظفين هم أحد‬ ‫"دائمًا انظر لفريق عملك‬
‫يكمل اآلخر‬ ‫في الجسم السليم‪ ،‬وأن كالهما‬ ‫للموظفين أولوية رئيسية لدى أي مؤسسة‬ ‫االهتمام بصحة أجسامنا ي ّ‬
‫ُؤثر تأثيرًا مباشرًا‬ ‫الموارد لدى أي مؤسسة‪ ،‬كما أن السالمة‬
‫ّ‬
‫ناجحة‪ ،‬كما أن توفير الوسائل الالزمة‬ ‫على مشاعرنا وطاقتنا‪ .‬فعندما تكون‬ ‫الجسدية والنفسية والذهنية لهؤالء‬
‫بإيجابية‪ ،‬واعمل على‬
‫للموظفين لالعتناء بصحتهم هو عامل‬ ‫أجسامنا في أفضل حاالتها‪ ،‬تكون حالتنا‬ ‫أهم ما يملكون‪ .‬والمعروف‬ ‫ّ‬ ‫الموظفين هي‬ ‫تحقيق السعادة لهم‬
‫أساسي لزيادة اإلنتاجية وتعزيز المشاركة‬ ‫النفسية أكثر استقرارًا ونكون أكثر قدرة‬ ‫أيضًا أن العقل السليم في الجسم السليم‪،‬‬
‫والتفاعل‪ ،‬وتحقيق السعادة وجودة الحياة‬ ‫على التفاؤل واإلبداع والعطاء‪ .‬يجب أال‬ ‫يكمل اآلخر‪ .‬وهناك دراسات في‬ ‫ّ‬ ‫وأن كالهما‬
‫ليحققوا السعادة‬
‫في بيئة العمل على المدى الطويل‪.‬‬ ‫يقتصر تركيزنا على الحفاظ على صحة‬ ‫مجال علم النفس الفيسيولوجي‪ ،‬أحد‬ ‫للمجتمع من حولهم"‬
‫فالصحة الجيدة هي األساس الذي ننطلق‬ ‫أجسامنا فحسب‪ ،‬بل من الضروري أن نحافظ‬ ‫الفروع الناشئة في علم النفس‪ ،‬تحاول إثبات‬
‫صاحب السمو الشيخ محمد‬
‫منه نحو تحقيق تطلعاتنا الكبرى‪ ،‬ألنها‬ ‫على سالمة وصحة عقولنا أيضًا‪ .‬ومن خالل‬ ‫العالقة بين الصحة الجسدية والنفسية من‬
‫بن راشد آل مكتوم‬
‫تساعدنا في التركيز على بناء عالقات ناجحة‪،‬‬ ‫االستعانة ببعض الممارسات مثل اليقظة‬ ‫خالل تحديد العالقة السببية بين كيمياء‬
‫نائب رئيس الدولة‪ ،‬رئيس مجلس الوزراء‪،‬‬
‫واالستفادة من طاقاتنا وإمكاناتنا‪ ،‬والتغلب‬ ‫الذهنية "‪ "mindfulness‬وإدارة االنفعاالت‬ ‫المخ وبين ما يصدر عن األفراد من مشاعر‬
‫حاكم دبي‬
‫على أي تحديات نواجهها في بيئة العمل‪.‬‬ ‫والمشاعر “‪ ،"emotional regulation‬يمكن‬ ‫وسلوكيات‪ ،‬حيث يعتقد العلماء أن أفكارنا‬
‫للعقل السليم أن يصل لحالة من التوازن‬ ‫ومشاعرنا ووعينا ما هي إال نتيجة لتفاعالت‬
‫اإليجابي ويفتح الباب أمام المزيد من اإلبداع‬ ‫كيميائية تحدث داخل الجهاز العصبي‬
‫واالبتكار واتخاذ قرارات صائبة‪ .‬والعقل‬ ‫بالجسم‪ .1‬وهكذا يمكننا أن نخ ُلص إلى أن‬
‫السليم يجعلنا أكثر وعيًا باستجاباتنا‬ ‫تعزيز الصحة النفسية يساهم في الوصول‬
‫االنفعالية ويجعل من مشاعرنا أدوات‬ ‫إلى حالة من التوازن واإليجابية وهو ما يعود‬
‫للتطور الذاتي و ليس مجرد عقبات نسعى‬ ‫ً‬
‫وعادة ما‬ ‫بالفائدة على الصحة الجسدية‪.‬‬
‫للتغلب عليها‪.‬‬ ‫يهتم األفراد السعداء باالعتناء بأنفسهم‬
‫واتخاذ قرارات صحية فيما يتعلق بحياتهم؛‬
‫وهكذا يؤثر كل جانب منهما على اآلخر في‬
‫دائرة متواصلة‪.‬‬

‫‪1. Carlson, Neil R. Foundations of Physiological Psychology. 7th ed.‬‬


‫‪Boston: Pearson Education – 2008.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪55‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪54‬‬

‫تساعد اليقظة الذهنية األفراد على‬ ‫ترسيخ ممارسات اليقظة الذهنية‬


‫التزام الهدوء في المواقف العصيبة‪،‬‬
‫وتنمي المرونة‬
‫ّ‬ ‫تحسن الذاكرة وتزيد التركيز‬
‫ّ‬ ‫كما أنها‬

‫التعريف‬
‫والسياق‬
‫من خالل ممارسة اليقظة الذهنية وفهم‬ ‫على الرغم من أن اليقظة الذهنية ذات‬ ‫تسـاعد اليقظة الذهنية األفراد على التزام‬ ‫ُتعرّ ف اليقظة الذهنية (‪)Mindfulness‬‬
‫طبيعة العالقة بين مشاعرنا وأجسامنا‪،‬‬ ‫أبعاد فلسفية‪ ،‬إال أنه يمكن ألي شخص‬ ‫الهدوء فـي المواقف العصيبة‪ ،‬كما أنها‬ ‫بأنها "قدرة األفراد على معايشة اللحظة‬
‫تزداد قدرتنا على الفصل بينهما والتحكم‬ ‫ممارسة اليقظة الذهنية من خالل‬ ‫وتنمي‬
‫ّ‬ ‫تحسـن الذاكرة وتزيد التركيز‬
‫ّ‬ ‫الراهنة وأن يكونوا على وعي تام بوضعهم‬
‫فيهما‪ .‬ففهمنا الجيد لمشاعرنا يساعدنا‬ ‫مجموعة من التمارين البسيطة ذات النتائج‬ ‫المرونـة‪ .‬ومع زيادة أعباء العمل واإلجهاد‪،‬‬ ‫الحالي وبما يفعلون‪ ،‬وأال يبالغوا بردة‬
‫في اتخاذ قراراتنا وتنظيم أفكارنا وتعامالتنا‬ ‫المؤكدة‪ ،‬ومن بينها المشي الواعي‪،‬‬ ‫من الطبيعي أن يصاب األفراد بالشـرود‬ ‫أفعالهم‪ ."1‬اليقظة الذهنية هي الوعي‬
‫ً‬
‫عادة ما نبدأ بإلقاء اللوم على‬ ‫مع اآلخرين‪.‬‬ ‫والتنفس الواعي‪ ،‬وتمارين مرونة العضالت‬ ‫ثم اتخاذ قرارات‬‫وعـدم التركيز ومن ّ‬ ‫بتجاربنا الحالية وحالتنا الذهنية عبر التفكير‬
‫أنفسنا أو نتغاضى عن احتياجاتنا النفسية‬ ‫وغيرها‪ .‬كما تعتمد بعض برامج العالج مثل‬ ‫ّ‬
‫تمكن‬ ‫متسـرّ عة‪ ،‬غير أن اليقظة الذهنية‬ ‫حواسنا وأفكارنا ومشاعرنا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مليًا في‬
‫وقت الشدائد‪ ،‬لكن مع ممارسة اليقظة‬ ‫تخفيف اإلجهاد القائم على اليقظة‬ ‫األفراد وفرق العمل والمؤسسـات من‬ ‫ويصفها جون كابات‪-‬زين‪ ،2‬أحد روّ اد تقنية‬
‫الذهنية نصبح أكثر مرونة واتزانًا في تلك‬ ‫الذهنية (‪ 4)MBSR‬والعالج اإلدراكي القائم‬ ‫العمل بطريقة اسـتباقية وتب ّني نهج عمل‬ ‫اليقظة الذهنية‪ ،‬بأنها "معرفة ما يدور‬
‫األوقات‪ .‬و ُتعرّ ف المرونة بأنها قدرتنا على‬ ‫على اليقظة الذهنية (‪ 5)MBCT‬على‬ ‫ال من التحوّ ل بسـرعة‬‫ُمحكم ومدروس بد ً‬ ‫داخل عقلك"‪.3‬‬
‫التكيّف مع القرارات الصعبة‪ ،‬واستعادة‬ ‫ممارسات اليقظة الذهنية كجزء من برنامج‬ ‫من مهمة إلى األخرى‪.‬‬
‫توازننا‪ ،‬وتحصين أنفسنا من المشاعر‬ ‫العالج في حاالت القلق واالكتئاب وبعض‬
‫السلبية‪ .‬وتس ّلط إحدى الدراسات الضوء على‬ ‫الحاالت األخرى‪.‬‬
‫الصلة بين اليقظة الذهنية والمرونة من‬
‫خالل التأكيد على أن "األشخاص اليقظين‬
‫ذهنيًا يتأقلمون بشكل أفضل مع األفكار‬
‫المعقدة دون أن يسيطر عليهم‬ ‫ّ‬ ‫والعواطف‬
‫اإلحباط النفسي والتشتيت ‪."6‬‬
‫‪1. Mindful.org‬‬
‫‪2. Jon Kabat-Zinn is a professor of Medicine Emeritus and a creator of the Stress Reduction Clinic and the Center for Mindfulness in Medicine,‬‬
‫‪Health Care, and Society at the University of Massachusetts Medical School. He is the founder of the MBSR and MBCT programs.‬‬
‫‪3. Mindful.org, Jon Kabat-Zinn: Defining Mindfulness – 2017.‬‬

‫‪6. Bajaj B. & Pande N.: Mediating role of‬‬ ‫‪4. Developed by Jon Kabat-Zinn in 1990, MBSR is an 8-10 week group program with 2.5 sessions hours/week that include exercises such as‬‬
‫‪resilience in the impact of mindfulness on life‬‬ ‫‪posture-based exercises, meditation and body scans.‬‬
‫‪satisfaction and affect as indices of subjective‬‬ ‫‪5. Developed by Jon Kabat-Zinn, MBCT combines cognitive therapy and meditation exercises to help people who suffer from‬‬
‫‪well-being – 2016.‬‬ ‫‪repeated depression or chronic unhappiness.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪57‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪56‬‬

‫لترسيخ ثقافة اليقظة الذهنية في بيئة العمل‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫دراسة حالة‬
‫"إنــتـــل"‬
‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫أطلقت شركة "إنتل" برنامج يقظة‬ ‫التركيز على اليقظة الذهنية أداة فعالة يمكن‬ ‫بد أن‬‫عند مواجهة أي مشاعر متصاعدة‪ ،‬ال ّ‬
‫تشجيع‬
‫ذهنية لجميع موظفيها حول‬ ‫أن يستعين بها القادة والمسؤولون في تعزيز‬ ‫نعي أن الحل يبدأ من داخلنا‪ .‬ويُمكن ألي‬
‫الموظفين على الحصول على فترات‬ ‫العالم تحت عنوان "‪ ."Awake@Intel‬وأشار‬ ‫السعادة وجودة الحياة بطريقة مبسطة‬ ‫يخصص من وقته‪ ،‬ولو دقيقة‬ ‫ّ‬ ‫شخص أن‬
‫المشاركون إلى انخفاض بنسبة ‪ %20‬في‬ ‫وعملية في بيئة العمل‪ .‬وسوف يجني القادة‬ ‫ّ‬
‫ويفكر‬ ‫واحدة كل يوم‪ ،‬ويكون حاضرًا ذهنيًا‬
‫راحة قصيرة أثناء العمل وممارسة بعض‬
‫مستوى التوتر واإلجهاد النفسي وزيادة بنسبة‬ ‫ثمار تشجيع األفراد وفرق العمل على ممارسة‬ ‫مل ّيًا في حالته الذهنية‪ .‬فبهذه الطريقة‪،‬‬
‫التمارين البسيطة مثل المشي أو مرونة‬ ‫‪ %30‬في مستوى السعادة وجودة الحياة‪ .‬كما‬ ‫اليقظة الذهنية ووضع السياسات التي تضع‬ ‫يمكننا تعزيز وعينا باألفعال التي نقوم بها‬
‫أفاد الموظفون أيضًا أن هذا البرنامج ساعدهم‬ ‫صحة الموظفين على رأس أولوياتهم‪.‬‬ ‫والقرارات التي نتخذها‪ ،‬وكذلك فهم أثر‬
‫العضالت أو التنفس الستعادة وعيهم‬
‫في زيادة تركيزهم وتفاعلهم أثناء االجتماعات‬ ‫هذه األفعال والقرارات علينا وعلى اآلخرين‪.‬‬
‫للوضع الحالي وقدرتهم على العمل‬ ‫وتوطيد عالقاتهم في بيئة العمل‪.‬‬ ‫يمكن للقادة تعزيز ثقافة اليقظة الذهنية في‬ ‫وعندما نكون في حالة من اليقظة الذهنية‪،‬‬
‫‪" – Mindful.org‬إنتل" تطلق برنامج اليقظة‬ ‫بيئة العمل من خالل الوعي التام بالبيئة التي‬ ‫ً‬
‫مراعاة وإيجابية‬ ‫يزداد تركيزنا ونكون أكثر‬
‫بشكل أفضل‪.‬‬
‫الذهنية – ‪2014‬‬ ‫يعمل فيها الموظفون والتحديات التي يمكن‬ ‫في تعاملنا مع اآلخرين‪ .‬كما أن اليقظة‬
‫أن تعترض شعورهم بالصحة وجودة الحياة‪.‬‬ ‫تحد من الشعور بالقلق والتوتر‪،‬‬‫ّ‬ ‫الذهنية‬
‫ومن األدوات الفعالة لترسيخ هذه الثقافة في‬ ‫وتعزز المرونة والقدرة على ضبط النفس‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تنفيذ‬
‫بيئة العمل توفير جلسات للتدريب على‬ ‫ومن خالل المواظبة على تمارين اليقظة‬
‫برامج خاصة بجودة الحياة أو دورات‬ ‫ممارسات اليقظة الذهنية مثل تمارين التنفس‬ ‫الذهنية البسيطة‪ ،‬مثل تمارين التنفس أو‬
‫والتأمل‪ ،‬أو تنظيم أنشطة يستطيع خاللها‬ ‫إطالة العضالت أو التركيز الواعي على‬
‫تدريبية أو تمارين أسبوعية سريعة لتعزيز‬ ‫ّ‬
‫والتحكم فيها‬ ‫األفراد التعبير عن مشاعرهم‬ ‫المهام التي نقوم بها‪ ،‬يمكننا ترسيخ قيم‬
‫االلتزام باليقظة الذهنية وجني ثمارها‪.‬‬ ‫بطريقة إيجابية‪.‬‬ ‫اإليجابية وصفاء الذهن لدينا‪.‬‬

‫قد ال تمنع ممارسة اليقظة الذهنية العوامل‬


‫تقديم نموذج ُيحتذى به‬ ‫الخارجية من التأثير على حياتنا اليومية‪ ،‬لكنها‬
‫تساعد القادة والمسؤولين على تهيئة فرق‬
‫من خالل المشاركة في أنشطة اليقظة‬
‫العمل للتعامل مع أي مستجدات أو تحديات‬
‫الذهنية والتأكد من إلمام جميع‬ ‫(مثل ضرورة إنجاز مهام العمل في وقت‬
‫محدود أو عند حدوث أي تغير في النهج الم ّتبع‬
‫الموظفين بفوائدها وأهميتها‪.‬‬
‫الحد من الخالفات‬
‫ّ‬ ‫في العمل)‪ ،‬وتساعد أيضًا في‬
‫بين أفراد الفريق الواحد من خالل االنتباه لهذه‬
‫الخالفات والقضاء عليها قبل أن تتفاقم‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪59‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪58‬‬

‫يمكن للمكاتب الجذابة زيادة‬ ‫تعزيز بيئة عمل إيجابية‬


‫اإلنتاجية بنسبة ‪%15‬‬
‫امنح نفسك فرصة للنظر إلى شيء جذاب؛‬
‫كالصور أو الشموع وأو الورود أو أي شيء‬
‫من شأنه أن يرسم االبتسامة على وجهك‬

‫التعريف‬
‫والسياق‬
‫دراسة حالة‬ ‫وقد بدأت العديد من الجهات حكومية في‬ ‫ال يشترط إدخال تغييرات جذرية على بيئة‬ ‫قبل التفكير في إعادة تصميم مكان‬ ‫تتضمن العناصر المادية في بيئة العمل‬ ‫تحفز األفراد‬‫ّ‬ ‫بيئة العمل اإليجابية هي التي‬
‫"مايند فالي"‬ ‫دولة اإلمارات العربية المتحدة بالفعل في‬ ‫العمل‪ ،‬بل يمكن إجراء بعض التعديالت‬ ‫العمل سواء بالكامل أو على نطاق محدود‪،‬‬ ‫تصميم مكاتب الموظفين وتصميم‬ ‫على الذهاب إلى العمل كل صباح بابتسامة‬
‫تحويل بيئات العمل لديها من خالل تطبيق‬ ‫البسيطة لتغيير الجو العام في بيئة العمل‬ ‫من األفضل مراعاة اختالفات الموظفين‪.‬‬ ‫المساحات الداخلية بوجه عام‪ .‬وللتصميم‬ ‫على وجوههم ورغبة حقيقية في أداء‬
‫صممت شركة "مايند فالي"‬ ‫ّ‬ ‫بعض التغييرات التي تستهدف نشر السعادة‬ ‫مثل استخدام مقاعد ملوّ نة‪ ،‬أو زيادة درجة‬ ‫يفضلون العمل في‬ ‫ّ‬ ‫فبعض األفراد‬ ‫ّ‬
‫الموظفين‬ ‫الجيد أثر كبير على إنتاجية‬ ‫عملهم‪ .‬وتقوم هذه البيئة اإليجابية على‬
‫(‪ ،)Mindvalley‬وهي شركة متخصصة‬ ‫مثل إضافة لعبة كرة الطاولة‪ ،‬والمقاعد‬ ‫اإلضاءة الطبيعية‪ ،‬أو وضع نباتات في‬ ‫مساحات مفتوحة‪ ،‬بينما يفضل آخرون‬ ‫وتفاعلهم ورضاهم عن بيئة العمل‪ ،‬حيث‬ ‫عاملين رئيسيين أحدهما البيئة االجتماعية‬
‫في التطوير الذاتي لألفراد‪ ،‬بيئة عمل تعكس‬ ‫المريحة والجدران الملونة وغيرها من‬ ‫المكتب‪ .‬فقد كشفت دراسة أجرتها‬ ‫التركيز في أماكن منعزلة تراعي الهدوء‬ ‫كشفت دراسة أجرتها "جامعة دلفت‬ ‫المواتية بين الموظفين‪ ،‬والثاني هو مدى‬
‫القيم المؤسسية لها؛ حيث استعانت الشركة‬ ‫التغييرات التي تضيف بهجة إلى مكان‬ ‫جامعة "إكسيتر" (‪ )Exeter University‬عن‬ ‫والخصوصية‪ .‬كما أن منح الموظفين‬ ‫للتكنولوجيا" (‪Delft University of‬‬ ‫جودة أمن وسالمة بيئة العمل‪ .‬وتؤثر البيئة‬
‫باأللوان الزاهية لتعكس شعارها "السعادة تعني‬ ‫العمل‪ .‬كما قامت بعض الجهات الحكومية‬ ‫وتحسن‬
‫ّ‬ ‫حدوث زيادة في إنتاجية الموظفين‬ ‫شخصي على‬
‫ّ‬ ‫الفرصة إلضفاء طابع‬ ‫‪ )Technology‬عن أن تصميم مكان العمل‬ ‫االجتماعية على كيفية تعامل الموظفين‬
‫اإلنتاجية"‪ .‬كما تحتوي مكاتب الشركة على‬ ‫بإزالة بعض الجدران لزيادة المساحات‬ ‫في أدائهم بنسبة ‪ %15‬بعد إضافة بعض‬ ‫مساحات العمل الخاصة بهم يمكن أن يُعزز‬ ‫يعزز سعادة الموظفين ويدفعهم نحو‬ ‫ّ‬ ‫مع بعضهم البعض وكيفية أدائهم‬
‫مجسمات بالحجم الطبيعي ولوحات جدارية‬ ‫ّ‬ ‫المفتوحة التي تعزز التعاون والتواصل بين‬ ‫النباتات في مكان العمل‪ .3‬كما أظهرت‬ ‫اإليجابية واإلنتاجية‪.‬‬ ‫المزيد من التطور وتقدير أنفسهم‬ ‫لمهام عملهم؛ ولهذه البيئة أثر في ترسيخ‬
‫ّ‬
‫الموظفين دائمًا‬ ‫لبعض األبطال الخارقين لتذكير‬ ‫ّ‬
‫الموظفين‪.‬‬ ‫دراسة أخرى ُأجريت في بريطانيا أن النوافذ‬ ‫وزمالئهم ونمائهم في مكان عملهم‪.1‬‬ ‫ثقافة اإليجابية واإلبداع في العمل‪ ،‬وهو ما‬
‫بأنهم قادرون على تحقيق إنجازات كبرى‪ .‬وهكذا‬ ‫هي العامل األساسي في التأثير على شعور‬ ‫عالوة على ذلك‪ ،‬ينبغي تصميم مكان‬ ‫ً‬ ‫يفتح آفاقًا جديدة للتعاون‪ ،‬واالحتفاء‬
‫ال يُحتذى به في‬‫قدمت شركة "مايند فالي" مثا ً‬ ‫األفراد بالرضا عن المكان‪ .‬وزيادة مستوى‬ ‫العمل بطريقة تلبّي احتياجاتنا الجسدية‬ ‫باإلنجازات‪ ،‬واحترام االختالف في اآلراء‬
‫التطوير الذاتي للموظفين وتعزيز السعادة‬ ‫اإلضاءة الطبيعية يرفع مستويات السعادة‬ ‫للحد من تعرّ ض الموظفين ألي إصابات أو‬ ‫ّ‬ ‫واإلمكانات‪ ،‬واالستفادة من األخطاء‪ .‬عندما‬
‫واإليجابية في بيئة العمل‪.‬‬ ‫لدى الموظفين ويقلل معدالت التغيب عن‬ ‫مخاطر (وهو علم يُعرف باسم المطابقة‬ ‫مصممة‬‫ّ‬ ‫تسود اإليجابية وتكون بيئة العمل‬
‫‪Mindvalley – A Peek behind Mindvalley’s‬‬ ‫العمل وغيرها من الفوائد األخرى‪.4‬‬ ‫بين االنسان وبيئة العمل ‪.2)Ergonomics‬‬ ‫على نحو يشعر معه األفراد بالراحة والقدرة‬
‫‪Beautiful Workspace and the Inspiration‬‬ ‫على التواصل الفعال‪ ،‬تصبح هذه البيئة أرضًا‬
‫‪Behind its Design‬‬ ‫خصبة لنمو بذور السعادة وجودة الحياة‪.‬‬

‫‪3. Dr. Chris Knight, Exeter University: The relative benefits of green versus lean office space:‬‬ ‫‪1. Pieter Desmet & Anna Pohlmeyer – Faculty of Industrial Design Engineering, Delft University of Technology:‬‬
‫‪Three field experiments – 2014.‬‬ ‫‪Positive Design: An Introduction to Design for Subjective Well-Being – 2013.‬‬
‫‪4. Business in the Community: The Responsible Workplace: How to survive and thrive – 2009.‬‬ ‫‪2. What is Ergonomics? www.ergonomics.com.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪61‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪60‬‬

‫لتعزيز بيئة عمل إيجابية‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫مساحة ألفكاري‬
‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫إن تشجيع اإلبداع واالبتكار يجعل‬ ‫يمكن لألفراد المبادرة باتخاذ بعض‬
‫توفير مساحة‬ ‫ّ‬
‫وينمي‬
‫ّ‬ ‫الموظفين أكثر ارتباطًا بعملهم‬ ‫الخطوات البسيطة لتعزيز بيئة عمل إيجابية‪،‬‬
‫من التواصل (الشخصي أو‬ ‫إحساسهم بالملكية وشعورهم باالنتماء‬ ‫ومن بينها مشاركة األفكار مع الزمالء‪،‬‬
‫لمؤسساتهم‪ .‬وإذا أراد القادة والمسؤولون‬ ‫والتعامل بإيجابية مع اآلخرين‪ ،‬وتقبّل النقد‬
‫اإللكتروني) لتشجيع األفراد‬
‫من الموظفين تقديم أفضل ما لديهم‬ ‫الب ّناء‪ ،‬وترك أثر إيجابي‪ ،‬وتقديم نموذج‬
‫على التعبير عن آرائهم‬ ‫مع االستمتاع بأداء عملهم في الوقت‬ ‫يُحتذى به‪ .‬وهناك مبادرات أخرى يمكن‬
‫نفسه‪ ،‬يتعين عليهم أو ً‬
‫ال التركيز على تهيئة‬ ‫تنفيذها مثل إضفاء الطابع الشخصي على‬
‫وأفكارهم الخالقة‪.‬‬
‫البيئة المالئمة لذلك‪ .‬فمن خالل تشجيع‬ ‫مكان العمل‪ ،‬واقتراح إدخال بعض التغييرات‬
‫الموظفين على التعبير عن مخاوفهم أو‬ ‫على التصميم الداخلي لبيئة العمل وغيرها‪.‬‬
‫إبداء أفكارهم غير المألوفة‪ ،‬يمكن تعزيز‬ ‫ويعتمد تحويل بيئة عملنا إلى مكان‬
‫تحويل بيئة العمل‬
‫مستويات الثقة بينهم وبين قيادة‬ ‫نستمتع فيه بأداء عملنا كل يوم على‬
‫إلى "بيئة سعيدة" من خالل‬ ‫المؤسسة‪ ،‬وهي قيمة تستند إليها أي‬ ‫عاملين رئيسيين هما تصميم المكان‬
‫تمكن موظفيها من‬ ‫ّ‬ ‫ثقافة مؤسسية‬ ‫وسلوك األفراد‪ .‬فإذا ّ‬
‫ركزنا على المبادرات‬
‫االهتمام بالتصميم الداخلي‬
‫اإلبداع ومشاركة األفكار‪.‬‬ ‫التي تهتم بكال العاملين‪ ،‬سيصبح األفراد‬
‫مثل توفير اإلضاءة المناسبة‬ ‫أكثر رضًا وتفاع ً‬
‫ال وإيجابية في بيئة العمل‪.‬‬
‫يستمد الموظفون شعورهم بالراحة في‬ ‫ّ‬
‫والمقاعد والجدران الملونة‬
‫بيئة العمل من عالقاتهم الشخصية مع‬
‫والنباتات والمساحات الترفيهية‪.‬‬ ‫زمالئهم‪ ،‬وأيضًا من التصميم الجيد لبيئة‬
‫العمل‪ .‬وال يُشترط إنفاق مبالغ طائلة على‬
‫تجديد التصميم الداخلي وشراء أثاث باهظ‬
‫تجديد تصميم‬ ‫التكلفة‪ ،‬وإنما يمكن لبعض التغييرات‬
‫البسيطة أن تترك أثرًا كبيرًا‪ .‬ومن بين‬
‫بيئة العمل بما يسمح بتعزيز‬ ‫ّ‬
‫التحكم فيها لتهيئة‬ ‫العوامل التي يمكن‬
‫التعاون والتواصل بين األفراد‪،‬‬ ‫بيئة عمل مناسبة للموظفين التصميم‬
‫الداخلي‪ ،‬واختيار األلوان‪ ،‬واإلضاءة‪ ،‬واألثاث‪،‬‬
‫مع ضمان راحتهم وسالمتهم‪.‬‬
‫واختيار المساحات المفتوحة أو المغلقة‬
‫حسب تفضيالت الموظفين‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪63‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪62‬‬

‫يؤدي التحكم بانفعاالتنا إلى تعزيز‬ ‫ضبط النفس والتحكم في االنفعاالت الشخصية‬
‫الذكاء العاطفي بمرور الوقت‪،‬‬
‫وهو ما يساعد في توطيد عالقاتنا باآلخرين وتحقيق التطور‬
‫الشخصي والمهني وتعزيز السعادة وجودة الحياة‬

‫التعريف‬
‫والسياق‬
‫التقدم المتزايد الذي تشهده مجاالت‬‫ّ‬ ‫ومع‬ ‫لالنفعاالت والمشاعر دور كبير في إدارتنا‬ ‫ويشير مصطلح " إدارة االنفعاالت و المشاعر‪/‬‬ ‫ُتعرّ ف " المشاعر ‪ "emotions‬بأنها‬
‫أظهرت أبحاث "أكور" أن األفراد‬ ‫العلوم العصبية‪ ،‬يزداد تركيز العلماء والباحثين‬ ‫لبيئة العمل‪ ،‬حيث يؤدي عدم إدارتها بشكل‬ ‫األحاسيس" (‪ )Emotional regulation‬إلى‬ ‫االستجابات الجسدية للمؤثرات الخارجية‬
‫على تحديد مناطق الدماغ المسؤولة عن‬ ‫فعال إلى التأثير سلبًا على قدرة األفراد‬ ‫القدرة على السيطرة على انفعاالتنا‬ ‫والداخلية‪ .‬وكثيرًا ما تكون هذه االنفعاالت‬
‫السعيدين واإليجابيين أكثر‬
‫العالقات الشخصية بين األفراد‪ .‬فهناك تداخل‬ ‫والقادة على معالجة المشاكل التي تعيق‬ ‫واالستجابة للتجارب والمؤثرات الخارجية‪.1‬‬ ‫ناتجة عن األفعال التي يقوم بها األفراد‬
‫إنتاجية بنسبة ‪%31‬‬ ‫مثير لالهتمام بين مناطق الدماغ المسؤولة عن‬ ‫األداء في العمل‪ .‬وتحرص المؤسسات التي‬ ‫يمكننا االنتباه إلى وجود انفعاالت ومشاعر‬ ‫والقرارات التي يتخذونها كما أنها تؤثر على‬
‫الجوانب االجتماعية والشعورية في حياتنا‪ ،‬وهو‬ ‫تهتم بتعزيز جودة الحياة المهنية على‬ ‫معينة واالستجابة لها باتباع أو االبتعاد عن‬ ‫تلك األفعال والقرارات على الصعيدين‬
‫ما يسلط الضوء على أهمية مهارات الذكاء‬ ‫تمكن الموظفين من مواجهة‬ ‫ّ‬ ‫ترسيخ ثقافة‬ ‫سلوك ما في موقف محدد بما يتيح الفرصة‬ ‫الشخصي والمهني‪ .‬وفي بيئة العمل‪ ،‬سوا ٌء‬
‫االجتماعي والعاطفي معًا‪ .‬من المعروف أن‬ ‫وإدارة مشاعرهم اإليجابية والسلبية على‬ ‫ّ‬
‫والتحكم في‬ ‫للتحكم في ردود أفعالنا‪.‬‬ ‫كنا نعرض فكرة جديدة أو نناقش كيفية‬
‫مما كانوا عليه‬ ‫اإلنسان كائن اجتماعي بالفطرة وهو ما يؤكده‬ ‫حد سواء‪ .‬وعلى عكس المشاعر السلبية‬ ‫االنفعاالت جزء من مفهوم الذكاء العاطفي‬ ‫تنفيذ مشروع ما‪ ،‬سوف تتدخل انفعاالتنا‬
‫في حالة سلبية‬ ‫تركيب الدماغ الذي يبدو كمنظومة اجتماعية‬ ‫التي يترتب عليها ردّ ة فعل فورية‪ ،‬فإن بناء‬ ‫(‪ ،)Emotional Intelligence‬أي "القدرة على‬ ‫الشخصية في األمر وسيكون من الضروري‬
‫من حيث التصميم‪ .‬ويشير دانييل جولمان إلى‬ ‫"نظرية التوسع واالنماء" "‪Broaden-and-‬‬ ‫فهم وتقييم المشاعر واالنفعاالت‬ ‫االنتباه إليها والتحكم فيها‪.‬‬
‫أن الذكاء االجتماعي هو "مجموعة من مهارات‬ ‫توسع مدارك الشخص‬ ‫ّ‬ ‫‪"Build Theory‬‬ ‫واالستفادة منها كمصدر للطاقة والمعرفة‬
‫التواصل بين األشخاص تستند إلى عمل بعض‬ ‫ّ‬
‫وتحفز لديه أفكارًا‬ ‫وإلمامه بما يحدث حوله‬ ‫والثقة واإلبداع والتأثير"‪ .2‬ويؤدي التحكم في‬
‫الصماء ذات‬
‫ّ‬ ‫الدوائر العصبية (وبعض الغدد‬ ‫ال أساسها االبتكار والمرونة‪ .3‬وهكذا‬ ‫وأفعا ً‬ ‫انفعاالتنا إلى تعزيز قدرتنا على التكيف مع‬
‫أو محايدة‬ ‫تحفز اآلخرين ليكونوا أكثر كفاءة‬‫ّ‬ ‫الصلة) التي‬ ‫تظهر أهمية المشاعر اإليجابية في بيئة‬ ‫الظروف المحيطة واتخاذ قرارات أفضل‬
‫وتأثيرًا"‪ .‬وعلى عكس معدل الذكاء المتعارف‬ ‫العمل وكيف أن التعامل معها بشكل‬ ‫والشعور بالتعاطف والمشاركة الوجدانية‬
‫عليه‪ ،‬يمكن اكتساب مهارات الذكاء االجتماعي‬ ‫صحيح ي ّ‬
‫ُحفز اإلبداع والمشاركة واالبتكار‪.‬‬ ‫مع اآلخرين‪ .‬كما أنه يعزز الذكاء العاطفي‬
‫وتطويرها وهو أمر بالغ األهمية لمساعدة‬ ‫بمرور الوقت‪ ،‬وهو ما يساعد في توطيد‬
‫األفراد على التعامل مع غيرهم بطريقة فعالة‬ ‫عالقاتنا باآلخرين وتحقيق التطور الشخصي‬
‫أو تحت ضغوطات‪.‬‬ ‫وتوطيد العالقات في بيئة العمل‪.4‬‬ ‫والمهني وتعزيز السعادة وجودة الحياة‪.‬‬

‫‪1. James Gross & Lisa Feldman Barrett: Emotion Generation and Emotion Regulation: One or Two Depends on Your Point of View – 2011.‬‬
‫‪4. Goleman, D. (2006, September 1). What is‬‬
‫‪Social Intelligence? Retrieved from Greater‬‬ ‫‪2. Dan Goleman, Psychology Today: How Focus Changed My Thinking About Emotional Intelligence – 2013.‬‬
‫شون أكور‪ ،‬مؤلف كتاب "ذي هابينس أدفانتيج"‪ ،‬خبير رائد في اإلمكانات‬
‫‪Good Magazine: https://greatergood.berkeley.‬‬ ‫‪3. The broaden-and-build theory, developed by Barbara Fredrickson in 1998, explores the functions of the positive emotions and‬‬
‫البشرية ومؤسس شركة "غود ثينك"‪.‬‬ ‫‪edu/article/item/what_is_social_intelligence.‬‬ ‫‪is often associated to positive psychology.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪65‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪64‬‬

‫ّ‬
‫التحكم في انفعاالتهم‪،‬‬ ‫لمساعدة الموظفين على‬
‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫ّ‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫يُمكن للقادة والمسؤولين تسليط الضوء‬ ‫من خالل فهم وإدارة االنفعاالت الشخصية‪ ،‬يمكن‬ ‫دراسة علمية‬
‫مراعاة‬ ‫توفير األدوات‬ ‫ّ‬
‫والتحكم في‬ ‫على أهمية ضبط النفس‬ ‫الفعال مع‬
‫ّ‬ ‫لألفراد تعزيز قدرتهم على التواصل‬ ‫تعزيز جودة الحياة‬
‫االحتياجات النفسية‬ ‫والمصادر الالزمة حتى‬ ‫االنفعاالت في بيئة العمل عن طريق معرفة‬ ‫زمالئهم وتحقيق النجاح والتطور و والنماء في بيئة‬
‫تأثير هذه االنفعاالت على العالقات بين أفراد‬ ‫العمل‪ .‬وأولى خطوات تحقيق ذلك هي االنتباه‬
‫ّ‬
‫التحكم‬ ‫المهنية‪ :‬دور‬
‫للموظفين وتوفير قنوات‬ ‫يتعرف الموظفون على‬
‫الفريق الواحد‪ ،‬وعلى تحفيز الموظفين‪ ،‬بل‬ ‫لتأثير استجاباتنا واستجابات اآلخرين – بمن فيهم‬ ‫في االنفعاالت كمهارة‬
‫االتصال المناسبة للتعبير‬ ‫ّ‬
‫التحكم في‬ ‫كيفية‬ ‫وعلى صحتهم البدنية أيضًا‪ .‬ومن خالل‬ ‫المتعاملون والزمالء والمدراء والمرؤوسون – على‬ ‫شخصية‬
‫توفير قنوات وأدوات التواصل المناسبة‪ ،‬يتيح‬ ‫المواقف المختلفة التي نتعرض لها في العمل‪.‬‬
‫عن أنفسهم‪.‬‬ ‫انفعاالتهم ورفع مستوى‬
‫القادة للموظفين فرصة التعبير عن‬ ‫فكل شخص في بيئة العمل مسؤول عن أن يكون‬ ‫ّ‬ ‫أظهرت إحدى الدراسات التي ُأجريت‬
‫الوعي بينهم حول هذا‬ ‫مشاعرهم بصورة صحيّة‪ .‬فوعي الموظفين‬ ‫على وعي تام بمشاعره وتحديد مصدرها ومعرفة‬ ‫عام ‪ 2016‬أن موظفي الرعاية الصحية‬
‫بأن صحتهم النفسية ومشاكلهم محل‬ ‫كيفية التعامل معها من أجل ترسيخ قيم التعاون‬ ‫ّ‬
‫التحكم في انفعاالتهم‬ ‫الذين تدرّبوا على‬
‫توفير األدوات‬ ‫الموضوع وأهميته‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اهتمام المؤسسة التي يعملون بها‪ ،‬ورفع‬ ‫واإليجابية في بيئة العمل‪.‬‬ ‫أكدوا قدرتهم على التعامل مع المشاعر‬
‫والبرامج المتخصصة التي‬ ‫مستوى الوعي بأهمية هذا األمر‬ ‫السلبية بشكل أفضل وكانوا أكثر تسامحًا وتقبالً‬
‫وتشجيعهم على أخذ قسط من الراحة‬ ‫وجدير بالذكر أن إدارة المشاعر واالنفعاالت ال يعني‬ ‫لآلخرين‪ ،‬كما أشاروا إلى أن المهارات الجديدة التي‬
‫تساعد الموظفين على‬
‫عند الشعور باإلجهاد الذهني ك ّلها خطوات‬ ‫التحكم فيها وحسب‪ ،‬بل تشمل أيضًا تحديد‬ ‫عززت جودة حياتهم بشكل عام‪.‬‬ ‫اكتسبوها ّ‬
‫ّ‬
‫التحكم في انفعاالتهم‪.‬‬ ‫أساسية لتهيئة وترسيخ ثقافة قائمة على‬ ‫أسبابها والتغلب عليها‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬يمكن‬ ‫‪Journal of Occupational Health‬‬
‫الثقة واإليجابية‪ .‬وباإلضافة إلى تعزيز‬ ‫ألحد األشخاص أن يشعر باإلحباط لكنه يكون واعيًا‬ ‫‪)2016( Psychology‬‬
‫ّ‬
‫التحكم‬ ‫مستويات الذكاء العاطفي‪ ،‬يساعد‬ ‫لهذا الشعور ويفعل أي شيء للتخلص من هذا‬
‫في االنفعاالت أيضًا في ترسيخ الشعور‬ ‫الشعور مثل المشي أو تمارين التنفس قبل أن‬
‫بالمشاركة الوجدانية والتعاطف مع اآلخرين‬ ‫يصدر عنه أي ردّ فعل‪.‬‬
‫ومن ثم توطيد العالقات‪ .‬وفي بيئة األعمال‬
‫تعد‬
‫ّ‬ ‫تتقدم بخطى متسارعة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحالية التي‬ ‫ُعد ضبط النفس والتحكم في االنفعاالت ً‬
‫أداة‬ ‫ي ّ‬
‫القدرة على العمل تحت ضغط أو العمل‬ ‫فعالة تحول دون االندفاع وإصدار ردّ فعل قد يأتي‬
‫ساعات طويلة‪ ،‬مع الحفاظ على اإليجابية‬ ‫ّ‬
‫التحكم في االنفعاالت‬ ‫بنتائج عكسية‪ .‬كما أن‬
‫في الوقت‪ ،‬تحديًا كبيرًا‪ .‬ومراعاة االحتياجات‬ ‫والسيطرة على المشاعر يزيد الثقة بالنفس ويعزز‬
‫النفسية للموظفين في جميع األوقات‬ ‫القدرة على اتخاذ قرارات أفضل‪ ،‬ألنه يدفعنا إلى‬
‫يساعدهم في التعامل مع تلك االحتياجات‬ ‫التريث والتفكير في الحلول المثلى للتحديات التي‬
‫على أفضل نحو ممكن‪.‬‬ ‫تواجهنا‪ .‬ومن الضروري أن يتحكم األفراد‬
‫ّ‬
‫تتحكم بهم‪.‬‬ ‫بمشاعرهم ال أن يتركوها‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪67‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪66‬‬

‫تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية‬

‫التعريف‬
‫والسياق‬
‫استطالع رأي‬ ‫لم يعد تحقيق التوازن بين الحياة المهنية‬ ‫يقضي الموظفون معظم ساعات يومهم‬ ‫في عصرنا الحالي‪ ،‬تتالشى الحدود الفاصلة‬
‫جيل األلفية وتغيير‬ ‫والشخصية أولوية رئيسية لآلباء العاملين‬ ‫في العمل؛ ففي دولة اإلمارات العربية‬ ‫بين الحياة المهنية والشخصية يومًا بعد يوم‪.‬‬
‫فحسب‪ ،‬بل هو أولوية لجميع األفراد من‬ ‫المتحدة يقضي الموظفون بدوام كامل‬ ‫فمع االنتشار السريع لوسائل التكنولوجيا‬
‫مالمح بيئة العمل‬ ‫كافة الفئات العمرية‪ .‬ووفقًا لمؤشر "حياة‬ ‫حوالي ‪ 40-35‬ساعة أسبوع ًيّا‪ ،‬وربما أكثر‪ ،‬في‬ ‫تسهل عملية التواصل االفتراضي بصورة‬ ‫ّ‬ ‫التي‬
‫بحلول عام ‪ ،2020‬سيشكل جيل األلفية‬ ‫أفضل" الذي وضعته منظمة التعاون‬ ‫مكان العمل‪ .‬وفي بعض الحاالت‪ ،‬يواصلون‬ ‫دائمة‪ ،‬أصبح بإمكاننا الوصول إلى أي شخص‬
‫نسبة ‪ %50‬من القوى العاملة‪ ،‬ولذا ينبغي‬ ‫والتنمية االقتصادية (‪ ،)OECD‬تتصدر‬ ‫عملهم في المنزل انطالقًا من شغفهم‬ ‫أينما كان وفي أي وقت‪ .‬ال تقتصر جودة‬
‫أخذ قيمهم ومعتقداتهم واحتياجاتهم بعين‬ ‫الدنمارك قائمة الدول من حيث تحقيق‬ ‫وحرصهم على العمل أو إلنجاز الحجم‬ ‫الصحة الجسدية والنفسية‬ ‫ّ‬ ‫الحياة على‬
‫االعتبار‪ .‬ويأتي تحقيق التوازن بين الحياة المهنية‬ ‫التوازن بين العمل والحياة الشخصية‪ ،‬وهو ما‬ ‫المتزايد من العمل المطلوب منهم‪ .‬ويعتقد‬ ‫والشعور باإليجابية والمرونة واالمتنان‬
‫والشخصية‪ ،‬باإلضافة إلى المزايا الصحية‪ ،‬ضمن‬ ‫جاء نتيجة للسياسات الوطنية التي تطبقها‬ ‫الكثيرون اليوم أن دور العمل ال يقتصر على‬ ‫فحسب‪ ،‬بل تتضمن القدرة على تحقيق توازن‬
‫أهم ثالثة أمور يبحث عنها األفراد من جميع‬ ‫الدولة مثل عدد ساعات العمل‪ ،‬حيث إن " ‪%2‬‬ ‫ّ‬
‫يتوقعون أن توفر‬ ‫كسب العيش فحسب‪ ،‬بل‬ ‫بين الحياة المهنية والشخصية؛ وهو تحدٍّ‬
‫الفئات العمرية في بيئة العمل‪ .‬كما أن جيل‬ ‫فقط من العاملين في الدنمارك يعملون‬ ‫لهم الحياة المهنية فرصًا للنمو وتحقيق‬ ‫كبير يواجه القادة و الموظفين في‬
‫األلفية على استعداد للتضحية بالتقدم الوظيفي‬ ‫ساعات طويلة تصل إلى ‪ 50‬ساعة أسبوع ًيّا‬ ‫الغايات‪ .‬ومن خالل تحقيق التوازن بين الحياة‬ ‫القطاعين العام والخاص على حدٍّ سواء‪.‬‬
‫مقابل الحصول على المرونة التي تمكنهم من‬ ‫مقارنة بنسبة ‪ %13‬في دول منظمة التعاون‬ ‫الحد‬
‫ّ‬ ‫المهنية والشخصية‪ ،‬تضمن المؤسسات‬ ‫ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال‪،‬‬
‫الموازنة وبين العمل والحياة الشخصية‪.‬‬ ‫والتنمية االقتصادية"‪ .3‬والمؤسسات التي‬ ‫من الشعور باإلجهاد والتوتر لدى الموظفين‪،‬‬ ‫تحرص الحكومة على إجراء استطالعات رأي‬
‫‪Millenials at work: Reshaping the‬‬ ‫تضع جودة حياة موظفيها على رأس‬ ‫وتقليل معدالت التغيّب عن العمل‪ ،‬وزيادة‬ ‫دورية ألصحاب األعمال بهدف دراسة وتحديد‬
‫‪)2011( workplace‬‬ ‫أولوياتها من خالل تب ّني المرونة واالستجابة‬ ‫معدل استمرار الموظفين في عملهم‪ ،‬وتعزيز‬ ‫المبادرات والسياسات التي يمكن تطبيقها‬
‫لرغبة الموظفين في الموازنة بين عملهم‬ ‫المشاركة واإليجابية‪ .‬كشفت دراسة أجريت‬ ‫للتغلب على هذا التحدي ‪.1‬‬
‫وحياتهم الشخصية هي التي تجني ثمار‬ ‫في جامعة هارفارد أن كل دوالر يُنفق على‬
‫هذا الجهد بأن يكون لديها فريق عمل أكثر‬ ‫برامج العناية بالصحة يعود على المؤسسة‬
‫سعادة وقدرة على العطاء واإلنتاجية‪.‬‬ ‫بنحو ‪ 3.27‬دوالرًا ممثلة في انخفاض تكاليف‬
‫الرعاية الصحية و‪ 2.73‬دوالرًا في انخفاض‬
‫التكاليف المترتبة على التغيّب عن العمل ‪.2‬‬

‫‪3. World Economic Forum: Which countries‬‬


‫‪have the best work-life balance? – 2016.‬‬ ‫الحياة الشخصية‬ ‫وقت العمل‬ ‫‪1. Gov.uk: Work-life Balance Employer Survey.‬‬
‫‪2. Harvard Business Review: In Defence of Corporate Wellness Programs – 2014.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪69‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪68‬‬

‫لتحقيق التوازن بين الحياة المهنية‬


‫والشخصية للموظفين‪،‬‬
‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫ّ‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫يمكن للمدير أن يُبدي دعمًا أكبر ويسأل‬ ‫ينعكس تعزيز سعادة الموظفين في بيئة‬ ‫تحقيق التوازن بين الحياة المهنية‬
‫التفاعل مع‬ ‫والشخصية ّ‬
‫عما إذا كان لديه وقت إضافي‬ ‫الموظف ّ‬ ‫العمل انعكاسًا مباشرًا على نجاح‬ ‫يعزز الشعور بالسعادة ويساعد‬
‫ّ‬
‫الموظفين وفهم‬ ‫يستطيع تخصيصه لهذه المهمة‪ .‬فهذا من‬ ‫المؤسسات‪ ،‬ألن هذا الشعور بالسعادة يمنح‬ ‫على النجاح واالزدهار سوا ٌء في بيئة العمل أو‬
‫شأنه أن يعبّر عن احترام المدير لوقت‬ ‫الموظفين مزيدًا من الطاقة الجسدية‬ ‫الحياة الشخصية‪ .‬فهذا التوازن من شأنه أن‬
‫احتياجاتهم وأخذ آرائهم‬
‫ويشجعه على بذل المزيد من‬
‫ّ‬ ‫الموظف‬ ‫والنفسية للتركيز على عملهم وبذل أقصى‬ ‫يزيد من تركيزنا على اللحظة الراهنة‬
‫واقتراحاتهم بعين االعتبار‬ ‫الجهد وإنجاز العمل المطلوب دون تحميله‬ ‫طاقتهم في العمل‪ .‬والمؤسسات التي‬ ‫واالنتباه لما نقوم به في جميع األوقات‪.‬‬
‫المسؤولية إذا لم يستطع تخصيص هذا‬ ‫تراعي موظفيها وتدرك أهمية التوازن بين‬ ‫وعند غياب هذا التوازن‪ ،‬لن يكون لدينا‬
‫عند وضع السياسات التي‬
‫الوقت اإلضافي للعمل‪.‬‬ ‫الحياة المهنية والشخصية سوف تجني ثمار‬ ‫الوقت الكافي للتركيز على أي من الجانبين؛‬
‫ينعكس أثرها عليهم‪.‬‬ ‫ذلك عندما يهتم الموظفون بعملهم‪ .‬كما‬ ‫فلن نتوقف عن التفكير في العمل أثناء‬
‫ً‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن وضع السياسات‬ ‫يمكن للقادة أن يطلبوا من فريق عملهم‬ ‫الوقت الذي نقضيه مع أنفسنا أو مع‬
‫والبرامج الداعمة للموظفين‪ ،‬كتلك التي‬ ‫تخصيص الوقت الكافي لتجديد طاقتهم‬ ‫عائالتنا‪ ،‬كما لن نتوقف عن التفكير في‬
‫وضع برامج‬ ‫تهتم بجودة الحياة وسياسات العمل المرنة‬ ‫والتركيز على أهدافهم ومسؤولياتهم‬ ‫مهام ومتطلبات الحياة الشخصية أثناء‬
‫وبرامج رعاية األطفال‪ ،‬يساعد في تخفيف‬ ‫الشخصية‪ ،‬وهو ما يمكن أن يتحقق من‬ ‫العمل‪ .‬ويتطلب تحقيق التوازن بين العمل‬
‫وسياسات مرنة فيما‬
‫األعباء عن الموظفين الذين يحتاجون قدرًا‬ ‫خالل وضع السياسات والممارسات التي‬ ‫والحياة الشخصية تنظيم وقتنا بصورة‬
‫يتعلق بإجازات رعاية الطفل‬ ‫أكبر من المرونة في حياتهم الشخصية‬ ‫تدعم تحقيق هذا التوازن‪.‬‬ ‫أفضل‪ ،‬وترتيب المهام حسب األولويات‪،‬‬
‫أتم وجه‪.‬‬‫حتى يستطيعوا أداء عملهم على ّ‬ ‫المهمة التي نقوم بتنفيذها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والتركيز على‬
‫وساعات العمل اإلضافية‪.‬‬
‫وينبغي أيضًا التركيز على المشاركة الفعالة‬ ‫يسعى األفراد دائمًا لتحقيق التوازن بين‬
‫للموظفين والتعرف على آرائهم‬ ‫حياتهم المهنية والشخصية إال أنهم‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن تخصيص بعض‬
‫واقتراحاتهم في هذا الصدد وأخذها بعين‬ ‫يشعرون بالقلق من تأثير ذلك على أدائهم‬ ‫الوقت للراحة أو لقضاء الوقت مع األصدقاء‬
‫تنفيذ‬
‫االعتبار عند وضع السياسات والبرامج التي‬ ‫في العمل‪ .‬ويُمكن للقادة والمدراء هنا أن‬ ‫يجدد طاقتنا ويعيد بناء قدراتنا‬
‫ّ‬ ‫والعائلة‬
‫مبادرات وأنشطة تستهدف‬ ‫تستهدف تحقيق التوازن بين حياتهم‬ ‫يقدموا نموذجًا يُحتذى به من خالل التح ّلي‬ ‫الجسدية والنفسية‪ .‬علينا إذن أن نسعى إلى‬
‫المهنية والشخصية‪.‬‬ ‫بالمرونة ومنح الموظفين فرصة التعبير عن‬ ‫الفصل بين الحياة المهنية والشخصية‬
‫تعزيز اللياقة الجسدية‬
‫احتياجاتهم ومشاكلهم‪ .‬على سبيل‬ ‫وتخصيص الوقت الكافي لالهتمام بحياتنا‬
‫والذهنية أو الترفيه خارج‬ ‫ال من تكليف الموظف بالعمل‬ ‫المثال‪ ،‬بد ً‬ ‫الخاصة والعائلية كما هو الحال مع‬
‫ساعات إضافية إلنجاز إحدى مهام العمل‪،‬‬ ‫اهتمامنا بالعمل‪.‬‬
‫بيئة العمل‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪71‬‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫‪70‬‬

‫تحفيز‬
‫بصحتهم الجسدية والنفسية‬
‫ّ‬ ‫األفراد على االهتمام‬

‫ترسيخ‬

‫‪5‬‬
‫ثقافة عمل قائمة على اإلبداع والمرونة واالنفتاح‬

‫الوعي التام‬
‫بطبيعة بيئة العمل وظروف الموظفين‬
‫الخطوات الـ‬
‫لتعزيز جودة حياة الموظفين‬
‫تهيئة‬
‫بيئة العمل لضمان ترسيخ اإليجابية‬
‫وتعزيز السالمة‬

‫دعم‬
‫ّ‬
‫الموظفين في سعيهم لتحقيق التوازن بين الحياة‬
‫المهنية والشخصية‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫تنفـــــــــــــس‬
‫تنفــــــــــــــــــس‬ ‫ثــم‬

‫مـــــــرة أخـــــرى‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪75‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪74‬‬

‫توطيد العالقات‬
‫بين األفراد‬
‫لمحة عامة‬ ‫‪ 6‬‬
‫‪7‬‬
‫تعزيز الروح اإليجابية لفريق العمل‬ ‫‪ 8‬‬
‫‪7‬‬
‫ترسيخ العالقات القائمة على التعاطف‬ ‫‪ 82‬‬
‫التواصل اإليجابي‬ ‫‪ 86‬‬
‫ترسيخ ثقافة التنوع والشمول‬ ‫‪ 90‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪77‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪76‬‬

‫العالقات الشخصية هي التي تدفع األفراد لتحسين‬


‫أدائهم والمشاركة الفعالة في بيئة العمل‪،‬‬ ‫لمحة عامة‬
‫ثم‬
‫وتعزز شعورهم باالتحاد والعمل نحو غاية مشتركة‪ ،‬ومن ّ‬
‫اصطفافهم حول رؤية المؤسسة وقيمها‬

‫ويمكن تصنيف العالقات في بيئة العمل إلى‬ ‫تعتمد السعادة واإليجابية في بيئة العمل‬ ‫"الفقير غني بعائلته‪،‬‬
‫نوعين‪ :‬العالقات الشخصية والعالقات المهنية‪.‬‬ ‫اعتمادًا كبيرًا على العالقات الشخصية بين‬
‫وهناك ثالثة مستويات ضمن هذه العالقات‪،‬‬ ‫األفراد وبعضهم البعض‪ .‬وتشير جميع‬
‫والصغير كبير بعائلته‪،‬‬
‫وهي‪ :‬العالقات بين الموظفين وبعضهم‬ ‫الدراسات واستطالعات الرأي التي أجريت‬ ‫والضعيف قوي بعائلته‪.‬‬
‫البعض‪ ،‬والعالقة بين الموظفين والمدراء‪،‬‬ ‫حول السعادة في بيئة العمل إلى العالقات‬
‫والعالقة بين الموظفين كفريق عمل وبين‬ ‫الشخصية بوصفها العامل الرئيسي لشعور‬
‫وكذلك الوطن الذي‬
‫وتتحدد ثقافة أي مؤسسة باألفراد‬‫ّ‬ ‫المؤسسة‪.‬‬ ‫الموظفين بالرضا عن عملهم والحافز‬ ‫يجمعنا‪ ،‬نحن فيه‬
‫الذين يعملون بها‪ ،‬كما أن توافق ثقافة األفراد‬ ‫للذهاب إلى العمل كل يوم‪ .‬فهذه‬
‫مع ثقافة المؤسسة هو أحد أهم معايير‬ ‫العالقات هي التي تدفع األفراد لتحسين‬
‫أسرة واحدة"‬
‫التوظيف التي تستند إليها المؤسسات الكبرى‪.‬‬ ‫أدائهم والمشاركة الفعالة في بيئة العمل‪،‬‬ ‫صاحب السمو الشيخ محمد‬
‫وتعزز شعورهم باالتحاد والعمل نحو غاية‬ ‫بن راشد آل مكتوم‬
‫توفر العالقات الوطيدة شبكة دعم اجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫ثم اصطفافهم حول رؤية‬ ‫مشتركة‪ ،‬ومن ّ‬ ‫نائب رئيس الدولة‪ ،‬رئيس مجلس الوزراء‪،‬‬
‫وتحد من شعورنا بالقلق‬
‫ّ‬ ‫تساعد في تطورنا‬ ‫المؤسسة وقيمها‪.‬‬ ‫حاكم دبي‬
‫والتوتر‪ ،‬كما أن الشعور بالدعم وبوجود‬
‫أشخاص نلجأ إليهم وقت الشدائد يعزز ثقتنا‬ ‫يشـير شون إيكر‪ ،‬المؤلف والباحث في‬
‫بأنفسنا‪ .‬وقد أظهر استطالع رأي أجرته الرابطة‬ ‫مجال السـعادة‪ ،‬إلى أن األشخاص الناجحين‬
‫األمريكية لعلم النفس أن "متوسط مستويات‬ ‫التحديات‪ ،‬وإنما‬
‫ّ‬ ‫ال يتقوقعـون عند مواجهة‬
‫التوتر لدى األشخاص الذين يحصلون على دعم‬ ‫يلجؤون إلى زمالئهم وأفراد أسـرتهم‬
‫نفسي بلغ ‪ 5.0‬من إجمالي ‪ 10‬مقارنة بنسبة ‪6.3‬‬ ‫وأصدقائهم ويشاركونهم أعباءهم‪.‬‬
‫لدى األشخاص الذين ال يحصلون على هذا‬ ‫وللعالقـات الوطيدة القائمة على الثقة‬
‫الدعم" ‪ .1‬وتنعكس اإليجابية المرتبطة‬ ‫والتجارب المشـتركة أث ٌر كبير على السعادة‬
‫بالعالقات المختلفة في بيئة العمل انعكاسًا‬ ‫وجودة الحياة سـواء داخل بيئة العمل‬
‫مباشرًا على إيجابية المؤسسة؛ فكلما زادت‬ ‫أو خارجها‪.‬‬
‫تلك اإليجابية‪ ،‬زادت سعادة الموظفين‬
‫ورضاهم عن بيئة العمل‪.‬‬

‫‪1. American Psychological Association: Manage stress: Strengthen your support network – 2015.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪79‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪78‬‬

‫روح الفريق ليست حالة مؤقتة وإنما هي طريقة تفكير‬ ‫تعزيز الروح اإليجابية لفريق العمل‬
‫يمكن اكتسابها وترسيخها‪ ،‬وال بد من تشجيعها والتمسك بها في جميع األوقات‬

‫التعريف‬
‫والسياق‬
‫دراسة علمية‬ ‫يستند أي جهد جماعي‪ ،‬سواء على مستوى‬ ‫تعتمد المؤسسات على فرق العمل لتحقيق‬
‫أثر الممارسات اإليجابية‬ ‫فرق العمل أو على مستوى المؤسسة بالكامل‪،‬‬ ‫الرؤية‪ ،‬ولذلك إن تهيئة بيئة من الترابط‬
‫إلى الروح اإليجابية لفريق العمل‪ .‬وروح الفريق‬ ‫والوحدة بين أفراد الفريق الواحد وعلى‬
‫على كفاءة المؤسسات‬ ‫ليست حالة مؤقتة وإنما هي طريقة تفكير‬ ‫مستوى المؤسسة ككل أم ٌر ال غنى عنه في‬
‫كشفت الدراسات عن أن فرق العمل‬ ‫يمكن اكتسابها وترسيخها‪ ،‬وال بد من‬ ‫بيئة العمل‪ ،‬وهو أحد العوامل الرئيسية‬
‫التي يتب ّنى أفرادها ممارسات إيجابية‬ ‫تشجيعها والتمسك بها في جميع األوقات‪.‬‬ ‫لتحقيق النجاح وتحقيق أفضل أداء لألفراد‬
‫مثل االهتمام ببعضهم البعض على المستوى‬ ‫وتنبع روح الفريق الواحد من العمل نحو غاية‬ ‫والمؤسسات وتعزيز السعادة واإليجابية‪.‬‬
‫الشخصي‪ ،‬وإلهام بعضهم البعض في بيئة‬ ‫مشتركة ومن المبادئ األخالقية الرفيعة وقدرة‬ ‫ونظرًا ألن األداء الفردي وأداء المؤسسات‬
‫أداء‪ .‬كما أن روح‬
‫العمل هي األكثر كفاءة واألفضل ً‬ ‫األفراد على أن يكونوا أكثر انفتاحًا وتقب ً‬
‫ال‬ ‫يعتمد على فرق العمل التي تنفذ الرؤية‬
‫ترسخ المشاعر اإليجابية في بيئة‬
‫الفريق اإليجابية ّ‬ ‫لآلخرين وألفكارهم‪ .‬ومن المهم أيضًا توفير‬ ‫المؤسسية‪ ،‬فإن نجاحها يرتبط ارتباطًا وثيقًا‬
‫العمل وتحمي الموظفين من المشاعر السلبية‬ ‫قنوات للتواصل الفعال بين األفراد ومناقشة‬ ‫الفعال‪ .‬وكما قال‬ ‫ّ‬ ‫بقدرة أفرادها على التعاون‬
‫ّ‬
‫وتعزز والءهم لمؤسساتهم‪.‬‬ ‫وحل أي خالفات قد تظهر في الشخصيات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أرسطو‪ ،‬اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه‪،1‬‬
‫‪Effects of Positive Practicies on‬‬ ‫تعتمد روح الفريق الواحد على قيم مثل الكرم‬ ‫ويسعى بالفطرة إلى صحبة اآلخرين وبناء‬
‫‪)2011( Organizational Effectiveness‬‬ ‫والتسامح والثقة سوا ٌء فيما بين أفراد الفريق أو‬ ‫ّ‬
‫وتعزز‬ ‫عالقات قائمة على الثقة والمشاركة‪.‬‬
‫بينهم وبين رؤسائهم في العمل‪ .‬ويجب أن‬ ‫العالقات السعيدة واإليجابية هذا الشعور‬
‫يعي الموظفون مواطن قوتهم " �‪self-Actual‬‬ ‫وتمكنهم من العمل‬ ‫ّ‬ ‫بالترابط بين الموظفين‪،‬‬
‫‪ "ization‬وأن يسعوا دائمًا نحو تحقيق ذاتهم‪،‬‬ ‫معًا على أفضل نحو لتحقيق أهدافهم‬
‫وذلك تبعًا لتسلسل ماسلو الهرمي لالحتياجات‬ ‫وأهداف المؤسسة ككل‪.‬‬
‫"‪The Pinnacle Of Maslow’s Hierarchy Of‬‬
‫‪ ،" Needs‬ألنهم بذلك يصبحون أكثر قدرة على‬
‫تحديد أولوياتهم‪ ،‬والسعي لتحقيق غاياتهم‪،‬‬
‫وتوطيد عالقاتهم باآلخرين‪.‬‬

‫‪1. Aristotle: Politics.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪81‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪80‬‬

‫لترسيخ الروح اإليجابية لفريق العمل‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬
‫المنظور‬ ‫المنظور‬
‫تجسيد‬ ‫مساحة ألفكاري‬ ‫المؤسسي‬ ‫الفردي‬
‫سلوك إيجابي قائم على التعاون‬ ‫توقع ظهور‬‫ال يمكن للقادة والمسـؤولين ّ‬ ‫هناك الكثير من األفراد الذين يميلون إلى العمل‬
‫الروح اإليجابيـة لفريق العمل من تلقاء‬ ‫بمفردهم‪ ،‬إذ يشعرون براحة أكبر عند أداء األدوار‬
‫عبر تشجيع اآلخرين واالستماع‬
‫نفسـها‪ ،‬بل ينبغي عليهم بذل الجهود‬ ‫الموكلة إليهم‪ .‬ولتعزيز روح الفريق اإليجابية‪،‬‬
‫آلرائهم ومالحظاتهم في‬ ‫الالزمة لترسـيخ هذه الروح كأحد دعائم‬ ‫ينبغي على األفراد التواصل مع اآلخرين داخل‬
‫ثقافة العمـل‪ ،‬وعليهم أيضًا تقديم مثال‬ ‫وخارج اإلدارات التي يعملون بها‪ .‬فهذا األمر من‬
‫إدارة إمكانياتهم‪.‬‬
‫يُحتـذى من خالل قضاء الوقت مع‬ ‫شأنه أن يساعدهم في االطالع على أفكار‬
‫الموظفيـن‪ ،‬والتح ّلي بالتفاؤل واإليجابية‪،‬‬ ‫جديدة وبناء عالقات جيدة مع غيرهم من خارج‬
‫وأن يكونوا مصدرًا لإللهام ويعيشـوا‬ ‫الدائرة التي ينتمون إليها‪ .‬وتتسم روح الفريق‬
‫االستعانة‬
‫ويتنفسـوا القيم ويمارسوا قيم االحترام‬ ‫اإليجابية أيضًا بالدعم األخالقي والمهني‪،‬‬
‫ببعض األدوات مثل أداة استكشاف‬ ‫والنزاهـة واألمانة وغيرها من القيم التي‬ ‫فالموظفون الذين يهتمون بإظهار دعمهم‬
‫تقوم عليها ثقافة المؤسسـة‪ .‬وأفضل‬ ‫لزمالئهم – على المستوى الشخصي أو المهني‬
‫مواطن القوة (‪)StrengthsFinder‬‬ ‫– سوف يتلقون دعمًا مماث ً‬
‫القـادة هم من يدركون وواعون لطبيعة‬ ‫ال في المقابل‪.‬‬
‫لتحديد وتطوير مواطن القوة لدى‬ ‫عمل الفرق واإلدارات المختلفة بالمؤسسـة‬
‫أيًّا كان موقعهم داخل المؤسسـة‪ .‬وفي‬ ‫عندما يبادر األفراد بإظهار سلوك الفريق اإليجابي‪،‬‬
‫فرقهم واالستفادة منها على أفضل‬
‫بيئة العمـل القائمة على الروح اإليجابية‪،‬‬ ‫فإنهم يكونون قدوة ونموذجًا يُحتذى لآلخرين‪،‬‬
‫نحو ممكن‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ويحل محلها روح‬ ‫تختفي المنافسـة‬ ‫حيث تشير الدراسات إلى أن إظهار فرد واحد في‬
‫التشـجيع والتعاون ويدفع بعضهم‬ ‫ّ‬
‫يحفز‬ ‫ً‬
‫عادة ما‬ ‫فريق العمل لروح الفريق اإليجابي‬
‫البعـض آلفاق جديدة‪ ،‬ويكون الزمالء‬ ‫اآلخرين على محاكاة نفس السلوك‪ .‬وعندما‬
‫التح ّلي بالتفاؤل‬ ‫مصدرًا للتعاطـف والرحمة فيما بينهم‬ ‫يُظهر األفراد استعدادهم لمساعدة زمالئهم‬
‫ويصبـح الموظفون مصدرًا لدعم بعضهم‬ ‫ويحرصون على التعامل بإيجابية وبروح الفريق‬
‫التح ّلي بالتفاؤل والسلوكيات‬
‫البعض عند مواجهة التحديات ويشـعر‬ ‫يتحسن أداء الفريق كله‪ .‬كما أن التعاون‬‫ّ‬ ‫الواحد‪،‬‬
‫اإليجابية والتمسك بقيم االحترام‬ ‫الجميـع بالفخر واالعتزاز عند تحقيق‬ ‫بين مختلف إدارات وأقسام المؤسسة الواحدة‬
‫اإلنجازات الكبرى‪.‬‬ ‫تحت راية الفريق الواحد يمكن أن يكون دافعًا‬
‫والنزاهة واألمانة‪ ،‬وذلك حتى يكون‬
‫قويًا لحل المشكالت والتطوير المستمر‪ ،‬ويقلل‬
‫هذا السلوك مثا ً‬
‫ال يحتذى به‪.‬‬ ‫من التكرار الفائض غير الفاعل في العمل حيث‬
‫يكون كل فرد على علم بسير العمل في اإلدارات‬
‫األخرى وكيفية تأثير هذا العمل عليهم وطبيعة‬
‫دورهم في إطار تحقيق رؤية المؤسسة‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪83‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪82‬‬

‫دراسة جامعة‬
‫دراسة علمية‬
‫ترسيخ العالقات القائمة على التعاطف‬
‫هارفارد حول تطور‬
‫األفراد البالغين‬
‫في إطار سلسلة من األبحاث استمرت‬
‫نحو ‪ 80‬عامًا وشملت أكثر من مئات‬
‫األفراد‪ ،‬أظهرت الدراسة التي أجرتها جامعة‬ ‫يشعر األفراد بأنهم أكثر‬ ‫التعريف‬
‫هارفارد حول تطور األفراد البالغين أن أهم‬
‫محفزات السعادة إلى حد بعيد هي جودة‬ ‫ال ومشاركة‬ ‫تفاع ً‬ ‫والسياق‬
‫العالقات أكثر من عددها‪ ،‬كما أظهرت الدراسة أن‬ ‫في العمل بفضل العالقات‬ ‫تشير الكثير من الدراسات إلى أن العالقات‬
‫العالقات الوطيدة هي أهم المحفزات لبقائهم‬ ‫المهنية القائمة على التعاطف والثقة هي‬
‫الوطيدة التي تربطهم بزمالئهم‬
‫سعداء وأنها تفوق في أهميتها المال والشهرة‪.‬‬ ‫أحد أهم العوامل المساهمة في تحقيق‬
‫دراسة تطور البالغين بجامعة هارفارد‬ ‫السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‪.‬‬
‫تشكل آلية دعم سوا ٌء‬‫ّ‬ ‫فهذه العالقات‬
‫داخل بيئة العمل أو خارجها‪ .‬واألفراد الذين‬
‫يربطنا بهم هذا النوع من العالقات‬
‫يقدمون النصح والمشورة‪ ،‬ويكونون مصدرًا‬
‫متجددًا لألفكار الجديدة والنقد الب ّناء عندما‬
‫ُنخطئ‪ .‬وعندما يتعرض أحد األفراد في بيئة‬
‫العمل ألي حالة طارئة‪ ،‬فإنهم يتلقون دعمًا‬
‫من زمالئهم المقربين إما بالمساندة‬
‫بتحمل مسؤولياتهم في‬ ‫ّ‬ ‫المعنوية أو‬
‫العمل‪ ،‬وتساعد هذه العالقات على توفير‬
‫آلية للدعم سواء كانت من داخل أو خارج‬
‫العمل‪ ،‬وهكذا يشعر األفراد بأنهم أكثر‬
‫ال ومشاركة في العمل بفضل‬ ‫تفاع ً‬
‫العالقات الوطيدة التي تربطهم بزمالئهم‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪85‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪84‬‬

‫لتهيئة البيئة الالزمة لبناء عالقة قائمة على‬


‫المودة والتعاطف‪،‬‬
‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫يمكن على سبيل المثال تجميع الموظفين‬ ‫ال تنشأ العالقات الوطيدة بين األفراد في‬ ‫لترسيخ عالقات وطيدة وصادقة في بيئة‬
‫تنظيم‬ ‫العمل‪ ،‬يجب أن يتح ّلى األفراد أو ً‬
‫في نشاط ترفيهي خارج مكان العمل‬ ‫بيئة العمل من فراغ‪ .‬وكثيرًا ما يشعر‬ ‫ال بسلوك‬
‫األنشطة االجتماعية و أنشطة‬ ‫يتضمن بعض األلعاب أو الرياضات مع فتح‬ ‫الموظفون بالخوف إزاء استجابة اإلدارة‬ ‫إيجابي كأن يكونوا ودودين ومنفتحين مع‬
‫باب المشاركة أحيانًا ألفراد عائالتهم‪ .‬كل‬ ‫ألشكال التواصل االجتماعي مع اآلخرين‬ ‫وحس‬
‫ّ‬ ‫اآلخرين وأن يتح ّلوا بقيمة اإليثار‬
‫ّ‬
‫توطد‬ ‫العمل الجماعي التي‬
‫هذه الخطوات ستسهم في توطيد‬ ‫في العمل‪ ،‬وبعض المؤسسات ال تشجع‬ ‫الدعابة ويُبدوا اهتمامهم ومراعاة‬
‫العالقات بين الموظفين خارج‬ ‫العالقات بصورة طبيعية حيث تتعزز ثقة‬ ‫ذلك من األساس‪ .‬يمكن للقادة ترسيخ‬ ‫زمالئهم‪ .‬فهذه الصفات من شأنها أن‬
‫األفراد في بعضهم البعض‪ .‬كما أن تنظيم‬ ‫ثقافة العالقات المهنية الوطيدة من خالل‬ ‫تجذب األشخاص لبعضهم البعض وتبني‬
‫بيئة العمل‪.‬‬
‫هذه األنشطة االجتماعية يعزز أنشطة‬ ‫تشجيع الموظفين على التعرّ ف على‬ ‫أساسًا من الثقة ترتكز عليه العالقات‬
‫العمل الجماعي ويعطي الموظفين‬ ‫بعضهم البعض‪ ،‬وتسهيل قنوات التواصل‬ ‫الحقًا‪ .‬ويمكن لزمالء العمل أيضًا توطيد‬
‫مساحة إلضفاء طابع التواصل ومشاركة‬ ‫فيما بينهم‪ ،‬وتهيئة الظروف التي تساعد‬ ‫عالقاتهم على مستوى أعمق من خالل‬
‫تقديم مثال‬
‫ثم سيحذو الموظفون‬ ‫أسرهم‪ ،‬ومن ّ‬ ‫على تطوّ ر هذه العالقات بطريقة طبيعية‬ ‫مشاركة تجاربهم الشخصية والتفاعل‬
‫يُحتذى به من خالل سلوكيات‬ ‫حذوها في ذلك‪ .‬وتنعكس العالقات‬ ‫أو صحية‪.‬‬ ‫خارج محيط العمل مع مراعاة احترام‬
‫الوطيدة بين األفراد وعلى مستوى فرق‬ ‫المساحات الشخصية في الوقت نفسه‪.‬‬
‫المدراء والقياديين التعاطف‬ ‫ال ي ّ‬
‫العمل في عالقات الموظفين الوطيدة‬ ‫ُتوقع من المؤسسات أن تفرض وجود‬ ‫والعالقات الوطيدة القائمة على المودّ ة‬
‫مع الموظفين والتحلي‬ ‫تجاه المؤسسة ككل وفي مزيد من‬ ‫ّ‬
‫عالقات صداقة بين الموظفين‪ ،‬بل يتلخص‬ ‫شرط أساسي لتعزيز السعادة واإليجابية‬
‫السعادة والتفاعل في بيئة العمل‪.‬‬ ‫دورها في ترسيخ ثقافة قائمة على المودّ ة‬ ‫في بيئة العمل؛ فعندما تسود أجواء‬
‫بسلوك ودّ ي تجاههم‪.‬‬
‫وتطبيق السياسات والبرامج واألنشطة‬ ‫التعاطف واالهتمام بين الزمالء وبعضهم‬
‫الالزمة لتهيئة بيئة يشعر فيها باألفراد‬ ‫البعض‪ ،‬يعود ذلك بالنفع عليهم على‬
‫باالرتباط واالتحاد‪.‬‬ ‫المستوى الجسدي والسيكولوجي أيضًا‪.‬‬
‫تسهيل‬
‫عملية التواصل بين أفراد‬
‫فريق العمل خاصة عند‬
‫انضمام واحتواء أفراد جدد‬
‫إلى الفريق‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪87‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪86‬‬

‫ينبغي أن تكون عملية التواصل‬ ‫التواصل اإليجابي‬


‫متبادلة وتتحرك في كال االتجاهين‪،‬‬
‫توجه‬
‫ّ‬ ‫بحيث يعمل القادة على دمج الموظفين في تحديد‬
‫المؤسسة‪ ،‬وحل المشاكل‪ ،‬والمشاركة بآرائهم عند وضع‬
‫االستراتيجيات والسياسات التي ستؤثر عليهم وعلى‬
‫المؤسسة بأكملها‬
‫التعريف‬
‫والسياق‬
‫وتشير الدراسات إلى أن التواصل اإليجابي هو‬ ‫وتشتمل عملية التواصل اإليجابي على‬ ‫تقوم العالقات السعيدة واإليجابية في بيئة‬
‫الوسيلة المثلى لتعزيز ثقة األشخاص‬ ‫طريقة التواصل والرسالة المراد نقلها‬ ‫العمل على عملية التواصل اإليجابي على‬
‫بإمكاناتهم وتطوير مواطن قوتهم‪ .‬وأحد‬ ‫للطرف اآلخر‪ .‬وطريقة نقل الرسالة ال تقل‬ ‫كافة المستويات في المؤسسة‪ ،‬سوا ٌء في‬
‫وسائل تحقيق ذلك عند وجود نقاش‬ ‫أهمية عن محتواها؛ وال يعني ذلك نقل‬ ‫العالقات الشخصية بين الزمالء‪ ،‬أو التواصل‬
‫يتضمن اختالفًا في اآلراء أن ينصب تركيزنا‬ ‫الرسائل اإليجابية وتفادي الرسائل السلبية‬ ‫المباشر بين الموظفين والمدراء‪ ،‬أو في‬
‫على المشكلة وأوجه الخالف ال على‬ ‫في جميع األوقات‪ ،‬بل يعني التواصل‬ ‫تواصل القيادة مع فرق العمل ومع‬
‫الصفات الشخصية للمشاركين في هذا‬ ‫بطريقة ب ّناءة وهادفة وإبداء االهتمام‬ ‫ّ‬
‫ككل‪.‬‬ ‫المؤسسة‬
‫النقاش أو المتأثرين بها‪ .‬تبدأ عملية التواصل‬ ‫بالطرف اآلخر وفتح المجال للنقاش وإجراء‬
‫اإليجابي من أعلى الهيكل التنظيمي‬ ‫ال من طرف واحد‬ ‫حوار هادف من الطرفين بد ً‬
‫للمؤسسة عندما يقدم القادة والمدراء‬ ‫ال من االكتفاء بالحديث وعدم االستماع‬ ‫بد ً‬
‫نموذجًا يُحتذى للموظفين فيما يتعلق‬ ‫لآلخرين‪ .‬كما تتساوى أهمية كيفية توصيل‬
‫بأسس التواصل اإليجابي في بيئة العمل ‪.1‬‬ ‫المعلومة واالستماع إليها مع أهمية‬
‫محتوى الرسالة أو المعلومة‪.‬‬

‫‪1. Cameron, K.: Leading Positively – Strategies for Extraordinary Performance – 2009.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪89‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪88‬‬

‫لترسيخ عملية التواصل اإليجابي‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫أهمية اإليجابية‬
‫دراسة علمية‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫والتواصل في أداء‬ ‫تتخذ عملية التواصل اإليجابي على‬ ‫ينبغي أن تقوم العالقات بين األفراد على‬
‫اعتماد‬
‫فرق العمل‬ ‫ال مختلفًا‪ ،‬وتبدأ‬ ‫المستوى المؤسسي شك ً‬ ‫االحترام والصدق والتفاهم‪ ،‬وأن يكون‬
‫سياسة الباب المفتوح‬ ‫بإبداء القادة اهتمامهم بترسيخ السعادة‬ ‫الحوار سواء بين المدراء والموظفين أو بين‬
‫أشارت إحدى الدراسات‬
‫وجودة الحياة المهنية للموظفين ووعيهم‬ ‫الموظفين وبعضهم البعض إيجابيًا وب ّن ً‬
‫اء‪.‬‬
‫والتفاعل الب ّناء والمباشر‬ ‫التي ُنشرت في مجلة‬
‫باحتياجاتهم‪ .‬ولتحقيق ذلك‪ ،‬يحتاج القادة‬ ‫ويجب على األشخاص عدم إلقاء اللوم على‬
‫(‪ )American Behavioral Scientist‬عام ‪2004‬‬
‫ّ‬
‫الموظفين‬ ‫وجهًا لوجه مع‬ ‫منصة من الحوار الب ّناء‪،‬‬‫ّ‬ ‫والمدراء لتأسيس‬ ‫زمالئهم‪ ،‬والتغاضي عن األخطاء البسيطة‪،‬‬
‫تحسن كبير في أداء فرق العمل في البيئات‬
‫ّ‬ ‫إلى‬
‫وأن يفتحوا الباب دائمًا أمام أفكار‬ ‫ومراعاة ظروف اآلخرين في األوقات‬
‫حتى يشعروا باالطمئنان‬ ‫التي يسودها التواصل اإليجابي‪ .‬وأوضحت الدراسة‬
‫ّ‬
‫الموظفين واقتراحاتهم‪ .‬وينبغي أن تكون‬ ‫تحفز بالشعور‬ ‫العصيبة‪ ،‬ألن هذه األمور‬
‫أن فرق العمل ذات األداء المتميز سجلت متوسط‬
‫وطلب اآلراء والتعليقات‬ ‫عملية التواصل متبادلة وتتحرك في كال‬ ‫بالتقدير واالهتمام وهو ما يعود على‬
‫‪ 6‬تعليقات إيجابية مقابل كل تعليق سلبي‪ ،‬بينما‬
‫االتجاهين‪ ،‬بحيث يعمل القادة على دمج‬ ‫المؤسسة الحقًا بمزيد من التفاعل و الثقة‬
‫من مدرائهم‪.‬‬ ‫سجلت الفرق ذات األداء المنخفض متوسط ‪3‬‬
‫توجه المؤسسة‪،‬‬ ‫الموظفين في تحديد ّ‬ ‫بالزمالء والوالء للمؤسسة‪ .‬وعند الحديث مع‬
‫تعليقات سلبية مقابل كل تعليق إيجابي‪.‬‬
‫وحل المشاكل‪ ،‬والمشاركة بآرائهم عند‬ ‫اآلخرين‪ ،‬يجب أال يقتصر تركيزنا على ما‬
‫)‪American Behavioral Scientist (2004‬‬
‫وضع االستراتيجيات والسياسات التي ستؤثر‬ ‫نقول بل على طريقة قوله أيضًا‪ ،‬وأن نكون‬
‫التواصل بنغمة إيجابية‬
‫عليهم وعلى المؤسسة بأكملها‪ .‬وعندما‬ ‫على استعداد لالستماع إليهم في المقابل‪.‬‬
‫لتشجيع الموظفين على‬ ‫يبدأ التواصل اإليجابي والب ّناء عند قيادة‬ ‫وعندما يرى اآلخرون هذا السلوك‪ ،‬وعادة‬
‫المؤسسة فإنه يصل بالضرورة إلى‬ ‫تكون هذه السلوكيات واألنماط مراقبة‪،‬‬
‫التواصل بالمثل مع زمالئهم‪.‬‬
‫الموظفين ويشجعهم على أن يكونوا أكثر‬ ‫سيحذون حذوه وسيصبح نهجًا سائدًا على‬
‫إيجابية تجاه عملهم وتجاه بعضهم‬ ‫مستوى المؤسسة بالكامل‪.‬‬
‫يعزز السعادة واإليجابية‬ ‫البعض‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫توظيف التكنولوجيا‬
‫في بيئة العمل في نهاية المطاف‪.‬‬ ‫وال يعني ذلك أن عملية التواصل تدور‬
‫لسرعة إرسال واستقبال‬ ‫بالكامل حول النقاشات اإليجابية فحسب‪،‬‬
‫وإنما المقصود ضرورة مراعاة اآلخرين‬
‫التعليقات واآلراء على‬
‫والتعامل معهم بموضوعية واحترام‬
‫وجه السرعة‪.‬‬ ‫وأسلوب ب ّناء حتى عند مناقشة المواضيع‬
‫الخالفية والشائكة‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪91‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪90‬‬

‫ترسيخ ثقافة التنوع والشمول‬

‫دراسة حالة‬ ‫التعريف‬


‫شركة "فورد موتور"‬ ‫والسياق‬
‫احتلت شركة "فورد" مرتبة ضمن‬ ‫وهو ما يعيق قدرة األفراد على التعامل مع أي‬ ‫ُعد التركيز على ثقافة التنوع والشـمول‬‫ي ّ‬
‫قائمة مجلة "دايفيرسيتي إنك ‪-‬‬ ‫يحد من قدرة المؤسسة‬ ‫ّ‬ ‫طرح مختلف‪ ،‬كما‬ ‫أحد أهـم التوجهات التي طال انتظار‬
‫‪ "DiversityInc‬ألفضل ‪ 50‬شركة من حيث‬ ‫على االبتكار واإلبداع وتلبية احتياجات مجتمع‬ ‫التركيـز عليها في بيئات العمل؛‬
‫التنوع ‪ 11‬مرة‪ ،‬حيث يعد التنوع والشمول أحد‬ ‫يضم فئات متنوعة‪ .‬وفي استطالع رأي أجرته‬ ‫فالمؤسسـات اليوم تبذل جهدًا طموحًا‬
‫أهم مجاالت التركيز االستراتيجي للشركة على‬ ‫مجلة "فوربس" لما يزيد عن ‪ 300‬مسؤول‬ ‫مـن أجل تب ّنـي ثقافة التنوع في اختيار فريق‬
‫مستوى العالم‪ .‬ويتم تشجيع موظفي شركة‬ ‫تنفيذي من المؤسسات الكبرى‪ ،‬اتفق ‪%85‬‬ ‫العمل على أسـاس المنشأ الجغرافي‬
‫"فورد" على استيعاب التنوع واالختالف من خالل‬ ‫ّ‬
‫يحفز االبتكار ويستقطب‬ ‫منهم على أن التنوع‬ ‫والجنـس والعمر والمهارات والخلفية‬
‫مصمم خصيصًا لهذا الهدف‬‫ّ‬ ‫برنامج تدريبي‬ ‫المواهب‪ ،‬مشيرين إلى أن هذا األمر يأتي على‬ ‫األكاديميـة‪ ،‬وغيرها من العوامل األخرى‪.‬‬
‫من أجل تعزيز تطورهم المهني والشخصي‬ ‫قائمة أولويات العمل لديهم‪.‬‬ ‫والتنوع فـي بيئة العمل أمر بالغ األهمية‬
‫وتحفيزهم على تقدير االختالفات من حيث‬ ‫لنجاح المؤسسـة ألنه يكون مصدرًا لألفكار‬
‫االنتماء أو الخبرة أو مستوى المعرفة والمهارات‪،‬‬ ‫تساهم ثقافة التنوع والشمول داخل‬ ‫المتجددة ووجهـات النظر المختلفة التي ال‬
‫ثم تحقيق أقصى استفادة ممكنة من تنوع‬ ‫ومن ّ‬ ‫المؤسسة في ترسيخ قيم التسامح وتقبل‬ ‫يمكن أن تظهـر في بيئة عمل ينتمي‬
‫فريق العمل‪.‬‬ ‫اآلخر‪ ،‬كما أنها ّ‬
‫تعزز الثقة وتشكل األساس‬ ‫جميـع أفرادها لخلفيات ومؤهالت‬
‫قائمة "دايفيرسيتي إنك" ألفضل ‪ 50‬شركة‬ ‫بين األفراد وبعضهم البعض وبينهم وبين‬ ‫اجتماعية متشـابهة‪ .‬ففي هذه الحاالت‪،‬‬
‫من حيث التنوع ‪2017 -‬‬ ‫المؤسسة ككل‪.‬‬ ‫عادة ما تكون منهجيات العمل متشـابهة‪،‬‬ ‫ً‬

‫تساهم ثقافة التنوع والشمول داخل المؤسسة‬


‫ّ‬
‫تعزز الثقة وتشكل‬ ‫في ترسيخ قيم التسامح وتقبل اآلخر‪ ،‬كما أنها‬
‫األساس بين األفراد وبعضهم البعض وبينهم وبين المؤسسة ككل‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪93‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪92‬‬

‫مؤسساتهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لتبني ثقافة التنوع والشمول داخل‬
‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫مساحة ألفكاري‬
‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫على مستوى اإلدارة‪ ،‬يمكن تطبيق‬ ‫ً‬
‫عادة ما يشعر األفراد براحة أكبر عند العمل‬
‫االستفادة‬
‫السياسات المعنية بتحقيق التنوع في بيئة‬ ‫والتواصل مع أشخاص يشبهونهم‬
‫من الخلفيات والمهارات والثقافات‬ ‫العمل؛ حيث يمكن للقادة على سبيل‬ ‫ويستطيعون التفاهم معهم‪ ،‬غير أن بذل‬
‫المثال تعيين شخص أو فريق عمل يكون‬ ‫جهد حقيقي في التواصل مع آخرين ذوي‬
‫والتقاليد المختلفة لفريق العمل‬ ‫مسؤو ً‬
‫ال عن تنويع فريق العمل بالمؤسسة‬ ‫خلفيات مختلفة له فوائد كثيرة‪ ،‬حيث‬
‫لتعزيز اإلبداع والمعرفة داخل‬ ‫وتيسير وضع وتنفيذ سياسات وممارسات‬ ‫يمكن من خالله االستفادة من تجارب‬
‫التنوع والشمول داخل المؤسسة‪ .‬كما‬ ‫ثم فهم‬ ‫اآلخرين ووجهات نظرهم ومن ّ‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫يمكن تعديل السياسات والممارسات‬ ‫المشاكل وح ّلها من منظور مختلف‪.‬‬
‫الخاصة بالتوظيف بما يضمن التركيز على‬ ‫ويمكن ألفراد الفريق الواحد ترسيخ هذه‬
‫المرشحين ذوي الكفاءات العالية من‬
‫ّ‬ ‫الثقافة من خالل طلب الرأي والمشورة من‬
‫تب ّني‬
‫خلفيات غير تقليدية لكنهم ال يق ّلون‬ ‫كل فرد في الفريق‪ ،‬وهو ما يفيد على وجه‬
‫السياسات والممارسات المعنية بدمج‬ ‫كفاءة عن هؤالء الذين يتم توظيفهم من‬ ‫الخصوص مع األشخاص ذوي الخلفيات‬
‫طرق التوظيف التقليدية‪ .‬وعند انضمام‬ ‫التي تسمح لهم بطرح آراء مختلفة أو‬
‫وإشراك جميع الموظفين لتهيئة بيئة‬
‫هؤالء األشخاص إلى المؤسسة‪ ،‬يُمكن‬ ‫األشخاص األكثر هدوءًا وتحفظًا لكنهم‬
‫عمل ال مجال فيها لإلقصاء أو التهميش‬ ‫للمدراء االستفادة من خلفياتهم المتميّزة‬ ‫في الوقت نفسه لديهم إسهامات قيّمة‬
‫في تشكيل فرق العمل ودراسة المشاكل‬ ‫يقدمونها‪ .‬فالتفاعل مع أشخاص ذوي‬
‫أو الحرمان من الوصول إلى بعض‬
‫الصعبة‪ .‬ومن المهم أن يكون التزام‬ ‫إمكانات مختلفة من مختلف مناحي‬
‫الموارد أو الحصول على بعض المزايا‪.‬‬ ‫المؤسسة بتحقيق التنوع التزامًا صادقًا‪ ،‬وأن‬ ‫الحياة يفتح المجال أمام تنويع وجهات‬
‫تؤدي القيادة دورًا محوريًّا في رفع مستوى‬ ‫النظر‪ ،‬وزيادة الوعي بالثقافات األخرى‪،‬‬
‫الوعي بأهمية التنوع على كافة المستويات‬ ‫واالستفادة من الخبرات التي ال يمكن‬
‫تعيين‬ ‫المؤسسية‪ ،‬لتضع بذلك أساسًا لثقافة‬ ‫اكتسابها إال من أشخاص يختلفون عنا في‬
‫التسامح والشمول التي تعود بدورها على‬ ‫العمر أو النشأة أو اإلمكانات أو الخلفية‬
‫شخص أو فريق عمل يتولى مسؤولية‬
‫تعزيز سعادة الموظفين وجودة حياتهم‪.‬‬ ‫األكاديمية‪.‬‬
‫ترسيخ ثقافة التنوع والشمول في‬
‫بيئة العمل‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪95‬‬ ‫توطيد العالقات بين األفراد‬ ‫‪94‬‬

‫ترسيخ‬
‫ثقافة روح الفريق الواحد القائمة على التعاون‬
‫واإليجابية والتفاعل واإلنتاجية‬

‫تشجيع‬

‫‪5‬‬
‫األفراد على التواصل وتوطيد العالقات مع‬
‫بعضهم البعض‬

‫ّ‬
‫تبني‬
‫طريقة تواصل إيجابية على مستوى اإلدارة العليا‬
‫لتجسيد قيم ثقافة العمل السعيدة واإليجابية‬
‫الخطوات الـ‬
‫لتوطيد العالقات في بيئة العمل‬
‫تعزيز‬
‫الثقة بين أفراد الفريق الواحد لتسهيل عملية تبادل‬
‫اآلراء واألفكار على أساس من االنفتاح والصدق‬

‫ترسيخ‬
‫القيم الجوهرية للمؤسسة من خالل ّ‬
‫تبني ثقافة‬
‫التنوع والشمول‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫كـــــــن‬
‫هـنــــــــــــــــــــــــا‬

‫(عـــــــش اللحـــــــظة)‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪99‬‬ ‫تحرير القدرات الكامنة‬ ‫‪98‬‬

‫تحرير القدرات‬
‫الكامنة‬
‫‪ 1 00‬لمحة عامة‬
‫‪ 102‬تشجيع اإلنجاز والتم ّيز‬
‫التطور الشخصي والمهني‬ ‫ّ‬ ‫‪ 106‬دعم‬
‫‪ 110‬دعم مفهوم التمكين‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل الســعادة وجودة الحياة فــي بيئة العمل‬
‫‪101‬‬ ‫تحرير القدرات الكامنة‬ ‫‪100‬‬

‫لمحة عامة‬

‫التطور الذاتي لألفراد لن يتحقق إال‬ ‫تتسم عقليّة النمو بأنها عقليّة إيجابية‬ ‫في النسخة األخيرة من التقييم السنوي‬ ‫على الرغم من اختالف علماء النفس‬ ‫"اإلنسان خلق لينمو‬
‫و"أصحابها يؤمنون بقدرتهم على تطوير‬ ‫الصادر عن مؤسسة "جالوب" (‪ )Gallup‬حول‬ ‫والفالسفة حول كيفية االستفادة من‬
‫عندما يؤمنون بأن قدراتهم وإمكاناتهم ليست مق ّيدة‬
‫قدراتهم من خالل االلتزام والعمل الدؤوب‬ ‫أوضاع القوى العاملة في الواليات المتحدة‪،‬‬ ‫الطاقات البشرية‪ ،‬فإنهم يتفقون من حيث‬
‫ويتطور‪ .‬عندما نحد من‬
‫بالعوامل الوراثية أو الجينية أو الظروف المحيطة‬ ‫والتع ّلم من اآلخرين ومن أخطائهم"‪.2‬‬ ‫ورد في االستنتاجات الرئيسية للتقرير أن‬ ‫لكل شخص م ّنا القدرة‬‫ّ‬ ‫المبدأ على أن‬ ‫فرص النمو لموظفينا‬
‫يستخلص أصحاب عقلية النمو الدروس‬ ‫األفراد يرغبون في الحصول على فرص‬ ‫والرغبة الفطرية لتطوير وتنمية مواهبه‬
‫والعبَر ويستمدون اإللهام من جميع‬‫ِ‬ ‫للتع ّلم والتطوّ ر في بيئة العمل‪ .‬وتكشف‬ ‫وإمكاناته‪ .‬وال تقتصر السعادة وجودة‬
‫فنحن نعاكس هذا‬
‫وخاصة‬
‫ّ‬ ‫المواقف التي يتعرضون لها‬ ‫عما يُطلق عليه الباحثون "عقلية‬‫هذه الرغبة ّ‬ ‫الحياة على حالتنا الراهنة فحسب‪ ،‬بل تتعلق‬ ‫القانون الكوني المهم"‬
‫المواقف الصعبة‪ .‬كما أنهم يسعون دائمًا‬ ‫النمو" (‪ )growth mindset‬وهي العقلية‬ ‫أيضًا بتطلعاتنا للمستقبل وبتحقيق آمالنا‬
‫صاحب السمو الشيخ محمد‬
‫إلى التع ّلم من اآلخرين‪ ،‬ولديهم حب‬ ‫التي تدفعنا دائمًا نحو تطوير أنفسنا في‬ ‫وطموحاتنا‪ .‬فال أحد يريد الوصول إلى حالة‬
‫بن راشد آل مكتوم‬
‫استطالع واستعداد لخوض التحديات‬ ‫كافة جوانب حياتنا – على مستوى‬ ‫من الركود في أي جانب من جوانب حياتنا‬
‫نائب رئيس الدولة‪ ،‬رئيس مجلس الوزراء‪،‬‬
‫والتجارب الجديدة‪ .‬يرى أصحاب عقلية النمو‬ ‫المعرفة والمهارات‪ ،‬والعالقات‪ ،‬والصحة‬ ‫المهنية أو الشخصية‪ ،‬بل نتطلع جميعًا إلى‬
‫حاكم دبي‬
‫أن كل موقف يمرّ ون به‪ ،‬سوا ٌء كان نجاحًا أم‬ ‫وتعد عقلية النمو شرطًا‬
‫ّ‬ ‫البدنية وغيرها‪.‬‬ ‫وتقدمنا‪ .‬وبالنظر‬
‫ّ‬ ‫الفرص التي تحقق تطورنا‬
‫إخفاقًا‪ ،‬هو فرصة للتع ّلم والتطور على‬ ‫رئيسيًا لتحقيق االستفادة الكاملة من‬ ‫إلى رغبة األشخاص الدائمة في الشعور‬
‫المستويين المهني والشخصي‪.‬‬ ‫ال أساسيًا للنجاح في‬‫طاقاتنا وقدراتنا وعام ً‬ ‫يتحكمون في حياتهم‪ ،‬ينبغي أن‬ ‫ّ‬ ‫بأنهم‬
‫تحقيق الذات‬
‫والمؤسسات الناجحة ُتولي أهمية كبيرة‬ ‫ذلك‪ .‬كما أن التطور الذاتي لألفراد لن‬ ‫نمكنهم ونمنحهم الفرصة ليحققوا هذه‬ ‫ّ‬
‫لترسيخ عقلية النمو لدى موظفيها وتسعى‬ ‫يتحقق إال عندما يؤمنون بأن قدراتهم‬ ‫االستقاللية ويعملوا نحو تحقيق‬
‫جاهدة إلى توظيف أصحاب هذه العقلية‪.‬‬ ‫وإمكاناتهم ليست مقيّدة بالعوامل‬ ‫طموحاتهم‪ .‬ولهذا السبب يصف الخبراء‬
‫ويعود ترسيخ ثقافة النمو والتطور على‬ ‫الوراثية أو الجينية أو الظروف المحيطة‪.‬‬ ‫في مجال علم النفس اإليجابي السعادة‬
‫المؤسسات بأثر فوري وملموس على‬ ‫بأنها "الفرح الذي نشعر به خالل سعينا نحو‬
‫استثماراتها من خالل تسخير األفراد‬ ‫االستفادة من قدراتنا"‪ .1‬بعبارة أخرى‪ ،‬يمكن‬
‫لمهاراتهم ومواهبهم في عملهم‪.3‬‬ ‫القول إن السعادة مزيج من الشعور‬
‫باإليجابية في الوقت الحاضر والشعور‬
‫باإليجابية تجاه المستقبل وما نتطلع إلى‬
‫‪2. World Economic Forum: Growth vs‬‬
‫تحقيقه فيه‪ .‬وال تتجسد السعادة في بلوغ‬
‫‪fixed mindset: which one does your‬‬ ‫هدف ما فحسب‪ ،‬وإنما في رحلتنا نحو بلوغ‬
‫‪company have? – 2016.‬‬ ‫هذا الهدف أيضًا‪.‬‬
‫‪3. Harvard Business Review, Dweck, C.‬‬
‫”‪What Having a “Growth Mindset‬‬
‫‪Actually Means – 2016.‬‬ ‫‪1. Live Happy. The New Definition of Happiness – 2014.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل الســعادة وجودة الحياة فــي بيئة العمل‬
‫‪103‬‬ ‫تحرير القدرات الكامنة‬ ‫‪102‬‬

‫"ديزني وورلد"‬
‫دراسة حالة‬
‫والتميز‬
‫ّ‬ ‫تشجيع اإلنجاز‬
‫تعتمد شركة "ديزني" على أكثر من ‪180‬‬
‫برنامجًا لتقدير الموظفين من بينها‬
‫برنامج جدير بالمالحظة‪ .‬فأحد موظفي الشركة‬
‫يُدعى فريد (‪ ،)Fred‬ويعمل بها منذ زمن طويل‬
‫ومشهور بسمعته الطيبة وأنه أفضل شخص في‬
‫المنظمات التي يتسم‬ ‫التعريف‬

‫‪%20‬‬
‫تجسيد قيم الشركة وأخالقياتها‪ .‬ولهذا السبب‪،‬‬
‫خصصت "والت ديزني" جائزة تقديرية باسم " روح‬ ‫ّ‬ ‫موظفوها بالسعادة تتفوق‬ ‫والسياق‬
‫فريد" تقديرًا له‪ ،‬حيث يقوم فريد سنويًا بتقديم‬
‫قدموا مثا ً‬
‫ال يُحتذى‬ ‫ممن ّ‬‫دروع للفائزين بالجائزة ّ‬ ‫على منافسيها بنسبة‬ ‫إن تقدير اإلنجازات واالحتفاء بها عامل‬ ‫ال شك أن تحقيق اإلنجازات يو ّلد لدينا شعورًا‬
‫أساسي في ترسيخ السعادة وجودة الحياة‬ ‫عظيمًا بالسعادة والرضا من مصادر مختلفة‪،‬‬
‫به في تجسيد قيم الشركة‪.‬‬
‫لدى األفراد وفرق العمل والمؤسسات‪ .‬وقد‬ ‫سوا ٌء أكانت هذه اإلنجازات متعلقة بإنجاز‬
‫الموظفون‬ ‫كشف استطالع رأي ُأجري عام ‪ 2015‬عن‬ ‫مهمة عمل صعبة أو تحقيق هدف منشود‬
‫وجود رابط قوي بين التقدير والرضا‬ ‫في مسيرة التطور الوظيفي أو الحصول على‬
‫السعداء‬ ‫الوظيفي‪ ،‬حيث أشار ‪ 7‬من أصل ‪ 10‬موظفين‬ ‫مؤهل أكاديمي جديد أو إنجاز مشروع جماعي‪.‬‬
‫يميلون إلى‪:‬‬ ‫نالوا التقدير واإلشادة على إنجازاتهم أنهم‬ ‫وتساعد اإلنجازات على تتبّع التطور الشخصي‪،‬‬
‫يشعرون بالرضا عن عملهم‪ .‬كما وجدت‬ ‫وهي ثمرة العمل الدؤوب‪ ،‬وتكرارها يؤدي إلى‬
‫الدراسة أن أي قائد يستطيع أن يعطي‬ ‫تعزيز الشعور بالسعادة‪ .‬ويشير استطالع رأي‬
‫دَ فعة سعادة فورية (بنسبة تصل إلى ‪)%31‬‬ ‫أجرته شركة "‪ "YouGov‬حول "الرضا الوظيفي‬
‫من خالل اإلشادة بعمل الموظفين الذين‬ ‫عام ‪ 2015‬إلى أن ‪ %84‬من المشاركين في‬
‫لم يحصلوا على أي تقدير من رؤسائهم‪.1‬‬ ‫االستطالع يرون أن الشعور باإلنجاز هو العامل‬
‫األهم لشعورهم بالسعادة في العمل‪.‬‬
‫تكريس المزيد من الوقت‬
‫والجهد ألداء مهامهم‬ ‫عما نحققه من إنجازات‬ ‫يتع ّزز الشعور بالرضا ّ‬
‫عندما يصاحبها تقدير من زمالئنا ومدرائنا‬
‫الوظيفية‬ ‫إن تقدير اإلنجازات واالحتفاء بها عامل أساسي‬ ‫في العمل‪ .‬فاإلشادة بالجهود التي يبذلها‬
‫في ترسيخ السعادة وجودة الحياة لدى األفراد وفرق‬ ‫األفراد وبتفانيهم في العمل تع ّزز ثقتهم‬
‫العمل والمؤسسات‬ ‫تؤكد على قدراتهم وأنها‬ ‫بأنفسهم ألنها ّ‬
‫تبني المزيد من اإلبداع‬
‫ّ‬
‫محل تقدير من اآلخرين‪ ،‬وتعزيز الثقة‬
‫بالنفس يؤدي بدوره إلى الشعور باإليجابية‬
‫إيجاد الحلول الفاعلة‬ ‫وهي األساس الذي تقوم عليه السعادة‪.‬‬

‫‪1. Inc.com, Yakowicz, W. Why Employee Recognition Is Even More Important Than You Think – 2015.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل الســعادة وجودة الحياة فــي بيئة العمل‬
‫‪105‬‬ ‫تحرير القدرات الكامنة‬ ‫‪104‬‬

‫لدفع موظفيهم لتحقيق إنجازات كبرى‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫مساحة ألفكاري‬
‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫المنظور‬
‫الفردي‬
‫ربما يعتقد البعض أن مفهوم الحكمة‬ ‫في عصرنا الحالي‪ ،‬يُبدي أصحاب العمل‬
‫تقدير العمل‬
‫التقليدي هو الذي يحقق السعادة‪ ،‬غير أن‬ ‫اهتمامًا متزايدًا بالتطور الشخصي والمهني‬
‫الذي أدى إلى تحقيق اإلنجازات‪.‬‬ ‫الرضا الحقيقي يكمن في السعي نفسه‬ ‫للموظفين والموارد البشرية حيث يتم‬
‫وليس في اإلنجاز المترتب على هذا‬ ‫تشجيعهم دائمًا على تحقيق أهدافهم‬
‫ال محفزًا‬ ‫السعي‪ .‬يعد السعي الدؤوب عام ً‬ ‫الشخصية والمهنية على المدى القريب‬
‫تقدير‬ ‫للسعادة ومن العوامل األخرى لترسيخ‬ ‫والبعيد‪ .‬ويتطلب تحقيق اإلنجازات تقييمًا‬
‫السعادة أيضًا قدرة القادة على تعزيز‬ ‫مستمرًا لرحلة تطورنا والسعي للحصول‬
‫الجهود المبذولة حتى ولو‬ ‫ّ‬
‫الشعور بتقدير الذات لدى الموظفين؛‬ ‫تحقق من نجاح وما‬ ‫على النقد الب ّناء حول ما‬
‫لم تسفر هذه الجهود عن‬ ‫فالقادة الداعمون لموظفيهم يراعون‬ ‫ينبغي تطويره الحقًا‪ .‬وكلما تنوّ عت اآلراء‬
‫ذلك دائمًا أثناء تحفيز الموظفين لتحقيق‬ ‫التي نحصل عليها‪ ،‬استطعنا التوصل إلى‬
‫النتيجة المنشودة‪.‬‬
‫اإلنجازات‪ ،‬سواء بشكل جماعي أو فردي‪،‬‬ ‫تقييم أكثر موضوعية لجهودنا‪ .‬ومن‬
‫ويوفرون آليات دعم لتشجيع التطوير‬ ‫الضروري أال يقتصر سعينا على تحقيق‬
‫الذاتي‪ .‬وكل خطوةٍ يتم اتخاذها نحو بلوغ‬ ‫إنجازاتنا فحسب‪ ،‬بل ينبغي علينا تشجيع‬
‫الغاية الكبرى هي إنجاز في حد ذاته‬ ‫ودعم اآلخرين لتحقيق إنجازاتهم واإلشادة‬
‫وينبغي االحتفاء به‪.‬‬ ‫بما يحققونه من نجاح‪ .‬وهذه الممارسات‬
‫تترسخ في ثقافة العمل تدريجيًا‪ ،‬إذ يميل‬
‫عندما يحقق الموظفون إنجازات كبرى‪،‬‬ ‫األفراد إلى محاكاة السلوك اإليجابي‬
‫ينبغي أال يقتصر تقدير المؤسسة على تلك‬ ‫ثم نشره على مستوى‬ ‫لزمالئهم ومن ّ‬
‫اإلنجازات فقط وإنما تقدير وتكريم‬ ‫المؤسسة ككل‪.‬‬
‫الجهود التي بُذلت في سبيل تحقيق تلك‬
‫اإلنجازات‪ .‬وهناك الكثير من المؤسسات‬
‫التي تحتفي بالموظفين حتى في حالة‬
‫عدم بلوغ الغاية المنشودة‪ ،‬وذلك من‬
‫منطلق التركيز على الجهد الذي بذله‬
‫الموظف‪ ،‬والمخاطرة التي أخذها على‬
‫عاتقه‪ ،‬والدروس المستفادة من التجربة‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل الســعادة وجودة الحياة فــي بيئة العمل‬
‫‪107‬‬ ‫تحرير القدرات الكامنة‬ ‫‪106‬‬

‫عندما نرى فرصًا حقيقية للتطور‪،‬‬


‫يتو ّلد لدينا حافز قوي للتفاعل والمشاركة والشعور‬
‫التطور الشخصي والمهني‬
‫ّ‬ ‫دعم‬
‫بالرضا في بيئة العمل‬

‫المنظور‬ ‫التعريف‬
‫الفردي‬ ‫والسياق‬
‫ويُمكن لألفراد أيضًا البحث عن الفرص التي‬ ‫الموظفون الذين لديهم رؤية واضحة‬ ‫وأحد أهم مقوّ مات التطوّ ر الشخصي‬ ‫عند الحديث عن تحرير طاقات األفراد‬
‫تمكنهم من إثبات قدراتهم القيادية أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والترقي إلى مناصب‬ ‫بشأن المسار الوظيفي‬ ‫ُقدم في‬‫والمهني هو النقد الب ّناء الذي ي ّ‬ ‫وإمكاناتهم واالستفادة منها على أفضل‬
‫تحمل المسؤولية خارج نطاق العمل الذي‬ ‫ّ‬ ‫أعلى داخل المؤسسة يكونون أكثر إيجابية‬ ‫الوقت المناسب‪ ،‬حيث لن يستطيع األفراد‬ ‫وجه في بيئة العمل‪ ،‬فإن أول ما يتبادر إلى‬
‫اعتادوا القيام به‪ .‬فهذه خطوات رئيسية‬ ‫وإنتاجية‪ ،‬لكن ينبغي أن تكون هذه الرغبة‬ ‫تحقيق أي نجاح ما لم يكن لديهم تقييم‬ ‫أذهاننا هو التطوّ ر الشخصي والمهني‪.‬‬
‫نحو التطور في الحياة المهنية في جميع‬ ‫في التطور والتقدم نابعة من داخلهم ال‬ ‫واضح حول نقاط قوتهم وضعفهم‪.‬‬ ‫ويرتبط ذلك بإمكانية رؤيتهم لمسار‬
‫األوقات‪ ،‬واكتساب معرفة ومهارات جديدة‪.‬‬ ‫أن ُتم َلى عليهم‪ .‬فاألفراد هم من يقرّ رون‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬تختلف طبيعة ووتيرة‬ ‫وظيفي واضح يمكنهم المضي فيه قدمًا‬
‫ومع زيادة المهارات والخبرات‪ ،‬يصبح هؤالء‬ ‫االستفادة من الفرص التي تتاح لهم وهم‬ ‫التقييمات التي ُتعطى لألشخاص باختالف‬ ‫داخل المؤسسة‪ ،‬وحصولهم على فرص‬
‫ّ‬
‫المرشحون الجديرون بتو ّلي‬ ‫األفراد هم‬ ‫من يبحثون عن سبل جديدة لتطوير‬ ‫خلفياتهم‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬ذكرت‬ ‫تمكنهم من استغالل مهاراتهم‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫والترقي داخل‬ ‫المناصب القيادية‬ ‫أنفسهم‪ .‬كما أن الموظفين الذين يرغبون‬ ‫إحدى الدراسات أن ‪ %42‬من جيل األلفية‬ ‫وخبراتهم الحالية أو اكتساب مهارات‬
‫المؤسسة‪ ،‬نظرًا لما يُظهرونه من أداء‬ ‫في التطوّ ر على المستوى الشخصي‬ ‫يفضلون الحصول على تقييمات ألدائهم‬ ‫ّ‬ ‫وخبرات جديدة سواء من خالل العمل أو‬
‫متميز أمام رؤسائهم‪.‬‬ ‫والمهني لتحديد مصيرهم وقدرهم‬ ‫بصفة أسبوعية – أي أكثر من ضعف هذه‬ ‫التعليم الرسمي‪ .‬والتطوّ ر المهني هو‬
‫يأخذون زمام المسؤولية ويطلبون‬ ‫النسبة لدى أي جيل آخر ‪.1‬‬ ‫الطريق الواضح والمباشر لتحرير طاقاتنا‬
‫المساعدة من المؤسسة التي يعملون بها‪،‬‬ ‫وإمكاناتنا‪ .‬فعندما نرى فرصًا حقيقية‬
‫وهو ما يتطلب وضع خطة تطور عمليّة‬ ‫للتطور‪ ،‬يتو ّلد لدينا حافز قوي للتفاعل‬
‫ال عن متابعة وتقييم‬ ‫ويمكن تحقيقها فض ً‬ ‫والمشاركة والشعور بالرضا في بيئة العمل‪.‬‬
‫تنفيذ هذه الخطة‪.‬‬ ‫أما التطور الشخصي فيدور حول المهارات‬
‫الفعال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الشخصية مثل مهارات التواصل‬
‫والتعاون مع اآلخرين‪ ،‬والمهارات القيادية‬
‫وغيرها من المهارات المفيدة داخل وخارج‬
‫بيئة العمل‪.‬‬

‫– ‪1. Tracy Benson: Motivating Millennials Takes More than Flexible Work Policies‬‬
‫‪Harvard Business Review, 2016.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل الســعادة وجودة الحياة فــي بيئة العمل‬
‫‪109‬‬ ‫تحرير القدرات الكامنة‬ ‫‪108‬‬

‫لدعم التطور المهني والشخصي لموظفيهم‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫مساحة ألفكاري‬ ‫"جولدمان ساكس"‬
‫دراسة حالة‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫في السنوات األخيرة‪ ،‬بدأت مؤسسة‬ ‫تضطلع المؤسسات بدور محوري في‬
‫توفير األدوات‬
‫الخدمات المالية متعددة الجنسيات‬ ‫تيسير عملية التطوّ ر المهني لموظفيها‪،‬‬
‫والفرص المناسبة‪ ،‬نظرية‬ ‫"جولدمان ساكس" تكثيف استثماراتها في‬ ‫حدد مسارات التطور الوظيفي‪،‬‬ ‫فهي التي ُت ّ‬
‫برامج التطوّ ر المهني لموظفيها‪ ،‬مع التركيز‬ ‫بما في ذلك تحديد خطوات ومتطلبات‬
‫كانت أو عملية‪ ،‬لضمان‬
‫بشكل خاص على الموظفين الذي لديهم قدر‬ ‫هذا التطور‪ .‬وتبدأ هذه العملية بالتواصل‬
‫التعلم والتطور المستمر‬ ‫محدود من الخبرات‪ .‬استعانت المؤسسة ببرنامج‬ ‫المستمر الواضح من جانب القادة من خالل‬
‫مصمم خصيصًا لخريجي الجامعات‬ ‫ّ‬ ‫تدريبي‬ ‫تحديد اإلنجازات التي ينبغي تحقيقها‬
‫للموظفين‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الجدد‪ ،‬باإلضافة إلى برنامج آخر للحاصلين حديثًا‬ ‫للترقي الوظيفي داخل المؤسسة‪ .‬ويمكن‬
‫ً‬
‫عالوة‬ ‫على درجة الماجستير في إدارة األعمال‪.‬‬ ‫للقادة أيضًا توفير األدوات التي تساعد‬
‫على ذلك‪ ،‬يمكن لجميع الموظفين االلتحاق‬ ‫الموظفين في ذلك مثل العمل على‬
‫تحديد مسار واضح‬
‫منصة‬
‫ّ‬ ‫بجامعة "جولدمان ساكس"‪ ،‬وهي‬ ‫مشاريع كبرى وهادفة‪ ،‬وتوفير فرص‬
‫ّ‬
‫للترقي الوظيفي وتوجيه‬ ‫للتعليم المستمر لدى المؤسسة‪ .‬وقد أسفرت‬ ‫للتعلم الرسمي‪ ،‬وتقديم التقييمات الب ّناءة‪.‬‬
‫هذه الجهود عن تصنيف المؤسسة كواحدة‬ ‫ويجب مكافأة وتقدير الموظفين الذين‬
‫الموظفين حول كيفية‬
‫من أفضل الشركات في مجال التطور المهني‬ ‫يحققون التوقعات المطلوبة منهم من‬
‫التقدم من مرحلة إلى أخرى‬ ‫من قبل شركات رائدة في مجال التوظيف مثل‬ ‫خالل إتاحة الفرصة لهم للتقدم الوظيفي‪،‬‬
‫"لينكد إن" و"جالس دور"‪.‬‬ ‫وحينئذ تزداد ثقتهم بالمؤسسة ويكافئون‬ ‫ٍ‬
‫ضمن هذا المسار‪.‬‬
‫تلك الجهود بمزيد من التفاني والوالء‬
‫وبأفضل أداء ممكن‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل الســعادة وجودة الحياة فــي بيئة العمل‬
‫‪111‬‬ ‫تحرير القدرات الكامنة‬ ‫‪110‬‬

‫"تويوتا موتورز"‬
‫دراسة حالة‬
‫دعم مفهوم التمكين‬
‫ُتسنِد "تويوتا" مسؤولية تحديد مشاكل‬
‫العمال لديها‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬ ‫اإلنتاج وح ّلها إلى‬
‫تشجعهم على حل أسباب المشكلة انطالقًا من‬ ‫ّ‬
‫إيمانها بأنهم األفضل واألكثر قدرة على القيام‬
‫بذلك‪ .‬كما تجري الشركة استبيانًا ال يتضمن‬
‫اإلفصاح عن هوية المشاركين كل عامين‪ ،‬وقد‬ ‫المنظور‬ ‫التعريف‬
‫أثبت آخر استبيان وصول رضا الموظفين على‬ ‫الفردي‬ ‫والسياق‬
‫كافة المستويات إلى أعلى مستوياتها بما يعادل‬
‫يعتمد الشعور بالتمكين في العمل إلى‬ ‫يُقصد بتمكين األفراد توفير األدوات والفرص‬
‫نحو ‪.%70‬‬
‫حد كبير على مقدار المسؤولية التي يشعر‬ ‫ّ‬ ‫والسياق الذي من خالله يساعدهم في‬
‫تحملها‪ .‬وبينما‬
‫ّ‬ ‫األفراد بأنهم قادرون على‬ ‫تو ّلي زمام المسؤولية في حياتهم‬
‫تضطلع المؤسسة بدور محوري في إتاحة‬ ‫المهنية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يجب أن يكون‬
‫هذه الحرية لألفراد وإسناد المسؤوليات‬ ‫األفراد قادرين على التعبير بثقة عن آرائهم‬
‫لهم‪ ،‬ينبغي على األفراد أخذ زمام المبادرة‬ ‫حول المسار الذي تتحرك فيه مؤسساتهم‬
‫من خالل التعبير عن آرائهم واحتياجاتهم‪.‬‬ ‫وأن تكون لديهم رؤية واضحة لدورهم في‬
‫وحصول الموظفين على أي قدر ولو ضئيل‬ ‫وتتضمن عملية التمكين تبادل‬‫ّ‬ ‫هذا المسار‪.‬‬
‫من الحرية في عملهم قد يكون له تأثير‬ ‫المعلومات‪ ،‬وإتاحة الموارد واألدوات التي‬
‫كبير على سعادتهم في بيئة العمل‪ .‬كما‬ ‫تسهل على الموظفين العمل وفقًا للتوجه‬ ‫ّ‬
‫يمكن للموظفين اكتشاف أوجه القصور‬ ‫المحدد من جانب قيادة‬
‫ّ‬ ‫االستراتيجي‬
‫في العمل وتطوير أنظمة العمل من خالل‬ ‫المؤسسة‪ .‬وعندما يشعر الموظفون بأنهم‬
‫الفعال وطرح األفكار حول الحلول‬ ‫ّ‬ ‫التعاون‬ ‫قادرون على اتخاذ قراراتهم الخاصة وأخذ‬
‫ويعد بناء الثقة لدى األفراد‬
‫ّ‬ ‫الممكنة‪.‬‬ ‫زمام المبادرة في عملهم‪ ،‬فإنهم يبذلون‬
‫للتعبير عن آرائهم واحتياجاتهم‬ ‫قصارى جهدهم في العمل‪ ،‬وهو ما يؤدي‬
‫وتفضيالتهم هو الخطوة األولى نحو‬ ‫في نهاية المطاف إلى تعزيز ثقتهم‬
‫تمكينهم وتو ّليهم زمام المسؤولية‪.‬‬ ‫بقدرتهم على المساهمة في تحقيق رؤية‬
‫وتوجهها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المؤسسة‬

‫عندما يشعر الموظفون بأنهم قادرون‬


‫على اتخاذ قراراتهم الخاصة وأخذ زمام المبادرة في عملهم‪،‬‬
‫فإنهم يبذلون قصارى جهدهم في العمل‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل الســعادة وجودة الحياة فــي بيئة العمل‬
‫‪113‬‬ ‫تحرير القدرات الكامنة‬ ‫‪112‬‬

‫لدعم تمكين الموظفين داخل المؤسسة‪،‬‬


‫يمكن للقادة‪:‬‬ ‫المنظور‬
‫المؤسسي‬
‫يتمتع القادة بالقوة والسلطة التي‬ ‫ويأتي التواصل المتبادل بين القيادة‬ ‫الفعال هو األداة الرئيسية التي‬
‫ّ‬ ‫التواصل‬
‫التحلي بالشفافية‬
‫تمنحهم حق التأثير في تشكيل بيئة‬ ‫والموظفين على نفس الدرجة من األهمية‪،‬‬ ‫يمكن من خاللها تمكين الموظفين في‬
‫عبر التواصل المتبادل‬ ‫العمل‪ .‬إن ثقافة التمكين تشعر كل فرد أن‬ ‫حيث يمكن للقادة والمدراء على كافة‬ ‫أي مؤسسة‪ ،‬والقادة الذين يحرصون على‬
‫القادة يهتمون برفاههم و نموهم و هذا‬ ‫المستويات منح الموظفين الفرصة للتعبير‬ ‫إطالع موظفيهم بصورة واضحة‬
‫والفعال والمنتظم‪.‬‬
‫بدوره يشعر الموظفين بالتقدير وبمدى‬ ‫عن آرائهم وأفكارهم واالستماع جيدًا‬ ‫ومنتظمة على أحدث التطورات بالمؤسسة‬
‫أهميتهم في المؤسسة‪.‬‬ ‫إليها‪ .‬ويساهم هذا النوع من التواصل في‬ ‫يساهمون في فهم الموظفين ألدوارهم‬
‫ترسيخ ثقافة التعبير الحرّ والب ّناء‪ ،‬ويمكن‬ ‫يتحملونها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وأهمية المسؤولية التي‬
‫اإلنصات‬
‫تحقيقه عبر آليات تتيح للموظفين التعبير‬ ‫ويساهم ذلك أيضًا في مساعدة‬
‫ّ‬
‫الموظفين وتمكينهم‬ ‫إلى‬ ‫عن آرائهم وتقديم اقتراحاتهم بصورة‬ ‫الموظفين على تحديد نهج واضح‬
‫منتظمة فيما يخص جميع جوانب العمل‪.‬‬ ‫ومدروس بشأن تطوّ رهم والعمل على‬
‫للتعبير عن آرائهم‬
‫كما يمكن أن تتخذ تلك اآلليات عدة‬ ‫تحقيق أقصى استفادة من قدراتهم‪ .‬كما‬
‫وأفكارهم‪.‬‬ ‫أشكال‪ ،‬بما في ذلك االستبيانات‬ ‫أن شعور الموظفين بأنهم يمسكون‬
‫والمجموعات النقاشية والمنتديات‬ ‫بزمام المسؤولية شرط أساسي لترسيخ‬
‫اإللكترونية واالجتماعات على مستوى‬ ‫السعادة واإليجابية‪.‬‬
‫تنظيم مجموعات نقاش‬ ‫إضافة إلى النقاشات على‬‫ً‬ ‫المؤسسة‪،‬‬
‫مستوى األفراد أو فرق العمل‪.‬‬
‫واستطالعات رأي ولقاءات‬
‫مفتوحة مع الموظفين‬
‫لسماع آرائهم وتلقي‬
‫اقتراحاتهم حول مختلف‬
‫جوانب العمل‪.‬‬
‫إن ثقافة التمكين تشعر كل فرد‬
‫أن القادة يهتمون برفاههم‬
‫و نموهم و هذا بدوره يشعر الموظفين بالتقدير‬
‫وبمدى أهميتهم في المؤسسة‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل الســعادة وجودة الحياة فــي بيئة العمل‬
‫‪115‬‬ ‫تحرير القدرات الكامنة‬ ‫‪114‬‬

‫تقدير‬
‫اإلنجازات والجهود الدؤوبة واالحتفاء بها‬

‫االستثمار‬
‫ّ‬

‫‪5‬‬
‫البناء وإتاحة‬ ‫في تطوير الموظفين من خالل النقد‬
‫ّ‬
‫التعلم والتطور‬ ‫فرص‬

‫وتحمل المسؤولية‬
‫ّ‬
‫تمكين‬
‫األشخاص لألخذ بزمام المبادرة‬
‫الخطوات الـ‬
‫لتحرير الطاقات الكامنة‬

‫تحديد‬
‫للتقدم الوظيفي داخل المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫مسار واضح‬

‫التواصل‬
‫المؤسسي‬
‫ّ‬ ‫التطور‬
‫ّ‬ ‫بصورة دورية مع الموظفين حول‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل الســعادة وجودة الحياة فــي بيئة العمل‬
‫‪117‬‬ ‫مسيرتنا المتواصلة‬ ‫‪116‬‬

‫مسيرتنا‬
‫المتواصلة‬
‫التطلع نحو المستقبل‬ ‫‪ 118‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫‪119‬‬ ‫مسيرتنا المتواصلة‬ ‫‪118‬‬

‫التطلع نحو المستقبل‬

‫تتطلع دولة اإلمارات العربية المتحدة إلى‬ ‫أشرنا في هذا الدليل إلى الخطوط العريضة‬ ‫تقوم بيئة العمل السعيدة على الجهود‬ ‫إن تحقيق السعادة وجودة الحياة غاية‬ ‫إننا نؤمن بأهمية السعي‬
‫المستقبل وتضع نصب عينيها السعادة‬ ‫للمحاور الرئيسية األربعة التي يستند إليها‬ ‫المشتركة لألفراد اإليجابيين والمؤسسات‬ ‫عليا ينبغي أن نسعى جميعًا إلى تحقيقها‬
‫وجودة الحياة كغاية عليا لجميع‬ ‫ترسيخ السعادة وجودة الحياة في بيئة‬ ‫اإليجابية‪ .‬فالشخص اإليجابي يسعى نحو‬ ‫على المستوى الفردي والمؤسسي‬
‫لتحقيق السعادة وجودة‬
‫المقيمين على أرضها‪ .‬وقد شهدنا بالفعل‬ ‫العمل‪ ،‬مع التطرق إلى مجاالت تركيز‬ ‫تحقيق السعادة الشخصية ويُولي اهتمامًا‬ ‫نركز في هذا الدليل على‬ ‫والوطني‪ .‬وبينما ّ‬ ‫الحياة على أساس يومي‬
‫نجاحًا في هذه الجهود مع إطالق العديد‬ ‫محددة ضمن كل محور من هذه المحاور‪.‬‬ ‫لسعادة اآلخرين‪ .‬أما المؤسسة اإليجابية‬ ‫ترسيخ هذين المفهومين في بيئة العمل‬
‫من المبادرات التي أدخلت تغييرًا على‬ ‫ويستعرض كل مجال من هذه المجاالت‬ ‫فتمكن هؤالء األشخاص من تحقيق‬ ‫ّ‬ ‫بهدف تفعيل مشاركة الموظفين وزيادة‬
‫مع اإلقبال على العمل كل‬
‫كيفية أداء المؤسسات لمهامها‬ ‫منظورًا فرديًا وآخر مؤسسيًا‪ ،‬وعندما تتم‬ ‫السعادة وجودة الحياة من خالل رفع‬ ‫إنتاجيتهم ووالئهم تجاه العمل‪ ،‬من‬ ‫يوم بإيجابية وعقل منفتح‬
‫وخدمتها للمتعاملين‪ .‬والخطوة التالية‬ ‫المالءمة بين المنظورين سوف يتجسد هذا‬ ‫مستويات الوعي‪ ،‬وتوفير األدوات الالزمة‬ ‫المهم أيضًا أن نتذكر أن تحقيق السعادة‬
‫التي يهدف هذا الدليل إلى تحقيقها هي‬ ‫المجال بنجاح في بيئة العمل‪ .‬ورغم تناول‬ ‫لذلك‪ ،‬وترسيخ ثقافة تضمن نجاح هذه‬ ‫وجودة الحياة هي غاية في حد ذاتها‪ ،‬وأن‬
‫ورغبة حقيقية في العمل‬
‫توسيع نطاق تلك الجهود لتشمل بيئة‬ ‫كل محور ومجال تركيز على حدة‪ ،‬ال بد أن‬ ‫الجهود‪ .‬ورغم اختالف النهج الذي قد‬ ‫إدراك تلك الغاية يتطلب جهدًا ومشاركة‬
‫العمل والتركيز بوجه خاص على ترسيخ‬ ‫نشير إلى أن جميع هذه المحاور ومجاالت‬ ‫ي ّتبعه الطرفان لتحقيق هذه الغاية‪ ،‬فإنه‬ ‫من جميع األطراف المعنية‪ .‬ولذا فإننا‬
‫السعادة وجودة الحياة فيها بما يضمن‬ ‫ّ‬
‫وتعزز‬ ‫التركيز مرتبطة ببعضها البعض‬ ‫ينبغي عليهما العمل معًا لضمان المضي‬ ‫نؤمن بأهمية السعي لتحقيقهما على‬
‫المضي بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية دولة‬ ‫ُ‬ ‫بعضها البعض لتكوّ ن إطار عمل متكامل‪.‬‬ ‫قدمًا نحو إدراك غايتهما ونشر السعادة‬ ‫أساس يومي مع اإلقبال على العمل كل‬
‫اإلمارات العربية المتحدة كإحدى الدول‬ ‫ص ّمم هذا‬ ‫وجودة الحياة في بيئة العمل‪ُ .‬‬ ‫يوم بإيجابية وعقل منفتح ورغبة حقيقية‬
‫ً‬
‫سعادة في العالم‪.‬‬ ‫األكثر‬ ‫جدي ٌر بالذكر أيضًا أن مجال علم النفس‬ ‫الدليل ليكون مرجعًا للجهات الحكومية‬ ‫في العمل‪.‬‬
‫اإليجابي وعلوم السعادة وجودة الحياة هي‬ ‫لمساعدتها في فهم مسؤولياتها بشكل‬
‫من المجاالت اآلخذة في التطور وطرح أفكار‬ ‫أفضل في هذا الصدد‪ ،‬وتمكينها من‬
‫جديدة كل يوم‪ .‬ويرتكز إطار العمل المطروح‬ ‫تحديد اآلليات المناسبة على المستويين‬
‫في هذا الدليل إلى حدٍّ كبير على النظريات‬ ‫الفردي والمؤسسي لترسيخ السعادة‬
‫األكاديمية لهذا المجال وأيضًا على الدراسات‬ ‫وجودة الحياة في بيئة العمل‪.‬‬
‫واألبحاث التي أجرتها شركات خاصة‬
‫ومؤسسات غير حكومية‪ ،‬باإلضافة إلى خبرات‬
‫كبار القادة التنفيذيين وقادة الفكر‪ .‬وهكذا‬
‫يتسم هذا الدليل بالمرونة وإمكانية تعديله‬
‫ومراجعته بصورة مستمرة ليظل مواكبًا‬
‫ألحدث الدراسات وأفضل الممارسات في هذا‬
‫المجال وليظل مالئمًا أيضًا الحتياجات الجهات‬
‫الحكومية والموظفين على حدٍّ سواء‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للسعادة واإليجابية‬ ‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬
‫مسيرتنا المتواصلة‬ ‫‪120‬‬

‫إطار عمل السعادة وجودة الحياة‬


‫رؤيتنا أن تكون دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫من بين الدول األكثر سعادة في العالم‬

‫وإيجابيون‬
‫ّ‬ ‫أشخاص سعداء‬

‫مؤسسة سعيدة وإيجابية‬

‫المحاور الرئيسية‬
‫تحقيق اإلمكانات‬ ‫توطيد العالقات‬ ‫الصحة‬
‫ّ‬ ‫تعزيز‬ ‫ترسيخ الغاية‬

‫عوامل التمكين المؤسسية‬

‫ممارسات‬ ‫برامج‬ ‫سياسات‬

‫المخرجات‬

‫موظفون سعداء منتجون‬ ‫ّ‬


‫مؤسسة سعيدة وإيجابية‬
‫لديهم انتماء ووالء للمؤسسة‬

‫متعامل سعيد‬ ‫مجتمع سعيد‬

‫دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل‬

You might also like