Professional Documents
Culture Documents
صمت العاملين
صمت العاملين
مقدمة
إن المورد البشري يمثل األداة الرئيسة نحو بلوغ األهداف والتطوير' والتنمية على مستوى
المؤسسات بل والدول أيضا ً ،وهو العنصر الذي يتمتع بحرية التفكير والتعبير ،ويملك لغة
الحوار الهادف في ظل جو من الديموقراطية وروح التعاون والعمل الجماعي والعدالة
والمشاركة والشعور باألمان والثقة واالنتماء الحقيقي ،ولن يتحقق هذا إذا شعر العنصر
البشري بالقهر والظلم داخل المنظمة التي يعمل بها ،وأصبح إنسان اً مقهورا ومسلوب
اإلرادة ،فالعامل ليس مجرد ألة تستخدمها المنظمة لإلنتاج ،بل إنه بمثابة مجموعة من
المشاعر والعواطف اإلنسانية التي تتطلب شعو ره بالحرية واإلحساس باألمان والثقة والتحرر
من كل أشكال القهر التي يمكن أن يتعرض لها داخل منظمته ،األمر الذي يضع على
المسئولين في مؤسسات القطاع العام والخاص دورا أساسيا ً في تهيئة المناخ لهذاالعنصر
المميز لكي يمارس دو ره بعيداً عن القهر الوظيفي الذي يتعرض له المقامة
ان اغلب العاملين في منظماتنا يلتزمون الصمت حيال القضايا التي تحدث في العمل والسبب
يعود في ذلك الى عدم تقبل هذه المنظمات ألي معارضة حتى وان كانت شرعية اذ تعدها
تهديدا لوجودها ومصالحها هذا من جهة ومن جهة اخرى قناعة هؤالء االفراد بانه ال توجد
هناك امكانية لتغييراالوضاع التنظيمية القائمة والغير مرغوب فيها ورفض االدارة التخاذ أي
اجراء لتصحيحها فنجدهم يتقبلون ويتطبعون للظروف التنظيمية القائمة بدال من تعديلها
ومقاومتها كذلك خشيتهم من فقدانهم لمراكزهم الوظيفية اوخسارتهم لحوافز مادية كان من
المتوقع الحصول عليها مما ينعكس بالتالي على فقدانهم الثقة بأنفسهم وشعورهم بالعجز
وانخفاض الدافعية للتعلم وبالتالي على تطوير ادائهم وبما ان اداء العاملين هو التفاعل بين
السلوك واالنجاز ،اي انه مجموع السلوك والنتائج التي تحققت معاً ،ويعرف ايضا ً
بالمسؤوليات والواجبات واألنشطة والمهام التي يتكون منها عمل الفرد الذي يجب عليه القيام
به على الوجه المطلوب ،فان اختالف انجاز األعمالبين األفراد تعود إلى السمات الشخصية
والقيم والمعتقدات التي يتسم بها الفرد بين األداء الضعيف واألداءالمتميز '،وان أداء العمل هو
كمية ونوعية المهام والواجبات المنجزة بواسطة األفراد أو المجموعات في العمل الذي يجب
أن يساهم في انجاز أهداف المنظمة ،وعلى المنظمة اذا ما ارادت ان تحقق اهدافها بواسطة
العاملين فأنها يجب ان تأخذ بنظر االعتبار دراسة السمات الشخصية لعامليها وما يتطلبه من
اجراءات لتحقيق غاياتهم الشخصية وبالتالي فان المنظمة ستحصل على رضا العاملين
ووالءهم لها وانخفاض في معدالت غيابهم وزيادة في ابداعهم وإنتاجيتهم ،وعلى هذا األساس
فمشكلة البحث تتمثل بعدم وضوح الرؤية ألهمية هذاالموضوع' ولمحدودية االهتمام بمسببات
الصمت التنظيمي والتحسس بوجود حاالت صمت استناداً إلى االستطالع الذي تم اجراؤه،
لذلك جرى االستناد إلى عدد من الفرضيات الرئيسة والفرعية للتقصي عن اسباب الصمت
التنظيمي لدى االفراد العاملين وأثرها في أدائهم كان منها :توجد عالقة ارتباط عكسية ذات
داللة معنوية بين اسباب الصمت التنظيمي واداء العاملين .يوجد تأثير عكسي ذو داللة معنوية
ال سباب الصمت التنظيمي في اداء العاملين'.
اوال :مفهوم الصمت التنظيمي
ازداد في الفترة الزمنية االخيرة االهتمام بموضوع الصمت التنظيمي الرتباطه بكفاءة وفاعلية
المنظمة
وسلوكيات األفراد العاملين السلبية والتي أصبحت من المشكالت المعيقة لعملية التقدم والتطور
.اذ يعد مفهوم الصمت من المفاهيم الحديثة والغير مألوفة ألول وهلة السيما وأنه من الصعب
تحديد مفهوم محدد له ،حيث مر هذا المفهوم بثالثة حقب زمنية ،الحقبة األولى كانت من
1970حتى منتصف 1980وكان التركيز الرئيسي لألبحاث في هذا العقد حول مفهوم
الصوت ،الفترة الثانية من منتصف 1980حتى عام 2000كان التركيز الرئيسي للبحوث
حول الكالم ،ماعدا بعض االنتباهات البسيطة حول سلوك الصمت،
أما الفترة الحالية والتي تمتد من 2000إلى أالن فقد كان التركيز الرئيسي حول مفهوم
الصمت
وقد كانت التعريفات المقدمة خالل هذه الفترات الثالثة يشوبها العديد & Greenberg
)Edwards, 2009
من االختالفات والقواسم المشتركة حيث قدمت ووفقا ً لمستوى تحليلها مفاهيم مختلفة للصمت.
ولكننا سنحاول هنا
طرح أراء بعض الباحثين في سبيل التوصل إلى عناصر مشتركة لهذه المفاهيم ،إذ يرى كل
من
إن الصمت التنظيمي (ليس السلوك الفردي وإنما ينتشر في جميع أجزاء
المنظمة ،فهو الموقف العام لإلفراد العاملين تجاه القضايا التي تحدث داخل المنظمة) .بينما
يراه
بأنه ذلك الخيار السلوكي الذي من الممكن إن يدهور أو يحسن األداء التنظيمي (
بأن الصمت التنظيمي هو (حجب األفكار واآلراء والمعلومات أو (,Brinsfieid., etal
ككل).ويشير ( 2009
فتشير إلى أن الصمت (ذلك ( ,Subraالتخوف وعدم إعالنها تجنبا لآلثار السلبية المترتبة
عليها .أما الموقف الذي يمتنع فيه الموظف عن قول معلومة قد تكون مفيدة للمنظمة سواء عن
قصد أو غير قصد في مفهومه للصمت حيث يشير إلى انه الحجب المتعمد (Deniz ,
, Noyan , Ertosunويختلف ( 2013
ثانيا :اسباب الصمت التنظيمي
إلى أن أكثر االسباب شيوعا (( Demir & Ozturk
عمليات صنع القرار في المنظمة ،وعدم قدرة المدراء على اتخاذ القرار ،وانخفاض الكفاءة
التنظيمية وضعف
األداء المنظمي ككل .هذه المشاكل وغيرها تحدث بسبب امتناع األفراد العاملين من التحدث
عنها أو مناقشتها
واعتقادهم بأنهم سوف يعاقبون إذا كانت آراءهم معارضة ( , Rosemaryخوفا من ردود
الفعل السلبية ( 2003
( , Morrison & Millikenلتوجهات المنظمة ( 2000
-٢الخوف من العزلة االجتماعية -:إن السبب الرئيسي لصمت األفراد تجاه المشاكل
التنظيمية هو الخوف من
العزلة االجتماعية داخل عمله واعتقاده بأنه إذا عبر عن المشاكل داخل المنظمة سوف يسبب
مشاكل أخرى
كما إن خصائص المنظمات نفسها وهيكلها التنظيمي قد ال تسمح للموظفين بالتعبير عن
المشاكل المتعلقة
بالتنظيم .وان التحدث عن المشاكل والهموم ينظر لها من قبل المدراء بأنها سلوك سلبي سوف
يقلل من الثقة
واالحترام تجاه اإلفراد وبالتالي يدفعهم إلى التزام الصمت خوفا من إن تصرفاتهم ومواقفهم قد
يضر بوضعهم
-٣نقص الخبرة خبرة الماضي) -:يلجا االفراد العاملين الى التزام الصمت ليس فقط بسبب
تجاربهم
) , Milliken & Morrisonالشخصية السابقة السيئة ولكن ايضا من المحادثات مع زمالءهم
ونتائجها عليهم
.) 2003فنجد االفراد الذين كانوا تحت تأثير التجربة السابقة الذي مروا بها يتجنبون اثارة
المشاكل او مناقشاتها
مع زمالءهم او رؤسائهم المباشرين على الرغم من ادراكهم ألهمية الوقوف عليها في وقت
مبكر فيفضلون
التفكير في عدم اثارة مثل هذه المشاكل التي قد ال يؤخذ بها وتكون السبب في حدوث مشاكل
مع مسؤوليهم.
)Erenler , 2010(.
-٤الخوف من االضرار بالعالقات -:على الرغم من ادراك االفراد العاملين لنقاط الضعف في
الهيكل التنظيمي
والعمليات داخل المنظمة و ،اال انهم يقررون عدم اقتراح الحلول لها ال دراكهم بان االفراد
االخرين سوف لن
يكونوا سعيدين بهذه المقترحات كما ان السبب الرئيسي االخر هو الخوف من فقدان العالقات
مع زمالئهم
,Milliken & Morrison(.االخرين والذي يعدونها شيئا قيما ال يمكن التنازل عنه او
خسارته ( 2003
-٥مخاوف تتعلق بالعمل -:يتجنب األشخاص داخل المنظمة من ذكر مشاكلهم العتقادهم بان
ذلك محفوف
بالمخاطر ،لذا يفضلون عدم شرح أفكارهم خشية أن ينظر لهم اآلخرين بأنهم يخلقون المشاكل
وكذلك خوفا من
فقدان الترقية او التعرض الى سوء المعاملة وعدم العدالة من قبل االدارة العليا.
ثانيا – مفهوم صمت العاملين
يعتبر Morrison and Millikenأول من أطلقا مفهوم صمت العاملين عام ، 2000
ويعرف
بأنة إحجام أو عزوف العاملين عن المشاركة في أي حوا ا رت تنظيمية سواء بتقديم معلومات
أو طرح
أفكار أو تقديم حلول للمشكالت أو عدم اإلخبار عن أي مشكالت حالية أو متوقعة في المستقبل
،
سواء بقصد أو بدون قصد ،ألسباب ترجع إلى الفرد أو المنظمة Liang and Wang ,
2016
Chou and Chang , 2017و ينظر إليه أيضا ً على أنه حجب أي شكل من أشكال التعبير
الحقيقي عن سلوك ومعرفة الفرد أو التقييم الفعال للظروف التنظيمية لألف ا رد الذين يعتقد
أنهم قادرون
على إحداث التغيير ) ، ( Shalini , 2019كما أنه ظاهرة سلوكية تتمثل في إحجام العاملين
عن تقديم
المعلومات حول مشكالت وقضايا العمل المختلفة ،واإلمتناع عن تقديم المقترحات واألفكار
التي ت ساهم
في عملية التحسين والتطوير التنظيمي سواء بشكل متعمد أو غير متعمد ،وقد يرجع ذلك
ألسباب
شخصية أو إدارية أو تنظيمية ويشير )يوسف ( 2016 ،إلى أن صمت العاملين هو ميل
الموظف إلى منع أو تجنب تقديم المعلومات أو االراء واإلحجام عن الحديث في مشاكل
وقضايا العمل بالمنظمة ،وبالتالي قلة أو محدودية مشاركتهم في مواجهة هذه المشكالت ،وذلك
بسبب بعض المحددات التنظيمية والفردية التي قد تشجع على خيار الصمت .ويرى كل من )
عبودة ،حسين ( 2016 ،أن صمت العاملين يعنى تردد الموظف عن الحديث في مشكالت
العمل أو تقديم أيه مقترحات أو معلومات عن الحديث في هذه المشكالت المتعلقة بالعمل أو
تقديم أية مقترحات أو معلومات قد تكون مفيدة للمنظمة ،سواء كان ذلك بشكل متعمد أو خوفا ً
من ردود الفعل السلبية.
نستخلص من ذلك أن صمت العاملين ظاهرة سلوكيه تتمثل في أحجام العاملين عن تقديم
المعلومات أواالراء حول مشكالت وقضايا العمل المختلفة وحجب األفكار والمقترحات التي ت
ساهم في
عملية التحسين والتطوير في المنظمة بشكل معتمد أو للخوف من ردود األفعال السلبية ،وهذا
يرجع
ألسباب متعددة منها ما هو شخصي أو تنظيمي أو إداري.
وحدد الباحثين أربعة أبعاد لسلوك صمت العاملين )رضوان 2017 ،؛ Shalini , 2019؛
( , Van Dyne ,2003وهذه األبعاد هى :صمت القبول أو اإلذعان ،الصمت الدفاعي ،
الصمت الوقائي ،الصمت الداعم للعالقات االجتماعية ،ويمكن توضيحها كما يلي:
يقصد به الحجب السلبي لألفكار ذات الصلة بالعمل ،والذي ينطوي على الخضوع
واالستسالم ،أي امتناع الفرد عن التعبير عن أفكاره المرتبطة بالتغيير إلعتقاده بأن التحدث
غير مجدي
،كما يشير إلى احتفاظ الفرد بمعلوماته وارائة لنفسه ،إلعتقاده بانخفاض قد ا رته الشخصية
على إحداث
التأثير المطلوب ،وفي كل األحوال يكون الصمت لدى العاملين نتيجة لإلستسالم أو القبول
باألمر
الواقع .وال شك أن هذا النوع من الصمت يزداد في ظل نظم القيادة األوتوق ا رطية ال
متشددة والنظم
الرسمية التي تندرج فيها السلطة من أعلى ألسفل.
سلوك الصمت الدفاعي هو الصمت القائم على خوف العامل من الحديث وما يترتب عليه من
ردود أفعال سلبية ،ويكون الهدف منه في المقام األول حماية الفرد لذاته وتجنب وقوع أي
ضرر
شخصي مادى أو معنوي ،بمعنى أن الصمت الدفاعي يشير إلى حجب االراء والمعلومات
استناداً إلى
حماية الفرد لذاته ،حيث يتردد العاملون في التعبير عن أرائهم ومقترحاتهم في قضايا ومشاكل
المنظمة
،عندما يدركون أن التعبير عن هذه اآل ا رء أوالمقترحات محفوف بالمخاطر الشخصية ،
مثل)عدم الترقية
أو فقدان الوظيفة أو الخصم من األجر( ،ومن ثم يعتبر سلوك الصمت الدفاعي شكل من أشكال
الحماية الذاتية والدفاع عن النفس.
الصمت الوقائي Protective Silence
يرى ) ( Morrison & Milliken ,2000أن أحد أهم عوامل صمت العاملين هو الحفاظ
على
العالقات الجيدة مع المنظمة والعاملين بها ،حيث يختار الموظف أن يبقى صامتا ً المشاكل التي
تحدث
داخل المنظمة اعتقاداً منه أن ذلك لن يلقى قبول من اآلخرين ،وسيؤدي إلى إفساد العالقات
الشخصية
،وبالتالي يرفض المشاركة أو التداخل بالرأى فى الصراعات تحدث داخل المنظمة.
كما أشار ) ( Perlow & Repenning ,2009أن أحد أشكال الصمت الوقائي قبول العاملين
للقرارات التي تصدر من اإلدارة ،وذلك لتجنب إحداث أي مشكلة في المنظمة إلعتقادهم أن
المشاركة
بآرائهم وأفكارهم قد تؤثر سلبا ً على نجاح المنظمة ،وقد تفقدهم عالقاتهم الجيدة مع اآلخرين.
الصمت االجتماعي Pro – Social Silence
يقصد بسلوك الصمت االجتماعي حجب األفكار واآل ا رء والمقترحات في قضايا ومشاكل
العمل
بالمنظمة بهدف تحقيق المنفعة للمنظمة وأعضائها ،بدافع اإليثار أو التعاون مع اآلخرين
ويفسر
Van Dyne et alسلوك الصمت االجتماعي بالمعلومات أو األفكار واآل ا رء والمقترحات
ذات العالقة بقضايا ومشاكل المنظمة لم ا رعاة شعور اآلخرين
أو لتحقيق منافع لهم ،أي أنه نوع من الصمت يهدف إلى دعم العالقات االجتماعية.