Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الثانية - الفصل الثاني -
المحاضرة الثانية - الفصل الثاني -
يرتكز التسجيل على مستوى ميزان املدفوعات على نظام قاعدة القيد املزدوج اليت تقوم على مبدأ أن كل
معاملة يسجل هلا قيدان متساويان ومتقابالن تعبريا عن عنصري التدفق الداخل والتدفق اخلارج لكل عملية
تبادل .فعند إجراء أي معاملة يسجل كل طرف فيها قيدا دائنا وقيدا مدينا مقابال حيث جند:
القيد الدائن :يضم صادرات السلع واخلدمات ،الدخل مستحق القبض ،اخنفاض األصول أو زيادة
اخلصوم ،زيادة يف التزامات الدولة اجتاه األجانب أو اخنفاض التزامات األجانب اجتاه الدولة.
القيد المدين :يضم واردات السلع واخلدمات ،الدخل مستحق الدفع ،زيادة األصول أو اخنفاض
اخلصوم ،زيادة التزامات األجانب اجتاه الدولة أو اخنفاض التزامات الدولة اجتاه األجانب.
_2أقسام ميزان المدفوعات
يتكون ميزان املدفوعات من 3أقسام رئيسية هي:
_1_2الحساب الجاري:
تسجل فيه حسابات القيود الدائنة واملدينة للمعامالت اجلارية اليت تتم بني املقيمني وغري املقيمني واليت
ختص:
_1_1_2حساب السلع والخدمات:
يقيد حساب السلع واخلدمات املعامالت يف البنود اليت متثل خمرجات من أنشطة االنتاج واليت قد تكون
يف شكل سلع عينية (جتارة منظورة) أو يف شكل خدمات (جتارة غري منظورة) كـ :خدمات النقل والتأمني،
خدمات البنوك والسياحة.....اخل ،ويعرب عنها عموما من خالل الصادرات (انتاج من جهة املقيمني)
والواردات(انتاج من جهة غري املقيمني).
2_2_2حساب الدخل األولي:
يبني هذا احلساب تدفقات الدخل األويل بني املقيمني وغري املقيمني واليت قد تكون مستحقة التحصيل
للمقيمني تسجل يف اجلانب الدائن أو مستحقة الدفع عليهم تسجل يف اجلانب املدين.
يتمثل الدخل األويل يف العائد على الوحدة االقتصادية نظري مسامهتها يف عملية االنتاج وقد يكون إما
دخال مرتبطا بعملية االنتاج كأجور العاملني والضرائب والدعم على االنتاج واملنتجات ،أو قد يكون مرتبطا مبلكية
أصول مالية غري منتجة يعرب عنه بدخل االستثمار يف شكل توزيعات أرباح وفوائد.
2
الفصل الثاني :ميزان المدفوعات :دراسة تحليلة
ويكون ميزان املدفوعات متعادال دائما من الناحية احملاسبية أي يتساوى فيه بالضرورة اجلانب الدائن مع
اجلانب املدين ،لكن من الناحية االقتصادية ال يتحقق التوازن فيه بالضرورة ،ألن هذا التوازن يعرب عنه من خالل
رصيد احلسابات الثالثة الرئيسية واليت قد تكون يف حالة فائض كما قد تكون يف حالة عجز.
_3أمثلة تطبيقية عن التسجيل في ميزان المدفوعات
_ تصدر شركة جزائرية سلعا قيمتها 011مليون يورو إىل فرنسا وتتلقى الدفع بوديعة باليورو يف حساهبا لدى
بنك " "BNPبباريس؛
هنا نسجل يف اجلانب الدائن حلساب السلع واخلدمات للجزائر ما قيمته 011مليون يورو ،مقابل
تسجيل ما قيمته 011مليون يورو يف اجلانب املدين من احلساب املايل ألنه يعرب عن زيادة اللتزامات األجانب
اجتاه اجلزائر.
_ ينفق سائح جزائري ما قيمته 0111يورو يف لندن مقابل خدمات الفندق والسفر واألكل بالسحب من
ودائعه باليورو على مستوى بنك HSBCبلندن؛
تسجل اجلزائر ما قيمته 0111يورو يف اجلانب املدين من حساب السلع واخلدمات مقابل تسجيلها ملا
قيمته 0111يورو يف اجلانب الدائن من حساهبا املايل قصري األجل ألن ذلك ميثل اخنفاضا يف التزامات األجانب
اجتاه اجلزائر.
_ يشرتي مستثمر جزائري أسهما من بورصة باريس مبا يعادل 0مليون يورو وذلك بالدفع عن طريق السحب من
ودائعه باليورو من بنك " "BNPبباريس؛
تسجل اجلزائر يف اجلانب املدين من حساهبا املايل طويل األجل ما قيمته 0مليون يورو (زيادة يف
األصول املالية األجنبية) مقابل تسجيلها ما قيمته 0مليون يورو يف اجلانب الدائن حلساهبا املايل قصري األجل ألن
ذلك ميثل اخنفاضا يف التزامات األجانب اجتاه اجلزائر.
_تدفع احلكومة اجلزائرية مساعدة لدولة افريقية مبا قيمته 0مليون يورو؛
تسجل اجلزائر يف اجلانب املدين من حساهبا الرأمسايل ما قيمته 0مليون يورو (حتويالت حكومية دون
مقابل) مقابل تسجيل ما قيمته 0مليون يورو يف اجلانب الدائن من حساهبا املايل طويل األجل ألن ذلك يعرب
عن تناقص يف ثروة الدولة (اخنفاض يف األصول).
_ يقرتض مستثمر جزائري ما قيمته 01مليون يورو لبناء مصنع يف دولة مايل؛
4
الفصل الثاني :ميزان المدفوعات :دراسة تحليلة
تسجل اجلزائر يف اجلانب الدائن من حساهبا املايل قصري األجل ما قيمته 01مليون يورو ألنه ميثل زيادة
يف التزامات الدولة اجتاه األجانب مقابل تسجيل ما قيمته 01مليون يورو يف اجلانب املدين من احلساب املايل
طويل األجل ألن ذلك يعترب زيادة يف األصول االستثمارية.
وينشأ عن التسجيل احملاسيب يف ميزان املدفوعات ملختلف املعامالت االقتصادية الدولية وفق قاعدة القيد
املزدوج حتقق املعادلة التالية :رصيد الحساب الجاري +رصيد الحساب الرأسمالي= رصيد الحساب المالي.
_4التحليل االقتصادي لميزان المدفوعات
يوزع الناتج الكلي يف اقتصاد دولة ما على عدة استخدامات كما تربزه املعادلة التالية:
)Y=C+I+G+X-M………………(1
حيث:
:Yالناتج الكلي :C ،استهالك العائالت واألفراد :I ،االستثمار(تكوين رأس املال)،
: Gاإلنفاق احلكومي :X ،الصادرات :M ،الواردات
وباعتبار أن اإلدخار الوطين يعرب عنه كما يلي:
)S=Y-C-G……….….(2
جند:
)S=I+X-M……………(3
مبعىن:
)S-I=X-M…………….(4
أي أن وضعية احلساب اجلاري تساوي إىل الفجوة بني اإلدخار واالستثمار .وميكن استعراض العالقة
املتبادلة بني ميزان احلساب اجلاري واالدخار واالستثمار مبزيد من التفصيل عن طريق التمييز بني القطاعني اخلاص
واحلكومي .وميكن حتديد االدخار اخلاص واالستثمار اخلاص على النحو التايل:
)………(5
وعليه ميكن كتابة املعادلة 4كما يلي:
)………….(6
وتوضح املعادلة 6أنه ما مل تتم موازنة اإلدخار احلكومي السالب بصايف اإلدخار يف القطاع اخلاص،
فسوف يسجل احلساب اجلاري عجزا .ومبزيد من التحديد ،تشري هذه املعادلة إىل أن التوازن املستهدف يف ميزانية
5
الفصل الثاني :ميزان المدفوعات :دراسة تحليلة
احلكومة Sg – Igقد يكون عامال مهما يؤثر يف ميزان احلساب اجلاري .وعلى وجه التحديد ،قد يكون
استمرار العجز يف احلساب اجلاري راجعا الستمرار احلكومة يف اإلنفاق مبا يتجاوز إيراداهتا ،وتفيد مثل هذه الزيادة
املفرطة يف اإلنفاق بأن اإلجراء الواجب اختاذه على مستوى السياسات هو تشديد سياسة املالية العامة.
_5االختالل في ميزان المدفوعات
إن اختالل ميزان املدفوعات وعدم توازنه يعترب أمرا واقعا بالنسبة لكافة االقتصاديات العاملية ،باعتبار
ديناميكية التطور اليت متيز النشاط االقتصادي من جهة والتقلبات العديدة اليت متسه من جهة أخرى ،واليت تدفع
حلالة عدم التوازن يف موازين املدفوعات ما بني الفائض والعجز.
ف قد تعاين الدولة من عجز يف ميزان مدفوعاهتا ،و يرتتب عن ذلك زيادة يف مديونيتها للعامل اخلارجي
فتعيش يف مستوى أكرب من إمكاناهتا احلقيقية .كما يرتتب عن هذا العجز أيضا اإلقبال على عمالت الدول
الدائنة و اخنفاض الطلب على العملة احمللية ،و استمرار هذا الوضع جيعل مركز هذه الدولة ضعيفا يف االقتصاد
الدويل فتنهار مسعتها االقتصادية بني املؤسسات املالية الدولية و اإلقليمية.
هناك العديد من أشكال االختالل يف ميزان املدفوعات (سواء كان حالة فائض أو حالة عجز) وتنقسم
إىل قسمني :
أ_ االختالل الطبيعي :وهو االختالل الذي حيصل يف الغالب نتيجة ظروف طبيعية قاهرة تؤثر على استمرارية
املصانع واألراضي على اإلنتاج ومن مث تدفع لرتاجع صادرات البلد املعين إىل مستوى جيعل من ميزان املدفوعات
يربز يف حالة عجز.
ب_ االختالل الموسمي :يتوقف على املدة اليت حدث فيها االختالل و ميس خاصة الدول اليت هلذه احملاصيل
املومسية أو منتجات مومسية .ففي فصل الشتاء مثال يزيد الطلب على البرتول و الغاز و مما يدفع الرتفاع أسعاره
بالشكل الذي يؤدي إىل استفادة الدول املصدرة له من تزايد يف جانب الصادرات الذي قد يدفع غالبا لتسجيل
حالة فائض يف مزيان املدفوعات ،لكن بعد هذه الفرتة عند تقلص الطلب على املنتجات الطاقوية يتالشي
الفائض املسجل سابقا تدرجييا ويتحول ميزان املدفوعات إىل حالة عجز أحيانا ،حيث أن مواجهة هذا االختالل
6
الفصل الثاني :ميزان المدفوعات :دراسة تحليلة
يتطلب من املسؤولني يف االقتصاد املعين تنويع الصادرات للحفاظ على مستوى مستقر من املداخيل ال تتأثر
بالدورة املومسية.
جـ_ االختالل الدوري :ميس هذا النوع من االختالل األنظمة الرأمسالية يف فرتات الرواج و الكساد تنعكس
أثارها على ميزان املدفوعات ،فهو حيقق عجزا و تارة حيقق فائضا و هذا الفائض أو العجز يطلق عليه االختالل
الدوري نسبة إىل الدورة االقتصادية ،و مثل هذا النوع من االختالل ميكن عالجه عن طريق اتباع السياسات
الظرفية النقدية و املالية اليت ميكن أن تكون سياسات توسعية أو انكماشية تبعا لوضعية الدورة االقتصادية.
_2_1_5االختالل الدائم ( الهيكلي ) :يعترب االختالل الدائم يف ميزان املدفوعات مبثابة االختالل الناتج عن
وضعية اهليكل االقتصادي لالقتصاد املعين واليت حتول دون متكنه من حتقيق التوان يف ميزان مدفوعاته كـ :ضعف
التقنية التكنولوجية يف عملية اإلنتاج نتيجة تراجع عمليات االبتكار والبحث والتطوير ،تراجع املنافسة يف النشاط
االقتصادي ،صرامة اللوائح التنظيمية لسوق العمل وسوق املنتجات وغريها من الصعويات اهليكلية ،مما يستدعي
تطبيق مجلة إصالحات هيكلية تؤثر على املدى الطويل يف بنية االقتصاد احمللي مبا ميكن من العودة إىل حالة
التوازن مليزان املدفوعات.
شهد الفكر االقتصادي العديد من املقاربات اليت جاءت لتقدم تفسريا لالختالل يف ميزان املدفوعات
تربز أمهها يف املقاربات التالية:
_1_2_5المقاربة النقدية:
يعترب أنصار هذه املقاربة أن ميزان املدفوعات هو يف األساس ظاهرة نقدية مبعىن أن أي اختالل فيه هو
دورا أساسيًا يف حتديده .إذ يعترب وضع ميزان
اختالل نقدي ،بعبارة أخرى أن الطلب على النقود وعرضها يلعبان ً
انعكاسا للقرارات اليت يتخذها األفراد فيه فيما خيص جتميع األرصدة املالية أو التخلي عنها،
ً املدفوعات لبلد ما
وعملية تعديل هذا املخزون املرغوب من األرصدة املالية هي اليت تؤدي إىل عجز أو فائض يف ميزان املدفوعات.
فإذا كان بلد ما صغريًا وكان هناك تنقل مثايل لرأس املال والبضائع وتكون األسعار احمللية ومعدالت
الفائدة حتدد خارجيا ،يف هذه احلالة جيب تلبية أي طلب زائد على األرصدة املالية ينشأ إما من مصادر حملية أو
نظرا ألن األسعار وأسعار الفائدة ال ميكن أن تتغري ،وإذا كان املكون احمللي للمخزون النقدي ثابتًا،
من اخلارج .و ً
7
الفصل الثاني :ميزان المدفوعات :دراسة تحليلة
فإن هذا الطلب الزائد سيؤدي إىل زيادة يف االحتياطيات الدولية (أي سيكون هناك فائض يف ميزان املدفوعات).
وقد تأيت هذه الزيادة يف االحتياطيات الدولية من خالل حتسني امليزان التجاري أو امليزان الرأمسايل أو كليهما.
واجلدير بالذكر أن املقاربة النقدية مليزان املدفوعات تتعامل فقط مع التأثري النهائي وليس مع القنوات اليت حيدث
من خالهلا هذا التأثري.
_2_2_5مقاربة المرونات:
تتعلق أسعار السلع واخلدمات على الصعيد الدويل حبركة أسعار الصرف .وبالتايل ،بعد عجز ميزان
املدفوعات ،تنخفض قيمة العملة الوطنية مما يؤدي إىل اخنفاض أسعار الصادرات وزيادة أسعار الواردات ،ومن مث
تشهد الدولة زيادة يف صادراهتا وتنخفض وارداهتا اليت تصبح أكثر تكلفة ومن مث ينخفض العجز األويل.
وحسب مقاربة املرونات ،فإن حتقق هذه اآللية مرتبط مبرونة الصادرات والواردات السعرية ،مبعىن أنه ال
يكفي فقط زيادة طلب املستهلكني األجانب على السلع احمللية إذا مل يواكب ذلك زيادة يف حجم العرض من
املنتجني احملليني مبا يواكب تلك الزيادة يف الطلب من األجانب .كما أنه يتوجب فعال أن تعكس ارتفاع تكلفة
الواردات تراجعا حقيقيا يف الطلب على السلع األجنبية .إن حتقق هذه الشروط يف إطار ما يسمى بـ"شرط
مارشال-لرينر" يعرب عنه من خالل ضرورة أن يكون جمموع القيم املطلقة ملرونة الواردات السعرية ومرونة الصادرات
السعرية أكرب من .0
_3_2_5مقاربة االمتصاص:
تعترب هذه املقاربة أن اخللل يف ميزان املدفوعات مرتبط بالفارق املوجود بني الطلب الكلي احمللي والعرض
الكلي ،وذلك من خالل املعادلة التالية BC=Y-A :حيث أن:
:BCاحلساب اجلاري؛
:Yالعرض الكلي؛
وبالتايل حسب هذه املقاربة ،إذا كان العرض الكلي غري كاف لتلبية الطلب الكلي احمللي ،فإنه سيكون
هنالك عجز يف احلساب اجلاري مليزان املدفوعات أي الواردات أكرب من الصادرات ،أي تلبية جزء من الطلب
الكلي احمللي (الذي مل يستطع اجلهاز االنتاجي احمللي تلبيته) عن طريق القطاع اخلارجي.
8
الفصل الثاني :ميزان المدفوعات :دراسة تحليلة
إن تعديل االختالل يف ميزان املدفوعات (من خالل وضعية احلساب اجلاري أساسا) سواء كان يف حالة
فائض أو يف حالة عجز يكون إما تعديال آليا (تلقائيا) أو عن طريق التدخل بتطبيق سياسة معينة كما يتوضح
فيما سيأيت:
_1_3_5التعديل اآللي(التلقائي)
يتم تعديل اإلختالل يف ميزان املدفوعات بصفة آلية دون أي تدخل من صناع قرار السياسة االقتصادية
وفق اآلليات التالية:
أ_ آلية التعديل السعري في ظل نظام قاعدة الذهب :ختص هذه اآللية نظام قاعدة الذهب الذي
كان معموال يف اإلقتصاد العاملي ما بني الفرتة ،0104_0781والذي كان يقوم باألساس على افرتاض :أن
عرض النقود يرتكز على الذهب أو أي عملة مغطاة بالذهب ،وأن املستوى العام لألسعار يتأثر بالتغري يف كمية
النقود .ومن مث فإن أي تغري يف وضعية ميزان املدفوعات يعدل آليا بالتغري يف األسعار الداخلية.
ففي حالة الفائض ،فإنه حيدث دخول للذهب لإلقتصاد احمللي يتسبب يف زيادة عرض النقود الذي
يؤدي حسب نظرية كمية النقود إىل ارتفاع يف املستوى العام لألسعار الداخلية ،وهو ما يدفع لرتاجع تنافسية
الصادرات وقلة الطلب عليها يف مقابل تزايد الطلب على الواردات كبديل للسلع احمللية مرتفعة األسعار ،وهو ما
يتسبب يف تالشي الفائض يف ميزان املدفوعات تدرجييا حىت العودة حلالة التوازن.
ب_ آلية التعديل السعري في ظل نظام الصرف المرن :يف ظل نظام الصرف املرن ،يتسبب العجز
يف ميزان املدفوعات يف تراجع الطلب على العملة احمللية وزيادة املعروض منها مما يدفع إىل تراجع قيمتها بشكل
يزيد من التنافسية السعرية للصادرات اليت يرتفع الطلب عليها يف مقابل تراجع الطلب على الواردات اليت تصبح
مرتفعة األسعار ،وهو ما يعين تالشي العجز وعودة ميزان املدفوعات تدرجييا حلالته التوازنية.
جـ_ آلية التعديل عن طريق الدخل :تنص هذه اآللية اليت تأيت يف إطار التحليل الكينزي الذي يفرتض
تواجد اإلقتصاد يف وضعية ما دون التشغيل الكامل .ومن مث فإنه وبناء على مفهوم آلية املضاعف فإن تغريا يف
مستوى التجارة الدولية يؤثر على مستوى الدخل القومي الذي بدوره يؤثر على طلب الواردات.
9
الفصل الثاني :ميزان المدفوعات :دراسة تحليلة
وعليه فإن زيادة قيمة الصادرات يتسبب يف زيادة قيمة الدخل القومي بقيمة تعادل ما يعرف بـ"مضاعف
التجارة اخلارجية" ،يف حني أن زيادة الدخل القومي سوف تدفع عن طريق امليل احلدي لإلسترياد إىل تزايد الطلب
على الواردات ،وهو ما يدفع لتالشي اإلرتفاع السابق يف قيمة الصادرات تدرجييا وعودة ميزان املدفوعات إىل
حالته التوازنية.
ميكن تعديل اإلختالل يف ميزان املدفوعات عن طريق تطبيق سياسات معينة يف حال عدم حتقق فعالية
آلية التعديل اآليل خصوصا إذا مل تتوفر اإلفرتاضات اليت تبىن عليها باألساس.
ويعترب حتقيق التوازن يف ميزان املدفوعات مبثابة التوازن اخلارجي القتصاد الدولة ،يف حني أن التوازن
الداخلي يعىن مبؤشرات النمو ،البطالة ،وضعية امليزانية ومعدل التضخم .وبالتايل ففي إطار السعي لتحقيق التوازن
االقتصادي العام يتوجب على صناع قرار السياسة االقتصادية اختيار السياسات املالئمة اليت متكن من حتقيق كال
التوازنني كما يربز فيما سيأيت:
تطبق السياسة املالية يف شكلها التوسعي يف حال ما إذا كان ميزان املدفوعات يف حالة فائض ،ألهنا
تدفع إىل زيادة الطلب على الواردات مبا ميكن من تالشي فائض الصادرات عن الواردات .يف حني أهنا تطبق يف
شكلها التقييدي إذا ما كان ميزان املدفوعات يف حالة عجز ألهنا تساهم يف احلد من الطلب على الواردات إىل
مستوى يوازي قيمة الصادرات لتحقيق توازن ميزان املدفوعات.
وباعتبار السياسة املالية التوسعية فعالة يف حتقيق التوازن اخلارجي يف حالة الفائض ،فإهنا تكون فعالة يف
حتقيق التوازن الداخلي إذا كان اإلقتصاد املعين يف حالة انكماش ألهنا تساهم يف دفع الطلب الكل لإلرتفاع مبا
يساهم يف انعاش اإلقتصاد احمللي ،لكنها لن تكون فعالة يف حتقيق التوازن الداخلي إذا كان اإلقتصاد يف حالة
تضخم ألهنا ستدفع حينئذ إىل تزايد معدالت التضخم ملستويات مرتفعة.
أما السياسة املالية املقيدة الفعالة يف حتقيق التوازن اخلارجي يف حالة العجز ،فإهنا تساهم يف حتقيق التوازن
الداخلي إذا كان اإلقتصاد يف وضعية تضخم ألهنا سوف تدفع لرتاجع الطلب الكلي احمللي ،لكنها لن تكون
10
الفصل الثاني :ميزان المدفوعات :دراسة تحليلة
فعالة يف حتقيق التوازن الداخلي إذا كان االقتصاد احمللي يف حالة انكماش ألهنا حينئد سوف تزيد من تراجع
الطلب الكلي ومن مث دخول اإلقتصاد احمللي يف حالة انكماش قصوى قد تصل به إىل مرحلة الكساد.
تساهم السياسة النقدية يف تعديل اختالل ميزان املدفوعات يف ظل نظام الصرف الثابت عن طريق
سياسة ختفيض قيمة العملة اليت تؤثر على األسعار النسبية للسلع احمللية واألجنبية وبالتايل التأثري على حركة
الصادرات والواردات .إذ أن تواجد ميزان املدفوعات يف حالة عجز يدفع صناع القرار إىل ختفيض قيمة العملة مبا
ميكن من إعطاء تنافسية للصادرات لرتتفع قيمتها يف مقابل تراجع الطلب عل الواردات اليت تصبح مرتفعة
األسعار بالنسبة للداخل ومن مث عودة ميزان املدفوعات حلالته التوازنية.
وتتحقق فعالية سياسة ختفيض قيمة العملة يف تصحيح عجز ميزان املدفوعات يف حال حتقق ما يعرف
بـ"شرط مارشال-لرينر" الذي يشري إىل ضرورة أن يكون جمموع القيم املطلقة للمرونة السعرية للصادرات واملرونة
السعرية للواردات أكرب من .0
11