Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫القضية الفلسطينية في ضوء صنع القرار االماراتي‪:‬‬

‫ُتعتبر عملية صنع القرار السياسي في عصرنا الحالي مغايرة تماما ً لتلك التي عهدتها الدول‬
‫والمجتمعات في السابق‪ ,‬ففي حين كانت عملية صنع القرار محصورة في إرادات وأهواء القادة‬
‫والرؤساء‪ ,‬نجدها اليوم عملية معقدة وتفصيلية تتخذ شكل الموضوعات المتداولة بين عدة‬
‫مؤسسات ومراكز للوصول إلى اختيار البديل األنسب بين عدة بدائل متاحة‪ ,‬بحيث يكون هذا‬
‫البديل هو ما يحقق أكبر قدر من المصلحة الوطنية‪ ,‬التي تختلف بين دول ٍة وأخرى لعدة أسباب‬
‫وعوامل منها شكل الدولة‪ ,‬وشكل الحكم فيها‪ ,‬وطبيعتها السياسية‪ ,‬وكذلك ارتباطاتها الدولية‬
‫واإلقليمية‪.‬‬

‫وهنا فإن دولة اإلمارات العربية المتحدة وبحكم طبيعتها المركبة كدولة اتحادية فإن البدائل‬
‫السياسية المطروحة وكذلك غير السياسية عادة ما يتم تداولها بين عدة سلطات هي السطلة‬
‫االتحادية العليا والسلطات المحلية األخرى بعد التشاور على مستوى القادة ومراكز األبحاث‬
‫والمعنيين في صنع القرار للوصول إلى أكثر البدائل قربا ً من النهج السياسي المعتمد بما يحقق‬
‫المصلحة الوطنية العليا‪ ,‬وعلى ذلك فإن الهيئات الدستورية المعنية بصنع القرار في اإلمارات‬
‫‪1‬‬
‫العربية المتحدة تتمثل المجلس األعلى للحكام ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي‪.‬‬

‫وعلى ذلك فقد نص دستور الدولة أن المجلس األعلى لحكام اإلمارات هي الهيئة العليا المخولة‬
‫باتخاذ القرار النهائي‪ ,‬ويكون ذلك من خالل اجتماعات دورية تتداول مختلف القضايا واألحداث‬
‫الدولية واإلقليمية‪ ,‬مع صالحية لمجلس الوزراء باالجتماع بشكل اسبوعي أيضا ً لتداول القضايا‬
‫‪2‬‬
‫الهامة وتلقي التوصيات واالستشارات والدراسات من كافة وزارات ومراكز الدولة‪.‬‬

‫وباالطالع على الفترة الممتدة بين الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي نجد أن دولة‬
‫االمارات العربية المتحدة اتبعت سياسة وسطية في عالقاتها االقليمية والدولية‪ ,‬اعتمدت هذه‬
‫السياسة على حسن العالقات واحترام سيادة الدول والتقارب مع الدول العربية واالسالمية وهي‬
‫‪3‬‬
‫نهيان‪.‬‬ ‫الرؤية التي انتهجتها الدولة بنا ًء على توجيهات المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل‬

‫حيث تميزت تلك المرحلة بمواقف ثابتة تجاه القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني في العيش‬
‫بسالم مع تثبيت وتعزيز صموده على أرضه‪ ,‬وظهر هذا جليا ً عام ‪ ,1989‬من خالل قيام‬

‫عبد الرزاق فارس الفارس‪ ,‬مراكز البحوث وصناعة القرار في دولة اإلمارات‪ ,‬منشورات جامعة اإلمارات‪ ,‬قيم االقتصاد‪ ,‬ص‪.6‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Vania Carvalho Pinto, “From “Follower” to “Role Model”: the Transformation to the UAE’s‬‬
‫‪International Self-Image,” Journal of Arabian Studies, 4(2), 2014, p. 234.‬‬
‫المغفور له الشيح زايد بوضع حجر األساس لسفارة دولة فلسطين العربية لدى دولة اإلمارات‬
‫رفقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات‪ ,‬كذلك فإن مشاركة دولة اإلمارات العربية‬
‫بالحظر النفطي على الواليات المتحدة األمريكية وهولندا إلى جانب باقي الدول العربية نتيجة‬
‫حرب أكتوبر ‪ ,1973‬أكدت بما ال يحمل مجاالً للشك على عروبة اإلمارات ودعمها القضية‬
‫الفلسطينية ولو كان ذلك على حساب تحالفاتها الدولية‪.‬‬

‫يقول الدكتور علي شعث رئيس هيئة المدن الصناعية الفلسطيني األصل في لقاء صحفي مع‬
‫جريدة االتحاد اإلماراتية أن مواقف ومساعدات دولة اإلمارات العربية والشيخ زايد بن سلطان‬
‫رحمه هللا ستبقى منقوشة في وجدان الشعب الفلسطيني من خالل سعي اإلمارات العربية لعقود‬
‫بالدفع إلقامة الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني والتي شكلت سياسة رائدة لباقي الدول‬
‫‪4‬‬
‫العربية تجاه فلسطين‪.‬‬

‫ومع التطورات الدولية واإلقليمية التي بدأت منذ التسعينات من القرن الماضي وعلى رأسها‬
‫حرب الخليج ثم األزمات المالية العالمية مثل أزمة ‪ ,2008‬وكذلك الهجمات االرهابية كتلك‬
‫التي حصلت على الواليات المتحدة األمريكية ‪ ,2001‬ثم حرب العراق وغيرها من أزمات‬
‫الشرق األوسط‪ ,‬كان البد لدولة اإلمارات العربية أن تتماشى مع البيئة الدولية واإلقليمية الجديدة‬
‫وأن تنتهج سياسات أمنية ودبلوماسية متوافقة مع المرحلة الراهنة‪ ,‬ما دفع لظهور سياسة جديدة‬
‫تعتمد المزج بين القوتين الصلبة والناعمة لتحقيق المصلحة الوطنية للدولة‪ ,‬وهو ما سنوضحه‬
‫في الفقرة التالية التي سنسقط فيها نظرية القوة على السياسة الخارجية لدولة اإلمارات العربية‬
‫المتحدة‪.‬‬

‫البعد الفلسطيني في السياسة الخارجية اإلماراتية على ضوء نظرية القوة‪:‬‬

‫بشكل أصح أن العالقات الدولية اليوم تقوم على‬


‫ٍ‬ ‫كما ذكرنا سالفا ً فإن العالقات بين الدول أو‬
‫ركيزتين أساسيتين هما القوة والمصلحة الوطنية‪ ,‬وقد تم التركيز في أغلب الدراسات والنظريات‬
‫السياسية على هذين العاملين باعتبارهما قواعد قيام واستمرار الدول والمجتمعات‪.‬‬

‫ً‬
‫بداية‬ ‫وبالعودة لدولة اإلمارات العربية المتحدة فقد طرأت على سياستها الخارجية عدة متغيرات‬
‫من التسعينات من القرن الماضي ‪. . . .. ..‬‬

‫‪ 4‬فلسطين في القلب‪ ,‬هكذا كان زايد‪ ,‬جريدة االتحاد‪ 24 ,‬مايو ‪ ,2019‬مقال الكتروني‪ ,‬متوفر عبر الرابط‪:‬‬
‫‪https://2u.pw/owm6X‬‬

You might also like