Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 61

‫سلسلة محاضر التحقيق مع صدام حسين‬

‫«الشرق األوسط» تنشر محاضر االستجواب األميركي للرئيس العراقي السابق في السجن‪ ,‬بعد عامين ونصف‬
‫العام على إعدامه‪..‬‬

‫يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين‪ ،‬الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون األول) ‪ ،2006‬في وثائق‬
‫سرية أفرج عنها األرشيف القومي األميركي‪ ،‬أول من أمس‪ ،‬خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه األخيرة في الحكم‬
‫وحتى اعتقاله وظروفه في السجن‪.‬‬

‫والوثائق التي تنشرها «الشرق األوسط» هي عبارة عن محاضر ‪ 20‬استجوابا رسميا وخمسة محادثات عادية‬
‫أجراها جورج بيرو‪ ،‬وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي األميركي «إف‪.‬بي‪.‬آي»‪ ،‬للرئيس السابق ما بين‬
‫‪ 7‬فبراير (شباط) و‪ 28‬يونيو (حزيران) ‪ .2004‬ويغطي صدام في أجوبته على أسئلة المحقق منذ وصوله‬
‫للسلطة والحرب مع إيران وغزو الكويت وأسلحة الدمار الشامل والمزاعم عن عالقته بـ«القاعدة»‪ .‬ويقول‬
‫صدام إنه حرص على تعزيز االنطباع بأن لديه أسلحة دمار شامل ليردع إيران‪ .‬ويقول أيضا إنه لم يسمح‬
‫ـ أنه تخلص من تلك األسلحة وبالتالي تكتشف إيران‬ ‫لمفتشي األمم المتحدة بالعودة إلى العراق حتى ال يكتشفوا‬
‫مدى ضعف العراق وقابليته لالنهيار‪ .‬وعندما سئل صدام عما إذا لجأ يوما إلى استعمال أشباه له‪ ،‬كما نوقش‬
‫في الكثير من الكتب والمنشورات األخرى‪ ،‬فضحك وقال «هذا فيلم سحري‪ ،‬وليس حقيقة»‪ .‬وبسؤاله عن‬
‫تحركاته عندما بدأت الحرب في مارس (آذار) ‪ ،2003‬قال صدام إنه بقي في بغداد حتى ‪ 11‬أبريل (نيسان)‬
‫‪ ،2003‬عندما بدت المدينة وكأنها ستسقط‪ .‬وقبل مغادرته بغداد‪ ،‬عقد اجتماعا أخيرا مع القادة العراقيين الكبار‬
‫وقال لهم «سنناضل في السر»‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬غادر بغداد وبدأ تدريجيا بـ«تشتيت» حراسه الشخصيين‪.‬‬

‫المحقق بيرو أدار الحديث معه بالعربية وقال ان صدام كان يرى دول الشرق األوسط األخرى ضعيفة‬

‫خوفه من إيران جعله يكرس االنطباع بحيازته أسلحة محظورة‬

‫* أخبر صدام حسين أحد المحققين من مكتب المباحث الفيدرالية األميركية «إف بي آي» قبل أن يتم إعدامه‬
‫شنقا أنه سمح للعالم بأن يعتقد بأنه يمتلك أسلحة دمار شامل ألنه كان قلقا من أن يظهر بمظهر الضعيف أمام‬
‫إيران‪ ،‬وذلك وفقا لوثائق تم رفع السرية عنها‪ .‬كما اتهم الرئيس العراقي السابق كذلك أسامة بن الدن بأنه‬
‫«متعصب» ونفى أن تكون له عالقة بتنظيم القاعدة‪.‬‬

‫وقد أمر الرئيس السابق جورج بوش بغزو العراق قبل ستة أعوام على أساس أن صدام حسين يمتلك أسلحة‬
‫دمار شامل وأنه يمثل خطرا على األمن القومي‪ .‬وكان المسؤولون باإلدارة األميركية في ذلك الوقت قد ألمحوا‬
‫كذلك لوجود صالت قوية بين العراق وتنظيم القاعدة مما أدى إلى هجمات ‪ 11‬سبتمبر (أيلول) ‪ 2001‬على‬
‫الواليات المتحدة‪.‬‬

‫وقد اعترف صدام‪ ،‬الذي كان متحديا ومتبجحا خالل اللقاءات معه‪ ،‬بأسى أنه كان يجب عليه أن يسمح لألمم‬
‫المتحدة بمعاينة التدمير الذي لحق بمخازن السالح العراقي بعد حرب الخليج عام ‪ .1991‬وقد أفرج أرشيف‬
‫األمن القومي‪ ،‬وهو معهد أبحاث مستقل وغير حكومي عن ملخصات اللقاءات ـ ‪ 20‬استجوابا رسميا وخمس‬
‫محادثات عادية في ‪ 2004‬ـ بموجب قانون حرية المعلومات‪ ،‬كما نشر تلك الوثائق على موقعه على شبكة‬
‫اإلنترنت أول من أمس‪ .‬ولم يحذف إال القليل من الوثائق المفصلة للحوارات عدا الحوار الرسمي األخير الذي‬
‫أجري معه في ‪ 1‬مايو (أيار) ‪ 2004‬الذي أعيد تنقيحه بالكامل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ويقول مدير األرشيف توماس بالنتون إنه ال يعتقد بوجود أي سبب يتعلق باألمن القومي ويجعله يبقي مقابالت‬
‫مكتب المباحث الفيدرالية مع صدام سرية‪ .‬ويقول بول برسون المتحدث الرسمي باسم المكتب إنه ال يستطيع‬
‫تفسير أسباب التنقيحات التي أجريت على الحوارات‪ .‬وقد أجريت تلك االستجوابات الرسمية التي يبلغ عددها‬
‫عشرين استجوابا في الفترة بين ‪ 7‬فبراير (شباط) و‪ 1‬مايو (أيار) ثم أعقبتها تلك المحادثات العادية في الفترة‬
‫من ‪ 10‬مايو (أيار) إلى ‪ 28‬يونيو (حزيران)‪ ،‬وبعد ذلك نقل صدام إلى عهدة العراقيين وتم إعدامه شنقا في‬
‫ديسمبر (كانون األول) ‪ .2006‬وقد غطت االستجوابات الرسمية وصول صدام حسين للسلطة وغزو العراق‬
‫وقمع صدام حسين النتفاضة الشيعة بالتفصيل‪ ،‬بينما تمت مناقشة قضية أسلحة الدمار الشامل و«القاعدة» في‬
‫المحادثات العادية بعد انتهاء االستجوابات الرسمية‪ .‬ويقول بالنتون إن ذلك يرجح أن مكتب المباحث الفيدرالية‬
‫قد تلقى أوامر من واشنطن لمناقشة الموضوعات ذات األهمية الكبرى من خالل المسؤولين في إدارة بوش‪.‬‬

‫وال يعلم المتحدث الرسمي باسم مكتب المباحث الفيدرالية السبب وراء تأجيل مناقشة تلك القضايا لالجتماعات‬
‫األخيرة‪ .‬ويقول جورج بيرو العميل الذي أجرى تلك الحوارات مع صدام حسين في لقاء أجرته معه قناة «سي‬
‫بي إس» من خالل برنامج «‪ 60‬دقيقة» إنه تعمد وضع ظهر صدام حسين للحائط‪« ،‬نفسيا‪ ،‬لكي يجعله يشعر‬
‫بأن ظهره للحائط» ولكنه أكد أنه لم يستخدم وسائل االستجواب القهرية ألن ذلك ضد سياسات مكتب المباحث‬
‫ـ أية إجراءات قهرية خالل‬‫الفيدرالية‪ .‬وال تشير االستجوابات التي أفرج عنها أول من أمس إلى استخدام‬
‫االستجوابات‪.‬‬

‫وكان بيرو الذي أدار الحوارات مع صدام باللغة العربية يتحدى دائما رواية الرئيس السابق لألحداث مستشهدا‬
‫بالوقائع التي تتناقض مع ما قاله‪ .‬كما أنه أجبر صدام على مشاهدة فيلم تسجيلي بريطاني حول معاملته‬
‫للشيعة‪ ،‬على الرغم من أن ذلك ال يبدو أنه قد أثر على الرئيس السابق‪ .‬وعند نقطة محددة‪ ،‬نفى صدام تقارير‬
‫االستخبارات التي كانت تقول إنه يستخدم بديال لتفادي االغتيال واصفا إياها بأنها خيالية‪ .‬ويقول صدام ضاحكا‪:‬‬
‫«إن هذا خيال في فيلم سينمائي وليس حقيقة»‪ .‬ولكنه يؤكد أنه لم يستخدم الهاتف سوى مرتين منذ عام ‪1990‬‬
‫وأنه نادرا ما كان ينام في نفس المكان لليلتين متتاليتين‪.‬‬

‫في السجن سأل صدام عن حال العراق في غيابه‪ ..‬وشكك في انتخاب العراقيين لرئيس تحت االحتالل‬

‫* خالل حديث غير رسمي بين صدام حسين وأحد الضباط األميركيين واسمه جورج ل بيرو سأل صدام عن‬
‫األوضاع في العراق خالل وقت اعتقاله وبعد الغزو األميركي‪ .‬فروى الضابط األميركي األشياء التي تحققت في‬
‫ـ لتسليم السيادة للعراقيين‪ .‬وخالل الحديث تساءل صدام‬ ‫العراق ومن بينها توقيع الدستور الجديد واالستعدادات‬
‫حول فاعلية «مجلس الحكم»‪ ،‬وكان من رأيه أن أعضاء مجلس الحكم يمكن أن يتفقوا فيما بينهم ليتخذوا‬
‫القرارات‪ .‬كما أخبر الضابط األميركي صدام حول االنتخابات في العراق‪ ،‬قائال لصدام حسين إنها تشكل فرصة‬
‫أمام العراقيين النتخاب رئيس جديد‪ .‬فرد صدام مشككا‪ ،‬وقال إن الشعب العراقي لن يقبل انتخاب زعيم جديد‬
‫تحت االحتالل‪ ،‬راجعا إلى التاريخ مستشهدا بحالة الملك فيصل الذي جاء إلى الحكم تحت االحتالل البريطاني ولم‬
‫يستمر‪ ،‬فرد عليه الضابط األميركي‪ :‬إن استفتاء أجرى في العراق‪ ،‬أشار إلى أن غالبية العراقيين يريدون أن‬
‫يسيطروا على الحكومة‪ ،‬غير أنهم في الوقت ذاته يريدون للقوات األميركية أن تبقى في العراق‪.‬‬

‫وعند الحديث عن مكيف الهواء الذي كان يعاد تصليحه في زنزانة صدام حسين في ذلك الوقت قال صدام حسين‬
‫انه معتاد على الحياة البسيطة‪ ،‬وشخصيا ال يحب البذخ في الحياة‪ .‬وهنا سئل صدام عن عدد القصور التي كان‬
‫يمتلكها والفخامة غير العادية لهذه القصور‪ ،‬فرد صدام قائال‪ :‬هذه القصور ملك الشعب العراقي وليست ملك‬
‫شخص واحد‪ .‬وقال انه في عام ‪ 1968‬كانت غالبية البيوت العراقية بدائية ومصنوعة من الطين‪ .‬وانه في‬
‫البالد الغربية تطور فن العمارة عبر بناء القصور‪ ،‬وان المعماريين العراقيين طورا تصاميمهم وفن العمارة عبر‬
‫بناء القصور في العراق‪ ،‬وهذا انعكس بدوره على عمارة البيوت العادية في العراق‪ .‬كما قال صدام حسين انه‬
‫بسبب التهديدات األميركية واإلسرائيلية‪ ،‬خصوصا خالل السنوات العشر الماضية‪ ،‬فإنه يكون من الخطر على‬

‫‪2‬‬
‫ـ اجتماعاتهم في قصرين مثال وان بناء عدد كبير من القصور كان حاجة‬ ‫المسؤولين وقادة البالد أن يعقدوا‬
‫أمنية‪ ،‬فمع وجود عشرين قصرا يكون من الصعب جدا تحديد أين توجد القيادة العراقية‪ .‬وانه طالما أن هذه‬
‫القصور ملك للشعب‪ ،‬فإن صدام ال يعيش في أي منها‪ .‬قال صدام خالل الحديث انه يحب الحياة في بيت بسيط‪،‬‬
‫وانه يأكل ما يقدم له‪ ،‬ولم تكن لديه مطالب كثيرة‪ .‬وقال صدام انه لدى واشنطن انطباع خاطئ انه يحب الحياة‬
‫المترفة والبذخ‪ .‬وانه بسبب حبه للحياة البسيطة لم تتمكن أميركا من اعتقاله لفترة طويلة‪ ،‬موضحا أن اعتقاله‬
‫جاء بسبب خيانة فردية‪ .‬وقال صدام خالل الحديث أيضا إن جدول أعماله اليومي كان طويال‪ ،‬غير انه كان دائما‬
‫ما يجد وقتا لقراءة القصص والروايات التي يستمتع بها كثيرا‪ .‬ويوضح أن يومه كان يتضمن لقاءات مع‬
‫مسؤولين في حزب البعث‪ ،‬كما قال انه كان يلتقي مع أفراد من الشعب العراقي يوميا قائال انه كان يجدهم أفضل‬
‫ـ في‬‫مصدر للمعلومات الدقيقة‪ .‬وعندما سئل كيف يمكن أن يكون العراقيون الذين كان يلتقي بهم يقولون الحقيقة‬
‫ضوء أن الكثيرين منهم يكونون في حالة خوف‪ ،‬قال صدام‪ :‬إن هذا قد يكون الحال مع البعض لكنه تربطه‬
‫عالقة طويلة مع الشعب العراقي‪ ،‬وان الشعب كان يعرف انه يريد الحقيقة‪ .‬ثم سرد صدام حسين مثاال وهو أن‬
‫عراقيا قال له إن أخ صدام غير الشقيق إبراهيم حسن المجيد كان يسير في سيارته ثم أطلق النار على إشارة‬
‫مرور في الشارع‪.‬‬

‫فرفع صدام حسين التلفون وسأل شقيقه عن صحة الرواية‪ ،‬فاعترف المجيد أن هذا فعال حدث‪ .‬فقال له صدام‬
‫أن يجمع أغراضه‪ .‬ثم عرف المجيد من اإلذاعة العراقية الرسمية انه قد تم طرده‪ .‬وقال صدام خالل الحديث انه‬
‫كان يحاسب أسرته أكثر من اآلخرين‪ .‬كما قال صدام انه كان مهتما بمحاولة فهم الثقافة األميركية‪ ،‬وان حاول‬
‫ذلك عن طريق مشاهدة األفالم األميركية‪ ،‬وطبقا لصدام فقد شاهد عددا هائال من األفالم األميركية‪ ،‬ومن خاللها‬
‫كون رأيه عن الثقافة األميركية‪.‬‬

‫صدام قال في التحقيق إن أميركا أحسنت باختيار الياور‬

‫* قال صدام حسين إن عمليات تفتيش األمم المتحدة حققت هدفها بتجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل‪.‬‬
‫العراق ال يمتلك أسلحة دمار شامل ولم يمتلكها لمدة طويلة‪ .‬وقد نصح حسين أن الكثيرين كانوا من الرأي‬
‫القائل إن العراق كان مترددا بالتعاون مع عملية تفتيش األمم المتحدة عن أسلحة‪ .‬ورد حسين بأن العراق‬
‫تعاون طوال ‪ 7‬سنوات‪ ،‬ومنح مفتشي األمم المتحدة حرية التنقل في كل البالد‪ ،‬بما في ذلك القصور الملكية‪.‬‬
‫وعندما ضغط على حسين حول تعاون العراق مع المفتشين‪ ،‬وسئل عن إخفاء حسين كامل لمكونات أسلحة دمار‬
‫شامل‪ ،‬قال إن طبع حسين كامل الحقيقي بات معروفا للجميع‪ .‬واعترف بأنه كان هناك أشخاص في الحكومة‬
‫العراقية‪ ،‬كانوا في البداية مترددين بالتعاون مع المفتشين‪ .‬وهؤالء األشخاص كانوا مخلصين ويعملون بجهد‬
‫ومتفانين في عملهم‪ ،‬وكان من الصعب بالنسبة إليهم‪ ،‬أن يقال لهم يوما أن يفتحوا كل ملفاتهم ويسلموا كل‬
‫أعمالهم وأسرار حكومتهم لدخالء‪ .‬تطلب األمر وقتا وحصل على مراحل‪ .‬وفي حلول عام ‪ ،1998‬امتثل العراق‬
‫لقرارات األمم المتحدة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬هوجم العراق من قبل الواليات المتحدة من دون أي تبرير أو إذن من األمم‬
‫المتحدة‪ .‬وأضاف صدام حسين أن العراقيين ما كانوا ليخزنوا أسلحة دمار شامل في القصور الرئاسية‪ ،‬الن ذلك‬
‫كان ليضع الحكومة والقيادة العراقية بخطر‪ .‬أسلحة الدمار الشامل كانت‪ ،‬وكانت ستكون‪ ،‬مخزنة في الصحراء‪،‬‬
‫في أماكن نائية‪ .‬وادعى حسين بأن الضربات األميركية على العراق في عام ‪ ،1998‬وردا على محاولة‬
‫االغتيال المزعومة للرئيس السابق جورج بوش‪ ،‬كانت غير مبررة ولم يكن هناك استفزاز أدى إليها‪ .‬ولم‬
‫تحصل الواليات المتحدة على أي موافقة من األمم المتحدة لتنفيذ هذه الضربات‪ .‬وعلى الرغم من أن االعتداءين‬
‫تما بقرار الواليات المتحدة‪ ،‬فقد شعر حسين بأن األمم المتحدة تجاوزت سلطتها في ما يخص العراق‪ .‬قرأ صدام‬
‫حسين للعميل الخاص في الـ«إف بي آي» جورج بيرو‪ ،‬قصيدة كتبها مؤخرا‪ .‬ووجد بيرو أن القصيدة هي‬
‫فرصة لمناقشة خطابات صدام حسين‪ .‬وقال بيرو لحسين انه بعد أن استمع إلى عدد من قصائده‪ ،‬أصبح بإمكانه‬
‫أن يتعرف إلى خط يده‪ ،‬بعد أن كان يقرأ القصائد‪ .‬وقال بيرو إنه أصبح واضحا بالنسبة إليه أن صدام حسين‬
‫كان يكتب خطاباته‪ ،‬وهو أمر تأكد الحقا‪ ،‬وقال إن كل كتاباته جاء من القلب‪ .‬وقال حسين أيضا إنه لم يستمتع‬

‫‪3‬‬
‫بقراءة خطاباته‪ ،‬وأنه كان يفضل أن يقرأها له آخرون‪ ،‬مثل مذيعي أخبار‪ .‬ووصف حسين شعور كتابة خطاباته‪،‬‬
‫بأنه كتأدية امتحان‪ .‬وقال صدام حسين إن إيران كانت تشكل أكبر خطر على العراق‪ ،‬بسبب حدودهما المشتركة‪،‬‬
‫وكان يعتقد أن إيران كانت تنوي أن تضم جنوبي العراق إليران‪ .‬وهذا االحتمال كان ينظر إليه حسين والعراق‬
‫على أنه أكبر تهديد يواجه العراق‪ .‬وكان حسين يعتبر أن بقية البلدان في الشرق األوسط ضعيفة‪ ،‬وال يمكنها‬
‫الدفاع عن نفسها في مواجهة العراق أو اعتداء من إيران‪ .‬وقال إنه يعتقد أن إسرائيل تشكل تهديدا للعالم‬
‫العربي بأسره‪ ،‬وليس فقط للعراق‪.‬‬

‫جلسة االستجواب االولى _ ‪ 7‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬


‫أعلن أنه خدم الشعب العراقي على مدار فترة طويلة للغاية‬

‫نص جلسة تحقيق‪ :‬صدام يقتبس من كتابه زبيبة والملك‬

‫المقابلة أجراها‪ :‬جورج إل‪ .‬بيرو ـ الترجمة العربية‪/‬اإلنجليزية‪ :‬أجريت مقابلة مع صدام حسين (محتجز على‬
‫درجة قصوى من األهمية) في ‪ 7‬فبراير (شباط) ‪ ،2004‬داخل منشأة احتجاز عسكرية بمطار بغداد الدولي‪ ،‬في‬
‫بغداد‪ ،‬العراق‪ .‬وقدم صدام المعلومات التالية‪ :‬أعلن صدام أنه خدم الشعب العراقي على مدار فترة طويلة للغاية‪.‬‬
‫ويرى أن إنجازاته الكبرى تتمثل في البرامج االجتماعية المعنية بمواطني العراق والتحسينات التي أدخلها على‬
‫القطاعات األخرى من االقتصاد‪ ،‬ومنها تطوير التعليم ونظام الرعاية الصحية والصناعة والزراعة ومجاالت‬
‫أخرى رفعت بوجه عام مستوى الحياة بالنسبة للعراقيين‪ .‬عام ‪ ،1968‬لم يكن الشعب العراقي «يكاد يملك أي‬
‫شيء»‪ ،‬حيث عانت البالد من ندرة المواد الغذائية‪ ،‬في القرى والمدن‪ ،‬وأهملت األراضي الزراعية‪ ،‬واعتمدت‬
‫الزراعة على وسائل بدائية‪ .‬واعتمد االقتصاد العراقي بصورة كاملة على إنتاج النفط‪ ،‬الذي صدر العراق الجزء‬
‫األكبر منه عبر شركات أجنبية‪ ،‬ولم تسيطر عليه الحكومة‪ .‬ومع تصنيع الدولة العراقية عددا ضئيال للغاية من‬
‫المنتجات‪ ،‬اضطرت إلى استيراد معظم السلع‪ .‬وكان نظام الرعاية الصحية «بدائيا»‪ ،‬وكان معدل الوفيات شديد‬
‫االرتفاع‪ ،‬خاصة بين الفقراء‪ .‬وبالمثل‪ ،‬كانت معدالت وفيات األطفال مرتفعة للغاية‪ ،‬تقدر بما يتراوح بين ‪%40‬‬
‫و‪ ،%50‬مع وقوع الكثير من الوفيات أثناء فترة الحمل أو عند الوالدة‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬بلغت معدالت معرفة‬
‫القراءة والكتابة حوالي ‪ ،%27‬عالوة على أن من صنفوا باعتبارهم «يعرفون القراءة والكتابة» غالبا ما‬
‫ـ في أي من المهارتين‪ .‬وافتقرت المناطق الريفية بصورة شبه كاملة إلى الطرق‪،‬‬ ‫افتقروا إلى البراعة الحقيقية‬
‫بينما كانت حالة الطرق «متردية للغاية» في المدن العراقية‪ .‬وعلى المستوى الجامعي‪ ،‬توافرت فرص تعليمية‬
‫محدودة للغاية‪ ،‬حتى داخل بغداد‪ .‬وافتقر الكثير من المدن لوجود أي كليات‪ .‬بصورة عامة‪ ،‬كان األثرياء وحدهم‬
‫القادرين على إلحاق أبنائهم بالتعليم الجامعي‪ .‬قام صدام حسين بتحسين القطاعات سالفة الذكر كافة‪ .‬من‬
‫ناحيته‪ ،‬يرى صدام أن هذا إنجازه و«الفضل» األعظم الذي صنعه للشعب العراقي‪.‬‬

‫وإجابة من جانبه عن تساؤل حول األخطاء التي اقترفها‪ ،‬اعترف صدام بأن كل البشر يرتكبون أخطاء‪ ،‬وأن اهلل‬
‫وحده له العصمة من الخطأ‪ .‬ونوه باعتقاده أن الشخص الذي يجري معه المقابلة «ذكي»‪ ،‬ويبدو أنه قرأ تقارير‬
‫عن لقاءات أجريت من قبل معه‪ .‬وقال صدام «ربما لن تكون المحادثة بين شخصين على هذا المستوى من‬
‫التعليم مفيدة أو ناجحة»‪ .‬وأضاف أنه إذا ما ادعى شخص ما لنفسه الكمال‪ ،‬فإنه بذلك ينسب لنفسه األلوهية‪.‬‬
‫واستطرد صدام موضحا أنه لم يجر النظر إلى الجهود التي بذلها كافة باعتبارها ناجحة من وجهة نظر البعض‪.‬‬
‫وعقد صدام مقارنة بين تقديره لذاته وتقدير آخرين‪ ،‬مشيرا إلى وجود وجهات نظر متعارضة مع آرائه بشأن‬
‫نظام الحكم األميركي‪ ،‬الذي قال إنه «غير مقتنع به»‪ .‬وأوضح أن حوالي ‪ 30‬مليون شخص يعانون مغبة الفقر‬
‫داخل أميركا‪ ،‬لكن األميركيين ال يعتبرون هذا األمر «جريمة»‪ .‬وأكد صدام أنه لن يقبل قط بمثل هذا األمر‬
‫للعراق‪ .‬وعندما جذب الشخص الذي يجري المقابلة انتباهه مرة أخرى باتجاه األخطاء التي ارتكبها‪ ،‬تساءل‬
‫صدام «هل تظن أنني سأخبر عدوي إذا كنت اقترفت خطأ؟»‪ ،‬وقال صدام إنه لن يحدد أخطاءه أمام عدو له‪ ،‬مثل‬

‫‪4‬‬
‫أميركا‪ .‬وأوضح أنه ال يعتبر الشخص الذي يعقد المقابلة معه عدوا‪ ،‬وال الشعب األميركي‪ ،‬وإنما النظام‬
‫األميركي الحاكم‪.‬‬

‫قال صدام إن األهمية ال تقتصر على ما يقوله الناس أو يعتقدونه بشأنه اآلن‪ ،‬وإنما كذلك ما يعتقدونه في‬
‫المستقبل‪ ،‬بعد ‪ 500‬أو ‪ 1000‬عام من اآلن‪ .‬بيد أن األهمية الكبرى تكمن فيما يراه اهلل‪ .‬إذا ما قبل اهلل أمرا‪،‬‬
‫فإنه سيقنع األفراد بتصديقه‪ .‬وإذا لم يقبل اهلل أمرا‪ ،‬فليست هناك أهمية فيما يظنه الناس‪ .‬واستطرد صدام بأن‬
‫«خائنا» قدم معلومات قادت إللقاء القبض عليه‪ .‬وباعتباره «ضيفا» في المكان وكعراقي‪ ،‬لم يكن ينبغي تسليمه‬
‫للقوات األميركية‪ .‬وأكد أن أحفاد هذا «الخائن» سيحملونه المسؤولية وينقلون هذا لألجيال القادمة‪.‬‬

‫فيما يخص المستقبل‪ ،‬أعرب صدام عن اعتقاده بأنه سيشتهر بعدله و«تعرضه للظلم»‪ .‬وفي نهاية األمر‪ ،‬يحق‬
‫للعراقيين اعتقاد ما يروق لهم‪ .‬وأعلن صدام أن العراقيين لن يعقدوا مقارنة بين حكام ما قبل اإلسالم وما بعده‪.‬‬
‫وأشار إلى أن المواطنين العراقيين تمتعوا بالقدرة على ممارسة حقوقهم المتعلقة بالحكم الذاتي حسبما كفلها‬
‫الدستور المؤقت الصادر عام ‪ .1990‬وتحقق ذلك ألن الشعب كان له قائد وحكومة تتولى قيادته‪ .‬ويعتقد صدام‬
‫حسين أن العراق «لن يموت»‪ ،‬فالعراق بلد عظيم في الوقت الحالي‪ ،‬كما كان في أوقات أخرى على مدار‬
‫التاريخ‪ .‬وبصورة عامة‪ ،‬تصل الدول إلى القمة مرة واحدة‪ .‬ولكن‪ ،‬وصل العراق إلى القمة عدة مرات قبل وبعد‬
‫اإلسالم‪ .‬والعراق الدولة الوحيدة التي قامت بهذا في تاريخ العالم‪ .‬وهذه «هبة» منحها اهلل للشعب العراقي‪.‬‬
‫وعندما يسقط الشعب العراقي‪ ،‬فإنه ينهض مرة أخرى‪ .‬ويعتقد صدام حسين أن الشعب العراقي سوف يتعامل‬
‫مع المشاكل بنفسه‪ ،‬ويحكم نفسه‪ ،‬وأن اهلل يقرر ما الحق‪ .‬ويأمل أن يتقدم العراق في جميع المجاالت المالية‬
‫والدينية‪...‬إلخ‪ .‬ويضيف أنه من ناحية إنسانية يأمل األمر نفسه بالنسبة للشعب األميركي‪.‬‬

‫واقتبس صدام فقرة من كتاب «زبيبة والملك»‪ ،‬الذي يشار إليه كثيرا على أنه كتابه‪ ،‬عندما صرخ النواب‬
‫«تعيش زبيبة‪ ،‬يعيش الشعب‪ ،‬يعيش الجيش»‪ .‬ولكن‪ ،‬لم يصح النواب «يعيش الملك»‪ .‬وسئل صدام هل سينساه‬
‫الشعب العراقي أو لن يصيح من أجله‪ .‬ولكنه رد بالنفي‪ .‬وقال‪« :‬األمر بيد اهلل»‪ ،‬وأكد أن الشعب وليس الملك‬
‫هو الموضوع األساسي في الكتاب‪ .‬وقال‪ :‬جاء اهلل في األول وبعد ذلك الشعب حيث كانت مريم واحدة من‬
‫الشعب وعاش المسيح بين الشعب‪ .‬واإليمان شيء منشود في الحياة‪ ،‬والخيانة هي أسوأ شيء‪ .‬وقال صدام‬
‫«أراد اهلل أن يخبرنا أال نفاجأ عندما يخونك الناس»‪ ،‬وختم صدام هذا الجزء من النقاش بالقول بأن «السجين ال‬
‫يمكنه أن يفعل أي شيء للناس»‪ .‬وقال إنه ال يزال يؤمن باهلل وكرر‪« :‬األمر بيد اهلل»‪.‬‬

‫وقال صدام إن الجبهة التقدمية الوطنية‪ ،‬وهو حزب سياسي نشأ في أول األمر باسم الجبهة الوطنية في الفترة‬
‫من عام ‪ 1970‬حتى ‪ ،1974‬وكانت الجبهة الوطنية تتكون من الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب‬
‫الشيوعي وحزب البعث‪ .‬وتعبر األحزاب السياسية عن االختالفات في العراق كما تظهر في دول أخرى‪ .‬ولم تكن‬
‫بعض المجموعات‪ ،‬ومنها األكراد‪ ،‬تؤمن باالشتراكية مع التوجهات اآليديولوجية نفسها مثل البعث‪ .‬وفي عام‬
‫‪ ،1991‬كانت الجبهة التقدمية الوطنية لم تظهر فعليا على أرض الواقع بسبب الفشل في تمرير الدستور بسبب‬
‫حرب الخليج األولى‪ .‬ويعتبر صدام أي شخص مخلص للعراق والشعب بأنه جزء من البعث‪ .‬وأن البعث يتحمل‬
‫المسؤولية عن النجاحات واألخطاء‪ .‬وفي عام ‪ 1989‬ومرة أخرى عام ‪ ،2002‬فشل صدام في محاولة أخرى‬
‫إلقناع «زمالئه» بالحاجة إلى أحزاب سياسية متعددة في العراق‪ .‬وفي رأي صدام‪ ،‬فإن الحزب الواحد لم يكن‬
‫مفيدا للعراق‪ .‬وقال «ال تقبل الحياة فكرة واحدة فقط‪ .‬ولكنها تقبل ربا واحدا فقط»‪ .‬ومضى يقول إن من شأن‬
‫نظام سياسي مثل النظام األميركي‪ ،‬به عدة أحزاب‪ ،‬أن يؤدي إلى «مقدار كبير من االضطراب» بالنسبة للشعب‬
‫العراقي وسيكون عليهم أن يقبلوا ذلك‪ .‬وقال «أتمنى لو كانت هناك أحزاب أخرى غير حزب البعث»‪.‬‬
‫االختالفات بدءا من األسرة مرورا بالمجتمع ووصوال للحكومة شيء جيد‪ .‬وختم صدام هذا الجزء من النقاش‬
‫بالقول «حاليا‪ ،‬األحزاب السياسية الوحيدة القائمة في العراق هي األحزاب التي لديها أسلحة»‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫واقتبس صدام فقرة أخرى من «زبيبة الملك»‪ ،‬التي تقول «أنا قائد عظيم ويجب أنت تطيعوني‪ ،‬ليس هذا‬
‫وحسب‪ ،‬ولكن يجب أن تحبوني»‪ .‬وبعد ذلك سئل عما إذا كان يمكن لزعيم ما أن يحقق العظمة عن طريق‬
‫إنجازاته لصالح شعبه‪ ،‬أم عليه أن يطلب العظمة عن طريق الخوف‪ .‬وأجاب صدام بأن الخوف سوف يصنع‬
‫حاكما ولكن لن يجعل الشعب يحب الحاكم‪ .‬ويأتي الحب عن طريق التواصل‪ .‬ويقارن «مؤلف» الكتاب هذا الملك‬
‫بملوك سابقين‪ .‬ولم يرد أن يؤكد أو يروج لفكرة الملكية بين الشعب‪ ،‬حيث إن «المؤلف» ال يوافق على هذا‬
‫الشكل من الحكومة‪ .‬ولذا مات الملك وعاشت زبيبة‪ ،‬كرمز للشعب‪.‬‬

‫ويعتقد صدام أن الشعب سوف يحبه أكثر بعد أن يرحل‪ .‬والناس يقاومون احتالل العراق‪ ،‬في الوقت الحالي‬
‫وفيما مضى‪ ،‬تحت «شعارات» صدام‪ .‬ولكن‪ ،‬حاليا صدام ليس في السلطة ولكنه في السجن‪ .‬ويقول صدام إن‬
‫الشعب يحب الشخص لما يبذله‪ ،‬وأنه خالل رئاسته ومن قبلها‪ ،‬حقق إنجازات كثيرة للعراق‪ ،‬حيث توصل إلى‬
‫اتفاق سالم مع برزاني (األكراد) في الشمال عام ‪ .1970‬وقام صدام بتأميم صناعة النفط العراقية في عام‬
‫‪ .1972‬ودعم حرب ‪ 1973‬ضد إسرائيل في مصر وسورية‪ .‬وتمكن العراق من النجاة من ثمانية أعوام من‬
‫الحرب مع إيران من ‪ 1980‬حتى ‪ ،1988‬وحرب الخليج األولى التي كانت بعد ذلك بفترة قصيرة‪ .‬وتمكن‬
‫العراق من البقاء خالل ‪ 13‬ـ ‪ 14‬عاما من المقاطعة‪ .‬وسئل صدام عما إذا كانت المقاطعة ما زالت موجودة‪،‬‬
‫وكان الرد عليه بالنفي‪ .‬وعلى الرغم من كل الصعوبات والقضايا التي تحملها العراق‪ ،‬صوت مائة في المائة من‬
‫الشعب لصدام في االنتخابات األخيرة‪ .‬وفي رأي صدام‪ ،‬فإنهم سوف يدعمون قائدهم‪.‬‬

‫ـ _ ‪ 15‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬


‫جلسة االستجواب الثانية‬
‫الرئيس العراقي السابق‪ :‬منذ اعتقالي قبل شهر أو شهرين لم أحصل على صورة لما يحدث‬

‫استهل جلسة االستجواب بسؤال المحقق عن طبيعة التغييرات التي شهدها العالم‬

‫ـ الثانية استهل صدام حسين الجلسة بسؤال المحقق عن طبيعة التغييرات التي شهدها‬ ‫* في جلسة االستجواب‬
‫العالم مثل الصين وروسيا والسياسة الدولية‪ ،‬فأجابه المحقق بأنه لم يحدث تغيير كبير مهم‪ ،‬وأن الجهود‬
‫تتواصل إلعادة إعمار العراق‪ ،‬وهذا يتضمن دعما من الصين وروسيا‪ ،‬وأن األمور تتقدم إلى األمام بوتيرة‬
‫سريعة‪.‬‬

‫بعدها شرح صدام أنه منذ اعتقاله قبل شهر أو شهرين لم يحصل على صورة لما يحدث‪ ،‬وأشار إلى أنه كان في‬
‫نيته سؤال المحقق عن هذا قبل ذلك بيومين‪ .‬وناقش صدام فيلما شاهده‪ ،‬كان مقتبسا من كتاب «قصة مدينتين»‬
‫الذي كان قد قرأه قبل فترة طويلة‪ ،‬وفي القصة رجل محتجز مثله انقطع عما يجري في الخارج‪ .‬وحسب صدام‬
‫فإن مؤلف الكتاب كان ينتقد السلطات الفرنسية على هذه المعاملة‪ .‬وحسب المحقق لفت صدام إلى أن شيئا لم‬
‫يتغير منذ ذلك الوقت‪ .‬رد المحقق بالقول إنه «بمرور الوقت تغيرت بعض األشياء بينما لم تتغير أخرى»‪.‬‬

‫وحول طريقته في التحرك قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) ‪ ،2003‬قال صدام إن النجاح في تحريك األفراد‬
‫والمعدات خالل الحرب تطلب معرفة بقدرات العدو وكذلك «بقدراتنا»‪ .‬األشخاص األقرب لصدام (المرافقون)‬
‫كانوا يوجهونه «للتحرك بهذا االتجاه أو ذاك»‪ .‬وبسؤاله عما إذا كان يتنقل عادة بسيارة مرسيدس سوداء قبل‬
‫الحرب‪ ،‬أوضح صدام «ربما‪ ..‬كانت لدينا سيارات مرسيدس من كل األلوان»‪ .‬وعما إذا كان يتنقل في موكب‬
‫طويل‪ ،‬قال صدام «سأترك هذا للتاريخ»‪.‬‬

‫وبسؤاله عما إذا كان الغزو العراقي للكويت‪ ،‬الذي أدى إلى الحرب مع الواليات المتحدة‪ ،‬أدى أيضا إلى فرض‬
‫عقوبات على العراق‪ ،‬أجاب صدام «أسألك متى أوقفت الواليات المتحدة شحنات القمح إلى العراق؟ في عام‬
‫‪ .1989‬متى طلبت الواليات المتحدة من الدول األوروبية حظر مبيعات المعدات التقنية إلى العراق؟ في عام‬

‫‪6‬‬
‫‪ .1989‬الواليات المتحدة كانت تخطط لتدمير العراق‪ ،‬وهذه نية شجعتها الصهيونية والتأثير الصهيوني على‬
‫االنتخابات في الواليات المتحدة األميركية»‪ .‬هذه «الخطة» األميركية وضعت أيضا بتأثير من دول قريبة من‬
‫العراق‪ ،‬خاصة إسرائيل التي كانت تنظر إلى العراق كتهديد عسكري خطير بعد انتهاء الحرب اإليرانية ـ‬
‫العراقية‪ .‬وقال صدام «أؤمن بهذا جدا»‪.‬‬

‫وبشأن الكويت والحرب‪ ،‬أوضح صدام «من الصعب أن تتجنب شخصا ما مسلحا ويقف خارج منزلك‪ ،‬فال بد أن‬
‫تخرج وتقاتل»‪ .‬وبما أن العراق بلد صغير‪ ،‬فقد كان من الصعب وقف الواليات المتحدة بصرف النظر عما اتخذ‬
‫من خطوات‪.‬‬

‫وحول الحرب األخيرة و«التاريخ» الذي قدمته الواليات المتحدة للعالم حول العراق‪ ،‬أوضح صدام «كان صعبا‬
‫عليّ‪ ،‬وعلى أي رجل نبيل‪ ،‬أال أحاول منع الواليات المتحدة من دخول العراق»‪.‬‬

‫وبسؤاله عن مالحظاته الشخصية بدال من آرائه كرئيس للعراق‪ ،‬قال صدام «ليس هناك ما أعتبره شخصيا‪ .‬ال‬
‫أستطيع نسيان صفتي كرئيس‪ .‬هذا ما أعرفه وأؤمن به‪ .‬وعليه من الصعب أن أجيب من منظور شخصي‪ .‬ال‬
‫أستطيع نسيان دوري ومبادئي ولو لثانية أو نسيان ما كنت»‪.‬‬

‫في نهاية الجلسة‪ ،‬سئل صدام مرة أخرى عن تحركاته بعد اندالع الحرب في مارس (آذار) ‪ ،2003‬فأوضح أنه‬
‫لم يكن في منطقة الدورة ببغداد في ‪ 19‬مارس ‪ 2003‬عندما قصفتها قوات التحالف‪ .‬وأضاف أنه لم يكن في‬
‫المنطقة خالل األيام العشرة التي سبقت هذا الهجوم وال في أي وقت طيلة الحرب‪ .‬ويعتقد صدام أن قوات‬
‫التحالف استهدفت هذا الموقع ألنهم اعتقدوا خطأ أنه كان فيه‪.‬‬

‫* جلسة االستجواب الثانية ـ ‪ 8‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬

‫صدام‪ :‬أميركا والكويت وضعتا خطة لغزو العراق ولدي تفاصيلها‬

‫ـ التي تنشرها «الشرق األوسط»‪ :‬حاربنا إيران من أجل إنهاء تدخلها في العراق‬
‫قال في محاضر االستجواب‬

‫* صدام‪ :‬لو واجهنا جيش الشاه في حرب إيران لهزمناه في الشهر األول‬

‫‪7‬‬
‫ـ قال لمحققه األميركي ان الخميني ظن ان شيعة العراق سوف يتبعونه لكنهم لم يرحبوا به‬

‫* قال صدام إن المزرعة التي ألقي القبض عليه فيها في ديسمبر (كانون األول) ‪ 2003‬كانت هي المكان نفسه‬
‫الذي بقي فيه في عام ‪ ،1959‬بعدما هرب من بغداد‪ ،‬نظرا الشتراكه في محاولة اغتيال فاشلة لرئيس العراق‬
‫حينئذ عبد الكريم قاسم‪.‬‬

‫وتم سؤال صدام حسين‪ ،‬ما إذا كان قرار الدخول في حرب ضد إيران في سبتمبر (أيلول) ‪ ،1980‬كان قائما‬
‫على تهديدات من إيران‪ ،‬أو أن الحرب كانت طريقة الستعادة أرض عربية عراقية خاصة نهر شط العرب‪ .‬وقال‬
‫صدام‪« :‬نحن نعتبر أن الحرب قد بدأت في ‪ 4‬سبتمبر (أيلول) وليس في ‪ 22‬سبتمبر (أيلول)‪ ،‬كما يقول‬
‫اإليرانيون‪ ».‬ثم استطرد حسين‪ ،‬فمثال إذا كان هناك فالح يسكن إلى جوارك‪ .‬يفضل حسين‪ ،‬أن يستخدم األمثلة‬
‫الريفية ألنها لها داللة خاصة عنده‪ .‬وفي أحد األيام يضرب ابن جارك ابنك‪ .‬وفي اليوم التالي يزعج ابن‬
‫الجيران أبقارك‪ .‬ثم يدمر ابن الجيران مزرعتك بإفساد نظام الري‪ .‬ففي النهاية وبعد عدة حوادث‪ ،‬فإذا حدثت كل‬
‫تلك األمور‪ ،‬فإنك تذهب إلى جارك وتخبره بكل تلك االنتهاكات حدثا بحدث‪ ،‬وتطلب منه أن يتوقف‪ .‬وعادة ما‬
‫يكون الحديث مع الجار أو تحذيره كافيا لوقف تلك السلوكيات‪ .‬ولكن في حالة إيران فإن ذلك التوجه من قبل‬
‫العراق لم يفلح‪ ،‬فإيران في رأي حسين‪ ،‬كانت تخرق اتفاقية الجزائر ‪ 1975‬التي تتعلق بالنهر‪.‬‬

‫كما أنه كان يعتقد بأن إيران تتدخل في السياسات العراقية‪ ،‬وهو ما يعد كذلك خرقا لالتفاقية‪ .‬وفي رأي صدام‬
‫حسين‪ ،‬فإن ذلك لم يترك أمام العراق خيارا سوى القتال‪ .‬وبعد ذلك دخل العراق الحرب وضحى من أجل إنهاء‬
‫ذلك التدخل اإليراني في العراق‪.‬‬

‫وقد قدم حسين‪ ،‬بعض األفكار حول طريقة تفكير القيادة اإليرانية‪ ،‬خاصة آية اهلل الخميني‪ ،‬وقرار إيران بدخول‬
‫الحرب‪ .‬فعندما وصل الخميني إلى السلطة في عام ‪ 1979‬كان لديه شيئان «متداخالن» في ذهنه‪ .‬األول أنه‬
‫كان متعصبا دينيا يعتقد أن كل القادة مثل شاه إيران الشخص الذي انقلب عليه‪ ،‬وكان الخميني يعتقد منذ أن خلع‬
‫الشاه ببساطة‪ ،‬أنه يمكنه أن يفعل ذلك في أي مكان آخر بما يشمل العراق‪ .‬واألمر الثاني هو أن الخميني كانت‬
‫لديه عقدة تتعلق بتركه‪ ،‬أو طرده من العراق قبل ذلك في أواخر السبعينيات‪.‬‬

‫وكان الخميني الذي تم نفيه من إيران ينزل «ضيفا» على العراق‪ ،‬الذي منحه «ملجأ» في النجف‪ ،‬وعندما كان‬
‫ـ اإليرانية‪.‬‬
‫هناك بدأ يتحدث ضد الشاه والحكومة‬

‫ولم يكن الخميني ـ في رأي حسين ـ يحترم نص معاهدة (معاهدة الجزائر) بين العراق وإيران‪ ،‬وكان يتدخل‬
‫في الشؤون اإليرانية‪ .‬وقد أخبرت الحكومة العراقية الخميني بموقفها‪ ،‬وأخبروه‪« ،‬أنت ضيفنا‪ ،‬وال يستطيع أحد‬
‫أن يطلب منك أن ترحل أو أن يقوم بتسليمك»‪ .‬فقد حاول الشاه في الواقع أن يجعل حسين يعيد الخميني إلى‬
‫إيران‪ ،‬ولكنه في الثقافة العربية‪ ،‬ال يمكن للمضيف أن «يتخلى» عن ضيفه‪.‬‬

‫ورفض الخميني أن يوقف نشاطاته ضد الشاه والحكومة اإليرانية‪ ،‬وقال الخميني‪ ،‬إنه إذا كانت سياسته ضد‬
‫السياسة العراقية فسوف يرحل‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬حاول أن يرحل إلى الكويت ولكن دخوله قد رفض‪ .‬وقد سمح العراق‬
‫له بالعودة لمدة ثالثة أو أربعة أيام‪ ،‬واستجاب لطلبه بمساعدته على السفر إلى دولة أخرى‪ .‬وسافر بعد ذلك‬
‫الخميني إلى باريس بفرنسا‪.‬‬

‫وأكد حسين‪ ،‬أنه ال يندم على معاملته للخميني‪ ،‬فعندما سئل إذا كان الخمينى قد رفض االعتراف بفضل العراق‬
‫بعد عودته من الكويت‪ ،‬وهي الخطوة التي ربما كان سوف يترتب عليها رفض العراق بإدخاله وربما بترحيله‬
‫إلى إيران‪ ،‬فقال حسين «ال‪ .‬فإن ذلك لم يكن ليغير الموقف‪ .‬فالناس لم تكن تريد الشاه»‪ .‬وقد أصبح الخميني‬
‫رمزا للناس في إيران بعد رحيله من العراق نظرا لسنه‪ ،‬ونظرا ألنه كان قد «طرد» من إيران‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وقد أجاب حسين‪ ،‬بكلمة «ربما» فقط عندما سئل حول إذا ما كان آية اهلل سيد محمد الصدر ـ رجل الدين‬
‫الشيعي المرموق‪ ،‬الذي أعدم في العراق في الثمانينيات ـ ربما كان قد تحول لرمز مثل الخميني‪.‬‬

‫وأضاف حسين إنه شخصيا كان رمزا‪ ،‬وأنه توجد صور له داخل المنازل وفي كل مكان آخر في العراق‪ .‬وكان‬
‫الخميني يعتقد أن السكان من الشيعة في جنوب العراق سوف يتبعونه‪ ،‬خاصة خالل الحرب مع العراق‪ .‬ولكن‬
‫وفقا لحسين‪« :‬فإنهم لم يرحبوا به»‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬فقد ظل الشيعة على والئهم للعراق وحاربوا اإليرانيين‪.‬‬

‫وقد اعترف حسين‪ ،‬بأن الجيش اإليراني في ‪ 1980‬كان ضعيفا‪ ،‬و«يفتقر للقيادة‪ :‬حيث إن معظم الضباط الكبار‬
‫قد تم نقلهم خالل تغيير في أعقاب تغيير القيادة اإليرانية من الشاه إلى الخميني‪ .‬وذلك على أي حال لم يؤثر‬
‫على القرار بالدخول في الحرب مع إيران في ذلك الوقت»‪ .‬ويقول حسين‪« :‬إذا كان جيش الشاه ما زال‬
‫موجودا‪ ،‬كنا قد هزمناهم في الشهر األول»‪ .‬ولكن تحت قيادة الخميني ـ بالرغم من افتقاره للقيادة ـ فإن‬
‫الجيش اإليراني بما يشمل الجيش والحرس الثوري «تقدم باآلالف» ضد القوات العراقية‪ .‬وقد حارب الجيش‬
‫العراقي بشجاعة خاصة على الحدود‪.‬‬

‫وسئل حسين‪ ،‬عما إذا كانت محاوالت االغتيال الموجهة ضد مسؤولي الحكومة العراقية بمن فيهم وزير‬
‫الخارجية طارق عزيز‪ ،‬ووزير الثقافة والمعلومات لطيف نايف جاسم‪ ،‬التي يعتقد أن المجموعات التي تدعمها‬
‫إيران كانت تقوم بها قد أثرت على قرار دخول الحرب مع إيران‪ ،‬فأجاب حسين‪ ،‬إنه كان هناك «‪ 450‬محاولة‬
‫اعتداء» إيرانية على العراق قبل الحرب‪ .‬وقد شملت تلك المحاوالت ‪ 249‬هجوما بما يشتمل على غارات أو‬
‫غارات جوية‪.‬‬

‫وقد قدم العراق تلك المعلومات إلى األمم المتحدة‪ ،‬وسدت إيران مجرى شط العرب وأغرقت السفن العراقية‬
‫واألجنبية‪ .‬وقبل ‪ 29‬سبتمبر(أيلول) ‪ 1980‬قصفت إيران مصافي تكرير النفط العراقية في البصرة والمدن‬
‫األخرى في جنوب العراق‪.‬‬

‫وكانت محاوالت االغتيال الموجهة ضد عزيز‪ ،‬وجاسم‪ ،‬وغيرهم ضمن الكثير من األحداث التي أدت إلى اندالع‬
‫الحرب مع إيران‪.‬‬

‫وعندما سئل عن هدف الحرب‪ ،‬أجاب حسين‪« ،‬اسأل طهران‪ .‬فهم الذين بدأوا الحرب‪ ،‬وقد أوضحت كل أسباب‬
‫الحرب قبل ذلك»‪ .‬وبعد إعادة السؤال عليه أجاب حسين‪ ،‬إن الهدف كان «منع إيران من التدخل في شؤونا‬
‫الداخلية»‪.‬‬

‫وقد كرر حسين‪ ،‬بعض المعلومات التي ذكرها سابقا‪ ،‬بما فيها حقيقة أنه يعتقد أن إيران اخترقت معاهدة ‪1975‬‬
‫(معاهدة الجزائر)‪ .‬وقد احتلت إيران معظم نهر شط العرب‪ ،‬بينما كانت االتفاقية تنص على أحقيتهم في النصف‬
‫فقط‪ ،‬ولم تستجب إيران للمساعي الدبلوماسية المتعلقة بتلك الحقائق‪.‬‬

‫وقال حسين‪ ،‬إن القوات العراقية قد نجحت في البداية واحتلت المدن واألراضي في جنوب إيران على الجانب‬
‫اآلخر من الحدود‪ ،‬بما يشمل المناطق في وبالقرب من المحمرة واألحواز ودزفول‪ .‬ولم تتوغل القوات العراقية‬
‫داخل إيران ألن هدفها المباشر كان وقف هجمات المدفعية من جانب إيران‪ ،‬التي كانت تنطلق من أماكن على‬
‫مقربة من الحدود‪.‬‬

‫وبعد حوالي عامين‪ ،‬تم سحب القوات العراقية وأصبحت الحرب دفاعية بالنسبة لجيش صدام حسين‪ .‬وعندما‬
‫سئل حول السبب الذي جعل الحرب تتحول إلى حرب دفاعية بالنسبة للعراق‪ ،‬أجاب حسين بأنه «ال يمكن‬
‫التخطيط للجيش العراقي مثلما يتم التخطيط للجيش األميركي»‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫فمن وجهة النظر العسكرية فإن الخطط يتم وضعها وفقا لإلمكانات‪ .‬ويتفق الجيش على أنه كلما طالت خطوط‬
‫اإلمداد تظهر المشكالت‪ .‬وقال حسين‪« :‬إن جندي اليوم ليس مثل الجندي قبل مائة عام»‪ .‬فهم جزء من‬
‫«مجموعة عالمية» تسمع وترى أشياء في التلفزيون والراديو‪.‬‬

‫فالجندي هو «جزء من العالم» و«يتأثر» بذلك‪ .‬فإذا أمر الجندي بأن يشن هجوما معاكسا فإن الجندي «الرابح»‬
‫سوف يصل إلى الهدف ويتعداه‪ .‬وقد وافق حسين على أن المرحلة العراقية الهجومية األخيرة من الحرب في‬
‫‪ 1986‬ـ ‪ 87‬قد شهدت نجاحا كبيرا‪ ،‬بما يشمل االستحواذ على ثالثة أرباع الدبابات اإليرانية ونصف المدفعية‬
‫وناقالت األفراد المدرعة‪.‬‬

‫وقد ناقش حسين‪ ،‬األسباب التي لم تجعله يتقدم داخل إيران‪ ،‬وكرر أن العراق قد استعاد مناطق كافية‪ ،‬وقضى‬
‫على المدفعية اإليرانية المهددة له في السنوات األولى من الحرب‪ .‬وقال حسين‪« :‬إذا توغلنا داخل إيران‪،‬‬
‫فسوف يعتقدون أننا نريد شيئا آخر»‪ .‬وأضاف‪« :‬لم نكن نواجه جيشا منظما‪ ،‬الذي يكون أسهل في التخطيط‬
‫ضده»‪ .‬وقال حسين بعد ذلك‪ ،‬إنه بالنسبة للكثير من الجنود العراقيين‪ ،‬كانت تلك هي تجربة القتال الحقيقية‪.‬‬
‫وقد شعر الكثير منهم بالغرور‪ ،‬خاصة بعد النجاح في التوغل في األراضي اإليرانية‪ ،‬ولكنهم بعد عدة أيام بدأ‬
‫الكثير منهم يتساءل «لماذا أنا هنا»؟‪.‬‬

‫وكما أكد قادة الجيش لصدام حسين‪ ،‬فإن الكثير من الجنود كانوا يفضلون الدفاع عن الحدود والبقاء في العراق‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬كان يجب سحب القوات العراقية من األراضي اإليرانية قبل أن يحدث أي تغيير في تلك العقلية‪.‬‬

‫وكان بعض قادة الجيش يريدون البقاء‪ ،‬بينما كان البعض اآلخر يريد االنسحاب‪.‬‬

‫وبعد عامين من الحرب‪ ،‬شعر بعض قادة الجيش العراقي بأن إيران «تعلمت درسها» وأوصوا باالنسحاب‪.‬‬

‫وقد احترم حسين المعلومات التي تأتي إليه من قادة الجيش‪ ،‬وأمر بانسحاب القوات العراقية‪.‬‬

‫يقول حسين‪ ،‬في العادة ال تكون العمليات الدفاعية «جيدة من وجهة النظر التكتيكية» وال جيدة بالنسبة‬
‫لمعنويات الجنود‪.‬‬

‫ويقول حسين‪« :‬فإذا لم يكن الجندي يرى األمر منطقيا لن يؤدي بالكفاءة نفسها أو يطيع‪ .‬أما إذا تقبل المهمة‬
‫كمهمة مقنعة فسوف يمتثل لألوامر‪ .‬فيجب أن يكون الجندي مقتنعا‪ ،‬وإال سيصبح االنضباط مشكلة»‪ .‬وقد علق‬
‫صدام على الحالة العقلية الحالية للجنود األميركيين في العراق قائال‪« :‬إذا سألت الجندي األميركي ـ الذي أتى‬
‫للعراق للبحث عن أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬ولم يجد أيا منها‪ ،‬الذي أتى لخلع القادة في حكومة حسين الدكتاتورية‪،‬‬
‫ـ في السجن حاليا‪ ،‬ولكنهم استبدلوا بقادة دكتاتوريين آخرين ـ سواء كان يريد أن يبقى أو‬ ‫الذين يقبعون جميعهم‬
‫أن يذهب‪ ،‬فسوف يقول إنه يريد أن يذهب»‪.‬‬

‫ـ األسلحة الكيميائية ضد إيران خالل الفترة الدفاعية من الحرب كان مرهونا‬ ‫عندما سئل عما إذا كان استخدام‬
‫بالضرورة‪ ،‬كأن تكون العراق‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬على وشك خسارة الحرب إن لم تستخدمها‪ ،‬فرد صدام قائال‪:‬‬
‫«إنه ال يملك إجابة على ذلك‪ ،‬ولن يجيب عليها»‪ .‬وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أن العراق كان سيخسر الحرب‬
‫مع إيران خاصة في أعقاب عام ‪ ،1982‬وخالل الفترة الزمنية من ‪ 1984‬إلى ‪ ،1986‬رد صدام «كال‪ ،‬وال‬
‫لمجرد ثانية واحدة‪ .‬قلت ذلك على التلفزيون‪ ،‬وقلتها أيضا في خمس رسائل بعثت بها إلى إيران»‪ .‬أكد صدام‬
‫عبر الرسائل على قوة الجيش العراقي وأوضح أن بعض القادة العراقيين أبدوا استياءهم من إبراز تلك‬
‫ـ األسلحة الكيميائية العراقية قال صدام‪« :‬لن تتمكنوا‬‫المعلومات فيما صدقه العراقيون‪ .‬وبالعودة إلى استخدام‬
‫من إحراجي أو خداعي بشأن مسائل فنية‪ ،‬ولن يجعلك ذلك تشعر بتحسن‪ .‬لقد دفعت الواليات المتحدة ثمنا باهظا‬

‫‪10‬‬
‫نتيجة أخطائها هنا في العراق والعالم‪ ،‬وستستمر في دفع ثمن في العالم»‪ .‬وقال صدام‪« :‬إن إيران لم تفهم‬
‫الرسالة بعد أن انسحب الجيش العراقي إلى حدوده» وأضاف‪« :‬إذا لم تكسر رؤوسهم فلن يفهموا»‪.‬‬

‫وأشار إلى أن العراق «لم يكن يدين بالكثير من المال في أعقاب الحرب مع إيران‪ ،‬وأن العراق تلقى مساعدات‬
‫من الدول العربية‪ ،‬كان يعتقد أنها مساعدات وليست قروضا‪ .‬بيد أن تلك الدول بدلت رأيها بعد الحرب وطالبت‬
‫بردها‪ .‬ورأت بعض الدول العراق كتهديد عسكري‪ ،‬ولم ينظر إليران على أنها تهديد عسكري‪ ،‬ألن قواتها‬
‫العسكرية دمرت خالل الحرب‪ .‬وضحك صدام على تلك النقطة‪.‬‬

‫وأوضح صدام أنه وافق على قرار األمم المتحدة الصادر في ‪ 28‬سبتمبر (أيلول) ‪ ،1980‬الذي طالب بوقف‬
‫االعتداءات مع إيران‪ ،‬بيد أن إيران لم توافق على القرار‪ .‬وأضاف أن العراق وافق أيضا على قرار األمم‬
‫المتحدة رقم ‪ 598‬الصادر عام ‪ ،1987‬الذي طالب بإنهاء هذه الحرب‪ ،‬ولم توافق إيران على هذا القرار أيضا‪.‬‬
‫وقد حاول العراق مرات عديدة خالل الحرب الدخول في محادثات مع إيران لوقف المعارك‪ .‬وقال صدام «فعلنا‬
‫ذلك في الوقت الذي لم نكن مضطرين فيه للقيام بذلك»‪ .‬لمصلحة الشعبين واإلنسانية ولم تقبل إيران بوقف‬
‫الحرب إال عام ‪ 1988‬بعد أن خسرت الحرب‪.‬‬

‫وبشأن النتائج التي توصلت إليها األمم المتحدة بشأن استخدام العراق لألسلحة الكيميائية خالل الحرب العراقية‬
‫اإليرانية‪« :‬إن التاريخ قد كتب ولن يتم تغييره‪ ،‬وال يمكن ألحد أن يوقف كتابة التاريخ»‪ .‬وأوضح صدام أن‬
‫إيران استخدمت هي األخرى األسلحة الكيميائية للمرة األولى في المحمرة (التي تسمى باسم خورامشهر في‬
‫إيران) في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الثاني) ‪ ،1981‬وعندما سئل عما إذا كان يجب على العراق‬
‫ـ األسلحة الكيميائية لألغراض الدفاعية رد بالقول‪« :‬لن أجيب‪ ،‬مهما كانت صيغة السؤال»‪ .‬وقال صدام‪:‬‬ ‫استخدام‬
‫«سأتحدث عن كل شيء عدا ما يضر بشعبي وأصدقائي أو جيشي»‪ .‬قدم صدام تفاصيل حادثة ‪ 1964‬الخاصة‬
‫بأحمد حسن البكر‪ ،‬األمين العام لحزب البعث‪ .‬وقد اعتقل البكر وصدام‪ ،‬الذي كان يشغل حينئذ رئيس الفرع‬
‫العسكري في حزب البعث‪ ،‬للتخطيط للقيام بانقالب على عبد السالم عارف‪ ،‬الرئيس العراقي آنذاك‪ ،‬وقد اعترف‬
‫صدام بالمسؤولية الكاملة على ذلك‪ ،‬ولم يقدم أي معلومات ضد أي شخص آخر‪ .‬وقال صدام‪« :‬ليس من العدالة‬
‫أن يلقي القائد بالالئمة على اآلخرين‪ ،‬فإذا ما قال أحدهم إن صدام أمرني أن أفعل ذلك‪ ،‬فتلك ليست مشكلة‬
‫بالنسبة لي وال تضره»‪.‬‬

‫‪---------------------------‬‬

‫* صدام عن عدم ترحيب الجيش السوري بالقوات العراقية في ‪ : 1973‬ال يوجد كرماء مثل العراقيين‬

‫ـ لم يقر بتقديم مساعدة محددة إلى أبو عباس لكنه قال«إذا قبلنا شخصا كضيف يجب أن نقدم له المساعدة‬

‫* محضر جلسة االستجواب الثالثة ـ ‪ 10‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬

‫* أدلى صدام بتعليقات حول الوضع الفلسطيني‪ .‬يجب أن تكون أي محاولة لفهم جذور المشكلة التي تحيط‬
‫بالقضية الفلسطينية من وجهة نظر عربية وليس من مجرد وجهة نظر فلسطينية‪ ،‬فهي ليست مجرد مشكلة‬
‫فلسطينية ولكنها أيضا مشكلة عربية‪ .‬وفي الستينيات من القرن الماضي‪ ،‬ظهرت العديد من الثورات داخل دول‬
‫عربية وكانت تحدث بصورة عامة نتيجة لعدم رضا الشعوب عن حكامهم في ذلك الوقت‪ .‬ومن ناحية‪ ،‬يرجع‬
‫سبب اإلطاحة ببعض القادة إلى فشلهم في التعامل مع القضية الفلسطينية بالصورة المناسبة أو إلى تجاهلهم‬
‫إياها كلية‪ .‬ويجب أن يعتمد أي حل للمشكلة على العدالة والقانون الدولي‪ .‬ولكن‪ ،‬تسبب القانون الدولي‬
‫وتطبيقه في مشكلة عام ‪ 1948‬بعد تأسيس دولة إسرائيل اليهودية على أراض كانت في حوزة الفلسطينيين‪.‬‬
‫ويجب عرض حل من هم في الخارج ومن هم في الداخل في القضية في هذا اإلطار‪ ،‬فالجميع يبحث عن حل‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ولكن‪ ،‬قال صدام‪« :‬الحل الذين لن يقنع أغلبية الفلسطينيين لن يكون حال ناجحا‪ ».‬ويجب أن يكون أساس أي‬
‫حل والتسوية النهائية‪ ،‬عن طريق تأسيس دولة فلسطينية منفصلة‪ .‬وعندما سُئل صدام عن خطاب كان قد أدلى‬
‫به حول ثورة ‪ 1968‬في العراق‪ ،‬وافق على أنه قال معلقا خالل الخطاب‪« :‬نحن لم نقم بثورة ضد شخص‪ ،‬نحن‬
‫قمنا بثورة ضد نظام الحكومة‪ ».‬ووافق على أنه قال إن الثورة قامت «لدفع الشعب العراقي والدولة والعالم‬
‫العربي في المجمل والفلسطينيين قدما‪ ».‬وأضاف أن حزب البعث كان الحزب السياسي الوحيد الذي تظاهر ضد‬
‫الحكومة العراقية عام ‪ .1967‬وبالنسبة لحرب األيام الستة بين العرب وإسرائيل عام ‪ ،1967‬قال صدام كان‬
‫العرب يأملون في استعادة األراضي التي ضاعت عام ‪ .1948‬وقال صدام‪« :‬شعرنا بالحزن عندما لم يحدث‬
‫ذلك‪ ».‬ومع أن اآلمال في النجاح كانت ضعيفة‪ ،‬فقد كانت األخبار مثبطة على نحو خاص عندما نشرت التفاصيل‬
‫عن الهزيمة السريعة للقوات المسلحة السورية والمصرية‪ .‬وشعر العالم العربي «بالحزن واإلحباط»‪ ،‬ونما‬
‫شعور بالرغبة في الثورة‪ .‬وعلى الرغم من خسارة حرب ‪ ،1967‬كان صدام ال يزال يحترم الرئيس المصري‬
‫جمال عبد الناصر بعد الحرب‪ .‬وفي رأي صدام‪ ،‬فإن عبد الناصر «كان يمكنه أن يمثل العرب أمام العالم»‪ ،‬بينما‬
‫كان اآلخرون «ضعاف»‪ .‬وفي هذا الوقت‪ ،‬كان عبد الناصر الحاكم الوحيد الذي له عالقة قوية بـ«الجموع‬
‫العربية»‪ .‬وعلى الرغم من خسارة العرب‪ ،‬لم يفقد عبد الناصر احترام الشعب‪ .‬ولكن‪ ،‬كانت آمال الشعب أكبر‬
‫مما يمكن أن يحققه عبد الناصر‪ .‬وأظهرت خسارة الحرب حدود قدرات عبد الناصر والقوات المسلحة‬
‫المصرية‪ .‬وأشار صدام إلى أن الحرب أظهرت قضايا داخلية تخص القيادة المصرية‪ ،‬فلم يكن يسمح عبد الحكيم‬
‫عامر‪ ،‬قائد القوات المسلحة المصرية‪ ،‬بـ«تدخل» عبد الناصر في الشؤون العسكرية‪« .‬مع أن عبد الناصر كان‬
‫رئيس البالد»‪ .‬وعندما تنحى عبد الناصر بعد ذلك‪ ،‬تظاهر ماليين المصريين من أجله كي يعود لتولي مهامه‬
‫كرئيس‪ .‬وكان يبدو لصدام أن «عبد الناصر اعتمد على السياسة الدولية وليس على استعداد قواته المسلحة‬
‫وشعبه» في الفترة التي سبقت الحرب‪ .‬وعندما مات عام ‪« ،1970‬بكى المواطنون»‪ .‬وبالنسبة للحرب بين‬
‫العرب وإسرائيل عام ‪ ،1973‬لم يتمكن الرئيس المصري (أنور) السادات‪ ،‬الذي كان نائبا للرئيس في رئاسة‬
‫عبد الناصر‪ ،‬من استعادة آمال العرب‪ .‬وبدا أن السادات ليس له قضية أو هدف محدد وأنه غير قادر على القيام‬
‫بأي شيء بخصوص ‪ 1948‬و«اغتصاب فلسطين»‪ .‬وألن السادات لم يكن «رجل قضية»‪ ،‬لم يكن يمثل عنصر‬
‫دفع للجنود المصريين‪ .‬وبنفس الصورة لم يكن هناك ما يستثير الشعب المصري‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فإنه خالل هذه‬
‫الفترة‪ ،‬كان المصريون يستهزئون بجنودهم ويقولون طرف عن الجيش قائلين أنهم لم يحاربوا في ‪.1967‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬جعل السادات‪ ،‬معتمدا على شخصيته‪ ،‬الواليات المتحدة وإسرائيل تعتقدان أنه يمكن الفوز في حرب‬
‫مع إسرائيل‪ .‬وعندما سُئل عن قدرة السادات على القيام بالكثير في النهاية من أجل شعبه مقارنة بعبد الناصر‪،‬‬
‫والسيما فيما يتعلق بقضية السالم واستعادة األراضي‪ ،‬قال صدام أن أثر عبد الناصر كان «ضئيال»‪ .‬وأضاف‪:‬‬
‫«إذا قلت للعراقيين أن الكويت سوف تكون جزء من العراق‪ ،‬سوف يكونوا سعداء‪ ».‬واألمة العربية‪ ،‬من‬
‫الفقراء إلى األثرياء‪ ،‬عبارة عن أمة لها نفس اللغة وحدود مشتركة ونفس األهداف‪ .‬وهناك عالم عربي واحد‪،‬‬
‫من «المواطن البسيط إلى المشرعين والمفكّرين»‪ .‬وتعتمد قوة أي شخص داخل «عائلة» على التعاون والحب‬
‫بين بعضهم بعضا في «العائلة»‪ .‬وإذا كان هناك شخص داخل «العائلة» ال يفهم هذا‪ ،‬فإنه سوف يكون «ضعيفا‬
‫ويسقط»‪ .‬ولم يكن السادات مخلصا لقضايا «العائلة»‪ .‬وقبل حرب ‪ ،1967‬كانت الضفة الغربية والقدس تحت‬
‫سيطرة األردن فيما كانت غزة تحت سيطرة مصر‪ .‬ولم تعد اتفاقية السالم التي وقعها السادات مع اإلسرائيليين‬
‫األراضي إلى أصحابها الحقيقيين‪ :‬الفلسطينيون‪ .‬وعليه‪ ،‬كان السادات «خائنا للقضية»‪ .‬وأعادت إسرائيل‬
‫برغبتها وحسب شبه جزيرة سيناء حيث كانت «عبئا عسكريا» وكانت «خطوة سياسية» سهلة‪ .‬وخسر‬
‫السادات االحترام نتيجة لالتفاقات التي توصل إليها مع إسرائيل‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬تراجع االقتصاد المصري‬
‫بدرجة كبيرة تحت قيادته‪ .‬وعلى النقيض‪ ،‬ازدهر االقتصاد المصري تحت عبد الناصر وكانت األسواق المصرية‬
‫مفتوحة أمام جميع الدول العربية‪ .‬وقال صدام‪« :‬الوصول إلى سالم ليس سهال»‪ ،‬والسالم دون قضية سوف‬
‫يتسبب في تغير التوازن‪ .‬وبالنسبة لتعليق لصحافي بريطاني قبل عامين تقريبا‪ ،‬لم يكن صدام يعني أن السالم‬
‫يمكن أن يتحقق عن طريق فقدان الصدق والهيبة‪ .‬وعلى النقيض‪ ،‬يمكن التفاوض بخصوص أي سالم «من‬
‫موقع القوة»‪ .‬وقال صدام إن العراق حارب في ‪ 1973‬على جبهتين‪ ،‬وشاركت قواته الجوية في مصر وسورية‬
‫وقاتلت قوات مشاة في سورية‪ .‬وعندما سُئل هل كان يمكن للعراق أن يبذل ما هو أكثر‪ ،‬رد صدام‪« :‬ماذا كان‬

‫‪12‬‬
‫يمكننا أن نقوم به أكثر من ذك؟ لقد أرسلنا جميع قواتنا للقتال تحت القيادة المصرية والسورية‪ ».‬وقبل الحرب‪،‬‬
‫كانت مصر قد أرسلت نائب الرئيس آنذاك (محمد حسني) مبارك إلى العراق ليطلب الحصول على طائرات‬
‫وطيارين الستخدامهم في هجوم على مواقع صواريخ أرض‪-‬جو إسرائيلية‪ .‬وقدّم العراق الطائرات على الرغم‬
‫من أنهم كانوا يقاتلوا األكراد في الشمال‪ .‬وطلب السوريون مساعدة العراق بعد بدء الحرب‪ ،‬قائلين إن إسرائيل‬
‫سوف تحتل سورية دون مساعدة العراق‪ .‬وبالنسبة لما قيل عن عدم «ترحيب» الجيش السوري بالقوات‬
‫العراقية في ‪ ،1973‬قال صدام «ال يوجد كرماء مثل العراقيين‪ ».‬وسُئل صدام أكثر عن تعليقاته بخصوص عدم‬
‫قيام أو رفض الجيش السوري تقديم خرائط ومعدات اتصاالت وغيرها من المساعدات للقوات العراقية مع أنها‬
‫كانت ضرورية للقتال سويا‪ .‬ورد صدام‪ « :‬ال يعرف الخاسر رأسه من قدميه‪ ،‬وكان موقفا صعبا ال يسمح بأن‬
‫نكون سويا بهذه الصورة‪ ،».‬وقال «ربما لم يكن لدى السوريين خرائط‪ ».‬وكان الضباط العراقيون معتادون‬
‫على معاملة مختلفة داخل الجيش‪ .‬ويقبل العراق دوما الجئين فلسطينيين داخل البالد‪ ،‬مثلما حدث خالل فترة‬
‫صدام وقبلهما‪ .‬وكان تدفق الالجئون بعد ‪ 1948‬بعد تأسيس دولة إسرائيل وبعد سبتمبر (أيلول) ‪1970‬‬
‫(أيلول األسود في األردن)‪ ،‬وفي عام ‪ 1991‬بعد حرب الخليج األولى‪ .‬وقال صدام‪« :‬رحبنا بهم ووفرنا لهم‬
‫وظائف وأعطينا لهم حق امتالك األراضي والمنازل‪ ».‬وكانت السياسة األخيرة الخاصة بالمنازل تتناقض مع‬
‫مبدأ جامعة الدول العربية التي لم تكن تسمح للفلسطينيين بأن يمتلكوا أماكن أقامة‪ .‬وفي رأي صدام‪ ،‬افترض‬
‫أعضاء جامعة الدول العربية أن الفلسطينيين لن يرحلوا إذا أصبحوا يمتلكون أمكان لإلقامة‪ .‬ولكن لم يوافق‬
‫صدام على هذه السياسة «ألسباب إنسانية»‪ .‬وعندما عرض صدام موقفه‪ ،‬وافقت القيادة العراقية على هذا‪.‬‬
‫وبالنسبة للفلسطينيين داخل العراق «ساعد ذلك على العيش حياة طبيعية‪ ».‬واعترف صدام بأن الحكومة‬
‫العراقية أنشأت واستأجرت منازل للفلسطينيين من أصحاب األراضي العراقيين‪ .‬وقال صدام‪« :‬كنا نشعر بالقلق‬
‫بخصوص كل شخص في العراق‪ ،‬ولم نكن نريد أن نتركهم يعيشون في الشوارع‪ .‬األشياء مثل الطعام والعمل‬
‫والمنازل ضرورية للمحافظة على الكرامة‪ ».‬وقال صدام إن بعض الناس اتهموا العراق بمحاولة إزالة‬
‫الفلسطينيين‪ .‬وأضاف على النقيض «لم نكن نستطيع أن نطرد ضيفا‪ ».‬وال يتذكر صدام هل قامت الحكومة‬
‫العراقية بدفع جميع أم جزء من اإليجار طوال الوقت أو خالل مدة محدد بالنسبة إلقامة الفلسطينيين في العراق‪.‬‬
‫وال علم لدى صدام بخصوص أصحاب المنازل الذين يقاضون الحكومة لعدم دفع اإليجار‪ ،‬وخاصة في الفترة من‬
‫مطلع التسعينيات إلى منتصفها‪ ،‬وقد خسر هؤالء القضية لصالح الحكومة‪ .‬وقال صدام‪« :‬لو كنا وعدنا بالدفع‪،‬‬
‫لكنا قد فعلنا‪ .‬وإذا كانوا قد خسروا القضية‪ ،‬فبالتأكد لم تكن الحكومة قد وعدت بالدفع‪ ».‬ورفض صدام القول‬
‫بأن هناك قانون يسمح للحكومة بـ«استئجار» منازل دون دفع اإليجار إلى صاحب العقار‪ .‬وقال‪« :‬هذا غير‬
‫صحيح‪ ،‬ال يوجد مثل هذا القانون‪ .‬هذا قانون االغتصاب أو قانون الغابة‪ ».‬وطلب صدام أن يرى القانون على‬
‫الورق‪ .‬وعلق صدام على قمة الرباط عام ‪ 1974‬عندما قيل أن الحكومة العراقية تنازلت عن إيمانها‬
‫بالـ«الكفاح المسلح» من أجل فلسطين وقبلت «استراتيجية تعتمد على مراحل»‪ .‬وقال صدام أن هذا كان‬
‫المؤتمر األول الذي يحضره‪ ،‬ففي المعتاد‪ ،‬كان وزير الشؤون الخارجية العراقي يحضر نيابة عن الحكومة‪.‬‬
‫وخالل القمة‪ ،‬عرضت منظمة التحرير الفلسطينية استراتيجية عامة تطلب من األردن الضفة الغربية لتكون‬
‫وطنا‪ .‬وفي السابق‪ ،‬كانت الضفة الغربية والقدس تحت سيطرة األردن وحاكمها الملك حسين‪ .‬وفي رأي صدام‪،‬‬
‫فإن الملك حسين لم يعترض على الخطة «ولكن بدا غير مقتنع»‪ .‬وفي هذا الوقت أيضا‪ ،‬وافق العراق على أن‬
‫تكون منظمة التحرير الفلسطينية الممثل القانوني الوحيد لفلسطين‪.‬‬

‫واعترف صدام بأن تنظيمات فلسطينية‪ ،‬ومنها فتح‪ ،‬كان لديها مكاتب في بغداد‪ .‬ولكن في عام ‪ 1978‬أغلقت‬
‫فتح مكاتبها ويقال إنها قامت بتوزيع منشورات‪ .‬وال يعلم صدام تفاصيل الرسالة التي تضمنتها المنشورات‬
‫ولكنه سمع أنها كانت سلبية تجاه الحكومة العراقية‪ .‬ولم تكن العالقة بين الحكومة العراقية ومنظمة فتح «على‬
‫ما يرام»‪ .‬وفيما يتعلق بأهداف المنظمات الفلسطينية األخرى‪ ،‬التي بدا أنها تختلف عن أهداف منظمة التحرير‬
‫الفلسطينية والعراق‪ ،‬قال صدام الخالف بين األفراد والتنظيمات حول نفس القضية يكون غالبا بسبب أفكار‬
‫مختلفة يتم طرحها‪ .‬وحسب ما قاله صدام‪ ،‬كان الفلسطينيون في حاجة إلى «قيادة مركزة»‪ .‬ولم يكن األفراد‬
‫الذين يشكلون قيادة التنظيمات الفلسطينية المتنوعة «على نفس القدر من المعرفة»‪ .‬وبالنسبة للعراقيين‪،‬‬

‫‪13‬‬
‫اجتمعت القيادة وقررت عدم التدخل في الشؤون الداخلية لمنظمة التحرير الفلسطينية‪ .‬وقال صدام أن اتخذ قرار‬
‫بأن العراق سوف «يساعد قدر استطاعته‪ ».‬وقيل للفلسطينيين حدود الحكومة العراقية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬صدرت‬
‫تعليمات بخصوص المساعدة العراقية للفلسطينيين والقيود إلى جميع القطاعات الحكومية العراقية‪ .‬ووصف‬
‫صدام العالقات مع منظمة التحرير الفلسطينية في الفترة من ‪ 1978‬إلى ‪ 2003‬بأنها «جيدة»‪ .‬وقال صدام إن‬
‫ممثلي منظمة جبهة تحرير فلسطين ومنظمة أبو نضال كانوا في العراق في بعض األوقات‪ .‬وقال صدام‪:‬‬
‫«قبلناهم كضيوف‪ ».‬ووجهت إليهم تعليمات بعدم ممارسة نشاطات معارضة للعراق وعدم ممارسة اإلرهاب‪.‬‬
‫وقيل ألعضاء جبهة التحرير الفلسطينية ومنظمة أبو نضال أن عليهم عدم التدخل في الشؤون الداخلية لمنظمة‬
‫التحرير الفلسطينية‪ .‬وفي مرحلة ما‪ ،‬وجهت تحذيرات إلى منظمة أبو نضال كي توقف النشاطات اإلرهابية‪.‬‬
‫واعترف صدام بأن محمد عباس‪ ،‬المعروف باسم أبو عباس‪ ،‬كان موجودا داخل العراق في مرحلة ما‪ .‬ولم يقر‬
‫صدام بتقديم مساعدة محددة إلى أبو عباس‪ .‬وقال‪« :‬إذا قبلنا شخص كضيف‪ ،‬يجب أن نقدم له المساعدة‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬ال يمكن لضيف أن يطلب ما يريد على اإلفطار والغداء والعشاء‪ ».‬وأكد صدام أن العراق كان ينظر إلى‬
‫منظمة التحرير الفلسطينية على أنها المنظمة السياسية الرسمية لفلسطين وأن جميع التنظيمات الفلسطينية‬
‫األخرى تابعة‪ .‬وقيل لصدام تفاصيل اجتماع تم تصويره وكان تقريبا قبل عامين بين أبو عباس وطاهر جليل‬
‫حبوش‪ ،‬مدير االستخبارات العراقية‪ .‬وخالل االجتماع‪ ،‬طلب أبو عباس الحصول على مساعدات عراقية‪ ،‬بما‬
‫فيها المال وتدريبات وأسلحة ومواصالت لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل‪ .‬وقيل لصدام أن المحقق أطلع على‬
‫الشريط المصور‪ .‬وسُئل صدام هل هذه التصرفات المخططة تنفيذها ضد إسرائيل كانت تمثل دفاعا مشروعا عن‬
‫فلسطينيين أم إرهابا‪ ،‬وهي بذلك تتجاوز المساعدة االعتيادية التي تقدم للضيف‪ .‬وسأل صدام‪« :‬ما الذي قامت‬
‫به الحكومة العراقية؟ إذا كان لديكم التسجيل فأنتم تعرفون‪ ».‬وقال صدام يقف مع المحاوالت التي تبذل من أجل‬
‫استعادة جميع األراضي العربية‪ ،‬بما فيها هذه األراضي التي «اغتصبت وسلبت»‪ .‬وقال إن هذا ليس سرا أو‬
‫مخجال‪ .‬وقال صدام‪« :‬لو كان حبوش وأبو عباس قد اجتمعا‪ ،‬فهذا شيء آخر‪ .‬نحن ندعو للكفاح المسلح‬
‫الستعادة األراضي العربية‪ .‬المبادئ هي نفسها التي تحدثنا عنها من قبل‪ ».‬واستطرد قائال‪« :‬لو كان أبو عباس‬
‫طلب هذه األشياء‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أننا أعطيناه إياها‪ ،‬وإذا كان أبو عباس قد نفذ أي هجمات داخل إسرائيل‪،‬‬
‫فإن ذلك يعني أننا ساعدناه‪ .‬وإذا لم يكن‪ ،‬فإننا لم نساعده‪ ».‬وعندما قيل له أن أبو عباس نفذ هجمات داخل‬
‫إسرائيل‪ ،‬رد صدام‪« :‬هذه وقعت قبل أن يطلب المساعدة منا‪ .‬كان هذا خيارهم‪ ».‬وقال صدام‪« :‬في أي وقت‬
‫لدينا القدرة والحق في تقديم المساعدة في النضال‪ .‬ال أتحدث عن أبو عباس‪ ،‬وأتحدث عن المنظمات داخل‬
‫فلسطين‪ .‬من يتعاملون من الخارج ليسوا جادين‪ ».‬وطلب صدام اإلجابة التي قالها حبوش ألبي عباس‪ .‬وقال‬
‫المحقق لصدام إنه تم تقديم المال إلى أبو عباس‪ ،‬ولكن ليس كما طلب‪ .‬وقال صدام‪« :‬كان هذا عمل‬
‫االستخبارات‪ ،‬وكنا منفتحين بخصوص فلسطين‪ ».‬وسُئل صدام عما إذا كانت المساعدات إلى أبو عباس سوف‬
‫تساعد على تحقيق أهداف الفلسطينيين أم سوف تعمل ضد هذه األهداف‪ .‬وقال صدام أنه منذ أن كان «مناضال‬
‫شابا» في حزب البعث‪ ،‬كان يؤمن بأن أي تنظيم يجب أن يقاتل من الداخل وليس من الخارج‪ .‬وبالنسبة لصدام‪،‬‬
‫فإن أي محاوالت من الخارج ال تعدوا عن كونها «كالما» و«غير جادة»‪ .‬واقترح صدام الحصول على تفاصيل‬
‫ـ أكبر للشريط المصور لالجتماع‬ ‫أكثر بخصوص ما تمكن أبو عباس من الحصول عليه من حبوش أو من مراجعة‬
‫بين االثنين‪ .‬وبخصوص ما إذا كان يمكن لمدير االستخبارات العراقية أن يجتمع دون موافقة القيادة العراقية‬
‫لمناقشة هذا األمر مع أبو عباس‪ ،‬قال صدام‪« :‬هل يتصل مدير االستخبارات األميركية مع الرئيس بوش في كل‬
‫مرة قبل االجتماع مع شخص ما؟» ووافق صدام على أن الرئيس‪ ،‬في الواليات المتحدة والعراق‪ ،‬يضع السياسة‬
‫لجميع أفرع الحكومة‪ .‬وقال صدام أنه على الرغم من أنه قيل أن أبو عباس طلب من مدير االستخبارات‬
‫العراقية ‪ 2-1‬مليون دوالر حسب ما قاله المحقق‪ ،‬فإنه لم يعطيه حتى «‪ 10,000‬دوالرا»‪ .‬وقال صدام «أي‬
‫فلسطيني كان يريد التدريب والذهاب للقتال من أجل فلسطين‪ ،‬كنت أقل دربوه‪ .‬ولكن المال والسالح يختلف عن‬
‫التدريب‪ ».‬وبسبب العقوبات ضد العراق‪ ،‬لم تكن الحكومة قادرة على تقديم نفس مقدار المساعدات التي كانت‬
‫تقدمها من قبل‪ .‬وقال صدام‪« :‬إذا كان لالستخبارات العراقية القدرة‪ ،‬فإنه ليس خطأ طالما أن النضال في‬
‫الداخل‪ ».‬وسُئل صدام عما إذا كان موقف العراق المعروف الخاص باالعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية على‬
‫أنها الممثل الوحيد لفلسطين كان يتناقض مع الدعم المقدم إلى التنظيمات واألفراد اآلخرين ومن بينهم أبو‬

‫‪14‬‬
‫عباس‪ .‬ورد صدام‪« :‬لم أقل أنني ساعدت أبو عباس‪ .‬ال تقل عني ما لم أقل‪ ».‬أضاف صدام‪« :‬أعتقد أن األسئلة‬
‫يجب أن تكون في سياق حوار وليس استجواب‪ ».‬ومضى يقول‪« :‬لو كانت االستخبارات العراقية ساعدت أبو‬
‫عباس وقاتل هو من أجل فلسطين‪ ،‬فهذا ليس خطأ‪ .‬وإذا قيل أن شخص يريد النضال ضد إسرائيل وأن ذلك‬
‫الشخص ال يمثل الفلسطينيين بصورة رسمية‪ ،‬فليس ثمة تناقض في السياسة العراقية‪ .‬وقال صدام أي شخص‬
‫كان يقول أنه يريد «التفاوض» لم يحصل على دعم من العراق ألن هذا الدور كان لعرفات ومنظمة التحرير‬
‫الفلسطينية‪ .‬وفي نهاية المقابلة‪ ،‬سُئل صدام عن تحركاته عندما بدأت الهجمات في مارس (آذار) ‪ .2003‬وقال‬
‫صدام أنه بقي في بغداد حتى ‪ 10‬أو ‪ 11‬إبريل (نيسان) حين بدا أن المدينة سوف تسقط‪ .‬وقبل رحيله من‬
‫بغداد‪ ،‬عقد اجتماع أخير مع القيادات العراقية البارزة وقال لهم «سوف نناضل سرا»‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬رحل من بغداد‬
‫وبدأ تدريجيا «يفرّق» حراسه الشخصيين‪ ،‬وقال لهم إنهم أكملوا مهمتهم وكان يهدف من ذلك عدم جذب‬
‫االنتباه‪.‬‬

‫‪-----------------‬‬

‫* صدام ‪ :‬أميركا وضعت خطة مع الكويت لمهاجمة العراق‬

‫ـ قال انه لو كانت لديه اسلحة محظورة كان سيهاجم القوات األميركية في الكويت‬

‫* محضر جلسة االستجواب الرابعة ـ ‪ 13‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬

‫* بدأ كبير المحققين المناقشة بالتنويه بأن مقابلة اليوم ستشكل حوارًا عامًا حول األمم المتحدة وقراراتها‬
‫العديدة حيال العراق‪ .‬من جهته‪ ،‬قال صدام‪" :‬دعوني ألقي عليكم سؤاال مباشرا‪ .‬أود السؤال عن الوجهة‪ ،‬منذ‬
‫بداية عملية المقابالت حتى اآلن‪ ،‬التي تحول إليها المعلومات؟ كي تبقى عالقتنا واضحة‪ ،‬أود أن أعلم ذلك"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬أخبر المحقق صدام بأنه يعمل كممثل عن الحكومة األميركية‪ ،‬وأن التقارير المتعلقة بهذه المقابالت‬
‫تجري مراجعتها بالتأكيد من جانب الكثير من مسؤولي الحكومة األميركية‪ .‬وأضاف أن هؤالء المسؤولين ربما‬
‫يتضمنون الرئيس األميركي‪ ،‬لكنه نفى أي معرفة مؤكدة له بهذا األمر‪ .‬وأجاب صدام بأنه ليست لديه أي‬
‫تحفظات إذا ما جرى "إشراك" آخرين في هذه العملية وأنه "ال يمانع" نشر المعلومات‪ .‬لدى توجيه سؤال إليه‬
‫حول ما إذا كان لجأ قط لالستعانة بـ"بدالء" أو من يشبهونه حسبما جرت اإلشارة كثيرًا في عدد من الكتب‬
‫وإصدارات أخرى‪ ،‬ضحك صدام وأعلن أن "هذا يالءم أفالم الخيال‪ ،‬وليس الواقع"‪ .‬وأضاف أنه من العسير‬
‫للغاية على أي شخص تقمص شخصية فرد آخر‪ .‬وفي رده على سؤال حول ما إذا كان آخرون في الحكومة‬
‫العراقية‪ ،‬بما في ذلك نجله عدي‪ ،‬استعانوا بـ"بدالء" حسبما وصف كتاب ألفه رجل عراقي‪ ،‬نفى صدام صحة‬
‫أي معلومات تتعلق بمثل تلك التقارير‪ .‬وقال‪" :‬أعتقد أن أبنائي ما كانوا ليفعلوا ذلك"‪ ،‬مستطردًا بأنهم ربما فكروا‬
‫في إتباع هذا التكتيك خالل الحرب‪ ،‬لكن ليس في أوقات السلم‪ .‬وشدد على أنه لم ير قط "بدالء" ألي من نجليه‪،‬‬
‫سواء خالل الحرب أو السلم‪ .‬وقال صدام بنبرة خطابية‪" :‬ال تحسبوا أنني أشعر بالضيق عندما تذكرون ولداي‪.‬‬
‫ال أزال أفكر بهما وأنهما استشهدا‪ .‬إنهما سيشكالن قدوة لجميع األفراد بشتى أرجاء العالم"‪ .‬وذكر أن نجليه‬
‫قاتال في الحرب ضد إيران في الثمانينيات‪ ،‬قبل أن "يبلغا السن المعتادة"‪ .‬وأضاف أنهما وفرد آخر يعتبرون‬
‫األشخاص الوحيدين الذين يعلم صدام أنهم حاربوا رغم كونهم "قصر"‪ .‬أثناء الحرب اإليرانية ـ العراقية‪ ،‬في‬
‫معركة تحرير شبه جزيرة الفاو عام ‪ ،1987‬خاض صدام وجميع أقاربه المباشرين من الذكور القتال‪ .‬وكانت‬
‫تلك معركة مهمة وحاسمة‪ ،‬وهو أمر أذاعه صدام بين كافة العراقيين‪ .‬وأعلن صدام‪" :‬عندما أؤمن بالمبادئ‪،‬‬
‫أؤمن بها على نحو كامل‪ ،‬وليس جزئيا‪ ،‬وال تدريجيا‪ ،‬وإنما بصورة تامة"‪ .‬وأضاف أن اهلل خلقنا‪ ،‬وهو وحده من‬
‫يقرر متى يقبض أرواحنا"‪ .‬وأنهى صدام هذا الجزء من المقابلة بالقول‪" :‬إذا ما قررتم نشر كتاب‪ ،‬احرصوا على‬
‫كتابته باللغتين اإلنجليزية والعربية"‪ .‬وعند العودة مجددًا لمسألة ما إذا كان استعان بـ"بدالء"‪ ،‬أجاب صدام‪" :‬ال‪،‬‬
‫بالطبع لم يحدث"‪ .‬ثم تحولت المقابلة لمناقشة آراء صدام إزاء األمم المتحدة خالل التسعينيات‪ ،‬بدءا بقرار األمم‬
‫المتحدة رقم ‪ .687‬وذكر المحقق أن قرار األمم المتحدة رقم ‪ 687‬دعا العراق‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬إلى‬

‫‪15‬‬
‫إعالن امتالكه أسلحة كيماوية وبيولوجية‪ ،‬حال وجودها لديه‪ ،‬وتدميرها‪ ،‬والموافقة على عدم بذل أي محاوالت‬
‫أخرى لتصنيع أو الحصول على مثل هذه النوعية من األسلحة‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬دعا القرار العراق إلعادة‬
‫التأكيد على التزامه بمعاهدة حظر االنتشار النووي‪ .‬كما تضمن القرار رقم ‪ 687‬خطوات تفصيلية يتعين على‬
‫العراق اتخاذها من أجل ضمان رفع العقوبات التي تفرضها األمم المتحدة ضد البالد‪ .‬بصورة محددة‪ ،‬سأل‬
‫المحقق عن قرارات صدام والمنطق الذي اعتمدت عليه فيما يتعلق بقرار األمم المتحدة رقم ‪ .687‬من ناحيته‪،‬‬
‫أكد صدام أن قرار األمم المتحد رقم ‪ ،661‬وليس ‪ ،687‬هو أول قرار تصدره المنظمة في التسعينيات بشأن‬
‫العراق والذي أسفر في نهاية األمر عن خلق توترات واندالع الحرب األخيرة مع الواليات المتحدة‪ .‬في المقابل‪،‬‬
‫أكد المحقق معرفته بهذا القرار‪ ،‬لكنه استطرد بأن قرار األمم المتحدة رقم ‪ 687‬سيشكل نقطة البداية لتلك‬
‫المناقشة‪ .‬من جهته‪ ،‬اعترف صدام بأن العراق قبل القرار رقم ‪ .687‬ومضى في اعترافاته قائالً إن العراق‬
‫اقترف خطأ بتدميره بعض األسلحة دون إشراف األمم المتحدة‪ .‬وفي سؤال له حول ما إذا كان العراق أخطأ فيما‬
‫يتعلق بإخفاقه في الكشف على نحو كامل عن المعلومات المتاحة لديه‪ ،‬منذ بداية العملية وعلى امتدادها‪ ،‬رد‬
‫صدام بأن "هذا سؤال جيد للغاية"‪ .‬وأعرب عن اعتقاده بأن قرار األمم المتحد رقم ‪ 687‬لم تتم كتابته وفقًا‬
‫"ألسلوب األمم المتحدة"‪ .‬صدر القرار في أعقاب القرار رقم ‪ ،661‬الصادر قبل حرب الخليج األولى‪ ،‬ومثلما‬
‫الحال مع القرار رقم ‪ ،661‬القى تأييدًا من الواليات المتحدة‪ .‬وأعلن صدام أن‪" :‬الواليات المتحدة بدأت القضية‬
‫وتبعها آخرون‪ .‬وتمت الموافقة على القرار ‪ 661‬من جانب جميع األطراف‪ ،‬بينما لم يحدث ذلك مع القرار‬
‫‪ ."687‬بعد اندالع حرب الخليج األولى‪ ،‬طلب الرئيس األميركي في نهاية األمر عقد اجتماع على ظهر سفينة‬
‫في الخليج‪ ،‬على غرار ما حدث بين الواليات المتحدة واليابان‪ ،‬وذلك من أجل مناقشة التوصل التفاق لوقف‬
‫إطالق النار‪ .‬إال أن العراق رفض هذا االجتماع‪ .‬في النهاية‪ ،‬التقى مسؤولون عراقيون بقادة دول أخرى عند‬
‫نقطة "على الحدود"‪ .‬ووافق العراق على وقف إطالق النار وسحب جيوشه‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬تم تمرير القرار رقم‬
‫‪ .687‬وشدد صدام على أن قرار األمم المتحد رقم ‪ 687‬تمت الموافقة عليه تحت إصرار من جانب الواليات‬
‫المتحدة‪ .‬وطبقًا لما قاله صدام‪ ،‬فإنه‪" :‬لم يوجد مثل هذا القرار" من قبل في تاريخ األمم المتحدة‪ .‬عندما بدأت‬
‫حرب الخليج األولى‪ ،‬كانت القوات العسكرية العراقية "بعيدة عن الحدود"‪ .‬وكان هناك من يرغبون في‬
‫"اغتصاب" العراق خالل الحرب‪ ،‬لعجزهم عن القيام بذلك في السلم‪ .‬وبعثت الحكومة العراقية بخطابات إلى األمم‬
‫المتحدة أكدت خاللها على التزامها بالقرار رقم ‪ .687‬ومع أن العراق لم يوافق على القرار‪ ،‬فإنه وافق على‬
‫تنفيذه رغبة منه في "عدم تعرض الشعب لألذى"‪ .‬من وجهة نظر صدام‪ ،‬رغب مفتشو األمم المتحدة في تكبيد‬
‫العراق كافة نفاقاتهم‪ ،‬بما في ذلك مصاريف اإلقامة والتنقل‪ ،‬والتكاليف األخرى‪ .‬وبدالً من انتظار وصول‬
‫المفتشين وتحمل نفقاتهم‪ ،‬شرع العراق في تدمير األسلحة‪ .‬لم يخف العراق تلك األسلحة‪ .‬وطلب مفتشو األمم‬
‫المتحدة في وقت الحق وثائق تثبت تدمير األسلحة وزاروا العديد من األماكن لجمع عينات لدراستها‪ .‬وأعلن‬
‫صدام أنه‪" :‬إذا كان من المفترض أننا أخطأنا في النسبة المئوية لألسلحة التي أعلنا تدميرها‪ ،‬إذًا كم عدد‬
‫األخطاء التي ارتكبتها الواليات المتحدة طبقًا لقرار األمم المتحدة رقم ‪ ".687‬وتتضمن هذه "األخطاء" احتالل‬
‫العراق‪ ،‬وفرض "مناطق الحظر الجوي" على شمال وجنوب العراق‪ ،‬وقصف العراق خالل الفترة ما بين حرب‬
‫الخليج األولى حتى الحرب األخيرة‪ .‬وتساءل صدام عن السبب حول تطبيق األمم المتحدة لقرار األمم المتحدة‬
‫رقم ‪ 687‬بمثل هذا األسلوب القاسي ضد العراق‪ ،‬بينما لم يتم فرض قرارات أخرى لألمم المتحدة‪ ،‬بما فيها‬
‫القرارات الصادرة ضد إسرائيل‪ .‬واختتم صدام هذا الجزء من المناقشة بقوله‪" :‬إذا ما استعنا ببروفسير من‬
‫جامعة داخل الواليات المتحدة إلى العراق‪ ،‬سيتفق مع مالحظاتي فيما يخص قرار األمم المتحدة رقم ‪،687‬‬
‫باستثناء قضية سيادة دولة أخرى (الكويت)‪ ".‬في إطار حوار مطول مع المحقق فيما يخص قرار األمم المتحدة‬
‫رقم ‪ ،687‬أصدر صدام العديد من التعليقات‪ ،‬حيث اعترف بأن القرار رقم ‪ 687‬تم تمريره بالفعل ووافق‬
‫العراق على "التعامل معه"‪ .‬وفيما يخص تدمير األسلحة‪ ،‬أعلن صدام‪" :‬لقد دمرناها‪ .‬وأخبرناكم ذلك بالوثائق‪.‬‬
‫هذا كل ما في األمر"‪ .‬ولدى سؤاله حول القيود التي فرضها العراق على األماكن التي زارها مفتشو األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬أجاب صدام‪" :‬أية أماكن؟" وأخبر المحقق صدام بأن المفتشين زاروا العديد من األماكن‪ ،‬بينها وزارة‬
‫الزراعة‪ .‬وأجاب صدام‪" :‬واهلل‪ ،‬لو كانت لدي مثل هذه األسلحة‪ ،‬كنت استخدمتها في القتال ضد الواليات‬
‫المتحدة"‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬أوضح المحقق أن غالبية األفراد المتهمين من األبرياء يوافقون على إجراء تفحص‬

‫‪16‬‬
‫كامل وتام لتفاصيل االتهامات الموجهة إليهم‪ .‬وبمجرد تبرئة ساحتهم‪ ،‬يحق للطرف المتهم الحقًا تقديم أدلة‬
‫تثبت تعرضه ألي سوء معاملة خالل التحقيق‪ .‬هنا‪ ،‬أعلن صدام‪" :‬هذا ليس استجوابًا‪ ،‬إنه حوار"‪ .‬أعرب صدام‬
‫عن اعتقاده بأن الواليات المتحدة استخدمت أسلحة محظورة في فيتنام‪ .‬وتساءل حول ما إذا كانت واشنطن تقبل‬
‫قيام العراقيين بتفتيش البيت األبيض بحثًا عن مثل هذه األسلحة‪ .‬وأكد صدام أنه من غير المحتمل أن تثمر مثل‬
‫إجراءات التفتيش تلك عن أي نتيجة‪ .‬وأضاف‪" :‬إن الدولة التي تقبل تعرضها لالنتهاك تجلب العار لشعبها"‪.‬‬
‫واستطرد موضحًا أن التفاوض السبيل الطبيعي لتسوية أي خالفات‪ ،‬خاصة بين الدول‪ ،‬مضيفًا أن التفاوض هو‬
‫"سبيل األمم المتحدة"‪ .‬وعندما تم التأكيد أمام صدام على أن المجتمع الدولي اتفق في الرأي على أن العراق لم‬
‫يلتزم بقرار األمم المتحدة رقم ‪ ،687‬أجاب بأن العراق يرى بأن هناك خطأً ما في "األسلوب الدولي"‪ .‬وقال إن‬
‫الواليات المتحدة أقنعت العالم بموقفها تجاه العراق‪ .‬وفيما يخص إجراء مزيد من المناقشة‪ ،‬علق صدام بقوله‪:‬‬
‫"يجب أن أعد إجابة في ذهني‪ ،‬كي ال تخرج مشتتة‪ .‬دعونا نترك الماضي‪ ،‬ليس لكوننا اتفقنا‪ ،‬وإنما لنحقق‬
‫االستفادة القصوى من وقتنا الحاضر"‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬علق صدام بالقول إنه خالل حربها األخيرة‪ ،‬لم يكن‬
‫للواليات المتحدة سوى حليف واحد‪ ،‬بريطانيا‪ .‬أما كافة الدول الكبرى األخرى‪ ،‬بما فيها فرنسا والصين وروسيا‬
‫وألمانيا‪ ،‬فقد عارضت الحرب‪ .‬وادعى أن الواليات المتحدة كانت "تبحث عن ذريعة للقيام بأمر ما"‪ .‬اآلن‪ ،‬دخلت‬
‫الواليات المتحدة إلى هنا ولم تعثر على أي أسلحة دمار شامل‪ .‬وأوضح صدام للمحقق أن القرارات اتخذتها‬
‫القيادة العراقية‪ ،‬وليس هو فحسب‪ .‬وأضاف أن القادة العراقيين اتخذوا قرارات جاءت بمثابة "انفراجة" بالنسبة‬
‫للواليات المتحدة وسببًا لشن الحرب األخيرة‪ .‬وأشار صدام إلى أنه‪ ،‬في بعض األحيان‪ ،‬كان ينصح الناس يسوع‬
‫ـ وتعاليمهم ومبادئهم كي ينجوا‬ ‫المسيح ومحمد وموسى وداوود وجميع األنبياء اآلخرين بالتخلي عن معتقداتهم‬
‫بأرواحهم‪ .‬وأعلن أنه‪" :‬إذا ما تخلى رجل عن مبادئه‪ ،‬تصبح حياته بال أدنى قيمة‪ .‬فيما يتعلق باألنبياء‪ ،‬فإنهم‬
‫حال قيامهم بذلك‪ ،‬كانوا سيتجاهلون أوامر اهلل"‪ .‬واستطرد صدام موضحًا أنه "إذا ما تخلى العراق عن مبادئه‪،‬‬
‫كنا سنصبح بال أدنى قيمة"‪ .‬وقال صدام إنه انتخب من جانب الشعب‪ ،‬ولم "تفرضه دولة أخرى أو شركات"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬كان لزامًا عليه االلتزام بمبادئ الشعب‪ .‬في حديثه مع صدام‪ ،‬شدد المحقق على أن تصرفات العراق أدت‬
‫إلى فرض عقوبات من األمم المتحدة ضده‪ .‬وأوضح أن تصرفات القيادة العراقية‪ ،‬وفي بعض الحاالت فشلها في‬
‫التحرك على الوجه المناسب‪،‬أجبرت األمم المتحدة على االستمرار في فرض العقوبات‪ .‬وأجاب صدام‪" :‬هذا‬
‫رأيك الخاص"‪ ،‬مستطردًا بأنه من العسير التخلي عن "جنسيتك وبالدك وتقاليدك"‪ .‬وأوضح صدام أن المحقق‬
‫وغيره من األميركيين ربما يفكرون بصورة مختلفة بخصوص قضية العراق‪ .‬وقال صدام‪" :‬لو كانت لدي الرغبة‬
‫في العمل كسياسي‪ ،‬لكنت فعلت ذلك‪ .‬لكنني ال أحب السياسيين وال السياسة"‪ .‬وعندما تم لفت انتباه صدام بأن‬
‫البعض يعتقدون أنه مارس مناورات سياسية في تعامله مع األمم المتحدة‪ ،‬أجاب صدام قائالً‪" :‬لقد التزمنا تمامًا‬
‫بكافة قرارات األمم المتحدة"‪ .‬وأضاف أنه ينبغي توجيه اللوم إلى الواليات المتحدة‪ ،‬وليس األمم المتحدة‪.‬‬
‫وأعلن‪" :‬إننا من بين الفرسان القالئل الباقين"‪.‬‬

‫لدى دراسة مسألة من يتحمل اللوم‪ ،‬أوضح المحقق أنه يجب أن ينظر المرء أوالً في جذور الخالف بين العراق‬
‫والعالم‪ ،‬وغزو الكويت‪ .‬ورد صدام بالقول‪" :‬وضعت أميركا خطة مع الكويت لمهاجمة العراق‪ .‬لدينا نسخة من‬
‫الخطة تحت أيدينا‪ .‬لو كنت أملك األسلحة (المحظورة)‪ ،‬هل كنت سأدع القوات األميركية تبقى في الكويت دون‬
‫أن أهاجمها؟ أتمنى لو أن الواليات المتحدة لم يكن بنيتها مهاجمة العراق"‪ .‬عندما سئل حول ما إذا كان الغزو‬
‫العراقي للكويت‪ ،‬الذي أسفر عن الحرب مع الواليات المتحدة‪ ،‬عجل بفرض العقوبات ضد العراق‪ ،‬تساءل صدام‪:‬‬
‫"أسألك كأميركي‪ ،‬متى أوقفت الواليات المتحدة شحنات الحبوب المتجهة إلى العراق؟ عام ‪ .1989‬ومتى‬
‫اتصلت الواليات المتحدة بالدول األوروبية لفرض حظر على بيع معدات تقنية إلى العراق؟ عام ‪ .1989‬كانت‬
‫الواليات المتحدة تخطط لتدمير العراق‪ ،‬وهو عزم دفعته الحركة الصهيونية ونفوذها في االنتخابات داخل‬
‫ـ األميركية بدول على مقربة من العراق‪ ،‬خاصة إسرائيل‪ ،‬التي‬ ‫الواليات المتحدة"‪ .‬كما تأثرت هذه "الخطة"‬
‫اعتبرت العراق مصدر تهديد عسكري خطير في أعقاب الحرب اإليرانية ـ العراقية‪ .‬وأعلن صدام‪" :‬لدي إيمان‬
‫قوي بصحة هذا األمر"‪ .‬فيما يتعلق بالكويت والحرب‪ ،‬قال صدام‪" :‬من الصعب تجنب شخص مسلح يقف خارج‬
‫منزلك إال إذا خرجت وأطلقت النار عليه"‪ .‬ولكون العراق دولة صغيرة‪ ،‬كان من الصعب صد الواليات المتحدة‬

‫‪17‬‬
‫بغض النظر عن الخطوات التي يتم اتخاذها‪ .‬على امتداد الفترة التي انتهت بالحرب األخيرة‪ ،‬قدمت الواليات‬
‫المتحدة للعالم الكثير من "التاريخ" فيما يخص العراق‪ .‬وأكد صدام أنه "من الصعب بالنسبة لي‪ ،‬أو أي شخص‬
‫شريف‪ ،‬عدم بذل محاولة لمنع دخول الواليات المتحدة العراق"‪ .‬بالنسبة لملحوظاته الشخصية بعيدًا عن كونه‬
‫رئيس العراق‪ ،‬قال صدام‪" :‬ليس هناك ما اعتبره أمر شخصي‪ .‬ال يمكنني نسيان منصبي كرئيس‪ .‬هذا ما أعلمه‬
‫وعلى قناعة به‪ .‬وعليه‪ ،‬من الصعب طرح إجابة من وجهة نظر شخصية‪ .‬ال يمكنني إغفال دوري ومبادئي‬
‫لثانية واحدة‪ ،‬ونسيان ما كنت عليه"‪ .‬في نهاية المقابلة‪ ،‬سئل صدام مجددًا حول تحركاته بعد بداية الحرب في‬
‫مارس (آذار) ‪ .2003‬أجاب صدام أنه لم يكن في منطقة الدورة في بغداد في ‪ 19‬مارس (آذار) ‪ 2003‬عندما‬
‫تعرض للقصف من جانب قوات التحالف‪ .‬واستطرد موضحًا بأنه لم يكن بالحي خالل األيام العشر السابقة لذلك‬
‫الهجوم أو في أي وقت على مدار الحرب‪ .‬وأعرب عن اعتقاده بأن قوات التحالف استهدفت هذا الموقع بناءً‬
‫على اعتقاد خاطئ بأنه موجود به‪ .‬بالنسبة ألسلوب تحركاته قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) ‪،2003‬‬
‫أوضح صدام أن النجاح في نقل األفراد أو المعدات وقت الحرب يتطلب معرفة بقدرات العدو وكذلك "قدراتنا"‪.‬‬
‫وأشار إلى أن مرافقيه المقربين كانوا يوجهونه لـ"االنتقال هذا االتجاه أو ذاك"‪ .‬وفي سؤاله حول ما إذا كان‬
‫اعتاد االنتقال في سيارة سوداء طراز مرسيدس قبل الحرب‪ ،‬قال‪" :‬ربما‪ .‬كانت لدينا مرسيدس من جميع‬
‫ـ على ذلك للتاريخ"‪.‬‬
‫األلوان"‪ .‬وفي سؤال حول ما إذا كان اعتاد التنقل في موكب طويل‪ ،‬أجاب‪" :‬سأترك الحكم‬

‫‪-----------------------‬‬

‫* صدام عن انقالب يوليو ‪ :1968‬طارق عزيز رفيق قديم يحظى باالحترام لكنه لم يكن أحد الثوار‬

‫* قال إن الدوري ورمضان كانا منخرطين في الثورة منذ البداية وتصارعا فيما بينهما‬

‫* محضر جلسة االستجواب الخامسة ‪ 15‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬

‫* قبل طرح أية أسئلة‪ ،‬أفاد صدام بأنه يرغب في طرح سؤال‪ .‬وبعد ذلك سأل عن أي نوع من التغييرات حدث‬
‫في العالم‪ ،‬على سبيل المثال ما يحدث في الصين وروسيا وفي السياسات الدولية‪ .‬فقال المحقق إنه لم تحدث‬
‫تغييرات كبيرة‪ ،‬وأن هناك جهودا إلعادة بناء العراق وأن ذلك يتضمن دعما من كل من روسيا والصين وأن‬
‫األمور تسير بصورة سريعة‪ .‬وبعد ذلك أفاد صدام بأنه منذ أن كان في السجن لمدة شهر أو اثنين‪ ،‬لم تكن لديه‬
‫صورة عما يحدث‪ .‬وأشار إلى أنه كان ينوي طرح هذا السؤال على المحقق قبل يومين‪ .‬ثم تحدث صدام عن‬
‫أحد األفالم التي شاهدها التي تقوم على رواية «قصة مدينتين» التي قرأها منذ وقت طويل حيث كانت هذه‬
‫الرواية تتناول سجن أحد البريطانيين في سجن فرنسي ولم يكن على دراية بما يحدث في العالم الخارجي‪.‬‬
‫وحسبما أفاد صدام‪ ،‬فقد كان مؤلف هذه القصة ناقدا للسلطات الفرنسية بسبب هذه المعاملة‪ .‬وأشار صدام إلى‬
‫أنه لم يتغير شيء منذ ذلك الوقت‪ .‬وقد أجاب المحقق بأنه «عبر الوقت‪ ،‬تغيرت بعض األشياء‪ ،‬ولم تتغير أشياء‬
‫أخرى»‪.‬‬

‫ثم أخبر المحقق صدام بأن جلسة اليوم سوف تكون حوارا حول استيالء حزب البعث على السلطة في عام‬
‫‪ ،1968‬وعلى وجه الخصوص سيكون الحوار حول محاولة التفريق بين ما هو واقعي وما هو خيالي‪ .‬وقد‬
‫أجاب صدام بأنه في واقع األمر‪ ،‬كان العراق في عام ‪ 1968‬يعيش بصورة بدائية ولم يستطع التقدم بصورة‬

‫‪18‬‬
‫ـ الثاني كان يدور‬
‫جادة إال من خالل مفهومين‪ .‬أولهما إدراك أن هذا البلد له حضارة تاريخية قديمة‪ .‬والمفهوم‬
‫حول أن العراق استطاع التعلم من خالل تجربة األساليب التي تتبعها بقية دول العالم‪ .‬وطبقا لذلك‪ ،‬فقد سافر‬
‫ـ أن القاهرة‬‫ـ بغيرهم من مواطني هذه الدول‪ ،‬فقد اكتشفوا‬ ‫صدام وغيره إلى بالد عربية أخرى‪ .‬وبمقارنة أنفسهم‬
‫ودمشق كانتا متقدمتين كثيرا على بغداد‪ .‬وكان لدى صدام العديد من األصدقاء الذين سافروا إلى دمشق وكانوا‬
‫يعتقدون أن العراق يمكن أن يصل إلى المستوى الذي وصلت إليه دمشق من التقدم‪ ،‬لكنهم لم يتصوروا أن يصل‬
‫إلى مستوى التقدم في القاهرة‪ .‬وكانت القدرة الصناعية العراقية في ذلك الوقت مقصورة على صناعة البطاطين‬
‫وتشغيل مصنع لقصب السكر في كربالء الذي كان يحتاج إلى استيراد المواد التي يعمل بها‪ .‬وبغض النظر عن‬
‫هذين المجالين‪ ،‬كانت هناك محاوالت قليلة بسيطة للصناعة في مجاالت أخرى‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد كان لدى العراق‬
‫الدافع والحماس للتطور‪ .‬وقد نجم عن المحاوالت األولى بعض األخطاء‪ ،‬ولكن تم تداركها وعالجها‪ .‬ومع‬
‫مسيرة التقدم‪ ،‬استمر إرسال األفراد إلى البالد المجاورة لكسب الخبرات‪ .‬وكان من الدول التي زارها صدام‬
‫وغيره‪ :‬االتحاد السوفياتي وفرنسا وإسبانيا وإيران وتركيا وكافة الدول العربية‪ .‬ومن بين جميع هذه الدول‪،‬‬
‫كان صدام يعتقد أن االتحاد السوفياتي كان األقرب إلى العراق فيما يتعلق بالنواحي االجتماعية للشعب‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬لم يكن ذلك يعني أن صدام كان يأخذ أحد الجانبين الشرقي أو الغربي‪ .‬وقد أفاد صدام بأنه في الوقت الذي‬
‫كان ينظر فيه إلى األساليب التي يعيش بها اآلخرون إال أننا «ال ننسى أننا عرب وعراقيون وأن للعراقيين‬
‫أسلوبهم الخاص بهم الذي يربط بينهم وبين العرب اآلخرين»‪ .‬وأضاف صدام‪« :‬بالنظر إلى سعينا نحو التطور‪،‬‬
‫فإننا حاولنا ذلك في كافة المجاالت بما في ذلك المجاالت السياسية واالقتصادية والتقنية والصناعية»‪.‬‬

‫وفي ما يتعلق باستيالء حزب البعث على السلطة أفاد صدام بأنهم حصلوا على المساعدة من أفراد الجيش الذين‬
‫كانوا أعضاء في الحزب‪ .‬كما أفاد أيضا بأن العقيد إبراهيم عبد الرحمن داود والعقيد عبد الرزاق نايف اللذين لم‬
‫يكونا عضوين في حزب البعث‪ ،‬لم يلعبا دورا هاما في السماح باالستيالء على السلطة دون مقاومة أو إراقة‬
‫دماء‪ .‬وأفاد صدام بأن قرار عدم إراقة الدماء تم بناء على طلبه‪ ،‬حيث كان يعتقد أنه «علينا أن ننسى الماضي‬
‫وأال نريق المزيد من الدماء»‪ .‬وقد قال إن هذا الموضوع قد تمت مناقشته في اجتماع داخل منزل وزير الصحة‬
‫الدكتور مصطفى‪ .‬وقد اختلف القليل من األعضاء مع صدام ال سيما أعضاء حزب البعث الذين تم تعذيبهم من‬
‫قبل النظام السابق وكانوا يرغبون في الثأر‪ .‬وقد ثار حوار قال فيه صدام إنه قد تم تعذيبه هو أيضا‪ .‬وفي نهاية‬
‫األمر‪ ،‬تم التوصل إلى اتفاق على أنه لن تكون هناك إراقة للدماء‪ .‬وكدليل على احترام ذلك القرار‪ ،‬أشار صدام‬
‫إلى أن البعثيين لم يؤذوا الرئيس عبد الرحمن عارف ولكنهم نفوه فقط‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬قال إن حزبه اتخاذ‬
‫قرارا بإطالق سراح المعتقلين من جميع األحزاب بمن فيهم القوميون والشيوعيون‪ .‬وفيما يتعلق بالعقيد داود‬
‫ـ كذلك‪ ،‬واالكتفاء بمجرد نفيهم‪ .‬وعندما تم سؤاله عن دور‬ ‫والعقيد نايف‪ ،‬فقد أشار صدام إلى اختيار عدم إيذائهم‬
‫العقيد داود في الجيش‪ ،‬قال صدام إن أبو هيثم (أحمد حسن البكر) هو الذي كان له صوت أقوى من داود الذي‬
‫لم يكون له صوت حقيقي‪ .‬وقال صدام إن قوات الحماية الرئاسية وهي الحرس الجمهوري كانت تتكون من‬
‫ـ أو االشتباك مع‬
‫ثالث فرق‪ :‬المدرعة والمشاة والقوات الخاصة‪ .‬وكانت مسؤولية العقيد داود عدم االصطدام‬
‫الفرقة المدرعة‪ .‬وكان ذلك هو دوره فقط‪ .‬وقال صدام‪« :‬كنا نسيطر على الفرقة المدرعة وقد قمت بقيادة دبابة‬
‫وأطلقت النار على القصر الرئاسي‪ .‬ومن الناحية العملية‪ ،‬فقد كان يمكننا القيام بذلك دون كل من داود ونايف»‪.‬‬

‫وأضاف صدام‪« :‬وصلتنا أخبار بعد الظهر قبل الهجوم بأن نايف كان يرغب في االنضمام إلى الثورة‪ .‬ويبدو أن‬
‫داود أخبره عن خططنا على الرغم من أننا طلبنا من داود الحفاظ على سرية خططنا‪ .‬وفي أولى مراحل الثورة‪،‬‬
‫اكتشفنا أن نايف وداود كانا يخططان فيما بينهما وأنهما كانا على اتصال بمسؤولين آخرين خارج خط اتصالنا‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬فقد عزلناهما يوم ‪ 31‬يوليو (تموز)‪ .‬وقد كنت أنا من تولى هذه العملية»‪.‬‬

‫وحسبما يقول صدام‪ ،‬فقد تم إرسال داود إلى األردن في مهمة عسكرية‪ .‬وأضاف صدام بقوله‪« :‬كان من الممكن‬
‫أن نقتله في أي وقت‪ .‬وذهبت إلى نايف بمسدس‪ ،‬ولم يكن لدي سالح آلي‪ .‬وبمسدس واحد أخذت كل األسلحة‬

‫‪19‬‬
‫التي كانت مع نايف وحراسه»‪ .‬وقد كان داود يقوم بعمل عسكري في األردن‪ ،‬فأرسل صدام أعضاء في حزب‬
‫البعث للقبض عليه وإحضاره إلى بغداد‪ ،‬ويقول صدام إن داود ونايف «كانا مثل السكين في ظهرنا»‪.‬‬

‫وعلى خالف ما كان شائعا بخصوص القبض على نايف‪ ،‬أفاد صدام بأنه لم تتم دعوة نايف إلى الغداء في القصر‬
‫الرئاسي الخاص بالرئيس‪ .‬وأفاد صدام بقوله‪« :‬كنا نتناول الغداء في القصر الرئاسي كل يوم أثناء الثالثة عشر‬
‫يوما األولى بعد الثورة ألنه كان علينا أن نقوم باتخاذ القرارات‪ .‬وقد كنا دائما موجودين في القصر مثلما كانت‬
‫الحال مع الرئيس البكر‪ .‬وكان آخرون يحضرون عندما يتم إعداد الوجبات‪ .‬وعندما وصل نايف‪ ،‬قمت بسحب‬
‫مسدس وصوبته عليه‪ .‬وصوب هو مسدسه كذلك‪ .‬وكان األمر أشبه بما يحدث في األفالم‪ .‬وقد وضعت أخي‬
‫غير الشقيق برزان إبراهيم حسن في الغرفة لحراسة نايف‪ .‬وعندما قبضت على نايف‪ ،‬قال «إن لدي أربعة‬
‫أطفال‪ .‬فقلت له إنني سوف أهتم بأمر أطفالك‪ .‬وطلبت منه أن يجلس‪ ،‬وسألته إن كان يرغب في أن يعمل‬
‫كسفير»‪ .‬وفي أول األمر قال نايف إنه يرغب في أن يذهب إلى لبنان‪ .‬وألن حسين كان يعتبر لبنان مكانا يتم فيه‬
‫إعداد المؤامرات‪ ،‬فإنه طلب من نايف أن يختار مكانا آخر‪ .‬فطلب نايف أن يذهب إلى الجزائر‪ ،‬لكن صدام رفض‬
‫طلبه ألن الجزائر كانت لديها ثورة أيضا‪ .‬فطلب نايف أن يذهب إلى المغرب‪ ،‬فوافق صدام‪ .‬وأخذ صدام نايف‬
‫إلى المطار في سيارة وجلس إلى جواره‪ .‬وكان هناك أعضاء آخرون في حزب البعث داخل السيارة‪ .‬وقال صدام‬
‫لنايف‪« :‬عندما أعد بشيء فإنني أوفي به‪ .‬وقد وعدنا بأال يحدث شيء للرئيس عارف ولم يحدث شيء‪.‬‬
‫فالرفاق يعلمون أنني وفيّ بكلمتي»‪ .‬وأضاف صدام أنه «سوف يكون في مكان آمن لن يؤذيه فيه أحد‪ ،‬ولكن‬
‫عليه أن يبدي الطاعة»‪.‬‬

‫كان صدام يضحك وهو يسرد قصة نايف وكان يرغب في إخبار المحقق بالمزيد من التفاصيل‪ .‬وتذكر أنه أخبر‬
‫نايف بقوله‪« :‬عندما يحييك الحراس فعليك أن تحييهم أيضا‪ .‬وإذا حاولت أن تفكر في القيام بأي شيء‪ ،‬فتذكر‬
‫أنني إلى جانبك‪ .‬وعندما تذهب كسفير‪ ،‬فعليك أن تتصرف كسفير‪ .‬وسوف نراقبك ونرى إن كنت تقوم بالتخطيط‬
‫لشيء أم ال»‪ .‬وتذكر صدام أنه في الوقت الذي كان يغادر فيه نايف‪ ،‬فشلوا (أعضاء حزب البعث الجديد) في‬
‫طلب تصريح من المسؤولين في المغرب بأن يكون نايف سفيرا هناك‪ .‬وفي هذا الوقت‪ ،‬كان صدام وطالب‬
‫الثورة من الشباب ال يعرفون شيئا عن مثل هذه األشياء‪ .‬ومع صعود نايف إلى الطائرة التي تقله إلى المغرب‬
‫في معسكر الرشيد (المطار العسكري) أرجع صدام مسدس نايف إليه‪ .‬وكان صدام يصف المشهد وكأنه «فيلم‬
‫سينمائي تماما»‪.‬‬

‫وقد تم توجيه سؤال إلى صدام مفاده أنه إذا كان نايف يمثل تهديدا محتمال لحزب البعث‪ ،‬فلماذا تم تعيينه سفيرا‪.‬‬
‫فكرر صدام قوله إنه لم يكن يريد المزيد من إراقة الدماء‪ .‬وقال إنه أثناء انقالب عام ‪ 1959‬تم ربط أعضاء‬
‫حزب البعث إلى سيارات وتم سحبهم في الشوارع حتى الموت‪ .‬كما تم إعدام العذارى على أعمدة اإلضاءة‪.‬‬
‫وكان القتل يحدث في الشوارع‪ .‬وعندما استولى حزب البعث على السلطة عام ‪ ،1963‬كان يتم إعدام‬
‫األشخاص بسبب الرغبة في الثأر‪ .‬وكان صدام يكرر القول بأن رأيه في ذلك الوقت هو أنهم في حاجة إلى‬
‫نسيان الماضي وعدم األخذ بالثأر‪ .‬وقال صدام‪« :‬كجزء من هذا التفكير‪ ،‬بدأنا بالقبض على داود ونايف واستمر‬
‫ذلك‪ .‬وكان داود يرغب في أن يكون سفيرا في المملكة العربية السعودية‪ ،‬فأرسلناه إلى هناك»‪.‬‬

‫وفي بداية الستينات‪ ،‬كان هناك الكثير من العنف تجاه البعثيين من قبل الشيوعيين‪ .‬واستمر صدام في قوله إنه‬
‫عندما سيطر البعثيون على مقاليد األمور لم يأخذوا بثأرهم من الشيوعيين أو غيرهم‪ ،‬أو على األقل لم يفعلوا‬
‫مثلما فعل بهم‪ .‬وقال إنهم أخذوا الشيوعيين إلى المحاكم وأنه تم إعدام البعض (كانوا خمسة أو ستة أعضاء من‬
‫الشيوعيين)‪ .‬وقال صدام إنهم أطلقوا سراح الشيوعيين والناصريين واألكراد وأعضاء جماعة اإلخوان‬
‫المسلمين الذين تم اعتقالهم من قبل! وقال صدام إنه تم قتل نايف أمام باب منزله في لندن‪ ،‬وبعد ذلك تم إبعاد‬
‫‪ 13‬دبلوماسيا عراقيا خارج البالد‪ .‬وعندما قيل لصدام إن بعض األفراد يعتقدون أنه تم قتل نايف من قبل قوات‬
‫األمن العراقية‪ ،‬قال «إن اهلل قتل نايف‪ .‬فقد بدأ نايف في العمل ضد البالد‪ .‬لقد ذهب إلى إيران وقابل بارزاني في‬
‫شمال العراق‪ ،‬وحسب المعلومات التي توافرت لدينا‪ ،‬فقد قابل موشى ديان‪( ،‬وزير الدفاع اإلسرائيلي)‪ .‬وقد كان‬

‫‪20‬‬
‫ينظر إلى مثل هذه التصرفات على أنها تصرفات مشينة‪ .‬وبالنسبة لمن قتله‪ ،‬فإن ذلك أمر آخر‪ .‬فاهلل وحده هو‬
‫الذي يعلم»‪ .‬وعندما تم توجيه سؤال إلى صدام عما إذا كان يعلم من قتل نايف‪ ،‬قال «لقد قلت لك إن اهلل وحده‬
‫هو الذي يعلم»‪ .‬وعندما تم الضغط عليه أكثر ليجيب عن هذا السؤال‪ ،‬قال «لقد قلت لك بصورة واضحة تماما»‪.‬‬
‫وقال صدام فيما يتعلق بمصير داود «ربما يكون ما زال حيا‪ ،‬لكنه لم يكن خائنا‪ .‬فلم يتم تسجيل شيء ضده»‪.‬‬
‫وعندما سئل صدام عن تصرف الحكومة العراقية فيما يتعلق بنايف‪ ،‬قال صدام «لست متأكدا لكنني أعتقد أننا‬
‫حذرناه‪ .‬ال أتذكر»‪ .‬وبعد ذلك سئل صدام عما إذا كان قد ألقي القبض على نايف وسجنه ومعاقبته بدال من نفيه‪،‬‬
‫وأن بعض األشخاص يعتقدون أنه كانت هناك أوامر بقتله‪ .‬فأجاب صدام على ذلك بقوله‪« :‬ما يعتقده الناس‬
‫شيء آخر‪ ،‬لكنني أعطيتك إجابتي»‪.‬‬

‫أفاد صدام أنه بعد الثورة‪ ،‬تم التخلص من شخصيات هامة أخرى مثل صالح مهدي عماش وحردان التكريتي‪.‬‬
‫وعندما سئل إذا ما كان التخلص منهم بسبب أنه كان ينظر إليهم على أنهم تهديد لحزب البعث‪ ،‬أجاب صدام‬
‫بقوله إنه عندما نقارن بين االنقالب الذي حدث في العراق وغيره من االنقالبات التي تحدث في بقية أنحاء‬
‫العالم‪ ،‬فإننا سوف نجد أن عدد المسؤولين الذين تم التخلص منهم قليل جدا‪ .‬وأفاد صدام بأنه على الرغم من‬
‫أنه يمكن أن تتبدل المواقف‪ ،‬فإن العالقات ال تتبدل‪ .‬ومثال على ذلك‪ ،‬فإن ابنة عماش أصبحت عضوا في‬
‫القيادة‪ .‬وكان أخوه غير الشقيق برزان ثوريا وكان في الدبابة نفسها التي قادها صدام وأطلقت النار على‬
‫البوابة الرئيسية للقصر الجمهوري يوم ‪ 17‬يوليو (تموز)‪ .‬وقد تقلد عدة مناصب ولكنه لم يترق بعد ذلك‪ .‬وقد‬
‫أشار صدام إلى أن بعض الثوريين قد «فقدوا البنزين» في الوقت الذي استطاع فيه القليل منهم العمل لفترة‬
‫أطول‪ .‬وسئل صدام عن عزت إبراهيم الدوري وطارق عزيز‪ .‬ووصف صدام عزيز بأنه رفيق قديم‪ ،‬وأنه ينظر‬
‫إليه باحترام كبير في الحزب‪ ،‬لكنه لم يكن أحد الثوار‪ .‬وقال صدام «إنني أتحدث عن سبعين شخصا ذهبوا إلى‬
‫القصر الرئاسي»‪ .‬ووصف صدام عزت إبراهيم الدوري وطه ياسين رمضان بأنهما كانا منخرطين في الثورة‬
‫منذ البداية حتى اآلن‪ .‬وقال إنهما تصارعا فيما بينهما لكنهما ما زاال في القيادة إلى اليوم الحالي‪.‬‬

‫ثم تحدث صدام عن موضوع سعدون شاكر الذي يعتقد بأنه صديق العمر بالنسبة إليه‪ .‬وقد ساعد شاكر صدام‬
‫على الهرب من السجن‪ .‬وقال صدام «كان شاكر ينتظرني في السيارة عندما هربنا‪ .‬في الواقع‪ ،‬فإننا لم نهرب‪.‬‬
‫لقد كان لدينا اتفاق مع حراس آخرين»‪ .‬وأضاف صدام «كان شاكر هو الذي يقود السيارة‪ .‬إنه عزيز جدا إلى‬
‫قلبي‪ .‬وعندما لم يكن لديه ما يقدمه استمرت عالقتنا واستمر حبنا‪ .‬ولكن األشخاص الجيدين يذهبون في الوقت‬
‫المحتوم»‪.‬‬

‫وعندما سئل عن تعليقه فيما يتصل بأن بعض الثوريين قد فقدوا البنزين في الوقت الذي استطاع فيه القليل‬
‫منهم العمل لفترة أطول‪ ،‬أجاب صدام بأنه كان هناك نحو ‪ 6‬أو ‪ 7‬أفراد على هذا النحو‪ .‬وعندما أشير إلى أن‬
‫البعض قد يعتبر أن صدام «قد فقد البنزين» ضحك وقال «إنني ال أنزعج من األسئلة التي تتناول الحقيقة‪ .‬فأوال‬
‫أنا لم أكن في الحكومة منذ البداية‪ .‬فإذا كنت تتحدث عني كرئيس‪ ،‬فال أحد كان يقول إنني قد فقدت البنزين‪ .‬لقد‬
‫بدأت عام ‪ .1979‬وقبل ذلك‪ ،‬كان هناك شخص فوقي‪ .‬والشخصان داخل القيادة اللذان كان يمكنهما أن يقوال‬
‫لصدام إن الحزب لم يعد يستفيد منه‪ ،‬كانا حردان التكريتي وصالح عماش‪ .‬وفيما يتعلق بالوقت الذي كان فيه‬
‫صدام يقود الدبابة التي أطلقت النار على القصر‪ ،‬وقيادته لمجلس قيادة الثورة‪ ،‬سئل صدام عن أن «خدمتك‬
‫كانت إحدى أطول الخدمات‪ ،‬فهل هذا صدفة؟» فأجاب صدام «ربما يمكنهم قول ذلك‪ .‬لكن هذا الموضوع أعمق‬
‫من التفاصيل التي تقدمها‪ .‬فالقائد ال يصنعه أحد مصانع أوروبا‪ .‬لكن القيادة تتطور بالتدريج‪ .‬وكان ذلك هو ما‬
‫يحدث خلف الستار»‪ .‬وكان رأي صدام في ذلك الوقت هو أنه يجب أن يكون البكر هو الرئيس‪ .‬وأفاد صدام بأنه‬
‫تم انتخابه كنائب لرئيس الحزب قبل الثورة‪ .‬وقال صدام «إنني ال أحب الحكومة ولكني أحب أن أكون في‬
‫الحزب‪ .‬الحظ خطاباتي‪ .‬فأنا ال أقول الحكومة على اإلطالق ولكن أقول الحزب»‪.‬‬

‫وقال صدام إنه يعتبر نفسه رجال ثوريا وليس سياسيا‪ .‬ففي عامي ‪ 1968‬و‪ 1974‬طلب من الحزب السماح له‬
‫بالتخلي عن منصبه الرسمي‪ .‬لكن الحزب رفض طلبه‪ .‬وسئل صدام عن مقتل حردان التكريتي في الكويت وأن‬

‫‪21‬‬
‫الناس تلقي بالالئمة على قوات األمن العراقية في ذلك‪ .‬فقال صدام إنه لم يتم إرسال حردان إلى الكويت وأنه‬
‫كان يعتقد أنه تم تعيين حردان كسفير في مكان آخر ربما يكون إسبانيا‪ .‬وعلى أية حال‪ ،‬فقد أنكر صدام معرفة‬
‫السبب وراء مقتل حردان ولم يقر بأن قوات األمن هي التي قتلته‪ .‬وسئل صدام عن القادة العراقيين الذين قتلوا‬
‫في أماكن أخرى من العالم‪ .‬وسأله المحقق عما إذا كان هؤالء القادة يشكلون تهديدا أم أن ذلك القتل لم يكن‬
‫مبررا‪ ،‬وما إذا كان وراءه سبب ما‪ ،‬أم أنه يجد األمر غريبا؟ فأجاب صدام بقوله «يجب توجيه السؤال إلى‬
‫الكويتيين»‪.‬‬

‫* صدام‪ :‬البكر حكم حتى عام ‪ 1979‬لكنه لم يسمَّ ديكتاتورا وعندما حكمت أنا سميت ديكتاتورا‬

‫* قال إن غالبية أعضاء البعث عام ‪ 1963‬كانوا من الشيعة‪ ..‬وأمينه العام في ‪ 1964‬كان كرديا‬

‫* محضر جلسة االستجواب السادسة ‪ 16‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬

‫* في بداية التحقيق أحيط صدام حسين علما بأن جلسة اليوم ستكون استمرارا لمناقشات أمس بشأن السنوات‬
‫التي أعقبت ثورة ‪ ،1968‬واألعضاء البارزين في حزب البعث‪.‬‬

‫ذكر المحقق لصدام أنه أدرك أن محاولة االنقالب التي وقعت عام ‪ 1973‬نفذها ناظم كزار مساعد صدام‪ ،‬مدير‬
‫األمن العام لحزب البعث‪ ،‬وهو شيعي من مدينة العمارة‪ .‬وقال صدام في ذلك الوقت إنه لم يكن هناك تمييز بين‬
‫سني وشيعي أو مسيحي داخل الحزب‪ .‬وأشار‪ ،‬كمثال على ذلك‪ ،‬أنه لم يكن يعلم حتى وقت قريب أن أحد قادة‬
‫البعث‪ ،‬وهو طارق عزيز‪ ،‬كان مسيحيا‪ ،‬فقد كان الحزب ناجحا ألنه ارتبط بالشعب‪ ،‬ومن ثم لم تكن هناك تفرقة‬
‫بين أفراده على أساس الدين أو العرق‪.‬‬

‫وأشار صدام إلى أن قادة الحزب من السُنة في الفترة بين عامي ‪ 1958‬و‪ 1963‬كانوا قليلين جدا‪ ،‬وأن األمين‬
‫العام للحزب كان شيعيا من مدينة الناصرية‪ .‬وزعم صدام أنه عندما حاول اغتيال الرئيس عبد الكريم قاسم عام‬
‫‪ 1959‬لم يكن يعلم أي شيء عن السنة أو الشيعة‪ ،‬وأن غالبية أعضاء الحزب عام ‪ ،1963‬باستثناء فردين أو‬
‫ثالثة‪ ،‬كانوا من الشيعة‪ .‬في أعقاب الثورة بدأ الناس في التساؤل‪ ،‬أي األعضاء سني وأيهم شيعي‪ .‬حينئذ كان‬
‫من الصعب التمييز بينهم ألنهم كانوا ممتزجين معا‪ ،‬بيد أنه بحلول عام ‪ 1968‬كان كل أعضاء الحزب تقريبا‬
‫من السنة‪ ،‬ألن الحزب كان يعمل قبل ذلك بصورة سرية‪ ،‬وأن القليلين منهم كانوا يعرفون أو يهتمون بشأن‬
‫ديانة اآلخر‪ ،‬بيد أنه في أعقاب الثورة بدأ الناس في الحكومة يتحدثون بصورة أكبر عن ذلك األمر‪ ،‬وأبدى‬
‫الكثيرون منهم اهتمامهم بضرورة أن تكون الترقيات أو التجريد من المناصب بناء على الطائفة وانتماء الفرد‬
‫الديني‪ .‬وقال صدام «قد يثير دهشتك أن تعرف أن األمين العام للحزب عام ‪ 1964‬كان كرديا»‪.‬‬

‫وعندما سئل صدام حسين عن فكرة أن ناظم كزار كان الذراع اليمنى له في ذلك الوقت وفجأة اعتبر بمثابة‬
‫تهديد لالستيالء على السلطة من الرئيس البكر‪ ،‬فند صدام هذا التشخيص بالقول إنه لم يكن رجله في الحكومة‪،‬‬
‫وأن كل فرد كان يضطلع بواجبات ومسؤوليات‪ .‬وأضاف أنه على الرغم من أن كزار لم يكن ثوريا أو من بين‬
‫السبعين الذين استولوا على القصر الرئاسي فإنه كان عضوا جيدا في الحزب وكان قاسيا عندما كان في‬
‫السجن‪.‬‬

‫ـ واعتنقوا‬‫لم يكن كزار مقتنعا بأن الجيش سيكون مفيدا لحزب البعث‪ ،‬وقد تأثر بأفكار األعضاء الذين انشقوا‬
‫الفلسفة االشتراكية الشيوعية‪ ،‬واعتبر كزار أفراد القوات المسلحة من الحزب طرازا قديما وعبئا‪ ،‬لكنه ـ على‬
‫الرغم من وجهة نظره تلك ـ قرر االستمرار تحت لواء الحزب‪ ،‬وال توجد لدى صدام معلومات حول ما إذا كان‬

‫‪22‬‬
‫كزار قد التقى أحدا من المسؤولين في إيران‪ .‬وروى أنه بعد فشل انقالب كزار هرب إلى إيران لكنه اعتقل قبل‬
‫الوصول إلى الحدود‪ .‬وأشار صدام إلى أنه ال يرغب في اإلساءة إليه‪ ،‬وأنه عندما ألقى كزار القبض على حماد‬
‫شهاب وزير الدفاع‪ ،‬وسعدون غيدان وزير الداخلية بسهولة لم يتطلب األمر إعداد خطة كبيرة‪ .‬وخالل المناقشة‬
‫بشأن كزار‪ ،‬خرج صدام عن الموضوع ووصف تلك الفترة بأنها األفضل في تاريخ العراق فقال‪« :‬أممنا النفط‬
‫وسوينا النزاعات النفطية مع شركات النفط‪ ،‬واستثمرنا أمواال في مدينة الثورة‪ ،‬التي سميت فيما بعد باسم‬
‫مدينة صدام»‪ .‬وبحسب ما ذكره صدام فإن سيكولوجية حزب البعث حينئذ كانت تتجه نحو تجنيد الشباب في‬
‫بداية مراحلهم الدراسية في التعليم األساسي والثانوي‪ ،‬ونادرا ما كان يعمد الحزب إلى تجنيد الشباب في‬
‫المرحلة الجامعية‪ .‬وكانت فلسفتهم تتلخص في أنهم يرغبون في الحصول على عنصر يستطيعون تشكيله لكي‬
‫ينمو داخل الحزب‪ .‬وخالل فترة الخمسينات والستينات قبل الحزب بصورة أولية الشباب وبعض كبار السن‪،‬‬
‫وأوكلت إلى بعض أعضاء الحزب مهمة التيقن من والء بعض الضباط الجدد لحزب البعث‪.‬‬

‫ذكر المحقق لصدام أن كثيرا من األشخاص يعتقدون أن خطة كزار لقتل الرئيس البكر فشلت بعد أن علم كزار أن‬
‫طائرة الرئيس تأخرت‪ ،‬ومن ثم افترض‪ ،‬خطأ‪ ،‬أن مؤامرته انكشفت‪ .‬وأكمل المحقق كالمه بالقول إن كزار‬
‫اختطف بعد ذلك الوزيرين شهاب وغيدان كرهائن وفر إلى الحدود اإليرانية حيث أسر من قبل صدام‪ .‬ورد صدام‬
‫بالقول‪« :‬معلوماتك ليست دقيقة‪ ،‬فبحسب معلوماتي لم تتأخر طائرة الرئيس البكر‪ ،‬وكان حراسه ينتظرون‬
‫وصوله»‪ .‬كان صدام بانتظار البكر في المطار‪ ،‬وبعد وصوله اصطحبه إلى القصر الرئاسي حيث شربا الشاي‬
‫معا‪ ،‬ثم استأذن صدام لكي يتمكن البكر من زيارة أسرته‪ ،‬ثم تجول صدام مع فريقه المعاون له في بغداد‪ ،‬وخالل‬
‫جولتهم سمعوا إعالنا على السلكي الشرطة بأن انقالبا نفذه الوزيران شهاب وغيدان‪.‬‬

‫ونظرا لخطورة األمر أنزل صدام قائد سيارته وقاد هو السيارة بنفسه إلى محل إقامته‪ ،‬الذي يقع بالقرب من‬
‫القصر الرئاسي‪ .‬بالقرب من بوابة مقر إقامته اتصل صدام بالبكر ـ هاتفيا ـ الذي طلب معرفة مكان صدام ألن‬
‫لديه أمرا هاما يريد أن يخبره به‪ ،‬وأجابه صدام بأنه قريب منه‪ ،‬وأنه سمع األخبار‪ .‬وأخبر البكر صدام أن‬
‫الوزيرين شهاب وغيدان حاوال القيام بانقالب قائال إنه حاول االتصال بالوزير شهاب لكنه لم يتلق إجابة‪ .‬وقال‬
‫صدام للبكر إن لديه حدسا بأن كزار هو من قام بذلك‪ ،‬ال الوزيران‪ ،‬وطلب صدام من البكر أن يستدعي الفرقة‬
‫العسكرية‪ ،‬وأن يستعد للسعي وراء كزار «لإلمساك به قبل عبوره إلى الحدود اإليرانية»‪.‬‬

‫كانت توجد بالقرب من الحدود العراقية اإليرانية بعض القبائل‪ ،‬حيث اعتاد صدام وسعدون شاكر القيام برحالت‬
‫صيد هناك‪ ،‬وبعد الثورة قام صدام بمنح تلك القبائل عددا من البنادق‪ ،‬وتم بث بيان في الراديو العتقال كزار‬
‫وإعالم أقرب وحدة بعثية‪ .‬ورأى أفراد من إحدى تلك القبائل‪ ،‬ممن علموا بالنبأ عن طريق الراديو‪ ،‬سيارة كزار‬
‫ـ بها ثم اعتقلوه‪ ،‬وأرسلت مروحية عمليات خاصة للقبض على كزار والعودة به إلى بغداد‪.‬‬ ‫وأحاطوا‬

‫بعد أن اتضحت الصورة للبكر أجهش بالبكاء وجمع متعلقاته وغادر قصره إلى محل إقامة صدام‪ .‬وبحسب ما‬
‫ذكره صدام قال البكر إنه ال يرغب في أن يكون رئيسا‪ ،‬وطلب من صدام أن يكون في الحكومة حتى يتمكن من‬
‫الخروج‪ ،‬وزعم صدام أنه ألقى بيانا مشابها لذلك الذي صرح به البكر يعرب فيه عن رغبته في ترك الحكومة‪.‬‬

‫في أعقاب ذلك طالب صدام العاملين بعدم إزعاج البكر‪ ،‬وأن يتركوه يقيم في منزله‪ ،‬ثم بدأ صدام بعد ذلك‬
‫بالقبض على المتآمرين المزعومين في هذا االنقالب‪ ،‬واتصل بالبكر ليعمله بأن بعض المتآمرين كانوا من‬
‫قيادات حزب البعث‪ ،‬ثم بدأ صدام في تنظيم لقاء بينه وبين البكر وقيادات حزب البعث المركزية والقطرية‪.‬‬

‫وسئل صدام حول كيفية علمه بأن كزار سيهرب إلى إيران‪ ،‬رد بأنه عندما بُث اإلعالن في الراديو للبحث عن‬
‫كزار بدأ األهالي في اإلبالغ عن رؤيته‪ ،‬وتدريجيا كانت تلك االتصاالت المتتالية هي ما أدت إلى االعتقاد بأن‬
‫وجهته إيران‪ .‬وعندما سئل صدام عما إذا كان كزار قد طلب لقاء الرئيس البكر‪ ،‬وأن األخير رفض‪ ،‬قال صدام‬

‫‪23‬‬
‫«من الواضح أن سيارة كزار تعطلت في الوحل وعندما طلب مساعدة الفالحين المحليين طلبوا المساعدة‪ ،‬في‬
‫ذلك الوقت أطلق كزار النار على شهاب وغيدان‪ ،‬ونجا شهاب الذي تظاهر بالموت»‪.‬‬

‫كما سئل صدام عما إذا كان كزار قد اتصل بالرئيس البكر للتفاوض على إطالق سراح الرهائن واختياره منزل‬
‫عبد الخالق السامرائي كمكان للقاء‪ .‬أنكر صدام ذلك قائال «كان هناك بيان على موجة الطوارئ الالسلكية‬
‫بوجود محاولة انقالبية وضرورة اجتماع كل قادة الحزب في منزل عبد الخالق السامرائي»‪ .‬لم يعلم صدام السر‬
‫وراء اختيار ذلك المنزل تحديدا في تلك الفترة‪ ،‬ولكن ثارت لديه شكوك بأنه تمت دعوة أعضاء الحزب إلى مكان‬
‫واحد ليتم القبض عليهم‪ .‬وعندما سئل عما إذا كان السامرائي مشتركا في االنقالب نظرا الختيار منزله كمكان‬
‫لالجتماع رد صدام بأن «لجنة كان تبحث في ذلك»‪ ،‬وال يتذكر صدام الشخص الذي ترأس اللجنة التي ضمت بين‬
‫أفرادها عزة إبراهيم الدوري قائال «أنا ال أريد ارتكاب أي أخطاء في التفاصيل بشأن شيء لست متأكدا منه مائة‬
‫في المائة»‪.‬‬

‫أقر صدام بأن السامرائي كان عضوا في الحزب منذ عام ‪ .1968‬وعندما سئل عما إذا كان السامرائي قد تحدث‬
‫بصورة علنية حول بعض القضايا‪ ،‬قال صدام «تحدث البعثيون بحرية»‪ ،‬وأضاف إنه «ال يزال هناك بعض أفراد‬
‫حزب البعث على قيد الحياة‪ ،‬وأن المحققين تحدثوا معهم»‪ .‬وعندما سئل صدام عما إذا كان مندهشا من‬
‫االدعاءات في حق السامرائي أجاب «عندما نوكل إلى فرد ما في الحزب مهمة القيام بشيء ما فنحن نثق فيه‪،‬‬
‫وتلك األمور وأخرى غيرها تحدث في الثورات»‪ .‬وقال صدام «سواء كنت الشخص األول أم الثاني فقد كانت كل‬
‫التساؤالت تعود إلي‪ ،‬وأنا ال أخشى من تحمل المسؤولية أمام القانون أو الناس‪ .‬يجب أال تضعوا اللوم على‬
‫القيادة وحسب‪ ،‬ولكن على األشخاص الذين تآمروا مثل السامرائي»‪ ،‬وأضاف صدام «أود منكم أن تتفهموا‬
‫الموقف بوضوح‪ ،‬فقد تحدثنا أمس عن حقيقة أن نايف وحردان قتال في الخارج ولم يقتل إبراهيم داوود‪ ،‬وإذا ما‬
‫كانت الحكومة العراقية متهمة بقتلهم‪ ،‬فلماذا لم تقتل داوود؟» وأشار بالقول «على ما أذكر‪ ،‬حكم البكر حتى عام‬
‫‪ 1979‬لكنه لم يسمَّ ديكتاتورا‪ ،‬لكني بعد أن حكمت سميت ديكتاتورا»‪ .‬ثم تساءل صدام «من الذي قتل أو اغتيل‬
‫داخل أو خارج العراق بعد عام ‪1979‬؟ ومن أُعدم من الوزراء أو خارج القيادة بعد عام ‪1979‬؟»‪.‬‬

‫في أعقاب تلك األسئلة قال المحقق إن هذه األسئلة ال إجابة لها‪ ،‬وأنها بحاجة إلى توضيح من أجل التاريخ‪ ،‬فقال‬
‫صدام‪« :‬لن يكفي أن تسألني‪ ،‬يجب أن تسأل القيادة‪ ،‬وأنصحك بأن تسأل اآلخرين»‪ ،‬حيث أعرب أنه ال يخشى‬
‫من اإلجابة عن األسئلة‪ .‬وقال المحقق لصدام إنه يجيب عن األسئلة للسبب نفسه الذي سئلت من أجله‪ ،‬وهو من‬
‫أجل التاريخ‪ .‬ورد صدام «في بعض األحيان تراني غاضبا ألن هناك بعض األمور الغامضة‪ .‬لقد مررنا خالل تلك‬
‫الفترة بأوقات طيبة وأوقات أخرى مريرة‪ ،‬ثم ضحك‪ ،‬وقال إن السامرائي كان يؤدي واجبه‪ ،‬وكنا نمزح معه‪،‬‬
‫وقد ارتكب أخطاء ثم مضينا‪ .‬وأتمنى أن تكون عادال في كتابتك للتاريخ»‪ .‬قال المحقق لصدام حسين «ربما‬
‫لحسن الحظ‪ ،‬أو لسوء الحظ‪ ،‬سيكون لي تأثير رئيس على تاريخك»‪ .‬وافق صدام على ما ذكره المحقق وقال‬
‫«ال يستطيع أحد أن يقول إنني لست متحيزا‪ ،‬فالناس يعتقدون فيما يرغبون‪ ،‬ولكل فرد قناعته الخاصة‪ ،‬فالناس‬
‫ليسوا أجهزة حاسبات‪ ،‬فكلنا لحم ودم»‪.‬‬

‫* صدام‪ :‬تولي القيادة من أصعب المهام في الحياة‪ ..‬وال أريد مقارنتي بعبد الناصر أو العراق بمصر‬

‫* نفى علمه بمن قتل عبد الكريم الشيخلي‪ ..‬وقال إن سعدون شاكر كان أقرب الناس إليه بعد ‪1968‬‬

‫* محضر جلسة االستجواب السابعة ‪ 18‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬

‫* قبل بدء المقابلة‪ ،‬تم إخطار صدام بأن هذه الجلسة ستمثل استمرارا للجلستين السابقتين‪ .‬ومن بين‬
‫الموضوعات التي من المقرر تناولها قضية سعدون شاكر‪ .‬اعترف صدام بأن شاكر يعد مثاال على عضو في‬
‫حزب «البعث» «وزع قدراته»‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬أضاف أنه ظل على اتصال به بعد خروجه من الخدمة‪ .‬التقى صدام‬

‫‪24‬‬
‫شاكر للمرة األولى في سجن التاجي‪ ،‬بالقرب من بغداد‪ .‬كان حكم قد صدر بالسجن ضد كل من صدام وشاكر في‬
‫أعقاب التغيير الحكومي أواخر عام ‪ ،1963‬عندما أطاح انقالب عسكري بقيادة عبد السالم عارف بالحكومة‬
‫التي شكلها حزب «البعث»‪ .‬خالل عامي ‪ 1965‬و‪ ،1966‬تم نقل صدام وشاكر إلى سجن آخر بالقرب من‬
‫بغداد‪ .‬وبعد فترة‪ ،‬أطلق سراح شاكر‪ ،‬لكنه حرص على زيارة صدام في السجن باستمرار‪ .‬خالل تلك الفترة‬
‫استمرت وتوطدت عرى الصداقة بينهما‪ .‬في نهاية األمر‪ ،‬تمكن صدام وعبد الكريم الشيخلي من الفرار من‬
‫السجن بمساعدة شاكر‪ ،‬الذي تولى قيادة السيارة التي استخدماها في الهرب‪ .‬بعد الفرار من السجن‪ ،‬كان شاكر‬
‫ال يزال عضوا في حزب «البعث»‪ ،‬وعمل في إطار هذا الدور‪ .‬خالل تلك الفترة‪ ،‬استمر صدام في عالقته الودية‬
‫مع شاكر‪ .‬ووصف صدام شاكر بأنه شخص جدير بالثقة تماما‪ ،‬مضيفا أنه اعتبره صديقا له وألبنائه‪ .‬جدير‬
‫بالذكر أن شاكر أحد «الثوريين» األصليين السبعين الذين ظهروا عام ‪.1968‬‬

‫عند سؤاله عن المناصب التي تقلدها شاكر داخل الحزب‪ ،‬أجاب صدام بأنه‪ ،‬مثلما الحال مع أي قائد آخر‪ ،‬كان‬
‫شاكر يقبل بأي مهمة توكل إليه‪ .‬وعجز صدام عن تذكر أي من هذه األدوار‪ ،‬معلنا أن هذا األمر ال أهمية له‪.‬‬
‫وأضاف أن شاكر كان صديقه‪ ،‬وهذا هو المهم في األمر‪ .‬واقترح صدام ضرورة أن يسأل المحقق شاكر للتأكد‬
‫من صحة هذه المعلومات‪.‬‬

‫فيما يتعلق بما إذا كان شاكر تولى منصب مدير جهاز االستخبارات العراقي‪ ،‬أجاب صدام بأنه من المعروف أنه‬
‫تقلد هذا المنصب‪ .‬وأعرب المحقق عن اعتقاده بأنه من الضروري تحلي أي شخص يتولى مسؤولية هيئة مثل‬
‫االستخبارات بمؤهالت وقدرات معينة قبل تقليده مثل هذا المنصب‪ .‬ورد صدام على ذلك بالقول «كنا جميعا‬
‫شبابا ثوريين»‪ .‬وعليه‪ ،‬افتقروا إلى الخبرة الالزمة واكتسبوها «أثناء العمل»‪ .‬واستطرد صدام بأنه فيما يخص‬
‫األمور اإلدارية‪ ،‬فإنهم تعلموا تناولها من داخل الحزب‪ .‬وأكد صدام أن تولي القيادة من أصعب المهام في‬
‫الحياة‪ .‬وأعرب عن وجهة نظره بأن أي شخص باستطاعته قيادة أعضاء الحزب والجماهير سيتميز بالكفاءة‬
‫في المنصب المخول إليه‪ .‬وأضاف أن أعضاء الحزب خاضوا «محاوالت»‪ ،‬بعضها نجح واآلخر فشل‪ .‬وقد‬
‫استمر أعضاء الحزب في مناصبهم حتى اللحظة التي فاقت فيها مسؤوليات مناصبهم قدراتهم الفردية‪ .‬عند هذه‬
‫النقطة كان يتم استبدالهم‪ .‬بالنسبة ألعضاء الحزب ذوي الخلفيات العسكرية‪ ،‬نوه صدام بأن تلك الخبرة‬
‫العسكرية كانت محدودة ولم تترجم بالضرورة إلى عنصر مفيد في إدارة الشؤون الحكومية‪ .‬إلى جانب ذلك‪،‬‬
‫اعترف صدام بأن شاكر عمل مديرا لالستخبارات العراقية في مرحلة مهمة من عمر الثورة‪ .‬إال أنه استطرد‬
‫مشددا على أن تاريخ الثورة بأكمله مهم‪ .‬وقال إن شاكر ربما عمل في أكثر الفترات الحرجة‪ .‬وأضاف «تزداد‬
‫المصاعب مع ازدياد حجم المنصب»‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬تحولت المقابلة إلى الحديث عن عبد الكريم الشيخلي‪ .‬في هذا‬
‫الصدد‪ ،‬اعترف صدام بأن الشيخلي كان رفيقا ثوريا وصديقا‪ .‬وشارك الشيخلي وصدام في محاولة اغتيال ضد‬
‫الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم عام ‪ .1959‬في أعقاب ذلك‪ ،‬فر كالهما من العراق إلى العاصمة السورية‪،‬‬
‫دمشق‪ .‬وهناك‪ ،‬تعمقت صداقتهما‪ .‬وحتى بعد الرحيل عن سورية‪ ،‬استمرت صداقتهما بعد انتقالهما معا إلى‬
‫القاهرة‪ .‬في أعقاب الثورة البعثية األولى عام ‪ ،1963‬عاد صدام والشيخلي معا إلى العراق‪ .‬ولدى عودتهما‪،‬‬
‫عمل صدام مع المزارعين‪ ،‬بينما عمل الشيخلي في التحقيقات في «قصر النهاية»‪ .‬والحقا‪ ،‬تم تعيين الشيخلي‬
‫ملحقا عسكريا في السفارة العراقية بلبنان‪ .‬لدى اإلطاحة بالحكومة البعثية على يد عارف في أواخر عام‬
‫‪ ،1963‬عمد صدام والشيخلي إلى «التخفي»‪ .‬وبقيا «متخفيين» حتى اندالع ثورة يوليو (تموز) ‪ 1968‬في‬
‫العراق واستعادة حزب «البعث» السلطة‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬عمل صدام والشيخلي في قيادة الحزب معا حتى عام‬
‫‪ .1971‬وعلق صدام بأن الشيخلي تمتع بعقلية رائعة‪ ،‬لكنه عجز عن التركيز على المنصب الذي يتواله‪ .‬وطبقا‬
‫لما قاله صدام‪ ،‬فإن الشيخلي أبدى ميال لـ«التمتع بحياته والترفيه عن نفسه»‪ .‬وقد أطلع صدام الشيخلي على‬
‫وجهة نظر الحزب تجاهه‪ .‬وفي وقت الحق‪ ،‬صوتت غالبية أعضاء قيادة الحزب لصالح عزل الشيخلي عن‬
‫منصبه‪ .‬وعام ‪ ،1980‬قتل الشيخلي في بغداد‪ .‬من جهته‪ ،‬أوضح المحقق أن صدام أغفل بعض تفاصيل عالقته‬
‫بالشيخلي‪ ،‬بما في ذلك مسألة أن كليهما تعرض للسجن خالل الفترة ذاتها في أعقاب اإلطاحة بحكومة حزب‬
‫«البعث» عام ‪ ،1963‬مما خلق صداقة بينهما‪ .‬ونوه المحقق أيضا بأن الشيخلي أنقذ حياة صدام في إحدى‬

‫‪25‬‬
‫المرات‪ ،‬حسبما يسود االعتقاد‪ .‬أجاب صدام متسائال «بأية صورة؟» وعليه‪ ،‬شرع المحقق في سرد تفاصيل‬
‫حادثة وقعت خالل سنوات «التخفي» ألعضاء حزب «البعث» بين عامي ‪ 1963‬و‪ .1968‬وطبقا لما قاله‬
‫المحقق‪ ،‬فإن صدام كان ذات يوم في شقة الشيخلي في وقت متأخر من الليل‪ .‬ثم قرر مغادرة الشقة والمبيت في‬
‫موقع يستخدم في تخزين أسلحة الحزب‪ .‬إال أن الشيخلي نجح في إقناعه بالبقاء مكانه‪ .‬وفي وقت الحق من‬
‫الليلة ذاتها‪ ،‬أغارت قوات الشرطة على مخزن األسلحة‪ .‬ويعتقد البعض أن صدام ربما كان سيلقى حتفه حال‬
‫وجوده بالمكان‪ ،‬أو على األقل‪ ،‬يتم إلقاء القبض عليه‪ .‬من ناحيته‪ ،‬اعترف صدام بصحة هذه القصة ودور‬
‫الشيخلي فيها‪ .‬إال أنه أكد أن الشرطة لم يكن بمقدورها قتله أو إلقاء القبض عليه‪ .‬في صباح اليوم التالي‪،‬‬
‫توجه صدام في سيارة يقودها الشيخلي إلى موقع تخزين األسلحة‪ .‬ولدى وصوله‪ ،‬صوب ضابط شرطة سالحه‬
‫إلى صدام أثناء ضغطه على جرس باب المنزل‪ ،‬في الوقت الذي فر فيه الشيخلي بالسيارة‪ .‬وأوضح صدام أنه‬
‫رغم شجاعة الشيخلي‪ ،‬فإن الناس يميلون إلصدار ردود أفعال متباينة في المواقف المختلفة‪ .‬آنذاك‪ ،‬لم يكن‬
‫صدام معروفا على مستوى واسع‪ ،‬ولم يكن بمقدور معظم الناس التعرف عليه‪ .‬وعليه‪ ،‬لم يتعرف ضابط‬
‫الشرطة على هويته الحقيقية‪ .‬وتظاهر صدام بجهله بحقيقة المكان‪ ،‬وسأل ما إذا كان هذا «منزل محمد»‪ .‬ولم‬
‫يساور صدام الخوف من التعرض للقتل أو إطالق النار عليه‪ ،‬ألن الشرطة العراقية ال تقدم بسهولة على قتل‬
‫األفراد‪ ،‬إال إذا تعرضت أرواح أبنائها للخطر‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬فإن العراقيين بوجه عام «يعلمون بعضهم‬
‫البعض»‪ ،‬وهناك قدر كبير من النفوذ القبلي‪ ،‬بمعنى أنه حتى إذا أجاز القانون مثل هذا التصرف‪ ،‬ستسعى القبائل‬
‫للثأر‪ .‬ومضى صدام في سرد قصته قائال إنه باغت رجل الشرطة بسحب مسدس كان يخفيه تحت مالبسه‬
‫وإلقائه سالح الشرطي جانبا‪ .‬وأمر صدام الشرطي بوضع يديه على سيارة األول‪ ،‬التي تركها مسبقا في المكان‬
‫وربما كانت السبب في اكتشاف وجود المنزل‪ .‬لم يرغب صدام في قتل الشرطي‪ ،‬لكنه قرر إطالق عيار ناري في‬
‫الهواء بجانب رأسه‪ .‬لكن السالح لم ينطلق على النحو المناسب‪ ،‬وأعاد صدام حشو السالح‪ .‬ثم أخبر الشرطي‬
‫بأنه سيطلق عيارا ناريا آخر فوق رأسه‪ ،‬وإذا تحرك سيطلق آخر في جسده‪ .‬وبالفعل‪ ،‬أطلق عيارا ناريا فوق‬
‫رأس الشرطي‪ ،‬الذي «أصبح كالكلب»‪ .‬ثم تأزم الموقف نظرا إللقاء الشرطة القبض على بعض «رفقاء» صدام‬
‫داخل المنزل‪ .‬ونمت أصوات ما يدور بالخارج إلى مسامع هؤالء «الرفقاء» وأخبروا قوات الشرطة بأن رفيقهم‬
‫صدام أتى برفقة مجموعة كبيرة ستقضي عليهم جميعا‪ .‬في الوقت ذاته‪ ،‬عاد أحد الرجال ممن كانوا مع‬
‫الشيخلي في السيارة إلى المنزل حامال سالحا آليا‪ .‬وعليه‪ ،‬أذعنت الشرطة لـ«الرفقاء» الموجودين بالمنزل‪،‬‬
‫وطلبت مساعدتهم في النجاة من صدام ورجاله‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬تمت تسوية الموقف دون إراقة دماء‪ .‬واختتم صدام‬
‫هذا الجزء من النقاش بتأكيده على أن فترة «التخفي» تحمل الكثير من القصص‪ ،‬جميعها أشبه بـ«مشاهد‬
‫األفالم»‪ .‬ولدى إخباره بأن الشيخلي جرى وصفه‪ ،‬مثلما الحال مع صدام‪ ،‬كعضو بارز ومشهور في الحزب‪ ،‬رد‬
‫صدام بأنه ليست هناك حاجة وال أهمية لمقارنة فرد بآخر‪ .‬وأشار إلى أن كل امرئ يختلف عن اآلخر‪ ،‬دون أن‬
‫يكون أحد أفضل من اآلخر‪ .‬وأقر صدام بأن الشيخلي عمل وزيرا للخارجية حتى عام ‪ ،1971‬عندما عزلته‬
‫القيادة من منصبه‪ .‬وأكد صدام أن عزل أي شخص من منصبه يتطلب صدور قرار من القيادة‪ .‬ورغم أن القرار‬
‫قد ال يحظى باإلجماع‪ ،‬يبقى من الضروري موافقة األغلبية عليه‪ .‬من وجهة نظر صدام‪ ،‬كان باستطاعة‬
‫الشيخلي االستمرار في خدمة الحكومة والحزب‪ .‬في ذلك الوقت‪ ،‬كان صدام يرى إمكانية توجيه «النقد» إلى‬
‫الشيخلي ومنحه فرصة تقويم سلوكه‪ .‬وشدد على أن الشيخلي لم يكن ليتم انتخابه عضوا في الحزب قط دون‬
‫مساعدته له‪ .‬وبسبب افتقاد الشيخلي التركيز على عمله وفشله في تقبل النقد‪ ،‬لم تعد قياد الحزب «مقتنعة به»‬
‫وقررت عزله‪ .‬وفيما يتعلق بما إذا كان جرى النظر إلى الشيخلي باعتباره خليفة محتمال للرئيس بكر‪ ،‬أبدى‬
‫صدام معارضته هذا الرأي‪ ،‬قائال إن الجملة تنطوي على قوة بالغة‪ .‬وعلق بأن األمر يبدو وكأن المحقق يلمح‬
‫إلى أنه تخلص من أعضاء قيادة الحزب ممن اعتبرهم تهديدا لمكانته في القيادة‪ .‬وأوضح صدام أنه منذ فترة‬
‫التخفي والهرب‪ ،‬بات زمام القيادة بيده بالفعل‪ .‬خالل فترة وجوده في السجن‪ ،‬بعثت قيادة حزب «البعث» خطابا‬
‫إلى صدام تخطره بإصدارها توصية بتعيينه عضوا في اللجنة المركزية للحزب‪ .‬ورد صدام على الخطاب‬
‫متسائال «وما جدواي وأنا في السجن؟»‪ ،‬وطلب من مسؤولي الحزب تعيين شخص آخر في هذا المنصب‪ ،‬إال‬
‫أنهم لم يقبلوا ذلك‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬عمل صدام وبكر كعضوين في اللجنة المركزية‪ ،‬وهي كيان يعد أعلى من اللجنة‬
‫اإلقليمية وجميع الهياكل األخرى داخل الحزب‪ .‬عمل بكر أمينا عاما‪ ،‬بينما تولى صدام منصب نائب األمين العام‬

‫‪26‬‬
‫خالل فترة «تخفيه»‪ .‬وعلق صدام بأنه من المثير للحرج أن يتحدث المرء عن المناصب التي تقلدها‪ .‬وأضاف‬
‫أن مكانته داخل حزب «البعث» كانت معروفة للجميع‪ ،‬حتى قبل الثورة‪ .‬وأكد أن كل من جرى تكليفهم بمناصب‬
‫في الحزب‪ ،‬من الموتى أو األحياء اليوم‪ ،‬كانوا جديرين بها‪ .‬وقال صدام «من الصعب أن أتحدث عن نفسي»‪.‬‬
‫داخل الحزب‪ ،‬ال يروق لألعضاء الحديث عن أنفسهم‪ .‬كما أوصى صدام بأال يتحدث األعضاء عن أنفسهم‪ .‬من‬
‫ناحيته‪ ،‬أشار المحقق إلى أنه يسود اعتقاد‪ ،‬داخل وخارج العراق‪ ،‬بأنه تم القضاء على منافسي صدام المحتملين‬
‫داخل الحزب خالل الفترة بين ثورة ‪ 1968‬وتولي صدام الرئاسة عام ‪ .1979‬في المقابل‪ ،‬نفى صدام أن تصدر‬
‫هذه االدعاءات عمن يعيشون في العراق‪ ،‬أو أن يصدقوها‪ .‬ونوه بأن هذه االدعاءات ربما صدرت من خارج‬
‫ـ بالضرورة‪.‬‬ ‫العراق‪ .‬طبقا لما قاله صدام‪ ،‬فإن هذه األقاويل تشكل وجهة نظر من قالوها‪ ،‬وال تعكس الحقيقة‬
‫بغض النظر عن هذه المعلومات‪ ،‬قال صدام إن أي دراسة لمثل هذا القول ينبغي أن تتم على نحو منطقي‪ ،‬مؤكدا‬
‫أن التاريخ يعج بالكثير من األمثلة من مختلف أرجاء العالم لعمليات صعود مشابهة إلى السلطة في أعقاب‬
‫اندالع ثورات‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬في مصر‪ ،‬كان جمال عبد الناصر وأنور السادات الوحيدين اللذين «بقيا» مع‬
‫الثورة‪ ،‬مع تولي عبد الناصر الرئاسة في نهاية األمر‪ .‬وفي فرنسا‪ ،‬أصبح جندي (نابليون بونابرت) قائد البالد‬
‫بعد الثورة الفرنسية‪ ،‬بينما تخلى آخرون عن األمر‪ .‬كما يعج التاريخ األميركي بأمثلة على هذه الظاهرة‪ .‬ومن‬
‫وجهة نظر صدام‪ ،‬فإن تلك هي «األساليب الثورية»‪ .‬وأعرب صدام عن اعتقاده بأن الثورات السابقة‪ ،‬مثل‬
‫الثورة الفرنسية‪ ،‬اندلعت في فترات مأساوية مقارنة بعصرنا الحالي‪ .‬وأشار إلى أن الثورات خطوة جديدة في‬
‫الحكم‪ ،‬وليست «سبيال ليبراليا» يجرى من خالله اختيار شخص وإعداده لتولي القيادة‪ .‬إن الثورات تأتي من‬
‫الشعب‪ .‬تضمنت ثورة عام ‪ 1968‬في العراق سبعين «ثوريا»‪ ،‬بقي منهم في الحكومة أو الحزب عدد ضئيل‬
‫للغاية بعد الثورة‪ .‬وتم تعيين بعضهم في مناصب أبلوا فيها بالء حسنا‪ ،‬بينما عجز آخرون عن ذلك‪ .‬ولم يملك‬
‫ـ القدرات الالزمة للقيادة والعمل المهني‪ .‬وعليه‪ ،‬استمر بعضهم في الخدمة‪ ،‬بينما تساقط آخرون بمرور‬ ‫جميعهم‬
‫الوقت‪ .‬إال أن صدام أكد أنهم جميعا كانوا خدما للشعب‪ .‬وعند سؤاله عما إذا كان يعتقد أن عبد الناصر تحول‬
‫إلى حاكم مستبد‪ ،‬أبدى صدام معارضته هذا الرأي‪ .‬وبناء على طلب من المحقق بوضع تعريف لمفهوم الحكم‬
‫االستبدادي‪ ،‬أجاب صدام بأنه نمط من الحكومة يحكم من خالله شخص واحد بمفرده‪ ،‬دون برلمان أو مجلس أو‬
‫لجنة‪ .‬ورأى صدام أن هذا التوصيف ال ينطبق على حكم عبد الناصر‪ ،‬مشيرا إلى أن عبد الناصر كان في عهده‬
‫برلمان‪ .‬لكنه استطرد بأنه من المتعذر إقامة برلمان خالل الفترة األولى من عمر ثورة ما‪ ،‬وعادة ما يتم إنشاء‬
‫مجلس ثوري في بداية األمر‪ ،‬ثم يعقبه في وقت الحق إقامة برلمان أو لجنة شعبية‪ .‬وأعرب صدام عن رغبته‬
‫في عدم عقد مقارنة العراق وثورته عام ‪ 1968‬بمصر وعبد الناصر‪ .‬وقال إن عبد الناصر كان شخصا عسكريا‬
‫ال ينتمي إلى حزب سياسي‪ .‬أما في العراق‪ ،‬فكان «البعث» حزبا يضم هيكله عناصر متنوعة بين خاليا داخل‬
‫القرى وصوال إلى القيادة‪ ،‬وكان هناك برلمان منتخب من الشعب‪.‬‬

‫وسئل صدام حول ما إذا كانت صداقته بالشيخلي استمرت بعد رحيل األخير عن الحزب‪ ،‬فأجاب بأن أصدقاءه‬
‫كانوا من بين من يلقاهم بصورة منتظمة داخل القيادة‪ ،‬وأنه لم يكن لديه أي أصدقاء من خارج الحزب والقيادة‪.‬‬
‫وقال إن الصداقة الحقيقية لها «التزاماتها»‪ .‬وقال صدام إن شاكر كان الشخص األقرب إليه بعد ثورة عام‬
‫‪ .1968‬ومتى كان صدام بحاجة لمناقشة أمر ما‪ ،‬كان يرسل في طلب شاكر‪ ،‬وكانا يتناوالن الغداء معا‬
‫ويتناقشان‪ .‬وأضاف صدام أنه ال يتذكر عدد المرات التي التقى خاللها شاكر بعد تركه الخدمة الحكومية‪.‬‬
‫وبالنسبة للشيخلي‪ ،‬قال صدام إنه «أبقى على عالقات طيبة» مع نجليه قصي وعدي‪ .‬وفيما يخص الشيخلي‬
‫والفترة التي أعقبت رحيله عن العمل الحكومي‪ ،‬أكد صدام أن مشاعر الصداقة بينهما ظلت دون تغيير‪ ،‬لكن‬
‫مقابالتهما تضاءلت‪ .‬ونظرا لضغوط العمل‪ ،‬لم يتسن لصدام الوقت الكافي لاللتقاء بمن خارج دائرة العمل أو‬
‫الحزب أو القيادة‪ .‬ولدى سؤاله حول ما إذا كان حمل بداخله مشاعر خاصة تجاه الشيخلي‪ ،‬الذي قتل بإطالق‬
‫النار عليه في بغداد عام ‪ ،1980‬رد صدام باإليجاب‪ .‬وسئل حول ما إذا كان تم إلقاء القبض على قتلة الشيخلي‪،‬‬
‫فأجاب صدام «ال أعتقد ذلك»‪ .‬واستطرد موضحا أن تحقيقا أجري بهذا الشأن‪ ،‬لكن بقي لغز الجريمة دون حل‪.‬‬
‫ونوه صدام بأنه ال يتم حل جميع الجرائم في باقي أنحاء العالم‪ ،‬مثل أميركا وفرنسا وإيطاليا‪ .‬وفي سؤال له حول‬
‫ما إذا كان من غير المعتاد أن تبقى جريمة مقتل وزير حكومي وثوري سابق وصديق سابق لرئيس العراق دون‬

‫‪27‬‬
‫حل‪ ،‬رد صدام «ما الذي تبغي قوله‪ .‬لماذا تتعمد االلتفاف حول هذا الموضوع؟»‪ .‬وأضاف أن هناك آخرين‬
‫مقربين منه داخل القيادة استُهدفوا في محاوالت اغتيال‪ ،‬بينهم طارق عزيز وعدي حسين وغيرهما‪ .‬وال يزال‬
‫لغز هذه الجرائم قائما أيضا‪ .‬وأكد أن ذلك يحدث في العراق‪ ،‬تماما كما يحدث في أي مكان آخر من العالم‪.‬‬
‫واختتم صدام هذا الجزء من المناقشة باعترافه بأن البعض قد يزعمون أن الشيخلي قتل على يد الحكومة‬
‫ـ‬
‫العراقية‪ .‬وأضاف‪ :‬ربما يزعم البعض أي شيء‪ ،‬ومن المنطقي أن من يزعمون ذلك ربما يكونون هم أنفسهم‬
‫من ادعوا أن الشيخلي كان من الممكن أن يتولى الرئاسة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الحلقة الرابعة‪ :‬صدام‪ :‬عارضت غزو الكويت‪ ..‬لكن لم يكن هناك حل آخر‬

‫قال في محاضر استجواب تنشرها «الشرق األوسط»‪ :‬حذرتهم من أنني سأجعل دينارهم يساوي ‪ 10‬فلوس‬

‫وفي الحلقات اليوم يتحدث صدام حسين عن فترة توليه الرئاسة من سلفه الرئيس أحمد حسن البكر‪ .‬قائال إنه‬
‫كان يشعر بأنه قريب منه‪ ،‬وأن اختياره ليكون رئيسا جاء بطلب منه فيما يشبه االجتماع العائلي‪ .‬وقال إن‬
‫الرئيس البكر كان يعاني من مشاكل صحية بداية عام ‪ ،1973‬من بينها بعض المشاكل في القلب‪ .‬وعلى الرغم‬
‫من ذلك‪ ،‬بذل الرئيس البكر وسعه لتأدية مهامه بأفضل ما يستطيع‪ .‬ومن حين آلخر‪ ،‬كان البكر يقول لصدام إنه‬
‫يجب أن يتقاعد وإنه لم يعد يستطيع القيام بمهامه كرئيس‪ .‬وكان صدام يريد أن يبقى البكر رئيسا ألطول فترة‬
‫ممكنة‪ ،‬ووصفه بأنه «شخص لطيف»‪ .‬لكن في عام ‪ 1979‬اتصل البكر بصدام وطلب مقابلته في مكتبه داخل‬
‫القصر الرئاسي‪ .‬وفي هذا االجتماع‪ ،‬قال البكر لصدام إنه لم يعد يريد أن يبقى رئيسا وال يشعر بأنه يستطيع‬
‫ذلك‪ ،‬وطلب البكر من صدام أن يتولى مهامه‪ .‬وتحدث صدام عن غزوه للكويت‪ ،‬وأفاد بأنه بعد الحرب مع إيران‬
‫بين عامي ‪ 1980‬و‪ 1988‬كان العراق يحاول إعادة بناء نفسه‪ .‬وشبه صدام الموقف مع الكويت بما يحدث‬
‫عندما يتشاجر أحد األشخاص مع شخص آخر‪ .‬فبعد الشجار يذهب كل طرف إلى سبيله‪ .‬ولذا‪ ،‬فقد كان أحد‬
‫الطرفين اللذين كان بينهما شجار في الماضي يرغب في القتال‪ ،‬وكذلك كان الطرف اآلخر‪ .‬فلم يكن هناك مفر‬
‫من القتال مرة أخرى‪ .‬وقال إنه حذر الكويت مرارا من أنها إذا لم تكف عن التدخل في شؤون العراق سيجعل‬
‫دينارها يساوي ‪ 10‬فلسات‪ .‬وقال صدام إنه عندما تمت مواجهة الكويت بالحقائق الخاصة بسرقة النفط العراقي‬
‫باستخدام الحفر العميق‪ ،‬اعترفوا بأنهم أخذوا «مليارين ونصف المليار برميل فقط»‪ ،‬وقد ذكروا هذه الحقيقة‬
‫وكأنها شيء ال أهمية له‪ .‬وأفاد صدام بأنه قبل غزو الكويت‪ ،‬كان هناك اجتماع لمجلس قيادة الثورة العراقي‪،‬‬
‫حيث تمت مناقشة الموضوع‪ .‬وقال إنه ربما عارض عضو أو اثنان فكرة الغزو‪ ،‬لكنه لم يتذكر هذين العضوين‬
‫على وجه الخصوص‪ .‬ولم يتذكر إذا كانت األغلبية أو جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة قد وافقوا على اتخاذ‬
‫عمل عسكري‪ .‬وأفاد صدام بقوله‪« :‬لقد كنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر»‪.‬‬

‫* صدام‪ :‬البكر كان يشعر بأنه قريب مني‪ ..‬وتم اختياري رئيسا بطلب منه وفي ما يشبه االجتماع العائلي‬

‫ـ قال إن مؤامرة ‪ 1979‬تمت مع سورية لمنعه من تولي الرئاسة وأنهت مناقشات حول مشروع وحدة‬

‫ـ محضر جلسة االستجواب الثامنة ‪ 20‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬

‫* قبل بدء المقابلة‪ ،‬قيل لصدام إن هذه الجلسة سوف تكون استكماال لجلسات نقاش ثالث سابقة وستركز على‬
‫صعود صدام إلى الرئاسة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫بداية في عام ‪ ،1973‬بدأ الرئيس العراقي (أحمد حسن) البكر يعاني من مشاكل صحية‪ ،‬وكانت من بينها بعض‬
‫المشاكل في القلب‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن الرئيس البكر بذل وسعه لتأدية مهامه بأفضل ما يستطيع‪ .‬ومن‬
‫حين آلخر‪ ،‬كان البكر يقول لصدام إنه يجب أن يتقاعد‪ ،‬وأنه لم يعد يستطيع القيام بمهامه كرئيس‪ .‬وال يعرف‬
‫صدام ما إذا كان البكر قد قال ذلك إلى آخرين من قيادات حزب البعث‪ .‬وقال صدام إن البكر كان يشعر «بأنه‬
‫قريب من صدام»‪.‬‬

‫وفي هذه الفترة‪ ،‬فكر صدام بجدية في ترك الحكومة مع البقاء في الحزب‪ ،‬وكان السبب الرئيسي الذي جعله‬
‫يريد ترك الحكومة مرتبطا باإلطاحة بحكومة البعث في عام ‪ .1963‬وكان صدام يعتقد أن هذه اإلطاحة وقعت‬
‫ألن قيادات الحزب ركزت على الحكومة ونسيت الحزب‪ .‬ولم يكن صدام يحب «السلطة» وال موقعه في‬
‫الحكومة‪ ،‬وعندما انضم إلى ثورة ‪ ،1968‬كان ينوي عدم البقاء في الحكومة‪ ،‬وكان صدام قد خطط للبقاء‪،‬‬
‫مشاركا فقط‪ ،‬داخل خاليا الحزب في المستويات األقل‪ ،‬وفي هذا الوقت كان يعتقد أنه من «المخجل» الخدمة‬
‫داخل الحكومة‪ ،‬وحتى هذا اليوم ما زال صدام ال يحب الحكومة‪ ،‬ولكنه يحب الشعب والحزب‪ ،‬ويعتقد بأنه من‬
‫الصعب على الحكومة أن تحكم بنزاهة‪ .‬والحظ صدام أشخاصا وصفهم بأنهم «طيبون ومهذبون» قبل الخدمة‬
‫في الحكومة‪ ،‬ولكن أصبحوا على النقيض بعد تعيينهم في مناصب حكومية‪.‬‬

‫وبعد ثورة ‪ ،1968‬تم تشكيل مجلس قيادة الثورة‪ ،‬وتولى هذا المجلس الحكم‪ ،‬ومع ذلك لم يتم اإلعالن عن‬
‫مجلس قيادة الثورة إال بعد ذلك بعام في ‪ .1969‬ولم يكن أعضاء المجلس‪ ،‬باستثناء األعضاء العسكريين‪،‬‬
‫معروفين أو «يريدون أن يكونوا معروفين»‪ ،‬ولهذا السبب تم تأجيل اإلعالن عن مجلس قيادة الثورة‪،‬‬
‫و«اضطر» صدام إلى تولي موقع قيادي في مجلس قيادة الثورة‪ ،‬وسأل أعضاء في الحزب صدام هل يريد‬
‫للثورة أن تفشل‪ ،‬في إشارة إلى أن ذلك سوف يحدث دون مشاركته‪ ،‬وأن مسؤوليته هو أن يكون زعيما في‬
‫الحزب‪ .‬وكان صدام يريد أن يبقى البكر رئيسا ألطول فترة ممكنة‪ ،‬ووصفه بأنه «شخص لطيف»‪ .‬ولكن في عام‬
‫‪ 1979‬اتصل البكر بصدام وطلب منه مقابلته في مكتبه داخل القصر الرئاسي‪ .‬وفي هذا االجتماع‪ ،‬قال البكر‬
‫لصدام إنه لم يعد يريد أن يبقى رئيسا‪ ،‬وال يشعر بأنه يستطيع ذلك‪ ،‬وطلب البكر من صدام أن يتولى مهامه‪،‬‬
‫وقال له إنه إذا كان ال يريد «الطريقة المعتادة» للتعيين رئيسا‪ ،‬فإنه سوف يستخدم اإلذاعة ليعلن أن صدام‬
‫أصبح رئيسا‪ .‬وقال صدام للبكر إن هذه الطريقة لإلعالن عن خليفته لن تكون في صالح البالد أو الشعب أو‬
‫الحزب‪ .‬وسوف يظن من هم في الخارج‪ ،‬أو األجانب‪ ،‬أن هناك خلال ما داخل العراق‪ ،‬ولذا طلب من طارق عزيز‬
‫تجهيز إعالن بخصوص تغيير القيادة‪ .‬وعقد اجتماع لمجلس قيادة الثورة في يوليو (تموز) ‪ ،1979‬وصدام‬
‫غير متأكد هل دعا هو أم الرئيس البكر لهذا االجتماع‪.‬‬

‫وخالل االجتماع وضح البكر ألعضاء مجلس قيادة الثورة أنه كان قد خطط للتنحي منذ ‪ ،1973‬وأوضح‬
‫لألعضاء أن صدام جاهز لتولي الرئاسة‪ .‬ووصف صدام االجتماع بأنه كان «يشبه اجتماعا عائليا»‪ .‬وكانت‬
‫هناك الكثير من المشاعر ومنها مشاعر الحزن‪ ،‬وتم تنفيذ عملية نقل الرئاسة إلى صدام طبقا للدستور‪ ،‬وقال‬
‫صدام إنه تم إجراء تصويت‪ ،‬ولكنه ال يتذكر ما إذا كان تم عن طريق االقتراع السري أم برفع األيدي‪ ،‬واختير‬
‫صدام أمينا عاما للحزب ورئيسا للعراق‪ .‬وعندما سئل عما إذا كان قد الحظ أي تغيرات في نفسه بعد تولي‬
‫الرئاسة‪ ،‬قال صدام «ال»‪ .‬وقال إنه أصبح «أقوى وأقرب إلى الشعب»‪.‬‬

‫وردا على سؤال عما كان يعتقد بأنه سيحدث لو سمح له بترك الحكومة‪ ،‬قال صدام إنه كان سيصبح شخصا‬
‫عاديا‪ ،‬ربما مزارعا‪ ،‬ولكن كان سيستمر عضوا في الحزب‪ ،‬وفي حضور اجتماعات الحزب‪.‬‬

‫وأشار المحقق إلى رأيه الشخصي بأنه كان من الصعب تصور صدام مزارعا‪ .‬وقال صدام إنه كان يخشى من أن‬
‫يصبح شخصية عامة‪ ،‬وأن وضعه والتزاماته تغيرت‪ ،‬واكتسبت سمة شخصية تقريبا‪ .‬والحظ أنه عندما كان‬
‫رئيسا‪ ،‬كان يرى أن اآلالف من الناس قريبون منه‪ .‬ولم ينتخب الناس صدام حتى ‪ ،1995‬ولكن يشير صدام‬
‫إلى أن «الثورة أحضرتني»‪ .‬وبعد ‪ 1995‬و‪ ،2002‬قام الناس في الواقع بالتصويت له وانتخابه‪ ،‬وبعد‬

‫‪30‬‬
‫االنتخابات أصبحت عالقته بالشعب أقوى‪ ،‬وأصبح صدام يشعر بأن لديه التزاما تجاه هؤالء الذين انتخبوه‪ .‬ولم‬
‫يكن صدام ملتزما أمام الناس بحكم القانون وحسب‪ ،‬ولكن أيضا «أمام اهلل»‪.‬‬

‫وسئل صدام هل دعمه مجلس قيادة الثورة بالكامل ليصبح رئيسا خالل االجتماع الذي أعلن فيه البكر استقالته‪،‬‬
‫ورد أنه لم يكن هناك شيء أو شخص ضد أن يصبح هو الرئيس‪ ،‬وبصورة أخالقية وبدافع االحترام‪ ،‬طلب‬
‫البعض من البكر البقاء رئيسا‪ ،‬ولكن لم يسمح البكر لما رأوه بأن يؤثر على قراره النهائي‪ ،‬ورأى صدام أن‬
‫قرار البكر كان نهائيا ألنه نفسه لم يستطع إقناع البكر بالبقاء رئيسا‪.‬‬

‫وأشار المحقق إلى تقارير تقول إنه كان هناك على األقل شخص خالل االجتماع شكك في تقاعد البكر‪ ،‬وقال إن‬
‫اختيار صدام يجب أن يحظى باإلجماع‪ :‬محيي عبد الحسين المشهدي‪ .‬وقال صدام إن هذه المعلومة غير‬
‫صحيحة‪ ،‬فقد كان هناك نقاش حول استقالة البكر وليس حول عملية اختيار صدام‪ ،‬وعرض البعض أن يتولى‬
‫بعضا من مهام البكر حتى يتسنى له البقاء رئيسا‪ ،‬ولكنه لم يقبل هذه المقترحات‪ .‬وفي ذلك الوقت كان صدام‬
‫نائبا لألمين العام للحزب ونائب رئيس دولة العراق‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد كان الشخص الذي يلي الرئيس‪ ،‬وهذه حقيقة ال‬
‫يستطيع أحد أن يشكك فيها‪ ،‬وعالوة على ذلك فإن الدستور ينص تحديدا على أن أي اختيار للرئيس يجب أن‬
‫يكون بتصويت باألغلبية وليس بإجماع‪ .‬وتحدث بعض األعضاء عن احتمالية تأجيل استقالة البكر‪ .‬وقال صدام‬
‫إنه ما زال أعضاء سابقون في مجلس قيادة الثورة على قيد الحياة ويمكن سؤالهم عن هذا األمر‪ .‬وقال المحقق‬
‫إن العديد من األعضاء السابقين في مجلس قيادة الثورة يوافقون بصورة عامة على التفاصيل التي قدمها صدام‬
‫بخصوص األمر‪ .‬ولكن بعض أعضاء المجلس السابقين يقولون إن هناك معلومات تشير إلى أن المشهدي‬
‫اعترض على استقالة البكر واختيار صدام رئيسا خالل االجتماع المشار إليه‪ .‬ورد صدام أنه أخبر المحقق جميع‬
‫التفاصيل التي لديه‪.‬‬

‫وقال المحقق إنه تم اكتشاف مؤامرة ضد صدام بعد توليه الرئاسة بفترة قصيرة‪ ،‬فقد عقد اجتماع في ‪ 22‬يوليو‬
‫(تموز) ‪ ،1979‬وفيه تم الكشف عن تفاصيل المؤامرة ألعضاء بارزين في الحزب‪ .‬وأضاف المحقق أن‬
‫االجتماع سجل على شريط مصور‪ ،‬وعرضه المحقق‪ .‬وقال صدام إن هذا األمر ليس سرا‪ ،‬وأن الشريط المصور‬
‫أعطي لجميع أعضاء الحزب‪ .‬وقال صدام إنه ال يتذكر هل بدأ طه ياسين رمضان االجتماع ببعض التعليقات‪.‬‬
‫وأقر بأنه تم إحضار المشهدي أمام االجتماع‪ ،‬واعترف بمشاركته في مؤامرة ضد صدام شاركت فيها الحكومة‬
‫السورية‪ ،‬وسمى بعضا من اآلخرين الذين شاركوا في المؤامرة‪ .‬وكان رد فعل صدام ومشاعره مثل أي شخص‬
‫خانه األصدقاء في الحزب والحكومة‪ ،‬حيث كان يشعر بالحزن وأنه «طعن في ظهره»‪ ،‬وكان ذلك صحيحا ألن‬
‫المؤامرة شارك فيها عرب خارج الحكومة والدولة‪ ،‬ووصف صدام هذه التصرفات بأنها خيانة‪ ،‬والمشاركين‬
‫بأنهم خونة‪.‬‬

‫وبالنسبة للوقت الذي علم فيه صدام بالمؤامرة‪ ،‬قال «في هذا الوقت»‪ .‬وأشار المحقق إلى أن المشهدي ألقي‬
‫القبض عليه قبل أيام قليلة من االجتماع‪ ،‬وتقريبا في ‪ 15‬يوليو (تموز)‪ ،‬بعد أن أصبح صدام رئيسا‪ .‬وقال صدام‬
‫إنه أصبح رئيسا في ‪ 17‬يوليو (تموز)‪ ،‬ورد المحقق بأن ‪ 17‬يوليو (تموز) كان التاريخ الرسمي‪ ،‬ولكن تولى‬
‫صدام الرئاسة فعليا قبل ذلك بأسبوع تقريبا‪.‬‬

‫وسأل المحقق صدام كيف تم اكتشاف المؤامرة‪ .‬ورد صدام «هل سمعت الشريط المصور؟»‪ ،‬وأضاف أن‬
‫المعلومات التي توجد على الشريط المصور كافية‪ .‬وأشار المحقق إلى أن الشريط المصور لم يعط تفاصيل عن‬
‫كيفية اكتشاف المؤامرة‪ .‬ورد صدام «هذه أسرار الدولة»‪ ،‬وأكد صدام على أنه ما زال ينظر إلى هذه التفاصيل‬
‫على أنها أسرار على الرغم من أن هذا الحدث وقع قبل قرابة ‪ 25‬عاما‪.‬‬

‫وبعد ذلك حول المحقق النقاش إلى الشريط المصور الذي لم يكن سرا من أسرار الدولة‪ .‬وأشار المحقق إلى أنه‬
‫يظهر في الشريط المصور الكثير من األعضاء السابقين والحاليين في القيادة البارزة‪ ،‬ومن بين هؤالء الذين‬

‫‪31‬‬
‫يظهرون في الشريط طارق عزيز وعلي حسن المجيد‪ ،‬الذي يرى وهو واقف ويصرخ‪ ،‬ويشير الشريط إلى أن‬
‫نحو ‪ 66‬شخصا شاركوا في المؤامرة‪ ،‬ومن بينهم عدنان حسين‪ ،‬نائب رئيس الوزراء‪ ،‬وغانم عبد الجليل‪،‬‬
‫مدير مكتب الرئيس‪ .‬وقال صدام إن عدنان كان وزير التخطيط وسكرتير لجنة للنفط واالتفاقات‪ .‬واعترف صدام‬
‫بأن عدنان كان قد عين بالفعل نائبا لرئيس للوزراء‪ ،‬وأقر صدام بأن خمسة أعضاء بمجلس قيادة الثورة كانوا‬
‫متورطين في المؤامرة‪ ،‬ولم يكن أي منهم من الثوار السبعين األصليين‪ .‬ونفى صدام أن يكون أي من‬
‫المتآمرين‪ ،‬بمن فيهم عدنان وغانم‪ ،‬أصدقاء له‪ .‬وقال إن عدنان وغانم لم «يكونا قريبين منه»‪ ،‬وكما هو الحال‬
‫مع اآلخرين‪ ،‬فإنهم عينوا في مناصب حكومية‪ ،‬وقام البعض بذلك‪ ،‬ولم يقم آخرون‪ ،‬وعندما تمت اإلشارة إلى أن‬
‫المحقق رأى صدام يصرخ في الشريط المصور عندما سمع اسم غانم‪ ،‬رد صدام بأنه كإنسان لديه مشاعر‪،‬‬
‫ـ أنه رئيس مكتبه‪ ،‬كان صدام يرى غانم كل يوم وهو يسلم له أوراقا كثيرة‪ ،‬وكان جميع أعضاء المؤامرة‬ ‫وبحكم‬
‫في القيادة‪ .‬وأشار صدام إلى أن الخيانة تجعلك تشعر بـ«الحزن»‪ .‬وعندما أشار المحقق إلى أنه يمكن القول‬
‫بأن صدام خانه أقرب زمالئه إليه‪ ،‬قال صدام إن الشيء األهم هو أنهم كانوا في الحكومة وكانوا مع صدام داخل‬
‫الحزب‪.‬‬

‫واعترف صدام بأن أكثر من ستين شخصا كانوا متورطين‪ ،‬على الرغم من أنه لم تتم إدانة الجميع‪ ،‬وأقر صدام‬
‫بأن أسماء «المتآمرين» أعلنها المشهدي أو قرأها صدام من قائمة خالل االجتماع‪ .‬وبينما كانت األسماء تعلن‪،‬‬
‫طلب من الشخص الذي يذكر أن يقف‪ ،‬وكانت تصحبهم الحماية خارج القاعة واحدا واحدا‪.‬‬

‫وبعد ذلك أقيمت محكمة للبت في األمر ولتقرير العقوبة‪ .‬ويقول صدام إنه ال يتذكر الرقم تحديدا أو هويات‬
‫ـ أو أعدموا أو سجنوا أو هربوا أو كانوا أبرياء أو أطلق سراحهم‪ ،‬وقال‬ ‫األشخاص الذين تم التوصل إلى إدانتهم‬
‫إن األمر برمته‪ ،‬بما فيه عمليات اإلعدام‪ ،‬تم خالل نحو ‪ 60‬يوما‪ ،‬وبحلول الثامن من أغسطس (آب) ‪.1979‬‬

‫ويعتقد صدام أن الوقت الذي استغرقته العملية كان «أكثر من كاف» لمحاكمة محايدة‪ ،‬وعلى الرغم من أنه‬
‫يعتقد أنه كان هناك وقت كاف للتحقيق بنزاهة‪ ،‬أقر صدام بأنه ربما لم يكن هناك وقت كاف «للتعمق في‬
‫األمور»‪ ،‬وعندما طلب منه توضيح كالمه‪ ،‬رد صدام بأنه ربما كان هناك متآمرون آخرون لم يتم تحديدهم‪ ،‬وال‬
‫يعلم صدام هل كان هناك مشاركون آخرون‪ ،‬ولكنه أكد على أن المعلومات المتاحة والوقت الذي استغرقه‬
‫التحقيق كان كافيا إلدانة هؤالء الذين تم تحديدهم‪ .‬وعلق قائال بأن القانون يقول إنه من األفضل أن يطلق سراح‬
‫مدان على أن يسجَن بريئون دون إدانة‪.‬‬

‫ـ بعد ذلك‪.‬‬ ‫وقال إنه ال يعرف نتائج التحقيق تحديدا‪ ،‬فقد اتخذت محكمة القرار في هذا األمر ونفذت األحكام‬
‫وعندما سئل عن تورط خالد السامرائي‪ ،‬وكيف كان يمكن لشخص موجود بالفعل في السجن أن يكون جزءا من‬
‫هذه المؤامرة‪ ،‬قال صدام «اسألوا من قاموا بالتحقيق»‪ .‬وعندما سُئل من قام بالتحقيق‪ ،‬قال صدام إنه ال يتذكر‪.‬‬
‫وأشار المحقق إلى أن برزان التكريتي‪ ،‬الذي كان قد عين للتو مديرا لالستخبارات العراقية‪ ،‬كان يترأس فريق‬
‫التحقيق‪ .‬ورد صدام بأنه بالتأكيد كانت هناك لجنة‪ ،‬ولكنه نفى أن يكون لديه علم بمن كانوا فيها‪ .‬ونفى أن‬
‫يكون يعرف أي شخص ربما كان في هذه اللجنة‪.‬‬

‫وعن مشاركة مجلس قيادة الثورة في هذا التحقيق‪ ،‬أنكر صدام في البداية معرفته بأي تفاصيل‪ ،‬وعلق بأنه إذا‬
‫كان األمر قد قررته محكمة‪ ،‬فال بد أن هناك لجنة رسمية‪ .‬وذكر المحقق صدام بخطاب أدلى به في ‪ 8‬أغسطس‬
‫(آب) ‪ 1979‬قال فيه إن المجلس‪ ،‬الذي كان يضم في السابق ‪ 21‬عضوا‪ ،‬يضم اآلن ‪ 16‬عضوا بسبب تورط‬
‫خمسة أعضاء في المؤامرة‪ ،‬وقال صدام في الخطاب إنه من بين الستة عشر عضوا‪ ،‬قام ثالثة بإجراء‬
‫التحقيقات وشكل سبعة محكمة سمعت الحقائق وقررت العقوبة‪ ،‬وأضاف صدام في الخطاب أن هذه هي المرة‬
‫األولى في تاريخ الحركات الثورية والنضال اإلنساني التي يشارك فيها أكثر من نصف القيادة العليا لدولة في‬
‫هذا األمر‪ .‬ورد صدام على المحقق‪« :‬جيد‪ ،‬جيد جدا»‪ ،‬فوفق الدستور‪ ،‬يجب أن يحاكم أعضاء مجلس قيادة‬
‫الثورة من قبل أعضاء آخرين في مجلس قيادة الثورة‪ ،‬وليس من قبل محكمة خارج المجلس‪ .‬وعندما سئل عن‬

‫‪32‬‬
‫نزاهة وحيادية قيام مجلس قيادة الثورة بمحاكمة أعضائه‪ ،‬رد صدام بأن النزاهة كانت موجودة بين أفراد‬
‫مجلس قيادة الثورة‪ ،‬ولم تكن المؤامرة ضدهم ولكن ضد صدام‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن الدستور الذي ينص على اإلجراء كان موجودا قبل المؤامرة بفترة طويلة‪.‬‬

‫وعندما سئل عن التصريحات السابقة التي أدلى بها والتي قال فيها إن المؤامرة كانت ضد الحزب‪ ،‬قال صدام‬
‫«لم أقل ذلك‪ ،‬ولكن قلت إنها كانت ضد صدام»‪ ،‬لقد تآمر المتآمرون مع دولة أخرى (سورية) لمنع صدام من‬
‫تولي السلطة‪ ،‬وعلى الرغم من أن صدام كان رئيس الحزب‪ ،‬فإن المؤامرة كانت ضده شخصيا‪ .‬ويعتقد صدام‬
‫أنه كان هناك أشخاص لم يريدوه في السلطة‪ ،‬ألنه لن يكون من «السهل السيطرة عليه»‪ ،‬ولكن مع وجود‬
‫شخص في منصب الرئيس‪ ،‬كان قد تآمر مع األعضاء الخمسة بمجلس قيادة الثورة والدولة األخرى‪ ،‬ربما كان‬
‫يمكن آلخرين السيطرة على العراق‪ .‬وأقر صدام بأنه كان يجري العمل في ذلك الوقت على اتفاقية مؤقتة‬
‫بخصوص توحيد سورية والعراق‪ ،‬وتحديدا عن طريق طارق عزيز‪ ،‬ولكن أنهت المؤامرة هذه المناقشات‬
‫واالتفاقية‪ ،‬حيث إن «أي شيء يعتمد على التآمر ال قيمة له»‪ .‬وعندما سئل ما الذي كانت تأمل الدولة األخرى‬
‫في الحصول عليه‪ ،‬قال صدام «اسألوهم‪ ،‬فنحن لم نسألهم»‪.‬‬

‫ونفى صدام معرفته بأي مكافأة دفعت لألفراد أو الفرد الذي اكتشف المؤامرة‪ .‬وعندما سئل عن السبب وراء‬
‫تصوير االجتماع في ‪ 22‬يوليو (تموز)‪ ،‬قال صدام إن الشريط المصور كان يهدف إلى إخبار أعضاء الحزب بما‬
‫حدث‪ .‬وأكد أنه‪ ،‬كما هذا في الشريط المصور‪ ،‬كانت هناك الكثير من المشاعر‪ ،‬ومنها الحزن‪ ،‬وأشار المحقق‬
‫إلى أن الخوف بدا على أنه الشعور الظاهر بدرجة أكبر‪ ،‬في بادئ األمر من المشاهدين‪ ،‬وبعد ذلك من هؤالء‬
‫الذين ذكرت أسماؤهم وصرخوا ببراءتهم عندما طلب منهم الوقوف‪ .‬وقال صدام إنه طلب بنفسه من واحد على‬
‫األقل ممن ذكرت أسماؤهم أن يغادر القاعة‪.‬‬

‫وأشار المحقق إلى ثالثة أشياء تبدو واضحة في الشريط‪ ،‬ومنها صدام وهو يدخن سيجارا‪ ،‬والتعبير البادي على‬
‫وجه طارق عزيز‪ ،‬وعلي حسن المجيد وهو يصرخ على السامرائي‪ ،‬واعتقاده بأن المتآمرين سوف يبقون‬
‫طالما أن السامرائي على قيد الحياة‪ .‬ورد صدام بأنه يعرف المغزى وراء كل مثال أورده المحقق‪ .‬وقال إنه من‬
‫النادر أن يدخن ما لم تكن «الظروف صعبة»‪ .‬وسأل صدام عن التعبير الذي بدا على عزيز‪ ،‬وهل كان سعيدا أم‬
‫حزينا‪ .‬ورد المحقق بأن عزيز بدا مرعوبا‪ .‬وقال صدام إن «قراءة» المحقق غير صحيحة‪« ،‬فجميعنا كنا‬
‫مرعوبين»‪ .‬وفيما يتعلق بعلي حسن (المجيد)‪ ،‬سأل صدام المحقق هل يريد القول بأن السامرائي أعدم بسبب‬
‫كالم علي حسن‪ .‬قال صدام إن نسخا من الشريط المصور الجتماع يوم ‪ 22‬يوليو (تموز) عام ‪ 1979‬أرسلت‬
‫ـ مسؤولو السفارات الشرائط المصورة لتقديم المعلومات‬ ‫إلى السفراء العراقيين في دول أخرى‪ ،‬واستخدم‬
‫للعراقيين الذين يعيشون خارج البالد عن األحداث التي تقع في العراق‪ ،‬ونفى صدام معرفته بما إذا كان تم‬
‫عرض الشريط المصور على قيادات دول أخرى‪ .‬وقال إنه لو كان عُرض على هؤالء األشخاص‪ ،‬فهذا «شيء‬
‫جيد وليس سيئا»‪ ،‬وربما عُرض الشريط المصور على زعماء آخرين ألن دولة عربية أخرى شاركت في‬
‫المؤامرة‪ .‬وعما إذا كان الشريط المصور وزع إلثبات أن صدام يتولى مسؤولية العراق‪ ،‬قال للمحقق أنت‬
‫شاهدت الشريط و«هذا رأيك‪ ،‬ولديك الحق»‪.‬‬

‫وذكر المحقق تعليقات يقال إن صدام أدلى بها في وقت المؤامرة ومنها «ال توجد فرصة ألي شخص ال يتفق‬
‫معنا لكي يقفز على دبابتين ويطيح بنا»‪ ،‬وقال صدام إنه ال يتذكر أنه أدلى بهذا التعليق‪ ،‬ولكنه يعتقد أنه يمكنه‬
‫تفسير هذه الكلمات على أنها كانت جزءا من تفكيره‪ .‬ولم توجه هذه الرسالة إلى الدولة األخرى التي تآمر معها‬
‫المتآمرون ولكن لجميع أعضاء الحزب‪.‬‬

‫وسئل عن صدق الكالم السابق الذي يقال إنه قاله إلى البكر في الستينات والسبعينات‪ ،‬والذي عبر خالله عن‬
‫رغبته في ترك الحكومة‪ ،‬وأجاب صدام بأنه بعد ‪ 1974‬كان يعتقد أن لديه التزاما أخالقيا إزاء الشعب العراقي‪،‬‬

‫‪33‬‬
‫وبعد الكثير من النقاش مع الرئيس البكر‪ ،‬عرف صدام بأن هذا «مصيره»‪ ،‬ومنذ هذا الوقت‪ ،‬قرر أن يقبل هذا‬
‫التعيين وخطط للرئاسة‪.‬‬

‫* صدام‪ :‬الكويت أخذت مليارين ونصف المليار برميل من نفطنا‪ ..‬وكنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر‬

‫ـ قال إنه حذرها من أنها إذا لم تكف عن التدخل في شؤون العراق سيجعل دينارها يساوي ‪ 10‬فلوس‬

‫ـ محضر جلسة االستجواب التاسعة ‪ 24‬فبراير (شباط) ‪2004‬‬

‫* قبل بدء المقابلة‪ ،‬تم إخبار صدام بأن هذه الجلسة سوف تكون استكماال للمناقشة الخاصة بتاريخ العراق‪.‬‬
‫وبصورة خاصة‪ ،‬فإن مناقشة اليوم سوف تغطي األحداث التي قادت إلى الغزو العراقي للكويت‪ .‬أفاد صدام بأنه‬
‫بعد الحرب مع إيران بين عامي ‪ 1980‬و‪ 1988‬كان العراق يحاول إعادة بناء نفسه‪ .‬وقد شبه صدام الموقف‬
‫مع الكويت بما يحدث عندما يتشاجر أحد األشخاص مع شخص آخر‪ .‬فبعد الشجار يذهب كل طرف إلى سبيله‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬فقد كان أحد الطرفين اللذين كان بينهما شجار في الماضي يرغب في القتال‪ ،‬وكذلك كان الطرف اآلخر‪.‬‬
‫فلم يكن هناك مفر من القتال مرة أخرى‪ .‬وحسبما أفاد صدام‪ ،‬فقد كان الخميني وإيران سيحتالن العالم العربي‬
‫إذا لم يكن العراق موجودا‪ .‬ولذا‪ ،‬فقد كان العراق يتوقع من العالم العربي أن يدعمه أثناء وبعد الحرب‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬فبعد الحرب‪ ،‬حدث العكس تماما‪ ،‬ال سيما من جانب الكويت‪ .‬فمع نهاية الحرب‪ ،‬حيث بدأ العراق في عملية‬
‫إعادة البناء‪ ،‬وصل سعر النفط إلى ‪ 7‬دوالرات للبرميل‪ .‬ومن وجهة نظر صدام‪ ،‬فإن العراق لم يكن بمقدوره‬
‫القيام بإعادة بناء البنية التحتية واالقتصاد مع هذا االنخفاض في أسعار النفط‪ .‬وقد كانت الكويت تتحمل اللوم‬
‫بسبب هذا التدني في أسعار النفط‪ .‬وفي سعي من جانب العراق لحل هذا الموقف وتحفيز االقتصاد‪ ،‬تم إرسال‬
‫الدكتور (سعدون) حمادي وهو وزير الخارجية العراقي في ذلك الوقت إلى الكويت‪ .‬وقد خلص حمادي والقيادة‬
‫العراقية بعد االجتماع إلى أن تدني أسعار النفط لم يكن مسؤولية الكويتيين وحدهم‪ .‬وكان العراق يعتقد أن هناك‬
‫جهة أخرى‪ ،‬أو قوة أكبر وراء هذه «المؤامرة»‪.‬‬

‫أرسل العراق كذلك مسؤولين حكوميين إلى المملكة العربية السعودية إلقناع السعوديين بالضغط على الكويت‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن وزير النفط السعودي جاء إلى العراق وعقد مباحثات حول أسعار النفط واالقتصاد‬
‫العراقي وأفعال الكويت‪ .‬وزعم صدام أن أحد المسؤولين في الكويت قال‪« :‬إننا سوف نجعل االقتصاد العراقي‬
‫يتدهور بدرجة كبيرة‪ ،‬وسوف يكون بوسع المرء النوم مع امرأة عراقية مقابل عشرة دنانير»‪ .‬وقال صدام‬
‫للسعوديين إنه إذا لم تتوقف الكويت عن التدخل في الشؤون العراقية فإنه سوف يجعل الدينار الكويتي يساوي‬
‫عشرة فلوس‪ .‬وقال صدام إنه عندما تمت مواجهة الكويت بالحقائق الخاصة بسرقة النفط العراقي باستخدام‬
‫ـ وكأنها شيء‬ ‫الحفر العميق‪ ،‬اعترفوا بأنهم أخذوا «مليارين ونصف المليار برميل فقط»‪ .‬وقد ذكروا هذه الحقيقة‬
‫ال أهمية له‪ .‬وفيما يتعلق بالمشكلة مع الكويت‪ ،‬فقد أرسل العراق مندوبين لدول الخليج األخرى ولم يكن صدام‬
‫يتذكر هذه الدول‪ .‬وقد شرح هؤالء المندوبون الموقف الكويتي والموقف العراقي‪ .‬وقد وعدت الدول األخرى‬
‫بأنها سوف تصحح أسعار النفط في االجتماع التالي للدول المصدرة للبترول (أوبك)‪ .‬وفي االجتماع التالي للدول‬
‫المصدرة للنفط (أوبك)‪ ،‬تم إصدار قرار بتثبيت أسعار النفط بين ‪ 16‬ـ ‪ 17‬دوالرا للبرميل‪ ،‬حسبما يتذكر‬
‫صدام‪ .‬وقد تدخلت الكويت بشأن هذا القرار‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬أفاد وزير النفط الكويتي أو وزير الخارجية بأن الكويت‬
‫لن تلتزم بهذا القرار‪ .‬وفيما يتعلق بديون القروض العراقية من دول الخليج نتيجة للدعم الذي تلقاه العراق أثناء‬
‫الحرب العراقية اإليرانية‪ ،‬أفاد صدام بأن هذه القروض لم تكن قروضا وأنه من المفترض أن تكون مساعدات‬
‫مجانية من هذه الدول‪ .‬وكانت هذه الدول قد استخدمت كلمة «قروض» كصيغة فقط إلخفاء الغرض من هذه‬
‫المساعدات عن اإليرانيين‪ .‬وعندما تم إبالغ العراق بأن هذه األموال كانت بالفعل قروضا‪ ،‬عقد العراق مباحثات‬
‫مع هذه الدول شملت الكويت‪ ،‬من أجل حل مشكلة هذه الديون‪ .‬وألنه تم «تسجيل هذه األموال كقروض» إلى‬
‫العراق‪ ،‬لم يستطع العراق تأمين قروض من دول أخرى إلعادة البناء‪ .‬وقد أفاد صدام مرتين أنه ناقش تغييرا‬
‫في أسعار النفط يصل بها إلى ‪ 25‬دوالرا للبرميل‪ .‬وعندما كان سعر النفط ‪ 50‬دوالرا للبرميل‪ ،‬أملى صدام‬

‫‪34‬‬
‫خطابا لطارق عزيز تم إرساله إلى جريدة «الثورة»‪ .‬وفي هذا الخطاب‪ ،‬أخبر صدام الدول المنتجة للنفط بأن‬
‫عليها أن تستفيد من الدول الصناعية‪ .‬وطلب صدام من هذه الدول تخفيض األسعار إلى ‪ 25‬دوالرا للبرميل‪.‬‬
‫وقد علق بأن ذلك كان أمرا غريبا في هذا الوقت ألن العراق كان يمتلك البترول وكان باستطاعته استخدام‬
‫األموال‪ .‬وعندما انخفضت األسعار إلى ‪ 7‬دوالرات للبرميل عام ‪ 1989‬ـ ‪ 1990‬دعا صدام إلى زيادة أسعار‬
‫النفط إلى ‪ 24‬ـ ‪ 25‬دوالرا للبرميل‪ .‬ومن وجهة نظر صدام‪ ،‬فإن ذلك السعر لن يكون عبئا على المستهلك ولن‬
‫يضر بالمنتج‪ .‬وفيما يتعلق بنوع الرسالة التي تم إرسالها إلى العراق بخصوص عمل أو نقص عمل الكويت في‬
‫هذا الشأن‪ ،‬أفاد صدام بقوله‪« :‬لقد أكد ذلك على معلوماتنا» أنه كانت هناك «مؤامرة» ضد العراق والقيادة‬
‫العراقية واقتصاد العراق‪ .‬ومن وجهة نظر صدام‪ ،‬فإن زيارة الجنرال األميركي شوارزكوف إلى الكويت قد‬
‫زادت من تأكيد ذلك‪ .‬وقد تضمنت زيارته «تخطيطا رمليا» أو تحضيرات وقت الحرب لغزو العراق‪ ،‬مما عزز‬
‫من رؤية صدام والقيادة العراقية‪ .‬وقبل ذلك‪ ،‬كانت العالقات بين الكويت والواليات المتحدة وبريطانيا العظمى‬
‫معروفة للجميع‪ .‬وعندما قيل لصدام إن زيارات العسكريين األميركيين متعددة لكثير من الدول عبر جميع أنحاء‬
‫العالم‪ ،‬حيث يجرون مناورات ال تشير إلى «مؤامرة» سأل صدام‪« :‬في أي بلد آخر قام شوارزكوف بتخطيط‬
‫رملي مثلما فعل في الكويت؟» وتساءل صدام أيضا عن الدول التي قام فيها شوارزكوف بعقد مباحثات بأغراض‬
‫دفاعية‪ .‬وقد أفاد صدام بأنه يفهم وجود وطبيعة المناورات التي قامت بها الواليات المتحدة في مصر واألردن‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فعندما تصور المناورات أو التخطيط العراق كعدو وتتضمن وسائل الدفاع عن الكويت أو مهاجمة‬
‫العراق‪ ،‬فإن ذلك موقف يختلف عن المناورات األخرى‪ .‬ناقش صدام وجهة نظره في الغرب فيما يتعلق بالعراق‬
‫خالل األشهر التي قادت إلى الحرب في الكويت‪ .‬فبعد هزيمة العراق أمام إيران‪ ،‬كانت وسائل اإلعالم تصور‬
‫العراق على أنه تهديد عسكري للمنطقة‪ .‬ومع ذلك لم يكن العراق «داخل الدوائر السوفياتية» وكان يحاول‬
‫إعادة بناء االقتصاد‪ .‬كما كان العراق يبدأ في بناء عالقاته مع الواليات المتحدة‪ .‬وبعد وقت قصير‪ ،‬جعلت‬
‫الواليات المتحدة من العراق عدوا لها من خالل ثالث وسائل أو من أجل ثالثة أسباب‪ .‬أوال‪ ،‬القوة «الصهيونية»‬
‫وتأثيرها على الواليات المتحدة وسياستها الخارجية‪ .‬فهناك نظرة لدول مثل العراق على أنها تهديد إلسرائيل‪،‬‬
‫وقد أصبحت هذه الدول مستهدفة من قبل «المؤامرة»‪ .‬وقد قدم صدام دليال على وجهة نظره هذه‪ ،‬حيث أفاد أن‬
‫إسرائيل أصدرت بيانا رسميا قالت فيه إن أي اتفاقية سالم مع الدول العربية يجب أن تتضمن العراق‪ .‬ويعتقد‬
‫صدام أن إسرائيل ليس لديها أمل في السالم‪ ،‬وأن الدول األخرى هي التي تلتزم بأمنياتها‪ .‬وقد استغلت إسرائيل‬
‫نفوذها على الغرب ضد عبد الناصر في مصر مثلما هي الحال ضد العراق‪ .‬ويمتد هذا التأثير «الصهيوني» إلى‬
‫الواليات المتحدة ليشمل االنتخابات هناك‪ .‬ثانيا‪ ،‬يرى صدام أنه كانت هناك قوتان عظميان في العالم‪ ،‬وهما‬
‫الواليات المتحدة واالتحاد السوفياتي‪ .‬وحسبما يرى صدام‪ ،‬فإن العالم كان حينذاك «أفضل من اآلن» ألنه كان‬
‫من السهل على هاتين القوتين االتفاق بدال من محاولة التوصل إلى ذلك االتفاق بين دول عدة‪ .‬وقد حاولت‬
‫القوتان جذب عدد كبير من الدول إلى كل منهما‪ ،‬مما كان يمثل توازنا في القوى العالمية‪ .‬ومع انهيار ذلك‬
‫التوازن‪ ،‬أصبحت الواليات المتحدة وحدها هي القوة العظمى‪ .‬وينظر إلى الواليات المتحدة حاليا على أنها‬
‫تحاول إمالء إرادتها على بقية دول العالم بما فيها العراق‪ .‬وعندما ال توافق الدول على سياسة الواليات‬
‫المتحدة‪ ،‬مثلما هي الحال مع العراق‪ ،‬فإن هذه الدول تصبح عدوة‪ .‬السبب الثالث الذي جعل الواليات المتحدة‬
‫تجعل من العراق عدوا لها يتمثل في األسباب االقتصادية‪ .‬فهناك جهات معينة داخل الواليات المتحدة‪ ،‬بما فيها‬
‫مصانع األسلحة وعناصر في الجيش‪ ،‬تفضل الحرب بسبب األرباح المالية التي تجنيها‪ .‬وهذا حقيقي بالنسبة‬
‫ـ أن الحرب‬ ‫للشركات التي تبيع كل شيء من السجاد إلى الدبابات دعما للحرب‪ .‬وأضاف صدام أن أميركا اكتشفت‬
‫في أفغانستان لم تكن كافية للحفاظ على هذه األرباح التي تجنيها من مجمع الصناعات العسكرية في أميركا‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فقد بدأت الحرب مع العراق‪ .‬وبعد انهيار االتحاد السوفياتي‪ ،‬اجتمعت هذه األسباب كافة الداخلية‬
‫والخارجية لجعل العراق عدوا للواليات المتحدة‪ .‬وأفاد صدام بأنه قبل غزو الكويت‪ ،‬كان هناك اجتماع لمجلس‬
‫قيادة الثورة العراقي‪ ،‬حيث تمت مناقشة الموضوع‪ .‬وكانت قيادة مجلس قيادة الثورة العراقية تأمل أن «يتدخل»‬
‫السعوديون ويجدوا حال‪ .‬وقد سافر نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقية إلى المملكة العربية السعودية‬
‫لطلب المساعدة لكنه رجع من دون تحقيق الغرض من الزيارة‪ .‬ولذلك‪ ،‬لم يكن هناك غير مناقشة األمر من‬
‫جانب اتخاذ عمل عسكري‪ .‬وقد أفاد صدام أنه ربما عارض عضو أو اثنان فكرة الغزو‪ ،‬لكنه لم يتذكر هذين‬

‫‪35‬‬
‫العضوين على وجه الخصوص‪ .‬ولم يتذكر إذا كانت األغلبية أو جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة قد وافقوا‬
‫على اتخاذ عمل عسكري‪ .‬وأفاد صدام بقوله‪« :‬لقد كنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر»‪ .‬وقد كانت آخر‬
‫المحاوالت للبحث عن حل أثناء الزيارة األخيرة إلى المملكة العربية السعودية حيث اجتمع نائب رئيس مجلس‬
‫قيادة الثورة مع أخ أمير الكويت الشيخ صباح‪ .‬وتم اتخاذ القرار النهائي بغزو الكويت على أساس أن «الهجوم‬
‫خير وسيلة للدفاع»‪ .‬وقد برر صدام الغزو كذلك بناء على الحقائق التاريخية‪ .‬وقال إن التاريخ يقول إن الكويت‬
‫ـ ويقررا‬‫جزء من العراق‪ .‬وقال صدام إن هدف الغزو كان هو «المعلن عنه»‪ .‬وهو أن يحكم الكويتيون أنفسهم‬
‫ما نوع العالقات التي سوف تكون مع العراق‪ .‬وبالنسبة لقادة الكويت‪ ،‬فقد قال صدام إنهم «خائنون» للعراق‬
‫والكويت وكل الدول العربية‪ .‬وقد استمر هؤالء القادة في التآمر حتى بعد تركهم للكويت إثر الغزو العراقي‪ .‬فقد‬
‫كانت الواليات المتحدة هي التي تتحكم فيهم‪ .‬وبسبب تآمر هذا البلد مع الواليات المتحدة‪ ،‬فلم تتوقع الكويت أن‬
‫تكون «الضربة موجهة إليهم»‪ .‬وقد أفاد صدام بأن الكويت تستحق «عشر ضربات»‪ .‬ولم تكن الكويت قوية‬
‫عسكريا مثل إيران‪ .‬ولم يكن نقص الدفاعات الكويتية مؤشرا على غياب التخطيط مع الواليات المتحدة‪ .‬وربما‬
‫تكون الخطط التي تمت مناقشتها واإلشارة إليها «تخطيط الرمال» هجومية بطبيعتها وليست دفاعية‪ .‬وقد كانت‬
‫هناك أسباب لغزو العراق للكويت سواء مع وجود أو غياب القوات األميركية‪ .‬ومثلما فعلت الواليات المتحدة في‬
‫معظم حروبها األخيرة‪ ،‬فقد «أوجدت» الواليات المتحدة األسباب لقتال العراق في الكويت عام ‪ .1991‬وقد أنكر‬
‫ـ القوات العراقية في‬ ‫صدام اختالق هذه «المؤامرة» كمبرر لغزو الكويت‪ .‬وزعم أن الوثائق التي اكتشفتها‬
‫الكويت أثبتت وجود «مؤامرة» كويتية مع الواليات المتحدة‪ .‬وأشار صدام بقوله‪« :‬يمكننا أن نناقش ذلك‬
‫أليام»‪ .‬واستغرق األمر من الواليات المتحدة و‪ 28‬دولة أخرى سبعة أشهر لتعبئة القوات للحرب عام ‪.1991‬‬
‫وقد حدثت هذه التعبئة بسبب قوة العراق والتهديد الذي كان يشكله الجيش‪ .‬وقد شجع هذا التهديد السياسيين‬
‫في الواليات المتحدة على دعم القيام بعمل عسكري ضد العراق‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الفوائد المالية‬
‫للشركات التي يمكن أن تستفيد من الحرب قد شجعت على ذلك أيضا‪ .‬وقد تم شن الهجوم العراقي على الكويت‬
‫بحيث لم يتم إكمال بناء الخطوط الدفاعية‪ .‬وقد كرر صدام أن نقص القوات األميركية في الكويت ال يعني أنه لم‬
‫تكن هناك «مؤامرة»‪.‬‬

‫وأعاد صدام التأكيد على أن هدف غزو الكويت كان يتمثل في السماح للكويتيين «بتقرير ما يرغبون فيه للتعامل‬
‫مع العراق»‪ .‬وقد أنكر صدام أن إعالن الكويت كمحافظة رقم ‪ 19‬للعراق يتناقض مع بيان سابق‪ .‬وحسبما‬
‫يقول صدام‪ ،‬فقد تم تأسيس حكومة كويتية بعد الغزو وشملت رئيسا للوزراء ومختلف الوزراء‪ .‬كما أنكر صدام‬
‫تعيين علي حسن المجيد وهو أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة كحاكم للكويت‪ .‬وأضاف أن الحكومة الكويتية‬
‫قررت «االلتحاق بالعراقيين»‪ .‬وعندما سئل عما إذا كان قد أعطى الخيار للكويتيين للتعبير عن رأيهم فيما يتعلق‬
‫بالحرب األخيرة ضد العراق‪ ،‬استمر في القول بأن التصرفات العراقية فيما يتعلق بالكويت كانت أكثر منطقية من‬
‫موقف الواليات المتحدة تجاه العراق في الحرب األخيرة‪ .‬وقال صدام إن إعالنه الكويت كمحافظة رقم ‪ 19‬كان‬
‫«مستحقا ومنطقيا»‪ .‬وفي عام ‪ 1961‬أو ‪ 1962‬كان الرئيس العراقي قاسم في ذلك الوقت يرغب في جعل‬
‫الكويت مقاطعة عراقية‪ .‬وأكد صدام على أنه شرح بالفعل السبب وراء عدم اتخاذ إجراءات أخرى لتفادي‬
‫الغزو‪ ،‬وكذلك األسباب التي جعلته يخصص الكويت كمحافظة رقم ‪ .19‬ومع بدء الهجوم األميركي‪ ،‬تبخرت كل‬
‫الحلول السياسية الممكنة‪ .‬وزعم صدام أن العراق «كان سيسير في االتجاه اآلخر» إذا لم تهاجمه الواليات‬
‫المتحدة‪ .‬ومع استنفاد الحلول السياسية‪ ،‬لم يبق سوى خيارين‪ .‬فقد كان بإمكان العراق االنسحاب من الكويت‪،‬‬
‫مع عدم احتمال توقف الهجمات على قواته أثناء االنسحاب‪ .‬أو يكون العراق «أضحوكة» العالم‪ .‬وكان من‬
‫الممكن أن تكون القوات العراقية مترددة في القتال إذا لم يتم إعالن الكويت المحافظة رقم ‪ .19‬وكان الحل‬
‫الثاني وهو األقرب يتمثل في عدم االنسحاب وإعالن الكويت المحافظة رقم ‪ 19‬حتى تقاتل القوات العراقية‬
‫بشراسة أكبر‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪---------------------------‬‬

‫الحلقة الخامسة‪ :‬صدام‪ :‬انتفاضات ‪ 1991‬قام بها لصوص‪ ..‬ووافدون من إيران‬

‫قال‪ :‬أعضاء في حزب الدعوة جاءوا من إيران‬

‫وعندما سئل عن االنتفاضات التي أشارت تقارير عديدة الندالعها جنوبي العراق بعد حرب عام ‪ ،1991‬قال‬
‫صدام إنه في غضون يوم واحد من وقف إطالق النار عام ‪ ،1991‬شرعت «بعض العناصر» في تنفيذ عمليات‬
‫تخريبية في المدن العراقية الجنوبية‪ ،‬البصرة والناصرية والعمارة‪ .‬وفي وقت الحق‪ ،‬انتشرت تلك األنشطة إلى‬
‫مدن شمالية‪ ،‬السليمانية وإربيل وكركوك‪ .‬وقال صدام إن الجماعات التي نفذت مثل تلك العمليات «مدفوعة من‬
‫إيران»‪ ،‬موضحا أن العراق ألقى القبض على ‪ 68‬ضابط استخبارات إيرانيا تمت مبادلتهم الحقا مقابل أسرى‬
‫عراقيين‪ .‬وأشار صدام إلى أن «العناصر» التي شاركت في االنتفاضات كانت مزيجا من لصوص ومتمردين‬
‫و«أولئك الوافدين من إيران»‪ .‬وتضمنت المجموعة األخيرة أشخاصا يعملون لحساب الحكومة اإليرانية‪،‬‬
‫وعراقيين من أصول إيرانية‪ ،‬وعراقيين «هربوا» إلى إيران‪ .‬وأكد صدام أنه في أعقاب اتخاذه قرار بإعادة‬
‫التأكيد على سيطرة الحكومة على البالد‪ ،‬أولت القيادة العراقية المنطقة الجنوبية من البالد أولوية كبرى‪ .‬وكانت‬
‫تلك هي المنطقة التي واجهت فيها القوات العراقية وحاربت عناصر تنتمي بصورة أساسية إليران‪ .‬وبعد‬
‫استعادة النظام إلى جنوبي العراق‪ ،‬ركزت القوات الحكومية على المنطقة الشمالية‪ ،‬حيث جابهت مقاومة هزيلة‪،‬‬
‫وأحيانا لم تجد أية مقاومة‪ .‬وأكد صدام أنه كان يجب على الحكومة العراقية مواجهة هؤالء األفراد الذين‬
‫شاركوا في االنتفاضات‪ ،‬وقال إنه على الرغم من أن «أجنحة السلطات كانت مشتتة» بسبب حرب ‪ ،1991‬فقد‬
‫قامت الحكومة العراقية بـ«إلقاء القبض عليهم وضربت العدو»‪ .‬وأضاف أن هؤالء الذين ال يردعهم الكالم‬
‫يردعهم السالح‪ .‬وطلبت القيادة العراقية من الجيش أن يجمع أكبر قدر ممكن من القوات لمواجهة «الخيانة»‬
‫وللتعامل مع االضطرابات‪.‬‬

‫‪-------------------‬‬

‫* صدام‪ :‬الكويت هي العراق وبريطانيا سرقتها ألن فيها نفطا‪ ..‬ولم نأسر أي كويتي‬

‫ـ شكك في خسارة الكويت ‪ 180‬مليار دوالر جراء غزوها واحتاللها‪ ..‬وطالب بتحقيق «محايد»‬

‫ـ محضر جلسة االستجواب الـ ‪13‬‬

‫ـ ‪ 11‬مارس (آذار) ‪2004‬‬

‫* قبل بدء المقابلة‪ ،‬قيل لصدام إن هذه الجلسة سوف تكون استكماال لجلسات النقاش السابقة المتعلقة بالكويت‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالمعلومات التي أوردتها الحكومة الكويتية والتي تشير إلى أن الغزو العراقي واحتالل الكويت قد‬
‫أسفر عن خسائر للدولة قيمتها ‪ 180‬مليار دوالر‪ .‬سأل صدام عن مصدر تلك المعلومات‪ ،‬وعندما أخبر بأن‬
‫المصدر هو الكويت‪ ،‬سأل صدام ما إذا كانت هيئة محايدة وقانونية قد سألت الكويت عن أسباب وصولها إلى تلك‬
‫ـ في تلك المسألة‪ .‬وتساءل صدام مرة أخرى‬ ‫النتيجة‪ ،‬وقال إنه لم يسأل «أحد» الكويت عن تفاصيل تحقيقاتهم‬
‫عن وجود دليل يدعم افتراضات الكويت‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫وأعاد صدام المعلومات التي ذكرت في استجواب سابق والتي تفيد بأن «الكويت هي العراق»‪ .‬ووفقا لصدام فإن‬
‫الكويت قد «سرقت» من العراق بموجب قرار بريطاني‪ ..‬وأضاف أنه إن لم تكن الكويت دولة نفطية فإنها لم‬
‫تكن «لتسرق»‪.‬‬

‫ـ يشنون الحرب‪ .‬كما أنه أضاف بعد ذلك‬


‫وقال صدام إن غطرسة الحكام الكويتيين تجعلهم «أغبياء»‪ ،‬وجعلتهم‬
‫أنه يستطيع فهم أن تريد الواليات المتحدة التي تقع على الجهة األخرى من المحيط األطلسي أن يصبح العراق‬
‫دولة فقيرة‪ ،‬إال أنه ال يستطيع فهم السبب الذي يجعل الكويت ترغب في أن تجاور «دولة تتضور جوعا»‪.‬‬

‫وأكد صدام أنه ال يقول إن الكويت ليس لديها الحق في إصدار مثل تلك التصريحات‪ ،‬ولكنه تساءل مرة أخرى‬
‫عن هوية الهيئة المحايدة التي فحصت هذه المسألة وما إذا كانت قد ناقشتها مع العراق‪ ،‬ويعتقد صدام أنه كان‬
‫يجب تشكيل شيء مماثل للمحكمة لسماع التفاصيل من كال الجانبين والتخاذ قرار بشأنها‪ .‬إال أن شيئا من ذلك‬
‫لم يحدث‪ .‬وقال صدام إنه قبل الحرب األخيرة‪ ،‬قال المسؤولون األميركيون إنه سيتم شطب كل الديون العراقية‬
‫بما فيها الديون التي يدين بها إلى الكويت‪ .‬وفي رأي صدام‪ ،‬فإن ذلك يثبت أن «أي قدر من المال ندين به‬
‫للكويت لم يكن مسألة قانونية» بل كان مسألة «سياسية»‪ ..‬وأضاف أن تلك السياسة كانت تنتهجها الواليات‬
‫المتحدة وليست األمم المتحدة أو الكويت أو أي كيان آخر‪ .‬وقد أخبر المحقق صدام بأن الكويت لم تطلب أي‬
‫تعويضات عن األضرار التي لحقت بها خالل الغزو واالحتالل العراقي لها‪ ،‬إال أنها طلبت استعادة الـ‪605‬‬
‫أسرى حرب‪.‬‬

‫وحتى اليوم‪ ،‬لم يعد هؤالء األسرى‪ ،‬وقال صدام إن هؤالء الكويتيين لم يتم «أسرهم»‪ ،‬وإنهم مفقودون كما هو‬
‫محدد في قرار األمم المتحدة‪ ،‬وقال إن هناك «العديد من القصص والروايات التي أحيكت» حول تلك القضية‪،‬‬
‫مثل تلك التي أحيكت حول امتالك العراق ألسلحة الدمار الشامل‪ ،‬فقد تم إثبات أن اتهامات الكويت بوجود أسرى‬
‫حرب لها عندنا ليست صحيحة‪ ،‬وهو ما يماثل أسلحة الدمار الشامل‪.‬‬

‫وأضاف صدام أنه عادة ما يصبح األشخاص «مفقودين» في الحرب‪ ،‬واستشهد بجندي التحالف الذي ال يزال‬
‫ـ من حرب الخليج األولى وآالف العراقيين واإليرانيين المفقودين من الحرب بين الدولتين‪.‬‬
‫مفقودا‬

‫وبالنسبة للـ‪ 605‬كويتيين‪ ،‬قال صدام إن الكويت تعرف مصيرهم‪ ،‬وأنكر علمه بوجود ‪ 605‬كويتيين معتقلين‬
‫في ظروف غير ظروف القتال بعد الغزو العراقي للكويت‪ .‬كما أقر صدام بأن عزيز صالح النعمان كان حاكما‬
‫للكويت خالل االحتالل العراقي‪ ،‬وهو منصب كان يشغله علي حسن المجيد في ذلك الوقت‪ ،‬وأنه كان خاضعا‬
‫مباشرة لوزير الداخلية العراقي‪ ،‬وقد تم تحديد مهام النعمان كحاكم الحقا في القوانين المحلية العراقية‪ ،‬وال‬
‫يتذكر صدام إذا ما كان قد عين النعمان بنفسه أو أنه تم تعيينه بموجب مرسوم أصدره مجلس قيادة الثورة في‬
‫العراق‪.‬‬

‫ففي العراق يحدد الدستور مقدما سلطة مجلس قيادة الثورة وسلطة الرئيس الذي هو أيضا رئيس مجلس قيادة‬
‫الثورة‪ .‬كما أن بعض التعيينات الحكومية مثل تلك التي تمنح لبعض المسؤولين البارزين في الجيش والقضاة‬
‫والمدراء العامين تعتمد على توجيهات «رئاسية»‪.‬‬

‫وأوضح صدام أن النظام العراقي ال يمنع الرئيس من ترشيح اسم للتعيين‪ ،‬طالبا من المجلس أن يقدم رأيه في‬
‫ذلك الترشيح‪ ،‬فالقرارات في العراق يوقعها الرئيس‪ ،‬كما أن له الحق في استشارة أو عدم استشارة أحد‪ .‬وقال‬
‫صدام إن «طريقته» كانت أن يستشير دائما اآلخرين عندما يأتي وقت اتخاذ القرار؛ فكان يتم تعيين الحكام وفقا‬
‫لتوجيهات «رئاسية»‪ .‬ولكن صدام ال يتذكر ما إذا كان قد ناقش مسألة تعيين النعمان مع المجلس أم ال‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫وعندما سئل بشأن استخدام العراق للكويتيين واليابانيين والغربيين كدروع بشرية خالل حرب الخليج األولى بما‬
‫في ذلك وضعهم في مواقع رئيسية مثل مراكز االتصاالت والمواقع العسكرية‪ ،‬أنكر صدام أن يكون قد تم وضع‬
‫األفراد في مواقع عسكرية عراقية‪ .‬وأضاف أن الحكومة العراقية لم تكن تمنع األفراد من التطوع كدروع بشرية‬
‫لحماية الهيئات مثل مراكز االتصاالت‪ ..‬وعندما سئل عما إذا كان هناك متطوعون في عام ‪ 1991‬أجاب صدام‬
‫«ال أتذكر»‪.‬‬

‫وقد قرأ المترجم على صدام خطابا من الحكومة العراقية أصدره قصي صدام يتعلق باستخدام السجناء الكويتيين‬
‫كدروع بشرية‪ ،‬فأجاب صدام بأنه ليس لديه معلومات حول ذلك الخطاب‪ ،‬وعندما أخبر صدام بأن الخطاب‬
‫حصلت عليه القوات األميركية من أحد مباني الحكومة العراقية وأن الخطاب يبدو قانونيا‪ ،‬أجاب صدام «لقد‬
‫أجبت»‪.‬‬

‫وتساءل صدام عما إذا كان هؤالء األسرى المذكورون في ذلك الخطاب قد سئلوا حول اعتقالهم في العراق أو‬
‫استخدامهم كدروع بشرية‪ .‬وقال صدام إن العراق أطلق سراح جميع األسرى الكويتيين‪ ،‬وبعد أن أخبر بأن‬
‫الخطاب يرجع تاريخه إلى ‪ 14‬مارس (آذار) ‪ 2003‬أجاب‪« :‬إنه تزييف‪ .‬فذلك مستحيل»‪ .‬واقترح أن يتم‬
‫فحص الخطاب بعناية لتحديد أصالته‪ ،‬وأضاف أنه كان يعتقد أن تاريخ الخطاب يرجع إلى ‪.1991‬‬

‫وذكر صدام أنه إذا كان تاريخ الخطاب هو ‪ ،2003‬فهو مزيف‪ ،‬مضيفا أن العراق لم يكن لديه أسرى في ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬وقال صدام إن قصي لم يكن ذلك النوع من األشخاص الذي «يفعل مثل تلك األمور»‪ .‬وكرر مرة أخرى‬
‫أنه يجب على الخبراء في الواليات المتحدة والعراق فحص ذلك الخطاب لبحث مدى موثوقيته‪.‬‬

‫وفيما يتعلق باألسلحة الكيميائية والسبب الذي لم يجعل العراق يستخدمها في حرب الخليج األولى‪ ،‬أجاب صدام‬
‫بأنه سئل ذلك السؤال قبل ذلك وبأنه قد أجاب‪ .‬وعندما أخبره المحقق بأنه لم يسأله ذلك السؤال من قبل‪ ،‬أجاب‬
‫صدام بأنه يرى من الغريب أن يسأله المحقق أو أي شخص آخر ذلك السؤال‪ ،‬ليس فقط في ذلك الوقت بل في‬
‫ـ األسلحة الكيميائية ضد قوات التحالف‪ ،‬وقال‬
‫أي وقت آخر‪ .‬وأضاف أنه ليس من سياسات العراق استخدام‬
‫صدام إن ذلك من أجل التاريخ وليس افتراضات غير واقعية‪ .‬وتساءل‪ :‬كيف كان سيوصف العراق إذا كان قد‬
‫استخدم األسلحة الكيميائية‪ ،‬وأجاب عن السؤال الذي طرحه «كانوا سوف يصفوننا باألغبياء»‪ .‬ووفقا لصدام‬
‫ـ قبل أو خالل حرب ‪.1991‬‬ ‫فإن المسؤولين العراقيين لم يتناقشوا أبدا حول األسلحة الكيميائية واستخدامها‬

‫وكما هو مذكور في حوار سابق‪ ،‬فقد أقر صدام بحدوث لقاء في يناير (كانون الثاني) ‪ 1991‬قبل الحرب‬
‫مباشرة بين وزير الخارجية األميركي جيمس بيكر ووزير الخارجية العراقي طارق عزيز‪ .‬ويتذكر صدام عبارة‬
‫قالها بيكر «سوف نجعل العراق يعود إلى عصر ما قبل الصناعة»‪ .‬وقال إن العراق لم يكن تخيفه التهديدات‬
‫خاصة عندما تأتي من «موقع قوي»‪ .‬وأنكر صدام معرفته بذلك الجزء من المناقشة الذي يتعلق بموقف‬
‫ـ العراق لألسلحة الكيميائية حال تعرضها العتداءات‪ .‬ووفقا‬‫الواليات المتحدة فيما يتعلق باحتمالية استخدام‬
‫ـ األسلحة الكيميائية «لم يخطر على بالنا»‪.‬‬
‫لصدام «فقد اتخذنا القرار الصائب»‪ .‬وأضاف أن استخدام‬

‫وقال صدام إن وزير الدفاع العراقي سلطان هاشم وقائد الفيلق الثاني (صالح) كانا يمثالن العراق في مباحثات‬
‫ـ ورؤاهم كانت مماثلة لمواقف القيادة العراقية فيما‬
‫وقف إطالق النار خالل حرب الخليج األولى‪ .‬وإن مواقفهم‬
‫يتعلق بتأمين وقف إطالق النار وبدء انسحاب القوات األجنبية من العراق‪ .‬وقال صدام إن العراق لم يكن‬
‫يستهدف استمرار الحرب وكان يرغب في وقف إطالق النار‪ .‬وعند سؤاله حول العناصر التي ناقشها العراق في‬
‫مباحثات وقف إطالق النار في ‪ 1991‬قال صدام إنه ال يتذكر أي طلبات عراقية إضافية عدا انسحاب القوات‬
‫األجنبية من أراضيهم‪ .‬وفي رأي صدام‪ ،‬فإن القتال كان ليستمر بدون ذلك االنسحاب‪ ،‬وأنكر معرفته بأن العراق‬
‫طلب وتلقى إذنا باستمرار طيران الطائرات المروحية‪ .‬كما أنكر معرفته بالغرض من مثل ذلك الطلب العراقي‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫* صدام‪ :‬انتفاضات ‪ 1991‬قام بها لصوص ومتمردون ووافدون من إيران‪ ..‬وخولتُ المحافظين التعامل معها‬

‫ـ قال إن األولوية أعطيت إلعادة السيطرة على الجنوب وإن المقاومة في الشمال «كانت هزيلة»‬

‫‪---------------------‬‬

‫ـ محضر جلسة االستجواب الـ ‪14‬‬

‫ـ ‪ 13‬مارس (آذار) ‪2004‬‬

‫* في أعقاب وقف إطالق النار عام ‪ ،1991‬أشار صدام إلى أن هدف القيادة العراقية كان إعادة بناء البنية‬
‫التحتية العراقية التي دمرت أثناء الحرب‪ .‬وتضمن ذلك إعادة صياغة برامج زراعية واقتصادية‪ .‬وقال صدام إن‬
‫العراق أعاد بناء «كل شيء تقريبا» وشرع في تنفيذ برامج جديدة في قطاعات الزراعة والتعليم والصحة‪ .‬إال‬
‫أن الجهود العراقية أعيقت جراء العقوبات المفروضة على البالد‪ ،‬التي أثرت على نحو خاص على قطاعي‬
‫الصحة والتعليم‪ .‬عندما تم لفت انتباه صدام إلى حدوث العديد من التغييرات في الحكومة العراقية خالل تلك‬
‫الفترة‪ ،‬بينها تعيين أفراد في مناصب جديدة‪ ،‬أكد صدام أن «هذا أمر طبيعي»‪ .‬من وجهة نظره‪ ،‬تعد هذه‬
‫التغييرات حدثا «عاديا» ليس في العراق فحسب‪ ،‬وإنما دول أخرى مثل الواليات المتحدة‪ .‬من بين تلك التعيينات‬
‫الجديدة تعيين عبد حمود سكرتيرا شخصيا لصدام ليحل بذلك محل السكرتير السابق الذي تم تعيينه وزيرا‬
‫للتعليم‪ .‬وأشار صدام إلى حمود باعتباره «رفيقا كبيرا لي» عمل كعضو من أعضاء مجموعة مرافقي الرئيس‬
‫والمكلفين بحمايته‪ .‬وتمثل مسؤول آخر في طارق عزيز الذي عين نائبا لرئيس الوزراء‪ .‬ووصف صدام عزيز‬
‫بأنه أحد أوائل أعضاء مجلس قيادة الثورة‪ .‬من وجهة نظر صدام‪ ،‬فإن عزيز «لم يكسب أي شيء من وراء هذا‬
‫التعيين»‪ .‬وقال صدام إنه أخبر القيادة العراقية أنه (صدام) إذا تقلد كذلك لقب رئيس الوزراء‪ ،‬فإنه سيكون‬
‫بحاجة لمعاونة آخرين‪ .‬وعليه‪ ،‬تم تعيين عزيز وطه ياسين رمضان نائبين لرئيس الوزراء‪ .‬أوضح صدام أن‬
‫مهام السكرتير الشخصي تتضمن تنظيم جدول أعمال الشخص الذي يعمل لحسابه‪ .‬ويجب أن يتحلى السكرتير‬
‫بالدقة في تنفيذ مهامه‪ .‬وجاء اختيار صدام لحمود سكرتيرا شخصيا له ألنه «كان مناسبا للمنصب»‪ .‬وأضاف‬
‫صدام أن ذلك كان اختياره وال يحمل األمر بوجه عام أهمية تاريخية‪ .‬وذكر مجددا أن حمود عمل في مجموعة‬
‫الحماية والمرافقين له‪ ،‬وأن كال المجموعتين تضمنتا أقارب صدام‪ .‬في بداية الثورة‪ ،‬كان من بين أقاربه واحد‬
‫فقط يتقلد منصبا سياسيا في الحكومة‪ .‬في ذلك الوقت‪ ،‬اتسم أقارب صدام بتعليمهم المحدود وعملوا بصورة‬
‫رئيسية في الجيش والقطاعات العسكرية األخرى‪ .‬أوضح صدام أن أعضاء مجموعة الحماية المعنية به لم تمل‬
‫ـ وتعزيز‬ ‫بالضرورة تفاصيل تحركاته‪ .‬وأشار إلى أنه في بعض األحيان عمد إلى تلقينهم سبل تحسين أدائهم‬
‫نجاحاتهم‪ .‬وقال إنه كان في بعض األحيان يمازحهم بالقول إنه قادر على االضطالع بمهامهم على نحو أفضل‪.‬‬
‫وأعرب صدام عن اعتقاده بأنه من المهم أال يتسم أعضاء القوة المحيطة به بـ«الخشونة» عندما «يخالط»‬
‫صدام أفراد الشعب‪ .‬وقال إن هذه القوة كانت ستصبح فاشلة في عملها إذا ما عمدت إلى «عزله» عن حشود‬
‫الجماهير‪ .‬وأضاف أنه من المهم كذلك أن يبدل أعضاء هذه القوة سلوكهم ومهامهم بما يتوافق مع طبيعة‬
‫صدام‪ .‬وكدليل آخر على قدرته على التلقين والتعليم‪ ،‬أكد صدام‪ ،‬أنه إذا طلب منه ذلك‪ ،‬فإن باستطاعته تقديم‬
‫المشورة فيما يتعلق بمهام المحقق‪ .‬وعندما سئل عن مزيد من الشرح لهذا األمر‪ ،‬قال‪« :‬إن الطبيب ال يطارد‬
‫الناس ليسألهم ما الذي يؤلمهم‪ .‬وإنما هم من يفدون إليه»‪ .‬وشدد صدام على أن األمر األهم هو إمعان النظر‬
‫في المنصب الذي يتواله المرء‪ ،‬سواء كان منصبا يعنى بالتنفيذ أو التخطيط‪ ،‬من أجل تحديد السبيل المثلى‬
‫لالضطالع بالمهام المرتبطة به‪ .‬وشرح أن الشخص المسؤول عن تنفيذ األوامر يجب أن يكون دقيقا وسريعا‪،‬‬
‫بينما يجب على من يتولى اإلشراف السماح لمن هم دونه بتفعيل روح المبادرة بداخلهم‪ .‬إال أنه نوه بأن‬
‫«هامش المبادرة» يختلف بين المواقف المدنية والعسكرية‪ .‬وقال صدام «األعين في الميدان تختلف عن تلك‬
‫داخل مقر القيادة»‪ ،‬مستطردا بأن «أعين الميدان» غالبا ما تتسم بدقة أكبر في تفهم موقف معين عن األخرى‬
‫الموجودة بمقر القيادة‪ .‬فيما يخص الصفات الشخصية التي رغب توافرها في من يعملون تحت إمرته‪ ،‬أوضح‬

‫‪40‬‬
‫صدام أن «اإلنسان ليس كالبضاعة»‪ .‬ربما يعتقد المرء أن شخصا ما مناسبا لمنصب معين ليكتشف الحقا أنه‬
‫يفتقر إلى الصفات المطلوبة‪ .‬ورأى صدام أن موقفا معينا قد يتطلب انتقاء فرد محدد‪ ،‬رغم أنه في ظل الظروف‬
‫العادية ربما ال يجري النظر إلى هذا الشخص باعتباره االختيار األمثل‪ .‬وينطبق هذا القول بوجه خاص في إطار‬
‫اختيار الشخص المناسب لتنفيذ عمليات عسكرية‪ .‬وأوضح صدام أن اختيار أو عزل األفراد فيما يتعلق بمناصب‬
‫عسكرية أو حكومية معينة غالبا ما يتضمن دراسة وجهات نظر أسرة هذا الشخص أو عشيرته‪ .‬ويتمثل عامل‬
‫آخر في دراسة مدى قوة شعوره بالهوية العراقية و«الفردية»‪ .‬ورغم أن موقفا ما ربما يستدعي عزل عراقي‬
‫من منصبه‪ ،‬يجب على القائد دراسة كيف سيجري النظر إلى هذا العزل‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬ربما يثير أقارب‬
‫شخص تم عزله من منصبه التساؤالت حول شخصيته‪ .‬وقد يتساءل البعض «مرارا وتكرارا» لماذا تم فصل هذا‬
‫الشخص من منصبه‪ .‬وربما يتساءل آخرون «هل كان جبانا؟» وقد تثار تلك التساؤالت حتى عندما يقرر شخص‬
‫ـ «تلطخت»‪ .‬وفي ظل‬ ‫ما التقاعد في ظل ظروف عادية‪ .‬وربما يساور أسر هؤالء األفراد شعور بأن سمعتهم‬
‫بعض الظروف‪ ،‬قد تثير مثل هذه اإلجراءات كراهية تلك األسر تجاه الحكومة‪ .‬وشرح صدام أنه نظرا للحاجة‬
‫ـ بقيود على قدراتها على‬ ‫إلى دراسة هذه المشاعر والتوجهات‪ ،‬غالبا ما تشعر القيادات العسكرية والحكومية‬
‫إجراء تغييرات في األفراد‪ ،‬حتى وإن كانت ضرورية‪ .‬وعندما سئل عن االنتفاضات التي أشارت تقارير عديدة‬
‫الندالعها في جنوب العراق بعد حرب عام ‪ ،1991‬ادعى صدام أنه لم يرد لمسامعه شيء عن هذا األمر‪.‬‬
‫وعندما تم توضيح أن الكثير من المقابالت والتقارير وثقت هذه االنتفاضات‪ ،‬تساءل صدام «ألم ننته من مناقشة‬
‫هذا األمر؟» إال أنه استطرد قائال إنه في غضون يوم واحد من وقف إطالق النار عام ‪ ،1991‬شرعت «بعض‬
‫العناصر» في تنفيذ عمليات تخريبية في المدن العراقية الجنوبية‪ ،‬البصرة والناصرية والعمارة‪ .‬وفي وقت‬
‫الحق‪ ،‬انتشرت تلك األنشطة إلى مدن شمالية‪ ،‬السليمانية وأربيل وكركوك‪ .‬وقال صدام إن الجماعات التي نفذت‬
‫مثل تلك العمليات «مدفوعة من إيران»‪ ،‬موضحا أن العراق ألقى القبض على ‪ 68‬ضابط استخبارات إيرانيا‬
‫تمت مبادلتهم الحقا مقابل أسرى عراقيين‪.‬‬

‫ـ إمدادات الكهرباء‪.‬‬ ‫خالل وقت اندالع االنتفاضات‪ ،‬كانت غالبية الجسور في العراق تهدمت بالفعل‪ .‬وانقطعت‬
‫ـ‬
‫وكانت خدمة توفير المياه متقطعة‪ ،‬واإلمدادات الغذائية محدودة للغاية‪ .‬في أعقاب الحرب‪ ،‬أسهمت هذه العوامل‬
‫في حدوث قالقل عامة بالبالد‪ .‬وأشار صدام إلى أن «العناصر» التي شاركت في االنتفاضات كانت مزيجا من‬
‫لصوص ومتمردين و«أولئك الوافدين من إيران»‪ .‬وتضمنت المجموعة األخيرة أشخاصا يعملون لحساب‬
‫الحكومة اإليرانية‪ ،‬وعراقيين من أصول إيرانية‪ ،‬وعراقيين «هربوا» إلى إيران‪ .‬وكان من الصعب تحديد‬
‫جنسية هؤالء األشخاص بصورة مؤكدة لتعمد الكثيرين منهم التخلص من وثائق المواطنة الخاصة بهم‪ .‬وأكد‬
‫صدام أنه في أعقاب اتخاذه قرارا بإعادة التأكيد على سيطرة الحكومة على البالد‪ ،‬أعطت القيادة العراقية‬
‫المنطقة الجنوبية من البالد أولوية كبرى‪ .‬وكانت تلك هي المنطقة التي واجهت فيها القوات العراقية وحاربت‬
‫عناصر تنتمي بصورة أساسية إليران‪ .‬وبعد استعادة النظام إلى جنوب العراق‪ ،‬ركزت القوات الحكومية على‬
‫المنطقة الشمالية حيث جابهت مقاومة هزيلة‪ ،‬وأحيانا لم تجد أية مقاومة‪ .‬واستمرت أعمال القتال بشمال‬
‫وجنوب العراق طيلة أسبوعين تقريبا‪ .‬وقال صدام‪« :‬نصرنا اهلل»‪ .‬وأضاف أنه منذ ذلك الحين‪ ،‬استمرت إيران‬
‫في تسريب مجموعات يتراوح عدد أفرادها بين عشرة وخمسة عشر شخصا إلى داخل األراضي العراقية لتنفيذ‬
‫عمليات ضد الحكومة‪ .‬إال أن جهود هؤالء األفراد أحبطت في معظمها على يد السكان المحليين‪ .‬في نهاية‬
‫األمر‪ ،‬في أعقاب إبرام اتفاق بين العراق وإيران‪ ،‬توقفت هذه العمليات العدائية‪ .‬وصف صدام انتفاضات عام‬
‫‪ 1991‬بأنها نشاطات تمرد قام بها «خارجون على القانون ولصوص»‪ .‬ورفض صدام اعتبار المتمردين‬
‫ـ التي سمحت بوقوع مثل هذه االضطرابات‪ ،‬أجاب صدام بأنها الدعم‬ ‫ثوريين‪ .‬وعندما سئل عن ماهية العوامل‬
‫اإليراني وضعف الحكومة العراقية بعد الحرب والمساعدة المحتملة من قبل قوات التحالف‪ .‬ونوه صدام بأن‬
‫جميع المؤسسات الحكومية‪ ،‬بما في ذلك الشرطة والمؤسسة العسكرية‪ ،‬أصابها الوهن جراء الحرب‪ .‬لكنها‬
‫تمكنت في نهاية األمر من التغلب على المتمردين‪ .‬وطبقا لما صرح به صدام‪ ،‬فإن «سيف» المؤسسة العسكرية‬
‫العراقية «ازداد طوال»‪ .‬إال أنه اعترف بأن الضعف الذي ألم بالمؤسسة العسكرية العراقية يشكل العامل الرئيس‬
‫الذي أسهم في حدوث تلك الفوضى من األساس‪ .‬وأعرب صدام عن اعتقاده بأن الهدف وراء نشاطات التمرد‬

‫‪41‬‬
‫كان السيطرة على العراق‪ .‬ومن وجهة نظره‪ ،‬فإن هذا التكتيك جرى استخدامه عام ‪ 1991‬بعد عجز إيران عن‬
‫إنجاز هدفها خالل حربها األخيرة ضد العراق‪ .‬رغبت إيران في السيطرة على كل‪ ،‬أو على األقل جزء من‬
‫العراق‪ ،‬خاصة الجزء الجنوبي‪ .‬وأبدى صدام قناعته أيضا بأن طهران رغبت في توسيع دائرة نفوذها إلى شرق‬
‫السعودية ومنطقة الخليج بأكملها‪ .‬من جانبه‪ ،‬خول مجلس قيادة الثورة للمحافظين سلطة السيطرة على‬
‫المؤسسة العسكرية خالل فترة االنتفاضات لضمان حماية أبناء محافظاتهم وإعادة إقرار األمن «والحياة‬
‫الطبيعية»‪ .‬وبات أمن الشعب والبالد مهددا جراء انتشار أعمال القتل والسرقة وحرق المباني والتدمير العام‪،‬‬
‫لكن تمت في النهاية السيطرة على كل ذلك‪ .‬ونفى صدام علمه باألساليب التي لجأ إليها المحافظون والقوات‬
‫العسكرية إلعادة فرض السيطرة‪ .‬وقال «لقد تم تخويلهم السلطة الالزمة‪ ،‬وقاموا باستغاللها»‪ .‬في ذلك الوقت‪،‬‬
‫لم يسأل صدام عن معلومات مفصلة حول العملية‪ ،‬لكنه طلب وتلقى بالفعل تقارير عن الوضع العام فيما يخص‬
‫مدى التقدم الذي تحرزه العمليات‪ .‬فيما يتعلق بالقيود التي فرضتها القيادة على القوات العسكرية خالل تلك‬
‫الفترة‪ ،‬تساءل صدام «ماذا تعني بقيود؟» وأنكر صدام اندراج هذا الموقف في نطاق معاهدة جنيف‪ ،‬مشددا على‬
‫أنها تنطبق على الحروب فحسب‪ .‬وادعى صدام بأنه فيما يخص الصراعات الداخلية‪ ،‬تنطبق معاهدة جنيف فقط‬
‫حال وجود قوة تحتل دولة أخرى‪ .‬وأضاف أن معاهدة جنيف تنطبق على محاوالت االنقالب أو القالقل الداخلية‬
‫التي تتضمن جرائم مثل الحرق والنهب‪ .‬من جهته‪ ،‬أوضح المحقق أن القانون الدولي ال يجيز استهداف‬
‫المدنيين حتى عندما يكون موقع هدف عملية عسكرية ما مأهوال بمدنيين‪ ،‬وأن قوانين إنسانية معينة تنطبق‬
‫كذلك على هذا الوضع‪ .‬وعندما سئل مجددا حول طبيعة القيود التي فرضت على القوات العسكرية العراقية في‬
‫تعاملها مع انتفاضات عام ‪ ،1991‬أجاب صدام بأن كل عراقي‪ ،‬سواء كان مدنيا أو عسكريا‪ ،‬يعي جيدا ما هو‬
‫السلوك اإلنساني المقبول‪ ،‬وليست هناك حاجة لمن يملي عليهم كيفية التصرف‪ .‬وأعلن صدام «أتحمل مسؤولية‬
‫ما قررته»‪ .‬وأضاف أنه غير مسؤول عن كيف تصرف عراقي ما‪ .‬وادعى أنه إذا ما رغب أحد العراقيين في‬
‫استغالله (صدام) كذريعة لتبرير أفعاله‪ ،‬فإنه سيقبل هذا األمر طالما أنه ال يسيء إلى سمعته‪ .‬ومن وجهة نظر‬
‫صدام‪ ،‬يتحمل القائد المسؤولية عن أفعال من تحت إمرته إذا ما نما إلى علمه أفعال من يخضعون لقيادته‪،‬‬
‫وعليه مواجهة هذا الشخص بما اقترفه من أخطاء‪ .‬وقال إن كل فرد يجري الحكم عليه اعتمادا على قانونه‬
‫ودستوره الخاص‪.‬‬

‫* صدام‪ :‬أعضاء في حزب الدعوة جاءوا من إيران إبان انتفاضة ‪ ..1991‬وساعدتهم قوات إيرانية‬

‫ـ قال إنه أمر الجيش بجمع أكبر قدر ممكن من القوات لمواجهة «الخيانة»‬

‫‪----------------------------‬‬

‫ـ محضر جلسة االستجواب الـ‪15‬‬

‫ـ ‪ 16‬مارس (آذار) ‪2004‬‬

‫* قبل بدء التحقيق‪ ،‬قيل لصدام حسين إن مناقشة اليوم سوف تكون استكماال للحديث السابق عن االضطرابات‬
‫أو االنتفاضات التي وقعت جنوبي العراق عام ‪ 1991‬بعد حرب الخليج‪ .‬وقال صدام إنه علم بتفاصيل الوضع‬
‫في جنوبي العراق بالطريقة نفسها التي تحدث مع رؤساء الدول‪ .‬وأشار إلى أنه عندما كانت تواجه القيادة‬
‫العراقية وضعا ما‪ ،‬كانت تجتمع وتتشاور «سريعا» للوصول إلى الطريقة المثلى لمواجهة هذا الوضع‪ .‬وقال‬
‫صدام إنه في البداية فإن من قاموا بالتصرفات التي ظهرت خالل انتفاضات جنوبي العراق كانوا بين «هؤالء‬
‫الذي عبروا الحدود من إيران»‪ .‬وهناك آخرون من العراق قاموا بأفعال مشابهة‪ ،‬والبعض لم يكن مشاركا في‬
‫أية أحداث‪ .‬ويرى صدام أنه لو كان رد فعل الحكومة العراقية على هذه التصرفات بطيئا وضعيفا‪ ،‬لربما أبدى‬
‫أشخاص تعاطفا وساعدوا المشاركين في االنتفاضات‪ .‬ومن دون رد فعل كهذا‪ ،‬ربما تصرف البعض بدافع‬
‫الخوف والظن بأن هؤالء الذين تسببوا في االضطرابات سوف يحوزون السلطة في نهاية المطاف ويسيطرون‬

‫‪42‬‬
‫على الحكومة داخل العراق‪ .‬أضف إلى ذلك‪ ،‬أنه كان هناك أشخاص آخرون وصفهم صدام بأنهم «لصوص‬
‫طماعون» ربما شاركوا في االنتفاضات‪ .‬وأكد صدام أنه كان يجب على الحكومة العراقية مواجهة هؤالء األفراد‬
‫الذين شاركوا في االنتفاضات‪ ،‬وقال إنه على الرغم من أن «أجنحة السلطات كانت مشتتة» بسبب حرب‬
‫‪ ،1991‬فقد قامت الحكومة العراقية بـ«إلقاء القبض عليهم وضربت العدو»‪ .‬وأضاف أن هؤالء الذين ال‬
‫يردعهم الكالم يردعهم السالح‪ .‬وطلبت القيادة العراقية من الجيش أن يجمع أكبر قدر ممكن من القوات‬
‫لمواجهة «الخيانة» وللتعامل مع االضطرابات‪ .‬ويقر صدام بأن أحداث النهب من قبل أفراد معينين «اختلطت»‬
‫بتصرفات هؤالء المشاركين في االنتفاضات‪ .‬وبالنسبة لقرار وضع أفراد محددين مسؤولين عن مناطق في‬
‫جنوبي العراق في هذه الفترة وعن األدوار التي كلفوا بها‪ ،‬قال صدام‪« :‬قلت إن قرارنا كان هو مواجهة وإلحاق‬
‫الهزيمة بالعدو»‪ .‬وكان يجب تقديم المشاركين في االنتفاضات «للمحاكمة»‪ ،‬إن لم يكن بالكلمة فبالسالح‪ .‬وقال‬
‫صدام إنه لم تكن هناك حاجة إلى نقاش طويل في هذا الموضوع‪ .‬وكان األفراد الذين عبروا الحدود من إيران‬
‫أعضاء في حزب الدعوة‪ ،‬وساعدتهم قوات إيرانية أخرى‪ .‬وقام هؤالء سويا بالقتل والحرق والنهب وارتكبوا‬
‫جرائم أخرى‪ .‬وحسب ما قاله صدام‪ ،‬ال يحتاج أحد إلى السؤال عن اإلجراءات التي يجب أن تتخذ عند مواجهة‬
‫مثل هذا الموقف‪ .‬ولكن اإلجراءات كانت تملي أن تجتمع القيادة العراقية لمناقشة األمر‪ ،‬وكان لجميع أفراد‬
‫القيادة العراقية الرأي نفسه حول رد فعل الحكومة العراقية الالزم للتعامل مع الوضع‪ .‬وعندما سئل عن الطريقة‬
‫التي كانت تصل بها المعلومات إليه حول أحداث جنوبي العراق وردود األفعال التالية من جانب القوات الحكومية‬
‫العراقية‪ ،‬رد صدام بسؤال‪« :‬في دولة صغيرة مثل العراق‪ ،‬هل ممكن أال نعرف ماذا يحدث؟»‪ .‬وأضاف أن‬
‫الشعب بالكامل في جنوبي العراق بدأ في الهجرة إلى بغداد خالل هذه الفترة‪ .‬و«انقطعت» المعلومات الواردة‬
‫من أحد القادة العراقيين في الجنوب‪ ،‬وهو علي حسن المجيد وأنه تبين بعد فترة وجيزة أن المجيد «يقاوم» في‬
‫البصرة‪ .‬وعندما سئل عن صحة التقارير التي قالت بأن المجيد وقع في مصيدة بالفعل داخل البصرة في ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬رد صدام‪« :‬في الماضي‪ ،‬لم يكن العراقيون يحترمون القانون أو السلطة»‪ .‬وعندما كانوا يدعون إلى‬
‫الخدمة العسكرية‪ ،‬لم يكن العراقيون يلبون النداء‪ .‬وعندما يدعون «للتحقيق» لم يكن يستجيب العراقيون‬
‫بصورة عامة إلى ذلك‪ .‬وقال صدام إن القانون الوطني كان مبدأ جديدا نسبيا خالل هذه الفترة‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫أن معظم العراقيين كانوا عربا‪ ،‬فإنهم لم يكونوا معتادين على أن يحكمهم عربي‪ :‬الملك فيصل في ذلك الوقت‪،‬‬
‫فقد وضعه البريطانيون في السلطة‪ .‬وكان عدم االكتراث بالقانون منتشرا في المناطق الريفية آنذاك‪ .‬وبعد ذلك‬
‫أورد صدام تفاصيل قصة عن أب يسمى ماضي عبيد وابنه‪ ،‬وكان االثنان مطلوبين لدى الحكومة‪ .‬ونتيجة‬
‫لعملية قامت بها الشرطة‪ ،‬تم أسر عبيد واستجوابه لمعرفة األماكن التي يتردد عليها ابنه‪ .‬وأجاب عبيد‪« :‬ال‬
‫أبناء لدي»‪ .‬وسألته الشرطة‪« :‬هل أنت ماضي؟»‪ ،‬فرد عبيد‪« :‬ال أنا فاضي»‪ ،‬فصفع رجال الشرطة عبيد وقالوا‬
‫له‪« :‬أنت ماضي»‪ .‬فقال عبيد‪« :‬إذا كانت الحكومة تقول إنني ماضي‪ ،‬فأنا ماضي»‪ .‬وأنهى صدام مناقشة وضع‬
‫المجيد في البصرة قائال‪« :‬سمعتم ما سمعتموه‪ ،‬وأنا سمعت ما سمعته»‪ .‬وقال صدام إن التهديد للحكومة‬
‫العراقية عام ‪ ،1991‬كان موجودا في شمالي وجنوبي العراق‪ .‬وكانت هناك محاولة النتفاضة داخل بغداد‪.‬‬
‫وأشار صدام إلى أنه يرى أن هؤالء «الذين يؤخرون اتخاذ القرارات» انضموا إلى االنتفاضات بعد أن رأوا‬
‫مراكز الشرطة ومكاتب الحكومة تهاجَم من دون مقاومة من السلطات‪ .‬وعندما استعادت الحكومة العراقية‬
‫السيطرة‪ ،‬ذهب «العدو» إلى منطقة أخرى أو عزز من وضعه في منطقة قديمة‪ .‬وقال صدام إن قوة الجيش‬
‫العراقي زادت بمرور الوقت و«بدأت الدائرة تضيق حول العدو»‪.‬‬

‫وأشار صدام إلى أن الفترة السابقة من غياب حكم القانون التي ناقشها‪ ،‬خالل فترة «ماضي»‪ ،‬كانت في‬
‫العشرينات من القرن الماضي‪ .‬وأضاف أن وضع العراقيين تغير تماما خالل األعوام الـ‪ 35‬الماضية التي كانت‬
‫تحت حكم حزب البعث‪ .‬وفي رأي صدام‪ ،‬فإنه مع وجود حزب سياسي في أنحاء العراق كافة‪ ،‬أصبح الشعب‬
‫العراقي يؤمن بأجندة الحكومة وكان لديه إيمان في قيادته وكان أكثر انضباطا من أي وقت مضى‪ .‬وأدى ذلك‬
‫إلى تحسن في الوضع داخل العراق‪ ،‬ال سيما من ناحية االقتصاد‪ .‬وقال صدام إنه لم يكن هناك «شخص فقير»‬
‫في العراق خالل الثمانينات‪ .‬وكانت «تتم رعاية» األرامل واأليتام وكبار السن و«توفير األمن لهم»‪ .‬وكانت‬
‫المنتجات التجارية غير مرتفعة الثمن نسبيا‪ .‬ولكن‪ ،‬تالشى أسلوب الحياة هذا داخل العراق خالل الحرب‪ .‬وقال‬

‫‪43‬‬
‫صدام‪« :‬الحصار هو الحصار»‪ .‬وبعد التراجع في االقتصاد‪ ،‬كان الموظفون والمواطنون العراقيون بصورة‬
‫عامة أقل انضباطا‪ .‬ولكن‪ ،‬لم يتغير والؤهم‪ .‬ويقر صدام بأن العراق كان في طريقه كي يكون قويا اقتصاديا في‬
‫مطلع الثمانينات‪ ،‬وأضاف أن جميع األشياء اإليجابية في العراق كانت من صنع القيادة العراقية‪ .‬وأشار صدام‬
‫إلى أن الوضع االقتصادي تدهور بصورة كارثية خالل الثمانينات‪ ،‬ويتفق على أن التراجع في االقتصاد العراقي‬
‫في هذه الفترة وحرب الخليج التي تلت عام ‪ ،1991‬التي أدت إلى حصار وعمليات تفتيش من جانب األمم‬
‫المتحدة قوض القوة االقتصادية للبالد‪ .‬وقال إن هذا التراجع شعر به الشعب العراقي‪ ،‬ال سيما هؤالء الذين‬
‫يعيشون في المناطق الريفية وذوي الدخل المنخفض مثل من يعيشون في جنوبي العراق‪ .‬وأضاف صدام أن‬
‫المناطق الوسطى والشمالية من العراق تضررت أيضا‪ .‬وقال صدام إن القاعدة العامة هي أن ضغوط الفقر يمكن‬
‫أن تؤدي بدرجة كبيرة إلى ضغوط على المجتمع وربما تفضي إلى ثورة‪ .‬ولكنه ساق كثيرا من األمثلة للمواقف‬
‫التي وقعت فيها ثورات في العراق ودول أخرى في العالم العربي ولم تكن بسبب الظروف االقتصادية‪ .‬وقال إن‬
‫أعمال التمرد التي ال توجد لها أجندة سياسية مثل تلك التي ظهرت في التسعينات ليست ثورات‪ .‬وأشار المحقق‬
‫إلى أن كثيرا من المنظمات اإلنسانية وغير الحكومية المحايدة أجرت تحقيقات عن تصرفات الجيش العراقي‬
‫خالل انتفاضات ‪ .1991‬وأجرت منظمة «هيومان رايتس ووتش»‪ ،‬وهي منظمة محايدة غير ربحية وال ترتبط‬
‫بأي حكومة‪ ،‬واحدا من هذه التحقيقات‪ ،‬وأوردت تفاصيل عما قام به الجيش العراقي‪ .‬وقرأ المحقق على صدام‬
‫مقابلة أجرتها «هيومان رايتس ووتش» مع أحد سكان البصرة شاهد أحد هذه األحداث في ‪ .1991‬وقال الرجل‬
‫إنه رأي طابورا من الدبابات العراقية تقترب من البصرة‪ .‬وكانت الدبابة التي في األمام بها ثالثة أطفال‬
‫ـ كدروع بشرية‪ .‬وعندما سئل عن علمه بتصرفات الجيش‬ ‫مربوطين في مقدمتها وأجبروا على االستخدام‬
‫العراقي هذه عام ‪ ،1991‬قال صدام إنه على الرغم من اعتقاده بأن هذه المعلومات ال تستحق الرد‪ ،‬فإنه سوف‬
‫يجيب لصالح المحقق‪ .‬وقال‪« :‬هذه كذبة»‪ .‬وأضاف أن في العراق كل طفل لديه أب وأم وعائلة‪ .‬وال يوجد في‬
‫العراق «أيتام يمشون في الشوارع»‪ .‬وبالنسبة لهؤالء األطفال الثالثة‪ ،‬تساءل صدام‪« :‬أين كان آباؤهم؟»‬
‫وتساءل لماذا يقبل المحقق القول بأن قائد الدبابات تصرف بصورة غير مسؤولة‪ .‬وتساءل أيضا لماذا كان‬
‫ـ األطفال كدروع بشرية على أنها وسيلة فعالة ضد هؤالء الذين كان يقومون بالفعل‬ ‫سينظر إلى أسلوب استخدام‬
‫بالقتل والنهب والحرق‪ .‬وأشار إلى أن قصة استخدام األطفال بهذه الطريقة اختلقها غربيون‪ .‬وأكد على أن‬
‫القصة ال تستحق إجابة منه و«الكذبة واضحة»‪.‬‬

‫الحلقة السادسة‪:‬صدام ردًا على شكوى امرأة‪ :‬ماذا كنت تملكين‪ ..‬أعواد القصب؟‬

‫قالت إنه لم يتبق لها شيء‬

‫يكشف الرئيس العراقي األسبق صدام حسين الذي أُعدم نهاية ديسمبر (كانون األول) ‪ 2006‬في وثائق سرية‬
‫ـ وحتى اعتقاله‬
‫أفرج عنها األرشيف القومي األميركي أخيرا خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه األخيرة في الحكم‬

‫‪44‬‬
‫وظروفه في السجن‪ .‬والوثائق التي تواصل «الشرق األوسط» اليوم نشرها هي عبارة عن محاضر ‪20‬‬
‫استجوابا رسميا وخمسة محادثات عادية أجراها جورج بيرو‪ ،‬وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي‬
‫األميركي «إف بي آي»‪ ،‬للرئيس السابق ما بين ‪ 7‬فبراير (شباط) و‪ 28‬يونيو (حزيران) ‪ .2004‬وعرض‬
‫المحقق الفيلم الوثائقي المتعلق بالموقف في جنوب العراق عام ‪ 1991‬بعد حرب الخليج األولى‪ .‬وقد قدم صدام‬
‫تعليقات قبل مشاهدة الفيلم الوثائقي وقال إن على المرء االستماع إلى الحقائق كافة وأن يعثر على الحقيقة‪.‬‬
‫وتساءل صدام‪« :‬كيف ستعرف الحقيقة؟»‪ ،‬وأضاف أن المحقق سوف يستخدم وسائل اإلعالم الغربية التي قد‬
‫تكون متحيزة للوصول إلى الحقيقة‪.‬‬

‫وقال صدام ‪«:‬إن جيشكم يحتل بلدي‪ .‬وأنت حر‪ .‬وأنا سجين»‪ .‬وأضاف أن الشخص الذي يبحث عن الحقيقة‬
‫يجب عليه أن يتصل مباشرة باألفراد المعنيين‪ .‬وفي ما يتعلق بجنوب العراق عام ‪ 1991‬بعد الحرب‪ ،‬أفاد‬
‫صدام بأن على المرء أن يتحدث إلى «أولئك الذين انتُهكت حقوقهم مثل النساء» من قِبل من أرسلتهم إيران‪.‬‬
‫وهؤالء األشخاص أنفسهم الذين أرسلتهم إيران هم من ارتكبوا جرائم أخرى في جنوب العراق‪ ،‬منها السرقة‬
‫والحرق والقتل‪ .‬وأفاد صدام بأن على المرء االتصال باألشخاص اآلخرين الذين يشاركونه (صدام) الرأي‪.‬‬

‫وأشار صدام إلى أن مثل هذا الفيلم الوثائقي قد تم إعداده في الغرب وتمت إذاعته أول مرة في أميركا‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإنه ليس فيلما محايدا أنتجه أفراد محايدون‪ .‬وأفاد صدام بأن المشهد الذي يظهر الشيعة في جنوب العراق‬
‫«يمكن أن يُرى في أي مكان في الوقت الحاضر»‪ .‬وشكك صدام في رقم ‪ 300‬ألف الذي زعم الفيلم أنهم قُتلوا‬
‫في جنوب العراق‪ .‬ومع استمرار الفيلم الوثائقي قامت سيدة من الجنوب برواية تفاصيل المعاملة التي لقيتها‬
‫عائلتها على أيدي الحكومة العراقية‪ ،‬فقالت إنهم لم يتبقَّ لهم شيء وإنهم اضطروا إلى مغادرة منازلهم‬
‫بممتلكات قليلة‪ ،‬وضحك صدام وسأل‪« :‬ما الذي كانت تملكه من قبل؟ أعواد القصب!»‪.‬‬

‫* صدام أثناء مشاهدته فيلما عن االنتفاضة الشيعية‪ :‬ما يصوره الفيلم يمكن أن يُرى في أي مكان‬

‫ـ قال إن الشريط الوثائقي أُعد في الغرب وتم بثه ألول مرة في أميركا وبالتالي فإنه ليس «محايدا»‬

‫‪------------------------------‬‬

‫ـ محضر جلسة االستجواب الـ‪16‬‬

‫ـ في ‪ 19‬مارس (آذار) ‪2004‬‬

‫* قبل بدء الجلسة‪ ،‬تم إعالم صدام بأن نقاش اليوم سوف يتضمن مشاهدة الفيلم الوثائقي المتعلق بالموقف في‬
‫جنوب العراق عام ‪ 1991‬بعد حرب الخليج األولى‪.‬‬

‫وقد قدم صدام تعليقات قبل مشاهدة الفيلم الوثائقي‪ .‬وقال إن كل شخص يقدم معلومات بناء على خلفية معينة‪،‬‬
‫ـ وخبرات حياته‪ .‬وعلى الرغم من وجود الرأي الشخصي‪ ،‬فإن المرء يتأثر‬ ‫وتقوم هذه المعلومات على معتقداته‬
‫بأفكار اآلخرين‪ .‬وأي شخص يقدم معلومات عن العراق أو أي بلد آخر فإنه يتحدث بناء على وجهات نظر ثالث‪.‬‬
‫األولى هي «الميزان المقدس» حسب معتقداته‪ ،‬والثانية هي الميزان الذي يقوم على خبرات حياته في بلده‪،‬‬
‫والثالثة هي وجهة النظر النهائية التي تقوم على ما يعرفه الشخص من معلومات تتعلق باألمم المتحدة والقانون‬
‫الدولي‪ .‬وبعد ذلك طرح صدام سؤاال على المحقق‪« :‬ما الميزان الخاص بك وأنت تشاهد الفيلم؟»‪ ،‬وقد أفاد‬
‫صدام بأن اإلجابة على هذا السؤال سوف تتيح له التعليق واإلجابة على األسئلة بالطريقة المثلى‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫وأخبر المحقق صدام بأن على المرء االستماع إلى الحقائق كافة‪ ،‬وأن يعثر على الحقيقة‪ .‬وتساءل صدام‪:‬‬
‫«كيف ستعرف الحقيقة؟»‪ ،‬وأضاف أن المحقق سوف يستخدم وسائل اإلعالم الغربية التي قد تكون متحيزة‬
‫للوصول إلى الحقيقة‪ .‬وقال صدام‪« :‬إن جيشكم يحتل بلدي‪ ،‬وأنت حر‪ ،‬وأنا سجين»‪ .‬وأضاف أن الشخص الذي‬
‫يبحث عن الحقيقة يجب عليه أن يتصل مباشرة باألفراد المعنيين‪ .‬وفي ما يتعلق بجنوب العراق عام ‪ 1991‬بعد‬
‫الحرب‪ ،‬أفاد صدام بأن على المرء أن يتحدث إلى «أولئك الذين انتُهكت حقوقهم مثل النساء» من قِبل من‬
‫ـ الذين أرسلتهم إيران هم من ارتكبوا جرائم أخرى في جنوب العراق‪،‬‬ ‫أرسلتهم إيران‪ .‬وهؤالء األشخاص أنفسهم‬
‫منها السرقة والحرق والقتل‪ .‬وأفاد صدام بأن على المرء االتصال باألشخاص اآلخرين الذين يشاركونه (صدام)‬
‫الرأي‪.‬‬

‫وأشار صدام إلى أن مثل هذا الفيلم الوثائقي قد تم إعداده في الغرب وتمت إذاعته أول مرة في أميركا‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإنه ليس فيلما محايدا أنتجه أفراد محايدون‪ .‬وأضاف أن الفيلم قد يقوم على تعليمات المسيح أو قوانين‬
‫الواليات المتحدة أو القانون الدولي أو الحياة في الواليات المتحدة‪ .‬وأكد صدام أنه لم يرغب في وضع المحقق‬
‫ـ كما هي»‪ ،‬ال كما يقولها صدام‪ ،‬وال كما‬
‫في موقف صعب‪ .‬وأضاف أن المحقق يجب عليه أن «يعلم الحقيقة‬
‫يقررها الفيلم‪.‬‬

‫بعد ذلك بدأ المحقق في عرض الفيلم الوثائقي الذي يستمر لنحو ساعة‪ ،‬وأفاد صدام بأن المشهد الذي يُظهِر‬
‫الشيعة في جنوب العراق «يمكن أن يُرى في أي مكان في الوقت الحاضر»‪ ،‬وأضاف أن الشيعة الذين ظهروا في‬
‫كربالء في المسجد لم يكونوا مقيدين أو محاصَرين‪ ،‬مثل ما تم تصويره‪ .‬وفي ما يتعلق بكلمات المعلق التي‬
‫تتحدث عن المشاهد التي تُظهِر الدبابات العراقية التي تحيط بالمسجد‪ ،‬تساءل صدام‪« :‬أين الدبابات؟»‪ ،‬وأضاف‬
‫أن هناك عبارة في الفيلم الوثائقي تتحدث عن «تشجيع» الرئيس بوش للشيعة لكي يثوروا على الحكومة‬
‫العراقية‪ ،‬وهو ما يمثل «اعترافا بالجريمة»‪.‬‬

‫ثم سأل صدام عدة أسئلة تتضمن تاريخ الفيلم الوثائقي‪ ،‬واسم المعلق‪ ،‬واسم المؤسسة غير الحكومية التي كان‬
‫المعلق يعمل لصالحها‪.‬‬

‫وفي ما يتعلق بالمشهد الذي يُظهِر الشيعة وهم يهربون إلى جنوب العراق ويسافرون إلى إقليم كردستان في‬
‫شمال العراق‪ ،‬أفاد صدام بأن هؤالء األفراد «ال يبدو أنهم خائفون ولكنهم يبدون سعداء»‪ ،‬وأضاف أن هؤالء‬
‫األفراد يبدون أكرادا ال شيعة‪.‬‬

‫وبعد مشاهدة نحو ‪ 23‬دقيقة من الفيلم الوثائقي‪ ،‬أفاد صدام بأن وقت تمارينه ووقت الصالة قد حان‪ .‬وعندما‬
‫أشار المحقق إلى أنه يمكن تأجيل تدريباته إلى وقت الحق من اليوم قال‪« :‬أعتقد أن ذلك كافٍ حتى اآلن»‪.‬‬
‫وأضاف صدام أنه يمكن مشاهدة الفيلم الوثائقي في يوم آخر‪ ،‬وتساءل‪« :‬لم العجلة؟»‪.‬‬

‫وأضاف صدام بعد ذلك عدة تعليقات من دون المزيد من األسئلة‪ ،‬وأشار إلى أن الفيلم الوثائقي يُظهِر أن الشيعة‬
‫قد ثاروا ضد الحكومة العراقية بتشجيع من الرئيس بوش‪ .‬وأفاد صدام بأن «الخونة قد ثاروا بأمر من دولة‬
‫أجنبية»‪ ،‬وأعلنوا الحرب على بلدهم‪.‬‬

‫وأضاف صدام أن المقابلة مع آية اهلل الخوئي تُظهِر تناقضا مع الحقيقة‪ ،‬فحسبما يفيد المعلق‪ ،‬فإن الخوئي يعتقد‬
‫بالجانب اإلنساني في دينه‪ .‬وقال صدام إن إجابة الخوئي على سؤال المعلق تشير إلى أنه ال يوافق على خلط‬
‫السياسة باإلرهاب أو العنف‪ ،‬وحسبما أفاد صدام‪ ،‬فإن ذلك يتعارض مع أفعال الشيعة‪.‬‬

‫وفي ما يتعلق بتصوير الفيلم لسلوك الشيعة‪ ،‬كرر صدام قوله‪« :‬يمكن أن نرى ذلك في أي مكان»‪ .‬وأفاد صدام‬
‫بأنه إذا لم يسلم المتمرد سالحه‪ ،‬فإنه سوف يواجَه بالقوة‪ .‬وأضاف أن الشيعة يستخدمون مرقد اإلمام الحسين‬

‫‪46‬‬
‫في كربالء كمقر رئيسي للمقاومة‪ .‬وأفاد صدام بأن الدماء التي ظهرت على جدران المرقد كانت دماء «رفاق»‬
‫عراقيين تم إعدامهم في المبنى وليسوا شيعة قُتلوا في أثناء هجوم الحكومة العراقية‪.‬‬

‫وأفاد صدام بأن الشخص الذي ظهر في الفيلم والذي يقال إن لسانه قد قُطع ربما كان شخصا أبكم‪ .‬ولم يقدم‬
‫الفيلم معلومات حول سبب قطع لسانه‪ ،‬أو من قام بذلك‪ ،‬غير أن المخابرات العسكرية هي التي قامت بذلك‪.‬‬

‫وأشار صدام إلى أن األكراد الذين ظهروا وهم يسيرون ويغادرون قراهم ربما كانوا «مهاجرين»‪ ،‬وأضاف أنهم‬
‫ربما غادروا لكي يتجنبوا منطقة للقتال‪ .‬وقد تساءل صدام عما إذا كان المعلق قد سأل الشيعة عن األشياء التي‬
‫فقدوها عندما «جاء المجرمون واحتلوا مدينتهم»‪ ،‬وأفاد بأنه شعر باألسف لمن يرى هذا الفيلم الوثائقي وال‬
‫يعلم الحقيقة‪ .‬وتساءل صدام ببالغة‪« :‬كيف يمكن ألحد أن يعلم كيف كان الشيعة سيتصرفون إزاء شيء حدث‬
‫منذ ‪ 1300‬عام؟»‪.‬‬

‫وافق صدام على االستمرار في مشاهدة الفيلم وتقديم تعليقاته في وقت الحق‪.‬‬

‫* صدام تعليقا على امرأة من األهوار شكَت من أنه لم يتبقَّ لها شيء‪ :‬ماذا كانت تملك؟ أعواد القصب؟‬

‫ـ قال إنه أوكل مسؤولية التصدي لالنتفاضة إلى «من لديه القدرة على التعامل مع الموقف»‬

‫‪---------------------------‬‬

‫ـ محضر جلسة االستجواب الـ‪17‬‬

‫ـ في ‪ 23‬مارس (آذار) ‪2004‬‬

‫* قبل الجلسة أحيط صدام علما بأن الجلسة ستكون استكماال للمقابلة السابقة‪ .‬وأُعلم بأن هذه المناقشة‬
‫ستتضمن استعراضا للجزء المتبقي من الفيلم الوثائقي الخاص بالموقف في جنوب العراق عام ‪ 1991‬في‬
‫أعقاب حرب الخليج األولى‪ .‬وقد أنتج الفيلم الذي جاء تحت عنوان «آخر حروب صدام حسين» عام ‪.1993‬‬
‫روى أحداث الفيلم المعلق البريطاني مايكل وود‪ .‬وقد بدأ المحقق جلسة اليوم بمشاهدة الفيلم الذي استغرق‬
‫حوالي ‪ 22‬دقيقة وثالثين ثانية‪ .‬سأل صدام حسين عن مصدر رقم ‪ 300,000‬الذي تحدث عنه المعلق في‬
‫الفيلم حيث ذكر المعلق أن التقديرات بأعداد القتلى في جنوب العراق قامت بها الحكومة العراقية‪ .‬وأشار‬
‫المحقق إلى أن هذا الرقم نوقش خالل جزء الفيلم الذي تمت مشاهدته في الجلسة السابقة وأن مصدره هو‬
‫الحكومة العراقية‪ .‬وبحسب الفيلم أعلمت الحكومة العراقية األكراد بعدد الشيعة الذين قتلوا‪ .‬وأضاف المحقق‬
‫أنه يعتقد أن هذه الرسالة من الحكومة العراقية يقصد منها تحذير األكراد بعدم تحدي الحكومة‪.‬‬

‫أظهر الفيلم مشاهد من عمليات الحكومة العراقية ضد أهوار شط العرب في جنوب العراق كان من بينها تسميم‬
‫المياه مما نتج عنه قتل األسماك وتدمير القرى وتجفيف األهوار‪ .‬وعلق صدام بأن بعض تلك المشاهد ال تبدو‬
‫وكأنها صورت في أماكن األهوار‪ .‬ومع استمرار الفيلم الوثائقي قامت سيدة من الجنوب برواية تفاصيل‬
‫المعاملة التي تعرضت لها عائلتها على أيدي الحكومة العراقية‪ ،‬فقالت إنهم لم يتبق لهم شيء وإنهم اضطروا‬
‫لمغادرة منازلهم بممتلكات قليلة؟ وضحك صدام وسأل‪« :‬ما الذي كانت تملكه من قبل؟ أعواد القصب!»‪.‬‬

‫ثم أظهر الفيلم بعد ذلك بعض المشاهد األخرى وعلق على معاملة الحكومة العراقية للشيعة في جنوب العراق‬
‫واألكراد في الشمال وأهوار شط العرب‪ ،‬وناقش الفيلم إمكانية مقاضاة صدام على تلك الجرائم؟ فقال صدام‬
‫معلقا‪« :‬اآلن وقد اعتقلوني دعوهم يقدموني للمحاكمة»‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫انتهى الفيلم بعد ما يقرب من حوالي خمس وخمسين دقيقة وخمسين ثانية‪ .‬وبناء على طلبه أعلم المحقق صدام‬
‫بأن الفيلم أُعد عام ‪.1993‬‬

‫بشأن تولي بعض كبار القادة العراقيين مسؤولية التعامل مع انتفاضة في جنوب العراق عام ‪ 1991‬قال صدام‪:‬‬
‫«أوكلنا المسؤولية لمن لديه القدرة على التعامل مع الموقف»‪ ،‬وأنكر أنه قال من قبل إنه لم يكن يرغب في‬
‫معرفة تفاصيل كيفية وقف االنتفاضة‪ ،‬وأنه كان يرغب فقط في معرفة النتائج‪ .‬وتساءل‪« :‬من الذي قال إنني لم‬
‫أكن أرغب في معرفة الكيفية التي سيتم بها التعامل مع االنتفاضة»‪ .‬وعندما أعلمه المحقق أنه قال ذلك في‬
‫جلسة سابقة‪ ،‬قال‪« :‬إن الهدف الرئيسي ألي فرد كان يتمثل في وقف االضطرابات ووضع حد للخيانة»‪.‬‬

‫أشار المحقق إلى أن الفيلم الوثائقي أظهر تكلفة وضع حد للخيانة سواء من البشر واألشياء األخرى‪ .‬وقال‬
‫صدام‪« :‬إن شيئا لم يظهر في الفيلم‪ ،‬فهو يظهر األفراد الذين اعتقلتهم الحكومة العراقية وبعض المسؤولين‬
‫الحكوميين الذين تصرفوا بصورة خاطئة»‪ .‬واعترف بأن الفيلم يضم مشاهد لقضايا أخرى‪.‬‬

‫تحولت المحادثة بعد ذلك إلى مناقشة تعريف الخيانة في مقابل الثورة‪ .‬قام المحقق بتذكير صدام أنه شاهد قسما‬
‫من الفيلم في الجلسة السابقة يزعم أن الرئيس بوش حرض الشيعة على الثورة ضد الحكومة العراقية عام‬
‫‪ .1991‬وذكره أيضا أن صدام ذكر من قبل أن الشيعة بعد تشجيع بوش انقلبوا ضد بلدهم وأنه اعتبرهم‬
‫متآمرين‪ .‬أشار المحقق إلى أن البعض قد يلجأ إلى إطالق نفس التسمية على حزب البعث للمحاوالت االنقالبية‬
‫التي قام بها واالنقالبات الناجحة عام ‪ 1959‬و‪ 1963‬و‪ 1968‬وأوضح لصدام أن البعض يشبه االنتفاضة‬
‫الفاشلة بالخيانة بينما الناجحة ينظر إليها على أنها ثورة‪ .‬وقال صدام‪« :‬ليس لدي تعليق»‪ .‬وأضاف أن الفيلم‬
‫أدنى من أن أعلق عليه‪ .‬ووصف الفيلم بعدم الحيادية وأنه صنع كمبرر إضافي «للمؤامرات التي تحاك ضد‬
‫العراق»‪ ،‬من بينها تقسيم الدولة‪.‬‬

‫وقال صدام إن المتهم يجب أن يمنح الفرصة للدفاع عن نفسه وتساءل هل مُنح العراق الفرصة للدفاع عن نفسه‬
‫بشأن المعلومات التي وردت في الفيلم‪ .‬وتساءل أيضا حول معقولية استجواب رئيس دولة حول فيلم دعائي‬
‫كهذا‪ ،‬وأضاف‪« :‬يجب أن نوقف هذا البرنامج»‪ ،‬وأكد أنه أجاب على كل أسئلة المحقق وأنه لن يعلق على مثل‬
‫تلك األفالم الدعائية‪.‬‬

‫اعترف صدام أن محمد حمزة الزبيدي وكمال مصطفى عبد اهلل‪ ،‬أرسال إلى الناصرية عام ‪ 1991‬لمواجهة‬
‫انتفاضة الشيعة في هذه المنطقة‪ ،‬كما أرسل حسين كامل إلى كربالء وعلى حسن المجيد إلى البصرة وعزة‬
‫إبراهيم الدوري إلى الحلة‪.‬‬

‫وصف صدام الزبيدي بالرفيق في الحزب الذي وصل إلى منصب رئيس الوزراء الذي يعتبر كل عراقي مواطنا‬
‫جيدا إلى أن يظهر المواطن له عكس ذلك‪ .‬ووصف الزبيدي بالجيد‪ .‬كما اعترف أن الزبيدي كان من بين الشيعة‬
‫القالئل في زمرة القيادة العراقية‪ .‬وعندما سئل عما إذا كان الزبيدي يحظى باحترام زمالئه في القيادة قال‬
‫صدام‪« :‬هذا شأن آخر» ورفض االستطراد في األمر‪ .‬وأضاف إنه لن يقول سوى األشياء الحميدة تجاه رفقائه‪،‬‬
‫وبناء على إجابة صدام قال المحقق إن البعض قد يستنتج أن الزبيدي لم يكن على وفاق مع زمالئه‪ ،‬ورد صدام‬
‫بأن المحقق يمكنه االستنتاج كما يشاء سواء بالسلب أو اإليجاب عن الزبيدي لكني‪« :‬أجبت على السؤال»‪.‬‬

‫اعترف صدام أيضا أن مصطفى عبد اهلل تربطه به صلة قرابة بعيدة وهو عضو في حزب البعث‪ .‬وقد خدم‬
‫كضابط في الجيش العراقي لكنه «لم يكن في الحكومة»‪ ،‬وقد تولى عبد اهلل مهامه كأي ضابط آخر‪ ،‬لكنه ال يتذكر‬
‫المكان الذي أوكلت مهماته لعبد اهلل‪ .‬وعندما سئل عما إذا كان عبد اهلل قد شغل منصب األمين العام للحرس‬
‫الثوري والحرس الثوري الخاص‪ ،‬رد صدام بالقول‪« :‬أعتقد أن األسئلة يجب أن تتعلق بأحداث الجنوب»‪ ،‬فرد‬
‫المحقق بأن وجهة نظره في أعضاء القيادة العراقية مهمة جدا‪ ،‬فأجاب صدام بأن لديه إيمانا كبيرا وثقة بكل‬

‫‪48‬‬
‫شخص سواء أكان في الحزب أو الحكومة أو الجيش حتى يظهر العكس»‪ .‬وأشار إلى أنه إن لم يصف شخصا‬
‫بأنه «سيئ» فهو «جيد»‪ .‬ووصف الشخص السيئ بأنه من يتصرف بصورة مخالفة للثقة التي بينه وبين هذا‬
‫الشخص‪.‬‬

‫وأشار إلى أنه خالل الحرب مع إيران تولى الحرس الثوري مهمة الخطوط األمامية تاركا بغداد والقصور‬
‫الرئاسية دون حماية‪ ،‬ومن ثم تشكل الحرس الثوري الخاص بداية بالسرايا ووصوال إلى األفواج‪ .‬في ذلك‬
‫الوقت خدم العديد من الضباط الصغار في هذا الحرس الثوري الخاص ومن بينهم عبد اهلل حتى أصبح فيما بعد‬
‫قائد الحرس الثوري الخاص‪ ،‬وعلى الرغم من أن قادة الحرس الثوري أو الحرس الثوري الخاص لم يكونوا من‬
‫بين أقارب صدام حسين فإن عبد اهلل كان واحدا من العديدين في القيادة العراقية‪ ،‬وقال صدام إن عبد اهلل أدى‬
‫واجباته كأي ضابط آخر‪.‬‬

‫وعندما سئل عن التعليمات التي وجهت للزبيدي وعبد اهلل بشأن الرد المناسب على انتفاضة الشيعة في جنوب‬
‫العراق‪ ،‬قال صدام‪« :‬شرحت ذلك خالل المقابلة الماضية»‪ .‬وأضاف أنه خالل الجلسة الماضية شرح كيف كانت‬
‫المعلومات بشأن الموقف في الجنوب تنقل إلى القيادة العراقية‪ ،‬وأشار المحقق إلى أن الزبيدي وعبد اهلل يقبعان‬
‫في سجن قوات التحالف‪ ،‬فرد صدام‪« :‬ماذا أريده منهم هل تعتقد أن إجابتي ستكون مرهونة بالموجودين‬
‫بالسجن‪ .‬أنا ال أخشى أحدا إال اهلل»‪ .‬وأوضح أن إجاباته ال تنبني على الموجودين بالسجن ولكن على ما يعتقد‬
‫أنه الحقيقة‪ ،‬كما أنها ال تعتمد على حي أو ميت‪ .‬وقال إنه ليس الشخص الذي يلقي بالتبعة على شخص ميت‪،‬‬
‫كإلقاء اللوم على حسين كامل على سبيل المثال‪ .‬وأضاف‪ :‬أنا سأتحدث عن نفسي فقط‪ ،‬وطلب من المحقق‬
‫الحديث بصورة مباشرة إلى الزبيدي وعبد اهلل ألنهما يعرفان أكثر‪.‬‬

‫وكرر صدام ما قاله في الجلسة السابقة من أن‪« :‬إجابات أي شخص تخفف من عبئه وال تضر بسمعتي فأنا على‬
‫ـ لقبولها»‪.‬‬
‫استعداد‬

‫ـ قائال لصدام إنه ال يرغب في تأخيره عن الصالة وطعامه‪ .‬وقال صدام‪« :‬إذا رغبت أي‬ ‫أنهى المحقق االستجواب‬
‫حكومة في التخفيف من آثامها أمام اهلل فيجب عليها القيام بذلك‪ ،‬ألن أخطاء الحكومات ليست بالقليلة»‪ .‬وأنهى‬
‫صدام الجلسة قائال إنه يشكر للمحقق عدم حرمانه من الصالة‪.‬‬

‫‪--------------------------‬‬

‫* صدام ردا على وثيقة تؤكد إعدام العشرات بعد تحقيقات وجيزة‪ :‬ماذا كان البديل؟‬

‫ـ الـ‬
‫ـ سأل المحقق بأي حق يسأل عن أحداث عراقية داخلية وقعت عام ‪1991‬ـ محضر جلسة االستجواب‬
‫‪18‬‬

‫ـ ‪ 28‬مارس (آذار) ‪2004‬‬

‫* قبل بدء المقابلة‪ ،‬تم توجيه صدام إلى أن مناقشة اليوم ستشكل استمرارا لالجتماعات السابقة المتعلقة‬
‫بثورات الشيعة في جنوب العراق عام ‪.1991‬‬

‫أوضح صدام أنه من الطبيعي بالنسبة لزعيم حزب سياسي‪ ،‬مثل «البعث»‪ ،‬محاولة التعرف على أكبر عدد ممكن‬
‫من أعضاء الحزب‪ .‬إال أنه بالنسبة لصدام‪ ،‬كانت هناك صعوبة في التعرف على أعضاء حزب البعث من خارج‬
‫صفوف القيادات العليا‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬حرص صدام على التعرف على أكبر عدد ممكن من األعضاء‪ ،‬مثلما حاول‬
‫مقابلة الكثير من المواطنين العراقيين العاديين‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫سأل المحقق عن نظام االتصال بين المستويات المختلفة داخل الحزب‪ ،‬من المستوى اإلقليمي إلى المستوى‬
‫الوطني‪ ،‬وحجم المعلومات التي اطلعت عليها القيادات العراقية العليا بالفعل‪ .‬أشار صدام إلى أن كبار القادة‬
‫العراقيين تلقوا معلومات عن حزبهم بصورة مشابهة للغاية لما عليه الحال بالنسبة للديمقراطيين والجمهوريين‬
‫داخل الواليات المتحدة‪ .‬لدى صدور أمر توجيهي من القيادة‪ ،‬كان يجري إرسال التعليمات إلى جميع أعضاء‬
‫الحزب‪ ،‬وعندما تراود أحد األعضاء الرغبة في اتخاذ إجراء ما‪ ،‬يتم تقديم طلب ونقله عبر القنوات المناسبة إلى‬
‫القيادة العراقية‪ .‬وسئل صدام عن مشاعره إزاء أهمية أن يخطره أعضاء الحزب باألوضاع المحلية‪ ،‬أكد صدام‬
‫أن «هناك اختالفا بين ما ترغبه وما يمكن تحقيقه»‪.‬‬

‫من ناحيته‪ ،‬أشار المحقق إلى العثور على عدد من الوثائق التي تصف ثورات عام ‪ ،1991‬ونشاطات حزب‬
‫البعث خالل تلك الفترة بعد غزو قوات التحالف العراق عام ‪ .2003‬وقرأ المترجم على صدام أجزاء من نسخ‬
‫لوثيقتين مكتوبتين بالعربية‪ ،‬تحمل إحداهما تاريخ ‪ 11‬أبريل (نيسان) ‪ ،1991‬وتم توصيفها باعتبارها تقريرا‬
‫رقم ‪ ،383/1/7‬وعليها توقيع حسين حمزة عباس‪ ،‬األمين العام لقسم قيادة صدام‪ .‬وتم إرسال الوثيقة إلى‬
‫األمين العام لقسم قيادة واسط‪ .‬طبقا للوثيقة‪ ،‬وضع عباس الخطاب بهدف شرح وتوضيح سلوكه خالل‬
‫«االضطرابات» التي وقعت في مارس (آذار) ‪ .1991‬أما الوثيقة الثانية فمؤرخة أبريل (نيسان) ‪ ،1991‬وال‬
‫تحمل أي رقم للتقرير‪ ،‬لكنها تحمل توقيع أنور سعيد عمر‪ ،‬األمين العام لقسم قيادة واسط‪ ،‬وموجهة إلى عنصر‬
‫قيادي غير محدد‪ ،‬لكن من المفترض أنه أعلى رتبة‪ .‬تشرح هذه الوثيقة عددا من اإلجراءات التي تم اتخاذها‬
‫خالل «االضطرابات» التي شهدتها مدينتا البصرة وواسط في مارس (آذار) ‪ ،1991‬بما في ذلك إلقاء القبض‬
‫على حوالي ‪ 700‬مشتبه فيه من العناصر العسكرية والمدنية داخل البصرة‪ .‬في الخطاب‪ ،‬أشار عمر إلى تشكيل‬
‫لجان استجواب‪ ،‬وأنه تولى رئاسة لجنة الفيلق الثاني‪ .‬وأكد عمر أنه شخصيا أعدم شخصين في اليوم ذاته الذي‬
‫بدأ فيه التحقيقات‪ ،‬وأضاف أن ‪ 42‬شخصا آخر أعدموا بعد أربعة أيام أخرى من التحقيق‪.‬‬

‫لدى سؤاله عن التناقض الواضح بين اإلجراءات الواردة في الوثائق ونظام العدالة داخل العراق‪ ،‬تساءل صدام‪:‬‬
‫«أين التناقض؟»‪ ،‬واستطرد بأن اللجان جرى تشكيلها وتمت عمليات االستجواب وصدرت األحكام‪ .‬وتساءل‬
‫مجددا‪« :‬ماذا كان البديل؟»‪ .‬لفت المحقق انتباه صدام إلى أن الوثائق تصف على ما يبدو موقفا لم يتم خالله‬
‫التحقيق مع األفراد من جانب جهة محايدة‪ .‬جدير بالذكر أن ضرورة توافر جهة تحقيق محايدة سبق أن ناقشها‬
‫صدام فيما يتعلق بالوضع في الكويت‪ ،‬والجرائم التي من المعتقد أن القوات العسكرية العراقية ارتكبتها خالل‬
‫احتالل الكويت عام ‪ ،1991‬كما أشار المحقق إلى أنه‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬لم تتسن لألفراد فرصة الدفاع عن‬
‫أنفسهم‪ ،‬األمر الذي سبق وأن ذكر صدام أنه مهم‪ ،‬في المقابل‪ ،‬قال صدام‪« :‬لم أقل أي شيء عن الكويتيين»‪.‬‬
‫وأعرب عن رأيه بأن موضوع الكويت وهذه القضية «أمران مختلفان»‪ ،‬مؤكدا أن هذه الوثائق تناقش أفعال‬
‫«خيانة وتخريب»‪ .‬وقال إنه يبدو أن األفراد المذكورين في الوثائق أتيحت لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم‪ .‬من‬
‫ناحيته‪ ،‬ألمح المحقق إلى أن الشخصين المذكورين لم تتح لهما فرصة الدفاع عن نفسيهما وتم إعدامهما على‬
‫الفور‪ ،‬وأجاب صدام‪« :‬ربما‪ ..‬وربما لم يحدث ذلك»‪ .‬وأضاف أن هذا التقرير ربما ال يتضمن التفاصيل كافة‪،‬‬
‫وقال إن الكاتب ربما كان يبالغ من أجل إظهار والئه وقدرته على إنجاز المهام الموكلة إليه‪ ،‬وشكك صدام في‬
‫صحة هذا التقرير‪ ،‬وقال إنه لو صح فإنه عندما يحين الوقت الذي تقرر واشنطن تقديم من ألقي القبض عليهم‬
‫الرتكاب هذه الجرائم للمحاكمة ويستعيد العراقيون زمام قيادة بالدهم‪ ،‬سيحقق العراقيون في األمر‪.‬‬

‫وتساءل صدام بأي حق يسأل المحقق عن أحداث عراقية داخلية وقعت عام ‪1991‬؟‪ ،‬وسأل‪« :‬هل ذلك ألنك‬
‫موظف بالحكومة األميركية؟»‪ ،‬وأجاب المحقق بأنه يحاول الفصل بين اإلشاعات المختلقة والحقائق‪ ،‬وتسجيل‬
‫التاريخ كما وقع بالفعل‪.‬‬

‫وقال صدام إنه من الصعب التعليق على الوثائق المشار إليها من دون توافر معلومات مفصلة‪ ،‬وشكك في تأكيد‬
‫المحقق بأن الشخصين المذكورين في واحدة من الوثائق لم يتسن لهما الدفاع عن نفسيهما‪ ،‬بل وشكك فيما إذا‬
‫كان تم إعدامهما بالفعل‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫* صدام‪ :‬اخترنا تجفيف األهوار من أجل السكان وألسباب استراتيجية في صالح العراق‬

‫ـ قال إنه أراد تحديث طريقة حياة عرب األهوار «حتى ال يعيشوا مثل الحيوانات»‬

‫‪-----------------------------‬‬

‫ـ محضر جلسة االستجواب الـ ‪19‬‬

‫ـ ‪ 30‬مارس (آذار) ‪2004‬‬

‫* قبل بدء التحقيق‪ ،‬قيل لصدام حسين إن جلسة اليوم سوف تكون استمرارا للنقاشات حول عرب األهوار في‬
‫جنوب العراق‪ .‬ومثلما قيل في مقابلة سابقة‪ ،‬قال صدام إنه كان قد عاش مع عرب األهوار لفترة من الوقت‪.‬‬
‫وعندما كان صدام في مصر في مطلع التسعينات‪ ،‬كأن يأمل أن تعيده «مشيئة اهلل» إلى العراق‪ .‬وبعد عودته‪،‬‬
‫حاول صدام أن يوسع من معرفته بالعراق عن طريق الخبرة العملية داخل مناطق من البالد لم يكن قضى فيها‬
‫وقتا ذا بال ومنها الجبال واألهوار‪ .‬ووصف صدام الحياة في أهوار جنوب العراق على أنها «ساحرة» ولكن لم‬
‫تكن فصول الصيف جيدة بسبب درجة الحرارة العالية والرطوبة وانتشار الحشرات‪ .‬وبالنسبة لقيام الحكومة‬
‫العراقية بتجفيف األهوار‪ ،‬قال إن المرء كان يختار بين اثنين‪ :‬إما المحافظة على الطبيعة على حساب البشر‪ ،‬أو‬
‫التضحية بجزء صغير من الطبيعة من أجل البشر‪ .‬وقال صدام إن المياه في المناطق المأهولة بالسكان من‬
‫األهوار لم تكن دوما نظيفة بسبب التلوث الذي يتسبب فيه البشر وينتج عن الحيوانات‪ .‬وكان سكان األهوار‬
‫يشربون هذه المياه ويستحمون فيها‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬كانت األمراض منتشرة ومنها البلهارسيا‪ .‬وكان معدل‬
‫أعمار المواطنين منخفضا بصورة نسبية‪ .‬وقال صدام إن الحكومة العراقية لم تستطع ببساطة «أن تجلس‬
‫وتشاهد هذا الوضع البائس» وأضاف أن الحكومة قررت «إحضارهم إلى الحياة» أو تحديث طريقة حياة عرب‬
‫األهوار‪ .‬وأكد صدام على الخيار الصعب الذي كان أمام الحكومة العراقية وهو التفضيل بين المحافظة على‬
‫الحياة البسيطة والفطرية لسكان األهوار أو دفعهم داخل الحياة الحديثة حيث ال يتم «إهمال البشر أو إهانتهم»‪.‬‬

‫وقال إن جميع مناطق العراق جميلة ووصف األهوار مرة أخرى بأنها مكان «ساحر»‪ .‬وأضاف‪« :‬نمت هناك‬
‫أليام في ‪ 1981‬و‪ »1982‬وخالل هذه الفترة‪ ،‬قال صدام إنه سوف يسافر إلى الخطوط األمامية من الحرب‬
‫اإليرانية ـ العراقية في الصباح‪ ،‬وبعد ذلك يعود إلى األهوار في المساء بعد إتمام مهامه‪ .‬ووصف صدام هذه‬
‫المدة بأنها «أفضل األيام»‪ ،‬وزعم أنه كان يقضي أوقاتا من كل عام في الفترة من ‪ 1978‬إلى ‪ 1984‬في زيارة‬
‫األهوار‪ .‬وتحدث صدام عن زيارة قام بها في ‪ 1980‬لقرية تدعى بعيدا تقع في وسط منطقة األهوار‪ .‬وتفيد‬
‫المعلومات بأن سكان قرية بعيدا هاجموا مركزا للشرطة‪ .‬وقال صدام إنه لم يكن من السهل التعامل مع ذلك‪.‬‬
‫وسافر إلى قرية بعيدا في صحبة ثالثة قوارب‪ ،‬أحد هذه القوارب كان يحمل صدام وآخرين‪ ،‬وكان قارب آخر‬
‫يحمل عناصر حماية خاصة به وقارب ثالث يحمل «صحافيين»‪ .‬وتم تصوير هذا الحدث وعرض على شاشات‬
‫التلفزيون‪ .‬وقال صدام إن سكان قرية بعيدا كانوا «سعداء لرؤيتنا»‪ ،‬وقاموا بذبح حيوانات وجهزوا لوليمة‬
‫وظنوا أن صدام وصحبته سوف ينتظرون للعشاء‪ .‬ولكن‪ ،‬ظلت الصحبة لثالث ساعات ورحلت بعد ذلك‪ .‬ولم‬
‫يسأل صدام سكان بعيدا عن الهجوم على مركز للشرطة‪ .‬وفي هذا الوقت‪ ،‬سأل واحد من فريق الحماية صدام‬
‫عن ضرورة القيام بتحقيق في مشاركة سكان بعيدا في الهجوم‪ .‬وفي رده‪ ،‬قال صدام‪« :‬الناس الجيدون‬
‫يفهمونني‪ ،‬واألشرار فهموا الرسالة»‪ ،‬وأضاف صدام أنه إذا وقع أمر مشابه مرة أخرى‪ ،‬سوف يتم «التعامل‬
‫معهم بالصورة المناسبة»‪.‬‬

‫وقال صدام إن الحكومة العراقية لديها عالقات جيدة مع عرب األهوار‪ .‬ولكن‪ ،‬بعد دخول أجنبي في الوضع‪،‬‬
‫«أصبح ذلك سيئا»‪ .‬وأكد صدام أن بعضا من عرب األهوار أفسدتهم إيران‪ .‬وتحديدا أصبحت منطقة أهوار‬
‫هويزة طريقا للتهريب وبدأ ذلك خالل فترة الشاه في إيران‪ .‬وأشار صدام إلى أن العائلة التي تظهر في الشريط‬

‫‪51‬‬
‫المصور الذي عرضه المحقق سابقا كانت من هور الحويزة‪ .‬وقال صدام إن الحكومة العراقية اختارت أن تجفف‬
‫األهوار من أجل السكان وألسباب استراتيجية في صالح العراق‪ .‬وأكد أن الحكومة العراقية كانت تريد أن تحدّث‬
‫من طريقة حياة عرب األهوار حتى «ال يعيشون مثل الحيوانات»‪ .‬وقال صدام إنه لم يكن مناسبا لعراقي أن‬
‫يعيش في هذه الظروف‪ .‬وكان يهدف تجفيف األهوار إلى تحقيق أهداف استراتيجية‪ ،‬ففي بعض األوقات‪ ،‬كان‬
‫هذا الطريق تحيط به األهوار بصورة كاملة‪ .‬وعندما دخل اإليرانيون العراق عام ‪ ،1984‬كان هدفهم الرئيسي‬
‫هو قطع هذا الطريق وعزل البصرة‪ .‬وعليه‪ ،‬قررت الحكومة العراقية أن تجفف األهوار وبناء منعطف يقدم‬
‫طريقا آخر‪ .‬ودرست الحكومة العراقية فكرة بناء منازل في األهوار للسكان‪ ،‬ولكن أظهر بحث أن هذا المشروع‬
‫ـ وال سيما في مجاالت الصرف الصحي والكهرباء‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أهملت الفكرة‪،‬‬ ‫سوف يكون مكلفا جدا ومعقدا‬
‫وقررت الحكومة بناء مجمعات سكنية على أرض جافة من أجل عرب األهوار المرحلين‪ .‬وعرضت أيضا على‬
‫السكان أمواال لبناء منازلهم الخاصة‪ .‬وقال صدام إن الحكومة وفرت المياه والكهرباء وخدمات الرعاية الصحية‬
‫والمدارس للسكان‪ .‬وفي السابق‪ ،‬كان المدرسون والمهنيون الطبيون يرفضون دخول األهوار إال بعد الحصول‬
‫على ثالثة أو أربعة أضعاف رواتبهم المعتادة‪ .‬ووصف صدام األهوار بأنها «مكان لطيف لزيارته ليومين أو‬
‫ثالثة أو أربعة أيام»‪ .‬ولكن في الصيف سوف «يأكلك» الناموس وكانت الحياة قاسية جدا‪ .‬وقال صدام إن البشر‬
‫يحتاجون إلى العيش حياة بدائية ولكن أليام قليلة في وقت ما‪ .‬وأضاف أن الرجل األكبر سنا الذي ظهر في‬
‫الشريط المصور يعلق على عرب األهوار «جاء كزائر‪ ،‬ولكنه لم يعش هناك» ولم تعش هناك زوجته وال‬
‫أطفاله‪ .‬واقترح صدام على المحقق أن يتحدث مع موظف من وزارة الري العراقية كي يفهم كيف تم تنفيذ‬
‫عملية التجفيف‪ .‬وقال إن المهمة أنجزت خالل ثالثة أو أربعة أشهر‪ .‬وبالنسبة لألفراد الذي خططوا أو أشرفوا‬
‫على عملية تجفيف األهوار‪ ،‬قال صدام إن الحكومة العراقية استفادت من الهيئات التي لديها خبرة أكبر‬
‫والمعدات الالزمة‪ .‬وتضمن المشروع مشاركة وزارة اإلسكان ووزارة الري وربما مدنية بغداد‪ .‬شارك في‬
‫عملية تجفيف األهوار «الدولة بأكملها» والكثير من خبرائها‪ .‬وعندما قيل لصدام إن محمد حمزة الزبيدي زعم‬
‫أنه «مهندس» عملية تجفيف األهوار الذي اقترح للمرة األولى خطة على مجلس قيادة الثورة في العراق عام‬
‫‪ ،1991‬قال صدام‪« :‬ربما»‪ .‬ولكن‪ ،‬قال صدام إنه ربما حصل على المقترح والخطة األولى من حسين كامل‪.‬‬
‫وقال إنه ال يعرف هل تشاور كامل مع الزبيدي في المشروع‪ .‬وأنكر صدام العلم بأن الزبيدي ناقش تجفيف‬
‫األهوار مع القيادات العراقية األخرى‪ .‬وأضاف‪« :‬لو كان (الزبيدي) قال ذلك‪ ،‬فهو صادق»‪ .‬وقال المحقق‬
‫لصدام إن آخرين زعموا أيضا أنهم كانوا أصل فكرة تجفيف األهوار‪ .‬ورد صدام بأنه مفهوم أن أي عراقي ربما‬
‫يحاول أن يرجع لنفسه الفضل في القيام بهذا األمر الهام الذي حسن من حياة عرب األهوار وفي نفس الوقت‬
‫قطع الطريق على عدو مثل إيران‪ .‬وعندما سئل عن تقارير تحدثت عن وجود هاربين من الجيش العراقي‬
‫ومخربين في األهوار عام ‪ 1991‬وإجراءات اتخذتها الحكومة العراقية للتعامل مع هؤالء‪ ،‬أقر صدام بوجود‬
‫هاربين‪ ،‬فطبيعي في أي نزاع طويل أن يقرر بعض األفراد ترك مهامهم‪ .‬وقد وقع ذلك في الماضي ويحدث في‬
‫الوقت الحالي خالل الحرب‪ .‬ويُطبق القانون العراقي على الهاربين أو تعفو عنهم السلطات‪ .‬وقال صدام إن‬
‫وجود هاربين من الجيش في أهوار جنوب العراق لم يكن سببا في عملية التجفيف‪ .‬وقال إن المخربين بدأوا في‬
‫ـ األهوار بعد ‪ ،1991‬وكان رد فعل الحكومة العراقية «مثل أي حكومة تتعامل ضد هؤالء الذين يتعدون‬ ‫استخدام‬
‫على القانون»‪ ،‬ولم يضرب صدام مثاال على رد فعل إحدى الحكومات ضد نشاط تخريبي‪ .‬وأنكر وجود خطة‬
‫ـ الشرطة والمواطنون‬ ‫عسكرية لمواجهة مخربين أو هاربين من الجيش‪ .‬وقال إن الهاربين كانت تتعقبهم‬
‫المحليون والعائلة‪ .‬وفي حاالت التمرد مثل ما وقع عام ‪ ،1991‬يتدخل الجيش‪ .‬وأقر صدام بأنه كانت هناك‬
‫أحيان يجب على الجيش العراقي التعامل مع المخربين‪ .‬وعندما سئل عن دراسة القيمة التاريخية لألهوار قبل‬
‫عملية التجفيف‪ ،‬سأل صدام هل أجريت دراسات مماثلة للمنطقة التي بني فيها السد العالي بمصر‪ .‬وأضاف أن‬
‫األنقاض التي كانت موجودة في منطقة السد تم نقلها قبل البناء‪ .‬وقال صدام إنه يعتقد أن بعض النقاشات وقعت‬
‫حول قضايا تتعلق بنقل الحجارة في مقابل إنقاذ الشعب من الجوع‪ .‬وقال إن موضوع تجفيف األهوار «تمت‬
‫دراسته» و«ال توجد قيمة تاريخية لألهوار»‪ .‬وفيما يتعلق باهتمام الحكومة العراقية باألثر البيئي لعملية تجفيف‬
‫األهوار‪ ،‬قال صدام إنه ناقش هذا األمر مع خبراء «خالل األيام العشرين التي تلت»‪ .‬وأشار إلى أن األميركيين‬
‫لم يسمحوا للهنود بالعيش كما كانوا قبل االستعمار‪ .‬وسأل عن القوانين المطبقة التي تحظر على الشركات‬

‫‪52‬‬
‫األميركية واألوروبية تدمير غابات األمازون‪ ،‬التي وصفها بأنها «رئات الكرة األرضية»‪ .‬وسأل صدام‪« :‬هل‬
‫نحمي فصائل الطيور والحيوانات األخرى وهل نشعر بالقلق على العراقيين؟» وتساءل هل كان يجب تبديد مياه‬
‫األهوار من أجل اإلبقاء على األهوار أم كان يجب استخدامها في الزراعة‪ .‬وقال صدام‪« :‬ما قمنا به هو‬
‫الصحيح»‪ .‬وأضاف أنه لو لم يكن صحيحا‪ ،‬يجب على األميركيين أن يعيدوا فتح المياه اآلن‪ .‬وأشار المحقق إلى‬
‫خبر حديث أشار إلى أن المواطنين العراقيين المحليين قاموا بالفعل مؤخرا بجمع المال واستئجار جرافة وفتحوا‬
‫جزءا من القناة للسماح للمياه كي تعود من جديد إلى األهوار‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الحلقة السابعة‪ :‬صدام يتحدث عن قصوره وخطاباته ‪ ..‬ويسلم أخيرا بأنه لم يعد رئيسا‬

‫ـ األميركي للرئيس العراقي األسبق في السجن‬


‫«الشرق األوسط» تواصل نشر محاضر االستجواب‬

‫دار الحديث في الحوار التالي في ‪ 10‬مايو (أيار) حول قصور صدام ونمط حياته‪ .‬وسئل صدام عن عدد‬
‫القصور الرئاسية وطبيعة البذخ فيها‪ ،‬فقال إن القصور ملك للدولة وليست لفرد بعينه‪ .‬وأضاف أن تلك القصور‬
‫منحت المهندسين العراقيين الفرصة لتنمية مهاراتهم التي يمكن أن تالحظ في تطور المنازل العراقية‪ .‬وفي‬
‫جلسة في ‪ 11‬يونيو (حزيران) قرأ صدام على بيرو قصيدة ألفها مؤخرا‪ .‬واستغل بيرو هذه الفرصة لالنتقال‬
‫إلى مناقشة خطب صدام‪ .‬وبدا واضحا لبيرو أن صدام تولى بنفسه صياغة خطبه‪ ،‬األمر الذي أكده صدام‪،‬‬
‫موضحا أن جميع كتاباته كانت نابعة من القلب‪ .‬واعترف صدام بأنه لم يكن يستمتع بإلقاء خطبه‪ ،‬مفضال بدال‬
‫من ذلك إلقاء آخرين لها‪ .‬ووصف صدام شعوره عند كتابة خطبه وتسليمها لمن يلقونها بأنه كان أشبه بمن‬
‫يخوض امتحانا‪ .‬وعندما سأل صدام عن آخر المستجدات على الساحة العراقية‪ ،‬نقل إليه بيرو اإلنجازات التي‬
‫شهدها العراق‪ ،‬وكان من بينها التوقيع على الدستور الجديد واالستعدادات لنقل السيادة للعراقيين‪ .‬وتساءل‬
‫ـ الذي يعتقد بحسب وجهة نظره أنه قادر على التوصل إلى اتفاق مشترك التخاذ‬ ‫صدام بشأن فعالية مجلس الحكم‬
‫القرار‪ .‬ونقل إليه بيرو أيضا االنتخابات العراقية التي سيمنح فيها العراقيون الفرصة النتخاب قائد جديد بصورة‬
‫ديمقراطية‪ .‬وقال صدام إن الشعب لن يقبل برئيس منتخب أثناء االحتالل وأنه عاصر ذلك في الماضي عندما‬
‫ارتقى الملك فيصل السلطة في ظل الحماية البريطانية‪ .‬وحسب صدام كان جدول عمله متخما لكنه كان يحتفظ‬
‫لنفسه بوقت لقراءة القصص وهو أمر كان يسعد به كثيرا‪ .‬كانت أجندة صدام تضم لقاءات مع كبار المسؤولين‬
‫اآلخرين في حزب البعث‪ .‬وزعم صدام أنه كان يلتقي بانتظام مع الشعب العراقي ألنه كان يعتبرهم أدق مصادر‬
‫المعلومات‪ .‬كان صدام يلتقي بالموطنين يوميا أو من وقت آلخر‪ .‬وعندما سئل عن كيفية تيقنه من أن‬
‫المواطنين يصدقونه القول خالل لقاءاتهم معه نظرا ألن غالبيتهم سيكونون خائفين‪ ،‬رد بأن «ذلك يمكن أن‬
‫يكون هو القضية لكن الشعب كان يعلم أنني أريد الحقيقة»‪.‬‬

‫* القصور الرئاسية هي ملك للشعب‪ ..‬وفضلت السكن في منزل بسيط ـ الرئيس السابق قال إن القصور كانت‬
‫فرصة للمهندسين العراقيين لتطوير مهاراتهم ـ حوار غير رسمي مع صدام ـ ‪ 10‬مايو (أيار) ‪ 2004‬خالل‬
‫حديث غير رسمي مع جورج بيرو في زنزانته أدلى صدام حسين بالمعلومات التالية‪:‬‬

‫‪54‬‬
‫سأل صدام حسين عن آخر المستجدات على الساحة العراقية‪ ،‬فنقل إليه بيرو اإلنجازات التي شهدها العراق‪،‬‬
‫والتي كان من بينها التوقيع على الدستور الجديد واالستعدادات لنقل السيادة للعراقيين‪ .‬وتساءل صدام بشأن‬
‫ـ الذي يعتقد بحسب وجهة نظره أنه قادر على التوصل إلى اتفاق مشترك التخاذ القرار‪.‬‬ ‫فاعلية مجلس الحكم‬
‫ونقل إليه أيضا االنتخابات العراقية التي سيمنح فيها العراقيون الفرصة النتخاب قائد جديد بصورة ديمقراطية‪.‬‬
‫وقال صدام إن الشعب لن يقبل برئيس منتخب في أثناء االحتالل وأنه عاصر ذلك في الماضي عندما ارتقى الملك‬
‫فيصل السلطة في ظل الحماية البريطانية‪ .‬ونقل بيرو إلى صدام نتائج أحدث استطالع رأي أظهر رغبة‬
‫العراقيين في السيطرة على الحكومة ورغبتهم في بقاء القوات األميركية‪.‬‬

‫وخالل الحديث عن تكييف الهواء في زنزانة صدام الذي كان يجري إصالحه قال صدام إنه اعتاد على المعيشة‬
‫البسيطة وإنه ال يحب عيشة البذخ‪ .‬وسُئل صدام حينئذ عن عدد القصور الرئاسية وطبيعة البذخ فيها‪ .‬قال إن‬
‫القصور ملك للدولة وليست لفرد بعينه‪ ،‬وقبل عام ‪ 1968‬كانت المنازل العراقية بدائية جدا ومصنوعة من‬
‫الطين‪ .‬وكما طور المهندسون المعماريون مهاراتهم وتصميماتهم في بناء القالع في الدول الغربية‪ ،‬منحت تلك‬
‫القصور المهندسين العراقيين الفرصة لتنمية مهاراتهم التي يمكن أن تالحظ في تطور المنازل العراقية‪ .‬إضافة‬
‫إلى ذلك كان هناك خطر من الواليات المتحدة وإسرائيل خصوصا خالل السنوات العشر األخيرة‪ ،‬وكان على‬
‫الحكومة أن تؤدي عملها وعلى القيادة أن تجتمع وتناقش القضايا قبل الوصول إلى قرارات‪.‬‬

‫إذا كان هناك قصران فقط أو مواقع يمكن للقيادة االجتماع بها فسيكون من السهل القضاء على القيادة العراقية‪،‬‬
‫وألن تلك القصور تعود إلى الشعب فإن صدام حسين لم يقطن فيها وفضل أن يقطن في منزل بسيط‪ .‬كان صدام‬
‫يتناول ما كان يعد له ولم يكن له الكثير من المطالب‪ .‬ويعتقد أن الواليات المتحدة كانت تحمل فكرة خاطئة بأنه‬
‫مبذّر مما أدّى إلى قدرته على المراوغة من األسر‪ .‬ويعتقد صدام أن أسره كان نتيجة للخيانة‪.‬‬

‫كان جدول عمل صدام متخما لكنه كان يحتفظ لنفسه بوقت لقراءة القصص وهو أمر كان يسعد به كثيرا‪ .‬كانت‬
‫أجندة صدام تضمّ لقاءات مع كبار المسؤولين اآلخرين في حزب البعث‪ .‬وزعم صدام أنه كان يلتقي بانتظام مع‬
‫الشعب العراقي ألنه كان يعتبرهم أدق مصادر المعلومات‪ .‬كان صدام يلتقي بالمواطنين يوميا أو من وقت إلى‬
‫آخر‪ .‬وعندما سُئل عن كيفية تيقنه من أن المواطنين يصْدقونه القول خالل لقاءاتهم معه نظرا إلى أن غالبيتهم‬
‫سيكونون خائفين‪ ،‬رد بأن «ذلك يمكن أن يكون هو القضية لكن الشعب كان يعلم أنني أريد الحقيقة»‪ .‬وضرب‬
‫صدام مثاال ألخيه غير الشقيق وطبان إبراهيم حسن المجيد وزير الداخلية آنذاك‪ ،‬حيث اشتكى مواطن لصدام أنه‬
‫خالل توقفه في إشارة مرورية أطلق وضبان النار على إشارة المرور من مسدسه‪ .‬اتصل صدام بوضبان ليتأكد‬
‫من صحة ذلك‪ ،‬فأقر وطبان بالواقعة‪ ،‬وما كان من صدام إال أن أمره بحزام أغراضه وجعله يعلم بنبأ إقالته من‬
‫الوزارة ومن اإلذاعة الرسمية‪ .‬وقال صدام إنه ألزم عائلته بمعايير أعلى من اآلخرين‪.‬‬

‫أشار صدام إلى اهتمامه بفهم الثقافة األميركية وقام بذلك عبر مشاهدة األفالم األميركية‪ .‬وبحسب ما ذكره‬
‫صدام فإنه شاهد العديد من األفالم األميركية جعلته يكون رأيه حول الثقافة األميركية‪.‬‬

‫* توليت بنفسي صياغة خطبي‪ ..‬وجميع كتاباتي نابعة من القلب ـ أقر بأنه يعي أنه لم يعد رئيسا وتساءل ماذا‬
‫يمكنه فعله فتلك مشيئة اهلل ـ حوار غير رسمي مع صدام ـ ‪ 11‬يونيو (حزيران) ‪ 2004‬خالل حديثه إلى‬
‫المحقق جورج إل‪ .‬بيرو في إطار محادثة تمت بينهما عن طريق المصادفة‪ ،‬أدلى صدام حسين بالمعلومات‬
‫التالية بخصوص أسلحة الدمار الشامل‪ :‬قرأ صدام على بيرو قصيدة ألفها مؤخرا‪ .‬واستغل بيرو هذه الفرصة‬
‫لالنتقال إلى مناقشة خطب صدام‪ .‬وبعد االستماع إلى عدة قصائد صاغها صدام‪ ،‬اكتسب بيرو اآلن القدرة على‬
‫تحديد مالمح أسلوب صدام في الكتابة‪ ،‬الذي كان شائعا في واحدة من الخطب التي قرأها بيرو منذ وقت قريب‪.‬‬
‫وبدا واضحا لبيرو أن صدام تولى بنفسه صياغة خطبه‪ ،‬األمر الذي أكده صدام‪ ،‬موضحا أن جميع كتاباته نابعة‬
‫من القلب‪ .‬واعترف صدام بأنه لم يستمتع بإلقاء خطبه‪ ،‬مفضال بدال من ذلك إلقاء آخرين لها‪ .‬ووصف صدام‬
‫شعوره عند كتابة خطبه وتسليمها لمن يلقونها أنه كان أشبه بمن يخوض امتحان‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬سأل بيرو صدام‬

‫‪55‬‬
‫حول إذا ما كان صاغ خطبه وأنها نبعت من صميم فؤاده‪ ،‬وعن المعنى وراء الخطاب الذي ألقاه في يونيو‬
‫(حزيران) ‪ .2000‬فأجاب صدام بأن هذا الخطاب كان يرمي لتحقيق هدفين؛ أحدهما إقليمي واآلخر عملي‪.‬‬
‫إقليميا‪ ،‬رمى الخطاب إلى االستجابة للتهديدات اإلقليمية التي يجابهها العراق‪ .‬وأعرب صدام عن اعتقاده بأن‬
‫العراق لم يكن بإمكانه الظهور بمظهر الضعف أمام أعدائه‪ ،‬خاصة إيران‪ .‬وأشار إلى أن العراق تعرض‬
‫لتهديدات من جانب دول أخرى بالمنطقة وكان يتحتم عليه الظهور في صورة القادر على الدفاع عن نفسه‪.‬‬
‫عمليا‪ ،‬حاول صدام إظهار التزام بالده بقرارات األمم المتحدة المتعلقة بتدمير أسلحة الدمار الشامل‪ .‬وأشار‬
‫صدام إلى أن إيران شكلت التهديد األكبر لبالده بالنظر إلى حدودهما المشتركة‪ .‬ورأى أن طهران سعت لضم‬
‫جنوب العراق إلى أراضيها‪ .‬والواضح أن إمكانية إقدام إيران على محاولة ضم جزء من جنوب العراق إليها‬
‫بدت من وجهة نظر صدام والعراق كأخطر تهديد تواجهه البالد‪ .‬ونظر صدام إلى الدول األخرى في الشرق‬
‫األوسط باعتبارها ضعيفة وعاجزة عن الدفاع عن نفسها أو العراق ضد أي هجوم إيراني‪ .‬وأعرب صدام عن‬
‫اعتقاده بأن إسرائيل مصدر تهديد للعالم العربي بأكمله‪ ،‬وليس العراق على وجه الخصوص‪ .‬ومضى صدام قدما‬
‫في الحوار حول القضايا المتعلقة بخطورة التهديد اإليراني للعراق‪ .‬على الرغم من ادعاء صدام بأن العراق لم‬
‫يملك أسلحة دمار شامل‪ ،‬فإن التهديد اإليراني شكل عامال كبيرا وراء رفضه عودة مفتشي األمم المتحدة إلى‬
‫العراق‪ .‬واعترف صدام بأن قلقا أكبر ساوره حيال اكتشاف طهران نقاط ضعف بغداد من التداعيات المتمثلة في‬
‫اإلجراءات التي ستتخذها الواليات المتحدة لرفضه السماح بعودة مفتشي األمم المتحدة إلى العراق‪ .‬من وجهة‬
‫نظره‪ ،‬اعتقد صدام أن مفتشي األمم المتحدة سيكشفون مباشرة لإليرانيين نقاط الضعف التي يمكن من خاللها‬
‫إلحاق الضرر األكبر بالعراق‪ .‬وضرب صدام مثاال على ذلك عن طريق مده ذراعه وشرحه أن ضرب شخص ما‬
‫على مقدمة اليد لن يترك التأثير ذاته مثل ضربه عند المرفق أو الرسغ‪ ،‬األمر الذي سيفقده القدرة على استخدام‬
‫ذراعه‪ .‬أشار صدام إلى شعوره بالغضب عندما ضربت واشنطن العراق عام ‪ ،1998‬مستطردا أن العراق كان‬
‫قادرا على امتصاص ضربة أميركية أخرى ألنه اعتبر ذلك خطرا أقل من كشف ضعف البالد أمام طهران‪.‬‬
‫أضاف صدام أن قدرات األسلحة لدى إيران زادت بصورة هائلة‪ ،‬بينما تقوضت قدرات العراق جراء العقوبات‬
‫التي فرضتها عليه األمم المتحدة‪ .‬وشدد على أن تداعيات ذلك ستتجلى في المستقبل‪ ،‬مع تحول القدرات‬
‫اإليرانية على صعيد التسليح إلى تهديد أكبر للعراق والمنطقة بأسرها‪ .‬رأى صدام أن القدرات العراقية بمجال‬
‫األسلحة شكلت عامال في النتيجة التي تمخضت عنها الحرب العراقية ـ اإليرانية‪ .‬في بداية الحرب‪ ،‬امتلك‬
‫العراق صواريخ ذات مدى محدود بلغ قرابة ‪ 270‬كيلومترا‪ ،‬في الوقت الذي افتقرت إيران إلى قدرات‬
‫صاروخية قوية‪ .‬إال أن اإليرانيين نجحوا في الحصول على صواريخ طويلة المدى من ليبيا كان بمقدورها‬
‫ضرب أهداف في العمق العراقي‪ .‬وكان اإليرانيون من بادروا باستخدام الصواريخ وقصفوا بغداد‪ .‬وادعى صدام‬
‫أنه حذر اإليرانيين عبر خطاب ألقاه بضرورة وقف مثل هذه الهجمات‪ .‬إال أنهم أقدموا مجددا على مهاجمة‬
‫بغداد‪ .‬وعليه‪ ،‬حضر إليه عدد من العلماء العراقيين وأشاروا عليه أن باستطاعتهم زيادة مدى الصواريخ‬
‫العراقية‪ ،‬بحيث تضرب هي األخرى العمق اإليراني‪ .‬وبالفعل‪ ،‬أصدر صدام أوامره إليهم بالشروع في ذلك‪ .‬ورد‬
‫العراق على الهجمات اإليرانية بضرب العاصمة اإليرانية‪ ،‬طهران‪ ،‬بالصواريخ العراقية‪ .‬وأكد صدام أن‬
‫اإليرانيين انتابهم غضب عارم حيال الهجمات العراقية‪ .‬وأشار إلى أن طهران كانت أكثر عرضة لخطر الضربات‬
‫الصاروخية بسبب طبيعتها الجغرافية‪ .‬على الجانب اآلخر‪ ،‬تنتشر بغداد جغرافيا على مساحة واسعة ومقسمة‬
‫إلى أحياء‪ ،‬ما يحد من فعالية الهجمات اإليرانية‪ .‬ووصف صدام هذه الفترة بأنها «حرب المدن»‪ ،‬مستطردا أن‬
‫اإلجراءات العراقية جاءت استجابة لألفعال اإليرانية في ذلك الوقت‪ .‬وشرح صدام أن إيران كانت في موقف‬
‫أضعف‪ ،‬نظرا المتالك العراق التقنية الالزمة لتصميم وتطوير صواريخه‪ ،‬بينما اضطرت إيران إلى الحصول‬
‫على صواريخها من ليبيا‪ .‬وأوضح صدام أن القيد الوحيد على العراق كان قدرته اإلنتاجية‪ ،‬في الوقت الذي‬
‫كانت إيران مقيدة بالكمية التي يمكنها الحصول عليها‪ .‬واعترف صدام بأن إيران استمرت في تطوير قدراتها‬
‫بمجال األسلحة‪ ،‬من أجل بناء أسلحة دمار شامل‪ .‬في المقابل‪ ،‬خسر العراق قدراته المتعلقة باألسلحة بسبب‬
‫عقوبات األمم المتحدة وعمليات التفتيش التي أجرتها المنظمة بالعراق‪ .‬سئل صدام كيف كان يمكن للعراق‬
‫التعامل مع التهديد اإليراني حال رفع عقوبات األمم المتحدة‪ .‬أجاب صدام بأن العراق كان سيصبح عرضة‬
‫بدرجة بالغة لهجوم إيراني‪ .‬لذا‪ ،‬كان سيسعى إلبرام اتفاق أمني مع الواليات المتحدة لحماية العراق من األخطار‬

‫‪56‬‬
‫اإلقليمية‪ .‬وأعرب صدام عن اعتقاده بأن مثل هذا االتفاق لم يكن ليفيد العراق فحسب‪ ،‬وإنما أيضا جيرانه‪ ،‬مثل‬
‫السعودية‪ .‬واتفق بيرو معه في الرأي على أن مثل هذا االتفاق كان سيساعد العراق بصورة هائلة‪ .‬لكنه أشار‬
‫إلى أنه بالنظر إلى تاريخ العالقات بين البلدين‪ ،‬كان األمر سيتطلب بعض الوقت قبل أن توافق واشنطن على‬
‫الدخول في مثل هذا االتفاق مع العراق‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬لفت بيرو انتباه صدام إلى أن الفقرة ‪ 14‬من قرار‬
‫األمم المتحدة رقم ‪ 687‬تنص على أن نزع تسليح العراق كان جزءا من عملية نزع تسليح شاملة للمنطقة‬
‫بأسرها‪ ،‬لكن هذا الجزء من القرار تعذر تنفيذه‪ .‬كان التهديد اإليراني سيلوح في األفق بالنسبة للعراق‪ ،‬خاصة‬
‫مع استمرار إيران في تطوير أسلحتها‪ .‬وعلق بيرو بأنه في ظل مثل هذه الظروف‪ ،‬يبدو أن العراق كان سيصبح‬
‫بحاجة إلى إعادة بناء برامجه المعنية بإنتاج األسلحة استجابة لما يجابهه من أخطار‪ .‬ورد صدام على ذلك‬
‫بقوله إن العراق كان سيفعل ما يتوجب عليه فعله‪ ،‬منوها بأن قدرات العراق الفنية والعلمية فاقت قدرات الدول‬
‫اإلقليمية األخرى‪ .‬قال صدام إنه سمح بعودة مفتشي األمم المتحدة إلى العراق في محاولة للتصدي لمزاعم‬
‫الحكومة البريطانية‪ .‬وأكد أنه كان من العسير للغاية اتخاذ مثل هذا القرار‪ ،‬لكن الحكومة البريطانية من جانبها‬
‫كانت أعدت تقريرا يحوي معلومات استخباراتية غير دقيقة‪ .‬وكانت تلك المعلومات االستخباراتية غير الدقيقة‬
‫األساس الذي اعتمدت عليه واشنطن في قراراتها‪ .‬إال أن صدام اعترف بأنه عندما اتضح أن الحرب مع‬
‫الواليات المتحدة وشيكة‪ ،‬سمح بعودة مفتشي األمم المتحدة إلى العراق‪ ،‬أمال في تجنب الحرب‪ .‬لكن بدا جليا‬
‫أمامه قبل الحرب بأربعة أشهر أن الحرب واقعة ال محالة‪ .‬أكد صدام مجددا أنه رغب في إقامة عالقات مع‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬لكن لم تتسن له فرصة تحقيق ذلك ألن واشنطن لم تكن تنصت ألي شيء يقوله العراق‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬ساوره القلق إزاء القدرات والموارد التقنية المتطورة لواشنطن‪ .‬على صعيد منفصل‪ ،‬قال‬
‫صدام إنه يتذكر استخدامه الهاتف مرتين فحسب منذ مارس (آذار) عام ‪ .1990‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬لم يبق صدام‬
‫في المكان واحد لمدة تزيد على يوم واحد‪ ،‬إلدراكه القدرات األميركية بالغة التقدم‪ .‬جرت اتصاالت صدام بصورة‬
‫رئيسة عبر استخدام أفراد لحمل الرسائل أو كان يلتقي شخصيا مع مسؤولي الحكومة لمناقشة القضايا المعنية‪.‬‬
‫واعترف صدام بأن دولة نامية مثل العراق كانت عرضة لتهديد كبير من قبل الواليات المتحدة‪ .‬ثم تحولت‬
‫المناقشة باتجاه الرئيس العراقي المؤقت الجديد ـ الشيخ غازي الياور‪ .‬قال صدام إن الياور ينتمي لعائلة طيبة‬
‫وإن الدول اإلقليمية األخرى سترحب به‪ ،‬خاصة السعودية‪ .‬وأعرب عن اعتقاده بأن الواليات المتحدة ال بد أنها‬
‫أمعنت التفكير في تعيين الياور في هذا المنصب‪ ،‬ألن اختياره كان قرارا صائبا‪ .‬من جهته‪ ،‬نوه بيرو بأن اختيار‬
‫الياور لم يتم من جانب واشنطن وحدها‪ ،‬وإنما عاونتها األمم المتحدة‪ .‬وأضاف أن اختيار الحكومة العراقية‬
‫الجديدة اعتمد على االحتياجات التي أعرب عنها الشعب العراقي‪ .‬قامت الحكومة العراقية على أساس متين‬
‫تمكنت من االنطالق منه في سعيها لخدمة الشعب العراقي‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬سأل بيرو صدام عن حقيقة شعوره‬
‫الشخصي إزاء مناقشتهما حول رئيس عراقي وحكومة جديدة بالبالد‪ .‬وشرع صدام في اإلجابة بالحديث عن‬
‫الياور‪ ،‬لكن قاطعه بيرو وأعاد سؤاله عن شعوره الشخصي‪ .‬وذكر بيرو صدام بأنه سبق أن أوضح أنه ال يزال‬
‫يعتبر نفسه رئيس العراق‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬بات واضحا للجميع اآلن أنه لم يعد رئيسا للبالد‪ ،‬في ظل وجود رئيس‬
‫آخر يمثل الدولة والشعب العراقيين‪ .‬وأخبر بيرو صدام بأنه لم يعد رئيسا للعراق‪ ،‬وأن أمره انتهى‪ .‬أجاب صدام‬
‫بأنه يعي هذا األمر‪ ،‬وتساءل ماذا يمكنه فعله حيال األمر بالنظر إلى أن تلك مشيئة اهلل‪ .‬وسأله بيرو ما إذا كانت‬
‫لديه أي أفكار حيال مستقبله‪ ،‬ورد صدام بأنه مستقبله في يد اهلل‪ .‬عندئذ‪ ،‬أخبره بيرو بأن حياته أشرفت على‬
‫نهايتها‪ ،‬وسأله إذا ما كان يرغب في أن يكون للجزء المتبقي من حياته معنى‪ .‬ورد صدام باإليجاب‪ .‬قال بيرو‬
‫لصدام إنه أحاط نفسه بأفراد ضعفاء‪ ،‬يأبون اآلن تحمل أي مسؤولية عن إجراءات الحكومة السابقة‪ .‬وأضاف‬
‫أن المحتجزين بالغي األهمية اآلخرين يلقون باللوم على صدام عن كل أخطاء العراق‪ .‬وأجاب صدام متسائال‬
‫ماذا بوسعه فعله‪ .‬واعترف صدام بأنه ربما يتحمل المسؤولية أو اللوم‪ ،‬في الوقت الذي يحاول آخرون إقصاء‬
‫ـ عن المسؤولية‪.‬‬ ‫أنفسهم‬

‫‪----------------------‬‬

‫الحوارات غير الرسمية‬

‫‪57‬‬
‫يكشف الرئيس العراقي األسبق صدام حسين الذي أُعدم نهاية ديسمبر (كانون األول) ‪ 2006‬في وثائق‬
‫ـ وحتى‬ ‫سرية أفرج عنها األرشيف القومي األميركي أخيرا خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه األخيرة في الحكم‬
‫اعتقاله وظروفه في السجن‪ .‬وبعد نشرها محاضر ‪ 19‬جلسة استجواب رسمي تواصل «الشرق األوسط» اليوم‬
‫نشر محاضر حوارات غير رسمية عادية أجراها جورج بيرو‪ ،‬وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي‬
‫األميركي «إف بي آي»‪ ،‬مع الرئيس األسبق ما بين ‪ 1‬مايو (أيار) و‪ 28‬يونيو (حزيران) ‪ .2004‬وفي حوار‬
‫جرى في ‪ 17‬يونيو (حزيران) تحدث صدام عن إخوته غير األشقاء وكبار المسؤولين في نظامه‪ ،‬وقد أفاد بأن‬
‫طارق عزيز كان في غاية الذكاء ومتحدثا رائعا‪ .‬وأفاد بأن ابن عمه علي حسن المجيد كان يفكر مثل البدوي‬
‫وكانت خبرته محدودة خارج حدود قبيلته‪ ،‬وكانت قراراته تقوم على هذه الخبرة المحدودة‪.‬‬

‫* طارق عزيز كان في غاية الذكاء‪ ..‬ورمضان واضحا‪ ..‬والمجيد كان يفكر مثل البدوي‬

‫ـ رئيس النظام السابق قال إن برزان كان مغلقا ولم يكن ودودا ووطبان عكسه‬

‫ـ حوار غير رسمي مع صدام‬

‫ـ ‪ 17‬يونيو (حزيران) ‪2004‬‬

‫* خالل حديث غير رسمي مع جورج بيرو في زنزانته‪ ،‬أدلى صدام حسين بالمعلومات التالية‪:‬‬

‫أفاد صدام بأنه في معظم األيام‪ ،‬كان جدول أعماله يشتمل على االجتماع مع المواطنين العراقيين العاديين‪ .‬وقد‬
‫كان صدام يفضل االجتماع معهم حيث كان يعمل أو يقيم بدال من مكتبه الرئاسي‪ .‬وفي أغلب األحيان‪ ،‬كانت هذه‬
‫االجتماعات بين الساعة ‪ 3:00‬إلى الساعة ‪ 6:00‬مساء‪ ،‬حيث كان يتبادل الحديث مع المواطنين العراقيين‪.‬‬
‫وكان صدام يفضل قيادة السيارة بنفسه وكان يأمر حراسه بالركوب معه‪ ،‬مما منحه القدرة على التوقف متى‬
‫وأين شاء‪ .‬وكان صدام يستفيد من هذا الوقت في معالجة المشكالت الشخصية لهؤالء المواطنين‪ ،‬وكان من ذلك‬
‫مناقشة مشكالتهم الصحية وشكاواهم الشخصية‪ ،‬إلخ‪ .‬وكان صدام يستمتع بتبادل األفكار مع أولئك الذين‬
‫يحيطون به بغرض توفير الحلول لهم‪ .‬وكان يشجع من حوله على مناقشة المشكالت وتبادل األفكار فيما بينهم‪،‬‬
‫وبينهم وبينه كذلك‪ .‬ومع ذلك فلم يكن صدام يستمتع بالجدل مع اآلخرين على الرغم من أنه كان يعتبر نفسه‬
‫محاورا ممتازا‪ ،‬وأكثر دراية ممن حوله‪ .‬وعندما كان يدور جدل حوله‪ ،‬كان يقول إنه لن يشارك فيه ويبقى‬
‫صامتا‪ .‬وكان صدام يتناقش مع بعض األفراد سواء كانوا أقارب أو مقربين له داخل الحكومة العراقية السابقة‪.‬‬
‫وقد أفاد صدام بأن طارق عزيز (رقم ‪ 25‬على القائمة السوداء) كان في غاية الذكاء وكانت لديه معلومات‬
‫وفيرة عن الغرب أكثر من أي مسؤول آخر في حزب البعث‪ .‬وكان عزيز متحدثا رائعا‪ ،‬حيث كان مدرسا سابقا‬
‫للغة اإلنجليزية وكان رئيس تحرير صحيفة حزب البعث‪ .‬وأفاد صدام بأن علي حسن المجيد (رقم ‪ 5‬على‬
‫القائمة السوداء) كان يفكر مثل العرب‪ .‬وأفاد بيرو بأن المجيد كان يفكر مثل البدوي‪ ،‬وقال صدام إن ذلك ما كان‬
‫يقصده‪ .‬لقد كانت خبرة المجيد محدودة خارج حدود قبيلته وكانت قراراته تقوم على هذه الخبرة المحدودة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فقد كان المجيد يتبع وينفذ األوامر الموجهة إليه‪ .‬ووصف صدام شخصية نائب الرئيس السابق طه‬
‫ياسين رمضان (رقم ‪ 20‬على القائمة السوداء) بأنها شخصية واضحة‪ .‬فقد كان رمضان ذلك النوع من‬
‫ـ باستمرار‪ ،‬وهو األمر الذي كان يسمح به صدام‪ .‬بعد ذلك انتقل صدام إلى‬ ‫األشخاص الذين يتحدثون عن أنفسهم‬
‫الحديث عن أخويه غير الشقيقين وهما برزان إبراهيم حسن (رقم ‪ 38‬على القائمة السوداء) ووطبان إبراهيم‬
‫حسن (رقم ‪ 37‬على القائمة السوداء)‪ .‬وأفاد صدام بأن برزان كان في غاية الذكاء ولكن شخصيته كانت مغلقة‪.‬‬
‫وقال بيرو لصدام إن برزان لم يكن ودودا بما يكفي‪ ،‬ولم يكن من النوع الذي يمكن أن يطور معه بيرو صداقة‪.‬‬
‫فضحك صدام وقال إن بيرو قد عرف شخصية برزان‪ .‬ثم أفاد صدام بأن وطبان كان على العكس من برزان‬
‫حيث كان ودودا وذا شخصية بسيطة‪ .‬وحسبما يقول صدام‪ ،‬فإن وطبان لم يستطع تنفيذ المهام الوزارية ولم‬
‫يكن قادرا على االضطالع باألدوار السياسية أو حل مشكالتها‪ .‬ثم تساءل بيرو عن عابد حامد محمود (رقم ‪4‬‬

‫‪58‬‬
‫على القائمة السوداء) وهو السكرتير الرئاسي لصدام‪ .‬فقال صدام إن عابد كان موظفا جيدا ومخلصا وكان ينفذ‬
‫الواجبات واألوامر‪ .‬ثم سأل صدام بيرو عن رأيه في عابد‪ .‬فقام بيرو بوصف بما يعنيه مصطلح «مندوب‬
‫مبيعات سيارات مستعملة»‪ .‬فضحك صدام مرة أخرى وقال إن بيرو كان محقا في وصفه لعابد‪.‬‬

‫* لم ألتق بن الدن‪ ..‬وكتبت مقاالت ضد هجمات ‪ 11‬سبتمبر‬

‫ـ أقر بأن مسؤوال في استخباراته التقى زعيم «القاعدة» في السودان‬

‫ـ حوار غير رسمي مع صدام‬

‫ـ ‪ 28‬يونيو (حزيران) ‪2004‬‬

‫* ناقش بيرو مع صدام عالقة العراق بتنظيم القاعدة‪ ،‬وعرض صدام تقريرا تاريخيا مختصرا عن الخالفات‬
‫داخل الدين‪ ،‬وال سيما اإلسالم‪ ،‬وعن حكام ذوي أهمية من الناحية التاريخية‪ .‬وقال صدام إنه يؤمن باهلل‪ ،‬وإنه‬
‫ليس متعصبا‪ .‬وأعرب عن اعتقاده أنه ال يجب الخلط بين الدين والدولة‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن آيديولوجية‬
‫حزب البعث لم تكن تعتمد على الدين‪ ،‬حيث إن مؤسسها كان مسيحيا‪ .‬ولكن‪ ،‬كان صدام واضحا في أنه يقف ضد‬
‫أي شخص يتواطأ مع الغرب ضد بالده‪ .‬وقال صدام إن آيديولوجية أسامة بن الدن لم تختلف عن الكثير من‬
‫المتعصبين الذين جاءوا قبله‪ ،‬وإنه ليس لدى االثنين نفس المعتقد أو النظرة‪ .‬وزعم صدام أنه لم ير بن الدن‬
‫شخصيا يوما ما‪ .‬ولكن‪ ،‬أشار بيرو إلى أن هناك أدلة واضحة على أن الحكومة العراقية كانت قد اجتمعت من‬
‫قبل مع بن الدن‪ ،‬واستشهد بيرو على ذلك باجتماع فاروق حجازي‪ ،‬مسؤول االستخبارات الخارجية بجهاز‬
‫االستخبارات العراقي‪ ،‬مع أسامة بن الدن في السودان عام ‪ ،1994‬وواستشهد كذلك بزيارتين قام بهما أبو‬
‫حفص الموريتاني إلى بغداد‪ ،‬وطلبه الحصول على مساعدات مالية تبلغ ‪ 10‬ماليين دوالر‪ .‬وأجاب صدام‪:‬‬
‫«نعم»‪ .‬وقال إن الحكومة العراقية لم تتعاون مع بن الدن‪ .‬وسأل بيرو صدام «لِمَ ال؟» ما دام للعراق وبن الدن‬
‫نفس األعداء‪ ،‬الواليات المتحدة والسعودية‪ ..‬واستشهد بيرو بعبارة «عدوي عدو أخي»‪ .‬وقال صدام إن‬
‫الواليات المتحدة لم تكن عدوا للعراق‪ ،‬ولكن كان صدام يعترض على سياساتها‪ .‬ولو كان يريد التعاون مع‬
‫أعداء الواليات المتحدة لكان قام بذلك مع كوريا الشمالية‪ ،‬التي زعم أن له عالقة بها‪ ،‬أو الصين‪ .‬وقال صدام إن‬
‫الواليات المتحدة استخدمت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) كمسوغ للهجوم على العراق‪ .‬ولم تر‬
‫الواليات المتحدة سبب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)‪ .‬وقال بيرو إنه بسبب التناقض بين تصريحات‬
‫العراق وتصرفاته‪ ،‬يعتقد الكثيرون أن العراق أخطأ في حساب تبعات هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)‬
‫على الشعب األميركي وقياداته‪ .‬وأنكر العراق أي عالقة مع بن الدن أو «القاعدة»‪ ،‬ولكن أظهرت األدلة‬
‫استمرار التواصل بين االثنين‪ .‬ورفض صدام القول بالخطأ في حساب تبعات الهجوم‪ ،‬ولكنه لم تكن لديه خيارات‬
‫أخرى‪ ،‬وكان الخيار الوحيد الذي أمامه هو مغادرة العراق‪ ،‬وهو ما زعم أنه لم يكن خيارا‪ .‬وسأل بيرو صدام‪:‬‬
‫لماذا كان العراق الدولة الوحيدة التي أثنت على هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)؟ وهو األمر الذي‬
‫رفضه صدام على الفور‪ .‬وقال بيرو لصدام إن هناك تقارير عن إشادة الصحف العراقية بالهجوم‪ .‬وقال صدام‬
‫إنه كتب مقاالت ضد الهجوم‪ ،‬ولكنه تحدث أيضا عن السبب الذي دفع رجاال إلى القيام بهذه التصرفات‪ .‬ولم تتم‬
‫مراجعة السبب الذي يمكن أن يتسبب في هذا القدر من الكره وقتل األبرياء‪ .‬وبعد الهجوم‪ ،‬كتب طارق عزيز‬
‫خطابات شخصية يدين فيها الهجوم إلى شخصين‪ ،‬من الممكن أن يكون أحدهما رمزي كالرك‪ ،‬الذي كان يعرفه‬
‫عزيز شخصيا‪ .‬وكانت هذه الخطابات بمثابة وسيلة غير رسمية يدين العراق من خاللها الهجوم‪ .‬وقال صدام‬
‫إنه لم يكن من الممكن اإلدالء بأي تصريحات رسمية‪ ،‬حيث كان يُنظر إلى العراق على أنه في حالة حرب مع‬
‫الواليات المتحدة‪ .‬وسئل صدام عما إذا كان ذلك هو السبب في رفض طلب السفير العراقي في األمم المتحدة‬
‫محمد الدوري حضور ذكرى الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)‪ .‬واحتاج ذلك إلى طلب شخصي من وزير‬
‫الشؤون الخارجية لصدام للحصول على تصريح للسفير كي يحضر الذكرى‪ .‬وقال صدام إنه ال يستطيع تذكر ما‬
‫حدث‪ ،‬ولكنه يتذكر تحديدا أن السفير حضر الذكرى كممثل لألمم المتحدة ولم يحضر كممثل رسمي للعراق‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫* إيجاز لـ «إف بي آي»‪ :‬صدام قد يقدم أدلة ضد مساعديه إذا كان يعتقد أنهم يتعاونون مع التحقيقات‬

‫ـ كاتبوه‪ :‬مع ازدياد الثقة بين الرئيس السابق وبيرو تمت إثارة مواضيع معقدة‬

‫* موجز‪ :‬تقديم تقرير متقدم لشعبة مكافحة اإلرهاب وفرق مجموعة التدخل في الحاالت الحرجة حول صدام‬
‫حسين التفاصيل‪ :‬في أعقاب القبض على الرئيس العراقي األسبق صدام حسين في ديسمبر (كانون األول)‬
‫‪( 2003‬تم حذف بقية هذا الجزء)‪.‬‬

‫حتى اآلن‪ ،‬أجرى فريق المباحث الفيدرالية األميركية ست عشرة مقابلة مع صدام واثنتي عشرة مقابلة مع‬
‫الوزراء ومستشاري الرئيس وقادة األجهزة األمنية وقادة الجيش السابقين المحتجزين لدى القوات األميركية‪.‬‬
‫وقد كانت اللقاءات األخيرة محورية في معرفة أسلوب عمل حكومة صدام‪ ،‬والوصول إلى الكيفية التي كان يتم‬
‫من خاللها اتخاذ القرار وتنفيذه‪.‬‬

‫على الرغم من أن الهدف الرئيسي من استجواب صدام كان الحصول على معلومات استخباراتية‪ ،‬فإن الفريق‬
‫يرى تقديم صدام حسين أي معلومات ذات قيمة من دون الحصول على فائدة ملموسة في المقابل أمرا بعيد‬
‫المنال‪ ،‬بيد أن اقتراب المحاكمة قد يجعل صدام يؤثر الفوائد من وراء التعاون بدال من المخاطرة بالصمت‪ .‬وهذا‬
‫صحيح‪ ،‬خصوصا إذا كان يعتقد أنه سيواجه محاكمة دولية تقابل المحاكمة المحلية‪ ،‬وإذا ما كان يعتقد‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬أن قادة النظام السابق يتعاونون خالل التحقيقات ويحملونه مسؤولية انتهاكات حقوق اإلنسان‬
‫ـ أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬بل وربما يبدي رغبة في الكشف عن أدلة ضدهم‪.‬‬ ‫واإلعدامات الجماعية‪ ،‬أو استخدام‬
‫وبحسب شخصيته‪ ،‬سيحاول صدام التعاون للتخفيف من تورطه في االشتراك في تلك الممارسات‪ ،‬وإن لم يكن‬
‫من أجل ذلك فمن أجل الحفاظ على صورته الذاتية‪ ،‬ولضمان الحفاظ على صورة إيجابية في التاريخ‪( .‬تم حذف‬
‫بقية هذا الجزء)‪ .‬بعد أن قبل صدام ذلك كتب للدخول في «حوار» وليس «تحقيقا»‪ .‬وقضى فريق المباحث‬
‫الفيدرالية األميركية عدة جلسات يناقشونه في موضوعات ال تهدد موقفه‪ ،‬منحته الفرصة للحديث بحرية‬
‫والتباهي بإنجازاته السابقة‪( .‬تم حذف بقية هذا الجزء)‪.‬‬

‫وبينما كانت الصلة والثقة بين صدام وبيرو تزداد‪ ،‬تم الدفع بعدد من الموضوعات المعقدة خالل الجلسات‪ .‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪ ،‬سئل صدام أسئلة تفصيلية حول استخدام األسلحة الكيميائية ضد األكراد في حلبجة عام ‪،1988‬‬
‫وتفاصيل انتفاضة الشيعة في الجنوب عام ‪ .1991‬وهي موضوعات كان صدام يرفض مناقشتها من قبل‪.‬‬
‫انطالق صدام في الحديث رويدا رويدا‪ ،‬ربما ال يكون راجعا إلى نوعية األسئلة التي سئلت‪ ،‬إنما للسلوك غير‬
‫العدواني الذي سئلت به‪( .‬تم حذف بقية هذا الجزء)‪.‬‬

‫في ‪ 19/3/2004‬عرض الفريق لصدام حسين فيلما وثائقيا أنتجه صحافي بريطاني تحت عنوان «آخر حروب‬
‫صدام» وصف نظام صدام الوحشي بأصوات شهود عيان وناجين قدموا أدلة على المذابح واإلعدامات الجماعية‬
‫التي ارتكبت في حق الشيعة‪ .‬وقبل أن يعرض الفيلم على صدام شرع في التساؤل حول موضوعية الصحافي‪،‬‬
‫وتحدث مطوال حول أهمية العدالة‪ ،‬وعندما بدأ مشاهدة الفيلم بدا عليه الغضب الشديد‪ ،‬وشكك في صحة الفيلم‪.‬‬

‫ومع استمرار الفيلم أنهى صدام الجلسة قائال إنه يرغب في تناول طعام العشاء وتأدية الصالة‪ ،‬وقال إنه‬
‫سيناقش األمر في وقت الحق‪ .‬وخالل استعداداته لمغادرة الجلسة واصل صدام انتقاداته‪ ،‬مكررا شكوكه في‬
‫صحة الفيلم‪ ،‬ومكيال االتهامات للرئيس بوش بتشجيع انتفاضة الشيعة‪ .‬وفي اليوم التالي كان صدام قد استعاد‬
‫رباطة جأشه‪ ،‬وبدا مستعدا إلكمال المناقشات‪.‬‬

‫وسيواصل الفريق جهوده في سحق صدام بكم كبير من األدلة ضده وضد أركان نظامه السابق بشأن انتهاكات‬
‫ـ األسلحة الكيميائية‪ .‬ونعتقد أنه عندما يشعر صدام بأن‬
‫حقوق اإلنسان وعمليات القتل الجماعي واستخدام‬

‫‪60‬‬
‫استراتيجية اإلنكار التي ينتهجها لم تعد مجدية‪ ،‬قد يلجأ إلى اتهام اآلخرين من قادة النظام السابقين بتلك‬
‫االنتهاكات‪( .‬تم حذف بقية هذا الجزء)‪.‬‬

‫‪61‬‬

You might also like