Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 9

‫فلسفة تطبيقية‬ ‫حماضرات فلسفة الدين‬ ‫االستاذ حممد الشريف‬

‫الجمهورية الجزائرية الدمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة& الحاج لخضر باتنة ‪1‬‬

‫قسم الفلسفة‬

‫مقياس فلسفة& الدين‬ ‫األستاذ‪ :‬محمد الشريف الطاهر‬

‫السنة الثانية ماستر‬ ‫التخصص‪ :‬فلسفة تطبيقية‬

‫المحاضرات األولى والثانية‬

‫‪1‬‬
‫فلسفة تطبيقية‬ ‫حماضرات فلسفة الدين‬ ‫االستاذ حممد الشريف‬

‫المحاضرة األولى‪ :‬مدخل إلى فلسفة& الدين‬

‫طرح المشكلة‪:‬‬

‫سؤال الدين سؤال قدمي متجدد يف تاريخ الفلسفة‪ ،‬ولعل أول من طرح حول الدين على موضوع للفلسفة هو‬
‫الفيلس وف اليون اين اكزينوف ان عن دما انتق د اآلهلة اليوناني ة ووص فها بأهنا إس قاط م ا بنفس البش رية على اآلهلة‪،‬‬
‫مميزا بذلك اآلهلة عن اإلله الذي يؤمن به وه اإلله الواحد احلكيم‪ ،‬ولكن مل يتحدد له الدين يف كليته كموضوع‬
‫للفلسفة‪ ،‬مث جاءت القرون األوربية الوسطى والعصر اإلسالمي الكالسيكي وأصبحت الفلسفة مطبوعة بطباعة‬
‫دينية أي أصبحت ذات طابع ديين‪ ،‬فظهرت الفلسفة املسيحية القديس أغسطني‪ ،‬والفلسفة اإلسالمية الكندي‬
‫والف ارايب‪ ،‬والفلس فة اليهودي ة قبلهم ا م ع فيل ون وغريه ا‪ ،‬وهن ا ظه رت الفلس فة الديني ة‪ ،‬مث ج اءت بع د ذل ك‬
‫سبينوزا الذي ح ول من جديد الدين إىل موض وع للفلسفة‪ ،‬ومع فالسفة التنوير جاء نقد الدين خاص ة دين‬
‫ال وحي‪ ،‬وأم ا م ع هيغ ل اكتملت مع امل فلس فة ال دين يف حماض راته ح ول فلس فة ال دين‪ ،‬مث ج اءت عش رات‬
‫الكتابات اليت تساءل الدين‪ ،‬ولكن املشكلة اليت تعرتضنا هي على األوجه التالية‪:‬‬

‫هل فلسفة الدين هي فلسفة دينية؟ أم أهنا فلسفة خارج الدين؟‬

‫إذا ك ان ال دين جييب على نفس األس ئلة ال يت تطرحه ا الفلس فة فه ل من املمكن أن يص ح ال دين موض وعا‬
‫للفلسفة؟‬

‫وهل ميكن للفلسفة أن تسلط سؤاهلا على الدين؟‬

‫وهل فلسفة الدين تناقش الفكر الديين أم ذات الدين؟‬

‫هذه األسئلة كلها تناقش هي مدخل على فلسفة الدين‬

‫‪2‬‬
‫فلسفة تطبيقية‬ ‫حماضرات فلسفة الدين‬ ‫االستاذ حممد الشريف‬

‫املدخل هو حتديد لبناء نص قادم ما‪ ،‬وهنا نريد بناء هندسة املقياس ككل‪ ،‬وهلذا ستكون هذه احملاضرة املدخلية‬
‫حتدي د ملفه وم فلس فة ال دين‪ ،‬من حيث مكوناهتا أي النظري ات واالش كاالت ال يت تطره ا‪ ،‬ومن حيث ص ورهتا‬
‫املنطقية‪ ،‬وعليه فإن التحديد سيشمل الصورة واملضمون‪ .‬وذلك ألن لكل جمال معريف صورة منطقية متثل بنيته‬
‫العميقة‪ ،‬ومضامني تصب ضمن تلك الصورة‪ ،‬وهنا سنحدد صورة فلسفة الدين وفق حمددات الفلسفة ذاهتا من‬
‫حيث أهنا طريقة تفكري‪ ،‬وأما املضامني فهي تتشكل عادة من اإلشكاليات واملش كالت والنظريات اجمليبة عن‬
‫تلك اإلشكاليات واملشكالت‪.‬‬

‫وهنا قبل الولوج إىل حتديد الصورة واملضمون وجب التنبيه إىل إشارة مهمة‪ ،‬وهل فلسفة الدين هي‬
‫الفلسفة الدينية؟ أم أهنا علمنة للدين؟‬

‫عن دما نص ف فلس فة بص يغة وص فية م ا فه و إم ا ألن املب دأ ال ذي تق وم علي ه كالفلس فة الربغماتي ة أو‬
‫الفلسفة التجريبية‪ ،‬أو العتبار مرجعيتها وإشكاالهتا‪ ،‬وهنا تربز لنا مثال الفلسفة اإلسالمية أو الفلسفة املسيحية‪،‬‬
‫وهنا تتخذ الفلسفة الصبغة الدينية‪ ،‬ولنأخذ على سبيل املثال كتاب فصل املقال البن رشد‪ ،‬عندما صرح أن‬
‫النص الق رآين قاب ل للتأوي ل وجع ل أه ل الربه ان هم األكف أ على فهم ه ودراس ته‪ ،‬وبالت ايل ف إن دالالت النص‬
‫الق رآين العميق ة متاح ة أله ل الربه ان وهم الفالس فة‪ ،‬وس عى ب ذلك يف كتاب ه من اهج األدل ة لكي ي ربهن ص حة‬
‫قوله‪ ،‬وهنا يربز أهنا فلسفة دينية حاولت أن تؤسس لفلسفة تفهم النص الديين وتأويلها بإمكاناهتا‪.‬‬

‫أم ا فلس فة الدين هي مبحث فلسفي‪ ،‬مبع ىن أهنا جعلت من الدين ليس مرجعي ة هلا‪ ،‬وإمنا موض وعا تبحث فيه‪،‬‬
‫ولكن الفلسفة هلا عدة مقومات تشرتك فيها كل الفلسفات أو أغلبها‪ ،‬واملبحث هو جمال تبحث فيه الفلسفة‪،‬‬
‫وعليه فإن املبحث يتشكل عرب تبلور عدد كبري من األسئلة اإلشكالية حول موضوع ما‪ ،‬فمثال اللغة حتولت إىل‬

‫‪3‬‬
‫فلسفة تطبيقية‬ ‫حماضرات فلسفة الدين‬ ‫االستاذ حممد الشريف‬

‫مبحث نتيجة لتبلور جمموعة من األسئلة اإلشكالية‪ ،‬كسؤال عالقة اللغة بالفكر وعالقة اللغة بالواقع وغريها‪،‬‬
‫ولكون هذه األسئلة تعددت فيها اإلجابة افضى بعضها إىل بعض‪.‬‬

‫وأما مسألة علمنة الدين فالفلسفة كينونة مستقلة‪ ،‬ولكن اهم صفتها هي أهنا هيئة‪ ،‬واهليئة كما هي‬
‫عند فالسفة املسلمني ما يقبل التهيؤ بأشكال عدة‪ ،‬هلذا فكما أن الفلسفة ليست دينية وليست علمانية‪ ،‬فهي‬
‫حمايدة‪ ،‬وإمنا حتوهلا حنو هيئة ما دينية كانت أم علمانية راجع إىل املمارس لصناعة الفلسفة ذاته‪ ،‬وذلك ان لكل‬
‫فيلسوف مرجعيته وكذلك لكل فيلسوف ما مزاجه كما أكد على ذلك وليام جيمس‪ ،‬وهنا ستخضع الفلسفة‬
‫لعملية التهيئة‪ ،‬ولكنها تبقى مع ذلك مستقلة عن امللتبس هبا‪ ،‬بدليل أن بعض الفلسفات ماتت وبقيت الفلسفة‬
‫حية‪ ،‬ودليل آخر هناك فلسفات يف زمن واحد متعارضة بالرغم من أهنا فلسفة كالفلسفة العقلية والتجريبية‪،‬‬
‫املثالية والواقعية وغريها‪.‬‬

‫خالص ة احملاض رة أن فلس فة ال دين ليس ت فلس فة ديني ة ألن ال دين ليس مرجعي ة هلا‪ ،‬والثاني ة أن فلس فة ال دين‬
‫ليست علمنة للدين وإمنا هي تتهيأ حبسب الشخصية الفلسفية العاملة على صناعة الفلسفة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫فلسفة تطبيقية‬ ‫حماضرات فلسفة الدين‬ ‫االستاذ حممد الشريف‬

‫المحاضرة الثانية‪ :‬مفهوم& فلسفة الدين‬

‫أوال‪ :‬طرح اإلشكالية‬

‫تظهر إشكالية مفهوم فلسفة الدين من خالل عدة أوجه‪ :‬الوجه األول واملتعلق أساسا تركيب العبارة‪ ،‬فعند‬
‫حتديد مفهوم عبارة مفردة جند أنفسنا امام مشكلة حمتواه وأصلها اللغوي وتأثيل مصطلحها لغة‪ ،‬مث النظر يف‬
‫مفهومها وتوسيع داللة املفهوم بوصفه تصويرا ومتثيال أو وظيفة أو إجراء أو شكال وغريها من أساليب املفهمة‪،‬‬
‫فم ا بال ك بعب ارة مركب ة من عب ارتني األص ل فيهم ا اهنم ا عص يتني عن املفهم ة البس يطة‪ ،‬وأم ا الوج ه الث اين من‬
‫املشكلة فهو املتعلق بعبارة الفلسفة ذاهتا‪ ،‬إذ مفهومها متعدد متطور‪ ،‬لكوهنا تتعدد حبسب املذاهب والفالسفة‬
‫وآراؤهم‪ ،‬وتتط ور حبس ب العص ور واألزم ان ولك ل زمن مسته وخاص يته وابس تيميته وغريه ا‪ ،‬والوج ه الث ال‬
‫للمشلكة هو مفهوم الدين وهو اآلخر سيتعدد تعريفه حبسب االنتماءات الدينية للفيلسوف‪ ،‬هلذا نطرح هل‬
‫ميكن وضع مفهوم لفلسفة الدين؟ أم أن مفهومها مشروع يبقى مؤجال؟‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم& الفلسفة من خالل فعل التفلسف‪:‬‬

‫سأعمل على تعريف الفلسفة من خالل أهنا نشاط أو فعل‪ ،‬وليس من خال أهنا جمموعة منجزات‪ ،‬وبناء‬
‫على هذا التعريف سنحصل تعريفا لفلسفة الدين‪ ،‬والفارق بني الفعل والناتج هو فارق بني السابق والالحق‪،‬‬
‫وهو عينه التمييز الذي أقامه إدغار موران مع املعرفة‪ ،‬حيث أن الفعل هو جمموعة عمليات عقلية تعمل داخل‬
‫عقل الفيلسوف فتنتج فلسفة هي يف جوهرها مجلة آراء ونظريات متناسقة فيما بينها‪ ،‬وهنا تظهر املهمة األوىل‬
‫لتحديد مفهوم الفلسفة بوصفها فعل‪ ،‬أهنا ستحدد طريقة اشتغال الفيلسوف على موضوعه وهو هنا الدين‪.‬‬
‫وفعل التفلسف هو من سيمكننا من حتديد صورة فلسفة الدين‪ ،‬وأما مضموهنا فهو ما سنتعرف عليه يف باقي‬
‫احملاضرات‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫فلسفة تطبيقية‬ ‫حماضرات فلسفة الدين‬ ‫االستاذ حممد الشريف‬

‫ميكن الق ول مب دئيا أن فع ل التفلس ف يق وم على أربع ة أرك ان تقوم ه وتض بط عمل ه‪ ،‬ونلخص ها يف‪:‬‬
‫األشكلة واملفهمة واحلجاج والنقد‪ ،‬فهي أركان تظهر يف كل ممارسة فلسفية عرب تاريخ الفلسفة‪ ،‬وإن كانت‬
‫تتفاوت فيما بينها من حيث إبراز أحدها كأن يربز اإلشكال على النقد أو املفهمة على اإلشكال‪ ،‬فهي تبقى‬
‫حاضرة فيها‪ ،‬وكذلك تتفاوت الفلسفات يف اشتغاهلا بكل هذه األركان من حيث الضمور والصراحة‪ ،‬فهي‬
‫تكون كامنة يف فلسفة وصرحية يف أخرى‪ ،‬ويف مجيع احلاالت جتدها حاضرة‪ .‬وهذا نسعى على تبيانه‬

‫أ‪ /‬االشكلة‪ :‬يقول طه عبد الرمحان‪" :‬مل تشتهر الفلسفة بشيء اشتهارها مبمارسة السؤال" يؤكد هنا طهر عبد‬
‫الرمحان أن أشهر ما يف الفلسفة هو السؤال‪ ،‬وهو ما أكد عليه كذلك كارل يسربز يف كتابه عظمة الفلسفة‬
‫عندما أكد أن السؤال يف الفلسفة خري من اجلواب‪ ،‬ولكن أي سؤال ختتص به الفلسفة عن غريها؟‬

‫سنميز بني ثالثة أنواع من السؤال‪ :‬السؤال املبتذل‪ ،‬وهو سؤال اليومي كأن أسال كم سعر املنزل أو الشقة‪،‬‬
‫وه و س ؤال نش هد يف احلي اة اليومي ة وإجابت ه س هلة بس يطة ال حتت اج إىل إعم ال عق ل‪ ،‬والس ؤال االس تفهامي‪،‬‬
‫وغرضه رفع الغموض وجلب الوضوح واالنتقال فيه من اجملهول على املعلوم‪ ،‬وهذا السؤال جنده عادة يف جمال‬
‫العلم كأن يسأل السائل كيف تنزل األمطار؟ ما قانون الطريان؟ كيف تتحكم اجلاذبية يف األجسام؟ ما السبيل‬
‫إىل املالحة يف الفضاء؟ وغريها من أسئلة العلم حيث ينتقل فيها املتكلم من جمهول ما إىل معلوم ما‪.‬‬

‫أما السؤال الفلسفي فهو السؤال اإلشكايل‪ ،‬والذي حيمل مشكلة ما‪ ،‬واألخرية هي عبارة عن مأزق‬
‫أفق ه كم ا يظه ر مغل ق وال خمرج من ه‪ ،‬وهلذا تس بق الس ؤال توص يف للم أزق‪ ،‬حبيث ال جند ل ه خمرج ا وعن دها‬
‫يطرح السؤال بوصفه حامال للمشكلة ومعرب عنها‪ ،‬وميكن أن نرصد ثالثة أنواع من املشكالت الفلسفية وهي‪:‬‬

‫االلتباس‪ :‬وفيه يقع اإلنسان اختالط مفهوم ال يكاد يبني فيه اخليط األبيض من األسود‪ ،‬ومن األمثلة الفلسفية‬
‫اليت جندها معربة عنه مفهوم العدالة بني هل هي مساواة أو تفاوت أو‪ ،‬وهلا اختالط داليل كبري‪ ،‬واالمر نفسه‬
‫بالنسبة إىل العلمانية‪ ،‬ومن أهم املؤلفات الفلسفية يف مشكلة االلتباس تلك اليت جندها يف حماورات أفالطون بني‬
‫سقراط والسفسطائية‪.‬‬

‫املفارقة‪ :‬وهي أمران ال جيتمعان وكالمها ال حيل املشكلة‪ ،‬ومثال ذلك مفارقة العامل قدمي ام حمدث‪ ،‬كما طرحها‬
‫فالسفة اإلسالم‪ ،‬ومفادها أنه لو سلمنا أن العامل قدمي سنقع يف الشرك حيث سيساوي العامل اهلل‪ ،‬وإن سلمنا أن‬

‫‪6‬‬
‫فلسفة تطبيقية‬ ‫حماضرات فلسفة الدين‬ ‫االستاذ حممد الشريف‬

‫الع امل حمدث س نقع يف الكف ر وه و نفي األلوهي ة عن اهلل فاهلل قب ل خل ق الع امل مل يكن إهلا‪ ،‬وعلي ه ف أفق املفارق ة‬
‫مسدود من حيث ال جيتمع القدمي مع احملدث واحملدث ال حيل املشكلة ومثله القدمي‪.‬‬

‫واألزمة‪ :‬وهو مسار ينتهي إىل طريق مسدود‪ ،‬ولعل أبرز مثال عليها ذلك الذي جنده عند فالسفة العلم‪ ،‬فأزمة‬
‫العلم احلديث انطلقت من فيزياء نيوتن اليت كانت تعتقد أن العلم منتج لليقني ولكن مع تقدم العلم وصل العلم‬
‫إىل افق مسدود وهو حالة الاليقني‪.‬‬

‫بع دما ت بني لنا ركن الس ؤال الفلس في ميكن أنع رف فلس فة ال دين على النح و التايل‪ :‬فلس&&فة& ال&&دين هي جمل&&ة‬
‫اإلشكاالت التي تشكلت حول الدين‪ ،‬فكانت على شاكلة التباس أو مفارقة أو أزمة‪.‬‬

‫ب‪ /‬المفهمة‪ :‬يف تعريفه للفلسفة يقول جل دلوز‪" :‬الفلسفة هي فن صناعة املفهوم" ومعناه أن الفلسفة تعمل‬
‫على إنتاج املفهوم‪ ،‬وهو أهم صناعة هلا‪ ،‬واملفهوم يتخذ عدة وظائف وصور‪ ،‬أوهلا املفاهيم التحليلية ووظيفتها‬
‫حتلي ل فك ر م ا أو عنص ر م ا أو ظ اهرة‪ ،‬فمثال جند مفه وم الض رورة واإلمك ان اجلوهر والع رض‪ ،‬وه ذه مف اهيم‬
‫إجرائية‪ ،‬وهنالك املفاهيم التمثيلية أو التصويرية ومهمتها تصوير ظاهرة ما أو فكر أو عنصر ما‪ ،‬مثل مفهوم‬
‫العقل األدايت لدى مدرسة فرنكفورت أو مفهوم الليبيدو لدى فرويد وغريها‪ ،‬وهنالك مفاهيم الصورية اليت‬
‫تصف الشيء يف ظاهره واملفاهيم املضمونية اليت تصف مضمونه‪ ،‬وهنالك أنواع أخرى مثل اليت ظهرت يف‬
‫البنيوي ة وهي املف اهيم العالئقي ة واألساس ية‪ ،‬وهنال ك املف اهني التزامني ة والتتابعي ة‪ ،‬واملف اهيم املاهوي ة واملف اهيم‬
‫الوظيفية‪ ،‬وعليه يظهر تعدد مفهوم‪.‬‬

‫وعلي ه ميكن تعري ف فلس فة ال دين بأنه&&ا ص&&ناعة المفه&&وم ح&&ول ال&&دين‪ ،‬وليس من ال دين‪ ،‬أي أهنا الفلس فة ال يت‬
‫تنشأ مفاهيما تصور الدين وتفسره‪.‬‬

‫ج‪ /‬الحج &&اج‪ :‬القاع دة األوىل من منهج ديك ارت وال يت مفاده ا أال أقب ل أي أم ر إن مل ين بني يل بالبداه ة أن ه‬
‫كذلك‪ ،‬تفيد ان الفيلسوف ال يقبل أي شيء ما مل يتبني له بالربهان أنه حقيقة أو باطل‪ ،‬لذلك فاحلجاج يبدأ‬
‫من الشك ليصل إىل القناعة وبناء املوقف‪ ،‬األخري ال يأيت للفيلسوف من عدم بل هو نتيجة لتتبع األدلة الدالة‬
‫على احلقيقة أو املعىن‪ ،‬ومن عادة الفالسفة أن ينظم أدلته وحججه وفق نسق حمدد‪ ،‬حىت يظهر مذهبه على أنه‬
‫يدل على احلقيقة‪ ،‬وكلما أظهر متاسكه وتناسقه كان مذهبه أكثر حجية وبرهانية‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫فلسفة تطبيقية‬ ‫حماضرات فلسفة الدين‬ ‫االستاذ حممد الشريف‬

‫وهنا ميكن تعريف فلسفة الدين بأهنا‪ :‬الفلس&&فة ال&&تي يتنظم فيه&&ا الفيلس&&وف حجج&&ه وبراهين&&ه لتثبت‬
‫صحة بناء مفاهيمه ومواقفه حول االشكاالت التي طرحها على الدين‪ ،‬وعليه يبقى الدين هنا موضوع هذه‬
‫الفلسفة وهو احملور الذي مت أشكلته مث مفهمته مث إبراز الرباهني املصدقة لتلك املفاهيم‪.‬‬

‫د‪ /‬النقد‪ :‬كل فلسفة هي عبارة عن عملية استيعاب مث جتاوز وهو ما عرب عنه الغزايل قائال‪ ":‬وعلمت يقينا أنه‬
‫ال يقف على فساد نوع من العلوم‪ ،‬من ال يقف على منتهى ذلك العلم‪ ،‬حىت يساوي أعلمهم يف أصل العلم‪،‬‬
‫مث يزيد عليه وجياوز درجته" معىن ذلك أن النقد وهو الوقوف على فساد ما ال يتم إال بعد استكمال متام الفهم‬
‫واالس تيعاب‪ ،‬وه و عين ه م ا حيص ل م ع ك ل فلس فة‪ ،‬فهي عملي ة اس تيعاب مث نق د مث جتاوز‪ ،‬حيث جند أن‬
‫الفيلس وف ينق د س ابقه أو ينق د فك رة م ا أو أطروح ة ليؤس س أطروحت ه اخلاص ة‪ ،‬ب ل ص حة كث ري من أط اريح‬
‫الفلس فة ت بينت بع د النق د‪ .‬وللنق د دالالت خمتلف ة‪ ،‬منه ا تفكي ك املركزي ات وتبي ان املهمش‪ ،‬احلف ر يف الس طح‬
‫ألج ل الكش ف عن البين ات العميق ة واملخفي ة‪ ،‬البحث يف ش روط وح دود العق ل‪ ،‬بي ان فس اد آراء س ابقة وف ق‬
‫معيارية حمددة‪ .‬وكلها تعبري عن حضور النقد يف الفلسفة‪.‬‬

‫وهنا نصل إىل تعريف فلسفة الدين بأهنا‪ :‬جملة الممارسات النقدية الموجهة صوب فهمن&&ا لل&&دين أو‬
‫للفك& &&ر ال& &&ديني في فهم& &&ه لل& &&دين‪ ،‬وذل ك ان اش تغال الفلس فة ع ادة ح ول أفكارن ا وطريق ة فهمن ا للع امل‪،‬‬
‫والفيلسوف هنا يناقش بالنقد الفكر الديين وكيفية فهمه للدين‬

‫وخالص ة الق ول هن ا أن فلس فة ال دين هي مجل ة إش كاالت تبلورت حول موض وع حمدد ه و الدين‪ ،‬واستجابة‬
‫جلملة تلك املشكالت مفاهيم مربهن عليها‪ ،‬ويقابل تلك املفاهيم ممارسة نقدية ملفاهيم أخرى تبني حمدوديتها أو‬
‫فسادها أو تفككها أو غريها من املمارسات النقدية‪.‬‬

‫وبناء على هذا املفهوم ستكون احملاضرات القادمة على النحو التايل‪ :‬احملاضرة الثالثة حول اإلشكاالت الكربى‬
‫لفلس فة ال دين وكي ف تبل ورت‪ ،‬والثاني ة ح ول مفه وم ال دين بوص فه م دخال لإلجاب ة عن ك ل املش كالت ال يت‬
‫طرحتها فلسفة الدين‪ ،‬وهنا ستجمع هذه احملاضرة بني بعدين مها املهمة واحلجاج‪ ،‬وأما النقد فقد ارتأيت أن‬
‫آخذ مناذج من الفكر العريب يف نقدها للفكر الديين ومنه منوذج العقل الفقهي مع كل من اجلابري وحممد أبو‬
‫القاسم حاج محد‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫فلسفة تطبيقية‬ ‫حماضرات فلسفة الدين‬ ‫االستاذ حممد الشريف‬

‫‪9‬‬

You might also like