Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 49

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة باتنة ‪ -1-‬لحاج لخضر‬

‫كلية‪ :‬اآلداب واللغات والفنون‬

‫قسم‪ ،‬أدب عربـــــــــــــــــــــــــــــــــــي‬

‫تخصص‪ :‬دراسات أدبيـــــــــــــــة‬

‫مذكرة تخرج لنيل شهادة ليسانس الموسومة بــ‪:‬‬

‫الصورة الشعرية في المذاهب األدبية‬


‫"محمود درويش" أنموذجا‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬

‫مبارك باشا‬ ‫‪ ‬قريشي حنــــــــــــــــــــان‬


‫‪ ‬جمعي زغالش نائلة‬

‫السنــــة الجامعيــــة‬

‫‪9191-9112‬‬
‫اللهم انى أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل من يقربني الى حبك‬
‫اللهم انى أسألك خير المسألة النجاح وخير الثواب‪ .‬اللهم ال تدعني أصاب‬
‫بالغرور إذا نجحت وال باليأس إذا فشلت وذكرني دائما بأن الفشل هو‬
‫الخطوة التي تسبق النجاح‪.‬‬

‫اللهم علمني بأن التسامح هو أكبر رتب القوة وأن حب االنتق ام هو أول‬
‫مظهر الضعف يا رب إذا جردتني من نعمة االيمان وجردتني من نعمة‬
‫المال اترك لي األمل وإذا أسأت الى الناس أعطني شجاعة االعتذار وإذا‬
‫أساء الناس لي أعطني مقدرة العفو‪.‬‬

‫استعنت باهلل وفوضت امري الى اهلل وأشهد أال إله اال اهلل العظيم الواحد‬
‫الصمد ‚ العزيز الحكيم وأشهد أن محمد عبده ورسوله وحبيبه وخليله ‚‬
‫أفضل المخلوقين وأكرم السابقين والالحقين صلوات اهلل عليه وعلى سائر‬
‫النبيين‪.‬‬
‫شكر وعرفان‬
‫احلمد هلل الذي نستغفره ونستعينه هو ولينا وموالنا ‚احلمد هلل الذي هدانا ووفقنا اىل‬

‫ما كنا نصبة اليه ‚ نتوجه جبزيل الشكر هلل عز وجل الذي منحنا القدرة على اجناز هذا العمل‬

‫املتواضع وما كنا لنوفق لواله ‚ وعرفانا جبميل الفضل نتوجه جبزيل الشكر وفائق التقدير وأمسى‬

‫معاين العرفان لألستاذ املشرف ‪″‬مبارك باشا‪ ″‬على صربه وجهوده ونصائحه الصائبة اليت‬

‫قدمها لنا‪.‬‬
‫مدخل‬
‫نبذة عن حياة محمود درويش‪:‬‬
‫محمود درويش أحد أهم شعراء فلسطين واللغة العربية الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن‪.‬‬
‫يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث ٕوادخال الرمزية فيه‪ ،‬في شعر درويش‬
‫يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة األنثى وقام بكتابة وثيقة إعالن االستقالل الفلسطيني التي تم إعالنها في‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫حياته ‪:‬ولد في ‪ 1941‬بقرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في جليل قرب الساحل عكا ‪.‬حيث كانت‬
‫أسرته تملك أرضا هناك خرجت األسرة برفقة الالجئين الفلسطينيين في عام ‪ 1947‬إلى لبنان ثم عادت‬
‫متسللة عابعد توقيع اتفاقية السالم المؤقتة‪ ،‬لتجد القرية المهدومة وقد أوقيم على أراضيها موشاف قرية‬
‫‪1‬‬
‫زراعية اسرائلية ‪.‬‬
‫بعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفر ياسين انتسب إلى حزب الشيوعي اإلسرائيلي‬
‫وعمل في صحافة الحزب مثل اإلتحاد والجديد التي أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها‪ ،‬كما اشترك في‬
‫اإلسرئيلية‪ ...‬بدأ من عام ‪1961‬‬
‫ا‬ ‫تحرير جريدة الفجر التي كان يصدرها مبام ٕواعتقل من قبل السلطات‬
‫بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام ‪ 1972‬حيث توجه إلى اإلتحاد السوفياتي لدراسة‬
‫ٕوانتقل بعدها الجئا إلى القاهرة في نفس الفترة حيث إلتحق بمنظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬ثم لبنان حيث عمل‬
‫في مؤسسات النشر التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬علما أن استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة‬
‫التحرير إجتحاحا على اتفاقية أوسلو كما أسس مجلة الكرمل الثقافية‪ .‬شغل منصب رئيس رابطة الكتاب‬
‫والصحفيين الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل كانت إقامته في باريس قبل ع ودته إلى وطنه حيث أنه دخل‬
‫إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه‪ ،‬وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكلييست اإلس ا رئيلي‬
‫العرب واليهود اقت ا رحا بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك‪ ،‬ساهم في إطالقه واكتشافه الشاعر‬
‫والفيلسوف اللبناني روبير‪ ،‬عندما بدأ هذا األخير ينشر قصائد لمحمود درويش على صفحات الملحق‬
‫الثقافي لجريدة األنوار والتي كان يترأس تحريرها‪.‬‬
‫شعره ‪ :‬بدأ كتابة الشعر في جيل مبكر وقد القى تشجيعا من بعض معلميه عام ‪ ، 1958‬في يوم‬
‫اإلستقالل العاشر إلسرائيل ألقى قصيدة بعنوان "أخي العبري " في إحتفال أقامته مدرسته ‪.‬كانت القصيدة‬
‫مقارنة بين ظروف حياة األطفال العرب مقابل اليهود‪ ،‬أستدعي على إثرها إلى مكتب الحاكم العسكري الذي‬
‫قام بتوبيخه وهدده بفصل أبيه من العمل في المحجر إذا استمر بتأليف أشعار شبيهة‪.‬‬

‫‪ 1‬فھد ناصر عاشور‪ ،‬التكرار في شعر –محمود درويش‪ ،‬دار الفارس للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ 4002. 1‬ص‪11‬‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫تعد الصورة الشعرية من أبرز القضايا التي عالجها األدب‪ ،‬وقد سالت أقالم الكثير من النقاد والباحثين من‬
‫أجل الوصول إلى مفهوم شامل لها ورغم تعدد الد ا رسات حولها‪ ،‬فإن تحديد مفهوم واحد ودقيق لها أمر‬
‫صعب ومهما يكن من أمر فقد تعددت الد ا رسات وتناولت الشعر العربي بشقيه القديم والحديث خاصة‬
‫بعد تبلور المفهوم في أذهان الدراسيين‪ ،‬هذا التبلور الذي نظر إلى الصورة على أنها أساس المركزية‬
‫والمحورية في التعامل النقدي للشاعر‪.‬‬
‫وقد اتسعت الصورة الشعرية وتنوعت من النقد القديم إلى النقد الحديث مما أدى إلى تعدد المذاهب والمدارس‬
‫األدبية والنقدية‪ ،‬التي أولت الصورة الشعرية مكانة هامة في اإلبداع األدبي فجعلتها مركزه األساسي‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس ارتأينا أن نطرح إشكالية بحثنا هذا كما يلي‪:‬‬
‫ما هي الصورة الشعرية عموما ؟ وما أنواعها ؟ ما هي العالقة القائمة بين الصورة الشعرية و المذاهب‬
‫األدبية ؟‬
‫وقد حاولنا اإلجابة عن هذه األسئلة باعتمادنا على منهج الوصف التحليلي حيث قسمنا بحثنا إلى مدخل‬
‫وثالثة فصول وخاتمة ألهم المصادر والمراجع‪.‬‬
‫وقد تناول المدخل الصورة الشعرية لغة واصطالحا ومدى أهميتها أما الفصل األول عالج مفهوم الصورة‬
‫الشعرية قديما وحديث وأنواعها المختلفة ودالالتها وأنماطها‪ ،‬وفي الفصل الثاني وقفنا عند المذاهب األدبية‬
‫مفهومها وأنواعها ثم الصورة الشعرية في المذاهب األدبية‪.‬‬
‫أما الفصل الثالث عرض الصورة الشعرية في عقيدة األرض لمحمود درويش‪ ،‬بعد كل هذا تأتي الخاتمة‬
‫لسرد أهم النتائج التي توصل إليها البحث في خطوط واضحة تدور حول الموضوع األم والصورة الشعرية‬
‫وانطالقا مما سبق سنجد مجموعة من الدوافع الذاتية والموضوعية التي وقفت و ا رء اختيارنا لهذا الموضوع‬
‫دون غير‪ .....‬بالموضوع الصورة الشعرية في المذاهب األدبية األرض لمحمود درويش أنموذجا أما الدوافع‬
‫الذاتية فتمثلت في‪:‬‬
‫‪ ‬الميل الخاص إلى الد رسات األدبية العربية الحديثة المعاصرة‪.‬‬
‫‪ ‬الحب الكبير ألدب المقاومة الذي يعد من بين األنواع تجددا في التاريخ‪.‬‬
‫‪ ‬الشغف بأشعار محمود درويش الذي يعد من فحول الشعر العربي الحديث والمعاصر ‪.‬‬
‫‪ ‬أما الدوافع الموضوعية فتمثلت فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬جدية الموضوع و إستحقاقه للبذل والعطاء إذا أن الخوض فيه سينير جانبا مهما وهو الصورة‬
‫الشعرية و يكشف عن بعض أسرارها بصفتها ركيزة أساسية من ركائز العمل األدبي‪.‬‬
‫‪ ‬غنى وثراء شعر محمود درويش بالتصوير‪.‬‬
‫‪ ‬صالحية دراسة الصورة الشعرية التي تعد معيار لقياس شاعرية المبدع فهي من أهم وسائط الشاعر‬
‫في نقل تجربته و التعبير عن واقعه‪.‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫وأما عن الصعوبات التي واجهتنا في هذا البحث‪...‬الوقت إذا لم يكن لدينا الوقت الكافي للبحث وكثرة‬
‫المعلومات‪.‬‬
‫وقد إعتمدنا في بحثنا على مجموعة من المصادر والم ا رجع أهمهاالصورة الشعرية عند خليل الحاوي‬
‫لهدية جمعة البيطار‪ ،‬والصورة الشعرية في النقد العربي الحديث بشرى موسى صالح‪ ،‬المذاهب األدبية‬
‫والنقدية عند العرب والغربيين شكري محمد عيا‪.‬‬
‫كما أن البحث إستفاد من بعض المقاالت المنشورة في المجاالت والتي تعرضت لموضوع الصورة الشعرية‬
‫وهناك مجموعة أخرى من الم ا رجع التي إعتمد عليها البحث سيتم تقييدها في قائمة المصادر والمراجع‪.‬‬
‫وأخي ار نحمد اهلل سبحانه وتعالى الذي منحنا اإل ا ردة والصبر إلنجاز هذا البحث كما نتقدم ببالغ الشكر‬
‫والعرفان إلى األستاذة المشرفة مسلم خيرة لما أبدته لنا من نصائح مفيدة ومالحظات تقييميه أثارت لنا‬
‫طريق البحث كما نتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساعدنا من قريب أو بعيد ماديا أو معنويا في إنجاز هذا‬
‫البحث‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫الفصل األول‪:‬‬
‫الصورة الشعرية‬

‫تعريف الصورة الشعرية‬ ‫‪.1‬‬


‫أنواع الصورة الشعرية ودالالهتا‬ ‫‪.2‬‬
‫منابع الصورة الشعرية وامناطها‬ ‫‪.3‬‬
‫الصورة الشعرية يف النقد العريب القدمي واحلديث‬ ‫‪.4‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫‪-1‬تعريف الصورة الشعرية‪ :‬لقد إختلف كثير من النقاد في تحديد مفهوم الصورة وتعددت اآلارء النقدية‬
‫فيها‪ ،‬فمنهم من يربط بين مصطلح الصورة وشكلها كمفهوم علي البطل في قوله" ‪ :‬الصورة تشكيل لغوي‬
‫يكونها خيال الفنان من معطيات متعددة يقف العالم المحسوس في مقدمتها‪ ،‬فأغلب الصور مستمدة من‬
‫الحواس‪ ،‬إلى الجانب ماال يمكن إغفاله من الصور النفسية والعقلية ٕوان كانت ال تأتي بكثرة الصور‬
‫‪1‬‬
‫الحسية "‪.‬‬

‫واعتمدت مجموعة من نقاد العقل كونه مهما في تعريف الصورة ومن بينهم أحمد دهان حيث يقول ‪" :‬إن‬
‫الصورة الشعرية هي تركيبة عقلية وعاطفية معقدة تعبر عن نفسية الشاعر وتستوعب أحاسيسه و تعين على‬
‫كشف معنى أعمق من المعنى الظاهري للعقيدة عن طريق ميزة اإلجحاء والرمز فيها‪ ،‬والصورة في عضوية‬
‫هي التجربة الشعرية‪ ،‬ذلك ألن كل صورة داخلها تؤدي وظيفة محددة متآزرة مع غيرها ومسايرة للفكرة‬
‫العامة‪".2‬‬

‫في حين إعتمد نقاد آخرون على الشعور والوجدان في تعريف الصورة وذلك من خالل ما قاله عز الدين‬
‫إسماعيل " ‪:‬الصورة دائما غير واقعة ٕوان كانت منتزعة من الواقع ألن الصورة الفنية تركيبة وجدانية تنتمي‬
‫في جوهرها إلى العالم الوجدان أكثر من إنتمائها لعالم الواقع بمعنى أن الصورة الشعرية تكشف الحالة‬
‫النفسية التي يعبر عنها الشاعر وتكون منبعثة من العمق أي الذات‪.‬‬

‫وتطرق عبد القادر القط بتعريف الصورة بشكل شامل فيقول" ‪:‬هي الشكل الفني الذي تتخذه األلفاظ‬
‫والعبارة بعدد أن وينظمها الشاعر في سياق بيافي خاص ويعبر عن الجانب التجربة الشعرية الكاملة في‬
‫القصيدة مستخدما طاقات اللغة ٕوامكانيتها في الداللة والتركيب واإليقاع والمجاز والترادف والتضاد والمقابلة‬
‫والجناس وغيرها من وسائل التعبير الفني ‪.‬‬

‫ويجد الباحث نفسه أمام تصوارت عديدة‪ ،‬مؤيدا إلتجاه الغاية من البحث فما يتطلبه الناقد غير ما يحاول‬
‫الفيلسوف إكتشافه‪ ،‬هما يختلفان عن اللغوي أو يتفقون في بعض الوجوه‪ ،‬مع العالم النفسي‪ ،‬ينتظر لحظة‬
‫اإليداع ليعتبرها نهاية لبداية غامضة‪ ،‬ولقد تأثر الشعارء والنقاد والفالسفة بآثار شعرية عالية‬

‫القدرة في طاقتها التصويرية وخير مثال على ذلك اإللياذة‪ .‬فالصورة قديمة قدم الشعر ويمكننا الوصول إليها‬
‫عن طريق المجاز‪ ،‬وطرح لويس تعريفا مبدئيا يقول من خالله " ‪:‬إنها صورة رسمت بكلمات‪ ،‬وربما تحدث‬
‫الصورة من وصف ٕواستعارة وتشبيه‪ ،‬أو تقدم إلينا في تعبير أو فقرة هي حسب الظواهر وصفية خالصة‬

‫‪ 1‬البطل علي ‪ :‬الصورة في الشعر العربي حتى آخر القرن الثاني الھجري ‪ ،‬دار األندلس بيروت ‪ ،‬ط ‪ ،1890 ،1‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 2‬حسام تحسين سليمان ‪ ،‬الصورة في شعر ابن القيسراني عناصر التشكيل و اإلبداع ‪،‬مذكرة لنيل شھادة الماجستير ‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية ‪،‬‬
‫فلسطين ‪ 4011‬ص ‪6‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫للوصف ولكنها توصل إلى خيالنا شيئا هو أكثر من مجرد اإلنعكاس الدقيق للواقع الخارجي‪ ،‬ومن ثم‬
‫نمضي إلى القول بأن كل صورة شعرية هي إذن بدرجة ما إستعارية‪ ،‬وهي تبدو لنا من مرآة ال ترى الحياة‬
‫‪1‬‬
‫فيها وجهها‪ ،‬بل ترى بعض الحقائق عن وجهها"‪.‬‬

‫وقد إتفق النقاد على أن الصورة الفنية هي جوهر الشعر وأداته‪ ،‬ومن خاللها يتمكن األديب الناقد من‬
‫التغلغل في أعماق البنية فيلتمس جمال كلماته وألفاظها ويعيش داخل تجربة الشاعر دون الشعور بالملل‬
‫أو الحيرة‪.‬‬

‫‪-9‬أنواع الصورة ودالالتها‬

‫أنواع الصورة الشعرية ‪ :‬لقد عرفت الصورة تنوعا في الشعر خليل حاوي وذلك من خالل النزوع إلى عالم‬
‫خاص وتغدو كذلك الصورة عنده متفردة وقد إعتمدنا في دارسة أنواع الصور على تقسيم نعيم اليافي في‬
‫كتابه تطور الصورة الفنية وكتاب ساسين عساف الصورة الفنية‪ ،‬وجهات نظر عربية وغربية‪.‬‬

‫‪-1‬الصورة المشهدية ‪:‬هي مشهد تصويري متالحق مثالي فيه الصور وتت ا ركم بطريقة ملحمية يكون‬
‫لسرد فيها األكبر‪ ،‬فيتألف من ذلك مشهد شعري وصفي يقدم رؤية فكرية ورئيا حلمية ملحمية يمزج فيها‬
‫الكابوس واألسطورة‪ ،‬وتميزت الصورة المشهدية عند خليل حاوي بالسردية وخير مثال على ذلك في قصيدته‬
‫البحار والدرويش‪.‬‬

‫‪...‬ورأى ‪ ،‬ماذا أرى ؟‬

‫موتا رمادا وحريق!‪.....‬‬

‫نزلة في الشاطئ الغربي‬

‫حدق ترها‪...‬أم ال تطيق‬

‫آه كم أحرقت في الطين المحمي‬


‫‪2‬‬
‫آه كم مت مع الطين المؤات‬

‫‪-9‬الصورة اللونية ‪:‬إن للون تأثير كبير في صورة إذ يرى الدكتور عز الدين إسماعيل " إن ألوان األشياء‬
‫وأشكالها هي المظاهر الحسية التي تحدث توتار في األعصاب وحركة في المشاعر‪ ،‬إنها مثي ار ت حسية‬

‫‪ 1‬عبد هلل محمد حسن ‪ :‬الصورة و البناء الشعري دار المعارف ‪ 1118‬كورنيش النيل القاھرة ج‪،‬م‪.‬ع‪،‬ب بدون ‪ ،‬ط ‪ 1891 ،‬ص ‪.‬ص ‪42‬‬
‫‪ 2‬البيطار ھدية جمعة ‪ ،‬الصورة الشعرية عند خليل حاوي‪ ،‬ص ‪10‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫بتفاوت تأثيرها في الناس المعروف أن الشاعر كالطفل يحب هذه األلوان واألشكال ويحب اللعب بها غير‬
‫أنه ليس لعبا لمجرد اللعب‪ٕ ،‬وانما هو لعب يدفع إلى إستكشاف الصورة أوال‪ ،‬ثم القارئ أو المتلقي ثانيا إن‬
‫لوحة األلوان تضم عند حاوي جملة من األلوان توزعه بين األسود‪ ،‬واألخضر واألحمر واألبيض واألزرق‬
‫واألصفر‪ ،‬وأكثر األنواع شيوعا عنده هو اللون األسود‪.‬‬

‫وورد لخمسة وأربعون مرة بصفة السواد وبألفاظ موحية مثل ‪:‬عتمات طين رمادي دهاليز لعينة‪ ،‬ولفهم‬
‫دالالت الرمز اللوني يجب أن تكون على معرفة وثيقة بالشاعر ٕوانجاازته الفكرية ٕوانتمائه السياسي وظروفه‬
‫المحيطة به ويحتل اللون األخضر المرتبة الثانية في قائمة األلوان في شعر حاوي فإذا ذكر اللون األخضر‬
‫ليعبر عن وسم خصب فماهو إال ريقع‪ ،‬ويصبح اللون األخضر رمز للحرية واألمل وخصب والتفا ؤل‬
‫وثالث األلوان ترتيبا في قائمة خليل الحاوي هو اللون األبيض ورد هذا اللون بمعنى الصفاء والنقاء موضع‬
‫واحد فقط وللون األحمر عنده داللة خاصة رمزية معينة ونجد إيحاءات اللون األحمر متكررة في لفظتين‬
‫متالزمتين عند حاوي هما لجمر وخمر‪ ،‬حيث يرد اللون األحمر فيهما يقترن بالشهوة‪ 1،‬أما اللون‬

‫األزرق الذي يشير إلى الهدوء والسكينة فقد تحول عند حاوي إلى لون يحي إلى العنف والقسوة وأخير‬
‫األلوان اللون األصفر حيث تظهر الصفرة وصفا ألشياء مادية تحمل وجهين‪ ،‬ففي بعض األحيان يحمل‬
‫داللة الشحوب والموت ونضوب العاطفة وعدم الجدوى‪ ،‬وهذا يعكس النظرة التشاؤمية وفي أحيان أخرى‬
‫يحمل معنى الموسم الخصب والخير الوفير‪.‬‬

‫‪-3‬الصورة الضوئية ‪ :‬إن الصورة الضوئية ال تختلف كثي ار عن الصورة اللونية فاللون والضوء وجهان‬
‫لعملة واحدة ويهتم الشاعر في لغته بالصور الضوئية واللونية وتعتمد الصورة الضوئية عند الحاوي على‬
‫التضاد " فليل المقابر " يبرده ضوء النار المشتعلة التي حولت العتمة إلى بلور وثريات‪.‬‬

‫يقول خليل حاوي في ديوانه البحار والدرويش‪:‬‬

‫ودخلنا مثل من يدخل‬

‫في ليل المقابر‬

‫أوقدت نار‪ ،‬وأجسام تلوت‬

‫رقصة النار على ألحان ساحر‬

‫‪ 1‬المرجع نفسه ص ‪ 110‬إلى ‪.181‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫فإستحالت عتمان السقف‬

‫بلورتريات وزرقه‬
‫ا‬

‫فالصورة الضوئية عند الحاوي ترتكز على جمع بين النقضين " كالعتمة والضوء " ‪ " ،‬وحدحو والمرايا‪،‬‬
‫وأقبية الغلة " ‪.‬‬

‫‪-4‬الصورة الحركية ‪:‬هي حركة في الخيال أي تحريك للموضوع الذي ال يملك حركة‪ ،‬ومعنى هذا أنص‬
‫تعبر عن تجربة الشاعر النفسية وما يعيشه ففي قول الحاوي‪ ،‬من خالل ديوانه‪:‬‬

‫من ضباب وسخ‬

‫مهتري الوجه‪ ،‬مداجي‬

‫يتمطى أفعوانا أخطبوطا‬

‫و أحاجي‪.‬‬

‫ترتكز الصورة في لفظ يتمطى وهي داللة مركزية يكملها لفظا " أفعوانا" و"أخطبوطا" ‪ ،‬وتنتج جمالية من‬
‫هذا التوازن الواقعي بين " يتمطى " و" أفعوان " من خالل هذه الصورة الحركة عند خليل حاوي نستنتج‬
‫أن هذه الصورة تنزع منزعا حركيا‪ ،‬وقد سعت جهدها ألن تنتقل من عالم الثبات والسكون‪ ،‬إلى عالم الحركة‬
‫‪1‬‬
‫بكثير من البراعة‪.‬‬

‫‪-5‬الصورة البسيطة ‪:‬يتركز مفهوم الصورة البسيطة في الصورة‪ ،‬كونة من‬

‫الناصر األساسية س ورة وفق مكونيها األساسية الرمز والمرموز له‪ ،‬يطلع‬

‫الشاعر في قصيدة البحار والدرويش بمجموعة من الصور البسيطة القديمة‬

‫ألنه يعتمد على الصورة المشهدية وأحيانا يعتمد تصوير غير فني وغير بالغي خاصة في هذه القصيدة‪.‬‬

‫‪-6‬الصورة ‪:‬أشراق كهوف العنصر األول في هذه الصورة يعد محور التصوير هو كلمة أشراق التي تقدم‬
‫لنا المحور األساسي لصورة‪ ،‬ويأتي الملحق الداللي لها وهو كلمة كهوف‪ ،‬التي نجد فيها إختالف بين‬

‫‪ 1‬بلغيث عبد الرزاق ‪ ،‬الصورة الشعرية عند عز الدين ميھوبي‪ ،‬ص‪.‬ص ‪ 40‬إلى ‪41‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫المستوى الداللي والنحوي إن هذا يوضح مفهومنا األساسي لمعنى التصوير البسيط وهذا يسهل عملية فهم‬
‫‪1‬‬
‫مكونات هذا النوع ودراسة الصورة المتضايفة‪.‬‬

‫‪-7‬الصورة المتضايفة ‪:‬وتفي بها الصورة التي تستعمل المستوى بل تركيب النحوي المضاف والمضاف‬
‫إليه وهي أبسط تركيب تصويري ذي داللة وذي أداء تخيلي ويطفي القول أن هذا األسلوب التصويري كان‬
‫أقل األساليب التي إستعملها الحاوي ألنه إعتمد على أساليب تصويرية أخرى قامت بأداء أغراض النفسية‬
‫والفكرية والفنية ‪ ،‬فنجد مثال الشاعر يستخدم تركيب أيضا في منادى‪ ،‬والنداء هنا يحمل التقرير تقرير الفكرة‬
‫‪2‬‬
‫وتقرير الصورة‪.‬‬

‫دالالت الصورة الشعرية‪:‬‬

‫‪-1‬الداللة النفسية لصورة الشعرية ‪:‬فالصورة الفنية تحمل ما يختلج في نفس المبدع من مشاعر وأحاسيس‪،‬‬
‫والتي تنعكس ما يجول في المحيط التعبيري لتولد الداللة التي تساهم في بناء الصورة ويمكن أن تكون هذه‬
‫الدالالت بمثابة الصدى المحسوس ومن هنا فإن الصورة الشعرية أصدق تعبير عما يجول في نفس من‬
‫خواطر وأحاسيس‪ ،‬ومن منتج لفنان يعبر عن ذاته بوسائله التعبيرية التي تشكل الصورة إحدى أدواتها‪ ،‬يرى‬
‫خليل الحاوي أن الشعر يصل عبر معاناة نفسية إلى حالة من الر ؤية إلى حالة تتخطى وسائل اإلد ا رك‪،‬‬
‫وبهذا تنكشف الصورة الفنية تفاصيل النفسية التي أسهمت في إبداعها ولعل الق ا رءة النفسية لجملة‬
‫المحسوسات المكونة للصورة تكشف ما و ا رئها من أبعاد تعبيرية‪ ،‬ومن هنا تكون الصورة وليدة النفس‪،‬‬
‫وهذا يعني أن الصورة الشعرية في وضعها األسمى ليست تعبی ا ر مختلف قصد به أن يدل على فكرة‬
‫مجردة حدد الشاعر معالمها سابقا وينبغي اإلشارة إلى البعد النفسي للصورة ال يأتي من مجرد إد ا رك‬
‫المحسوسات إنما في كشف من التشكيل الذي يولد الداللة وال يخضع تشكيل الصورة الحديث إلعتبار‬
‫‪3‬‬
‫النفسي فقط بل ثمت تشكيالت أخرى تنظم العمل الفني‪.‬‬

‫‪-2‬الداللة الحضارية للصورة الشعرية‪ :‬يعبر حاوي في ثنايا قصائده عن موقف حضاري ومنه فإن الصورة‬
‫الفنية عنده مدلوالت حضارية‪ ،‬ومن يغص في أعماق الصورة عند حاوي يق أ ر بكل وضوح الموقف ال‬
‫ا رفد المحتج على هذه الحضارة ‪.‬وتق أ ر في قصائد كثيرة في ديوان حاوي هذا الموقف الواضح ومثال‬
‫ذلك في قصيدة جنية الشاطئ والسندباد إن يعبر عن موقف معارض للصيغة الحضارية‪ ،‬وفي قصيدة‬
‫المحسوس في أوربا من مجموعة نهر الرماد يرسم لنا خليل حاوي صورة متشبعة بالداللة‪ ،‬ومالحظ على‬

‫‪ 1‬البيطار ھدية جمعة ‪ ،‬الصورة الشعرية عند خليل حاوي‪،‬ص ‪ 146‬إلى ص ‪100‬‬
‫‪ 2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ص‪10‬‬
‫‪ 3‬بيطار ھدية جمعة ‪ :‬الصور الشعرية عند خليل حاوي ‪ ،‬ص‪.‬ص ‪ 401‬إلى ‪42‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫صور الشاعر الوضوح الذي ال يحتاج إلى التحليل عميق لتوضيح الداللة كما أن تعاقب الصور وتتابعها‬
‫‪1‬‬
‫يولد نوعا من النفسي لدى المتلقي‪.‬‬

‫ويوضح حاوي من خالل قوله " يتولد الرمز عن الرؤيا هي ضرب من الحدس يصهر الذات بموضوع‬
‫يجعله أداة ضرورية إلد ا رك التجارب الكلية الذاتية الموضوعية والتعبير عنها‪ ،‬فالرؤيا التي تنصب على‬
‫تجربة حضارية تتجسد في رموز تجعل الماضي والمستقبل حاضرية في الحاضر‪ ،‬ولهما ماله من يقين‬
‫المشاهدة‪ ،‬الرمز ينظم التجربة و يشرك اآلخرين فيها ‪ ،‬ويوجد اإلنسان في عصرنا ‪ ،‬وفي كل عصر " فقد‬
‫توصل حاوي " إلى قناعة ثابتة بأن الحضارة الغربية التي يمثلها البحار الحضارة الشرقية الساكنة التي‬
‫‪2‬‬
‫يمثلها الدرويش والتي تعيش في الكهف‪ ،‬وتجتر التصوف‪ ،‬كلنا هما فشلتا في إكتشاف الحقيقة"‪.‬‬

‫‪-3‬منابع الصورة الشعرية وأنماطها‪.‬‬

‫منابع الصورة الشعرية و أنماطها ‪ :‬منابع الصورة في تلك المصادر التي تمتد في جوانبها وتشييع منها‬
‫خيوط تتماوج فيها األلوان و الظالل ‪ ،‬ومنابع الصورة كأمطار السماء المتدفقة من كل صوب ‪ ،‬وصورة‬
‫أيضا كشمس تستمد منابع الضوء فيها هذه هي صلة الصورة بمنابعها ومواردها ويعتقد الكثير من النقاد‬
‫أن هذه هي عناصر الصورة الشعرية ‪ ،‬لعال غموض الصورة هو مادفعهم إلى هذا الخلط ومن تحدث منهم‬
‫عن عناصر الصورة اهمال مصادرها‪.‬‬

‫تعد منابع اإلبداع سبب في تعيين أنماط الصورة سواء كانت منابع بشرية أم كانت طبيعية أم روحية معرفية‬
‫كما ستبين ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬منابع البشرية ‪ :‬أساسها الحواس الخمس وهذه المؤش ا رت ليست سوى وحدات أو كلمات أو ملفوظات‬
‫لغوية يشترك في تداولها طرفان و ليس شرط أن يتعين لكل حاسة شكل تعبيري يصور الحقيقة الم ارد‬
‫مؤشرت حاسة واحدة كاجتماع‬
‫ا‬ ‫تبليغها بل يحدث أن يجتمع في اللفظ الواحد من مؤشرات لغوية أكثر من‬
‫السمع والبصر أو الذوق والشم وما دل على شيء مفردا دل على أمثاله مع غيره وليس األمر بالحديث‬
‫الذي جد في النقد العربي بل هو القديم المتأصل في تراثها األدبي ويؤكل القاضي الجرجاني"‪:‬إنما الكالم‬
‫أصوات محلوها من األسماء محل النواضل من اإليصار وترى الصورة تستكمل شرائط الحسن‪ ،‬وتستوفى‬
‫أوصاف‪.‬‬

‫‪ 1‬البيطار ھدية جمعة ‪ ،‬الصورة الشعرية عند خليل حاوي‪ ،‬ص ‪422‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفس ص‪.‬ص ‪ 420‬إلى ‪422‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫الكمال وتذهب في األنفس كل مذهب‪ ،‬وتقف من التمام بكل طريق‪ ،‬ثم تجد أخرى دونها من إنتظام‬
‫المحاسن‪ ،‬والتئام الخلقة‪ ،‬وتناصف األجزاء‪ ،‬وتقابل األقسام‪ ،‬وهي أحضى بالحالوة‪ ،‬وأدنى إلى القبول‪،‬‬
‫وأعلق بالنفس‪ ،‬وأسرع متمازجة للقلب‪ ،‬ثم ال تعلم ‪ ...‬لهذه مزية سببا‪ ،‬ولما خصت به مقتضى‪ .‬ويترتب‬
‫عليه أيضا بروز النمط الذوقي‪ ،‬والنمط الشمي‪ ،‬والنمط الحسي والنمط السمعي ‪،‬والنمط البصري أنماطا‬
‫لصو رة في شقيها الحسي وبه قال عبد القاهر الجرجاني مؤكدا على ضرورية في تكوين وتشكيل الصورة‬
‫لتعطي شكال وعمقا مؤث ار ‪ ،‬لداللة على أثر النفسي‪.‬‬

‫منابع كونية خارجية ‪:‬لقد جعل الشعراء البيئة فضاء إلنفعاالتهم الشعرية سندا لمذاهبهم في الحياة وهذه‬
‫عادة العرب في الجاهلية واإلسالم ثم ترسخ األمر مع الشعر األندلسي ولد يقول جازم " ‪ :‬فقلما برع في‬
‫المعاني من لم تنشئه بقعة فاضلة‪ ،‬وال في األلفاظ من لم ينشأ بين أمة فصيحة‪ ،‬وال في وجود النظم من لم‬
‫يحمله على مسای رة الخواطر في أعمال الرؤية الثقة‪ ،‬بما يرجوه من تلقاء الدولة وال في رقة أسلوب‬
‫النسيب من لم تنشط به أحبابه رحلة وال تشاهد موقف فرقة ‪ " .‬وقد أكدت خالدة سعيد " ‪:‬أن الموقف من‬

‫الطبيعة والمكان مرتبط بنوعية التعامل مع األرض‪ ،‬لكنه يتأثر بالموقف الذي يحمله الموروث الثقافي ‪".‬‬
‫ومن ثم فإن المكان التاريخي يستحضر الرتباطه بالماضي‪ ،‬يرسم صورة تتجدد وتعود إلى الحياة كلما‬
‫حضر مثيرها في نفس الشاعر‪ ،‬هذا ما يجعل البيئة والطبيعة أهم مصدر لصورة والخيال بفعل التفاعل‬
‫الشعري العقلي بين الواقع والبيئة حتى صارت بذلك " منبعا لرموز والصور الجديدة في بنيتها وداللتها‪،‬‬
‫ويبدو إن القصيدة الواحدة صورة تتشكل‪ ،‬من الصور الجزئية‪ ،‬لتكون صورة كلية‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن‬

‫ورود الوصف والمدح أو الفخر معا في قصيدة واحدة يضع بورتين جزئين متكاملتين عند التفاعل النقدي‪،‬‬
‫ومهما كانت التسميات‪ ،‬فإن التشكيل الشعري تصوير فيه المج أز والمركب والكلي‪ ،‬وعلى هذا نتحدث عن‬
‫صفات الممدوح‪ ،‬بما يجعلنا نميل إلى النمطية الشعرية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن القصيدة قد تحوي غرضا واحدا‪ ،‬فإن المعرفة تقوم على التفريق بين الغرض والموضوع‪،‬‬
‫كما أن التعبير صورة كذا ليس حديث‪ ،‬بل هو قديم في ت ا رثنا العلمي واألدبي وقد أخذت مفهومها في‬

‫الشعر‪ ،‬إذ هي" ‪:‬وصف تقريري أو محاكاة أمينة للواقع الخارجي‪ ،‬أو الطبيعة وواقع الحياة بقدر ماهي أيضا‬
‫الومضة التلقائية التي تفرض نفسها على المبدع في لحظة من الزمن كتعبير عن حالة نفسية وشعورية‬
‫‪1‬‬
‫وبطبيعة الحال هذه الحركة تجعل الصورة حية قادرة على التعبير كما يقدر التعبير عنها‪.‬‬

‫‪ 1‬إبتسام دھينة ‪ ،‬الصورة الشعرية في التشكيل الجمالي إلى جماليات التخييل ص‪.‬ص ‪ 420‬إلى ‪420‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫منابع روحية معرفية ‪ :‬يقصد بها ما منزلة النص الديني المقدس ومشارب المعرفة جميعا بوصفها محركا‬
‫أساسيا لعدة إنفعاالت المحاكين الشعراء وتأثيرها فيهم‪ ،‬فال يخلو من إشارت له إرتباط بالقرآن الكريم والحديث‬
‫والسيرة النبوية‪ٕ ،‬وارتباط بالفلسفة والمنطق وللشعراء مذاهب فيما يعتمدون إيقاعه في الجهات التي يعتمدون‬
‫فيها القول من اإلنحاء المسند حسنه في الكالم باألوصاف والتشبيهات والحكم والتواريخ وأكد أشرف دعدور‬
‫إن ابن دراج مثال إتخذ من قصص القرآن سندا له‪ ،‬وهو يصور الحوادث شع ار من حوله‪ ،‬ويمثل لذلك‬
‫بقصص جالوت وطالوت‪ ،‬وقصة موسى ويوسف وقصة يحي وسليمان ويونس وأيوب ٕواب ا رهيم– عليهم‬
‫السالم – فيستعير من كل قصة ما يقوم مشابها للحال التي عليها‪ ،‬وينظم شع ار ‪ .‬إن التراث الديني منبع‬
‫للشاعر يربط فيه بين حال الماضية وبين الحال المعيشية مقارنا أو معادال‪ ،‬وينحل في هذه المنابع الروحية‬
‫‪1‬‬
‫والمعرفية للصورة الشعرية للتاريخ حتى صارت القصيدة في العصر األندلسي مسايرة للواقع والحياة‪.‬‬

‫أنماط الصورة الشعرية‪:‬‬

‫يركز إهتمام على الصورة من حيث هي أشياء مفصولة من السياق فسواء كانت الصورة منضدة سوية‪،‬‬
‫كما في الشعر الكالسيكي‪ ،‬أم كانت كما في الشعر الرومانتيكي‪ ،‬مجددو بعضها إلى بعض بروابط أكثر‬
‫مرونة أو كانت‪ ،‬كما في كثير من الشعر المعاصر‪ ،‬تبدو و كأنها تخلق من مادتها الوصل الذي يشدها‬
‫الوحدة إلى األخرى فستوجب خلق نمط من الصورة وما يجب بحثه هو طبيعة هذا النمط الذي يجب‬
‫معالجته في نقطتين متعاكستين ‪:‬عن عملية الخلق الشعري من ناحية ومن القصيدة المنتهية من ناحية‬
‫أخرى ‪ ،‬والخيال هو المملكة التي تخلق الصورة الشعرية وكان الخيال عند الشاعر شيللي إلها هو رسوله‬
‫ويعتقد بأن الخيال يعني بإدراك ‪.‬العقل هو تعداد الكميات المعروفة مسبقا ‪ ،‬أما الخيال فهو إدراك قيمة هذه‬
‫الكميات منفردة أو متكاملة‪".‬‬

‫ودعى أيضا أحد النقاد المحدثين سيريل كونولي " الخيال هو التوق للعودة إلى الماضي أو إلى أمر ال‬
‫وجود له ‪ ".‬وعندما نتحدث عن الخيال الشعري فإننا نتحدث عن المشاعر التي تعم كل الناس‪ٕ ،‬وان أول‬
‫خطوة في خلق الصور هي أن يقرن الشاعر نفسه إلى األشياء التي تستهوي حواسه وهكذا يكون الشاعر‬
‫مستعدا لتلقي اإلنطباعات مكتسبا خاصية عقلية‪ ،‬فهو إذن قاد ار على رؤية األشياء كما هي حقيقية وليست‬
‫هذه صفة لشاعر فقط ٕوانما نجدها عند الفنان ولو كان الخيال الشعري سلبيا تماما لوجب على الشاعر‬
‫عند كتابة القصيدة تسجيل أحاسيس فقط ولترك القصيدة تكتب نفسها ولكن القصائد التكتب نفسها وعليه‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.421‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫فإن الشاعر يبدأ بإنطباع من نهر التجربة‪ ،‬قد تكون متبلورة في الصورة ولنقول هذا هو شأن الشاعر اليوم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وسواء كان في النثر أو الشعر فالمبدأ الذي ينظم الصور هو التوافق بين الموضوع و الصورة‪.‬‬

‫لقد إعتمدنا كتاب الصورة الشعرية عند األعصى التطبلي وتناوال أنماط الصورة الشعرية من خالل تصنيفها‬
‫األنماط الحسية وأنماط عقلية وأنماط بالغية‪.‬‬

‫‪-1‬األنماط الحسية ‪ :‬وهي تلك األنماط التي ترم إلى حاسة من الحواس الخمس عند اإلنسان وصفات‬
‫الحسية لها دور كبير في تشكيل الجمالي لصورة‪ ،‬لذلك نجد ريتشارد يؤكد على أهمية الصفات الحسية‬
‫لصورة وقد تكون الصورة الحسية مرئية وقد ال تكون وهذا ال ينقص من قدرها شيئا وهذا التفسير ينسجم‬
‫مع الكالم ريتشارد الذي يقول " ‪ :‬إن الذي يبحث عنه المصورون في الشعر أو أولئك الذين ال يهتمون‪،‬‬
‫أوال‪ ،‬بما هو مرئي في العالم‪ ،‬ليس هو صورة حسية الرئية‪ ،‬ولكن سجالت المشاهدة أو منبهات لإلنفعال‪،‬‬
‫وهكذا ال يعيب الصور‪ ،‬أن تكون مفتقرة إلى العناصر الحسية طالما كانت هي أوما يحل محلها‪ ،‬عند من‬
‫ال تت ولد لديهم صور تحدث األثر المطلوب‪ ،‬ولكن يجب أن نؤكد هنا أن إحداث هذا األثر أمر البد منه‬

‫وتنقسم الصورة إلى مجموعة من األقسام وفق الحاسة التي تصدر عنها الصورة‪:‬‬

‫أ‪.‬الصورة البصرية ‪:‬وترتد إلى حاسة البصر وهي إنعكاس لما أ رى الشاعر أو شاهد مثل قوله يصف‬
‫الصحراء‪ ،‬يصف الصحراء وصورة الضحى فيها‪:‬‬

‫بها شاحبا ال من شكاة وال حب‪.‬‬ ‫وبيد كأيام الصدود ترى الضحى‬

‫فالنمط البصري مثال يمكن أن ينقسم طبقا لدرجات اللونية ونسبة الوضوح‪ .‬الصورة الشعرية البصرية تمثل‬
‫‪2‬‬
‫الصورة الحسية ألنها نتاج لكل الحواس األخرى وهي تمثل النسبة العليا بين سائل المدركات الحسية‪.‬‬

‫فالشاعر ما ال يرى ومادة رأى تثمر صورة سمعية بصرية وأهم ما تعتمد عليه الصورة البصرية هو اللون‬

‫‪-2‬الصورة السمعية‪ :‬تبرز هيئة المصلى الذي أخصت إلى صوت الفقيدة وهي تتلو القرآن في ظل جو‬
‫مهيب‪ ،‬ولقد تناول الشاعر الصوت اإلنساني في صوره وكان يوظف حاسة السمع توظيفا حيدا في الموقف‬
‫الذي ترد فيه‪.‬‬

‫‪ 1‬لويس سيسل دي ‪ :‬الصورة الشعرية ‪ ،‬ترالجنابي أحمد نصيف ‪ ،‬سماعيل عناد غزوان ‪ ،‬مؤسسة الخليج لطباعة النشر الكويت بدون ‪ ،‬ط ‪،‬‬
‫‪ 1894‬م ‪.‬ص‪.‬ص ‪ 20‬إلى‪.100‬‬
‫‪ 2‬محمد الشناوي علي الغريب ‪ ،‬الصورة الشعرية عند األعمى التنطييلي ‪ ،‬مكتبة اآلداب جامعة المنصورة ‪ ،‬ط ‪ ،4000 ،1‬ص ‪ 100‬إلى ‪، 101‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫المررة وقد تجمع‬


‫‪-3‬الصورة الذوقية ‪:‬يركز الشاعر على تذوقه امادة الصورة على طعمه الحالوة و ا‬
‫المررة‪ ،‬في صورتين متقابلتين في بيت شعري واحد‪ ،‬كما في قوله ‪ :‬عز الدين‬
‫الشاعرين صفتي‪ ،‬الحالوة و ا‬
‫ميهوبي‪.‬‬

‫فإنه في قصى أحلى من الشهد‪.‬‬ ‫من كان يفظع طعم الموت في فمه‬

‫‪-4‬الصورة اللمسية ‪ :‬كما في قوله إبن بسام‪.‬‬

‫كنقطة من شل ا رب القاع لم تمر‬ ‫من األرض ملساء ال أمت وال غوج‬

‫فالصورة هنا‪ ،‬تصور األرض بأنها ملساء‪ ،‬ليس بها إرتفاع أو إعوجاج والمالمسة واإلعوجاج صفتان ال‬
‫تدر كان إال بحاسة اللمس‪.‬‬

‫‪-5‬الصورة الشمية ‪:‬هي الصورة التي تثير فينا الخيال عندما نشعر بها عن طريق عضو الشم األنف‬
‫ولهذا نجد الشاعر يكثر في شعره ترديد ارئحة‬

‫القرنفل والمسك والريحان والعطور على صدار صوره الشعرية ومن الصور الشمية في موشحاته قوله‪ ،‬عز‬
‫الدين الميهوبي‪:‬‬

‫ضه على الخد‬ ‫قد مازج الورد بالسوتسان‬


‫‪1‬‬
‫أذ كي من الند‬ ‫ونفحه عن شد دارين‬

‫وهكذا‪ ،‬فإنك تجد الشاعر يكثر من ترديد‪.‬‬

‫النمط العقلي ‪:‬ال يعد العنصر الحسي الوحيد في تشكيل الصورة الشعرية فقد تكون الصورة الذهنية مجردة‬
‫أو عقلية ص رفا فضال على أن رصد العنصر الحسي ٕو استعادة الذهن لصورة إحساس الشاعر‪ ،‬ال‬
‫يطلبان لذاتها فهما ال يقدمان لناقد وسياة تعيين في حبك القيمة الفنية لصورة أوال ويعزالن الصورة عن‬
‫سياقها الشعري ويجردانها من مهمتها النسقية ثانيا وال يميز تصنيف الذهني لصور بين الحقيقي والمجازي‬
‫‪2‬‬
‫منها في حين تفعل الداللة البالغية وأنماطها ذلك‪.‬‬

‫والنمط العقلي ونقصد به ذلك تلك الصورة الشعرية‪ ،‬التي ترتد إلى ثقافة الشاعر المتنوعة فتجعلها مجاال‬
‫خصبا لها ويعتقد بعض النقاد أن الصورة ال تمتلك قد ا ر من الحسية‪ ،‬والوقع أن هذا اإلعتقاد يزول إذا‬

‫‪ 1‬محمد الشناوي على الغريب ‪ :‬الصورة الشعرية عند األعمى التطلي ص‪.‬ص‪ 102 .‬إلى ‪.121‬‬
‫‪ 2‬نظر بشرى موسى صالح ‪ ،‬الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث ‪ ،‬ص ‪106‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫علمنا أن أي صورة شعرية البد أن تمتلك قد ار من الصفات الحسية‪ٕ ،‬واذا كان هذا القدر يتشكل في ذواتنا‬
‫كمتلقين لهذا النمط الصور‪ ،‬والصورة الشعرية من نمط العقلي‪ ،‬يمكن تقسيمها وفق العنصر الثقافي‪:‬‬

‫‪-1‬الصور المثالية الكبرى‬

‫‪-2‬الصور المثالية الصغرى‪.‬‬

‫أما الصور المثالية بوجه عام‪ ،‬هي الصور التي تغلفت في أعماق النفس والوجدان‪ٕ ،‬واستقرت في الالوعي‬
‫الجمعي‪ ،‬حاملة معها القيم الدينية والقومية‪.‬‬

‫‪-1‬الصور المثالية الكبرى ‪:‬هي الصور التي إستقاها الشاعر من ثقافته الدينية بما تحمل من خصائص‬
‫‪1‬‬
‫أصلية تتمثل في الطهر و النقاء‪.‬‬

‫‪-2‬الصور المثالية الصغرى ‪:‬هي التي يستمدها الشاعر من أحداث التاريخ وأخبار األدباء‪ ،‬ومن هذه‬
‫الصور قول الشاعر‪:‬‬

‫أي فتى قد خص بالجود وعم‬

‫أمضاه قدما ومضى فيه قدم‬

‫هيهات منه حاتم وما حتم‬

‫مقابل بين الذ ا رري و الديم‬

‫به وفيه شايع السيف القلم‬

‫وطالما تنافر فال جرم‬

‫أن العال مما حبا وما قسم‬

‫تارضيا به وشكا في هرم‬

‫والشاعر هنا في هذه الصورة يشير إلى ثالثة أشياء‪:‬‬

‫‪-1‬شخصية حاتم الطائي‪ ،‬الذي إقترن بالكرم‪.‬‬

‫‪-2‬إلى قصة السيف والقلم والمنافرة التي دارت بينهما‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظر محمد الشناوي على الغريب ‪ ،‬الصور الشعرية عند األعمى التطيلي ص ‪ 126‬إلى ‪122‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫‪-3‬قصة المنافرة‪ ،‬التي حكم فيها هرم بن قطبة بن سنان الفزاري‪ ،‬بن عامر بن الطفيل وعلقمة بن عالثة‬
‫‪1‬‬
‫الحقفريين‪ ،‬وقد شك كالهما في حكمه‪.‬‬

‫النمط البالغي ‪:‬يعد إرتباط الصورة بداللة البالغية‪ ،‬على إختالف أنواعها إرتباطا كبير لطبيعة هذه األنماط‬
‫التصويرية الذاتية في النظرة البالغية الحديثة على نحو الخاص‪ ،‬فإستعارة " ‪:‬تصويرية بطبيعتها‪ ،‬لذلك فهي‬

‫تخلق ما يسمى اللغة التجسيمية ‪ ....‬وليس مغالطة زخرفية ‪ .....‬كما كانت عند البالغيون التقليديين وهذا‬
‫تقدم مهم في النظر إلى وظيفة المجاز التجربة الفنية ‪ ....‬وعالقة إستعارة بوصلها صورة – بأسطورة"‪ ....‬وال‬

‫يعني هذا أن النظرة الحديثة تقتصر الصورة على النمط البالغي فهذا مفهوم قديم تخطته الصورة‪ ،‬فقد غادة‬
‫‪2‬‬
‫الصورة الحقيقية النمط المقابل لصورة بالغية‪.‬‬

‫‪...‬يمثل النمط البالغي‪ ،‬أداة من أدوات تشكيل الجمالي لصورة الشعرية عند الشاعر‪ ،‬من خالل دور كل‬
‫من ‪:‬تشبيه واإلستعارة والكناية والمجاز المرسل‪ ،‬كما أن الصورة فيها الكناية و المجا ا ز ال تخرج عن‬
‫‪3‬‬
‫النمط اإلشاري البسيط‪ ،‬بإضافة إلى إفتقارهما القدرة على منح الصور األجواء الخيالية المرجوة‪.‬‬

‫يتطلب إستخراج أنماط الصور عند ال كان في ديوان أنشودة المطر لسياب عن الصورة التالية‪:‬‬

‫‪-1‬الصورة اإلستعارية ‪ :‬يحاول جاك الكان من خالل ما يقدمه سوسير حول الدال والمدلول وعالقتهما‪،‬‬
‫التخلص أو القضاء على العالقة المباشرة بينهما وذلك من أجل الوصول إلى فهم كامل لتركيب اللغوي‪،‬‬
‫لقد إختلف خض اإلستعارة كثي ارر في دراسات النقدية والبالغية العربية‪ ،‬لقد تجاهلها ناقد في عجم قدما‪،‬‬
‫ونالت كلمات ال تفنى من الجاحظ والقاضي الجرجاني وأبي هالل وغيرهم‪ ،‬وظلت بمعزل عن اإلهتمام‬
‫الجاد حتى أدركها عبد القاهر وفلسفة اإلستعارة قائمة في قدرتها على توحيد أكثر من عنصر من عناصر‬
‫الطبيعة في بناء الصورة الواحدة وهي هنا كالطبيعة نفسها التي تمتص إختالط اإلستعا ا رت‪ ،‬ولعل كلمات‬
‫هربرت ريدغن وظيفة اإلستعارة تمنحنا على بداية اإليطار الذي يحرك فيه العقل البالغي العربي اإلتجاه‬
‫اإلستعارة‪. 4‬يقول " ‪:‬إن الكلمات التي تستخدم تفوت هي الكلمات تستعمل لتحليل مباشر فحينما تكون في‬
‫أذهاننا صورة مركبة‪ ،‬ولكي نعبر على هذه الصورة تماما‪ ،‬فإننا نحللها إلى وحدات أو عناصر التي‬
‫‪5‬‬
‫تكونها‪...‬‬

‫‪ 1‬محمد الشناوي على الغريب ‪ :‬الصورة الشعرية عند األعمى التطيلي ص‪.‬ص ‪ 128‬إلى ‪110‬‬
‫‪ 2‬بشرى موسى صالح ‪ ،‬الصورة الشعرية في النقد العربي القديم ‪ ،‬ص ‪102‬‬
‫‪ 3‬كريمة بوعامر ‪ :‬الصورة في شعر السياب أنشودة المطر ‪ ،‬ص ‪.‬ص ‪ 21‬إلى ‪22‬‬
‫‪ 4‬نظر عبد هلل محمد حسن ‪ ،‬الصورة و البناء الشعري ‪ ،‬ص ‪112‬‬
‫‪ 5‬كريمة بوعامر ‪ ،‬الصورة في شعر السياب أنشودة المطر ‪ ،‬ص ‪ 18‬إلى ‪.6‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫‪-2‬الصورة الكناية ‪:‬إن الالوعي يقوم بكبت المعنى المحذوف في كناية وتعد االيزاحة‪ ،‬بنيت الكناية كما‬
‫سبق وأن اشرنا إلى ذلك في أحد أقوال الكان والدال اإلستعاري باطن وخفي في الكناية‪.‬‬

‫‪-3‬الصورة المجازية ‪ :‬الكان يريد بصورة عامة أن ينظم للغة حيويتها بإعادة خلق عالئق جديدة التي‬
‫تنشئ بدورها مدلوالت جديدة‪ ،‬تشكل قيمة الشعلة الشعرية وبما أنه يركز في التحليل الصور على الجزيئات‬
‫وقد سبقت اإلشارة إلى أن الكان يؤكد أن اإلبداع يتحقق عند تبديل الدال بالدال بحيث يحتل أحدهما مكان‬
‫اآلخر‪ ،‬ال بالتحامهما‪ ،‬هذا اإلقصاء تحقق في اإلستعارة والكناية وكذا المجاز‪ ،‬والرمز‪.‬‬

‫‪-4‬الصورة الرمزية ‪:‬إن اإلحتالل الدال اإلستعاري الذي يمثل الكلمة الرمز‪ ،‬مكان الدال الم ا رد التعبير‬
‫عنه الدال األصلي‪ ،‬وهذه هي الفكرة الجوهرية في تحليل الصور بكل أنماطها وفق منظور الكان‪ ،‬وقد‬
‫تطرق الكان إلى الحديث عن الرمز‪ ،‬أو المستوى الرمزي في مرحلة المرآة السابقة للذكر ومن أجل الكشف‬
‫عن الفكر الالوعي للفرد‪ ،‬يقوم الكان بتحليل الرموز األسطورية‪ ،‬إنطالقا من اللغة‪ ،‬تقول إيديت كيرزويل ‪:‬‬
‫"فإن الكان نظر إلى الرموز المستخدمة في األساطير الثقافية و الشخصية ليعين على الكشف عن الفكر‬
‫‪1‬‬
‫الواعي و الالواعي للفرد في السياق الخاص بهذا الفكر‪.‬‬

‫‪-4‬الصورة الشعرية في النقد العربي القديم والحديث‪:‬‬

‫يسير ‪،‬‬
‫ا‬ ‫أمر‬
‫الترثية للمصطلحات ليس ا‬
‫يتعلق مصطلح الصورة في النقد العربي القديم ببحث في الجذور ا‬
‫ويبدو أنه يعد محاولة ناجحة ما لم يتوفر فيه شرطان ‪:‬األول الفهم الحقيقي لروح المصطلح يتسنى للناقد‬
‫إدارك قضاياه ودالالته إداركا يتناسب مع الظروف التاريخية والحضارية للعصر والثاني ‪:‬المرونة العلمية‬
‫في اإلبتعاد عن تقصي الداللة الحرفية الكاملة للمصطلح بمفهومه المعاصر في نقدنا القديم‪ ،‬فهذه المحاولة‬
‫قد تؤدي إلى التفريط بجوانب أصلية فيه‪ ،‬نتيجة لحكم سريع يجرد ت ارثنا من الداللة المعاصرة للمصطلح‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫إيمانا بأن اإلختالف المنطقي تختصه طبيعة التنازل والفكر النقديين للمصطلح بين العصريين‪.‬‬

‫وفي حديث آخر جسد خليل حاوي في كتابه عن الصورة الشعرية في النقد العربي القديم أن الشعر ينفتح‬
‫أجزئها بكلمات تولد نوعا من اإلنسجام الفني اللغوي‪ ،‬الذي‬
‫في نظمه على فضاء يقدم في لوحة ترسم ا‬
‫متربطة من‬
‫يتجسد في النص‪ ،‬وتوسع من أفقه تستند في نسجه من خالل عالقات بنيوية تخلق شبكة ا‬
‫الجزيئات الفنية التي تمتاز بكونها الثقافي وتبلورها ضمن أطر شكلية محددة‪ ،‬إن هذا الخلق الفني ينتج‬

‫‪ 1‬المصدر نفسه‪ ،‬والصفحة ذاتھا‪.‬‬


‫‪ 2‬بشرى موسى صالح ‪ :‬صورة الشعرية في النقد العربي الحديث ‪ ،‬المكز الثقافي العربي ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬سنة ‪ 1882‬ص‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫وحدة إبداعية ذات قيمة جمالية عالية‪ ،‬ليس ممكنا اإلستغناء عنها في بناء التجربة الشعرية فتبدو قالبا‬
‫يحمل فكرة‪ ،‬ووسيلة تنقل تجربة إنسانية مستمدة من الجوانب الواقعية التي يتصور داخلها الشاعر‪.‬‬

‫ويستلهم منها رؤاه التي تفسح أمامه مجال اإلبداع والخلق‪ ،‬ولكن الواقع في ذاته ال يكفي إلدارة التجربة‬
‫اإلبداعية‪ ،‬بل يحتاج الشاعر إلى سمة روحية تبعده عن إسار المادة‪ ،‬فيلجأ إلى الخيال ليرتقي إلى درجات‬
‫الشفافية والسمو األخالق‪ ،‬وعندما يمزج بين هاتين القوتين ‪:‬المادية والروحية‪ ،‬فإنه يأخذ من طرفي الصيغة‬
‫التركيبية وينتقل بحرية بين قطبي اللحظة اإلبداعية‪ ،‬األمر الذي يوفر له إضاءة الحواف البعيدة المنال‬
‫فيقارن بين حقائق متباعدة‪ ،‬ويقارن بين حقائق متناقضة أو مختلفة ألن الحقائق المتباعدة قد تلتقي في‬
‫الواقع‪ ،‬فيقارن بينها‪ ،‬أما المتناقضة فيبحث لها عن دقائق غائمة‪ ،‬أو جزيئات متشابهة‪ ،‬فيعقد بينها مقاربة‬
‫من هذه الجهة وهذه المقاربة تسمح للمتلقي أن يفوز بإستم ا ررية التجدد في الق ا رءة من خالل إكتشاف‬
‫مجاهل كان في غفلة عنها‪ ،‬ولكننا نتساؤل عن األسلوب الذي يقدم من خالله الشاعر هذه الشحنة المعرفية‬
‫والفنية‪ ،‬ألن اللغة التواصلية المقيدة بمعجمها اليومي عاجزة عن فك أسارها المشدود إلى الخطابية والمباشرة‬

‫ومن هنا فإنه يلجأ إلى محاولة التدليس على اللغة وتهريب مفرداتها إلى خارج حدودها المعجمية فيعطيها‬
‫فاعلية المجاز‪ ،‬ويزودها بآليات التصوير اإلستعاري حيث أن المجاز في صورته العامة" اللعب باأللفاظ‬
‫ومدلوالتها ونقل الشاعر لها عن مدلوالتها األصلية إلى مدلوالت أخرى‪ ،‬فيكون في هذه النقلة طفرة غير‬
‫مألوفة تثير السامع أو القارئ وتأتي إليه باألمر الغريب غير المتوقع‪ ،‬أو تربط بين أشياء مختلفة في‬
‫مظاهرها ويلعب الخيال بالمجاز وض رويه وأنواعه المختلفة من لفظي أو لغوي أو إستعارة أو تشبيه أو‬
‫‪1‬‬
‫تمثيل أو كناية أو ما إلى ذلك"‪.‬‬

‫إنه خرق للنظام المألوف للغة‪ٕ ،‬واعادة كتابتها ضمن منهجية متميزة تحقق مردودا نفسيا بوتائر عالية عند‬
‫المتلقي‪ ،‬وتترك لديه إنفعاال يشده إلى معودة القارءة والتفاعل مع النص حيث ال يجد مناصا من التفكير‬
‫بالوحدة المحدثة التي يارها على خالف ما كان ياره في واقع اللغة المباشرة لذلك يكون التعبير بالصورة‬
‫الشعرية نوعا من اإلرتقاء باللغة في معارج الخيال لإلستحواذ على إنفعاالت المتلقي فهناك " ضرورة داخلية‬
‫ملحة ترفع الشاعر إلى التعبير بالصورة بإعتبارها مظاهر من مظاهر الفاعلية الخالقة بين اللغة والفكر‪.‬‬

‫والخط اإلبداعي الذي يخلقه الشاعر يمر عبر نظام لغوي جديد يتجاوز المقوالت التعقيدية الصارمة‬
‫ذات األسس المتعلقة‪ ،‬ويتحول عنها إلى بناء يحطم النسق اللغوي المعتاد‪ ،‬وبعيد ترتيبه وفق معادالت تفيد‬
‫بأسرر الكون المعلقة بشفاف فؤاد الشاعر‪ ،‬حيث ال يجد في اللغة التقريرية إمكانية للكشف عن‬
‫ا‬ ‫في البوح‬

‫‪ 1‬بيطار ھدية جمعة ‪ :‬الصورة الشعرية عند خليل حاوي ‪ ،‬ص ‪1‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫إحساسه ومخبوئه الشاعري‪ ،‬ولهذا يقول الشاعر بيتس " ‪:‬ليس لي لغة فكل ما أملكه ال يزيد عن مجموعة‬
‫من الصور و التشبيهات و الرموز‪"....‬‬

‫وهذا الخرق اللغوي هو تصوير لإلنفعال المتأجج في نفس الشاعر وضح الكلمات قوة تعبيرية خالقة تشع‬
‫بمعان جديدة‪ ،‬لم تكن تمثلها اللغة في حالة اإلستعمال اليومي‪ ،‬هذا إلى جانب أنها تعبر عن معاناة الشاعر‬
‫ورؤاه لذلك فهي تقرر التجربة الشعرية ليس بالبعد التأليفي المعقد باإلو ا زت والقوافي ٕوانما التعبير‬
‫التصويري من خالل لغته المبدعة حيث يواجه الشاعر‪".‬‬

‫خلق لغته الخاصة في مستوى المجاازت اللغوية‪ " ،‬ألنه بفضل المجاز يستطيع أن يخلق عالقات داللية‬
‫جديدة أو لغة تتجاوز اللغة الوضعية‪ ،‬فيشخص بذلك العالم الالمحدود من تجربته ومشاعره‪ ،‬وال يتأتي له‬
‫ذلك من مجره هارة لغوية‪ ،‬بل من معاناة حقيقية لموضوعه‪ٕ ،‬واحساس غني باألشياء المحيطة به‪ ...،‬حيث‬
‫الشعر رؤيا ومعاناة وثورة ومغامرة ورفض ‪...‬فيبحث عن لغة جديدة لشعره وعن صياغة جديدة بكر توحي‬
‫على األقل لقارئه بأنه يعي و يتألم و يحدق في األشياء‪ ،‬وليس بنظام أو‬

‫جماع قواف أو سابك أوزان " ‪.‬‬

‫الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث‪:‬‬

‫لقد إختلف القدماء أثناء بحدثهم في مفهوم الصورة الشعرية ولم يستطيعوا تحديد مفهوم واحد أو شامل‬
‫للصورة الشعرية‪.‬‬

‫صرح عبد الرحمان نصرت " ‪ :‬أن مصطلح الصورة من المصطلحات النقدية الوافدة التي ليس لها جذور‬
‫في النقد العربي"‪ ،‬وذهب نعيم اليافي إلى أن المصطلح قد وفد إلينا من اللغة األوروبية وترجم إلى دالالت‬
‫ٕواشكاليات نقدية وهناك قسم آخر من النقاد عالج الصورة الفنية ٕوان لم تشير إليها بالمصطلح نفسه الذي‬
‫نعرفه الی وم ومن بينهم جابر عصفور الذي قال" ‪:‬‬

‫لقد عالج نقدنا القديم قضية الصورة الفنية معالجة تتناسب مع ظروفه التاريخية والحضارية‪" .‬‬

‫شكلت جماعة وان أول حركة تجديد نقدية عربية ٕواهتموا باألسلوب الفني و مفرداته وتميز الشاعر عن‬
‫برهيم عبد‬
‫أقرنه وبناء الشخصية الخاصة ومن بين أعضائها عبد الرحمان شكري وعباس محمود العقاد ٕوا ا‬
‫ا‬
‫القادر المازني فكان "اإلهتمام بالصورة الشعرية عند مدرسة الديوان أحد األركان األساسية في المذهب‬
‫التجديدي لدى هذه المدرسة" ‪ ،‬وقد تطرق عبد الرحمان شكري إلى أن " وصف األشياء ليس بشعر إذا لم‬
‫يكن مقرونا بعواطف اإلنسان وخواطره وطبيعة إحساساته " وكان المهاجرون أكثر إنسجاما وتنغما بين‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬الصورة الشعرية‬

‫شعرهم ونقدهم اإلبداعي وقد إتفق مع دوانيين في نظرهم المبتسمة بالبعد النفسي إلى الصورة الشعرية‪ ،‬كما‬
‫مثلث جماعة األبولو متباعة حادة في حركة التجديد الشعري والنقدي لما قدمته جماعتنا ديوان والمهجر‬
‫أرء نقدية مكتوبة وال مجموعة في كتاب نقدي لكن ظهر ذلك في أارئهم التجديدية حول اإلبداع‬
‫ولم يقدمو ا‬
‫الشعري ‪.‬‬

‫كما يوجد في كتب النقد الحديث تردد ثالث مصطلحات الصورة الشعرية والصورة األدبية والصورة الفنية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫إن كثرة المصطلحات ومفاهيم الصورة جعل القبض على مفهوم متكامل لها أمر صعب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫فكل تعريف يسجل نقص نجده في تعريف آخر‪.‬‬

‫وقد إختلف النقاد العرب المحدثون في نظرهم إلى مفهوم الصورة فمنهم من تبني أطروحات النقد‬
‫األوروبي‪ ،‬ومن النقاد من لم يعطي القد دقة‪ ،‬وقد وردت في كتب النقد الحديثة تغيرات مثل " ‪:‬التصور‬
‫التقليدي للصورة‪ ،‬الصورة البالغية‪ ،‬المفهوم القديم " مايدل على أن هناك مفهوم جديد يختلف عن مفهوم‬
‫جديد يختلف عن مفهومها القديم‪ ،‬ويعتقد أحد النقاد والمحدثين أن أهم ما يميز الصورة في الشعر القديم‬
‫هو التقريرية والمباشرة والتعميم‪ ،‬وتقوم وظائف الصورة في الشعر الحديث بمهمتي‪ ،‬التأثير واإليحاء‪ ،‬وفرق‬
‫بين المفهومين وقد كانت الصورة الفنية من حيث المصطلح هي التسمية الجديدة لمصطلح علم البيان في‬
‫البالغة العربية‪ ،‬عند مجموعة من النقاد والدارسيين فأحيانا نطلق عليها تسمية الشعرية وأحيانا أخرى باألدبية‬
‫‪3‬‬
‫وقد تؤدي إلى معنى واحد‪.‬‬

‫‪ 1‬كريمة بوعمار ‪ :‬الصورة في الشعر السياب أنشودة المطر أنموذجا – مذكرة لنيل شھادة الماجستير في إختصاص قضايا األدب ومناھج‬
‫الدراسات النقدية و المقارنة ‪ ،‬كلية األدب العربي و اللغات ‪ ،‬قسم اللغة العربية وآدابھا‪ ،4001 ،‬ص ‪. 09‬‬
‫‪ 2‬كريمة بوعامر ‪ :‬الصورة في شعر السياب أنشودة المطر أنموذجا ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬بلغيث عبد الرزاق ‪ ،‬الصورة الشعرية عند عز الدين ميھوبي مذكرة لنيل شھادة الماجيستير كلية اآلداب واللغات قسم اللغةة العربية و آدابھا‬
‫جامعة بوزريعة ‪ ،4010-4008 ،04‬ص ‪.18‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫املذاهب األدبية‬

‫تعريف املذاهب األدبية‬ ‫‪.1‬‬


‫نشأة املذاهب األدبية‬ ‫‪.2‬‬
‫خصائص املذاهب األدبية‬ ‫‪.3‬‬
‫الصورة املذاهب األدبية‬ ‫‪.4‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫‪-1‬تعريف المذاهب األدبية‪.‬‬


‫هي حالة نفسية‪ ،‬وليدة الحوادث التاريخ مما دفعت الشعراء والكتاب والنقاد إلى التعبير عنها‪ ،‬ووضع األصول‬
‫والقواعد التي يتكون من مجموعها المذهب‪ ،‬والمذاهب األدبية هي تلك االتجاهات والمسارات الفنية والنفسية‬
‫العامة التي تسببت في وجودها حوادث تاريخية وظروف حياتية عامة في العصور السالفة‪ ،‬وقد اتفق‬
‫األدباء والنقاد ووضعوا أصوال وقواعد لتعبير عن هذه الحاالت النفسية وتعتبر المذاهب األدبية جملة من‬
‫الخصائص والمبادئ األخالقية والجمالية والفكرية تشكل في مجموعها المتناسق لدى شعب من شعوب أو‬
‫مجموعة من الشعوب في فترة معينة من الزمن‪ ،‬ويشمل المذهب كل أنواع اإلبداع الفني كاألدب والموسيقى‬
‫والرمز والنحت والزخرفة واألزياء والطرز المعمارية فهو حصيلة فلسفية تبلور نظرة األمم إلى العالم واإلنسان‪.‬‬
‫كما أن المذاهب األدبية مجموعة من المبادئ واألسس الفنية التي يدعو إليها النقاد ويلتزمون بها في‬
‫إنتاجهم‪ ،‬وهي تربط األدب في شكله ومضمونه بمطالب العصر وتيا ا رته الفكرية وهي لدى الداعين إليها‬
‫والناتجة على مقتضاهم بمثابة العقيدة الممثلة لروح العصر وهي ليست مفروضة على الكتاب والنقاد خارج‬
‫العمل األدبي ومطالب جمهوره الموجه إليه وقد ظهرت المذاهب األدبية في صورتها الحالية في الغرب‬
‫على أن ظهورها في الغرب ال يحول دون تلمس صور لها في أدبنا العربي‪ ،‬فإذا كان تمت خصائص‬
‫إنسانية مشتركة في الفكر وفي الشعور فإن جوامع مشتركة البد أن تظهر بين الناس على اختالف أجناسهم‬
‫‪1‬‬
‫وبيئاتهم وزمانهم نتيجة لظروف تاريخية مهمة فقد شهدت أوربا مذاهب أدبية إبتداء من عصر النهضة‪.‬‬
‫وينظر إليها أيضا أنها مجموعة من المبادئ واألسس التي تتشكل في عصر معين ممثلة إتجاها عاما في‬
‫‪2‬‬
‫التأليف األدبي يغلب على أدباء العصر‪.‬‬
‫ويعتبر أيضا إتجاه في التعبير األدبي يتميز بسمات خاصة ويتجلى فيه مظهر واضح من التطور الفكري …‬
‫هو ال ينشأ عادة متباين اآلارء حوله حقبة من الزمن ٕوان كان ذلك من شأنه أن يؤدي إلى بلورة هذا االتجاه‬
‫الجديد في التعبير ٕوانما يكون وليد ما يضطرب في عصره بعينه من تغيرات في أوضاع المجتمع‪ ،‬وطابع‬
‫الحياة ‪....‬إذن بعصر معين كثماره لظروف مقتضيات خاصة فيطفي على غيره من المذاهب ويطل سائدا‬
‫حتى إذا فترة دواعية أريناه يتخلى تدريجيا عن سيطرته أمام مذهب أدبي جديد تهيأت له أسباب الوجود و‬
‫إن كان ذلك ال يعني بحال أن أثار المذهب القديم تختفي كلية من األدب ‪...‬والمذاهب األدبية هي تعبی‬
‫ا رت أدبية متميزة تقوم على دعائم من العقل العاطفة والخيال ‪...‬وقد يتاح إلحدى هذه الدعائم في عصر‬
‫من العصور غلبة وسلطان‪ ،‬فإذا فهي مذهب أدبي سائد يستعلي على غيره من مذاهب التعبير وعلى هذا‬
‫تتعاقب المذاهب األدبية بتعاقب العصور وليأخذ الالحق ما ترك السابق مع النقص منه أو زيادة عليه تبعا‬
‫ألوضاع المجتمع في عصره‪.‬‬

‫‪ 1‬لخضر عبد هلل ‪ ،‬المذاھب األدبية دراسة وتحليل ‪ ،‬ص ‪69‬‬


‫‪ 2‬مجلة منتدى كوم ‪ ،‬بن لحاج مصطفى مجلة المدارس األدبية والغربية في األدب العربي ‪ ،‬الخميس ‪ 09‬يناير‪.4008 ،‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫إن قضية المذاهب األدبية هي فرع من قضية أكبر قضية العالقة بين الثقافتين العربية والغربية‪ ،‬وقد‬
‫أصبحت لهذه القضية أهمية خاصة خالل العقود األربعة األخيرة‪ ،‬ألن العالم يسير موضوعية نحو التوحيد‪،‬‬
‫يتم ذلك أمام أعيننا السياسية واالقتصاد وتتم حركة مماثلة في الثقافة‪ ،‬ومن ينعزل في أي شأن من هذه‬
‫الشؤون يحكم على نفسه بالموت‪ .‬والمدرسة األدبية هي مجم وعة من الخصائص الفنية في تعبير واآلداب‬
‫تتوفر عند جمع من األدباء ويأخذها بعضهم عن بعض و بأنه البد لكل مدرسة من أديب يبتدع خصائصها‬
‫الفنية ومن أتباع يواصلون األخذ بأمور ما يميزها عن غيرها من مدارس‪ ،‬تعين على مؤرخ اآلداب أن يبحث‬
‫عن نشأة المدارس األدبية مدرسة وأن يقف على األعالم الذين يندرجون إلنتاجهم فيها ليس من الشك بأن‬
‫‪1‬‬
‫المؤرخ إنما يعول على النصوص األدبية نفسها في اكتشاف المدارس وفي ضبط أصحابها‪.‬‬
‫‪-9‬نشأة المذاهب األدبية‪:‬‬
‫نشأت المذاهب األدبية‪ ،‬في المجتمع العربي خاصة‪ ،‬استجابة لحاجات جمالية في واقع تاريخي واجتماعي‬
‫معين‪ ،‬يواكبها تيار فكري فلسفي يفسر ماهية النشاط األدبي ومهمته وطبيعة أداته التي تساعد على تحقيق‬
‫تلك المهمة ‪ ...‬وبالتالي يكون لكل مدرسة أدبية أصول فلسفية وجمالية مرتبطة باألصول االجتماعية‪ ،‬وما‬
‫الفكر األدبي إال وجه من وجوه الفلسفة السائدة في المجتمع ‪.‬وكل مدرسة أدبية تتضمن شكال هو الصورة‬
‫واألصول الفنية كما تحتوي مضمونا يستجيب للمثل العليا الفكرية والروحية والمرحلة التاريخية االجتماعية‬
‫المعينة‪ ،‬ولقد ظهرت نشأت مدارس ومناهج في األدب والنقد العربي الحديث تحت تأثير عاملين‪:‬‬
‫أولهما ‪:‬حركة إحياء التراث العربي ونشر روائعه األدبية‪ ،‬والعودة إلى األدب ربي القديم الذي وجد فيه‬
‫األدباء تعبير عن استقالل الشخصية القومية‪ ،‬فكانت هذه العودة إلى األدب العربي القديم وتقليده والنسج‬
‫على ضواله تعبی ا ر عن حيوية األمة وأصالتها وقدرتها على النهضة والمعاصرة‪ ،‬وهذا ما تعارف عليه‬
‫الدارسون في أدبنا المعاصر بالكالسيكية العربية أو الكالسيكية أو االتباعية اإلحيائی أو التقليدية ‪.‬ولنا‬
‫‪2‬‬
‫عود إلى المزيد تفصيل فيما هو آت‪.‬‬
‫وثانيها ‪:‬التأثر باآلداب الغربية الحديثة واالقتباس منها ومحاكاتها‪ ،‬وقد كان الشكل البارز لذلك التأثر األخذ‬
‫بما عرفه الغرب من فنون أدبية ومذاهب أدبية مختلفة كاالتباعية الكالسيكية واالتباعية الجديدة الكالسيكية‬
‫‪3‬‬
‫الجديدة واإلبداعية الرومانسية أو الرومانتيكية والرمزية والواقعية والواقعية الجديدة‪.‬‬
‫ومن بين العوامل التي أدت إلى ظهور المذاهب األدبية منها عوامل مادية وداخلية وعوامل نفسية وخارجية‬
‫فاألولى تحاول رد ظواهر االجتماعية إلى صور خارجية أما الثانية ما يتصل بالعلم النفس بما هو شعور‬
‫أو غير الشعور‪ ،‬وجدير بالذكر أن المذاهب األدبية ال تتكون دفعة واحدة‪ٕ ،‬وانما تتكون بالتدريج شيئا فشيئا‪،‬‬

‫‪ 1‬الواد حسين ‪ ،‬في تأريخ األدب مفاھيم ومناھج ‪ ،‬مؤسسة العربية لدراسات و النشر بيروت لبنان ‪ ،‬ط ‪ ،4‬ص ‪.190‬‬
‫‪ 2‬قنيبي حامد صادق ‪ ،‬دراسات عربية في النقد و األدب الحديث تاريخ ومدارس ونصوص أدبية ‪ ،‬المعرفة العلمية األردن عمان ‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪4010‬ص ‪، 16‬‬
‫‪ 3‬المرجع السابق ص ‪.12‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫بتأثر تلك العوامل الظاهرة والخفية إلى أن تصل إلى دور تتميز فيه وتصبح ذا كيان خاص‪ ،‬وطابع يمتاز‬
‫‪1‬‬
‫بلون من االستقالل‪.‬‬
‫فالمذاهب األدبية على اختالف مدارسها تعبی ا رت فاصلة تسفر عنها‬
‫الق ا رئح والعبقريات‪ ،‬وهذه التعبی ا رت تقوم على دعائم ثالث من مذهب‬
‫وعاطفة وخيال وربما أتيح إلحدى هذه الدعائم في عصر من العصور غلبة وسلطان‪ ،‬فإذا هي مذهب سائد‬
‫يستعلي على غيره من مذاهب التعبير‪.‬‬
‫على أن المذاهب األدبية أنما تمثل في مجموعها توهج الذهن البشري في إكمال صورة األدب‪ ،‬و إتمام‬
‫رسالته في الحياة‪ ،‬والمضي به قدما نحو مثله األعلى ‪.‬والمذاهب األدبية ليست جديدة في عمر البشر‪ ،‬فإن‬
‫الباحث المستقصي ال يفوته أن يستبين مالمحها أو يستشن روحها فيما هو مأثور من آداب األولين‪ ،‬غير‬
‫أن المذهب األدبي ينهض بعنفوانه في عصر بعينه‪ ،‬فيكون بعينه‪ ،‬فيكون له هذا العصر بمثابة الربيع من‬
‫فصول الزمان فيه يتنصر ويزدهر‪ ،‬يسانده المجتمع وتؤازره ويتخلى عن صدارته ‪ ،‬ولكن يبقى أثره حاضار‬
‫في ذاكرة األدب‪ ،‬قويا في ذاكرة األديب ‪ٕ .‬وانما يبرز كل منها ثمرة لعصر بعينه‪ ،‬متأث ا ر بما يحمل‬
‫‪2‬‬
‫العصر من أوضاع المجتمع وطابع الحياة‪.‬‬
‫وبإضافة أيضا أن المدارس الفنية في األدب ليست أنواعا أدبية‪ ،‬بل مذاهب واتجاهات جمالية أسلوبية‪،‬‬
‫تستهدفها وتسعى فيها األنواع األدبية المعروفة بال استثناء‪ ،‬فإننا قد نعثر على أدب من النوع الغنائي مثال‬
‫يذهب مذهب الكالسيكية أو الرومانطيقية أو الرمزية أو غيرها‪ ،‬كما قد يذهب في هذه االتجاهات عمل‬
‫‪3‬‬
‫قصصي أو مسرحي أو سوى ذلك من نشاطات األدب اإلبداعي األخرى‪.‬‬
‫وفي القرن السابع عشر‪ ،‬وفي إيطاليا‪ ،‬يبدأ العصر الكالسيكي بالنزعة اإلنسانية ‪".‬وقد كانت هذه النزعة‬
‫حركة عقلية امتدت إلى الحياة االجتماعية‪ ،‬وكان ممثلو هذه النزعة يعيشون في بالط األمراء وأعوانهم‬
‫وكان لهم تأثير كبير في كل عناصر المجتمع‪ ،‬وسرعان ما امتد هذا اللون الحضاري إلى فرنسا في بالط‬
‫األمراء وتمثل بخاصة في بالط " مارجريت دى نافار ‪".‬قد كان هذا االتجاه اجتماعيا‪ ،‬ولم تكن له أول‬
‫األمر عالقة مباشرة باألدب‪ ،‬وهو ٕوان كان حقا لم ينتج أدبا من الطراز األول فإنه لوال هذه الحركة لما كان‬
‫من الممكن أن تكتب األعمال الفنية الكالسيكية الرائعة ومن أبرز روادها جون أولد هام ‪3771 – 1753‬‬
‫و هو ناقد أدبي ومن المؤيدين للكالسيكية‪ ،‬واألديب الفرنسي راسين ‪ ،3911 - 3911‬واألديب كورني‬
‫‪ ‚3969 - 3771‬واألديب حوليير‪ ،3911 - 3971‬واألديب الفوتين ‪.1695‬‬
‫أما في القرن التاسع عشر‪ ،‬تظهر الرومانتيكية وتنتشر‪ ،‬وكان طابعا عاما للعصر كله وعلى اإلجمال‬
‫الشكل‪ٕ ،‬واتباع األصول الفنية القدمة لألدب‪ ،‬وعن األدب الرومانتيكي بوصفه آداب العاطفة والخال والتحرر‬

‫‪ 1‬السيد أمير محمود أنور وغالم ورضا كلجين راد ‪ ،‬الرمزية في األدبين العربي و الغربي ‪ ،‬السنة الثانية العدد الثالث ‪ ،‬ص ‪01‬‬
‫‪ 2‬قنيني حامد صادق ‪ ،‬دراسات عربية في النقد و األدب الحديث تاريخ ومدارس ونصوص أدبية‪ 1820،‬ص‪.‬ص ‪62‬إلى ‪.62‬‬
‫‪ 3‬ميشال عاصي ‪ ،‬الفن و األدب ‪ ،‬مكتبة التجاري للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط ‪.4‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫الوجداني‪ ،‬والف ا رار من الواقع‪ ،‬والتخلص من ربقة األصول الفنية التقليدية واألدب الرومانتيكي مثل روح‬
‫الثورة‪ ،‬والتمرد‪ ،‬واالنطالق والحرة‪ ،‬وقد استمرت الرومانتيكية تحتل المدان حتى نص األول من القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬ففي الربع الثالث من هذا القرن نشط إتجاه آخر هو االتجاه الواقعي‪ ،‬وكما كانت الرومانتيكية رد‬
‫فعل الكالسيكية فكذلك كانت الواقعة رد فعل الرومانتيكية ومن أبرز روادها ‪:‬مخائيل نعمة‪ ،‬إال أبو ماضي‬
‫خلل مطران‪ ،‬العقاد‪.‬‬
‫والواقعية هي تصوير الحياة على ما هي عليه‪ ،‬ولكن ليس هذا هو التجديد الدقيق للواقعية من حيث هي‬
‫مذهب أدبي‪ ،‬ألن الواقعة في الحقيقة تؤكد بعامة جانبا خاصا من الحياة‪ ،‬هو أقل الجوانب تمدحا بالنبل‬
‫اإلنساني‪ ،‬وقد فصل جورج مارلييه في بحث ألقاه في المؤتمر الدولي لتاريخ الفن الذي عقد في بروكسل‬
‫سنة ‪ 1930‬بين الواقعة التي تفهم من حيث هي معاناة للواقع‪ ،‬والواقعية كما تفهم من حيث تصوير لمناظر‬
‫من الحياة المنحطة وقد كانت تعبي ار عن ذلك الروح الجديد الذي سيطر على الحياة في ذلك الوقت‬
‫‪1‬‬
‫وهو الروح العلمي‪.‬‬
‫فقد ترك الواقعيون خياالت الرومانتيكين وأحالمهم‪ ،‬وراحو يلتمسون الحقيقة في الواقع الملموس‪ ،‬فليس‬
‫للواقعيين‪ ،‬إيمان بعالم علوي فوق المحسوس‪ ،‬ومنهم من يؤمنون بالحقيقة الواقعة‪ ،‬وهذه الحقيقة يمكن‬
‫الوصول إليها عن طريق التجربة‚ ومن المألوف عند الناس أن ينظروا إلى هذه المذاهب الثالثة‪ :‬الكالسيكية‬
‫والرومانتيكية والواقعية‪ ،‬على أساس أن بينها صراعا‪ ،‬والحقيقة أن كل مذهب منها مثل الحد األقصى للون‬
‫فقط من ألوان النشاط اإلنساني‪ ،‬فالدوافع البدائية تؤدي بنا إحساسنا االجتماعي إلى الكالسيكية أي الفن‬
‫الذي يحترم فيه الناس القانون والتقاليد‪ ...‬وأحسن األدب – فيما أعتقد – هو ما حافظ على التوازن بين‬
‫هذه القوى جميعا كما صنع هوميروس وتشوسر‪ ،‬وشكسبير– ورتسار‪.‬‬
‫وزعماء الرمزية األوائل هم ‪:‬بودلير‪ ،‬فرالن‪ ،‬ماالرميه‪ ،‬وقد كان لهؤالء الشعراء برغم من اختالفاتهم الواضحة‪،‬‬
‫وجهة نظر واحدة في الحياة‪ ،‬ومن برغم أشكالها المختلفة‪ ،‬تتحد في عقيدة ‪ Symbolisme،‬ثم كانت‬
‫‪2‬‬
‫الرمزية واحدة حددت طابع شعرها‪.‬‬
‫كانت حركة القرن التاسع عشر الرمزية في فرنسا حركة صوفية في جوهرها وقد عارضت في أسلوب نبيل‬
‫–الفن العلمي لعصر كان قد فقد كث ار من إعتقاده التقليدي في الدين‪ ،‬وأمل في أن يجد بديال منه في البحث‬
‫عن الحقيقة‪ ،‬وقد عارض الرمزيون هذه الواقعة العلمية‪ ،‬وكان اعتراضهم صوفيا " من حيث أنه قام يدعو‬
‫لعالم مثالي هو– في حكمهم – أكثر واقعية من عالم الحواس‪ ،‬يدعى" ماالرميه " وأتباعه رمزين بحق ألنهم‬
‫حاولوا أن ينتقلوا تجربة علوية في لغة األشياء المرئية‪ ،‬ومن ثم فإن كل كلمة تكون رمزا‪ ،‬وتستخدم ال في‬
‫غرضها العادي بل للما تثيره من عالقات بحقيقة فوق الحواس‪.‬‬

‫‪ 1‬عز الدين إسماعيل ‪ ،‬األدب وفنونه دراسة ونقد ‪ ،‬دار الفكر العربي القاھرة ‪ ،‬بدون طبعة ‪ 4010‬ص‪.‬ص ‪48‬إلى‪.00‬‬
‫‪ 2‬المرجع السابق ص ‪.01‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫فالرمزية تؤمن بعالم من الجمال المثالي‪ ،‬وتعتقد أن هذا العالم يتحقق في الفن واألشواق التي يجدها العابد‬
‫خالل الصالة والتأمل تتحقق للشاعر الرمزي خالل عمله و قد يكون فهم الرموز صعبا على اآلخرين‪ ،‬و‬
‫لكنها حين تنكشف لهم تنقل إليهم ب‪ 3‬هجة علوية ال تتحقق بأي أسلوب آخر‪.‬‬
‫وهكذا خالف الرمزيون الرومانتيكين من حيث تحاشيهم الموضوعات الشعبية والسياسية‪ ،‬وكذلك كانوا أعداء‬
‫لوجهة النظر الواقعة أو العلمية ألنها بطبيعتها تذكر‪ ،‬أو تحطم‪ ،‬العالم المثالي الذي هو مركز أللوان‬
‫نشاطهم‪ ،‬ويمكن أن يقال من الناحية السياسية أن الرمزية كانت رد فعل أرسقراطي النتشار األفكار‬
‫الديمقراطية فلم يكن الرمزيون يتحدثون إلى وطن أو إلى جيل ولكن أنفسهم‪.‬‬
‫وقد اهتم الرمزيون بالموسيقى في شعرهم اهتماما كبی ا ر‪ ،‬وكان تأثرهم عظيما بموسيقى‪ ،‬فكانوا حيث‬
‫يستمعون إليها يحسون في عظمتها وقوة دفعها شيئا جديدا وقد وجدوا فيها مثی ا ر يشبه تماما ما أ ا ردوا‬
‫أن يحدثوه‪ ،‬من خالل شعرهم‪ ،‬ومن هنا كانت الموسيقى أساسية عندهم ألن عملها اإلثارة واإليحاء‪ ،‬وكان‬
‫‪1‬‬
‫ماالرميه يرى أن الشعر يجب أال يعلم فقط بل يوحى ويثير أال يسمى األشياء بل يخلق أجواءها‪.‬‬
‫ومن أبرز روادها ‪:‬الشاعر أدونيس‪ ،‬نازك المالئكة‪ ،‬صالح عبد الصبور‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪-3‬خصائص المذاهب األدبية‪.‬‬
‫إن المدارس األدبية الكبرى في الغرب ثالث الكالسيكية االتباعية والرومانسية اإلبداعية‪ ،‬والواقعية‪ ،‬وتستند‬
‫كل مدرسة من وجهة فلسفة الفن إلى نظرة بعينها فالكالسيكية تستند إلى نظرية المحاكاة وتستند الرومانسية‬
‫‪2‬‬
‫إلى نظرية التعبير وتستند الواقعة إلى نظرية االنعكاس‪.‬‬
‫الكالسيكية‪ :Classicisme‬االتباعية اإلحيائية الكالسيكية أول من استعمل لفظ الكالسيكية الكاتب الالتيني‬
‫أولوس جيليوس في القرن الثاني الميالدي في " ليالي أثينا " عندما صك تعبير الكاتب الكالسيكي‬
‫كاصطالح مناه للكاتب الشعبي أي أنه كان يقصد به الكاتب األرستق ا رطي الذي يكتب من أجل الصفوة‬
‫المثقفة والموسرة‪ ،‬ولكن االصطالح أصبح عاما وغامضا لمدة قرون عديدة تالية بحيث قصد به الكاتب أو‬
‫العمل األدبي الذي يستحق الد ا رسة العملية الجادة في الكليات واألكاديميات وال تتأثر قيمته الفنية في‬
‫العصور الوسطى ومطالع عصر النهضة األوروبية بحيث أنتقل االصطالح إلى كل لغات أوروبا دون‬
‫‪3‬‬
‫استثناء‪.‬‬
‫يعتبر المذهب الكالسيكي أوال وقبل كل شيء مجموعة من المبادئ األساسية ينبغي تطبيقها لخلق عمل‬
‫‪4‬‬
‫فني كامل على قدر اإلمكان‪.‬‬

‫‪ 1‬عز الدين إسماعيل ‪ ،‬األدب وفنونھ دراسة ونقد‪ ،‬ص‪21‬‬


‫‪ 2‬قنني حامد صادق ‪،‬دراسات عربية في النقد و اآلداب الحديث تاريخ و مدارس ونصوص أدبية ‪ ،‬دار كنوز المعرفة العلمية األردن عمان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،4010‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 3‬راغب نبيل ‪ ،‬المذاھب األدبية من الكالسيكية إلى العبثية ‪ ،‬مطابع الھيئة القامة للكتاب ‪ ،‬بدون طبعة‪ ،1822 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 4‬تيغيم فيليب فان ‪ ،‬المذاھب األدبية الكبرى في فرنسا ترجمة فريد أنطونيوس ‪ ،‬منشورات عويدات بيروت‪ ،1890 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫يتفق أغلب رجال األدب على أن الكالسيكية هي أقدم مذهب أدبي في ظهور واالنتشار سواء في إيطاليا‬
‫في قرنين خامس عشر والسادس عشر‪ ،‬أو في فرنسا في القرن السابع عشر ميالدي‪ ،‬وهذا ال يعني مطلقا‬
‫الرابط بين نشأة األدب ونشأة الكالسيكية فمن البديهي أن األدب أقدم في ظهور من المذاهب األدبية ‪.‬‬
‫ومن خالل هذه النبذة البسيطة عن الكالسيكية يمكننا تحديد خصائص المذهب الكالسيكي في تقليد‬
‫األقدمين‪ ،‬وعلق د‪.‬محمود دهن على ذلك بوصفه األدب الكالسيكي أنه " أدب تقليدي إتباعي ينسج على‬
‫منوال سابقة ويستمد موضوعاته من منبع قديم معروف ثم يلبسها شكال مصنوعا على مثال" إن إيمان‬
‫د‪.‬ذهني بمبدأ التقليد للمذهب الكالسيكي فال أرى تحتيما في ذلك األمر بهذه الصورة وذلك ألمري‪:‬‬
‫األول وهو كون األدب اإلغريقي المتبع الرئيسي للكالسيكية فإنه أدب بكر لم يتم فيه تقليد أحد أما الثاني‬
‫وهو اإليمان بالتمييز واالختيار" ولقد اعترف مشرعو التقليد جميعهم بضرورة االختيار ومن هنا يتداخل مع‬
‫مبدأ التقليد مبدأ آخر إال وهو مبدأ العقل وخاصية الثانية للمذهب الكالسيكي انتصر الكالسيكيون للعقل‬
‫على حساب الخيال والشعور‪ ،‬ومن خالل هذا نستنتج أن السمات الفنية للمذهب الكالسيكي متمثلة في‬
‫انتصار الشكل بالمضمون‪ ،‬حيث كانوا على جزالة األلفاظ ومتانة التراكيب وفصاحة األسلوب والوضوح‬
‫‪1‬‬
‫والبعد عن الغموض والتعقيد‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن الكالسيكية اهتدت بالمبادئ الفنية التي صاغها الكتاب اليونانيون والرومان إال أنها‬
‫أصبحت تتميز بالخصائص فنية ٕوانسانية مجردة وتتمثل تلك الخصائص باعتماد الكالسيكية على عقل‬
‫الذي كان له السلطان المطلق في األدب الكالسيكي ومن خصائصها البحث عن الحقيقة في معناها العام‪،‬‬
‫وكان من الطبيعي أن تتجه الكالسيكية نحو األدب الموضوعي المتمثل في المسرح وتتمثل الخاصية ال ا‬
‫رئعة في األخالق إذا كان األدب الكالسيكي أخالقيا في غايته من أجل إصالح العادات وتلقين العادات‬
‫‪2‬‬
‫الدينية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪-1‬الرومانسية ( الرومانتيكية اإلبداعية)‬
‫منهج في الفن األوروبي حل محل الكالسيكية في عشرينات و ثالثينات القرن التاسع عشر‪ ،‬ومصطلح‬
‫الرومانسية وم ا ردفاتها ‪:‬الرومانتيكية واإلبداعية – لمجير مبلبل للفكر‪ ،‬وقد اختلف النقاد ومؤرخو األدب‬
‫حول تعريف هذه المدرسة‪ ،‬ولكن إذا رجعنا إلى مضمونها الفكري يمكن تعريفها بأنها رد فعل موجهه ضد‬
‫‪3‬‬
‫المذهب العقلي الذي ساد في أوروبا في القرن الثامن عشر‪.‬‬
‫يرجع أصل كلمة الرومانسية إلى كلمة الفرنسية رومانس ومعناها قصة أو رواية سواء كانت واقعية أو‬
‫خيالية ولكن الكلمة دخلت األدب اإلنجليزي فمنهما الخيالي فقط في القرن السابع عشر وأصبحت تعني كل‬

‫‪ 1‬مقالة منير حر للثقافة و الفكر و األدب ‪ ،‬العطار فارس سالمة ‪ ،‬المذاھب األدبية العالمية ‪ ،‬مقالة ‪ ،14‬ماي ‪ ،4010‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 2‬قني حامد صادق ‪ ،‬دراسات عربية في النقد و األدب الحديث تاريخ ومدارس ونصوص أأدبية ‪ ،‬ص ‪19‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪6‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫األشياء المرتبطة بالخيال الجامح و الغ ا رمية الملتهبة ولكن في القرن الثامن عشر تبدأ الناس في أوروبا‬
‫ينظرون إلى الرومانسية نظرة أكثر احت ا رما حيث أصبحت مرتبطة بالتأمل الفلسفي العميق بالكون و‬
‫الحياة و الطبيعة والتفكير كان أول ناقد يستخدم اصطالح الرومانسية في النقد األدبي ليتورنير‪ ،‬وفي نهاية‬
‫القرن الثاني عشر أصبحت الكلمة شائعة لدرجة أن األكاديمية الفرنسية اعترفت بالكلمة وأدخلتها القاموس‬
‫وتطور هذا المفهوم في األدب اإلنجليزي في القرن التاسع عشر إلى تغنى بالجمال الطبيعة والبعد عن كل‬
‫‪1‬‬
‫مظاهر التعقيد الصناعي و التوتر الحضاري‪ ،‬وانتقل نفس المفهوم في األدب األلماني‪.‬‬
‫وقد تميزت الرومانسية بالخصائص العامة جعلتها تختلف عن الكالسيكية بحيث تعتمد على القلب والعاطفة‬
‫واهتداء بالقلب و ا رء وفي الجمال مرآة للحقيقة وقالوا إن األدب خاصة الشعر ليس محاكاة لطبيعة بل‬
‫هو خلق أداته الخيالي المبتكر وفيما يختص بالغاية الخلوقية لألدب و أ رو أن األدب استجابة للعواطف‪،‬‬
‫وهذه العواطف ليست ش ا ر كما يرى الكالسيكيون بل هي الخير كله ألنها مجال الجمال‪. 2‬تميز المذهب‬
‫الرومانسي باالعتداد بالعاطفة والخال‪ ،‬وتغلب ذلك كله على العقل والمنطق والحكمة الجامدة‪ ،‬كما تميز‬
‫باالنتفاض على أوضاع المجتمع ومناصرة الفكر الحر الطليق‪ ،‬والنزوع إلى المعج ا زت والعجائب‪ ،‬واالتجاه‬
‫إلى عبادة الطبيعة والجنوح إلى حياة الفطرة‪ ،‬متأث ا ر في ذلك باألدب الشرقي على وجه خاص‪.‬‬
‫الواقعة في أوروبا في القرن التاسع عشر و اتجهت إلى تعرية المجتمع الرأسمالي وكشف شروره وتناقضاته‬
‫والتنديد بسيطرة اإلقطاعيين الجائز وبالغريزة الوحشية للبرجوازية وتعصب الكنيسة آنذاك‪ ،‬وكذلك تعني‬
‫الواقعة لدى دعاتها النزوع إلى تصوير المشكالت الرئيسية للوجود االجتماعي والبشري في صورة مخلصة‬
‫للحقيقة كما يرونها‪ ،‬وصادقة مع المظاهر الوقائع االجتماعية واإلنسانية بشكل فني ‪.‬بذلك نشأ المذهب‬
‫الواقعي أو الطبيعي أو التجريبي‪ ،‬على دعائم من إيمان بالعلم في حقائقه وتجاربه وتطبيقاته وتقدير للظواهر‬
‫اإلنسانية واالجتماعية التي ت ا رها العيون في مجتمع الناس‪ ،‬فهو مذهب ينادي تسجيل المالحظات‬
‫والمشاهدات في غير سلطان للمؤث ا رت الداخلية من عواطف الكاتب وأحاسيسه‪ ،‬وفي رعاية تامة‬
‫للموضوعية النزيهة‪ ،‬وترصد يقظ للتجربة الحية‪ ،‬واستيعاب دقيق لما في الحادثة أو المشهد أو الشخصية‬
‫من معالم خاصة وتفاصيل وافية‪ ،‬وفي نزيه لموقف الحياد أمام معترك الحياة و األحياء ‪ .‬وتوفي هذا‬
‫المذهب وصف المجتمع اإلنساني على حقيقته في أمانة وصدق ال زخرف وال زينة‪ ،‬وتطفل من الهوى‬
‫شخصي غالب فهو يهتم التحليل مقام التخيل‪ ،‬ويحل المنظور محل المهموم ويؤثر الواقع الحسي والطبيعة‬
‫الظاهرة على جنوح العاطفة وهتفات الوجدان ‪.‬وبإضافة أن اآلداب الواقعي قد ألسرف في واقعيته وأفرط‬
‫‪3‬‬
‫فيها وأصبح بذلك رسما جامدا لشخصيات مرئية وتسجيل مجرد لظواهر المجتمع‪.‬‬

‫‪ 1‬راغب نبيل ‪ ،‬المذاھب األدبية من الكالسيكية إلى ‪ ...‬ص‪.‬ص ‪ 42‬إلى ‪.41‬‬


‫‪ 2‬قنني حامد صادق‪ ،‬دراسات عربية في النقد و األدب الحديث ومدارس ونصوص أدبية ص ‪.60‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪ 6‬إلى ‪.60‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫أما النوع الثاني من الواقعة في الواقعة االشت ا ركية وهي نوع جديد يتفق مع الواقعة األولى في أكثر‬
‫النواحي الفنية‪ ،‬لكنها تخالفها باألساس الفلسفي‪ ،‬وتميل إلى الواقعة التفاؤل وتضيف إلى الشعر إلى جنسي‬
‫القصة ومسرحية ومثل هذه الواقعة مايكوفسكي‪ ،‬وقد دعا‪ ،‬في أعقاب الحرب العالمية األولى إلى الت ا زم‬
‫الشاعر برسالة االجتماعية والواقعية األوروبية والواقعية االشت ا ركية تذهبان إلى رفع المجتمع إلى مستوى‬
‫أعلى والكاتب الواقعي ال يقاطع جمهوره‪ ،‬بل يختار نوع تجاربه بموضوعية حتى يعبر عن الوجدان‬
‫االجتماعي ‪.‬وتحتوي هذه المدرسة على جملة من الخصائص متمثلة في السعي إلى عرض الحقيقة والنظر‬
‫إلى الحياة الموضوعية والبعد عن التعليمات ومعالجة الموضوعات العادية واستخدام التفاصيل النوعية‬
‫المعتمدة على دقة المالحظة‪ ،‬وتفسير الحياة ومواجهتها بشجاعة دون هرب‪ ،‬أما أن الواقعيون يتجاوزون‬
‫العوامل الخيالية‪ ،‬ألنها في أ ريهم تفتت صلة الشاعر بواقعه‪ ،‬وهم يظنون انفعاالتهم ضمن منطق النظرية‬
‫‪1‬‬
‫الموضوعية‪.‬‬
‫‪-1‬الرمزية ‪:‬وهي حركة أدبية تميزت في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر وكانت هذه الحركة ثورة على‬
‫الطبيعة البالغة في الجمود وعلى البرناسية المفرطة في الوضوح‪.‬‬
‫إن المذهب الرمزي الذي اشتهر في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر كان نتيجة لعوامل عدة منها‬
‫االجتماعي واالقتصادي ومنها األدبي والفني والثقافي‪ ،‬ولم تنبع كل هذه العوامل من فرنسا‪ٕ ،‬وانما كان منها‬
‫الخارج والداخلي‪ ،‬ولعل الدخيل منها كان كثير الغالب‪ ،‬وقد تضافرت هذه العوامل جميعا على إيجاد هذه‬
‫الحركة األدبية التي نزعت نزعة صوفية‪ ،‬وآلمنت بالعالم المثالي في نظر الرمزيين أكثر حقيقة من عالم‬
‫الحس مستعينا بالمعنى المسيحي الدقيق فقد كانت الروح الغالية عليهم بعيدة عن الدين والتقيد بروجه‬
‫ونصوصه‪ ،‬إن جوهر الرمزية يتمثل في اإليمان بعالم من الجمال المثالي‪ ،‬االعتقاد بأن هذا العالم يثير‬
‫الوصول إليه عن طريق الفن ‪.‬ولم تعرف الرمزية مدرسة أدبية إال في تمام عام ‪ 1917‬م على وجه التحديد‪،‬‬
‫وفي هذا العام أصدر عشرون كاتبا فرنسيا مقاال أمانيفشوا الفرنسية يعلن عن ميالد الرسمي نشر في جريدة‬
‫الفيجارو للمدرسة‪ ،‬وقالوا ‪:‬إن هدفهم تقديم نوع من تجربة األدبية تستخدم فيها الكلمات الستحضار الحاالت‬
‫الوجدانية‪ ،‬الشعورية أو الالشعورية‪ ،‬بصرف النظر عن الماديات الملموسة ‪ ،‬التي ترمز إليها هذه الكلمات‪،‬‬
‫وكتب كتب الشاعر قصيدته ‪ Baudoloére‬الشاعر الفرنسي شارل بوديير وفيها أحال األشياء والمعاني‬
‫المشهورة المراسالت رمو از بخطه‪ ،‬فكانت هذه القصيدة مستعملة بأسلوب فني جديد فيه الرمز‪.‬‬
‫ويعد بودلير المؤسس المدرسة الرمزية ألنه استطاع أن ينتج مذهبا أدبيا متكامال‪ .‬تضاعف عدد تالميذ‬
‫المدرسة الرمزية إلى مجموعتين إحداهما تتبع فبرلين واألخرى ماالرمية‪ ،‬وقد تميز شعر تالميذ فبرلين‬
‫بالحزن والبساطة‪.‬‬

‫‪ 1‬نسيب نشاوي‪ ،‬مدخل إلى دراسة المدارس األدبية في الشعر العربي المعاصر اإلتباعية –الرومانسية –الواقعة – الرمزية ‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪ 1892‬ص ‪.0‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫احتوت المدرسة الرمزية انتقاء الواقع والتحري عن الروح في قلبه ألن الرمزية اعتبرت الواقع الهادئ ا زئفا‬
‫في الداللة على الحقيقة‪ ،‬ويعتبر الغموض العمود الفقري ألدب الرمزي والرمزيون اهتموا بالمشاركة الوجدانية‬
‫‪1‬‬
‫مابين الكاتب والقارئ تقوم على نقل الحاالت الرمزية‪.‬‬
‫ومن هنا نستطيع وصف الرمزية في اآلداب بأنها التعبير عن األفكار والعواطف ليس بطريقة وصفها‬
‫المباشر الواضح‪ ،‬وال من خالل التشبيهات الظاهرة للخياالت الجامدة‪ٕ ،‬وانما تكون بواسطة وضع توقعات‬
‫لماهية األفكار والعواطف ‪....‬وذلك بإنعاشها في عقل القارئ من خالل االستعمال الرمزي غير الواضح‪.‬‬
‫‪-4‬الصورة في المذاهب األدبية‪.‬‬
‫ينظر أصحاب كل مذهب إلى الصورة الشعرية من منطلق ما تفرضه عليهم الفلسفة الكامنة وارء مذهب‬
‫بعينه شكلت الدافع إلى تأسيس مقوماته وأركانه‪ ،‬وتبعا لالختالفات النظرية في المنطلقات الفكرية والثقافية‬
‫التي رافقت هذه المذاهب فقد كان لها التأثير الجلي على تحديد مفهوم الصورة الشعرية وبما أن الشعارء‬
‫والنقاد العرب في العصر الحديث قد نهلوا من معين الثقافة الغربية‪ ،‬أو تأثی ا ر بأفكارها ٕوايديولوجياتها‪،‬‬
‫ومن ثم تأثرت إبداعاتهم ونتاجاتهم بها‪ ،‬كان جدی ا ر بنا أن ننظر في طبيعة الصورة وسماتها ضمن‬
‫‪2‬‬
‫حدود كل مذهب‪.‬‬
‫الصورة الكالسيكية ‪:‬تقوم على فلسفة منطقية تعطي العقل المرتبة األولى في اإلبداع انعكاس للمعالم الواقعة‬
‫والموضوعية ذات السمة الحسية" والعقل عند الكالسيكيين ی ا ردف الذوق السليم والحكم السليم‪ ،‬ومن هذه‬
‫الناحية اتخذوه وسيلة لتثبيت دعائم التقاليد والقواعد المقررة‪ ،‬وهم يعارضونه بالذوق الفردي‪ ،‬ويفضلون العقل‬
‫ألنه ثابت غير نتغير فأساس الجمال في األدب العقلي أن يكون صالحا لكل زمان ومكان‪".‬‬
‫ظهرت الكالسيكية في أوربا في عصر النهضة وقدست أدب القدماء عند اليونان والرومان‪ ،‬تلك اآلداب‬
‫المبنية على قيم عقلية صارمة‪ ،‬وفي احتذاء األدباء والشع ا رء لهذه اآلداب القدمة أخضعوا أنفسهم لقيود‬
‫صارمة وقوانين ثابتة‪ ،‬تجلت فيها األطر الجاهزة والنماذج التقليدية المستمدة من الحسية المفرطة‪ ،‬وبذلك‬
‫فقد عظموا ممن شأن األفكار األرسطية ومنهجها العقلي الذي يتخذ من الحواس المنفذ األول للصور‪ ،‬ومن‬
‫هنا يقل شأن الخيال وتضعف العاطفة‪ ،‬وتفقد االنفعاالت قيمتها العالية‪ ،‬مما يفي ضمور النزاعات الفردية‬
‫الفردية وسيطرة األفكار العامة‪ 3.‬واألحاسيس المشتركة بين الناس‪ ،‬ألن الروح العمة كانت روح سيطرة العقل‬
‫على النفس ‪ ..‬وكان الخيال قيمة دنيا عاجزة بذاتها‪ ،‬فرض عليها العقل ووصايته وقد اكتسب هذه الوصاية‬
‫إلى جانب خصائص الروح العام للموقف التقليدي ولنظرية الشعر الخيال طابعا جعله هو اآلخر يتميز‬
‫بخصائصه التي أهمها الحسية والمحدودية"‪ ،‬ولهذا فقد تميزت الصورة الشعرية في الكالسيكية بالحسية‬

‫‪ 1‬نسيب نشاوي‪ ،‬مدخل إلى المدارس األدبية في الشعر العربي المعاصر اإلتباعية ‪ ،‬الرومانسية ‪ ،‬الواقعة ‪ ،‬الرمزية ص‪.‬ص ‪ 266‬إلى ‪.262‬‬
‫‪ 2‬نظر‪ ،‬بيطار ھدية جمعة ‪ ،‬الصورة الشعرية عند خلل حاوي ‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫المفرطة ألنها تأخذ مادتها األولية من الواقع المحيط‪ ،‬وتبتعد عن التجريد واألمور الروحية وتكون جامدة‬
‫مقيدة لبعدها عن التصورات الخيالية‪.‬‬
‫الصورة الرومانسية ‪:‬لقد حاول الرومانسيون أن يتحروا من وصاية العقل وفلسفته‪ ،‬فلجئوا إلى العاطفة‬
‫وخضعوا إلى االنفعال والشعور وتعمقوا في وجدان النفس اإلنسانية وتسللوا إلى جوهر الحياة و عبروا عن‬
‫خلجات أنفسهم‪ ،‬ومن هنا كان ارتداد إلى الذات واالتكاء على الفردية على أساس أن المعنويات تخلق‬
‫الماديات وتطورها وفق مشيئتها‪ ،‬فالعقل أو الروح أو النفس تريد فتحول اإل ا ردة إلى خلق‪ ،‬ويمكن توجيهه‬
‫‪1‬‬
‫هذا الخلق وفق اإلدارة الذاتية والتلقائية‪.‬‬
‫إن األديب تحول من وصايا العقل واألحاسيس إلى التعبير عن ذات الفردية ونقل األدباء اهتمامهم من‬
‫الواقع الحرفي إلى تصوير مشاعرهم ومعاناتهم لذلك أصبحت الصورة" ركنا أساسيا من أركان التعبير‪،‬‬
‫ووسيلة لنقل العواطف واألفكار نقال مباش ا ر‪ ،‬وآثر بعضهم اإلبهام على الوضوح والحلم على الواقع‪،‬‬
‫وكان شغفهم بالتصوير والتعبير سلما عبروا منه إلى الرمز فقد حاولوا التحرر من قيود الواقع الموضوعي‬
‫والمحاكاة المباشرة فأصبحت الصورة تعبير عن الذات اإلنسانية‪ ،‬بما تحمله من مشاعر و االنفعاالت وظهر‬
‫دور الخيال في إبداع الصورة ال رومانسية‪ ،‬وقد قسمه كانط إلى قسمين‬
‫األول ‪:‬خيال عام تتجمع فيه الصور المرئية التي أخذت من الواقع المادي وتكون ذات سمة حسية مدركة‬
‫من خالل الحواس الظاهرة التي تكون على تواصل مباشر مع المحيط الخارجي‪ ،‬وعندما يتعامل الخيال مع‬
‫هذه الصور ويخلق منها صور جديدة ال صلة للمرئيات الواقعة بها‪ ،‬يكون قد أصبح خياال إنتاجيا يعتمد‬
‫على اإلد ا رك‪ ،‬ويرتبط لديه الخيال باألحالم التي تشكل جزءا هاما من حياة اإلنسان الرومانسي‪ ،‬ومن‬
‫هنا تكون الصورة الرومانسية نتاج الخيال ووليدة اللحظة االنفعالية وليست صورة جاهزة أو نماذج تقليدية‬
‫‪2‬‬
‫ثابتة " ألن الرومانسية قد كانت حالة نفسية وتعبي ار عن تلك الحالة أكثر من كونها مذهبا أدبيا‪...‬‬
‫وعليه فالحركة الرومانتيكية عاطفية ال عقلية ذات بنيان عضوي تمتد في نمو مطرد بواسطة لغة سهلة‪،‬‬
‫موجبة تعتمد على ظالل الكلمات وداللتها الفرعية‪.‬‬
‫الصورة الرمزية ‪:‬ظهر هذا المذهب في أوربا في القرن التاسع عشر وتعني بها " فن التعبير عن األفكار‬
‫والعواطف‪ ،‬ليس بوصفها مباشرة ولكن بالتلميح إلى ما يمكن أن تكون عليه صورة الواقع المناسب لهذه‬
‫األفكار والعواطف وذلك إعادة خلقها في ذهن القارئ من خالل استخدام رموز غير مشروحة " ومن هنا‬
‫ننجد أن مفهوم الرمزية يقوم على مبدأ االنعكاس الوقائع المادية المحسوسة في ذاكرة على شكل صورة‬
‫ذهنية مرتبطة بالحالة النفسية وانفعاالتها الشعورية‪ ،‬وقد أكل محمد مندور كانت تسند في مبادئها إلى‬
‫المثالية أفالطون" التي تذكر األشياء المحسوسة وال ترى فيها غير صور رموز للحقائق المثالية البعيدة عن‬
‫عالمنا المحسوس ‪ ".‬ومنه فإن الرمزية تبتعد عن الوقائع المادية في مشاهدها الحفية وتعبر عنها عبر صور‬

‫‪ 1‬بيطار ھدية جمعة‪ ،‬الصورة الشعرية عند خلل حاوي‪ ،‬ص‪.‬ص ‪ 18‬إلى ‪.61‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪20‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المذاهب األدبية‬

‫رمزية ذات دالالت تجريبية تحي بالفكرة وال توضحها‪ ،‬ولكي يحقق الشاعر الرمزي لصوره القيمة الفنية فإنه‬
‫يجعلها مت ا ربطة ضمن إطار جمالي تدعمه جملة من العناصر المساندة من أهمها اإليقاع الموسيقي‬
‫ٕوالى جانب الموسيقى اعتمدت الرمزية على تقنية ت ا رسل الحواس‪ ،‬فتكون الصورة الرمزية شحنة كامنة‬
‫‪1‬‬
‫من اإليحاء‪ ،‬وحركة داخلية بالمعاني‪ ،‬وتوحي بألوان من العواطف والمشاعر‪.‬‬

‫‪ 1‬بيطار ھدية جمعة‪ ،‬الصورة الشعرية عند خلل الحاوي ‪ ،‬ص ‪6‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫الصورة الشعرية عند حممود درويش‬
‫قصيدة األرض ‪-‬أمنوذجا‬
‫(دراسة حتليلية)‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬الصورة الشعرية عند محمود درويش قصيدة األرض –أنموذجا (دراسة تحليلية)‬

‫دراسة الصورة الشعرية‪:‬‬


‫إن الصورة قديمة قدم الشعر نفسه‪ ،‬وال وجود للشعر دون صورة‪ ،‬وأقدم أنماط هذه الصورة" ‪:‬الصورة البالغية "‬
‫و"البالغة "اسم من بلغ‪ ،‬وعناه لغة الوصول واالنتهاء وعلم البالغة ثالثة فروع هي" علم البديع وعلم المعاني‬
‫وعلم البيان‪ ،‬هذا األخير والذي تمكن وظيفته في أنه يعلم اإلنسان صناعة الكالم الفصيح" من غير معاني‬
‫مضمرة أو مبهمة‪ ،‬ومباحثه هي التشبيه واالستعارة والكناية‪.‬‬
‫فالمذاهب األدبية هي مجموعة من المدارس المختلفة تختص في ميدان متنوعة منها ‪:‬الكالسيكية‪،‬‬
‫الرومانسية‪ ،‬الواقعية‪ ،‬الرمزية‪.‬‬
‫وتنطلق لتعرف على األنواع البالغية للصورة الشعرية عند" محمود درويش"‬
‫في ديوان" األرض‪".‬‬
‫الصور البالغية في قصيدة األرض‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫أ) التشبيه ‪ :‬وهو التمثيل والمتشابهات " المتماثالت‪ ،‬وتشبيه فالن بكذا"‬
‫أنا األرض‬
‫و األرض انت‬
‫خديجة ال تغلقي الباب‬
‫ال تدخلي في الغياب‬
‫يتجسد التشبيه في األبيات أنا األرض تشبيه بليغ حيث تشبه نفسه باألرض‪.‬‬
‫باالستعارة ‪:‬هي تشبيه بليغ حذف أحد طرفين ووجهه التشبه وأداته‪ ،‬وهي‬
‫ضرب من المجاز اللغوي‪ ،‬وتستعمل فيه الكلمة في غير معناه الحقيقي‪.‬‬
‫قالت لنا األرض‬
‫أسرارها الدموية في شهر أذار مرت أمام‬
‫‪2‬‬
‫النفسج والبندقية خمس بنات‪ ،‬وقفت على باب‪.‬‬
‫قالت األرض استعارة مكنية حيث شبه األرض بالم أ رة حذف المشتبه به‬
‫‪3‬‬
‫ورمز له بأحد لوازمه وهي " قالت "‬
‫اسمي الت ا رب امتداد لروحي‬
‫اسمي يدي رصيف الجروح‬
‫اسمي الحص أجنحة‬
‫اسمي العصافير لو ا زتين‬

‫‪ 1‬فيروز كروش ‪ ،‬الصورة الشعرية في ديوان عاشق من فلسطين لمحمود درويش ‪ ،‬مذكرة لنيل شھادة الماستر ‪ ،‬جامعة منتوري ‪ -‬قسنطينة كلية‬
‫اآلداب و اللغات ‪ 4011 ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ 2‬محمود درويش ‪ ،‬الديوانھ األعمال ‪ ، 4‬رياض الريس للكتب و النشر ‪ ،‬ط ‪ ،4001 ،1‬ص ‪.491‬‬
‫‪ 3‬فيروز كروش ‪ ،‬الصورة الشعرية في ديوان لمحمود درويش عاشق من فلسطين ص ‪.61‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬الصورة الشعرية عند محمود درويش قصيدة األرض –أنموذجا (دراسة تحليلية)‬

‫‪1‬‬
‫اسمي ضلوعي شجر‪.‬‬
‫فالتشبيهات كذلك ‪:‬إمتداد لروحي‪ ،‬رصيف الجر وح‪ ،‬الحص أجنحة‬
‫العصافير لوزاتية‪ ،‬ضلوعي شجر ‪.‬تشبيه بليغ‬
‫وتنبلج الذكريات عشاء من اللغة العربية‬
‫قال لي الحب يوما ‪ :‬دخلت إلى الحلم وحدي فضعت‬
‫وضاعبي الحلم‪ ،‬فقلت تكاثر تر النهر يمشي إليك‬
‫قال لي الحب يوما ‪:‬استعارة مكنية حيث شبه الحب بإنسان حذف المشبه‬
‫به ورمز له ب ‪:‬قال‬
‫تكاثر تر النهر يمشي ‪:‬استعارة مكنية حيث شبه النهر باإلنسان ورمز له‬
‫ب ‪ :‬يمشي‪.‬‬
‫لماذا أغني ؟‬
‫لطفل ينام على الزعفران؟‬
‫‪2‬‬
‫ينام على الزعف ا رن ‪:‬كناية عن الظلم والقهر‪.‬‬
‫الصور المكررة في قصيدة األرض‪:‬‬
‫‪-1‬التكرار ‪:‬أي كرر الشيء وكره‪ ،‬أعاده مرة بعد مر‬
‫أ) تكرار الكلمة‪:‬‬
‫سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل‬
‫سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل‬
‫سنطردهم من هراء جليل‪.‬‬
‫يؤكد الشاعر من خالل كلمة سنطردهم بأن الشعب الفلسطيني سيطرد‬
‫المحتل ويؤكد على حتمية التفاعل بتحرر فلسطين من يد المحتل الغاصب‪.‬‬
‫اسمي التراب امتداد لروحي‬
‫إسمي يدي رصيف الجروح‬
‫إسمي الحصى أجنحة‬
‫إسمي العصافير لوازتين‬
‫إسمي ضلوعي شجر‬
‫تكرار كلمة إسمي‪ ،‬تعبر عن إنتماء الشاعر لفلسطين وأنه جزء منها‪.‬‬
‫بالدي البعيد عني ‪ ...‬كقلبي!‬

‫‪ 1‬محمود درويش‪ ،‬الديوان األعمال‪ ،‬ص ‪496‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة ذاتھا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬الصورة الشعرية عند محمود درويش قصيدة األرض –أنموذجا (دراسة تحليلية)‬

‫بالدي القريبة مني‪ ...‬كسجني!‬


‫‪1‬‬
‫تدل كلمة بالدي على إنتماء الشاعر إلى وطنه‪.‬‬
‫ب) تكرار اللفظة‪:‬‬
‫في شهر أذار‪ ،‬في سنة اإلنتفاضة‪ ،‬قالت لنا األرض‬
‫وفي شهر أذار‪ ،‬مرت أمام البنفسج والبندقية خمس‬
‫بنات‪ ،‬سقطن على باب مدرسة إبتدائية للطباشير‬
‫فوق األصابع لون العصافير‪ ،‬في شهر أذار قالت‬
‫لنا األرض أسرارها‪.2‬‬
‫فتكرار عبارة شهر أذار تدل على الفترة الزمنية التي وقعت فيها المجزرة‬
‫الدموية التي ا رح ضحيتها خمس بنات أمام المدرسة اإلبتدائية وتدل كذلك‬
‫على بدأ الحرب‪.‬‬
‫أنا األرض‬
‫واألرض أنت‬
‫خديجة إال تغلقي الباب‬
‫ال تدخلي في الغياب‬
‫سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل‬
‫سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل‬
‫سنطردهم من هواء الجليل‬
‫وفي شهر أذار‪ ،‬مرت أمام البنفسيج والبندقية خمس‬
‫بنات ‪.‬سقطن على باب مدرسة إبتدائية للطباشير‬
‫فوق األصابع لون العصافير‪ ،‬في شهر أذار قالت‬
‫‪3‬‬
‫لنا األرض أسرارها‪.‬‬
‫إستعمل الشاعر في هذه األبيات ألفاظ ولغة سهلة وواضحة متمثلة في الباب الغياب‪ ،‬الغسيل ليعبر‬
‫عن انتماءه لفلسطين أي جزء منها‪ ،‬وأيضا أنا األرض واألرض أنت هناك تقديم الضمير وتأخير اإلسم‬
‫بينما الثاني العكس وذلك من أجل تعزيز لغة الشاعر وألنها وسيلة لتشويق واإلثارة‪.‬‬
‫تنوع ضمائر في القصيدة يدل على القوة مثل ضمير المتكلم أنا‪ ،‬تحت وضمير الغائب هنا‪ ،‬المخاطب‬
‫أنت‪ ،‬فكلها تدل على العزة والقوة وتسمح للمتلقي أن يشارك في التجربة ألنه يعتبر جزء منها‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة ذاتھا‪.‬‬


‫‪ 2‬محمود درويش ‪ ،‬الديوانھ األعمال ‪ ، 04‬ص ‪491‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪491‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬الصورة الشعرية عند محمود درويش قصيدة األرض –أنموذجا (دراسة تحليلية)‬

‫إستخدم الشاعر فن اإليحاء لم يذكر صور بألفاظ صريحة ليعبر عن وحشية المحتل وهمجيته بل ترك‬
‫‪1‬‬
‫القارئ يستنتج من خالل عبارة بنات خمس‪.‬‬
‫سقطن على باب المدرسة اإلبتدائية‪ ،‬أما من حيث الصور الحسية فقد جاءت الصورة البصرية أكثر وردا‬
‫تأتي بعدها الصور السمعية تمتاز بتنامع الموضوع والحدث الذي يستدعيه‪ ،‬أما الصور الشمية متمثلة في‬
‫ا رئحة الورد وشذى الزهور‪ ،‬وأتت الصورة الذوقية في مواطن أقل لكنها متعاضدة مع غيرها من الصور‬
‫الحسية األخرى وهكذا يستخدم درويش عناصر الحس المتنوعة و توظيفها في صور ولوحاته الفنية قيمتها‬
‫الجمالية هذا إلى جانب ما تسفر عنه الصور الحسية من خلق تأثير في المتلقي‪.‬‬
‫ٕواستخدام أيضا بعض الغموض في األبيات مثل ‪:‬إناء الزهور‪ ،‬حبل الغسيل تجعل القارئ يشارك عملية‬
‫التحليل والحرية والتخيل الذي يدل على اإلثارة والتشويق‪.‬‬
‫وكذلك توظيف فعل مر داللة على حركة الفتيات المتوجهات المدرسة‪ ،‬و طباشير لتفاؤل والتأمل‪.‬‬
‫ولقد أسبغ على طبيعة صفة اإلحساس وألحقها بإنسان وجعلها تتفاعل مع أمانية من خالل‪:‬‬
‫إسمي التراب إمتداد لروحي‬
‫إسمي رصيف الجروح‬
‫إسمي الحص أجنحة‬
‫بين لفظتين بعيدة وقريبة‬
‫بالدي البعيدة عني‪ ....‬عقلي!‬
‫بالدي القريبة‪ ....‬كسجني!‬
‫الرموز‪:‬‬
‫خديجة ال تغلقي الباب‬
‫‪2‬‬
‫ال تدخلي في الغياب‪.‬‬
‫يدل على عدم تأخر األمة العربية في اإلستجابة ومساندة فلسطين ضد الكيان الصهيوني‪ ،‬وخديجة كما‬
‫وقفت هذه التسمية لخديجة‪ ،‬رضي اهلل عنها الوقوف إلى المعاناة الفلسطينية‪ ..‬فيمثل رمز تاريخي مأخوذ‬
‫من تاريخ اإلسالم‬
‫وفي شهر أذار‪ ،‬مرت أمام البنفسيج والبندقية خمس‬
‫بنات ‪.‬سقطن على باب مدرسة إبتدائية للطباشير‬
‫فوق األصابع لون العصافير ‪.‬في شهر أذار قالت‬
‫لنا األرض أسرارها‬

‫‪1 1‬خيرة عطافن ‪ ،‬قضية اإللتزام في شعر محمود درويش دراسة تحليلية لقصيدة "األرض" أنموذجا ‪ ،‬مذكرة لنيل شھادة الماستر ‪ ،‬جامعة‬
‫الجياللي بونعامة بخميس مليانة ‪،‬كلية اآلداب و اللغات ‪ ،‬قسم اللغة العربية و أدابھا‪ ،4016-4011 ،‬ص ‪.108-109‬‬
‫‪ 2‬محمود درويش ‪ ،‬الديوان ‪ ،‬ص ‪496‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬الصورة الشعرية عند محمود درويش قصيدة األرض –أنموذجا (دراسة تحليلية)‬

‫البنفسيج يدل على الخير والطهارة و الجمال والصفاء‬


‫لماذا أغني ؟‬
‫لطفل ينام على الزعفران‬
‫يرمز الشاعر إلى اللون األصفر يدل على القهر‪.‬‬
‫مرت أمام البنفسيج والبندقية خمس بنات وقفن على باب‬
‫مدرسة إبتدائية‪ٕ ،‬واشتعلت مع الورد والزعتر‬
‫البلدي إفتتحن تشيد الت ا رب‪ ،‬دخلن العناق النهائي‬
‫الورد األحمر يدل على الدم الذي إرتوت به األرض بينما الزعتر يدل على‬
‫اللون األخضر اإلزدهار والنماء‪.‬‬
‫بالدي البعيدة عني‪ ....‬كقلبي!‬
‫بالدي القريبة مني ‪....‬كسجني!‬
‫لماذا أغني ؟‬
‫لطفل ووجهي مكان‬
‫لماذا أغني‬
‫لطفل ينام على الزعفران‬
‫وفي طريق النوم خنجر‬
‫وأمي تناولني‬
‫صدرها‬
‫وتموت أمامي‬
‫بنسمة عنبر‪.‬‬
‫قد تكرر حرف " النون " في األبيات السابقة ستة عشرة مرة متجانسا حرف الروي وهو " الياء " الذي تكرر‬
‫في كل أبيات القصيدة ومحدثا نوعا من اإلنسجام اإليقاعي واإللتحام الصوتي الدال و يلف إيقاع الحزن‬
‫والغضب سمت النص ‪ ......‬إشاعات كامنة يمكن أن تصل بجمالية النص إلى كمال ألفها لوال نزعة‬
‫الخطابة والمباش رة التي حالت دون بلوغه الشعرية واإليحائية المركب‪.‬‬
‫أيضا مزاوجة الشاعر بين حرفي الباء والكاف وهما حرفان مهموسان كما أن صفة الجهر والتفخيم لحرف‬
‫"الكاف " شحنت هذا المقطع الشعري بقوة إيقاعية زاد من تأثيرها الجمالي مزاوجة حرفين متباعدين في‬
‫المخرج شدة ورخاوة تفخيما وترقيقا ومتفقين في صفة الهمس‪ .‬وفي تركيب لغوي إيقاعي بديع يتكرر فيه‬
‫الجمل االستفهامية بألفاظها أو تركيبها النحوي أو بالتالعب اللفظي في معايير التقاطع اللغوي استبداال‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬الصورة الشعرية عند محمود درويش قصيدة األرض –أنموذجا (دراسة تحليلية)‬

‫وتوليدا وتحويال ونالحظ أيضا تكرار العبارة " لماذا أغني " في بداية كل شطر شعري وذلك يعكس إلحاحا‬
‫‪1‬‬
‫على التساؤل الموقع ذي الداللة عما يجري في فلسطين ٕواسئل من بنية الصدر غصنا وأقذفه كالحجر‪.‬‬
‫فالشاعر عندما يتحدث عن تجربة الشعورية ذاتية‪ ،‬فهو ينساق مع خياله وعواطفه وأحاسيسه ومشاعره‬
‫وخلجاته النفسية وتأثی ا رته الخارجية أكثر مما ينساق وراء العقل‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع السابق ص ‪48‬‬

‫‪38‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬

‫الصورة الشعرية هي تعبير عن حالة شعورية تنتاب الشاعر فيعبر عنها بانفعاالت نفسية التي‬
‫تتجسد في ألفاظ وعبا ا رت التي ينظمها في سياق بياني يعبر عن تجربته الشعرية واتفاق النقاد على أن‬
‫الصورة الفنية هي جوهر الشعر وأداته التي تمكن الناقد من التغلغل في األعماق البنية فالغوص في الجذور‬
‫التاريخية لصورة يستند على منطلقين األول الفهم الحقيقي للمصطلح‪ ،‬أما الثاني المرونة العلمية في االبتعاد‬
‫عن تقصي الداللة الحرفية للمصطلح‪.‬‬
‫اهتمام جماعة الديوان بالصورة الشعرية واعتبارها أحد األركان األساسية في المذهب‪ ،‬التي بدورها‬
‫تنقسم إلى الصورة المشهدية‪ ،‬الصورة اللونية‪ ،‬الصورة الضوئية‪ ،‬الصورة الحركية‪ ،‬الصورة المضايفة‪.‬‬
‫تستند الصورة الشعرية على منابع متمثلة في منابع بشرية‪ ،‬منابع كونية‪ ،‬منابع خارجية‪ ،‬منابع روحية معرفية‪.‬‬
‫المذاهب األدبية هي تيا ا رت ٕواتجاهات ومسارات‪ ،‬فنية ونفسية عامة الناتجة عن ظروف إجتماعية‬
‫وتاريخية‪ ،‬وقد برزت في م ا رحلها األولى في الغرب ثم تداولت إلى العرب عن طريق اإلحتكاك بهم‪ ،‬فهي‬
‫تعبيرات أدبية قائمة على دعائم من العقل والعاطفة والخيال‪.‬‬
‫نشأت المذاهب في المجتمع العربي إستجابة لحاجات الجمالية في الواقع التاريخي واإلجتماعي‪ ،‬فقد‬
‫ظهرت تحت تأثير عاملين أولهما حركة إحياء الت ا رث وثانيهما تأثر باألداب الغربية الحديثة واإلقتباس‬
‫منها وباإلضافة إلى العوامل المادية الداخلية والنفسية والخارجية‪.‬‬
‫تنقسم المدارس األدبية الغربية (الكالسيكية‪ ،‬الرومانسية‪ ،‬الواقعية الرمزية) فالصورة الكالسيكية تعطي‬
‫األولوية للعقل في اإلبداع ووسيلة لتثبيت دعائم وتقاليد وقواعد‪ ،‬أما الصورة الرومانسية التي تقوم على‬
‫الحرية من وصايا العقل والفلسفة واللجوء إلى العاطفة واإلنفعال في الشعور‪ ،‬بينما الصورة الرمزية مذهب‬
‫برز في أوروبا في القرن التاسع عشر ويقوم على فن التعبير عن األفكار والعواطف‪.‬‬
‫تعد قصيدة األرض مرآة عاكسة للمعاناة واالستبداد واالضطهاد التي يعيشها الشعب الفلسطيني‬
‫تحت وطأة االستعمار‪ ،‬وتمثل رمز الصمود وكفاح الشعب إتجاه قضية والعمل على تحقيقها‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أ ‪-‬المصادر‪:‬‬
‫‪ ‬خيرة عطافن‪ ،‬قضية اإللت ا زم في شعر محمود درويش دراسة تحليلية لقصيدة األرض أنموذجا‪،‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماستير‪ ،‬جامعة الجياللي بونعامة بخميس مليانة‪ ،‬كلية اآلداب واللغات‪ ،‬قسم‬
‫اللغة العربية وآدابها‪. 1639 - 2015،‬‬
‫‪ ‬علي البطل‪ ،‬الصورة في الشعر العربي حتى آخر القرن الثاني هجري‪ ،‬دار األندلس‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط ‪. 01‬‬
‫‪ ‬فهد ناصر عاشور‪ ،‬التك ارر في شعر محمود درويش‪ ،‬دار فارس ‪ ،1661 ،‬للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‬
‫ط‪01‬‬
‫‪ ‬فيروز كروش‪ ،‬الصورة الشعرية في ديوان عاشق من فلسطين‪ ،‬لمحمود درويش‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماستير‪ ،‬كلية اآلداب واللغات‪ ،‬قسم اللغة العربية وآدابها‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.1633 ،‬‬
‫‪ ‬محمود درويش‪ ،‬الديوانه األعمال‪ ، 2‬رياض ال ا ريس للكتب والنشر‪ ،1662 ،‬ط‪.01‬‬
‫ب ‪-‬الم ارجع‪:‬‬
‫‪ ‬بشرى موسى صالح‪ ،‬الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪. 01‬‬
‫‪ ‬بيطار هدية جمعة‪ ،‬الصورة الشعرية عند خليل حاوي‪ ،‬الكتب ‪ ،‬الوطنية أبوظبي‪ ،‬ط‪. 01‬‬
‫‪ ‬حسين الواد‪ ،‬في تاريخ مفاهيم ومناهج‪ ،‬المؤسسة العربية للد ارسات ‪ ،‬والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‬
‫‪.02‬‬
‫‪ ‬خضر عبد اهلل ‪ ،‬المذاهب األدبية د ا رسة وتحليل‪ ،‬دار القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ب ط‪ ،‬ب ت‪.‬‬
‫‪ ‬راغب نبيل‪ ،‬المذاهب األدبية من الكالسيكية إلى العبثية‪ ،‬مطابع‬
‫‪ ‬الهيئة للقامة للكتاب‪ ،‬ب ط‪.1977 ،‬‬
‫‪ ‬عز الدين إسماعيل‪ ،‬األدب وفنونه د ا رسة ونقد‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ب ط‪2013،‬‬
‫‪ ‬عبد اهلل محمد حسن‪ ،‬الصورة والبناء الشعري العربي‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ب ط‪1981،‬‬
‫‪ ‬علي علي صبح‪ ،‬الصورة األدبية تاريخ ونقد‪ ،‬دار إحياء الكتب‪ ،‬العربية‪ ،‬ط‪. 01‬‬
‫‪ ‬عياد شكري محمد‪ ،‬المذاهب األدبية والنقدية عند العرب والغربيين ‪ ،‬سلسلة الكتب الثقافية الشهرية‬
‫علم المعرفة‪ ،‬ب‪.‬ط‪1978،‬‬
‫‪ ‬قنني حامد صادق ‪ ،‬د ارسات عربية في النقد واآلداب الحديث تاريخ ومدارس ونصوص أدبية‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬ط‪. 01‬‬
‫‪ ‬محمد النشاوي علي الغريب‪ ،‬الصورة الشعرية عند األعمى تطيلي‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬جامعة منصورة‪،‬‬
‫ط‪. 01‬‬
‫‪ ‬ميشال عاصي‪ ،‬الفن واآلداب‪ ،‬مكتبة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪. 02‬‬

‫‪42‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ ‬نسيب النشاوي‪ ،‬مدخل إلى المدارس األدبية في الشعر العربيالمعاصر‪ ،‬اإلتباعية‪ ،‬الواقعية‪،‬‬
‫الرمزية‪ ،‬المطبوعات الجامعية‪ ،‬ب ط‪1984،‬‬
‫ج ‪-‬الم ارجع المترجمة‪:‬‬
‫‪ ‬سيسل دي لويس‪ ،‬الصورة الشعرية‪ ،‬تر الجنابي أحمد نصيف‪،‬‬
‫‪ ‬إسماعيل عناد غزوان‪ ،‬مؤسسة الخليج للطباعة والنشر‪ ،‬الكويت‪ ،3171 ،‬ط‪01‬‬
‫‪ ‬فيليب فان تيغم‪ ،‬المذاهب األدبية الكبرى في فرنسا‪ ،‬تر فريد ‪ ،‬أنطونيوس منشو ا رت عويدات‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬باريس‪ ،‬ط‪03‬‬
‫د ‪-‬أطروحات ومجالت‪:‬‬
‫‪ ‬إبتسام دهينة‪ ،‬الصورة الشعرية من التشكيل الجمالي إلى جماليات التخييل‪ ،‬مجلة‪ ،‬كلية اآلداب‬
‫واللغات‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،1631 ،‬بسكرة‪ ،‬العددان‪10‬‬
‫‪ ‬عبد الر ازق بلغيث‪ ،‬الصورة الشعرية عند ع ا زلدين ميهوبي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬كلية‬
‫اآلداب واللغات‪ ،‬قسم اللغة العربية وآدابها‪ ،‬جامعة بوزريعة‪ ، 2‬الج ازئر‪20،‬‬
‫‪ ‬حسام تحسين سليمان‪ ،‬الصورة الفنية في الشعر ابن القيس ارني عناصر التشكيل واإلبداع‪ ،‬مذكرة‬
‫لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬فلسطين‪2011،‬‬
‫‪ ‬صورية جودر سعيدة شفاوي‪ ،‬الصورة د ا رسة أسلوبية في ديوان مفدي زكريا تحت ضالل الزيتون‬
‫نموذجا‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستير‪ ،‬كلية اآلداب واللغات‪ ،‬قسم اللغة العربية وآدابها‪،‬‬
‫‪.2015 – 2014‬‬
‫‪ ‬يحيى أحمد رمضان غني‪ ،‬الصورة الفنية في شعر الفتوحات اإلسالمية في عهد الخلفاء ال ارشدين‪،‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪2011،‬‬
‫‪ ‬كريمة بوعامر‪ ،‬الصورة فيي شعر السياب أنشودة المطر أنموذجا‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‬
‫في إختصاص قضايا األدب والمناهج د ارسات نقدية والمقاربة بكلية اآلداب واللغات‪ ،‬قسم اللغة‬
‫العربية وآدابها‪. 1661 - 2001،‬‬
‫‪ ‬ماليك‪ ،‬المذاهب األدبية‪ ،‬الثالثاء ‪ 07‬سبتمبر ‪2010‬‬
‫‪ ‬محمود سيد أمير‪ ،‬أنور وغالم رضا كلجين‪ ،‬الرمزية في األدبيين العربي والغربي‪ ،‬مجلة السنة‬
‫الثانية‪ ،‬العدد ‪ ، 03‬ب ت‪.‬‬
‫‪ ‬مصطفى بن الحاج‪ ،‬المدارس األدبية والغربية في األدب العربي ‪ 08‬يناير‪.‬‬

‫‪43‬‬

You might also like