Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫أهم ما ينبغي معرفته عن نظرية التعلم االجتماعي و التعلم بالمالحظة‬

‫العيسى‪ 2020/11/27 ‬إرشادات‪ ,‬بيداغوجيا‪ 5٬584 ‬قراءة‪.‬‬ ‫د‪ .‬إيناس عبّاد‬


‫ترى نظرية التعلم االجتماعي بأن األشخاص يتعلمون سلوكات جديدة‪ ،‬من خالل التعزيز أو‬
‫العقاب‪ ،‬أو التعلُّم بالمالحظة والنمذجة‪ ،‬وكلما كانت النتائج أكثر إيجابية ومرغوبة للسلوك‬
‫المالحظ‪ ،‬تزداد فرصة تقليد وتبني ذلك السلوك‪.‬‬

‫وللتعلم بالمالحظة‪ 8‬عدة مصادر منها التفاعل المباشر مع األفراد المحيطين‪ ،‬أو غير المباشر‪ ،‬من‬
‫خالل وسائل اإلعالم المختلفة‪ 8‬كالسينما والتلفاز‪ ،‬ومواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬إضافة للقصص‬
‫والشخصيات الخيالية أو األسطورية‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهوم التعلم االجتماعي‬


‫يطلق عليها البعض “نظرية التعلُّم بالمالحظة” أو “التعلُّم بالتقليد” أو “بالنمذجة”؛ وهي حلقة‬
‫الوصل بين النظريات المعرفية والنظريات السلوكية‪ ،‬ويعود سبب التسمية إلى أن النظرية تنطلق‬
‫من افتراض رئيس بأن اإلنسان كائن اجتماعي يؤثر ويتأثر بمن حوله‪ ،‬وأنه يتعلم من مالحظة‬
‫السلوك وتخزينه‪ ،‬ثم استرجاعه‪ 8‬عند الحاجة‪ 8‬وتقليده؛ وهو ما يسمى ” التعلُّم الكامن “‪.‬‬

‫‪ -2‬ظهور النظرية‬
‫ظهرت نظرية التعلم االجتماعي في الوقت الذي عجزت فيه النظرية “السلوكية الراديكالية للتعلم”‬
‫عن تفسير السلوك اإلنساني‪ ،‬إلهمالها العمليات العقلية الشعورية والالشعورية‪ ،‬األمر الذي‬
‫استدعى وجود نظريات بديلة؛ ومنها “السلوكية االجتماعية المعرفية” والتي تدرس تأثير عوامل‬
‫مجتمعة على السلوك وهي “البيئة والسلوك والعوامل الشخصية”‪.‬‬

‫– تجارب باندورا ‪ ‬‬


‫طلب من شخص بالغ‬‫استخدم باندورا عدداً من التجارب‪ 8‬ليضع نظريته‪ ،‬ومنها لعبة المهرج‪ ،‬حيث ُ‬
‫ضرب الدمية أمام مجموعة من األطفال‪ ،‬وكانت النتيجة في ثالثة سلوكيات مختلفة‪:‬‬

‫األطفال الذين شاهدوا المعتدي مُعا َقبا ً كانوا األقل ميالً لضرب الدمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫األطفال الذين شاهدوا المعتدي دون عقاب كانوا يميلون لضرب الدمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫األطفال الذين شاهدوا المعتدي يتم تعزيزه كانوا األكثر ميالً لضرب الدمية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -3‬المبادئ األساسية للنظرية‬


‫الحظ باندورا خالل تجاربه أنه كلما زاد حب األشخاص للنموذج “الشخص الذي يتم تقليده” فإن‬
‫تأثيره عليهم يكون أكبر؛ وأن التعزيز يشكل دافعا قويا لتذكر السلوك وممارسته الحقاً؛‪ 8‬مع التأكيد‬
‫على دور العمليات المعرفية في التعليم‪ ،‬وعليه وضع عدداً من المبادئ األساسية لنموذجه‪:‬‬

‫مبدأ الحتمية التبادلية‪ :‬يشير إلى التفاعل بين مكونات ثالث‪“ :‬الشخص والسلوك والبيئة”‬ ‫‪‬‬
‫فأحيانا العوامل الشخصية هي التي تنظم السلوك‪ ،‬وفي أحيان أخرى يتأثر الشخص بالبيئة‪،‬‬
‫والعمليات المعرفية لها دور في التحكم الشخص والسلوك والبيئة‪.‬‬
‫مبدأ العمليات اإلبدالية‪ :‬إن تعلُم السلوك يمكن أن يكتسب على نحو بديلي‪ ،‬من خالل‬ ‫‪‬‬
‫مالحظة النماذج دون الحاجة‪ 8‬لمرور الفرد بالسلوك نفسه‪ ،‬فيتم التعلُّم دون المرور بتجربة‬
‫مباشرة بالثواب والعقاب‪ ،‬حيث أن مبدأ المحاولة‪ 8‬والخطأ‪ 8‬غير كاف لتعلم السلوك بل يجب‬
‫مالحظته‪.‬‬
‫مبدأ العمليات المعرفية‪ :‬ال يحدث التعلُّم بالمالحظة على نحو أوتوماتيكي‪ ،‬وإنما بشكل‬ ‫‪‬‬
‫انتقائي‪ ،‬ويتأثر التعلُّم بالعمليات المعرفية للمالحظ‪ ،‬وفقا ً للثواب والعقاب‪ ،‬وتتدخل العمليات‬
‫الداخلية كاالستدالل والتوقع واإلدراك‪ .‬فالسلوك المالحظ يخضع للمعالجة المعرفية لتفسيره‬
‫وتحديد الشكل األفضل له‪.‬‬
‫مبدأ عملية التنظيم الذاتي‪ :‬ينظم األشخاص سلوكهم على ضوء النتائج المتوقع تحقيقها‬ ‫‪‬‬
‫من جراء القيام بذلك السلوك‪ ،‬إذ أن توقع النتائج يحدد إمكانية تعلُم السلوك‪ ،‬أو عدمه كما أن‬
‫للتوقع دوراً رئيسا ً في ممارسة السلوك واستخدامه‪.‬‬

‫‪ -4‬مراحل‪ ‬التعلُّم‪ ‬بالمالحظة ‪:‬‬

‫أ‪ -‬مرحلة االنتباه ‪Attention‬‬


‫المالحظة‪ 8‬غير كافية للتعلم‪ ،‬بل يجب أن ينتبه المتعلم للسلوك المالحظ‪ ،‬حيث يتأثر االنتباه‪،‬‬
‫بخصائص النموذج المؤثرة من حيث التقبل والسيطرة والكفاءة‪ 8،‬ناهيك عن األمور المشتركة بين‬
‫المالحظ والنموذج‪ ،‬باإلضافة إلى خصائص المالحظ‪ ،‬فاألشخاص الذين يمتلكون فهما ً أعمق‬
‫للذات‪ ،‬يُعتبرون األقل ميال لالنتباه للسلوك نظرا لميلهم لالستقاللية والتميز‪ ،‬وال نغفل عن مدى‬
‫تأثر االنتباه بالمستوى االجتماعي والذكاء والجنس‪ ،‬كما أن األطفال األكبر سنا لديهم القدرة أكثر‬
‫من األصغر على االنتباه ومتى عليهم ذلك‪ ،‬كما أن وجود دافع للتعلم يزيد من االنتباه للسلوك‪.‬‬

‫ب‪ -‬مرحلة االحتفاظ ‪Retention‬‬


‫يحتفظ األشخاص بالسلوك‪ ،‬ويتم تذكره بسبب حفظه‪ 8‬في الذاكرة عن طريق عمليات الترميز‪ ،‬كما‬
‫تساعد الممارسة والتكرار لفترات طويلة على االحتفاظ بالسلوك‪ ،‬لذلك على المتعلم أن يحتفظ‬
‫بالمعلومات ويخزنها في الذاكرة ويقوم بترميزها خالل مالحظة النموذج‪ ،‬حتى يتمكن من تذكرها‬
‫واسترجاعها عند الحاجة‪.‬‬

‫ج‪ -‬مرحلة اإلنتاج الحركي ‪ Motor reproduction‬‬


‫تتطلب مرحلة‪ 8‬األداء قدرات لفظية وحركية‪ ،‬لتحويل التعلُّم إلى سلوك قابل للقياس‪ ،‬فبعد مالحظة‪8‬‬
‫النموذج‪ ،‬واالحتفاظ بالسلوك وتخزينه في الذاكرة‪ ،‬على المتعلم ترجمة السلوك المالحظ‬
‫والمخزن‪ ،‬إلى عملية اإلنتاج الحركي للسلوك‪ ،‬الذي يمكن قياسه‪ ،‬والذي يتطلب قدرة جسدية لدى‬
‫المتعلم‪.‬‬

‫د‪ -‬مرحلة التعزيز‪  Reinforcement  ‬‬


‫يقصد بالتعزيز‪ ،‬اإلجراء الذي يتبع السلوك المرغوب ويزيد من احتمالية تكرار السلوك‪ ،‬وهناك‬
‫التعزيز اإليجابي؛ وهو تقديم مثير مرغوب بعد السلوك المرغوب لضمان تكراره‪ ،‬أما التعزيز‬
‫السلبي؛ فهو إزالة مثير غير مرغوب بعد السلوك المرغوب لتكراره‪ 8‬حدوث السلوك المرغوب‪.‬‬
‫وفي مرحلة التعزيز لن يتقن الفرد السلوك ما لم تكن لديه الدافعية الذاتية لتعلمه‪ ،‬كما أنه لن تكون‬
‫هناك عملية تعلُم متقنة تماما كالنموذج‪ ،‬ما لم يلقى ذلك السلوك القبول والتعزيز المناسب‪.‬‬

‫وأما عن دور التعزيز في التعلُّم بالمالحظة‪ ،‬فإن تعزيز السلوك يؤدي لتعلم السلوك وتكراره‪ ،‬أما‬
‫العقاب‪ ،‬فهو إجراء غير مرغوب يؤدي لتقليل تكرار السلوك غير المرغوب ومنه تعريض الفرد‬
‫لمثيرات غير مرغوبة للتقليل من تكرار السلوك‪ ،‬أو حرمان الفرد من التعزيز أو األشياء‬
‫المرغوبة لديه للحد من تكرار السلوك غير المرغوب‪.‬‬

‫‪ -5‬نواتج‪ ‬التعلُّم‪ ‬بالمالحظة ‪ ‬‬
‫لعل من أبرز نواتج التعلُّم بالمالحظة‪ ،‬تعلُم أنماط سلوكية جديدة‪ ،‬وهو أمر متوقع من الجميع‬
‫خاصة األطفال‪ ،‬النعدام خبراتهم مقارنة بالبالغين‪ ،‬أما عند البالغين فيزداد تعلُم السلوك في حال‬
‫تفاعلهم مع بيئة جديدة‪.‬‬

‫ومن نواتجه أيضاً‪ ،‬أنه يتم التوقف عن سلوك عند معاقبة النموذج لقيامه بالسلوك‪ ،‬بينما يتم القيام‬
‫بالسلوك وممارسته في حال حصول العكس‪ ،‬كما يمكن تسهيل ظهور السلوك الذي تم تعلمه من‬
‫قبل‪ ،‬حتى بعد إهماله أو نسيانه‪ ،‬بمجرد مشاهدة نموذج يقوم به‪ ،‬مما يجعل من السهل العودة‬
‫للسلوك مرة أخرى‪.‬‬

‫‪ -6‬نقد نظرية التعلُّم االجتماعي‬


‫تتلخص فكرة التعلُّم االجتماعي بأن البيئة الخارجية‪ 8‬تقدم لألشخاص نماذج كثيرة من السلوك الذي‬
‫يقوم الفرد بتقليدها‪ ،‬حيث ربطت بين المدرسة السلوكية والمعرفية‪ ،‬بين سلوك األفراد والعمليات‬
‫المعرفية لديهم‪.‬‬

‫إال أن هناك العديد من األسئلة غير المجابة حول النظرية‪ ،‬والتي ما زالت بحاجة‪ 8‬إلجابات مقنعة‪،‬‬
‫كإغفال باندورا التحدث عن أهمية الذكاء والقدرات والدوافع والبناء المعرفي في استقبال أشكال‬
‫السلوك المالحظ‪ ،‬كما لم يقم بتحديد العوامل التي تقف خلف اختيار السلوك المالحظ‪ ،‬أضف إلى‬
‫ذلك أن النظرية لم تحدد أيهما األكثر أهمية في اكتساب السلوك المالحظ‪ ،‬التعزيزات الخارجية‬
‫التي يحصل عليها الفرد من اآلخرين‪ ،‬أم التعزيزات الداخلية الذاتية‪.‬‬

‫كما ترى أن تعديل السلوك يتم بناء على ما يشاهد الفرد من سلوك أو ما يتوقع من مكافأة‪ 8‬في حال‬
‫قلّد ذلك السلوك‪ ،‬وأن عدم قدرة األطفال على تقليد السلوك كما يجب يعود لعامل النضج الذي لم‬
‫يكتمل لديهم وهذا ما أهملته‪ ‬المدرسة السلوكية‪.‬‬
‫و بكلمات أخرى تم انتقاد النظرية لتركيزها على السلوكات الظاهرة‪ ،‬على الرغم من قناعة‬
‫باندورا بأهمية ودور العوامل المكمونة‪ ،‬ولعل السبب يعود لتش ّدده ضد التحليل النفسي‪ ،‬مما جعله‬
‫يتجاهل مشكالت إنسانيّة كالصراعات وغيرها‪.‬‬

‫ولكن علينا أال نغفل دور وأهمية النظرية في تفسيرها ألسباب االختالف في أشكال التعلُّم بين‬
‫األطفال العاديين واألطفال ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬رغم أن كليهما يشاهد السلوك ويحاول‬
‫تقليده من خالل التفاعل االجتماعي‪ ،‬كما ويمكن استخدامها في العالج النفسي وتعديل السلوك‪ ،‬إذ‬
‫أنه عند المالحظة يتعلم الفرد مبادئ السلوك‪ ،‬مما يتيح له فرصة التغيير والتنويع في االستجابات‪،‬‬
‫“النمذجه‬ ‫بل والتعديل عليها بما يتناسب وطبيع َة الموقف الذي يتعرض له‪ ،‬وهو ما يطلق عليها‬
‫المجردة” أو األشكال ذات المرتبة األعلى من أشكال التعلُّم االجتماعي‪ ،‬والتي يسعى فيها الفرد إلى‬
‫الوصول إلى السلوك األكثر قبوالً في المجتمع‪ ،‬ويبتعد عن السلوك غير المقبول اجتماعيا ً‬

You might also like