Download as rtf, pdf, or txt
Download as rtf, pdf, or txt
You are on page 1of 37

‫الصوم في االسالم ‪01‬‬

‫ص ْومًا وصِ يامًا أي ً‬


‫ضا‪ ،‬في اللغة‪ :‬مطلق اإلمساك‬ ‫‪،‬الص َّْو ُم في اإلسالم نوع من العبادات الهامة‪ ،‬وأصل الص َّْو ُم (ص و مـ)‪ ،‬يقال‪ :‬صام َ‬

‫ت لِلرَّ ۡح ٰ َم ِن َ‬
‫ص ۡو ٗما‬ ‫﴾‪..‬أو الكف عن الشيء‪ ،‬ومنه قول هللا تعالى حكاية عن مريم‪َ ﴿ :‬فقُول ِٓي إِ ِّني َن َذ ۡر ُ‬

‫أي‪ :‬إمساكا ً عن الكالم‪ .‬والصوم في الشرع اإلسالمي عبادة بمعنى‪« :‬اإلمساك عن المفطرات على وجه مخصوص‪ ،‬وشروط مخصوصة‬
‫من طلوع الفجر الثاني‪ ،‬إلى غروب الشمس‪ ،‬بنية»‪ .‬وال يقتصر على صوم شهر رمضان‪ ،‬بل يشمل جميع أنواع الصوم‪ ،‬وهو إما فرض‬
‫عين وهو صوم شهر رمضان من كل عام‪ ،‬وما عداه إما واجب مثل‪ :‬صوم القضاء أو النذر أو الكفارة‪ .‬وإما تطوع ويشمل‪ :‬المسنون‬
‫المؤكد‪ ،‬والمندوب (المستحب) والنفل المطلق‪ ،‬ومن الصوم أيضا ما يشرع تركه وهو الصوم المنهي عنه كصيام يوم الشك‪ ،‬ويحرم صوم‬
‫‪.‬يوم عيدي الفطر واألضحى‬

‫والصوم في اإلسالم هو عبادة يتفق المسلمون على اتباع نهج النبي في تحديد ماهيتها وأساسياتها‪ ،‬فهو بمعنى‪« :‬اإلمساك عن المفطرات‬
‫من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية»‪ ،‬كما أن صوم شهر رمضان من كل عام‪ :‬فرض بإجماع المسلمين‪ ،‬وهو أحد أركان‬
‫اإلسالم الخمسة‪ ،‬وفضائله متعددة‪ ،‬ويشرع قيام لياليه‪ ،‬وخصوصا ً العشر األواخر منه‪ ،‬وفيه ليلة القدر‪ ،‬وتتعلق به زكاة الفطر‪ ،‬وهو عند‬
‫المسلمين موعد للفرحة‪ ،‬والبر والصلة‪ ،‬وعوائد الخير‪ .‬وفرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية للهجرة‪ ،‬بأدلة منها قول هللا تعالى‪:‬‬
‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬
‫ص َيا َُم‬ ‫‪ُ ْ﴿﴾،‬كت َ‬

‫‪..﴾،‬وقوله تعالى‪َ ﴿ :‬ف َمن َش ِه َد مِن ُك ُم ال َّشه َْر َف ْل َي ُ‬


‫ص ْم ُه‬

‫وحديث‪« :‬بني اإلسالم على خمس‪ »..‬وذكر منها‪ :‬صوم رمضان‪ ،‬وحديث األعرابي السائل عن شرائع الدين‪ ،‬قال‪ :‬هل علي غيره؟ أي‪:‬‬
‫صوم رمضان‪ ،‬قال في الحديث‪« :‬ال‪ ،‬إال أن تطوع شيئا»‪ .‬وصوم شهر رمضان من كل عام‪ :‬فرض على كل مسلم مكلف مطيق للصوم‬
‫غير مترخص بسبب المرض أو السفر‪ ،‬وال يصح الصوم إال من مسلم عاقل مع خلو المرأة من الحيض والنفاس‪ .‬وللصوم أحكام مفصلة‬
‫في علم فروع الفقه‪ ،‬ومنها وجوب الصوم‪ ،‬وأركانه‪ ،‬وشروطه‪ ،‬ومبطالته‪ ،‬ومستحباته‪ ،‬ومكروهاته‪ ،‬وأحكام الفطر‪ ،‬واألعذار الشرعية‬
‫‪ .‬المبيحة للفطر‪ ،‬ومواقيت الصوم‪ ،‬لدخول الشهر وخروجه‪ ،‬ووقت اإلمساك‪ ،‬والتسحر‪ ،‬واإلفطار‪ ،‬والقضاء واألداء وغير ذلك‬

‫محتويات‬
‫في اللغة‬

‫الص َّْو ُم في اللغة مصدر بمعنى‪ :‬اإلمساك مطلقا‪ ،‬سواء كان إمساكا عن المشي أو عن الفعل والحركة أو إمساكا عن الكالم أو عن األكل‬
‫والشرب أو غير ذلك‪ ،‬قال أبو عبيدة‪ :‬كل ممسك عن طعام أو كالم أو سير فهو صائم‪ .‬ومادته‪( :‬ص و مـ)‪ ،‬والفعل صام مثل قال‪،‬‬
‫والصوم أو الصيام بمعنى واحد‪ ،‬قال في القاموس المحيط‪ :‬صام صوما وصياما واصطام‪ :‬أمسك عن الطعام والشراب والكالم والنكاح‬
‫والسير‪ ،‬قال ابن فارس‪( :‬صوم) الصاد والواو والميم أصل يدل على إمساك وركود في مكان‪ ،‬من ذلك صوم الصائم هو إمساكه عن‬
‫ٱش َر ِبي َو َقرِّ ي َع ۡي ٗن ۖا َفإِمَّا َت َر ِينَّ م َِن ۡٱل َب َش ِر‬
‫مطعمه ومشربه وسائر ما منعه‪ ،‬ويكون اإلمساك عن الكالم صوما‪ .‬ومنه قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬ف ُكلِي َو ۡ‬
‫ص ۡو ٗما َفلَ ۡن أ ُ َكلِّ َم ۡٱل َي ۡو َم إِنسِ ٗ ّيا‪ ﴾)26( .‬قال ابن عباس‪ :‬صمتا‪ ،‬أي‪ :‬إمساكا عن الكالم‬ ‫‪،‬أَ َح ٗدا َفقُول ِٓي إِ ِّني َن َذ ۡر ُ‬
‫ت لِلرَّ ۡح ٰ َم ِن َ‬

‫ويقويه قوله تعالى‪َ ﴿ :‬فلَ ۡن أ ُ َكلِّ َم ۡٱل َي ۡو َم إِنسِ ٗ ّي ا﴾ واالمتناع عن الكالم بهذه الصفة المذكورة في قصة مريم إنما هو إخبار عن حكم في شرع‬
‫سابق‪ ،‬أما في شريعة اإلسالم؛ فاالمتناع عن الكالم مع الناس ال يعد عبادة‪ ،‬بل هو من التنطع المنهي عنه‪ ،‬فيأخذ الحكم في الشرع‬
‫اإلسالمي منحى وسطا بين اإلفراط والتفريط‪ ،‬ويدل على هذا حديث‪« :‬من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليقل خيرا أو ليصمت»‪ ،‬وحديث‪:‬‬
‫‪«».‬ال يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثالث‬

‫قال ابن منظور‪« :‬الصوم‪ :‬ترك الطعام والشراب والنكاح والكالم‪ ،‬صام يصوم صوما وصياما واصطام‪ ،‬ورجل صائم وصوم من قوم‬
‫‪».‬صوام وصيام وصوم بالتشديد‬

‫فعل أو َق ْو ل كان‪ .‬فالسكوت عن الكالم يسمى في اللغة صوما‪ .‬قال الخليل‪ :‬الصوم قيام بال عمل‪ ،‬والصوم أيضا‬
‫فالص َّْو ُم‪ :‬إمساك عن أيَّ ٍ‬
‫اإلمساك عن الطعم وقد صام الرجل من باب قال‪ ،‬وصياما أيضا‪ ،‬وصام الفرس قام على غير اعتالف‪ ،‬وصام النهار قام قائم الظهيرة‬
‫واعتدل‪ ،‬والصوم أيضا ركود الرياح‪ ،‬وقال ابن فارس‪ :‬والصوم‪ :‬استواء الشمس انتصاف النهار‪ ،‬كأنها ركدت عند تدويمها‪ ،‬وكذا يقال‪:‬‬
‫صام النهار‪ ،‬قال امرؤ القيس‪ :‬إذا صام النهار وهجرا‪ ،‬ومصام الفرس‪ :‬موقفه‪ ،‬وكذلك مصامته‪ ،‬قال الشماخ‪ :‬إذا ما استاف منها مصامة‪.‬‬
‫وفي القاموس المحيط‪ :‬وصام منيته‪ :‬ذاقها‪ ،‬والنعام‪ :‬رمى بذرقه وهو صومه‪ ،‬والرجل‪ :‬تظلل بالصوم لشجرة كريهة المنظر‪ ،‬والنهار‪ :‬قام‬
‫قائم الظهيرة‪ ،‬والصوم‪ :‬الصمت وركود الريح ورمضان والبيعة‪ ،‬والصائم‪ :‬للواحد والجميع‪ ،‬وأرض صوام كسحاب‪ :‬يابسة ال ماء بها‪،‬‬
‫‪.‬ومصام الفرس ومصامته‪ :‬موقفه‬

‫ويقال‪ :‬صام الفرس صوما أي‪ :‬قام على غير اعتالف‪ ،‬وقال في المحكم‪ :‬وصام الفرس على آريه صوما وصياما إذا لم يعتلف‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫‪ :‬الصائم من الخيل القائم الساكن الذي ال يطعم شيئا؛ قال النابغة الذبياني‬

‫خيل صيام وخيل غير صائمة‬ ‫تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما‬

‫قال أبو منصور األزهري في ترجمة صون‪ :‬الصائن من الخيل القائم على طرف حافره من الحفاء‪ ،‬وأما الصائم‪ ،‬فهو القائم على قوائمه‬
‫األربع من غير حفاء‪ .‬وفي التهذيب‪ :‬الصوم في اللغة اإلمساك عن الشيء والترك له‪ ،‬وقيل للصائم صائم؛ إلمساكه عن المطعم والمشرب‬
‫‪ .‬والمنكح‪ ،‬وقيل للصامت صائم إلمساكه عن الكالم‪ ،‬وقيل للفرس صائم إلمساكه عن العلف مع قيامه‬

‫قال سفيان بن عيينة‪« :‬الصوم هو الصبر‪ ،‬يصبر اإلنسان على الطعام والشراب والنكاح‪ ،‬ثم قرأ‪﴿ :‬إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير‬
‫حساب﴾»‪.‬قال ابن منظور‪« :‬وفي الحديث‪« :‬قال النبي ﷺ‪ :‬قال هللا تعالى‪ :‬كل عمل ابن آدم له إال الصوم‪ ،‬فإنه لي»‪ .‬قال‬
‫أبو عبيد‪ :‬إنما خص هللا تبارك وتعالى الصوم بأنه له وهو يجزي به‪ ،‬وإن كانت أعمال البر كلها له وهو يجزي بها؛ ألن الصوم ليس‬
‫يظهر من ابن آدم بلسان‪ ،‬وال فعل فتكتبه الحفظة‪ ،‬إنما هو نية في القلب وإمساك عن حركة المطعم والمشرب يقول هللا تعالى‪ :‬فأنا أتولى‬
‫‪ »».‬جزاءه على ما أحب من التضعيف وليس على كتاب كتب له؛ ولهذا «قال النبي ﷺ‪ :‬ليس في الصوم رياء‬

‫والصوم‪ :‬ترك األكل‪ .‬قال الخليل‪ :‬والصوم قيام بال عمل‪ .‬قال أبو عبيدة‪ :‬كل ممسك عن طعام أو كالم أو سير‪ ،‬فهو صائم‪ .‬والصوم‪:‬‬
‫‪ :‬البيعة‪ .‬وصامت الريح‪ :‬ركدت‪ .‬والصوم‪ :‬ركود الريح‪ .‬وصام النهار صوما إذا اعتدل وقام قائم الظهيرة؛ قال امرؤ القيس‬

‫فدعها وسل الهم عنك بجسرة‬ ‫ذمول إذا صام النهار وهجرا‬

‫وصامت الشمس‪ :‬استوت‪ .‬التهذيب‪ :‬وصامت الشمس عند انتصاف النهار إذا قامت ولم تبرح مكانها‪ .‬وصام النعام إذا رمى بذرقه‪ ،‬وهو‬
‫صومه‪ .‬قال في المحكم‪ :‬صام النعام صوما ألقى ما في بطنه‪ .‬والصوم‪ :‬عرة النعام‪ ،‬وهو ما يرمي به من دبره‪ .‬وصام الرجل إذا تظلل‬
‫‪.‬بالصوم‪ ،‬وهو شجر كما نقل عن ابن األعرابي‬

‫‪ .‬قال أبو زيد‪ :‬أقمت بالبصرة صومين أي رمضانين‪ .‬وقال الجوهري‪ :‬رجل صومان أي صائم‬

‫‪ :‬وقال الجوهري‪ :‬الصوم شجر في لغة هذيل‪ .‬قال ابن بري‪ :‬وصوام جبل؛ قال الشاعر‬

‫بمستهطع رسل كأن جديله‬ ‫‪.‬بقيدوم رعن من صوام ممنع‬

‫بالمعنى الشرعي‬

‫الص َّْو ُم في شريعة اإلسالم عبادة مخصوصة بمعنى‪« :‬اإلمساك عن المفطرات‪ ،‬على وجه مخصوص بنية»‪ ،‬والصوم والصيام كالهما‬
‫بمعنى واحد في اللغة والشرع‪ ،‬قال ابن جرير‪ :‬والصيام مصدر‪ ،‬من قول القائل‪" :‬صُمت عن كذا وكذا" يعني‪ :‬كففت عنه‪ ،‬أصوم َعنه‬
‫صوما ًوصياما ً‪ ،‬ومعنى الصيام‪ :‬الكف عما أمر هللا بالكف عنه‪ ،‬ومن ذلك قيل‪َ :‬‬
‫"صامت الخيل"‪ ،‬إذا كفت عن السير‪ ،‬ومنه قول نابغة بني‬ ‫ْ‬
‫‪:‬ذبيان‬

‫َخـ ْي ٌل صِ َيـا ٌم َ‬
‫وخـ ْي ٌل غَ ـ ْي ُر َ‬
‫صا ِئ َم ٍة‬ ‫ـاج وأ ُ ْخ َ‬
‫ـرى َتعْ لُ ُ‬
‫ك اللُّ ُج َما‬ ‫‪َ .‬تحْ ـتَ ال َع َج ِ‬

‫ص ْومًا ‪..‬اآلية‬ ‫﴾ومنه قول هللا تعالى ذكره‪َ ﴿ :‬فقُول ِٓي إِ ِّني َن َذرْ ُ‬
‫ت لِلرَّ حْ َم ِن َ‬

‫يعني‪ :‬صم ًتا عن الكالم‪ .‬والص َّْو م بالمعنى الشرعي هو‪« :‬اإلمساك عن المفطرات‪ ،‬على وجه مخصوص‪ ،‬في زمن مخصوص بنية»‪، ،‬‬
‫ك عن ال ُم ْفطِ َرا ِ‬
‫ت من طلوع ال َفجْ ِر إلى غروب الشمس مع ال ِّنيَّة»‪ .‬والنية في الصوم ال زمة عند جمهور الفقهاء‪ ،‬بصرف‬ ‫أو‪« :‬اإلمسا ٌ‬
‫النظر عن كونها ركنا من أركان الصوم أو شرطا من شروطه‪ .‬قال ابن حجر في فتح الباري‪« :‬والصوم والصيام في اللغة‪ :‬اإلمساك‪،‬‬
‫وفي الشرع‪ :‬إمساك مخصوص في زمن مخصوص عن شيء مخصوص بشرائط مخصوصة»‪ .‬وقال صاحب المحكم‪« :‬الصوم ترك‬
‫الطعام والشراب والنكاح والكالم»‪ ،‬قال الراغب‪ :‬الصوم في األصل اإلمساك عن الفعل‪ ،‬ولذلك قيل‪ :‬للفرس الممسك عن السير صائم‪،‬‬
‫وفي الشرع‪« :‬إمساك المكلف بالنية عن تناول المطعم والمشرب واالستمناء واالستقاء من الفجر إلى المغرب»‪ .‬وقال السرخسي في‬
‫المبسوط‪« :‬وفي الشريعة‪ :‬عبارة عن إمساك مخصوص‪ ،‬وهو الكف عن قضاء الشهوتين شهوة البطن وشهوة الفرج‪ ،‬من شخص‬
‫مخصوص‪ ،‬وهو أن يكون مسلما طاهرا من الحيض والنفاس وفي وقت مخصوص‪ ،‬وهو ما بعد طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس‬
‫بصفة مخصوصة‪ ،‬وهو أن يكون على قصد التقرب‪ ،‬فاالسم شرعي فيه معنى اللغة»‪ .‬قال ابن قدامة‪« :‬والصوم في الشرع‪ :‬عبارة عن‬
‫اإلمساك عن أشياء مخصوصة‪ ،‬في وقت مخصوص»‪ .‬وقال في الذخيرة الصوم في الشرع‪« :‬اإلمساك عن شهوتي الفم والفرج وما يقوم‬
‫مقامهما مخالفة للهوى في طاعة المولى في جميع أجزاء النهار وبنية قبل الفجر أو معه إن أمكن فيما عدا زمن الحيض والنفاس وأيام‬
‫األعياد»‪ .‬وقال ابن عرفة‪« :‬الصوم رسمه عبادة عدمية وقت طلوع الفجر حتى الغروب»‪ ،‬وقال ابن رشد‪« :‬إمساك عن الطعام والشراب‬
‫والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية»‪ .‬أو هو‪ :‬إمساك مخصوص عن المفطرات يوما كامالً‪ ،‬من شخص مخصوص بنية‪،‬‬
‫وفق شروط مخصوصة عند الفقهاء؛ ألن الصوم عمل‪ ،‬والنية الزمة شرعا ً لصحة األعمال‪ ،‬ونية الصوم الزمة باتفاق أئمة المذاهب‬
‫‪ ».‬الفقهية فال يصح الصوم إال بالنية‪ ،‬وهذا ال خالف عليه؛ لقول النبي ﷺ‪« :‬ال صيام لمن لم بيت النية ليال‬

‫وهو محمول على صوم الفرض عند الجمهور‪ ،‬ووقت النية من بعد غروب الشمس إلى طلوع الفجر‪ ،‬أما في صوم النفل؛ فتمتد النية إلى‬
‫‪.‬ما قبل الزول بشرط عدم تعاطي أي مفطر بعد الفجر‬

‫مشروعية الصوم في اإلسالم‬

‫فرض الصوم‬

‫الصوم من العبادات المشروعة في اإلسالم‪ ،‬وفرض في السنة الثانية للهجرة‪ ،‬ونزلت فيه آيات من القرآن الكريم‪ ،‬دلت على فرضيته على‬
‫المسلمين‪ ،‬وأنه كان مفروضا على من كان قبلهم في الشرائع السابقة‪ ،‬وشرعت أحكامه ومواقيته‪ ،‬في آيات الصيام‪ ،‬وبينت تفاصيل أحكامه‬
‫ومواقيتة‪ ،‬باألحاديث النبوية؛ ألن الحديث النبوي مفسر للقرآن‪ ،‬وشارح له‪ ،‬قال هللا تعالى‪﴿ :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس﴾‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ضيْتَ َو ُي َسلِّمُو ْا َتسْ لِيمًا﴾‪ ،‬وفي الحديث‪« :‬أال إني‬ ‫ُوك فِي َما َش َج َر َب ْي َن ُه ْم ُث َّم الَ َي ِجدُو ْا فِي أَنفُسِ ِه ْم َح َرجً ا ِّممَّا َق َ‬ ‫ون َح َّت َى ي َُح ِّكم َ‬
‫ِّك الَ ي ُْؤ ِم ُن َ‬
‫﴿ َفالَ َو َرب َ‬
‫َ‬
‫أوتيت الكتاب ومثله معه»‪ .‬واألصل في مشروعية الصيام قبل اإلجماع‪ :‬أدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬فمن القرآن قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬يا أ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين‬
‫ون ﴾‪ .‬وهو دليل فرض الصيام على المسلمين‪ ،‬وكان هذا في بداية‬ ‫ِين مِن َق ْبلِ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم َت َّتقُ َ‬
‫ِب َعلَ ٰى الَّذ َ‬ ‫ص َيا ُم َك َما ُكت َ‬‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬
‫ءا َم ُنو ْا ُكت َ‬
‫فرضه‪ ،‬ثم نزل بعد ذلك من القرآن الكريم تحديد مقدار الصوم المفروض وبيان زمنه ومواقيته المتعلقة به في قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬ش ْه ُر‬
‫ان ۚ َف َمن َش ِهدَ مِن ُك ُم ال َّشه َْر َف ْل َيصُمْ هُ‪ ..‬اآلية﴾‪ ،‬إلى قوله تعالى‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫﴿ولَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫ُدَى َو ْالفُرْ َق ِ‬ ‫ت م َِّن ْاله ٰ‬ ‫نز َل فِي ِه ْالقُرْ آنُ ه ًُدى لِّل َّن ِ‬
‫اس َو َب ِّي َنا ٍ‬ ‫ان الَّذِي أ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫َر َم َ‬
‫ُ‬
‫ِين ءآ َمنوا﴾‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ُون ﴾‪ .‬وفي هذه اآلية األمر الصريح بوجوب صوم شهر رمضان على المسلمين المكلفين‪ .‬ومعنى قوله تعالى‪َ ﴿ :‬يا أ ُّي َها الذ َ‬ ‫َت ْش ُكر َ‬
‫ِين مِن َق ْبلِ ُك ْم﴾‪،‬‬‫ِب َعلَى الَّذ َ‬ ‫ص َيا ُم﴾ أي‪ :‬فُرض عليكم الصيام‪َ ﴿ ،‬ك َما ُكت َ‬ ‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬ ‫يا أيها الذين ءامنوا باهلل ورسوله وصدقوا بهما وأقرُّ وا‪ُ ﴿ ،‬كت َ‬
‫أي‪ :‬كما فُ رض على الذين من قبلكم‪ ،‬من األمم السابقة‪ ،‬فهو من الشرائع القديمة‪ ،‬وكان فرضه على األنبياء وأممهم‪ ،‬قال أبو جعفر الطبري‬
‫في تفسير اآلية‪ :‬فرض عليكم مثل الذي فرض على الذين منْ قبلكم‪ ،‬وذكر أقواال في الذين فرض عليهم الصوم من قبل فرضه على‬
‫المسلمين‪ ،‬وفي المعنى الذي وقع فيه التشبيه بين فرض صومنا وصوم الذين من قبلنا‪ ،‬األول‪ :‬أن صوم شهر رمضان فرض على‬
‫النصارى‪ ،‬وتشبيه صيامهم بصيام المسلمين هو اتفاقهما في الوقت والمقدار‪ ،‬الذي هو الزم للمسلمين اليوم فرضُه‪ ،‬عن الشعبي أنه قال‪:‬‬
‫«لو صُمت السنة كلها ألفطرت اليوم الذي يشك فيه فيقال‪ :‬من شعبان‪ ،‬ويقال‪ :‬من رمضان‪ ،‬وذلك أن النصارى فُرض عليهم شهر‬
‫َرمضان كما فرض علينا فحوَّ لوه إلى الفصل‪ ،‬وذلك أنهم كانوا ربما صاموه في القيظ يعدون ثالثين يوماً‪ ،‬ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالثقة‬
‫من أنفسهم‪ ،‬فصاموا قبل الثالثين يوما وبعدها يوما‪ ،‬ثم لم يزل اآلخر يُستن س ّنة القرن الذي قبله حتى صارت إلى خمسين‪ ،‬فذلك قوله‪:‬‬
‫كتب َعلى الذين من َق بلكم﴾»‪ .‬وقيل بل التشبيه إنما هو من أجل أن صومهم كان من العشاء اآلخرة إلى العشاء‬ ‫﴿كتب عليكم الصيام كما َ‬ ‫َ‬
‫اآلخرة‪ ،‬وهو الذي فرض على المسلمين في بداية فرضه؛ روى ابن جرير الطبري عن أسباط‪ ،‬عن السدي‪ :‬أما الذين من قبلنا‪:‬‬
‫فالنصارى‪ ،‬كتب عليهم رمضان وكتب عليهم أن ال يأكلوا وال يشربوا بعد النوم‪ ،‬وال ينكحوا النسا َء شهر رمضان‪ ،‬فاشتد على النصارى‬
‫صيا ُم ر َمضان‪ ،‬وجعل ُي َقلَّ بُ عليهم في الشتاء والصيف‪ ،‬فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫نزيد عشرين يوما نك ّف ر بها ما صنعنا‪ ،‬فجعلوا صيامهم خمسين‪ .‬وفي رواية‪ :‬كتب عليهم الصوم من العتمة إلى العتمة‪ ،‬وعن قتادة‪:‬‬
‫رمضانُ ‪ ،‬كتبه هللا على من كان َق بلهم‪ ،‬وعن مجاهد‪﴿ :‬كما كتب على الذين من قبلكم﴾ أي‪ :‬أهل الكتاب‪ ،‬وفي قول‪ :‬أنه كان مفروضا على‬
‫الناس كلهم‪ ،‬قال أبو جعفر‪« :‬وأولى هذه األقوال بالصواب قول من قال‪ :‬معنى اآلية‪ :‬يا أيها الذين ءامنوا فُرض عليكم الصيام كما فرض‬
‫على الذين من قبلكم من أهل الكتاب‪﴿ ،‬أَيَّاما مَّعْ دُودَاتٍ﴾‪ ،‬وهي شهر رمضان كله؛ ألن َمن بع َد إبراهيم ﷺ كان مأمورا‬
‫باتباع إبراهيم‪ ،‬وذلك أن هللا جل ثناؤه كان جعله للناس إماما‪ ،‬وقد أخبرنا هللا عز وجل أن دينه كان الحنيفي َة المسلم َة‪ ،‬فأمر نبينا‬
‫فرض‬ ‫ﷺ بمثل الذي أمر به َمنْ قبله من األنبياء‪ ،‬وأما التشبيه‪ ،‬فإنما وقع على الوقت‪ ،‬وذلك أن َمنْ كان قبلنا إنما كان ِ‬
‫‪».‬عليهم شهر رمضان‪ ،‬مثل الذي فُرض علينا سواء‬

‫في األمم السابقة‬


‫تدل النصوص الشرعية من الكتاب والسنة على أن الصيام الذي فرضه هللا على المسلمين كان مفروضا على األمم السابقة‪ ،‬حيث أن هللا‬
‫هو الذي شرع األحكام لعباده‪ ،‬وأن العبادة هلل وحده ال شريك له‪ ،‬وتؤكد شريعة اإلسالم أن الدين كله هلل‪ ،‬وهو الذي أرسل الرسل ليبلغوا‬
‫الناس‪ ،‬ودين األنبياء واحد‪ ،‬وما أمروا إال ليعبدوا إله واحدا‪ .‬وقد ذكر المفسرون‪ :‬أن الصيام كان مفروضا على األمم السابقة‪ ،‬وأنه كان‬
‫مفروضا على أهل الكتاب‪ ،‬فأما اليهود فقد فرض هللا عليهم الصيام ولكنهم حولوه فصاموا يوما من السنة‪ ،‬وأخرج البخاري في تاريخه‬
‫والطبراني «عن دغفل بن حنظلة عن النبي ﷺ قال‪ :‬كان على النصارى صوم شهر رمضان‪ ،‬فمرض ملكهم فقالوا‪ :‬لئن‬
‫شفاه هللا لنزيدن عشرا‪ ،‬ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فوه‪ ،‬قال‪ :‬لئن شفاه هللا ليزيدن سبعة‪ ،‬ثم كان عليهم ملك آخر فقال‪ :‬ما ندع من هذه‬
‫الثالثة األيام شيئا أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع‪ ،‬ففعل فصارت خمسين يوما»‪.‬وفي نص اآلية الدالة على فرض الصيام جملة من‬
‫الدالالت ومن أهمها‪ :‬فرض الصيام على الناس‪ ،‬وأن اإليمان باهلل واإلسالم له وحده شرط في صحة العبادة‪ ،‬والخطاب في هذه اآلية موجه‬
‫لمن آمن باهلل وبجميع رسله‪ ،‬ويؤكد نص اآلية على أن الخلق كلهم عباد هلل‪ ،‬وأن الخالق المعبود بحق هو هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وهو الذي‬
‫أرسل جميع الرسل وله الدين الخالص‪ ،‬وفي النص القرآني من هذه اآلية داللة واضحة على أن هللا هو الذي شرع األحكام لعباده‪ ،‬فكما أنه‬
‫ِين مِن َق ْبلِ ُك ْم﴾ (‬ ‫ِب َعلَ ٰى الَّذ َ‬
‫فرض الصيام على األمة المحمدية فكذلك فرض هذه العبادة على األمم السابقة حيث يقول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬ك َما ُكت َ‬
‫‪ ،) 183‬وقد ذكر الفخر الرازي في تفسير اآلية‪« :‬في هذا التشبيه قوالن‪ :‬أحدهما‪ :‬أنه عائد إلى أصل إيجاب الصوم‪ ،‬يعني هذه العبادة‬
‫كانت مكتوبة واجبة على األنبياء واألمم من لدن آدم إلى عهدكم‪ ،‬ما أخلى هللا أمة من إيجابها عليهم ال يفرضها عليكم وحدكم‪ ،‬وفائدة هذا‬
‫الكالم أن الصوم عبادة شاقة‪ ،‬والشيء الشاق إذا عم سهل تحمله»‪ .‬ثم ذكر القول الثاني بقوله‪« :‬والقول الثاني‪ :‬أن التشبيه يعود إلى وقت‬
‫الصوم وإلى قدره‪ ،‬وهذا ضعيف؛ ألن تشبيه الشيء بالشيء يقتضي استواءهما في أمر من األمور‪ ،‬فأما أن يقال‪ :‬إنه يقتضي االستواء في‬
‫كل األمور فال»‪.‬فالذي فرضه هللا على األنبياء وأممهم هو أصل إيجاب الصوم‪ ،‬وأما حمل التشبيه على أنه من حيث الوقت والقدر؛ فقد‬
‫ذكر القائلون بهذا القول وجوها منها‪ :‬أن هللا تعالى فرض صيام رمضان على أهل الكتاب‪( :‬اليهود والنصارى)‪ ،‬قال الرازي‪« :‬أما اليهود‬
‫فإنها تركت هذا الشهر وصامت يوما من السنة‪ ،‬زعموا أنه يوم غرق فيه فرعون‪ ،‬وكذبوا في ذلك أيضا؛ ألن ذلك اليوم يوم عاشوراء‬
‫على لسان رسول هللا ﷺ‪ ،‬أما النصارى فإنهم صاموا رمضان فصادفوا فيه الحر الشديد فحولوه إلى وقت ال يتغير‪ ،‬ثم‬
‫قالوا عند التحويل‪ :‬نزيد فيه فزادوا عشرا‪ ،‬ثم بعد زمان اشتكى ملكهم فنذر سبعا فزادوه‪ ،‬ثم جاء بعد ذلك ملك آخر فقال‪ :‬ما بال هذه‬
‫الثالثة فأتمه خمسين يوما‪ ،‬وهذا معنى قوله تعالى‪﴿ :‬اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا‪ ﴾..‬سورة التوبة آية‪ 31 :‬وهذا مروي عن الحسن»‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬مروي عن الشعبي وهو‪ :‬أنهم أخذوا بالوثيقة زمانا فصاموا قبل الثالثين يوما وبعدها يوما‪ ،‬ثم لم يزل األخير يستسن بسنة‬
‫القرن الذي قبله حتى صاروا إلى خمسين يوما؛ ولهذا كره صوم يوم الشك‪ .‬والوجه الثالث‪ :‬أن وجه التشبيه أنه يحرم الطعام والشراب‬
‫والجماع بعد النوم كما كان ذلك حراما على سائر األمم‪ ،‬واحتج القائلون بهذا القول بأن األمة مجمعة على أن قوله تعالى‪﴿ :‬أ ُ ِح َّل لَ ُك ْم لَ ْيلَ َة‬
‫ث إِلَى ِن َسا ِئ ُك ْم‪ ..‬اآلية (‪ ﴾) 187‬يفيد نسخ هذا الحكم‪ ،‬فهذا الحكم ال بد فيه من دليل يدل عليه‪ ،‬وال دليل عليه إال هذا التشبيه وهو‬ ‫ص َيام الرَّ َف ُ‬
‫ال ِّ ِ‬
‫ِين مِن ق ْبلِك ْم ﴾ فوجب أن يكون هذا التشبيه دليال على ثبوت هذا المعنى‪ ،‬قال أصحاب القول األول‪ :‬قد بينا أن تشبيه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬
‫ِب َعلى الذ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قوله‪﴿ :‬ك َما كت َ‬
‫شيء بشيء ال يدل على مشابهتهما من كل الوجوه فلم يلزم من تشبيه صومنا بصومهم أن يكون صومهم مختصا برمضان‪ ،‬وأن يكون‬
‫‪.‬صومهم مقدرا بثالثين يوما‬

‫األصل في مشروعية الصوم‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬آيات أحكام الصيام ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫ِب َعلَ ٰى الَّذ َ‬


‫ِين مِن َق ْبلِ ُك ْم‬ ‫ص َيا ُم َك َما ُكت َ‬
‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬ ‫ذكرت آيات أحكام الصيام ضمن سورة البقرة في قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬يا أَ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين ءا َم ُنو ْا ُكت َ‬
‫ون﴾ (‪)183‬‬ ‫لَ َعلَّ ُك ْم َت َّتقُ َ‬

‫ِين يُطِ يقُو َن ُه ف ِْد َي ٌة َط َعا ُم مِسْ ك ٍ‬


‫ِين ۖ َف َمن َت َط َّو َع َخيْرً ا َفه َُو ﴿‬ ‫ان مِن ُكم م َِّريضً ا أَ ْو َعلَ ٰى َس َف ٍر َف ِع َّدةٌ مِّنْ أَي ٍَّام أ ُ َخ َر ۚ َو َعلَى الَّذ َ‬ ‫أَيَّامًا مَّعْ دُودَ ٰ ٍ‬
‫ت ۚ َف َمن َك َ‬
‫ُون﴾ (‪)184‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َخ ْي ٌر ل ُه ۚ َوأن َتصُومُوا َخ ْي ٌر لك ْم ۖ إِن كنت ْم َتعْ لم َ‬ ‫َّ‬
‫ان َم ِريضًا أَ ْو َعلَ ٰى ﴿‬ ‫ان ۚ َف َمن َش ِه َد مِن ُك ُم ال َّشه َْر َف ْل َي ُ‬ ‫ُ‬
‫ص ْم ُه ۖ َو َمن َك َ‬ ‫ت م َِّن ْالهُدَ ٰى َو ْالفُرْ َق ِ‬ ‫نز َل فِي ِه ْال ُقرْ آنُ ُه ًدى لِّل َّن ِ‬
‫اس َو َب ِّي َن ٰـ ٍ‬ ‫ان الَّذِي أ ِ‬ ‫َش ْه ُر َر َم َ‬
‫ض َ‬
‫ُون﴾ (‪)185‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫هَّللا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اَل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫هَّللا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َس َف ٍر َف ِع َّدة مِّنْ أي ٍَّام أخ َر ۗ ي ُِري ُد ُ ِبك ُم اليُسْ َر َو ي ُِري ُد ِبك ُم العُسْ َر َولِتك ِملوا ال ِع َّد َة َولِتك ِّبرُوا َ َعلى َما َه َد ٰك ْم َول َعلك ْم تشكر َ‬
‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬

‫ان َف ۡل َي ۡس َت ِجيبُو ْا لِي َو ۡلي ُۡؤ ِم ُنو ْا ِبي َل َعلَّهُمۡ َي ۡر ُ‬ ‫ۖ ُ‬ ‫َوإِ َذا َسأَلَ َ‬
‫ُون﴾ (‪﴿)186‬‬
‫شد َ‬ ‫َّاع إِ َذا دَ َع ۖ ِ‬
‫ك عِ َبادِي َع ِّني َفإِ ِّني َق ِريبٌ أ ِجيبُ دَ ۡع َو َة ٱلد ِ‬

‫اب َعلَ ْي ُك ْم َو َع َفا َع ْن ُك ْم َف ۡال ٰـَٔ َن ﴿‬ ‫ون أَ ْنفُ َس ُك ْم َف َت َ‬ ‫ث إِلَى ِن َسا ِئ ُك ْم هُنَّ لِ َباسٌ َل ُك ْم َوأَ ْن ُت ْم لِ َباسٌ لَهُنَّ َعلِ َم هَّللا ُ أَ َّن ُك ْم ُك ْن ُت ْم َت ْخ َتا ُن َ‬ ‫ص َيام الرَّ َف ُ‬ ‫ُ‬
‫أ ِح َّل َل ُك ْم لَ ْيلَ َة ال ِّ ِ‬
‫ص َيا َم إِلَى اللَّي ِْل َواَل‬ ‫ْط اأْل َ ْب َيضُ م َِن ْال َخيْطِ اأْل َسْ َو ِد م َِن ْال َفجْ ِر ُث َّم أَ ِتمُّوا ال ِّ‬ ‫ب هَّللا ُ لَ ُك ْم َو ُكلُوا َوا ْش َربُوا َح َّتى َي َت َبي ََّن لَ ُك ُم ْال َخي ُ‬ ‫َب ٰـشِ رُوهُنَّ َوا ْب َت ُغوا َما َك َت َ‬
‫ون﴾ (‪)187‬‬ ‫ك ُي َبيِّنُ هَّللا ُ َءا َيا ِت ِه لِل َّن ِ‬
‫اس لَ َعلَّ ُه ْم َي َّتقُ َ‬ ‫ك ُحدُو ُد هَّللا ِ َفاَل َت ْق َربُو َها َك َذلِ َ‬ ‫ون فِي ْال َم َسا ِج ِد ت ِْل َ‬ ‫َ‬
‫ُت َب ٰـشِ رُوهُنَّ َوأ ْن ُت ْم َع ٰـ ِكفُ َ‬

‫سورة البقرة‪ ،‬آية‪ 183( :‬و‪ 184‬و‪ 185‬و‪ 186‬و‪—)187‬‬

‫ثبتت مشروعية الصوم في اإلسالم بأدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬فمن الكتاب آيات أحكام الصيام وهي‪ :‬آيات من القرآن الكريم‪ ،‬في سورة‬
‫البقرة تضمن األحكام الشرعية‪ ،‬المتعلقة بالصوم‪ ،‬وأهم ما اشتملت عليه‪ :‬فرض الصيام على المسلمين‪ ،‬وبيان مقدار مواقيت الصوم‪،‬‬
‫والرخصة للمريض والمسافر‪ ،‬والفدية وإطاقة الصوم‪ ،‬ثم اختصاص شهر رمضان بالفرضية‪ ،‬وتعيين صيامه‪ ،‬ونزلت آيات تحديد وقت‬
‫الصيام من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس‪ ،‬وأحكام االعتكاف‪ ،‬وأدلة فرض الصيام من القرآن الكريم قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬يا أَ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين‬
‫ان مِن ُكم م َِّريضًا أَ ْو َعلَ ٰى َس َف ٍر َف ِع َّدةٌ‬ ‫ت ۚ َف َمن َك َ‬ ‫ون﴾ (‪﴿ )183‬أَيَّامًا مَّعْ دُو َد ٰ ٍ‬ ‫ِين مِن َق ْبلِ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم َت َّتقُ َ‬ ‫ِب َعلَ ٰى الَّذ َ‬ ‫ص َيا ُم َك َما ُكت َ‬ ‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬ ‫ءا َم ُنو ْا ُكت َ‬
‫ِين ۖ َف َمن َت َطوَّ َع َخيْرً ا َفه َُو َخ ْي ٌر لَّ ُه ۚ َوأَن َتصُومُوا َخ ْي ٌر لَّ ُك ْم ۖ إِن ُكن ُت ْم َتعْ لَم َ‬ ‫ُ‬
‫مِّنْ أَي ٍَّام أ َخ َر ۚ َو َعلَى الَّذ َ‬
‫ُون﴾ (‪)184‬‬ ‫ِين يُطِ يقُو َن ُه ف ِْد َي ٌة َط َعا ُم مِسْ ك ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ان َم ِريضًا أ ْو َعلَ ٰى‬ ‫ص ْم ُه ۖ َو َمن َك َ‬ ‫ان ۚ َف َمن َش ِه َد مِن ُك ُم ال َّشه َْر َفل َي ُ‬‫ُدَى َوالفُرْ َق ِ‬
‫ت م َِّن اله ٰ‬ ‫اس َو َب ِّين ٰـ ٍ‬ ‫نز َل فِي ِه القُرْ آنُ ُه ًدى لل َّن ِ‬ ‫ان الَّذِي أ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫﴿ َش ْه ُر َر َم َ‬
‫ُون﴾ (‪)185‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫هَّللا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اَل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫هَّللا‬ ‫ُ‬
‫‪َ .‬س َف ٍر َف ِع َّدةٌ مِّنْ أي ٍَّام أ َخ َر ۗ ي ُِري ُد ُ ِبك ُم اليُسْ َر َو ي ُِري ُد ِبك ُم العُسْ َر َولِتك ِملوا ال ِع َّد َة َولِت َك ِّبرُوا َ َعل ٰى َما َه َد ٰك ْم َول َعلك ْم َتشكر َ‬ ‫َ‬

‫وأما أدلة مشروعية الصوم من السنة النبوية؛ فهي إيضاح لنصوص القرآن وبيان ما فيه من أحكام ذكرت فيه إجماال‪ ،‬وتفصيلها‪ ،‬وبيان‬
‫األحكام الشرعية التي لم تذكر في القرآن‪ ،‬بل بنص السنة إذ أن القرآن منقول بطريق السنة‪ ،‬والوحي إما نص من القرآن أو من الحديث‬
‫النبوي‪ ،‬مثل بيان المواقيت التي دل الحديث النبوي على بيانها‪ ،‬فالسنة هي بيان لمراد هللا‪ ،‬فعدد الصلوات مثال‪ :‬لم يعلم بيانه إال بطريق‬
‫‪».‬السنة‪ ،‬وقد جاء في الحديث‪« :‬أال إني أوتيت الكتاب ومثله معه‬

‫ومعنى «أوتيت الكتاب»‪ :‬أي القرآن «ومثله معه»‪ :‬أي الوحي الباطن غير المتلو أو تأويل الوحي الظاهر وبيانه بتعميم وتخصيص‬
‫وزيادة ونقص‪ ،‬أو أحكاما ومواعظ وأمثاال تماثل القرآن في وجوب العمل أو في المقدار‪ .‬قال البيهقي‪ :‬هذا الحديث يحتمل وجهين أحدهما‪:‬‬
‫أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أوتي من الظاهر المتلو‪ ،‬والثاني أن معناه أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى‪ ،‬وأوتي مثله من‬
‫البيان أي‪ :‬أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم ويخص وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس في الكتاب له ذكر فيكون ذلك في وجوب الحكم‬
‫‪ .‬ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن‪ .‬قراه»‪ .‬وفي الحديث دليل على وجوب اتباع السنة واألخذ بها‪ ،‬كما دلت عليه نصوص القرآن‬

‫مراحل تشريع الصوم‬

‫للصوم في اإلسالم مراحل تشريعية من قبل أن يفرض على المسلمين صوم شهر رمضان إلى أن استقرت األحكام واكتمل الدين‪ ،‬فمن‬
‫خصائص التشريع اإلسالمي لألحكام أن هللا هو الذي شرع األحكام‪ ،‬فكان بيانها على لسان رسوله خالل فترة نزول الوحي‪ ،‬فلم تشرع‬
‫األحكام كلها جملة واحدة‪ ،‬بل كان بطريق التدرج في تشريعها‪ ،‬بطريق التعليم الرباني الذي يقصد به‪ :‬تعليم األحكام شيئا فشيئا‪ ،‬وتركزت‬
‫مراحل التشريع اإلسالمي في بدايتها على اإليمان باهلل والبرهنة على وجود هللا وأنه خالق كل شيء‪ ،‬والمستحق وحده للعبادة‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫الكثير من األحكام لم تشرع إال بعد الهجرة إلى المدينة المنورة‪ ،‬بما فيها الصوم الذي هو في نفس الوقت لم يشرع جملة واحدة‪ ،‬بل شرع‬
‫في مراحل‪ ،‬وكان المسلمون قبل أن يفرض عليهم صوم رمضان يصومون يوم عاشوراء‪ ،‬وثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬وكان الناس في‬
‫الجاهلية يصومون يوم عاشوراء‪ ،‬فلما هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة وجدوا اليهود يصومونه‪ ،‬فسئلوا عنه فقالوا‪ :‬ذلك يوم نجى هللا‬
‫فيه موسى وأغرق فيه فرعون فنحن نصومه شكرا هلل‪ ،‬وفي الحديث‪« :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون‬
‫عاشوراء وقالوا‪ :‬إن موسى صامه‪ ،‬وإنه اليوم الذي نجوا فيه من فرعون وغرق فرعون فصامه النبي صلى هللا عليه وسلم وأمر بصيامه‬
‫وقال‪ :‬نحن أحق بموسى منهم»‪ .‬و«عن عائشة رضي هللا عنها قالت كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول هللا‬
‫ﷺ يصومه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه‪ ،‬فلما فرض شهر رمضان قال‪ :‬من شاء صامه ومن شاء تركه»‪.‬‬
‫قال النووي‪ :‬اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء سنة ليس بواجب‪ ،‬واختلفوا في حكمه في أول اإلسالم حين شرع صومه قبل صوم‬
‫رمضان‪ ،‬فقال أبو حنيفة‪ :‬كان واجبا‪ ،‬واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين‪ :‬أشهرهما عندهم‪ :‬أنه لم يزل سنة من حين‬
‫شرع‪ ،‬ولم يكن واجبا قط في هذه األمة‪ ،‬ولكنه كان متأكد االستحباب‪ ،‬فلما نزل صوم رمضان صار مستحبا دون ذلك االستحباب‪،‬‬
‫والثاني‪ :‬كان واجبا‪ ،‬كقول أبي حنيفة‪ ،‬واستدل القائلون بالوجوب بقوله‪« :‬وأمر بصيامه»‪ ،‬ودليل القائلين بعدم وجوبه حديث‪« :‬لم يكتب‬
‫هللا عليكم صيامه»‪ ،‬وحديث‪« :‬من شاء صامه ومن شاء تركه»‪ ،‬وهذا الخالف إنما هو فيما كان في صدر اإلسالم‪ ،‬أما بعد تعيين صوم‬
‫رمضان؛ فهو سنة مستحبة باإلجماع‪.‬كان فرض الصوم في أول فرضه على المسلمين في أيام معدودات‪ ،‬وأنه ليس في كل يوم؛ لئال يشق‬
‫على النفوس‪ ،‬فتضعف عن حمله وأدائه‪ ،‬بل جعل فرضه في أيام معدودات‪ ،‬أي‪ :‬قالئل‪ ،‬كما يدل على هذا نص اآلية‪﴿ :‬أَيَّاما ً مَّعْ دُو َدا ٍ‬
‫ت ۚ﴾‬
‫أي‪ :‬أن تصوموا أياما معدودات هي أيام شهر رمضان‪ ،‬قال الطبري‪ :‬وأما المعدودات‪ :‬فهي التي تعد مبالغها وساعات أوقاتها‪ ،‬وعنى‬
‫ِين يُطِ يقُو َن ُه ف ِْد َي ٌة َط َعا ُم مِسْ ك ٍ‬
‫ِين ۖ َف َمن‬ ‫﴿و َعلَى الَّذ َ‬‫بقوله‪﴿ :‬معدودات﴾‪ :‬محصيات‪.‬وكان الصوم على التخيير‪ ،‬في بداية فرضه؛ لقوله تعالى‪َ :‬‬
‫َت َطوَّ َع َخيْرً ا َفه َُو َخ ْي ٌر لَّ ُه ۚ َوأَن َتصُومُوا َخ ْي ٌر لَّ ُك ْم ۖ إِن ُكن ُت ْم َتعْ لَ مُون﴾‪ ،‬فعن معاذ بن جبل قال‪ :‬كان في ابتداء األمر‪ :‬من شاء صام ومن شاء‬
‫أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا‪ ،‬ثم نسخ حكم التخيير بآية فرض صوم رمضان‪ ،‬وهكذا روى البخاري عن سلمة بن األكوع أنه قال‪ :‬لما‬
‫ِين ۖ﴾‪ :‬كان من أراد أن يفطر يفتدي‪ ،‬حتى نزلت اآلية التي بعدها فنسختها‪ ،‬وعن نافع عن ابن‬ ‫ِين يُطِ يقُو َن ُه ف ِْد َي ٌة َط َعا ُم مِسْ ك ٍ‬
‫﴿و َعلَى الَّذ َ‬
‫نزلت‪َ :‬‬
‫عمر‪ ،‬قال‪« :‬هي منسوخة»‪ .‬وذهب أكثر العلماء إلى أن اآلية منسوخة وهو قول ابن عمر وسلمة بن األكوع وغيرهما‪ ،‬وذلك أنهم كانوا‬
‫في ابتداء اإلسالم مخيرين بين أن يصوموا وبين أن يفطروا ويفدوا‪ ،‬خيرهم هللا تعالى لئال يشق عليهم ألنهم كانوا لم يتعودوا الصوم ثم‬
‫ص ْم ُه ۖ﴾ (‪ ،)185‬وقال قتادة‪ :‬هي خاصة في حق الشيخ الكبير الذي‬ ‫نسخ التخيير ونزلت العزيمة بقوله تعالى‪َ ﴿ :‬ف َمن َش ِهدَ مِن ُك ُم ال َّشه َْر َف ْل َي ُ‬
‫يطيق الصوم ولكن يشق عليه رخص له في أن يفطر ويفدي ثم نسخ وقال الحسن‪ :‬هذا في المريض الذي به ما يقع عليه اسم المرض وهو‬
‫مستطيع للصوم خير بين أن يصوم وبين أن يفطر ويفدي‪ ،‬ثم نسخ بقوله تعالى‪َ ﴿ :‬ف َمن َش ِه َد مِن ُك ُم ال َّشه َْر َف ْل َيصُمْ ُه ۖ﴾‪ ،‬وثبتت الرخصة للذين‬
‫ال يطيقون‪ ،‬وذهب جماعة إلى أن اآلية محكمة غير منسوخة‪ ،‬ومعناه وعلى الذين كانوا يطيقونه في حال الشباب فعجزوا عنه بعد الكبر‬
‫ِين ي َُطوَّ قُو َن هُ﴾ بضم الياء وفتح الطاء وتخفيفها وفتح الواو وتشديدها‪ ،‬بلفظ‪ُ ﴿ :‬ي َط َّوقُو َنهُ﴾‬ ‫﴿و َعلَى الَّذ َ‬
‫فعليهم الفدية بدل الصوم وقرأ ابن عباس‪َ :‬‬
‫بفتح الطاء مخففة وتشديد الواو بمعنى‪ :‬يكلفونه‪ .‬أي‪ :‬يكلفون الصوم‪ ،‬وتأويله على الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ال يستطيعان الصوم‬
‫والمريض الذي ال يرجى زوال مرضه فهم يكلفون الصوم وال يطيقونه فلهم أن يفطروا ويطعموا مكان كل يوم مسكينا وهو قول سعيد بن‬
‫ِين ۖ﴾ قال‪:‬‬ ‫ِين يُطِ يقُو َن ُه ف ِْد َي ٌة َط َعا ُم مِسْ ك ٍ‬
‫﴿و َعلَى الَّذ َ‬‫جبير وجعل اآلية محكمة‪.‬وقال السدي عن مرة عن عبد هللا قال‪ :‬لما نزلت هذه اآلية‪َ :‬‬
‫ِين يُطِ يقُو َن هُ﴾ أي‪ :‬يتجشمونه‪ ،‬قال عبد هللا‪ :‬فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا‪﴿ ،‬فمن تطوع خيرا﴾ أي‪:‬‬ ‫﴿و َعلَى الَّذ َ‬
‫يقول‪َ :‬‬
‫أطعم مسكينا آخر؛ ﴿فهو خير له﴾ ﴿وأن تصوموا خير لكم﴾‪ :‬فكانوا كذلك حتى نسختها‪﴿ :‬فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾‪.‬روى البخاري‬
‫بسنده عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ‪﴿ :‬وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬ليست منسوخة‪ ،‬هو للشيخ الكبير‬
‫والمرأة الكبيرة ال يستطيعان أن يصوما‪ ،‬فيطعمان مكان كل يوم مسكينا‪ .‬وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن جبير‪ ،‬عن ابن عباس نحوه‪.‬‬
‫ِين ۖ﴾ ‪ ،184‬في الشيخ الكبير الذي يطيق الصوم ثم ضعف‪،‬‬ ‫ِين يُطِ يقُو َن ُه ف ِْد َي ٌة َط َعا ُم مِسْ ك ٍ‬
‫﴿و َعلَى الَّذ َ‬‫وعن ابن عباس قال‪ :‬نزلت هذه اآلية‪َ :‬‬
‫فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينا‪ .‬عن ابن أبي ليلى قال‪ :‬دخلت على عطاء في رمضان‪ ،‬وهو يأكل‪ ،‬فقال‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬نزلت‬
‫ِين ۖ﴾ ‪ ،184‬فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا‪ ،‬ثم نزلت هذه اآلية فنسخت‬ ‫ِين يُطِ يقُو َن ُه ف ِْد َي ٌة َط َعا ُم مِسْ ك ٍ‬
‫﴿و َعلَى الَّذ َ‬
‫هذه اآلية‪َ :‬‬
‫األولى‪ ،‬إال الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينا وأفطر‪ ،‬فحاصل األمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح المقيم بإيجاب الصيام‬
‫‪﴾.‬عليه‪ ،‬بقوله‪﴿ :‬فمن شهد منكم الشهر فليصمه‬

‫وخالصة هذا‪ :‬أن التخيير كان في بداية األمر بالصوم في صدر اإلسالم‪ ،‬ثم نسخ حكم التخيير بتعيين صوم رمضان‪ ،‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫﴿فليصمه﴾ دل على الفرض نصا من غير تخيير‪ ،‬كما أن الفدية باقية في حق من ال يطيق الصوم‪ ،‬وبهذا ثبت وجوب صوم رمضان‪ ،‬على‬
‫المكلفين‪ ،‬وأجمع المسلمون على هذا‪ ،‬وقد كان وقت الصوم‪ ،‬يبدء من الليل‪ ،‬فمن نام أو صلى العشاء؛ صار بذلك صائما‪ ،‬وحرم عليه‬
‫‪ .‬األكل والشرب‪ ،‬وسائر المفطرات‪ ،‬فشق ذلك على المسلمين‪ ،‬فخفف هللا عليهم‪ ،‬وجعل وقت الصوم من طلوع الفجر‪ ،‬إلى غروب الشمس‬

‫رخصة المرض والسفر‬


‫ضا‪ :‬صوم المريض الصوم في السفر ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬
‫طالع أي ً‬

‫الرخصة بالمعنى الشرعي عند علماء أصول الفقه‪ :‬مقابل العزيمة‪ .‬ففرض الصوم عزيمة‪ ،‬ورفع الحرج عن المكلف بالصوم‪ ،‬بالتخفيف‬
‫ان مِن ُكم م َِّريضً ا أَ ْو َعلَ ٰى َس َف ٍر َف ِع َّدةٌ مِّنْ أَي ٍَّام أ ُ َخ َر﴾‪ ،‬والمعنى‪ :‬أن من كان منكم‬
‫حال المرض أو السفر‪ :‬رخصة من هللا؛ لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬ف َمن َك َ‬
‫مكلفا بالصوم‪ ،‬وأفطر بسبب المرض‪ ،‬أو بسبب السفر‪ ،‬فال حرج عليه‪ ،‬حيث رخص هللا للمريض باإلفطار حال المرض الذي يباح معه‬
‫الفطر‪ ،‬وللمسافر حال السفر الذي يباح معه الفطر‪ ،‬وعلى من أفطر مترخصا بذلك؛ فعليه قضاء عدد األيام التي أفطرها‪ ،‬في مرضه‪ ،‬أو‬
‫في سفره‪ ،‬في أيام أخرى‪ ،‬أي‪ :‬في وقت الحق‪ ،‬وفي هذا التخفيف في الصيام‪ ،‬بالرخصة للمريض الذي يشق عليه المرض‪ ،‬والمسافر بعد‬
‫حدوث السفر المبيح للفطر‪ ،‬فالمريض والمسافر ال يلزمهما الصوم في حال المرض وفي حال السفر؛ لما في ذلك من المشقة عليهما‪ ،‬بل‬
‫‪ .‬رخص الشارع لهما بالفطر في نهار رمضان‪ ،‬وعليهما بعد ذلك قضاء الصوم في أيام أخر‬

‫التخفيف في وقت الصوم‬

‫وكان فرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية الهجرية‪ ،‬وكانوا في أول ما فرض عليهم الصوم‪ :‬يصومون من بعد صالة العشاء‪ ،‬أو‬
‫النوم قبلها‪ ،‬أي‪ :‬أن وقت اإلمساك كان من بعد العشاء‪ ،‬أو بعد النوم على من نام قبل العشاء‪ ،‬ثم يستمر إمساك الصائم إلى غروب الشمس‪،‬‬
‫في موعد اإلفطار في الليلة التالية‪ ،‬فكان الوقت الذي يباح فيه األكل والشرب في ليلة الصيام‪ :‬من أول وقت صالة المغرب إلى العشاء‪،‬‬
‫بشرط عدم النوم فمن نام قبل العشاء؛ وجب عليه اإلمساك في ليلته‪ ،‬إلى الليلة القابلة‪ ،‬وقد كان بيان هذا بالسنة النبوية‪ ،‬ثم خفف هللا تعالى‬
‫ذلك على المسلمين‪ ،‬فجعل وقت إباحة األكل والشرب إلى بداية طلوع الفجر الثاني‪ ،‬حيث نزلت اآلية الدالة على ذلك‪ ،‬وكان نزولها بعد‬
‫ص َيام الرَّ َف ُ‬
‫ث إِلَى‬ ‫ُ‬
‫فرض الصيام‪ ،‬وتضمنت نسخ الحكم السابق بحكم أخف‪ ،‬وهو نسخ للسنة بالكتاب‪ ،‬في قوله تعالى‪﴿ :‬أ ِح َّل لَ ُك ْم لَ ْيلَ َة ال ِّ ِ‬
‫ن َِسا ِئ ُك ْم﴾ ‪ ، 187‬أي‪ :‬أباح هللا لكم في ليلة الصيام‪« :‬الرفث» وهو كناية عن الجماع‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬إن هللا تعالى حيي كريم يكني‪ ،‬كل ما‬
‫ذكر في القرآن من المباشرة والمالمسة واإلفضاء‪ ،‬والدخول والرفث فإنما عنى به الجماع‪ .‬وقال الزجاج‪ :‬الرفث كلمة جامعة لكل ما‬
‫‪.‬يريده الرجال من النساء‬

‫قال البغوي‪« :‬قال أهل التفسير‪ :‬كان في ابتداء األمر إذا أفطر الرجل حل له الطعام والشراب والجماع إلى أن يصلي العشاء اآلخرة أو‬
‫يرقد قبلها فإذا صلى العشاء أو رقد قبلها حرم عليه الطعام والنساء إلى الليلة القابلة ثم إن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه واقع أهله بعدما‬
‫صلى العشاء فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه فأتى النبي ﷺ فقال‪ :‬يا رسول هللا إني أعتذر إلى هللا وإليك من نفسي هذه‬
‫الخاطئة إني رجعت إلى أهلي بعدما صليت العشاء فوجدت رائحة طيبة فسولت لي نفسي فجامعت أهلي فهل تجد لي من رخصة فقال‬
‫‪».‬النبي ﷺ‪« :‬ما كنت جديرا بذلك يا عمر»‪ ،‬فقام رجال واعترفوا بمثله فنزل في عمر وأصحابه‬

‫ص َيا ُم‬ ‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬ ‫األصل في مشروعية الصيام قبل اإلجماع‪ :‬أدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬فمن القرآن قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬يا أَ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين ءا َم ُنو ْا ُكت َ‬
‫ون﴾‪ 183 ،‬وقول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬ف َمن َش ِهدَ مِن ُك ُم ال َّشه َْر َف ْل َيصُمْ هُ‪ ..‬اآلية﴾‪ ،‬إلى قوله تعالى‪َ :‬‬
‫﴿ولَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫ِين مِن َق ْبلِ ُك ْم َل َعلَّ ُك ْم َت َّتقُ َ‬
‫ِب َعلَ ٰى الَّذ َ‬
‫َك َما ُكت َ‬
‫‪َ ﴾.‬ت ْش ُكر َ‬
‫ُون‬

‫وأدلة فرض الصوم من السنة ما ثبت في الصحيحين‪« :‬عن ابن عمر رضي هللا عنهما أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬بني‬
‫اإلسالم على خمس‪ :‬شهادة أن ال إله إال هللا وأن محمدا َر سُول هللا‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬وصوم رمضان»‪ ،‬متفق‬
‫عليه»‪ .‬وللبخاري بلفظ‪« :‬بني اإلسالم على خمس شهادة أن ال إله إال هللا وأن محمدا رسول هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكاة والحج وصوم‬
‫رمضان»‪ .‬ولمسلم بلفظ‪« :‬بني اإلسالم على خمسة على أن يوحد هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج‪ ،‬فقال رجل الحج‬
‫وصيام رمضان قال ال صيام رمضان والحج هكذا سمعته من رسول هللا ﷺ»‪ .‬وفي رواية لمسلم بلفظ‪« :‬بني اإلسالم‬
‫على خمس على أن يعبد هللا ويكفر بما دونه وإقام الصالة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان»‪ .‬ولمسلم‪« :‬بني اإلسالم على خمس‬
‫شهادة أن ال إله إال هللا وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصالة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان»‪ .‬ولمسلم بلفظ‪" :‬إني سمعت‬
‫رسول هللا ﷺ يقول‪« :‬إن اإلسالم بني على خمس شهادة أن ال إله إال هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان‬
‫وحج البيت»"وفي هذا الحديث دليل صريح على فرض صوم شهر رمضان بلفظ‪« :‬وصوم رمضان»‪ ،‬الذي هو أهم أنواع الصيام في‬
‫اإلسالم‪ ،‬وهو أحد أركان اإلسالم الخمسة‪ ،‬ويدل أيضا على هذا حديث‪" :‬عن طلحة بن عبيد هللا أن أعرابيا جاء إلى رسول هللا‬
‫ﷺ ‪-‬ثائر الرأس‪ -‬فقال يا رسول هللا أخبرني ماذا فرض هللا علي من الصالة؟ فقال‪« :‬الصلوات الخمس إال أن تطوع‬
‫شيئا»‪ ،‬فقال‪ :‬أخبرني ما فرض هللا علي من الصيام؟ فقال‪« :‬شهر رمضان إال أن تطوع شيئا»‪ ،‬فقال‪ :‬أخبرني بما فرض هللا علي من‬
‫الزكاة؟ فقال‪ :‬فأخبره رسول هللا ﷺ شرائع اإلسالم‪ ،‬قال‪" :‬والذي أكرمك ال أتطوع شيئا وال أنقص مما فرض هللا علي‬
‫‪»".‬شيئا" فقال رسول هللا ﷺ‪« :‬أفلح إن صدق» أو‪« :‬دخل الجنة إن صدق‬

‫وهذا الحديث يدل بوضوح على قاعدة مهمة من قواعد اإلسالم وهي تحديد الفرائض التي فرضها هللا‪ ،‬وأن الصيام المفروض على‬
‫المسلمين هو‪ :‬صوم شهر رمضان‪ ،‬وما عداه من أنواع الصيام المشروع هو صوم تطوع دلت السنة النبوية على بيان أحكامه ومقاديره‬
‫‪ .‬ومواقيته‪ ،‬ليكون صوم النفل تكميال للفرض وجبرا لما قد يعرض له من خلل أو نقص في األجر‬

‫صوم شهر رمضان‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬صوم شهر رمضان ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫صوم شهر رمضان من كل عام هو الصوم المفروض على المسلمين‪ ،‬باإلجماع‪ ،‬وهو أحد أركان اإلسالم الخمسة‪ ،‬وأفضل أنواع الصيام؛‬
‫‪ .‬للحديث القدسي بلفظ‪« :‬وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما فرضت عليه»‪ ،‬حيث أن أداء الفرائض أحب األعمال إلى هللا‬

‫وفرض في السنة الثانية من الهجرة النبوية‪ ،‬قال البهوتي‪« :‬فرض في السنة الثانية من الهجرة‪ ،‬إجماعا‪ ،‬فصام النبي ﷺ‪:‬‬
‫‪».‬تسع رمضانات إجماعا‬

‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬


‫ص َيا ُم ‪ ﴾..‬اآلية ثم تعين صوم شهر رمضان بقوله تعالى‪:‬‬ ‫واألصل في وجوب صومه قول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬يا أَ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين ءآ َم ُنوا ُكت َ‬
‫﴿ َف َمن َش ِهدَ مِن ُك ُم ال َّشه َْر َف ْل َيصُمْ هُ﴾ وحديث‪« :‬بني اإلسالم على خمس» وذكر منها‪« :‬صوم رمضان»‪ .‬ويجب صوم شهر رمضان إما‬
‫برؤية الهالل‪ ،‬أو باستكمال شهر شعبان ثالثين يوما عند تعذر رؤية هالل رمضان‪ .‬ويجب على كل مسلم‪ ،‬مكلف بالغ عاقل‪ ،‬مطيق‬
‫للصوم‪ ،‬صحيح‪ ،‬مقيم‪ ،‬غير معذور‪ .‬وال يصح إال من مسلم‪ ،‬كما يشترط لصحته شروط منها‪ :‬نقاء المرأة من الحيض والنفاس‪ .‬ويختص‬
‫صوم رمضان بخصوصية فضيلة الوقت من طلوع الفجر الثاني‪ ،‬إلى غروب الشمس‪ .‬وصوم رمضان يكفر الذنوب لمن صامه إيمانا‬
‫‪.‬واحتسابا‬

‫ص َيا ُم﴾ وكان في ابتداء فرضه‪ :‬مقدرا‬ ‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬ ‫وكان فرض الصيام أول ما فرض على المسلمين‪ ،‬بقول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬يا أَ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين ءآ َم ُنوا ُكت َ‬
‫‪﴾.‬في أيام معدودات‪ ،‬هي‪« :‬شهر رمضان»‪ ،‬ثم بين هللا ذلك بقوله تعالى‪َ ﴿ :‬ف َمن َش ِه َد مِن ُك ُم ال َّشه َْر َف ْل َي ُ‬
‫ص ْم ُه‬

‫ِب ﴾ بمعنى‪ :‬فرض هللا عليكم الصيام‪ ،‬وخطاب التكليف للمكلفين الذين‬ ‫ص َيا ُم﴾ دل على الفرصية‪ ،‬بلفظ‪ُ ﴿ :‬كت َ‬‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬
‫وقوله تعالى‪ُ ﴿ :‬كت َ‬
‫ِين مِن َق ْبلِ ُك ْم﴾ بمعنى‪ :‬اإلخبار أن الصوم كان مفروضا في‬ ‫َّ‬
‫ِب َعلَى الذ َ‬
‫ءآمنوا أي‪ :‬صدقوا باهلل ورسوله وأقروا‪ .‬وقول هللا تعالى‪َ ﴿ :‬ك َما ُكت َ‬
‫الشرائع السابقة‪ ،‬وقد كان المسلمون قبل فرض صوم رمضان‪ :‬يصومون يوم عاشوراء‪ ،‬وفي الحديث‪« :‬عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪:‬‬
‫كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية‪ ،‬وكان رسول هللا ﷺ يصومه‪ ،‬فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما‬
‫‪"».‬فرض شهر رمضان قال‪" :‬من شاء صامه ومن شاء تركه‬

‫مواقيت الصوم‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬مواقيت الصوم‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫رؤية الهالل‬

‫رؤية غروب الشمس‬

‫مواقيت الصوم هي ظروف معلومة‪ ،‬محددة بوضع الشرع لها‪ ،‬متعلقة بعبادة الصوم‪ ،‬وتشمل‪ :‬وقت دخول الشهر وخروجه‪ ،‬ووقت دخول‬
‫يوم الصوم وخروجه‪ ،‬ووقت التسحر‪ ،‬ووقت اإلمساك‪ ،‬ووقت اإلفطار‪ ،‬وبداية شهر رمضان‪ ،‬وآخره‪ ،‬وأوقات األداء والقضاء للصوم‬
‫واجبا كان أو نفال‪ ،‬واألوقات المنهي عن الصوم فيها‪ ،‬واليوم هو الوقت الشرعي لفعل الصوم فيه‪ ،‬وأوله طلوع الفجر الثاني‪ ،‬وآخره‬
‫غروب الشمس‪ .‬ويتعلق صوم شهر رمضان بدخول الشهر القمري‪ ،‬وهو الشهر الشرعي‪ ،‬ودخول أي شهر من أشهر السنة القمرية‪:‬‬
‫يستلزم انقضاء الشهر الذي قبله‪ ،‬ويمكن معرفة دخول الشهر برؤية الهالل في أول منزلة من منازل القمر‪ ،‬كما أن هناك علم الفلك‪،‬‬
‫وحساب المواقيت الفلكية‪ ،‬لكن دخول الشهر وخروجه في الشرع اإلسالمي ال يعتمد على علم الحساب الفلكي‪ ،‬حيث لم يطلب في نصوص‬
‫الشرع الرجوع لذلك‪ ،‬بل باتباع ضوابط الشرع‪ ،‬إما برؤية الهالل‪ ،‬أو بإكمال عدة الشهر ثالثين يوما ً عند عدم رؤية هالل الشهر؛ ألن‬
‫الحسابات الفلكية‪ ،‬ال يعرفها إال الخواص‪ ،‬ويدل على هذا حديث‪« :‬عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما‪ ،‬أن رسول هللا‬
‫‪"».‬ﷺ ذكر رمضان فقال‪" :‬ال تصوموا حتى تروا الهالل وال تفطروا حتى تروه‪ ،‬فإن غم عليكم فاقدروا له‬

‫وقوله‪« :‬ال تصوموا حتى تروا الهالل» يفيد النهي عن ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهالل‪ ،‬وجاء حديث ابن عمر من وجهين‪ ،‬أحدهما‬
‫بلفظ‪« :‬فإن غم عليكم فاقدروا له»‪ ،‬واآلخر بلفظ‪« :‬فأكملوا العدة ثالثين»‪ ،‬وقصد بذلك بيان المراد من قوله‪« :‬فاقدروا له»‪ ،‬وفي صحيح‬
‫مسلم‪« :‬عن نافع عن ابن عمر رضي هللا عنهما عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه ذكر رمضان فقال ال تصوموا حتى تروا الهالل وال‬
‫تفطروا حتى تروه فإن أغمي عليكم فاقدروا له»‪ .‬وفي رواية‪« :‬فاقدروا له ثالثين»‪ ،‬وفي رواية‪« :‬إذا رأيتم الهالل فصوموا‪ ،‬وإذا رأيتموه‬
‫فأفطروا‪ ،‬فإن غم عليكم فاقدروا له»‪ ،‬وفي رواية «فإن غم عليكم فصوموا ثالثين يوما»‪ ،‬وفي رواية‪« :‬فإن غمي عليكم فأكملوا العدد»‪،‬‬
‫وفي رواية‪« :‬فإن عمي عليكم الشهر فعدوا ثالثين»‪ ،‬وفي رواية‪« :‬فإن أغمي عليكم فعدوا ثالثين»‪ .‬هذه الروايات كلها في صحيح مسلم‪،‬‬
‫على هذا الترتيب‪ ،‬وفي رواية للبخاري‪« :‬فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثالثين»‪ .‬والمعنى‪ :‬أن وقت صوم رمضان‪ :‬محدد برؤية‬
‫هالل الشهر‪ ،‬عند غروب شمس ليلة الثالثين من شهر شعبان‪ ،‬فإذا حصلت رؤية الهالل حينها؛ دخل شهر رمضان‪ ،‬وتلك الليلة هي بداية‬
‫زمن شهر رمضان‪ ،‬فيلزم صيام نهار هذه الليلة‪ ،‬وإذا لم يشاهد الهالل حينها؛ لزم إتمام شهر شعبان ثالثين يوماً‪ ،‬ويكون الشهر عندئذ‬
‫تاما ً‪ ،‬فالشهر الهاللي إما أن يتم عدده ثالثون يوماً‪ ،‬أو ينقص يوما‪ ،‬فيكون عدده تسعة وعشرون يوماً‪ ،‬وفي الحديث‪« :‬عن ابن عمر‬
‫رضي هللا عنهما عن النبي ﷺ أنه قال‪« :‬إنا أمة أمية ال نكتب وال نحسب الشهر هكذا وهكذا» يعني‪ :‬مرة تسعة وعشرين‬
‫‪».‬ومرة ثالثين‬

‫ليلة الصيام‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬ليلة الصيام ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬


‫صالة التراويح في الجامع الكبير في القيروان‪ .‬رمضان ‪2012‬‬

‫القمر في ‪20‬رمضان ‪ 2012‬بمدينة البيضاء‬

‫ليلة الصيام هي‪ :‬الفترة الزمنية المحدودة التي يباح فيها الطعام للصائم والشراب وسائر المفطرات من غروب الشمس إلى طلوع الفجر‬
‫الثاني‪ ،‬وهي في مقابل النهار الذي هو وقت الصوم‪ ،‬كما أن الليل ليس محال للصوم فيه‪ ،‬وقد فرض الصيام على المسلمين في السنة الثانية‬
‫للهجرة‪ ،‬وكانوا يصومون من بعد العشاء‪ ،‬أو النوم قبلها‪ ،‬فخفف هللا تعالى عليهم فأباح لهم المفطرات في جميع ليلة الصيام إلى الفجر‬
‫‪﴾.‬الثاني‪ ،‬ونزل قول هللا تعالى‪﴿ :‬أ ُ ِح َّل لَ ُك ْم َل ْيلَ َة ال ِّ‬
‫ص َي ِام‪...‬اآلية﴾ إلى قوله تعالى‪﴿ :‬لَ َعلَّ ُه ْم َي َّتقُ َ‬
‫ون‬

‫ويدخل وقت ليلة الصيام بغروب الشمس‪ ،‬وحينها يدخل أول وقت صالة المغرب‪ ،‬ووقت إفطار الصائم‪ ،‬ويستحب فيها التسحر قريب‬
‫الفجر الثاني‪ ،‬ويكون فيها تبيييت النية‪ ،‬وصالة التراويح في شهر رمضان‪ .‬فالليل والنهار فترتان متعاقبتان من الزمن‪ ،‬يدخل أول وقت‬
‫أحدهما بانتهاء اآلخر‪ ،‬وقدرهما‪ :‬أربعة وعشرون ساعة فلكية موزعة عليهما بنظام دقيق على مدار السنة القمرية‪ ،‬ويمتاز النهار بالضياء‪،‬‬
‫والليل باإلظالم‪ ،‬وقد بين الشرع اإلسالمي أحكام ليلة الصيام‪ ،‬وحدد فترتها الزمنية‪ ،‬وما يتعلق بها من أحكام اإلفطار والسحور‬
‫‪.‬واإلمساك‪ ،‬والتوقيت المخصوص بذلك‬

‫وينتهي وقت ليلة الصيام بانتهاء الليل وذهاب ظالمه‪ ،‬عند بداية ظهور أول بياض النهار من الفجر الصادق‪ ،‬وقد ذكر هللا تعالى هذا بقوله‬
‫ْط اأْل َ ْب َيضُ م َِن ْال َخيْطِ اأْل َسْ َو ِد م َِن ْال َفجْ ِر‪ ،﴾..‬والمعنى‪ :‬أبيح لكم األكل والشرب في جميع ليلة‬
‫﴿و ُكلُوا َوا ْش َربُوا َح َّتى َي َت َبي ََّن َل ُك ُم ْال َخي ُ‬
‫تعالى‪َ :‬‬
‫الصيام‪ ،‬إلى أن يظهر لكم بياض النهار وعبر عنه بـ«الخيط األبيض»‪ ،‬وينشق هذا البياض وينفلق من سواد الليل‪ ،‬المعبر عنه بـ«الخيط‬
‫﴿و ُكلُوا َوا ْش َربُوا َح َّتى َي َت َبي ََّن لَ ُك ُم ْال َخي ُ‬
‫ْط‬ ‫األسود»‪ ،‬والمقصود‪ :‬بداية طلوع الفجر الصادق‪ ،‬عن سهل بن سعد قال‪« :‬نزلت هذه اآلية‪َ :‬‬
‫اأْل َ ْب َيضُ م َِن ْال َخيْطِ اأْل َسْ َودِ﴾ فلم ينزل ﴿م َِن ْال َفجْ ِر ﴾ قال‪ :‬فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط األسود والخيط األبيض‪،‬‬
‫‪».‬فال يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له‪ ،‬فأنزل هللا بعد ذلك‪﴿ :‬م َِن ْال َفجْ ِر﴾ فعلموا إنما يعني بذلك الليل والنهار‬

‫ْط اأْل َ ْب َيضُ م َِن ْال َخيْطِ اأْل َسْ َود﴾ عمدت إلى‬
‫﴿ح َّتى َي َت َبي ََّن لَ ُك ُم ْال َخي ُ‬
‫ويدل على هذا حديث‪" :‬عن عدي بن حاتم رضي هللا عنه قال‪ :‬لما نزلت‪َ :‬‬
‫عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي‪ ،‬فجعلت أنظر في الليل فال يستبين لي فغدوت على رسول هللا ﷺ‬
‫‪»".‬فذكرت له ذلك فقال‪« :‬إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار‬

‫وفي هذا الحديث بيان المقصود‪ ،‬في رواية‪ :‬قال له‪« :‬ألم أقل لك‪﴿ :‬من الفجر﴾»‪ ،‬فالخيطان كناية عن سواد الليل وبياض النهار‪ ،‬فالبياض‬
‫اليسير ينفلق من سواد الليل‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬فالق اإلصباح﴾ أي شاق نوره من ظلمة الليل‪ ،‬وقال تعالى‪﴿ :‬يولج الليل في النهار ويولج النهار‬
‫في الليل﴾ يدخل هذا في هذا ويخرج هذا من هذا‪ ،‬فالعرب يكنون بالخيط عما دق من األشياء‪ ،‬قال الطبري‪ :‬وهو المعروف في كالم‬
‫‪:‬العرب‪ ،‬قال أبو دواد اإليادي‬

‫فلما أضاءت لنا سدفة‬ ‫والح من الصبح خيط أنارا‬

‫فعدي ال ينسب إليه التقصير؛ ألنه أخذ بحقيقة اللفظ والحقيقة أصل في الداللة‪ ،‬كما أن المعنى المجازي للخيط قد ال يكون معروفا عند‬
‫‪.‬بعض العرب‬

‫والمقصود‪ :‬أن وقت اإلمساك هو‪ :‬طلوع الفجر الثاني‪ ،‬وهو نفس وقت صالة الفجر‪ ،‬واألذان إنما هو إعالم بالوقت‪ ،‬ويستحب تأخير‬
‫السحور إلى قريب انفجار الفجر الثاني‪ ،‬واألفضل أن يفصل بين آخر وقت السحور وبين أول وقت صالة الفجر بقدر خمسين آية متوسطة‬
‫ويدل عليه ما رواه البخاري‪« :‬عن أنس عن زيد بن ثابت رضي هللا عنه قال تسحرنا مع النبي ﷺ‪ ،‬ثم قام إلى الصالة‬
‫قلت‪ :‬كم كان بين األذان والسحور؟ قال‪ :‬قدر خمسين آية»‪ .‬ويستمر وقت السحور إلى ما قبل طلوع الفجر الثاني‪ ،‬وينتهي وقته بطلوع‬
‫الفجر الذي هو وقت اإلمساك وأول وقت صالة الصبح‪ ،‬وفي الحديث «عن عائشة رضي هللا عنها أن بالال كان يؤذن بليل فقال رسول هللا‬
‫ﷺ‪« :‬كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه ال يؤذن حتى يطلع الفجر»‪ ،‬قال القاسم‪ :‬ولم يكن بين أذانهما إال أن‬
‫يرقى ذا وينزل ذا»‪" .‬عن سمرة بن جندب قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪« :‬ال يمنعكم من سحوركم أذان بالل وال الفجر‬
‫المستطيل‪ ،‬ولكن الفجر المستطير في األفق»"‪ ،‬وفي رواية‪« :‬ال يغرنكم نداء بالل وال هذا البياض حتى يبدو الفجر وينفجر»‪ .‬وعن بالل‬
‫‪».‬قال‪« :‬أتيت النبي ﷺ أوذنه بالصالة وهو يريد الصوم‪ ،‬فدعا بإناء فشرب‪ ،‬ثم ناولني فشربت‪ ،‬ثم خرج إلى الصالة‬

‫فضائل الصوم‬

‫فضل الصوم‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬فضائل الصوم ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫للصوم في اإلسالم فضائل كثيرة وفوائد متعددة دلت عليها نصوص الشرع اإلسالمي من القرآن والسنة‪ ،‬وهي جملة من الخصائص التي‬
‫تضمنت الداللة على مكانته وأهميته‪ ،‬وهي إما عامة لجميع أنواع الصوم‪ ،‬أو خاصة في بعض أنواعه‪ ،‬فالتفضيل بالخصوصية هو مزيد‬
‫من الخصائص لبعض أنواع الصوم ومنها‪ :‬صوم شهر رمضان‪ ،‬فيختص بكونه فرضا بمعنى‪ :‬أن العبادة المفروضة أفضل من النفل‪،‬‬
‫والتقرب إلى هللا بما فرض أفضل رتبة من التقرب بالنوافل‪ ،‬كما يختص شهر رمضان بفضيلة نزول القرآن فيه‪ ،‬وبقيام لياله وغير ذلك‪،‬‬
‫وهناك فضائل خاصة لبعض أنواع الصوم مثل‪ :‬فضل صوم يوم عاشوراء والمحرم وغير ذلك‪ .‬أخرج البخاري‪" :‬عن أبي هريرة رضي‬
‫هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬الصيام جنة‪ ،‬فال يرفث وال يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل‪ :‬إني صائم مرتين‬
‫والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند هللا تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به‬
‫‪»".‬والحسنة بعشر أمثالها‬

‫وفي الموطأ‪« :‬والحسنة بعشر أمثالها‪ ،‬إلى سبعمائة ضعف‪ ،‬إال الصيام فهو لي وأنا أجزي به»‪ .‬قال ابن حجر العسقالني‪ :‬والجنة بضم‬
‫الجيم الوقاية والستر‪ ،‬فهو وقاية من عذاب النار كما أخرج النسائي بلفظ‪« :‬الصيام جنة من النار»‪ ،‬وفي رواية له بلفظ‪« :‬الصيام جنة‬
‫كجنة أحدكم من القتال»‪ ،‬وألحمد من طريق أبي يونس عن أبي هريرة‪« :‬جنة وحصن حصين من النار»‪ ،‬وله من حديث أبي عبيدة بن‬
‫الجراح‪« :‬الصيام جنة ما لم يخرقها»‪ ،‬زاد الدارمي‪« :‬ما لم يخرقها بالغيبة»‪ .‬وقال صاحب النهاية معنى كونه جنة أي‪ :‬يقي صاحبه ما‬
‫يؤذيه من الشهوات‪ ،‬وقال القرطبي‪ :‬جنة أي‪ :‬سترة يعني‪ :‬بحسب مشروعيته‪ ،‬فينبغي للصائم أن يصونه مما يفسده وينقص ثوابه‪ ،‬ويصح‬
‫أن يراد أنه سترة بحسب فائدته وهو إضعاف شهوات النفس؛ ألن الصائم يدع شهوته‪ ،‬ويصح أن يراد أنه سترة بحسب ما يحصل من‬
‫الثواب وتضعيف الحسنات‪ ،‬وقال عياض في اإلكمال‪ :‬معناه سترة من اآلثام أو من النار أو من جميع ذلك‪ ،‬وباألخير جزم النووي‪ ،‬وقال‬
‫ابن العربي‪ :‬إنما كان الصوم جنة من النار؛ ألنه إمساك عن الشهوات‪ ،‬والنار محفوفة بالشهوات‪ .‬فالحاصل أنه إذا كف نفسه عن الشهوات‬
‫في الدنيا كان ذلك ساترا له من النار في اآلخرة‪ .‬انتهى كالم ابن حجر باختصار‪.‬ومن فضائل الصوم أنه من أسباب تكفير الذنوب‪ ،‬كما في‬
‫صحيح مسلم‪" :‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬الصالة الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما‬
‫بينهن ما لم تغش الكبائر»"‪ .‬وفي رواية لمسلم‪" :‬عن أبي هريرة أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يقول‪« :‬الصلوات الخمس‬
‫والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر»"‪.‬وقد جاء في أكثر األصول بلفظ‪« :‬إذا اجتنب الكبائر»‬
‫آخره باء موحدة ولفظ‪ :‬الكبائر منصوب على المفعولية‪ ،‬أي‪ :‬إذا اجتنب فاعلها الكبائر‪ ،‬وجاء في بعض األصول بلفظ‪ :‬اجتنبت بزيادة تاء‬
‫مثناة في آخره على ما لم يسم فاعله ورفع الكبائر‪ ،‬كذا ضبطه النووي وقال‪ :‬وكالهما صحيح ظاهر‪ .‬وفي صحيح مسلم‪« :‬صيام يوم‬
‫عرفة أحتسب على هللا أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء أحتسب على هللا أن يكفر السنة التي قبله»‪ .‬وفي‬
‫رواية لمسلم‪« :‬قال وسئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والباقية قال وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال يكفر السنة‬
‫الماضية»‪ .‬و«عن حذيفة قال‪ :‬قال عمر رضى هللا تعالى عنه من يحفظ حديثا عن النبي ﷺ في الفتنة؟ قال حذيفة‪ :‬أنا‬
‫سمعته يقول‪ :‬فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصالة والصيام والصدقة قال ليس أسأل عن هذه إنما أسأل عن التي تموج كما‬
‫يموج البحر قال وإن دون ذلك بابا مغلقا قال‪ :‬فيفتح أو يكسر قال يكسر قال ذاك أجدر أن ال يغلق إلى يوم القيامة فقلنا لمسروق سله أكان‬
‫عمر يعلم من الباب فسأله فقال‪ :‬نعم كما يعلم أن دون غد الليلة»‪.‬ومن فضائل الصوم أنه سبب الستجابة الدعاء وفي الحديث‪« :‬وعن أبي‬
‫هريرة عن النبي ﷺ قال‪« :‬ثالث حق على هللا أن ال يرد لهم دعوة‪ :‬الصائم حتى يفطر‪ ،‬والمظلوم حتى ينتصر‪،‬‬
‫والمسافر حتى يرجع»‪ .‬رواه الترمذي باختصار المسافر وبغير هذا السياق رواه البزار»‪.‬ومن فضائل الصوم أنه يشفع لصاحبه يوم‬
‫القيامة‪ ،‬لما روى اإلمام أحمد وغيره‪" :‬عن عبد هللا بن عمرو أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬الصيام والقرآن يشفعان للعبد‪،‬‬
‫‪ »".‬يقول الصيام‪ :‬أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه‪ ،‬ويقول القرآن‪ :‬منعته النوم بالليل فشفعني فيه‪ ،‬فيشفعان‬

‫ثواب الصوم‬

‫الصوم عبادة يثاب الصائم عليها ويكتب هللا له بها الجزاء الوفير يوم القيامة‪ ،‬وقد كتب هللا الحسنات والسيئات وبينها‪ ،‬وضاعف الحسنات‬
‫وجعل السيئة بمثلها‪ ،‬وفي الحديث القدسي‪« :‬كل عمل ابن آدم يضاعف‪ :‬الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف‪ ،‬قال هللا تعالى‪ :‬إال‬
‫الصوم‪ ،‬فإنه لي وأنا أجزي به‪ ،‬يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي»‪ .‬فالصالة مثال‪ :‬أقوال وأفعال‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ :‬عمل‪ ،‬أما الصوم؛‬
‫فإنه عمل لكنه ليس بقول وال فعل‪ ،‬بل هو بمعنى ترك المفطرات‪ ،‬والترك ال يعد قوال وال فعال‪ ،‬أي‪ :‬أن الصوم عمل غير ظاهر‪ ،‬فال‬
‫يطلع على حقيقته إال هللا‪ ،‬ومن ثم فقد استثنى هللا الصوم بقوله في الحديث القدسي‪« :‬إال الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» أي‪ :‬أن الصوم‬
‫يختلف عن جميع األعمال التي تحصيها المالئكة على اإلنسان‪ ،‬حيث اختصه هللا باإلثابة علية؛ ألن الصوم عبادة ال تظهر‪ ،‬فيجازي عليها‬
‫لعلمه بمن أخلص له فيها‪ .‬وقد جاء في الحديث‪« :‬عن أبي هريرة قال قال رسول هللا ﷺ‪ :‬كل عمل ابن آدم يضاعف‬
‫الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف ما شاء هللا يقول هللا إال الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي‪ ،‬للصائم‬
‫فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند هللا من ريح المسك»‪ .‬وفي سنن الترمذي‪« :‬عن أبي هريرة‬
‫قال قال رسول هللا ﷺ‪ :‬إن ربكم يقول‪ :‬كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف والصوم لي وأنا أجزي به الصوم‬
‫جنة من النار ولخلوف فم الصائم أطيب عند هللا من ريح المسك وإن جهل على أحدكم جاهل وهو صائم فليقل إني صائم»‪ .‬وفي رواية‬
‫للبخاري بلفظ‪« :‬والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند هللا تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام‬
‫لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها»‪.‬وحيث اختص هللا الصوم بأنه هو الذي يجزي به فجزاء هللا عظيم‪ ،‬وقد جعل هللا الجنة جزاء‬
‫للصائمين‪ ،‬وفي الحديث‪« :‬عن سهل رضى هللا تعالى عنه عن النبي ﷺ قال‪ :‬إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه‬
‫الصائمون يوم القيامة ال يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون ال يدخل منه أحد غيرهم‪ ،‬فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه‬
‫أحد»‪«.‬عن أبي هريرة رضى هللا تعالى عنه أن رسول هللا ﷺ قال‪ :‬من أنفق زوجين في سبيل هللا نودي من أبواب الجنة‬
‫يا عبد هللا هذا خير فمن كان من أهل الصالة؛ دعي من باب الصالة‪ ،‬ومن كان من أهل الجهاد؛ دعي من باب الجهاد‪ ،‬ومن كان من أهل‬
‫الصيام؛ دعي من باب الريان‪ ،‬ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ‪ ،‬فقال أبو بكر رضى هللا تعالى عنه‪ :‬بأبي وأمي يا رسول‬
‫هللا ما على من دعي من تلك األبواب‪ ،‬من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك األبواب كلها؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وأرجو أن تكون منهم»‪.‬روى‬
‫الزيَّات أنه سمع أبا هريرة رضى هللا تعالى عنه يقول‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ :‬قال هللا‪ :‬كل‬ ‫البخاري بسنده‪« :‬عن أبي صالح َّ‬
‫ص َيا ُم ُج َّن ٌة‪ ،‬وإذا كان يوم صوم أحدكم فال يرفث وال َيصْ َخبْ فإن َسا َّب ُه أحد أو قاتله‬
‫عمل ابن آدم له إال الصيام فإنه لي وأنا أجزي به‪َ ،‬وال ِّ‬
‫فليقل إني امرؤ صائم‪ ،‬والذي نفس محمد بيده‪ :‬لخلوف فم الصائم أطيب عند هللا من ريح المسك‪ ،‬للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح‬
‫‪».‬وإذا لقي ربه فرح بصومه‬

‫وفي الحديث‪« :‬للصائم فرحتان‪ :‬فرحة عند فطره‪ ،‬وفرحة عند لقاء ربه» أي‪ :‬يفرح في الدنيا وقت اإلفطار‪ ،‬ويوم الجزاء في اآلخرة حين‬
‫يلقى ثواب الصوم إن أخلصه هلل‪« .‬ولخلوف فم الصائم أطيب عند هللا من ريح المسك»‪ ،‬والخلوف‪ :‬رائحة تغير الفم‪« ،‬والصيام جنة» أي‪:‬‬
‫‪ ».‬وقاية من عذاب النار‪« ،‬وإذا كان يوم صوم أحدكم فال يرفث وال يصخب‪ ،‬فإن سابه أحد أو قاتله‪ ،‬فليقل‪ :‬إني امرؤ صائم‬

‫فضل صوم رمضان‬

‫يختص شهر رمضان بكونه شهر الصوم عند المسلمين‪ ،‬ويختص بكونه أفضل أنواع الصوم‪ ،‬فيختص بكونه فرضا بمعنى‪ :‬أن العبادة‬
‫المفروضة أفضل من النفل‪ ،‬والتقرب إلى هللا بما فرض أفضل رتبة من التقرب بالنوافل‪ ،‬كما يختص شهر رمضان بفضيلة نزول القرآن‬
‫فيه‪ ،‬وبقيام لياله وغير ذلك‪ ،‬وشهر رمضان يقال له شهر الصبر‪ ،‬والصبر ثوابه الجنة‪ ،‬وصوم رمضان كفارة للذنوب وفي الحديث‪" :‬عن‬
‫أبي هريرة رضى هللا تعالى عنه عن النبي ﷺ قال‪« :‬من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام‬
‫رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»"‪.‬ويكون صوم شهر رمضان كفارة للذنوب لمن صامه إيمانا باهلل وتصديقا بثوابه‬
‫وإخالصا له فيه‪ ،‬قد روى البخاري‪" :‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪« :‬من صام رمضان إيمانا‬
‫واحتسابا‪ ،‬غفر له ما تقدم من ذنبه»"‪ .‬ومعناه‪ :‬من صام رمضان إيماناً‪ :‬تصديقا باهلل وبثوابه‪ ،‬واحتساباً‪ :‬بنية التقرب إلى هللا‪ُ ،‬غفر له ما‬
‫تقدم من ذنبه‪ ،‬ومن قام ليلة القدر إيمانا ً واحتسابا ً ُغ فر له ما تقدم من ذنبه؛ ألن الصوم إنما يكون بنية التقرب إلى هللا‪ ،‬والنية شرط في‬
‫وقوعه‪" .‬عن أبي هريرة رضى هللا تعالى عنه أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة»"‪".‬عن أبي‬
‫هريرة رضى هللا تعالى عنه يقول‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪« :‬إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم‬
‫وسلسلت الشياطين»"‪".‬عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪« :‬أتاكم شهر رمضان‪ ،‬شهر مبارك فرض هللا عليكم‬
‫صيامه‪ ،‬تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم‪ ،‬وتغل فيه مردة الشياطين‪ ،‬هلل فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد‬
‫‪»".‬حرم‬

‫مما ورد في فضل الصوم‬

‫وفي المصنف روى ابن أبي شيبة‪ :‬عن مطرف بن عبد هللا بن الشخير قال‪" :‬أتيت عثمان بن أبي العاص فدعا لي بلبن لقحة فقلت‪ :‬إني‬
‫صائم فقال‪ :‬أما إني سمعت رسول هللا ﷺ يقول ‪« :‬الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال وصيام حسن صيام ثالثة‬
‫أيام من كل شهر»"‪ .‬وعن هبيرة قال‪ :‬قال عبد هللا‪« :‬الصوم جنة من النار كجنة الرجل إذا حمل من السالح ما أطاق»‪.‬عن أبي هريرة‬
‫وأبي سعيد قاال‪" :‬قال رسول هللا ﷺ‪« :‬إن هللا يقول‪ :‬إن الصوم لي وأنا أجزي به‪ ،‬وإن للصائم فرحتين‪ :‬إذا أفطر فرح‪،‬‬
‫وإذا لقي هللا فرح‪ ،‬والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند هللا من ريح المسك»"‪ .‬وعن أبي هريرة قال‪" :‬قال رسول هللا‬
‫ﷺ‪« :‬كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال هللا تعالى‪ :‬إال الصوم فإنه لي وأنا أجزي‬
‫به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي‪ ،‬للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند هللا من‬
‫ريح المسك‪ ،‬الصوم جنة الصوم جنة»"‪.‬عن عياض بن غطيف قال دخلنا على أبي عبيدة فقال‪« :‬الصوم جنة ما لم يخرقها»‪ .‬وعن عياض‬
‫بن غطيف قال دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح في مرضه فقال‪" :‬سمعت رسول هللا ﷺ يقول‪« :‬الصوم جنة ما لم‬
‫يخرقها»"‪.‬عن أبي بردة عن أبي موسى قال كنا في البحر فبينا نحن نسير وقد رفعنا الشراع وال نرى جزيرة وال شيئا إذ سمعنا مناديا‬
‫ينادي يا أهل السفينة قفوا أخبركم فقمنا ننظر فلم نر شيئا فنادى سبعا فلما كانت السابعة قمت فقلت يا هذا أخبرنا ما تريد أن تخبرنا به‬
‫فإنك ترى حالنا وال نستطيع أن نقف عليها قال أال أخبركم بقضاء قضاه هللا على نفسه أيما عبد أظمأ نفسه في هللا في يوم حار أرواه هللا‬
‫يوم القيامة زاد أبو أسامة فكنت ال تشاء أن ترى أبا موسى صائما في يوم بعيد ما بين الطرفين إال رأيته‪".‬عن أبي هريرة عن النبي‬
‫ﷺ قال‪« :‬الصائم ال ترد دعوته»"‪".‬عن أبي هريرة عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪« :‬لكل أهل عمل باب من أبواب‬
‫‪»".‬الجنة يدعون منه بذلك العمل وألهل الصيام باب يقال له الريان‬

‫أدب الصيام وسلوك الصائم‬

‫للصوم آداب منها‪ :‬حفظ اللسان وإطعام الطعام والجود بالخير وفي الحديث‪« :‬أن ابن عباس رضى هللا تعالى عنهما قال‪ :‬كان النبي‬
‫ﷺ أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السالم يلقاه كل ليلة في‬
‫رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى هللا عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السالم كان أجود بالخير من الريح‬
‫المرسلة»‪.‬ومن اآلداب التي للصائم مراعاتها‪ :‬صون الجوارح واالبتعاد عن اللغو والرفث والمجادلة والمخاصمة‪ ،‬والتحلي بالسكينة‬
‫والوقار؛ ألنه متلبس بعبادة‪ ،‬وفي الحديث‪" :‬عن أبي هريرة رضى هللا تعالى عنه أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬الصيام جنة فال‬
‫يرفث وال يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم (مرتين)‪ ،‬والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند هللا تعالى من ريح‬
‫‪ »".‬المسك‪ ،‬يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي‪ ،‬الصيام لي وأنا أجزي به‪ ،‬والحسنة بعشر أمثالها‬

‫ولما كان الثواب على الصوم عند هللا بمكان؛ كان حريا بالصائم أن يحافظ على هذه الفضيلة‪ ،‬وأن يجانب كل ما يفوتها‪ ،‬فاللغو والرفث‬
‫حال الصوم ال يعني بطالن الصوم‪ ،‬وإنما يفوت بسببه فضل الصوم وينقص به الثواب‪ ،‬فهو كمثل من يتكلم أثناء خطبة الجمعة أو يحدث‬
‫الضجيج أو األذى في المسجد‪ ،‬وفي الحديث‪« :‬وإذا كان يوم صوم أحدكم فال يرفث وال يصخب‪ ،‬فإن سابه أحد أو قاتله‪ ،‬فليقل‪ :‬إني امرؤ‬
‫‪».‬صائم‬

‫فوائد الصوم‬
‫للصوم فوائد حسية ومعنوية إذ أن فية تهذيب السلوك النفسي وتقويم اعوجاج النفس‪ ،‬وتغيير النمط الذي اعتاد الشخص عليه في حياته‬
‫اليومية‪ ،‬وفي هذا تعليم لمعنى الطاعة واالمتثال في عبادة هللا‪ ،‬وتخليص النفس من قيود الهوى وتزكيتها وتهذيبها‪ ،‬وتعليم النفس معنى‬
‫الصبر باالمتناع عن المفطرات‪ ،‬حتى يشعر اإلنسان بحال الجائع والبائس الفقير‪ ،‬لتحصيل العطف والمودة والتراحم بين المجتمع‪ .‬وفي‬
‫ص َيا ُم ُج َّن ٌة »‪ .‬بمعنى‪ :‬أنه وقاية من النار‪ ،‬كما أن من فوائد الصوم في اإلسالم أنه يعين على تهذيب النفس وكسر الشهوة لمن‬
‫«وال ِّ‬
‫الحديث‪َ :‬‬
‫خاف على نفسه العزوبة‪ ،‬ويدل على هذا حديث‪" :‬عن إبراهيم عن علقمة قال بينا أنا أمشي مع عبد هللا رضى هللا تعالى عنه‪ ،‬فقال‪ :‬كنا مع‬
‫النبي ﷺ فقال‪« :‬من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له‬
‫‪»".‬وجاء‬

‫‪ .‬فالزواج مستحب لمن يقدر عليه‪ ،‬ومن لم يقدر عليه فعليه بالصوم فإنه يكون له كالوجاء في كسر الشهوة‪ ،‬وال وسيلة لذلك غير الصوم‬

‫قال أبو جعفر الطبري‪ :‬وأما تأويل قوله‪﴿ :‬لعلكم تتقون﴾ فإنه يعني به‪ :‬لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه‪ ،‬يقول‪ :‬فرضت‬
‫عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين‪ ،‬لتتقوا ما يفطركم في وقت صومكم‪ .‬وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من‬
‫‪.‬أهل التأويل‬

‫قال فخر الدين الرازي‪ :‬في تفسير قوله تعالى‪﴿ :‬لعلكم تتقون﴾‪ :‬أنه سبحانه بين بهذا الكالم أن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار‬
‫الشهوة وانقماع الهوى‪ ،‬فإنه يردع عن األشر والبطر والفواحش‪ ،‬ويهون لذات الدنيا ورياستها‪ ،‬وذلك؛ ألن الصوم يكسر شهوة البطن‬
‫والفرج‪ ،‬وإنما يسعى الناس لهذين‪ ،‬كما قيل في المثل السائر‪ :‬المرء يسعى لغاريه بطنه وفرجه‪ ،‬فمن أكثر الصوم هان عليه أمر هذين‬
‫وخفت عليه مؤنتهما‪ ،‬فكان ذلك رادعا له عن ارتكاب المحارم والفواحش‪ ،‬ومهونا عليه أمر الرياسة في الدنيا‪ ،‬وذلك جامع ألسباب التقوى‬
‫فيكون معنى اآلية فرضت عليكم الصيام لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في كتابي‪ ،‬وأعلمت أن هذا الكتاب هدى لهم‪ ،‬ولما‬
‫اختص الصوم بهذه الخاصية حسن منه تعالى أن يقول عند إيجابها‪﴿ :‬لعلكم تتقون﴾ منها بذلك على وجه وجوبه؛ ألن ما يمنع النفس عن‬
‫المعاصي ال بد وأن يكون واجبا‪.‬وذكر في معنى «لعل»‪ :‬المعنى ينبغي لكم بالصوم أن يقوى وجاؤكم في التقوى وهذا معنى «لعل» في‬
‫سياق اآلية‪ ،‬والمعنى‪﴿ :‬لعلكم تتقون﴾ هللا بصومكم وترككم للشهوات‪ ،‬فإن الشيء كلما كانت الرغبة فيه أكثر كان االتقاء عنه أشق‪،‬‬
‫والرغبة في المطعوم والمنكوح أشد من الرغبة في سائر األشياء‪ ،‬فإذا سهل عليكم اتقاء هللا بترك المطعوم والمنكوح؛ كان اتقاء هللا بترك‬
‫سائر األشياء أسهل وأخف‪ .‬ورابعها‪ :‬المراد ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾ إهمالها وترك المحافظة عليها‬
‫بسبب عظم درجاتها وأصالتها‪ .‬وخامسها‪ :‬لعلكم تنتظمون بسبب هذه العبادة في زمرة المتقين؛ ألن الصوم شعارهم‪.‬قال ابن كثير في‬
‫تفسيره‪« :‬لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من األخالط الرديئة واألخالق الرذيلة‪ .‬وفيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان؛‬
‫‪ »».‬ولهذا ثبت في الصحيحين‪« :‬يا معشر الشباب‪ ،‬من استطاع منكم الباءة فليتزوج‪ ،‬ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء‬

‫األحكام الفقهية للصوم‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬فقه الصيام ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫أحكام الصوم في علم فروع الفقه اإلسالمي هي دراسة شرعية ألحكام الصوم مستفادة من أدلة الشرع اإلسالمي‪ ،‬وقد اهتم علماء الفقه‬
‫بموضوع الصيام‪ ،‬وجعلوه قسما من أقسام فقه العبادات يعرف بـ«كتاب الصوم»‪ ،‬ويشمل أبوابا وفصوال ومسائل وغيرها من التفريعات‪،‬‬
‫ويتضمن‪ :‬تعريف الصوم‪ ،‬وحكمه‪ ،‬واألصل في مشروعيته‪ ،‬وأركان الصوم وشروطه ومبطالته ومستحبات الصوم ومكروهاته‪ ،‬وصوم‬
‫شهر رمضان وأنواع الصوم وأقسامه والصوم المنهي عنه وأحكام نية الصوم وتبييت النية‪ ،‬وأحكام اإلفطار في رمضان والقضاء والفدية‬
‫والصوم في السفر وصوم المريض وصوم الحائض وما يذكر ضمن ذلك من آيات أحكام الصيام‪ ،‬وأحكام مواقيت الصوم وأحكام ليلة‬
‫الصيام ورؤية هالل رمضان ويوم الشك ويوم الغيم ومطلع الفجر وليلة القدر في ليالي شهر رمضان وقيام ليالي رمضان بالعمل الصالح‬
‫فيها‪ ،‬وصالة قيام رمضان‪ ،‬واستكمال عدة شهر رمضان ثالثين يوما عند عدم رؤية هالل شوال‪ ،‬واستكمال شهر شعبان ثالثين يوما عند‬
‫عدم رؤية هالل رمضان‪ ،‬وصوم التطوع مثل‪ :‬صوم عاشوراء‪ ،‬وصوم المحرم‪ .‬ومن األبواب الملحقة بالصيام‪ :‬االعتكاف واألحكام‬
‫‪.‬المتعلقة به‬

‫أنواع الصوم‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬أنواع الصوم‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫أنواع الصوم من حيث الحكم الشرعي المتعلق به يشمل أنواعا متعددة‪ ،‬وقد ذكر الفقهاء تقسيمات متعددة‪ ،‬ومهما اختلفت هذه النقسيمات‬
‫فهي ال تخرج عن قسمين بحسب تقسيم الحكم الشرعي أي‪ :‬باعتبار أن الصيام من حيث هو عبادة مشروعة يطلب في الشرع فعلها على‬
‫وجه اإللزام أو بغير إلزام‪ ،‬وقد يقتضي الشرع تركها على وجه اإللزام أو بغير إلزام‪ ،‬فالصوم إما أن يكون مما يطلب فعله أو تركه‪،‬‬
‫فهذان قسمان وكل منهما إما على جهة اإللزام أو بغير إلزام‪ ،‬فهذه أربعة أقسام بحسب الحكم الشرعي‪ ،‬أما القسم الخامس وهو المباح فال‬
‫يدخل في الصوم؛ ألنه عبادة والعبادة ال توصف باإلباحة‪ .‬وعلى هذا التقسيم فالصوم إما أن يكون مما يطلب في الشرع فعله على وجه‬
‫اإللزام وهو أنواع أولها‪ :‬الصيام المفروض وهو صوم شهر رمضان أدا ًء وقضا ًء ‪ ،‬وصيام الكفارات‪ ،‬والصيام المنذور‪ .‬وال فرق بين‬
‫الفرض والواجب والالزم والحتمي عند جمهور الفقهاء‪ ،‬فهي كلها ألفاظ مترادفة بمعنى واحد‪ ،‬خالفا للحنفية حيث أنهم فرقوا بين الفرض‬
‫والواجب‪ ،‬وعلى كل األحوال فهذه األنواع من الصيام الذي يطلب فعله على وجه اإللزام‪ .‬وإن كان الصيام مما يطلب في الشرع فعله ال‬
‫على وجه اإللزام؛ فهذا قسم ثان من أقسام الصيام‪ ،‬وهو الصيام المسنون ويشمل جميع أنواع صوم التطوع وأنواعه كثيرة‪ ،‬مثل‪ :‬صوم‬
‫يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر المحرم‪ ،‬ويتأكد معه صيام يوم قبله أو بعده‪ ،‬وصيام المحرم وصوم ست من شوال‪ ،‬وثالثة أيام من‬
‫كل شهر وغير ذلك من أنواع صوم التطوع‪ ،‬ويتضمن أيضا صيام النفل المطلق‪ .‬والقسم الثاني من أقسام الصيام هو‪ :‬ما اقتضى الشرع‬
‫تركه وهو الصوم المنهي عنه إما على وجه اإللزام وهو‪ :‬الصوم المحرم بمعنى‪ :‬المنهي عنه في الشرع لذاته‪ ،‬نهيا يقتضي إثم فاعله‪ .‬وهو‬
‫صيوم يومي عيد الفطر وعيد األضحى‪ ،‬وأيام التشريق الثالثة‪ .‬ويدخل في هذا القسم كل ما يترتب عليه إثم فاعله مثل صوم الحائض‬
‫عمدا بقصد الصوم‪ ،‬ويشمل أيضا الصوم المكروه كراهة تحريم مثل صوم يوم الشك‪ .‬وإما أن يكون مما اقتضى الشرع تركه ال على جهة‬
‫‪.‬اإللزام مثل‪ :‬صوم يوم عرفة للحاج‪ ،‬وإفراد يوم الجمعة‬

‫أركان الصوم‬

‫ضا‪ :‬نية الصوم‪Crystal Clear app kdict.png‬‬


‫طالع أي ً‬

‫أركان الصوم أي‪ :‬أجزاء ماهية الصوم التي ال يصح إال بها»‪ .‬هي‪ :‬اإلمساك فالصوم في حقيقته هو‪« :‬اإلمساك عن المفطرات من طلوع‬
‫الفجر إلى غروب الشمس» ونية الصوم ركن من أركان الصيام عند المالكية والشافعية ورجح بعض الفقهاء أن النية شرط شرط من‬
‫شروط الصوم وفي الحالين‪ :‬فإن نية الصوم الزمة شرعا ً باتفاق جمهور الفقهاء‪ ،‬سواء على القول بأنها ركن أو شرط‪ ،‬والمعنى‪ :‬أن‬
‫الصوم ال يصح إال بالنية‪ .‬وأضاف بعض الفقهاء ركنا ثالثا من أركان الصوم وهو‪ :‬الصائم أي‪ :‬الشخص باعتبار أنه ال يعقل الصوم‬
‫‪.‬الشرعي إال بفاعل وهو الصائم‬
‫شروط الصوم‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬شروط الصوم‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫شروط الصوم هي‪ :‬شروط وجوب الصوم‪ ،‬وشروط صحته‪ ،‬ومنها‪ :‬شروط للوجوب والصحة معا‪ ،‬وشروط صحة األداء‪ .‬وشروط‬
‫الصيام عموما هي‪ :‬البلوغ‪ ،‬والعقل‪ ،‬واإلسالم‪ ،‬والقدرة أي‪( :‬إطاقة الصوم)‪ ،‬والصحة‪ ،‬واإلقامة‪ .‬فال يجب صوم المريض وال الصوم في‬
‫السفر‪ ،‬بل يجوز للمسافر اإلفطار في رمضان‪ ،‬وال يجب الصوم على من ال يقدر عليه‪ .‬وال يصح الصوم إال من مسلم عاقل مميز‪،‬‬
‫ويشترط النقاء من الحيض والنفاس‪ ،‬والعلم بالوقت القابل للصوم فيه‪ ،‬كما أن النية الزمة للصوم فال يصح إال بها‪ .‬وهناك تفاصيل أوفى‬
‫‪.‬في كتب علم فروع الفقه‬

‫شروط الصوم عند المذاهب األربعة‬

‫مبطالت الصوم‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬مبطالت الصوم‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫مبطالت الصوم أو‪ :‬مفسدات الصوم‪ ،‬والفاسد والباطل في العبادات بمعنى واحد‪ ،‬ضد الصحيح‪ .‬والذي يبطل به الصوم بمعنى‪ :‬ما يكون‬
‫به الصوم غير صحيح‪ ،‬وإذا بطل الصوم في يوم من صوم شهر رمضان خاصة لمن ال رخصة في اإلفطار؛ لزمه بعد بطالن صومه؛‬
‫اإلمساك بقية اليوم لحرمة الوقت‪ ،‬والقضاء بعد ذلك‪ .‬وأما المعذور الذي يباح له الفطر كالمريض؛ فال يلزمه اإلمساك‪ .‬ويحرم تعمد‬
‫‪ :‬االستمرار في اإلمساك بنية الصيام على من يحرم عليه الصيام كما في صوم الحائض‪ .‬ومبطالت الصوم أي‪ :‬المفطرات هي‬

‫ما وصل عمدا إلى الجوف مثل‪ :‬األكل والشرب‪ ،‬وما هو بمعنى األكل والشرب‪ ،‬حال العمد والعلم واالختيار‪ ،‬فيبطل الصوم بما وصل‬
‫عمدا إلى مسمى جوف‪ ،‬كالحلق والبطن والدماغ‪ ،‬فيفطر بكل ما أدخله الصائم باختياره عمدا إلى جوفه‪ ،‬أو مجوف في جسده كدماغه‬
‫وحلقه‪ ،‬ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته‪ ،‬إذا وصل باختياره‪ ،‬وكان مما يمكن التحرز منه‪ ،‬سواء وصل من الفم على العادة‪ ،‬أو غير العادة‬
‫كالوجور واللدود‪ ،‬أو من األنف كالسعوط وهو إدخال الدواء عن طريق األنف‪ ،‬أو ما يدخل من األذن إلى الدماغ‪ ،‬أو ما يدخل إلى الجوف‬
‫من طريق القبل أو الدبر كالحقنة‪ ،‬أو ما يصل من مداواة الجائفة إلى جوفه‪ ،‬أو من دواء المأمومة إلى دماغه‪ ،‬فهذا كله يفطره؛ ألنه واصل‬
‫إلى جوفه باختياره‪ ،‬فأشبه األكل‪ ،‬وكذلك لو جرح نفسه‪ ،‬أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه‪ ،‬سواء استقر في جوفه‪ ،‬أو عاد فخرج‬
‫منه‪ ،‬وبهذا كله قال الشافعي‪ .‬وقال مالك‪ :‬ال يفطر بالسعوط‪ ،‬إال أن ينزل إلى حلقه‪ ،‬وال يفطر إذا داوى المأمومة والجائفة‪ .‬واختلف عنه‬
‫في الحقنة‪ ،‬واحتج له بأنه لم يصل إلى الحلق منه شيء‪ ،‬أشبه ما لم يصل إلى الدماغ وال الجوف‪ .‬وذكر ابن قدامة أنه واصل إلى جوف‬
‫‪ .‬الصائم باختياره‪ ،‬فيفطره كالواصل إلى الحلق‪ ،‬والدماغ جوف‪ ،‬والواصل إليه يغذيه‪ ،‬فيفطره كجوف البدن‬

‫‪ ..‬ويشترط فيما يصل إلى الجوف أن يكون عمدا‪ ،‬أما لو أدخله ناسيا فال يبطل صومه؛ لحديث‪ :‬من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه‬

‫وبلع الريق غير مبطل للصوم وإن تجمع في الفم‪ ،‬وال يلزم ألجل الصوم إخراج الريق كما قد يتوهم البعض‪ ،‬وأما بلع النخامة عمدا مبطل‬
‫للصوم‪ ،‬وهي تختلف عن الريق‪ ،‬ويجب على الصائم قطعها ومجها‪ ،‬فهي مستقذر ويبطل الصوم ببلعها عمدا‪ ،‬أما وصلت بغير تعمد وال‬
‫‪.‬تقصير فال يبطل بها الصوم‬

‫االستقاءة فيبطل الصوم باالستقاءة بمعنى‪ :‬أن يتعمد الصائم إخراج القيئ من جوفه‪ ،‬فلو تعمد إخراج القيئ؛ بطل صومه‪ ،‬ومثل ذلك‬
‫فيما إذا غلبه القيئ وخرج كرها وأعاده عمدا إلى جوفه بطل صومه؛ ألنه في حال إعادته يعد إيصال عين إلى الجوف وهو مبطل للصوم‪.‬‬
‫فإن ذرعه القيئ أي‪ :‬غلبه وخرج بغير تعمد إخراجه؛ فال يبطل صومه وهو حينئذ غير مكلف بما هو خارج عن إرادته‪ ،‬إال إذا أعاده إلى‬
‫جوفه عمدا‪ .‬ولو استقاء ناسيا للصوم فال يبطل صومه‪ ،‬وأما استخراج النخامة من الجوف عمدا؛ فال يبطل بها صومه‪ .‬ويدل على هذا‬
‫‪».‬حديث‪« :‬من ذرعه القيئ‪ ،‬فليس عليه قضاء‪ ،‬ومن استقاء عمدا فليقض‬

‫الجماع بالتقاء الختانين وتغيب الحشفة في أحد السبيلين‪ ،‬سواء أنزل أم لم ينزل‪ ،‬حال العلم والعمد واالختيار‪ ،‬فإذا جامع الصائم في نهار‬
‫رمضان عامدا مختارا؛ بطل صومه مع اإلثم ألجل الصوم‪ ،‬ووجب عليه قضاء صوم ذلك اليوم الذي أفسده‪ ،‬ويجب عليه مع القضاء‬
‫للصوم الكفارة وهي عتق رقبة‪ ،‬فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين‪ ،‬فإن لم يستطع صيام شهرين متتاليين؛ أطعم ستين مسكينا‪ .‬هذا إن‬
‫‪ .‬أفسد صومه في نهار رمضان‪ ،‬فيجب عليه مع القضاء الكفارة واإلمساك بقية اليوم مراعاة لحرمة الوقت في نهار رمضان‬

‫إنزال المني عمدا بمباشرة‪ ،‬بمعنى‪ :‬خروج المني بطريق المباشرة بشهوة‪ ،‬وذلك أن الصوم من حيث ترك المفطرات التي تتضمن معنى‬
‫‪ .‬اإلمساك عن شهوتي البطن والفرج‪ .‬أما خروج المني بطريق االحتالم أي‪ :‬حال النوم؛ فال يبطل به الصوم‬

‫خروج دم الحيض والنفاس‪ ،‬فيبطل صوم المرأة بخروج دم الحيض أو النفاس في نهار الصوم ولو بلحظة قبل غروب الشمس وهذا‬
‫بإجماع أهل العلم‪ .‬يدل على هذا حديث أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال‪ :‬أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم؟‬
‫أخرجه البخاري ومسلم‪ ،‬وحديث معاذة لما سألت عائشة عن قضاء الحائض الصوم دون الصالة فقالت‪« :‬كان يصيبنا على عهد رسول‬
‫‪».‬هللا ﷺ فنؤمر بقضاء الصوم وال نؤمر بقضاء الصالة‬

‫‪ .‬وقد ذكر النووي في صوم الحائض أنه‪ :‬أجمع أهل العلم على أن الصوم ال يصح من الحائض‪ ،‬ومثلها النفساء‬

‫الوالدة وهو خروج الولد ولو جافا؛ ألنه منعقد مما يوجب الغسل‪ ،‬وخروج الولد غالبا يعقبه خروج دم النفاس‪ ،‬لكن لو خرج الولد جافا‬
‫‪.‬ولم يخرج بعده دم النفاس؛ فيبطل صوم المرأة بسبب الوالدة‬

‫‪.‬الجنون إذا طرأ على الصائم ولو لحظة‬

‫اإلغماء إن عم جميع النهار‪ ،‬من طلوع الفجر إلى غروب الشمس‪ ،‬ويلزم قضاء الصوم‪ .‬وإذا أفاق في أي جزء من النهار صح‬
‫‪.‬صومه‬

‫‪.‬السكر عمدا إن عم جميع النهار‪ ،‬أما النوم فال يبطل به الصوم‬

‫‪ .‬الردة وهي الرجوع عن اإلسالم إلى الكفر باختيار بكفر صريح‪ .‬وهناك تفاصيل أوفى‪ ،‬في كتب‪ :‬فروع الفقه‬

‫سنن الصوم‬
‫مقالة مفصلة‪ :‬مستحبات الصوم‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫صالة التراويح في الجامع الكبير في القيروان‪ .‬رمضان ‪2012‬‬

‫إفطار رمضان في الجزائر‬

‫إفطار رمضان في اسطنبول تركيا‬

‫مستحبات الصوم أو‪ :‬مسنونات الصوم هي المندوبات التي يستحب للصائم أن يأتي بها‪ ،‬ومشروعيتها إما؛ بنص يدل على استحبابها‪ ،‬أو‪:‬‬
‫من مفهوم النص ومقتضاه‪ ،‬وتشمل‪ :‬المستحبات المتعلقة بـصوم شهر رمضان‪ ،‬وغيره من أنواع الصوم‪ ،‬ومنها‪ :‬تعجيل اإلفطار أول‬
‫الوقت‪ ،‬وأن يفطر على رطب وإن لم يجد أفطر على تمر وإال فبشربة ماء‪ ،‬وتأخير السحور إلى قريب مطلع الفجر الثاني‪ ،‬وحفظ اللسان‬
‫‪.‬من اللغو والرفث‪ ،‬والدعاء عند اإلفطار‪ ،‬وغير ذلك‬

‫ومن مستحبات الصوم التسحر وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على استحبابه والترغيب فيه‪ ،‬وأن يتسحر مريد الصوم حتى ولو بجرعة من‬
‫ماء‪ ،‬تشبها باآلكلين‪ ،‬وفي الصحيحين‪« :‬عن أنس قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪" :‬تسحروا فإن في السحور بركة"»‪ .‬والسحور‬
‫‪-‬بفتح السين‪ -‬بمعنى‪ :‬المأكول كالخبز وغيره‪ ،‬أو بمعنى‪ :‬الوجبة التي يتناولها الصائم فيما قبل طلوع الفجر الثاني‪ ،‬أو ‪-‬بضم السين‪ -‬هو‬
‫الفعل والمصدر‪ ،‬وهو من مستحبات الصوم‪ ،‬وسبب البركة فيه تقويته الصائم على الصوم وتنشيطه له وفرحه به وتهوينه عليه‪ ،‬وذلك‬
‫سبب لكثرة الصوم‪ .‬وفي صحيح مسلم‪« :‬عن عمرو بن العاص رضي هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪":‬إن فصل ما بين‬
‫صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"»‪ .‬و«عن أبي سعيد قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪" :‬السحور أكله بركة‪ ،‬فال تدعوه‪،‬‬
‫ولو أن أحدكم يجرع جرعة من ماء‪ ،‬فإن هللا ومالئكته يصلون على المتسحرين"»‪.‬قال النووي‪ :‬فاتفق أصحابنا وغيرهم من العلماء على‬
‫أن السحور سنة‪ ،‬وأن تأخيره أفضل‪ ،‬وعلى أن تعجيل الفطر سنة بعد تحقق غروب الشمس‪ ،‬ودليل ذلك كله األحاديث الصحيحة؛ وألن‬
‫فيهما إعانة على الصوم‪ ،‬وألن فيهما مخالفة للكفار‪ ،‬ففي صحيح مسلم‪ :‬عن عمرو بن العاص‪ :‬أن رسول هللا ﷺ قال‪:‬‬
‫«فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر» رواه مسلم‪ .‬أكلة السحر بفتح الهمزة هي السحور؛ وألن محل الصوم هو النهار‬
‫فال معنى لتأخير الفطر واالمتناع من السحور في آخر الليل؛ وألن بغروب الشمس صار مفطرا فال فائدة في تأخير الفطر‪ .‬ووقت السحور‬
‫بين نصف الليل وطلوع الفجر‪ ،‬ويحصل السحور بكثير المأكول وقليله‪ ،‬ويحصل بالماء أيضا‪ ،‬ففي مسند أحمد‪« :‬عن أبي سعيد قال‪ :‬قال‬
‫رسول هللا ﷺ‪" :‬السحور أكله بركة‪ ،‬فال تدعوه‪ ،‬ولو أن أحدكم يجرع جرعة من ماء‪ ،‬فإن هللا ومالئكته يصلون على‬
‫المتسحرين"»‪ .‬ويستحب تأخير السحور إلى قريب طلوع الفجر الثاني‪ ،‬ويستحب للصائم أن يفطر على تمر‪ ،‬واألفضل منه الرطب‪ ،‬فإن‬
‫لم يجد فعلى الماء‪ ،‬وذلك لما روى سلمان بن عامر قال‪« :‬قال رسول هللا ﷺ‪« :‬إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر‪ ،‬فإن لم‬
‫يجد فليفطر على ماء فإنه طهور»»‪« .‬عن أنس قال‪« :‬كان رسول هللا ﷺ يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم يكن‬
‫رطبات فتميرات‪ ،‬فإن لم يكن تميرات حسا حسوات من ماء»‪ .‬ويستحب للصائم الدعاء عند اإلفطار‪ ،‬ويقول عند إفطاره‪« :‬اللهم لك‬
‫صمت وعلى رزقك أفطرت»؛ لما روى أبو هريرة قال‪« :‬كان رسول هللا ﷺ إذا صام ثم أفطر قال‪" :‬اللهم لك صمت‬
‫وعلى رزقك أفطرت"»‪ .‬و«عن ابن عمر‪ :‬كان النبي ﷺ إذا أفطر قال‪ :‬ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت األجر إن شاء‬
‫هللا تعالى‪ ».‬وعن مروان يعني ابن سالم المقفع قال‪ :‬رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف وقال‪« :‬كان رسول هللا‬
‫ﷺ إذا أفطر قال‪" :‬ذهب الظمأ وابتلت العروق‪ ،‬وثبت األجر إن شاء هللا"»‪ .‬ويستحب أن يدعو الصائم عند فطره‪ ،‬قال‬
‫النووي‪ :‬وهذا ال خالف في استحبابه للحديث‪ ،‬وفي كتاب ابن ماجه‪« :‬عن ابن عمرو بن العاص أن النبي ﷺ قال‪« :‬إن‬
‫للصائم عند فطره دعوة ما ترد»‪ ،‬وكان ابن عمرو إذا أفطر يقول‪" :‬اللهم برحمتك التي وسعت كل شيء اغفر لي"»‪ .‬ويستحب أن يفطر‬
‫الصائم في وقت اإلفطار؛ لما روى زيد بن خالد الجهني‪« :‬أن النبي ﷺ قال‪" :‬من فطر صائما فله مثل أجره‪ ،‬وال ينقص‬
‫من أجر الصائم شيء"»‪ .‬ويحصل بما يفطر به الصائم ولو على تمرة أو شربة ماء أو لبن إن لم يقدر على عشائه‪ .‬قال الماوردي‪" :‬إن‬
‫بعض الصحابة قال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬يعطي هللا تعالى هذا الثواب من‬
‫‪.‬فطر صائما على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن‬
‫تأخير السحور‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬سحور ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫‪.‬مثال لسحور أردني‬

‫يستحب تأخير السحور إلى قريب انفجار الفجر الثاني‪ ،‬وذلك هو األفضل‪ ،‬وفي الحديث‪« :‬عن أبي ذر قال‪ :‬قال رسول هللا‬
‫‪"».‬ﷺ‪" :‬ال تزال أمتي بخير ما عجلوا اإلفطار وأخروا السحور‬

‫يدل الحديث على أنه يستحب للصائم التسحر‪ ،‬أي‪ :‬أن يتناول أكلة السحر‪ ،‬وتسمى‪ :‬الغداء المبارك‪ ،‬وينتهي وقته بدخول وقت صالة‬
‫الفجر‪ ،‬ويستحب تأخير السحور إلى ما قبل وقت صالة الفجر؛ ألن ذلك هو األبلغ في حصول المقصود منه‪ ،‬وفي الصحيحين‪« :‬عن أنس‬
‫عن زيد بن ثابت رضي هللا عنه قال‪ :‬تسحرنا مع النبي ﷺ ثم قام إلى الصالة»‪ .‬كما أن وقت السحور يمتد إلى ما قبل‬
‫بداية وقت اإلمساك‪ ،‬بدخول وقت صالة الفجر‪ ،‬لكن الفصل بين التسحر وبين الصالة بفاصل يسير‪ ،‬هو األفضل ليتسنى للصائم االستعداد‬
‫للصالة‪ ،‬وليكون له من ذلك الوقت تناول الشراب‪ ،‬والذكر واالستغفار وقراءة القرآن‪ ،‬وقد سئل أنس‪ :‬زيد ابن ثابت عن مقدار الوقت الذي‬
‫كان ما بين انتهاء أكل السحور‪ ،‬وبين ابتداء أول وقت الشروع في الصالة‪ ،‬فقال له زيد بن ثابت‪« :‬قدر خمسين آية» كما جاء ذلك في‬
‫الحديث‪« :‬عن أنس عن زيد بن ثابت رضي هللا عنه قال‪ :‬تسحرنا مع النبي ﷺ ثم قام إلى الصالة قلت‪ :‬كم كان بين‬
‫األذان والسحور؟ قال‪ :‬قدر خمسين آية»‪ .‬فقول زيد ابن ثابت‪« :‬قدر خمسين آية» أي‪ :‬متوسطة ال طويلة وال قصيرة ال سريعة وال‬
‫بطيئة‪ ،‬وهو تقدير الوقت في تلك الحال‪ ،‬وذلك لتقريب مقدار الوقت‪ ،‬قال المهلب وغيره‪ :‬فيه تقدير األوقات بأعمال البدن‪ ،‬وكانت العرب‬
‫تقدر األوقات باألعمال كقوله‪ :‬قدر حلب شاة‪ ،‬وقدر نحر جزور‪ ،‬فعدل زيد بن ثابت عن ذلك إلى التقدير بالقراءة؛ إشارة إلى أن ذلك‬
‫الوقت كان وقت العبادة بالتالوة‪ .‬وقال ابن أبي جمرة‪ :‬فيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة‪ .‬قال ابن حجر‪« :‬قال ابن أبي‬
‫جمرة‪ :‬كان ﷺ ينظر ما هو األرفق بأمته فيفعله؛ ألنه لو لم يتسحر التبعوه فيشق على بعضهم‪ ،‬ولو تسحر في جوف‬
‫الليل لشق أيضا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم فقد يفضي إلى ترك الصبح أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر‪ .‬وقال فيه أيضا تقوية على‬
‫الصيام لعموم االحتياج إلى الطعام ولو ترك لشق على بعضهم وال سيما من كان صفراويا فقد يغشى عليه فيفضي إلى اإلفطار في‬
‫رمضان‪ .‬قال‪ :‬وفي الحديث تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة‪ ،‬وجواز المشي بالليل للحاجة؛ ألن زيد بن ثابت ما كان يبيت مع النبي‬
‫ﷺ‪ .‬وفيه االجتماع على السحور‪ ،‬وفيه حسن األدب في العبارة لقوله‪« :‬تسحرنا مع رسول هللا ﷺ»‪،‬‬
‫ولم يقل نحن ورسول هللا ﷺ لما يشعر لفظ المعية بالتبعية»‪.‬والفصل بين آخر وقت التسحر وبين وقت صالة الفجر بقدر‬
‫خمسين آية هو األفضل؛ لخبر الصحيحن‪ ،‬أما آخر وقت السحور فيمتد إلى طلوع الفجر الثاني؛ كما يدل على ذلك حديث‪« :‬إن بالال يؤذن‬
‫بليل‪ ،‬فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم»‪ .‬وحديث‪« :‬ال يمنعكم سحوركم أذان بالل»‪ .‬وقد ورد في الصحيحين من حديث القاسم‪:‬‬
‫«عن عائشة‪ :‬أن رسول هللا ﷺ قال‪" :‬ال يمنعكم أذان بالل عن سحوركم‪ ،‬فإنه ينادي بليل‪ ،‬فكلوا واشربوا حتى تسمعوا‬
‫أذان ابن أم مكتوم‪ ،‬فإنه ال يؤذن حتى يطلع الفجر"»‪ .‬لفظ البخاري وعن حماد‪ ،‬عن إبراهيم‪ ،‬قال‪« :‬السحور بليل‪ ،‬والوتر بليل»‪ .‬و«عن‬
‫‪ ».‬سهل بن سعد رضي هللا عنه قال‪ :‬كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول هللا ﷺ‬

‫وعن بالل قال‪« :‬أتيت النبي ﷺ أؤذنه بالصالة وهو يريد الصوم‪ ،‬فدعا بإناء فشرب‪ ،‬ثم ناولني فشربت‪ ،‬ثم خرج إلى‬
‫الصالة»‪ .‬وعن عامر بن مطر‪ ،‬قال‪« :‬أتيت عبد هللا بن مسعود في داره‪ ،‬فأخرج فضال من سحوره‪ ،‬فأكلنا معه‪ ،‬ثم أقيمت الصالة فخرجنا‬
‫فصلينا»‪ .‬وعن سالم مولى أبي حذيفة قال‪« :‬كنت أنا وأبو بكر الصديق فوق سطح واحد في رمضان‪ ،‬فأتيت ذات ليلة فقلت‪ :‬أال تأكل يا‬
‫خليفة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ فأومأ بيده أن كف‪ ،‬ثم أتيته مرة أخرى‪ ،‬فقلت له‪ :‬أال تأكل يا خليفة رسول هللا؟ فأومأ بيده أن كف‪.‬‬
‫ثم أتيته مرة أخرى‪ ،‬فقلت‪ :‬أال تأكل يا خليفة رسول هللا؟ فنظر إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كف‪ .‬ثم أتيته فقلت‪ :‬أال تأكل يا خليفة رسول هللا؟‬
‫‪».‬قال‪ :‬هات غداءك‪ ،‬قال‪ :‬فأتيته به فأكل ثم صلى ركعتين‪ ،‬ثم قام إلى الصالة‬
‫الفصل بين السحور وبين صالة الفجر هو األفضل‪ .‬ويدل على ذلك ما رواه أنس عن معاذ ابن جبل في الصحيحين أنه‪« :‬قدر خمسين‬
‫آية»‪ ،‬لكن وردت روايات أخرى تدل على جواز تمديد وقت السحور إلى آخر وقته‪ ،‬قال ابن حجر في رواية أنس عن معاذ‪« :‬وقال‬
‫الطبري‪ :‬فيه داللة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر‪ ،‬فهو معارض لقول حذيفة "هو النهار إال أن الشمس لم تطلع"‪.‬‬
‫انتهى‪ .‬والجواب‪ :‬أن ال معارضة بل تحمل على اختالف الحال‪ ،‬فليس في رواية واحد منهما ما يشعر بالمواظبة‪ ،‬فتكون قصة حذيفة‬
‫‪».‬سابقة‪ ،‬وكونه من مسند زيد بن ثابت أو من مسند أنس‬

‫عن عاصم عن زر عن حذيفة قال‪ :‬كان النبي صلى هللا عليه وسلم يتسحر وما أرى مواقع النبل‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬أبعد الصبح؟ قال‪ :‬هو «‬
‫الصبح إال أنه لم تطلع الشمس»‪ .‬قال ابن كثير‪{{ :‬اقتباس مضمن|وهو حديث تفرد به عاصم بن أبي النجود‪ ،‬قاله النسائي‪ ،‬وحمله على أن‬
‫المراد قرب النهار‪ ،‬كما قال تعالى‪﴿ :‬فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف﴾‪ .‬أي‪ :‬قاربن انقضاء العدة‪ ،‬فإما إمساك‬
‫أو ترك للفراق‪ ،‬وهذا الذي قاله هو المتعين حمل الحديث عليه‪ :‬أنهم تسحروا ولم يتيقنوا طلوع الفجر‪ ،‬حتى أن بعضهم ظن طلوعه‬
‫وبعضهم لم يتحقق ذلك‪ .‬وحكى أبو جعفر ابن جرير في تفسيره‪ ،‬عن بعضهم‪ :‬أنه إنما يجب اإلمساك من طلوع الشمس كما يجوز اإلفطار‬
‫بغروبها‪ .‬قلت‪ :‬وهذا القول ما أظن أحدا من أهل العلم يستقر له قدم عليه‪ ،‬لمخالفته نص القرآن في قوله‪﴿ :‬وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم‬
‫﴾الخيط األبيض من الخيط األسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل‬

‫تعجيل اإلفطار‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬وصال الصوم‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫رطب متوسط النضج‬

‫رطب كامل النضج‬

‫تمر‬

‫من مستحبات الصوم تعجيل الفطر عند بداية دخول وقت صالة المغرب‪ ،‬أي‪ :‬أنه يستحب للصائم المبادرة باإلفطار في أول الوقت وال‬
‫يؤخره‪ ،‬ويدل عليه من السنة حديث‪" :‬عن سهل بن سعد أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬ال يزال الناس بخير ما عجلوا‬
‫‪»".‬الفطر‬

‫قال ابن حجر‪ :‬قال ابن عبد البر‪ :‬أحاديث تعجيل اإلفطار وتأخير السحور صحاح متواترة‪ .‬وعند عبد الرزاق وغيره بإسناد صحيح عن‬
‫عمرو بن ميمون األودي قال‪« :‬كان أصحاب محمد ﷺ أسرع الناس إفطارا وأبطأهم سحورا»‪ .‬ويكون ذلك بغروب‬
‫الشمس‪ ،‬ومن كان وراء أبنية الجبال ولم يشاهد الغروب؛ فيدخل الوقت بغروب شمس أقرب األمكنة إليه ويكون بإقبال ظلمة الليل وذهاب‬
‫ضوء النهار‪ ،‬ويدل عليه حديث‪" :‬عن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه رضي هللا عنه قال قال رسول هللا ﷺ‪« :‬إذا‬
‫أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»"‪ .‬أي‪ :‬دخل وقت الفطر‪«.‬عن عبد هللا بن أبي أوفى‬
‫رضي هللا عنه قال سرنا مع رسول هللا ﷺ وهو صائم فلما غربت الشمس قال‪ :‬انزل فاجدح لنا‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول هللا لو‬
‫أمسيت‪ ،‬قال‪ :‬انزل فاجدح لنا‪ ،‬قال يا رسول هللا إن عليك نهارا‪ ،‬قال‪ :‬انزل فاجدح لنا‪ ،‬فنزل فجدح ثم قال‪« :‬إذا رأيتم الليل أقبل من ها هنا‬
‫فقد أفطر الصائم» وأشار بإصبعه قبل المشرق»‪.‬يدخل وقت صالة المغرب بغروب الشمس؛ لحديث‪« :‬عن سلمة بن األكوع‪ ،‬أن رسول‬
‫هللا ﷺ كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب»‪ .‬وقد اتفق العلماء على أن أول وقت صالة المغرب‪:‬‬
‫غروب الشمس‪ ،‬ووقع الخالف في العالمة التي يعرف بها الغروب‪.‬ويستحب تعجيل صالة المغرب ألول وقتها؛ لحديث‪" :‬وعن عقبة بن‬
‫عامر أن النبي ﷺ قال‪« :‬ال تزال أمتي بخير‪ ،‬أو‪ :‬على الفطرة‪ ،‬ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم»"‪ .‬وعند ابن‬
‫ماجه والحاكم وابن خزيمة في صحيحه بلفظ‪« :‬ال تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم»‪ .‬قال الشوكاني‪:‬‬
‫«والحديث يدل على استحباب المبادرة بصالة المغرب وكراهة تأخيرها إلى اشتباك النجوم»‪ .‬وقال أيضا‪« :‬قال النووي في شرح مسلم‪:‬‬
‫إن تعجيل المغرب عقيب غروب الشمس مجمع عليه‪ ،‬قال‪ :‬وقد حكي عن الشيعة فيه شيء ال التفات إليه وال أصل له‪ ،‬وأما األحاديث‬
‫الواردة في تأخير المغرب إلى قرب سقوط الشفق فكانت لبيان جواز التأخير‪ ،‬وقد سبق إيضاح ذلك؛ ألنها كانت جوابا للسائل عن الوقت‪،‬‬
‫وأحاديث التعجيل المذكورة في هذا الباب وغيره إخبار عن عادة رسول هللا ﷺ المتكررة التي واظب عليها إال لعذر‬
‫‪».‬فاالعتماد عليها‬

‫صوم النفل‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬صوم التطوع ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫صوم النفل أو صوم التطوع‪ ،‬والنفل بمعنى‪ :‬الزيادة المشروعة على الفرض على وجه مخصوص‪ ،‬والتطوع بمعنى‪ :‬ما يشرع فعله من‬
‫غير إلزام‪ ،‬ويسمى أيضا‪ :‬الصوم المندوب‪ ،‬أو المستحب‪ ،‬وهو‪ :‬ما اقتضى الشرع فعله من غير إلزام‪ .‬والصوم الذي اقتضى الشرع فعله‬
‫إما على وجه اإللزام‪ ،‬وهو‪ :‬صوم شهر رمضان‪ ،‬وكل صوم واجب بنذر أو قضاء وغيره‪ ،‬وإما على غير وجه إلزام وهو‪ :‬صوم التطوع‪،‬‬
‫وهو النوع الثاني من أنواع الصيام‪ ،‬وهو‪ :‬ما ليس بواجب‪ ،‬فهو بمعنى المستحب‪ ،‬سواء كان مقيدا أو مطلقا‪ ،‬ويشمل أنواعا ً متعددة‪ ،‬وقد‬
‫شرع صوم التطوع من أجل جبر الخلل الذي يحصل في الفريضة‪ ،‬ومن أجل زيادة األجر والثواب‪« .‬عن أبي سعيد الخدري رضي هللا‬
‫‪»".‬عنه قال‪" :‬قال رسول هللا ﷺ‪« :‬من صام يوما في سبيل هللا َب َّع َد هللا وجهه عن النار سبعين خريفا‬

‫و"عن عبد هللا بن عمرو بن العاص قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪« :‬إن أحب الصيام إلى هللا صيام داود‪ ،‬وأحب الصالة إلى هللا‬
‫صالة داود‪ ،‬كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه‪ ،‬وكان يصوم يوما ويفطر يوما»"‪ .‬و«عن عامر بن مسعود عن النبي‬
‫‪».‬ﷺ قال‪ :‬الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء‬

‫صوم النفل أنواع‪ ،‬فهو إما؛ نفل مطلق‪ ،‬أو مقيد‪ ،‬فالمطلق هو المندوب فعله في الشرع من غير تقييد له بخصوصه‪ ،‬كمن أراد أن يصوم‬
‫يوما‪ ،‬فله أن يصوم في غير األقات المنهي عن صيامها‪ .‬والنفل المقيد هو الذي ورد في الشرع استحبابه بخصوصه‪ ،‬وهو أنواع منها‪:‬‬
‫صوم يوم عاشوراء‪ ،‬وصوم اإلثنين والخميس‪ ..‬والصوم من حيث هو قربة يتقرب بها العبد إلى هللا‪ ،‬وهو إما فرض أو تطوع‪ ،‬فالفرض‬
‫أفضل ما تقرب به العبد وفي الحديث القدسي‪« :‬وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه»‪ ،‬وأما التطوع فهو زيادة في‬
‫‪ ..».‬التقرب إلى هللا‪ ،‬وفي الحديث القدسي‪« :‬وال يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه‬

‫من المنهي عنه في الشرع اإلسالمي التعمق في العبادة‪ ،‬أي‪ :‬المبالغة فيها بما يعد من قبيل التنطع‪ .‬والمشروع في اإلسالم هو التوسط في‬
‫العبادة بمعنى األخذ بأوسط األمور وأعدلها وأحبها إلى هللا‪ ،‬ومما يدل على النهي عن المبالغة في العبادة ما أخرجه البخاري في صحيحه‬
‫قال‪« :‬حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا حميد بن أبي حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك رضي هللا عنه يقول‪:‬‬
‫«جاء ثالثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ﷺ يسألون عن عبادة النبي ﷺ فلما أخبروا كأنهم َت َقالُّو َها‬
‫فقالوا‪ :‬وأين نحن من النبي ﷺ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬قال أحدهم‪ :‬أما أنا فإني أصلي الليل أبدا‪ ،‬وقال آخر‪:‬‬
‫أنا أصوم الدهر وال أفطر‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فال أتزوج أبدا‪ ،‬فجاء رسول هللا ﷺ إليهم فقال‪ :‬أنتم الذين قلتم كذا‬
‫‪ ».‬وكذا أما وهللا إني ألخشاكم هلل وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني‬

‫في هذا الحديث دليل النهي عن التعمق في العبادة‪ ،‬حيث أنه يطلب الفرض وما يشرع معه من النوافل‪ ،‬والتعمق بمعنى التنطع أو التشدد‬
‫الذي يخالف الشرع‪ ،‬وتظهر صورته في وصل الصيام وصوم الدهر‪ .‬وسبب النهي عن المبالغة في العبادة أنه مما يؤدي إلى ترك‬
‫الواجبات‪ ،‬كما أن مالزمة االقتصار على الفرائض وترك التنفل يفضي إلى إيثار البطالة وعدم النشاط إلى العبادة وخير األمور الوسط‪.‬‬
‫كما أن األخذ بالتشديد في العبادة يفضي إلى الملل القاطع ألصلها‪ .‬ومعنى‪« :‬كأنهم تقالوها»‪ :‬بتشديد الالم المضمومة أي‪ :‬رأى كل منهم‬
‫أنها قليلة‪ ،‬وتأولوا ذلك بأن من علم أن هللا قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ال يحتاج إلى مزيد من العمل‪ ،‬وأن من لم يعلم بحصول‬
‫ذلك له يحتاج إلى المبالغة في العبادة عسى أن يحصل له ذلك‪ .‬وقد بين في الحديث أنه ال يلزم منه حصوله‪ ،‬وأشار إلى هذا بأنه أشدهم‬
‫خشية وذلك بالنسبة لمقام العبودية في جانب الربوبية‪ ،‬وأشار في حديث عائشة والمغيرة في صالة الليل إلى معنى آخر بقوله‪« :‬أفال أكون‬
‫عبدا شكورا»‪ .‬وأن العلم باهلل ومعرفة ما يجب من حقه أعظم قدرا من مجرد العبادة البدنية‪ .‬وقوله‪« :‬أما وهللا إني ألخشاكم هلل وأتقاكم‬
‫له»‪ ،‬قال ابن حجر‪ :‬فيه إشارة إلى رد ما بنوا عليه أمرهم من أن المغفور له ال يحتاج إلى مزيد في العبادة بخالف غيره‪ ،‬فأعلمهم أنه مع‬
‫كونه يبالغ في التشديد في العبادة أخشى هلل وأتقى من الذين يشددون‪ ،‬وإنما كان كذلك ألن المشدد ال يأمن من الملل بخالف المقتصد فإنه‬
‫أمكن الستمراره وخير العمل ما داوم عليه صاحبه‪ ،‬وقد أرشد إلى ذلك في قوله في الحديث اآلخر‪« :‬المنبت ال أرضا قطع وال ظهرا‬
‫‪».‬أبقى‬

‫قوله‪« :‬فمن رغب عن سنتي فليس مني»‪ :‬ال يستلزم الخروج عن الملة لمجرد المبالغة في العبادة‪ ،‬والسنة هنا بمعنى‪ :‬الطريقة ال التي‬
‫تقابل الفرض‪ ،‬والرغبة عن الشيء اإلعراض عنه إلى غيره‪ ،‬قال ابن حجر‪« :‬والمراد من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني‪،‬‬
‫ولمح بذلك إلى طريق الرهبانية فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم هللا تعالى وقد عابهم بأنهم ما وفوه بما التزموه‪ ،‬وطريقة النبي‬
‫ﷺ الحنيفية السمحة فيفطر ليتقوى على الصوم وينام ليتقوى على القيام ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير‬
‫النسل»‪ .‬وفي كالمه‪ :‬أن في هذا الحديث داللة على تقديم الحمد والثناء على هللا عند إلقاء مسائل العلم وبيان األحكام للمكلفين وإزالة‬
‫‪ .‬الشبهة عن المجتهدين وأن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة واالستحباب‬

‫الفطر في صوم النفل‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬الفطر في صوم النفل ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫صوم النفل هو الزائد عن الفرض بمعنى أن الصائم المتطوع متلبس بعبادة غير واجبة عليه‪ ،‬والصوم من حيث هو عبادة اقتضى الشرع‬
‫فعلها إما على جهة اإللزام وهو الصوم المفروض وهو صوم شهر رمضان‪ ،‬وما وجب مثل صوم النذر والقضاء‪ ،‬فالصوم المفروض ال‬
‫يجوز قطعه إال لعذر شرعي‪ ،‬وأما صوم النفل فهناك اعتبارات متعلقة به‪ ،‬فمن حيث هو عبادة متطوع بها‪ ،‬والعبادة المتطوع بها غير‬
‫الزمة في ابتداء الشروع فيها‪ ،‬أما إذا شرع فيها ثم أراد قطعها؛ فإما أن يكون بعذر أو بغير عذر‪ ،‬فإن كان بعذر؛ فقطعها جائز بسبب‬
‫العذر‪ ،‬وهذا بخالف الحج فإنه وإن كان نفال فال يقطعه إال إن كان لعذر فيتحلل بعمل عمرة فيستثنى من ذلك‪ ،‬وإن كان قطع النافلة بعد‬
‫الشروع فيها لغير عذر؛ فهناك اعتباران أحدهما‪ :‬أن قطع للعبادة إبطال للعمل‪ ،‬وقد قال هللا تعالى‪﴿ :‬وال تبطلوا أعمالكم﴾‪ ،‬والمتطوع قد‬
‫ألزم نفسه فال يبطل عمله بعد الشروع فيه‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أن المتطوع بالنافلة غير ملزم بها أصال فلو قطعها فذلك جائز‪ ،‬ومما يدل عليه‬
‫‪».‬حديث‪« :‬الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر‬

‫وعن جعدة عن جدته أم هانئ‪« :‬أن رسول هللا ﷺ دخل عليها فدعى بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت‪ :‬يا رسول هللا‬
‫أما إني كنت صائمة فقال رسول هللا ﷺ‪ :‬الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر»‪ .‬قال‪« :‬والعمل عليه‬
‫عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم أن الصائم المتطوع إذا أفطر فال قضاء عليه إال أن يحب أن يقضيه‬
‫وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحق والشافعي»‪ .‬قال في شرح سنن الترمذي‪ :‬قوله‪« :‬أمين نفسه» بالنون قال في المجمع معناه‪ :‬أنه‬
‫إذا كان أمين نفسه فله أن يتصرف في أمانة نفسه على ما يشاء‪ .‬ومعنى أمير نفسه أنه أمير لنفسه بعد دخوله في الصوم إن شاء صام أي‬
‫أتم صومه‪ ،‬وإن شاء أفطر؟ إما بعذر أو بغيره‪«.‬عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال‪« :‬آخى النبي ﷺ بين سلمان وأبي‬
‫الدرداء‪ ،‬فزار سلمان أبا الدرداء‪ ،‬فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها‪ :‬ما شأنك قالت‪ :‬أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا‪ ،‬فجاء أبو‬
‫الدرداء فصنع له طعاما فقال‪ :‬كل فإني صائم‪ ،‬قال‪ :‬ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل‪ ،‬فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال‪ :‬نم فنام ثم‬
‫ذهب يقوم فقال‪ :‬نم فلما كان آخر الليل قال سلمان‪ :‬قم اآلن قال‪ :‬فصليا فقال له سلمان‪" :‬إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا وألهلك‬
‫عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه" فأتى النبي ﷺ فذكر ذلك له فقال النبي ﷺ‪« :‬صدق سلمان»‪( .‬أبو‬
‫جحيفة وهب السوائي يقال وهب الخير)»‪ .‬قال ابن حجر‪ :‬ووقع في التكلف للضيف حديث سلمان «نهانا رسول هللا ﷺ‬
‫أن نتكلف للضيف»‪ ،‬أخرجه أحمد والحاكم‪ ،‬وفيه قصة سلمان مع ضيفه حيث طلب منه زيادة على ما قدم له فرهن مطهرته بسبب ذلك‪،‬‬
‫ثم قال الرجل لما فرغ‪" :‬الحمد هلل الذي قنعنا بما رزقنا"‪ .‬فقال له سلمان‪" :‬لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة"‪.‬ومن دخل في صوم‬
‫تصوع أو صالة تطوع استحب له إتمامهما‪ ،‬وهو قول الشافعي‪ ،‬وأيضا هو قول الشافعية‪ ،‬كما حكاه النووي في المجموع وأضاف أنه لو‬
‫أبطلهما بعذر أو بغير عذر جاز له ذلك‪ ،‬لكن يكره إبطالهما بغير عذر‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿ :‬وال تبطلوا أعمالكم﴾‪ ،‬أما الخروج منه بعذر فال‬
‫يكره‪ ،‬وال قضاء عليه‪ ،‬ويستحب له قضاءه سواء كان بعذر أو بغير عذر‪ .‬وعند الحنفية‪ :‬وجوب الصوم بالشروع ووجوب القضاء‬
‫باإلفساد‪ ،‬بمعنى أن صوم النفل بعد الشروع فيه يصير واجبا‪ ،‬وإفساده يوجب القضاء‪.‬وذكر ابن قدامة في المغني في كالمه على المتن في‬
‫قوله‪« :‬ومن دخل في صيام تطوع فخرج منه فال قضاء عليه‪ ،‬وإن قضاه فحسن» أنه يستحب إتمام صوم النفل بعد الشروع فيه‪ ،‬وأن من‬
‫دخل في صيام تطوع استحب له إتمامه ولم يجب‪ ،‬فإن خرج منه فال قضاء عليه‪ .‬ونقل عن ابن عمر وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم‬
‫أفطرا وقال ابن عمر‪ :‬ال بأس به‪ ،‬ما لم يكن نذرا أو قضاء رمضان‪ ،‬وقال ابن عباس‪ :‬إذا صام الرجل تطوعا ثم شاء أن يقطعه قطعه وإذا‬
‫دخل في صالة تطوعا ثم شاء أن يقطعها قطعها وقال ابن مسعود‪ :‬متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين إن شئت صمت‬
‫‪.‬وإن شئت أفطرت هذا مذهب أحمد والثوري والشافعي وإسحاق‬

‫‪ .‬وقال النخعي وأبو حنيفة ومالك‪ :‬يلزم بالشروع فيه وال يخرج منه إال بعذر‪ ،‬فإن خرج قضى‪ .‬وعن مالك‪ :‬ال قضاء عليه‬

‫واستدل القائلون بوجوب القضاء بما ورد عن عائشة أنها قالت‪« :‬أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين‪ ،‬فأهدي لنا حيس فأفطرنا‪ ،‬ثم‬
‫‪.‬سألنا رسول هللا ﷺ فقال‪" :‬اقضيا يوما مكانه"»‪ ،‬وألنها عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة‬

‫واستدل القائلون بعدم وجوب القضاء بما روى مسلم وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت‪« :‬دخل علي رسول هللا ﷺ‬
‫يوما فقال‪ :‬هل عندكم شيء؟ فقلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فإني صائم‪ .‬ثم مر بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه‪ ،‬وكان يحب الحيس قلت‪:‬‬
‫يا رسول هللا إنه أهدي لنا حيس‪ ،‬فخبأت لك منه قال‪ :‬أدنيه‪ ،‬أما إني قد أصبحت وأنا صائم‪ ،‬فأكل منه ثم قال لنا‪ :‬إنما مثل صوم التطوع‬
‫مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة‪ ،‬فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها» هذا لفظ رواية النسائي وهو أتم من غيره‬

‫وروت أم هانئ قالت‪« :‬دخلت على رسول هللا ﷺ فأتي بشراب‪ ،‬فناولنيه فشربت منه‪ ،‬ثم قلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬لقد أفطرت‬
‫وكنت صائمة‪ ،‬فقال لها‪ :‬أكنت تقضين شيئا؟ قالت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فال يضرك إن كان تطوعاً»‪ .‬وفي لفظ قالت‪« :‬قلت‪ :‬إني صائمة فقال رسول‬
‫هللا ﷺ‪ :‬إن المتطوع أمير نفسه‪ ،‬فإن شئت فصومي‪ ،‬وإن شئت فأفطري»‪ .‬وألن كل صوم لو أتمه كان تطوعا إذا خرج‬
‫‪.‬منه لم يجب قضاؤه‪ ،‬كما لو اعتقد أنه من رمضان فبان من شعبان أو من شوال‬

‫أنواع صوم التطوع‬

‫صوم شهر المحرم‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬الصوم في شهر المحرم ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬


‫شهر المحرم الحرام مستحب‪ ،‬وهو من أنواع صوم النفل‪ ،‬الذي ثبث في الحديث استحباب صيامه وبيان فضله‪ ،‬فعن أبي هريرة قال‪:‬‬
‫"سئل رسول هللا ﷺ‪ ،‬أي الصالة أفضل بعد المكتوبة؟ قال‪« :‬الصالة في جوف الليل» قيل‪ :‬ثم أي الصيام أفضل بعد‬
‫رمضان؟ قال‪« :‬شهر هللا الذي تدعونه المحرم»"‪ .‬رواه أحمد‪ ،‬ومسلم‪ ،‬وأبو داود‪ .‬وفي رواية‪« :‬عن أبي هريرة قال‪" :‬سئل رسول هللا‬
‫ﷺ‪ :‬أي الصالة أفضل بعد المكتوبة؟ قال‪« :‬الصالة في جوف الليل»‪ ،‬قال‪ :‬فأي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال‪« :‬شهر‬
‫‪».‬هللا المحرم»"‪ .‬رواه الجماعة إال البخاري والبن ماجه منه فضل الصوم فقط‬

‫صوم عاشوراء‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬صوم يوم عاشوراء‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫صوم يوم عاشوراء هو يوم العاشر من المحرم‪ ،‬وهو من الصوم المشروع في اإلسالم في مراحل التشريع‪ ،‬فقد كان الناس في الجاهلية‬
‫يصومونه‪ ،‬ولما هاجر المسلمون إلى المدينة وجدوا اليهود أيضا يصومونه‪ ،‬وقد أمر المسلمون بصيامه‪ ،‬قبل أن يفرض عليهم صوم شهر‬
‫رمضان‪ ،‬فلما فرض عليهم صوم شهر رمضان‪ ،‬لم يبق طلب اإلتيان به شرعا كما كان في السابق‪ ،‬وهو بعد فرض صوم رمضان‬
‫مستحب بإجماع أهل العلم‪ .‬وفي الحديث‪« :‬عن ابن عمر رضى هللا تعالى عنهما قال صام النبي ﷺ عاشوراء وأمر‬
‫‪».‬بصيامه‪ ،‬فلما فرض رمضان ترك وكان عبد هللا ال يصومه إال أن يوافق صومه‬

‫و«عن عائشة رضى هللا تعالى عنها أن قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ثم أمر رسول هللا ﷺ بصيامه‬
‫‪».‬حتى فرض رمضان‪ ،‬وقال رسول هللا ﷺ‪ :‬من شاء فليصمه ومن شاء أفطر‬

‫عن معاوية قال‪« :‬سمعت رسول هللا ﷺ يقول لهذا اليوم‪ :‬هذا يوم عاشوراء ولم يكتب هللا عليكم صيامه وأنا صائم فمن‬
‫أحب منكم أن يصوم فليصم ومن أحب منكم أن يفطر فليفطر»‪ .‬قال النووي‪« :‬هذا كله من كالم النبي ﷺ هكذا جاء مبينا‬
‫في رواية النسائي»‪ .‬وعن معاوية بن أبي سفيان قال‪" :‬سمعت رسول هللا ﷺ يقول‪« :‬إن هذا يوم عاشوراء‪ ،‬ولم يكتب‬
‫عليكم صيامه‪ ،‬وأنا صائم‪ ،‬فمن شاء صام‪ ،‬ومن شاء فليفطر»"‪ ،‬متفق عليه‪ .‬و"عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬قدم النبي‬
‫ﷺ المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال‪« :‬ما هذا؟» قالوا‪ :‬يوم صالح‪ ،‬نجى هللا فيه موسى وبني إسرائيل من‬
‫عدوهم‪ ،‬فصامه موسى‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬أنا أحق بموسى منكم»‪ ،‬فصامه وأمر بصيامه"‪ .‬متفق عليه‪ .‬و"عن أبي موسى‬
‫األشعري رضي هللا عنه قال‪ :‬كان يوم عاشوراء‪ ،‬تعظمه اليهود‪ ،‬وتتخذه عيدا‪ ،‬فقال رسول هللا ﷺ‪« :‬صوموه أنتم»"‪.‬‬
‫متفق عليه‪ .‬و"عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬لما صام رسول هللا ﷺ يوم عاشوراء‪ ،‬وأمر بصيامه‪ ،‬قالوا يا رسول‬
‫هللا‪ :‬إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى‪..‬فقال‪« :‬إذا كان العام المقبل ‪-‬إن شاء هللا‪ -‬صمنا اليوم التاسع»‪ ،‬قال‪ :‬فلم يأت العام المقبل‪ ،‬حتى‬
‫توفي رسول هللا ﷺ"‪ .‬رواه مسلم‪ ،‬وأبو داود‪ .‬وفي لفظ‪" :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬لئن بقيت إلى قابل‬
‫ألصومن التاسع»‪ ،‬يعني مع يوم عاشوراء"‪ .‬رواه أحمد ومسلم‪ .‬وقد ذكر العلماء في صيامه ثالث كيفيات أحدها‪ :‬صوم يوم العاشر من‬
‫‪ .‬المحرم فقط‪ ،‬وثانيها‪ :‬صوم يوم التاسع والعاشر‪ ،‬وثالثها‪ :‬صوم ثالثة أيام‪ :‬التاسع‪ ،‬والعاشر‪ ،‬والحادي عشر‬

‫صوم ست من شوال‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬صوم ست من شوال ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫من أنواع صوم النفل صيام ستة أيام من شهر شوال‪ ،‬وشهر شوال هو الشهر العاشر في ترتيب شهور السنة الهاللية‪ ،‬ويقع بعد شهر‬
‫رمضان‪ ،‬ويستحب صيام ستة أيام منه سواء كانت متوالية أو متفرقة‪ ،‬باستثناء أول يوم من شوال الذي هو يوم عيد الفطر‪ ،‬فال يجوز‬
‫الصيام فيه حيث أنه يحرم صيام يومي العيد الفطر واألضحى‪ .‬ويدل على استحباب صيام الست من شوال‪ :‬ما أخرجه مسلم في صحيحه‪:‬‬
‫"عن أبي أيوب األنصاري رضي هللا عنه أنه حدثه أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال‬
‫‪»".‬كان كصيام الدهر‬

‫‪».‬وفي رواية‪« :‬من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر‬

‫صوم يوم عرفة لغير الحاج‬

‫وقوف الحجاج على جبل عرفة يوم التاسع من ذي الحجة‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬صوم يوم عرفة ‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫يوم عرفة وهو أحد أيام العشر من ذي الحجة‪ ،‬وهو يوم التاسع من ذي الحجة‪ ،‬ويستحب صيامه لما ورد في الحديث‪« :‬صيام يوم عرفة‬
‫يكفر سنتين سنة قبلها وسنة بعدها»‪ ،‬ولكن هذا االستحباب لغير من كان حاجا‪ ،‬فال يستحب له صيامه؛ ألنه يكون في حال اشتغاله‬
‫بالوقوف بعرفة‪ ،‬حيث أن الصيام حينذ يضعفه عن الذكر والعبادة في ذلك اليوم‪ ،‬وقد ورد النهي عن صيامه بحديث‪ :‬عن أبي هريرة قال‪:‬‬
‫«نهى رسول هللا ﷺ عن صوم يوم عرفة بعرفات»‪ .‬رواه أحمد وأبو داود والنسائي‪ ،‬وابن ماجه‪ .‬قال الترمذي‪ ،‬قد‬
‫استحب أهل العلم‪ ،‬صيام يوم عرفة إال بعرفة‪ .‬وعن أم الفضل‪« :‬أنهم شكوا في صوم رسول هللا ﷺ يوم عرفة‪ ،‬فأرسلت‬
‫إليه بلبن‪ ،‬فشرب‪ ،‬وهو يخطب الناس بعرفة»‪ .‬متفق عليه‪ .‬وفي سنن أبي داود عن عكرمة قال‪« :‬كنا عند أبي هريرة في بيته فحدثنا أن‬
‫‪».‬رسول هللا ﷺ نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة‬

‫وظاهر حديث أبي هريرة هذا‪ :‬أنه ال يجوز صومه بعرفات‪ ،‬واألصل في النهي أنه للتحريم‪ ،‬لكن حمله العلماء على الكراهة من غير‬
‫تحريم‪ ،‬واألصل في صوم يوم عرفة أنه مستحب إال للحاج حيث أن الصيام يضعفه عن اغتنام وقت الوقوف بعرفة‪ ،‬ويجمع بين األحاديث‬
‫بأن صوم هذا اليوم مستحب لكل أحد مكروه لمن كان بعرفات حاجا‪ .‬قال الخطابي‪ :‬هذا نهي استحباب ال نهي إيجاب‪ ،‬فإنما نهى المحرم‬
‫عن ذلك خوفا عليه أن يضعف عن الدعاء واالبتهال في ذلك المقام‪ ،‬فأما من وجد قوة ال يخاف معها ضعفا فصوم ذلك اليوم أفضل له إن‬
‫شاء هللا وقد قال ﷺ‪« :‬صيام يوم عرفة يكفر سنتين سنة قبلها وسنة بعدها» ذكره في عون المعبود‪ .‬وفي هذا داللة على‬
‫استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج‪ ،‬وأما صيام الحاج يوم عرفة ففيه خالف‪ ،‬فقد روي عن عثمان بن أبي العاص وابن الزبير أنهما‬
‫كانا يصومانه‪ ،‬وقال أحمد بن حنبل‪ :‬إن قدر على أن يصوم صام‪ ،‬وإن أفطر فذلك يوم يحتاج فيه إلى قوة‪ ،‬وكان إسحاق يستحب صومه‬
‫للحاج‪ ،‬وكان عطاء يقول‪ :‬أصوم في الشتاء وال أصوم في الصيف‪ ،‬وكان مالك وسفيان الثوري يختاران اإلفطار للحاج وكذلك الشافعي‪.‬‬
‫وروي عن ابن عمر رضي هللا عنهما أنه قال‪« :‬لم يصمه النبي ﷺ وال أبو بكر وال عمر وال عثمان وال أصومه أنا»‪.‬‬
‫انتهى كالمه‪ .‬وفي صحيح البخاري‪« :‬عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي ﷺ‬
‫فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه»‪ .‬وفي رواية للبخاري أيضا‪« :‬عن‬
‫ب وهو واقف في الموقف فشرب‬ ‫ميمونة رضي هللا عنها أن الناس َش ُّكوا في صيام النبي ﷺ يوم عرفة فأرسلت إليه ِب ِحاَل ٍ‬
‫منه والناس ينظرون»‪ .‬قال الشوكاني‪ :‬واعلم أن ظاهر حديث أبي قتادة عند مسلم وأصحاب السنن مرفوعا صوم يوم عرفة يكفر سنتين‬
‫ماضية ومستقبلة الحديث أنه يستحب صوم يوم عرفة مطلقا‪ ،‬وظاهر حديث عقبة بن عامر عند أهل السنن غير ابن ماجه يوم عرفة ويوم‬
‫النحر وأيام التشريق عيدنا أهل اإلسالم الحديث أنه يكره صومه مطلقا لجعله قريبا في الذكر ليوم النحر وأيام التشريق‪ ،‬وتعليل ذلك أنها‬
‫عيد وأنها أيام أكل وشرب‪ .‬وسبب كراهية صيام يوم عرفة للحاج أنه ربما كان مؤديا إلى الضعف عن الدعاء والذكر يوم عرفة هنالك‬
‫وعن القيام بأعمال الحج‪ .‬وقيل‪ :‬بل ألنه يوم عيد ألهل الموقف الجتماعهم فيه‪ ،‬ويؤيده حديث أبي قتادة‪ .‬وفي حديث أبي هريرة هذا‬
‫التصرح بالنهي عن صومه مطلقا‪ .‬ومما يدل على عدم استحباب صومه للحاج‪ :‬ما أخرجه أبو داود في سننه «عن أم الفضل بنت الحارث‬
‫أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم رسول هللا ﷺ فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه‬
‫‪ .‬بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشرب»‪ .‬قال المنذري‪ :‬وأخرجه البخاري ومسلم‬

‫صوم اإلثنين والخميس‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬صوم يومي اإلثنين والخميس‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫من أنواع صوم النفل صوم يومي اإلثنين والخميس‪ ،‬وهو الصوم المستحب في األسبوع‪ ،‬وهو أن يتحرى مريد التطوع بالصوم الصيام في‬
‫‪ ».‬كل إثنين وخميس من األسبوع‪ ،‬وفي الحديث‪ :‬عن عائشة قالت‪« :‬إن النبي ﷺ كان يتحرى صيام اإلثنين والخميس‬

‫وثبت في مشروعية استحباب صيامهما دليل الترغيب وهو أن يومي اإلثنين والخميس تعرض فيهما األعمال‪ ،‬ووجه ذلك‪ :‬أن الصوم عمل‬
‫فيستحب للمسلم الصوم فيهما ليعرض عمله وهو صائم‪ ،‬ويدل على هذا حديث‪ :‬عن أبي هريرة‪" :‬أن النبي ﷺ قال‪:‬‬
‫«تعرض األعمال كل إثنين وخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم»"‪ .‬كما ورد أيضا في صوم يوم اإلثنين حديث‪ :‬عن أبي قتادة‪:‬‬
‫"أن النبي ﷺ سئل عن صوم يوم اإلثنين فقال‪« :‬ذلك يوم ولدت فيه‪ ،‬وأنزل علي فيه»"‪ .‬ولمسلم بلفظ‪" :‬عن أبي قتادة‬
‫األنصاري رضي هللا عنه‪ :‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سئل عن صوم اإلثنين فقال‪« :‬فيه ولدت وفيه أنزل علي»"‪ .‬وفي هذا دليل‬
‫استحباب صوم يومي اإلثنين والخميس؛ ألنهما يومان تعرض فيهما األعمال‪ ،‬وقوله في الحديث‪ :‬قال‪« :‬ذلك يوم ولدت فيه وأنزل علي‬
‫‪ .‬فيه»‪ ،‬ويوم اإلثنين هو اليوم الذي كانت والدته فيه‪ ،‬وهو أيضا اليوم الذي أنزل هللا فيه عليه الوحي‬

‫صوم ثالثة أيام من كل شهر‬

‫مقالة مفصلة‪ :‬صوم ثالثة أيام من كل شهر‪Crystal Clear app kdict.png‬‬

‫من الصوم المستحب صوم ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬ويدل عليه حديث‪« :‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬أوصاني خليلي‬
‫‪».‬ﷺ بثالث‪ :‬صيام ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬وركعتي الضحى‪ ،‬وأن أوتر قبل أن أنام‬

‫قال ابن دقيق العيد‪ :‬فيه دليل على تأكيد هذه األمور بالقصد إلى الوصية بها‪ ،‬وصيام ثالثة أيام قد وردت علته في الحديث‪ ،‬وهو تحصيل‬
‫أجر الشهر‪ ،‬باعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها‪ ،‬وقد ذكرنا ما فيه‪ ،‬ورأى من يرى أن ذلك أجر بال تضعيف‪ ،‬ليحصل الفرق بين صوم‬
‫الشهر تقديرا‪ ،‬وبين صومه تحقيقا‪ .‬وفي الحديث دليل على استحباب صيام ثالثة أيام من كل شهر‪ ،‬واستحباب صالة الضحى‪ .‬وعن أبي‬
‫‪».‬ذر قال‪« :‬أمرنا رسول هللا ﷺ أن نصوم من الشهر ثالثة أيام البيض‪ :‬ثالث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة‬

‫صوم يوم وفطر يوم‬

‫من أنواع صوم النفل صوم يوم وإفطار يوم‪ ،‬هو صوم نبي هللا داود عليه السالم‪ ،‬وهو مستحب لمن يريد التطوع بالصوم في جميع أيام‬
‫العام‪ ،‬باستثناء صوم شهر رمضان‪ ،‬واأليام المنهي عن صومها‪ ،‬وهذا النوع من الصوم لمن رغب في المزيد من التنفل بالصوم ووجد في‬
‫نفسه قدرة عليه من غير تضييع الحقوق والواجبات‪ ،‬وأما الزيادة على هذا فهو منهي عنه‪ .‬ويدل على هذا حديث‪« :‬عن عبد هللا بن عمرو‬
‫رضي هللا عنهما عن النبي ﷺ قال‪ :‬صم من الشهر ثالثة أيام قال‪ :‬أطيق أكثر من ذلك‪ ،‬فما زال حتى قال‪ :‬صم يوما‬
‫‪ ».‬وأفطر يوما‪ ،‬فقال‪ :‬اقرء القرآن في كل شهر‪ ،‬قال إني أطيق أكثر فما زال حتى قال في ثالث‬

‫وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن‪ ،‬عن عبد هللا بن عمرو قال‪" ،‬قال لي رسول هللا ﷺ‪« :‬لقد أخبرت أنك تقوم الليل وتصوم‬
‫النهار»‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول هللا نعم‪ ،‬قال‪« :‬فصم‪ ،‬وافطر وصل ونم‪ ،‬فإن لجسدك عليك حقا‪ ،‬وإن لزوجك عليك حقا‪ ،‬وإن لزورك عليك‬
‫حقا‪ ،‬وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثالثة أيام» قال‪ :‬فشددت فشدد علي قال‪ :‬فقلت‪ ،‬يا رسول هللا إني أجده قوة قال‪« :‬فصم من كل‬
‫جمعة ثالثة أيام» قال‪ :‬فشددت فشدد علي قال فقلت‪ :‬يا رسول هللا إني أجد قوة قال‪« :‬صم صوم نبي هللا داود‪ ،‬وال تزد عليه»‪ ،‬قلت‪ :‬يا‬
‫رسول هللا وما كان صيام داود عليه الصالة والسالم؟ قال‪« :‬كان يصوم يوما‪ ،‬ويفطر يوما»"‪ .‬و«عن عبد هللا بن عمرو بن العاص قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا ﷺ‪ :‬إن أحب الصيام إلى هللا صيام داود‪ ،‬وأحب الصالة إلى هللا صالة داود‪ ،‬كان ينام نصف الليل ويقوم‬
‫‪».‬ثلثه وينام سدسه‪ ،‬وكان يصوم يوما ويفطر يوما‬

‫من األدلة على وجوب اتباع السنة واألخذ بها قول هللا تعالى‪﴿ :‬من يطع الرسول فقد أطاع هللا ‪..‬اآلية﴾ وقال هللا تعالى‪﴿ :‬وما أتاكم الرسول‬
‫فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ وقال تعالى‪﴿ :‬فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ وقال تعالى‪﴿ :‬وأطيعوا‬
‫هللا وأطيعوا الرسول﴾ وقال تعالى‪﴿ :‬ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم‬
‫وساءت مصيرا﴾ وقال تعالى‪﴿ :‬يا أيها الذين ءآمنوا أطيعوا هللا وأطيعوا الرسول وأولى األمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى هللا‬
‫والرسول ‪..‬اآلية﴾‪ ،‬وقال تعالى‪﴿ :‬ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ‪..‬اآلية﴾‪ ،‬وقال تعالى‪﴿ :‬إنما‬
‫كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى هللا ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا﴾‪ ،‬وقال هللا تعالى‪﴿ :‬وما كان لمؤمن وال مؤمنة إذا قضى‬
‫هللا ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ‪..‬اآلية﴾‪ ،‬واآليات في هذا كثيرة‪ .‬وفي الحديث‪« :‬ال يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما‬
‫‪».‬جئت به‬

‫‪5‬‬
‫رواه الجماعة إال النسائي‪ .‬قال الشوكاني‪« :‬والحديث يدل على أن وقت المغرب يدخل عند غروب الشمس‪ ،‬وهو مجمع عليه‪ ،‬وأن‬
‫‪».‬المسارعة بالصالة في أول وقتها مشروعة‬

‫ذكر الشوكاني أن وقت صالة المغرب يدخل بغروب الشمس باإلجماع‪ ،‬وإنما وقع الخالف في العالمة الدالة على ذلك على ثالثة أقول‬
‫فقيل‪ :‬بسقوط قرص الشمس بكماله‪ ،‬وهذا إنما يتم في الصحراء‪ ،‬وأما في العمران فال‪ .‬وقيل‪ :‬برؤية الكوكب الليلي‪ ،‬وبه قالت القاسمية‪،‬‬
‫واحتجوا بقوله‪« :‬حتى يطلع الشاهد» النجم‪ .‬أخرجه مسلم والنسائي من حديث أبي بصرة‪ .‬وقيل‪ :‬بل باإلظالم‪ ،‬وإليه ذهب زيد بن علي‬
‫وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن عيسى وعبد هللا بن موسى واإلمام يحيى‪ .‬واستدلوا بحديث‪« :‬إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا‬
‫فقد أفطر الصائم»‪ .‬متفق عليه من حديث ابن عمر وعبد هللا بن أبي أوفى‪ .‬ولما في حديث جبريل من رواية ابن عباس بلفظ‪« :‬فصلى بي‬
‫حين وجبت الشمس وأفطر الصائم»‪ .‬ولحديث الباب وغير ذلك‪ .‬وأجاب صاحب البحر عن هذه األدلة بأنها مطلقة‪ ،‬وحديث "حتى يطلع‬
‫الشاهد" مقيد‪ ،‬ورد بأنه ليس من المطلق والمقيد أن يكون طلوع الشاهد أحد أمارات غروب الشمس‪ ،‬على أنه قد قيل‪ :‬إن قوله والشاهد‬
‫النجم مدرج فإن صح ذلك لم يبعد أن يكون المراد بالشاهد ظلمة الليل ويؤيد ذلك حديث السائب بن يزيد عند أحمد والطبراني مرفوعا‬
‫بلفظ‪« :‬ال تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجم»‪ .‬وحديث أبي أيوب مرفوعا‪« :‬بادروا بصالة المغرب قبل طلوع‬
‫النجم»‪ .‬وحديث أنس ورافع بن خديج قال‪« :‬كنا نصلي مع النبي ﷺ ثم نرمي فيرى أحدنا موقع نبله»‪.‬انتهى ملخصا من‬
‫‪ .‬نيل األوطار للشوكاني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬كتاب الصالة‪ :‬أبواب المواقيت‪ :‬باب وقت صالة المغرب‪ ،‬صفحة رقم‪)6( :‬‬

‫المراجع‬

‫‪.‬قاموس معجم المعاني ‪ -‬معنى كلمة صوم نسخة محفوظة ‪ 17‬يناير ‪ 2015‬على موقع واي باك مشين‬

‫سورة مريم اآلية‪)26( :‬‬

‫سورة البقرة اآلية‪)183( :‬‬

‫سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪)185( :‬‬

‫‪.‬مختار الصحاح للرازي‪ ،‬حرف الصاد (ص و م)‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ 180‬و‪181‬‬

‫القاموس المحيط مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي‪ ،‬باب الميم فصل الصاد‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪1042‬‬

‫‪.‬معجم مقاييس اللغة كتاب الصاد‪ ،‬باب الصاد والواو وما يثلثهما‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪324‬‬

‫تفسير الطبري‪ ،‬سورة مريم آية‪ )26( :‬ج‪ 18‬ص‪ 182‬و‪183‬‬

‫‪ .‬لسان العرب البن منظور‪ ،‬الجزء الثامن‪ ،‬حرف الصاد مادة (صوم) ص‪ ،)309( :‬دار صادر ‪2003‬م‬

‫‪.‬المعجم الوسيط نسخة محفوظة ‪ 17‬يناير ‪ 2015‬على موقع واي باك مشين‬

‫سورة مريم آية‪)26( :‬‬

‫ِب َعلَى الَّذ َ‬


‫ِين مِنْ‬ ‫ص َيا ُم َك َما ُكت َ‬
‫ِب َعلَ ْي ُك ُم ال ِّ‬ ‫تفسير الطبري‪ ،‬سورة البقرة‪ ،‬آية‪ ،)183( :‬القول في تأويل قوله تعالى‪َ :‬يا أَ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين ءآ َم ُنوا ُكت َ‬
‫ون‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ 409‬وما بعدها‬ ‫َق ْب ِل ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم َت َّتقُ َ‬

‫‪.‬انظر‪ :‬تفسير الطبري‪ ،‬سورة مريم‪ ،‬آية‪ )26( :‬ج‪ ،18‬ص‪ 182‬و‪183‬‬
‫فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب وجوب صوم رمضان‪ ،‬ص‪،)124( ،)123( :‬‬

‫المبسوط‪ ،‬لمحمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي‪( ،‬كتاب الصوم)‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪)55( :‬‬

‫المغني البن قدامة كتاب الصيام ص‪)3( :‬و (‪)4‬‬

‫مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل‪ ،‬محمد بن محمد الحطاب‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب ما يثبت به رمضان‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ )377( :‬وما‬
‫بعدها‪ ،‬دار الفكر ط‪3‬‬

‫المبدع شرح المقنع‪ ،‬ألبي إسحاق برهان الدين محمد بن عبد هللا الحنبلي‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬وجوب تبييت نية الصوم الواجب من الليل‪ ،‬ص‬
‫‪18.‬‬

‫سورة النساء آية‪65 :‬‬

‫محمد شمس الحق العظيم آبادي (‪ 1415‬هـ‪1995 /‬م)‪ .‬عون المعبود‪ ،‬كتاب السنة‪ ،‬باب لزوم السنة حديث رقم‪ .)4604( :‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪.‬صفحات ‪ 277‬وما بعدها‬

‫سورة البقرة آية‪183 :‬‬

‫سورة البقرة آية‪)185( :‬‬

‫تفسير الجاللين‪ ،‬جالل الدين المحلي وجالل الدين السيوطي‪ ،‬تفسير سورة البقرة آية‪)183( :‬‬

‫محمد بن جرير الطبري‪ .‬تفسير الطبري‪ ،‬تفسير سورة البقرة القول في تأويل قوله تعالى‪« :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب‬
‫‪ .‬على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» [تفسير الطبري]‪ .‬دار المعارف‪ .‬صفحة ‪ 409‬وما بعدها‬

‫تفسير ابن جرير محمد بن جرير الطبري رقم الحديث‪2721:‬‬

‫محمد بن جرير الطبري‪ .‬تفسير الطبري‪ ،‬تفسير سورة البقرة القول في تأويل قوله تعالى‪« :‬أياما معدودات» [تفسير الطبري]‪ .‬دار‬
‫‪.‬المعارف‪ .‬صفحة ‪ 413‬وما بعدها‪ .‬مؤرشف من األصل في ‪ 8‬أغسطس ‪2018‬‬

‫‪.‬فتح القدير للشوكاني ج‪ 1‬ص‪ 116‬وما بعدها دار المعرفة نسخة محفوظة ‪ 02‬أكتوبر ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‬

‫اإلمام فخر الدين الرازي أبو عبد هللا محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني األصل (‪ 1425‬هـ‪2004 /‬م)‪ .‬تفسير الرازي‪ ،‬تفسير‬
‫سورة البقرة‪ ،‬قوله تعالى‪« :‬يا أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» [التفسير الكبير أو مفاتيح‬
‫‪.‬الغيب]‪ .‬بيروت‪ -‬لبنان‪ :‬دار الكتب العلمية‪ .‬صفحة ‪ 59‬وما بعدها‬

‫سنن أبي داود‪ ،‬كتاب السنة‪ ،‬باب لزوم السنة حديث رقم‪)4604( :‬‬

‫صحيح مسلم كتاب الصيام باب صوم يوم عاشوراء حديث رقم‪)1125( :‬‬

‫النووي (‪1416‬هـ ‪ 1996 /‬م)‪ .‬شرح النووي على مسلم كتاب الصيام باب صوم يوم عاشوراء حديث رقم‪ .)1125( :‬دار الخير‪ .‬صفحة‬
‫‪ 198.‬وما بعدها‬

‫تفسير ابن جرير الطبري‪ ،‬محمد بن جرير الطبري‪ ،‬تفسير سورة البقرة القول في تأويل قوله تعالى‪« :‬أياما معدودات»‪ ،‬ص‪413‬‬

‫تفسير القرطبي ج‪ ،1‬ص‪267‬‬

‫الحسين بن مسعود البغوي‪ .‬تفسير البغوي‪ ،‬سورة البقرة‪ ،‬تفسير قوله تعالى‪﴿ :‬أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من‬
‫‪.‬أيام أخر﴾ آية‪ ،184 :‬ج‪ .1‬دار طيبة‪ .‬صفحات ‪ 196‬وما بعدها‬
‫‪ .‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬البن كثير‪ ،‬تفسير سورة البقرة تفسير قوله تعالى‪﴿ :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام﴾‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪)500( :‬‬

‫‪ .‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬البن كثير‪ ،‬تفسير سورة البقرة تفسير قوله تعالى‪﴿ :‬يا أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم الصيام﴾‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪)399( :‬‬

‫الحسين بن مسعود البغوي‪ .‬سورة البقرة‪ ،‬تفسير قوله تعالى‪« :‬أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن»‬
‫‪.‬الجزء األول [تفسير البغوي]‪ .‬دار طيبة‪ .‬صفحة ‪ 206‬وما بعدها‪ .‬مؤرشف من األصل في ‪ 8‬أغسطس ‪2018‬‬

‫سورة البقرة آية‪)185( :‬‬

‫متفق عليه‪ ،‬رياض الصالحين للنووي‪ ،‬باب وجوب الحج وفضله‪ ،‬حديث رقم‪)1271( :‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب قول النبي صلى هللا عليه وسلم بني اإلسالم على خمس‪ ،‬حديث رقم‪ )8( :‬انظر الفتح ص‪60‬‬

‫أحمد بن علي بن حجر العسقالني (‪ 1407‬هـ‪1986 /‬م)‪ .‬شرح صحيح البخاري كتاب اإليمان باب قول النبي ﷺ‪ :‬بني‬
‫‪.‬اإلسالم على خمس‪ ،‬حديث رقم‪ 8 :‬ج‪[ 1‬فتح الباري شرح صحيح البخاري]‪ .‬دار الريان للتراث‪ .‬صفحة ‪ 60‬وما بعدها‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب بيان أركان اإلسالم ودعائمه العظام حديث رقم‪ )16( :‬ح‪1‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب بيان أركان اإلسالم ودعائمه العظام حديث رقم‪ )16( :‬ح‪2‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب بيان أركان اإلسالم ودعائمه العظام حديث رقم‪ )16( :‬ح‪3‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب بيان أركان اإلسالم ودعائمه العظام حديث رقم‪ )16( :‬ح‪4‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬حديث رقم‪)1792( :‬‬

‫أحمد بن علي بن حجر العسقالني (‪ 1407‬هـ‪ 1986 /‬م)‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب وجوب صوم رمضان‪،‬‬
‫‪.‬حديث رقم‪[ ) 1792( :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري]‪ .‬دار الريان للتراث‪ .‬صفحة ‪ 123‬و‪124‬‬

‫فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الرقائق‪ ،‬باب التواضع‪ ،‬ص‪ 349‬وما بعدها‪ ،‬حديث رقم‪ )6137( :‬نسخة محفوظة ‪07‬‬
‫‪.‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‬

‫‪.‬كشف القناع‪ ،‬مقدمة كتاب الصيام‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪)300( :‬‬

‫‪.‬سورة البقرة آية‪)185( :‬‬

‫يحيى بن شرف النووي (‪ 1416‬هـ‪ 1996 /‬م)‪ .‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج كتاب الصيام‪ ،‬باب صوم يوم عاشوراء‪ ،‬حديث‬
‫‪.‬رقم‪[ )1125( :‬شرح النووي على مسلم]‪ .‬دار الخير‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬باب قول النبي صلى هللا عليه وسلم إذا رأيتم الهالل فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا وقال صلة عن عمار من صام يوم‬
‫الشك فقد عصى أبا القاسم صلى هللا عليه وسلم‬

‫يحيى بن شرف النووي (‪ 1416‬هـ‪ 1996 /‬م)‪ .‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج كتاب الصوم‪ ،‬باب وجوب صوم رمضان لرؤية‬
‫الهالل والفطر لرؤية الهالل‪ ،‬وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثالثين يوما‪ ،‬حديث رقم‪[ )1080( :‬شرح النووي على‬
‫‪.‬مسلم]‪ .‬دار الخير‪ .‬صفحة ‪ 154‬وما بعدها‪ .‬مؤرشف من األصل في ‪ 6‬أكتوبر ‪ .2018‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 07‬ربيع الثاني‪ 1436 /‬هـ‬

‫أحمد بن علي بن حجر العسقالني (‪ 1407‬هـ‪1986 /‬م)‪ .‬شرح صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب قول النبي ﷺ‪« :‬ال‬
‫‪.‬نكتب وال نحسب»‪ ،‬رقم الحديث‪[ ) 1814( :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري]‪ .‬دار الريان للتراث‪ .‬صفحة ‪152‬‬
‫سورة البقرة آية‪187 :‬‬

‫محمد بن جرير الطبري‪ .‬تفسير الطبري تفسير سورة البقرة‪ ،‬القول في تأويل قوله تعالى‪« :‬وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط األبيض‬
‫‪.‬من الخيط األسود من الفجر»‪ ،‬الجزء الثالث‪ .‬دار المعارف‪ .‬صفحات ‪ 509‬إلى ‪529‬‬

‫صحيح البخاري‪( ،‬كتاب الصوم)‪ ،‬باب قول هللا تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط األبيض من الخيط األسود من الفجر‪ ،‬رقم‪( :‬‬
‫‪)1817‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬باب قدر كم بين السحور وصالة الفجر‪ ،‬ص‪678 :‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬باب قول النبي صلى هللا عليه وسلم ال يمنعنكم من سحوركم أذان بالل‪ ،‬ص‪678 :‬‬

‫تفسير (الطبري)‪ ،‬محمد بن جرير الطبري‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪ ،)517( -)516( :‬تفسير سورة البقرة‪ ،‬القول في تأويل قوله تعالى‪:‬‬
‫‪﴿﴾.‬وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط األبيض من الخيط األسود من الفجر‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب فضل الصوم‪ ،‬حديث رقم‪)1795( :‬‬

‫الفتح ص‪125‬‬

‫فتح الباري شرح صحيح البخاري ص‪125‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر‪،‬‬
‫حديث رقم‪)233( :‬‬

‫صحيح مسلم‪233 ،‬‬

‫شرح النووي على مسلم‪ ،‬يحيي بن شرف أبو زكريا النووي‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى‬
‫‪.‬رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر‪ ،‬حديث رقم‪ ،)233( :‬ص‪ 469‬و‪ ،470‬دار الخير‪ 1416 ،‬هـ‪1996 /‬م‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب استحباب صيام ثالثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء واإلثنين والخميس‪ ،‬الحديث الثالث‬
‫رقم‪)1162( :‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب استحباب صيام ثالثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء واإلثنين والخميس‪ ،‬الحديث الرابع‬
‫رقم‪)1162( :‬‬

‫‪ .‬محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب الصوم كفارة حديث رقم‪[ 1796 :‬الجامع الصحيح]‬

‫نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (‪ 1414‬هـ‪ 1994 /‬م)‪ .‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ ،‬كتاب األدعية‪ ،‬باب فيمن ال يرد دعاؤهم من‬
‫‪.‬مظلوم وغائب وغيره رقم الحديث‪ .)17228( :‬مكتبة القدس‪ .‬مؤرشف من األصل في ‪ 5‬أبريل ‪2016‬‬

‫‪.‬رواه البيهقي في شعب اإليمان‬

‫علي بن سلطان محمد القاري (‪ 1422‬هـ‪2002 /‬م)‪ .‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح كتاب الصوم حديث رقم‪ .)1963( :‬دار‬
‫‪.‬الفكر‪ .‬صفحة ‪ .1366‬مؤرشف من األصل في ‪ 7‬أغسطس ‪2017‬‬

‫‪.‬الدر المنثور للسيوطي نسخة محفوظة ‪ 07‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‬

‫‪.‬ابن ماجه‪ .‬سنن ابن ماجه‪ ،‬كتاب الصوم باب‪ ،‬حديث رقم‪[ 1638 :‬سنن ابن ماجه]‪ .‬مؤرشف من األصل في ‪ 6‬مارس ‪2019‬‬

‫رواه الترمذي وقال‪« :‬وفي الباب عن معاذ بن جبل وسهل بن سعد وكعب بن عجرة وسالمة بن قيصر وبشير ابن الخصاصية واسم بشير‬
‫‪ ».‬زحم بن معبد والخصاصية هي أمه‪ ،‬قال أبو عيسى‪ :‬وحديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه‬

‫محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري‪ .‬تحفة األحوذي شرح سنن الترمذي كتاب الصوم‪ ،‬باب ما جاء في فضل الصوم‬
‫‪.‬حديث رقم‪[ )764( :‬تحفة]‪ .‬دار الكتب العلمية‪ .‬صفحة ‪ .393‬مؤرشف من األصل في ‪ 6‬مارس ‪2019‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب فضل الصوم‬

‫‪ .‬محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب الريان للصائمين‪ ،‬حديث رقم‪[ 1797 :‬الجامع الصحيح]‬

‫‪ .‬محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب الريان للصائمين‪ ،‬حديث رقم‪[ 1798 :‬الجامع الصحيح]‬

‫حديث قدسي‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب هل يقول إني صائم إذا ُ‬
‫ش ِت َم؟‪ ،‬حديث رقم‪ ،1805 :‬انظر أيضا‪ :‬فتح‬
‫‪.‬الباري ص‪[ 142‬الجامع الصحيح]‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية وقالت عائشة رضى هللا تعالى‬
‫‪ .‬عنها عن النبي صلى هللا عليه وسلم يبعثون على نياتهم‪ ،‬حديث رقم‪[ 1802 :‬الجامع الصحيح]‬

‫صحيح البخاري كتاب اإليمان‪ ،‬باب صوم احتسابا من اإليمان‪ ،‬حديث رقم‪ )38( :‬نسخة محفوظة ‪ 07‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي‬
‫‪.‬باك مشين‬

‫‪.‬الفتح ص‪ ..138‬نسخة محفوظة ‪ 02‬أكتوبر ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا‪ ،‬وقال النبي‬
‫‪.‬ﷺ من صام رمضان‪ ،‬وقال ال تقدموا رمضان‪ .‬حديث رقم‪[ 1799 :‬الجامع الصحيح]‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا‪ ،‬وقال النبي‬
‫‪.‬ﷺ من صام رمضان‪ ،‬وقال ال تقدموا رمضان‪ ،‬حديث رقم‪[ 1800 :‬الجامع الصحيح]‬

‫األمالي الخمسينية للشجري‪ ،‬في ذكر ليلة القدر وفضلها حديث رقم‪ .)1007( :‬نسخة محفوظة ‪ 07‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي باك‬
‫‪.‬مشين‬

‫عبد هللا بن محمد بن أبي شيبة (‪ 1414‬هـ‪1994 /‬م)‪ .‬المصنف‪ ،‬كتاب الصيام‪ )3( )1012( ،‬فضل الصيام وثوابه‪ ،‬الجزء الثاني‬
‫‪[.‬المصنف البن أبي شيبة]‪ .‬دار الفكر‪ .‬صفحة ‪ 423‬وما بعدها‪ .‬مؤرشف من األصل في ‪ 8‬أغسطس ‪2018‬‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب أجود ما كان النبي صلى هللا عليه وسلم يكون في رمضان‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫‪[ 1803.‬الجامع الصحيح]‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري (‪ 1414‬هـ‪ 1993 /‬م)‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب وجوب صوم رمضان وقول هللا تعالى‪« :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»‪ ،‬حديث رقم‪[ 1795 :‬الجامع الصحيح]‪ .‬دار ابن كثير‪ .‬صفحة‬
‫‪ 669.‬ما بعدها‪ .‬مؤرشف من األصل في ‪ 23‬مارس ‪ .2019‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 07‬ربيع الثاني‪ 1436 /‬هـ‬

‫‪ .‬محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب هل يقول إني صائم إذا شتم؟‪ ،‬حديث رقم‪1805 :‬‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة‪ ،‬حديث رقم‪[ 1806 :‬الجامع‬
‫‪.‬الصحيح]‪ .‬دار ابن كثير‪ .‬صفحة ‪ 673‬و‪674‬‬
‫محمد بن جرير الطبري‪ .‬تفسير الطبري‪ ،‬تفسير سورة البقرة القول في تأويل قوله تعالى‪« :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب‬
‫‪ .‬على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» [تفسير الطبري]‪ .‬دار المعارف‪ .‬صفحة ‪ 413‬وما بعدها‬

‫اإلمام فخر الدين الرازي أبو عبد هللا محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني األصل (‪ 1425‬هـ‪2004 /‬م)‪ .‬تفسير الرازي‪ ،‬تفسير‬
‫سورة البقرة‪ ،‬قوله تعالى‪« :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» [التفسير الكبير أو مفاتيح‬
‫‪.‬الغيب]‪ .‬بيروت‪ -‬لبنان‪ :‬دار الكتب العلمية‪ .‬صفحة ‪ 60‬وما بعدها‬

‫تفسير القرآن العظيم‪ ،‬البن كثير‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬تفسير سورة البقرة تفسير قوله تعالى‪" :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام"‪ ،‬ص‪( :‬‬
‫‪)397.‬‬

‫موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة‪ .‬المغني البن قدامة‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬مبطالت الصيام‪ ،‬الفصل الثالث‪ :‬يفطر بكل ما‬
‫‪ .‬أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده (الطبعة األولى)‪ .‬دار إحياء التراث العربي‪ .‬صفحة (‪)2020‬‬

‫‪ .‬رواه الخمسة إال النسائي عن أبي هريرة‪ .‬نيل األوطار للشوكاني‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .204‬الفقه اإلسالمي ج‪ 3‬ص‪1706‬‬

‫متفق عليه‬

‫‪.‬رواه البخاري ومسلم‬

‫يحيى بن شرف النووي‪ .‬المجموع شرح المهذب كتاب الصيام‪ ،‬باب السحور في الصوم‪ ،‬ج‪( 6‬الطبعة ط‪.‬د د‪.‬ط)‪ .‬مطبعة المنيرية‪ .‬صفحة‬
‫‪ 404.‬وما بعدها‬

‫رواه مسلم في صحيحه‬

‫رواه أحمد‬

‫‪.‬رواه أبو داود والترمذي وقال‪ :‬هو حديث حسن صحيح‬

‫‪ .‬رواه أبو داود والترمذي وقال‪ :‬حديث حسن ورواه الدارقطني‪ ،‬وقال‪ :‬إسناده صحيح‬

‫اإلمام النووي‪ .‬المجموع شرح المهذب‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬ما يفطر عليه الصائم ج‪( 6‬الطبعة د‪.‬ت د‪.‬ط)‪ .‬مطبعة المنيرية‪ .‬صفحة ‪ 407‬وما‬
‫‪.‬بعدها‪ .‬مؤرشف من األصل في ‪ 7‬أغسطس ‪2017‬‬

‫رواه أبو داود والنسأئي‬

‫‪ .‬سنن أبي داود‪ ،‬باب القول عند اإلفطار‪ ،‬وفي بعض النسخ باب ما يقول إذا أفطر‪)2357( .‬‬

‫‪.‬رواه الترمذي وقال‪ :‬هو حديث صحيح ورواه النسائي أيضا وغيره‬

‫رواه أحمد انظر المجموع للنووي‬

‫‪.‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب قدر كم بين السحور وصالة الفجر‪ .‬رقم‪)1821( :‬‬

‫‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب قدر كم بين السحور وصالة الفجر‪ ،‬صفحة رقم‪)165( :‬‬

‫رواه البخاري ومسلم‬

‫تفسير الطبري‬
‫‪.‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب تأخير السحور‪ ،‬حديث رقم‪)1820( :‬‬

‫سورة الطالق آية‪)2( :‬‬

‫تفسير ابن كثير‪ ،‬سورة البقرة ج‪ 1‬ص‪ 513‬وما بعدها‬

‫‪.‬صحيح البخاري كتاب الصوم‪ ،‬باب تعجيل الفطر حديث رقم‪)1856( :‬‬

‫فتح الباري شرح صحيح البخاري البن حجر العسقالني حديث رقم‪ )1856( :‬ص‪ 234‬وما بعدها‪ .‬نسخة محفوظة ‪ 07‬أغسطس ‪2017‬‬
‫‪.‬على موقع واي باك مشين‬

‫ابن حجر العسقالني‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب الصوم‪ ،‬باب‪ :‬متى يحل فطر الصائم رقم الحديث‪ .1853 :‬دار الريان‬
‫‪.‬للتراث‪ .‬صفحة ‪ .231‬مؤرشف من األصل في ‪ 7‬أغسطس ‪2017‬‬

‫فتح الباري شرح صحيح البخاري البن حجر العسقالني‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب‪ :‬يفطر بما تيسر من ماء أو غيره‪ ،‬حديث رقم‪ 1855 :‬ص‬
‫‪ 233‬دار الريان للتراث‬

‫‪.‬رواه أحمد وأبو داود‪ ،‬والحاكم في المستدرك‬

‫‪ .‬نيل األوطار‪ ،‬للشوكاني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬كتاب الصالة‪ :‬أبواب المواقيت‪ :‬باب وقت صالة المغرب‪ ،‬صفحة رقم‪)7( :‬‬

‫ابن دقيق العيد (‪ 1416‬هـ‪ 1995 /‬م)‪ .‬إحكام األحكام شرح عمدة األحكام‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬حديث من صام يوما في سبيل هللا‪ ،‬رقم‪( :‬‬
‫‪ )204.‬الحديث الثامن‪ .‬دار الجيل‬

‫‪ .‬متفق عليه وأخرجه البخاري في كتاب الصيام الجهاد والسير ـ باب فضل الصوم في سبيل هللا ـ برقم‪)2840( :‬‬

‫إحكام األحكام شرح عمدة األحكام كتاب الصيام حديث أحب الصيام إلى هللا صيام داود‪ - 198 ،‬الحديث الثاني‬

‫قال أبو عيسى هذا حديث مرسل عامر بن مسعود لم يدرك النبي صلى هللا عليه وسلم وهو والد إبراهيم بن عامر القرشي الذي روى عنه‬
‫‪.‬شعبة والثوري‬

‫‪ .‬سنن الترمذي كتاب الصوم عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬باب ما جاء في الصوم في الشتاء‪ ،‬رقم‪)797( :‬‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي‪ ،‬صحيح البخاري (‪ 1414‬هـ‪1993 /‬م)‪ .‬كتاب النكاح‪ ،‬باب الترغيب في النكاح‪ ،‬الجزء الخامس‪.‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح لقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء اآلية‪ ،‬حديث رقم‪.)4776( :‬‬
‫‪.‬دار ابن كثير‪ .‬صفحة ‪1949‬‬

‫أحمد بن علي بن حجر العسقالني (‪ 1407‬هـ‪1986 /‬م)‪ .‬كتاب النكاح‪ ،‬باب الترغيب في النكاح‪ ،‬حديث رقم‪[ )4776( :‬فتح الباري‬
‫‪.‬شرح صحيح البخاري]‪ .‬دار الريان للتراث‪ .‬صفحة ‪ 7‬و‪8‬‬

‫شرح الكوكب المنير في أصول الفقه‪ ،‬البن النجار الفتوحي‪ ،‬فصل‪( :‬المندوب) ج‪ ،1‬ص‪ 408‬نسخة محفوظة ‪ 26‬يناير ‪ 2020‬على‬
‫‪.‬موقع واي باك مشين‬

‫سنن الترمذي حديث رقم‪)732( :‬‬

‫سنن الترمذي كتاب الصوم عن رسول هللا ﷺ‪ ،‬باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع‪ ،‬رقم‪)732( :‬‬

‫محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري‪ .‬شرح سنن الترمذي كتاب الصوم عن رسول هللا ﷺ‪ ،‬باب ما جاء‬
‫‪.‬في إفطار الصائم المتطوع‪ ،‬رقم‪ .)732( :‬دار الكتب العلمية‪ .‬صفحة ‪ 356‬وما بعدها‬
‫أحمد بن علي ابن حجر العسقالني (‪ 1407‬هـ‪ 1986 /‬م)‪ .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬كتاب اآلداب‪ ،‬باب صنع الطعام والتكلف‬
‫‪.‬للضيف‪ ،‬حديث رقم‪ .)5788( :‬دار الريان للتراث‪ .‬صفحة ‪551‬‬

‫‪.‬المجموع شرح المهذب‪ ،‬للنووي ص‪ 446‬وما بعدها نسخة محفوظة ‪ 07‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‬

‫أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني (‪1406‬هـ‪ 1986/‬م)‪ .‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬كتاب الصوم (الطبعة الثانية)‪ .‬دار الكتب‬
‫‪.‬العلمية‪ .‬صفحة ‪ 75‬وما بعدها‬

‫‪.‬فصل حكم فساد الصوم ج‪ 2‬ص‪ 94‬وما بعدها نسخة محفوظة ‪ 07‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‬

‫موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة (‪ 1405‬هـ‪1985 /‬م)‪ .‬المغني البن قدامة كتاب الصيام مسألة من دخل في صيام تطوع فخرج منه‬
‫‪.‬فال قضاء عليه‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مسألة رقم‪( )2097( :‬الطبعة األولى)‪ .‬دار إحيار التراث العربي‪ .‬صفحة ‪ 44‬وما يليها‬

‫محمد بن علي الشوكاني (‪1413‬هـ‪ 1993/‬م)‪ .‬نيل األوطار‪ ،‬أبواب صالة التطوع‪ ،‬باب ما جاء في قيام الليل‪ ،‬الجزء الثالث حديث رقم‪( :‬‬
‫‪( )949.‬الطبعة األولى)‪ .‬دار الحديث‪ .‬صفحة ‪69‬‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب وجوب صوم رمضان وقول هللا تعالى‪﴿ :‬يا أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم‬
‫‪.‬الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾‪ ،‬حديث رقم‪[ 1793 :‬الجامع الصحيح]‬

‫محمد بن إسماعيل البخاري‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم باب وجوب صوم رمضان وقول هللا تعالى‪﴿ :‬يا أيها الذين ءآمنوا كتب عليكم‬
‫‪.‬الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾‪ ،‬حديث رقم‪[ 1794 :‬الجامع الصحيح]‬

‫مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري‪ .‬صحيح مسلم كتاب الصيام‪ ،‬باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعا لرمضان‪ ،‬الجزء الثاني‪،‬‬
‫‪ ) 1984(.‬باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعا لرمضان رقم الحديث‪ .)1164( :‬دار إحياء الكتب العربية‪ .‬صفحة ‪822‬‬

‫محمد شمس الحق العظيم آبادي (‪ 1415‬هـ‪ 1995 /‬م)‪ .‬عون المعبود سنن أبي داود‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب في صوم يوم عرفة بعرفة‪ ،‬باب‬
‫‪.‬في صوم يوم عرفة بعرفة‪ ،‬حديث رقم‪ .)2440( :‬دار الفكر‪ .‬صفحة ‪85‬‬

‫‪.‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب صوم يوم عرفة‪ ،‬حديث رقم‪)1887( :‬‬

‫صحيح البخاري حديث رقم‪)1888( :‬‬

‫محمد شمس الحق العظيم آبادي (‪ 1415‬هـ‪ 1995 /‬م)‪ .‬عون المعبود سنن أبي داود‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب في صوم يوم عرفة بعرفة‪ ،‬باب‬
‫‪.‬في صوم يوم عرفة بعرفة‪ ،‬حديث رقم‪ .)2441( :‬دار الفكر‬

‫‪ .‬رواه الخمسة إال أبا داود‪ ،‬لكنه له من رواية أسامة بن زيد‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‬

‫محمد بن علي الشوكاني (‪ 1413‬هـ‪ 1993 /‬م)‪ .‬نيل األوطار‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬أبواب صوم التطوع‪ ،‬باب الحث على صوم اإلثنين‬
‫‪.‬والخميس‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬رقم الحديث‪( )1725( :‬الطبعة ‪ .)1‬دار الحديث‪ .‬صفحة ‪295‬‬

‫‪ .‬رواه أحمد والترمذي‪ ،‬والبن ماجه معناه وألحمد والنسائي هذا المعنى من حديث أسامة بن زيد‬

‫محمد بن علي الشوكاني (‪ 1413‬هـ‪ 1993 /‬م)‪ .‬نيل األوطار‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬أبواب صوم التطوع‪ ،‬باب الحث على صوم اإلثنين‬
‫‪.‬والخميس‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬رقم الحديث‪( )1726( :‬الطبعة ‪ .)1‬دار الحديث‪ .‬صفحة ‪ 294‬و‪295‬‬

‫‪.‬رواه أحمد ومسلم وأبو داود‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب استحباب صيام ثالثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء واإلثنين والخميس‪ ،‬الحديث‬
‫الخامس رقم‪)1162( :‬‬

‫محمد بن علي الشوكاني (‪ 1413‬هـ‪ 1993 /‬م)‪ .‬نيل األوطار‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬أبواب صوم التطوع‪ ،‬باب الحث على صوم اإلثنين‬
‫‪.‬والخميس‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬رقم الحديث‪( )1727( :‬الطبعة ‪ .)1‬دار الحديث‪ .‬صفحات ‪ 294‬و‪295‬‬

‫ابن دقيق العيد (‪ 1416‬هـ‪ 1995 /‬م)‪ .‬إحكام األحكام شرح عمدة األحكام كتاب الصيام حديث أوصاني خليلي بثالث‪ ،‬الحديث الثالث رقم‪:‬‬
‫‪ .)199(.‬دار الجيل‪ .‬صفحة ‪ 416‬وما بعدها‬

‫‪.‬أخرجه النسائي في السنن الصغرى حديث رقم‪ )2390( :‬نسخة محفوظة ‪ 07‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‬

‫رواه البخاري في كتاب الصوم باب صوم يوم وإفطار يوم‪ ،‬حديث رقم‪)1877( :‬‬

‫‪.‬مسند اإلمام أحمد حديث رقم‪ )6690( :‬نسخة محفوظة ‪ 07‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‬

‫إحكام األحكام شرح عمدة األحكام‪ ،‬البن دقيق العيد‪ ،‬كتاب الصيام حديث أحب الصيام إلى هللا صيام داود‪ ،‬الحديث الثاني رقم‪( :‬‬
‫‪ )198.‬نسخة محفوظة ‪ 07‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‬

You might also like