االستاذ المشرف على التقرير :د .نجاة شاكر محمود
المشرع اكتفى بالرضا( المتبادل النعقاد الوكالة التجارية من اجل التيسير على المتعاقدين ,اما الكتابة فهي وسيلة لألثبات و ليست لالنعقاد. الرضا: أ- ليست هناك اي مقتضيات خاصة تبين كيفية ابرام عقد الوكالة التجارية ,و بالتالي نرجع الى القواعد العامة في ق.ل.ع ,اذن هنا يطبق كل ما يتعلق بإبرام( العقد على الوكالة التجارية ,و على راس هذه القواعد الرضا باإلضافة الى المحل و السبب المشروعين. اذن يكفي ان يكون هناك تراضي بين الوكيل و الموكل و ان يكون هذا الرضا( خاليا من العيوب ,و لم يحدد المشرع شكلية معينة إلبرام( الوكالة .و انما اشترط( الكتابة لإلثبات عندما نص في المادة 397من م.ت على انه يثبت عقد الوكالة التجارية ،وعند االقتضاء ،تعديالته بالكتابة .اذن يمكن ان يكون العقد شفويا ,عن طرق( المراسلة... , اما اطراف عقد الوكالة التجارية فهناك الموكل الذي يجب ان ينتمي الى فئة التجار او المنتجين او الوكالء التجاريين حسب المادة 393من م.ت .و الوكيل شخص محترف مستقل يكلف بصفة اعتيادية و من دون ان يكون مرتبطا( بعقد عمل ,بالتفاوض او ابرام العقود باسم و لحساب الموكل. اما التصرفات محل عقد الوكالة في كل البيوعات او االشرية او االكرية او غيرها من العمليات التجارية المشروعة .اما سبب عقد الوكالة فيشترط( فيه المشروعية ايضا.
الكتابة لإلثبات: ب-
بالرجوع الى نص المادة 397من م.ت الذي يجري سياقه على انه يثبت عقد الوكالة التجارية ،وعند االقتضاء ،تعديالته بالكتابة .من هنا يتبين ان المشرع جعل من الكتابة وسيلة اثبات و ليست لالنعقاد و يعتبر هذا استثناء من قاعدة حرية االثبات في المادة التجارية طبقا للمادة 334من م.ت .كما انه لم يشترط( في هذه الكتابة ان تكون رسمية او عرفية ,و انم وسع من مجال الكتابة حتى تتخذ اي شكل من االشكال .اذن الكتابة في الوكالة التجارية وسيلة لإلثبات كما هو عليه االمر في الوكالة العادية. و المشرع الفرنسي تعامل مع الكتابة بطريقة اخرى فقبل تعديل مرسوم( 1958كانت الكتابة الزمة لالنعقاد ,مما ترتب عنه وجود عدد كبير من الوكالء التجاريين ال يطبق علهم نظام الوكالة التجارية ألنها غير مكتوبة و المشرع الفرنسي( يشترط( ذلك .لكن بعد تعديل 1958اقر المشرع الفرنسي الكتابة بطريقة اخرى ,و هي انه سمح ألي طرف ان يطلبها ,و اذا لم تطلب المسألة جائزة .اذن االطراف( لهم الخيار في الكتابة من عدمها. لكن الكتابة بالرغم من ذلك هي ضرورية في المادة التجارية رغم ان المشرع لم يقرر ذلك, فهي مفيدة و جيدة و في مصلحة الطرفين اذ تحدد التزامات كل طرف على حدة مما يجعل حدا للنزاع حول تحديد هذه االلتزامات.
موضوع( الوكالة التجارية: ت-
ان مهمة الوكيل التجاري( من خالل المادة 393من م.ت تتجلى في المفاوضات مع الزبناء دون التعاقد معهم ,او في التعاقد معهم في مجال الشراء او البيع او اي عملية تجارية اخرى باسم و لحساب الموكل. المشرع الفرنسي عبر عن ذلك بعبارة مختلفة ,اذ استعمل التفاوض و عند االقتضاء التعاقد( فالمشرع( الفرنسي اذن جع الموضوع الرئيسي( للوكالة التجارية هو التفاوض ,و اضاف عند االقتضاء التعاقد (,بمعنى ان االصل في الوكالة التجارية انها ترد على التفاوض – المفاوضات التي تسبق ابرام العقد -و هي المفاوضات التي يقوم بها الوكيل مع الزبناء ,و يحاول اقناعهم و تعريفهم على البضاعة ,و يترك مسألة التعاقد الى الموكل هو الذي يتعاقد( معهم شخصيا( باسمه و لحسابه و يتحمل مباشرة االلتزامات المترتبة عن الوكالة. اما المشرع المغربي فانه سوى( بين االمرين و ان بدا في الكالم عن المفاوضات و اخره عن التعاقد .اذ يقول " بالتفاوض أو بالتعاقد( " ,اذن هي مسألة تخييرية ,الن المشرع المغربي( سوى بين االمرين و هو ما اثار االشكال على مستوى( الفقه ,يتعلق بمناقشة هل التفاوض يمكن ان يشكل موضوعا لوكالة تجارية ؟ الن الوكالة اصال تكون في التصرفات القانونية ,و التفاوض في نظر بعض الفقه ليس تصرفا( قانونيا (,و انما هو عمل يسبق التصرفات القانونية و لذلك قيل ان هذا العمل مادي سابق .و التالي ال يمكن ان يشكل موضوعا للوكالة .و بغض النظر عن هذا الرأي الفقهي ,الشيء الواقعي ان النصوص القانونية جعلت من التفاوض موضوعا للوكالة التجارية. المشرع الفرنسي و المغربي معا اعترفوا بالتفاوض كموضوع( للوكالة التجارية مغلبا ما فيه من عناصر قريبة من العناصر القانونية ,او قريبة من عناصر التصرفات القانونية.
محتوى العقد: ث-
محتوى( العقد هو ما يشمله من شروط( و مقتضيات ترمي الى توضيح كيفية التعاون بين الطرفين .و من اجل ذلك يجب استبعاد شروط و ادراج اخرى: شروط( ال يجب ادراجها( في العقد :هذه الشروط كثيرة و متعددة و ال يمكن - احصائها .نذكر منها: الشروط التي تحرف عقد الوكالة التجارية و تخرجها من اطارها القانوني (,كالشرط الذي يتعارض مع واجب الصدق و االعالم المتبادل ,او ان يشترط الموكل على الوكيل في العقد حرمانه من االجرة ,او ان يسمح الوكيل لنفسه بإمكانية عدم تحمله المسؤولية عن االخطاء الجسيمة ,او اعفائه من مهمة االشعار عندما يريد انهاء الوكالة .فهذه الشروط و مثيالتها ال يجب ان تدرج ضمن محتويات العقد. و كذلك الحال بالنسبة للشروط( التي تمنع الوكيل من تنظيم مقاولته ,من قبيل تتضمن الوكالة امكانية الموكل في انهاء عقد الوكالة باإلرادة المنفردة دون تعويض الوكيل التجاري ,او حرمان الوكيل من تشغيل اجراء او االستعانة بوكالء من الباطن ,او عدم القيام بنشاط( معين و لو انه غير منافس للموكل ... شروط( يجب ان يتضمنها العقد: - رغم ان المشرع لم يجعل من الكتابة وسيلة لالنعقاد و انما هي لإلثبات ,فانه من االفضل تضمين كل االتفاقات التي تتم بين االطراف تفاديا للنزاعات ,و ان كان المشرع قد ترك الحرية لألطراف( في تضمين كل ما يبدوا لهما مهما. وهكذا فان يجب ان يشير العقد الى ما يفيد ان العقد الرابط بينها عقد وكالة ,باإلضافة الى جميع التفاصيل التي يتم التفاوض حولها بدقة ,تفاديا للنزاع الذي قد يحث بينهما.
تنفيذ عقد الوكالة التجارية: -3
ان تنفيذ عقد الوكالة التجارية تخضع لنظام مزدوج .فهي تخضع للقواعد العامة من جهة ,و من جهة اخرى تخضع لمدونة التجارة .و بالتالي هناك التزامات تقع على عاتق الطرفين في كل من مدونة التجارة و ق.ل.ع.
االلتزامات المتبادلة بين طرفي( عقد الوكالة التجارية: أ-
تتمثل هذه االلتزامات في االلتزام بالصدق( و االعالم.
االلتزام بالصدق: -
االلتزام بالصدق( اصله اخالقي و ديني ,و المشرع استقاه من المجال االخالقي و الديني ليجعل منه التزاما قانونيا منصوص عليه في القانون عندما نص في المادة 395من م.ت على انه "يلتزم األطراف بصفة متبادلة بمراعاة قواعد الصدق واإلعالم" .اذن الصدق هذا يتمثل في التزام كل طرف بان يكون صادقا في كل تصريحاته و في كل افعاله المتعلقة بالوكالة في مواجهة الطرف االخر ,بمعنى ان يدلي اليه و ان يتعامل معه كما يريد ان يتعامل مع نفسه. فالصدق( هو ان تحب لألخرين ما تحبه لنفسك و ال تميز ما بينك و بين االخرين ,اذ سواء تعلق االمر بالوكيل او الموكل فكالهما ملزم بان يكون صادقا مع االخر ,اي ان يتعامل معه تماما بنفس الطريقة التي يريده ان يتعامل معه بها .اي ان يقدم له جميع الوقائع و المعلومات بصدق تام حتى و لو كانت تضره ,و هذا هو منتهى الصدق .بمعنى ان يكون صادقا الى درجة ان يفضي اليه بجميع البيانات حتى و لو لم تكن في مصلحته. هذا االلتزام( بدأ يدخل الى القانون شيئا فشيئا( الن الصدق هو منتهى االخالق و النزاهة ,و هذا ال يعني ان االخالق كانت منعدمة الصفة في القانون ,فاألخالق( مرتبطة بالقانون منذ نظام القبائل و العشائر (,و بالخصوص منذ عهد االغريق و الرومان دائما عرف اتصال بين القانون و االخالق و بين الدين ايضا .فاإلمبراطورية كانت تعاقب على افعال كانت تضر باألخالق و الدين خاصتا في عهد الجمهوريين. و القانون المغربي( في بداية سنه تأثر بهذا القانون الروماني( و تأثر باألخالق( و قواعد الدين االسالمي ,و لكن ليس الى حدود الصدق التام المنصوص عليه في المادة 395من م.ت .فهذا االلتزام جديد و منه بدأت االخالق تدخل الى مجال العقود التجارية بعدما كانت محصورة في الحدود المنصوص عليها في ق.ل.ع. فوجود( هذه االخالق في القانون المتعلق بالعقود باألساس يؤدي الى تفادي التصريح بوقائع( من شانها ان توقع المتعاقد االخر في الغلط او التدليس ,اي اال يرتكب عمل يمكن ان يغلط او يدلس على الطرف االخر. اذن ضمان عيوب الرضا هي محدودة في قدر معين من االخالق ,و لم تصل الى مستوى( االخالق التامة المنصوص( عليها في المادة 395من م.ت ,و ان كان في التدليس نوع من الجزاء على مخالفة قواعد الصدق بشكل اكبر وواسع عندما عاقب المشرع بمقتضى الفصل 52من ق.ل.ع على كل من يدلس على الطرف االخر بأفعال ايجابية او حتى الكتمان او السكوت عن واقعة معينة ,الذي ادى الى التدليس على الطرف( االخر ,ألنه في حاجة ماسة الى معلومات معينة و انت لم تدلي بها فوقع في التدليس ,و لو ادليت بها لما ابرم العقد. اذن المشرع كان ذكيا منذ البداية في ق.ل.ع فأوقع( جزاء على التدليس الذي يتم عن طريق الكتمان ,و رتب عن ذلك قابلية العقد لإلبطال ثم التعويض الن التدليس هو عمل غير مشروع. اذن يمكن القول بان المشرع( في التدليس اخذ بقواعد الصدق ألنه الزم المتعاقد بان يبوح للمتعاقد االخر بما لديه من معلومات عن العقد ... لكن مع ذلك المشرع لم يكن حريصا على ضمان االلتزام بالصدق( الكامل عندما وضع شروطا ال يمكن القول بان هناك تدليس بدونها .و اهمها ان يؤدي التدليس الى جر المتعاقد( االخر الى التعاقد – "التدليس الدافع" – اما اذا لم يكن دافعا التعاقد ,بمعنى ان المدلس عليه كان سيتعاقد( و لو لنه ادلى له بهذه المعلومات ,فانه ال يمكن القول بان هذا الطرف اخل بالتزامه بالصدق( و االدالء بالبيانات الى المتعاقد االخر .اذن الجزاء يمكن توقيعه لكن في حدود معينة .ثم يجب ان يرد هذا التدليس على خاصية اساسية في العقد ,و اذا لم ينصب هذا الكتمان على عناصر اساسية من عناصر التعاقد ال يمكن توقيع الجزاء على هذا الكتمان ,اذن كان هناك صدق لكنه في حدود معينة و مشروطة بشروط( معينة ال بمكن ان يتوفر( من خاللها الصدق التام. المشرع االن في مدونة التجارة غير هذا التوجه و اضاف( اليه شيء جديد و هو التزام الطرفين بمنتهى قواعد الصدق .بمعنى ال يجوز( ألي طرف ان يخفي شيئا عن الطرف( االخر, مهما كان اهميته سواء كان سيؤدي( الى التعاقد او ال ,دافع او عرضي ثانوي. و عذر المشرع في هذا االلتزام هو ان االمر يتعلق بوكالة ذات مصلحة مشتركة ,اذن طالما ان االمر يتعلق بمصلحة مشتركة بين الطرفين فلما ال نفرض الصدق التام. و يتمثل باألساس في: التزام الوكيل بعدم المنافسة :فبالنسبة للوكيل التجاري( يتجلى في االلتزام بعدم - المنافسة ,ألنه يعد مرتكبا( لخطأ اذا ما قام بتمثيل موكل منافس لموكله ,حسب المادة 393من م.ت .و ان كانت نفس المادة اجازت للوكيل تمثيل عدة موكلين لكن بشرط( االلتزام بعدم المنافسة ,و للقضاء السلطة التقديرية في تحديد ذلك .مع االشارة الى ان المشرع الفرنسي اجاز للطرفين االتفاق على مخالفة االلتزام بعدم المنافسة. التزام الموكل باحترام شرط( الحصر :هذا يعني ان العموالت الواجبة عن كل - العمليات التي اجريت في المنطقة التي اتفق عليها الموكل و الوكيل – غالبا ما يتم االتفاق على ذلك -بان على الوكيل ان يؤدي نشاطه في هذه المنطقة الجغرافية المعينة ,او ربطه بزبناء محددين او هما معا ,فان العمليات التي انجزت فيها تكون من نصيب الوكيل التجاري و لو من دون تدخله.