Professional Documents
Culture Documents
- صدام - المعدل
- صدام - المعدل
«الشرق األوسط» تنشر محاضر االستجواب األميركي للرئيس العراقي السابق في السجن ,بعد عامين ونصف
العام على إعدامه..
يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين ،الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون األول) ،2006في وثائق
سرية أفرج عنها األرشيف القومي األميركي ،أول من أمس ،خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه األخيرة في الحكم
وحتى اعتقاله وظروفه في السجن.
والوثائق التي تنشرها «الشرق األوسط» هي عبارة عن محاضر 20استجوابا رسميا وخمسة محادثات عادية
أجراها جورج بيرو ،وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي األميركي «إف.بي.آي» ،للرئيس السابق ما بين
7فبراير (شباط) و 28يونيو (حزيران) .2004ويغطي صدام في أجوبته على أسئلة المحقق منذ وصوله
للسلطة والحرب مع إيران وغزو الكويت وأسلحة الدمار الشامل والمزاعم عن عالقته بـ«القاعدة» .ويقول
صدام إنه حرص على تعزيز االنطباع بأن لديه أسلحة دمار شامل ليردع إيران .ويقول أيضا إنه لم يسمح
ـ أنه تخلص من تلك األسلحة وبالتالي تكتشف إيران لمفتشي األمم المتحدة بالعودة إلى العراق حتى ال يكتشفوا
مدى ضعف العراق وقابليته لالنهيار .وعندما سئل صدام عما إذا لجأ يوما إلى استعمال أشباه له ،كما نوقش
في الكثير من الكتب والمنشورات األخرى ،فضحك وقال «هذا فيلم سحري ،وليس حقيقة» .وبسؤاله عن
تحركاته عندما بدأت الحرب في مارس (آذار) ،2003قال صدام إنه بقي في بغداد حتى 11أبريل (نيسان)
،2003عندما بدت المدينة وكأنها ستسقط .وقبل مغادرته بغداد ،عقد اجتماعا أخيرا مع القادة العراقيين الكبار
وقال لهم «سنناضل في السر» .وبعد ذلك ،غادر بغداد وبدأ تدريجيا بـ«تشتيت» حراسه الشخصيين.
المحقق بيرو أدار الحديث معه بالعربية وقال ان صدام كان يرى دول الشرق األوسط األخرى ضعيفة
* أخبر صدام حسين أحد المحققين من مكتب المباحث الفيدرالية األميركية «إف بي آي» قبل أن يتم إعدامه
شنقا أنه سمح للعالم بأن يعتقد بأنه يمتلك أسلحة دمار شامل ألنه كان قلقا من أن يظهر بمظهر الضعيف أمام
إيران ،وذلك وفقا لوثائق تم رفع السرية عنها .كما اتهم الرئيس العراقي السابق كذلك أسامة بن الدن بأنه
«متعصب» ونفى أن تكون له عالقة بتنظيم القاعدة.
وقد أمر الرئيس السابق جورج بوش بغزو العراق قبل ستة أعوام على أساس أن صدام حسين يمتلك أسلحة
دمار شامل وأنه يمثل خطرا على األمن القومي .وكان المسؤولون باإلدارة األميركية في ذلك الوقت قد ألمحوا
كذلك لوجود صالت قوية بين العراق وتنظيم القاعدة مما أدى إلى هجمات 11سبتمبر (أيلول) 2001على
الواليات المتحدة.
وقد اعترف صدام ،الذي كان متحديا ومتبجحا خالل اللقاءات معه ،بأسى أنه كان يجب عليه أن يسمح لألمم
المتحدة بمعاينة التدمير الذي لحق بمخازن السالح العراقي بعد حرب الخليج عام .1991وقد أفرج أرشيف
األمن القومي ،وهو معهد أبحاث مستقل وغير حكومي عن ملخصات اللقاءات ـ 20استجوابا رسميا وخمس
محادثات عادية في 2004ـ بموجب قانون حرية المعلومات ،كما نشر تلك الوثائق على موقعه على شبكة
اإلنترنت أول من أمس .ولم يحذف إال القليل من الوثائق المفصلة للحوارات عدا الحوار الرسمي األخير الذي
أجري معه في 1مايو (أيار) 2004الذي أعيد تنقيحه بالكامل.
1
ويقول مدير األرشيف توماس بالنتون إنه ال يعتقد بوجود أي سبب يتعلق باألمن القومي ويجعله يبقي مقابالت
مكتب المباحث الفيدرالية مع صدام سرية .ويقول بول برسون المتحدث الرسمي باسم المكتب إنه ال يستطيع
تفسير أسباب التنقيحات التي أجريت على الحوارات .وقد أجريت تلك االستجوابات الرسمية التي يبلغ عددها
عشرين استجوابا في الفترة بين 7فبراير (شباط) و 1مايو (أيار) ثم أعقبتها تلك المحادثات العادية في الفترة
من 10مايو (أيار) إلى 28يونيو (حزيران) ،وبعد ذلك نقل صدام إلى عهدة العراقيين وتم إعدامه شنقا في
ديسمبر (كانون األول) .2006وقد غطت االستجوابات الرسمية وصول صدام حسين للسلطة وغزو العراق
وقمع صدام حسين النتفاضة الشيعة بالتفصيل ،بينما تمت مناقشة قضية أسلحة الدمار الشامل و«القاعدة» في
المحادثات العادية بعد انتهاء االستجوابات الرسمية .ويقول بالنتون إن ذلك يرجح أن مكتب المباحث الفيدرالية
قد تلقى أوامر من واشنطن لمناقشة الموضوعات ذات األهمية الكبرى من خالل المسؤولين في إدارة بوش.
وال يعلم المتحدث الرسمي باسم مكتب المباحث الفيدرالية السبب وراء تأجيل مناقشة تلك القضايا لالجتماعات
األخيرة .ويقول جورج بيرو العميل الذي أجرى تلك الحوارات مع صدام حسين في لقاء أجرته معه قناة «سي
بي إس» من خالل برنامج « 60دقيقة» إنه تعمد وضع ظهر صدام حسين للحائط« ،نفسيا ،لكي يجعله يشعر
بأن ظهره للحائط» ولكنه أكد أنه لم يستخدم وسائل االستجواب القهرية ألن ذلك ضد سياسات مكتب المباحث
ـ أية إجراءات قهرية خاللالفيدرالية .وال تشير االستجوابات التي أفرج عنها أول من أمس إلى استخدام
االستجوابات.
وكان بيرو الذي أدار الحوارات مع صدام باللغة العربية يتحدى دائما رواية الرئيس السابق لألحداث مستشهدا
بالوقائع التي تتناقض مع ما قاله .كما أنه أجبر صدام على مشاهدة فيلم تسجيلي بريطاني حول معاملته
للشيعة ،على الرغم من أن ذلك ال يبدو أنه قد أثر على الرئيس السابق .وعند نقطة محددة ،نفى صدام تقارير
االستخبارات التي كانت تقول إنه يستخدم بديال لتفادي االغتيال واصفا إياها بأنها خيالية .ويقول صدام ضاحكا:
«إن هذا خيال في فيلم سينمائي وليس حقيقة» .ولكنه يؤكد أنه لم يستخدم الهاتف سوى مرتين منذ عام 1990
وأنه نادرا ما كان ينام في نفس المكان لليلتين متتاليتين.
في السجن سأل صدام عن حال العراق في غيابه ..وشكك في انتخاب العراقيين لرئيس تحت االحتالل
* خالل حديث غير رسمي بين صدام حسين وأحد الضباط األميركيين واسمه جورج ل بيرو سأل صدام عن
األوضاع في العراق خالل وقت اعتقاله وبعد الغزو األميركي .فروى الضابط األميركي األشياء التي تحققت في
ـ لتسليم السيادة للعراقيين .وخالل الحديث تساءل صدام العراق ومن بينها توقيع الدستور الجديد واالستعدادات
حول فاعلية «مجلس الحكم» ،وكان من رأيه أن أعضاء مجلس الحكم يمكن أن يتفقوا فيما بينهم ليتخذوا
القرارات .كما أخبر الضابط األميركي صدام حول االنتخابات في العراق ،قائال لصدام حسين إنها تشكل فرصة
أمام العراقيين النتخاب رئيس جديد .فرد صدام مشككا ،وقال إن الشعب العراقي لن يقبل انتخاب زعيم جديد
تحت االحتالل ،راجعا إلى التاريخ مستشهدا بحالة الملك فيصل الذي جاء إلى الحكم تحت االحتالل البريطاني ولم
يستمر ،فرد عليه الضابط األميركي :إن استفتاء أجرى في العراق ،أشار إلى أن غالبية العراقيين يريدون أن
يسيطروا على الحكومة ،غير أنهم في الوقت ذاته يريدون للقوات األميركية أن تبقى في العراق.
وعند الحديث عن مكيف الهواء الذي كان يعاد تصليحه في زنزانة صدام حسين في ذلك الوقت قال صدام حسين
انه معتاد على الحياة البسيطة ،وشخصيا ال يحب البذخ في الحياة .وهنا سئل صدام عن عدد القصور التي كان
يمتلكها والفخامة غير العادية لهذه القصور ،فرد صدام قائال :هذه القصور ملك الشعب العراقي وليست ملك
شخص واحد .وقال انه في عام 1968كانت غالبية البيوت العراقية بدائية ومصنوعة من الطين .وانه في
البالد الغربية تطور فن العمارة عبر بناء القصور ،وان المعماريين العراقيين طورا تصاميمهم وفن العمارة عبر
بناء القصور في العراق ،وهذا انعكس بدوره على عمارة البيوت العادية في العراق .كما قال صدام حسين انه
بسبب التهديدات األميركية واإلسرائيلية ،خصوصا خالل السنوات العشر الماضية ،فإنه يكون من الخطر على
2
ـ اجتماعاتهم في قصرين مثال وان بناء عدد كبير من القصور كان حاجة المسؤولين وقادة البالد أن يعقدوا
أمنية ،فمع وجود عشرين قصرا يكون من الصعب جدا تحديد أين توجد القيادة العراقية .وانه طالما أن هذه
القصور ملك للشعب ،فإن صدام ال يعيش في أي منها .قال صدام خالل الحديث انه يحب الحياة في بيت بسيط،
وانه يأكل ما يقدم له ،ولم تكن لديه مطالب كثيرة .وقال صدام انه لدى واشنطن انطباع خاطئ انه يحب الحياة
المترفة والبذخ .وانه بسبب حبه للحياة البسيطة لم تتمكن أميركا من اعتقاله لفترة طويلة ،موضحا أن اعتقاله
جاء بسبب خيانة فردية .وقال صدام خالل الحديث أيضا إن جدول أعماله اليومي كان طويال ،غير انه كان دائما
ما يجد وقتا لقراءة القصص والروايات التي يستمتع بها كثيرا .ويوضح أن يومه كان يتضمن لقاءات مع
مسؤولين في حزب البعث ،كما قال انه كان يلتقي مع أفراد من الشعب العراقي يوميا قائال انه كان يجدهم أفضل
ـ فيمصدر للمعلومات الدقيقة .وعندما سئل كيف يمكن أن يكون العراقيون الذين كان يلتقي بهم يقولون الحقيقة
ضوء أن الكثيرين منهم يكونون في حالة خوف ،قال صدام :إن هذا قد يكون الحال مع البعض لكنه تربطه
عالقة طويلة مع الشعب العراقي ،وان الشعب كان يعرف انه يريد الحقيقة .ثم سرد صدام حسين مثاال وهو أن
عراقيا قال له إن أخ صدام غير الشقيق إبراهيم حسن المجيد كان يسير في سيارته ثم أطلق النار على إشارة
مرور في الشارع.
فرفع صدام حسين التلفون وسأل شقيقه عن صحة الرواية ،فاعترف المجيد أن هذا فعال حدث .فقال له صدام
أن يجمع أغراضه .ثم عرف المجيد من اإلذاعة العراقية الرسمية انه قد تم طرده .وقال صدام خالل الحديث انه
كان يحاسب أسرته أكثر من اآلخرين .كما قال صدام انه كان مهتما بمحاولة فهم الثقافة األميركية ،وان حاول
ذلك عن طريق مشاهدة األفالم األميركية ،وطبقا لصدام فقد شاهد عددا هائال من األفالم األميركية ،ومن خاللها
كون رأيه عن الثقافة األميركية.
* قال صدام حسين إن عمليات تفتيش األمم المتحدة حققت هدفها بتجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل.
العراق ال يمتلك أسلحة دمار شامل ولم يمتلكها لمدة طويلة .وقد نصح حسين أن الكثيرين كانوا من الرأي
القائل إن العراق كان مترددا بالتعاون مع عملية تفتيش األمم المتحدة عن أسلحة .ورد حسين بأن العراق
تعاون طوال 7سنوات ،ومنح مفتشي األمم المتحدة حرية التنقل في كل البالد ،بما في ذلك القصور الملكية.
وعندما ضغط على حسين حول تعاون العراق مع المفتشين ،وسئل عن إخفاء حسين كامل لمكونات أسلحة دمار
شامل ،قال إن طبع حسين كامل الحقيقي بات معروفا للجميع .واعترف بأنه كان هناك أشخاص في الحكومة
العراقية ،كانوا في البداية مترددين بالتعاون مع المفتشين .وهؤالء األشخاص كانوا مخلصين ويعملون بجهد
ومتفانين في عملهم ،وكان من الصعب بالنسبة إليهم ،أن يقال لهم يوما أن يفتحوا كل ملفاتهم ويسلموا كل
أعمالهم وأسرار حكومتهم لدخالء .تطلب األمر وقتا وحصل على مراحل .وفي حلول عام ،1998امتثل العراق
لقرارات األمم المتحدة .ومع ذلك ،هوجم العراق من قبل الواليات المتحدة من دون أي تبرير أو إذن من األمم
المتحدة .وأضاف صدام حسين أن العراقيين ما كانوا ليخزنوا أسلحة دمار شامل في القصور الرئاسية ،الن ذلك
كان ليضع الحكومة والقيادة العراقية بخطر .أسلحة الدمار الشامل كانت ،وكانت ستكون ،مخزنة في الصحراء،
في أماكن نائية .وادعى حسين بأن الضربات األميركية على العراق في عام ،1998وردا على محاولة
االغتيال المزعومة للرئيس السابق جورج بوش ،كانت غير مبررة ولم يكن هناك استفزاز أدى إليها .ولم
تحصل الواليات المتحدة على أي موافقة من األمم المتحدة لتنفيذ هذه الضربات .وعلى الرغم من أن االعتداءين
تما بقرار الواليات المتحدة ،فقد شعر حسين بأن األمم المتحدة تجاوزت سلطتها في ما يخص العراق .قرأ صدام
حسين للعميل الخاص في الـ«إف بي آي» جورج بيرو ،قصيدة كتبها مؤخرا .ووجد بيرو أن القصيدة هي
فرصة لمناقشة خطابات صدام حسين .وقال بيرو لحسين انه بعد أن استمع إلى عدد من قصائده ،أصبح بإمكانه
أن يتعرف إلى خط يده ،بعد أن كان يقرأ القصائد .وقال بيرو إنه أصبح واضحا بالنسبة إليه أن صدام حسين
كان يكتب خطاباته ،وهو أمر تأكد الحقا ،وقال إن كل كتاباته جاء من القلب .وقال حسين أيضا إنه لم يستمتع
3
بقراءة خطاباته ،وأنه كان يفضل أن يقرأها له آخرون ،مثل مذيعي أخبار .ووصف حسين شعور كتابة خطاباته،
بأنه كتأدية امتحان .وقال صدام حسين إن إيران كانت تشكل أكبر خطر على العراق ،بسبب حدودهما المشتركة،
وكان يعتقد أن إيران كانت تنوي أن تضم جنوبي العراق إليران .وهذا االحتمال كان ينظر إليه حسين والعراق
على أنه أكبر تهديد يواجه العراق .وكان حسين يعتبر أن بقية البلدان في الشرق األوسط ضعيفة ،وال يمكنها
الدفاع عن نفسها في مواجهة العراق أو اعتداء من إيران .وقال إنه يعتقد أن إسرائيل تشكل تهديدا للعالم
العربي بأسره ،وليس فقط للعراق.
المقابلة أجراها :جورج إل .بيرو ـ الترجمة العربية/اإلنجليزية :أجريت مقابلة مع صدام حسين (محتجز على
درجة قصوى من األهمية) في 7فبراير (شباط) ،2004داخل منشأة احتجاز عسكرية بمطار بغداد الدولي ،في
بغداد ،العراق .وقدم صدام المعلومات التالية :أعلن صدام أنه خدم الشعب العراقي على مدار فترة طويلة للغاية.
ويرى أن إنجازاته الكبرى تتمثل في البرامج االجتماعية المعنية بمواطني العراق والتحسينات التي أدخلها على
القطاعات األخرى من االقتصاد ،ومنها تطوير التعليم ونظام الرعاية الصحية والصناعة والزراعة ومجاالت
أخرى رفعت بوجه عام مستوى الحياة بالنسبة للعراقيين .عام ،1968لم يكن الشعب العراقي «يكاد يملك أي
شيء» ،حيث عانت البالد من ندرة المواد الغذائية ،في القرى والمدن ،وأهملت األراضي الزراعية ،واعتمدت
الزراعة على وسائل بدائية .واعتمد االقتصاد العراقي بصورة كاملة على إنتاج النفط ،الذي صدر العراق الجزء
األكبر منه عبر شركات أجنبية ،ولم تسيطر عليه الحكومة .ومع تصنيع الدولة العراقية عددا ضئيال للغاية من
المنتجات ،اضطرت إلى استيراد معظم السلع .وكان نظام الرعاية الصحية «بدائيا» ،وكان معدل الوفيات شديد
االرتفاع ،خاصة بين الفقراء .وبالمثل ،كانت معدالت وفيات األطفال مرتفعة للغاية ،تقدر بما يتراوح بين %40
و ،%50مع وقوع الكثير من الوفيات أثناء فترة الحمل أو عند الوالدة .من ناحية أخرى ،بلغت معدالت معرفة
القراءة والكتابة حوالي ،%27عالوة على أن من صنفوا باعتبارهم «يعرفون القراءة والكتابة» غالبا ما
ـ في أي من المهارتين .وافتقرت المناطق الريفية بصورة شبه كاملة إلى الطرق، افتقروا إلى البراعة الحقيقية
بينما كانت حالة الطرق «متردية للغاية» في المدن العراقية .وعلى المستوى الجامعي ،توافرت فرص تعليمية
محدودة للغاية ،حتى داخل بغداد .وافتقر الكثير من المدن لوجود أي كليات .بصورة عامة ،كان األثرياء وحدهم
القادرين على إلحاق أبنائهم بالتعليم الجامعي .قام صدام حسين بتحسين القطاعات سالفة الذكر كافة .من
ناحيته ،يرى صدام أن هذا إنجازه و«الفضل» األعظم الذي صنعه للشعب العراقي.
وإجابة من جانبه عن تساؤل حول األخطاء التي اقترفها ،اعترف صدام بأن كل البشر يرتكبون أخطاء ،وأن اهلل
وحده له العصمة من الخطأ .ونوه باعتقاده أن الشخص الذي يجري معه المقابلة «ذكي» ،ويبدو أنه قرأ تقارير
عن لقاءات أجريت من قبل معه .وقال صدام «ربما لن تكون المحادثة بين شخصين على هذا المستوى من
التعليم مفيدة أو ناجحة» .وأضاف أنه إذا ما ادعى شخص ما لنفسه الكمال ،فإنه بذلك ينسب لنفسه األلوهية.
واستطرد صدام موضحا أنه لم يجر النظر إلى الجهود التي بذلها كافة باعتبارها ناجحة من وجهة نظر البعض.
وعقد صدام مقارنة بين تقديره لذاته وتقدير آخرين ،مشيرا إلى وجود وجهات نظر متعارضة مع آرائه بشأن
نظام الحكم األميركي ،الذي قال إنه «غير مقتنع به» .وأوضح أن حوالي 30مليون شخص يعانون مغبة الفقر
داخل أميركا ،لكن األميركيين ال يعتبرون هذا األمر «جريمة» .وأكد صدام أنه لن يقبل قط بمثل هذا األمر
للعراق .وعندما جذب الشخص الذي يجري المقابلة انتباهه مرة أخرى باتجاه األخطاء التي ارتكبها ،تساءل
صدام «هل تظن أنني سأخبر عدوي إذا كنت اقترفت خطأ؟» ،وقال صدام إنه لن يحدد أخطاءه أمام عدو له ،مثل
4
أميركا .وأوضح أنه ال يعتبر الشخص الذي يعقد المقابلة معه عدوا ،وال الشعب األميركي ،وإنما النظام
األميركي الحاكم.
قال صدام إن األهمية ال تقتصر على ما يقوله الناس أو يعتقدونه بشأنه اآلن ،وإنما كذلك ما يعتقدونه في
المستقبل ،بعد 500أو 1000عام من اآلن .بيد أن األهمية الكبرى تكمن فيما يراه اهلل .إذا ما قبل اهلل أمرا،
فإنه سيقنع األفراد بتصديقه .وإذا لم يقبل اهلل أمرا ،فليست هناك أهمية فيما يظنه الناس .واستطرد صدام بأن
«خائنا» قدم معلومات قادت إللقاء القبض عليه .وباعتباره «ضيفا» في المكان وكعراقي ،لم يكن ينبغي تسليمه
للقوات األميركية .وأكد أن أحفاد هذا «الخائن» سيحملونه المسؤولية وينقلون هذا لألجيال القادمة.
فيما يخص المستقبل ،أعرب صدام عن اعتقاده بأنه سيشتهر بعدله و«تعرضه للظلم» .وفي نهاية األمر ،يحق
للعراقيين اعتقاد ما يروق لهم .وأعلن صدام أن العراقيين لن يعقدوا مقارنة بين حكام ما قبل اإلسالم وما بعده.
وأشار إلى أن المواطنين العراقيين تمتعوا بالقدرة على ممارسة حقوقهم المتعلقة بالحكم الذاتي حسبما كفلها
الدستور المؤقت الصادر عام .1990وتحقق ذلك ألن الشعب كان له قائد وحكومة تتولى قيادته .ويعتقد صدام
حسين أن العراق «لن يموت» ،فالعراق بلد عظيم في الوقت الحالي ،كما كان في أوقات أخرى على مدار
التاريخ .وبصورة عامة ،تصل الدول إلى القمة مرة واحدة .ولكن ،وصل العراق إلى القمة عدة مرات قبل وبعد
اإلسالم .والعراق الدولة الوحيدة التي قامت بهذا في تاريخ العالم .وهذه «هبة» منحها اهلل للشعب العراقي.
وعندما يسقط الشعب العراقي ،فإنه ينهض مرة أخرى .ويعتقد صدام حسين أن الشعب العراقي سوف يتعامل
مع المشاكل بنفسه ،ويحكم نفسه ،وأن اهلل يقرر ما الحق .ويأمل أن يتقدم العراق في جميع المجاالت المالية
والدينية...إلخ .ويضيف أنه من ناحية إنسانية يأمل األمر نفسه بالنسبة للشعب األميركي.
واقتبس صدام فقرة من كتاب «زبيبة والملك» ،الذي يشار إليه كثيرا على أنه كتابه ،عندما صرخ النواب
«تعيش زبيبة ،يعيش الشعب ،يعيش الجيش» .ولكن ،لم يصح النواب «يعيش الملك» .وسئل صدام هل سينساه
الشعب العراقي أو لن يصيح من أجله .ولكنه رد بالنفي .وقال« :األمر بيد اهلل» ،وأكد أن الشعب وليس الملك
هو الموضوع األساسي في الكتاب .وقال :جاء اهلل في األول وبعد ذلك الشعب حيث كانت مريم واحدة من
الشعب وعاش المسيح بين الشعب .واإليمان شيء منشود في الحياة ،والخيانة هي أسوأ شيء .وقال صدام
«أراد اهلل أن يخبرنا أال نفاجأ عندما يخونك الناس» ،وختم صدام هذا الجزء من النقاش بالقول بأن «السجين ال
يمكنه أن يفعل أي شيء للناس» .وقال إنه ال يزال يؤمن باهلل وكرر« :األمر بيد اهلل».
وقال صدام إن الجبهة التقدمية الوطنية ،وهو حزب سياسي نشأ في أول األمر باسم الجبهة الوطنية في الفترة
من عام 1970حتى ،1974وكانت الجبهة الوطنية تتكون من الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب
الشيوعي وحزب البعث .وتعبر األحزاب السياسية عن االختالفات في العراق كما تظهر في دول أخرى .ولم تكن
بعض المجموعات ،ومنها األكراد ،تؤمن باالشتراكية مع التوجهات اآليديولوجية نفسها مثل البعث .وفي عام
،1991كانت الجبهة التقدمية الوطنية لم تظهر فعليا على أرض الواقع بسبب الفشل في تمرير الدستور بسبب
حرب الخليج األولى .ويعتبر صدام أي شخص مخلص للعراق والشعب بأنه جزء من البعث .وأن البعث يتحمل
المسؤولية عن النجاحات واألخطاء .وفي عام 1989ومرة أخرى عام ،2002فشل صدام في محاولة أخرى
إلقناع «زمالئه» بالحاجة إلى أحزاب سياسية متعددة في العراق .وفي رأي صدام ،فإن الحزب الواحد لم يكن
مفيدا للعراق .وقال «ال تقبل الحياة فكرة واحدة فقط .ولكنها تقبل ربا واحدا فقط» .ومضى يقول إن من شأن
نظام سياسي مثل النظام األميركي ،به عدة أحزاب ،أن يؤدي إلى «مقدار كبير من االضطراب» بالنسبة للشعب
العراقي وسيكون عليهم أن يقبلوا ذلك .وقال «أتمنى لو كانت هناك أحزاب أخرى غير حزب البعث».
االختالفات بدءا من األسرة مرورا بالمجتمع ووصوال للحكومة شيء جيد .وختم صدام هذا الجزء من النقاش
بالقول «حاليا ،األحزاب السياسية الوحيدة القائمة في العراق هي األحزاب التي لديها أسلحة».
5
واقتبس صدام فقرة أخرى من «زبيبة الملك» ،التي تقول «أنا قائد عظيم ويجب أنت تطيعوني ،ليس هذا
وحسب ،ولكن يجب أن تحبوني» .وبعد ذلك سئل عما إذا كان يمكن لزعيم ما أن يحقق العظمة عن طريق
إنجازاته لصالح شعبه ،أم عليه أن يطلب العظمة عن طريق الخوف .وأجاب صدام بأن الخوف سوف يصنع
حاكما ولكن لن يجعل الشعب يحب الحاكم .ويأتي الحب عن طريق التواصل .ويقارن «مؤلف» الكتاب هذا الملك
بملوك سابقين .ولم يرد أن يؤكد أو يروج لفكرة الملكية بين الشعب ،حيث إن «المؤلف» ال يوافق على هذا
الشكل من الحكومة .ولذا مات الملك وعاشت زبيبة ،كرمز للشعب.
ويعتقد صدام أن الشعب سوف يحبه أكثر بعد أن يرحل .والناس يقاومون احتالل العراق ،في الوقت الحالي
وفيما مضى ،تحت «شعارات» صدام .ولكن ،حاليا صدام ليس في السلطة ولكنه في السجن .ويقول صدام إن
الشعب يحب الشخص لما يبذله ،وأنه خالل رئاسته ومن قبلها ،حقق إنجازات كثيرة للعراق ،حيث توصل إلى
اتفاق سالم مع برزاني (األكراد) في الشمال عام .1970وقام صدام بتأميم صناعة النفط العراقية في عام
.1972ودعم حرب 1973ضد إسرائيل في مصر وسورية .وتمكن العراق من النجاة من ثمانية أعوام من
الحرب مع إيران من 1980حتى ،1988وحرب الخليج األولى التي كانت بعد ذلك بفترة قصيرة .وتمكن
العراق من البقاء خالل 13ـ 14عاما من المقاطعة .وسئل صدام عما إذا كانت المقاطعة ما زالت موجودة،
وكان الرد عليه بالنفي .وعلى الرغم من كل الصعوبات والقضايا التي تحملها العراق ،صوت مائة في المائة من
الشعب لصدام في االنتخابات األخيرة .وفي رأي صدام ،فإنهم سوف يدعمون قائدهم.
استهل جلسة االستجواب بسؤال المحقق عن طبيعة التغييرات التي شهدها العالم
ـ الثانية استهل صدام حسين الجلسة بسؤال المحقق عن طبيعة التغييرات التي شهدها * في جلسة االستجواب
العالم مثل الصين وروسيا والسياسة الدولية ،فأجابه المحقق بأنه لم يحدث تغيير كبير مهم ،وأن الجهود
تتواصل إلعادة إعمار العراق ،وهذا يتضمن دعما من الصين وروسيا ،وأن األمور تتقدم إلى األمام بوتيرة
سريعة.
بعدها شرح صدام أنه منذ اعتقاله قبل شهر أو شهرين لم يحصل على صورة لما يحدث ،وأشار إلى أنه كان في
نيته سؤال المحقق عن هذا قبل ذلك بيومين .وناقش صدام فيلما شاهده ،كان مقتبسا من كتاب «قصة مدينتين»
الذي كان قد قرأه قبل فترة طويلة ،وفي القصة رجل محتجز مثله انقطع عما يجري في الخارج .وحسب صدام
فإن مؤلف الكتاب كان ينتقد السلطات الفرنسية على هذه المعاملة .وحسب المحقق لفت صدام إلى أن شيئا لم
يتغير منذ ذلك الوقت .رد المحقق بالقول إنه «بمرور الوقت تغيرت بعض األشياء بينما لم تتغير أخرى».
وحول طريقته في التحرك قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) ،2003قال صدام إن النجاح في تحريك األفراد
والمعدات خالل الحرب تطلب معرفة بقدرات العدو وكذلك «بقدراتنا» .األشخاص األقرب لصدام (المرافقون)
كانوا يوجهونه «للتحرك بهذا االتجاه أو ذاك» .وبسؤاله عما إذا كان يتنقل عادة بسيارة مرسيدس سوداء قبل
الحرب ،أوضح صدام «ربما ..كانت لدينا سيارات مرسيدس من كل األلوان» .وعما إذا كان يتنقل في موكب
طويل ،قال صدام «سأترك هذا للتاريخ».
وبسؤاله عما إذا كان الغزو العراقي للكويت ،الذي أدى إلى الحرب مع الواليات المتحدة ،أدى أيضا إلى فرض
عقوبات على العراق ،أجاب صدام «أسألك متى أوقفت الواليات المتحدة شحنات القمح إلى العراق؟ في عام
.1989متى طلبت الواليات المتحدة من الدول األوروبية حظر مبيعات المعدات التقنية إلى العراق؟ في عام
6
.1989الواليات المتحدة كانت تخطط لتدمير العراق ،وهذه نية شجعتها الصهيونية والتأثير الصهيوني على
االنتخابات في الواليات المتحدة األميركية» .هذه «الخطة» األميركية وضعت أيضا بتأثير من دول قريبة من
العراق ،خاصة إسرائيل التي كانت تنظر إلى العراق كتهديد عسكري خطير بعد انتهاء الحرب اإليرانية ـ
العراقية .وقال صدام «أؤمن بهذا جدا».
وبشأن الكويت والحرب ،أوضح صدام «من الصعب أن تتجنب شخصا ما مسلحا ويقف خارج منزلك ،فال بد أن
تخرج وتقاتل» .وبما أن العراق بلد صغير ،فقد كان من الصعب وقف الواليات المتحدة بصرف النظر عما اتخذ
من خطوات.
وحول الحرب األخيرة و«التاريخ» الذي قدمته الواليات المتحدة للعالم حول العراق ،أوضح صدام «كان صعبا
عليّ ،وعلى أي رجل نبيل ،أال أحاول منع الواليات المتحدة من دخول العراق».
وبسؤاله عن مالحظاته الشخصية بدال من آرائه كرئيس للعراق ،قال صدام «ليس هناك ما أعتبره شخصيا .ال
أستطيع نسيان صفتي كرئيس .هذا ما أعرفه وأؤمن به .وعليه من الصعب أن أجيب من منظور شخصي .ال
أستطيع نسيان دوري ومبادئي ولو لثانية أو نسيان ما كنت».
في نهاية الجلسة ،سئل صدام مرة أخرى عن تحركاته بعد اندالع الحرب في مارس (آذار) ،2003فأوضح أنه
لم يكن في منطقة الدورة ببغداد في 19مارس 2003عندما قصفتها قوات التحالف .وأضاف أنه لم يكن في
المنطقة خالل األيام العشرة التي سبقت هذا الهجوم وال في أي وقت طيلة الحرب .ويعتقد صدام أن قوات
التحالف استهدفت هذا الموقع ألنهم اعتقدوا خطأ أنه كان فيه.
ـ التي تنشرها «الشرق األوسط» :حاربنا إيران من أجل إنهاء تدخلها في العراق
قال في محاضر االستجواب
* صدام :لو واجهنا جيش الشاه في حرب إيران لهزمناه في الشهر األول
7
ـ قال لمحققه األميركي ان الخميني ظن ان شيعة العراق سوف يتبعونه لكنهم لم يرحبوا به
* قال صدام إن المزرعة التي ألقي القبض عليه فيها في ديسمبر (كانون األول) 2003كانت هي المكان نفسه
الذي بقي فيه في عام ،1959بعدما هرب من بغداد ،نظرا الشتراكه في محاولة اغتيال فاشلة لرئيس العراق
حينئذ عبد الكريم قاسم.
وتم سؤال صدام حسين ،ما إذا كان قرار الدخول في حرب ضد إيران في سبتمبر (أيلول) ،1980كان قائما
على تهديدات من إيران ،أو أن الحرب كانت طريقة الستعادة أرض عربية عراقية خاصة نهر شط العرب .وقال
صدام« :نحن نعتبر أن الحرب قد بدأت في 4سبتمبر (أيلول) وليس في 22سبتمبر (أيلول) ،كما يقول
اإليرانيون ».ثم استطرد حسين ،فمثال إذا كان هناك فالح يسكن إلى جوارك .يفضل حسين ،أن يستخدم األمثلة
الريفية ألنها لها داللة خاصة عنده .وفي أحد األيام يضرب ابن جارك ابنك .وفي اليوم التالي يزعج ابن
الجيران أبقارك .ثم يدمر ابن الجيران مزرعتك بإفساد نظام الري .ففي النهاية وبعد عدة حوادث ،فإذا حدثت كل
تلك األمور ،فإنك تذهب إلى جارك وتخبره بكل تلك االنتهاكات حدثا بحدث ،وتطلب منه أن يتوقف .وعادة ما
يكون الحديث مع الجار أو تحذيره كافيا لوقف تلك السلوكيات .ولكن في حالة إيران فإن ذلك التوجه من قبل
العراق لم يفلح ،فإيران في رأي حسين ،كانت تخرق اتفاقية الجزائر 1975التي تتعلق بالنهر.
كما أنه كان يعتقد بأن إيران تتدخل في السياسات العراقية ،وهو ما يعد كذلك خرقا لالتفاقية .وفي رأي صدام
حسين ،فإن ذلك لم يترك أمام العراق خيارا سوى القتال .وبعد ذلك دخل العراق الحرب وضحى من أجل إنهاء
ذلك التدخل اإليراني في العراق.
وقد قدم حسين ،بعض األفكار حول طريقة تفكير القيادة اإليرانية ،خاصة آية اهلل الخميني ،وقرار إيران بدخول
الحرب .فعندما وصل الخميني إلى السلطة في عام 1979كان لديه شيئان «متداخالن» في ذهنه .األول أنه
كان متعصبا دينيا يعتقد أن كل القادة مثل شاه إيران الشخص الذي انقلب عليه ،وكان الخميني يعتقد منذ أن خلع
الشاه ببساطة ،أنه يمكنه أن يفعل ذلك في أي مكان آخر بما يشمل العراق .واألمر الثاني هو أن الخميني كانت
لديه عقدة تتعلق بتركه ،أو طرده من العراق قبل ذلك في أواخر السبعينيات.
وكان الخميني الذي تم نفيه من إيران ينزل «ضيفا» على العراق ،الذي منحه «ملجأ» في النجف ،وعندما كان
ـ اإليرانية.
هناك بدأ يتحدث ضد الشاه والحكومة
ولم يكن الخميني ـ في رأي حسين ـ يحترم نص معاهدة (معاهدة الجزائر) بين العراق وإيران ،وكان يتدخل
في الشؤون اإليرانية .وقد أخبرت الحكومة العراقية الخميني بموقفها ،وأخبروه« ،أنت ضيفنا ،وال يستطيع أحد
أن يطلب منك أن ترحل أو أن يقوم بتسليمك» .فقد حاول الشاه في الواقع أن يجعل حسين يعيد الخميني إلى
إيران ،ولكنه في الثقافة العربية ،ال يمكن للمضيف أن «يتخلى» عن ضيفه.
ورفض الخميني أن يوقف نشاطاته ضد الشاه والحكومة اإليرانية ،وقال الخميني ،إنه إذا كانت سياسته ضد
السياسة العراقية فسوف يرحل .وبعد ذلك ،حاول أن يرحل إلى الكويت ولكن دخوله قد رفض .وقد سمح العراق
له بالعودة لمدة ثالثة أو أربعة أيام ،واستجاب لطلبه بمساعدته على السفر إلى دولة أخرى .وسافر بعد ذلك
الخميني إلى باريس بفرنسا.
وأكد حسين ،أنه ال يندم على معاملته للخميني ،فعندما سئل إذا كان الخمينى قد رفض االعتراف بفضل العراق
بعد عودته من الكويت ،وهي الخطوة التي ربما كان سوف يترتب عليها رفض العراق بإدخاله وربما بترحيله
إلى إيران ،فقال حسين «ال .فإن ذلك لم يكن ليغير الموقف .فالناس لم تكن تريد الشاه» .وقد أصبح الخميني
رمزا للناس في إيران بعد رحيله من العراق نظرا لسنه ،ونظرا ألنه كان قد «طرد» من إيران.
8
وقد أجاب حسين ،بكلمة «ربما» فقط عندما سئل حول إذا ما كان آية اهلل سيد محمد الصدر ـ رجل الدين
الشيعي المرموق ،الذي أعدم في العراق في الثمانينيات ـ ربما كان قد تحول لرمز مثل الخميني.
وأضاف حسين إنه شخصيا كان رمزا ،وأنه توجد صور له داخل المنازل وفي كل مكان آخر في العراق .وكان
الخميني يعتقد أن السكان من الشيعة في جنوب العراق سوف يتبعونه ،خاصة خالل الحرب مع العراق .ولكن
وفقا لحسين« :فإنهم لم يرحبوا به» .وفي الحقيقة ،فقد ظل الشيعة على والئهم للعراق وحاربوا اإليرانيين.
وقد اعترف حسين ،بأن الجيش اإليراني في 1980كان ضعيفا ،و«يفتقر للقيادة :حيث إن معظم الضباط الكبار
قد تم نقلهم خالل تغيير في أعقاب تغيير القيادة اإليرانية من الشاه إلى الخميني .وذلك على أي حال لم يؤثر
على القرار بالدخول في الحرب مع إيران في ذلك الوقت» .ويقول حسين« :إذا كان جيش الشاه ما زال
موجودا ،كنا قد هزمناهم في الشهر األول» .ولكن تحت قيادة الخميني ـ بالرغم من افتقاره للقيادة ـ فإن
الجيش اإليراني بما يشمل الجيش والحرس الثوري «تقدم باآلالف» ضد القوات العراقية .وقد حارب الجيش
العراقي بشجاعة خاصة على الحدود.
وسئل حسين ،عما إذا كانت محاوالت االغتيال الموجهة ضد مسؤولي الحكومة العراقية بمن فيهم وزير
الخارجية طارق عزيز ،ووزير الثقافة والمعلومات لطيف نايف جاسم ،التي يعتقد أن المجموعات التي تدعمها
إيران كانت تقوم بها قد أثرت على قرار دخول الحرب مع إيران ،فأجاب حسين ،إنه كان هناك « 450محاولة
اعتداء» إيرانية على العراق قبل الحرب .وقد شملت تلك المحاوالت 249هجوما بما يشتمل على غارات أو
غارات جوية.
وقد قدم العراق تلك المعلومات إلى األمم المتحدة ،وسدت إيران مجرى شط العرب وأغرقت السفن العراقية
واألجنبية .وقبل 29سبتمبر(أيلول) 1980قصفت إيران مصافي تكرير النفط العراقية في البصرة والمدن
األخرى في جنوب العراق.
وكانت محاوالت االغتيال الموجهة ضد عزيز ،وجاسم ،وغيرهم ضمن الكثير من األحداث التي أدت إلى اندالع
الحرب مع إيران.
وعندما سئل عن هدف الحرب ،أجاب حسين« ،اسأل طهران .فهم الذين بدأوا الحرب ،وقد أوضحت كل أسباب
الحرب قبل ذلك» .وبعد إعادة السؤال عليه أجاب حسين ،إن الهدف كان «منع إيران من التدخل في شؤونا
الداخلية».
وقد كرر حسين ،بعض المعلومات التي ذكرها سابقا ،بما فيها حقيقة أنه يعتقد أن إيران اخترقت معاهدة 1975
(معاهدة الجزائر) .وقد احتلت إيران معظم نهر شط العرب ،بينما كانت االتفاقية تنص على أحقيتهم في النصف
فقط ،ولم تستجب إيران للمساعي الدبلوماسية المتعلقة بتلك الحقائق.
وقال حسين ،إن القوات العراقية قد نجحت في البداية واحتلت المدن واألراضي في جنوب إيران على الجانب
اآلخر من الحدود ،بما يشمل المناطق في وبالقرب من المحمرة واألحواز ودزفول .ولم تتوغل القوات العراقية
داخل إيران ألن هدفها المباشر كان وقف هجمات المدفعية من جانب إيران ،التي كانت تنطلق من أماكن على
مقربة من الحدود.
وبعد حوالي عامين ،تم سحب القوات العراقية وأصبحت الحرب دفاعية بالنسبة لجيش صدام حسين .وعندما
سئل حول السبب الذي جعل الحرب تتحول إلى حرب دفاعية بالنسبة للعراق ،أجاب حسين بأنه «ال يمكن
التخطيط للجيش العراقي مثلما يتم التخطيط للجيش األميركي».
9
فمن وجهة النظر العسكرية فإن الخطط يتم وضعها وفقا لإلمكانات .ويتفق الجيش على أنه كلما طالت خطوط
اإلمداد تظهر المشكالت .وقال حسين« :إن جندي اليوم ليس مثل الجندي قبل مائة عام» .فهم جزء من
«مجموعة عالمية» تسمع وترى أشياء في التلفزيون والراديو.
فالجندي هو «جزء من العالم» و«يتأثر» بذلك .فإذا أمر الجندي بأن يشن هجوما معاكسا فإن الجندي «الرابح»
سوف يصل إلى الهدف ويتعداه .وقد وافق حسين على أن المرحلة العراقية الهجومية األخيرة من الحرب في
1986ـ 87قد شهدت نجاحا كبيرا ،بما يشمل االستحواذ على ثالثة أرباع الدبابات اإليرانية ونصف المدفعية
وناقالت األفراد المدرعة.
وقد ناقش حسين ،األسباب التي لم تجعله يتقدم داخل إيران ،وكرر أن العراق قد استعاد مناطق كافية ،وقضى
على المدفعية اإليرانية المهددة له في السنوات األولى من الحرب .وقال حسين« :إذا توغلنا داخل إيران،
فسوف يعتقدون أننا نريد شيئا آخر» .وأضاف« :لم نكن نواجه جيشا منظما ،الذي يكون أسهل في التخطيط
ضده» .وقال حسين بعد ذلك ،إنه بالنسبة للكثير من الجنود العراقيين ،كانت تلك هي تجربة القتال الحقيقية.
وقد شعر الكثير منهم بالغرور ،خاصة بعد النجاح في التوغل في األراضي اإليرانية ،ولكنهم بعد عدة أيام بدأ
الكثير منهم يتساءل «لماذا أنا هنا»؟.
وكما أكد قادة الجيش لصدام حسين ،فإن الكثير من الجنود كانوا يفضلون الدفاع عن الحدود والبقاء في العراق.
ومن ثم ،كان يجب سحب القوات العراقية من األراضي اإليرانية قبل أن يحدث أي تغيير في تلك العقلية.
وكان بعض قادة الجيش يريدون البقاء ،بينما كان البعض اآلخر يريد االنسحاب.
وبعد عامين من الحرب ،شعر بعض قادة الجيش العراقي بأن إيران «تعلمت درسها» وأوصوا باالنسحاب.
وقد احترم حسين المعلومات التي تأتي إليه من قادة الجيش ،وأمر بانسحاب القوات العراقية.
يقول حسين ،في العادة ال تكون العمليات الدفاعية «جيدة من وجهة النظر التكتيكية» وال جيدة بالنسبة
لمعنويات الجنود.
ويقول حسين« :فإذا لم يكن الجندي يرى األمر منطقيا لن يؤدي بالكفاءة نفسها أو يطيع .أما إذا تقبل المهمة
كمهمة مقنعة فسوف يمتثل لألوامر .فيجب أن يكون الجندي مقتنعا ،وإال سيصبح االنضباط مشكلة» .وقد علق
صدام على الحالة العقلية الحالية للجنود األميركيين في العراق قائال« :إذا سألت الجندي األميركي ـ الذي أتى
للعراق للبحث عن أسلحة الدمار الشامل ،ولم يجد أيا منها ،الذي أتى لخلع القادة في حكومة حسين الدكتاتورية،
ـ في السجن حاليا ،ولكنهم استبدلوا بقادة دكتاتوريين آخرين ـ سواء كان يريد أن يبقى أو الذين يقبعون جميعهم
أن يذهب ،فسوف يقول إنه يريد أن يذهب».
ـ األسلحة الكيميائية ضد إيران خالل الفترة الدفاعية من الحرب كان مرهونا عندما سئل عما إذا كان استخدام
بالضرورة ،كأن تكون العراق ،على سبيل المثال ،على وشك خسارة الحرب إن لم تستخدمها ،فرد صدام قائال:
«إنه ال يملك إجابة على ذلك ،ولن يجيب عليها» .وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أن العراق كان سيخسر الحرب
مع إيران خاصة في أعقاب عام ،1982وخالل الفترة الزمنية من 1984إلى ،1986رد صدام «كال ،وال
لمجرد ثانية واحدة .قلت ذلك على التلفزيون ،وقلتها أيضا في خمس رسائل بعثت بها إلى إيران» .أكد صدام
عبر الرسائل على قوة الجيش العراقي وأوضح أن بعض القادة العراقيين أبدوا استياءهم من إبراز تلك
ـ األسلحة الكيميائية العراقية قال صدام« :لن تتمكنواالمعلومات فيما صدقه العراقيون .وبالعودة إلى استخدام
من إحراجي أو خداعي بشأن مسائل فنية ،ولن يجعلك ذلك تشعر بتحسن .لقد دفعت الواليات المتحدة ثمنا باهظا
10
نتيجة أخطائها هنا في العراق والعالم ،وستستمر في دفع ثمن في العالم» .وقال صدام« :إن إيران لم تفهم
الرسالة بعد أن انسحب الجيش العراقي إلى حدوده» وأضاف« :إذا لم تكسر رؤوسهم فلن يفهموا».
وأشار إلى أن العراق «لم يكن يدين بالكثير من المال في أعقاب الحرب مع إيران ،وأن العراق تلقى مساعدات
من الدول العربية ،كان يعتقد أنها مساعدات وليست قروضا .بيد أن تلك الدول بدلت رأيها بعد الحرب وطالبت
بردها .ورأت بعض الدول العراق كتهديد عسكري ،ولم ينظر إليران على أنها تهديد عسكري ،ألن قواتها
العسكرية دمرت خالل الحرب .وضحك صدام على تلك النقطة.
وأوضح صدام أنه وافق على قرار األمم المتحدة الصادر في 28سبتمبر (أيلول) ،1980الذي طالب بوقف
االعتداءات مع إيران ،بيد أن إيران لم توافق على القرار .وأضاف أن العراق وافق أيضا على قرار األمم
المتحدة رقم 598الصادر عام ،1987الذي طالب بإنهاء هذه الحرب ،ولم توافق إيران على هذا القرار أيضا.
وقد حاول العراق مرات عديدة خالل الحرب الدخول في محادثات مع إيران لوقف المعارك .وقال صدام «فعلنا
ذلك في الوقت الذي لم نكن مضطرين فيه للقيام بذلك» .لمصلحة الشعبين واإلنسانية ولم تقبل إيران بوقف
الحرب إال عام 1988بعد أن خسرت الحرب.
وبشأن النتائج التي توصلت إليها األمم المتحدة بشأن استخدام العراق لألسلحة الكيميائية خالل الحرب العراقية
اإليرانية« :إن التاريخ قد كتب ولن يتم تغييره ،وال يمكن ألحد أن يوقف كتابة التاريخ» .وأوضح صدام أن
إيران استخدمت هي األخرى األسلحة الكيميائية للمرة األولى في المحمرة (التي تسمى باسم خورامشهر في
إيران) في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الثاني) ،1981وعندما سئل عما إذا كان يجب على العراق
ـ األسلحة الكيميائية لألغراض الدفاعية رد بالقول« :لن أجيب ،مهما كانت صيغة السؤال» .وقال صدام: استخدام
«سأتحدث عن كل شيء عدا ما يضر بشعبي وأصدقائي أو جيشي» .قدم صدام تفاصيل حادثة 1964الخاصة
بأحمد حسن البكر ،األمين العام لحزب البعث .وقد اعتقل البكر وصدام ،الذي كان يشغل حينئذ رئيس الفرع
العسكري في حزب البعث ،للتخطيط للقيام بانقالب على عبد السالم عارف ،الرئيس العراقي آنذاك ،وقد اعترف
صدام بالمسؤولية الكاملة على ذلك ،ولم يقدم أي معلومات ضد أي شخص آخر .وقال صدام« :ليس من العدالة
أن يلقي القائد بالالئمة على اآلخرين ،فإذا ما قال أحدهم إن صدام أمرني أن أفعل ذلك ،فتلك ليست مشكلة
بالنسبة لي وال تضره».
---------------------------
* صدام عن عدم ترحيب الجيش السوري بالقوات العراقية في : 1973ال يوجد كرماء مثل العراقيين
ـ لم يقر بتقديم مساعدة محددة إلى أبو عباس لكنه قال«إذا قبلنا شخصا كضيف يجب أن نقدم له المساعدة
* أدلى صدام بتعليقات حول الوضع الفلسطيني .يجب أن تكون أي محاولة لفهم جذور المشكلة التي تحيط
بالقضية الفلسطينية من وجهة نظر عربية وليس من مجرد وجهة نظر فلسطينية ،فهي ليست مجرد مشكلة
فلسطينية ولكنها أيضا مشكلة عربية .وفي الستينيات من القرن الماضي ،ظهرت العديد من الثورات داخل دول
عربية وكانت تحدث بصورة عامة نتيجة لعدم رضا الشعوب عن حكامهم في ذلك الوقت .ومن ناحية ،يرجع
سبب اإلطاحة ببعض القادة إلى فشلهم في التعامل مع القضية الفلسطينية بالصورة المناسبة أو إلى تجاهلهم
إياها كلية .ويجب أن يعتمد أي حل للمشكلة على العدالة والقانون الدولي .ولكن ،تسبب القانون الدولي
وتطبيقه في مشكلة عام 1948بعد تأسيس دولة إسرائيل اليهودية على أراض كانت في حوزة الفلسطينيين.
ويجب عرض حل من هم في الخارج ومن هم في الداخل في القضية في هذا اإلطار ،فالجميع يبحث عن حل.
11
ولكن ،قال صدام« :الحل الذين لن يقنع أغلبية الفلسطينيين لن يكون حال ناجحا ».ويجب أن يكون أساس أي
حل والتسوية النهائية ،عن طريق تأسيس دولة فلسطينية منفصلة .وعندما سُئل صدام عن خطاب كان قد أدلى
به حول ثورة 1968في العراق ،وافق على أنه قال معلقا خالل الخطاب« :نحن لم نقم بثورة ضد شخص ،نحن
قمنا بثورة ضد نظام الحكومة ».ووافق على أنه قال إن الثورة قامت «لدفع الشعب العراقي والدولة والعالم
العربي في المجمل والفلسطينيين قدما ».وأضاف أن حزب البعث كان الحزب السياسي الوحيد الذي تظاهر ضد
الحكومة العراقية عام .1967وبالنسبة لحرب األيام الستة بين العرب وإسرائيل عام ،1967قال صدام كان
العرب يأملون في استعادة األراضي التي ضاعت عام .1948وقال صدام« :شعرنا بالحزن عندما لم يحدث
ذلك ».ومع أن اآلمال في النجاح كانت ضعيفة ،فقد كانت األخبار مثبطة على نحو خاص عندما نشرت التفاصيل
عن الهزيمة السريعة للقوات المسلحة السورية والمصرية .وشعر العالم العربي «بالحزن واإلحباط» ،ونما
شعور بالرغبة في الثورة .وعلى الرغم من خسارة حرب ،1967كان صدام ال يزال يحترم الرئيس المصري
جمال عبد الناصر بعد الحرب .وفي رأي صدام ،فإن عبد الناصر «كان يمكنه أن يمثل العرب أمام العالم» ،بينما
كان اآلخرون «ضعاف» .وفي هذا الوقت ،كان عبد الناصر الحاكم الوحيد الذي له عالقة قوية بـ«الجموع
العربية» .وعلى الرغم من خسارة العرب ،لم يفقد عبد الناصر احترام الشعب .ولكن ،كانت آمال الشعب أكبر
مما يمكن أن يحققه عبد الناصر .وأظهرت خسارة الحرب حدود قدرات عبد الناصر والقوات المسلحة
المصرية .وأشار صدام إلى أن الحرب أظهرت قضايا داخلية تخص القيادة المصرية ،فلم يكن يسمح عبد الحكيم
عامر ،قائد القوات المسلحة المصرية ،بـ«تدخل» عبد الناصر في الشؤون العسكرية« .مع أن عبد الناصر كان
رئيس البالد» .وعندما تنحى عبد الناصر بعد ذلك ،تظاهر ماليين المصريين من أجله كي يعود لتولي مهامه
كرئيس .وكان يبدو لصدام أن «عبد الناصر اعتمد على السياسة الدولية وليس على استعداد قواته المسلحة
وشعبه» في الفترة التي سبقت الحرب .وعندما مات عام « ،1970بكى المواطنون» .وبالنسبة للحرب بين
العرب وإسرائيل عام ،1973لم يتمكن الرئيس المصري (أنور) السادات ،الذي كان نائبا للرئيس في رئاسة
عبد الناصر ،من استعادة آمال العرب .وبدا أن السادات ليس له قضية أو هدف محدد وأنه غير قادر على القيام
بأي شيء بخصوص 1948و«اغتصاب فلسطين» .وألن السادات لم يكن «رجل قضية» ،لم يكن يمثل عنصر
دفع للجنود المصريين .وبنفس الصورة لم يكن هناك ما يستثير الشعب المصري .وفي الواقع ،فإنه خالل هذه
الفترة ،كان المصريون يستهزئون بجنودهم ويقولون طرف عن الجيش قائلين أنهم لم يحاربوا في .1967
ومع ذلك ،جعل السادات ،معتمدا على شخصيته ،الواليات المتحدة وإسرائيل تعتقدان أنه يمكن الفوز في حرب
مع إسرائيل .وعندما سُئل عن قدرة السادات على القيام بالكثير في النهاية من أجل شعبه مقارنة بعبد الناصر،
والسيما فيما يتعلق بقضية السالم واستعادة األراضي ،قال صدام أن أثر عبد الناصر كان «ضئيال» .وأضاف:
«إذا قلت للعراقيين أن الكويت سوف تكون جزء من العراق ،سوف يكونوا سعداء ».واألمة العربية ،من
الفقراء إلى األثرياء ،عبارة عن أمة لها نفس اللغة وحدود مشتركة ونفس األهداف .وهناك عالم عربي واحد،
من «المواطن البسيط إلى المشرعين والمفكّرين» .وتعتمد قوة أي شخص داخل «عائلة» على التعاون والحب
بين بعضهم بعضا في «العائلة» .وإذا كان هناك شخص داخل «العائلة» ال يفهم هذا ،فإنه سوف يكون «ضعيفا
ويسقط» .ولم يكن السادات مخلصا لقضايا «العائلة» .وقبل حرب ،1967كانت الضفة الغربية والقدس تحت
سيطرة األردن فيما كانت غزة تحت سيطرة مصر .ولم تعد اتفاقية السالم التي وقعها السادات مع اإلسرائيليين
األراضي إلى أصحابها الحقيقيين :الفلسطينيون .وعليه ،كان السادات «خائنا للقضية» .وأعادت إسرائيل
برغبتها وحسب شبه جزيرة سيناء حيث كانت «عبئا عسكريا» وكانت «خطوة سياسية» سهلة .وخسر
السادات االحترام نتيجة لالتفاقات التي توصل إليها مع إسرائيل .وعالوة على ذلك ،تراجع االقتصاد المصري
بدرجة كبيرة تحت قيادته .وعلى النقيض ،ازدهر االقتصاد المصري تحت عبد الناصر وكانت األسواق المصرية
مفتوحة أمام جميع الدول العربية .وقال صدام« :الوصول إلى سالم ليس سهال» ،والسالم دون قضية سوف
يتسبب في تغير التوازن .وبالنسبة لتعليق لصحافي بريطاني قبل عامين تقريبا ،لم يكن صدام يعني أن السالم
يمكن أن يتحقق عن طريق فقدان الصدق والهيبة .وعلى النقيض ،يمكن التفاوض بخصوص أي سالم «من
موقع القوة» .وقال صدام إن العراق حارب في 1973على جبهتين ،وشاركت قواته الجوية في مصر وسورية
وقاتلت قوات مشاة في سورية .وعندما سُئل هل كان يمكن للعراق أن يبذل ما هو أكثر ،رد صدام« :ماذا كان
12
يمكننا أن نقوم به أكثر من ذك؟ لقد أرسلنا جميع قواتنا للقتال تحت القيادة المصرية والسورية ».وقبل الحرب،
كانت مصر قد أرسلت نائب الرئيس آنذاك (محمد حسني) مبارك إلى العراق ليطلب الحصول على طائرات
وطيارين الستخدامهم في هجوم على مواقع صواريخ أرض-جو إسرائيلية .وقدّم العراق الطائرات على الرغم
من أنهم كانوا يقاتلوا األكراد في الشمال .وطلب السوريون مساعدة العراق بعد بدء الحرب ،قائلين إن إسرائيل
سوف تحتل سورية دون مساعدة العراق .وبالنسبة لما قيل عن عدم «ترحيب» الجيش السوري بالقوات
العراقية في ،1973قال صدام «ال يوجد كرماء مثل العراقيين ».وسُئل صدام أكثر عن تعليقاته بخصوص عدم
قيام أو رفض الجيش السوري تقديم خرائط ومعدات اتصاالت وغيرها من المساعدات للقوات العراقية مع أنها
كانت ضرورية للقتال سويا .ورد صدام « :ال يعرف الخاسر رأسه من قدميه ،وكان موقفا صعبا ال يسمح بأن
نكون سويا بهذه الصورة ،».وقال «ربما لم يكن لدى السوريين خرائط ».وكان الضباط العراقيون معتادون
على معاملة مختلفة داخل الجيش .ويقبل العراق دوما الجئين فلسطينيين داخل البالد ،مثلما حدث خالل فترة
صدام وقبلهما .وكان تدفق الالجئون بعد 1948بعد تأسيس دولة إسرائيل وبعد سبتمبر (أيلول) 1970
(أيلول األسود في األردن) ،وفي عام 1991بعد حرب الخليج األولى .وقال صدام« :رحبنا بهم ووفرنا لهم
وظائف وأعطينا لهم حق امتالك األراضي والمنازل ».وكانت السياسة األخيرة الخاصة بالمنازل تتناقض مع
مبدأ جامعة الدول العربية التي لم تكن تسمح للفلسطينيين بأن يمتلكوا أماكن أقامة .وفي رأي صدام ،افترض
أعضاء جامعة الدول العربية أن الفلسطينيين لن يرحلوا إذا أصبحوا يمتلكون أمكان لإلقامة .ولكن لم يوافق
صدام على هذه السياسة «ألسباب إنسانية» .وعندما عرض صدام موقفه ،وافقت القيادة العراقية على هذا.
وبالنسبة للفلسطينيين داخل العراق «ساعد ذلك على العيش حياة طبيعية ».واعترف صدام بأن الحكومة
العراقية أنشأت واستأجرت منازل للفلسطينيين من أصحاب األراضي العراقيين .وقال صدام« :كنا نشعر بالقلق
بخصوص كل شخص في العراق ،ولم نكن نريد أن نتركهم يعيشون في الشوارع .األشياء مثل الطعام والعمل
والمنازل ضرورية للمحافظة على الكرامة ».وقال صدام إن بعض الناس اتهموا العراق بمحاولة إزالة
الفلسطينيين .وأضاف على النقيض «لم نكن نستطيع أن نطرد ضيفا ».وال يتذكر صدام هل قامت الحكومة
العراقية بدفع جميع أم جزء من اإليجار طوال الوقت أو خالل مدة محدد بالنسبة إلقامة الفلسطينيين في العراق.
وال علم لدى صدام بخصوص أصحاب المنازل الذين يقاضون الحكومة لعدم دفع اإليجار ،وخاصة في الفترة من
مطلع التسعينيات إلى منتصفها ،وقد خسر هؤالء القضية لصالح الحكومة .وقال صدام« :لو كنا وعدنا بالدفع،
لكنا قد فعلنا .وإذا كانوا قد خسروا القضية ،فبالتأكد لم تكن الحكومة قد وعدت بالدفع ».ورفض صدام القول
بأن هناك قانون يسمح للحكومة بـ«استئجار» منازل دون دفع اإليجار إلى صاحب العقار .وقال« :هذا غير
صحيح ،ال يوجد مثل هذا القانون .هذا قانون االغتصاب أو قانون الغابة ».وطلب صدام أن يرى القانون على
الورق .وعلق صدام على قمة الرباط عام 1974عندما قيل أن الحكومة العراقية تنازلت عن إيمانها
بالـ«الكفاح المسلح» من أجل فلسطين وقبلت «استراتيجية تعتمد على مراحل» .وقال صدام أن هذا كان
المؤتمر األول الذي يحضره ،ففي المعتاد ،كان وزير الشؤون الخارجية العراقي يحضر نيابة عن الحكومة.
وخالل القمة ،عرضت منظمة التحرير الفلسطينية استراتيجية عامة تطلب من األردن الضفة الغربية لتكون
وطنا .وفي السابق ،كانت الضفة الغربية والقدس تحت سيطرة األردن وحاكمها الملك حسين .وفي رأي صدام،
فإن الملك حسين لم يعترض على الخطة «ولكن بدا غير مقتنع» .وفي هذا الوقت أيضا ،وافق العراق على أن
تكون منظمة التحرير الفلسطينية الممثل القانوني الوحيد لفلسطين.
واعترف صدام بأن تنظيمات فلسطينية ،ومنها فتح ،كان لديها مكاتب في بغداد .ولكن في عام 1978أغلقت
فتح مكاتبها ويقال إنها قامت بتوزيع منشورات .وال يعلم صدام تفاصيل الرسالة التي تضمنتها المنشورات
ولكنه سمع أنها كانت سلبية تجاه الحكومة العراقية .ولم تكن العالقة بين الحكومة العراقية ومنظمة فتح «على
ما يرام» .وفيما يتعلق بأهداف المنظمات الفلسطينية األخرى ،التي بدا أنها تختلف عن أهداف منظمة التحرير
الفلسطينية والعراق ،قال صدام الخالف بين األفراد والتنظيمات حول نفس القضية يكون غالبا بسبب أفكار
مختلفة يتم طرحها .وحسب ما قاله صدام ،كان الفلسطينيون في حاجة إلى «قيادة مركزة» .ولم يكن األفراد
الذين يشكلون قيادة التنظيمات الفلسطينية المتنوعة «على نفس القدر من المعرفة» .وبالنسبة للعراقيين،
13
اجتمعت القيادة وقررت عدم التدخل في الشؤون الداخلية لمنظمة التحرير الفلسطينية .وقال صدام أن اتخذ قرار
بأن العراق سوف «يساعد قدر استطاعته ».وقيل للفلسطينيين حدود الحكومة العراقية .وبعد ذلك ،صدرت
تعليمات بخصوص المساعدة العراقية للفلسطينيين والقيود إلى جميع القطاعات الحكومية العراقية .ووصف
صدام العالقات مع منظمة التحرير الفلسطينية في الفترة من 1978إلى 2003بأنها «جيدة» .وقال صدام إن
ممثلي منظمة جبهة تحرير فلسطين ومنظمة أبو نضال كانوا في العراق في بعض األوقات .وقال صدام:
«قبلناهم كضيوف ».ووجهت إليهم تعليمات بعدم ممارسة نشاطات معارضة للعراق وعدم ممارسة اإلرهاب.
وقيل ألعضاء جبهة التحرير الفلسطينية ومنظمة أبو نضال أن عليهم عدم التدخل في الشؤون الداخلية لمنظمة
التحرير الفلسطينية .وفي مرحلة ما ،وجهت تحذيرات إلى منظمة أبو نضال كي توقف النشاطات اإلرهابية.
واعترف صدام بأن محمد عباس ،المعروف باسم أبو عباس ،كان موجودا داخل العراق في مرحلة ما .ولم يقر
صدام بتقديم مساعدة محددة إلى أبو عباس .وقال« :إذا قبلنا شخص كضيف ،يجب أن نقدم له المساعدة.
ولكن ،ال يمكن لضيف أن يطلب ما يريد على اإلفطار والغداء والعشاء ».وأكد صدام أن العراق كان ينظر إلى
منظمة التحرير الفلسطينية على أنها المنظمة السياسية الرسمية لفلسطين وأن جميع التنظيمات الفلسطينية
األخرى تابعة .وقيل لصدام تفاصيل اجتماع تم تصويره وكان تقريبا قبل عامين بين أبو عباس وطاهر جليل
حبوش ،مدير االستخبارات العراقية .وخالل االجتماع ،طلب أبو عباس الحصول على مساعدات عراقية ،بما
فيها المال وتدريبات وأسلحة ومواصالت لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل .وقيل لصدام أن المحقق أطلع على
الشريط المصور .وسُئل صدام هل هذه التصرفات المخططة تنفيذها ضد إسرائيل كانت تمثل دفاعا مشروعا عن
فلسطينيين أم إرهابا ،وهي بذلك تتجاوز المساعدة االعتيادية التي تقدم للضيف .وسأل صدام« :ما الذي قامت
به الحكومة العراقية؟ إذا كان لديكم التسجيل فأنتم تعرفون ».وقال صدام يقف مع المحاوالت التي تبذل من أجل
استعادة جميع األراضي العربية ،بما فيها هذه األراضي التي «اغتصبت وسلبت» .وقال إن هذا ليس سرا أو
مخجال .وقال صدام« :لو كان حبوش وأبو عباس قد اجتمعا ،فهذا شيء آخر .نحن ندعو للكفاح المسلح
الستعادة األراضي العربية .المبادئ هي نفسها التي تحدثنا عنها من قبل ».واستطرد قائال« :لو كان أبو عباس
طلب هذه األشياء ،فإن ذلك ال يعني أننا أعطيناه إياها ،وإذا كان أبو عباس قد نفذ أي هجمات داخل إسرائيل،
فإن ذلك يعني أننا ساعدناه .وإذا لم يكن ،فإننا لم نساعده ».وعندما قيل له أن أبو عباس نفذ هجمات داخل
إسرائيل ،رد صدام« :هذه وقعت قبل أن يطلب المساعدة منا .كان هذا خيارهم ».وقال صدام« :في أي وقت
لدينا القدرة والحق في تقديم المساعدة في النضال .ال أتحدث عن أبو عباس ،وأتحدث عن المنظمات داخل
فلسطين .من يتعاملون من الخارج ليسوا جادين ».وطلب صدام اإلجابة التي قالها حبوش ألبي عباس .وقال
المحقق لصدام إنه تم تقديم المال إلى أبو عباس ،ولكن ليس كما طلب .وقال صدام« :كان هذا عمل
االستخبارات ،وكنا منفتحين بخصوص فلسطين ».وسُئل صدام عما إذا كانت المساعدات إلى أبو عباس سوف
تساعد على تحقيق أهداف الفلسطينيين أم سوف تعمل ضد هذه األهداف .وقال صدام أنه منذ أن كان «مناضال
شابا» في حزب البعث ،كان يؤمن بأن أي تنظيم يجب أن يقاتل من الداخل وليس من الخارج .وبالنسبة لصدام،
فإن أي محاوالت من الخارج ال تعدوا عن كونها «كالما» و«غير جادة» .واقترح صدام الحصول على تفاصيل
ـ أكبر للشريط المصور لالجتماع أكثر بخصوص ما تمكن أبو عباس من الحصول عليه من حبوش أو من مراجعة
بين االثنين .وبخصوص ما إذا كان يمكن لمدير االستخبارات العراقية أن يجتمع دون موافقة القيادة العراقية
لمناقشة هذا األمر مع أبو عباس ،قال صدام« :هل يتصل مدير االستخبارات األميركية مع الرئيس بوش في كل
مرة قبل االجتماع مع شخص ما؟» ووافق صدام على أن الرئيس ،في الواليات المتحدة والعراق ،يضع السياسة
لجميع أفرع الحكومة .وقال صدام أنه على الرغم من أنه قيل أن أبو عباس طلب من مدير االستخبارات
العراقية 2-1مليون دوالر حسب ما قاله المحقق ،فإنه لم يعطيه حتى « 10,000دوالرا» .وقال صدام «أي
فلسطيني كان يريد التدريب والذهاب للقتال من أجل فلسطين ،كنت أقل دربوه .ولكن المال والسالح يختلف عن
التدريب ».وبسبب العقوبات ضد العراق ،لم تكن الحكومة قادرة على تقديم نفس مقدار المساعدات التي كانت
تقدمها من قبل .وقال صدام« :إذا كان لالستخبارات العراقية القدرة ،فإنه ليس خطأ طالما أن النضال في
الداخل ».وسُئل صدام عما إذا كان موقف العراق المعروف الخاص باالعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية على
أنها الممثل الوحيد لفلسطين كان يتناقض مع الدعم المقدم إلى التنظيمات واألفراد اآلخرين ومن بينهم أبو
14
عباس .ورد صدام« :لم أقل أنني ساعدت أبو عباس .ال تقل عني ما لم أقل ».أضاف صدام« :أعتقد أن األسئلة
يجب أن تكون في سياق حوار وليس استجواب ».ومضى يقول« :لو كانت االستخبارات العراقية ساعدت أبو
عباس وقاتل هو من أجل فلسطين ،فهذا ليس خطأ .وإذا قيل أن شخص يريد النضال ضد إسرائيل وأن ذلك
الشخص ال يمثل الفلسطينيين بصورة رسمية ،فليس ثمة تناقض في السياسة العراقية .وقال صدام أي شخص
كان يقول أنه يريد «التفاوض» لم يحصل على دعم من العراق ألن هذا الدور كان لعرفات ومنظمة التحرير
الفلسطينية .وفي نهاية المقابلة ،سُئل صدام عن تحركاته عندما بدأت الهجمات في مارس (آذار) .2003وقال
صدام أنه بقي في بغداد حتى 10أو 11إبريل (نيسان) حين بدا أن المدينة سوف تسقط .وقبل رحيله من
بغداد ،عقد اجتماع أخير مع القيادات العراقية البارزة وقال لهم «سوف نناضل سرا» .وبعد ذلك ،رحل من بغداد
وبدأ تدريجيا «يفرّق» حراسه الشخصيين ،وقال لهم إنهم أكملوا مهمتهم وكان يهدف من ذلك عدم جذب
االنتباه.
-----------------
ـ قال انه لو كانت لديه اسلحة محظورة كان سيهاجم القوات األميركية في الكويت
* بدأ كبير المحققين المناقشة بالتنويه بأن مقابلة اليوم ستشكل حوارًا عامًا حول األمم المتحدة وقراراتها
العديدة حيال العراق .من جهته ،قال صدام" :دعوني ألقي عليكم سؤاال مباشرا .أود السؤال عن الوجهة ،منذ
بداية عملية المقابالت حتى اآلن ،التي تحول إليها المعلومات؟ كي تبقى عالقتنا واضحة ،أود أن أعلم ذلك".
وعليه ،أخبر المحقق صدام بأنه يعمل كممثل عن الحكومة األميركية ،وأن التقارير المتعلقة بهذه المقابالت
تجري مراجعتها بالتأكيد من جانب الكثير من مسؤولي الحكومة األميركية .وأضاف أن هؤالء المسؤولين ربما
يتضمنون الرئيس األميركي ،لكنه نفى أي معرفة مؤكدة له بهذا األمر .وأجاب صدام بأنه ليست لديه أي
تحفظات إذا ما جرى "إشراك" آخرين في هذه العملية وأنه "ال يمانع" نشر المعلومات .لدى توجيه سؤال إليه
حول ما إذا كان لجأ قط لالستعانة بـ"بدالء" أو من يشبهونه حسبما جرت اإلشارة كثيرًا في عدد من الكتب
وإصدارات أخرى ،ضحك صدام وأعلن أن "هذا يالءم أفالم الخيال ،وليس الواقع" .وأضاف أنه من العسير
للغاية على أي شخص تقمص شخصية فرد آخر .وفي رده على سؤال حول ما إذا كان آخرون في الحكومة
العراقية ،بما في ذلك نجله عدي ،استعانوا بـ"بدالء" حسبما وصف كتاب ألفه رجل عراقي ،نفى صدام صحة
أي معلومات تتعلق بمثل تلك التقارير .وقال" :أعتقد أن أبنائي ما كانوا ليفعلوا ذلك" ،مستطردًا بأنهم ربما فكروا
في إتباع هذا التكتيك خالل الحرب ،لكن ليس في أوقات السلم .وشدد على أنه لم ير قط "بدالء" ألي من نجليه،
سواء خالل الحرب أو السلم .وقال صدام بنبرة خطابية" :ال تحسبوا أنني أشعر بالضيق عندما تذكرون ولداي.
ال أزال أفكر بهما وأنهما استشهدا .إنهما سيشكالن قدوة لجميع األفراد بشتى أرجاء العالم" .وذكر أن نجليه
قاتال في الحرب ضد إيران في الثمانينيات ،قبل أن "يبلغا السن المعتادة" .وأضاف أنهما وفرد آخر يعتبرون
األشخاص الوحيدين الذين يعلم صدام أنهم حاربوا رغم كونهم "قصر" .أثناء الحرب اإليرانية ـ العراقية ،في
معركة تحرير شبه جزيرة الفاو عام ،1987خاض صدام وجميع أقاربه المباشرين من الذكور القتال .وكانت
تلك معركة مهمة وحاسمة ،وهو أمر أذاعه صدام بين كافة العراقيين .وأعلن صدام" :عندما أؤمن بالمبادئ،
أؤمن بها على نحو كامل ،وليس جزئيا ،وال تدريجيا ،وإنما بصورة تامة" .وأضاف أن اهلل خلقنا ،وهو وحده من
يقرر متى يقبض أرواحنا" .وأنهى صدام هذا الجزء من المقابلة بالقول" :إذا ما قررتم نشر كتاب ،احرصوا على
كتابته باللغتين اإلنجليزية والعربية" .وعند العودة مجددًا لمسألة ما إذا كان استعان بـ"بدالء" ،أجاب صدام" :ال،
بالطبع لم يحدث" .ثم تحولت المقابلة لمناقشة آراء صدام إزاء األمم المتحدة خالل التسعينيات ،بدءا بقرار األمم
المتحدة رقم .687وذكر المحقق أن قرار األمم المتحدة رقم 687دعا العراق ،من بين أمور أخرى ،إلى
15
إعالن امتالكه أسلحة كيماوية وبيولوجية ،حال وجودها لديه ،وتدميرها ،والموافقة على عدم بذل أي محاوالت
أخرى لتصنيع أو الحصول على مثل هذه النوعية من األسلحة .إضافة إلى ذلك ،دعا القرار العراق إلعادة
التأكيد على التزامه بمعاهدة حظر االنتشار النووي .كما تضمن القرار رقم 687خطوات تفصيلية يتعين على
العراق اتخاذها من أجل ضمان رفع العقوبات التي تفرضها األمم المتحدة ضد البالد .بصورة محددة ،سأل
المحقق عن قرارات صدام والمنطق الذي اعتمدت عليه فيما يتعلق بقرار األمم المتحدة رقم .687من ناحيته،
أكد صدام أن قرار األمم المتحد رقم ،661وليس ،687هو أول قرار تصدره المنظمة في التسعينيات بشأن
العراق والذي أسفر في نهاية األمر عن خلق توترات واندالع الحرب األخيرة مع الواليات المتحدة .في المقابل،
أكد المحقق معرفته بهذا القرار ،لكنه استطرد بأن قرار األمم المتحدة رقم 687سيشكل نقطة البداية لتلك
المناقشة .من جهته ،اعترف صدام بأن العراق قبل القرار رقم .687ومضى في اعترافاته قائالً إن العراق
اقترف خطأ بتدميره بعض األسلحة دون إشراف األمم المتحدة .وفي سؤال له حول ما إذا كان العراق أخطأ فيما
يتعلق بإخفاقه في الكشف على نحو كامل عن المعلومات المتاحة لديه ،منذ بداية العملية وعلى امتدادها ،رد
صدام بأن "هذا سؤال جيد للغاية" .وأعرب عن اعتقاده بأن قرار األمم المتحد رقم 687لم تتم كتابته وفقًا
"ألسلوب األمم المتحدة" .صدر القرار في أعقاب القرار رقم ،661الصادر قبل حرب الخليج األولى ،ومثلما
الحال مع القرار رقم ،661القى تأييدًا من الواليات المتحدة .وأعلن صدام أن" :الواليات المتحدة بدأت القضية
وتبعها آخرون .وتمت الموافقة على القرار 661من جانب جميع األطراف ،بينما لم يحدث ذلك مع القرار
."687بعد اندالع حرب الخليج األولى ،طلب الرئيس األميركي في نهاية األمر عقد اجتماع على ظهر سفينة
في الخليج ،على غرار ما حدث بين الواليات المتحدة واليابان ،وذلك من أجل مناقشة التوصل التفاق لوقف
إطالق النار .إال أن العراق رفض هذا االجتماع .في النهاية ،التقى مسؤولون عراقيون بقادة دول أخرى عند
نقطة "على الحدود" .ووافق العراق على وقف إطالق النار وسحب جيوشه .بعد ذلك ،تم تمرير القرار رقم
.687وشدد صدام على أن قرار األمم المتحد رقم 687تمت الموافقة عليه تحت إصرار من جانب الواليات
المتحدة .وطبقًا لما قاله صدام ،فإنه" :لم يوجد مثل هذا القرار" من قبل في تاريخ األمم المتحدة .عندما بدأت
حرب الخليج األولى ،كانت القوات العسكرية العراقية "بعيدة عن الحدود" .وكان هناك من يرغبون في
"اغتصاب" العراق خالل الحرب ،لعجزهم عن القيام بذلك في السلم .وبعثت الحكومة العراقية بخطابات إلى األمم
المتحدة أكدت خاللها على التزامها بالقرار رقم .687ومع أن العراق لم يوافق على القرار ،فإنه وافق على
تنفيذه رغبة منه في "عدم تعرض الشعب لألذى" .من وجهة نظر صدام ،رغب مفتشو األمم المتحدة في تكبيد
العراق كافة نفاقاتهم ،بما في ذلك مصاريف اإلقامة والتنقل ،والتكاليف األخرى .وبدالً من انتظار وصول
المفتشين وتحمل نفقاتهم ،شرع العراق في تدمير األسلحة .لم يخف العراق تلك األسلحة .وطلب مفتشو األمم
المتحدة في وقت الحق وثائق تثبت تدمير األسلحة وزاروا العديد من األماكن لجمع عينات لدراستها .وأعلن
صدام أنه" :إذا كان من المفترض أننا أخطأنا في النسبة المئوية لألسلحة التي أعلنا تدميرها ،إذًا كم عدد
األخطاء التي ارتكبتها الواليات المتحدة طبقًا لقرار األمم المتحدة رقم ".687وتتضمن هذه "األخطاء" احتالل
العراق ،وفرض "مناطق الحظر الجوي" على شمال وجنوب العراق ،وقصف العراق خالل الفترة ما بين حرب
الخليج األولى حتى الحرب األخيرة .وتساءل صدام عن السبب حول تطبيق األمم المتحدة لقرار األمم المتحدة
رقم 687بمثل هذا األسلوب القاسي ضد العراق ،بينما لم يتم فرض قرارات أخرى لألمم المتحدة ،بما فيها
القرارات الصادرة ضد إسرائيل .واختتم صدام هذا الجزء من المناقشة بقوله" :إذا ما استعنا ببروفسير من
جامعة داخل الواليات المتحدة إلى العراق ،سيتفق مع مالحظاتي فيما يخص قرار األمم المتحدة رقم ،687
باستثناء قضية سيادة دولة أخرى (الكويت) ".في إطار حوار مطول مع المحقق فيما يخص قرار األمم المتحدة
رقم ،687أصدر صدام العديد من التعليقات ،حيث اعترف بأن القرار رقم 687تم تمريره بالفعل ووافق
العراق على "التعامل معه" .وفيما يخص تدمير األسلحة ،أعلن صدام" :لقد دمرناها .وأخبرناكم ذلك بالوثائق.
هذا كل ما في األمر" .ولدى سؤاله حول القيود التي فرضها العراق على األماكن التي زارها مفتشو األمم
المتحدة ،أجاب صدام" :أية أماكن؟" وأخبر المحقق صدام بأن المفتشين زاروا العديد من األماكن ،بينها وزارة
الزراعة .وأجاب صدام" :واهلل ،لو كانت لدي مثل هذه األسلحة ،كنت استخدمتها في القتال ضد الواليات
المتحدة" .من ناحية أخرى ،أوضح المحقق أن غالبية األفراد المتهمين من األبرياء يوافقون على إجراء تفحص
16
كامل وتام لتفاصيل االتهامات الموجهة إليهم .وبمجرد تبرئة ساحتهم ،يحق للطرف المتهم الحقًا تقديم أدلة
تثبت تعرضه ألي سوء معاملة خالل التحقيق .هنا ،أعلن صدام" :هذا ليس استجوابًا ،إنه حوار" .أعرب صدام
عن اعتقاده بأن الواليات المتحدة استخدمت أسلحة محظورة في فيتنام .وتساءل حول ما إذا كانت واشنطن تقبل
قيام العراقيين بتفتيش البيت األبيض بحثًا عن مثل هذه األسلحة .وأكد صدام أنه من غير المحتمل أن تثمر مثل
إجراءات التفتيش تلك عن أي نتيجة .وأضاف" :إن الدولة التي تقبل تعرضها لالنتهاك تجلب العار لشعبها".
واستطرد موضحًا أن التفاوض السبيل الطبيعي لتسوية أي خالفات ،خاصة بين الدول ،مضيفًا أن التفاوض هو
"سبيل األمم المتحدة" .وعندما تم التأكيد أمام صدام على أن المجتمع الدولي اتفق في الرأي على أن العراق لم
يلتزم بقرار األمم المتحدة رقم ،687أجاب بأن العراق يرى بأن هناك خطأً ما في "األسلوب الدولي" .وقال إن
الواليات المتحدة أقنعت العالم بموقفها تجاه العراق .وفيما يخص إجراء مزيد من المناقشة ،علق صدام بقوله:
"يجب أن أعد إجابة في ذهني ،كي ال تخرج مشتتة .دعونا نترك الماضي ،ليس لكوننا اتفقنا ،وإنما لنحقق
االستفادة القصوى من وقتنا الحاضر" .من ناحية أخرى ،علق صدام بالقول إنه خالل حربها األخيرة ،لم يكن
للواليات المتحدة سوى حليف واحد ،بريطانيا .أما كافة الدول الكبرى األخرى ،بما فيها فرنسا والصين وروسيا
وألمانيا ،فقد عارضت الحرب .وادعى أن الواليات المتحدة كانت "تبحث عن ذريعة للقيام بأمر ما" .اآلن ،دخلت
الواليات المتحدة إلى هنا ولم تعثر على أي أسلحة دمار شامل .وأوضح صدام للمحقق أن القرارات اتخذتها
القيادة العراقية ،وليس هو فحسب .وأضاف أن القادة العراقيين اتخذوا قرارات جاءت بمثابة "انفراجة" بالنسبة
للواليات المتحدة وسببًا لشن الحرب األخيرة .وأشار صدام إلى أنه ،في بعض األحيان ،كان ينصح الناس يسوع
ـ وتعاليمهم ومبادئهم كي ينجوا المسيح ومحمد وموسى وداوود وجميع األنبياء اآلخرين بالتخلي عن معتقداتهم
بأرواحهم .وأعلن أنه" :إذا ما تخلى رجل عن مبادئه ،تصبح حياته بال أدنى قيمة .فيما يتعلق باألنبياء ،فإنهم
حال قيامهم بذلك ،كانوا سيتجاهلون أوامر اهلل" .واستطرد صدام موضحًا أنه "إذا ما تخلى العراق عن مبادئه،
كنا سنصبح بال أدنى قيمة" .وقال صدام إنه انتخب من جانب الشعب ،ولم "تفرضه دولة أخرى أو شركات".
وعليه ،كان لزامًا عليه االلتزام بمبادئ الشعب .في حديثه مع صدام ،شدد المحقق على أن تصرفات العراق أدت
إلى فرض عقوبات من األمم المتحدة ضده .وأوضح أن تصرفات القيادة العراقية ،وفي بعض الحاالت فشلها في
التحرك على الوجه المناسب،أجبرت األمم المتحدة على االستمرار في فرض العقوبات .وأجاب صدام" :هذا
رأيك الخاص" ،مستطردًا بأنه من العسير التخلي عن "جنسيتك وبالدك وتقاليدك" .وأوضح صدام أن المحقق
وغيره من األميركيين ربما يفكرون بصورة مختلفة بخصوص قضية العراق .وقال صدام" :لو كانت لدي الرغبة
في العمل كسياسي ،لكنت فعلت ذلك .لكنني ال أحب السياسيين وال السياسة" .وعندما تم لفت انتباه صدام بأن
البعض يعتقدون أنه مارس مناورات سياسية في تعامله مع األمم المتحدة ،أجاب صدام قائالً" :لقد التزمنا تمامًا
بكافة قرارات األمم المتحدة" .وأضاف أنه ينبغي توجيه اللوم إلى الواليات المتحدة ،وليس األمم المتحدة.
وأعلن" :إننا من بين الفرسان القالئل الباقين".
لدى دراسة مسألة من يتحمل اللوم ،أوضح المحقق أنه يجب أن ينظر المرء أوالً في جذور الخالف بين العراق
والعالم ،وغزو الكويت .ورد صدام بالقول" :وضعت أميركا خطة مع الكويت لمهاجمة العراق .لدينا نسخة من
الخطة تحت أيدينا .لو كنت أملك األسلحة (المحظورة) ،هل كنت سأدع القوات األميركية تبقى في الكويت دون
أن أهاجمها؟ أتمنى لو أن الواليات المتحدة لم يكن بنيتها مهاجمة العراق" .عندما سئل حول ما إذا كان الغزو
العراقي للكويت ،الذي أسفر عن الحرب مع الواليات المتحدة ،عجل بفرض العقوبات ضد العراق ،تساءل صدام:
"أسألك كأميركي ،متى أوقفت الواليات المتحدة شحنات الحبوب المتجهة إلى العراق؟ عام .1989ومتى
اتصلت الواليات المتحدة بالدول األوروبية لفرض حظر على بيع معدات تقنية إلى العراق؟ عام .1989كانت
الواليات المتحدة تخطط لتدمير العراق ،وهو عزم دفعته الحركة الصهيونية ونفوذها في االنتخابات داخل
ـ األميركية بدول على مقربة من العراق ،خاصة إسرائيل ،التي الواليات المتحدة" .كما تأثرت هذه "الخطة"
اعتبرت العراق مصدر تهديد عسكري خطير في أعقاب الحرب اإليرانية ـ العراقية .وأعلن صدام" :لدي إيمان
قوي بصحة هذا األمر" .فيما يتعلق بالكويت والحرب ،قال صدام" :من الصعب تجنب شخص مسلح يقف خارج
منزلك إال إذا خرجت وأطلقت النار عليه" .ولكون العراق دولة صغيرة ،كان من الصعب صد الواليات المتحدة
17
بغض النظر عن الخطوات التي يتم اتخاذها .على امتداد الفترة التي انتهت بالحرب األخيرة ،قدمت الواليات
المتحدة للعالم الكثير من "التاريخ" فيما يخص العراق .وأكد صدام أنه "من الصعب بالنسبة لي ،أو أي شخص
شريف ،عدم بذل محاولة لمنع دخول الواليات المتحدة العراق" .بالنسبة لملحوظاته الشخصية بعيدًا عن كونه
رئيس العراق ،قال صدام" :ليس هناك ما اعتبره أمر شخصي .ال يمكنني نسيان منصبي كرئيس .هذا ما أعلمه
وعلى قناعة به .وعليه ،من الصعب طرح إجابة من وجهة نظر شخصية .ال يمكنني إغفال دوري ومبادئي
لثانية واحدة ،ونسيان ما كنت عليه" .في نهاية المقابلة ،سئل صدام مجددًا حول تحركاته بعد بداية الحرب في
مارس (آذار) .2003أجاب صدام أنه لم يكن في منطقة الدورة في بغداد في 19مارس (آذار) 2003عندما
تعرض للقصف من جانب قوات التحالف .واستطرد موضحًا بأنه لم يكن بالحي خالل األيام العشر السابقة لذلك
الهجوم أو في أي وقت على مدار الحرب .وأعرب عن اعتقاده بأن قوات التحالف استهدفت هذا الموقع بناءً
على اعتقاد خاطئ بأنه موجود به .بالنسبة ألسلوب تحركاته قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) ،2003
أوضح صدام أن النجاح في نقل األفراد أو المعدات وقت الحرب يتطلب معرفة بقدرات العدو وكذلك "قدراتنا".
وأشار إلى أن مرافقيه المقربين كانوا يوجهونه لـ"االنتقال هذا االتجاه أو ذاك" .وفي سؤاله حول ما إذا كان
اعتاد االنتقال في سيارة سوداء طراز مرسيدس قبل الحرب ،قال" :ربما .كانت لدينا مرسيدس من جميع
ـ على ذلك للتاريخ".
األلوان" .وفي سؤال حول ما إذا كان اعتاد التنقل في موكب طويل ،أجاب" :سأترك الحكم
-----------------------
* صدام عن انقالب يوليو :1968طارق عزيز رفيق قديم يحظى باالحترام لكنه لم يكن أحد الثوار
* قال إن الدوري ورمضان كانا منخرطين في الثورة منذ البداية وتصارعا فيما بينهما
* قبل طرح أية أسئلة ،أفاد صدام بأنه يرغب في طرح سؤال .وبعد ذلك سأل عن أي نوع من التغييرات حدث
في العالم ،على سبيل المثال ما يحدث في الصين وروسيا وفي السياسات الدولية .فقال المحقق إنه لم تحدث
تغييرات كبيرة ،وأن هناك جهودا إلعادة بناء العراق وأن ذلك يتضمن دعما من كل من روسيا والصين وأن
األمور تسير بصورة سريعة .وبعد ذلك أفاد صدام بأنه منذ أن كان في السجن لمدة شهر أو اثنين ،لم تكن لديه
صورة عما يحدث .وأشار إلى أنه كان ينوي طرح هذا السؤال على المحقق قبل يومين .ثم تحدث صدام عن
أحد األفالم التي شاهدها التي تقوم على رواية «قصة مدينتين» التي قرأها منذ وقت طويل حيث كانت هذه
الرواية تتناول سجن أحد البريطانيين في سجن فرنسي ولم يكن على دراية بما يحدث في العالم الخارجي.
وحسبما أفاد صدام ،فقد كان مؤلف هذه القصة ناقدا للسلطات الفرنسية بسبب هذه المعاملة .وأشار صدام إلى
أنه لم يتغير شيء منذ ذلك الوقت .وقد أجاب المحقق بأنه «عبر الوقت ،تغيرت بعض األشياء ،ولم تتغير أشياء
أخرى».
ثم أخبر المحقق صدام بأن جلسة اليوم سوف تكون حوارا حول استيالء حزب البعث على السلطة في عام
،1968وعلى وجه الخصوص سيكون الحوار حول محاولة التفريق بين ما هو واقعي وما هو خيالي .وقد
أجاب صدام بأنه في واقع األمر ،كان العراق في عام 1968يعيش بصورة بدائية ولم يستطع التقدم بصورة
18
ـ الثاني كان يدور
جادة إال من خالل مفهومين .أولهما إدراك أن هذا البلد له حضارة تاريخية قديمة .والمفهوم
حول أن العراق استطاع التعلم من خالل تجربة األساليب التي تتبعها بقية دول العالم .وطبقا لذلك ،فقد سافر
ـ أن القاهرةـ بغيرهم من مواطني هذه الدول ،فقد اكتشفوا صدام وغيره إلى بالد عربية أخرى .وبمقارنة أنفسهم
ودمشق كانتا متقدمتين كثيرا على بغداد .وكان لدى صدام العديد من األصدقاء الذين سافروا إلى دمشق وكانوا
يعتقدون أن العراق يمكن أن يصل إلى المستوى الذي وصلت إليه دمشق من التقدم ،لكنهم لم يتصوروا أن يصل
إلى مستوى التقدم في القاهرة .وكانت القدرة الصناعية العراقية في ذلك الوقت مقصورة على صناعة البطاطين
وتشغيل مصنع لقصب السكر في كربالء الذي كان يحتاج إلى استيراد المواد التي يعمل بها .وبغض النظر عن
هذين المجالين ،كانت هناك محاوالت قليلة بسيطة للصناعة في مجاالت أخرى .ومع ذلك ،فقد كان لدى العراق
الدافع والحماس للتطور .وقد نجم عن المحاوالت األولى بعض األخطاء ،ولكن تم تداركها وعالجها .ومع
مسيرة التقدم ،استمر إرسال األفراد إلى البالد المجاورة لكسب الخبرات .وكان من الدول التي زارها صدام
وغيره :االتحاد السوفياتي وفرنسا وإسبانيا وإيران وتركيا وكافة الدول العربية .ومن بين جميع هذه الدول،
كان صدام يعتقد أن االتحاد السوفياتي كان األقرب إلى العراق فيما يتعلق بالنواحي االجتماعية للشعب .ومع
ذلك ،لم يكن ذلك يعني أن صدام كان يأخذ أحد الجانبين الشرقي أو الغربي .وقد أفاد صدام بأنه في الوقت الذي
كان ينظر فيه إلى األساليب التي يعيش بها اآلخرون إال أننا «ال ننسى أننا عرب وعراقيون وأن للعراقيين
أسلوبهم الخاص بهم الذي يربط بينهم وبين العرب اآلخرين» .وأضاف صدام« :بالنظر إلى سعينا نحو التطور،
فإننا حاولنا ذلك في كافة المجاالت بما في ذلك المجاالت السياسية واالقتصادية والتقنية والصناعية».
وفي ما يتعلق باستيالء حزب البعث على السلطة أفاد صدام بأنهم حصلوا على المساعدة من أفراد الجيش الذين
كانوا أعضاء في الحزب .كما أفاد أيضا بأن العقيد إبراهيم عبد الرحمن داود والعقيد عبد الرزاق نايف اللذين لم
يكونا عضوين في حزب البعث ،لم يلعبا دورا هاما في السماح باالستيالء على السلطة دون مقاومة أو إراقة
دماء .وأفاد صدام بأن قرار عدم إراقة الدماء تم بناء على طلبه ،حيث كان يعتقد أنه «علينا أن ننسى الماضي
وأال نريق المزيد من الدماء» .وقد قال إن هذا الموضوع قد تمت مناقشته في اجتماع داخل منزل وزير الصحة
الدكتور مصطفى .وقد اختلف القليل من األعضاء مع صدام ال سيما أعضاء حزب البعث الذين تم تعذيبهم من
قبل النظام السابق وكانوا يرغبون في الثأر .وقد ثار حوار قال فيه صدام إنه قد تم تعذيبه هو أيضا .وفي نهاية
األمر ،تم التوصل إلى اتفاق على أنه لن تكون هناك إراقة للدماء .وكدليل على احترام ذلك القرار ،أشار صدام
إلى أن البعثيين لم يؤذوا الرئيس عبد الرحمن عارف ولكنهم نفوه فقط .وباإلضافة إلى ذلك ،قال إن حزبه اتخاذ
قرارا بإطالق سراح المعتقلين من جميع األحزاب بمن فيهم القوميون والشيوعيون .وفيما يتعلق بالعقيد داود
ـ كذلك ،واالكتفاء بمجرد نفيهم .وعندما تم سؤاله عن دور والعقيد نايف ،فقد أشار صدام إلى اختيار عدم إيذائهم
العقيد داود في الجيش ،قال صدام إن أبو هيثم (أحمد حسن البكر) هو الذي كان له صوت أقوى من داود الذي
لم يكون له صوت حقيقي .وقال صدام إن قوات الحماية الرئاسية وهي الحرس الجمهوري كانت تتكون من
ـ أو االشتباك مع
ثالث فرق :المدرعة والمشاة والقوات الخاصة .وكانت مسؤولية العقيد داود عدم االصطدام
الفرقة المدرعة .وكان ذلك هو دوره فقط .وقال صدام« :كنا نسيطر على الفرقة المدرعة وقد قمت بقيادة دبابة
وأطلقت النار على القصر الرئاسي .ومن الناحية العملية ،فقد كان يمكننا القيام بذلك دون كل من داود ونايف».
وأضاف صدام« :وصلتنا أخبار بعد الظهر قبل الهجوم بأن نايف كان يرغب في االنضمام إلى الثورة .ويبدو أن
داود أخبره عن خططنا على الرغم من أننا طلبنا من داود الحفاظ على سرية خططنا .وفي أولى مراحل الثورة،
اكتشفنا أن نايف وداود كانا يخططان فيما بينهما وأنهما كانا على اتصال بمسؤولين آخرين خارج خط اتصالنا.
ولذا ،فقد عزلناهما يوم 31يوليو (تموز) .وقد كنت أنا من تولى هذه العملية».
وحسبما يقول صدام ،فقد تم إرسال داود إلى األردن في مهمة عسكرية .وأضاف صدام بقوله« :كان من الممكن
أن نقتله في أي وقت .وذهبت إلى نايف بمسدس ،ولم يكن لدي سالح آلي .وبمسدس واحد أخذت كل األسلحة
19
التي كانت مع نايف وحراسه» .وقد كان داود يقوم بعمل عسكري في األردن ،فأرسل صدام أعضاء في حزب
البعث للقبض عليه وإحضاره إلى بغداد ،ويقول صدام إن داود ونايف «كانا مثل السكين في ظهرنا».
وعلى خالف ما كان شائعا بخصوص القبض على نايف ،أفاد صدام بأنه لم تتم دعوة نايف إلى الغداء في القصر
الرئاسي الخاص بالرئيس .وأفاد صدام بقوله« :كنا نتناول الغداء في القصر الرئاسي كل يوم أثناء الثالثة عشر
يوما األولى بعد الثورة ألنه كان علينا أن نقوم باتخاذ القرارات .وقد كنا دائما موجودين في القصر مثلما كانت
الحال مع الرئيس البكر .وكان آخرون يحضرون عندما يتم إعداد الوجبات .وعندما وصل نايف ،قمت بسحب
مسدس وصوبته عليه .وصوب هو مسدسه كذلك .وكان األمر أشبه بما يحدث في األفالم .وقد وضعت أخي
غير الشقيق برزان إبراهيم حسن في الغرفة لحراسة نايف .وعندما قبضت على نايف ،قال «إن لدي أربعة
أطفال .فقلت له إنني سوف أهتم بأمر أطفالك .وطلبت منه أن يجلس ،وسألته إن كان يرغب في أن يعمل
كسفير» .وفي أول األمر قال نايف إنه يرغب في أن يذهب إلى لبنان .وألن حسين كان يعتبر لبنان مكانا يتم فيه
إعداد المؤامرات ،فإنه طلب من نايف أن يختار مكانا آخر .فطلب نايف أن يذهب إلى الجزائر ،لكن صدام رفض
طلبه ألن الجزائر كانت لديها ثورة أيضا .فطلب نايف أن يذهب إلى المغرب ،فوافق صدام .وأخذ صدام نايف
إلى المطار في سيارة وجلس إلى جواره .وكان هناك أعضاء آخرون في حزب البعث داخل السيارة .وقال صدام
لنايف« :عندما أعد بشيء فإنني أوفي به .وقد وعدنا بأال يحدث شيء للرئيس عارف ولم يحدث شيء.
فالرفاق يعلمون أنني وفيّ بكلمتي» .وأضاف صدام أنه «سوف يكون في مكان آمن لن يؤذيه فيه أحد ،ولكن
عليه أن يبدي الطاعة».
كان صدام يضحك وهو يسرد قصة نايف وكان يرغب في إخبار المحقق بالمزيد من التفاصيل .وتذكر أنه أخبر
نايف بقوله« :عندما يحييك الحراس فعليك أن تحييهم أيضا .وإذا حاولت أن تفكر في القيام بأي شيء ،فتذكر
أنني إلى جانبك .وعندما تذهب كسفير ،فعليك أن تتصرف كسفير .وسوف نراقبك ونرى إن كنت تقوم بالتخطيط
لشيء أم ال» .وتذكر صدام أنه في الوقت الذي كان يغادر فيه نايف ،فشلوا (أعضاء حزب البعث الجديد) في
طلب تصريح من المسؤولين في المغرب بأن يكون نايف سفيرا هناك .وفي هذا الوقت ،كان صدام وطالب
الثورة من الشباب ال يعرفون شيئا عن مثل هذه األشياء .ومع صعود نايف إلى الطائرة التي تقله إلى المغرب
في معسكر الرشيد (المطار العسكري) أرجع صدام مسدس نايف إليه .وكان صدام يصف المشهد وكأنه «فيلم
سينمائي تماما».
وقد تم توجيه سؤال إلى صدام مفاده أنه إذا كان نايف يمثل تهديدا محتمال لحزب البعث ،فلماذا تم تعيينه سفيرا.
فكرر صدام قوله إنه لم يكن يريد المزيد من إراقة الدماء .وقال إنه أثناء انقالب عام 1959تم ربط أعضاء
حزب البعث إلى سيارات وتم سحبهم في الشوارع حتى الموت .كما تم إعدام العذارى على أعمدة اإلضاءة.
وكان القتل يحدث في الشوارع .وعندما استولى حزب البعث على السلطة عام ،1963كان يتم إعدام
األشخاص بسبب الرغبة في الثأر .وكان صدام يكرر القول بأن رأيه في ذلك الوقت هو أنهم في حاجة إلى
نسيان الماضي وعدم األخذ بالثأر .وقال صدام« :كجزء من هذا التفكير ،بدأنا بالقبض على داود ونايف واستمر
ذلك .وكان داود يرغب في أن يكون سفيرا في المملكة العربية السعودية ،فأرسلناه إلى هناك».
وفي بداية الستينات ،كان هناك الكثير من العنف تجاه البعثيين من قبل الشيوعيين .واستمر صدام في قوله إنه
عندما سيطر البعثيون على مقاليد األمور لم يأخذوا بثأرهم من الشيوعيين أو غيرهم ،أو على األقل لم يفعلوا
مثلما فعل بهم .وقال إنهم أخذوا الشيوعيين إلى المحاكم وأنه تم إعدام البعض (كانوا خمسة أو ستة أعضاء من
الشيوعيين) .وقال صدام إنهم أطلقوا سراح الشيوعيين والناصريين واألكراد وأعضاء جماعة اإلخوان
المسلمين الذين تم اعتقالهم من قبل! وقال صدام إنه تم قتل نايف أمام باب منزله في لندن ،وبعد ذلك تم إبعاد
13دبلوماسيا عراقيا خارج البالد .وعندما قيل لصدام إن بعض األفراد يعتقدون أنه تم قتل نايف من قبل قوات
األمن العراقية ،قال «إن اهلل قتل نايف .فقد بدأ نايف في العمل ضد البالد .لقد ذهب إلى إيران وقابل بارزاني في
شمال العراق ،وحسب المعلومات التي توافرت لدينا ،فقد قابل موشى ديان( ،وزير الدفاع اإلسرائيلي) .وقد كان
20
ينظر إلى مثل هذه التصرفات على أنها تصرفات مشينة .وبالنسبة لمن قتله ،فإن ذلك أمر آخر .فاهلل وحده هو
الذي يعلم» .وعندما تم توجيه سؤال إلى صدام عما إذا كان يعلم من قتل نايف ،قال «لقد قلت لك إن اهلل وحده
هو الذي يعلم» .وعندما تم الضغط عليه أكثر ليجيب عن هذا السؤال ،قال «لقد قلت لك بصورة واضحة تماما».
وقال صدام فيما يتعلق بمصير داود «ربما يكون ما زال حيا ،لكنه لم يكن خائنا .فلم يتم تسجيل شيء ضده».
وعندما سئل صدام عن تصرف الحكومة العراقية فيما يتعلق بنايف ،قال صدام «لست متأكدا لكنني أعتقد أننا
حذرناه .ال أتذكر» .وبعد ذلك سئل صدام عما إذا كان قد ألقي القبض على نايف وسجنه ومعاقبته بدال من نفيه،
وأن بعض األشخاص يعتقدون أنه كانت هناك أوامر بقتله .فأجاب صدام على ذلك بقوله« :ما يعتقده الناس
شيء آخر ،لكنني أعطيتك إجابتي».
أفاد صدام أنه بعد الثورة ،تم التخلص من شخصيات هامة أخرى مثل صالح مهدي عماش وحردان التكريتي.
وعندما سئل إذا ما كان التخلص منهم بسبب أنه كان ينظر إليهم على أنهم تهديد لحزب البعث ،أجاب صدام
بقوله إنه عندما نقارن بين االنقالب الذي حدث في العراق وغيره من االنقالبات التي تحدث في بقية أنحاء
العالم ،فإننا سوف نجد أن عدد المسؤولين الذين تم التخلص منهم قليل جدا .وأفاد صدام بأنه على الرغم من
أنه يمكن أن تتبدل المواقف ،فإن العالقات ال تتبدل .ومثال على ذلك ،فإن ابنة عماش أصبحت عضوا في
القيادة .وكان أخوه غير الشقيق برزان ثوريا وكان في الدبابة نفسها التي قادها صدام وأطلقت النار على
البوابة الرئيسية للقصر الجمهوري يوم 17يوليو (تموز) .وقد تقلد عدة مناصب ولكنه لم يترق بعد ذلك .وقد
أشار صدام إلى أن بعض الثوريين قد «فقدوا البنزين» في الوقت الذي استطاع فيه القليل منهم العمل لفترة
أطول .وسئل صدام عن عزت إبراهيم الدوري وطارق عزيز .ووصف صدام عزيز بأنه رفيق قديم ،وأنه ينظر
إليه باحترام كبير في الحزب ،لكنه لم يكن أحد الثوار .وقال صدام «إنني أتحدث عن سبعين شخصا ذهبوا إلى
القصر الرئاسي» .ووصف صدام عزت إبراهيم الدوري وطه ياسين رمضان بأنهما كانا منخرطين في الثورة
منذ البداية حتى اآلن .وقال إنهما تصارعا فيما بينهما لكنهما ما زاال في القيادة إلى اليوم الحالي.
ثم تحدث صدام عن موضوع سعدون شاكر الذي يعتقد بأنه صديق العمر بالنسبة إليه .وقد ساعد شاكر صدام
على الهرب من السجن .وقال صدام «كان شاكر ينتظرني في السيارة عندما هربنا .في الواقع ،فإننا لم نهرب.
لقد كان لدينا اتفاق مع حراس آخرين» .وأضاف صدام «كان شاكر هو الذي يقود السيارة .إنه عزيز جدا إلى
قلبي .وعندما لم يكن لديه ما يقدمه استمرت عالقتنا واستمر حبنا .ولكن األشخاص الجيدين يذهبون في الوقت
المحتوم».
وعندما سئل عن تعليقه فيما يتصل بأن بعض الثوريين قد فقدوا البنزين في الوقت الذي استطاع فيه القليل
منهم العمل لفترة أطول ،أجاب صدام بأنه كان هناك نحو 6أو 7أفراد على هذا النحو .وعندما أشير إلى أن
البعض قد يعتبر أن صدام «قد فقد البنزين» ضحك وقال «إنني ال أنزعج من األسئلة التي تتناول الحقيقة .فأوال
أنا لم أكن في الحكومة منذ البداية .فإذا كنت تتحدث عني كرئيس ،فال أحد كان يقول إنني قد فقدت البنزين .لقد
بدأت عام .1979وقبل ذلك ،كان هناك شخص فوقي .والشخصان داخل القيادة اللذان كان يمكنهما أن يقوال
لصدام إن الحزب لم يعد يستفيد منه ،كانا حردان التكريتي وصالح عماش .وفيما يتعلق بالوقت الذي كان فيه
صدام يقود الدبابة التي أطلقت النار على القصر ،وقيادته لمجلس قيادة الثورة ،سئل صدام عن أن «خدمتك
كانت إحدى أطول الخدمات ،فهل هذا صدفة؟» فأجاب صدام «ربما يمكنهم قول ذلك .لكن هذا الموضوع أعمق
من التفاصيل التي تقدمها .فالقائد ال يصنعه أحد مصانع أوروبا .لكن القيادة تتطور بالتدريج .وكان ذلك هو ما
يحدث خلف الستار» .وكان رأي صدام في ذلك الوقت هو أنه يجب أن يكون البكر هو الرئيس .وأفاد صدام بأنه
تم انتخابه كنائب لرئيس الحزب قبل الثورة .وقال صدام «إنني ال أحب الحكومة ولكني أحب أن أكون في
الحزب .الحظ خطاباتي .فأنا ال أقول الحكومة على اإلطالق ولكن أقول الحزب».
وقال صدام إنه يعتبر نفسه رجال ثوريا وليس سياسيا .ففي عامي 1968و 1974طلب من الحزب السماح له
بالتخلي عن منصبه الرسمي .لكن الحزب رفض طلبه .وسئل صدام عن مقتل حردان التكريتي في الكويت وأن
21
الناس تلقي بالالئمة على قوات األمن العراقية في ذلك .فقال صدام إنه لم يتم إرسال حردان إلى الكويت وأنه
كان يعتقد أنه تم تعيين حردان كسفير في مكان آخر ربما يكون إسبانيا .وعلى أية حال ،فقد أنكر صدام معرفة
السبب وراء مقتل حردان ولم يقر بأن قوات األمن هي التي قتلته .وسئل صدام عن القادة العراقيين الذين قتلوا
في أماكن أخرى من العالم .وسأله المحقق عما إذا كان هؤالء القادة يشكلون تهديدا أم أن ذلك القتل لم يكن
مبررا ،وما إذا كان وراءه سبب ما ،أم أنه يجد األمر غريبا؟ فأجاب صدام بقوله «يجب توجيه السؤال إلى
الكويتيين».
* صدام :البكر حكم حتى عام 1979لكنه لم يسمَّ ديكتاتورا وعندما حكمت أنا سميت ديكتاتورا
* قال إن غالبية أعضاء البعث عام 1963كانوا من الشيعة ..وأمينه العام في 1964كان كرديا
* في بداية التحقيق أحيط صدام حسين علما بأن جلسة اليوم ستكون استمرارا لمناقشات أمس بشأن السنوات
التي أعقبت ثورة ،1968واألعضاء البارزين في حزب البعث.
ذكر المحقق لصدام أنه أدرك أن محاولة االنقالب التي وقعت عام 1973نفذها ناظم كزار مساعد صدام ،مدير
األمن العام لحزب البعث ،وهو شيعي من مدينة العمارة .وقال صدام في ذلك الوقت إنه لم يكن هناك تمييز بين
سني وشيعي أو مسيحي داخل الحزب .وأشار ،كمثال على ذلك ،أنه لم يكن يعلم حتى وقت قريب أن أحد قادة
البعث ،وهو طارق عزيز ،كان مسيحيا ،فقد كان الحزب ناجحا ألنه ارتبط بالشعب ،ومن ثم لم تكن هناك تفرقة
بين أفراده على أساس الدين أو العرق.
وأشار صدام إلى أن قادة الحزب من السُنة في الفترة بين عامي 1958و 1963كانوا قليلين جدا ،وأن األمين
العام للحزب كان شيعيا من مدينة الناصرية .وزعم صدام أنه عندما حاول اغتيال الرئيس عبد الكريم قاسم عام
1959لم يكن يعلم أي شيء عن السنة أو الشيعة ،وأن غالبية أعضاء الحزب عام ،1963باستثناء فردين أو
ثالثة ،كانوا من الشيعة .في أعقاب الثورة بدأ الناس في التساؤل ،أي األعضاء سني وأيهم شيعي .حينئذ كان
من الصعب التمييز بينهم ألنهم كانوا ممتزجين معا ،بيد أنه بحلول عام 1968كان كل أعضاء الحزب تقريبا
من السنة ،ألن الحزب كان يعمل قبل ذلك بصورة سرية ،وأن القليلين منهم كانوا يعرفون أو يهتمون بشأن
ديانة اآلخر ،بيد أنه في أعقاب الثورة بدأ الناس في الحكومة يتحدثون بصورة أكبر عن ذلك األمر ،وأبدى
الكثيرون منهم اهتمامهم بضرورة أن تكون الترقيات أو التجريد من المناصب بناء على الطائفة وانتماء الفرد
الديني .وقال صدام «قد يثير دهشتك أن تعرف أن األمين العام للحزب عام 1964كان كرديا».
وعندما سئل صدام حسين عن فكرة أن ناظم كزار كان الذراع اليمنى له في ذلك الوقت وفجأة اعتبر بمثابة
تهديد لالستيالء على السلطة من الرئيس البكر ،فند صدام هذا التشخيص بالقول إنه لم يكن رجله في الحكومة،
وأن كل فرد كان يضطلع بواجبات ومسؤوليات .وأضاف أنه على الرغم من أن كزار لم يكن ثوريا أو من بين
السبعين الذين استولوا على القصر الرئاسي فإنه كان عضوا جيدا في الحزب وكان قاسيا عندما كان في
السجن.
ـ واعتنقوالم يكن كزار مقتنعا بأن الجيش سيكون مفيدا لحزب البعث ،وقد تأثر بأفكار األعضاء الذين انشقوا
الفلسفة االشتراكية الشيوعية ،واعتبر كزار أفراد القوات المسلحة من الحزب طرازا قديما وعبئا ،لكنه ـ على
الرغم من وجهة نظره تلك ـ قرر االستمرار تحت لواء الحزب ،وال توجد لدى صدام معلومات حول ما إذا كان
22
كزار قد التقى أحدا من المسؤولين في إيران .وروى أنه بعد فشل انقالب كزار هرب إلى إيران لكنه اعتقل قبل
الوصول إلى الحدود .وأشار صدام إلى أنه ال يرغب في اإلساءة إليه ،وأنه عندما ألقى كزار القبض على حماد
شهاب وزير الدفاع ،وسعدون غيدان وزير الداخلية بسهولة لم يتطلب األمر إعداد خطة كبيرة .وخالل المناقشة
بشأن كزار ،خرج صدام عن الموضوع ووصف تلك الفترة بأنها األفضل في تاريخ العراق فقال« :أممنا النفط
وسوينا النزاعات النفطية مع شركات النفط ،واستثمرنا أمواال في مدينة الثورة ،التي سميت فيما بعد باسم
مدينة صدام» .وبحسب ما ذكره صدام فإن سيكولوجية حزب البعث حينئذ كانت تتجه نحو تجنيد الشباب في
بداية مراحلهم الدراسية في التعليم األساسي والثانوي ،ونادرا ما كان يعمد الحزب إلى تجنيد الشباب في
المرحلة الجامعية .وكانت فلسفتهم تتلخص في أنهم يرغبون في الحصول على عنصر يستطيعون تشكيله لكي
ينمو داخل الحزب .وخالل فترة الخمسينات والستينات قبل الحزب بصورة أولية الشباب وبعض كبار السن،
وأوكلت إلى بعض أعضاء الحزب مهمة التيقن من والء بعض الضباط الجدد لحزب البعث.
ذكر المحقق لصدام أن كثيرا من األشخاص يعتقدون أن خطة كزار لقتل الرئيس البكر فشلت بعد أن علم كزار أن
طائرة الرئيس تأخرت ،ومن ثم افترض ،خطأ ،أن مؤامرته انكشفت .وأكمل المحقق كالمه بالقول إن كزار
اختطف بعد ذلك الوزيرين شهاب وغيدان كرهائن وفر إلى الحدود اإليرانية حيث أسر من قبل صدام .ورد صدام
بالقول« :معلوماتك ليست دقيقة ،فبحسب معلوماتي لم تتأخر طائرة الرئيس البكر ،وكان حراسه ينتظرون
وصوله» .كان صدام بانتظار البكر في المطار ،وبعد وصوله اصطحبه إلى القصر الرئاسي حيث شربا الشاي
معا ،ثم استأذن صدام لكي يتمكن البكر من زيارة أسرته ،ثم تجول صدام مع فريقه المعاون له في بغداد ،وخالل
جولتهم سمعوا إعالنا على السلكي الشرطة بأن انقالبا نفذه الوزيران شهاب وغيدان.
ونظرا لخطورة األمر أنزل صدام قائد سيارته وقاد هو السيارة بنفسه إلى محل إقامته ،الذي يقع بالقرب من
القصر الرئاسي .بالقرب من بوابة مقر إقامته اتصل صدام بالبكر ـ هاتفيا ـ الذي طلب معرفة مكان صدام ألن
لديه أمرا هاما يريد أن يخبره به ،وأجابه صدام بأنه قريب منه ،وأنه سمع األخبار .وأخبر البكر صدام أن
الوزيرين شهاب وغيدان حاوال القيام بانقالب قائال إنه حاول االتصال بالوزير شهاب لكنه لم يتلق إجابة .وقال
صدام للبكر إن لديه حدسا بأن كزار هو من قام بذلك ،ال الوزيران ،وطلب صدام من البكر أن يستدعي الفرقة
العسكرية ،وأن يستعد للسعي وراء كزار «لإلمساك به قبل عبوره إلى الحدود اإليرانية».
كانت توجد بالقرب من الحدود العراقية اإليرانية بعض القبائل ،حيث اعتاد صدام وسعدون شاكر القيام برحالت
صيد هناك ،وبعد الثورة قام صدام بمنح تلك القبائل عددا من البنادق ،وتم بث بيان في الراديو العتقال كزار
وإعالم أقرب وحدة بعثية .ورأى أفراد من إحدى تلك القبائل ،ممن علموا بالنبأ عن طريق الراديو ،سيارة كزار
ـ بها ثم اعتقلوه ،وأرسلت مروحية عمليات خاصة للقبض على كزار والعودة به إلى بغداد. وأحاطوا
بعد أن اتضحت الصورة للبكر أجهش بالبكاء وجمع متعلقاته وغادر قصره إلى محل إقامة صدام .وبحسب ما
ذكره صدام قال البكر إنه ال يرغب في أن يكون رئيسا ،وطلب من صدام أن يكون في الحكومة حتى يتمكن من
الخروج ،وزعم صدام أنه ألقى بيانا مشابها لذلك الذي صرح به البكر يعرب فيه عن رغبته في ترك الحكومة.
في أعقاب ذلك طالب صدام العاملين بعدم إزعاج البكر ،وأن يتركوه يقيم في منزله ،ثم بدأ صدام بعد ذلك
بالقبض على المتآمرين المزعومين في هذا االنقالب ،واتصل بالبكر ليعمله بأن بعض المتآمرين كانوا من
قيادات حزب البعث ،ثم بدأ صدام في تنظيم لقاء بينه وبين البكر وقيادات حزب البعث المركزية والقطرية.
وسئل صدام حول كيفية علمه بأن كزار سيهرب إلى إيران ،رد بأنه عندما بُث اإلعالن في الراديو للبحث عن
كزار بدأ األهالي في اإلبالغ عن رؤيته ،وتدريجيا كانت تلك االتصاالت المتتالية هي ما أدت إلى االعتقاد بأن
وجهته إيران .وعندما سئل صدام عما إذا كان كزار قد طلب لقاء الرئيس البكر ،وأن األخير رفض ،قال صدام
23
«من الواضح أن سيارة كزار تعطلت في الوحل وعندما طلب مساعدة الفالحين المحليين طلبوا المساعدة ،في
ذلك الوقت أطلق كزار النار على شهاب وغيدان ،ونجا شهاب الذي تظاهر بالموت».
كما سئل صدام عما إذا كان كزار قد اتصل بالرئيس البكر للتفاوض على إطالق سراح الرهائن واختياره منزل
عبد الخالق السامرائي كمكان للقاء .أنكر صدام ذلك قائال «كان هناك بيان على موجة الطوارئ الالسلكية
بوجود محاولة انقالبية وضرورة اجتماع كل قادة الحزب في منزل عبد الخالق السامرائي» .لم يعلم صدام السر
وراء اختيار ذلك المنزل تحديدا في تلك الفترة ،ولكن ثارت لديه شكوك بأنه تمت دعوة أعضاء الحزب إلى مكان
واحد ليتم القبض عليهم .وعندما سئل عما إذا كان السامرائي مشتركا في االنقالب نظرا الختيار منزله كمكان
لالجتماع رد صدام بأن «لجنة كان تبحث في ذلك» ،وال يتذكر صدام الشخص الذي ترأس اللجنة التي ضمت بين
أفرادها عزة إبراهيم الدوري قائال «أنا ال أريد ارتكاب أي أخطاء في التفاصيل بشأن شيء لست متأكدا منه مائة
في المائة».
أقر صدام بأن السامرائي كان عضوا في الحزب منذ عام .1968وعندما سئل عما إذا كان السامرائي قد تحدث
بصورة علنية حول بعض القضايا ،قال صدام «تحدث البعثيون بحرية» ،وأضاف إنه «ال يزال هناك بعض أفراد
حزب البعث على قيد الحياة ،وأن المحققين تحدثوا معهم» .وعندما سئل صدام عما إذا كان مندهشا من
االدعاءات في حق السامرائي أجاب «عندما نوكل إلى فرد ما في الحزب مهمة القيام بشيء ما فنحن نثق فيه،
وتلك األمور وأخرى غيرها تحدث في الثورات» .وقال صدام «سواء كنت الشخص األول أم الثاني فقد كانت كل
التساؤالت تعود إلي ،وأنا ال أخشى من تحمل المسؤولية أمام القانون أو الناس .يجب أال تضعوا اللوم على
القيادة وحسب ،ولكن على األشخاص الذين تآمروا مثل السامرائي» ،وأضاف صدام «أود منكم أن تتفهموا
الموقف بوضوح ،فقد تحدثنا أمس عن حقيقة أن نايف وحردان قتال في الخارج ولم يقتل إبراهيم داوود ،وإذا ما
كانت الحكومة العراقية متهمة بقتلهم ،فلماذا لم تقتل داوود؟» وأشار بالقول «على ما أذكر ،حكم البكر حتى عام
1979لكنه لم يسمَّ ديكتاتورا ،لكني بعد أن حكمت سميت ديكتاتورا» .ثم تساءل صدام «من الذي قتل أو اغتيل
داخل أو خارج العراق بعد عام 1979؟ ومن أُعدم من الوزراء أو خارج القيادة بعد عام 1979؟».
في أعقاب تلك األسئلة قال المحقق إن هذه األسئلة ال إجابة لها ،وأنها بحاجة إلى توضيح من أجل التاريخ ،فقال
صدام« :لن يكفي أن تسألني ،يجب أن تسأل القيادة ،وأنصحك بأن تسأل اآلخرين» ،حيث أعرب أنه ال يخشى
من اإلجابة عن األسئلة .وقال المحقق لصدام إنه يجيب عن األسئلة للسبب نفسه الذي سئلت من أجله ،وهو من
أجل التاريخ .ورد صدام «في بعض األحيان تراني غاضبا ألن هناك بعض األمور الغامضة .لقد مررنا خالل تلك
الفترة بأوقات طيبة وأوقات أخرى مريرة ،ثم ضحك ،وقال إن السامرائي كان يؤدي واجبه ،وكنا نمزح معه،
وقد ارتكب أخطاء ثم مضينا .وأتمنى أن تكون عادال في كتابتك للتاريخ» .قال المحقق لصدام حسين «ربما
لحسن الحظ ،أو لسوء الحظ ،سيكون لي تأثير رئيس على تاريخك» .وافق صدام على ما ذكره المحقق وقال
«ال يستطيع أحد أن يقول إنني لست متحيزا ،فالناس يعتقدون فيما يرغبون ،ولكل فرد قناعته الخاصة ،فالناس
ليسوا أجهزة حاسبات ،فكلنا لحم ودم».
* صدام :تولي القيادة من أصعب المهام في الحياة ..وال أريد مقارنتي بعبد الناصر أو العراق بمصر
* نفى علمه بمن قتل عبد الكريم الشيخلي ..وقال إن سعدون شاكر كان أقرب الناس إليه بعد 1968
* قبل بدء المقابلة ،تم إخطار صدام بأن هذه الجلسة ستمثل استمرارا للجلستين السابقتين .ومن بين
الموضوعات التي من المقرر تناولها قضية سعدون شاكر .اعترف صدام بأن شاكر يعد مثاال على عضو في
حزب «البعث» «وزع قدراته» .ومع ذلك ،أضاف أنه ظل على اتصال به بعد خروجه من الخدمة .التقى صدام
24
شاكر للمرة األولى في سجن التاجي ،بالقرب من بغداد .كان حكم قد صدر بالسجن ضد كل من صدام وشاكر في
أعقاب التغيير الحكومي أواخر عام ،1963عندما أطاح انقالب عسكري بقيادة عبد السالم عارف بالحكومة
التي شكلها حزب «البعث» .خالل عامي 1965و ،1966تم نقل صدام وشاكر إلى سجن آخر بالقرب من
بغداد .وبعد فترة ،أطلق سراح شاكر ،لكنه حرص على زيارة صدام في السجن باستمرار .خالل تلك الفترة
استمرت وتوطدت عرى الصداقة بينهما .في نهاية األمر ،تمكن صدام وعبد الكريم الشيخلي من الفرار من
السجن بمساعدة شاكر ،الذي تولى قيادة السيارة التي استخدماها في الهرب .بعد الفرار من السجن ،كان شاكر
ال يزال عضوا في حزب «البعث» ،وعمل في إطار هذا الدور .خالل تلك الفترة ،استمر صدام في عالقته الودية
مع شاكر .ووصف صدام شاكر بأنه شخص جدير بالثقة تماما ،مضيفا أنه اعتبره صديقا له وألبنائه .جدير
بالذكر أن شاكر أحد «الثوريين» األصليين السبعين الذين ظهروا عام .1968
عند سؤاله عن المناصب التي تقلدها شاكر داخل الحزب ،أجاب صدام بأنه ،مثلما الحال مع أي قائد آخر ،كان
شاكر يقبل بأي مهمة توكل إليه .وعجز صدام عن تذكر أي من هذه األدوار ،معلنا أن هذا األمر ال أهمية له.
وأضاف أن شاكر كان صديقه ،وهذا هو المهم في األمر .واقترح صدام ضرورة أن يسأل المحقق شاكر للتأكد
من صحة هذه المعلومات.
فيما يتعلق بما إذا كان شاكر تولى منصب مدير جهاز االستخبارات العراقي ،أجاب صدام بأنه من المعروف أنه
تقلد هذا المنصب .وأعرب المحقق عن اعتقاده بأنه من الضروري تحلي أي شخص يتولى مسؤولية هيئة مثل
االستخبارات بمؤهالت وقدرات معينة قبل تقليده مثل هذا المنصب .ورد صدام على ذلك بالقول «كنا جميعا
شبابا ثوريين» .وعليه ،افتقروا إلى الخبرة الالزمة واكتسبوها «أثناء العمل» .واستطرد صدام بأنه فيما يخص
األمور اإلدارية ،فإنهم تعلموا تناولها من داخل الحزب .وأكد صدام أن تولي القيادة من أصعب المهام في
الحياة .وأعرب عن وجهة نظره بأن أي شخص باستطاعته قيادة أعضاء الحزب والجماهير سيتميز بالكفاءة
في المنصب المخول إليه .وأضاف أن أعضاء الحزب خاضوا «محاوالت» ،بعضها نجح واآلخر فشل .وقد
استمر أعضاء الحزب في مناصبهم حتى اللحظة التي فاقت فيها مسؤوليات مناصبهم قدراتهم الفردية .عند هذه
النقطة كان يتم استبدالهم .بالنسبة ألعضاء الحزب ذوي الخلفيات العسكرية ،نوه صدام بأن تلك الخبرة
العسكرية كانت محدودة ولم تترجم بالضرورة إلى عنصر مفيد في إدارة الشؤون الحكومية .إلى جانب ذلك،
اعترف صدام بأن شاكر عمل مديرا لالستخبارات العراقية في مرحلة مهمة من عمر الثورة .إال أنه استطرد
مشددا على أن تاريخ الثورة بأكمله مهم .وقال إن شاكر ربما عمل في أكثر الفترات الحرجة .وأضاف «تزداد
المصاعب مع ازدياد حجم المنصب» .بعد ذلك ،تحولت المقابلة إلى الحديث عن عبد الكريم الشيخلي .في هذا
الصدد ،اعترف صدام بأن الشيخلي كان رفيقا ثوريا وصديقا .وشارك الشيخلي وصدام في محاولة اغتيال ضد
الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم عام .1959في أعقاب ذلك ،فر كالهما من العراق إلى العاصمة السورية،
دمشق .وهناك ،تعمقت صداقتهما .وحتى بعد الرحيل عن سورية ،استمرت صداقتهما بعد انتقالهما معا إلى
القاهرة .في أعقاب الثورة البعثية األولى عام ،1963عاد صدام والشيخلي معا إلى العراق .ولدى عودتهما،
عمل صدام مع المزارعين ،بينما عمل الشيخلي في التحقيقات في «قصر النهاية» .والحقا ،تم تعيين الشيخلي
ملحقا عسكريا في السفارة العراقية بلبنان .لدى اإلطاحة بالحكومة البعثية على يد عارف في أواخر عام
،1963عمد صدام والشيخلي إلى «التخفي» .وبقيا «متخفيين» حتى اندالع ثورة يوليو (تموز) 1968في
العراق واستعادة حزب «البعث» السلطة .بعد ذلك ،عمل صدام والشيخلي في قيادة الحزب معا حتى عام
.1971وعلق صدام بأن الشيخلي تمتع بعقلية رائعة ،لكنه عجز عن التركيز على المنصب الذي يتواله .وطبقا
لما قاله صدام ،فإن الشيخلي أبدى ميال لـ«التمتع بحياته والترفيه عن نفسه» .وقد أطلع صدام الشيخلي على
وجهة نظر الحزب تجاهه .وفي وقت الحق ،صوتت غالبية أعضاء قيادة الحزب لصالح عزل الشيخلي عن
منصبه .وعام ،1980قتل الشيخلي في بغداد .من جهته ،أوضح المحقق أن صدام أغفل بعض تفاصيل عالقته
بالشيخلي ،بما في ذلك مسألة أن كليهما تعرض للسجن خالل الفترة ذاتها في أعقاب اإلطاحة بحكومة حزب
«البعث» عام ،1963مما خلق صداقة بينهما .ونوه المحقق أيضا بأن الشيخلي أنقذ حياة صدام في إحدى
25
المرات ،حسبما يسود االعتقاد .أجاب صدام متسائال «بأية صورة؟» وعليه ،شرع المحقق في سرد تفاصيل
حادثة وقعت خالل سنوات «التخفي» ألعضاء حزب «البعث» بين عامي 1963و .1968وطبقا لما قاله
المحقق ،فإن صدام كان ذات يوم في شقة الشيخلي في وقت متأخر من الليل .ثم قرر مغادرة الشقة والمبيت في
موقع يستخدم في تخزين أسلحة الحزب .إال أن الشيخلي نجح في إقناعه بالبقاء مكانه .وفي وقت الحق من
الليلة ذاتها ،أغارت قوات الشرطة على مخزن األسلحة .ويعتقد البعض أن صدام ربما كان سيلقى حتفه حال
وجوده بالمكان ،أو على األقل ،يتم إلقاء القبض عليه .من ناحيته ،اعترف صدام بصحة هذه القصة ودور
الشيخلي فيها .إال أنه أكد أن الشرطة لم يكن بمقدورها قتله أو إلقاء القبض عليه .في صباح اليوم التالي،
توجه صدام في سيارة يقودها الشيخلي إلى موقع تخزين األسلحة .ولدى وصوله ،صوب ضابط شرطة سالحه
إلى صدام أثناء ضغطه على جرس باب المنزل ،في الوقت الذي فر فيه الشيخلي بالسيارة .وأوضح صدام أنه
رغم شجاعة الشيخلي ،فإن الناس يميلون إلصدار ردود أفعال متباينة في المواقف المختلفة .آنذاك ،لم يكن
صدام معروفا على مستوى واسع ،ولم يكن بمقدور معظم الناس التعرف عليه .وعليه ،لم يتعرف ضابط
الشرطة على هويته الحقيقية .وتظاهر صدام بجهله بحقيقة المكان ،وسأل ما إذا كان هذا «منزل محمد» .ولم
يساور صدام الخوف من التعرض للقتل أو إطالق النار عليه ،ألن الشرطة العراقية ال تقدم بسهولة على قتل
األفراد ،إال إذا تعرضت أرواح أبنائها للخطر .عالوة على ذلك ،فإن العراقيين بوجه عام «يعلمون بعضهم
البعض» ،وهناك قدر كبير من النفوذ القبلي ،بمعنى أنه حتى إذا أجاز القانون مثل هذا التصرف ،ستسعى القبائل
للثأر .ومضى صدام في سرد قصته قائال إنه باغت رجل الشرطة بسحب مسدس كان يخفيه تحت مالبسه
وإلقائه سالح الشرطي جانبا .وأمر صدام الشرطي بوضع يديه على سيارة األول ،التي تركها مسبقا في المكان
وربما كانت السبب في اكتشاف وجود المنزل .لم يرغب صدام في قتل الشرطي ،لكنه قرر إطالق عيار ناري في
الهواء بجانب رأسه .لكن السالح لم ينطلق على النحو المناسب ،وأعاد صدام حشو السالح .ثم أخبر الشرطي
بأنه سيطلق عيارا ناريا آخر فوق رأسه ،وإذا تحرك سيطلق آخر في جسده .وبالفعل ،أطلق عيارا ناريا فوق
رأس الشرطي ،الذي «أصبح كالكلب» .ثم تأزم الموقف نظرا إللقاء الشرطة القبض على بعض «رفقاء» صدام
داخل المنزل .ونمت أصوات ما يدور بالخارج إلى مسامع هؤالء «الرفقاء» وأخبروا قوات الشرطة بأن رفيقهم
صدام أتى برفقة مجموعة كبيرة ستقضي عليهم جميعا .في الوقت ذاته ،عاد أحد الرجال ممن كانوا مع
الشيخلي في السيارة إلى المنزل حامال سالحا آليا .وعليه ،أذعنت الشرطة لـ«الرفقاء» الموجودين بالمنزل،
وطلبت مساعدتهم في النجاة من صدام ورجاله .بعد ذلك ،تمت تسوية الموقف دون إراقة دماء .واختتم صدام
هذا الجزء من النقاش بتأكيده على أن فترة «التخفي» تحمل الكثير من القصص ،جميعها أشبه بـ«مشاهد
األفالم» .ولدى إخباره بأن الشيخلي جرى وصفه ،مثلما الحال مع صدام ،كعضو بارز ومشهور في الحزب ،رد
صدام بأنه ليست هناك حاجة وال أهمية لمقارنة فرد بآخر .وأشار إلى أن كل امرئ يختلف عن اآلخر ،دون أن
يكون أحد أفضل من اآلخر .وأقر صدام بأن الشيخلي عمل وزيرا للخارجية حتى عام ،1971عندما عزلته
القيادة من منصبه .وأكد صدام أن عزل أي شخص من منصبه يتطلب صدور قرار من القيادة .ورغم أن القرار
قد ال يحظى باإلجماع ،يبقى من الضروري موافقة األغلبية عليه .من وجهة نظر صدام ،كان باستطاعة
الشيخلي االستمرار في خدمة الحكومة والحزب .في ذلك الوقت ،كان صدام يرى إمكانية توجيه «النقد» إلى
الشيخلي ومنحه فرصة تقويم سلوكه .وشدد على أن الشيخلي لم يكن ليتم انتخابه عضوا في الحزب قط دون
مساعدته له .وبسبب افتقاد الشيخلي التركيز على عمله وفشله في تقبل النقد ،لم تعد قياد الحزب «مقتنعة به»
وقررت عزله .وفيما يتعلق بما إذا كان جرى النظر إلى الشيخلي باعتباره خليفة محتمال للرئيس بكر ،أبدى
صدام معارضته هذا الرأي ،قائال إن الجملة تنطوي على قوة بالغة .وعلق بأن األمر يبدو وكأن المحقق يلمح
إلى أنه تخلص من أعضاء قيادة الحزب ممن اعتبرهم تهديدا لمكانته في القيادة .وأوضح صدام أنه منذ فترة
التخفي والهرب ،بات زمام القيادة بيده بالفعل .خالل فترة وجوده في السجن ،بعثت قيادة حزب «البعث» خطابا
إلى صدام تخطره بإصدارها توصية بتعيينه عضوا في اللجنة المركزية للحزب .ورد صدام على الخطاب
متسائال «وما جدواي وأنا في السجن؟» ،وطلب من مسؤولي الحزب تعيين شخص آخر في هذا المنصب ،إال
أنهم لم يقبلوا ذلك .بعد ذلك ،عمل صدام وبكر كعضوين في اللجنة المركزية ،وهي كيان يعد أعلى من اللجنة
اإلقليمية وجميع الهياكل األخرى داخل الحزب .عمل بكر أمينا عاما ،بينما تولى صدام منصب نائب األمين العام
26
خالل فترة «تخفيه» .وعلق صدام بأنه من المثير للحرج أن يتحدث المرء عن المناصب التي تقلدها .وأضاف
أن مكانته داخل حزب «البعث» كانت معروفة للجميع ،حتى قبل الثورة .وأكد أن كل من جرى تكليفهم بمناصب
في الحزب ،من الموتى أو األحياء اليوم ،كانوا جديرين بها .وقال صدام «من الصعب أن أتحدث عن نفسي».
داخل الحزب ،ال يروق لألعضاء الحديث عن أنفسهم .كما أوصى صدام بأال يتحدث األعضاء عن أنفسهم .من
ناحيته ،أشار المحقق إلى أنه يسود اعتقاد ،داخل وخارج العراق ،بأنه تم القضاء على منافسي صدام المحتملين
داخل الحزب خالل الفترة بين ثورة 1968وتولي صدام الرئاسة عام .1979في المقابل ،نفى صدام أن تصدر
هذه االدعاءات عمن يعيشون في العراق ،أو أن يصدقوها .ونوه بأن هذه االدعاءات ربما صدرت من خارج
ـ بالضرورة. العراق .طبقا لما قاله صدام ،فإن هذه األقاويل تشكل وجهة نظر من قالوها ،وال تعكس الحقيقة
بغض النظر عن هذه المعلومات ،قال صدام إن أي دراسة لمثل هذا القول ينبغي أن تتم على نحو منطقي ،مؤكدا
أن التاريخ يعج بالكثير من األمثلة من مختلف أرجاء العالم لعمليات صعود مشابهة إلى السلطة في أعقاب
اندالع ثورات .على سبيل المثال ،في مصر ،كان جمال عبد الناصر وأنور السادات الوحيدين اللذين «بقيا» مع
الثورة ،مع تولي عبد الناصر الرئاسة في نهاية األمر .وفي فرنسا ،أصبح جندي (نابليون بونابرت) قائد البالد
بعد الثورة الفرنسية ،بينما تخلى آخرون عن األمر .كما يعج التاريخ األميركي بأمثلة على هذه الظاهرة .ومن
وجهة نظر صدام ،فإن تلك هي «األساليب الثورية» .وأعرب صدام عن اعتقاده بأن الثورات السابقة ،مثل
الثورة الفرنسية ،اندلعت في فترات مأساوية مقارنة بعصرنا الحالي .وأشار إلى أن الثورات خطوة جديدة في
الحكم ،وليست «سبيال ليبراليا» يجرى من خالله اختيار شخص وإعداده لتولي القيادة .إن الثورات تأتي من
الشعب .تضمنت ثورة عام 1968في العراق سبعين «ثوريا» ،بقي منهم في الحكومة أو الحزب عدد ضئيل
للغاية بعد الثورة .وتم تعيين بعضهم في مناصب أبلوا فيها بالء حسنا ،بينما عجز آخرون عن ذلك .ولم يملك
ـ القدرات الالزمة للقيادة والعمل المهني .وعليه ،استمر بعضهم في الخدمة ،بينما تساقط آخرون بمرور جميعهم
الوقت .إال أن صدام أكد أنهم جميعا كانوا خدما للشعب .وعند سؤاله عما إذا كان يعتقد أن عبد الناصر تحول
إلى حاكم مستبد ،أبدى صدام معارضته هذا الرأي .وبناء على طلب من المحقق بوضع تعريف لمفهوم الحكم
االستبدادي ،أجاب صدام بأنه نمط من الحكومة يحكم من خالله شخص واحد بمفرده ،دون برلمان أو مجلس أو
لجنة .ورأى صدام أن هذا التوصيف ال ينطبق على حكم عبد الناصر ،مشيرا إلى أن عبد الناصر كان في عهده
برلمان .لكنه استطرد بأنه من المتعذر إقامة برلمان خالل الفترة األولى من عمر ثورة ما ،وعادة ما يتم إنشاء
مجلس ثوري في بداية األمر ،ثم يعقبه في وقت الحق إقامة برلمان أو لجنة شعبية .وأعرب صدام عن رغبته
في عدم عقد مقارنة العراق وثورته عام 1968بمصر وعبد الناصر .وقال إن عبد الناصر كان شخصا عسكريا
ال ينتمي إلى حزب سياسي .أما في العراق ،فكان «البعث» حزبا يضم هيكله عناصر متنوعة بين خاليا داخل
القرى وصوال إلى القيادة ،وكان هناك برلمان منتخب من الشعب.
وسئل صدام حول ما إذا كانت صداقته بالشيخلي استمرت بعد رحيل األخير عن الحزب ،فأجاب بأن أصدقاءه
كانوا من بين من يلقاهم بصورة منتظمة داخل القيادة ،وأنه لم يكن لديه أي أصدقاء من خارج الحزب والقيادة.
وقال إن الصداقة الحقيقية لها «التزاماتها» .وقال صدام إن شاكر كان الشخص األقرب إليه بعد ثورة عام
.1968ومتى كان صدام بحاجة لمناقشة أمر ما ،كان يرسل في طلب شاكر ،وكانا يتناوالن الغداء معا
ويتناقشان .وأضاف صدام أنه ال يتذكر عدد المرات التي التقى خاللها شاكر بعد تركه الخدمة الحكومية.
وبالنسبة للشيخلي ،قال صدام إنه «أبقى على عالقات طيبة» مع نجليه قصي وعدي .وفيما يخص الشيخلي
والفترة التي أعقبت رحيله عن العمل الحكومي ،أكد صدام أن مشاعر الصداقة بينهما ظلت دون تغيير ،لكن
مقابالتهما تضاءلت .ونظرا لضغوط العمل ،لم يتسن لصدام الوقت الكافي لاللتقاء بمن خارج دائرة العمل أو
الحزب أو القيادة .ولدى سؤاله حول ما إذا كان حمل بداخله مشاعر خاصة تجاه الشيخلي ،الذي قتل بإطالق
النار عليه في بغداد عام ،1980رد صدام باإليجاب .وسئل حول ما إذا كان تم إلقاء القبض على قتلة الشيخلي،
فأجاب صدام «ال أعتقد ذلك» .واستطرد موضحا أن تحقيقا أجري بهذا الشأن ،لكن بقي لغز الجريمة دون حل.
ونوه صدام بأنه ال يتم حل جميع الجرائم في باقي أنحاء العالم ،مثل أميركا وفرنسا وإيطاليا .وفي سؤال له حول
ما إذا كان من غير المعتاد أن تبقى جريمة مقتل وزير حكومي وثوري سابق وصديق سابق لرئيس العراق دون
27
حل ،رد صدام «ما الذي تبغي قوله .لماذا تتعمد االلتفاف حول هذا الموضوع؟» .وأضاف أن هناك آخرين
مقربين منه داخل القيادة استُهدفوا في محاوالت اغتيال ،بينهم طارق عزيز وعدي حسين وغيرهما .وال يزال
لغز هذه الجرائم قائما أيضا .وأكد أن ذلك يحدث في العراق ،تماما كما يحدث في أي مكان آخر من العالم.
واختتم صدام هذا الجزء من المناقشة باعترافه بأن البعض قد يزعمون أن الشيخلي قتل على يد الحكومة
ـ
العراقية .وأضاف :ربما يزعم البعض أي شيء ،ومن المنطقي أن من يزعمون ذلك ربما يكونون هم أنفسهم
من ادعوا أن الشيخلي كان من الممكن أن يتولى الرئاسة.
28
الحلقة الرابعة :صدام :عارضت غزو الكويت ..لكن لم يكن هناك حل آخر
قال في محاضر استجواب تنشرها «الشرق األوسط» :حذرتهم من أنني سأجعل دينارهم يساوي 10فلوس
وفي الحلقات اليوم يتحدث صدام حسين عن فترة توليه الرئاسة من سلفه الرئيس أحمد حسن البكر .قائال إنه
كان يشعر بأنه قريب منه ،وأن اختياره ليكون رئيسا جاء بطلب منه فيما يشبه االجتماع العائلي .وقال إن
الرئيس البكر كان يعاني من مشاكل صحية بداية عام ،1973من بينها بعض المشاكل في القلب .وعلى الرغم
من ذلك ،بذل الرئيس البكر وسعه لتأدية مهامه بأفضل ما يستطيع .ومن حين آلخر ،كان البكر يقول لصدام إنه
يجب أن يتقاعد وإنه لم يعد يستطيع القيام بمهامه كرئيس .وكان صدام يريد أن يبقى البكر رئيسا ألطول فترة
ممكنة ،ووصفه بأنه «شخص لطيف» .لكن في عام 1979اتصل البكر بصدام وطلب مقابلته في مكتبه داخل
القصر الرئاسي .وفي هذا االجتماع ،قال البكر لصدام إنه لم يعد يريد أن يبقى رئيسا وال يشعر بأنه يستطيع
ذلك ،وطلب البكر من صدام أن يتولى مهامه .وتحدث صدام عن غزوه للكويت ،وأفاد بأنه بعد الحرب مع إيران
بين عامي 1980و 1988كان العراق يحاول إعادة بناء نفسه .وشبه صدام الموقف مع الكويت بما يحدث
عندما يتشاجر أحد األشخاص مع شخص آخر .فبعد الشجار يذهب كل طرف إلى سبيله .ولذا ،فقد كان أحد
الطرفين اللذين كان بينهما شجار في الماضي يرغب في القتال ،وكذلك كان الطرف اآلخر .فلم يكن هناك مفر
من القتال مرة أخرى .وقال إنه حذر الكويت مرارا من أنها إذا لم تكف عن التدخل في شؤون العراق سيجعل
دينارها يساوي 10فلسات .وقال صدام إنه عندما تمت مواجهة الكويت بالحقائق الخاصة بسرقة النفط العراقي
باستخدام الحفر العميق ،اعترفوا بأنهم أخذوا «مليارين ونصف المليار برميل فقط» ،وقد ذكروا هذه الحقيقة
وكأنها شيء ال أهمية له .وأفاد صدام بأنه قبل غزو الكويت ،كان هناك اجتماع لمجلس قيادة الثورة العراقي،
حيث تمت مناقشة الموضوع .وقال إنه ربما عارض عضو أو اثنان فكرة الغزو ،لكنه لم يتذكر هذين العضوين
على وجه الخصوص .ولم يتذكر إذا كانت األغلبية أو جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة قد وافقوا على اتخاذ
عمل عسكري .وأفاد صدام بقوله« :لقد كنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر».
* صدام :البكر كان يشعر بأنه قريب مني ..وتم اختياري رئيسا بطلب منه وفي ما يشبه االجتماع العائلي
ـ قال إن مؤامرة 1979تمت مع سورية لمنعه من تولي الرئاسة وأنهت مناقشات حول مشروع وحدة
* قبل بدء المقابلة ،قيل لصدام إن هذه الجلسة سوف تكون استكماال لجلسات نقاش ثالث سابقة وستركز على
صعود صدام إلى الرئاسة.
29
بداية في عام ،1973بدأ الرئيس العراقي (أحمد حسن) البكر يعاني من مشاكل صحية ،وكانت من بينها بعض
المشاكل في القلب .وعلى الرغم من ذلك ،فإن الرئيس البكر بذل وسعه لتأدية مهامه بأفضل ما يستطيع .ومن
حين آلخر ،كان البكر يقول لصدام إنه يجب أن يتقاعد ،وأنه لم يعد يستطيع القيام بمهامه كرئيس .وال يعرف
صدام ما إذا كان البكر قد قال ذلك إلى آخرين من قيادات حزب البعث .وقال صدام إن البكر كان يشعر «بأنه
قريب من صدام».
وفي هذه الفترة ،فكر صدام بجدية في ترك الحكومة مع البقاء في الحزب ،وكان السبب الرئيسي الذي جعله
يريد ترك الحكومة مرتبطا باإلطاحة بحكومة البعث في عام .1963وكان صدام يعتقد أن هذه اإلطاحة وقعت
ألن قيادات الحزب ركزت على الحكومة ونسيت الحزب .ولم يكن صدام يحب «السلطة» وال موقعه في
الحكومة ،وعندما انضم إلى ثورة ،1968كان ينوي عدم البقاء في الحكومة ،وكان صدام قد خطط للبقاء،
مشاركا فقط ،داخل خاليا الحزب في المستويات األقل ،وفي هذا الوقت كان يعتقد أنه من «المخجل» الخدمة
داخل الحكومة ،وحتى هذا اليوم ما زال صدام ال يحب الحكومة ،ولكنه يحب الشعب والحزب ،ويعتقد بأنه من
الصعب على الحكومة أن تحكم بنزاهة .والحظ صدام أشخاصا وصفهم بأنهم «طيبون ومهذبون» قبل الخدمة
في الحكومة ،ولكن أصبحوا على النقيض بعد تعيينهم في مناصب حكومية.
وبعد ثورة ،1968تم تشكيل مجلس قيادة الثورة ،وتولى هذا المجلس الحكم ،ومع ذلك لم يتم اإلعالن عن
مجلس قيادة الثورة إال بعد ذلك بعام في .1969ولم يكن أعضاء المجلس ،باستثناء األعضاء العسكريين،
معروفين أو «يريدون أن يكونوا معروفين» ،ولهذا السبب تم تأجيل اإلعالن عن مجلس قيادة الثورة،
و«اضطر» صدام إلى تولي موقع قيادي في مجلس قيادة الثورة ،وسأل أعضاء في الحزب صدام هل يريد
للثورة أن تفشل ،في إشارة إلى أن ذلك سوف يحدث دون مشاركته ،وأن مسؤوليته هو أن يكون زعيما في
الحزب .وكان صدام يريد أن يبقى البكر رئيسا ألطول فترة ممكنة ،ووصفه بأنه «شخص لطيف» .ولكن في عام
1979اتصل البكر بصدام وطلب منه مقابلته في مكتبه داخل القصر الرئاسي .وفي هذا االجتماع ،قال البكر
لصدام إنه لم يعد يريد أن يبقى رئيسا ،وال يشعر بأنه يستطيع ذلك ،وطلب البكر من صدام أن يتولى مهامه،
وقال له إنه إذا كان ال يريد «الطريقة المعتادة» للتعيين رئيسا ،فإنه سوف يستخدم اإلذاعة ليعلن أن صدام
أصبح رئيسا .وقال صدام للبكر إن هذه الطريقة لإلعالن عن خليفته لن تكون في صالح البالد أو الشعب أو
الحزب .وسوف يظن من هم في الخارج ،أو األجانب ،أن هناك خلال ما داخل العراق ،ولذا طلب من طارق عزيز
تجهيز إعالن بخصوص تغيير القيادة .وعقد اجتماع لمجلس قيادة الثورة في يوليو (تموز) ،1979وصدام
غير متأكد هل دعا هو أم الرئيس البكر لهذا االجتماع.
وخالل االجتماع وضح البكر ألعضاء مجلس قيادة الثورة أنه كان قد خطط للتنحي منذ ،1973وأوضح
لألعضاء أن صدام جاهز لتولي الرئاسة .ووصف صدام االجتماع بأنه كان «يشبه اجتماعا عائليا» .وكانت
هناك الكثير من المشاعر ومنها مشاعر الحزن ،وتم تنفيذ عملية نقل الرئاسة إلى صدام طبقا للدستور ،وقال
صدام إنه تم إجراء تصويت ،ولكنه ال يتذكر ما إذا كان تم عن طريق االقتراع السري أم برفع األيدي ،واختير
صدام أمينا عاما للحزب ورئيسا للعراق .وعندما سئل عما إذا كان قد الحظ أي تغيرات في نفسه بعد تولي
الرئاسة ،قال صدام «ال» .وقال إنه أصبح «أقوى وأقرب إلى الشعب».
وردا على سؤال عما كان يعتقد بأنه سيحدث لو سمح له بترك الحكومة ،قال صدام إنه كان سيصبح شخصا
عاديا ،ربما مزارعا ،ولكن كان سيستمر عضوا في الحزب ،وفي حضور اجتماعات الحزب.
وأشار المحقق إلى رأيه الشخصي بأنه كان من الصعب تصور صدام مزارعا .وقال صدام إنه كان يخشى من أن
يصبح شخصية عامة ،وأن وضعه والتزاماته تغيرت ،واكتسبت سمة شخصية تقريبا .والحظ أنه عندما كان
رئيسا ،كان يرى أن اآلالف من الناس قريبون منه .ولم ينتخب الناس صدام حتى ،1995ولكن يشير صدام
إلى أن «الثورة أحضرتني» .وبعد 1995و ،2002قام الناس في الواقع بالتصويت له وانتخابه ،وبعد
30
االنتخابات أصبحت عالقته بالشعب أقوى ،وأصبح صدام يشعر بأن لديه التزاما تجاه هؤالء الذين انتخبوه .ولم
يكن صدام ملتزما أمام الناس بحكم القانون وحسب ،ولكن أيضا «أمام اهلل».
وسئل صدام هل دعمه مجلس قيادة الثورة بالكامل ليصبح رئيسا خالل االجتماع الذي أعلن فيه البكر استقالته،
ورد أنه لم يكن هناك شيء أو شخص ضد أن يصبح هو الرئيس ،وبصورة أخالقية وبدافع االحترام ،طلب
البعض من البكر البقاء رئيسا ،ولكن لم يسمح البكر لما رأوه بأن يؤثر على قراره النهائي ،ورأى صدام أن
قرار البكر كان نهائيا ألنه نفسه لم يستطع إقناع البكر بالبقاء رئيسا.
وأشار المحقق إلى تقارير تقول إنه كان هناك على األقل شخص خالل االجتماع شكك في تقاعد البكر ،وقال إن
اختيار صدام يجب أن يحظى باإلجماع :محيي عبد الحسين المشهدي .وقال صدام إن هذه المعلومة غير
صحيحة ،فقد كان هناك نقاش حول استقالة البكر وليس حول عملية اختيار صدام ،وعرض البعض أن يتولى
بعضا من مهام البكر حتى يتسنى له البقاء رئيسا ،ولكنه لم يقبل هذه المقترحات .وفي ذلك الوقت كان صدام
نائبا لألمين العام للحزب ونائب رئيس دولة العراق .وعليه ،فقد كان الشخص الذي يلي الرئيس ،وهذه حقيقة ال
يستطيع أحد أن يشكك فيها ،وعالوة على ذلك فإن الدستور ينص تحديدا على أن أي اختيار للرئيس يجب أن
يكون بتصويت باألغلبية وليس بإجماع .وتحدث بعض األعضاء عن احتمالية تأجيل استقالة البكر .وقال صدام
إنه ما زال أعضاء سابقون في مجلس قيادة الثورة على قيد الحياة ويمكن سؤالهم عن هذا األمر .وقال المحقق
إن العديد من األعضاء السابقين في مجلس قيادة الثورة يوافقون بصورة عامة على التفاصيل التي قدمها صدام
بخصوص األمر .ولكن بعض أعضاء المجلس السابقين يقولون إن هناك معلومات تشير إلى أن المشهدي
اعترض على استقالة البكر واختيار صدام رئيسا خالل االجتماع المشار إليه .ورد صدام أنه أخبر المحقق جميع
التفاصيل التي لديه.
وقال المحقق إنه تم اكتشاف مؤامرة ضد صدام بعد توليه الرئاسة بفترة قصيرة ،فقد عقد اجتماع في 22يوليو
(تموز) ،1979وفيه تم الكشف عن تفاصيل المؤامرة ألعضاء بارزين في الحزب .وأضاف المحقق أن
االجتماع سجل على شريط مصور ،وعرضه المحقق .وقال صدام إن هذا األمر ليس سرا ،وأن الشريط المصور
أعطي لجميع أعضاء الحزب .وقال صدام إنه ال يتذكر هل بدأ طه ياسين رمضان االجتماع ببعض التعليقات.
وأقر بأنه تم إحضار المشهدي أمام االجتماع ،واعترف بمشاركته في مؤامرة ضد صدام شاركت فيها الحكومة
السورية ،وسمى بعضا من اآلخرين الذين شاركوا في المؤامرة .وكان رد فعل صدام ومشاعره مثل أي شخص
خانه األصدقاء في الحزب والحكومة ،حيث كان يشعر بالحزن وأنه «طعن في ظهره» ،وكان ذلك صحيحا ألن
المؤامرة شارك فيها عرب خارج الحكومة والدولة ،ووصف صدام هذه التصرفات بأنها خيانة ،والمشاركين
بأنهم خونة.
وبالنسبة للوقت الذي علم فيه صدام بالمؤامرة ،قال «في هذا الوقت» .وأشار المحقق إلى أن المشهدي ألقي
القبض عليه قبل أيام قليلة من االجتماع ،وتقريبا في 15يوليو (تموز) ،بعد أن أصبح صدام رئيسا .وقال صدام
إنه أصبح رئيسا في 17يوليو (تموز) ،ورد المحقق بأن 17يوليو (تموز) كان التاريخ الرسمي ،ولكن تولى
صدام الرئاسة فعليا قبل ذلك بأسبوع تقريبا.
وسأل المحقق صدام كيف تم اكتشاف المؤامرة .ورد صدام «هل سمعت الشريط المصور؟» ،وأضاف أن
المعلومات التي توجد على الشريط المصور كافية .وأشار المحقق إلى أن الشريط المصور لم يعط تفاصيل عن
كيفية اكتشاف المؤامرة .ورد صدام «هذه أسرار الدولة» ،وأكد صدام على أنه ما زال ينظر إلى هذه التفاصيل
على أنها أسرار على الرغم من أن هذا الحدث وقع قبل قرابة 25عاما.
وبعد ذلك حول المحقق النقاش إلى الشريط المصور الذي لم يكن سرا من أسرار الدولة .وأشار المحقق إلى أنه
يظهر في الشريط المصور الكثير من األعضاء السابقين والحاليين في القيادة البارزة ،ومن بين هؤالء الذين
31
يظهرون في الشريط طارق عزيز وعلي حسن المجيد ،الذي يرى وهو واقف ويصرخ ،ويشير الشريط إلى أن
نحو 66شخصا شاركوا في المؤامرة ،ومن بينهم عدنان حسين ،نائب رئيس الوزراء ،وغانم عبد الجليل،
مدير مكتب الرئيس .وقال صدام إن عدنان كان وزير التخطيط وسكرتير لجنة للنفط واالتفاقات .واعترف صدام
بأن عدنان كان قد عين بالفعل نائبا لرئيس للوزراء ،وأقر صدام بأن خمسة أعضاء بمجلس قيادة الثورة كانوا
متورطين في المؤامرة ،ولم يكن أي منهم من الثوار السبعين األصليين .ونفى صدام أن يكون أي من
المتآمرين ،بمن فيهم عدنان وغانم ،أصدقاء له .وقال إن عدنان وغانم لم «يكونا قريبين منه» ،وكما هو الحال
مع اآلخرين ،فإنهم عينوا في مناصب حكومية ،وقام البعض بذلك ،ولم يقم آخرون ،وعندما تمت اإلشارة إلى أن
المحقق رأى صدام يصرخ في الشريط المصور عندما سمع اسم غانم ،رد صدام بأنه كإنسان لديه مشاعر،
ـ أنه رئيس مكتبه ،كان صدام يرى غانم كل يوم وهو يسلم له أوراقا كثيرة ،وكان جميع أعضاء المؤامرة وبحكم
في القيادة .وأشار صدام إلى أن الخيانة تجعلك تشعر بـ«الحزن» .وعندما أشار المحقق إلى أنه يمكن القول
بأن صدام خانه أقرب زمالئه إليه ،قال صدام إن الشيء األهم هو أنهم كانوا في الحكومة وكانوا مع صدام داخل
الحزب.
واعترف صدام بأن أكثر من ستين شخصا كانوا متورطين ،على الرغم من أنه لم تتم إدانة الجميع ،وأقر صدام
بأن أسماء «المتآمرين» أعلنها المشهدي أو قرأها صدام من قائمة خالل االجتماع .وبينما كانت األسماء تعلن،
طلب من الشخص الذي يذكر أن يقف ،وكانت تصحبهم الحماية خارج القاعة واحدا واحدا.
وبعد ذلك أقيمت محكمة للبت في األمر ولتقرير العقوبة .ويقول صدام إنه ال يتذكر الرقم تحديدا أو هويات
ـ أو أعدموا أو سجنوا أو هربوا أو كانوا أبرياء أو أطلق سراحهم ،وقال األشخاص الذين تم التوصل إلى إدانتهم
إن األمر برمته ،بما فيه عمليات اإلعدام ،تم خالل نحو 60يوما ،وبحلول الثامن من أغسطس (آب) .1979
ويعتقد صدام أن الوقت الذي استغرقته العملية كان «أكثر من كاف» لمحاكمة محايدة ،وعلى الرغم من أنه
يعتقد أنه كان هناك وقت كاف للتحقيق بنزاهة ،أقر صدام بأنه ربما لم يكن هناك وقت كاف «للتعمق في
األمور» ،وعندما طلب منه توضيح كالمه ،رد صدام بأنه ربما كان هناك متآمرون آخرون لم يتم تحديدهم ،وال
يعلم صدام هل كان هناك مشاركون آخرون ،ولكنه أكد على أن المعلومات المتاحة والوقت الذي استغرقه
التحقيق كان كافيا إلدانة هؤالء الذين تم تحديدهم .وعلق قائال بأن القانون يقول إنه من األفضل أن يطلق سراح
مدان على أن يسجَن بريئون دون إدانة.
ـ بعد ذلك. وقال إنه ال يعرف نتائج التحقيق تحديدا ،فقد اتخذت محكمة القرار في هذا األمر ونفذت األحكام
وعندما سئل عن تورط خالد السامرائي ،وكيف كان يمكن لشخص موجود بالفعل في السجن أن يكون جزءا من
هذه المؤامرة ،قال صدام «اسألوا من قاموا بالتحقيق» .وعندما سُئل من قام بالتحقيق ،قال صدام إنه ال يتذكر.
وأشار المحقق إلى أن برزان التكريتي ،الذي كان قد عين للتو مديرا لالستخبارات العراقية ،كان يترأس فريق
التحقيق .ورد صدام بأنه بالتأكيد كانت هناك لجنة ،ولكنه نفى أن يكون لديه علم بمن كانوا فيها .ونفى أن
يكون يعرف أي شخص ربما كان في هذه اللجنة.
وعن مشاركة مجلس قيادة الثورة في هذا التحقيق ،أنكر صدام في البداية معرفته بأي تفاصيل ،وعلق بأنه إذا
كان األمر قد قررته محكمة ،فال بد أن هناك لجنة رسمية .وذكر المحقق صدام بخطاب أدلى به في 8أغسطس
(آب) 1979قال فيه إن المجلس ،الذي كان يضم في السابق 21عضوا ،يضم اآلن 16عضوا بسبب تورط
خمسة أعضاء في المؤامرة ،وقال صدام في الخطاب إنه من بين الستة عشر عضوا ،قام ثالثة بإجراء
التحقيقات وشكل سبعة محكمة سمعت الحقائق وقررت العقوبة ،وأضاف صدام في الخطاب أن هذه هي المرة
األولى في تاريخ الحركات الثورية والنضال اإلنساني التي يشارك فيها أكثر من نصف القيادة العليا لدولة في
هذا األمر .ورد صدام على المحقق« :جيد ،جيد جدا» ،فوفق الدستور ،يجب أن يحاكم أعضاء مجلس قيادة
الثورة من قبل أعضاء آخرين في مجلس قيادة الثورة ،وليس من قبل محكمة خارج المجلس .وعندما سئل عن
32
نزاهة وحيادية قيام مجلس قيادة الثورة بمحاكمة أعضائه ،رد صدام بأن النزاهة كانت موجودة بين أفراد
مجلس قيادة الثورة ،ولم تكن المؤامرة ضدهم ولكن ضد صدام.
وعالوة على ذلك ،فإن الدستور الذي ينص على اإلجراء كان موجودا قبل المؤامرة بفترة طويلة.
وعندما سئل عن التصريحات السابقة التي أدلى بها والتي قال فيها إن المؤامرة كانت ضد الحزب ،قال صدام
«لم أقل ذلك ،ولكن قلت إنها كانت ضد صدام» ،لقد تآمر المتآمرون مع دولة أخرى (سورية) لمنع صدام من
تولي السلطة ،وعلى الرغم من أن صدام كان رئيس الحزب ،فإن المؤامرة كانت ضده شخصيا .ويعتقد صدام
أنه كان هناك أشخاص لم يريدوه في السلطة ،ألنه لن يكون من «السهل السيطرة عليه» ،ولكن مع وجود
شخص في منصب الرئيس ،كان قد تآمر مع األعضاء الخمسة بمجلس قيادة الثورة والدولة األخرى ،ربما كان
يمكن آلخرين السيطرة على العراق .وأقر صدام بأنه كان يجري العمل في ذلك الوقت على اتفاقية مؤقتة
بخصوص توحيد سورية والعراق ،وتحديدا عن طريق طارق عزيز ،ولكن أنهت المؤامرة هذه المناقشات
واالتفاقية ،حيث إن «أي شيء يعتمد على التآمر ال قيمة له» .وعندما سئل ما الذي كانت تأمل الدولة األخرى
في الحصول عليه ،قال صدام «اسألوهم ،فنحن لم نسألهم».
ونفى صدام معرفته بأي مكافأة دفعت لألفراد أو الفرد الذي اكتشف المؤامرة .وعندما سئل عن السبب وراء
تصوير االجتماع في 22يوليو (تموز) ،قال صدام إن الشريط المصور كان يهدف إلى إخبار أعضاء الحزب بما
حدث .وأكد أنه ،كما هذا في الشريط المصور ،كانت هناك الكثير من المشاعر ،ومنها الحزن ،وأشار المحقق
إلى أن الخوف بدا على أنه الشعور الظاهر بدرجة أكبر ،في بادئ األمر من المشاهدين ،وبعد ذلك من هؤالء
الذين ذكرت أسماؤهم وصرخوا ببراءتهم عندما طلب منهم الوقوف .وقال صدام إنه طلب بنفسه من واحد على
األقل ممن ذكرت أسماؤهم أن يغادر القاعة.
وأشار المحقق إلى ثالثة أشياء تبدو واضحة في الشريط ،ومنها صدام وهو يدخن سيجارا ،والتعبير البادي على
وجه طارق عزيز ،وعلي حسن المجيد وهو يصرخ على السامرائي ،واعتقاده بأن المتآمرين سوف يبقون
طالما أن السامرائي على قيد الحياة .ورد صدام بأنه يعرف المغزى وراء كل مثال أورده المحقق .وقال إنه من
النادر أن يدخن ما لم تكن «الظروف صعبة» .وسأل صدام عن التعبير الذي بدا على عزيز ،وهل كان سعيدا أم
حزينا .ورد المحقق بأن عزيز بدا مرعوبا .وقال صدام إن «قراءة» المحقق غير صحيحة« ،فجميعنا كنا
مرعوبين» .وفيما يتعلق بعلي حسن (المجيد) ،سأل صدام المحقق هل يريد القول بأن السامرائي أعدم بسبب
كالم علي حسن .قال صدام إن نسخا من الشريط المصور الجتماع يوم 22يوليو (تموز) عام 1979أرسلت
ـ مسؤولو السفارات الشرائط المصورة لتقديم المعلومات إلى السفراء العراقيين في دول أخرى ،واستخدم
للعراقيين الذين يعيشون خارج البالد عن األحداث التي تقع في العراق ،ونفى صدام معرفته بما إذا كان تم
عرض الشريط المصور على قيادات دول أخرى .وقال إنه لو كان عُرض على هؤالء األشخاص ،فهذا «شيء
جيد وليس سيئا» ،وربما عُرض الشريط المصور على زعماء آخرين ألن دولة عربية أخرى شاركت في
المؤامرة .وعما إذا كان الشريط المصور وزع إلثبات أن صدام يتولى مسؤولية العراق ،قال للمحقق أنت
شاهدت الشريط و«هذا رأيك ،ولديك الحق».
وذكر المحقق تعليقات يقال إن صدام أدلى بها في وقت المؤامرة ومنها «ال توجد فرصة ألي شخص ال يتفق
معنا لكي يقفز على دبابتين ويطيح بنا» ،وقال صدام إنه ال يتذكر أنه أدلى بهذا التعليق ،ولكنه يعتقد أنه يمكنه
تفسير هذه الكلمات على أنها كانت جزءا من تفكيره .ولم توجه هذه الرسالة إلى الدولة األخرى التي تآمر معها
المتآمرون ولكن لجميع أعضاء الحزب.
وسئل عن صدق الكالم السابق الذي يقال إنه قاله إلى البكر في الستينات والسبعينات ،والذي عبر خالله عن
رغبته في ترك الحكومة ،وأجاب صدام بأنه بعد 1974كان يعتقد أن لديه التزاما أخالقيا إزاء الشعب العراقي،
33
وبعد الكثير من النقاش مع الرئيس البكر ،عرف صدام بأن هذا «مصيره» ،ومنذ هذا الوقت ،قرر أن يقبل هذا
التعيين وخطط للرئاسة.
* صدام :الكويت أخذت مليارين ونصف المليار برميل من نفطنا ..وكنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر
ـ قال إنه حذرها من أنها إذا لم تكف عن التدخل في شؤون العراق سيجعل دينارها يساوي 10فلوس
* قبل بدء المقابلة ،تم إخبار صدام بأن هذه الجلسة سوف تكون استكماال للمناقشة الخاصة بتاريخ العراق.
وبصورة خاصة ،فإن مناقشة اليوم سوف تغطي األحداث التي قادت إلى الغزو العراقي للكويت .أفاد صدام بأنه
بعد الحرب مع إيران بين عامي 1980و 1988كان العراق يحاول إعادة بناء نفسه .وقد شبه صدام الموقف
مع الكويت بما يحدث عندما يتشاجر أحد األشخاص مع شخص آخر .فبعد الشجار يذهب كل طرف إلى سبيله.
ولذا ،فقد كان أحد الطرفين اللذين كان بينهما شجار في الماضي يرغب في القتال ،وكذلك كان الطرف اآلخر.
فلم يكن هناك مفر من القتال مرة أخرى .وحسبما أفاد صدام ،فقد كان الخميني وإيران سيحتالن العالم العربي
إذا لم يكن العراق موجودا .ولذا ،فقد كان العراق يتوقع من العالم العربي أن يدعمه أثناء وبعد الحرب .ومع
ذلك ،فبعد الحرب ،حدث العكس تماما ،ال سيما من جانب الكويت .فمع نهاية الحرب ،حيث بدأ العراق في عملية
إعادة البناء ،وصل سعر النفط إلى 7دوالرات للبرميل .ومن وجهة نظر صدام ،فإن العراق لم يكن بمقدوره
القيام بإعادة بناء البنية التحتية واالقتصاد مع هذا االنخفاض في أسعار النفط .وقد كانت الكويت تتحمل اللوم
بسبب هذا التدني في أسعار النفط .وفي سعي من جانب العراق لحل هذا الموقف وتحفيز االقتصاد ،تم إرسال
الدكتور (سعدون) حمادي وهو وزير الخارجية العراقي في ذلك الوقت إلى الكويت .وقد خلص حمادي والقيادة
العراقية بعد االجتماع إلى أن تدني أسعار النفط لم يكن مسؤولية الكويتيين وحدهم .وكان العراق يعتقد أن هناك
جهة أخرى ،أو قوة أكبر وراء هذه «المؤامرة».
أرسل العراق كذلك مسؤولين حكوميين إلى المملكة العربية السعودية إلقناع السعوديين بالضغط على الكويت.
وباإلضافة إلى ذلك ،فإن وزير النفط السعودي جاء إلى العراق وعقد مباحثات حول أسعار النفط واالقتصاد
العراقي وأفعال الكويت .وزعم صدام أن أحد المسؤولين في الكويت قال« :إننا سوف نجعل االقتصاد العراقي
يتدهور بدرجة كبيرة ،وسوف يكون بوسع المرء النوم مع امرأة عراقية مقابل عشرة دنانير» .وقال صدام
للسعوديين إنه إذا لم تتوقف الكويت عن التدخل في الشؤون العراقية فإنه سوف يجعل الدينار الكويتي يساوي
عشرة فلوس .وقال صدام إنه عندما تمت مواجهة الكويت بالحقائق الخاصة بسرقة النفط العراقي باستخدام
ـ وكأنها شيء الحفر العميق ،اعترفوا بأنهم أخذوا «مليارين ونصف المليار برميل فقط» .وقد ذكروا هذه الحقيقة
ال أهمية له .وفيما يتعلق بالمشكلة مع الكويت ،فقد أرسل العراق مندوبين لدول الخليج األخرى ولم يكن صدام
يتذكر هذه الدول .وقد شرح هؤالء المندوبون الموقف الكويتي والموقف العراقي .وقد وعدت الدول األخرى
بأنها سوف تصحح أسعار النفط في االجتماع التالي للدول المصدرة للبترول (أوبك) .وفي االجتماع التالي للدول
المصدرة للنفط (أوبك) ،تم إصدار قرار بتثبيت أسعار النفط بين 16ـ 17دوالرا للبرميل ،حسبما يتذكر
صدام .وقد تدخلت الكويت بشأن هذا القرار .وبعد ذلك ،أفاد وزير النفط الكويتي أو وزير الخارجية بأن الكويت
لن تلتزم بهذا القرار .وفيما يتعلق بديون القروض العراقية من دول الخليج نتيجة للدعم الذي تلقاه العراق أثناء
الحرب العراقية اإليرانية ،أفاد صدام بأن هذه القروض لم تكن قروضا وأنه من المفترض أن تكون مساعدات
مجانية من هذه الدول .وكانت هذه الدول قد استخدمت كلمة «قروض» كصيغة فقط إلخفاء الغرض من هذه
المساعدات عن اإليرانيين .وعندما تم إبالغ العراق بأن هذه األموال كانت بالفعل قروضا ،عقد العراق مباحثات
مع هذه الدول شملت الكويت ،من أجل حل مشكلة هذه الديون .وألنه تم «تسجيل هذه األموال كقروض» إلى
العراق ،لم يستطع العراق تأمين قروض من دول أخرى إلعادة البناء .وقد أفاد صدام مرتين أنه ناقش تغييرا
في أسعار النفط يصل بها إلى 25دوالرا للبرميل .وعندما كان سعر النفط 50دوالرا للبرميل ،أملى صدام
34
خطابا لطارق عزيز تم إرساله إلى جريدة «الثورة» .وفي هذا الخطاب ،أخبر صدام الدول المنتجة للنفط بأن
عليها أن تستفيد من الدول الصناعية .وطلب صدام من هذه الدول تخفيض األسعار إلى 25دوالرا للبرميل.
وقد علق بأن ذلك كان أمرا غريبا في هذا الوقت ألن العراق كان يمتلك البترول وكان باستطاعته استخدام
األموال .وعندما انخفضت األسعار إلى 7دوالرات للبرميل عام 1989ـ 1990دعا صدام إلى زيادة أسعار
النفط إلى 24ـ 25دوالرا للبرميل .ومن وجهة نظر صدام ،فإن ذلك السعر لن يكون عبئا على المستهلك ولن
يضر بالمنتج .وفيما يتعلق بنوع الرسالة التي تم إرسالها إلى العراق بخصوص عمل أو نقص عمل الكويت في
هذا الشأن ،أفاد صدام بقوله« :لقد أكد ذلك على معلوماتنا» أنه كانت هناك «مؤامرة» ضد العراق والقيادة
العراقية واقتصاد العراق .ومن وجهة نظر صدام ،فإن زيارة الجنرال األميركي شوارزكوف إلى الكويت قد
زادت من تأكيد ذلك .وقد تضمنت زيارته «تخطيطا رمليا» أو تحضيرات وقت الحرب لغزو العراق ،مما عزز
من رؤية صدام والقيادة العراقية .وقبل ذلك ،كانت العالقات بين الكويت والواليات المتحدة وبريطانيا العظمى
معروفة للجميع .وعندما قيل لصدام إن زيارات العسكريين األميركيين متعددة لكثير من الدول عبر جميع أنحاء
العالم ،حيث يجرون مناورات ال تشير إلى «مؤامرة» سأل صدام« :في أي بلد آخر قام شوارزكوف بتخطيط
رملي مثلما فعل في الكويت؟» وتساءل صدام أيضا عن الدول التي قام فيها شوارزكوف بعقد مباحثات بأغراض
دفاعية .وقد أفاد صدام بأنه يفهم وجود وطبيعة المناورات التي قامت بها الواليات المتحدة في مصر واألردن.
ومع ذلك ،فعندما تصور المناورات أو التخطيط العراق كعدو وتتضمن وسائل الدفاع عن الكويت أو مهاجمة
العراق ،فإن ذلك موقف يختلف عن المناورات األخرى .ناقش صدام وجهة نظره في الغرب فيما يتعلق بالعراق
خالل األشهر التي قادت إلى الحرب في الكويت .فبعد هزيمة العراق أمام إيران ،كانت وسائل اإلعالم تصور
العراق على أنه تهديد عسكري للمنطقة .ومع ذلك لم يكن العراق «داخل الدوائر السوفياتية» وكان يحاول
إعادة بناء االقتصاد .كما كان العراق يبدأ في بناء عالقاته مع الواليات المتحدة .وبعد وقت قصير ،جعلت
الواليات المتحدة من العراق عدوا لها من خالل ثالث وسائل أو من أجل ثالثة أسباب .أوال ،القوة «الصهيونية»
وتأثيرها على الواليات المتحدة وسياستها الخارجية .فهناك نظرة لدول مثل العراق على أنها تهديد إلسرائيل،
وقد أصبحت هذه الدول مستهدفة من قبل «المؤامرة» .وقد قدم صدام دليال على وجهة نظره هذه ،حيث أفاد أن
إسرائيل أصدرت بيانا رسميا قالت فيه إن أي اتفاقية سالم مع الدول العربية يجب أن تتضمن العراق .ويعتقد
صدام أن إسرائيل ليس لديها أمل في السالم ،وأن الدول األخرى هي التي تلتزم بأمنياتها .وقد استغلت إسرائيل
نفوذها على الغرب ضد عبد الناصر في مصر مثلما هي الحال ضد العراق .ويمتد هذا التأثير «الصهيوني» إلى
الواليات المتحدة ليشمل االنتخابات هناك .ثانيا ،يرى صدام أنه كانت هناك قوتان عظميان في العالم ،وهما
الواليات المتحدة واالتحاد السوفياتي .وحسبما يرى صدام ،فإن العالم كان حينذاك «أفضل من اآلن» ألنه كان
من السهل على هاتين القوتين االتفاق بدال من محاولة التوصل إلى ذلك االتفاق بين دول عدة .وقد حاولت
القوتان جذب عدد كبير من الدول إلى كل منهما ،مما كان يمثل توازنا في القوى العالمية .ومع انهيار ذلك
التوازن ،أصبحت الواليات المتحدة وحدها هي القوة العظمى .وينظر إلى الواليات المتحدة حاليا على أنها
تحاول إمالء إرادتها على بقية دول العالم بما فيها العراق .وعندما ال توافق الدول على سياسة الواليات
المتحدة ،مثلما هي الحال مع العراق ،فإن هذه الدول تصبح عدوة .السبب الثالث الذي جعل الواليات المتحدة
تجعل من العراق عدوا لها يتمثل في األسباب االقتصادية .فهناك جهات معينة داخل الواليات المتحدة ،بما فيها
مصانع األسلحة وعناصر في الجيش ،تفضل الحرب بسبب األرباح المالية التي تجنيها .وهذا حقيقي بالنسبة
ـ أن الحرب للشركات التي تبيع كل شيء من السجاد إلى الدبابات دعما للحرب .وأضاف صدام أن أميركا اكتشفت
في أفغانستان لم تكن كافية للحفاظ على هذه األرباح التي تجنيها من مجمع الصناعات العسكرية في أميركا.
ولذلك ،فقد بدأت الحرب مع العراق .وبعد انهيار االتحاد السوفياتي ،اجتمعت هذه األسباب كافة الداخلية
والخارجية لجعل العراق عدوا للواليات المتحدة .وأفاد صدام بأنه قبل غزو الكويت ،كان هناك اجتماع لمجلس
قيادة الثورة العراقي ،حيث تمت مناقشة الموضوع .وكانت قيادة مجلس قيادة الثورة العراقية تأمل أن «يتدخل»
السعوديون ويجدوا حال .وقد سافر نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقية إلى المملكة العربية السعودية
لطلب المساعدة لكنه رجع من دون تحقيق الغرض من الزيارة .ولذلك ،لم يكن هناك غير مناقشة األمر من
جانب اتخاذ عمل عسكري .وقد أفاد صدام أنه ربما عارض عضو أو اثنان فكرة الغزو ،لكنه لم يتذكر هذين
35
العضوين على وجه الخصوص .ولم يتذكر إذا كانت األغلبية أو جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة قد وافقوا
على اتخاذ عمل عسكري .وأفاد صدام بقوله« :لقد كنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر» .وقد كانت آخر
المحاوالت للبحث عن حل أثناء الزيارة األخيرة إلى المملكة العربية السعودية حيث اجتمع نائب رئيس مجلس
قيادة الثورة مع أخ أمير الكويت الشيخ صباح .وتم اتخاذ القرار النهائي بغزو الكويت على أساس أن «الهجوم
خير وسيلة للدفاع» .وقد برر صدام الغزو كذلك بناء على الحقائق التاريخية .وقال إن التاريخ يقول إن الكويت
ـ ويقرراجزء من العراق .وقال صدام إن هدف الغزو كان هو «المعلن عنه» .وهو أن يحكم الكويتيون أنفسهم
ما نوع العالقات التي سوف تكون مع العراق .وبالنسبة لقادة الكويت ،فقد قال صدام إنهم «خائنون» للعراق
والكويت وكل الدول العربية .وقد استمر هؤالء القادة في التآمر حتى بعد تركهم للكويت إثر الغزو العراقي .فقد
كانت الواليات المتحدة هي التي تتحكم فيهم .وبسبب تآمر هذا البلد مع الواليات المتحدة ،فلم تتوقع الكويت أن
تكون «الضربة موجهة إليهم» .وقد أفاد صدام بأن الكويت تستحق «عشر ضربات» .ولم تكن الكويت قوية
عسكريا مثل إيران .ولم يكن نقص الدفاعات الكويتية مؤشرا على غياب التخطيط مع الواليات المتحدة .وربما
تكون الخطط التي تمت مناقشتها واإلشارة إليها «تخطيط الرمال» هجومية بطبيعتها وليست دفاعية .وقد كانت
هناك أسباب لغزو العراق للكويت سواء مع وجود أو غياب القوات األميركية .ومثلما فعلت الواليات المتحدة في
معظم حروبها األخيرة ،فقد «أوجدت» الواليات المتحدة األسباب لقتال العراق في الكويت عام .1991وقد أنكر
ـ القوات العراقية في صدام اختالق هذه «المؤامرة» كمبرر لغزو الكويت .وزعم أن الوثائق التي اكتشفتها
الكويت أثبتت وجود «مؤامرة» كويتية مع الواليات المتحدة .وأشار صدام بقوله« :يمكننا أن نناقش ذلك
أليام» .واستغرق األمر من الواليات المتحدة و 28دولة أخرى سبعة أشهر لتعبئة القوات للحرب عام .1991
وقد حدثت هذه التعبئة بسبب قوة العراق والتهديد الذي كان يشكله الجيش .وقد شجع هذا التهديد السياسيين
في الواليات المتحدة على دعم القيام بعمل عسكري ضد العراق .وباإلضافة إلى ذلك ،فإن الفوائد المالية
للشركات التي يمكن أن تستفيد من الحرب قد شجعت على ذلك أيضا .وقد تم شن الهجوم العراقي على الكويت
بحيث لم يتم إكمال بناء الخطوط الدفاعية .وقد كرر صدام أن نقص القوات األميركية في الكويت ال يعني أنه لم
تكن هناك «مؤامرة».
وأعاد صدام التأكيد على أن هدف غزو الكويت كان يتمثل في السماح للكويتيين «بتقرير ما يرغبون فيه للتعامل
مع العراق» .وقد أنكر صدام أن إعالن الكويت كمحافظة رقم 19للعراق يتناقض مع بيان سابق .وحسبما
يقول صدام ،فقد تم تأسيس حكومة كويتية بعد الغزو وشملت رئيسا للوزراء ومختلف الوزراء .كما أنكر صدام
تعيين علي حسن المجيد وهو أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة كحاكم للكويت .وأضاف أن الحكومة الكويتية
قررت «االلتحاق بالعراقيين» .وعندما سئل عما إذا كان قد أعطى الخيار للكويتيين للتعبير عن رأيهم فيما يتعلق
بالحرب األخيرة ضد العراق ،استمر في القول بأن التصرفات العراقية فيما يتعلق بالكويت كانت أكثر منطقية من
موقف الواليات المتحدة تجاه العراق في الحرب األخيرة .وقال صدام إن إعالنه الكويت كمحافظة رقم 19كان
«مستحقا ومنطقيا» .وفي عام 1961أو 1962كان الرئيس العراقي قاسم في ذلك الوقت يرغب في جعل
الكويت مقاطعة عراقية .وأكد صدام على أنه شرح بالفعل السبب وراء عدم اتخاذ إجراءات أخرى لتفادي
الغزو ،وكذلك األسباب التي جعلته يخصص الكويت كمحافظة رقم .19ومع بدء الهجوم األميركي ،تبخرت كل
الحلول السياسية الممكنة .وزعم صدام أن العراق «كان سيسير في االتجاه اآلخر» إذا لم تهاجمه الواليات
المتحدة .ومع استنفاد الحلول السياسية ،لم يبق سوى خيارين .فقد كان بإمكان العراق االنسحاب من الكويت،
مع عدم احتمال توقف الهجمات على قواته أثناء االنسحاب .أو يكون العراق «أضحوكة» العالم .وكان من
الممكن أن تكون القوات العراقية مترددة في القتال إذا لم يتم إعالن الكويت المحافظة رقم .19وكان الحل
الثاني وهو األقرب يتمثل في عدم االنسحاب وإعالن الكويت المحافظة رقم 19حتى تقاتل القوات العراقية
بشراسة أكبر.
36
---------------------------
وعندما سئل عن االنتفاضات التي أشارت تقارير عديدة الندالعها جنوبي العراق بعد حرب عام ،1991قال
صدام إنه في غضون يوم واحد من وقف إطالق النار عام ،1991شرعت «بعض العناصر» في تنفيذ عمليات
تخريبية في المدن العراقية الجنوبية ،البصرة والناصرية والعمارة .وفي وقت الحق ،انتشرت تلك األنشطة إلى
مدن شمالية ،السليمانية وإربيل وكركوك .وقال صدام إن الجماعات التي نفذت مثل تلك العمليات «مدفوعة من
إيران» ،موضحا أن العراق ألقى القبض على 68ضابط استخبارات إيرانيا تمت مبادلتهم الحقا مقابل أسرى
عراقيين .وأشار صدام إلى أن «العناصر» التي شاركت في االنتفاضات كانت مزيجا من لصوص ومتمردين
و«أولئك الوافدين من إيران» .وتضمنت المجموعة األخيرة أشخاصا يعملون لحساب الحكومة اإليرانية،
وعراقيين من أصول إيرانية ،وعراقيين «هربوا» إلى إيران .وأكد صدام أنه في أعقاب اتخاذه قرار بإعادة
التأكيد على سيطرة الحكومة على البالد ،أولت القيادة العراقية المنطقة الجنوبية من البالد أولوية كبرى .وكانت
تلك هي المنطقة التي واجهت فيها القوات العراقية وحاربت عناصر تنتمي بصورة أساسية إليران .وبعد
استعادة النظام إلى جنوبي العراق ،ركزت القوات الحكومية على المنطقة الشمالية ،حيث جابهت مقاومة هزيلة،
وأحيانا لم تجد أية مقاومة .وأكد صدام أنه كان يجب على الحكومة العراقية مواجهة هؤالء األفراد الذين
شاركوا في االنتفاضات ،وقال إنه على الرغم من أن «أجنحة السلطات كانت مشتتة» بسبب حرب ،1991فقد
قامت الحكومة العراقية بـ«إلقاء القبض عليهم وضربت العدو» .وأضاف أن هؤالء الذين ال يردعهم الكالم
يردعهم السالح .وطلبت القيادة العراقية من الجيش أن يجمع أكبر قدر ممكن من القوات لمواجهة «الخيانة»
وللتعامل مع االضطرابات.
-------------------
* صدام :الكويت هي العراق وبريطانيا سرقتها ألن فيها نفطا ..ولم نأسر أي كويتي
ـ شكك في خسارة الكويت 180مليار دوالر جراء غزوها واحتاللها ..وطالب بتحقيق «محايد»
* قبل بدء المقابلة ،قيل لصدام إن هذه الجلسة سوف تكون استكماال لجلسات النقاش السابقة المتعلقة بالكويت.
فيما يتعلق بالمعلومات التي أوردتها الحكومة الكويتية والتي تشير إلى أن الغزو العراقي واحتالل الكويت قد
أسفر عن خسائر للدولة قيمتها 180مليار دوالر .سأل صدام عن مصدر تلك المعلومات ،وعندما أخبر بأن
المصدر هو الكويت ،سأل صدام ما إذا كانت هيئة محايدة وقانونية قد سألت الكويت عن أسباب وصولها إلى تلك
ـ في تلك المسألة .وتساءل صدام مرة أخرى النتيجة ،وقال إنه لم يسأل «أحد» الكويت عن تفاصيل تحقيقاتهم
عن وجود دليل يدعم افتراضات الكويت.
37
وأعاد صدام المعلومات التي ذكرت في استجواب سابق والتي تفيد بأن «الكويت هي العراق» .ووفقا لصدام فإن
الكويت قد «سرقت» من العراق بموجب قرار بريطاني ..وأضاف أنه إن لم تكن الكويت دولة نفطية فإنها لم
تكن «لتسرق».
وأكد صدام أنه ال يقول إن الكويت ليس لديها الحق في إصدار مثل تلك التصريحات ،ولكنه تساءل مرة أخرى
عن هوية الهيئة المحايدة التي فحصت هذه المسألة وما إذا كانت قد ناقشتها مع العراق ،ويعتقد صدام أنه كان
يجب تشكيل شيء مماثل للمحكمة لسماع التفاصيل من كال الجانبين والتخاذ قرار بشأنها .إال أن شيئا من ذلك
لم يحدث .وقال صدام إنه قبل الحرب األخيرة ،قال المسؤولون األميركيون إنه سيتم شطب كل الديون العراقية
بما فيها الديون التي يدين بها إلى الكويت .وفي رأي صدام ،فإن ذلك يثبت أن «أي قدر من المال ندين به
للكويت لم يكن مسألة قانونية» بل كان مسألة «سياسية» ..وأضاف أن تلك السياسة كانت تنتهجها الواليات
المتحدة وليست األمم المتحدة أو الكويت أو أي كيان آخر .وقد أخبر المحقق صدام بأن الكويت لم تطلب أي
تعويضات عن األضرار التي لحقت بها خالل الغزو واالحتالل العراقي لها ،إال أنها طلبت استعادة الـ605
أسرى حرب.
وحتى اليوم ،لم يعد هؤالء األسرى ،وقال صدام إن هؤالء الكويتيين لم يتم «أسرهم» ،وإنهم مفقودون كما هو
محدد في قرار األمم المتحدة ،وقال إن هناك «العديد من القصص والروايات التي أحيكت» حول تلك القضية،
مثل تلك التي أحيكت حول امتالك العراق ألسلحة الدمار الشامل ،فقد تم إثبات أن اتهامات الكويت بوجود أسرى
حرب لها عندنا ليست صحيحة ،وهو ما يماثل أسلحة الدمار الشامل.
وأضاف صدام أنه عادة ما يصبح األشخاص «مفقودين» في الحرب ،واستشهد بجندي التحالف الذي ال يزال
ـ من حرب الخليج األولى وآالف العراقيين واإليرانيين المفقودين من الحرب بين الدولتين.
مفقودا
وبالنسبة للـ 605كويتيين ،قال صدام إن الكويت تعرف مصيرهم ،وأنكر علمه بوجود 605كويتيين معتقلين
في ظروف غير ظروف القتال بعد الغزو العراقي للكويت .كما أقر صدام بأن عزيز صالح النعمان كان حاكما
للكويت خالل االحتالل العراقي ،وهو منصب كان يشغله علي حسن المجيد في ذلك الوقت ،وأنه كان خاضعا
مباشرة لوزير الداخلية العراقي ،وقد تم تحديد مهام النعمان كحاكم الحقا في القوانين المحلية العراقية ،وال
يتذكر صدام إذا ما كان قد عين النعمان بنفسه أو أنه تم تعيينه بموجب مرسوم أصدره مجلس قيادة الثورة في
العراق.
ففي العراق يحدد الدستور مقدما سلطة مجلس قيادة الثورة وسلطة الرئيس الذي هو أيضا رئيس مجلس قيادة
الثورة .كما أن بعض التعيينات الحكومية مثل تلك التي تمنح لبعض المسؤولين البارزين في الجيش والقضاة
والمدراء العامين تعتمد على توجيهات «رئاسية».
وأوضح صدام أن النظام العراقي ال يمنع الرئيس من ترشيح اسم للتعيين ،طالبا من المجلس أن يقدم رأيه في
ذلك الترشيح ،فالقرارات في العراق يوقعها الرئيس ،كما أن له الحق في استشارة أو عدم استشارة أحد .وقال
صدام إن «طريقته» كانت أن يستشير دائما اآلخرين عندما يأتي وقت اتخاذ القرار؛ فكان يتم تعيين الحكام وفقا
لتوجيهات «رئاسية» .ولكن صدام ال يتذكر ما إذا كان قد ناقش مسألة تعيين النعمان مع المجلس أم ال.
38
وعندما سئل بشأن استخدام العراق للكويتيين واليابانيين والغربيين كدروع بشرية خالل حرب الخليج األولى بما
في ذلك وضعهم في مواقع رئيسية مثل مراكز االتصاالت والمواقع العسكرية ،أنكر صدام أن يكون قد تم وضع
األفراد في مواقع عسكرية عراقية .وأضاف أن الحكومة العراقية لم تكن تمنع األفراد من التطوع كدروع بشرية
لحماية الهيئات مثل مراكز االتصاالت ..وعندما سئل عما إذا كان هناك متطوعون في عام 1991أجاب صدام
«ال أتذكر».
وقد قرأ المترجم على صدام خطابا من الحكومة العراقية أصدره قصي صدام يتعلق باستخدام السجناء الكويتيين
كدروع بشرية ،فأجاب صدام بأنه ليس لديه معلومات حول ذلك الخطاب ،وعندما أخبر صدام بأن الخطاب
حصلت عليه القوات األميركية من أحد مباني الحكومة العراقية وأن الخطاب يبدو قانونيا ،أجاب صدام «لقد
أجبت».
وتساءل صدام عما إذا كان هؤالء األسرى المذكورون في ذلك الخطاب قد سئلوا حول اعتقالهم في العراق أو
استخدامهم كدروع بشرية .وقال صدام إن العراق أطلق سراح جميع األسرى الكويتيين ،وبعد أن أخبر بأن
الخطاب يرجع تاريخه إلى 14مارس (آذار) 2003أجاب« :إنه تزييف .فذلك مستحيل» .واقترح أن يتم
فحص الخطاب بعناية لتحديد أصالته ،وأضاف أنه كان يعتقد أن تاريخ الخطاب يرجع إلى .1991
وذكر صدام أنه إذا كان تاريخ الخطاب هو ،2003فهو مزيف ،مضيفا أن العراق لم يكن لديه أسرى في ذلك
الوقت ،وقال صدام إن قصي لم يكن ذلك النوع من األشخاص الذي «يفعل مثل تلك األمور» .وكرر مرة أخرى
أنه يجب على الخبراء في الواليات المتحدة والعراق فحص ذلك الخطاب لبحث مدى موثوقيته.
وفيما يتعلق باألسلحة الكيميائية والسبب الذي لم يجعل العراق يستخدمها في حرب الخليج األولى ،أجاب صدام
بأنه سئل ذلك السؤال قبل ذلك وبأنه قد أجاب .وعندما أخبره المحقق بأنه لم يسأله ذلك السؤال من قبل ،أجاب
صدام بأنه يرى من الغريب أن يسأله المحقق أو أي شخص آخر ذلك السؤال ،ليس فقط في ذلك الوقت بل في
ـ األسلحة الكيميائية ضد قوات التحالف ،وقال
أي وقت آخر .وأضاف أنه ليس من سياسات العراق استخدام
صدام إن ذلك من أجل التاريخ وليس افتراضات غير واقعية .وتساءل :كيف كان سيوصف العراق إذا كان قد
استخدم األسلحة الكيميائية ،وأجاب عن السؤال الذي طرحه «كانوا سوف يصفوننا باألغبياء» .ووفقا لصدام
ـ قبل أو خالل حرب .1991 فإن المسؤولين العراقيين لم يتناقشوا أبدا حول األسلحة الكيميائية واستخدامها
وكما هو مذكور في حوار سابق ،فقد أقر صدام بحدوث لقاء في يناير (كانون الثاني) 1991قبل الحرب
مباشرة بين وزير الخارجية األميركي جيمس بيكر ووزير الخارجية العراقي طارق عزيز .ويتذكر صدام عبارة
قالها بيكر «سوف نجعل العراق يعود إلى عصر ما قبل الصناعة» .وقال إن العراق لم يكن تخيفه التهديدات
خاصة عندما تأتي من «موقع قوي» .وأنكر صدام معرفته بذلك الجزء من المناقشة الذي يتعلق بموقف
ـ العراق لألسلحة الكيميائية حال تعرضها العتداءات .ووفقاالواليات المتحدة فيما يتعلق باحتمالية استخدام
ـ األسلحة الكيميائية «لم يخطر على بالنا».
لصدام «فقد اتخذنا القرار الصائب» .وأضاف أن استخدام
وقال صدام إن وزير الدفاع العراقي سلطان هاشم وقائد الفيلق الثاني (صالح) كانا يمثالن العراق في مباحثات
ـ ورؤاهم كانت مماثلة لمواقف القيادة العراقية فيما
وقف إطالق النار خالل حرب الخليج األولى .وإن مواقفهم
يتعلق بتأمين وقف إطالق النار وبدء انسحاب القوات األجنبية من العراق .وقال صدام إن العراق لم يكن
يستهدف استمرار الحرب وكان يرغب في وقف إطالق النار .وعند سؤاله حول العناصر التي ناقشها العراق في
مباحثات وقف إطالق النار في 1991قال صدام إنه ال يتذكر أي طلبات عراقية إضافية عدا انسحاب القوات
األجنبية من أراضيهم .وفي رأي صدام ،فإن القتال كان ليستمر بدون ذلك االنسحاب ،وأنكر معرفته بأن العراق
طلب وتلقى إذنا باستمرار طيران الطائرات المروحية .كما أنكر معرفته بالغرض من مثل ذلك الطلب العراقي.
39
* صدام :انتفاضات 1991قام بها لصوص ومتمردون ووافدون من إيران ..وخولتُ المحافظين التعامل معها
ـ قال إن األولوية أعطيت إلعادة السيطرة على الجنوب وإن المقاومة في الشمال «كانت هزيلة»
---------------------
* في أعقاب وقف إطالق النار عام ،1991أشار صدام إلى أن هدف القيادة العراقية كان إعادة بناء البنية
التحتية العراقية التي دمرت أثناء الحرب .وتضمن ذلك إعادة صياغة برامج زراعية واقتصادية .وقال صدام إن
العراق أعاد بناء «كل شيء تقريبا» وشرع في تنفيذ برامج جديدة في قطاعات الزراعة والتعليم والصحة .إال
أن الجهود العراقية أعيقت جراء العقوبات المفروضة على البالد ،التي أثرت على نحو خاص على قطاعي
الصحة والتعليم .عندما تم لفت انتباه صدام إلى حدوث العديد من التغييرات في الحكومة العراقية خالل تلك
الفترة ،بينها تعيين أفراد في مناصب جديدة ،أكد صدام أن «هذا أمر طبيعي» .من وجهة نظره ،تعد هذه
التغييرات حدثا «عاديا» ليس في العراق فحسب ،وإنما دول أخرى مثل الواليات المتحدة .من بين تلك التعيينات
الجديدة تعيين عبد حمود سكرتيرا شخصيا لصدام ليحل بذلك محل السكرتير السابق الذي تم تعيينه وزيرا
للتعليم .وأشار صدام إلى حمود باعتباره «رفيقا كبيرا لي» عمل كعضو من أعضاء مجموعة مرافقي الرئيس
والمكلفين بحمايته .وتمثل مسؤول آخر في طارق عزيز الذي عين نائبا لرئيس الوزراء .ووصف صدام عزيز
بأنه أحد أوائل أعضاء مجلس قيادة الثورة .من وجهة نظر صدام ،فإن عزيز «لم يكسب أي شيء من وراء هذا
التعيين» .وقال صدام إنه أخبر القيادة العراقية أنه (صدام) إذا تقلد كذلك لقب رئيس الوزراء ،فإنه سيكون
بحاجة لمعاونة آخرين .وعليه ،تم تعيين عزيز وطه ياسين رمضان نائبين لرئيس الوزراء .أوضح صدام أن
مهام السكرتير الشخصي تتضمن تنظيم جدول أعمال الشخص الذي يعمل لحسابه .ويجب أن يتحلى السكرتير
بالدقة في تنفيذ مهامه .وجاء اختيار صدام لحمود سكرتيرا شخصيا له ألنه «كان مناسبا للمنصب» .وأضاف
صدام أن ذلك كان اختياره وال يحمل األمر بوجه عام أهمية تاريخية .وذكر مجددا أن حمود عمل في مجموعة
الحماية والمرافقين له ،وأن كال المجموعتين تضمنتا أقارب صدام .في بداية الثورة ،كان من بين أقاربه واحد
فقط يتقلد منصبا سياسيا في الحكومة .في ذلك الوقت ،اتسم أقارب صدام بتعليمهم المحدود وعملوا بصورة
رئيسية في الجيش والقطاعات العسكرية األخرى .أوضح صدام أن أعضاء مجموعة الحماية المعنية به لم تمل
ـ وتعزيز بالضرورة تفاصيل تحركاته .وأشار إلى أنه في بعض األحيان عمد إلى تلقينهم سبل تحسين أدائهم
نجاحاتهم .وقال إنه كان في بعض األحيان يمازحهم بالقول إنه قادر على االضطالع بمهامهم على نحو أفضل.
وأعرب صدام عن اعتقاده بأنه من المهم أال يتسم أعضاء القوة المحيطة به بـ«الخشونة» عندما «يخالط»
صدام أفراد الشعب .وقال إن هذه القوة كانت ستصبح فاشلة في عملها إذا ما عمدت إلى «عزله» عن حشود
الجماهير .وأضاف أنه من المهم كذلك أن يبدل أعضاء هذه القوة سلوكهم ومهامهم بما يتوافق مع طبيعة
صدام .وكدليل آخر على قدرته على التلقين والتعليم ،أكد صدام ،أنه إذا طلب منه ذلك ،فإن باستطاعته تقديم
المشورة فيما يتعلق بمهام المحقق .وعندما سئل عن مزيد من الشرح لهذا األمر ،قال« :إن الطبيب ال يطارد
الناس ليسألهم ما الذي يؤلمهم .وإنما هم من يفدون إليه» .وشدد صدام على أن األمر األهم هو إمعان النظر
في المنصب الذي يتواله المرء ،سواء كان منصبا يعنى بالتنفيذ أو التخطيط ،من أجل تحديد السبيل المثلى
لالضطالع بالمهام المرتبطة به .وشرح أن الشخص المسؤول عن تنفيذ األوامر يجب أن يكون دقيقا وسريعا،
بينما يجب على من يتولى اإلشراف السماح لمن هم دونه بتفعيل روح المبادرة بداخلهم .إال أنه نوه بأن
«هامش المبادرة» يختلف بين المواقف المدنية والعسكرية .وقال صدام «األعين في الميدان تختلف عن تلك
داخل مقر القيادة» ،مستطردا بأن «أعين الميدان» غالبا ما تتسم بدقة أكبر في تفهم موقف معين عن األخرى
الموجودة بمقر القيادة .فيما يخص الصفات الشخصية التي رغب توافرها في من يعملون تحت إمرته ،أوضح
40
صدام أن «اإلنسان ليس كالبضاعة» .ربما يعتقد المرء أن شخصا ما مناسبا لمنصب معين ليكتشف الحقا أنه
يفتقر إلى الصفات المطلوبة .ورأى صدام أن موقفا معينا قد يتطلب انتقاء فرد محدد ،رغم أنه في ظل الظروف
العادية ربما ال يجري النظر إلى هذا الشخص باعتباره االختيار األمثل .وينطبق هذا القول بوجه خاص في إطار
اختيار الشخص المناسب لتنفيذ عمليات عسكرية .وأوضح صدام أن اختيار أو عزل األفراد فيما يتعلق بمناصب
عسكرية أو حكومية معينة غالبا ما يتضمن دراسة وجهات نظر أسرة هذا الشخص أو عشيرته .ويتمثل عامل
آخر في دراسة مدى قوة شعوره بالهوية العراقية و«الفردية» .ورغم أن موقفا ما ربما يستدعي عزل عراقي
من منصبه ،يجب على القائد دراسة كيف سيجري النظر إلى هذا العزل .على سبيل المثال ،ربما يثير أقارب
شخص تم عزله من منصبه التساؤالت حول شخصيته .وقد يتساءل البعض «مرارا وتكرارا» لماذا تم فصل هذا
الشخص من منصبه .وربما يتساءل آخرون «هل كان جبانا؟» وقد تثار تلك التساؤالت حتى عندما يقرر شخص
ـ «تلطخت» .وفي ظل ما التقاعد في ظل ظروف عادية .وربما يساور أسر هؤالء األفراد شعور بأن سمعتهم
بعض الظروف ،قد تثير مثل هذه اإلجراءات كراهية تلك األسر تجاه الحكومة .وشرح صدام أنه نظرا للحاجة
ـ بقيود على قدراتها على إلى دراسة هذه المشاعر والتوجهات ،غالبا ما تشعر القيادات العسكرية والحكومية
إجراء تغييرات في األفراد ،حتى وإن كانت ضرورية .وعندما سئل عن االنتفاضات التي أشارت تقارير عديدة
الندالعها في جنوب العراق بعد حرب عام ،1991ادعى صدام أنه لم يرد لمسامعه شيء عن هذا األمر.
وعندما تم توضيح أن الكثير من المقابالت والتقارير وثقت هذه االنتفاضات ،تساءل صدام «ألم ننته من مناقشة
هذا األمر؟» إال أنه استطرد قائال إنه في غضون يوم واحد من وقف إطالق النار عام ،1991شرعت «بعض
العناصر» في تنفيذ عمليات تخريبية في المدن العراقية الجنوبية ،البصرة والناصرية والعمارة .وفي وقت
الحق ،انتشرت تلك األنشطة إلى مدن شمالية ،السليمانية وأربيل وكركوك .وقال صدام إن الجماعات التي نفذت
مثل تلك العمليات «مدفوعة من إيران» ،موضحا أن العراق ألقى القبض على 68ضابط استخبارات إيرانيا
تمت مبادلتهم الحقا مقابل أسرى عراقيين.
ـ إمدادات الكهرباء. خالل وقت اندالع االنتفاضات ،كانت غالبية الجسور في العراق تهدمت بالفعل .وانقطعت
ـ
وكانت خدمة توفير المياه متقطعة ،واإلمدادات الغذائية محدودة للغاية .في أعقاب الحرب ،أسهمت هذه العوامل
في حدوث قالقل عامة بالبالد .وأشار صدام إلى أن «العناصر» التي شاركت في االنتفاضات كانت مزيجا من
لصوص ومتمردين و«أولئك الوافدين من إيران» .وتضمنت المجموعة األخيرة أشخاصا يعملون لحساب
الحكومة اإليرانية ،وعراقيين من أصول إيرانية ،وعراقيين «هربوا» إلى إيران .وكان من الصعب تحديد
جنسية هؤالء األشخاص بصورة مؤكدة لتعمد الكثيرين منهم التخلص من وثائق المواطنة الخاصة بهم .وأكد
صدام أنه في أعقاب اتخاذه قرارا بإعادة التأكيد على سيطرة الحكومة على البالد ،أعطت القيادة العراقية
المنطقة الجنوبية من البالد أولوية كبرى .وكانت تلك هي المنطقة التي واجهت فيها القوات العراقية وحاربت
عناصر تنتمي بصورة أساسية إليران .وبعد استعادة النظام إلى جنوب العراق ،ركزت القوات الحكومية على
المنطقة الشمالية حيث جابهت مقاومة هزيلة ،وأحيانا لم تجد أية مقاومة .واستمرت أعمال القتال بشمال
وجنوب العراق طيلة أسبوعين تقريبا .وقال صدام« :نصرنا اهلل» .وأضاف أنه منذ ذلك الحين ،استمرت إيران
في تسريب مجموعات يتراوح عدد أفرادها بين عشرة وخمسة عشر شخصا إلى داخل األراضي العراقية لتنفيذ
عمليات ضد الحكومة .إال أن جهود هؤالء األفراد أحبطت في معظمها على يد السكان المحليين .في نهاية
األمر ،في أعقاب إبرام اتفاق بين العراق وإيران ،توقفت هذه العمليات العدائية .وصف صدام انتفاضات عام
1991بأنها نشاطات تمرد قام بها «خارجون على القانون ولصوص» .ورفض صدام اعتبار المتمردين
ـ التي سمحت بوقوع مثل هذه االضطرابات ،أجاب صدام بأنها الدعم ثوريين .وعندما سئل عن ماهية العوامل
اإليراني وضعف الحكومة العراقية بعد الحرب والمساعدة المحتملة من قبل قوات التحالف .ونوه صدام بأن
جميع المؤسسات الحكومية ،بما في ذلك الشرطة والمؤسسة العسكرية ،أصابها الوهن جراء الحرب .لكنها
تمكنت في نهاية األمر من التغلب على المتمردين .وطبقا لما صرح به صدام ،فإن «سيف» المؤسسة العسكرية
العراقية «ازداد طوال» .إال أنه اعترف بأن الضعف الذي ألم بالمؤسسة العسكرية العراقية يشكل العامل الرئيس
الذي أسهم في حدوث تلك الفوضى من األساس .وأعرب صدام عن اعتقاده بأن الهدف وراء نشاطات التمرد
41
كان السيطرة على العراق .ومن وجهة نظره ،فإن هذا التكتيك جرى استخدامه عام 1991بعد عجز إيران عن
إنجاز هدفها خالل حربها األخيرة ضد العراق .رغبت إيران في السيطرة على كل ،أو على األقل جزء من
العراق ،خاصة الجزء الجنوبي .وأبدى صدام قناعته أيضا بأن طهران رغبت في توسيع دائرة نفوذها إلى شرق
السعودية ومنطقة الخليج بأكملها .من جانبه ،خول مجلس قيادة الثورة للمحافظين سلطة السيطرة على
المؤسسة العسكرية خالل فترة االنتفاضات لضمان حماية أبناء محافظاتهم وإعادة إقرار األمن «والحياة
الطبيعية» .وبات أمن الشعب والبالد مهددا جراء انتشار أعمال القتل والسرقة وحرق المباني والتدمير العام،
لكن تمت في النهاية السيطرة على كل ذلك .ونفى صدام علمه باألساليب التي لجأ إليها المحافظون والقوات
العسكرية إلعادة فرض السيطرة .وقال «لقد تم تخويلهم السلطة الالزمة ،وقاموا باستغاللها» .في ذلك الوقت،
لم يسأل صدام عن معلومات مفصلة حول العملية ،لكنه طلب وتلقى بالفعل تقارير عن الوضع العام فيما يخص
مدى التقدم الذي تحرزه العمليات .فيما يتعلق بالقيود التي فرضتها القيادة على القوات العسكرية خالل تلك
الفترة ،تساءل صدام «ماذا تعني بقيود؟» وأنكر صدام اندراج هذا الموقف في نطاق معاهدة جنيف ،مشددا على
أنها تنطبق على الحروب فحسب .وادعى صدام بأنه فيما يخص الصراعات الداخلية ،تنطبق معاهدة جنيف فقط
حال وجود قوة تحتل دولة أخرى .وأضاف أن معاهدة جنيف تنطبق على محاوالت االنقالب أو القالقل الداخلية
التي تتضمن جرائم مثل الحرق والنهب .من جهته ،أوضح المحقق أن القانون الدولي ال يجيز استهداف
المدنيين حتى عندما يكون موقع هدف عملية عسكرية ما مأهوال بمدنيين ،وأن قوانين إنسانية معينة تنطبق
كذلك على هذا الوضع .وعندما سئل مجددا حول طبيعة القيود التي فرضت على القوات العسكرية العراقية في
تعاملها مع انتفاضات عام ،1991أجاب صدام بأن كل عراقي ،سواء كان مدنيا أو عسكريا ،يعي جيدا ما هو
السلوك اإلنساني المقبول ،وليست هناك حاجة لمن يملي عليهم كيفية التصرف .وأعلن صدام «أتحمل مسؤولية
ما قررته» .وأضاف أنه غير مسؤول عن كيف تصرف عراقي ما .وادعى أنه إذا ما رغب أحد العراقيين في
استغالله (صدام) كذريعة لتبرير أفعاله ،فإنه سيقبل هذا األمر طالما أنه ال يسيء إلى سمعته .ومن وجهة نظر
صدام ،يتحمل القائد المسؤولية عن أفعال من تحت إمرته إذا ما نما إلى علمه أفعال من يخضعون لقيادته،
وعليه مواجهة هذا الشخص بما اقترفه من أخطاء .وقال إن كل فرد يجري الحكم عليه اعتمادا على قانونه
ودستوره الخاص.
* صدام :أعضاء في حزب الدعوة جاءوا من إيران إبان انتفاضة ..1991وساعدتهم قوات إيرانية
ـ قال إنه أمر الجيش بجمع أكبر قدر ممكن من القوات لمواجهة «الخيانة»
----------------------------
* قبل بدء التحقيق ،قيل لصدام حسين إن مناقشة اليوم سوف تكون استكماال للحديث السابق عن االضطرابات
أو االنتفاضات التي وقعت جنوبي العراق عام 1991بعد حرب الخليج .وقال صدام إنه علم بتفاصيل الوضع
في جنوبي العراق بالطريقة نفسها التي تحدث مع رؤساء الدول .وأشار إلى أنه عندما كانت تواجه القيادة
العراقية وضعا ما ،كانت تجتمع وتتشاور «سريعا» للوصول إلى الطريقة المثلى لمواجهة هذا الوضع .وقال
صدام إنه في البداية فإن من قاموا بالتصرفات التي ظهرت خالل انتفاضات جنوبي العراق كانوا بين «هؤالء
الذي عبروا الحدود من إيران» .وهناك آخرون من العراق قاموا بأفعال مشابهة ،والبعض لم يكن مشاركا في
أية أحداث .ويرى صدام أنه لو كان رد فعل الحكومة العراقية على هذه التصرفات بطيئا وضعيفا ،لربما أبدى
أشخاص تعاطفا وساعدوا المشاركين في االنتفاضات .ومن دون رد فعل كهذا ،ربما تصرف البعض بدافع
الخوف والظن بأن هؤالء الذين تسببوا في االضطرابات سوف يحوزون السلطة في نهاية المطاف ويسيطرون
42
على الحكومة داخل العراق .أضف إلى ذلك ،أنه كان هناك أشخاص آخرون وصفهم صدام بأنهم «لصوص
طماعون» ربما شاركوا في االنتفاضات .وأكد صدام أنه كان يجب على الحكومة العراقية مواجهة هؤالء األفراد
الذين شاركوا في االنتفاضات ،وقال إنه على الرغم من أن «أجنحة السلطات كانت مشتتة» بسبب حرب
،1991فقد قامت الحكومة العراقية بـ«إلقاء القبض عليهم وضربت العدو» .وأضاف أن هؤالء الذين ال
يردعهم الكالم يردعهم السالح .وطلبت القيادة العراقية من الجيش أن يجمع أكبر قدر ممكن من القوات
لمواجهة «الخيانة» وللتعامل مع االضطرابات .ويقر صدام بأن أحداث النهب من قبل أفراد معينين «اختلطت»
بتصرفات هؤالء المشاركين في االنتفاضات .وبالنسبة لقرار وضع أفراد محددين مسؤولين عن مناطق في
جنوبي العراق في هذه الفترة وعن األدوار التي كلفوا بها ،قال صدام« :قلت إن قرارنا كان هو مواجهة وإلحاق
الهزيمة بالعدو» .وكان يجب تقديم المشاركين في االنتفاضات «للمحاكمة» ،إن لم يكن بالكلمة فبالسالح .وقال
صدام إنه لم تكن هناك حاجة إلى نقاش طويل في هذا الموضوع .وكان األفراد الذين عبروا الحدود من إيران
أعضاء في حزب الدعوة ،وساعدتهم قوات إيرانية أخرى .وقام هؤالء سويا بالقتل والحرق والنهب وارتكبوا
جرائم أخرى .وحسب ما قاله صدام ،ال يحتاج أحد إلى السؤال عن اإلجراءات التي يجب أن تتخذ عند مواجهة
مثل هذا الموقف .ولكن اإلجراءات كانت تملي أن تجتمع القيادة العراقية لمناقشة األمر ،وكان لجميع أفراد
القيادة العراقية الرأي نفسه حول رد فعل الحكومة العراقية الالزم للتعامل مع الوضع .وعندما سئل عن الطريقة
التي كانت تصل بها المعلومات إليه حول أحداث جنوبي العراق وردود األفعال التالية من جانب القوات الحكومية
العراقية ،رد صدام بسؤال« :في دولة صغيرة مثل العراق ،هل ممكن أال نعرف ماذا يحدث؟» .وأضاف أن
الشعب بالكامل في جنوبي العراق بدأ في الهجرة إلى بغداد خالل هذه الفترة .و«انقطعت» المعلومات الواردة
من أحد القادة العراقيين في الجنوب ،وهو علي حسن المجيد وأنه تبين بعد فترة وجيزة أن المجيد «يقاوم» في
البصرة .وعندما سئل عن صحة التقارير التي قالت بأن المجيد وقع في مصيدة بالفعل داخل البصرة في ذلك
الوقت ،رد صدام« :في الماضي ،لم يكن العراقيون يحترمون القانون أو السلطة» .وعندما كانوا يدعون إلى
الخدمة العسكرية ،لم يكن العراقيون يلبون النداء .وعندما يدعون «للتحقيق» لم يكن يستجيب العراقيون
بصورة عامة إلى ذلك .وقال صدام إن القانون الوطني كان مبدأ جديدا نسبيا خالل هذه الفترة .وعلى الرغم من
أن معظم العراقيين كانوا عربا ،فإنهم لم يكونوا معتادين على أن يحكمهم عربي :الملك فيصل في ذلك الوقت،
فقد وضعه البريطانيون في السلطة .وكان عدم االكتراث بالقانون منتشرا في المناطق الريفية آنذاك .وبعد ذلك
أورد صدام تفاصيل قصة عن أب يسمى ماضي عبيد وابنه ،وكان االثنان مطلوبين لدى الحكومة .ونتيجة
لعملية قامت بها الشرطة ،تم أسر عبيد واستجوابه لمعرفة األماكن التي يتردد عليها ابنه .وأجاب عبيد« :ال
أبناء لدي» .وسألته الشرطة« :هل أنت ماضي؟» ،فرد عبيد« :ال أنا فاضي» ،فصفع رجال الشرطة عبيد وقالوا
له« :أنت ماضي» .فقال عبيد« :إذا كانت الحكومة تقول إنني ماضي ،فأنا ماضي» .وأنهى صدام مناقشة وضع
المجيد في البصرة قائال« :سمعتم ما سمعتموه ،وأنا سمعت ما سمعته» .وقال صدام إن التهديد للحكومة
العراقية عام ،1991كان موجودا في شمالي وجنوبي العراق .وكانت هناك محاولة النتفاضة داخل بغداد.
وأشار صدام إلى أنه يرى أن هؤالء «الذين يؤخرون اتخاذ القرارات» انضموا إلى االنتفاضات بعد أن رأوا
مراكز الشرطة ومكاتب الحكومة تهاجَم من دون مقاومة من السلطات .وعندما استعادت الحكومة العراقية
السيطرة ،ذهب «العدو» إلى منطقة أخرى أو عزز من وضعه في منطقة قديمة .وقال صدام إن قوة الجيش
العراقي زادت بمرور الوقت و«بدأت الدائرة تضيق حول العدو».
وأشار صدام إلى أن الفترة السابقة من غياب حكم القانون التي ناقشها ،خالل فترة «ماضي» ،كانت في
العشرينات من القرن الماضي .وأضاف أن وضع العراقيين تغير تماما خالل األعوام الـ 35الماضية التي كانت
تحت حكم حزب البعث .وفي رأي صدام ،فإنه مع وجود حزب سياسي في أنحاء العراق كافة ،أصبح الشعب
العراقي يؤمن بأجندة الحكومة وكان لديه إيمان في قيادته وكان أكثر انضباطا من أي وقت مضى .وأدى ذلك
إلى تحسن في الوضع داخل العراق ،ال سيما من ناحية االقتصاد .وقال صدام إنه لم يكن هناك «شخص فقير»
في العراق خالل الثمانينات .وكانت «تتم رعاية» األرامل واأليتام وكبار السن و«توفير األمن لهم» .وكانت
المنتجات التجارية غير مرتفعة الثمن نسبيا .ولكن ،تالشى أسلوب الحياة هذا داخل العراق خالل الحرب .وقال
43
صدام« :الحصار هو الحصار» .وبعد التراجع في االقتصاد ،كان الموظفون والمواطنون العراقيون بصورة
عامة أقل انضباطا .ولكن ،لم يتغير والؤهم .ويقر صدام بأن العراق كان في طريقه كي يكون قويا اقتصاديا في
مطلع الثمانينات ،وأضاف أن جميع األشياء اإليجابية في العراق كانت من صنع القيادة العراقية .وأشار صدام
إلى أن الوضع االقتصادي تدهور بصورة كارثية خالل الثمانينات ،ويتفق على أن التراجع في االقتصاد العراقي
في هذه الفترة وحرب الخليج التي تلت عام ،1991التي أدت إلى حصار وعمليات تفتيش من جانب األمم
المتحدة قوض القوة االقتصادية للبالد .وقال إن هذا التراجع شعر به الشعب العراقي ،ال سيما هؤالء الذين
يعيشون في المناطق الريفية وذوي الدخل المنخفض مثل من يعيشون في جنوبي العراق .وأضاف صدام أن
المناطق الوسطى والشمالية من العراق تضررت أيضا .وقال صدام إن القاعدة العامة هي أن ضغوط الفقر يمكن
أن تؤدي بدرجة كبيرة إلى ضغوط على المجتمع وربما تفضي إلى ثورة .ولكنه ساق كثيرا من األمثلة للمواقف
التي وقعت فيها ثورات في العراق ودول أخرى في العالم العربي ولم تكن بسبب الظروف االقتصادية .وقال إن
أعمال التمرد التي ال توجد لها أجندة سياسية مثل تلك التي ظهرت في التسعينات ليست ثورات .وأشار المحقق
إلى أن كثيرا من المنظمات اإلنسانية وغير الحكومية المحايدة أجرت تحقيقات عن تصرفات الجيش العراقي
خالل انتفاضات .1991وأجرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» ،وهي منظمة محايدة غير ربحية وال ترتبط
بأي حكومة ،واحدا من هذه التحقيقات ،وأوردت تفاصيل عما قام به الجيش العراقي .وقرأ المحقق على صدام
مقابلة أجرتها «هيومان رايتس ووتش» مع أحد سكان البصرة شاهد أحد هذه األحداث في .1991وقال الرجل
إنه رأي طابورا من الدبابات العراقية تقترب من البصرة .وكانت الدبابة التي في األمام بها ثالثة أطفال
ـ كدروع بشرية .وعندما سئل عن علمه بتصرفات الجيش مربوطين في مقدمتها وأجبروا على االستخدام
العراقي هذه عام ،1991قال صدام إنه على الرغم من اعتقاده بأن هذه المعلومات ال تستحق الرد ،فإنه سوف
يجيب لصالح المحقق .وقال« :هذه كذبة» .وأضاف أن في العراق كل طفل لديه أب وأم وعائلة .وال يوجد في
العراق «أيتام يمشون في الشوارع» .وبالنسبة لهؤالء األطفال الثالثة ،تساءل صدام« :أين كان آباؤهم؟»
وتساءل لماذا يقبل المحقق القول بأن قائد الدبابات تصرف بصورة غير مسؤولة .وتساءل أيضا لماذا كان
ـ األطفال كدروع بشرية على أنها وسيلة فعالة ضد هؤالء الذين كان يقومون بالفعل سينظر إلى أسلوب استخدام
بالقتل والنهب والحرق .وأشار إلى أن قصة استخدام األطفال بهذه الطريقة اختلقها غربيون .وأكد على أن
القصة ال تستحق إجابة منه و«الكذبة واضحة».
الحلقة السادسة:صدام ردًا على شكوى امرأة :ماذا كنت تملكين ..أعواد القصب؟
يكشف الرئيس العراقي األسبق صدام حسين الذي أُعدم نهاية ديسمبر (كانون األول) 2006في وثائق سرية
ـ وحتى اعتقاله
أفرج عنها األرشيف القومي األميركي أخيرا خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه األخيرة في الحكم
44
وظروفه في السجن .والوثائق التي تواصل «الشرق األوسط» اليوم نشرها هي عبارة عن محاضر 20
استجوابا رسميا وخمسة محادثات عادية أجراها جورج بيرو ،وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي
األميركي «إف بي آي» ،للرئيس السابق ما بين 7فبراير (شباط) و 28يونيو (حزيران) .2004وعرض
المحقق الفيلم الوثائقي المتعلق بالموقف في جنوب العراق عام 1991بعد حرب الخليج األولى .وقد قدم صدام
تعليقات قبل مشاهدة الفيلم الوثائقي وقال إن على المرء االستماع إلى الحقائق كافة وأن يعثر على الحقيقة.
وتساءل صدام« :كيف ستعرف الحقيقة؟» ،وأضاف أن المحقق سوف يستخدم وسائل اإلعالم الغربية التي قد
تكون متحيزة للوصول إلى الحقيقة.
وقال صدام «:إن جيشكم يحتل بلدي .وأنت حر .وأنا سجين» .وأضاف أن الشخص الذي يبحث عن الحقيقة
يجب عليه أن يتصل مباشرة باألفراد المعنيين .وفي ما يتعلق بجنوب العراق عام 1991بعد الحرب ،أفاد
صدام بأن على المرء أن يتحدث إلى «أولئك الذين انتُهكت حقوقهم مثل النساء» من قِبل من أرسلتهم إيران.
وهؤالء األشخاص أنفسهم الذين أرسلتهم إيران هم من ارتكبوا جرائم أخرى في جنوب العراق ،منها السرقة
والحرق والقتل .وأفاد صدام بأن على المرء االتصال باألشخاص اآلخرين الذين يشاركونه (صدام) الرأي.
وأشار صدام إلى أن مثل هذا الفيلم الوثائقي قد تم إعداده في الغرب وتمت إذاعته أول مرة في أميركا ،وبالتالي
فإنه ليس فيلما محايدا أنتجه أفراد محايدون .وأفاد صدام بأن المشهد الذي يظهر الشيعة في جنوب العراق
«يمكن أن يُرى في أي مكان في الوقت الحاضر» .وشكك صدام في رقم 300ألف الذي زعم الفيلم أنهم قُتلوا
في جنوب العراق .ومع استمرار الفيلم الوثائقي قامت سيدة من الجنوب برواية تفاصيل المعاملة التي لقيتها
عائلتها على أيدي الحكومة العراقية ،فقالت إنهم لم يتبقَّ لهم شيء وإنهم اضطروا إلى مغادرة منازلهم
بممتلكات قليلة ،وضحك صدام وسأل« :ما الذي كانت تملكه من قبل؟ أعواد القصب!».
* صدام أثناء مشاهدته فيلما عن االنتفاضة الشيعية :ما يصوره الفيلم يمكن أن يُرى في أي مكان
ـ قال إن الشريط الوثائقي أُعد في الغرب وتم بثه ألول مرة في أميركا وبالتالي فإنه ليس «محايدا»
------------------------------
* قبل بدء الجلسة ،تم إعالم صدام بأن نقاش اليوم سوف يتضمن مشاهدة الفيلم الوثائقي المتعلق بالموقف في
جنوب العراق عام 1991بعد حرب الخليج األولى.
وقد قدم صدام تعليقات قبل مشاهدة الفيلم الوثائقي .وقال إن كل شخص يقدم معلومات بناء على خلفية معينة،
ـ وخبرات حياته .وعلى الرغم من وجود الرأي الشخصي ،فإن المرء يتأثر وتقوم هذه المعلومات على معتقداته
بأفكار اآلخرين .وأي شخص يقدم معلومات عن العراق أو أي بلد آخر فإنه يتحدث بناء على وجهات نظر ثالث.
األولى هي «الميزان المقدس» حسب معتقداته ،والثانية هي الميزان الذي يقوم على خبرات حياته في بلده،
والثالثة هي وجهة النظر النهائية التي تقوم على ما يعرفه الشخص من معلومات تتعلق باألمم المتحدة والقانون
الدولي .وبعد ذلك طرح صدام سؤاال على المحقق« :ما الميزان الخاص بك وأنت تشاهد الفيلم؟» ،وقد أفاد
صدام بأن اإلجابة على هذا السؤال سوف تتيح له التعليق واإلجابة على األسئلة بالطريقة المثلى.
45
وأخبر المحقق صدام بأن على المرء االستماع إلى الحقائق كافة ،وأن يعثر على الحقيقة .وتساءل صدام:
«كيف ستعرف الحقيقة؟» ،وأضاف أن المحقق سوف يستخدم وسائل اإلعالم الغربية التي قد تكون متحيزة
للوصول إلى الحقيقة .وقال صدام« :إن جيشكم يحتل بلدي ،وأنت حر ،وأنا سجين» .وأضاف أن الشخص الذي
يبحث عن الحقيقة يجب عليه أن يتصل مباشرة باألفراد المعنيين .وفي ما يتعلق بجنوب العراق عام 1991بعد
الحرب ،أفاد صدام بأن على المرء أن يتحدث إلى «أولئك الذين انتُهكت حقوقهم مثل النساء» من قِبل من
ـ الذين أرسلتهم إيران هم من ارتكبوا جرائم أخرى في جنوب العراق، أرسلتهم إيران .وهؤالء األشخاص أنفسهم
منها السرقة والحرق والقتل .وأفاد صدام بأن على المرء االتصال باألشخاص اآلخرين الذين يشاركونه (صدام)
الرأي.
وأشار صدام إلى أن مثل هذا الفيلم الوثائقي قد تم إعداده في الغرب وتمت إذاعته أول مرة في أميركا ،وبالتالي
فإنه ليس فيلما محايدا أنتجه أفراد محايدون .وأضاف أن الفيلم قد يقوم على تعليمات المسيح أو قوانين
الواليات المتحدة أو القانون الدولي أو الحياة في الواليات المتحدة .وأكد صدام أنه لم يرغب في وضع المحقق
ـ كما هي» ،ال كما يقولها صدام ،وال كما
في موقف صعب .وأضاف أن المحقق يجب عليه أن «يعلم الحقيقة
يقررها الفيلم.
بعد ذلك بدأ المحقق في عرض الفيلم الوثائقي الذي يستمر لنحو ساعة ،وأفاد صدام بأن المشهد الذي يُظهِر
الشيعة في جنوب العراق «يمكن أن يُرى في أي مكان في الوقت الحاضر» ،وأضاف أن الشيعة الذين ظهروا في
كربالء في المسجد لم يكونوا مقيدين أو محاصَرين ،مثل ما تم تصويره .وفي ما يتعلق بكلمات المعلق التي
تتحدث عن المشاهد التي تُظهِر الدبابات العراقية التي تحيط بالمسجد ،تساءل صدام« :أين الدبابات؟» ،وأضاف
أن هناك عبارة في الفيلم الوثائقي تتحدث عن «تشجيع» الرئيس بوش للشيعة لكي يثوروا على الحكومة
العراقية ،وهو ما يمثل «اعترافا بالجريمة».
ثم سأل صدام عدة أسئلة تتضمن تاريخ الفيلم الوثائقي ،واسم المعلق ،واسم المؤسسة غير الحكومية التي كان
المعلق يعمل لصالحها.
وفي ما يتعلق بالمشهد الذي يُظهِر الشيعة وهم يهربون إلى جنوب العراق ويسافرون إلى إقليم كردستان في
شمال العراق ،أفاد صدام بأن هؤالء األفراد «ال يبدو أنهم خائفون ولكنهم يبدون سعداء» ،وأضاف أن هؤالء
األفراد يبدون أكرادا ال شيعة.
وبعد مشاهدة نحو 23دقيقة من الفيلم الوثائقي ،أفاد صدام بأن وقت تمارينه ووقت الصالة قد حان .وعندما
أشار المحقق إلى أنه يمكن تأجيل تدريباته إلى وقت الحق من اليوم قال« :أعتقد أن ذلك كافٍ حتى اآلن».
وأضاف صدام أنه يمكن مشاهدة الفيلم الوثائقي في يوم آخر ،وتساءل« :لم العجلة؟».
وأضاف صدام بعد ذلك عدة تعليقات من دون المزيد من األسئلة ،وأشار إلى أن الفيلم الوثائقي يُظهِر أن الشيعة
قد ثاروا ضد الحكومة العراقية بتشجيع من الرئيس بوش .وأفاد صدام بأن «الخونة قد ثاروا بأمر من دولة
أجنبية» ،وأعلنوا الحرب على بلدهم.
وأضاف صدام أن المقابلة مع آية اهلل الخوئي تُظهِر تناقضا مع الحقيقة ،فحسبما يفيد المعلق ،فإن الخوئي يعتقد
بالجانب اإلنساني في دينه .وقال صدام إن إجابة الخوئي على سؤال المعلق تشير إلى أنه ال يوافق على خلط
السياسة باإلرهاب أو العنف ،وحسبما أفاد صدام ،فإن ذلك يتعارض مع أفعال الشيعة.
وفي ما يتعلق بتصوير الفيلم لسلوك الشيعة ،كرر صدام قوله« :يمكن أن نرى ذلك في أي مكان» .وأفاد صدام
بأنه إذا لم يسلم المتمرد سالحه ،فإنه سوف يواجَه بالقوة .وأضاف أن الشيعة يستخدمون مرقد اإلمام الحسين
46
في كربالء كمقر رئيسي للمقاومة .وأفاد صدام بأن الدماء التي ظهرت على جدران المرقد كانت دماء «رفاق»
عراقيين تم إعدامهم في المبنى وليسوا شيعة قُتلوا في أثناء هجوم الحكومة العراقية.
وأفاد صدام بأن الشخص الذي ظهر في الفيلم والذي يقال إن لسانه قد قُطع ربما كان شخصا أبكم .ولم يقدم
الفيلم معلومات حول سبب قطع لسانه ،أو من قام بذلك ،غير أن المخابرات العسكرية هي التي قامت بذلك.
وأشار صدام إلى أن األكراد الذين ظهروا وهم يسيرون ويغادرون قراهم ربما كانوا «مهاجرين» ،وأضاف أنهم
ربما غادروا لكي يتجنبوا منطقة للقتال .وقد تساءل صدام عما إذا كان المعلق قد سأل الشيعة عن األشياء التي
فقدوها عندما «جاء المجرمون واحتلوا مدينتهم» ،وأفاد بأنه شعر باألسف لمن يرى هذا الفيلم الوثائقي وال
يعلم الحقيقة .وتساءل صدام ببالغة« :كيف يمكن ألحد أن يعلم كيف كان الشيعة سيتصرفون إزاء شيء حدث
منذ 1300عام؟».
وافق صدام على االستمرار في مشاهدة الفيلم وتقديم تعليقاته في وقت الحق.
* صدام تعليقا على امرأة من األهوار شكَت من أنه لم يتبقَّ لها شيء :ماذا كانت تملك؟ أعواد القصب؟
ـ قال إنه أوكل مسؤولية التصدي لالنتفاضة إلى «من لديه القدرة على التعامل مع الموقف»
---------------------------
* قبل الجلسة أحيط صدام علما بأن الجلسة ستكون استكماال للمقابلة السابقة .وأُعلم بأن هذه المناقشة
ستتضمن استعراضا للجزء المتبقي من الفيلم الوثائقي الخاص بالموقف في جنوب العراق عام 1991في
أعقاب حرب الخليج األولى .وقد أنتج الفيلم الذي جاء تحت عنوان «آخر حروب صدام حسين» عام .1993
روى أحداث الفيلم المعلق البريطاني مايكل وود .وقد بدأ المحقق جلسة اليوم بمشاهدة الفيلم الذي استغرق
حوالي 22دقيقة وثالثين ثانية .سأل صدام حسين عن مصدر رقم 300,000الذي تحدث عنه المعلق في
الفيلم حيث ذكر المعلق أن التقديرات بأعداد القتلى في جنوب العراق قامت بها الحكومة العراقية .وأشار
المحقق إلى أن هذا الرقم نوقش خالل جزء الفيلم الذي تمت مشاهدته في الجلسة السابقة وأن مصدره هو
الحكومة العراقية .وبحسب الفيلم أعلمت الحكومة العراقية األكراد بعدد الشيعة الذين قتلوا .وأضاف المحقق
أنه يعتقد أن هذه الرسالة من الحكومة العراقية يقصد منها تحذير األكراد بعدم تحدي الحكومة.
أظهر الفيلم مشاهد من عمليات الحكومة العراقية ضد أهوار شط العرب في جنوب العراق كان من بينها تسميم
المياه مما نتج عنه قتل األسماك وتدمير القرى وتجفيف األهوار .وعلق صدام بأن بعض تلك المشاهد ال تبدو
وكأنها صورت في أماكن األهوار .ومع استمرار الفيلم الوثائقي قامت سيدة من الجنوب برواية تفاصيل
المعاملة التي تعرضت لها عائلتها على أيدي الحكومة العراقية ،فقالت إنهم لم يتبق لهم شيء وإنهم اضطروا
لمغادرة منازلهم بممتلكات قليلة؟ وضحك صدام وسأل« :ما الذي كانت تملكه من قبل؟ أعواد القصب!».
ثم أظهر الفيلم بعد ذلك بعض المشاهد األخرى وعلق على معاملة الحكومة العراقية للشيعة في جنوب العراق
واألكراد في الشمال وأهوار شط العرب ،وناقش الفيلم إمكانية مقاضاة صدام على تلك الجرائم؟ فقال صدام
معلقا« :اآلن وقد اعتقلوني دعوهم يقدموني للمحاكمة».
47
انتهى الفيلم بعد ما يقرب من حوالي خمس وخمسين دقيقة وخمسين ثانية .وبناء على طلبه أعلم المحقق صدام
بأن الفيلم أُعد عام .1993
بشأن تولي بعض كبار القادة العراقيين مسؤولية التعامل مع انتفاضة في جنوب العراق عام 1991قال صدام:
«أوكلنا المسؤولية لمن لديه القدرة على التعامل مع الموقف» ،وأنكر أنه قال من قبل إنه لم يكن يرغب في
معرفة تفاصيل كيفية وقف االنتفاضة ،وأنه كان يرغب فقط في معرفة النتائج .وتساءل« :من الذي قال إنني لم
أكن أرغب في معرفة الكيفية التي سيتم بها التعامل مع االنتفاضة» .وعندما أعلمه المحقق أنه قال ذلك في
جلسة سابقة ،قال« :إن الهدف الرئيسي ألي فرد كان يتمثل في وقف االضطرابات ووضع حد للخيانة».
أشار المحقق إلى أن الفيلم الوثائقي أظهر تكلفة وضع حد للخيانة سواء من البشر واألشياء األخرى .وقال
صدام« :إن شيئا لم يظهر في الفيلم ،فهو يظهر األفراد الذين اعتقلتهم الحكومة العراقية وبعض المسؤولين
الحكوميين الذين تصرفوا بصورة خاطئة» .واعترف بأن الفيلم يضم مشاهد لقضايا أخرى.
تحولت المحادثة بعد ذلك إلى مناقشة تعريف الخيانة في مقابل الثورة .قام المحقق بتذكير صدام أنه شاهد قسما
من الفيلم في الجلسة السابقة يزعم أن الرئيس بوش حرض الشيعة على الثورة ضد الحكومة العراقية عام
.1991وذكره أيضا أن صدام ذكر من قبل أن الشيعة بعد تشجيع بوش انقلبوا ضد بلدهم وأنه اعتبرهم
متآمرين .أشار المحقق إلى أن البعض قد يلجأ إلى إطالق نفس التسمية على حزب البعث للمحاوالت االنقالبية
التي قام بها واالنقالبات الناجحة عام 1959و 1963و 1968وأوضح لصدام أن البعض يشبه االنتفاضة
الفاشلة بالخيانة بينما الناجحة ينظر إليها على أنها ثورة .وقال صدام« :ليس لدي تعليق» .وأضاف أن الفيلم
أدنى من أن أعلق عليه .ووصف الفيلم بعدم الحيادية وأنه صنع كمبرر إضافي «للمؤامرات التي تحاك ضد
العراق» ،من بينها تقسيم الدولة.
وقال صدام إن المتهم يجب أن يمنح الفرصة للدفاع عن نفسه وتساءل هل مُنح العراق الفرصة للدفاع عن نفسه
بشأن المعلومات التي وردت في الفيلم .وتساءل أيضا حول معقولية استجواب رئيس دولة حول فيلم دعائي
كهذا ،وأضاف« :يجب أن نوقف هذا البرنامج» ،وأكد أنه أجاب على كل أسئلة المحقق وأنه لن يعلق على مثل
تلك األفالم الدعائية.
اعترف صدام أن محمد حمزة الزبيدي وكمال مصطفى عبد اهلل ،أرسال إلى الناصرية عام 1991لمواجهة
انتفاضة الشيعة في هذه المنطقة ،كما أرسل حسين كامل إلى كربالء وعلى حسن المجيد إلى البصرة وعزة
إبراهيم الدوري إلى الحلة.
وصف صدام الزبيدي بالرفيق في الحزب الذي وصل إلى منصب رئيس الوزراء الذي يعتبر كل عراقي مواطنا
جيدا إلى أن يظهر المواطن له عكس ذلك .ووصف الزبيدي بالجيد .كما اعترف أن الزبيدي كان من بين الشيعة
القالئل في زمرة القيادة العراقية .وعندما سئل عما إذا كان الزبيدي يحظى باحترام زمالئه في القيادة قال
صدام« :هذا شأن آخر» ورفض االستطراد في األمر .وأضاف إنه لن يقول سوى األشياء الحميدة تجاه رفقائه،
وبناء على إجابة صدام قال المحقق إن البعض قد يستنتج أن الزبيدي لم يكن على وفاق مع زمالئه ،ورد صدام
بأن المحقق يمكنه االستنتاج كما يشاء سواء بالسلب أو اإليجاب عن الزبيدي لكني« :أجبت على السؤال».
اعترف صدام أيضا أن مصطفى عبد اهلل تربطه به صلة قرابة بعيدة وهو عضو في حزب البعث .وقد خدم
كضابط في الجيش العراقي لكنه «لم يكن في الحكومة» ،وقد تولى عبد اهلل مهامه كأي ضابط آخر ،لكنه ال يتذكر
المكان الذي أوكلت مهماته لعبد اهلل .وعندما سئل عما إذا كان عبد اهلل قد شغل منصب األمين العام للحرس
الثوري والحرس الثوري الخاص ،رد صدام بالقول« :أعتقد أن األسئلة يجب أن تتعلق بأحداث الجنوب» ،فرد
المحقق بأن وجهة نظره في أعضاء القيادة العراقية مهمة جدا ،فأجاب صدام بأن لديه إيمانا كبيرا وثقة بكل
48
شخص سواء أكان في الحزب أو الحكومة أو الجيش حتى يظهر العكس» .وأشار إلى أنه إن لم يصف شخصا
بأنه «سيئ» فهو «جيد» .ووصف الشخص السيئ بأنه من يتصرف بصورة مخالفة للثقة التي بينه وبين هذا
الشخص.
وأشار إلى أنه خالل الحرب مع إيران تولى الحرس الثوري مهمة الخطوط األمامية تاركا بغداد والقصور
الرئاسية دون حماية ،ومن ثم تشكل الحرس الثوري الخاص بداية بالسرايا ووصوال إلى األفواج .في ذلك
الوقت خدم العديد من الضباط الصغار في هذا الحرس الثوري الخاص ومن بينهم عبد اهلل حتى أصبح فيما بعد
قائد الحرس الثوري الخاص ،وعلى الرغم من أن قادة الحرس الثوري أو الحرس الثوري الخاص لم يكونوا من
بين أقارب صدام حسين فإن عبد اهلل كان واحدا من العديدين في القيادة العراقية ،وقال صدام إن عبد اهلل أدى
واجباته كأي ضابط آخر.
وعندما سئل عن التعليمات التي وجهت للزبيدي وعبد اهلل بشأن الرد المناسب على انتفاضة الشيعة في جنوب
العراق ،قال صدام« :شرحت ذلك خالل المقابلة الماضية» .وأضاف أنه خالل الجلسة الماضية شرح كيف كانت
المعلومات بشأن الموقف في الجنوب تنقل إلى القيادة العراقية ،وأشار المحقق إلى أن الزبيدي وعبد اهلل يقبعان
في سجن قوات التحالف ،فرد صدام« :ماذا أريده منهم هل تعتقد أن إجابتي ستكون مرهونة بالموجودين
بالسجن .أنا ال أخشى أحدا إال اهلل» .وأوضح أن إجاباته ال تنبني على الموجودين بالسجن ولكن على ما يعتقد
أنه الحقيقة ،كما أنها ال تعتمد على حي أو ميت .وقال إنه ليس الشخص الذي يلقي بالتبعة على شخص ميت،
كإلقاء اللوم على حسين كامل على سبيل المثال .وأضاف :أنا سأتحدث عن نفسي فقط ،وطلب من المحقق
الحديث بصورة مباشرة إلى الزبيدي وعبد اهلل ألنهما يعرفان أكثر.
وكرر صدام ما قاله في الجلسة السابقة من أن« :إجابات أي شخص تخفف من عبئه وال تضر بسمعتي فأنا على
ـ لقبولها».
استعداد
ـ قائال لصدام إنه ال يرغب في تأخيره عن الصالة وطعامه .وقال صدام« :إذا رغبت أي أنهى المحقق االستجواب
حكومة في التخفيف من آثامها أمام اهلل فيجب عليها القيام بذلك ،ألن أخطاء الحكومات ليست بالقليلة» .وأنهى
صدام الجلسة قائال إنه يشكر للمحقق عدم حرمانه من الصالة.
--------------------------
* صدام ردا على وثيقة تؤكد إعدام العشرات بعد تحقيقات وجيزة :ماذا كان البديل؟
ـ الـ
ـ سأل المحقق بأي حق يسأل عن أحداث عراقية داخلية وقعت عام 1991ـ محضر جلسة االستجواب
18
* قبل بدء المقابلة ،تم توجيه صدام إلى أن مناقشة اليوم ستشكل استمرارا لالجتماعات السابقة المتعلقة
بثورات الشيعة في جنوب العراق عام .1991
أوضح صدام أنه من الطبيعي بالنسبة لزعيم حزب سياسي ،مثل «البعث» ،محاولة التعرف على أكبر عدد ممكن
من أعضاء الحزب .إال أنه بالنسبة لصدام ،كانت هناك صعوبة في التعرف على أعضاء حزب البعث من خارج
صفوف القيادات العليا ،ومع ذلك ،حرص صدام على التعرف على أكبر عدد ممكن من األعضاء ،مثلما حاول
مقابلة الكثير من المواطنين العراقيين العاديين.
49
سأل المحقق عن نظام االتصال بين المستويات المختلفة داخل الحزب ،من المستوى اإلقليمي إلى المستوى
الوطني ،وحجم المعلومات التي اطلعت عليها القيادات العراقية العليا بالفعل .أشار صدام إلى أن كبار القادة
العراقيين تلقوا معلومات عن حزبهم بصورة مشابهة للغاية لما عليه الحال بالنسبة للديمقراطيين والجمهوريين
داخل الواليات المتحدة .لدى صدور أمر توجيهي من القيادة ،كان يجري إرسال التعليمات إلى جميع أعضاء
الحزب ،وعندما تراود أحد األعضاء الرغبة في اتخاذ إجراء ما ،يتم تقديم طلب ونقله عبر القنوات المناسبة إلى
القيادة العراقية .وسئل صدام عن مشاعره إزاء أهمية أن يخطره أعضاء الحزب باألوضاع المحلية ،أكد صدام
أن «هناك اختالفا بين ما ترغبه وما يمكن تحقيقه».
من ناحيته ،أشار المحقق إلى العثور على عدد من الوثائق التي تصف ثورات عام ،1991ونشاطات حزب
البعث خالل تلك الفترة بعد غزو قوات التحالف العراق عام .2003وقرأ المترجم على صدام أجزاء من نسخ
لوثيقتين مكتوبتين بالعربية ،تحمل إحداهما تاريخ 11أبريل (نيسان) ،1991وتم توصيفها باعتبارها تقريرا
رقم ،383/1/7وعليها توقيع حسين حمزة عباس ،األمين العام لقسم قيادة صدام .وتم إرسال الوثيقة إلى
األمين العام لقسم قيادة واسط .طبقا للوثيقة ،وضع عباس الخطاب بهدف شرح وتوضيح سلوكه خالل
«االضطرابات» التي وقعت في مارس (آذار) .1991أما الوثيقة الثانية فمؤرخة أبريل (نيسان) ،1991وال
تحمل أي رقم للتقرير ،لكنها تحمل توقيع أنور سعيد عمر ،األمين العام لقسم قيادة واسط ،وموجهة إلى عنصر
قيادي غير محدد ،لكن من المفترض أنه أعلى رتبة .تشرح هذه الوثيقة عددا من اإلجراءات التي تم اتخاذها
خالل «االضطرابات» التي شهدتها مدينتا البصرة وواسط في مارس (آذار) ،1991بما في ذلك إلقاء القبض
على حوالي 700مشتبه فيه من العناصر العسكرية والمدنية داخل البصرة .في الخطاب ،أشار عمر إلى تشكيل
لجان استجواب ،وأنه تولى رئاسة لجنة الفيلق الثاني .وأكد عمر أنه شخصيا أعدم شخصين في اليوم ذاته الذي
بدأ فيه التحقيقات ،وأضاف أن 42شخصا آخر أعدموا بعد أربعة أيام أخرى من التحقيق.
لدى سؤاله عن التناقض الواضح بين اإلجراءات الواردة في الوثائق ونظام العدالة داخل العراق ،تساءل صدام:
«أين التناقض؟» ،واستطرد بأن اللجان جرى تشكيلها وتمت عمليات االستجواب وصدرت األحكام .وتساءل
مجددا« :ماذا كان البديل؟» .لفت المحقق انتباه صدام إلى أن الوثائق تصف على ما يبدو موقفا لم يتم خالله
التحقيق مع األفراد من جانب جهة محايدة .جدير بالذكر أن ضرورة توافر جهة تحقيق محايدة سبق أن ناقشها
صدام فيما يتعلق بالوضع في الكويت ،والجرائم التي من المعتقد أن القوات العسكرية العراقية ارتكبتها خالل
احتالل الكويت عام ،1991كما أشار المحقق إلى أنه ،على ما يبدو ،لم تتسن لألفراد فرصة الدفاع عن
أنفسهم ،األمر الذي سبق وأن ذكر صدام أنه مهم ،في المقابل ،قال صدام« :لم أقل أي شيء عن الكويتيين».
وأعرب عن رأيه بأن موضوع الكويت وهذه القضية «أمران مختلفان» ،مؤكدا أن هذه الوثائق تناقش أفعال
«خيانة وتخريب» .وقال إنه يبدو أن األفراد المذكورين في الوثائق أتيحت لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم .من
ناحيته ،ألمح المحقق إلى أن الشخصين المذكورين لم تتح لهما فرصة الدفاع عن نفسيهما وتم إعدامهما على
الفور ،وأجاب صدام« :ربما ..وربما لم يحدث ذلك» .وأضاف أن هذا التقرير ربما ال يتضمن التفاصيل كافة،
وقال إن الكاتب ربما كان يبالغ من أجل إظهار والئه وقدرته على إنجاز المهام الموكلة إليه ،وشكك صدام في
صحة هذا التقرير ،وقال إنه لو صح فإنه عندما يحين الوقت الذي تقرر واشنطن تقديم من ألقي القبض عليهم
الرتكاب هذه الجرائم للمحاكمة ويستعيد العراقيون زمام قيادة بالدهم ،سيحقق العراقيون في األمر.
وتساءل صدام بأي حق يسأل المحقق عن أحداث عراقية داخلية وقعت عام 1991؟ ،وسأل« :هل ذلك ألنك
موظف بالحكومة األميركية؟» ،وأجاب المحقق بأنه يحاول الفصل بين اإلشاعات المختلقة والحقائق ،وتسجيل
التاريخ كما وقع بالفعل.
وقال صدام إنه من الصعب التعليق على الوثائق المشار إليها من دون توافر معلومات مفصلة ،وشكك في تأكيد
المحقق بأن الشخصين المذكورين في واحدة من الوثائق لم يتسن لهما الدفاع عن نفسيهما ،بل وشكك فيما إذا
كان تم إعدامهما بالفعل.
50
* صدام :اخترنا تجفيف األهوار من أجل السكان وألسباب استراتيجية في صالح العراق
ـ قال إنه أراد تحديث طريقة حياة عرب األهوار «حتى ال يعيشوا مثل الحيوانات»
-----------------------------
* قبل بدء التحقيق ،قيل لصدام حسين إن جلسة اليوم سوف تكون استمرارا للنقاشات حول عرب األهوار في
جنوب العراق .ومثلما قيل في مقابلة سابقة ،قال صدام إنه كان قد عاش مع عرب األهوار لفترة من الوقت.
وعندما كان صدام في مصر في مطلع التسعينات ،كأن يأمل أن تعيده «مشيئة اهلل» إلى العراق .وبعد عودته،
حاول صدام أن يوسع من معرفته بالعراق عن طريق الخبرة العملية داخل مناطق من البالد لم يكن قضى فيها
وقتا ذا بال ومنها الجبال واألهوار .ووصف صدام الحياة في أهوار جنوب العراق على أنها «ساحرة» ولكن لم
تكن فصول الصيف جيدة بسبب درجة الحرارة العالية والرطوبة وانتشار الحشرات .وبالنسبة لقيام الحكومة
العراقية بتجفيف األهوار ،قال إن المرء كان يختار بين اثنين :إما المحافظة على الطبيعة على حساب البشر ،أو
التضحية بجزء صغير من الطبيعة من أجل البشر .وقال صدام إن المياه في المناطق المأهولة بالسكان من
األهوار لم تكن دوما نظيفة بسبب التلوث الذي يتسبب فيه البشر وينتج عن الحيوانات .وكان سكان األهوار
يشربون هذه المياه ويستحمون فيها .ونتيجة لذلك ،كانت األمراض منتشرة ومنها البلهارسيا .وكان معدل
أعمار المواطنين منخفضا بصورة نسبية .وقال صدام إن الحكومة العراقية لم تستطع ببساطة «أن تجلس
وتشاهد هذا الوضع البائس» وأضاف أن الحكومة قررت «إحضارهم إلى الحياة» أو تحديث طريقة حياة عرب
األهوار .وأكد صدام على الخيار الصعب الذي كان أمام الحكومة العراقية وهو التفضيل بين المحافظة على
الحياة البسيطة والفطرية لسكان األهوار أو دفعهم داخل الحياة الحديثة حيث ال يتم «إهمال البشر أو إهانتهم».
وقال إن جميع مناطق العراق جميلة ووصف األهوار مرة أخرى بأنها مكان «ساحر» .وأضاف« :نمت هناك
أليام في 1981و »1982وخالل هذه الفترة ،قال صدام إنه سوف يسافر إلى الخطوط األمامية من الحرب
اإليرانية ـ العراقية في الصباح ،وبعد ذلك يعود إلى األهوار في المساء بعد إتمام مهامه .ووصف صدام هذه
المدة بأنها «أفضل األيام» ،وزعم أنه كان يقضي أوقاتا من كل عام في الفترة من 1978إلى 1984في زيارة
األهوار .وتحدث صدام عن زيارة قام بها في 1980لقرية تدعى بعيدا تقع في وسط منطقة األهوار .وتفيد
المعلومات بأن سكان قرية بعيدا هاجموا مركزا للشرطة .وقال صدام إنه لم يكن من السهل التعامل مع ذلك.
وسافر إلى قرية بعيدا في صحبة ثالثة قوارب ،أحد هذه القوارب كان يحمل صدام وآخرين ،وكان قارب آخر
يحمل عناصر حماية خاصة به وقارب ثالث يحمل «صحافيين» .وتم تصوير هذا الحدث وعرض على شاشات
التلفزيون .وقال صدام إن سكان قرية بعيدا كانوا «سعداء لرؤيتنا» ،وقاموا بذبح حيوانات وجهزوا لوليمة
وظنوا أن صدام وصحبته سوف ينتظرون للعشاء .ولكن ،ظلت الصحبة لثالث ساعات ورحلت بعد ذلك .ولم
يسأل صدام سكان بعيدا عن الهجوم على مركز للشرطة .وفي هذا الوقت ،سأل واحد من فريق الحماية صدام
عن ضرورة القيام بتحقيق في مشاركة سكان بعيدا في الهجوم .وفي رده ،قال صدام« :الناس الجيدون
يفهمونني ،واألشرار فهموا الرسالة» ،وأضاف صدام أنه إذا وقع أمر مشابه مرة أخرى ،سوف يتم «التعامل
معهم بالصورة المناسبة».
وقال صدام إن الحكومة العراقية لديها عالقات جيدة مع عرب األهوار .ولكن ،بعد دخول أجنبي في الوضع،
«أصبح ذلك سيئا» .وأكد صدام أن بعضا من عرب األهوار أفسدتهم إيران .وتحديدا أصبحت منطقة أهوار
هويزة طريقا للتهريب وبدأ ذلك خالل فترة الشاه في إيران .وأشار صدام إلى أن العائلة التي تظهر في الشريط
51
المصور الذي عرضه المحقق سابقا كانت من هور الحويزة .وقال صدام إن الحكومة العراقية اختارت أن تجفف
األهوار من أجل السكان وألسباب استراتيجية في صالح العراق .وأكد أن الحكومة العراقية كانت تريد أن تحدّث
من طريقة حياة عرب األهوار حتى «ال يعيشون مثل الحيوانات» .وقال صدام إنه لم يكن مناسبا لعراقي أن
يعيش في هذه الظروف .وكان يهدف تجفيف األهوار إلى تحقيق أهداف استراتيجية ،ففي بعض األوقات ،كان
هذا الطريق تحيط به األهوار بصورة كاملة .وعندما دخل اإليرانيون العراق عام ،1984كان هدفهم الرئيسي
هو قطع هذا الطريق وعزل البصرة .وعليه ،قررت الحكومة العراقية أن تجفف األهوار وبناء منعطف يقدم
طريقا آخر .ودرست الحكومة العراقية فكرة بناء منازل في األهوار للسكان ،ولكن أظهر بحث أن هذا المشروع
ـ وال سيما في مجاالت الصرف الصحي والكهرباء .ونتيجة لذلك ،أهملت الفكرة، سوف يكون مكلفا جدا ومعقدا
وقررت الحكومة بناء مجمعات سكنية على أرض جافة من أجل عرب األهوار المرحلين .وعرضت أيضا على
السكان أمواال لبناء منازلهم الخاصة .وقال صدام إن الحكومة وفرت المياه والكهرباء وخدمات الرعاية الصحية
والمدارس للسكان .وفي السابق ،كان المدرسون والمهنيون الطبيون يرفضون دخول األهوار إال بعد الحصول
على ثالثة أو أربعة أضعاف رواتبهم المعتادة .ووصف صدام األهوار بأنها «مكان لطيف لزيارته ليومين أو
ثالثة أو أربعة أيام» .ولكن في الصيف سوف «يأكلك» الناموس وكانت الحياة قاسية جدا .وقال صدام إن البشر
يحتاجون إلى العيش حياة بدائية ولكن أليام قليلة في وقت ما .وأضاف أن الرجل األكبر سنا الذي ظهر في
الشريط المصور يعلق على عرب األهوار «جاء كزائر ،ولكنه لم يعش هناك» ولم تعش هناك زوجته وال
أطفاله .واقترح صدام على المحقق أن يتحدث مع موظف من وزارة الري العراقية كي يفهم كيف تم تنفيذ
عملية التجفيف .وقال إن المهمة أنجزت خالل ثالثة أو أربعة أشهر .وبالنسبة لألفراد الذي خططوا أو أشرفوا
على عملية تجفيف األهوار ،قال صدام إن الحكومة العراقية استفادت من الهيئات التي لديها خبرة أكبر
والمعدات الالزمة .وتضمن المشروع مشاركة وزارة اإلسكان ووزارة الري وربما مدنية بغداد .شارك في
عملية تجفيف األهوار «الدولة بأكملها» والكثير من خبرائها .وعندما قيل لصدام إن محمد حمزة الزبيدي زعم
أنه «مهندس» عملية تجفيف األهوار الذي اقترح للمرة األولى خطة على مجلس قيادة الثورة في العراق عام
،1991قال صدام« :ربما» .ولكن ،قال صدام إنه ربما حصل على المقترح والخطة األولى من حسين كامل.
وقال إنه ال يعرف هل تشاور كامل مع الزبيدي في المشروع .وأنكر صدام العلم بأن الزبيدي ناقش تجفيف
األهوار مع القيادات العراقية األخرى .وأضاف« :لو كان (الزبيدي) قال ذلك ،فهو صادق» .وقال المحقق
لصدام إن آخرين زعموا أيضا أنهم كانوا أصل فكرة تجفيف األهوار .ورد صدام بأنه مفهوم أن أي عراقي ربما
يحاول أن يرجع لنفسه الفضل في القيام بهذا األمر الهام الذي حسن من حياة عرب األهوار وفي نفس الوقت
قطع الطريق على عدو مثل إيران .وعندما سئل عن تقارير تحدثت عن وجود هاربين من الجيش العراقي
ومخربين في األهوار عام 1991وإجراءات اتخذتها الحكومة العراقية للتعامل مع هؤالء ،أقر صدام بوجود
هاربين ،فطبيعي في أي نزاع طويل أن يقرر بعض األفراد ترك مهامهم .وقد وقع ذلك في الماضي ويحدث في
الوقت الحالي خالل الحرب .ويُطبق القانون العراقي على الهاربين أو تعفو عنهم السلطات .وقال صدام إن
وجود هاربين من الجيش في أهوار جنوب العراق لم يكن سببا في عملية التجفيف .وقال إن المخربين بدأوا في
ـ األهوار بعد ،1991وكان رد فعل الحكومة العراقية «مثل أي حكومة تتعامل ضد هؤالء الذين يتعدون استخدام
على القانون» ،ولم يضرب صدام مثاال على رد فعل إحدى الحكومات ضد نشاط تخريبي .وأنكر وجود خطة
ـ الشرطة والمواطنون عسكرية لمواجهة مخربين أو هاربين من الجيش .وقال إن الهاربين كانت تتعقبهم
المحليون والعائلة .وفي حاالت التمرد مثل ما وقع عام ،1991يتدخل الجيش .وأقر صدام بأنه كانت هناك
أحيان يجب على الجيش العراقي التعامل مع المخربين .وعندما سئل عن دراسة القيمة التاريخية لألهوار قبل
عملية التجفيف ،سأل صدام هل أجريت دراسات مماثلة للمنطقة التي بني فيها السد العالي بمصر .وأضاف أن
األنقاض التي كانت موجودة في منطقة السد تم نقلها قبل البناء .وقال صدام إنه يعتقد أن بعض النقاشات وقعت
حول قضايا تتعلق بنقل الحجارة في مقابل إنقاذ الشعب من الجوع .وقال إن موضوع تجفيف األهوار «تمت
دراسته» و«ال توجد قيمة تاريخية لألهوار» .وفيما يتعلق باهتمام الحكومة العراقية باألثر البيئي لعملية تجفيف
األهوار ،قال صدام إنه ناقش هذا األمر مع خبراء «خالل األيام العشرين التي تلت» .وأشار إلى أن األميركيين
لم يسمحوا للهنود بالعيش كما كانوا قبل االستعمار .وسأل عن القوانين المطبقة التي تحظر على الشركات
52
األميركية واألوروبية تدمير غابات األمازون ،التي وصفها بأنها «رئات الكرة األرضية» .وسأل صدام« :هل
نحمي فصائل الطيور والحيوانات األخرى وهل نشعر بالقلق على العراقيين؟» وتساءل هل كان يجب تبديد مياه
األهوار من أجل اإلبقاء على األهوار أم كان يجب استخدامها في الزراعة .وقال صدام« :ما قمنا به هو
الصحيح» .وأضاف أنه لو لم يكن صحيحا ،يجب على األميركيين أن يعيدوا فتح المياه اآلن .وأشار المحقق إلى
خبر حديث أشار إلى أن المواطنين العراقيين المحليين قاموا بالفعل مؤخرا بجمع المال واستئجار جرافة وفتحوا
جزءا من القناة للسماح للمياه كي تعود من جديد إلى األهوار.
53
الحلقة السابعة :صدام يتحدث عن قصوره وخطاباته ..ويسلم أخيرا بأنه لم يعد رئيسا
دار الحديث في الحوار التالي في 10مايو (أيار) حول قصور صدام ونمط حياته .وسئل صدام عن عدد
القصور الرئاسية وطبيعة البذخ فيها ،فقال إن القصور ملك للدولة وليست لفرد بعينه .وأضاف أن تلك القصور
منحت المهندسين العراقيين الفرصة لتنمية مهاراتهم التي يمكن أن تالحظ في تطور المنازل العراقية .وفي
جلسة في 11يونيو (حزيران) قرأ صدام على بيرو قصيدة ألفها مؤخرا .واستغل بيرو هذه الفرصة لالنتقال
إلى مناقشة خطب صدام .وبدا واضحا لبيرو أن صدام تولى بنفسه صياغة خطبه ،األمر الذي أكده صدام،
موضحا أن جميع كتاباته كانت نابعة من القلب .واعترف صدام بأنه لم يكن يستمتع بإلقاء خطبه ،مفضال بدال
من ذلك إلقاء آخرين لها .ووصف صدام شعوره عند كتابة خطبه وتسليمها لمن يلقونها بأنه كان أشبه بمن
يخوض امتحانا .وعندما سأل صدام عن آخر المستجدات على الساحة العراقية ،نقل إليه بيرو اإلنجازات التي
شهدها العراق ،وكان من بينها التوقيع على الدستور الجديد واالستعدادات لنقل السيادة للعراقيين .وتساءل
ـ الذي يعتقد بحسب وجهة نظره أنه قادر على التوصل إلى اتفاق مشترك التخاذ صدام بشأن فعالية مجلس الحكم
القرار .ونقل إليه بيرو أيضا االنتخابات العراقية التي سيمنح فيها العراقيون الفرصة النتخاب قائد جديد بصورة
ديمقراطية .وقال صدام إن الشعب لن يقبل برئيس منتخب أثناء االحتالل وأنه عاصر ذلك في الماضي عندما
ارتقى الملك فيصل السلطة في ظل الحماية البريطانية .وحسب صدام كان جدول عمله متخما لكنه كان يحتفظ
لنفسه بوقت لقراءة القصص وهو أمر كان يسعد به كثيرا .كانت أجندة صدام تضم لقاءات مع كبار المسؤولين
اآلخرين في حزب البعث .وزعم صدام أنه كان يلتقي بانتظام مع الشعب العراقي ألنه كان يعتبرهم أدق مصادر
المعلومات .كان صدام يلتقي بالموطنين يوميا أو من وقت آلخر .وعندما سئل عن كيفية تيقنه من أن
المواطنين يصدقونه القول خالل لقاءاتهم معه نظرا ألن غالبيتهم سيكونون خائفين ،رد بأن «ذلك يمكن أن
يكون هو القضية لكن الشعب كان يعلم أنني أريد الحقيقة».
* القصور الرئاسية هي ملك للشعب ..وفضلت السكن في منزل بسيط ـ الرئيس السابق قال إن القصور كانت
فرصة للمهندسين العراقيين لتطوير مهاراتهم ـ حوار غير رسمي مع صدام ـ 10مايو (أيار) 2004خالل
حديث غير رسمي مع جورج بيرو في زنزانته أدلى صدام حسين بالمعلومات التالية:
54
سأل صدام حسين عن آخر المستجدات على الساحة العراقية ،فنقل إليه بيرو اإلنجازات التي شهدها العراق،
والتي كان من بينها التوقيع على الدستور الجديد واالستعدادات لنقل السيادة للعراقيين .وتساءل صدام بشأن
ـ الذي يعتقد بحسب وجهة نظره أنه قادر على التوصل إلى اتفاق مشترك التخاذ القرار. فاعلية مجلس الحكم
ونقل إليه أيضا االنتخابات العراقية التي سيمنح فيها العراقيون الفرصة النتخاب قائد جديد بصورة ديمقراطية.
وقال صدام إن الشعب لن يقبل برئيس منتخب في أثناء االحتالل وأنه عاصر ذلك في الماضي عندما ارتقى الملك
فيصل السلطة في ظل الحماية البريطانية .ونقل بيرو إلى صدام نتائج أحدث استطالع رأي أظهر رغبة
العراقيين في السيطرة على الحكومة ورغبتهم في بقاء القوات األميركية.
وخالل الحديث عن تكييف الهواء في زنزانة صدام الذي كان يجري إصالحه قال صدام إنه اعتاد على المعيشة
البسيطة وإنه ال يحب عيشة البذخ .وسُئل صدام حينئذ عن عدد القصور الرئاسية وطبيعة البذخ فيها .قال إن
القصور ملك للدولة وليست لفرد بعينه ،وقبل عام 1968كانت المنازل العراقية بدائية جدا ومصنوعة من
الطين .وكما طور المهندسون المعماريون مهاراتهم وتصميماتهم في بناء القالع في الدول الغربية ،منحت تلك
القصور المهندسين العراقيين الفرصة لتنمية مهاراتهم التي يمكن أن تالحظ في تطور المنازل العراقية .إضافة
إلى ذلك كان هناك خطر من الواليات المتحدة وإسرائيل خصوصا خالل السنوات العشر األخيرة ،وكان على
الحكومة أن تؤدي عملها وعلى القيادة أن تجتمع وتناقش القضايا قبل الوصول إلى قرارات.
إذا كان هناك قصران فقط أو مواقع يمكن للقيادة االجتماع بها فسيكون من السهل القضاء على القيادة العراقية،
وألن تلك القصور تعود إلى الشعب فإن صدام حسين لم يقطن فيها وفضل أن يقطن في منزل بسيط .كان صدام
يتناول ما كان يعد له ولم يكن له الكثير من المطالب .ويعتقد أن الواليات المتحدة كانت تحمل فكرة خاطئة بأنه
مبذّر مما أدّى إلى قدرته على المراوغة من األسر .ويعتقد صدام أن أسره كان نتيجة للخيانة.
كان جدول عمل صدام متخما لكنه كان يحتفظ لنفسه بوقت لقراءة القصص وهو أمر كان يسعد به كثيرا .كانت
أجندة صدام تضمّ لقاءات مع كبار المسؤولين اآلخرين في حزب البعث .وزعم صدام أنه كان يلتقي بانتظام مع
الشعب العراقي ألنه كان يعتبرهم أدق مصادر المعلومات .كان صدام يلتقي بالمواطنين يوميا أو من وقت إلى
آخر .وعندما سُئل عن كيفية تيقنه من أن المواطنين يصْدقونه القول خالل لقاءاتهم معه نظرا إلى أن غالبيتهم
سيكونون خائفين ،رد بأن «ذلك يمكن أن يكون هو القضية لكن الشعب كان يعلم أنني أريد الحقيقة» .وضرب
صدام مثاال ألخيه غير الشقيق وطبان إبراهيم حسن المجيد وزير الداخلية آنذاك ،حيث اشتكى مواطن لصدام أنه
خالل توقفه في إشارة مرورية أطلق وضبان النار على إشارة المرور من مسدسه .اتصل صدام بوضبان ليتأكد
من صحة ذلك ،فأقر وطبان بالواقعة ،وما كان من صدام إال أن أمره بحزام أغراضه وجعله يعلم بنبأ إقالته من
الوزارة ومن اإلذاعة الرسمية .وقال صدام إنه ألزم عائلته بمعايير أعلى من اآلخرين.
أشار صدام إلى اهتمامه بفهم الثقافة األميركية وقام بذلك عبر مشاهدة األفالم األميركية .وبحسب ما ذكره
صدام فإنه شاهد العديد من األفالم األميركية جعلته يكون رأيه حول الثقافة األميركية.
* توليت بنفسي صياغة خطبي ..وجميع كتاباتي نابعة من القلب ـ أقر بأنه يعي أنه لم يعد رئيسا وتساءل ماذا
يمكنه فعله فتلك مشيئة اهلل ـ حوار غير رسمي مع صدام ـ 11يونيو (حزيران) 2004خالل حديثه إلى
المحقق جورج إل .بيرو في إطار محادثة تمت بينهما عن طريق المصادفة ،أدلى صدام حسين بالمعلومات
التالية بخصوص أسلحة الدمار الشامل :قرأ صدام على بيرو قصيدة ألفها مؤخرا .واستغل بيرو هذه الفرصة
لالنتقال إلى مناقشة خطب صدام .وبعد االستماع إلى عدة قصائد صاغها صدام ،اكتسب بيرو اآلن القدرة على
تحديد مالمح أسلوب صدام في الكتابة ،الذي كان شائعا في واحدة من الخطب التي قرأها بيرو منذ وقت قريب.
وبدا واضحا لبيرو أن صدام تولى بنفسه صياغة خطبه ،األمر الذي أكده صدام ،موضحا أن جميع كتاباته نابعة
من القلب .واعترف صدام بأنه لم يستمتع بإلقاء خطبه ،مفضال بدال من ذلك إلقاء آخرين لها .ووصف صدام
شعوره عند كتابة خطبه وتسليمها لمن يلقونها أنه كان أشبه بمن يخوض امتحان .بعد ذلك ،سأل بيرو صدام
55
حول إذا ما كان صاغ خطبه وأنها نبعت من صميم فؤاده ،وعن المعنى وراء الخطاب الذي ألقاه في يونيو
(حزيران) .2000فأجاب صدام بأن هذا الخطاب كان يرمي لتحقيق هدفين؛ أحدهما إقليمي واآلخر عملي.
إقليميا ،رمى الخطاب إلى االستجابة للتهديدات اإلقليمية التي يجابهها العراق .وأعرب صدام عن اعتقاده بأن
العراق لم يكن بإمكانه الظهور بمظهر الضعف أمام أعدائه ،خاصة إيران .وأشار إلى أن العراق تعرض
لتهديدات من جانب دول أخرى بالمنطقة وكان يتحتم عليه الظهور في صورة القادر على الدفاع عن نفسه.
عمليا ،حاول صدام إظهار التزام بالده بقرارات األمم المتحدة المتعلقة بتدمير أسلحة الدمار الشامل .وأشار
صدام إلى أن إيران شكلت التهديد األكبر لبالده بالنظر إلى حدودهما المشتركة .ورأى أن طهران سعت لضم
جنوب العراق إلى أراضيها .والواضح أن إمكانية إقدام إيران على محاولة ضم جزء من جنوب العراق إليها
بدت من وجهة نظر صدام والعراق كأخطر تهديد تواجهه البالد .ونظر صدام إلى الدول األخرى في الشرق
األوسط باعتبارها ضعيفة وعاجزة عن الدفاع عن نفسها أو العراق ضد أي هجوم إيراني .وأعرب صدام عن
اعتقاده بأن إسرائيل مصدر تهديد للعالم العربي بأكمله ،وليس العراق على وجه الخصوص .ومضى صدام قدما
في الحوار حول القضايا المتعلقة بخطورة التهديد اإليراني للعراق .على الرغم من ادعاء صدام بأن العراق لم
يملك أسلحة دمار شامل ،فإن التهديد اإليراني شكل عامال كبيرا وراء رفضه عودة مفتشي األمم المتحدة إلى
العراق .واعترف صدام بأن قلقا أكبر ساوره حيال اكتشاف طهران نقاط ضعف بغداد من التداعيات المتمثلة في
اإلجراءات التي ستتخذها الواليات المتحدة لرفضه السماح بعودة مفتشي األمم المتحدة إلى العراق .من وجهة
نظره ،اعتقد صدام أن مفتشي األمم المتحدة سيكشفون مباشرة لإليرانيين نقاط الضعف التي يمكن من خاللها
إلحاق الضرر األكبر بالعراق .وضرب صدام مثاال على ذلك عن طريق مده ذراعه وشرحه أن ضرب شخص ما
على مقدمة اليد لن يترك التأثير ذاته مثل ضربه عند المرفق أو الرسغ ،األمر الذي سيفقده القدرة على استخدام
ذراعه .أشار صدام إلى شعوره بالغضب عندما ضربت واشنطن العراق عام ،1998مستطردا أن العراق كان
قادرا على امتصاص ضربة أميركية أخرى ألنه اعتبر ذلك خطرا أقل من كشف ضعف البالد أمام طهران.
أضاف صدام أن قدرات األسلحة لدى إيران زادت بصورة هائلة ،بينما تقوضت قدرات العراق جراء العقوبات
التي فرضتها عليه األمم المتحدة .وشدد على أن تداعيات ذلك ستتجلى في المستقبل ،مع تحول القدرات
اإليرانية على صعيد التسليح إلى تهديد أكبر للعراق والمنطقة بأسرها .رأى صدام أن القدرات العراقية بمجال
األسلحة شكلت عامال في النتيجة التي تمخضت عنها الحرب العراقية ـ اإليرانية .في بداية الحرب ،امتلك
العراق صواريخ ذات مدى محدود بلغ قرابة 270كيلومترا ،في الوقت الذي افتقرت إيران إلى قدرات
صاروخية قوية .إال أن اإليرانيين نجحوا في الحصول على صواريخ طويلة المدى من ليبيا كان بمقدورها
ضرب أهداف في العمق العراقي .وكان اإليرانيون من بادروا باستخدام الصواريخ وقصفوا بغداد .وادعى صدام
أنه حذر اإليرانيين عبر خطاب ألقاه بضرورة وقف مثل هذه الهجمات .إال أنهم أقدموا مجددا على مهاجمة
بغداد .وعليه ،حضر إليه عدد من العلماء العراقيين وأشاروا عليه أن باستطاعتهم زيادة مدى الصواريخ
العراقية ،بحيث تضرب هي األخرى العمق اإليراني .وبالفعل ،أصدر صدام أوامره إليهم بالشروع في ذلك .ورد
العراق على الهجمات اإليرانية بضرب العاصمة اإليرانية ،طهران ،بالصواريخ العراقية .وأكد صدام أن
اإليرانيين انتابهم غضب عارم حيال الهجمات العراقية .وأشار إلى أن طهران كانت أكثر عرضة لخطر الضربات
الصاروخية بسبب طبيعتها الجغرافية .على الجانب اآلخر ،تنتشر بغداد جغرافيا على مساحة واسعة ومقسمة
إلى أحياء ،ما يحد من فعالية الهجمات اإليرانية .ووصف صدام هذه الفترة بأنها «حرب المدن» ،مستطردا أن
اإلجراءات العراقية جاءت استجابة لألفعال اإليرانية في ذلك الوقت .وشرح صدام أن إيران كانت في موقف
أضعف ،نظرا المتالك العراق التقنية الالزمة لتصميم وتطوير صواريخه ،بينما اضطرت إيران إلى الحصول
على صواريخها من ليبيا .وأوضح صدام أن القيد الوحيد على العراق كان قدرته اإلنتاجية ،في الوقت الذي
كانت إيران مقيدة بالكمية التي يمكنها الحصول عليها .واعترف صدام بأن إيران استمرت في تطوير قدراتها
بمجال األسلحة ،من أجل بناء أسلحة دمار شامل .في المقابل ،خسر العراق قدراته المتعلقة باألسلحة بسبب
عقوبات األمم المتحدة وعمليات التفتيش التي أجرتها المنظمة بالعراق .سئل صدام كيف كان يمكن للعراق
التعامل مع التهديد اإليراني حال رفع عقوبات األمم المتحدة .أجاب صدام بأن العراق كان سيصبح عرضة
بدرجة بالغة لهجوم إيراني .لذا ،كان سيسعى إلبرام اتفاق أمني مع الواليات المتحدة لحماية العراق من األخطار
56
اإلقليمية .وأعرب صدام عن اعتقاده بأن مثل هذا االتفاق لم يكن ليفيد العراق فحسب ،وإنما أيضا جيرانه ،مثل
السعودية .واتفق بيرو معه في الرأي على أن مثل هذا االتفاق كان سيساعد العراق بصورة هائلة .لكنه أشار
إلى أنه بالنظر إلى تاريخ العالقات بين البلدين ،كان األمر سيتطلب بعض الوقت قبل أن توافق واشنطن على
الدخول في مثل هذا االتفاق مع العراق .من ناحية أخرى ،لفت بيرو انتباه صدام إلى أن الفقرة 14من قرار
األمم المتحدة رقم 687تنص على أن نزع تسليح العراق كان جزءا من عملية نزع تسليح شاملة للمنطقة
بأسرها ،لكن هذا الجزء من القرار تعذر تنفيذه .كان التهديد اإليراني سيلوح في األفق بالنسبة للعراق ،خاصة
مع استمرار إيران في تطوير أسلحتها .وعلق بيرو بأنه في ظل مثل هذه الظروف ،يبدو أن العراق كان سيصبح
بحاجة إلى إعادة بناء برامجه المعنية بإنتاج األسلحة استجابة لما يجابهه من أخطار .ورد صدام على ذلك
بقوله إن العراق كان سيفعل ما يتوجب عليه فعله ،منوها بأن قدرات العراق الفنية والعلمية فاقت قدرات الدول
اإلقليمية األخرى .قال صدام إنه سمح بعودة مفتشي األمم المتحدة إلى العراق في محاولة للتصدي لمزاعم
الحكومة البريطانية .وأكد أنه كان من العسير للغاية اتخاذ مثل هذا القرار ،لكن الحكومة البريطانية من جانبها
كانت أعدت تقريرا يحوي معلومات استخباراتية غير دقيقة .وكانت تلك المعلومات االستخباراتية غير الدقيقة
األساس الذي اعتمدت عليه واشنطن في قراراتها .إال أن صدام اعترف بأنه عندما اتضح أن الحرب مع
الواليات المتحدة وشيكة ،سمح بعودة مفتشي األمم المتحدة إلى العراق ،أمال في تجنب الحرب .لكن بدا جليا
أمامه قبل الحرب بأربعة أشهر أن الحرب واقعة ال محالة .أكد صدام مجددا أنه رغب في إقامة عالقات مع
الواليات المتحدة ،لكن لم تتسن له فرصة تحقيق ذلك ألن واشنطن لم تكن تنصت ألي شيء يقوله العراق.
عالوة على ذلك ،ساوره القلق إزاء القدرات والموارد التقنية المتطورة لواشنطن .على صعيد منفصل ،قال
صدام إنه يتذكر استخدامه الهاتف مرتين فحسب منذ مارس (آذار) عام .1990إضافة إلى ذلك ،لم يبق صدام
في المكان واحد لمدة تزيد على يوم واحد ،إلدراكه القدرات األميركية بالغة التقدم .جرت اتصاالت صدام بصورة
رئيسة عبر استخدام أفراد لحمل الرسائل أو كان يلتقي شخصيا مع مسؤولي الحكومة لمناقشة القضايا المعنية.
واعترف صدام بأن دولة نامية مثل العراق كانت عرضة لتهديد كبير من قبل الواليات المتحدة .ثم تحولت
المناقشة باتجاه الرئيس العراقي المؤقت الجديد ـ الشيخ غازي الياور .قال صدام إن الياور ينتمي لعائلة طيبة
وإن الدول اإلقليمية األخرى سترحب به ،خاصة السعودية .وأعرب عن اعتقاده بأن الواليات المتحدة ال بد أنها
أمعنت التفكير في تعيين الياور في هذا المنصب ،ألن اختياره كان قرارا صائبا .من جهته ،نوه بيرو بأن اختيار
الياور لم يتم من جانب واشنطن وحدها ،وإنما عاونتها األمم المتحدة .وأضاف أن اختيار الحكومة العراقية
الجديدة اعتمد على االحتياجات التي أعرب عنها الشعب العراقي .قامت الحكومة العراقية على أساس متين
تمكنت من االنطالق منه في سعيها لخدمة الشعب العراقي .بعد ذلك ،سأل بيرو صدام عن حقيقة شعوره
الشخصي إزاء مناقشتهما حول رئيس عراقي وحكومة جديدة بالبالد .وشرع صدام في اإلجابة بالحديث عن
الياور ،لكن قاطعه بيرو وأعاد سؤاله عن شعوره الشخصي .وذكر بيرو صدام بأنه سبق أن أوضح أنه ال يزال
يعتبر نفسه رئيس العراق .ومع ذلك ،بات واضحا للجميع اآلن أنه لم يعد رئيسا للبالد ،في ظل وجود رئيس
آخر يمثل الدولة والشعب العراقيين .وأخبر بيرو صدام بأنه لم يعد رئيسا للعراق ،وأن أمره انتهى .أجاب صدام
بأنه يعي هذا األمر ،وتساءل ماذا يمكنه فعله حيال األمر بالنظر إلى أن تلك مشيئة اهلل .وسأله بيرو ما إذا كانت
لديه أي أفكار حيال مستقبله ،ورد صدام بأنه مستقبله في يد اهلل .عندئذ ،أخبره بيرو بأن حياته أشرفت على
نهايتها ،وسأله إذا ما كان يرغب في أن يكون للجزء المتبقي من حياته معنى .ورد صدام باإليجاب .قال بيرو
لصدام إنه أحاط نفسه بأفراد ضعفاء ،يأبون اآلن تحمل أي مسؤولية عن إجراءات الحكومة السابقة .وأضاف
أن المحتجزين بالغي األهمية اآلخرين يلقون باللوم على صدام عن كل أخطاء العراق .وأجاب صدام متسائال
ماذا بوسعه فعله .واعترف صدام بأنه ربما يتحمل المسؤولية أو اللوم ،في الوقت الذي يحاول آخرون إقصاء
ـ عن المسؤولية. أنفسهم
----------------------
57
يكشف الرئيس العراقي األسبق صدام حسين الذي أُعدم نهاية ديسمبر (كانون األول) 2006في وثائق
ـ وحتى سرية أفرج عنها األرشيف القومي األميركي أخيرا خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه األخيرة في الحكم
اعتقاله وظروفه في السجن .وبعد نشرها محاضر 19جلسة استجواب رسمي تواصل «الشرق األوسط» اليوم
نشر محاضر حوارات غير رسمية عادية أجراها جورج بيرو ،وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي
األميركي «إف بي آي» ،مع الرئيس األسبق ما بين 1مايو (أيار) و 28يونيو (حزيران) .2004وفي حوار
جرى في 17يونيو (حزيران) تحدث صدام عن إخوته غير األشقاء وكبار المسؤولين في نظامه ،وقد أفاد بأن
طارق عزيز كان في غاية الذكاء ومتحدثا رائعا .وأفاد بأن ابن عمه علي حسن المجيد كان يفكر مثل البدوي
وكانت خبرته محدودة خارج حدود قبيلته ،وكانت قراراته تقوم على هذه الخبرة المحدودة.
* طارق عزيز كان في غاية الذكاء ..ورمضان واضحا ..والمجيد كان يفكر مثل البدوي
ـ رئيس النظام السابق قال إن برزان كان مغلقا ولم يكن ودودا ووطبان عكسه
* خالل حديث غير رسمي مع جورج بيرو في زنزانته ،أدلى صدام حسين بالمعلومات التالية:
أفاد صدام بأنه في معظم األيام ،كان جدول أعماله يشتمل على االجتماع مع المواطنين العراقيين العاديين .وقد
كان صدام يفضل االجتماع معهم حيث كان يعمل أو يقيم بدال من مكتبه الرئاسي .وفي أغلب األحيان ،كانت هذه
االجتماعات بين الساعة 3:00إلى الساعة 6:00مساء ،حيث كان يتبادل الحديث مع المواطنين العراقيين.
وكان صدام يفضل قيادة السيارة بنفسه وكان يأمر حراسه بالركوب معه ،مما منحه القدرة على التوقف متى
وأين شاء .وكان صدام يستفيد من هذا الوقت في معالجة المشكالت الشخصية لهؤالء المواطنين ،وكان من ذلك
مناقشة مشكالتهم الصحية وشكاواهم الشخصية ،إلخ .وكان صدام يستمتع بتبادل األفكار مع أولئك الذين
يحيطون به بغرض توفير الحلول لهم .وكان يشجع من حوله على مناقشة المشكالت وتبادل األفكار فيما بينهم،
وبينهم وبينه كذلك .ومع ذلك فلم يكن صدام يستمتع بالجدل مع اآلخرين على الرغم من أنه كان يعتبر نفسه
محاورا ممتازا ،وأكثر دراية ممن حوله .وعندما كان يدور جدل حوله ،كان يقول إنه لن يشارك فيه ويبقى
صامتا .وكان صدام يتناقش مع بعض األفراد سواء كانوا أقارب أو مقربين له داخل الحكومة العراقية السابقة.
وقد أفاد صدام بأن طارق عزيز (رقم 25على القائمة السوداء) كان في غاية الذكاء وكانت لديه معلومات
وفيرة عن الغرب أكثر من أي مسؤول آخر في حزب البعث .وكان عزيز متحدثا رائعا ،حيث كان مدرسا سابقا
للغة اإلنجليزية وكان رئيس تحرير صحيفة حزب البعث .وأفاد صدام بأن علي حسن المجيد (رقم 5على
القائمة السوداء) كان يفكر مثل العرب .وأفاد بيرو بأن المجيد كان يفكر مثل البدوي ،وقال صدام إن ذلك ما كان
يقصده .لقد كانت خبرة المجيد محدودة خارج حدود قبيلته وكانت قراراته تقوم على هذه الخبرة المحدودة.
ومع ذلك ،فقد كان المجيد يتبع وينفذ األوامر الموجهة إليه .ووصف صدام شخصية نائب الرئيس السابق طه
ياسين رمضان (رقم 20على القائمة السوداء) بأنها شخصية واضحة .فقد كان رمضان ذلك النوع من
ـ باستمرار ،وهو األمر الذي كان يسمح به صدام .بعد ذلك انتقل صدام إلى األشخاص الذين يتحدثون عن أنفسهم
الحديث عن أخويه غير الشقيقين وهما برزان إبراهيم حسن (رقم 38على القائمة السوداء) ووطبان إبراهيم
حسن (رقم 37على القائمة السوداء) .وأفاد صدام بأن برزان كان في غاية الذكاء ولكن شخصيته كانت مغلقة.
وقال بيرو لصدام إن برزان لم يكن ودودا بما يكفي ،ولم يكن من النوع الذي يمكن أن يطور معه بيرو صداقة.
فضحك صدام وقال إن بيرو قد عرف شخصية برزان .ثم أفاد صدام بأن وطبان كان على العكس من برزان
حيث كان ودودا وذا شخصية بسيطة .وحسبما يقول صدام ،فإن وطبان لم يستطع تنفيذ المهام الوزارية ولم
يكن قادرا على االضطالع باألدوار السياسية أو حل مشكالتها .ثم تساءل بيرو عن عابد حامد محمود (رقم 4
58
على القائمة السوداء) وهو السكرتير الرئاسي لصدام .فقال صدام إن عابد كان موظفا جيدا ومخلصا وكان ينفذ
الواجبات واألوامر .ثم سأل صدام بيرو عن رأيه في عابد .فقام بيرو بوصف بما يعنيه مصطلح «مندوب
مبيعات سيارات مستعملة» .فضحك صدام مرة أخرى وقال إن بيرو كان محقا في وصفه لعابد.
* ناقش بيرو مع صدام عالقة العراق بتنظيم القاعدة ،وعرض صدام تقريرا تاريخيا مختصرا عن الخالفات
داخل الدين ،وال سيما اإلسالم ،وعن حكام ذوي أهمية من الناحية التاريخية .وقال صدام إنه يؤمن باهلل ،وإنه
ليس متعصبا .وأعرب عن اعتقاده أنه ال يجب الخلط بين الدين والدولة .وعالوة على ذلك ،فإن آيديولوجية
حزب البعث لم تكن تعتمد على الدين ،حيث إن مؤسسها كان مسيحيا .ولكن ،كان صدام واضحا في أنه يقف ضد
أي شخص يتواطأ مع الغرب ضد بالده .وقال صدام إن آيديولوجية أسامة بن الدن لم تختلف عن الكثير من
المتعصبين الذين جاءوا قبله ،وإنه ليس لدى االثنين نفس المعتقد أو النظرة .وزعم صدام أنه لم ير بن الدن
شخصيا يوما ما .ولكن ،أشار بيرو إلى أن هناك أدلة واضحة على أن الحكومة العراقية كانت قد اجتمعت من
قبل مع بن الدن ،واستشهد بيرو على ذلك باجتماع فاروق حجازي ،مسؤول االستخبارات الخارجية بجهاز
االستخبارات العراقي ،مع أسامة بن الدن في السودان عام ،1994وواستشهد كذلك بزيارتين قام بهما أبو
حفص الموريتاني إلى بغداد ،وطلبه الحصول على مساعدات مالية تبلغ 10ماليين دوالر .وأجاب صدام:
«نعم» .وقال إن الحكومة العراقية لم تتعاون مع بن الدن .وسأل بيرو صدام «لِمَ ال؟» ما دام للعراق وبن الدن
نفس األعداء ،الواليات المتحدة والسعودية ..واستشهد بيرو بعبارة «عدوي عدو أخي» .وقال صدام إن
الواليات المتحدة لم تكن عدوا للعراق ،ولكن كان صدام يعترض على سياساتها .ولو كان يريد التعاون مع
أعداء الواليات المتحدة لكان قام بذلك مع كوريا الشمالية ،التي زعم أن له عالقة بها ،أو الصين .وقال صدام إن
الواليات المتحدة استخدمت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) كمسوغ للهجوم على العراق .ولم تر
الواليات المتحدة سبب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) .وقال بيرو إنه بسبب التناقض بين تصريحات
العراق وتصرفاته ،يعتقد الكثيرون أن العراق أخطأ في حساب تبعات هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)
على الشعب األميركي وقياداته .وأنكر العراق أي عالقة مع بن الدن أو «القاعدة» ،ولكن أظهرت األدلة
استمرار التواصل بين االثنين .ورفض صدام القول بالخطأ في حساب تبعات الهجوم ،ولكنه لم تكن لديه خيارات
أخرى ،وكان الخيار الوحيد الذي أمامه هو مغادرة العراق ،وهو ما زعم أنه لم يكن خيارا .وسأل بيرو صدام:
لماذا كان العراق الدولة الوحيدة التي أثنت على هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)؟ وهو األمر الذي
رفضه صدام على الفور .وقال بيرو لصدام إن هناك تقارير عن إشادة الصحف العراقية بالهجوم .وقال صدام
إنه كتب مقاالت ضد الهجوم ،ولكنه تحدث أيضا عن السبب الذي دفع رجاال إلى القيام بهذه التصرفات .ولم تتم
مراجعة السبب الذي يمكن أن يتسبب في هذا القدر من الكره وقتل األبرياء .وبعد الهجوم ،كتب طارق عزيز
خطابات شخصية يدين فيها الهجوم إلى شخصين ،من الممكن أن يكون أحدهما رمزي كالرك ،الذي كان يعرفه
عزيز شخصيا .وكانت هذه الخطابات بمثابة وسيلة غير رسمية يدين العراق من خاللها الهجوم .وقال صدام
إنه لم يكن من الممكن اإلدالء بأي تصريحات رسمية ،حيث كان يُنظر إلى العراق على أنه في حالة حرب مع
الواليات المتحدة .وسئل صدام عما إذا كان ذلك هو السبب في رفض طلب السفير العراقي في األمم المتحدة
محمد الدوري حضور ذكرى الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) .واحتاج ذلك إلى طلب شخصي من وزير
الشؤون الخارجية لصدام للحصول على تصريح للسفير كي يحضر الذكرى .وقال صدام إنه ال يستطيع تذكر ما
حدث ،ولكنه يتذكر تحديدا أن السفير حضر الذكرى كممثل لألمم المتحدة ولم يحضر كممثل رسمي للعراق.
59
* إيجاز لـ «إف بي آي» :صدام قد يقدم أدلة ضد مساعديه إذا كان يعتقد أنهم يتعاونون مع التحقيقات
ـ كاتبوه :مع ازدياد الثقة بين الرئيس السابق وبيرو تمت إثارة مواضيع معقدة
* موجز :تقديم تقرير متقدم لشعبة مكافحة اإلرهاب وفرق مجموعة التدخل في الحاالت الحرجة حول صدام
حسين التفاصيل :في أعقاب القبض على الرئيس العراقي األسبق صدام حسين في ديسمبر (كانون األول)
( 2003تم حذف بقية هذا الجزء).
حتى اآلن ،أجرى فريق المباحث الفيدرالية األميركية ست عشرة مقابلة مع صدام واثنتي عشرة مقابلة مع
الوزراء ومستشاري الرئيس وقادة األجهزة األمنية وقادة الجيش السابقين المحتجزين لدى القوات األميركية.
وقد كانت اللقاءات األخيرة محورية في معرفة أسلوب عمل حكومة صدام ،والوصول إلى الكيفية التي كان يتم
من خاللها اتخاذ القرار وتنفيذه.
على الرغم من أن الهدف الرئيسي من استجواب صدام كان الحصول على معلومات استخباراتية ،فإن الفريق
يرى تقديم صدام حسين أي معلومات ذات قيمة من دون الحصول على فائدة ملموسة في المقابل أمرا بعيد
المنال ،بيد أن اقتراب المحاكمة قد يجعل صدام يؤثر الفوائد من وراء التعاون بدال من المخاطرة بالصمت .وهذا
صحيح ،خصوصا إذا كان يعتقد أنه سيواجه محاكمة دولية تقابل المحاكمة المحلية ،وإذا ما كان يعتقد ،على
سبيل المثال ،أن قادة النظام السابق يتعاونون خالل التحقيقات ويحملونه مسؤولية انتهاكات حقوق اإلنسان
ـ أسلحة الدمار الشامل ،بل وربما يبدي رغبة في الكشف عن أدلة ضدهم. واإلعدامات الجماعية ،أو استخدام
وبحسب شخصيته ،سيحاول صدام التعاون للتخفيف من تورطه في االشتراك في تلك الممارسات ،وإن لم يكن
من أجل ذلك فمن أجل الحفاظ على صورته الذاتية ،ولضمان الحفاظ على صورة إيجابية في التاريخ( .تم حذف
بقية هذا الجزء) .بعد أن قبل صدام ذلك كتب للدخول في «حوار» وليس «تحقيقا» .وقضى فريق المباحث
الفيدرالية األميركية عدة جلسات يناقشونه في موضوعات ال تهدد موقفه ،منحته الفرصة للحديث بحرية
والتباهي بإنجازاته السابقة( .تم حذف بقية هذا الجزء).
وبينما كانت الصلة والثقة بين صدام وبيرو تزداد ،تم الدفع بعدد من الموضوعات المعقدة خالل الجلسات .فعلى
سبيل المثال ،سئل صدام أسئلة تفصيلية حول استخدام األسلحة الكيميائية ضد األكراد في حلبجة عام ،1988
وتفاصيل انتفاضة الشيعة في الجنوب عام .1991وهي موضوعات كان صدام يرفض مناقشتها من قبل.
انطالق صدام في الحديث رويدا رويدا ،ربما ال يكون راجعا إلى نوعية األسئلة التي سئلت ،إنما للسلوك غير
العدواني الذي سئلت به( .تم حذف بقية هذا الجزء).
في 19/3/2004عرض الفريق لصدام حسين فيلما وثائقيا أنتجه صحافي بريطاني تحت عنوان «آخر حروب
صدام» وصف نظام صدام الوحشي بأصوات شهود عيان وناجين قدموا أدلة على المذابح واإلعدامات الجماعية
التي ارتكبت في حق الشيعة .وقبل أن يعرض الفيلم على صدام شرع في التساؤل حول موضوعية الصحافي،
وتحدث مطوال حول أهمية العدالة ،وعندما بدأ مشاهدة الفيلم بدا عليه الغضب الشديد ،وشكك في صحة الفيلم.
ومع استمرار الفيلم أنهى صدام الجلسة قائال إنه يرغب في تناول طعام العشاء وتأدية الصالة ،وقال إنه
سيناقش األمر في وقت الحق .وخالل استعداداته لمغادرة الجلسة واصل صدام انتقاداته ،مكررا شكوكه في
صحة الفيلم ،ومكيال االتهامات للرئيس بوش بتشجيع انتفاضة الشيعة .وفي اليوم التالي كان صدام قد استعاد
رباطة جأشه ،وبدا مستعدا إلكمال المناقشات.
وسيواصل الفريق جهوده في سحق صدام بكم كبير من األدلة ضده وضد أركان نظامه السابق بشأن انتهاكات
ـ األسلحة الكيميائية .ونعتقد أنه عندما يشعر صدام بأن
حقوق اإلنسان وعمليات القتل الجماعي واستخدام
60
استراتيجية اإلنكار التي ينتهجها لم تعد مجدية ،قد يلجأ إلى اتهام اآلخرين من قادة النظام السابقين بتلك
االنتهاكات( .تم حذف بقية هذا الجزء).
61