Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 45

‫المعتقد الصحيح‬

‫الواجب على كل مسلم اعتقاده‬

‫تأليف‬
‫عبد السالم بن برجس آل عبد الكريم‬
‫‪ -1‬يعتقد أهل السنة والجماعة أن هللا تعالى وحده متفرد بالخلق والملك والتدبير‬
‫اس َت َوى َعلَى‬ ‫ض فِي سِ ت َِّة َّأَيامَّ ُثمَّ ْ‬ ‫ت َواألَ ْر ََّ‬ ‫ق الس َم َاوا َِّ‬‫هللا ُ الذِي َخلَ ََّ‬ ‫قال هللا تعالى {نَّ َرب ُك َُّم َّّ‬
‫سخ َراتَّ ِبأ َ ْم ِر َِّه أَ َّلَ‬ ‫س َوا ْل َق َم ََّر َوال ُّن ُجو ََّم ُم َ‬
‫ار َي ْطل ُ ُب َُّه َحثِيثاَّ َوالش ْم ََّ‬‫ش ُي ْغشِ ي الل ْي َّل َ الن َه ََّ‬ ‫ا ْل َع ْر َِّ‬
‫ِين) (األعراف ‪54 :‬‬ ‫ب ا ْل َعا َلم ََّ‬ ‫ك َّّ‬
‫هللا ُ َر َُّّ‬ ‫ق َواألَ ْم َُّر َت َب َ‬
‫ار ََّ‬ ‫لَ َُّه ا ْل َخ ْل َُّ‬

‫شا َُّء إِ َناثاَّ‬


‫ن َي َ‬‫ب لِ َم َّْ‬ ‫ق َما َي َ‬
‫شا َُّء َي َه َُّ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ِ َّ‬
‫ض َي ْخلُ َُّ‬ ‫ك الس َم َاوا َِّ‬ ‫لِل ُم ْل َُّ‬‫وقال هللا تعالى‪َِّ ِ ( :‬‬
‫ور) (الشورى ‪) 49 :‬‬ ‫شا َُّء ال ُّذ ُك ََّ‬ ‫ب لِ َمن َي َ‬
‫َو َي َه َُّ‬
‫ش ْيءَّ َقدِيرَّ)‬ ‫ُو َعلَى ُكلَّ َ‬ ‫ِيت َوه ََّ‬‫ض ُي ْح ِيي َو ُيم َُّ‬ ‫َ‬
‫ت َو ْاأل ْر ِ َّ‬ ‫ك الس َم َاوا َِّ‬ ‫وقال تعالى‪ (:‬لَ َُّه ُم ْل َُّ‬
‫(الحديد ‪2 :‬‬

‫المشركون لم ينازعوا فى توحيد الربوبية‪-:‬‬

‫وهذا التوحيد هو المسمى بـ (توحيد الربوبية)‪ ،‬وهو المستقر فى نفوس البشر ‪،‬‬
‫لينازع فيه أحد من الناس ‪ ،‬مسلما كان أو كافرا ‪ ،‬كما قال تعالى عن الكفار ‪َ ( :‬ولَئِن‬
‫لِل َب َّلْ أَ ْك َث ُر ُه َّْم َ َّل َي ْعلَ ُم ََّ‬
‫ون)‬ ‫هللا ُ قُ َِّل ا ْل َح ْم َُّد ِ َِّ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ََّ‬
‫ض لَ َي َّقُولُنَّ َّ‬ ‫سأ َ ْل َت ُهم م َّْ‬
‫ن َخ َل ََّ‬
‫ق الس َم َاوا َِّ‬ ‫َ‬
‫(لقمان ‪) 25 :‬‬

‫ون) (يوسف ‪106 :‬‬


‫ش ِر ُك ََّ‬ ‫ِن أَ ْك َث ُر ُه َّْم ِب َِّّ‬
‫الِل إِلَّ َوهُم ُّم ْ‬ ‫وقال تعالى عنهم – ايضا‪َ ( : -‬و َما ُي ْؤم َُّ‬
‫)‬

‫قال مجاهد رحمه هللا ‪ :‬إيمانهم ‪ :‬قو لهم ‪ :‬هللا خالقنا ويرزقنا ويميتنا ‪ .‬فهذا إيمان ‪،‬‬
‫مع شرك عبادتهم غيره‪.‬‬

‫اعتقاد المشركين أن آلهتهم يتوسل بها إلى هللا ‪ ،‬ل أنها تخلق وترزق‪-:‬‬
‫فلم يكن المشركون يعتقدون أن آلهتهم مشاركة لِل فى الخلق ‪ ،‬بل كانوا يعتقدون أن‬
‫ذلك لِل وحده ‪ ،‬وأن آلهتهم يتوسل بها إلى هللا ‪ ،‬وتتخذ شفعاء عند هللا تعالى ‪ ،‬كما‬
‫ِين ات َخ ُذوا مِن دُونِ َِّه أَ ْولِ َياء َما َن ْع ُب ُد ُه َّْم إِلَّ لِ ُي َقر ُبو َنا‬ ‫ين ا ْل َخال َُّ‬
‫ِص َوالذ ََّ‬ ‫لِل الد َُّ‬‫قال تعالى‪( :‬أَ َ َّل ِ َِّ‬
‫ُو َكاذِبَّ‬ ‫ن ه ََّ‬‫هللا َ َّل ََّي ْهدِي َم َّْ‬
‫ون إِنَّ ََّ‬ ‫هللا َي ْح ُك َُّم َب ْي َن ُه َّْم فِي َما ُه َّْم فِي َِّه َي ْخ َتلِفُ ََّ‬
‫إِلَى هللاَِّ ُز ْل َفى إِنَّ ََّ‬
‫َكفارَّ) (الزمر ‪) 3 :‬‬

‫ُون هللاَِّ أَ ُرونِي َما َذا َخلَقُوا م َِنَّ‬ ‫ون مِن د َِّ‬ ‫ِين َتدْ ُع ََّ‬ ‫وقال تعالى‪( :‬قُ َّلْ أَ َرأَ ْي ُت َّْم ُ‬
‫ش َر َكاء ُك َُّم الذ ََّ‬
‫ت أَ َّْم آ َت ْي َنا ُه َّْم ِك َتاباَّ َف ُه َّْم َعلَى َبي َنةَّ م ْن َُّه َب َّلْ إِن َي ِع َُّد‬
‫ض أَ َّْم لَ ُه َّْم شِ ْركَّ فِي الس َم َاوا َِّ‬ ‫ْاألَ ْر ِ َّ‬
‫ض ُهم َب ْعضاَّ إِلَّ ُغ ُروراَّ) (فاطر ‪) 40 :‬‬ ‫الظالِ ُم ََّ‬
‫ون َب ْع ُ‬

‫شا ِعرَّ م ْج ُنونَّ)‬ ‫ون أَئِنا لَ َت ِ‬


‫ار ُكوا آلِ َهتِ َنا لِ َ‬ ‫وقال تعالى عن مشركي قريش‪َ ( :‬و َيقُول ُ ََّ‬
‫(الصافات ‪) 36 :‬‬

‫وقال هللا تعالى عنهم ‪( :‬أَ َج َع َّل َ ْاْللِ َه ََّة إِلَهاَّ َوا َِّ‬
‫حداَّ إِنَّ َه َذا لَ َ‬
‫ش ْيءَّ ُع َجابَّ) (صـ ‪) 5 :‬‬

‫وإنما قرر هللا تعالى هذا التوحيد إلثباته وتأكيده ‪ ،‬ولالستدلل به على وجوب التوحيد‬
‫فى األلوهية ‪ .‬إذ أن توحيد الربوبية يستلزم أن ل يعبد إل هللا ‪ .‬قال تعالى ‪َ ( :‬يا أَ ُّي َها‬
‫ِين مِن َق ْبلِ ُك َّْم لَ َعل ُك َّْم َتتقُ ََّ‬
‫ون) (البقرة ‪) 21 :‬‬ ‫اع ُبدُوَّْا َرب ُك َُّم الذِي َخلَ َق ُك َّْم َوالذ ََّ‬
‫اس ْ‬
‫الن َُّ‬

‫ن ْاألَ ْن َع َِّ‬
‫ام َث َمانِ َي َةَّ‬ ‫ح َدةَّ ُثمَّ َج َع َّل َ ِم ْن َها َز ْو َج َها َوأَ َ‬
‫نز َّل َ لَ ُكم م َّْ‬ ‫وقال ‪َ ( :‬خلَ َق ُكم من ن ْفسَّ َوا ِ‬
‫ون أُم َهاتِ ُك َّْم َخ ْلقاَّ َِّمن َب ْع َِّد َخ ْلقَّ فِي ُظل ُ َماتَّ َث َالثَّ َذلِ ُك َُّم َّ‬
‫هللا ُ َر ُّب ُك َّْم لَ َُّه‬ ‫أَ ْز َواجَّ َي ْخلُقُ ُك َّْم فِي ُب ُط َِّ‬
‫ون) (الزمر ‪) 6 :‬‬ ‫ص َرفُ ََّ‬ ‫ُو َفأَنى ُت ْ‬‫ك َ َّل إِلَ ََّه إِلَّ ه ََّ‬ ‫ا ْل ُم ْل َُّ‬
‫ف) (‪َ ( ) 2‬ف ْل َي ْع ُبدُوا َربَّ‬ ‫ف قُ َر ْيشَّ) (‪( ) 1‬إِ َيالفِ ِه َّْم ِر ْحلَ ََّة الش َتاء َوالص ْي َِّ‬ ‫وقال تعالى ‪ِ ( :‬إلِ َيال َِّ‬
‫ن َخ ْوفَّ) (قريش ‪) 4 :‬‬ ‫ت) (‪( ) 3‬الذِي أَ ْط َع َم ُهم من ُجوعَّ َوآ َم َن ُهم م َّْ‬ ‫َه ََّذا ا ْل َب ْي َِّ‬

‫فذكر تعالى أنه وحذه خالقهم ورازقهم وهذا مما ليشكون فيه ‪ ،‬وجعل ذلك حجة‬
‫عليهم فى وجوب إخالص العبادة له وحده لشريك له‪.‬‬

‫َّ‬
‫ش ِر ُك ََّ‬
‫ون)‬ ‫آلِل ُ َخ ْيرَّ أَما ُي ْ‬ ‫اص َط َفى َّ‬ ‫ِين ْ‬ ‫س َالمَّ َعلَى ِع َبا ِد َِّه الذ ََّ‬ ‫لِل َو َ‬ ‫وقال تعالى ‪( :‬قُ َِّل ا ْل َح ْم َُّد ِ َِّ‬
‫اء َماء َفأَن َب ْت َنا بِ َِّه‬ ‫ن الس َم َِّ‬ ‫ض َوأَ َ‬
‫نز َّل َ لَ ُكم م ََّ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ََّ‬ ‫ق الس َم َاوا َِّ‬ ‫ن َخلَ ََّ‬ ‫(النمل ‪( ) 59 :‬أَم َّْ‬
‫ون) (النمل‬ ‫ش َج َرهَا أَإِلَهَّ م ََّع هللاَِّ َب َّلْ ُه َّْم َق ْومَّ َي ْع ِدل ُ ََّ‬ ‫نب ُتوا َ‬ ‫ان لَ ُك َّْم أَن ُت ِ‬ ‫ات َب ْه َجةَّ ما َك ََّ‬ ‫ِق َذ ََّ‬ ‫َحدَائ ََّ‬
‫ي َو َج َع َّل َ َب ْي ََّ‬
‫ن‬ ‫ض َق َراراَّ َو َج َع َّل َ خ َِاللَ َها أَ ْن َهاراَّ َو َج َع َّل َ لَ َها َر َواسِ ََّ‬ ‫‪( ) 60 :‬أَمن َج َع َّل َ ْاألَ ْر ََّ‬
‫ض َطرَّ إِ َذا‬ ‫يب ا ْل ُم ْ‬ ‫ون) (النمل ‪( 61 :‬أَمن ُي ِ‬
‫ج َُّ‬ ‫جزاَّ أءلَهَّ م ََّع هللاَِّ َب َّلْ أَ ْك َث ُر ُه َّْم َ َّل َي ْعلَ ُم ََّ‬ ‫ن َحا ِ‬ ‫ا ْل َب ْح َر ْي َِّ‬
‫ون) (النمل ‪62 :‬‬ ‫هللا َقلِيالَّ ما َت َذك ُر ََّ‬ ‫سو ََّء َو َي ْج َعل ُ ُك َّْم ُخلَ َفاء ْاألَ ْر ِ َّ‬
‫ض أَإِ َلهَّ م ََّع َِّ‬ ‫ف ال ُّ‬ ‫َد َعا َّهُ َو َي ْكشِ َُّ‬
‫َي َر ْح َمتِ َِّه أَإِلَهَّ‬‫ن َيد َّْ‬ ‫ت ا ْل َبرَّ َوا ْل َب ْح َِّر َو َمن ُي ْرسِ َّل ُ الر َيا ََّ‬
‫ح ُب ْ‬
‫شراَّ َبَّْي ََّ‬ ‫) (أَمن َي ْهدِي ُك َّْم فِي ُظل ُ َما َِّ‬
‫ون) (النمل ‪) 63 :‬‬ ‫ش ِر ُك ََّ‬ ‫م ََّع هللاَِّ َت َعالَى َّ‬
‫هللا ُ َعما ُي ْ‬

‫ففي هذه اْليات كلها ينكر تعالى على المشركين – الذين يقرون بأنه تعالى وحده هو‬
‫خالق السموات واألرض وأنه وحده النافع الضار – بأن هذا اإلقرار لم ينفعهم ‪ ،‬إذ‬
‫جعلوا مع هللا إلها آخر‪ ،‬يدعونه كما يدعون هللا ‪.‬‬
‫وهذا عين التناقض المخالف للشرع والعقل ‪ ،‬إذ من تفرد بجميع هذه التصرفات من‬
‫الخلق والرزق واإلحياء واإلماتة ‪ ،‬فحق ان يفرد بجميع أنواع الطاعات‪.‬‬

‫ولهذا أنكر تعالى عليهم بقوله ‪َّ ( :‬أَءلَهَّ م ََّع هللاَِّ)‪ ،‬ولم يقل تعالى ‪ :‬أخالق مع هللا ‪ ،‬ألنهم‬
‫ل ينازعون فى هذا ‪.‬‬
‫َّ‬
‫وبين هللا تعالى بطالن الشرك فى الربوبية ‪ ،‬وأنه لو كان ذلك لفسدت السماوات‬
‫هللا ُ مِن َولَدَّ‬‫واألرض‪ ،‬وهذا مدرك – أيضا – ببداهة العقول ‪ ،‬قال تعالى ‪َ ( :‬ما ات َخ ََّذ َّ‬
‫ان هللاَِّ‬ ‫ض ُه َّْم َعلَى َب ْعضَّ ُ‬
‫س ْب َح ََّ‬ ‫ق َولَ َع َ َّ‬
‫ال َب ْع ُ‬ ‫ِن إِلَهَّ إِذاَّ ل َذه ََّ‬
‫َب ُك َّل ُّ إِلَهَّ ِب َما َخلَ ََّ‬ ‫َو َما َك ََّ‬
‫ان َم َع َُّه م َّْ‬
‫ون) (المؤمنون ‪) 91 :‬‬ ‫َعما َيصِ فُ ََّ‬

‫ََََََََََََََََََََّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ‬
‫ََََََََََََََََََََّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّالمعتقد الصحيح فى توحيد األسماء والصفات‬

‫‪ -2‬ومن جملة اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪:‬‬


‫أنهم يثبتون لِل تعالى ما أثبته لنفسه ‪ ،‬وما أثبته له رسوله صلى هللا عليه وسلم من‬
‫األسماء الحسنى والصفات العلى ‪ ،‬ل يتجاوزون القرآن ‪ ،‬والحديث الثابت عن رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬

‫يثبتون الفاظ ذلك ‪ ،‬ويعلمون معناها فى لسان العرب الذي نزل به القرآن ‪ ،‬ويفوضون‬
‫الكيفية لِل تعالى ‪ ،‬ألن هللا تعالى قد اختص بها فلم يطلع عليها احدا من البشر ‪.‬‬
‫فهم ينطلقون فى هذا الباب الخطير من أسس شرعية ثابتة ‪ ،‬من لزمها سلم من‬
‫النحراف‪:‬‬
‫وصف هللا تعالى بالصفات الواردة فى القرآن والحديث‪-:‬‬

‫أول ذلك ‪ :‬إثبات ما أثبته هللا لنفسه ‪ ،‬أو أثبته له رسوله صلى هللا عليه وسلم دون‬
‫زيادة أو نقصان ‪ ،‬ألنه لأحد أعلم بالِل تعالى من نفسه ‪ ،‬كما قال هللا تعالى ‪ (:‬قُ َّلْ أَأَن ُت َّْم‬
‫هللا َو َما َّّ‬
‫هللا ُ بِ َغافِلَّ َعما َت ْع َمل ُ ََّ‬
‫ون)‬ ‫ِن َِّّ‬ ‫ن أَ ْظلَ َُّم مِمن َك َت ََّم َ‬
‫ش َها َدةَّ عِن َد َّهُ م ََّ‬ ‫أَ ْعلَ َُّم أَ َِّم َّّ‬
‫هللا ُ َو َم َّْ‬
‫(البقرة ‪) 140 :‬‬

‫ول أحد أعلم بالِل بعد هللا من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬قال تعالى ‪َ ( :‬و َما‬
‫وحى) (النجم ‪) 4 :‬‬
‫ُو إِلَّ َو ْحيَّ ُي َ‬ ‫ن ا ْل َه َوى) (النجم ‪( ) 3 :‬إِ َّْ‬
‫ن ه ََّ‬ ‫َينطِ َُّ‬
‫ق َع َِّ‬

‫هللا جل جالله ليشبه المخلوقات‪- :‬‬

‫س َك ِم ْثلِ ِهَّ‬
‫الثاني ‪ :‬تنزيه هللا تعالى عن مشابهة المخلوقات فى صفاته ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬لَ ْي ََّ‬
‫ُو السمِي َُّع ال َبصِ ي َُّر) (الشورى ‪) 11 :‬‬ ‫َ‬
‫ش ْيءَّ َوه ََّ‬

‫وقال تعالى ‪َ ( :‬ولَ َّْم َي ُكن ل َُّه ُكفُواَّ أَ َحدَّ) (اإلخالص ‪) 4 :‬‬

‫ل يدرك أحد كيفية صفاته تعالى ‪- :‬‬

‫الثالث‪ :‬عدم محاولة إدراك كيفية صفاته‪.‬‬


‫قال تعالى ‪َ ( :‬و َ َّل ُيحِي ُط ََّ‬
‫ون ِب َِّه ِع ْلماَّ) (طه ‪) 110 :‬‬
‫س ِم ّياَّ) (مريم ‪) 65 :‬‬ ‫وقال ‪َ (:‬ه َّلْ َت ْعلَ َُّم لَ َُّه َ‬
‫اس َت َوى) (طه‬
‫ش ْ‬‫ن َعلَى ا ْل َع ْر َِّ‬
‫فمن صفاته تعالى ما نص هللا تعالى عليه بقوله‪( :‬الر ْح َم َُّ‬
‫‪)5:‬‬
‫فى مواضع من القرآن ‪ ،‬فيستفاد منها ‪ :‬إثبات استواء هللا على العرش استواء حقيقيا‬
‫‪ ،‬نعرف معناه ‪ ،‬ونجهل كيفيته‪.‬‬

‫معنى اإلستواء على العرش‪-:‬‬


‫فمعناه ‪ :‬العلو واإلرتفاع ‪ .‬بذا جاء لسان العرب واتفق على هذا المعنى أهل السنة‬
‫والجماعة‪.‬‬

‫عدم معرفة كيفية اإلستواء‪- :‬‬

‫أما كيفية هذا اإلستواء فال يعلمه إل هللا وحده لشريك له ‪.‬‬

‫ذكر صفة السمع والبصر‪- :‬‬

‫سمِيعاَّ َبصِ يراَّ) (النساء ‪) 58 :‬‬ ‫ومن ذلك – أيضا‪ -‬قول هللا تعالى ‪ ( :‬إِنَّ ََّّ‬
‫هللا َك ََّ‬
‫ان َ‬
‫فيستفاد من اْلية ونحوها ‪ :‬إثبات صفة السمع لِل ‪ .‬والسمع فى لغة العرب ‪ :‬إدراك‬
‫األصوات ‪.‬‬

‫فنثبت لِل تعالى سمعا يدرك به األصوات ل يشبه شيئا من خلق هللا ‪ ،‬ونفوض كيفية‬
‫ذلك لِل تعالى ‪ ،‬فال نقول ‪ :‬كيف يسمع ؟ ول نخوض في ذلك ‪ ،‬إذ لم يطلعنا تبارك‬
‫وتعالى عليه ‪ ،‬بل أستأثر جل وعال بعلمه‪.‬‬

‫معنى صفة البصر ‪- :‬‬

‫وهكذا البصر ‪ :‬إدراك المرئيات ‪ .‬كما ثبت فى صحيح مسلم عن أبي موسى األشعري‬
‫رضى هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه قال ‪:‬‬
‫" إن هللا لينام ‪ ،‬ولينبغي له ان ينام ‪ ،‬يخفض القسط ويرفعه ‪ ،‬يرفع إليه عمل الليل‬
‫قبل عمل النهار‪ ،‬وعمل التهار قبل عمل الليل‪ .‬حجابه النور‪ ،‬لو كشفه ألحرقت سبحات‬
‫وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه"‪.‬‬

‫فنثبت لِل بصرا حقيقا يدرك جل جالله به المبصرات‪ ،‬إل ان كيفية هذا البصر لنعلمه‬
‫ُو السمِي َُّع ال َبصِ ي َُّر) (الشورى ‪:‬‬ ‫س َك ِم ْثلِ َِّه َ‬
‫ش ْيءَّ َوه ََّ‬ ‫‪ ،‬وإنما نعلم ماعلمنا هللا بقوله ‪ (:‬لَ ْي ََّ‬
‫‪) 11‬‬

‫فهذه أمثلة من طريقة أهل السنة فى اسماء هللا تعالى ‪.‬‬


‫‪ -3‬ومن جملة اعتقاد أهل السنة ‪ :‬إفرادهم هللا تعالى بالعبودية ‪ :‬فال يعبدون مع هللا‬
‫إلها آخر ‪ ،‬بل يصرفون جميع الطاعات التي أمر هللا بها أمر إيجاب أو استحباب لِل‬
‫وحده لشريك له‪.‬‬
‫فال يسجدون إل لِل ‪ ،‬وليطوفون إل لِل بالبيت العتيق ‪ ،‬ولينحرون إل لِل ‪ ،‬ولينذرون‬
‫إل لِل ‪ ،‬وليحلفون إل بالِل ‪ ،‬وليتوكلون إل على هللا ‪ ،‬وليدعون إل هللا ‪ .‬وهذا هو‬
‫توحيد األلوهية‪.‬‬

‫ش ْيئاَّ) (النساء ‪) 36 :‬‬ ‫ش ِر ُكوَّْا ِب َِّه َ‬ ‫اع ُبدُوَّْا ََّّ‬


‫هللا َو َّلَ ُت ْ‬ ‫قال تعالى‪َ ( :‬و ْ‬
‫ك أَلَّ َت ْع ُبدُوَّْا إِلَّ إِيا َّهُ) (اإلسراء ‪) 23 :‬‬ ‫ضى َر ُّب ََّ‬ ‫وقال ‪َ ( :‬و َق َ‬
‫وقال ( ََ َما أ ُ ِم ُروَّْا إِلَّ لِ َي ْع ُبدُوَّْا إِلَـهاَّ َواحِداَّ)(ا لتوبة ‪) 31 :‬‬
‫ين ُح َن َفاء َو ُيقِي ُموا الص َال ََّة َو ُي ْؤ ُتوا‬ ‫وقال ‪َ ( :‬و َما أ ُ ِم ُروا إِلَّ لِ َي ْع ُبدُوا هللاََّ ُم ْخلِصِ ََّ‬
‫ين لَ َُّه الد ََّ‬
‫ِين ا ْل َقي َم َِّة) (البينة ‪) 5 :‬‬ ‫ك د َُّ‬ ‫الز َكا ََّة َو َذلِ ََّ‬

‫ُون) (الذاريات ‪ ،) 56 :‬ومعنى( َِ َي ْع ُبد َِّ‬


‫ُون)‪:‬‬ ‫جنَّ َو ْاإلِ ََّ‬
‫نس إِلَّ لِ َي ْع ُبد َِّ‬ ‫وقال ‪َ ( :‬و َما َخلَ ْق َُّ‬
‫ت ا ْل ِ‬
‫يوحدون‪.‬‬

‫ضد التوحيد الشرك بالِل‪:‬‬


‫وضد ذلك ‪ :‬الشرك بالِل – أعاذنا هللا منه‪ -‬وهو اعظم ذنب عصي هللا به ‪ .‬قال تعالى‬
‫ك بِ َِّّ‬
‫الِل َف َق َِّد ا ْف َت َرى‬ ‫شا َُّء َو َمن ُي ْ‬
‫ش ِر َّْ‬ ‫ُون َذلِ ََّ‬
‫ك لِ َمن َي َ‬ ‫ك بِ َِّه َو َي ْغفِ َُّر َما د ََّ‬
‫ش َر ََّ‬ ‫(إِنَّ ََّّ‬
‫هللا َّلَ َي ْغفِ َُّر أَن ُي ْ‬
‫إِ ْثماَّ َعظِ يماَّ) (النساء ‪) 48 :‬‬

‫شا َُّء َو َمن ُي ْ‬


‫ش ِر ْكَّ‬ ‫ُون َذلِ ََّ‬
‫ك لِ َمن َي َ‬ ‫ك ِب َِّه َو َي ْغفِ َُّر َما د ََّ‬
‫ش َر ََّ‬ ‫وقال تعالى ‪( :‬إِنَّ ََّّ‬
‫هللا َّلَ َي ْغفِ َُّر أَن ُي ْ‬
‫ضالَلَّ َبعِيداَّ) (النساء ‪) 116 :‬‬ ‫ضلَّ َ‬ ‫ِب َِّّ‬
‫الِل َف َق َّْد َ‬

‫ك ِبالِلَِّ َف َكأَن َما َخرَّ م ََّ‬


‫ِن الس َماء‬ ‫ِين ِب َِّه َو َمن ُي ْ‬
‫ش ِر َّْ‬ ‫ش ِرك ََّ‬ ‫وقال تعالى ‪ُ ( :‬ح َن َفاء ِ َِّ‬
‫لِل َغ ْي ََّر ُم ْ‬
‫سحِيقَّ) (الحج ‪) 31 :‬‬ ‫ح فِي َم َكانَّ َ‬ ‫َف َت ْخ َطفُ َُّه الط ْي َُّر أَ َّْو َت ْه ِوي ِب َِّه الري َُّ‬
‫ك لَ ُظ ْلمَّ‬
‫ك ِبالِلَِّ إِنَّ الش ْر ََّ‬ ‫ُو َي ِع ُظ َُّه َيا ُب َنيَّ َ َّل ُت ْ‬
‫ش ِر َّْ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ( :‬وإِ َّْذ َقا َّل َ ل ُ ْق َم َُّ‬
‫ان ِل ْبنِ َِّه َوه ََّ‬
‫َعظِ يمَّ) (لقمان ‪) 13 :‬‬

‫وبين تعالى أن الشرك محبط للعمل ‪ ،‬مخرج من ملة اإلسالم ‪ ،‬فقال تعالى ‪َ ( :‬ولَ ْوَّ‬
‫ط َع ْن ُهم ما َكا ُنوَّْا َي ْع َمل ُ ََّ‬
‫ون) (األنعام ‪) 88 :‬‬ ‫أَ ْ‬
‫ش َر ُكوَّْا لَ َح ِب ََّ‬

‫ت لَ َي ْح َب َطنَّ َع َمل ُ َكَّ‬ ‫ِن أَ ْ‬


‫ش َر ْك ََّ‬ ‫ِن َق ْبلِ ََّ‬
‫ك لَئ َّْ‬ ‫ك َوإِلَى الذ ََّ‬
‫ِين م َّْ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ( :‬ولَ َق َّْد أُوح ََّ‬
‫ِي إِلَ ْي ََّ‬
‫ين) (الزمر ‪) 65 :‬‬ ‫ِن ا ْل َخاسِ ِر ََّ‬‫َولَ َت ُكو َننَّ م ََّ‬

‫وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبدهللا رضى هللا عنه ‪ :‬أن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال ‪ " :‬من لقي هللا ليشرك به شيئا دخل الجنة ‪ ،‬ومن لقيه يشرك به شيئا دخل‬
‫النار" ‪.‬‬
‫وفى صحيح البخاري عن ابن مسعود رضى هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال ‪ " :‬من مات وهو يدعو من دون هللا ندا دخل الجنة"‪.‬‬

‫من هو المشرك ؟‬

‫فمن صرف نوعا من أنواع العبادة لغير هللا فهو مشرك كافر‪.‬‬

‫الدعاء ليصرف إل لِل‪-:‬‬


‫فالدعاء عبادة أمر هللا بها ‪ ،‬فمن دعا هللا وحده فهو موحد‪ ،‬ومن دعا غير هللا فقد‬
‫أشرك‪.‬‬
‫ت َفإِن ََّ‬
‫ك إِذاَّ م ََّ‬
‫ن‬ ‫ك َفإِن َف َع ْل ََّ‬
‫ض ُّر ََّ‬ ‫ُون َّّ‬
‫هللاِ َما َّلَ َين َف ُع ََّ‬
‫ك َو َّلَ َي ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ( :‬و َّلَ َتدْ َُّ‬
‫ع مِن د َِّ‬
‫ِين) (يونس ‪) 106 :‬‬ ‫الظالِم ََّ‬

‫سا ُب َُّه ِعن ََّد َرب َِّه إِن َُّه َلَّ‬ ‫َان لَ َُّه ِب َِّه َفإِن َما ِ‬
‫ح َ‬ ‫آخ ََّر َ َّل ُب ْره ََّ‬
‫هللا إِ َلهاَّ َ‬
‫ع َم ََّع َِّ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ( :‬و َمن َيدْ َُّ‬
‫ون) (المؤمنون ‪) 117 :‬‬ ‫ُي ْفلِ َُّ‬
‫ح ا ْل َكافِ ُر ََّ‬
‫ال َتدْ ُعوا َم ََّع هللاَِّ أَ َحداَّ) (الجن ‪َ ( ) 18 :‬وأَن َُّه لَما َقا ََّم َع ْب َُّد‬ ‫لِل َف َ َّ‬
‫ج ََّد ِ َِّ‬
‫سا ِ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ( :‬وأَنَّ ا ْل َم َ‬
‫ون َعلَ ْي َِّه لِ َبداَّ) (الجن ‪( ) 19 :‬قُ َّلْ إِن َما أَدْ ُعو َربي َو َ َّل أ ُ ْ‬
‫ش ِر َُّ‬
‫ك ِب َِّه‬ ‫هللا َيدْ ُعو َّهُ َكادُوا َي ُكو ُن ََّ‬ ‫َِّ‬
‫أَ َحداَّ) (الجن ‪) 20 :‬‬

‫ش ْيءَّ إِلَّ‬‫ون لَ ُهم ِب َ‬ ‫ون مِن دُونِ َِّه َّلَ َي ْس َت ِ‬


‫جي ُب ََّ‬ ‫ِين َيدْ ُع ََّ‬‫َع َو َّةُ ا ْل َحقَّ َوالذ ََّ‬ ‫وقال تعالى ‪( :‬لَ َُّه د ْ‬
‫ضالَلَّ)‬‫ين إِلَّ فِي َ‬ ‫ط َكف ْي َِّه إِلَى ا ْل َماء لِ َي ْبل ُ ََّغ َفا َّهُ َو َما ه ََّ‬
‫ُو ِب َبالِ ِغ َِّه َو َما ُد َعاء ا ْل َكاف ِِر ََّ‬ ‫َك َب َِّ‬
‫اس َِّ‬
‫(الرعد ‪) 14 :‬‬
‫ون) (النحل ‪20 :‬‬‫ش ْيئاَّ َو ُه َّْم ُي ْخلَقُ ََّ‬
‫ون َ‬ ‫ُون َِّّ‬
‫هللا َّلَ َي ْخلُقُ ََّ‬ ‫ون مِن د َِّ‬ ‫ِين َيدْ ُع ََّ‬
‫وقال تعالى ‪َ ( :‬والذ ََّ‬
‫ون) (النحل ‪ () 21 :‬مالحظة‪ :‬فى الكتاب خطا‬ ‫ون أَي ََّ‬
‫ان ُي ْب َع ُث ََّ‬ ‫ش ُع ُر ََّ‬ ‫) (أَ ْمواتَّ َغ ْي َُّر أَ ْح َياء َو َما َي ْ‬
‫مطبعي حيث انه مكتوب انها سورة النمل وهي أية من سورة النحل)‬

‫ِن ا ْل ُم َعذ ِب ََّ‬


‫ين) (الشعراء ‪) 213 :‬‬ ‫آخ ََّر َف َت ُك ََّ‬
‫ون م ََّ‬ ‫ع َم ََّع هللاَِّ إِلَهاَّ َ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ( :‬ف َ َّ‬
‫ال َتدْ َُّ‬

‫س َوا ْل َق َم ََّر ُك َّل‬ ‫سخ ََّر الش ْم ََّ‬ ‫ار فِي الل ْي َِّل َو َ‬ ‫ار َو ُيولِ َُّ‬
‫ج الن َه ََّ‬ ‫ج الل ْي َّل َ فِي الن َه َِّ‬ ‫وقال تعالى ‪ُ ( :‬يولِ َُّ‬
‫ون مِن‬ ‫ون مِن دُونِ َِّه َما َي ْملِ ُك ََّ‬ ‫ِين َتدْ ُع ََّ‬‫ك َوالذ ََّ‬ ‫س ّمى َذلِ ُك َُّم َّ‬
‫هللا ُ َر ُّب ُك َّْم لَ َُّه ا ْل ُم ْل َُّ‬ ‫َي ْج ِري ِألَ َجلَّ ُّم َ‬
‫اس َت َجا ُبوا لَ ُك َّْم َو َي ْو ََّم‬
‫س ِم ُعوا َما ْ‬ ‫ق ِْطمِيرَّ) (فاطر ‪(13 :‬إِن َتدْ ُعو ُه َّْم َ َّل َي ْس َم ُعوا ُد َعاء ُك َّْم َولَ َّْو َ‬
‫ك ِم ْث َّل ُ َخ ِبيرَّ) (فاطر ‪) 14 :‬‬ ‫ون ِبشِ ْر ِك ُك َّْم َو َ َّل ُي َنب ُئ ََّ‬‫ا ْلقِ َيا َم َِّة َي ْكفُ ُر ََّ‬

‫هللا ُ قُ َّلْ أَ َف َرأَ ْي ُتم ما‬


‫ض لََّ َيقُولُنَّ َّ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ََّ‬ ‫ق الس َم َاوا َِّ‬ ‫ن َخلَ ََّ‬ ‫سأ َ ْل َت ُهم م َّْ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ( :‬ولَئِن َ‬
‫ضر َِّه أَ َّْو أَ َرا َدنِي ِب َر ْح َمةَّ َه َّلْ‬ ‫ات ُ‬ ‫ضرَّ َه َّلْ هُنَّ َكاشِ َف َُّ‬ ‫هللا ُ ِب ُ‬‫ِي َّ‬ ‫ن أَ َرا َدن ََّ‬
‫ُون هللاَِّ إِ َّْ‬
‫ون مِن د َِّ‬ ‫َتدْ ُع ََّ‬
‫ون) (الزمر ‪) 38 :‬‬ ‫هللا ُ َعلَ ْي َِّه َي َت َوك َّل ُ ا ْل ُم َت َوكل ُ ََّ‬
‫ي َّ‬ ‫ات َر ْح َمتِ َِّه قُ َّلْ َح ْس ِب ََّ‬ ‫هُنَّ ُم ْمسِ َك َُّ‬
‫وقال تعالى ‪:‬‬
‫ض أ َّْم لَ ُه َّْم شِ ْركَّ فِي‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ِن ْاأل ْر ِ َّ‬ ‫ُون هللاَِّ أ ُرونِي َما َذا َخلَقُوا م ََّ‬ ‫َ‬ ‫ون مِن د َِّ‬ ‫(قُ َّلْ أَ َرأَ ْي ُتم ما َتدْ ُع ََّ‬
‫ِين) (األحقاف ‪4 :‬‬ ‫صا ِدق ََّ‬ ‫ن ِع ْلمَّ إِن ُكن ُت َّْم َ‬ ‫ارةَّ م َّْ‬ ‫ت ِا ْئ ُتونِي ِب ِك َتابَّ من َق ْب َِّل َه َذا أَ َّْو أَ َث َ‬ ‫الس َم َاوا َِّ‬
‫وم ا ْلقِ َيا َم َِّة َو ُه َّْم َعن‬‫يب لَ َُّه إِلَى َي َِّ‬
‫ج َُّ‬ ‫ُون هللاَِّ َمن لَّ َي ْس َت ِ‬ ‫ض َّل ُّ مِمن َيدْ ُعو مِن د َِّ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫( َو َم َّْ‬
‫اس َكا ُنوا لَ ُه َّْم أَ ْعدَاء َو َكا ُنوا ِب ِع َبا َدتِ ِه َّْم‬ ‫ون) (األحقاف ‪َ ( ) 5 :‬وإِ َذا ُحشِ ََّر الن َُّ‬ ‫ُد َعائِ ِه َّْم َغافِل ُ ََّ‬
‫ين) (األحقاف ‪) 6 :‬‬ ‫َكاف ِِر ََّ‬

‫وثبت فى السنن عن النعما ن بن بشير رضي هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬الدعاء هو العبادة" ‪.‬‬
‫الخصومة بين الرسل وقومهم فى هذا التوحيد‪-:‬‬

‫وهذا التوحيد – توحيد األلوهية‪ -‬هو الذي وقعت فيه الخصومة بين الرسل وأممهم‪.‬‬

‫أرسلت الرسل من أجل هذا التوحيد‪-:‬‬


‫وهوالذي أرسل من اجل بيانه والدعوة إليه‪ ,‬وأنزل الكتب فى تقريره وتوضيحه‬
‫واإلحتجاج له ‪ .‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫اج َتنِ ُبوَّْا الطا ُغ ََّ‬
‫وت) (النحل ‪) 36 :‬‬ ‫اع ُبدُوَّْا ََّّ‬
‫هللا َو ْ‬ ‫ن ْ‬‫سولَّ أَ َِّ‬
‫( َولَ َق َّْد َب َع ْث َنا فِي ُكلَّ أُمةَّ ر ُ‬

‫سولَّ إِلَّ ُنوحِي إِلَ ْي َِّه أَن َُّه َ َّل إِلَ ََّه إِلَّ أَ َنا‬ ‫وقال تعالى ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫س ْل َنا مِن َق ْبلِ ََّ‬
‫ك مِن ر ُ‬
‫ُون) (األنبياء ‪) 25 :‬‬ ‫َف ْ‬
‫اع ُبد َِّ‬
‫ن أَن ِذ ُروَّْا أَن َُّه َّلَ‬‫ِن ِع َبا ِد َِّه أَ َّْ‬ ‫ِن أَ ْم ِر َِّه َع َلى َمن َي َ‬
‫شا َُّء م َّْ‬ ‫وقال تعالى‪ُ ( :‬ي َنز َّل ُ ا ْل َمآل ِئ َك ََّة ِبا ْل ُّر َِّ‬
‫وح م َّْ‬
‫ون) (النحل ‪) 2 :‬‬ ‫إِلَـ ََّه إِلَّ أَََّنَّاْ َفاتقُ َِّ‬
‫هللا َما لَ ُكم‬ ‫وافتتح به الرسل دعوة قومهم إلى هللا ‪ ،‬فكل رسول يقول لقومه ‪ْ ( :‬ع ُبدُوَّْا ََّ‬
‫ن إِلَـهَّ َغ ْي ُر َّهُ) (األعراف ‪ ،) 85 ،73 ،65 ،59 :‬قالها ‪ :‬نوح ‪ ،‬وهود ‪ ،‬وصالح‪،‬‬ ‫م َّْ‬
‫وشعيب ‪ ،‬وكل رسول – صلوات هللا وسالمه عليهم اجمعين‪.‬‬

‫اع ُبدُوا هللاََّ َواتقُو َّهُ َذلِ ُك َّْم َخ ْيرَّ ل ُك َّْم إِن ُكن ُت َّْم َت ْعلَ ُم ََّ‬
‫ون)‬ ‫قال تعالى ‪َ ( :‬وإِ ْب َراهِي ََّم إِ َّْذ َقا َّل َ لِ َق ْو ِم َِّه ْ‬
‫ِين َت ْع ُبد ََّ‬
‫ُون مِن‬ ‫ُون هللاَِّ أَ ْو َثاناَّ َو َت ْخلُقُ ََّ‬
‫ون إِ ْفكاَّ إِنَّ الذ ََّ‬ ‫ُون مِن د َِّ‬ ‫(العنكبوت ‪() 16 :‬إِن َما َت ْع ُبد ََّ‬
‫ش ُك ُروا لَ َُّه إِلَ ْي َِّه‬
‫اع ُبدُو َّهُ َوا ْ‬‫ق َو ْ‬ ‫ون لَ ُك َّْم ِر ْزقاَّ َفا ْب َت ُغوا عِن ََّد هللاَِّ الر ْز ََّ‬ ‫ُون هللاَِّ َ َّل َي ْملِ ُك ََّ‬
‫د َِّ‬
‫ون) (العنكبوت ‪.) 17 :‬‬ ‫ُت ْر َج ُع ََّ‬

‫وقال تعالى عن نبيه يوسف عليه السالم ‪:‬‬


‫ح َُّد ا ْل َقها َُّر) (يوسف ‪َ ( ) 39 :‬ما‬ ‫ون َخ ْيرَّ أَ َِّم َّّ‬
‫هللا ُ ا ْل ََّوا ِ‬ ‫ن أَأَ ْر َبابَّ ُّم َت َفرقُ ََّ‬ ‫يِ الس ْج َِّ‬ ‫صا ِ‬
‫ح َب َّ‬ ‫( َيا َ‬
‫س ْل َطانَّ إِ َِّ‬
‫ن‬ ‫نز َّل َ َّّ‬
‫هللا ُ بِ َها مِن ُ‬ ‫سم ْي ُت ُموهَا أَن ُت َّْم َوآ َبآؤُ ُكم ما أَ َ‬ ‫ُون مِن دُونِ َِّه إِلَّ أَ ْس َماء َ‬ ‫َت ْع ُبد ََّ‬
‫ين ا ْل َقي َُّم َولَـكِنَّ أَ ْك َث ََّر الن َِّ‬
‫اس َّلَ َي ْعلَ ُم ََّ‬
‫ون)‬ ‫ك الد َُّ‬ ‫ا ْل ُح ْك َُّم إِلَّ ِ َِّّ‬
‫لِل أَ َم ََّر أَلَّ َت ْع ُبدُوَّْا إِلَّ إِيا َّهُ َذلِ ََّ‬
‫(يوسف ‪) 40 :‬‬

‫ليس للمشركين حجة فى شركهم‪-:‬‬


‫وليس للمشركين مستند في شركهم ‪ ،‬ولمن عقل صحيح ‪ ،‬ول من نقل عن المرسلين‪.‬‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫ن آلِ َهةَّ ُي ْع َبد ََّ‬
‫ُون)‬ ‫ُون الر ْح َم َِّ‬ ‫سلِ َنا أ َج َع ْل َنا مِن د َِّ‬ ‫َ‬ ‫ك مِن ُّر ُ‬ ‫س ْل َنا مِن َق ْبلِ ََّ‬ ‫َ‬ ‫اسأ َ َّلْ َم َّْ‬
‫ن أ ْر َ‬ ‫( َو ْ‬
‫(الزخرف ‪ .) 45 :‬والمعنى ‪ :‬أنه ليوجد أحد من المرسلين دعا إلى عبادة آلهة مع هللا‬
‫‪ ،‬بل كلهم من اولهم إلى آخرهم يدعون إلى عبادة هللا وحده لشريك له‪.‬‬
‫ونبه هللا عز وجل إلى دليل عقلي يبطل شرك المشركين‪،‬‬
‫َ‬
‫ض أ َّْم لَ ُه َّْم‬ ‫َ‬
‫ِن ْاأل ْر ِ َّ‬‫ُون هللاَِّ أَ ُرونِي َما َذا َخلَقُوا م ََّ‬ ‫ون مِن د َِّ‬ ‫فقال تعالى‪( :‬قُ َّلْ أَ َرأَ ْي ُتم ما ََّتدْ ُع ََّ‬
‫صا ِدق ََّ‬
‫ِين)‬ ‫ن ِع ْلمَّ إِن ُكن ُت َّْم َ‬ ‫ارةَّ م َّْ‬‫ت ِا ْئ ُتونِي ِب ِك َتابَّ من َق ْب َِّل َه َذا أَ َّْو أَ َث َ‬ ‫شِ ْركَّ فِي الس َم َاوا َِّ‬
‫(األحقاف ‪.) 4 :‬‬
‫فهذا دليل عقلي قاطع على أن كل من سوى هللا فعبادته باطلة‪ ،‬إذ لم يخلقوا شيئا ‪،‬‬
‫ولم يكن لهم معاونة على خلق شىء‪ ،‬وإنما هللا وحده المتفرد بذلك ‪ ،‬فلم عبادتهم‬
‫إذن؟؟ ثم نفى هللا أن يكون للمشركين دليل من النقل عن الكتب المنزلة أو الرسل‬
‫المرسلة فيما ذهبوا إليه من الشرك‪ .‬فبان أن لحجة للمشركين مطلقا ‪ ،‬فكانوا من‬
‫الخالدين فى نار جهنم وبئس المصير‪.‬‬
‫ومما تقدم يعلم أن هذا التوحيد هو أول الواجبات واهم المهمات ‪ ،‬وهو الذي ليقبل‬
‫هللا من أحد دينا سواه‪.‬‬
‫‪ -9‬ومن جملة اعتقاد أهل السنة والجماعة‪:‬‬
‫اإليمان بالِل‪ ،‬ومالئكته ‪ ،‬وكتبه ‪ ،‬ورسله‪ ،‬والبعث بعد الموت ‪ ،‬واإليمان بالقدر‪.‬‬

‫أ‪ َّ-‬فاإليمان بالِل‪:‬‬


‫يتضمن اإلقرار بتوحيد الربوبية واأللوهية واألسماء والصفات ‪ .‬وقد تقدم بيان‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫ب‪ َّ-‬واإليمان بالمالئكة‪:‬‬


‫يكون بالتصديق بوجودهم ‪ ،‬وما ذكر لنا من أسمائهم ‪ ،‬وماذكر لنا من أعمالهم ‪.‬‬
‫ن ِب َِّّ‬
‫الِل‬ ‫ون ُكلَّ آ َم ََّ‬ ‫سو َّل ُ ِب َما أ ُ ِ‬
‫نز َّل َ إِلَ ْي َِّه َِّمن رب َِّه َوا ْل ُم ْؤ ِم ُن ََّ‬ ‫ن الر ُ‬
‫قال هللا تعالى‪{ :‬آ َم ََّ‬
‫سلِ َِّه}(البقرة ‪) 285 :‬‬ ‫َو َمآلئِ َك ِت َِّه َو ُك ُت ِب َِّه َو ُر ُ‬

‫ب َولَـكِنَّ ا ْل ِبرَّ َم ْنَّ‬


‫ق َوا ْل َم ْغ ِر َِّ‬ ‫س ا ْل ِبرَّ أَن ُت َولُّوَّْا ُو ُجو َه ُك َّْم قِ َب َّل َ ا ْل َم ْ‬
‫ش ِر َِّ‬ ‫وقال تعالى‪( :‬ل ْي ََّ‬
‫ين)(ا لبقرة ‪) 177 :‬‬ ‫ب َوالن ِبي ََّ‬ ‫ن ِب َِّّ‬
‫الِل َوا ْل َي ْو َِّم اْلخ َِِّر َوا ْل َمآلئِ َك َِّة َوا ْل ِك َتا َِّ‬ ‫آ َم ََّ‬

‫وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪ ،‬الطويل في سؤال‬
‫جبريل للنبي محمد صلى هللا عليه وسلم عن اإليمان ‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬‬
‫اإليمان ‪ :‬أن تؤمن بالِل ‪ ،‬ومالئكته ‪ ،‬وكتبه ‪ ،‬ورسله ‪ ،‬واليوم اْلخر‪ ،‬وتؤمن‬
‫بالقدر خيره وشره"‪.‬‬
‫وصف المالئكة‪:‬‬
‫ض َو َم َّْ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ت َو ْاأل ْر ِ َّ‬ ‫وقد وصفهم هللا تعالى في كتابه بقوله ‪َ ( :‬ولَ َُّه َمن فِي الس َم َاوا َِّ‬
‫ار َ َّل‬
‫ون الل ْي َّل َ َوالن َه ََّ‬
‫سب ُح ََّ‬ ‫ن ِع َبا َدتِ َِّه َو َ َّل َي ْس َت ْحسِ ُر ََّ‬
‫ون) (‪ُ ( ) 19‬ي َ‬ ‫عِن َد َّهُ َ َّل َي ْس َت ْك ِب ُر ََّ‬
‫ون َع َّْ‬
‫ون) (األنبياء ‪) 20 :‬‬ ‫َي َّْف ُت ُر ََّ‬
‫ون) (‪َّ َ ) 26‬ل َي ْس ِبقُو َن َُّه ِبا ْل َق ْو َِّل َوهُم ِبأ َ ْم ِر َِّه َي ْع َمل ُ ََّ‬
‫ون)‬ ‫وقال تعالى ايضا‪َ ( :‬ب َّلْ ِع َبادَّ ُّم ْك َر ُم ََّ‬
‫(األنبياء ‪) 27 :‬‬

‫سب ُحو َن َُّه ََّو َل ُهَّ‬


‫ن ِع َبا َدتِ َِّه َو ُي َ‬ ‫ك َّلَ َي ْس َت ْك ِب ُر ََّ‬
‫ون َع َّْ‬ ‫ِين عِن ََّد َرب ََّ‬
‫وقال تعالى ‪( :‬إِنَّ الذ ََّ‬
‫ُون) (األعراف ‪) 206 :‬‬ ‫َي ْس ُجد ََّ‬

‫المالئكة عبيد هللا‪-:‬‬


‫فهم عبيد لِل تعالى ‪ ،‬وخلق من مخلوقاته العظيمة ‪ ،‬ليستحقون شيئا من العبادة ‪.‬‬
‫ش ُر ُه َّْم َجمِيعاَّ ُثمَّ َيقُو َّل ُ لِ ْل َم َالئِ َك َِّة أَهَؤُ َلء إِيا ُك َّْم َكا ُنوا َي ْع ُبد ََّ‬
‫ُون)‬ ‫قال تعالى ‪َ ( :‬و َي ْو ََّم َي ْح ُ‬
‫جنَّ أَ ْك َث ُرهُم بِ ِهم‬
‫ُون ا ْل ِ‬
‫نت َولِ ُّي َنا مِن دُونِ ِهم َب َّلْ َكا ُنوا َي ْع ُبد ََّ‬ ‫ك أَ ََّ‬ ‫(سبأ ‪َ ( ) 40 :‬قالُوا ُ‬
‫س ْب َحا َن ََّ‬
‫ون) (سبأ ‪) 41 :‬‬ ‫ُّم ْؤ ِم ُن ََّ‬

‫ن أَ ْر َباباَّ أَ َيأْ ُم ُر ُكم ِبا ْل ُك ْف َِّر ََّب ْع ََّد إِ ْذَّ‬ ‫وقال تعالى‪َ ( :‬و َّلَ َيأْ ُم َر ُك َّْم أَن َتت ِ‬
‫خ ُذوَّْا ا ْل َمالَئِ َك ََّة َوالن ِبي ْي ََّ‬
‫ون) (آل عمران ‪) 80 :‬‬ ‫أَن ُتم ُّم ْسلِ ُم ََّ‬
‫وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي هللا عنها قالت ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ " :‬خلقت المالئكة من نور‪ ،‬وخلق الجان من مارج من نار‪ ،‬وخلق آدم مما‬
‫قد وصف لكم "‪.‬‬

‫ومن صفة خلقهم أن لهم أجنحة ‪ ،‬فمنهم من له جناحان جناحان‪ ،‬ومنهم من له‬
‫لِل َفاطِ َِّر‬
‫ثالثة ثالثة ‪ ،‬ومنهم من له أربعة أربغة ‪ ،‬وهكذا ‪ ,‬قال هللا تعالى‪( :‬ا ْل َح ْم َُّد ِ َِّ‬
‫اع َي ِزي َُّد فِي‬
‫ث َو ُر َب ََّ‬ ‫سالَّ أُولِي أَ ْجن َِحةَّ م ْث َنى َو ُث َال ََّ‬ ‫ت َو ْاألَ ْر ِ َّ‬
‫ض َجاعِ َِّل ا ْل َم َالئِ َك َِّة ُر ُ‬ ‫الس َم َاوا َِّ‬
‫ش ْيءَّ َقدِيرَّ) (فاطر ‪) 1 :‬‬ ‫شا َُّء إِنَّ هللاََّ َعلَى ُكلَّ َ‬ ‫ق َما َي َ‬ ‫ا ْل َخ ْل َِّ‬
‫وفى صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي هللا عنه ‪ ":‬أن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم رأى جبريل له ستمائة جناح"‪.‬‬

‫قدرتهم على التشكل‪-:‬‬


‫وقد أقدرهم هللا تعالى على التشكل باألجسام الحسنة ‪ ،‬كما تمثل جبريل عليه السالم‬
‫لمريم بشرا سويا وكما تمثلوا إلبراهيم عليه الصالة والسالم ‪ ،‬عندما حلوا عليه‬
‫ضيوفا مكرمين ‪ ،‬وكما تمثلوا للوط عليه السالم عندما جاؤوا إلنزال العذاب بقومه ‪،‬‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫الرد على المشركين في قولهم ‪ :‬المالئكة بنات هللا ‪-:‬‬
‫ورد هللا على المشركين الذين زعموا أنهم بنات هللا تعالى – تعالى هللا عما يقول‬
‫ن َولَداَّ ُ‬
‫س ْب َحا َن َُّه َب َّلْ ِع َبادَّ‬ ‫الظالمون علوا كبيرا فقال تعالى وتقدس ‪َ ( :‬و َقالُوا ات َخ ََّذ الر ْح َم َُّ‬
‫ون) (األنبياء ‪) 27 :‬‬ ‫ون) (األنبياء ‪َّ َ ( ) 26 :‬ل َي ْس ِبقُو َن َُّه ِبا ْل َق ْو َِّل َوهُم ِبأ َ ْم ِر َِّه َي ْع َمل ُ ََّ‬
‫ُّم ْك َر ُم ََّ‬
‫شفِقُ ََّ‬
‫ون)‬ ‫ش َيتِ َِّه ُم ْ‬ ‫ن َخ ْ‬‫ضى َوهُم م َّْ‬ ‫ار َت َ‬ ‫ن ْ‬‫ون إِلَّ لِ َم َِّ‬‫ش َف ُع ََّ‬ ‫ن أَ ْيدِي ِه َّْم َو َما َخ ْل َف ُه َّْم َو َ َّل َي ْ‬ ‫( َي ْعلَ َُّم َما ََّب ْي ََّ‬
‫(األنبياء ‪) 28 :‬‬
‫ون) (الصافات ‪( ) 149 :‬أَ َّْم َخلَ ْق َنا‬ ‫ات َو َل ُه َُّم ا ْل َب ُن ََّ‬
‫ك ا ْل َب َن َُّ‬ ‫اس َت ْفتِ ِه َّْم أَل َِرب ََّ‬
‫وقال تعالى ‪َ ( :‬ف ْ‬
‫ون) (الصافات‬ ‫ن إِ ْف ِك ِه َّْم لَ َيقُولُ ََّ‬ ‫ُون) (الصافات ‪( ) 150 :‬أَ َ َّل إِن ُهم م َّْ‬ ‫شا ِهد ََّ‬ ‫ا ْل َم َالئِ َك ََّة إِ َناثاَّ َو ُه َّْم َ‬
‫ت َع َلى ا ْل َبن ََّ‬
‫ِين)‬ ‫ص َط َفى ا ْل َب َنا َِّ‬ ‫ون) (الصافات ‪( ) 152 :‬أَ ْ‬ ‫هللا ُ َوإِن ُه َّْم لَ َكا ِذ ُب ََّ‬
‫‪َ ( ) 151 :‬ولَ ََّد َّ‬
‫ون) (الصافات ‪:‬‬ ‫ال َت َذك ُر ََّ‬ ‫ون) (الصافات ‪( ) 154 :‬أَ َف َ َّ‬ ‫ف َت ْح ُك ُم ََّ‬ ‫(الصافات ‪َ ( ) 153 :‬ما لَ ُك َّْم َك ْي ََّ‬
‫ِين)‬‫صا ِدق ََّ‬ ‫اب ُك َّْم إِن ُكن ُت َّْم َ‬ ‫س ْل َطانَّ ُّم ِبينَّ) (الصافات ‪َ ( ) 156 :‬فأْ ُتوا ِب ِك َت ِ‬ ‫‪( ) 155‬أَ َّْم لَ ُك َّْم ُ‬
‫(الصافات ‪) 157 :‬‬

‫ثم قال تعالى عن المالئكة ‪:‬‬


‫ن الصا ُّف ََّ‬
‫ون) (الصافات ‪165 :‬‬ ‫( َو َما مِنا إِلَّ لَ َُّه َم َقامَّ م ْعلُومَّ) (الصافات ‪َ ( ) 164 :‬وإِنا لَ َن ْح َُّ‬
‫ون) (الصافات ‪) 166 :‬‬
‫سب ُح ََّ‬ ‫ن ا ْل ُم َ‬ ‫) ( َوإِنا لَ َن ْح َُّ‬

‫ج ْب ِري َّل َ‬‫ان َعد ُّواَّ ل ِ‬ ‫منهم ‪ :‬جبريل عليه السالم ‪ ،‬الموكل بالوحي قال تعالى ‪( :‬قُ َّلْ َمن َك ََّ‬
‫هللا) (البقرة ‪) 97 :‬‬ ‫ن َِّّ‬
‫ك ِبإِ ْذ َِّ‬
‫َفإِن َُّه َنزلَ َُّه َعلَى َق ْل ِب ََّ‬
‫وقد رآه النبي صلى هللا عليه وسلم في البطح له ستمائة جناح ‪ ،‬قد سد عظم خلقه‬
‫األفق ‪ .‬ثم رآه ليلة المعراج – أيضا – في السماء كما قال تعالى ‪َ ( :‬ولَ َق َّْد َرآ َّهُ َن ْزلَةَّ‬
‫أ ُ ْخ َرى) (النجم ‪( ) 13 :‬عِن ََّد سِ دْ َر َِّة ا ْل ُم ْن َت َهى) (النجم ‪( ) 14 :‬عِن َدهَا َجن َُّة ا ْل َمأْ َوى) (النجم ‪:‬‬
‫‪ ،) 15‬ولم يره في صورته إل هاتين المرتين ‪ ،‬وأما بقية األوقات ففي صورة رجل ‪،‬‬
‫وغالبا في صورة دحية الكلبي‪.‬‬
‫سولَّ َك ِريمَّ) (التكوير ‪( ) 19 :‬ذِي قُوةَّ عِن ََّد ذِي‬ ‫قال هللا تعالى في جبريل ‪( :‬إِن َُّه لَ َق ْو َّل ُ َر ُ‬
‫ح ُب ُكم‬‫صا ِ‬ ‫ش َمكِينَّ) (التكوير ‪ُ ( ) 20 :‬م َطاعَّ َثمَّ أَمِينَّ) (التكوير ‪َ ( ) 21 :‬و َما َ‬ ‫ا ْل َع ْر َِّ‬
‫ين) (التكوير ‪) 23 :‬‬ ‫ِب َم ْج ُنونَّ) (التكوير ‪َ ( ) 22 :‬ولَ َق َّْد َرآ َّهُ ِب ْاألُفُ َِّ‬
‫ق ا ْل ُم ِب َِّ‬

‫ميكائيل عليه السالم ‪- :‬‬

‫منهم ‪ :‬ميكائيل ‪ ،‬وهو الموكل بالقطر وتصاريفه إلى حيث أمره هللا عز وجل‪.‬‬

‫أخرج اإلمام أحمد عن أنس أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال لجبريل‪ " :‬مالي لم أر‬
‫ميكائيل ضاحكا قط؟ فقال ‪ :‬ماضحك ميكائيل منذ خلقت النار"‬
‫ج ْب ِري َّل َ َومِي َكا َّل َ َفإِنَّ‬ ‫ان َعد ُّواَّ َِّّ‬
‫لِل َو َمآلئِ َكتِ َِّه َو ُر ُ‬
‫سلِ َِّه َو ِ‬ ‫قال هللا تعالى فى ميكائيل ‪َ ( :‬من َك ََّ‬
‫ََّّ‬
‫هللا َعدُوَّ ل ْل ََّكاف ِِر ََّ‬
‫ين) (البقرة ‪) 98 :‬‬
‫إسرافيل عليه السالم ‪:‬‬
‫إسرافيل ‪ ،‬وهو الموكل بالصور ينفخ فيه ثالث نفخات بأمر ربه عز وجل ‪ :‬نفخة‬
‫الفزع‪ ،‬ونفخة الصعق ‪ ،‬ونفخة القيام لرب العالمين‪.‬‬
‫وهؤلء الثالثة من المالئكة هم الذين ذكرهم النبي صلى هللا عليه وسلم في دعائه من‬
‫صالة الليل ‪ " :‬اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ‪ ،‬فاطر السموات واألرض ‪،‬‬
‫عالم الغيب والشهادة ‪ ،‬انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ‪ ،‬اهدني لما‬
‫أختلف فيه من الحق بإذنك ‪ ،‬إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم" رواه مسلم‪.‬‬
‫وفي سنن النسائي عن عائشة رضي هللا عنها أنها قالت ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ " :‬اللهم رب جبرائيل وميكائيل ورب إسرافيل ‪ ،‬أعوذ بك من حر النار ‪،‬‬
‫ومن عذاب القبر"‪.‬‬
‫ك ا ْل َم ْو َِّ‬
‫ت‬ ‫ومنهم ‪ :‬ملك الموت‪ ،‬وهو الموكل بقبض الرواح ‪ .‬قال تعالى‪( :‬قُ َّلْ َي َت َوفا ُكم ملَ َُّ‬
‫ون) (السجدة ‪) 11 :‬‬ ‫الذِي ُوك َّل َ ِب ُك َّْم ُثمَّ إِلَى َرب َُّك َّْم ُت ْر َج ُع ََّ‬
‫مالئكة الحفظ عليهم السالم‪-:‬‬
‫ومنهم ‪ :‬المالئكة الموكلون بحفظ بني آدم في كل حالته من حل وسفر ونوم ويقظة‪.‬‬
‫اربَّ‬ ‫س ِ‬ ‫ُو ُم ْس َت ْخفَّ ِبالل ْي َِّل َو َ‬ ‫ن ه ََّ‬‫سرَّ ا ْل َق ْو َّل َ َو َمن َج َه ََّر ِب َِّه َو َم َّْ‬ ‫ن أَ َ‬‫س َواء من ُكم م َّْ‬ ‫قال تعالى ‪َ ( :‬‬
‫ِن أَ ْم َِّر َِّّ‬
‫هللا إِنَّ‬ ‫ِن َخ ْلفِ َِّه َي ْح َف ُظو َن َُّه م َّْ‬
‫ن َي َد ْي َِّه َوم َّْ‬‫ار) (الرعد ‪( ) 10 :‬لَ َُّه ُم َعق َباتَّ من َب ْي َِّ‬ ‫ِبالنَّ َه َِّ‬
‫الَ َم َردَّ لَ َُّه َو َما‬ ‫سوءاَّ َف َّ‬ ‫هللا َّلَ ُي َغي َُّر َما ِب َق ْومَّ َحتى ُي َغي ُروَّْا َما ِبأ َ ْنفُسِ ِه َّْم َوإِ َذا أَ َرا ََّد َّّ‬
‫هللا ُ ِب َق ْومَّ ُ‬ ‫ََّّ‬
‫َّلَ ُهم من دُونِ َِّه مِن َوالَّ) (الرعد ‪) 11 :‬‬
‫قال ابن عباس رضي هللا عنهما ‪ ،‬في قوله تعالى ‪( :‬لَ َُّه ُم َعق َباتَّ)‪ :‬مالئكة يحفظونه من‬
‫بين يديه ومن خلفه ‪ ،‬فإذا جاء قدره خلوا عنه‪.‬‬
‫الكرام الكاتبون عليهم السالم‪-:‬‬
‫ومنهم ‪ :‬الكرام الكاتبون ‪ ،‬وهم الذين يكتبون أعمال العباد من خير وشر‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫ون َما‬ ‫ين) (اإلنفطار ‪َ ( ) 11 :‬ي ْعلَ ُم ََّ‬ ‫ين) (اإلنفطار ‪( ) 10 :‬ك َِراماَّ َكات ِِب ََّ‬ ‫( َوإِنَّ َعلَ ْي ُك َّْم لَ َحافِظِ ََّ‬
‫ون) (اإلنفطار ‪) 12 :‬‬ ‫َت ْف َعل ُ ََّ‬

‫كثرة المالئكة عليهم السالم ‪-:‬‬


‫وقد اخبر صلى هللا عليه وسلم ‪ " :‬أن البيت المعمور في السماء يدخله‪ -‬وفي راية‬
‫يصلي فيه‪ -‬كل يوم سبعون ألف ملك‪ ،‬ثم ليعودون إليه آخر ماعليهم"‪.‬‬
‫ومن أنكر وجود المالئكة كفر ‪-:‬‬
‫ومن أنكر وجود المالئكة فقد كفر بإجماع المسلمين ‪ .‬قال تعالى ‪َ ( :‬يا أَ ُّي َها الذ ََّ‬
‫ِين آ َم ُنوَّْا‬
‫ِي أَ َ‬
‫نز َّل َ مِن َق ْب َّل ُ َو َمن‬ ‫سولِ َِّه َوا ْل ِك َتا َِّ‬
‫ب الذ ََّ‬ ‫ب الذِي َنز َّل َ َعلَى َر ُ‬ ‫سولِ َِّه َوا ْل ِك َتا َِّ‬ ‫آ ِم ُنوَّْا ِب َِّّ‬
‫الِل َو َر ُ‬
‫ضالَلَّ َبعِيداَّ) (النساء ‪) 136 :‬‬ ‫ضلَّ َ‬ ‫سلِ َِّه َوا ْل َي ْو َِّم اْلخ َِِّر َف َق َّْد َ‬ ‫َي ْكفُ َّْر ِب َِّّ‬
‫الِل َو َمالَئِ َكتِ َِّه َو ُك ُت ِب َِّه َو ُر ُ‬
‫وأما اإليمان بالكتب المنزلة‪-:‬‬
‫سلَ َنا ِبا ْل َبي َنا ِ‬
‫تَّ‬ ‫س ْل َنا ُر ُ‬ ‫فإن هللا تعالى قد أنزل مع كل رسول كتابا ‪ ،‬كما قال تعالى ‪( :‬لَ َق َّْد أَ ْر َ‬
‫ط) (الحديد ‪) 25 :‬‬ ‫اس ِبا ْلق ِْس َِّ‬ ‫ان لِ َيقُو ََّم الن َُّ‬ ‫اب َوا ْلم َ‬
‫ِيز ََّ‬ ‫نز ْل َنا َم َع ُه َُّم ا ْل ِك َت ََّ‬ ‫َوأَ َ‬
‫نز َّل َ َم َع ُه َُّم‬ ‫ين َوأَ َ‬ ‫ين َو ُمنذ ِِر ََّ‬ ‫ين ُم َبش ِر ََّ‬ ‫هللا ُ الن ِبي ََّ‬ ‫ث َّّ‬ ‫ح َدةَّ َف َب َع ََّ‬ ‫اس أُمةَّ َوا ِ‬ ‫ان الن َُّ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ( :‬ك ََّ‬
‫ِين أُو ُتو َّهُ مِن‬ ‫ف فِي َِّه إِلَّ الذ ََّ‬ ‫اخ َتلَ ََّ‬‫اخ َتلَفُوَّْا فِي َِّه َو َما ْ‬ ‫اس فِي َما ْ‬ ‫ن الن َِّ‬ ‫اب ِبا ْل َحقَّ لِ َي ْح ُك ََّم َب ْي ََّ‬ ‫ا ْل ِك َت ََّ‬
‫ِن ا ْل َحقَّ ِبإِ ْذنِ َِّه‬ ‫اخ َتلََّفُوَّْا فِي َِّه م ََّ‬ ‫ِين آ َم ُنوَّْا لِ َما ْ‬ ‫هللا ُ الذ ََّ‬ ‫ات َب ْغياَّ َب ْي َن ُه َّْم َف َهدَى َّّ‬ ‫َب ْع َِّد َما َجاء ْت ُه َُّم ا ْل َبي َن َُّ‬
‫شا َُّء إِلَى صِ َراطَّ ُّم ْس َتقِيمَّ) (البقرة ‪) 213 :‬‬ ‫هللا ُ َي ْهدِي َمن َي َ‬ ‫َو َّّ‬
‫الِل َو َما‬ ‫فنؤمن بهذه الكتب ‪ ،‬ونعلم أنها من عندهللا امتثال لقوله تعالى ‪( :‬قُولُوَّْا آ َمنا ِب َِّّ‬
‫اط َو َما أُوت ََّ‬
‫ِي‬ ‫األس َب َِّ‬
‫وب َو ْ‬ ‫اق َو َي ْعقُ ََّ‬ ‫نز َّل َ إِلَى إِ ْب َراهِي ََّم َوإِ ْس َماعِي َّل َ َوإِ ْس َح ََّ‬ ‫نز َّل َ إِلَ ْي َنا َو َما أ ُ ِ‬ ‫أُ ِ‬
‫ن لَ َُّه ُم ْسلِ ُم ََّ‬
‫ون)‬ ‫ن أَ َحدَّ م ْن ُه َّْم َو َن ْح َُّ‬ ‫ق َب ْي ََّ‬ ‫ون مِن رب ِه َّْم َّلَ ُن َفر َُّ‬ ‫ِي الن ِب ُّي ََّ‬ ‫سى َو َما أُوت ََّ‬ ‫سى َوعِي َ‬ ‫ُمو َ‬
‫(البقرة ‪) 136 :‬‬
‫سولِ َِّه‬ ‫ب الذِي َنز َّل َ َعلَى َر ُ‬ ‫سولِ َِّه َوا ْل ِك َتا َِّ‬ ‫ِين آ َم ُنوَّْا آ َِّم ُنوَّْا ِب َِّّ‬
‫الِل َو َر ُ‬ ‫وقوله تعالى‪َ ( :‬يا أَ ُّي َها الذ ََّ‬
‫سلِ َِّه َوا ْل َي ْو َِّم اْلخ َِِّر َف َق َّْد‬ ‫الِل َو َمالَ ِئ َكتِ َِّه َو ُك ُت ِب َِّه َو ُر ُ‬ ‫نز َّل َ مِن َق ْب َّل ُ َو َمن َي ْكفُ َّْر ِب َِّّ‬ ‫ِي أَ َ‬‫ب الذ ََّ‬ ‫َوا ْل ِك َتا َِّ‬
‫ضالَلَّ َبعِيداَّ) (النساء ‪136 :‬‬ ‫ضلَّ َ‬ ‫َ‬
‫هللا ُ مِن ِك َتابَّ) (الشورى ‪) 15 :‬‬ ‫نز َّل َ َّ‬ ‫نت ِب َما أَ َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ (:‬وقُ َّلْ آ َم َُّ‬
‫ِين) (البقرة ‪) 2 :‬‬ ‫ب فِي َِّه هُدى ل ْل ُمتق ََّ‬ ‫اب َّلَ َر ْي ََّ‬ ‫ك ا ْل ِك َت َُّ‬ ‫وقال تعالى ‪( :‬الم) (البقرة ‪َ ( ) 1 :‬ذلِ ََّ‬
‫ون) (البقرة ‪( ) 3 :‬والذ ََّ‬
‫ِين‬ ‫ون الصال ََّة َومِما َر َز ْق َنا ُه َّْم ُينفَِّقُ ََّ‬ ‫ب َو ُيقِي ُم ََّ‬ ‫ون ِبا ْل َغ ْي َِّ‬ ‫ِين ُي ْؤ ِم ُن ََّ‬‫(الذ ََّ‬
‫ون) (البقرة ‪) 4 :‬‬ ‫ك َو ِباْلخ َِر َِّة ُه َّْم ُيوقِ ُن ََّ‬ ‫نز َّل َ مِن َق ْبلِ ََّ‬ ‫ك َو َما أ ُ ِ‬ ‫ون ِب َما أ ُ ِ‬
‫نز َّل َ إِلَ ْي ََّ‬ ‫ُي ْؤ ِم ُن ََّ‬

‫الكتب المنزلة من كالم هللا تعالى‪-:‬‬


‫ونؤمن بأن هذه الكتب من كالم هللا عز وجل لمن كالم غيره ‪ ،‬وأن هللا تعالى تكلم بها‬
‫حقيقة كما شاء على الوجه الذي اراد‪.‬‬
‫فمنها ‪ :‬المسموع منه من وراء حجاب بدون واسطة ‪ ،‬كما كلم هللا موسى تكليما بدون‬
‫سى لِمِي َقاتِ َنا َو َكل َم َُّه َر ُّب َُّه) (األعراف ‪) 143 :‬‬ ‫واسطه ‪ ،‬قال تعالى ‪َ ( :‬ولَما َجاء ُمو َ‬
‫سالَتِي َوبِ َكالَمِي) (األعراف ‪144 :‬‬ ‫اس بِ ِر َ‬ ‫ك َعَّلَى الن َِّ‬ ‫اص َط َف ْي ُت ََّ‬
‫سى إِني ْ‬ ‫وقال ‪َ ( :‬قا َّل َ َيا ُمو َ‬
‫)‬
‫ومنها ‪ :‬مايسمعه هللا تعالى الرسول الملكي ويأمره بتبليغه منه إلى الرسول البشري ‪،‬‬
‫هللا ُ إِلَّ َو ْحياَّ أَ َّْو مِن َو َراء ح َِجابَّ أَ َّْو ُي ْرسِ َّل َ َر ُ‬
‫سولَّ‬ ‫شرَّ أَن ُي َكل َم َُّه َّ‬‫ان لِ َب َ‬
‫قال تعالى ‪َ ( :‬و َما َك ََّ‬
‫شا َُّء إِن َُّه َعلِيَّ َحكِيمَّ) (الشورى ‪) 51 :‬‬ ‫ِي ِبإِ ْذنِ َِّه َما َي َ‬
‫َف ُيوح ََّ‬

‫اإليمان بما في الكتب من الشرائع‪-:‬‬


‫كما أن اإليمان بالكتب يتضمن اإليمان بكل ما فيها من الشرائع ‪ ،‬وأنه كان واجبا على‬
‫األمم – الذين نزلت إليهم – اإلنقياد لها والحكم بما فيها ‪.‬‬
‫الكتب يصدق بعضها بعضا‪-:‬‬
‫وان هذه الكتب يصدق بعضها بعضا ‪ ،‬ليكذبه ‪.‬‬
‫نسخ الكتب بعضها ببعض حق‪-:‬‬
‫وأن نسخ الكتب األولى بعضها ببعض حق ‪ ،‬كما نسخ بعض شرائع التوراة باإلنجيل ‪،‬‬
‫ِن الت ْو َرا َِّة َو ِ َّأل ُحِلَّ‬ ‫ن َيدَيَّ م ََّ‬ ‫صدقاَّ ل َما َب ْي ََّ‬ ‫قال تعالى في عيسى عليه الصالة والسالم ‪َ ( :‬و ُم َ‬
‫ض الذِي ُحر ََّم َعلَ ْي ُك َّْم ) (آل عمران ‪.) 50 :‬‬‫لَ ُكم َب ْع ََّ‬
‫وكما‬
‫ن َي َد ْي َِّه م ََّ‬
‫ِن‬ ‫صدقاَّ ل َما َب ْي ََّ‬ ‫نسخ القرآن ماقبله من الكتب السماوية ‪ ،‬قال تعالى ‪َ َُ {:‬‬
‫ن} (القلم ‪52 :‬‬ ‫ُو إِلَّ ِذ ْكرَّ ل ْل َعالَمِي ََّ‬ ‫ب َو ُم َه ْيمِناَّ}(المائدة ‪ .) 48 :‬وقال تعالى ‪َ { :‬و َما ه ََّ‬ ‫ا ْل ِك َتا َِّ‬
‫)‬
‫واإليمان بكتب هللا يجب أن يكون إجمال فيما أجمل ‪ ،‬وتفصيال فيما فصل‪.‬‬
‫اسماء كتب هللا ‪-:‬‬
‫وقد فصل هللا تعالى أسماء بعض كتبه ‪ ،‬فسمى هللا التوراة التي أنزلت على موسى ‪،‬‬
‫واإلنجيل الذي أنزل على عيسى ‪ ،‬والزبور الذي أنزل على داود ‪ ،‬والقرآن الذي أنزل‬
‫على محمد ‪.‬‬
‫وذكر تعالى صحف إبراهيم وموسى عليهم جميعا الصالة والسالم ‪.‬‬
‫فنؤمن بهذه الكتب على هذا التفصيل‪ .‬كما أن ذكر كتبا كثيرة إجمال لم يسم منها شيئا‬
‫هللا ُ مِن‬ ‫نز َّل َ َّ‬ ‫نت ِب َما أَ َ‬ ‫‪ ،‬فنؤمن بها – ايضا – على هذا اإلجمال ‪ ،‬قال تعالى ‪ ََ (:‬قُ َّلْ آ َم َُّ‬
‫ِك َتابَّ) (الشورى ‪) 15 :‬‬

‫القرآن الكريم آخر الكتب‪-:‬‬


‫والقرآن الكريم الذي أنزله هللا على نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم هو آخر الكتب‬
‫السماوية ‪ ،‬فال كتاب بعده‪.‬‬

‫ُو إِلَّ‬ ‫وهو ناسخ لجميع الكتب المتقدمة ‪ ،‬عام للثقلين افنس والجن‪ ،‬قال تعالى ‪َ ( :‬و َما ه ََّ‬
‫ِين) (القلم ‪) 52 :‬‬ ‫ِذ ْكرَّ ل ْل َعالَم ََّ‬
‫شامل لجميع مايحتاجه الناس في دينهم ودنياهم ‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ا ْل َي ْو ََّم أَ ْك َم ْل َُّ‬
‫ت لَ ُك َّْم دِي َن ُك َّْم‬
‫صةَّ َغ ْي ََّر ُم َت َجانِفَّ‬ ‫اض ُطرَّ فِي َم ْخ َم َ‬ ‫ن ْ‬ ‫يت لَ ُك َُّم اإلِ ْسالَ ََّم دِيناَّ َف َم َِّ‬ ‫ت َعلَ ْي ُك َّْم ن ِْع َمتِي َو َرضِ َُّ‬ ‫َوأَ ْت َم ْم َُّ‬
‫هللا َغفُورَّ رحِيمَّ) (المائدة ‪) 3 :‬‬ ‫إلِ ْثمَّ َفإِنَّ ََّّ‬
‫القرآن معجز‪-:‬‬
‫ن َعلَى‬ ‫نس َوا ْل ِ‬
‫ج َُّّ‬ ‫ت اإلِ َُّ‬ ‫اج َت َم َع َِّ‬
‫ِن ْ‬‫معجز ليستطيع أحد ان ياتي بمثله ‪ ،‬قال تعالى ‪( :‬قُل لئ َِّ‬
‫ض ُه َّْم لِ َب ْعضَّ َظ ِهيراَّ) (اإلسراء ‪:‬‬ ‫ان َب ْع ُ‬ ‫ون ِب ِم ْثلِ َِّه َولَ َّْو َك ََّ‬ ‫آن َّلَ َيأْ ُت ََّ‬
‫أَن َيأْ ُتوَّْا ِب ِم ْث َِّل هَـ َذا ا ْلقُ ْر َِّ‬
‫‪) 88‬‬
‫ن َحكِيمَّ َحمِيدَّ) (فصلت‬ ‫نزيلَّ م َّْ‬ ‫ِن َخ ْلفِ َِّه َت ِ‬ ‫ن َي َد ْي َِّه َو َ َّل م َّْ‬‫وقال تعالى ‪َّ َ ( :‬ل َيأْتِي َِّه ا ْل َباطِ َّل ُ مِن َب ْي َِّ‬
‫‪) 42 :‬‬
‫القرآن محفوظ ‪-:‬‬
‫ن َنز ْل َنا الذ ْك ََّر َوإِنا لَ َُّه َل َحافِ ُظ ََّ‬
‫ون)‬ ‫محفوظ من الزيادة والنقصان ‪ ،‬قال تعالى‪( :‬إِنا َن ْح َُّ‬
‫(الحجر ‪) 9 :‬‬

‫د‪ -‬واإليمان برسله‪-:‬‬


‫يكون بالتصديق الجازم بان هللا قد بعث في كل أمة رسول يدعوهم إلى عبادة هللا‬
‫وحده لشريك له‪ ،‬والكفر بما يعبد من دونه‪.‬‬
‫وان جميعهم صاطقون مصطقون بارون راشدون كرام بررة أتقياء أمناء هداة‬
‫مهتدون‪ .‬وأنهم بلغوا رسالت هللا جميعا‪.‬‬
‫وأن هللا اتخذ إبراهيم خليال ‪ ،‬واتخذ محمدا صلى هللا عليه وسلم خليال ‪ ،‬وكلم‬
‫موسى تكليما ‪ ،‬ورفع إدريس مكانا عليا‪ ،‬وأن عيسى عبدهللا ورسوله وكلمته‬
‫ألقاها إلى مريم وروح منه‪.‬‬
‫وأن هللا فضل بعضهم على بعض ‪ ،‬ورفع بعضهم على بعض درجات ‪ .‬وأن محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم سيد ولد آدم يوم القيامة ول فخر‪.‬‬
‫وأن دعوتهم من اولهم إلى آخرهم اتفقت في أصل الدين ‪ ،‬وهو توحيد هللا تعالى‬
‫هللا اإلِ ْسالَ َُّم) (آل‬ ‫ين عِن ََّد َِّّ‬ ‫بألوهيته وربوبيته واسمائه وصفاته ‪ ،‬قال تعالى‪( :‬إِنَّ الد ََّ‬
‫عمران ‪.) 19 :‬‬
‫ين)‬‫ِن ا ْل َخاسِ ِر ََّ‬ ‫ُو فِي اْلخ َِر َِّة م ََّ‬ ‫وقال ‪َ ( :‬و َمن َي ْب َت َِّغ َغ ْي ََّر اإلِ ْسالَ َِّم دِيناَّ َفلَن َُّي ْق َب َّل َ ِم ْن َُّه َوه ََّ‬
‫(آل عمران ‪.) 85 :‬‬
‫ِين) (يونس ‪.) 72 :‬‬ ‫ِن ا ْل ُم ْسلِم ََّ‬ ‫ون م ََّ‬ ‫ن أَ ُك ََّ‬ ‫ت أَ َّْ‬ ‫َوأُم ِْر َُّ‬ ‫وقال تعالى عن نوح ‪ََّ (:‬‬
‫الِل َف َعلَ ْي َِّه َت َوكلُوَّْا إِن ُكن ُتم‬ ‫وقال تعالى عن موسى ‪ {:‬يا َق ْو َِّم إِن ُكن ُت َّْم آ َمن ُتم ِب َِّّ‬
‫ِين) (يونس ‪.) 84 :‬‬ ‫ُّم ْسَّلِم ََّ‬
‫ت َن ْفسِ ي َوأَ ْسلَ ْم َُّ‬
‫ت َم ََّع‬ ‫وقال تعالى عن سليمان على لسان بلقيس ‪َ {:‬ربَّ إِني َظلَ ْم َُّ‬
‫ِين} (النمل ‪.) 44 :‬‬ ‫لِل َربَّ ا ْل َعا َلم ََّ‬ ‫ان ِ َِّ‬ ‫سلَ ْي َم ََّ‬
‫ُ‬
‫ك َو َما َوص ْي َنا‬ ‫ين َما َوصى بِ َِّه ُنوحاَّ َوالذِي أَ ْو َح ْي َنا إِلََّْي ََّ‬ ‫ن الد َِّ‬ ‫ع لَ ُكم م ََّ‬ ‫ش َر ََّ‬‫وقال تعالى‪َ { :‬‬
‫ش ِرك ََّ‬
‫ِين‬ ‫ين َو َ َّل َت َت َفرقُوا فِي َِّه َك ُب ََّر َعلَى ا ْل ُم ْ‬ ‫ن أَقِي ُموا الد ََّ‬ ‫سى أَ َّْ‬ ‫سى َوعِ ي َ‬ ‫ِب َِّه إِ ْب َراهِي ََّم َو ُمو َ‬
‫ِيب} (الشورى ‪) 13 :‬‬ ‫شا َُّء َو َي ْهدِي إِلَ ْي َِّه َمن ُين َُّ‬ ‫هللا ُ َي ْج َت ِبي إِلَ ْي َِّه َمن َي َ‬ ‫َما َتدْ ُعو ُه َّْم إِلَ ْي َِّه َّ‬
‫عدد الرسل واألنبياء‪-:‬‬
‫وعدد الرسل ‪ :‬ثالثمائة وخمسة عشر‪.‬‬
‫واألنبياء ‪ :‬مائة ألف وأربعة وعشرون الفا‪ .‬ثبت ذلك في األحاديث عن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم من حديث أبي أمامة ‪ ،‬ومن حديث أبي ذر‪.‬‬
‫الفرق بين الرسول والنبي‪-:‬‬
‫والفرق بين الرسول والنبي ‪ :‬أن النبي هو الذي ينبؤه هللا ‪ ،‬وهو ينبىء بما أنبانا‬
‫هللا به ‪ ،‬فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر هللا ليبلغه رسالة من هللا إليه فهو‬
‫رسول‪.‬‬
‫وأما من كان إنما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن هللا رسالة‬
‫فهو نبي وليس برسول‪.‬‬
‫قال مجاهد رحمه هللا‪" :‬النبي وحده ‪ :‬الذي يكلم وينزل عليه ‪ ،‬وليرسل " ‪ .‬وعليه‬
‫فإن كل رسول نبي ‪ ،‬وليس كل نبي رسول‪.‬‬
‫وأسماء الرسل واألنبياء‪-:‬‬
‫وقد سمى هللا تعالى لنا جملة منهم ‪ ،‬كآدم‪ ،‬ونوح‪ ،‬وإدريس‪ ،‬وهود‪ ،‬وصالح‬
‫وابراهيم ‪،‬واسماعيل‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬ويعقوب‪ ،‬ويوسف‪ ،‬ولوط ‪،‬وشعيب‪ ،‬ويونس‪،‬‬
‫وموسى‪ ،‬وهارون‪ ،‬وإلياس ‪ ،‬وزكري‪ ،‬ويحيى‪ ،‬واليسع‪ ،‬وذي الكفل ‪ ،‬وداود ‪،‬‬
‫وسليمان‪ ،‬وأيوب‪ ،‬وذكر األسباط جملة ‪ ،‬وعيسى ومحمد صلى هللا وسلم عليهم‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫ص َنا ُه َّْم‬ ‫ص ْ‬ ‫سالَّ َق َّْد َق َ‬ ‫وقص علينا من نبئهم واخبارهم مافيه كفاية وعبرة وعظة‪َ ( :‬و ُر ُ‬
‫سى َت ْكلِيماَّ) (النساء ‪164 :‬‬ ‫هللاُ ُمو َ‬ ‫ك َو َكل ََّم َّّ‬ ‫ص ُه َّْم َعلَ ْي ََّ‬ ‫ص ْ‬ ‫سالَّ ل َّْم َن ْق ُ‬ ‫ك مِن َق ْب َّل ُ َو ُر ُ‬ ‫َعلَ ْي ََّ‬
‫فنؤمن بجميعهم تفصيال فيما فصل هللا‪ ،‬وإجمال فيما أجمل هللا‪.‬‬
‫الرسل واألنبياء بشر أكرمهم هللا بالنبوة والرسالة‪-:‬‬
‫ونؤمن بأن جميع الرسل واألنبياء بشر مخلوقون ليس لهم من خصائص الربوبية‬
‫وحى إِلَيَّ أَن َما إِلَ ُه ُك َّْم إِلَهَّ َواحِدَّ َف َمن َك ََّ‬
‫ان‬ ‫شرَّ م ْثل ُ ُك َّْم ُي َ‬ ‫شىء ‪ .‬قال تعالى‪( :‬قُ َّلْ إِن َما أَ َنا ََّب َ‬
‫ك ِب ِع َبا َد َِّة َرب َِّه أَ َحداَّ) (الكهف ‪) 110 :‬‬ ‫ش ِر َّْ‬ ‫صالِحاَّ َو َ َّل ُي ْ‬ ‫َي ْر ُجو لِ َقاء َرب َِّه َف ْل َي ْع َم َّلْ َع َمالَّ َ‬
‫شا َُّء‬ ‫ن َع َلى َمن َي َ‬ ‫شرَّ م ْثل ُ ُك َّْم َولَـكِنَّ ََّّ‬
‫هللا َي ُم َُّّ‬ ‫ن إِلَّ َب َ‬ ‫سل ُ ُه َّْم إِن ن ْح َُّ‬ ‫ت لَ ُه َّْم ُر ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ ( :‬قالَ َّْ‬
‫ون)‬ ‫هللا َف ْل َي َت َوك َِّل ا ْل ُم ْؤ ِم ُن ََّ‬‫هللا َوعلَى َِّّ‬ ‫ن َِّّ‬ ‫س ْل َطانَّ إِلَّ ِبإِ ْذ َِّ‬ ‫ان لَ َنا أَن نأْتِ َي ُكم ِب ُ‬ ‫ِن ِع َبا ِد َِّه َو َما َك ََّ‬ ‫م َّْ‬
‫(إبراهيم ‪) 11 :‬‬
‫ون فِي‬ ‫ش ََّ‬ ‫ون الط َعا ََّم َو َي ْم ُ‬ ‫ِين إِلَّ إِن ُه َّْم لَ َيأْ ُكل ُ ََّ‬ ‫سل ََّ‬ ‫ِن ا ْل ُم ْر ََّ‬ ‫ك م ََّ‬ ‫وقال تعالى‪َ ( :‬وما أَ ْر َ‬
‫س ْل َنا َق ْبلَ ََّ‬
‫ك َبصِ يراَّ) (الفرقان ‪) 20 :‬‬ ‫ان َر ُّب ََّ‬ ‫ون َو َك ََّ‬ ‫ص ِب ُر ََّ‬ ‫ض ُك َّْم لِ َب ْعضَّ فِ ْت َنةَّ أَ َت ْ‬ ‫ْاألَ ْس َو َِّ‬
‫اق َو َج َع ْل َنا َب ْع َ‬
‫ب ََّول أَقُو َّل ُ لَ ُك َّْم إِني َملَكَّ إِ َّْ‬
‫ن‬ ‫هللا َول أَ ْعلَ َُّم ا ْل َغ ْي ََّ‬ ‫ِن َِّّ‬ ‫وقال ‪( :‬قُل لَّ أَقُو َّل ُ لَ ُك َّْم عِندِي َخ َزآئ َُّ‬
‫ون) (األنعام ‪50 :‬‬ ‫الَ َت َت َفك ُر ََّ‬‫وحى إِلَيَّ قُ َّلْ َه َّلْ َي ْس َت ِوي األَ ْع َمى َوا ْل َبصِ ي َُّر أَ َف َّ‬ ‫أَت ِب َُّع إِلَّ َما ُي َ‬

‫نت أَ ْعلَ َُّم ا ْل َغ ْي َبَّ‬ ‫شاء َّّ‬


‫هللا ُ َولَ َّْو ُك َُّ‬ ‫ض ّراَّ إِلَّ َما َ‬ ‫وقال ‪( :‬قُل لَّ أَ ْملِ َُّ‬
‫ك لِ َن ْفسِ ي َن ْفعاَّ َو َّلَ َ‬
‫ون)‬ ‫ن أَ َنَّاْ إِلَّ َنذِيرَّ َو َبشِ يرَّ ل َق ْومَّ ُي ْؤ ِم ُن ََّ‬
‫سو َُّء إِ َّْ‬ ‫ِن ا ْل َخ ْي َِّر َو َما َمسن ََّ‬
‫ِي ال ُّ‬ ‫لَ ْس َت ْك َث ْر َُّ‬
‫ت م ََّ‬
‫(األعراف ‪) 188 :‬‬
‫الرسل واألنبياء عبيد هللا‪-:‬‬

‫ونؤمن بأنهم عبيد من عباد هللا أكرمهم هللا بالرسالة ‪ ،‬ووصفهم بالعبودية في‬
‫أعلى مقاماتهم ‪ ،‬وفي سياق الثناء عليهم‪.‬‬

‫نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم خاتم األنبياء‪-:‬‬


‫ونؤمن بأن هللا تعالى ختم الرسالت برسالة محمدصلى هللا عليه وسلم فأرسله إلى‬
‫هللا إِلَ ْي ُك َّْم‬ ‫سو َّل ُ َِّّ‬ ‫اس إِني َر ُ‬ ‫جميع الثقلين ‪ :‬اإلنس والجن كما قال تعالى‪( :‬قُ َّلْ َيا أَ ُّي َها الن َُّ‬
‫جمِيعاَّ) (األعراف ‪.) 158 :‬‬ ‫ََّ‬
‫ِين) (األنبياء ‪) 107 :‬‬ ‫ك إِلَّ َر ْح َمةَّ ل ْل َعالَم ََّ‬ ‫س ْل َنا ََّ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫اس َبشِ يراَّ َو َنذِيراَّ َولَكِنَّ أَ ْك َث ََّر الن َِّ‬
‫اس َ َّل‬ ‫ك إِلَّ َكافةَّ للن َِّ‬ ‫س ْل َنا ََّ‬‫وقال تعالى‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫ون) (سبأ ‪.) 28 :‬‬ ‫َي ْعلَ ُم ََّ‬
‫وأخبر تعالى أنه أخذ العهد على النبيين إن أدركوا زمن نبينا محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم أن يتبعوه ‪ ،‬وفي هذا دليل واضح على أن رسالته صلى هللا عليه وسلم‬
‫هللا ُ مِي َث ََّ‬
‫اق‬ ‫خاتمة الرسالت‪ ،‬وأنها ناسخة لكل رسالة مضت ‪ ،‬قال تعالى ‪َ ( :‬وإِ َّْذ أَ َخ ََّذ َّّ‬
‫صدقَّ ل َما َم َع ُك َّْم لَ ُت ْؤ ِم ُننَّ ِب َِّه‬ ‫سولَّ ُّم َ‬ ‫ح ْك َمةَّ ُثمَّ َجاء ُك َّْم َر ُ‬ ‫ن لَ َما آ َت ْي ُت َُّكم من ِك َتابَّ َو ِ‬ ‫الن ِبي ْي ََّ‬
‫ش َهدُوَّْا َوأَ َنَّاْ‬ ‫ص ِري َقالُوَّْا أَ ْق َر ْر َنا َقا َّل َ َفا ْ‬ ‫ص ُرن َُّه َقا َّل َ أَأَ ْق َر ْر ُت َّْم َوأَ َخ ْذ ُت َّْم َعلَى َذلِ ُك َّْم إِ ْ‬ ‫َولَ َتن ُ‬
‫ون) (آل عمران ‪:‬‬ ‫ك ُه َُّم ا ْل َفاسِ قُ ََّ‬ ‫ك َفأ ُ ْولَـئِ ََّ‬‫ِين)( ‪ََّ ( ) 81‬ف َمن َت َولى َب ْع ََّد َذلِ ََّ‬ ‫ن الشا ِهد ََّ‬ ‫َم َع ُكم م ََّ‬
‫‪) 82‬‬
‫بشارة الرسل نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم‪-:‬‬
‫وقد بشر الرسل – صلوات هللا وسالمة عليهم اجمعين‪ -‬برسالة محمد صلى هللا‬
‫سو َّل ُ هللاَِّ‬ ‫ن َم ْر َي ََّم َيا َبنِي إِ ْس َرائِي َّل َ إِني َر ُ‬ ‫سى ا ْب َُّ‬ ‫عليه وسلم ‪ .‬قال تعالى‪َ ( :‬وإِ َّْذ َقا َّل َ عِي َ‬
‫اس ُم َُّه أَ ْح َم َُّد‬ ‫سولَّ َيأْتِي مِن َب ْعدِي ْ‬ ‫ِن الت ْو َرا َِّة َو ُم َبشراَّ ِب َر ُ‬ ‫ن َيدَ يَّ م ََّ‬ ‫صدقاَّ ل َما َب ْي ََّ‬ ‫إِلَ ْي ُكم ُّم َ‬
‫ت َقالُوا َه َذا سِ ْحرَّ ُّمبِينَّ) (الصف ‪) 6 :‬‬ ‫َفلَما َجاءهُم ِبا ْل َبي َنا َِّ‬
‫وقال تعالى ‪:‬‬
‫يب ِب َِّه‬ ‫ك َقا َّل َ َع َذ ِابي أُصِ َُّ‬ ‫س َنةَّ َوفِي اْلخ َِر َِّة إِنا هُدْ َنـا إِلَ ْي ََّ‬ ‫ب لَ َنا فِي هَـ ِذ َِّه ال ُّد ْن َيا َح َ‬ ‫( ََّوا ْك ُت َّْ‬
‫ون الز َكـا ََّة َوالذ ََّ‬
‫ِين‬ ‫ون َو ُي ْؤ ُت ََّ‬ ‫ِين َيتقُ ََّ‬ ‫سأ َ ْك ُت ُب َها لِلذ ََّ‬ ‫ش ْيءَّ َف َ‬ ‫ت ُكلَّ َ‬ ‫شاء َو َر ْح َمتِي َوسِ َع َّْ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫َم َّْ‬
‫سو َّل َ الن ِبيَّ األُميَّ الذِي‬ ‫ون الر ُ‬ ‫ِين َيت ِب ُع ََّ‬ ‫ون) (األعراف ‪( ) 156 :‬الذ ََّ‬ ‫هُم ِبآ َياتِ َنا ُيؤَّْ ِم ُن ََّ‬
‫يل) (األعراف ‪.) 157 :‬‬ ‫ج َِّ‬ ‫جدُو َن َُّه َم ْك ُتوباَّ عِندَ ُه َّْم فِي الت ْو َرا َِّة َواإلِ ْن ِ‬ ‫َي ِ‬
‫وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضى هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬والذي نقس محمد بيده ليسمع بي أحد من هذه األمة يهودي أو‬
‫نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إل كان من أصحاب النار"‪.‬‬

‫من كذب برسالة محمد صلى هللا عليه وسلم كفر‪-:‬‬


‫فمن كذب برسالة محمد صلى هللا عليه وسلم فقد كفر بجميع الرسل حتى برسوله‬
‫الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له ‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ِين) (الشعراء ‪،) 105 :‬فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع‬ ‫ت َق ْو َُّم ُنوحَّ ا ْل ُم ْر َ‬
‫سل ََّ‬ ‫( َكذ َب َّْ‬
‫أنه لم يسبق نوحا رسول‪.‬‬
‫من ادعى النبوة بعد محمد صلى هللا عليه وسلم‪-:‬‬
‫ونؤمن أن لنبي بعد محمد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فمن ادعى بعده النبوة كفر ‪،‬‬
‫قال هللا تعالى‪:‬‬
‫ين}(األحزاب ‪.) 40 :‬‬ ‫{ َولَكِن ر ُ‬
‫سو َّل َ هللاَِّ َو َخا َت ََّم الن ِبي ََّ‬
‫وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال ‪ " :‬فضلت على األنبياء بست‪ :‬أعطيت جوامع الكلم‪ ،‬ونصرت بالرعب‪ ،‬وأحلت‬
‫لي الغنائم‪ ،‬وجعلت لي األرض مسجدا وطهورا ‪ ،‬وأرسلت إلى الخلق كافة‪ ،‬وختم‬
‫بي النبيون"‪.‬‬

‫من كذب برسالة أحد من األنبياء والمرسلين كفر‪-:‬‬


‫ومن كذب برسالة أحد من األنبياء والمرسلين فقد كفر ‪ ،‬قال تعالى‪( :‬إِنَّ الَّ ِذينَ‬
‫سلِ ِه َويقُولُونَ نُ ْؤ ِمنُ بِبَ ْع ٍ‬
‫ض‬ ‫سلِ ِه َويُ ِريدُونَ أَن يُفَ ِّرقُو ْا بَيْنَ ه‬
‫ّللاِ َو ُر ُ‬ ‫يَ ْكفُ ُرونَ بِ ه‬
‫اّللِ َو ُر ُ‬
‫سبِيالً) (‪( ) 150‬أ ُ ْولَـئِ َك هُ ُم ا ْل َكافِ ُرونَ َحقها ً‬ ‫ض َويُ ِريدُونَ أَن يَتَّ ِخ ُذو ْا بَيْنَ َذلِ َك َ‬ ‫َونَ ْكفُ ُر بِبَ ْع ٍ‬
‫س ِل ِه َولَ ْم يُفَ ِّرقُو ْا بَيْنَ أَ َح ٍد‬ ‫َوأَ ْعتَ ْدنَا لِ ْل َكافِ ِرينَ َع َذابا ً ُّم ِهيناً) (‪َ ( ) 151‬والَّ ِذينَ آ َمنُو ْا بِ ه‬
‫اّللِ َو ُر ُ‬
‫ّللاُ َغفُوراً َّر ِحيماً) (النساء ‪.) 152 :‬‬ ‫س ْوفَ يُ ْؤتِي ِه ْم أ ُ ُجو َرهُ ْم َو َكانَ ه‬ ‫ِّم ْن ُه ْم أ ُ ْولَـئِكَ َ‬
‫و‪ -‬واأليمان باليوم األخر‪-:‬‬

‫وهو يوم القيامة ومايجري فيه من أمور وأهوال‪ .‬يوقن أهل السنة بذلك ‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى ‪َ :‬وبِاآل ِخ َر ِة هُ ْم يُوقِنُونَ ) (البقرة ‪.) 4 :‬‬
‫ق ِمنَ‬ ‫(ّللاُ ال إِلَـهَ إِالَّ هُ َو لَيَ ْج َم َعنَّ ُك ْم إِلَى يَ ْو ِم ا ْلقِيَا َم ِة الَ َر ْي َب فِي ِه َو َمنْ أَ ْ‬
‫ص َد ُ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ه‬
‫ّللاِ َح ِديثاً) (النساء ‪.) 87 :‬‬ ‫ه‬
‫ص ْف َح ا ْل َج ِمي َل) (الحجر ‪.) 85 :‬‬ ‫ح ال َّ‬ ‫اصفَ ِ‬ ‫سا َعةَ آلتِيَةٌ فَ ْ‬ ‫وقال تعالى‪َ :‬إِنَّ ال َّ‬
‫البعث‪-:‬‬
‫ويدخل في ذلك ‪ :‬اإليمان بالبعث وهو إحياء الموتى‪.‬‬
‫ض إِ َّال َمن شَاء‬ ‫ت َو َمن فِي ْاألَ ْر ِ‬ ‫س َما َوا ِ‬‫ق َمن فِي ال َّ‬ ‫ص ِع َ‬ ‫الصو ِر فَ َ‬ ‫قال ّللا تعالى‪َ ( :‬ونُفِ َخ فِي ُّ‬
‫ّللاُ ثُ َّم نُفِ َخ فِي ِه أ ُ ْخ َرى فَإ ِ َذا هُم قِيَا ٌم يَنظُ ُرونَ ) (الزمر ‪.) 68 :‬‬ ‫َّ‬
‫ق نُّ ِعي ُدهُ َوعْداً َعلَ ْينَا إِنَّا ُكنَّا فَا ِعلِينَ ) (األنبياء ‪.) 104 :‬‬ ‫وقال تعالى ‪َ َ :‬ما بَد َْأنَا أَ َّو َل َخ ْل ٍ‬
‫صحائف األعمال‪-:‬‬
‫واإليمان بصحائف األعمال تعطي باليمين أو من وراء الظهور بالشمال‪.‬‬
‫قال ّللا تعالى‪:‬‬
‫ا ْل َحاقَّةُ ( ‪َ ) 1‬ما ا ْل َحاقَّةُ ( ‪َ ) 2‬و َما أَ ْد َرا َك َما ا ْل َحاقَّةُ ( ‪َ ) 3‬ك َّذبَتْ ثَ ُمو ُد َوعَا ٌد بِا ْلقَا ِر َع ِة ( ‪4‬‬
‫ص ٍر عَاتِ َي ٍة ( ‪) 6‬‬ ‫ص ْر َ‬ ‫) فَأ َ َّما ثَ ُمو ُد فَأ ُ ْهلِ ُكوا بِالطَّا ِغيَ ِة ( ‪َ ) 5‬وأَ َّما عَا ٌد فَأ ُ ْهلِ ُكوا بِ ِر ٍ‬
‫يح َ‬
‫ص ْرعَى َكأَنَّهُ ْم أَع َْجا ُز‬ ‫سوما ً فَتَ َرى ا ْلقَ ْو َم فِي َها َ‬ ‫س ْب َع لَيَا ٍل َوثَ َمانِيَةَ أَيَّ ٍام ُح ُ‬ ‫س َّخ َرهَا َعلَ ْي ِه ْم َ‬ ‫َ‬
‫نَ ْخ ٍل َخا ِويَ ٍة ( ‪ ) 7‬فَ َه ْل ت ََرى لَهُم ِّمن بَاقِيَ ٍة ( ‪َ ) 8‬و َجاء فِ ْرع َْونُ َو َمن قَ ْبلَهُ َوا ْل ُم ْؤتَفِ َكاتُ‬
‫سو َل َربِّ ِه ْم فَأ َ َخ َذ ُه ْم أَ ْخ َذةً َّرابِيَةً ( ‪ ) 10‬إِنَّا لَ َّما طَ َغى ا ْل َماء‬ ‫ص ْوا َر ُ‬ ‫بِا ْل َخا ِطئَ ِة ( ‪ ) 9‬فَ َع َ‬
‫َح َم ْلنَا ُك ْم فِي ا ْل َجا ِر َي ِة ( ‪ ) 11‬لِنَ ْج َعلَ َها لَ ُك ْم ت َْذ ِك َرةً َوت َِعيَ َها أ ُ ُذنٌ َوا ِع َيةٌ ( ‪ ) 12‬فَإِ َذا نُفِ َخ فِي‬
‫ض َوا ْل ِج َبا ُل فَ ُد َّكتَا َد َّكةً َوا ِح َدةً ( ‪ ) 14‬فَيَ ْو َمئِ ٍذ‬ ‫ت ْاألَ ْر ُ‬ ‫الصو ِر نَ ْف َخةٌ َوا ِح َدةٌ ( ‪َ ) 13‬و ُح ِملَ ِ‬ ‫ُّ‬
‫س َماء فَ ِه َي يَ ْو َمئِ ٍذ َوا ِهيَةٌ ( ‪َ ) 16‬وا ْل َملَ ُك َعلَى أَ ْر َجائِ َها‬ ‫ت ال َّ‬ ‫شقَّ ِ‬‫ت ا ْل َواقِ َعةُ ( ‪َ ) 15‬وان َ‬ ‫َوقَ َع ِ‬
‫ضونَ َال ت َْخفَى ِمن ُك ْم َخافِيَةٌ ( ‪18‬‬ ‫ش َربِّ َك فَ ْوقَ ُه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ ثَ َمانِيَةٌ ( ‪ ) 17‬يَ ْو َمئِ ٍذ تُ ْع َر ُ‬ ‫َويَ ْح ِم ُل ع َْر َ‬
‫) فَأ َ َّما َمنْ أُوتِ َي ِكتَابَهُ بِيَ ِمينِ ِه فَيَقُو ُل هَا ُؤ ُم ا ْق َرؤُوا ِكتَابِي ْه ( ‪ ) 19‬إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي ُم َال ٍ‬
‫ق‬
‫ضيَ ٍة ( ‪ ) 21‬فِي َجنَّ ٍة عَالِيَ ٍة ( ‪ ) 22‬قُطُوفُ َها دَانِيَةٌ ( ‪23‬‬ ‫ش ٍة َّرا ِ‬ ‫سابِي ْه ( ‪ ) 20‬فَهُ َو فِي ِعي َ‬ ‫ِح َ‬
‫ش َمالِ ِه‬ ‫سلَ ْفتُ ْم فِي ْاألَيَّ ِام ا ْل َخالِ َي ِة ( ‪َ ) 24‬وأَ َّما َمنْ أُوتِ َي ِكتَابَهُ بِ ِ‬ ‫ش َربُوا َهنِيئا ً بِ َما أَ ْ‬ ‫) ُكلُوا َوا ْ‬
‫ضيَةَ‬ ‫ت ا ْلقَا ِ‬ ‫سابِي ْه ( ‪ ) 26‬يَا لَ ْيتَ َها َكانَ ِ‬ ‫فَيَقُو ُل يَا لَ ْيتَنِي لَ ْم أُوتَ ِكتَابِي ْه ( ‪َ ) 25‬ولَ ْم أَ ْد ِر َما ِح َ‬
‫س ْلطَانِي ْه ( ‪ُ ) 29‬خ ُذوهُ فَغُلُّوهُ ( ‪ ) 30‬ثُ َّم‬ ‫( ‪َ ) 27‬ما أَ ْغنَى َعنِّي َما ِلي ْه ( ‪َ ) 28‬هلَ َك َعنِّي ُ‬
‫سلُ ُكوهُ ( ‪ ) 32‬إِنَّهُ َكانَ َال‬ ‫س ْبعُونَ ِذ َراعا ً فَا ْ‬ ‫سلَ ٍة َذ ْر ُع َها َ‬ ‫صلُّوهُ ( ‪ ) 31‬ثُ َّم فِي ِ‬
‫س ْل ِ‬ ‫ا ْل َج ِحي َم َ‬
‫س لَهُ ا ْليَ ْو َم هَاهُنَا‬ ‫س ِكي ِن ( ‪ ) 34‬فَلَ ْي َ‬ ‫ض َعلَى طَ َع ِام ا ْل ِم ْ‬ ‫يم ( ‪َ ) 33‬و َال يَ ُح ُّ‬ ‫اّللِ ا ْل َع ِظ ِ‬
‫يُ ْؤ ِمنُ ِب َّ‬
‫سلِي ٍن ( ‪َ ) 36‬ال يَأْ ُكلُهُ إِ َّال ا ْل َخا ِط ُؤونَ ( ‪{) 37‬الحاقة}‪.‬‬ ‫َح ِمي ٌم ( ‪َ ) 35‬و َال طَ َعا ٌم إِ َّال ِمنْ ِغ ْ‬

‫الموازين‪-:‬‬
‫واإليمان بالموارين توضغ يوم القيامة فالتظلم نفس شيئا‪.‬‬
‫قال ّللا تعالى‪( :‬فَ َمن ثَقُلَتْ َم َوا ِزينُهُ فَأ ُ ْولَئِ َك هُ ُم ا ْل ُم ْفلِ ُحونَ ) (المؤمنون ‪.) 102 :‬‬
‫الشفاعة‪-:‬‬

‫واإليمان بالشفاعة في ذلك الموقف أنواع‪-:‬‬

‫الشفاعة العظمى‪-:‬‬
‫{وهي خاصة بالنبي محمد صلى ّللا عليه وسلم ‪ ،‬وذلك حين يشفع في اهل الموقف‬
‫ليقضي بينهم}‪.‬‬

‫والشفاعة في استفتاح باب الجنة ألهلها‪-:‬‬


‫{وهي خاصة بالنبي صلى ّللا عليه وسلم‪}.‬‬

‫والشفاعة في تخفيف العذاب عمن يستحقه ‪-:‬‬


‫{وهي خاصة بالنبي صلى ّللا عليه وسلم حين يشفع في عنه أبي طالب ليخفف عنه‬
‫العذاب في نار جهنم ‪ ،‬وذلك جزاء ماكان يحوطه ويغضب له}‪.‬‬

‫والشفاعة في رفع درجات اقوام من اهل الجنة‪-:‬‬


‫قيل‪ :‬إن ذلك خاص بالنبي محمد صلى ّللا عليه وسلم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ليس خاصا به صلى ّللا‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫والشفاعة في أهل الكبائر ‪-:-‬‬


‫وهم العصاة من الموحدين – الذين دخلوا النار بذنوبهم ‪ ،‬ليخرحوا منها‪ .‬يشفع بذلك‬
‫رسول ّللا صلى ّللا عليه وسلم وغيره من المرسلين والمالئكة والصالحين والشهداء‪.‬‬
‫والقرآن والصيام شفيعان ألصحابهما يوم القيامة‪ .‬وكذا اوالد المؤمنين شفعاء آلبائهم‪.‬‬

‫الحوض‪-:‬‬
‫واإليمان بالحوض – حوض نبينا محمد صلى ّللا عليه وسلم‪ -‬ماؤه أشد بياضا من‬
‫اللبن ‪ ،‬وأحلى من العسل ‪ ،‬وأطيب من رائحة المسك‪ ،‬من شرب منه شربة لم يظمأ‬
‫بعدها ابدا‪.‬‬

‫الصراط‪-:‬‬
‫واإليمان بالصراط المنصوب على متن جهنم يمر الناس عليه على قدر اعمالهم ‪.‬‬
‫فاولهم كالبرق‪ ،‬ثم كمر الريح‪ ،‬ثم كمر الطير‪ ،‬والنبي صلى ّللا عليه وسلم قائم على‬
‫الصراط يقول ‪ :‬يارب ! سلم ‪ ،‬سلم‪ ،‬حتى تعجز أعمال العباد ‪ ،‬حتى يجىء الرجل فال‬
‫يستطيع السير إال زاحفا‪ .‬وفي جنبتي الصراط كالليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت‬
‫به ‪ :‬فمخدوش ناج ومكردس فى النار‪.‬‬
‫ونؤمن بكل ماجاء في الكتاب والسنة من اخبار ذلك اليوم واهواله ‪،‬أعاننا ّللا عليها ‪.‬‬

‫ز‪ -‬واإليمان بالقضاء خيره وشره‪-:‬‬


‫اإليمان بالقضاء والقدر‪-:‬‬
‫التصديق والجزم بان ّللا قدر مقادير الخالئق ‪ ،‬وان ماشاء ّللا كان وما لم يشا لم يكن‪.‬‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫َي ٍء َخلَ ْقنَاهُ بِقَ َد ٍر) (القمر ‪ ،) 49 :‬وقال تعالى(و ََ َكانَ أَ ْم ُر َّ‬
‫ّللاِ قَدَراً َّم ْقدُوراً)‬ ‫(إِنَّا ُك َّل ش ْ‬
‫(األحزاب ‪.) 38 :‬‬
‫مراتب القدر اربع‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬العلم‪ :‬فنؤمن بأن ّللا تعالى بكل شىء عليم ‪ ،‬علم ماكان وكيف يكون ‪ ،‬بعلمه‬
‫الزلي البدي ‪ ،‬فال يتجدد له علم بعد جهل ‪ ،‬وال يلحقه نسيان بعد علم‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬الكتابة‪ :‬فنؤمن بأن ّللا كتب في اللوح المحفوظ ماهو كائن إلى يوم القيامة‪،‬‬
‫ب إِنَّ َذلِ َك َعلَى‬
‫ض إِنَّ َذلِ َك فِي ِكتَا ٍ‬‫س َماء َو ْاألَ ْر ِ‬ ‫قال تعالى‪( :‬أَلَ ْم تَ ْعلَ ْم أَنَّ َّ‬
‫ّللاَ يَ ْعلَ ُم َما فِي ال َّ‬
‫سي ٌر) (الحج ‪.) 70 :‬‬ ‫َّ‬
‫ّللاِ يَ ِ‬
‫وقال تعالى‪ ََ (:‬قا َل فَ َما بَا ُل ا ْلقُ ُرو ِن ْاألُولَى ( ‪ ) 51‬قَا َل ِع ْل ُم َها ِعن َد َربِّي فِي ِكتَا ٍ‬
‫ب َّال يَ ِ‬
‫ض ُّل‬
‫سى ( ‪.)52‬‬ ‫َربِّي َو َال يَن َ‬

‫ص ْينَاهُ فِي إِ َم ٍام ُمبِي ٍن) (يس ‪) 12 :‬‬


‫أح َ‬ ‫وقال تعالى‪َ (:‬و ُك َّل ش ْ‬
‫َي ٍء ْ‬

‫يدخل في ذلك‪:‬‬
‫التقدير األزلي قبل خلق السموات واألرض ‪ .‬قال تعالى‪( :‬قُل لَّن يُ ِ‬
‫صيبَنَا إِالَّ َما َكت ََب ه‬
‫ّللاُ‬
‫لَنَا) (التوبة ‪.) 51 :‬‬

‫ستَ بِ َربِّ ُك ْم}‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫وكتابه الميثاق يوم ‪ {:‬أَ َل ْ‬


‫ستَ بِ َربِّ ُك ْم‬‫س ِه ْم أَلَ ْ‬ ‫ش َه َدهُ ْم َعلَى أَنفُ ِ‬ ‫( َوإِ ْذ أَ َخ َذ َربُّ َك ِمن بَنِي آ َد َم ِمن ظُهُو ِر ِه ْم ُذ ِّريَّتَهُ ْم َوأَ ْ‬
‫قَالُو ْا بَلَى‪( )...‬األعراف ‪.) 172 :‬‬
‫والتقدير العمري عند تخليق النطفة في الرحم ‪ ،‬فيرسل الملك فينفخ في المضغة‬
‫الروح‪ ،‬ويؤمر بأربع كلمات تكتب ‪ :‬رزقه ‪ ،‬وأجله‪ ،‬وعمله‪ ،‬وشقى‪ ،‬أو سعيد‪.‬‬
‫يم) (الدخان ‪.) 4 :‬‬ ‫ق ُك ُّل أَ ْم ٍر َح ِك ٍ‬ ‫والتقدير الحولي في ليلة القدر‪ .‬قال تعالى‪( :‬فِي َها يُ ْف َر ُ‬
‫قال ابن عباس ‪ :‬يكتب من ام الكتاب في ليلة القدر مايكون في السنة من موت وحياة‬
‫ورزق ومطر ‪ ،‬حتى الحجاج يقال ‪ :‬يحج فالن ويحج فالن‪.‬‬
‫والتقدير اليومي‪ .‬قال تعالى‪ُ ( :‬ك َّل يَ ْو ٍم هُ َو فِي شَأْ ٍن) (الرحمن ‪.) 29 :‬‬
‫فالتقدير اليومي تفصيل من التقدير الحولي‪ ،‬والحولي تفصيل من التقدير العمري عند‬
‫تخليق النطفة ‪ ،‬والعمري تفصيل من التقدير العمري األول يوم الميثاق ‪ ،‬وهو تفصيل‬
‫من التقدير األزلي الذي خطه القلم في اإلمام المبين‪ .‬واإلمام المبين هو علم ّللا‬
‫عزوجل‪ .‬وكذلك منتهى المقادير في آخريتها إلى علم ّللا عزوجل ‪ ،‬فأنتهت األوائل إلى‬
‫أزليته‪ ،‬وانتهت األواخر إلى آخريته ( َوأَنَّ إِلَى َربِّ َك ا ْل ُمنتَ َهى) (النجم ‪.) 42 :‬‬
‫الثالثة ‪ :‬المشيئة‪ ،‬فنؤمن بان ّللا تعالى قد شاء كل مافي السموات واألرض ‪ ،‬واليكون‬
‫شىء إال بمشيئته‪ .‬ماشاء كان وما لم يشاء لم يكن ‪ ،‬قال تعالى‪( :‬إِنَّ َما أَ ْم ُرهُ إِ َذا أَ َرا َد َ‬
‫ش ْيئا ً‬
‫أَنْ يَقُو َل لَهُ ُكنْ فَيَ ُكونُ ) (يس ‪.) 82 :‬‬
‫ّللاُ َما ا ْقتَتَلُو ْا}(البقرة ‪.) 253 :‬‬ ‫وقال تعالى‪ ََ {:‬لَ ْو شَاء ه‬
‫ّللاُ لَ َج َم َع ُه ْم َعلَى ا ْل ُهدَى}(األنعام ‪.) 35 :‬‬ ‫وقال تعالى‪ ََ {:‬لَ ْو شَاء ه‬
‫اح َدةً) (هود ‪.) 118 :‬‬ ‫اس أ ُ َّمةً َو ِ‬‫وقال تعالى‪َ ( :‬ولَ ْو شَاء َربُّ َك لَ َج َع َل النَّ َ‬
‫ق ا ْلقَ ْو ُل ِمنِّي) (السجدة ‪.) 13 :‬‬ ‫س ُهدَاهَا َولَ ِكنْ َح َّ‬ ‫ش ْئنَا َآلتَ ْينَا ُك َّل نَ ْف ٍ‬
‫وقال تعالى‪َ ( :‬ولَ ْو ِ‬
‫ض}(فاطر ‪44 :‬‬ ‫ت َو َال فِي ْاألَ ْر ِ‬ ‫س َما َوا ِ‬ ‫َي ٍء فِي ال َّ‬ ‫ّللاُ لِيُ ْع ِج َزهُ ِمن ش ْ‬ ‫وقال تعالى‪َ {:‬و َما َكانَ َّ‬
‫الرابعة‪ :‬مرتبة الخلق‪ ،‬فهو تعالى خالق كل عامل وعمله ‪ ،‬وكل متحرك وحركته ‪ ،‬وكل‬
‫(و َّ‬
‫ّللاُ َخلَقَ ُك ْم َو َما تَ ْع َملُونَ ) (الصافات ‪.) 96 :‬‬ ‫ساكن وسكونه‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫َي ٍء َوه َُو َعلَى ُك ِّل ش ْ‬
‫َي ٍء َو ِكي ٌل) (الزمر ‪.) 62 :‬‬ ‫وقال تعالى‪َّ :‬‬
‫(ّللاُ َخالِ ُ‬
‫ق ُك ِّل ش ْ‬

‫أفعال العباد‪:‬‬
‫ونؤمن مع ذلك أن للعباد قدرة على أعمالهم ولهم مشيئة وإرادة‪ ،‬وّللا تعالى هو‬
‫خالقهم وخالق مشيئتهم وقدرتهم وأقوالهم وأعمالهم ‪ ،‬واألقوال واألفعال الصادرة‬
‫منهم تضاف إليهم حقيقة ‪ ،‬وعليها يثابون أو يعاقبون‪.‬‬
‫وهم اليقدرون إال على ما أقدرهم ّللا تعالى عليه ‪ ،‬واليشاؤون إال أن يشاء ّللا تعالى‪،‬‬
‫سبِيالً) (اإلنسان ‪َ ( ) 29 :‬و َما‬ ‫فال تعالى‪( :‬إِنَّ َه ِذ ِه ت َْذ ِك َرةٌ فَ َمن شَاء اتَّ َخ َذ إِلَى َربِّ ِه َ‬
‫ّللا َكانَ َعلِيما ً َح ِكيماً) (اإلنسان ‪.) 30 :‬‬ ‫تَشَا ُؤونَ إِ َّال أَن يَشَا َء َّ‬
‫ّللاُ إِنَّ َّ َ‬
‫ستَقِي َم ( ‪َ ) 28‬و َما تَشَا ُؤونَ‬ ‫وقال ‪ :‬إِنْ هُ َو إِ َّال ِذ ْك ٌر لِّ ْل َعالَ ِمينَ ( ‪ ) 27‬لِ َمن شَاء ِمن ُك ْم أَن يَ ْ‬
‫ّللاُ َر ُّب ا ْل َعالَ ِمينَ ( ‪.) 29‬‬ ‫إِ َّال أَن يَشَا َء َّ‬
‫سبَتْ }(البقرة ‪:‬‬ ‫سبَتْ َو َعلَ ْي َها َما ا ْكتَ َ‬ ‫س َع َها لَ َها َما َك َ‬‫ّللاُ نَ ْفسا ً إِالَّ ُو ْ‬
‫وقال تعالى‪{ :‬الَ يُ َكلِّفُ ه‬
‫‪.) 286‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وقال تعالى‪َ ( :‬و ِت ْل َك ا ْل َجنَّةُ الَّتِي أو ِرثتُ ُموهَا بِ َما ُكنتُ ْم تَ ْع َملُونَ ) (الزخرف ‪ ،) 72 :‬اي‬
‫بسبب العمل‪.‬‬
‫اب ا ْل ُخ ْل ِد بِ َما ُكنتُ ْم تَ ْع َملُونَ ) (السجدة ‪.) 14 :‬‬ ‫وقال تعالى‪َ { :‬و ُذوقُوا َع َذ َ‬
‫ش هراً يَ َرهُ ( ‪) 8‬‬‫وقال تعالى‪ :‬فَ َمن يَ ْع َم ْل ِم ْثقَا َل َذ َّر ٍة َخ ْيراً يَ َرهُ ( ‪َ ) 7‬و َمن يَ ْع َم ْل ِم ْثقَا َل َذ َّر ٍة َ‬
‫{الزلزلة}‪.‬‬

‫القدر السابق اليمنع العمل واليوجب اإلتكال‪-:‬‬


‫ونؤمن أن القدر السابق اليمنع من العمل‪ ،‬كما انه اليوجب اإلتكال‪ .‬ولذا لما أخبر النبي‬
‫صلى ّللا عليه وسلم وأصحابه بسبق المقادير وجريانها وجفوف القلم بها ‪ ،‬فقيل له‬
‫صلى ّللا عليه وسلم‪ :‬أفال نتكل على كتابنا وندع العمل ؟ قال ‪ " :‬ال‪ ،‬اعملوا ‪ ،‬فكل‬
‫ميسر" ‪ ،‬ثم قرأ ‪:‬‬
‫س َرى ( ‪َ ) 7‬وأَ َّما َمن‬
‫س ُرهُ لِ ْليُ ْ‬
‫سنُيَ ِّ‬‫سنَى ( ‪ ) 6‬فَ َ‬ ‫ق بِا ْل ُح ْ‬ ‫فَأ َ َّما َمن أَ ْعطَى َواتَّقَى ( ‪َ ) 5‬و َ‬
‫ص َّد َ‬
‫س َرى ( ‪.) 10‬‬ ‫س ُرهُ لِ ْل ُع ْ‬ ‫سنَى ( ‪ ) 9‬فَ َ‬
‫سنُ َي ِّ‬ ‫ستَ ْغنَى ( ‪َ ) 8‬و َك َّذ َب بِا ْل ُح ْ‬
‫بَ ِخ َل َوا ْ‬
‫فالمقادير لها أسباب توصل إليها ‪ .‬فكلما أن النكاح سبب الولد‪ ،‬والحرث سبب وجود‬
‫الزرع‪ ،‬فكذلك العمل الصالح سبب دخول الجنة‪ ،‬والعمل السىء سبب دخول النار‪.‬‬
‫‪ -5‬ومن جملة اعتقاد أهل السنة‪:‬‬
‫أن اإليمان قول اللسان‪ ،‬بأن ينطق بشهادة التوحيد ‪ :‬الإله إال ّللا محمد رسول ّللا ‪.‬‬
‫واعتقاد بالقلب‪ ،‬بأن يجزم جزما قاطعا بصدق كلمة التوحيد ‪ .‬وعمل بالجوارح‪.‬‬

‫قال اإلمام الشافعي رحمه ّللا ‪ " :‬كان اإلجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومن‬
‫ادركناهم يقولون ‪ :‬اإليمان ‪ :‬قول وعمل ونية ‪ ،‬واليجزىء واحد من الثالثة إال‬
‫باآلخر"‪ .‬رواه الآللكائي فى ( السنة)‪..‬‬

‫زيادة اإليمان ونقصانه‪-:‬‬

‫ويزيد اإليمان بالطاعة وينقص بالمعصية‪ .‬قال تعالى‪( :‬الَّ ِذينَ قَا َل َل ُه ُم النَّ ُ‬
‫اس إِنَّ النَّ َ‬
‫اس‬
‫ّللاُ َونِ ْع َم ا ْل َو ِكي ُل) (آل عمران ‪:‬‬ ‫اخش َْوهُ ْم فَ َزا َدهُ ْم إِي َمانا ً َوقَالُو ْا َح ْ‬
‫سبُنَا ه‬ ‫قَ ْد َج َمعُو ْا لَ ُك ْم فَ ْ‬
‫‪.) 173‬‬
‫وقال ‪َ (:‬وإِ َذا تُلِيَتْ َعلَ ْي ِه ْم آيَاتُهُ َزا َد ْتهُ ْم إِي َمانا ً َو َعلَى َربِّ ِه ْم يَتَ َو َّكلُونَ ) (األنفال ‪) 2 :‬‬

‫سو َرةٌ فَ ِم ْن ُهم َّمن يَقُو ُل أَيُّ ُك ْم َزا َد ْتهُ هَـ ِذ ِه إِي َمانا ً فَأ َ َّما الَّ ِذينَ‬ ‫وقال تعالى‪َ ( :‬وإِ َذا َما أُن ِزلَتْ ُ‬
‫ش ُرونَ ) (التوبة ‪.) 124 :‬‬ ‫آ َمنُو ْا فَ َزا َد ْتهُ ْم إِي َمانا ً َوهُ ْم يَ ْ‬
‫ستَ ْب ِ‬

‫ق َّ‬
‫ّللاُ‬ ‫سولُهُ َو َ‬
‫ص َد َ‬ ‫ّللاُ َو َر ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ ( :‬ولَ َّما َرأَى ا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ ْاألَ ْح َز َ‬
‫اب قَالُوا َه َذا َما َو َع َدنَا َّ‬
‫سلِيماً) (األحزاب ‪.) 22 :‬‬ ‫سولُهُ َو َما َزا َدهُ ْم إِ َّال إِي َمانا ً َوتَ ْ‬
‫َو َر ُ‬

‫وقال تعالى‪( :‬هُ َو الَّ ِذي أَن َز َل ال َّ‬


‫س ِكينَةَ فِي قُلُو ِ‬
‫ب ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ لِيَ ْزدَادُوا إِي َمانا ً َّم َع إِي َمانِ ِه ْم)‬
‫(الفتح ‪.) 4 :‬‬

‫وقال تعالى‪َ (:‬ويَ ْزدَا َد الَّ ِذينَ آ َمنُوا إِي َمانا ً) (المدهثر ‪.) 31 :‬‬

‫سو َرةٌ فَ ِم ْنهُم َّمن يَقُو ُل أَيُّ ُك ْم َزا َد ْتهُ هَـ ِذ ِه إِي َمانا ً فَأ َ َّما الَّ ِذينَ‬ ‫وقال تعالى‪َ ( :‬وإِ َذا َما أُن ِزلَتْ ُ‬
‫ش ُرونَ ) (التوبة ‪.) 124 :‬‬ ‫آ َمنُو ْا فَ َزا َد ْت ُه ْم إِي َمانا ً َو ُه ْم يَ ْ‬
‫ستَ ْب ِ‬
‫وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي ّللا عنهما أن النبي صلى ّللا عليه وسلم‬
‫وعظ النساء ‪ ،‬وقال لهن‪ " :‬ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم‬
‫من إحداكن"‪ ،‬فهذا دليل على نقصان اإليمان‪ .‬ومثله قوله صلى ّللا عليه وسلم‪" :‬‬
‫أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا"‪ .‬رواه أحمد وغيره عن أبي هريرة‪.‬‬
‫وإذا كان من اتصف بحسن الخلق فهو أكمل المؤمنين إيمانا ‪ ،‬فغيره ممن ساء خلقه‬
‫أنقص إيمانا‪.‬‬

‫ليس اإليمان دون اعتقاد‪-:‬‬


‫(و ِمنَ‬
‫وليس اإليمان قوال وعمال دون اعتقاد ‪ ،‬ألن هذا إيمان المنافقين‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫اّللِ َوبِا ْليَ ْو ِم اآل ِخ ِر َو َما هُم بِ ُم ْؤ ِمنِينَ ) (البقرة ‪.) 8 :‬‬
‫س َمن يَقُو ُل آ َمنَّا بِ ه‬ ‫النَّا ِ‬
‫ليس اإليمان مجرد المعرفة‪-:‬‬
‫وليس هو مجرد المعرفة ‪ ،‬ألن هذا إيمان الكافرين والجاحدين ‪ .‬قال تعالى‪َ ( :‬و َج َحدُوا‬
‫س ِدينَ ) (النمل ‪.) 14 :‬‬ ‫ستَ ْيقَنَ ْت َها أَنفُ ُ‬
‫س ُه ْم ظُ ْلما ً َو ُعلُ هواً فَانظُ ْر َكيْفَ َكانَ عَاقِبَةُ ا ْل ُم ْف ِ‬ ‫بِ َها َوا ْ‬

‫ت ه‬
‫ّللاِ يَ ْج َحدُونَ ) (األنعام ‪.) 33 :‬‬ ‫وقال تعالى‪ ََ (:‬إِنَّهُ ْم الَ يُ َك ِّذبُونَ َك َولَ ِكنَّ الظَّالِ ِمينَ بِآيَا ِ‬

‫َاب يَ ْع ِرفُونَهُ َك َما يَ ْع ِرفُونَ أَ ْبنَاءهُ ْم) (البقرة ‪.) 146 :‬‬
‫وقال تعالى‪( :‬الَّ ِذينَ آتَ ْينَاهُ ُم ا ْل ِكت َ‬

‫وقال تعالى‪( :‬فَلَ َّما َجاءهُم َّما َع َرفُو ْا َكفَ ُرو ْا بِ ِه) (البقرة ‪.) 89 :‬‬

‫ش ْيطَانُ أَ ْع َمالَ ُه ْم‬ ‫وقال تعالى‪َ ( :‬وعَاداً َوثَ ُمو َد َوقَد تَّبَيَّنَ لَ ُكم ِّمن َّم َ‬
‫سا ِكنِ ِه ْم َو َزيَّنَ لَ ُه ُم ال َّ‬
‫ص ِرينَ ) (العنكبوت ‪.) 38 :‬‬ ‫ستَ ْب ِ‬ ‫سبِي ِل َو َكانُوا ُم ْ‬ ‫فَ َ‬
‫ص َّدهُ ْم َع ِن ال َّ‬

‫ليس اإليمان دون العمل‪-:‬‬


‫وليس هو قوال واعتقاد دون عمل‪ ،‬ألن ّللا سمى الألعمال إيمانا ‪ ،‬فقال تعالى‪َ ََ {:‬ما‬
‫ضي َع إِي َمانَ ُك ْم}(البقرة ‪ ،.) 143 :‬أي ‪ :‬صالتكم إلى البيت المقدس‪.‬‬ ‫َكانَ ه‬
‫ّللاُ لِيُ ِ‬

‫وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي ّللا عنهما عن النبي صلى ّللا عليه وسلم‬
‫أنه قال لوفد عبد القيس ‪:‬‬
‫" آمركم بأربع ‪ :‬اإليمان باّلل ‪ ،‬هل تدرون مااإليمان باّلل؟ ‪ :‬شهادة أن الإله إال ّللا ‪،‬‬
‫وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وان تعطوا من المغانم الخمس"‪.‬‬

‫وفي الصحيحين – أيضا‪ -‬عن أبي هريرة رضي ّللا عنه عن النبي صلى ّللا عليه وسلم‬
‫قال‪ ":‬اإليمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة ‪ ،‬فأفضلها قول الإله إال ّللا ‪،‬‬
‫وأدناها إماطة األذى عن الطريق‪ ،‬والحياء سعبة من اإليمان"‪.‬‬
‫حكم األعمال‪-:‬‬
‫وليس شىء من األعمال تركه كفر إال الصالة فمن تركها مطلقا فقد كفر ‪ .‬أجمع على‬
‫ذلك صحابة رسول ّللا صلى ّللا عليه وسلم‪.‬‬

‫قال عبدّللا بن شقيق‪ ":‬لم يكن اصخاب رسول ّللا صلى ّللا عليه وسلم يرون من‬
‫األعمال تركه كفر غير الصالة" رواه الترمذي‪.‬‬

‫حكم التكفير‪-:‬‬
‫والتكفير حق ّلل‪ ،‬فال يكفرأحد إال من كفره ّللا ورسوله صلى ّللا عليه وسلم‪ ،‬او أجمع‬
‫المسلمون على تكفيره‪.‬‬
‫فمن كفر أحدا بغير الكفر الذي قام البرهان الجلي عليه من نص الكتاب العزيز أو السنة‬
‫الصحيحية أو اإلجماع ‪ ،‬فهو مستحق لتغليظ العوبة والتعزير ‪ ،‬إذ " من رمى م}منا‬
‫بكفر فهو كقتله"رواه البخاري عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى ّللا عليه وسلم‪.‬‬

‫والكفر يقع بقول كفري ليس فيه خالف معتبر ‪ ،‬وكذا بفعل ‪ ،‬وكذا باعتقاد ‪ .‬وليس من‬
‫شرط الكفر‪ :‬األستحالل‪.‬‬
‫وفرق بين التطفير العام وتكفير الشخص المعين‪ :‬قالتكفير العام كالوعيد العام ‪ ،‬يجب‬
‫القول بإطالقه وعمومه ‪ .‬كقول األئمة ‪ :‬من قال ‪ :‬القرآن مخلوق فهو كافر‪.‬‬
‫وكقول ابن خزيمة رحمه ّللا ‪ ":‬من لم يقر بأن ّللا على عرشه قد استوى فوق سبع‬
‫سماواته ‪ ،‬فهو كافر حالال الدم وكان ماله فيئا‪.‬‬
‫وتكفير الشخص المعين‪ :‬البد فيه من توفر الشروط وانتفاء الموانع ‪ .‬فال يلزم من‬
‫التكفير المطلق العام تكفير الشخص المعين حتى تتوفر فيه شروط التكفير وتنتفي عنه‬
‫موانعه‪.‬‬
‫‪ -6‬ومن جملة اعتقاد أهل السنة والجماعة‪:‬‬

‫ان جميع الذنوب – سوى اإلشراك باّلل تعالى‪ -‬التخرج المسلم من دين اإلسالم‪ ،‬إال إن‬
‫استحلها‪ :‬سواء فعلها مستحال ‪ ،‬أو اعتقد حلها دون أن يفعلها ‪ ،‬ألنه عندئذ يكون مكذبا‬
‫بالكتاب ومكذبا بالرسول صلى ّللا عليه وسلم ‪ ،‬وذلك كفر بالكتاب والسنة واإلحماع‪.‬‬

‫وكل مادون الشرك من الذنوب اليخلد صاحبها في نار جهنم ‪ ،‬كما قال ّللا تعالى‪( :‬إِنَّ‬
‫ّللاَ الَ يَ ْغفِ ُر أَن يُ ْ‬
‫ش َر َك بِ ِه َويَ ْغفِ ُر َما دُونَ َذلِ َك لِ َمن يَشَاء) (النساء ‪.) 48 :‬‬ ‫ه‬
‫فنصت اآلية على ان صاحب الذنوب إلى مشيئة ّللا جل عال‪ ،‬إن شاء تعالى عفا عنه‬
‫بمنه وكرمه‪ ،‬وإن شاء أدخله النار بقدر ذنوبه‪ ،‬ليطهره بها ‪ ،‬ثم يخرجه منها بتوحيده‬
‫فيدخل الجنة‪.‬‬

‫صاحب الكبائر نافص اإليمان‪-:‬‬


‫وقد سمى ّللا في كتابه بعض الكبائر كالقتل والبغي ‪ ،‬وأثبت اإليمان ألصحابها ‪ ،‬فهم‬
‫مؤمنون بإيمانهم ‪ ،‬فاسقون بمعصيتهم‪ .‬قال تعالى‪( :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُو ْا ُكتِ َب َعلَ ْي ُك ُم‬
‫اص فِي ا ْلقَ ْتلَى ا ْل ُح ُّر بِا ْل ُح ِّر َوا ْل َع ْب ُد بِا ْل َع ْب ِد َواألُنثَى بِاألُنثَى فَ َمنْ ُعفِ َي لَهُ ِمنْ أَ ِخي ِه‬ ‫ص ُ‬ ‫ا ْلقِ َ‬
‫ان) (البقرة ‪ ،) 178 :‬فأثبت تعالى اإليمان‬ ‫س ٍ‬‫وف َوأَدَاء إِلَ ْي ِه بِإ ِ ْح َ‬ ‫ع بِا ْل َم ْع ُر ِ‬‫َي ٌء فَاتِّبَا ٌ‬
‫ش ْ‬
‫للقاتل والمقتول من المؤمنين ‪ ،‬وأثبت لهم أخوة اإليمان‪.‬‬

‫والمنافاة بين تسمية المرء فاسقا وتسميته مسلما‪-:‬‬


‫والمنافاة بين إطالق الفسق على العمل أو عامله ‪ ،‬وتسمية العامل مسلما وجريان‬
‫أحكام المسلمين عليه‪ .‬وقصة الصحابي عبدّللا حمار – التي رواها البخاري في‬
‫صحيحه – غاية في توضيح ذلك‪ ،‬حيثإن عبدّللا حمارا شرب الخمر ‪ ،‬فجىء به إلى‬
‫النبي صلى ّللا عليه وسلم فقال أحد الصحابة رضي ّللا عنهم‪ :‬لعنه ّللا ماأكثر ما يؤتي‬
‫به‪ .‬فقال النبي صلى ّللا عليه وسلم ‪ " :‬التلعنه ‪ ،‬فإنه يحب ّللا ورسوله"‪.‬‬
‫فلم يخرج من اإلسالم بمجرد هذه الكبيرة ‪ ،‬بل قد أثبت له اإليمان ‪ ،‬مع وقوعه في هذه‬
‫الكبيرة‪.‬‬
‫أقسام الكفر والشرك‪-:‬‬
‫وبيان ذلك ‪ :‬أن كال من الكفر والشرك والظلم والفسوق والنفاق جاءت في نصوص‬
‫الشرع على قسمين‪:‬‬
‫‪ -1‬أكبر‪ :‬يخرج من الملة لمنافاته اصل الدين بالكلية‪.‬‬
‫‪ -2‬وأصغر ‪ :‬ينافي كمال اإليمان واليخرج صاحبه منه‪.‬‬
‫وهذا تقسيم للسلف رضي ّللا عنهم ‪ ،‬فقد أثبت حبر المة وترجمان القرآن ابن‬
‫عباس رضي ّللا عنهما ‪ ،‬ان هناك كفرا دون كفر ‪ ،‬وظلما دون ظلم ‪ ،‬وفسوقا دون‬
‫فسوق ‪ ،‬ونفاقا دون نفاق‪.‬‬
‫الكفر األكبر‪-:‬‬
‫فاّلل تعالى سمى من دعا غيره كافرا ومشركا وظالما‪.‬‬
‫آخ َر َال بُ ْرهَانَ لَهُ بِ ِه فَإِنَّ َما ِح َ‬
‫سابُهُ ِعن َد َربِّ ِه إِنَّهُ‬ ‫قال ّللا تعالى‪َ ( :‬و َمن يَ ْد ُع َم َع َّ‬
‫ّللاِ إِلَها ً َ‬
‫َال يُ ْفلِ ُح ا ْل َكافِ ُرونَ ) (المؤمنون ‪.) 117 :‬‬

‫وقال تعالى‪( :‬قُ ْل إِنَّ َما أَ ْدعُو َربِّي َو َال أ ُ ْ‬


‫ش ِر ُك بِ ِه أَ َحداً) (الجن ‪.) 20 :‬‬

‫ض ُّر َك فَإِن فَ َع ْلتَ فَإِنَّكَ إِذاً ِّمنَ‬


‫ّللا َما الَ يَنفَ ُع َك َوالَ يَ ُ‬
‫ع ِمن دُو ِن ه ِ‬
‫وقال تعالى‪َ ( :‬والَ تَ ْد ُ‬
‫الظَّالِ ِمينَ ) (يونس ‪.) 106 :‬‬

‫ق عَنْ أَ ْم ِر َربِّ ِه) (الكهف ‪.) 50 :‬‬ ‫يس َكانَ ِمنَ ا ْل ِجنِّ فَفَ َ‬
‫س َ‬ ‫وقال تعالى‪ (:‬إِ َّال إِ ْب ِل َ‬
‫فهذا في الكفر الكبر ‪ ،‬والشرك الكبر ‪ ،‬والظلم الكبر ‪ ،‬والفسق الكبر‪ ،‬الذي اليجتمع‬
‫معه إيمان‪.‬‬

‫الكفر األصغر‪-:‬‬
‫ُ‬
‫ّللاُ فَأ ْولَـئِ َك هُ ُم ا ْل َكافِ ُرونَ ) (المائدة ‪.) 44 :‬‬ ‫َ‬
‫وقال ّللا تعالى‪( :‬وََ َمن لَّ ْم يَ ْح ُكم بِ َما أن َز َل ه‬

‫ّللاُ فَأ ُ ْولَـئِ َك ُه ُم الظَّا ِل ُمونَ ) (المائدة ‪.) 45 :‬‬


‫وقال تعالى‪َ (:‬و َمن لَّ ْم يَ ْح ُكم بِ َما أن َز َل ه‬

‫ّللاُ فَأ ُ ْولَـئِكَ هُ ُم ا ْلفَا ِ‬


‫سقُونَ ) (المائدة ‪.) 47 :‬‬ ‫وقال تعالى‪(:‬و ََ َمن لَّ ْم يَ ْح ُكم بِ َما أَن َز َل ه‬

‫وقال تعالى‪( :‬إِنَّ الَّ ِذينَ يَأْ ُكلُونَ أَ ْم َوا َل ا ْليَتَا َمى ظُ ْلما ً إِنَّ َما يَأْ ُكلُونَ فِي بُطُونِ ِه ْم نَاراً‬
‫س ِعيراً) (النساء ‪.) 10 :‬‬ ‫صلَ ْونَ َ‬
‫سيَ ْ‬
‫َو َ‬
‫وقال صلى ّللا عليه وسلم‪ " :‬سباب المسلم فسوق ‪ ،‬وقتاله كفر "‪ ،‬وقال صلى ّللا‬
‫عليه وسلم‪ ":‬من حلف بغير ّللا فقد كفر أو أشرك"‪.‬‬
‫فهذا في الكفر األصغر‪ ،‬والشرك األصغر‪ ،‬والظلم األصغر ‪،‬والفسق األصغر‪ ،‬وهذا‬
‫يجتمع معه اإليمان‪ ،‬كما نص على ذلك الكتاب والسنة ‪ ،‬واجمع عليه السلف ‪ ،‬وهو‬
‫ينقص األيمان ‪ ،‬وينافي كماله‪.‬‬
‫‪ -7‬ومن عقائد أهل السنة والجماعة‪:‬‬
‫محبة أصحاب رسول ّللا صلى ّللا عليخ وسلم ‪ ،‬مواألتهم ‪ ،‬والترضي عنهم ‪،‬‬
‫والستغفار لهم ‪،‬والثناء عليهم‪.‬‬

‫سا ٍن‬ ‫سابِقُونَ األَ َّولُونَ ِمنَ ا ْل ُم َها ِج ِرينَ َواألَن َ‬


‫صا ِر َوالَّ ِذينَ اتَّبَ ُعوهُم ِبإ ِ ْح َ‬ ‫قال ّللا تعالى‪َ ( :‬وال َّ‬
‫ت ت َْج ِري ت َْحتَ َها األَ ْن َها ُر َخالِ ِدينَ فِي َها أَبَداً َذلِكَ‬
‫ضو ْا َع ْنهُ َوأَ َع َّد لَهُ ْم َجنَّا ٍ‬ ‫ض َي ه‬
‫ّللاُ َع ْنهُ ْم َو َر ُ‬ ‫َّر ِ‬
‫ا ْلفَ ْو ُز ا ْل َع ِظي ُم) (التوبة ‪ ،.) 100 :‬فرضى ّللا تعالى عن السابقين من غير اشتراط‬
‫إحسان ‪ ،‬ولم يرض عن التابعين إال ان يتبعوهم بإحسان‪.‬‬

‫َن ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ إِ ْذ يُبَا ِي ُعونَ َك ت َْحتَ الش ََّج َر ِة فَ َعلِ َم َما فِي قُلُو ِب ِه ْم‬ ‫ض َي َّ‬
‫ّللاُ ع ِ‬ ‫وقال تعالى‪( :‬لَقَ ْد َر ِ‬
‫س ِكينَةَ َعلَ ْي ِه ْم َوأَثَابَهُ ْم فَ ْتحا ً قَ ِريباً) (الفتح ‪.) 18 :‬‬ ‫فَأَن َز َل ال َّ‬
‫ومن رضي ّللا عنه لم يسخط عليه أبدا‪ .‬وثبت في الحديث الصحيح أنه صلى ّللا عليه‬
‫وسلم قال‪ ":‬اليدخل النار أحد بايع تحت الشجرة"‪.‬‬

‫فضل المهاجرين‪-:‬‬
‫وذكر ّللا المهاجرين ووصفهم بأنهم الصادقون‪ ،‬قال تعالى‪( :‬لِ ْلفُقَ َراء ا ْل ُم َها ِج ِرينَ الَّ ِذينَ‬
‫سولَهُ‬ ‫ص ُرونَ َّ‬
‫ّللاَ َو َر ُ‬ ‫ض َوانا ً َويَن ُ‬‫ّللاِ َو ِر ْ‬ ‫أ ُ ْخ ِر ُجوا ِمن ِديا ِر ِه ْم َوأَ ْم َوالِ ِه ْم يَ ْبتَغُونَ فَ ْ‬
‫ضالً ِّمنَ َّ‬
‫صا ِدقُونَ ) (الحشر ‪.) 8 :‬‬ ‫أ ُ ْولَئِ َك هُ ُم ال َّ‬

‫فضل األنصار‪-:‬‬
‫اإلي َمانَ ِمن قَ ْبلِ ِه ْم يُ ِحبُّونَ َمنْ ه َ‬
‫َاج َر‬ ‫ثم ذكر النصار ‪ ،‬فقال تعالى‪َ ( :‬والَّ ِذينَ تَبَ َّوؤُوا الدَّا َر َو ْ ِ‬
‫س ِه ْم َولَ ْو َكانَ ِب ِه ْم‬‫اجةً ِّم َّما أُوتُوا َويُ ْؤثِ ُرونَ َعلَى أَنفُ ِ‬
‫صدُو ِر ِه ْم َح َ‬ ‫إِلَ ْي ِه ْم َو َال يَ ِجدُونَ فِي ُ‬
‫س ِه فَأ ُ ْولَئِ َك هُ ُم ا ْل ُم ْفلِ ُحونَ ) (الحشر ‪.) 9 :‬‬ ‫صةٌ َو َمن يُو َ‬
‫ق ش َُّح نَ ْف ِ‬ ‫صا َ‬ ‫َخ َ‬

‫ثم ذكر تعالى حال المؤمنين من بعدهم من الذين اتبعوا صحابة رسول ّللا صلى ّللا‬
‫عليه وسلم بإحسان ‪ ،‬فقال تعالى‪َ ( :‬والَّ ِذينَ َجاؤُوا ِمن بَ ْع ِد ِه ْم يَقُولُونَ َربَّنَا ا ْغفِ ْر لَنَا‬
‫ان َو َال ت َْج َع ْل فِي قُلُوبِنَا ِغ هالً لِّلَّ ِذينَ آ َمنُوا َربَّنَا إِنَّ َك َر ُؤوفٌ‬ ‫َو ِ ِإل ْخ َوانِنَا الَّ ِذينَ َ‬
‫سبَقُونَا بِ ْ ِ‬
‫اإلي َم ِ‬
‫َّر ِحي ٌم) (الحشر ‪.) 10 :‬‬

‫شدَّاء َعلَى ا ْل ُكفَّا ِر ُر َح َماء بَ ْينَهُ ْم تَ َراهُ ْم ُر َّكعا ً‬ ‫ّللاِ َوالَّ ِذينَ َم َعهُ أَ ِ‬
‫سو ُل َّ‬ ‫وقال تعالى‪ُّ ( :‬م َح َّم ٌد َّر ُ‬
‫س ُجو ِد َذلِ َك َمثَلُهُ ْم‬ ‫سي َماهُ ْم فِي ُو ُجو ِه ِهم ِّمنْ أَثَ ِر ال ُّ‬ ‫ض َوانا ً ِ‬ ‫ضالً ِّمنَ َّ‬
‫ّللاِ َو ِر ْ‬ ‫س َّجداً يَ ْبتَغُونَ فَ ْ‬ ‫ُ‬
‫سوقِ ِه‬ ‫ستَ َوى َعلَى ُ‬ ‫ستَ ْغلَظَ فَا ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫شطأهُ فَآ َز َرهُ فَا ْ‬ ‫ع أ ْخ َر َج َ‬ ‫َ‬ ‫اإلن ِجي ِل َك َز ْر ٍ‬‫فِي التَّ ْو َرا ِة َو َمثَلُ ُه ْم فِي ْ ِ‬
‫ت ِم ْنهُم َّم ْغفِ َرةً‬
‫صالِ َحا ِ‬ ‫ّللاُ الَّ ِذينَ آ َمنُوا َو َع ِملُوا ال َّ‬ ‫الز َّرا َع لِيَ ِغيظَ بِ ِه ُم ا ْل ُكفَّا َر َو َع َد َّ‬
‫ب ُّ‬ ‫يُ ْع ِج ُ‬
‫َوأَ ْجراً َع ِظيماً) (الفتح ‪.) 29 :‬‬
‫حكم من أبغض الصحابة‪-:‬‬
‫قال اإلمام مالك رحمه ّللا‪ :‬من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب‬
‫رسول ّللا صلى ّللا عليه وسلم فقد أصابته االية‪.‬‬

‫ّللاِ َوالَّ ِذينَ آ َوو ْا َّونَ َ‬


‫ص ُرو ْا‬ ‫سبِي ِل ه‬ ‫َاج ُرو ْا َو َجا َهدُو ْا ِفي َ‬ ‫وقال تعالى‪َ ( :‬والَّ ِذينَ آ َمنُو ْا َوه َ‬
‫ق َك ِري ٌم) (األنفال ‪.) 74 :‬‬ ‫أُولَـئِ َك هُ ُم ا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ َحقها ً لَّهُم َّم ْغفِ َرةٌ َو ِر ْز ٌ‬
‫تفاضل الصحابة‪-:‬‬
‫وقال تعالى في الصحابة مبينا فضيلة من انفق من قبل الفتح – وهو صلح الحديبية‪-‬‬
‫وقاتل على من انفق من بعد وقاتل ‪ ،‬وكال من المنفقين – قبل الفتح وبعده‪ -‬وعدّللا‬
‫الجنة‪.‬‬
‫ح َوقَاتَ َل أ ُ ْولَئِكَ أَ ْعظَ ُم َد َر َجةً ِّمنَ الَّ ِذينَ‬
‫ق ِمن قَ ْب ِل ا ْلفَ ْت ِ‬ ‫ستَ ِوي ِمن ُكم َّمنْ أَنفَ َ‬ ‫قال تعالى‪(:‬ال يَ ْ‬
‫ّللاُ بِ َما تَ ْع َملُونَ َخبِي ٌر) (الحديد ‪.) 10 :‬‬ ‫سنَى َو َّ‬ ‫أَنفَقُوا ِمن بَ ْع ُد َوقَاتَلُوا َو ُك هالً َو َع َد َّ‬
‫ّللاُ ا ْل ُح ْ‬

‫النهي عن سب الصحابة‪-:‬‬
‫وفي الصحيحين عن ابي سعيد الخدري رضي ّللا عنه قال ‪ :‬قال رسول ّللا صلى ّللا‬
‫عليه وسلم‪ " :‬التسبوا أحدا من اصحابي فلو أن أحدا أنفق مثل أحد ذهبا مابلغ مد‬
‫أحدهم والنصيفه"‪.‬‬
‫والمد‪ :‬ربع الصاع‪ .‬والنصيف ‪ :‬نصف المد‪ .‬والمعنى ‪ :‬مابلغ هذا القدر اليسير من‬
‫فضلهم ‪ ،‬وال نصيفه‪.‬‬

‫شهادة رسول ّللا صلى ّللا عليه وسلم لهم بالخيرية‪-:‬‬


‫وفي الصحيحين – ايضا‪ -‬عن عمران بن حصين رضي ّللا عنه أن النبي صلى ّللا عليه‬
‫وسلم قال ‪ " :‬خير الناس قرني‪ ،‬ثم الذين يلونهم ‪ ،‬ثم الذين يلونهم"‪ – .‬قال عمران‪:‬‬
‫الادري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثالثة؟‪ " -‬ثم إن بعدهم قوما يشهدون واليشهدون ‪،‬‬
‫ويخونون وال يؤتمنون ‪ ،‬وينذرون واليوفون‪ ،‬ويظهر فيهم السمن"‪.‬‬
‫فضل األنصار‪-:‬‬
‫وفيهما عن أنس رضي ّللا عنه ‪ ،‬أن النبي صلى ّللا عليه وسلم قال ‪ ":‬آية اإليمان‬
‫حب األنصار ‪ ،‬وآية النفاق بغض األنصار"‪.‬‬
‫وفيهما عن البراء بن عازب رضي ّللا عنه أن النبي صلى ّللا عليه وسلم قال في‬
‫األنصار ‪ " :‬اليحبهم إال مؤمن ‪ ،‬وال يبغضهم إال منافق ‪ ،‬من أحبهم أحبه ّللا ‪ ،‬ومن‬
‫أبغضهم أبغضه ّللا"‪.‬‬
‫وفي صحيحي مسلم عن ابي هريرة ‪ ،‬ومن حديث أبي سعيد رضي ّللا عنهما ‪ ،‬أن‬
‫النبي صلى ّللا عليه وسلم قال ‪ " :‬اليبغض النصار رجل آمن باّلل واليوم اآلخر"‪.‬‬

‫وفي الصحيحين من حديث على بن أبي طالب رضي ّللا عنه ‪ ،‬أن النبي صلى ّللا عليه‬
‫وسلم قال في قصة حاطب بن أبي بلتعة ‪... " :‬إنه قد شهد بدرا ‪ ،‬وما يدريك لعل ّللا‬
‫اطلع على أهل بدر فقال ‪ :‬اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم"‪.‬‬

‫فضل أصحاب بيعة الرضوان‪-:‬‬


‫وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبدّللا رضي ّللا عنه قال ‪ :‬أخبرتني أم مبشر انها‬
‫سمعت النبي صلى ّللا عليه وسلم يقول عند حفصة ‪ " :‬اليدخل النار‪ -‬إن شاء ّللا –‬
‫من أصحاب الشجرة أحد ‪ ،‬الذين بايعوا تحتها"‪ ،‬وكان عددهم أكثر من ألف وأربعمائة‬
‫‪ ،‬من جملتهم ‪ :‬أبوبكر ‪،‬وعمر‪ ،‬وعثمان‪ ،‬وعلي‪.‬‬

‫ترتيب الصحابة في الفضل ‪-:‬‬


‫ويعتقد أهل السنة أن خير هذه األمة بعد نبيها ‪ :‬أبوبكر الصديق‪ ،‬ثم عمر الفاروق‪،‬‬
‫وهذا إجماع من الصحابة والتابعين ‪ ،‬ولم يختلف فيه أحد منهم‪.‬‬
‫وقد تواتر النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي ّللا عنه ‪ ":‬أن خير هذه‬
‫األمة بعد نبيها أبوبكر ثم عمر"‪.‬‬
‫ويثلث أهل السنة بعثمان بن عفان‪ ،‬ويربعون بعلي بن ابي طالب رضي ّللا عنهما‪.‬‬
‫‪ -8‬ومن عقائد أهل السنة والجماعة‪-:‬‬
‫محبة أهل بيت النبي صلى ّللا عليه وسلم ‪ ،‬ومعرفة فضلهم وشرفهم ‪ ،‬عمال بوصية‬
‫النبي صلى ّللا عليه وسلم يوم غدير ُخم‪ ،‬حيث حمدّللا وأثنى عليه ووعظ وذكر ‪ ،‬ثم‬
‫قال ‪:‬‬
‫" أما بعد ‪ :‬أال أيها الناس فإنما انا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ‪ .‬وأنا تارك‬
‫فيكم ثقلين ‪ ،‬أولهما كتاب ّللا ‪ ،‬فيه الهدى والنور ‪ ،‬فخذوا بكتاب ّللا واستمسكوا به"‪،‬‬
‫فحث على كتاب ّللا ورغب فيه ‪ .‬ثم قال ‪ ":‬وأهل بيتي ‪،‬أذكركم ّللا في أهل بيتي ‪،‬‬
‫أذكركم ّللا في أهل بيتي ‪ ،‬اذكركم ّللا في أهل بيتي"‪.‬رواه مسلم في صحيحه عن زيد‬
‫بن ارقم‪.‬‬
‫قال ابن كثير رحمه ّللا ‪ ،‬في تفسيره ‪ :‬والننكر الوصاة بأهل البيت ‪ ،‬واألمر باإلحسان‬
‫إليهم ‪ ،‬واحترامهم ‪ ،‬واكرامهم ‪ ،‬فإنهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وجد على وجه‬
‫األرض فخرا وحسبا ونسبا‪ ،‬والسيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة‬
‫الواضحة الجلية‪ ،‬كما كان عليه سلفهم ‪ ،‬كالعباس وبنيه ‪ ،‬وعلي وأهل بيته وذريته‬
‫رضي ّللا عنهم أجمعين‪.‬‬

‫أزواجه صلى ّللا عليه وسلم من اهل بيته‪-:‬‬


‫ومن أهل بيته صلى ّللا عليه وسلم ‪ .‬قال تعالى في سياق مخاطبتهن‪َ (:‬وقَ ْرنَ فِي‬
‫ص َالةَ َوآتِينَ ال َّز َكاةَ َوأَ ِطعْنَ َّ‬
‫ّللاَ‬ ‫بُيُوتِ ُكنَّ َو َال تَبَ َّر ْجنَ تَبَ ُّر َج ا ْل َجا ِه ِليَّ ِة ْاألُولَى َوأَقِ ْمنَ ال َّ‬
‫ط ِهيراً ( ‪) 33‬‬ ‫ت َويُطَ ِّه َر ُك ْم تَ ْ‬ ‫س أَ ْه َل ا ْلبَ ْي ِ‬‫ّللاُ لِيُ ْذ ِه َب عَن ُك ُم ال ِّر ْج َ‬
‫سولَهُ إِنَّ َما يُ ِري ُد َّ‬‫َو َر ُ‬
‫ّللاَ َكانَ لَ ِطيفا ً َخبِيراً ( ‪.) 34‬‬ ‫ّللاِ َوا ْل ِح ْك َم ِة إِنَّ َّ‬
‫ت َّ‬ ‫َو ْاذ ُك ْرنَ َما يُ ْتلَى فِي بُيُوتِ ُكنَّ ِمنْ آيَا ِ‬

‫قال ابن كثير رحمه ّللا في تفسيره ‪ :‬هذه اآلية نص في دخول النبي صلى ّللا عليه‬
‫وسلم في اهل البيت ههنا ‪ ،‬ألنهن سبب نزول اآلية ‪ ،‬وسبب نزول اآلية داخل فيه قوال‬
‫واحدا ‪ ،‬إما وحده على قول ‪ ،‬أو مع غيره على الصحيح‪.‬‬
‫فدخل في هذه اآلية امير المؤمنين على بن أي طالب ‪ ،‬وفاطمة بنت رسول ّللا صلى ّللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬والحسن والحسين ‪ ،‬رضي ّللا عنهم أجمعين ‪ ،‬لحديث عائشة رضي ّللا‬
‫عنها ‪ :‬خرج رسول ّللا صلى ّللا عليه وسلم غداةً وعليه ِمرطٌ مرحل من شعر أسود ‪،‬‬
‫فجاء الحسن بن على فأدخله ‪ ،‬ثم جاء الحسين فدخل معه ‪ ،‬ثم جاءت فاطمة فأدخلها ‪،‬‬
‫س أَ ْه َل ا ْلبَ ْي ِ‬
‫ت َويُطَ ِّه َر ُك ْم‬ ‫ّللاُ لِيُ ْذ ِه َب عَن ُك ُم ال ِّر ْج َ‬
‫ثم جاء على فأدخله ‪ ،‬ثم قال ‪( :‬إِنَّ َما يُ ِري ُد َّ‬
‫تَ ْ‬
‫ط ِهيراً ( ‪.) 33‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ -9‬ويعتقد أهل السنة والجماعة‪:‬‬
‫ماتواترت به النصوص من وقوع كرامات ّللا تعالى ألوليائه‪.‬‬
‫تعريف الولي‪-:‬‬
‫والولى عندهم‪ :‬من فعل المأمورات الشرعية ‪ ،‬واجتنب ماجاءت الشريعة بالنهي عنه‪.‬‬
‫قال تعالى عن الولياء‪( :‬أَال إِنَّ أَ ْولِيَاء ه‬
‫ّللاِ الَ َخ ْوفٌ َعلَ ْي ِه ْم َوالَ هُ ْم يَ ْح َزنُونَ ) (يونس ‪62 :‬‬
‫) (الَّ ِذينَ آ َمنُو ْا َو َكانُو ْا َيتَّقُونَ ) (يونس ‪ .) 63 :‬فباإليمان والتقوى تكون الوالية‪.‬‬

‫تعريف الكرامة‪-:‬‬
‫والكرامة ‪ :‬أمر خارق للعادة ‪ ،‬يجريه ّللا تعالى على يد ولي من اوليائه ‪ ،‬معونة له‬
‫على أمر ديني او دنيوي ‪ .‬لكن التصل كرامة الولي إلى مثل معجزات األ نبياء‬
‫والمرسلين‪.‬‬

‫بعض كرامات ّللا ألوليائه‪-:‬‬


‫ومن كرامات ّللا ألوليائه ‪ :‬قصة اصحاب الكهف ‪ .‬قصة مريم عليها السالم عندما‬
‫جاءها المخاض إلى جذع النخلة ‪ ،‬فامرها ّللا ان تهز بجذعها لتتساقط عليها رطبا جنيا‬
‫‪ ،‬ورزق ّللا لها عليها السالم ‪ ،‬بوحود فاكهة الشتاء عندها في الصيف ‪ ،‬وفاكهة‬
‫الصيف في الشتاء ‪.‬‬
‫وقصة آصف كاتب سليمان ‪ .‬وقصة الرجل الذي أماته ّللا مائة عام ثم بعثه ‪ .‬وقصة‬
‫جريج الراهب ‪ .‬وقصة النفر الثالثة – من بني إسرائيل – الذين أووا إلى غار فانطبقت‬
‫عليهم الصخرة‪ .‬إلى غير ذلك مما هو مشتهر عند أهل العلم ثابت بالقرآن او بالسنة‬
‫الصحيحة ‪ ،‬أو بما صح عن السلف ومن جاء بعدهم‪.‬‬
‫والكرامة موجودة في هذه المة إلى قيام الساعة ‪ ،‬ألن سببها الوالية ‪ ،‬والوالية‬
‫موجودة إلى قيام الساعة‪.‬‬
‫ومن جاء بخارق من خوارق العادات لم يكن ذلك مزكيا له داال على واليته حتى يعرض‬
‫عمله كله على الكتاب والسنة ‪ ،‬فيعرف بالموافقة لهما واتباعهما ظاهرا وباطنا‪.‬‬
‫في فضل الولي‪-:‬‬
‫ومن فضائل األولياء ماروراه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول‬
‫ّللا صلى ّللا عليه وسلم ‪ ":‬إن ّللا تبارك وتعالى يقول ‪ :‬من عادى لي وليا فقد آذنته‬
‫بالحرب"‪.‬‬
‫‪-10‬ويعتقد أهل السنة والجماعة‪-:‬‬
‫بأن ّللا تعالى اوجب على المؤمنين طاعة والة امرهم في غير معصية ّللا‪.‬‬
‫ويعتقدون معنى قوله صلى ّللا عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت رضي ّللا عنه‬
‫‪ ":‬استمع واطع في عسرك ويسرك ‪ ،‬ومنشطك ومكرهك‪ ،‬وأثر ٍة عليك‪ ،‬وإن أكلوا مالك‬
‫‪ ،‬وضربوا ظهرك ‪ ،‬إال ان يكون معصية"‪ .‬أخرجه أبن حبان في صحيحيه بإسناد‬
‫حسن‪ .‬واصله في الصحيحين‪.‬‬

‫ويعتقدون تحريم الخروج على والة المر وإن جاروا وظلموا ‪ ،‬مالم يروا كفرا بواحا‬
‫عندهم فيه من ّللا برهان ‪ ،‬لقول رسول ّللا صلى ّللا عليه وسلم ‪ " :‬خيار أئمتكم‬
‫الذينتحبونهم ويحبونكم ‪ ،‬ويصلون عليكم وتصلون عليهم ‪ ،‬وشرار أئمتكم الذين‬
‫تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم"‪ .‬قيل ‪ :‬يارسول ّللا ! أفال ننابذهم‬
‫بالسيف؟ فقال ‪ " :‬ال‪ ،‬ماأقاموا فيكم الصالة ‪ ،‬وإذا رأيتم من والتكم شيئا تكرهونه‬
‫فأكرهوا عمله‪ ،‬وال تنزعوا يدا من طاعة"‪.‬‬

‫وفي لفظ ‪ ":‬أال من ولي عليه وا ٍل ‪ ،‬فرآه يأتي شيئا من معصية ّللا فليكره مايأتي من‬
‫معصية ّللا ‪ ،‬وال ينزعن يدا من طاعة"‪ .‬أخرجه مسلم عن عوف بن مالك‪.‬‬

‫عقوبات الخارج عليهم‪-:‬‬


‫والخارج من الجماعة ألحق به الشارع عقوبات غليظة في الدنيا واآلخرة تتناسب مع‬
‫عظم جريمته‪:‬‬
‫من ذلك أن من مات وهو خارج عن الطاعة مفارق للجماعة مات ميتة جاهلية‪.‬‬
‫ومن فارق الجماعة فإنه اليسأل عنه ‪ ،‬كناية عن عظيم ذنبه‪.‬‬
‫ومن فارق الجماعة فال حجة له عندّللا يوم القيامة‪.‬‬
‫ومن فارق الجماعة فإن الشيطان معه يرتكض ‪ .‬ومن فار ق الجماعة ح َّل دمه‪.‬‬

‫ويعتقد أهل السنة والجماعة ‪-:‬‬


‫الدعاء لوالة األمر‪-:‬‬
‫أن الدعاء لولي األمر بالصالح والمعافاة مما يحمد ويتأكد‪ .‬وهو عالمة الرجل من اهل‬
‫السنة ‪ ،‬كما قال اإلمام البربهاري في كتاب السنة‪:‬‬
‫إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى‪ .‬وإذا سمعت الرجل يدعو‬
‫للسلطان بالصالح فاعلم انه صاحب سنة أن شاء ّللا ‪.‬‬
‫يقول الفضيل بن عياض ‪ :‬لو كان لي دعوة ‪ ،‬ماجعلتها إال في السلطان ‪ .‬فأمرنا أن‬
‫ندعو لهم بالصالح ‪ ،‬ولم نؤمر أن ندعو عليهم ‪ ،‬وإن جاروا وظلموا‪ ،‬ألن جورهم على‬
‫أنفسهم وعلى المسلمين ‪ ،‬وصالحهم ألنفسهم وللمسلمين‪.‬‬
‫وقال اإلمام الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث‪:‬‬
‫ويرون الدعاء لهم باإلصالح والتوفيق والصالح‪.‬‬
‫ويرون أن سبهم مما نهي عنه شرعا بإتفاق أكابر أصحاب رسول ّللا صلى ّللا عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫يقول أنس بن مالك رضي ّللا عنه ‪ " :‬نهانا كبراءنا من أصحاب رسول ّللا صلى ّللا‬
‫عليه وسلم قال‪ ":‬التسبوا أمراءكم والتغشوهم ‪ ،‬والتبغضوهم ‪ ،‬واتقوا ّللا واصبروا ‪،‬‬
‫فإن األمر قريب"‪ .‬رواه أبي عاصم في السنة وغيره‪.‬‬
‫‪-11‬وينهى أهل السنة والجماعة عن الجدال والخصومات فى الدين‪:‬‬
‫إذ قد حذر النبي صلى هللا عليه وسلم من ذلك ‪.‬‬
‫ففي الصحيحين عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪ ":‬اقرأؤا القرآن ما ائتلفت‬
‫عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه"‪.‬‬
‫وفى المسند وسنن ابن ماجه‪ -‬وأصله فى صحيح مسلم‪ -‬عن عبدهللا بن عمرو ‪ :‬أن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم خرج وهم يختصمون فى القدر فكأنما يفقأ فى وجهه حب‬
‫الرمان من الغضب‪ ،‬فقال ‪ " :‬بهذا أمرتم ؟! أو لهذا خلقتم ؟ تضربون القرآن بعضه‬
‫ببعض!! بهذا هلكت األمم قبلكم"‪.‬‬

‫بل جاء الخبر بأن الجدال عقوبة من عقوبات هللا فى األمة ‪ .‬ففى سنن الترمذي وابن‬
‫ماجه من حديث أبي أمامة رضي هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫" ماضل قوم بعد هدى كانوا عليه إل أوتوا الجدل" ‪ ،‬ثم قرأ ‪ ":‬ماضربوه لك إل‬
‫جدل"{زخر‪.}58:‬‬
‫قال اإلمام أحمد رحمه هللا ‪ :‬أصول السنة عندنا ‪:‬‬
‫‪ -1‬التمسك بما كان عليه أصحاب الرسول صلى هللا عليه وسلم وافقتداء بهم‪.‬‬
‫‪ -2‬وترك البدع ‪ ،‬وكل بدعة فهي ضاللة‪.‬‬
‫‪ -3‬وترك الخصومات والجلوس مع اصحاب األهواء‪.‬‬
‫‪ -4‬وترك المراء والجدال والخصومات فى الدين‪.‬‬

‫الجدل المذموم‪:‬‬
‫{وكل ذلك فى الجدال بالباطل ‪ ،‬أو الجدال فى الحق بعدما تبين ‪ ،‬أو الجدال فيما‬
‫ليعلم المحاج‪ ،‬أو الجدال فى المتشابه من القرآن ‪ ،‬أو الجدال بغير نية صالحة ‪...‬‬
‫ونحو ذلك ‪}.‬‬
‫الجدل المحمود‪:‬‬
‫{ أما إذا كان الجدال إلظهار الحق وبيانه‪ ،‬من عالم ‪ ،‬له نية صالحة ‪ ،‬وملتزم باألدب‪،‬‬
‫فذلك مما يحمد ‪ .‬قال هللا تعالى‪ ":‬ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة‬
‫وجادلهم بالتي هى أحسن"[النحل‪.]125:‬‬
‫وقال تعالى‪ ":‬ولتجادلوا أهل الكتاب إل بالتي هى أحسن"[العنكبوت‪.]46:‬‬
‫وقال تعالى‪ ":‬قالوا يانوح قد جادلتنا فاكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من‬
‫الصادقين"[هود]‪.‬‬

‫بعض المجادلت الشرعية‪:‬‬


‫وأخبر تعالى عن محاجة إبراهيم عليه الصالة والسالم مع قومه‪ ،‬وموسى عليه‬
‫الصالة والسالم مع فرعون‪.‬‬
‫وفى السنة ذكر محاجة آدم وموسى عليهما الصالة والسالم‪ .‬ونقل عن السلف الصالح‬
‫مناظرات كثيرة ‪ ،‬وكلها من الجدال المحمود الذي توفر فيه‪:‬‬
‫‪ -1‬العلم‬
‫‪ -2‬النية‬
‫‪ -3‬المتابعة‬
‫‪ -4‬أدب المناظرة‬
‫‪ -12‬وحذر أهل السنة من مجالسة أهل األهواء والبدع تحذيرا شديدا‪-:‬‬
‫ألن مجالستهم فيها مخالفة أمر ّللا ‪ ،‬وعالمة محبتهم‪ ،‬ومجالستهم على خطر من‬
‫اإلنقياد إلى ضاللهم ومتابعتهم على باطلهم‪.‬‬
‫قال ابن تيمية رحمه ّللا‪ :‬والبدعة التي يع ُّد بها الرجل من أهل األهواء مااشتهر عند‬
‫أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة ‪ ،‬كبدعة الخوارج ‪ ،‬والروافض ‪ ،‬والقدرية ‪،‬‬
‫والمرجئة‪.‬‬
‫ض َع ْن ُه ْم َحتَّى يَ ُخو ُ‬
‫ضو ْا فِي‬ ‫ضونَ فِي آيَاتِنَا فَأ َ ْع ِر ْ‬ ‫قال ّللا تعالى‪َ ( :‬وإِ َذا َرأَ ْيتَ الَّ ِذينَ يَ ُخو ُ‬
‫ش ْيطَانُ فَالَ تَ ْق ُع ْد بَ ْع َد ِّ‬
‫الذ ْك َرى َم َع ا ْلقَ ْو ِم الظَّا ِل ِمينَ ) (األنعام ‪:‬‬ ‫ث َغ ْي ِر ِه َوإِ َّما يُن ِ‬
‫س َينَّ َك ال َّ‬ ‫َح ِدي ٍ‬
‫‪.) 68‬‬
‫قال ابن عباس ‪ :‬دخل في هذه اآلية كل محدث في الدين ‪ ،‬وكل مبتدع إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫نقله عنه البغوي في تفسيره‪.‬‬
‫وقال ابن جرير الطبري‪ :‬وفي هذه اآلية الداللة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل‬
‫الباطل من كل نوع من المبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم‪.‬‬
‫قال ابن عباس ‪ :‬التجالس أهل األهواء ‪ ،‬فإن مجالستهم ممرضة للقلب‪.‬‬
‫تم بحمد اهلل وتوفيقه كتاب [ المعتقد الصحيح الواجب على كل مسلم اعتق اده]‪.‬‬
‫أسأل اهلل تعالى أن يجعله لوحهه الكريم خالصا ‪،‬ولسنة نبيه محمد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫موافق ا‪ ،‬وأن ينفع به عموم المسلمين‪.‬‬
‫وصلى اهلل على نبينا محمد ‪ ،‬وعلى آل بيته الطهار وصحبه األخيار ومن تبعهم بإحسان إلى‬
‫يوم الدين‪.‬‬

‫عبدالسالم برجس آل عبدالكريم (( رحمه اهلل))‪.‬‬

You might also like