Professional Documents
Culture Documents
علم القراءات. دراسة تاريخية
علم القراءات. دراسة تاريخية
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
علم القراءات
دراسة تاريخية.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
78 عبداهلل بن عواد الجهني. د. دراسة تاريخية،علم القراءات
المستخلص:
علم القراءات كاف مبلزماً لنزوؿ القرآف الكرمي ،وأف اهلل عز وجل أنزؿ
القرآف على سبعة أحرؼ تيسّباً على األمة ورفع ا٤بشقة عنها وإثراء لغتها و٠بو
حضارهتا العريقة ولذلك العبلقة وثيقة بْب القرآف والقراءات ا٤بتواترة إذ القرآف
والقراءات ا٤بتواترة وحدة قرآنية واحدة ويؤكد البحث على أف القراءات العشر الٍب
نزؿ هبا القرآف الكرمي توقيفية وأهنا من رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ال جيوز
االجتهاد فيها على أي ٫بو ،وقد قرأ هبا الصحابة ومن بعدىم إذل يومنا ىذا ،وأهنا
العمدة يف تصحيح اللغة العربية وليس العكس.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
80 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
المقدمة
بسم اهلل الرحمن الرحيم
ا٢بمد هلل رب العا٤بْب ،وصبلة وسبلماً على سيدنا ٧بمد صلى اهلل عليو
وسلم وآلو وصحبو ومن وااله .مث أما بعد...
فإف علم القراءات من أشرؼ العلوـ وأ٠باىا لتعلقو بكتاب اهلل والشيء
يشرؼ دائماً ٗبا يتعلق بو فضبلً عن فوائده ا١بمة ا٤بتنوعة الٍب اشتمل عليها من
ا٤بستويات اللغوية والفقهية والتفسّبية وغّبىا ،وصدؽ اهلل تعاذل إذ يقوؿ( :ولقد
يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر){القمر.}17 :
وٙبقيقاً لوعد اهلل تعاذل ٕبفظ كتابو العظيم فقد قيض لو من أصحاب
رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم والتابعْب وتابعيهم ٩بن جاء بعدىم ٩بن عنوا
بضبطو ووجوه قراءتو وصاروا أئمة يرحل إليهم يف ا٤بدينة ومكة والكوفة والبصرة
ومصر والشاـ وكثر اآلخذوف عنهم مع تعدد الوجوه الٍب حيويها القرآف الكرمي على
سبعة أحرؼ ،ومسامهة مِب يف خدمة ىذا الكتاب العزيز الذي ال يأتيو الباطل من
بْب يديو وال من خلفو.
خطة البحث :قسمت البحث إذل مقدمة وٟبسة مباحث وخاٛبة:
المبحث األول :تعريف القراءات ونشأهتا.
المبحث الثاني :ضوابط القراءة الصحيحة.
المبحث الثالث :فوائد تعدد القراءة.
المبحث الرابع :أحواؿ اختبلؼ القراءات.
المبحث الخامس :تواتر القراءات.
وأما الخاتمة :فتتضمن نتائج البحث.
منهج البحث :ىذا البحث يسّب يف منهجو على ا٤بنهج التأصيلي القائم على
استقراء األجزاء للتوصل إذل وجهة نظر صحيحة كما استخدـ الباحث ا٤بنهج
التارخيي القائم على ٝبع األدلة وتقوديها ومن مث ٛبحيصها ليتم التوصل بعد ذلك
إذل رؤية حقيقية ٤با مت دراستو يف ىذا ا٤بوضوع.
واهلل أسأؿ أف ينفع بو وأف جيعلو حجة رل ال علي،
وصلي اللهم وسلم على سيدنا ٧بمد وآلو وصحبو أٝبعْب.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
82 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
()1
(وقفة مع التعريفات)
وبالنظر إذل ىذه التعريفات يتبْب لنا أف أصوب ىذه التعريفات ىو التعريف الثاين
ألنو حدد ماىية ىذا العلم من ٝبعو األداء وكذا مواضع االتفاؽ واالختبلؼ،
ونسبة ذلك إذل قارئو وناقلو ،وخرج ما عدا ذلك ٩با ىو ليس من القراءات كالنحو
واللغة والتفسّب والتجويد والرسم وغّب ذلك.
أما بالنسبة للتعريف األول :فقد أدخل فيو الكتابة وىي من علوـ الرسم والضبط
كما سبق فليس ٗبانع.
ثانياً :أما بالنسبة للتعريف الثالث فهو وإف نص على مواضيع االتفاؽ
واالختبلؼ يف علم القراءات إال أنو ليس ٗبانع ،وذلك ألف قولو "الفصل والوصل،
وا٢بذؼ واإلثبات" يدخل بذلك علمي الرسم والضبط ومها علماف مستقبلف ٛباماً
عن علم القراءات.
بعد ىذا العرض يتبْب أف التعريف ا٤بختار من ىذه التعريفات ىو التعريف الثاين
وىو" :أف القراءات علم بكيفية أداء كلمات القرآف الكرمي واختبلفها معزواً لناقلو"
فهو تعريف ضابط جامع مانع من وجهة نظري.
ننتقل بعد ذلك إذل بياف نشأة القراءات وا٤براحل الٍب مر هبا.
نشأة القراءات ومراحلها :من ا٤بسلم بو أف أي علم من العلوـ دل يستو على
سوقو مرة واحدة بْب عشية وضحاىا؛ بل البد لو مراحل متعددة.
ومن ىذه العلوـ علم القراءات أيضاً شأنو كغّبه من العلوـ األخرى مر بعدة مراحل
حٌب استوى على سوقو ،وأصبح لو أصوؿ وقواعد يرجع إليها وصار ٦باالً
( )1استفدت يف ىذه ا٤بسألة من كتب :مقدمات يف علم القراءات 51 -48د٧ .بمد أٞبد
مفلح القضاة .وآخروف .ط .دار عمار ،القراءات نشأة وتاريخ أ.د .سامي ىبلؿ ص (.)2
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
84 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
( )1رواه البخاري يف فضائل القرآف .باب أنزؿ القرآف على سبعة أحرؼ ،102/6وكذا
مسلم.918،566/1 :
( )2رواه الَبمذي ،وقاؿ :حديث صحيح ،وقد اختلف الناس يف معُب ىذا ا٢بديث اختبلفا
كثّبا .واختار ابن ا١بوزي أف ا٤براد منها ىو :اختبلؼ وجوه القراءات على سبعة منها :ما يتغّب
حركتو وال يزوؿ معناه وال صورتو (ىن أطهر) و (أطهر) ،ومنها ما ال تتغّب صورتو ويتغّب معناه
باإلعراب مثل( :ربنا باعد) ،و (ربنا باعد) ،و (ننشرىا).
ومنها ما تتغّب صورتو ويبقى معناه (كالعهن ا٤بنفوش)( ،طلح منضود)( ،طلع منضود).
ومنها التقدمي والتأخّب كما يف (يقتلوف ويقتلوف) ،ومنها الزيادة والنقصاف ٫بو (وأوصى)
(ووصى) ....إذل غّب ذلك ،وقيل إف ا٤براد بذلك سبع لغات من أفصح لغات العرب .ينظر:
النشر ،31-24/1وينظر :مقدمتاف يف علوـ القرآف 2080:وما بعده ،وكذا 264وما بعده
واإلتقاف للسيوطي .وغّب ذلك دل أراد مزيداً من االطبلع .واهلل أعلم.
المرحلة الثانية :مرحلة تلقي الصحابة من الرسول صلى اهلل عليو وسلم
وتعليمو إياىم :تقدـ يف ا٤برحلة السابقة أف جربيل عليو السبلـ كاف يلقن الرسوؿ
صلى اهلل عليو وسلم الوحي ويعلمو إياه كما قاؿ ربنا عز وجل( :علمو شديد
القوى){النجم.}5 :
وقد أمر ربنا عز وجل نبيو صلى اهلل عليو وسلم أف يعلمو ألصحابو ويقرأه عليهم
فقاؿ عز وجل (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيال)
{اإلسراء ،}106 :فكاف يقرؤىم ٗبا أقرأه بو جربيل عليو السبلـ .
وقد ورد عن ابن مسعود وغّبه رضي اهلل عنو أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم
كاف يقرؤىم العشر آيات فبل جياوزهنا إذل عشر أخرى حٌب يتعلموا ما فيهما من
العلم والعمل ،فيعلمهم القرآف والعلم والعمل ٝبيعاً.
فرٗبا أقرأ صحابياً ٕبرؼ ،وأقرأ صحابياً آخر ٕبرؼ آخر ،فكل واحد منهم يقرأ كما
تعلم من الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم .
وقد روى البخاري بسند عن عمر بن ا٣بطاب رضي اهلل عنو قاؿ٠( :بعت ىشاـ
بن حكيم يقرأ سورة الفرقاف يف حياة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم فكدت
أساوره يف الصبلة فانتظرتو حٌب سلم مث لببتو بردائو فقلت لو من أقرأؾ ىذه السورة
الٍب ٠بعتك تقرأ؟ قاؿ :أقرأنيها رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم فقلت :كذبت
فواهلل إف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم أقرأين ىذه السورة الٍب ٠بعتك تقرأىا،
فانطلقت أقوده إذل رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم فقلت :يا رسوؿ اهلل إين
٠بعت ىذا يقرأ سورة الفرقاف على حروؼ دل تقرئنيها ،وأنت أقرأتِب سورة الفرقاف،
فقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم "أرسلو يا عمر ،اقرأ يا ىشاـ ،فقرأ عليو
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
86 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
القراءة الٍب ٠بعتو يقرأىا فقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ىكذا أنزلت مث قاؿ:
اقرأ يا عمر ،فقرأت القراءة الٍب أقرأين ،فقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ىكذا
(.)1
أنزلت ،إف ىذا القرآف أنزؿ على سبعة أحرؼ فأقرأ ما تيسر منو")
فهذا الحديث يدل داللة قاطعة على عدة أمور منها:
أف القرآف الكرمي كاف ٧بل عناية الصحابة ورعايتهم ،وأف اعتمادىم يف
ا٢بفظ على التلقْب والسماع من الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم .
أف الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم كاف مرجعاً ألصحابو يف كل ما يشغلهم
من أمر القرآف وعلومو.
أنو يثبت إقراء الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم لعمر بن ا٣بطاب وىشاـ بن
حكيم.
وأف االختبلؼ يف القراءات القرآنية نشأ يف حياة الرسوؿ صلى اهلل عليو
وسلم .
أف الصحابة –رضي اهلل عنهم -تلقوا القرآف من يف رسوؿ اهلل صلى اهلل
عليو وسلم ونقلوه إلينا بقراءاتو ورواياتو فلم يضيعوا منو ٝبلة ،ودل ينقصوا منو حرفاً
أو سكوناً أو حركة فضبلً عن رواية أو قراءة ،ونقلو التابعوف من بعدىم ،كما نقل
(.)2
إليهم من غّب زيادة أو نقصاف أو ٙبريف أو تبديل
( )1رواه البخاري يف فضائل القرآف ،باب أنزؿ القرآف على سبعة أحرؼ (.)100/6
( )2القراءات نشأة وتاريخ.أ.د /سامي عبد الفتاح ىبلؿ 2،3 :مطبعة ا٢برمْب.
يأمرىم بأف يقرئ بعضهم بعضاً ،ومن أمثلة ذلك ما ورد يف قصة إسبلـ عمر بن
ا٣بطاب رضى اهلل عنو من أنو ٠بع خباب بن األرت يقرأ القرآف على أختو فاطمة
بنت ا٣بطاب وزوجها يعلمها القرآف( .)1وكانت ىناؾ البعثات التعليمية إذل خارج
مكة كإرساؿ مصعب بن عمّب وغّبه إذل ا٤بدينة ليعلم أىلها القرآف .فنشأ عن ذلك
أف تكونت ٝباعة من الصحابة اشتهروا بالقراءة وتصدوا ٥با ومنهم ا٣بلفاء األربعة
وأيب بن كعب( )2وابن مسعود( )3وزيد بن ثابت( )4وغّبىم وىم ديثلوف الطبقة األوذل
من القراء فهم رؤوس األسانيد وعليهم تدور القراءة( ،)5وىؤالء األجبلء ىم الذين
دارت عليهم أسانيد قراءات األئمة العشرة.
مرحلة تعليم التابعين :بعد انتقاؿ الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم إذل الرفيق األعلى
واتساع دائرة الفتوح اإلسبلمية انتشر الصحابة وتفرقوا يف األمصار اإلسبلمية وٞبلوا
( )1ينظر٨ :بتصر سّبة ابن ىشاـ .216/1الطبعة السابعة إصدار اجمللس األعلى للشئوف
اإلسبلمية .وزارة األوقاؼ.
( )2أيب بن كعب بن قيس بن عبيد أبو ا٤بنذر األنصاري .عرض القرآف على النيب صلى اهلل
عليو وسلم وأخذ عنو ابن عباس وغّبه .مات سنة 19ىجرية .غاية النهاية يف طبقات القراء
البن ا١بزري ،31/1عُب ٔبمعو براجسَباسَب .دار الكتب العلمية .بّبوت .معرفة القراء الكبار
للذىيب ٙ .28/1بقيق :شعيب األرنؤوط وآخرين.
( )3زيد بن ثابت بن الضحاؾ ،كاتب وحي النيب صلى اهلل عليو وسلم .عرض على النيب
صلى اهلل عليو وسلم وقرأ عليو أبو ىريرة وغّبه ،مات سنة 45ىجرية .معرفة القراء الكبار:
،36غاية النهاية .296/1
( )4عبد اهلل بن مسعود :أبو عبد الرٞبن ا٥بذرل ،عرض على النيب صلى اهلل عليو وسلم وقرأ
عليو زيد بن حبيش وغّبه ،تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ،147/1دار الكتب العلمية،
بّبوت.
( )5معرفة القراء الكبار .43-24/1الطبعة األوذل.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
88 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
معهم مشاعل ا٥بداية والنور وأخذوا يقرءوف القرآف ويعلمونو للناس ،فأقبل الناس
عليهم يتعلموف منهم ،فكاف كل صحايب يقرئ أصحابو ويعلمهم ٗبا قرأ وٗبا تعلم
حسبما تلقى من الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم .
وأصبح أىل كل بلد يأخذوف بقراءة من اشتهر بينهم من أصحاب رسوؿ اهلل صلى
اهلل عليو وسلم ،فكاف بينهم اختبلؼ يف القراءة ؛ نظراً الختبلؼ تلقيهم،
ومشارهبم ،حٌب عهد سيدنا عثماف رضي اهلل عنو اتسعت دائرة ا٣ببلؼ بينهم،
كما يف حرب أرمينية وأذربيجاف ،فهالو ذلك وأمر ٔبمع ا٤بصاحف وكتابتها ٗبا
حيتمل القراءات الصحيحة ا٤بتواترة وذلك على ما ثبت يف العرضة األخّبة الٍب قرأىا
النيب صلى اهلل عليو وسلم على جربيل يف العاـ الذي قبض فيو وجردىا عن النقط
والشكل لتحتمل ذلك ونسخ منها عدة مصاحف وأرسلها إذل األمصار وأمر بطرح
ما عداىا وحرقو ،وقد سلك يف ذلك منهجاً قودياً إذ ارسل إذل كل مصر من تلك
األمصار مصحفاً موافقاً لقراءهتم مع إرساؿ مقرئ جييد تلك القراءة ليعلمهم.
فأقبل الناس على تلك ا٤بصاحف وتلقوىا من مقرئيها دوف زيادة أو نقصاف أو
ٙبريف أو تبديل علمها الصحابة للتابعْب.
مرحلة التخصص في القراءات وظهور القراءات العشر :ظل األمر على األخذ
بتلك ا٤بصاحف فَبة مث وقع االختبلؼ فيها ٗبا حيتملو الرسم ،ويف ذلك يقوؿ
األماـ بن ا١بزري" :مث كثر االختبلؼ أيضاً فيما حيتملو الرسم ،وقرأ أىل البدع
واألىواء ٗبا ال حيل ألحد من ا٤بسلمْب تبلوتو( ..)1فلما وقع ذلك رأى ا٤بسلموف أف
( ) 1فقد ورد عن ابن مقسم أنو كاف يرى جواز القراءة ٗبا يوافق خط ا٤بصحف ،وكاف لو وجو
يف العربية وإف دل يكن لو سند .ينظر :القراءات الشاذة ،60-59 :د٧ /بمود أٞبد الصغّب،
مطبعة دار الفكر .بّبوت .طبعة أوذل.
جيتمعوا على قراءات أئمة ٘بردوا للقياـ بالقرآف العظيم ،فاختاروا من كل مصر وجو
إليو مصحف أئمة مشهورين بالثقة واألمانة يف النقل وحسن الدين وكماؿ العلم،
أفنوا عمرىم يف القراءة واإلقراء واشتهر امرىم واٝبع أىل كل مصر على عدالتهم
فيما نقلوه ،وثقتهم فيما قرأوه ورووه وعلمهم ٗبا يقرؤوف ،ودل ٚبرج عن خط
مصحفهم"( )1أ.ىػ.
وكاف من ىؤالء األئمة العشرة الذي تلقت األمة قراءاهتم بالقبوؿ وأٝبعت عليهم
حيث أفُب ىؤالء أعمارىم يف قراءة القرآف وإقرائو وضبط ألفاظو وٙبرير قراءتو،
وٙبقيق روايتو حٌب صاروا أئمة يقتدى هبم ،ويرحل إليهم وينقل القرآف بقراءتو
عنهم ،لرباعتهم وشهرهتم نسبت إليهم القراءة نسبة مبلزمة ودواـ ال نسبة اخَباع
(.)2
وابتداع
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
90 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
()1
{وقَالُواْ اتَّ َخ َذ اللّوُ َولَ ًدا}
من القراءات ا٤بتواترة ا٤بتعددة ،ومن ذلك قولو تعاذل َ
ىكذا يف مصحف الشاميْب من غّب واو ،ويف بقية ا٤بصاحف بإثبات الواو ،ومنها
ار )2(ر٠بت يف مصحف ا٤بكيْب بزيادة من ٍ
قولو َ جنَّات تَ ْج ِري تَ ْحتَـ َها األَنْـ َه ُ
لتناسب قراءهتم ،وما تبع ذلك أيضاً من مرحلة النقط والشكل ٤با ٥با من األمهية يف
آد ُم ِمن َّربِّو َكل َمات
ِ ِ ٍ ()3
ضبط بعض القراءات وٛبيزىا كما يف قولو تعاذل فَـتَـلَ َّقى َ
ات) والعكس ،فا١بمهور على وقد اختلف القراء فيها بْب رفع آدـ ونصب ( َك ِلم ٍ
َ
األوؿ وابن كثّب على الثاين.
إذف فمهمة الضبط ىو منع وقوع التصحيف والتحريف يف القراءة ،وإف كاف
األصل يف ذلك ىو الرواية .وعلى ذلك فإنو ديكن اعتبار ىذه مرحلة من ا٤براحل
األوذل ا٤ببكرة يف تأليف علم القراءات وإف دل تكن يف كتاب مستقل كما ىو
مشهور( )4؛ ألف التأليف ما ىو إال وصف للقراءة مضبوطة بالكتابة وىنا وصف
للقراءة أيضاً مضبوط بالنقل والشكل ،ويف كبل ا٢بالتْب مصدرىا التلقي واألداء
مشافهة ؛ وذلك ألف يف القراءات أشياء ال ٙبكم إال بالسماع وا٤بشافهة .ىذا
بالنسبة للمصاحف العثمانية.
المرحلة الثانية :وىي الٍب استقل التأليف فيها بعيداً عن ا٤بصاحف العثمانية ،وقد
ظهر ذلك مبكراً أيضاً ،حيث اىتم بو األوائل ألف القرآف الكرمي وتبلوتو كاف
شغلهم الشاغل عن كل شيء.
وقد ألف كثّب من القراء العشر ورواهتم يف ىذا اجملاؿ ،منهم :اإلماـ عبد اهلل بن
عامر اليحصيب صاحب كتاب (اختبلؼ مصاحف الشاـ وا٢بجاز والعراؽ) وكذا
أبو عمرو البصري ،وٞبزة الزيات ،والكسائي ،ويعقوب ،وخلف العاشر.
ومن الرواة :أٞبد بن ٧بمد البزي ،وأبو عمرو حفص الدوري وغّبىم.
مث تتابع التأليف بعدىم ،وقد تنوعت ىذه ا٤بؤلفات دوف اقتصار على عدد معْب
حٌب أوشك أف يدخل االضطراب يف القراءات فقاـ اإلماـ ابن ٦باىد باالقتصار
على قراءات األئمة السبعة وٝبعهم يف كتابو فحسر بذلك الكم ا٥بائل من القراءات
وميز بْب الصحيح منهم وغّبه.
إال أف فكرة التسبيع ىذه أحدثت لبساً عند بعض العواـ وىو أف ىناؾ ارتباط
وثيقاً بْب األحرؼ السبعة وىذه القراءات السبع ويف ذلك يقوؿ مكي" :ولقد فعل
مسبع ىؤالء ما ال ينبغي لو أف يفعلو واشكل على العامة حٌب جهلوا ما ال يسعهم
جهلو ،وأوىم كل من قصر نظره أف ىذه ىي ا٤بذكورة يف ا٣برب النبوي ال غّب..
(.)1
وليتو إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل ىذه الشبهة"
ودفعاً ٥بذه الشبهة ألف العلماء يف القراءات الثماف( )2والعشر( )3وغّبىا.
مث توالت حركة التأليف يف ىذا العلم ا٤ببارؾ حٌب بلغت ذروهتا يف القرنْب ا٣بامس
والسادس ا٥بجري ،مث بدأت بعد ذلك يف اال٫بسار.
وقد اعتمد ابن ا١بزري على كثّب من ىذه الكتب يف تأليف النشر وأذكر بعضها
على سبيل ا٤بثاؿ ال ا٢بصر ،منها:
( )1منجد ا٤بقرئْب 256:بتصرؼ ،وينظر :اإلبانةٙ ،92 :بقيق د /عبد الفتاح شليب .ا٤بكتبة
الفيصلية.
( )2منها :التذكرة البن غلبوف.
( )3منها :الغاية البن مهراف.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
92 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
٦بموعة كتب الداين يف القراءات السبع :التيسّب وا٤بفردات وجامع البياف.
ويف القراءات الثماف منها :التذكرة والوجيز وتلخيص الطربي.
وأما القراءات العشر فمنها :ا٤بستنّب وا٤بصباح وغاية االختصار ،وغّب
ذلك.
مدخل:
بعد االنتهاء من تعريف القراءات ونشأهتا وا٤براحل الٍب مرت هبا نأيت إذل تعريف
الضوابط الٍب وضعها العلماء ٤بعرفة ما تثبت قرآنيتو وٛبيزه عن غّبه ،وقد تقدـ يف
ا٤ببحث السابق أنو بعد تفرؽ القراء يف األمصار ،وكثرت القراءات وتعددت
الروايات وشاعت األوجو وظهرت القراءات الشاذة مشر العلماء عن ساعد ا١بد
ووضعوا لذلك الروابط وا٤بعايّب الٍب ٛبيز القراءات الٍب ثبتت قرآنيتها واستقرت يف
العرضة األخّبة من غّبىا .فاستقر األمر على ثبلثة أركاف أساسية ىي التواتر أو
صحة اإلسناد ،موافقة العربية ،موافقة الرسم العثماين على تفصيل يأيت بيانو:
-1أما الركن األوؿ فهو ٧بل خبلؼ بْب العلماء وىذا ا٣ببلؼ يدور بْب
( )1الضوابطٝ :بع ضابط ،والضابط يف اللغة يفيد ا٢بزـ والقوة والشدة .يقاؿ :ضبطو ضباً:
حفظو با٢بزـ .ورجل ضابط :قوي شديد ،وانضبط :صار مضبوطاً .ينظر :القاموس احمليط:
.607أما عند العلماء :فهو حكم كلي ينطبق على جزئياتو ٕبيث يدخل فيو ٝبيع أفراد
ا٤بضبوط ينظر :معجم الكليات 727 :أليب البقاء الكفويٙ ،بقيق د/عدناف درويش .مؤسسة
الرسالة ا٤بعجم الوجيز٦ 376 :بمع اللغة العربية.
اشَباط التواتر وعليو ٝبهور العلماء قددياً وحديثاً ،أو االكتفاء بصحة السند مع
الشهرة واالستفاضة.
أف تكوف القراءة موافقة لرسم أحد ا٤بصاحف العثمانية ٙبقيقاً أو تقديراً. -2
أف تكوف موافقة لوجو من وجوه العربية. -3
( )1التواتر :لغة :ىو تتابع الشيء وتراً وفرادى ،يقاؿ :تواترت األشياء تتابعت وجاءت بعضها
إثر بعض .ينظر :معجم مفردات ألفاظ القرآف ،582 :ا٤بعجم الوجيز.659 :
أما يف االصطبلح :فهو ما رواه ٝباعة عن ٝباعة ديتنع تواطؤىم على الكذب من أوؿ البداءة
إذل ا٤بنتهى من غّب تعيْب عدد على الصحيح .أ.ىػ ،.ينظر :تدريب الراوي بشرح تقريب
النواوي للسيوطي ٙ ،392-391/2بقيق :عماد زكي البارودي .ا٤بكتبة التوفيقية ،مقدمة يف
أصوؿ ا٢بديث تأليف عبد ا٢بق سيف الدين بن سعد عبد اهلل البخاريٙ ،بقيق د/سليماف
حسن النبوي ،75/1ط .دار البشائر اإلسبلمية .بّبوت .لبناف.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
94 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
طالب وغّبه( ،)2ونص عليو ابن ا١بزري يف النشر فقاؿ" :كل قراءة وافقت العربية
ولو بوجو ،ووافقت أحد ا٤بصاحف العثمانية ولو احتماالً ،وصح سندىا فهي
القراءة الصحيحة الٍب ال جيوز ردىا ،وال حيل إنكارىا ،بل ىي من األحرؼ السبعة
الٍب نزؿ هبا القرآف ،ووجب على الناس قبو٥با ،سواء كانت عن األئمة السبعة أـ
العشرة ،أـ عن غّبىم من األئمة ا٤بقبولْب ومٌب اختل ركن من ىذه األركاف الثبلثة
أطلق عليها ضعيفة ،أو شاذة ،أو باطلة سواء كانت عن السبعة أـ عمن ىو أكرب
منهم ،ىذا ىو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف وا٣بلف" .فهو جينح بذلك
إذل االكتفاء بصحة السند ،وقد ذكر ذلك يف طيبتو حيث قاؿ:
وكاف للرسم احتماالً حيوي "فكل ما وافق وجو ٫بو
فه ػػذه الث ػػبلثػػة األركػػاف وصح إسناداً ىو القرآف
()3
شذوذه لو أنو يف السبعة" وحيثما خيتل ركن أثبت
وقد تعقب اإلماـ النويري( )4شيخو ابن ا١بزري يف شرح طيبتو عند قولو" :وصح
إسناداً" جاء فيو" :وقولو (وصح إسناداً) ظاىره أف القرآف يكتفي بثبوتو مع
الشرطْب ا٤بتقدمْب بصحة السند فقط ،وال حيتاج إذل تواتر ،وىذا قوؿ حادث
( )1أبو محمد مكي بن أبي طالب بن حيوس بن محمد القيسي القيرواني ت.437 :
ينظر :غاية النهاية.409/2 :
( )2ينظر :اإلبانة عن معاين القراءات ص٤ ،60 :بكي بن أيب طالبٙ ،بقيق د /عبد الفتاح
إ٠باعيل شليب .ا٤بكتبة الفيصلية.
( (3ينظر :طيبة النشر البن ا١بزري صػ ٙ ،3بقيق الشيخ الصباغ ،مطبعة ا٢بليب.
( )4محمد بن محمد بن علي بن محمد بن إبراىيم النويري .قرأ على ابن ا١بزري وشرح
طيبتو ،توىف سنة 857ىػ .شذرات الذىب يف أخبار من ذىب ،292/7البن عماد ا٢بنبلي،
طبعة :دار الكتب العلمية .بّبوت.
٨بالف إلٝباع الفقهاء واحملدثْب وغّبىم ،ولقد ضل بسبب ىذا القوؿ قوـ فصاروا
يقرأوف أحرفاً ال يصح ٥با سند أصبلً ،ويقولوف التواتر ليس بشرط"(.)1
والقرآف عند ا١بمهور من مذاىب األئمة األربعة وغّبىم( )2ىو ما نقل بْب دفٍب
ا٤بصحف نقبلً متواتراً ،وكل من قاؿ هبذا ا٢بد اشَبط التواتر ،فبل يتصور ماىية
القرآف إال بو .وأٝبع القراء على ذلك يف أوؿ الزماف وآخره ،ودل خيالف من
ا٤بتأخرين إال أبو ٧بمد مكي ومن تبعو من ا٤بتأخرين( .)3فهذا يدؿ على ما ذىبت
إليو من أف ا١بمهور على القطع بتواتر القرآف الكرمي .واهلل أعلم.
ثانياً :االكتفاء بصحة السند مع الشهرة واالستفاضة" :وىو ظاىر قوؿ مكي وتبعو
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
96 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
ابن ا١بزري وصرح بو يف نشره وخالف بذلك ا١بمهور وقد تعقبو اإلماـ النويري
وغّبه كما تقدـ .ىذا وال يضر عدـ اشَباط ابن ا١بزري للتواتر ؛ الشَباطو عند
ا١بمهور .و٩بن اشَبط التواتر أيضاً ودل يكتف بصحة اإلسناد الصفاقسي( )1حيث
قاؿ" :مذىب األصوليْب وفقهاء ا٤بذاىب األربعة واحملدثْب والقراء :أف التواتر شرط
يف صحة القراءة والقوؿ بصحة السند ٧بدث ال يعوؿ عليو ،ويؤدي إذل تسوية
القرآف بغّب القرآف"( )2أ.ىػ.
فنراه يقصد ما ذىب إليو ا١بمهور ،وال يكتفي بصحة السند ،والدليل على أف
صحة السند ال تكفي أيضاً لقبوؿ القراءة ىو أف ىناؾ يف كتب الصحاح قراءات
(.)3
صحيحة السند لكنها غّب مقروء هبا عند القراء العشرة ألهنا فقدت التواتر
وقد أجاد الدكتور /سامي ىبلؿ يف مناقشة ىذا الركن باألدلة النقلية والعقلية
وانتهى إذل ما ذىب إليو ا١بمهور على أف القرآف الكرمي ال يثبت إال بطريق التواتر،
وال يكتفى بثبوتو بصحة السند ،وأف القوؿ باالكتفاء بالسند الصحيح غّب ا٤بتواتر
قوؿ حادث ٨بالف إلٝباع األصوليْب والفقهاء واحملدثْب وعلماء القراءات سلفهم
( )1علي ابن ٧بمد النوري الصفاقسي .ولد بصفاقس 1053ىػ .قرأ على الشيخ عاشور
القسطيِب وغّبه ،تويف سنة 1117ىػ ،إمتاع الفضبلء بَباجم القراء 241/2 :إلياس الربماوي
دار الندوة العا٤بية.
( )2غيث النفع للصفاقسي 6 :بتصرؼ ،ط .دار الكتب العلمية بّبوت.
( ) 3ومن ذلك ما رواه مسلم يف صحيحو عن علقمة قاؿ :قدمت الشاـ فاتانا أبو الدرداء
فقاؿ :أفيكم أحد يقرأ على قراءة عبد اهلل فقلت :نعم .قاؿ :فكيف ٠بعت عبد اهلل يقرأ ىذه
اآلية( :والليل إذا يغشى) ،قلت٠ :بعتو يقرا( :والليل إذا يغشى والذكر واألنثى) قاؿ :أنو واهلل
٠بعت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم يقرأىا" .صحيح مسلم جػ .108/1باب ما يتعلق
بالقراءات فهي قراءة صحيحة اإلسناد وموافقة للعربية لكنها غّب متواترة ؛ ألهنا ٨بالفة لرسم
ا٤بصحف.
()1
وخلفهم وأف ذلك منحصر يف القراءات العشر الٍب نقرؤىا"
الركن الثاين :موافقة رسم ا٤بصاحف العثمانية ولو احتماالً .ا٤براد هبذا الركن ىو أف
تكوف القراءة ثابتو يف أحد ا٤بصاحف العثمانية( )2الٍب نسخها سيدنا عثماف رضي
اهلل عنو على ما ثبت يف العرضة األخّبة وأرسل منها عدداً إذل األمصار اإلسبلمية.
وىذه الموافقة تنقسم قسمين:
األوؿٙ :بقيقيو.
الثاين :تقديريو (وىي الٍب حيتملها رسم ا٤بصحف).
وإليك بياف كل قسم منهما:
األول :الموافقة التحقيقية :وىي ا٤بوافقة الصرحية لرسم ا٤بصحف ،ومن ذلك قولو
عز وجل( :مالك يوم الدين){الفاٙبة ،}4 :اتفقت ا٤بصاحف على كتابتها بدوف
(.)3
الف فقراءهتا با٢بذؼ موافقة لرسم ا٤بصحف ٙبقيقاً
وكذا قولو عز وجل( :وما يخدعون إال أنفسهم وما يشعرون){البقرة ،}9 :بدوف
ألف يف ٝبيع ا٤بصاحف ،واختلف القراء فيها فبعضهم بإثبات األلف بعضهم
ا٢بذؼ والقراءتاف متواترتاف()4إال أف ا٢بذؼ ىنا ىو ا٤بوافق لرسم ا٤بصحف صراحة.
( )1لبياف ذلك مفصبلً ينظر :القراءات الشاذة دراسة لنشأهتا ومعايّبىا ص.36-24 :
( ) 2ومن ذلك ما ثبت يف ا٤بصحف ا٤بكي بزيادة (من) يف قولو تعاذل (٘بري من ٙبتها األهنار)
]التوبة ،[100 :وهبا قرأ ابن كثّب ومنها قولو تعاذل( :وقالوا اٚبذ اهلل ولداً) ]البقرة[116 :
ر٠بت يف ا٤بصحف الشامي بغّب واو ،وهبا قرأ ابن عامر ،وغّب ذلك.
( ) 3واختلف القراء فيها فقرأىا عاصم والكسائي ويعقوب وخلف بإثبات األلف والباقوف
با٢بذؼ .ينظر :النشر .271/1
( )4قرأ ا٤بدنياف وابن كثّب وابن عامر وٞبزة بإثبات األلف ،والباقوف با٢بذؼ ،النشر:
.207-206/2
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
98 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
ثانياً :الموافقة االحتمالية :وىي الٍب حيتملها رسم ا٤بصحف تقديراً كقراءة
(مالك) و(يخدعون) بإثبات األلف فيهما .ىذا وقد تأيت بعض ا٤بخالفات
الصرحية لرسم ا٤بصحف لكنها يسّبة ومغتفرة ألف الرواية عضدت ىذه ا٤بخالفات.
ومن ذلك كلمتا (الصراط) (صراط) كتبتا بالصاد ا٤ببدلة من السْب وعدلوا عن
كتابتها بالسْب الٍب ىي األصل ،لكوف قراءة السْب وإف خالفت الرسم من وجو
أتت على األصل من وجو آخر ،ولتحتمل الصاد قراءة اإلمشاـ ٖببلؼ السْب فإهنا
ال ٙبتملها ،وقد نص ابن ا١بزري على ذلك فقاؿ" :على أف ٨بالف صريح الرسم
يف حرؼ مدغم أو مبدؿ أو ثابت أو ٧بذوؼ أو ٫بو ذلك ال يعد ٨بالفاً إذا ثبتت
القراءة بو وردت مشهورة مستفاضة ،أال ترى أهنم دل يعدوا إثبات ياءات الزوائد
وحذؼ ياء (تسألني) يف الكهف ،وقراءة (وأكون من الصالحين) يف (ا٤بنافقوف)
بالواو أليب عمرو ،والظاء من (بظنين) يف (االنشقاؽ) للكسائي وغّبه ،و٫بو ذلك
من ٨بالفة الرسم ا٤بردود فإف ا٣ببلؼ يف ذلك يغتفر إذ ىو قريب يرجع إذل معُب
واحد وٛبشية مع صحة القراءة وشهرهتا وتلقيها بالقبوؿ ،وذلك ٖببلؼ زيادة كلمة
ونقصاهنا وتقدديها وتأخّبىا حٌب ولو كانت حرفاً واحداً من حروؼ ا٤بعاين فإف
حكمو حكم الكلمة ال يسوغ ٨بالفة الرسم فيو ،وىذا ىو ا٢بد الفاصل يف اتباع
الرسم و٨بالفتو"( )1أ.ىػ .ومن خبلؿ ذلك يتبْب أف ىناؾ بعض ا٤بخالفات اليسّبة
ولكنها ال تعد ٨بالفة غّب مقروء هبا ،ألف الرواية جاءت معضدة ٥با.
الركن الثالث :موافقة العربية :كما اشَبط العلماء لصحة القراءة أف تكوف موافقة
لرسم أحد ا٤بصاحف العثمانية كما سبق واشَبطوا أيضاً أف تكوف موافقة لوجو من
وجوه العربية سواء كاف ىذا الوجو فصيحاً أـ أفصح٦ ،بمعاً عليو أو ٨بتلف فيو ما
دامت قد ثبتت قرآنيتو .ومن ذلك قراءة ٞبزة ٖبفض (واألرحاـ) من قولو عز
وجل( :واتقوا اهلل الذي تساءلون بو واألرحام) {النساء،}1 :عطفاً على
الضمّب اجملرور يف (بو) على مذىب الكوفيْب( .)1وبذلك تأيت إذل هناية الضوابط
الٍب وضعها العلماء للقراءة الصحيحة ا٤بقبولة وىذه الضوابط متوافرة يف القراءات
العشرة.
( )1ينظر :البحر احمليط 499-496/3 :أليب حياف االندلسي ط .دار الفكر وكذا دفع
ا٤بطاعن عن قراءة ٞبزة أ.د /ساىي ىبلؿ ص.64-58 :
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
100 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
اهلل عليو وسلم شأهنما ،فسقط يف نفسي من التكذيب وال إذ كنت يف ا١باىلية،
فلما رأي رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ما قد غشيِب ،ضرب يف صدري ففضت
عرقا ،وكأمنا أنظر إرل اهلل عز وجل فرقا ،فقاؿ رل يا أيب :أرسل إرل أف أقرئ القرآف
علي حرؼ فرددت إليو أف أىوف علي أمٍب ،فرد إرل الثانية أف أقرأه علي حرفْب،
فرددت إليو أف ىوف علي أمٍب ،فرد إرل الثالثة :اقرأ علي سبعة أحرؼ فلك بكل
ردة رددهتا مسألة تسألينها ،فقلت اللهم اغفر ألمٍب ،اللهم اغفر ألمٍب ،وأخرت
()2( )1
الثالثة ليوـ يرغب إرل ا٣بلق حٌب إبراىيم عليو السبلـ "
-2إظهار هناية الببلغة وكماؿ اإلعجاز ،وغاية االختصار وٝباؿ اإلجياز؛ إذ كل
قراءة ٗبنزلة اآلية ،إذ كاف تنوع اللفظ بكلمة تقوـ مقاـ آيات ولو جعلت داللة كل
لفظ آية علي حدهتا دل خيف ما كاف يف ذلك من التطويل ويف ىذا تأكيد إلعجازه
يف فصاحتو وببلغتو( .)3قاؿ الشيخ ٧بمد عبد العظيم الزرقاين (ت 1367ىػ):
"إف تنوع القراءات يقوـ مقاـ تعدد اآليات وذلك ضرب من ضروب الببلغة،
يبتدئ من ٝباؿ ىذا اإلجياز وينتهي إرل كماؿ اإلعجاز(.)4
–3بياف حكم من األحكاـ اجملمع عليها ،وذلك كقراءة سعد بن أيب وقاص
رضي اهلل عنو يف قولو عز وجل(:وإن كان رجل يورث كاللة أو امرأة ولو أخ أو
اخت فلكل واحد منهما السدس) [النساء.]12:
( )1أخرجو مسلم يف صحيحو :كتاب صبلة ا٤بسافرين وقصرىا :باب صبلة ا٤بسافرين وقصرىا:
باب بياف أف القرآف على سبعة أحرؼ وبياف معناه 562-561/1 :رقم ،274-273
وأخرجو الطربي ج 1ص.12
( )2يراجع النشر ج 1ص 52ومناىل العرفاف ج 1ص.145
( )3النشر ج 1ص.52
( )4مناىل العرفاف ج 1ص.149
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
قرأ سعد" :ولو أخ أو أخت من أـ"( )1بزيادة لفظ "من أـ" فتبْب هبا أف ا٤براد
باألخوة يف ىذا ا٢بكم األخوة لؤلـ دوف األشقاء ومن كانوا ألب وىذا أمر ٦بمع
عليو(.)2
– 4الَبجيح ٢بكم اختلف فيو كما يف قولو عز وجل( :فكفارتو إطعام عشرة
مساكين من أوسط ما تطعمون أىليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة)
[ا٤بائدة .]89:جاء يف قراءة" :أو ٙبرير رقبة مؤمنة" بزيادة لفظ" :مؤمنة" فكاف
فيها ترجيح الشَباط اإلدياف يف الرقبة الٍب طلب ٙبريرىا ،وىذا يؤيد مذىب من
ذىب إرل ذلك من أىل العلم(.)3
–5ا١بمع بْب حكمْب ٨بتلفْب ٗبجموع القراءتْب ،وذلك كقولو تعارل( :فاعتزلوا
النساء في المحيض وال تقربوىن حتى يطهرن) {البقرة ،}222:قرئ بالتخفيف
والتشديد يف حرؼ الطاء من كلمة "يَطْه ْر َف" وصيغة التشديد تفيد وجوب ا٤ببالغة
يف طهر النساء من ا٢بيض ؛ ألف زيادة ا٤ببِب تدؿ علي زيادة ا٤بعِب ،أما قراءة
التخفيف فبل تفيد ىذه ا٤ببالغة ،فتحقق حكماف من القراءتْب :أحدمها :أف
( )1أخرج ىذه القراءة عن سعد سعيد بن منصور ،وعبد بن ٞبيد والدرامي يف سننو ،366/2
وابن جرير الطربي يف تفسّبه ،194:4وابن ا٤بنذر وابن أيب حامت يف تفسّبه ،888/3
والبيهقي يف سننو 231 ،226/6والبحر احمليط ج 3ص.190
( )2نقل اإلٝباع على ذلك ابن ا٤بنذر وغّبه ،قاؿ ابن ا٤بنذر (ت 318ىػ)" :وأٝبعوا أف مراد
اهلل عز وجل يف اآلية الٍب يف أوؿ سورة النساء األخوة من األـ ،وبالٍب يف آخرىا األخوة من
االب واالـ" كتاب اإلٝباع ص.82
( (3النشر ج 1ص.29
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
102 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
ا٢بائض ال يقرهبا زوجها حٌب حيصل أصل الطهر ،وذلك بانقطاع ا٢بيض ،علي
قراءة التخفيف.
الثاين :أهنا ال يقرهبا زوجها حٌب ينقطع الدـ ،وتزيد عليو التطهر ،وذلك يتحقق
بالغسل الكامل ،وىذا ما أفادتو قراءة التضعيف .فجمعت ىاتاف القراءتاف بْب
حكمْب ،وال بد منهما يف جواز قرباف ا٢بائض .واهلل أعلم.
–6الداللة علي حكمْب شرعيْب ،وذلك يف حالْب ٨بتلفْب :مثاؿ ذلك قولو
تعارل( :يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوىكم وأيدكم إلى
المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) {ا٤بائدة .}6:فقد قرئ
()1
ؤبرىا ،فالنصب يفيد :وجوب غسلها ،وعطفها بنصب كلمة " َوأ َْر ُجلَ ُك ْم"
وىك ْم" ا٤بنصوبة وىي من األعضاء ا٤بغسولة وا١بر يفيد طلب
حينئذ علي كلمة "وج َ
مسحها وىي معطوفة حينئذ علي كلمة "بِرؤ ِ
وسك ْم" اجملرورة ،والرؤوس ٛبسح وقد
علمنا الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم أف ا٤بسح رخصة – بشروطها – ٤بن لبس
ا٣بف ،وأف الغسل جيب علي من دل يلبس ا٣بف.
– 7دفع توىم أمر غّب مراد كما يف قولو عز وجل( :يا أيها الذين آمنوا إذا
نودي للصالة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اهلل وذروا البيع){ا١بمعة،}9:
إذ قرئ" :فامضوا إرل ذكر اهلل"( )2فقراءة "فاسعوا" توىم أف ا٤براد السرعة يف ا٤بشي
( )1قرأ ابن كثّب ٞبزة وأبو عمرو وعاصم يف رواية عنو" :وأرجلكم" خفضاً ،وقرأ نافع وابن
عامر والكسائي وعاصم يف رواية عنو "وأرجلكم" نصباً .السبعة البن ٦باىد ص ،242والتيسّب
للداين ص.98
( )2قرأ بذلك عمر بن ا٣بطاب وابن مسعود وعبد اهلل بن الزبّب وأيب بن كعب .ينظر موطأ
مالك :كتاب ا١بمعة :باب ما جاء يف السعي يوـ ا١بمعة ،109/1واألـ للشافعي ج1
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
إرل صبلة ا١بمعة ،وىذا خيالف ما جاء يف ا٢بديث عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو
وسلم" :إذا ثوب بالصبلة فبل يسع أحدكم ولكن ليمشى وعليو بالسكينة
والوقار"( .)1فجاءت القراءة األخرى "فامضوا" ودفعت توىم ما ليس مرادا وأزالت
اإلشكاؿ؛ ألف ا٤بضي ليس من مدلولو السرعة.
–8بياف اجململ والغريب كما يف قولو تعارل( :حافظوا على الصالة والصالة
الوسطى) {البقرة ،}238:حيث جاءت قراءة" :الصبلة الوسطي وصبلة
العصر"( )2فبينت ا٤بقصود.
وكقولو جل شأنو( :وتكون الجبال كالعهن) [القارعة ،]5:فقد قرئ "كالصوؼ
ا٤بنفوش"( )3فاتضح من خبلؿ قراءة الثانية أف العهن ىو الصوؼ.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
104 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
٘ –9بلية عقيدة ضل بسببها بعض ا٤بكلفْب ،فقولو تعارل( :وإذا رأيت ثم رأيت
نعيما وملكاً كبيرا) {اإلنساف .}20:قرئت بضم ا٤بيم وسكوف البلـ يف لفظ:
"وملكاً" وقرئَ " :وَملِ ًكا " بفتح ا٤بيم وكسر البلـ( )1فبينت القراءة الثانية ا٢بق يف
عقيدة أىل السنة وا١بماعة يف رؤية ا٤بؤمنْب لرهبم يف اآلخرة ،وتتأكد ،ىذه القراءة
بقولو جل( :لمن الملك اليوم هلل الواحد القهار) {غافر.}16:
–10بياف صحة لغة من لغات العرب وذلك كقولو تعارل( :واتقوا اهلل الذي
()2
با٣بفض ويف ذلك تساءلون بو واألرحام) [النساء ،]1:فقد قرئت "واألرحاـ"
حجة علي جواز عطف االسم الظاىر علي الضمّب اجملرور من غّب إعادة العامل،
وكقولو سبحانو( :وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أوالدىم شركاؤىم)
{األنعاـ ،}137:فقد قرئ بضم الزاي يف "زيِّ َن" وبالرفع يف "قَػْتل" وبنصب
"أَوالَ َدى ْم" علي ا٤بفعولية ،وٖبفض " ُش َرَكائِ ِه ْم" علي اإلضافة( )3والتقدير :زين قتل
شركائهم أوالدىم .وىذه القراءة حجة علي جواز الفصل بْب ا٤بتضايفْب بغّب
الظرؼ وا١بر واجملرور خبلفاً للبصريْب يف كل ىذا(.)4
–11إقامة ا٢بجة علي أف القرآف الكرمي من عند اهلل تعارل وأف الرسوؿ صادؽ
وذلك أننا نبلحظ أف القراءات مهما تعددت فإهنا ال تؤدى إرل التناقض يف اللفظ،
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
وال يف ا٤بعِب ،بل القرآف الكرمي كلو ٗبا فيو من قراءات وحروؼ قد بلغ الغاية يف
التوافق ،ويصدؽ بعضو بعضا.
–12رفع ا٢برج :و٤با كانت القراءات كلها قرآنا منزال من عند اهلل تعارل وتلقاىا
رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم وتبلىا علي أمتو ،والدليل علي ذلك أف النيب
صلي اهلل عليو وسلم كاف مرجع الصحابة الوحيد يف القرآف الكرمي بصفة عامة،
والقراءات بصفة خاصة ،وال جيوز ألحد أف دينع أحدا من القراءة بإحدى ىذه
القراءات ما دامت قد استوفت األركاف الثبلثة ا٤بعروفة.
وقد منعهم – عليو الصبلة والسبلـ – من التنازع وا١بداؿ بسبب ىذه القراءات
()1
حيث قاؿ صلى اهلل عليو وسلم" :فبل ٛباروا يف القرآف فإف ا٤براء يف القرآف كفر "
كما أنو – عليو الصبلة و السبلـ – دل يؤيد عمر وأبػَيًا وابن مسعود وعمرو بن
العاص يف معارضة ٨بالفيهم يف القراءة ،وبْب ٥بم أف األمر متسع ٥بم ٝبيعاً(.)2
–13فتح مزيد من أبواب ا٣بّب والثواب٤ :با كانت القراءات متعددة وكل قراءة
ٕباجة إرل من يتلقاىا ويتعلمها حٌب حيسن أداءىا وىذا من شأنو أف يعود عليهم
بثواب عظيم وأجر جزيل ،أما لو كانت قراءة واحدة ىي الٍب يؤدى هبا القرآف
لفات ىذا ا٤بقصود.
( )1أخرجو اإلماـ أٞبد يف مسنده 180-196/4عن أيب جهيم والطرباين يف الكبّب
.152/5
()2يراجع مناىل الفرقاف ،151-150/1 :وينظر أنوار البياف يف علوـ القرآف تأليف الدكتور/
زكي ٧بمد أبو سريع ج 2ص ،286-285دار الطباعة احملمدية.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
106 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
–14إثبات كذب أعداء الدين :ال تزاؿ الشبو ثائرة حوؿ الوحي بصفة عامة،
والقرآف والقراءات بصفة خاصة ...وىدفهم ٝبيعاً :أف ينفوا ٦بيء القرآف من عند
(.)1
اهلل تعارل _ (وىموا بما لم ينالوا) {التوبة}74:
قاؿ اهلل عز وجل( :أفال يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير اهلل لوجدوا فيو
اختالفاً كثيرا) {النساء .}82 :يف اآلية الكردية دليل على سبلمة الكتاب العزيز
من االختبلؼ والتناقض .قاؿ أبو حياف عند تفسّبه ٥بذه اآلية" :ووجو ىذا الدليل
أنو ليس من متكلم كبلماً طويبلً إال وجد يف كبلمو اختبلؼ كثّب ،إمنا يف الوصف
أو اللفظ ،واما يف ا٤بعُب ،بتناقض أخبار أو الوقوع على خبلؼ ا٤بخرب بو ،أو
اشتمالو على ماال يلتئم ،أو كونو ديكن معارضتو ،والقرآف العظيم ليس فيو شيء
من ذلك ؛ ألنو كبلـ احمليط بكل ،تناسب ببلغة معجزه فائتو لقوى البلغاء وتظافر
صدؽ أخبار وصحة معاف فبل يقدر عليو إال العادل ٗبا ال يعلمو سواه"( .)2وعليو
فاالختبلؼ الواقع يف القرآف العظيم من جهة القراءات والتفسّب اختبلؼ تنوع ال
تضاد وال تناقض.
قاؿ اإلماـ احملقق ابن ا١بزري (ت 883ىػ) –رٞبو اهلل" :-حقيقة اختبلؼ ىذه
النصوص السبعة ا٤بنصوص عليها من النيب صلى اهلل عليو وسلم اختبلؼ تنوع
()1ا٤بصدراف السابقاف.
( )2ينظر البحر احمليط ج 3ص.305
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
وتغاير ال اختبلؼ تضاد وتناقض ،فإف ىذا ٧باؿ أف يكوف من كبلـ اهلل تعاذل ،قاؿ
اهلل عز وجل( :أفال يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير اهلل لوجدوا فيو
اختالفاً كثيرا) ({ )1النساء}82 :
(:)2
واختالف القراءات ال يخلو من ثالث أحوال
أحدىا :اختبلؼ اللفظ وا٤بعُب واحد.
والثاني :اختبلؼ اللفظ وا٤بعُب ٝبيعاً ،مع جواز أف جيتمعا يف شيء واحد لعدـ
تضاد اجتماعهما فيو.
والثالث :اختبلؼ اللفظ وا٤بعُب ،مع امتناع جواز أف جيتمعا يف شيء واحد
الستحالة اجتماعهما فيو ،بل يتفقاف يف وجو آخر ال يقضي التضاد.
أما اختبلؼ اللفظ وا٤بعُب واحد فنحو "السراط" بالسْب ،و"الصراط" بالصاد،
و"الزراط" بإمشاـ الصاد صوت الزاي.
و٫بو" :عليهم" و "إليهم" و "لديهم" بضم ا٥باء مع إسكاف ا٤بيم وبكسر ا٥باء مع
ضم ا٤بيم وإسكاهتا.
()6 ()5 ()4 ()3
بصلة و "عنو مالو" و "منو آيات" و" عليو كنز" و٫بو" :فيو ىدى"
ا٥باء وبغّب صلتها.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
108 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
صلى اهلل عليو وسلم فيما جاء بو من عند اهلل عز وجل فاألمراف ٝبيعا ٦بتمعاف
٥بم ،فأخرب اهلل عز وجل بذلك عنهم ،وأعلمنا أنو معذهبم هبما يف آية واحدة
بقراءتْب( .)1وكذا قولو عز وجل( :كيف ننشزىا) {البقرة ،}259 :بالراء وبالزاي،
ألف ا٤براد هباتْب القراءتْب ٝبيعا ىي العظاـ ،وذلك أف اهلل تعاذل أنشرىا أي
أحياىا ،وأنشزىا أي رفع بعضها إذل بعض حٌب التئمت ،فأخرب سبحانو وتعاذل أنو
ٝبع ٥با ىذين األمرين ،من إحيائها بعد ا٤بمات ،ورفع بعضها إذل بعض لتلتئم،
(.)2
وكذا قولو سبحانو: فضمن تعاذل ا٤بعنيْب يف القراءتْب تنبيهاً على عظيم قدرتو
(واتخذوا من مقام إبراىيم مصلى) {البقرة ،}125 :بكسر ا٣باء على األمر،
وبفتحها على ا٣برب ،ألف ا٤براد بالقراءتْب ٝبيعاً ىم ا٤بسلموف ،وذلك أف اهلل عز
وجل أمرىم باٚباذ مقاـ إبراىيم مصلى ،فلما امتثلوا ذلك وفعلوه أخرب بو عنهم،
فجاءت القراءة باألمرين ٝبيعاً ،للداللة على اجتماعها ٥بم ،فهما صحيحاف غّب
مضادين وال متنافيْب(.)3
وأما اختبلؼ اللفظ وا٤بعُب ٝبيعاً ،مع امتناع جواز اجتماعهما يف شيء واحد
الستحالة اجتماعهما فيو ،فكقراءة من قرأ (وظنوا أنهم قد كذبوا) {يوسف:
،} 110بالتشديد ،ألف ا٤بعُب يتوىم ا٤برسل إليو ،أف الرسل قد كذبوىم فيما
أخربوىم بو من أهنم إف دل يؤمنوا هبم ،نزؿ العذاب هبم .فالظن يف اآلية على القراءة
األوذل ٗبعُب االيقْب ،والضمّب األوؿ واو ا١بماعة يف "ظنوا" للرسل ،والضمّب الثاين
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
110 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
واو ا١بماعة يف قولو تعاذل" :كذبوا" للمرسل إليهم .والظن يف القراءة الثانية ٗبعُب
الشك ،والضمّب األوؿ للمرسل إليهم والثاين للرسل(.)1
وكذا قراءة من قرأ( :لقد علمت ما أنزل ىؤالء إال رب السموات واألرض
بصائر) {اإلسراء ،}102 :بضم التاء وذلك أنو أسند ىذا العلم إذل موسى –
عليو السبلـ -حديثاً منو لفرعوف ،حيث قاؿ( :وإني ألظنك يا موسى مسحورا)
{اإلسراء ،}101 :فقاؿ لو موسى –عليو السبلـ -عند ذلك( :لقد علمت ما
أنزل ىؤالء إال رب السموات واألرض بصائر) { اإلسراء ،}102 :فأخرب عن
نفسو بالعلم بذلك أي :ليس ٗبسحور .وقراءة من قرأ" :لقد علمت" بفتح التاء،
وذلك أنو أسند ىذا العلم إذل فرعوف٨ ،باطبة من موسى لو بذلك ،على وجو
التقريع والتوبيخ لو ،على شدة معاندتو للحق ،وجحوده لو بعد علمو ،ولذلك أخرب
تبارؾ وتعاذل عنو وعن قومو ،فقاؿ( :فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا ىذا سحر
مبين وجحدوا بو واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا فانظر كيف كان عاقبة
المفسدين) {النمل.}14-13:
وكذلك ما ورد من ىذا النوع من اختبلؼ القراءتْب ،الٍب ال يصح أف جيتمعا يف
شيء واحد ،ىذا سبيلو ،ألف كل قراءة منهما ٗبنزلة آية قائمة بنفسها ،ال يصح أف
٘بتمع مع آية أخرى ٚبالفها يف شيء واحد ويتفاف يف وجو آخر ال يقتضي التضاد،
فليس يف القراءات تناؼ وال تضاد وال تناقض( .)2قاؿ احملقق ابن ا١بزري" :كل ما
صح عن النيب صلى اهلل عليو وسلم من ذلك فقد وجب قبولو ،دل يسع أحد من
األمة رده ولزـ اإلدياف بو ،وأف كلو منزؿ من عند اهلل عز وجل ،إذ كل قراءة منها مع
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
األخرى ٗبنزلة اآلية مع اآلية ،جيب اإلدياف هبا كلها واتباع ما تضمنتو من ا٤بعُب
علماً وعمبلً ،وال جيوز ترؾ موجب إحدامها ألجل األخرى ظناً أف ذلك تعارض(.)1
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
112 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
114 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
لفظي او غّبه .كما قاؿ الشاطيب رٞبو اهلل" :وحيث أتاؾ القدس )1( ...و٫بو ىو،
وىي ،بعد الواو والفاء ،وإمشاـ قيل وبابو ...،اخل ويف ا٤بقابل قد يذكر يف األصوؿ
ماال يطرد ،كا٤بواضع ا٤بخصوصة الٍب ذكرت يف ا٥بمزتْب من كلمة ٫بو
(،)3
ومن ٫بو كلمات معينة يف (ءأعجمي)"( ،)2ومن كلمتْب ٫بو "أولياء أولئك"
باب اإلمالة ،واإلدغاـ الصغّب ،وياءات اإلضافة ،والزوائد وغّبىا.
وا٢بق أف كل من األصوؿ والفرش يشبو أخاه يف أماكن ويفارقو يف الكثّب فالتسمية
(.)4
فيها باعتبار الكثّب الغالب
االعتبار الثاني :بالنظر إذل نسبة القراءات لناقليها وىذا على أقساـ :قراءة ،رواية،
طريق ،وجو .تقسيمات أربعة لكل منها يف عرؼ أىل القراءات مدلوؿ خاص
خبلصة ما قالوه يف ىذا أف:
-1القراءة :كل نسب إلماـ من األئمة العشرة وإف عبل ٩با أٝبع عليو الرواة
عنو.
-2الرواية :كل خبلؼ نسب للراوي عن اإلماـ.
-3الطريق :كل خبلؼ نسب لآلخذ عن الراوي وإف سفل.
فالفتح مثبل يف "ضعف" يف سورة الروـ قراءة عاصم ،ورواية حفص ،وطريق عبيد
(.)1
بن الصباح عن حفص وىكذا
( )1البيت رقم 23من سورة البقرة يف مًب الشاطبية وينظر اٙباؼ الربرة ص.40
( )2سورة فصلت من اآلية ،44 :ويراجع القراءات فيها يف شروح الشاطبية والطيبة باب
ا٥بمزتْب من كلمة.
( )3األحقاؼ من اآلية 32ويراجع القراءات فيها يف شروح الشاطبية والطيبة باب ا٥بمزتْب من
كلمتْب.
( )4الوايف ص ،199والنفحات اإل٥بية ص.278-277
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
-4الوجو :الصورة ا٤بعينة الٍب جيوز للقارئ أف يقرأ هبا من بْب صور ٨بتلفة
على سبيل التخيّب دوف االلتزاـ هبا ٝبيعاً ،وال يقاؿ ٥بذه الصور قراءات وال
(.)2
روايات ،وال طرؽ بل يقاؿ عنها أوجو رواية فقط
فالوقف على ٫بو "العالمين" مفتوح النوف جيوز فيو ثبلثة أوجو يف العارض القصر
والتوسط وا٤بد مع اإلسكاف احملض وال روـ وال إمشاـ.
االعتبار الثالث :باعتبار القارئ أو ٚبيّبه بأوجو قراءة أو رواية معينة ،وىذا على
قسمْب:
أوالً :ا٣ببلؼ الواجب وىو :كل خبلؼ بْب القراء والرواة وأصحاب الطرؽ –
الثبلثة تقسيمات األوؿ يف االعتبار الثاين السابق – وىو عْب القراءات والروايات
والطرؽ فالقارئ ملزـ باإلتياف هبا ٝبيعاً ليكمل لو ذلك ،فلو أخل بشئ منها عد
ذلك نقصاً يف روايتو( ،)3وأغلب ا٣ببلفات القرآنية من ىذا القبيل وا٣ببلؼ الواجب
(.)4
يكوف يف أصوؿ القراءة وفرش كلماهتا
ثانياً :ا٣ببلؼ ا١بائز وىو :كل خبلؼ على سبيل التخيّب واإلباحة ،واإلتياف بوجو
منها جيزئ وال يعد إخبلالً أو نقصاً أو تقصّباً يف الرواية كما سبق ذكره يف الوجو
القرائي.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
116 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
ىذا وا١بهل يف التفريق بْب نوعي ا٣ببلؼ القرائي يؤدي إذل تعذر القراءة وا٣بلط
(.)1
فيها
وبعد فالقراءات العشر متواترة على االعتبارات الثبلثة فهي متواترة أصوالً وفرشاً
حاؿ اتفاؽ القراء – اجتماعهم – وكذا رواهتم وطرقهم ،وحاؿ افَباقهم ،حيث إف
ىذا كلو يعِب ماىية القراءات ،وال يصح تواتر الشيء دوف توتر ماىيتو ،وىي أجزاء
القراءات وال يعقل أف يتواتر الشيء دوف تواتر جزئياتو ،وبياناً وتأكيداً ٤با سبق لزـ
التعرض ألمور ثبلثة:
-1تواتر األصوؿ ،أو ما يسمى بالكيفيات األدائية.
-2تواتر فرش ا٢بروؼ.
-3تواتر االنفرادات ا٤بختلف فيها.
( )1ينظر :النشر ج 2ص ،200والتمهيد يف علم التجويد البن ا١بزري ص،35-33والبدور
الزاىرة للشيخ القاضي ص 1077وغّبىا ،وينظر ٧باضرات يف تاريخ علم القراءات لػ ا.د /عبد
الكرمي صاحل.
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
أوالً :تواتر األصول .ا١بمهور على أف القراءات السبع بل العشر متواترة معلومة
من الدين بالضرورة كما سيأيت بيانو.
وىذا التواتر شامل لؤلصوؿ والفرش إذ مها معاً القراءة والقراءات ،أما األصوؿ
فاختلف يف تواترىا متأخرو الشيوخ ومتقدموىم ،وكاف الفقيو الصاحل الضابط ا٤بقرئ
(.)1
األصورل أبو عبد اهلل بن سبلمة األنصار ال يشك يف تواترىا
والصحيح الذي يتفق وٝبهور العلماء كما يتفق وإطباقهم على أف القراءات ىي
كيفيات أداء كلمات القرآف – األصوؿ – واختبلفها – الفرش – معزواً ذلك إذل
ناقلو( ،)2وطريقها السماع والتلقي ألهنا من العلوـ النقلية الوضعية الٍب تستند
بطبيعتها إذل الغّب عن الوضع البشري وال ٦باؿ فيها للعقل ،وٖباصة تلك الكيفيات
األدائية الٍب ترجع إذل كيفية النطق من إعراب وإمالة وتفخيم وترقيق وكيفية وقف
و٫بو ذلك من األمور الناشئة من اختبلؼ القبائل العربية يف نربات األصوات
وطريقة األداء ،فهذا يظهر واآلخر يدغم ،وىذا خيفي وثاف يبْب ،وىذا دييل وغّبه
يفتح ،وىذا يرقق وسواه يفخم ،وىذا ديد وغّبه يقصر ،وغّب ذلك من األمور الٍب
يصعب على الناس التخلص منها.
وتوسيعاً لطريق الدين يف وجو من يريد الدخوؿ فيو نزؿ القرآف بالكثّب من ىذه
األمور ا٤بشهورة بْب القبائل ،على أف القراءات الثابتة قد ٝبعت بْب اختبلفات
القبائل السابقة وغّبىا ٩با دل ٚبَبه القبائل من عند أنفسها وإمنا تلقتو من النيب صلى
اهلل عليو وسلم ،الذي أقرأ كل فبيلة بلغتها وما جرت عليو عادهتا من الكيفيات
ا٤بختارة وغّبىا.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
118 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
وىذا يؤكد ما سبق سلفاً من أف القراءات ال ٦باؿ فيها للعقل إال فيما يظهر من
إ٢باؽ الفروع باألصوؿ ،وتأكد أف القراءات ال قياس فيها ،ومعُب ىذا كلو أف
القراءات توقيفية ٠بعية ال يدخل فيها إال ما كاف مسموعاً ٧بض ٠باع ،وأنو ال يتم
العلم بالقراءات إال إذا وىف ٗبا حيتاج العلم إليو وتطلبو كتبو ،والكتب ليست ىي
كل العلم ،وإمنا السماع باألذف والنقل با٤بشافهة ىي العلم.
٥بذا فإف إٝباع القراء مستند إذل السمع ا٢بقيقي ما ظهر منو وما دل يظهر.
وأغلب الظن أف من قاؿ بعدـ تواتر األصوؿ نظر إذل أمور منها:
أوالً :أف من ىذه األصوؿ أو الكيفيات ما ال ينضبط ولو تكرر من القارئ نفسو.
ثانياً :نظر إذل كثرة الوجوه األدائية واستكثرىا ،مع أف ىذه الوجوه ليست على
وجو اإللزاـ فضبلً عن أهنا دل ٘بتمع لواحد بأكملها.
وىنا ٜبة تساؤؿ وىو :كيف اجتمعت ىذه الوجوه ا٤بتكاثرة البن ا١بزري وغّبه بعد
ذلك؟ وىنا ديكن القوؿ بأف ىذه الكثرة تكونت ٩با توزع يف األصل على ا٤بواضع
وا٣بتمات وتفرؽ الطرؽ العديدة على ا٤بوضع الواحد مع السعة والتوزيع يف جواز
القراءة بكل من ىذه الوجوه ا١بائزة.
ولنأخذ مثاالً يوضح ما سبق وىو قولو تعاذل( :قل أؤنبئكم) {آؿ عمراف،}15 :
فيو :مهزة متحركة بعد ساكن صحيح منفصل وفيها ٢بمزة وقفا التحقيق يف وجو،
والنقل يف وجو ثاف وال كثرة حينئذ .وفيها أيضاً :مهزة بزائد وىي ا٥بمزة ا٤بضمومة
بعد فتح وفيها ٢بمزة وقفاً التحقيق والتسهيل بْب بْب .وفيها أيضاً :مهزة متوسطة
بنفسها وىي ا٤بضمومة بعد الكسر وفيها ٢بمزة وقفاً التسهيل بْب ا٥بمزة والواو –
على مذىب سيبويو – والتسهيل باإلبداؿ ياء ٧بضة على ما ذىب األخفش.
فكثرة الوجوه يف مثالنا ىذا من غّب قصد مع أنو ال كثرة يف أحكاـ كل مهزة يف
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
كلمة ،وعرفت تلك الوجوه الكثّبة ٗبا استقر يف القراءة وثبت عن النيب صلى اهلل
عليو وسلم .ىذا وقد ذكر ا١بعربي والسمْب وغّبمها من الوجوه ا٤بمكنة يف ا٤بثاؿ
الذي معنا (سبعة وعشرين وجهاً) لكن ابن ا١بزري ضعف منها سبعة عشر وجهاً
وبقى الصحيح الثابت الذي يقرأ بو عشرة فقط( ،)1وىذه العشرة تواترت نقبلً على
(.)2
ا٣بتمات واألشخاص
-1فهذا ىو صاحب النهاية الكربى ،وأبو العبلء يف غايتو يأخذاف بوجو منها
وىو النقل مع تسهيل ا٥بمزة الثانية وإبداؿ الثالثة ياء ،ونقل الناس سلفاً وخلفاً ىذا
(.)3
الوجو
-2وقرأ صاحب الروضة وٝبهور العراقيْب بوجو النقل وتسهيل الثانية والثالثة
بْب بْب( .)4كما قرأ صاحب التجريد بوجو السكت على البلـ مع تسهيل ا٥بمزة
(.)5
الثانية والثالثة بْب بْب
-3وقرأ صاحب التذكرة والتبصرة بوجو عدـ السكت على البلـ ،مع ٙبقيق
(.)6
ا٥بمزة األوذل والثانية ،وتسهيل ا٥بمزة الثالثة بْب بْب
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
120 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
-4كما قرأ صاحب العنواف بوجو السكت مع ٙبقيق الثانية ا٤بضمومة مع
(.)1
تسهيل الثالثة بْب بْب
-5وقرأ صاحب ا٥بداية وابن بليمة يف تلخيصو بوجهْب األوؿ منها يوافق
صاحب التذكرة والتبصرة فيما سبق والثاين منها :عدـ السكت مع تسهيل ا٥بمزة
(.)2
الثانية والثالثة بْب بْب وىذا وجو جديد من العشرة
-6وقرأ بن شريح يف الكايف بوجهْب :األوؿ منها يوافق صاحب العنواف
(.)3
السابق والثاين منها يوافق صاحب التذكرة والتبصرة السابق وال جديد ىنا
-7وقرأ أبو الفتح بثبلثة أوجو :األوؿ يوافق صاحب العنواف ،والثاين يوافق
(.)4
صاحب التجريد ،والثالث يوافق الوجو الثاين عند صاحب ا٥بداية وابن بليمة
وللداين اختيار ألربعة أوجو:
األوؿ :السكت مع ٙبقيق الثانية وإبداؿ الثالثة ياء مضمومة.
الثاين :عدـ السكت مع ٙبقيق ا٥بمزة األوذل والثانية مع إبداؿ الثالثة ياء.
الثالث :السكت مع تسهيل ا٥بمزة الثانية بْب بْب مع إبداؿ الثالثة ياء.
الرابع :عدـ السكت مع تسهيل الثانية مع إبداؿ الثالثة ياء .وكلها جديدة فتمت
العشرة وذكر يف التيسّب ٜبانية أوجو من ىذه األوجو العشرة( )5ويف الشاطبية تسعة
(.)1
منها
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
( )1مًب الشاطبية باب ا٥بمزتْب من كلمة ،ويراجع :إٙباؼ الربرة ص ،16-15والنفحات
اإل٥بية ص.127-126
( )2إٙباؼ فضبلء البشر ( )65/1وما بعدىا.
( )3ا٤بنجد ص.60
( )4ا٤بنجد ص.57
( )5السابق نفسو.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
122 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
سكوف أو مهز فهذا و٫بوه يلحق بالطبيعي وال جيوز فيو القصر ،وادعاء ابن ا٢باجب
عدـ تواتر ا٤بد فيو ترجيح من غّب مرجح "...مث قاؿ" :فهذه أقساـ ا٤بد العرضي
أيضاً متواترة ال يشك يف ذلك إال جاىل ،وأنكر أف يكوف ا٤بد غّب متواتر وقد أٝبع
الناس عليو خلفاً عن السلف .قرأ بو النيب صلى اهلل عليو وسلم وأنزلو اهلل عز وجل
عليو مث أقر بأف القدر ا٤بشَبؾ من ا٤بد متواتر ،وما زاد عن ىذا القدر ا٤بشَبؾ إما
(.)1
متواتر وإما صحيح مستفاض متلقى القبوؿ"
وإذل قريب من ىذا قاؿ الشيخ يوسف أفندي زادة حْب ذكر بأف" :أحكاـ ا٤بد
وتشعباهتا وأوجهها أثراً من آثار تنوع الروايات القرآنية ا٤بتلقاة عن رسوؿ اهلل صلى
(.)2
اهلل عليو وسلم ا٤بنقولة إلينا نقبلً متواتراً"
وعلماء اللغة على أف من لغات القبائل ا٤بد الكامل وا١بائز( ،)3وما زاد على ا٤بد
الطبيعي من زيادات يف مقادير ا٤بدود كما قاؿ ابن ا١بزريٙ :بكمو ا٤بشافهة
(.)4
وتوضحو ا٢بكاية ويبينو االختبار ويكشفو ا٢بسن
وبعد :فإف التوقيفي من ا٤بد مضبوط ومعلوـ ألىل القراءات ،داخل يف دائرة
التكليف ال تصح القراءة بدونو وما خرج عن ذلك غّب مؤثر على سبلمة التوقيف،
و٤با ذكر السخاوي للمد مراتب أربعة ،وأهنا ال تتحقق وال ديكن اإلتياف هبا كل مرة
على قدر السابق ،عارضو بعضهم يف تواتر تلك ا٤براتب ،بل دل يوافقو ا١بعربي
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
بقولو" :ليس كذلك ،بل ٙبقيق كل شيء ٕبسبو"( )1فذىب إذل أنو متواتر ،وما
يقاؿ يف شأف ا٤بد يقاؿ يف غّبه ٩با يشبهو.
-2ويف شأف اإلمالة والتفخيم أورد ابن ا١بزري أقواؿ العلماء يف ذلك وقرر
معهم :أهنما لغتاف فاشيتاف مكتوبتاف يف ا٤بصاحف ومتواترتاف وأف القرآف نزؿ هبما
ٝبيعاً ،وأف أحدمها ليست بأقدـ من األخرى ،وأف من قاؿ بأف اهلل عز وجل دل
ينزؿ القرآف باإلمالة أخطأ وأعظم الفرية على اهلل تعاذل وظن بالصحابة خبلؼ ما
(.)2
ىم عليو من الورع والتقوى"
ولئلمالة عند اللغويْب حديث ٦بمل ودرجات كثّبة ،وليست كل ىذه الدرجات
مقروء هبا ،وا٤بقروء منها ٙبكمو ا٤بشافهة ،والقراء دييزوف بْب درجات ا٤بقروء بو من
غّبىا فما زاد من الفتح عن حده يعرفونو ويأبونو وينسبونو إذل غّب العرب ،وما زاد
(.)3
كذلك عن اإلمالة إذل الكسر دييزونو وينكرونو
قاؿ ا٥بذرل" :وقد أٝبعت األمة منن لدف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم إذل يومنا
(.)4
ىذا على األخذ والقراءة واإلقراء باإلمالة والتفخيم"
-3يرى ابن ا١بزري أف ٚبفيف ا٥بمز و٫بوه من النقل واإلدغاـ وترقيق الراء
وتفخيم البلمات متواتر قطعاً ،ومعلوـ أنو منزؿ من األحرؼ السبعة ،ومن لغات
العرب الذي ال حيسنوف غّبه ،مث يتساءؿ :وكيف يكوف ذلك غّب متواتر وقد أطلق
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
124 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
القراء عليو أ٩باً عن أمم وإذا كاف ا٤بد وٚبفيفو ا٥بمز واإلدغاـ غّب متواتر على
(.)1
اإلطبلؽ فما الذي يكوف متواتراً؟
ىذا وسائر أصوؿ القراءات يضبطو السماع ببل شبهو وموقف عليو كما نزؿ ،ومن
ذلك اإلظهار واإلدغاـ واإلخفاء ...إخل٥ ،بذا صح ا٢بكم بأف كل صغّبة وبّبة يف
القراءات توقيفية موثوؽ بصحتها يف نطق القراء اجمليدين ،وقد نقل ىذه القراءات
أئمة كانوا على الدواـ أعياف أزمنتهم يف بلوغ الغاية من إتقاف الرواية والدراية،
ونصوا على تواتر األصوؿ القرآنية السالف ذكرىا.
يقوؿ ابن ا١بزري" :وىو – تواتر األصوؿ وما كاف من قبيل األداء يف ٫بو ما مثل
بو ابن ا٢باجب – ألنو إذا ثبت تواتر اللفظ ثبت تواتر ىيئة أدائو ،بل كاف ىذا من
(.)2
باب أوذل ألف اللفظ ال يقوـ إال بو ،أو ال يصح إال بوجوده"
وختاماً ديكن القوؿ بأنو :إذا كاف األصل – أصل القراءات – مأخوذ من النيب
صلى اهلل عليو وسلم فالكيفية إذا البد أف تكوف ىي األخرى مأخوذة عن النيب
صلى اهلل عليو وسلم ،ىذا ما تؤكده الشواىد يف عناية الذين ٝبعوا القرآف بعد النيب
صلى اهلل عليو وسلم من أهنم كانوا يرسلوف إذل الرجل ولو كاف على بعد ثبلث
من ا٤بدينة فيسألوه :كيف أقرأؾ الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم آية كذا؟
٥بذا وغّبه صح بأف األصوؿ القرائية من مد وغّبه قد قعدت وأصلت وصفاً لقراء
رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم الٍب نقلت إلينا جيبلً بعد جيل نقبلً متواتراً(.)3
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
126 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
الرابع :أف فيها ا٤بتواتر وىو القسم األوؿ أو ما اجتمعت طرؽ نقلو ،واتفقت عليو
الفرؽ من غّب نكّب ،وفيها غّب ا٤بتواتر وىو القسم الثاين أو ما اختلفت على نقلو
(.)1
الطرؽ وإذل ىذا ذىب أبو شامة يف مرشده
والرأي ما قالو ا١بمهور من تواتر فرش ا٢بروؼ ،فإذا كنا قد أثبتنا سلفاً تواتر
األصوؿ – الٍب ىي ٧بل ا٣ببلؼ يف الغالب – فمن باب أوذل تواتر ا٢بروؼ
الفرشية ألف أمر ا٣ببلؼ فيها أقل ،ويف كبلـ أصحاب ا٤بذاىب الثبلثة األخّبة ما
يوجب ترؾ االعتماد عليها ،ففي قوؿ الداودي واإلبياري فيما نقلو عن شيخو أيب
ا٤بعارل يف الربىاف ما يفهم منو أف تواتر القراءة فيما يرجع إذل اإلعراب وبابو ٩با ال
يعنيو ا٣بط – رسم ا٤بصحف – ويدخل يف ذلك ٫بو "ملك" و "مالك" و
"يخدعون" و "يخادعون" ىو ٧باؿ على نقل القراءة تواتراً ،وأف ا٤براعي يف التواتر
(.)2
ما يتلقى من أىل ذلك الشأف ،وأنو من الذي خيتص بو طوائف دوف غّبىم
وىذا يرجع إذل قوؿ ا٤باروزي يف شرح الربىاف ،حيث جعل تواتر القراءة الٍب ال
تعطي ا٤بصحف يف ر٠بو ٨بالفتها ٧باالً على الذين ضبطوا وجوه القراءات واشتغلوا
(.)3
هبا فهم الذين تواترت عندىم
ثالثا :تواتر اإلنفرادات .ىناؾ انفرادات للقراء العشرة ورواهتم ،ومن ىذه
االنفرادات ا٤بتواتر ا٤بعموؿ بو وغّب ا٤بتواتر ا٤بَبوؾ العمل بو ،وميز علماء القراءة بْب
ىذا وذاؾ .فمن االنفرادات اجملمع عليها وا٤بعموؿ هبا:
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
-1انفرادات مشَبكة بْب الدرة والنشر كما يف قراءة ابن ورداف وابن ٝباز
(لنحرقنو)(.)1
-2انفرادات يف الدرة وليست يف الطيبة كما يف ٫بو قراءة ابن ورداف عن أيب
()4
جعفر "ال يخرج إال نكداً"( )2بضم الياء وكسر الراء( ،)3وقراءة "سقاة – عمرة"
البن ورداف أيضاً ،وقراءة "فتغرقكم"( )5بتشديد الراء البن ورداف أيضاً(.)6
وأما االنفرادات غّب اجملمع عليها – ومن مث ال يعمل هبا – فكثّبة يف النشر وىي
مع صحة سندىا إذل أصحاهبا مث إلينا ال يقرأ هبا ودل تذكر مثل ىذه االنفرادات يف
الطيبة وال يقرأ هبا ،ألهنا فقدت اإلٝباع على قراءهتا تعبداً ،ومن مث التواتر ،ودل يبق
من ىذه االنفرادات ا٤بَبوكة يف النشر إال موضع يف الدرة ،وىذا يعمل هبا كالٍب يف
الطيبة ،ألهنا لو دل تكن متواترة لنفاىا القراء من شرح الدرة وتبلمذة ابن ا١بزري،
ولشنع عليهم من جاء بعدىم يف إقرارىا ،وىذا دليل على أف بقاء ما يتلى بو من
االنفرادات يعرفو الغّب ،وقد أعطيت ىذه االنفرادات صفة اإلٝباع العملي لبقائها
( )1سورة طو من اآلية .97 :ونص ابن ا١بزري على االنفراد يف نشره ( )322/2يراجع
تقريب النشر ص ،142وٙببّب التيسّب ص ،462واإلٙباؼ ( )257-256/2وغّبىا.
( )2األعراؼ من اآلية.58 :
( )3النشر ( ،)270/2وتقريب النشر ص ،115وٙببّب التيسّب ص ،373واإلٙباؼ
(.)52/2
( )4التوبة من اآلية ،19 :وينظر يف ىذه القراءة :النشر ( ،)278/2وٙببّب التيسّب -388
.389
( )5اإلسراء من اآلية.69:
( )6النشر ( ،)308/2وتقريب النشر ص ،134وٙببّب التيسّب ص ،438واإلٙباؼ
( )202/2وغّبىا.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
128 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
إذل اليوـ من طريق الدرة ،فهذه االنفرادات ٚبالف غّبىا ٩با ال يعمل بو ،أضف إذل
ذلك أف االنفرادات ا٤بعموؿ هبا قد قرئ هبا ودونت منذ القدـ ،وأف ابن ا١بزري
وغّبه دل يأتوا هبا من عند أنفسهم.
وبعد فلم يبق يف أي عصر إال ا٤بتواتر اجملمع عليو ،وٛبيز ىذا عن غّبه ،وبقى العلم
والتبليغ وضبط أمر ذلك با٤بشافهات احملكمة ا٤بتصلة ،وبإحصاء تلك القراءات يف
ا٤بؤلفات ،وزاد على ذلك رواية الكتب يف بعض األحياف كرواية الضباع وغّبه
لبعض ا٤بؤلفات كالنشر ،واإلٙباؼ ،ومًب الشاطبية ،ومفردات الداين ،وكل ىذه
أسباب قوة اجتمعت للقراءات ا٤بتواترة دوف غّبىا على أف أحداً ال ديكنو أف
يقرأ يف أي عصر ٗبا ليس متواتراً ،ومن فعل باف أمره.
و٩با سبق ديكن القوؿ:
يستحيل أف ال يتواتر يف كل عصر ما تواتر قبلو والسيما بعد أف استقر
العلماء على ٙبديد ا٤بقبوؿ من القراءات من ا٤بَبوؾ ،ودوف ىذا وذاؾ كانت العناية
وا٥بمم ناىضة باألوؿ – ا٤بعموؿ بو – أكثر وأبلغ من الثاين.
ليس وراء النشر والدرة وجو صحيح يقرأ بو.
ما وجد من قراءات عن رواة القراء العشرة وطرقهم ودل يوصل إليها –
كعشرة نافع – وىي متواترة عند من يقرأ هبا يف مصره ،فيسكت عنو.
فاتضح من ىذا كلو أف قراءات األئمة العشرة متواترة أصوالً وفرشاً حاؿ اتفاؽ
القراء وافَباقهم وىذا ما يتضح بعد استعراض أقواؿ العلماء على النحو اآليت.
وخالصة القول :أف القراءات ا٤بتواترة توقيفية يتوقف تعليمها وتعلمها على الشارع
ا٢بكيم ،وليست اختيارية اجتهادية ،وانعقد اإلٝباع على صحة قراءات األئمة
العشرة وأنو ال ٦باؿ لبلجتهاد فيها ،وإمنا كاف ذلك كذلك الف القراءة مروية عن
النيب صلى اهلل عليو وسلم ،وال تكوف القراءة بغّب ما روي.
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
والدليل على ذلك :أف القراءات السبع لو دل تكن متواترة لكاف بعض القرآف غّب
متواتر( ، )1باطل االتفاؽ ،فلزـ أف يكوف ا٤بقدـ ىو اآلخر باطل ،وبياف ا٤ببلزمة :أف
القراءات السبع أبعاض القرآف ،وقرأ كل قوـ بواحدة منها ،وأٝبعت األمة على
جواز الصبلة بكل منها ،فكلها قرآف متواتر ،فإما أف تكوف قراءة واحدة منها فقط
ىي القرآف وغّبىا ليس كذلك ،فيلزـ أف يكوف بعض القرآف غّب متواتر إذا قلنا أف
السبع ليس متوترة ،وإما أف ال يكوف واحدة قرآناً وىذا باطل باالتفاؽ ،وإما إف
يكوف بعضها قرآف دوف البعض اآلخر وىذا ٚبصيص من غّب ٨بصص ،أو حكم
ببعضية القرآف دوف بعض وىذا ٙبكم باطل ،الستواء كل منها يف صحة اإلسناد
وتواتر النقل ،واستقامة وجهها يف العربية ،وموافقة لفظها ٣بط ا٤بصحف ا٤بنسوب
إذل صاحبها ،وىذه الثبلثة مع غّبىا من ا٤بسوغات االخرى ىي الٍب يتعْب هبا
ترجيح القراءة ا٤بتواترة( ،)2فثبت بالدليل العقلي تواتر القراءات السبع.
وأيضاً مما يدل على صحة تواتر القراءات الثالث المتممة للعشر:
تواتر حديث األحرؼ عن النيب صلى اهلل عليو وسلم ٩ ،با يدؿ على العلم والقطع
بإنزاؿ القرآف على سبعة أحرؼ ،وال شك أف القراءات الثبلث داخلة يف األحرؼ
السبعة ،وا١بمهور على تواتر ما بقى من األحرؼ السبعة وىو قراءات األئمة العشرة
ونسخ ما عداىا ،وا٢بكم بتشديده ،فدؿ ىذا على أف القراءات الثبلث صحيحة
مشهورة مستفيضة متواترة ،يقرأ هبا تعبداً يف غّب الصبلة ،ويقرأ هبا يف الصبلة فرضاً
ونفبلً.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
130 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
فهذا أبو جعفر يصلي بالناس دىراً ويقرئ الناس يف مسجد رسوؿ اهلل صلى اهلل
عليو وسلم ال يتقدـ عليو أحد ما ينيف عن ٟبسْب سنة ،ودل ينكر عليو أحد
قراءتو ،وكاف إذ ذاؾ ٝباعات كبّبة من الصحابة والتابعْب والعلماء ٩بن يرجع ويعوؿ
عليهم يف ىذا ،بل ائتم الناس بو وأخذوا عنو – مع ما أخذوا – قراءتو دوف قراءة
(.)1
غّبه ،ىذا مع أنو كاف أحد شيوخ اإلماـ السبعي نافع رضي اهلل عنهم أٝبعْب
ودل خيتلف األمر عند يعقوب ا٢بضرمي إماـ جامع البصرة الكبّب ،يصلي ويقرئ
الناس ،وبالبصرة آنذاؾ أكابر العلماء و٧بققيهم يف الدين ،ودل ينكر أحد قراءتو بل
أئتموا بو يف صلواهتم وأخذوا منو – مع ما أخذوا – قراءتو ،أضف إذل ىذا أف
يعقوب قرأ على سبلـ الطويل وقرأ سبلـ على أبو عمرو وعاصم القارئاف
(.)2
السبعياف
ويأيت خلف العاشر خاٛبة الثبلثة والعشرة ،ودل ٚبرج قراءتو عن قراءات السبعة ،بل
دل ٚبرج قراءتو عن قراءة الكوفيْب ،بل دل ٚبرج قراءتو عن قراءة شيخو – ٞبزة – إال
نادراً ،وكاف مع ىذا من األئمة الذين يقتدى هبم ويأخذ عنهم القرآف والقراءات،
فضبلً عن أنو كاف ٩بن يفًب بتبلوتو – ١بما٥با – دل ينكر أحد قراءتو بل أخذوىا
عنو مع ما أخذوا( .)3ىذا مع ما اتصف بو القراء الثبلثة من الفقو واألمانة وغّبىا،
فثبت بالدليل العقلي أف القراءات الثبلث ا٤بتممة للعشر متواترة كالسبع.
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
أوالً :أقوال العلماء في القراءات السبع :بعد أف ثبت بالدليل العقلي تواتر
القراءات السبع حيسن أف نذكر ٝبلة من نصوص العلماء تؤكد على ىذا التواتر
فيما يأيت :قاؿ النووي" :القرآف ال يثبت إال بالتواتر ،وكل واحد من السبعة متواترة،
(.)1
ىذا ىو الصواب ،ومن قاؿ غّبه فغالط أو جاىل"
وقاؿ الشيخ زكريا األنصاري" :والقراءات السبع ا٤بروية عن القراء السبعة متواترة
(.)2
نقلت من النيب صلى اهلل عليو وسلم إلينا متواترة"
ونقل السروجي ا٢بنفي عن أىل السنة أف القراءات السبع متواترة عن النيب صلى
اهلل عليو وسلم بل وادعى إٝباع األمة – ما عدا ا٤بعتزلة – على ىذا ،قاؿ" :واألمة
٦بمعة ما عدا ا٤بعتزلة على أف كل واحد من السبع ثبت عن رسوؿ اهلل صلى اهلل
(.)3
عليو وسلم بالتواتر"
كما نقل السيد ٧بمد الطباطيب" :وقد أٝبع العلماء على تواتر القراءات السبع،
والقائلْب بتواتر القراءات السبع مطلقاً العبلمة ابن ا٤بطهر وابن فهد واحملدث ا٢برملي
(.)4
والفاضل ا١بواد ،ومعظم اجملتهدين من أصحابنا"
ونكتفي من النصوص هبذا القدر الذي حيقق ا٥بدؼ ا٤بقصود ،وىو إثبات تواتر
القراءات السبع ،وما يَبتب عليو على ذلك من حجتها إٝباعاً عرب القروف ،حيث
أف إيراد ٝبيع النصوص الٍب قيلت منذ الزمن الغابر إذل العصر ا٢باضر أمر متعذر –
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
132 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
إف دل يكن يف شبو ا٤بستحيل – فضبلً عن تشاهبها ٩با جيعل ذكرىا تكراراً ٤بعُب
واحد ،ىكذا قالوا يف القراءات السبع.
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
خاتمة البحث
فقد انتهيت ٕبمد اهلل عز وجل وتوفيقو من البحث ولكن البحث دل ينتو بعد،
فعلم القراءات ميداف فسيح األرجاء ال تثبت فيو أقداـ األبطاؿ ،وٕبر زاخر عميق
األغوار ال جييد السباحة فيو إال الدرب من الرجاؿ ،أما الغوص يف أعماقو فهو امر
بعيد ا٤بناؿ كلوف القرآف بقراءاتو ال تنتهي عجائبو وال تنقضي غرائبو ،ولقد هتيبت
أف أوقف بباب ىذا البحث فضبلً عن أف اطوؼ برحابو ،ولكن استخرت اهلل
تعاذل فشرح صدري ،فلم يكن يف بعد إال أف أ٘برد من حورل وقويت واعتصم ٕبولو
سبحانو وقوتو سبحانو وتعاذل ،واستمد منو العوف والتوفيق فكاف رل عز وجل نعم
ا٤بوذل ونعم ا٤بعْب وقد اتضح لنا من خبلؿ معيشتنا مع ىذه الصفحات الطيبة عدة
أمور نوجزىا فيما يلي:
أوالً :أف علم القراءات كاف مبلزماً لنزوؿ القرآف الكرمي ،وأف اهلل عز وجل أنزلو
على سبعة أحرؼ تيسّباً على األزمة ورفع ا٤بشقة عنها وإثراء لغتها و٠بو حضارهتا
العريقة.
ثانياً :بياف العبلقة الوثيقة بْب القرآف والقراءات ا٤بتواترة إذ القرآف والقراءات ا٤بتواترة
وحدة قرآنية واحدة.
ثالثاً :إف القراءات العشر الٍب ورد هبا القرآف الكرمي توقيفيو من رسوؿ اهلل ﷺ
ال جيوز االجتهاد فيها على أي ٫بو ،وقد قرأ هبا الصحابة ومن بعدىم إذل يومنا
ىذا ،وأهنا العمدة يف تصحيح اللغة العربية وال عكس.
وبعد فهذا جهدي بغنمو وغرمو ،هلل ا٢بمد وا٤بنة ولو العتىب مِب حٌب يرضى.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
134 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
وصلي اهلل وسلم وبارؾ على سيدنا ٧بمد صلى اهلل عليو وسلم وعلى آلو وصحبو
وسلم تسليماً كثّباً.
المراجع:
اإلبانة عن معاين القراءة٤ :بكي بن أيب طالب القيسي (ت 437 :ىػ)
ٙبقيق د /عبد الفتاح شليب .ط دار النهضة مصر للطباعة والنشر.
إٙباؼ فضبلء البشر بالقراءات األربعة عشر :للعبلمة أٞبد بن عبد الغِب
الدمياطي (ت 1117 :ىػ) ٙبقيق د /شعباف ٧بمد إ٠باعيل .ط عادل الكتب
مكتبة الكليات األزىرية الطبعة األوذل 1407ىػ 1987 -ـ.
اإلتقاف يف علوـ القرآف١ :ببلؿ الدين السيوطي (ت 911 :ىػ) ط ا١بهاز
ا٤بركزي للكتب ا١بامعية وا٤بدرسية والوسائل التعليمية.
األحرؼ السبعة للقرآف :أليب عمرو الداين (ت 444 :ىػ) ٙبقيق عبد
ا٤بهيمن الطحاف – مكتبة ا٤بنارة مكة ا٤بكرمة الطبعة األوذل 1408ىػ.
اإلضاءة يف بياف أصوؿ القراءة :للشيخ /علي ٧بمد الضباع ملتزـ عبد
ا٢بميد حنفي بشارع ا٤بشهد ا٢بسيِب – القاىرة.
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
األـ :لئلماـ ا١بليل ٧بمد ابن إدريس الشافعي ،تصحيح٧ :بمد زىري
النجار ط /دار ا٤بعرفة – بّبوت ،ودار الغد العريب.
البحر احمليط :لئلماـ أيب حياف الغرناطي أيب عبد اهلل ٧بمد بن يوسف بن
حياف (ت 745 :ىػ) ط /السعادة – مصر -الطبعة األوذل سنة 1328ىػ.
الربىاف يف علوـ القرآف :لبدر الدين ٧بمد بن هبادر الزركشي (ت794 :
ىػ) ٙبقيق د /يوسف عبد الرٞبن ا٤برغشلي وآخروف ط /دار ا٤بعرفة بّبوت – لبناف
– الطبعة األوذل (ت 1410 :ىػ 1990 /ـ).
التبصرة يف القراءات السبع :أليب ٧بمد مكي بن أيب طالب القيسي حقق
نصو وعلق حواشيو د٧ /بي الدين رمضاف منشورات معهد ا٤بخطوطات العربية –
ا٤بنظمة العربية للَببية والثقافة العلوـ.
ٙببّب التيسّب يف قراءات األئمة العشرة :البن ا١بزري (ت 833 :ىػ)،
ٙبقيق الشيخ عبد الفتاح القاضي ،و٧بمد الصادؽ قمحاوي ،نشر دار الوعي
ٕبلب الطبعة األوذل (ت 1329:ىػ 1972 /ـ).
تدريب الراوي يف شرح تقريب النواوي :للحافظ جبلؿ الدين عبد الرٞبن
أيب بكر السيوطي (ت 911 :ىػ) ،حققو راجع أصولية األستاذ الدكتور /عبد
الوىاب عبد اللطيف – منشورات ا٤بكتبة العلمية با٤بدينة ا٤بنورة – الطبعة الثانية
1392ىػ 1972 /ـ.
التذكرة يف القراءات الثماف :أليب ا٢بسن طاىر ابن عبد ا٤بنعم ابن غلبوف
(ت 399 :ىػ)ٙ ،بقيق د /أدين رشدي سويد ،ط /ا١بماعة ا٣بّبية لتحفيظ القرآف
الكرمي ٔبده ،الطبعة األوذل 1412ىػ 1991 /ـ.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
136 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
تقريب النشر يف القراءات العشر :لئلماـ أيب ا٣بّب ٧بمد بن ا١بزري (ت:
833ىػ)ٙ ،بقيق فضيلة الشيخ إبراىيم عطوه عوض ،ط /مصطفى البايب ا٢بليب -
الطبعة األوذل 1381ىػ 1961 /ـ.
التيسّب يف القراءات السبع :تأليف اإلماـ أيب عمرو عثماف بن سعيد
الداين (ت 444 :ىػ) ،ط /دار الكتب العلمية – بّبوت – لبناف – الطبعة
األوذل 1416ىػ 1996 /ـ.
جامع البياف يف تفسّب القرآف :لئلماـ ٧بمد بن جرير الطربي (ت310 :
ىػ) ،ط /دار ا٤بعرفة – بّبوت – لبناف.
حجة القراءات لئلماـ ا١بليل أيب زرعة عبد الرٞبن بن ٧بمد بن ز٪بلة
ٙبقيق سعيد األفغاين ط /مؤسسة الرسالة – الطبعة الرابعة ( 1401ىػ1984 /ـ.
الدر ا٤بنثور يف التفسّب با٤بأثور :لئلماـ عبد الرٞبن بن الكماؿ جبلؿ
الدين السيوطي (ت 911 :ىػ) ،ط /دار الفكر – بّبوت – لبناف.
السبعة يف القراءات :ألٞبد بن موسى بن ٦باىد (ت 324 :ىػ)ٙ ،بقيق
شوقي ضيف ،دار ا٤بعارؼ الطبعة األوذل.
شرح طيبة النشر يف القراءات العشر :أليب القاسم النويري ٙبقيق وتعليق /
الشيخ عبد الفتاح السيد سليماف أبو سنو – ا٥بيئة العامة ٤بطابع األمّبية
(1410ىػ 1989 /ـ).
صحيح مسلم بشرح النووي :لئلماـ أيب بكر زكريا النووي (ت676 :
ىػ) ،ط /دار الرياف – القاىرة.
العنواف يف القراءات السبع :أليب طاىر إ٠باعيل بن خلف األنصاري (ت:
455ىػ)ٙ ،بقيق د /زىّب زاىد ،ود /خليل العطية ،ط /عادل الكتب – بّبوت
الطبعة الثانية 1406ىػ.
رقم اإليداع الدولي (ردمد) ISSN 1658-7138 العدد الثالث عشر – محرم 1437ىـ /نوفمبر 2015م
غاية االختصار يف قراءات العشرة أئمة األمصار :لئلماـ ا٤بقرئ ا٢بافظ أيب
العبلء ا٢بسن بن أٞبد ا٢بسن ا٥بمزاين العطار (ت 569 :ىػ)ٙ ،بقيق ودراسة د/
أشرؼ ٧بمد فؤاد طلعت – مكتبة التوعية اإلسبلمية – للتحقيق والنشر والبحث
العلمي ٗبصر 1418ىػ 1998 /ـ.
غاية النهاية يف طبقات القراء للحافظ أيب ا٣بّب مشس الدين ٧بمد بن
٧بمد ا١بزري (ت 833 :ىػ) ،دار الكتب العلمية – بّبوت.
غيث النفع يف القراءات السبع للعبلمة علي النوري ا٤بعروؼ بالصفاقس
(ت 1118 :ىػ) ،مطبوع هبامش سراج القارئ ا٤ببتدئ ،ط /مصطفى البايب ا٢بليب
( 1934ـ) القاىرة.
فضائل القرآف ومعا٤بو وآدابو :أليب عبيد القاسم بن سبلـ (ت224 :
ىػ) ،دراسة وٙبقيق األستاذ /أٞبد بن عبد الواحد ا٣بياطي – ط /فضالة –
ا٤بغرب ،وطبعو بتحقيق وىيب سليماف عاوجي ط /دار الكتب العلمية – األوذل
1411ىػ 1991 /ـ.
فواتح الرٞبوت يف األصوؿ لػػعبد العل ػػي ٧بمد .ط /األمّبيػػة سنة 1324ىػ.
القراءات وأثرىا يف تفسّب اإلماـ النسفي :لؤلستاذ الدكتور /عبد الكرمي
إبراىيم صاحل ،رسالة دكتوراه بكلية الدراسات اإلسبلمية والعربية – القػاىرة.
لطائف اإلشارات تفسّب صويف كامل للقرآف الكرمي – لئلماـ القشّبي –
ٙبقيق د /إبراىيم بسيوين ،ط /ا٥بيئة ا٤بصرية العامة للكتاب 1981ـ.
٧باسن التأويل :للعبلمة ٧بمد ٝباؿ الدين القا٠بيٙ ،بقيق الشيخ٧ /بمد
فؤاد عبد الباقي ،ط /دار إحياء الكتب العربية – فيصل عيسى الببليب ا٢بلبػي.
Al Hijaz International Refereed Journal for Islamic & Arabic Studies.
Issue: 13، Muharram 1437H. / November 2015 ISSN 1658-7138
138 علم القراءات ،دراسة تاريخية .د .عبداهلل بن عواد الجهني
٧باضرات يف تاريخ علم القراءات :لؤلستاذ الدكتور /عبد الكرمي إبراىيم
صاحل ،ط /دار الصحابة.
ا٤بعيار ا٤بعرب وا١بامع ا٤بغرب عن فتاوى علماء إفريقيا واألندلس وا٤بغرب:
ألٞبد بن حيٓب الورنشريس ،خرجو ٝباعة من الفقهاء بإشراؼ د٧ /بمد حجي،
ط /دار ا٤بغرب العريب.
ا٤بفردات يف غريب القرآف أليب القاسم ا٢بسيِب بن ٧بمد ا٤بعروؼ بالراغب
األصفهاين ( 502ىػ)ٙ ،بقيق وضبط د٧/بمد سيد الكيبلين ،ط مصطفى ا٢بليب.
منجد ا٤بقرئْب ومرشد الطالبْب :لشيخ اإلقراء يف زمانو اإلماـ مشس الدين
أيب ا٣بّب ٧بمد بن ٧بمد بن ا١بزري (ت 833 :ىػ) ،ط /دار زاىػد القدسػػي.
النشر يف القراءات العشر :للحافظ أيب ا٣بّب ٧بمد بن ٧بمد الدمشقي
الشهّب بابن ا١بزري (ت 823 :ىػ) ،ط /دار الكتب العلمية -بّبوت – لبناف.
الوايف يف شرح الشاطبية يف القراءات السبع :للشيخ عبد الفتاح القاضي –
الناشر مكتبة ومطبعة عبد الرٞبن ٧بمد – لنشر القرآف الكرمي والكتب اإلسبلمية.