Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 14

‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬

‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫تصنيف العلوم بين محمد عابد الجابري وطه عبد الرحمن‬


‫‪Classification of sciences‬‬
‫‪between Muhammad Abed al-Jabri and Taha Abd al-Rahman‬‬
‫‪1‬‬
‫عامر صبيرة‬
‫جامعة األمير عبد القادر للعلوم اإلسالمية قسنطينة‬
‫‪ameursabira34@gmail.com‬‬
‫د‪ .‬بن عباس عبد المالك‬
‫جامعة األمير عبد القادر للعلوم اإلسالمية قسنطينة‬
‫‪malekbenabbas@gmail.com‬‬
‫تاريخ الوصول ‪ 0202/11/20‬القبول ‪ 0201/26/00‬النشر على الخط ‪0201/11/02‬‬
‫‪Received 20/11/2002 Accepted 00/26/2021 Published online 30/11/2021‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫يقدم كل من "طه عبد الرمحن" و"حممد عابد اجلابري" تصنيفا للعلوم‪ ،‬مبين على أساس إبستيمولوجي‪ ،‬ينظر إىل آليات املعرفة‪،‬‬
‫وإىل الفعل العقلي الذي ينتجها‪ ،‬فاتفق أن كان التصنيف ثالثيا متقابال‪ :‬العقل املؤيد‪/‬العرفاين‪ ،‬واملسدد‪/‬البياين‪ ،‬واجملرد‪/‬الربهاين‪ ،‬حيط‬
‫طه عبد الرمحن من العقل اجملرد‪ ،‬ويرفع ا لعقل املؤيد ويعتربه أكمل العقول‪ ،‬والعقل موحد عنده خيتلف يف الدرجة فحسب‪ ،‬فجاءت‬
‫العلوم كلها متكاملة متعاونة‪ ،‬أما اجلابري‪ ،‬فال تكون الوحدة إال يف العلوم ذات املنهج الواحد‪ ،‬واملنهج أو العقل املعترب عنده والذي‬
‫حيدد مسار العلم والتقدم هو املنهج الربهاين(الطبيعيات‪،‬املقاصد‪ )..‬وقد وجد عند املدرسة الفلسفية املغربية عموما‪ ،‬وباقي املناهج‬
‫دعا إىل القطيعة معها‪ ،‬ومع العلوم اليت تنتجها‪ ،‬كالتصوف يف العرفان‪ ،‬واألصول يف البيان‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية ‪ :‬تصنيف العلوم ‪ ،‬التكامل‪ ،‬القطيعة‪ ،‬البنية‪ ،‬العقل‪ ،‬ابستمولوجيا‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪Taha Abdul Rahman and Mohammed Abed Al-Jabiri put forwar a triple oppositional‬‬
‫‪classification of the sciences. Taha Abdul Rahman focuses on the abstract mind, and‬‬
‫‪considers it the perfect mind. However, for Al-Jabiri, unity works only for the sciences that‬‬
‫‪have only one method; and this method is the considered mind that sets the path for science‬‬
‫‪and development. It is the evidential method (the purposes, the nature…), which is used by‬‬
‫‪the Moroccan philosophical school in general‬‬
‫‪Keywords : science classification ,the mind , integration ,break , structure , epidemiology.‬‬

‫الربيد اإللكرتوين‪ameursabira34@gmail.com :‬‬ ‫‪ -1‬املؤلف املرسل‪ :‬عامر صبرية‬

‫‪321‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يف كل فرتة من فرتات التحوالت العلمية واملعرفية حنو التقدم والتغري‪ ،‬واإلنتاجات النوعية تصحبها تصنيفات وتقاسيم للعلوم‬
‫وإحصاءات تشهد هلا كما تربز معاملها وخطوطها العريضة وحتقق أهدافها‪ ،‬ذلك أن كل تصنيف حيمل فلسفة أو يعتمد على فلسفة‬
‫ورؤية تتموضع من خالهلا العلوم احتادا وتفرقا وتفاضال وتراتبا‪ ،‬كما تتحد د من خالهلا أيضا جمموعة العالقات اليت تكون بينها‪.‬‬
‫وحيقق كل تصنيف أهدافا معينة علمية ومعرفية وتعليمية وتربوية‪.‬‬
‫وعالوة على تلك اإلنتاجات الكثرية يف احلضارات املتقدمة اليونانية والغربية واإلسالمية خاصة اليت متيزت بالتنوع والتفرد‪ ،‬يستمر‬
‫التأليف يف هذا اجملال يف وقتنا احلايل مع املشاريع الفلسفية واحلضارية اليت يقدمها العلماء والباحثون‪ ،‬وجند هنا تصنيفني‪ :‬األول لطه‬
‫عبد الرمحن والثاين تصنيف حممد عابد اجلابري‪ ،‬حيث أبرز كل منهما فلسفة مبتكرة لتصنيف العلوم‪ ،‬يف خضم مشروعيهما‬
‫املقدمني حلل إشكاالت الرتاث‪ ،‬واحلداثة واملعرفة العلمية‪ ،‬ومن هذا املنطلق ماذا كانت أبرز االختالفات بني التصنيفني؟‪ ،‬وكيف‬
‫أثرت فلسفتهما يف متوضع العلوم اتصاال وانفصاال وتفاعال؟‪.‬‬
‫‪ -1‬األسس الفلسفية للتصنيف‪:‬‬
‫إن التصنيفات املختلفة اليت يقدمها املفكرون الفالسفة واملصنفون‪ ،‬تعتمد على أسس فلسفية يف منطلقاهتا‪ ،‬وهي تلك النماذج‬
‫واألفكار املوجهة للتصنيف‪ ،‬وهذه األسس تكون إما ابستمولوجية (معرفية)‪ ،‬تتعلق بنظرية املعرفة‪ ،‬وتنبين على القوى اإلدراكية‬
‫لإلنسان‪ ،‬ونلتقي فيها باجتاهني كبريين مها‪ :‬االجتاه العقلي الذي حيدد املبادئ األولية (القبلية) للمعرفة عن طريق العقل(‪ ،)1‬ويدخل‬
‫يف هذا األساس الفالسفة‪ ،‬مثل أرسطو ومن تأثر به كالكندي والفارايب وابن سينا‪ ،‬واالجتاه التجرييب الذي يستمد نظرياته ومعرفته‬
‫عن طريق التجربة بعد استقراء الواقع(‪ .)2‬ويدخل فيه فالسفة الغرب أمثال فرانسيس بيكون وأوجست كونت‪ .‬ومن املسلمني ابن‬
‫الندمي وابن خلدون وطاش كربى زادة‪ .‬فهم بذلك يعربون عن اجتاهني حتت أساس واحد(‪.)3‬‬
‫أو أكسيولوجية قيمية (تتعلق بالقيمة واألخالق)‪ ،‬أي أن هناك أساسا قيميا‪ ،‬سواء كان هو اخلري أو الفضيلة‪ ،‬أو احلق أو الفائدة‪،‬‬
‫إضافة إىل خاصية أساسية هي تقسيم العلوم إىل علوم الوسائل وعلوم الغايات‪ ،‬ومن هذه التصنيفات‪ :‬رسالة اخلوارزمي يف العلوم‪،‬‬
‫التهانوي يف كشاف اصطالحات الفنون‪ ،‬وحاجي خليفة والتوحيدي‪.‬‬
‫أو أنطولوجية خاصة بالوجود‪ ،‬مثل "جابر بن حيان" الصويف‪ ،‬و"حممد بن تومرت" وغريمها(‪.)4‬‬
‫فهم يصنفون العلوم بشكل موازي لتصورهم للكون كنظرية الفيض مثال‪.‬‬
‫تقرتب هذه التقسيمات من تقسيمات الفلسفة إىل أنطولوجيا وإبستمولوجيا وإكسيولوجيا‪ ،‬وهلذا مسيت أسس فلسفية‪ ،‬وليس هذا‬
‫سببا فحسب‪ ،‬بل إن تلك التقسيمات تعرب أيضا عن زوايا ونظرات للكون واإلنسان‪ ،‬باملعىن الواسع فهي تتفق مع نظرة املصنف‬

‫‪ -1‬عبد الرمحان بن زيد الزنيدي‪ ،‬مصادر املعرفة يف الفكر الديين والفلسفي‪ ،‬دراسة نقدية يف ضوء اإلسالم‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة املؤيد‪ ،‬الرياض‪ 3131 ،‬هـ ــ‪3991 ،‬م‪ ،‬ص‪112 :‬‬
‫‪ -2‬عبد الرمحان بن زيد الزنيدي‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.141-114 :‬‬
‫‪ -3‬حممد حسن كاظم اخلفاجي‪ ،‬مقدمة يف الرتاث احلضاري لتصنيف العلوم‪ ،‬جملة املورد العراقية‪ ،‬مج‪ ،1‬ع‪3944 ،1‬م‪ ،‬ص‪. 232 :‬‬
‫‪ -4‬أمحد عبد احلليم عطية‪ ،‬تصنيف العلوم عند العرب‪ ،‬ودراسات أخرى‪ ،‬دار النصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.382:‬‬
‫‪321‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫الذي ينظر للكون من جهة اهتمامه هبذه املوضوعات(‪.)1‬‬


‫‪ - 2‬تصنيف الجابري للعلوم‪:‬‬
‫األساس الفلسفي لتصنيف الجابري‪:‬‬ ‫أ ‪-‬‬
‫وضع اجلابري تصنيفا للعلوم يعد ثورة منهجية‪ ،2‬اقتحم من خالله حقوال جديدة يف الرتاث‪ ،‬وابتكر مفاهيم وأشكاال ورؤى جديدة‬
‫يف التعامل معه‪ ،‬يف سبيل إعادة راهنية العريب وتطور علومه وإنتاجاته الفكرية‪ ،‬واعتمد يف ذلك على أسس وخلفيات فلسفية‬
‫ابستيمولوجية ومعرفية‪ ،‬ترتكز على تارخيية املعرفة وأهنا جزء من البىن الثقافية واالجتماعية للمجتمعات‪ ،‬فتدرس العقل يف التاريخ‪،‬‬
‫هذا العقل الكوين والكلي مببادئه الضرورية‪ ،‬ولن يكون كذلك إال داخل ثقافة معينة‪ ،‬وأمناط ثقافية متشاهبة‪ ،‬ويذكر هشام غصيب‬
‫" أن هذا يشري بوضوح إىل أن اجلابري يتبىن نظرة مثالية كانطية يف جوهرها للعلم واملعرفة‪ ،‬وكل ما يضيفه إىل الكانطية التقليدية هو‬
‫أنه ينفي ما أضفاه كانط من مشولية وكونية على املعرفة‪ ،‬ويؤكد النسبية الثقافية للمعرفة على غرار ما يفعله توماس كون‪ ،‬ومن مث فهي‬
‫تنفي إمكانية املعرفة ووجودها‪ ،‬فالنسبية الثقافية تلغي الفرق بني النظم املعرفية وبني غريها من النظم الفكرية والنفسية‪ ،‬وما هي إال‬
‫طريقة ذاتية لتنظيم مادة احلس اخلام واخلربة البشرية"‪.3‬‬
‫واعتمد على منهج البنيوية وتأثر إىل حد بعيد يف هذا اجملال بوجهة نظر فوكو الذي يؤكد يف بيان التأسيس الذي يسري عليه‬
‫مشروعه من خالل منهجية القطيعة املعرفية على أنه جيب بداية استبعاد املفاهيم اليت تكرس فكرة االتصال وتدور حول مفهوم‬
‫التقليد ألصل سابق‪ ،‬حيث يقول‪ ":‬حنن ملزمون بادئ األمر بالقيام بعملية إبعاد نتخلص فيها من جمموعة من املفاهيم يردد كل‬
‫منها وبأنغام متباينة ومتنوعة فكرة االتصال‪ ...‬فمفهوم التقليد يهدف إىل منح جمموعة من الظواهر املتعاقبة واملتماثلة أو على األقل‬
‫متشاهبة‪ ،‬وصفا زمانيا واحدا وفريدا‪ ،‬ويسمح هذا املفهوم أيضا بالنظر إىل تبعثر التاريخ من منظور الوحدة‪ ،‬ويبيح اختزال اخلاص‬
‫‪4‬‬
‫بكل بداية من أجل ردها بكيفية متصلة إىل أصل واحد"‪.‬‬
‫وحيث إن "فوكو" يقارب تاريخ الفكر مبنهج تقطيع‪ ،‬وجتزيء الزمن التارخيي إىل مجلة مراحل بينها فواصل وقواطع‪ ،‬فإنه يفضل أن‬
‫يصف نفسه ومنظوره املنهجي هذا ب(األركيولوجي ‪/‬احلفري)‪ ،‬وهو بذلك جيعل بينه وبني عامل احلفريات مشاهبة مقصودة‪ ،‬ومستعريا‬

‫‪ -1‬أمحد عبد احلليم عطية‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.319 :‬‬


‫‪ -2‬ضمن اجلابري مشروعه الذي انبثق منه التصنيف يف ما يربو على ثالثني مؤلفا‪ ،‬لكن املؤلفات اليت وضع فيها أساسياته هي‪ :‬حنن والرتاث‪ ،‬قراءات معاصرة يف تراثنا‬
‫الفلسفي‪ ،‬ط‪ ،1‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪3991 ،‬م‪ --.‬تكوين العقل العريب‪ ،‬نقد العقل العريب‪ ،3‬ط‪ ،32‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪2229 ،‬م‪ .‬اخلطاب‬
‫العريب املعاصر‪ -‬دراسة حتليلية نقدية‪ -‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪3991 ،‬م‪ .‬نقد العقل العريب‪ ،‬دراسة حتليلية نقدية لنظم اخلطاب يف الثقافة العربية‪،‬‬
‫ط‪ ،9‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ .‬الرتاث واحلداثة‪ ،‬دراسات ومناقشات‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪3993 ،‬م‪ .‬العقل السياسي‬
‫العريب‪ ،‬حمدداته وجتلياته‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2222 ،‬م‪ .‬العقل األخالقي العريب‪ ،‬دراسة حتليلية نقدية لنظم القيم يف الثقافة العربية‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2223 ،‬م‪.‬وكتاب مدخل إىل القرآن الكرمي‪ ،‬ج‪ ،3‬التعريف بالقرآن‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬احلمراء‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪2221‬م‪ .‬وفهم القرآن احلكيم‪ ،‬التفسري الواضح حسب ترتيب النزول‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النشر املغربية ردمك‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪2228 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬هشام غصيب‪ ،‬هل هناك عقل عريب؟‪ ،‬قراءة نقدية ملشروع حممد عابد اجلابري‪ ،‬دار التنوير العلمي‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬ودار الفارس‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫ص‪.334:‬‬
‫‪ -4‬ميشال فوكو‪ ،‬حفريات املعرفة‪ ،‬ترمجة ‪:‬سامل يفوت‪ ،‬ط‪ ،2‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء بريوت‪3984 ،‬م‪ ،‬ص‪.23 :‬‬
‫‪321‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫للمنهج األركيولوجي من حقل اجليولوجيا جمازا‪ ،‬وذلك من أجل الكشف عن ما يشرط خمتلف املعارف‪ ،‬وإىل التعرف على البنية‬
‫الضمنية اليت حتكم مرحلة ما من تاريخ الثقافة"وإظهار العالقات اليت تربط التشكيالت اخلطابية بامليادين غري اخلطابية( كاملؤسسات‬
‫واألحداث السياسية‪ ،‬واملمارسات والتطورات االقتصادية)‪ .1‬فشابه ذلك عمل األركيولوجي يف معاجلة طبقات املعرفة والثقافة‪ ،‬حيث‬
‫يستبعد املنظور التارخيي القائم على مفهوم التعاقب والصريورة املنتظمة الرابطة بني السابق والالحق‪ ،‬واملتقدم واملتأخر‪.2‬‬
‫باإلضافة إىل ذلك يقوم "فوكو" باستبعاد "الذات اإلنسانية"‪ ،‬فهو ال يرى وجود ذات فاعلة يف التاريخ‪ ،‬بل مثة بنية خفية ينبغي‬
‫الكشف عنها يسميها ب"االبستيمي"‪ ،‬وهو النظام املتحكم يف وعي اإلنسان وسلوكه‪ ،‬لذا كان "فوكو" يستهدف بأركيولوجيته‬
‫احلفر يف بنيات الثقافة من أجل حتديد االبستيمي‪/‬نظام الفكر املتحكم يف كل بنية على حدة ‪ .‬هذا "االبستيمي ‪ /‬نظام الفكر"هو‬
‫الذي يشكل الشروط احملددة للتفكري والسلوك ومنط احلياة‪ ،‬وهو األمر الذي يؤكد به ضرورة إحالل مفهوم القطيعة املعرفية بوصفه‬
‫أساسا منهجيا للمعرفة احلداثية ‪ -‬ما بعد احلداثية‪.3‬‬
‫يذكر عبد السالم بنعبد العايل أن اجلابري ينقلنا من مفهوم تارخيي لألفكار إىل مفهوم تكويين جينالوجي‪ ،‬ومن هنا تلك النظرة‬
‫إىل الثقافة العربية اإلسالمية كفضاء تارخيي أصيل‪ ..‬ومن هذا املنظور تنهار املقابلة التقليدية بني األصيل والدخيل‪..‬إهنا جزء من‬
‫تارخينا القومي‪ .4‬إنه مبعىن آخر يريد أن يربز "قواعد اللعب" اليت تستخدمها الثقافة العاملة عندما تقوم بإنتاج املعرفة ‪.5‬‬
‫تموضع العلوم وأساس التفاضل بينها عند الجابري‪:‬‬ ‫ب ‪-‬‬
‫توجه اجلابري بالنقد إىل هذا العقل بوصفه أداة اإلنتاج ال منتوج هذا العقل بالذات‪ ،‬فانقسم العقل إىل ثالث عقول‪ ،‬والعلوم‬
‫إىل ثالثة أقسام أو أصناف‪ :‬علوم العرفان‪ :‬من تصوف وفكر شيعي باطين هرمسي‪ ،‬وسحر وطلسمات‪..‬وآلية إنتاج املعرفة فيها غري‬
‫سببية وغري ضرورية‪ ،‬وهي من قبيل األوهام واخلرافات‪ ،‬والعقل فيها معطل بل مستقيل‪ ،‬وعلوم البيان وتشمل‪ :‬علوم اللغة‪ ،‬والفقه‬
‫واألصول والكالم‪ ..‬وآلية إنتاج املعرفة فيها جامدة ألهنا تعتمد القياس والتشبيه ما يؤدي إىل التقليد والتبعية‪ ،‬فالعقل فيها على الرغم‬
‫من أنه متحرك إال أن حركته حمدودة ومقيدة ورجعية (أي ترجع دائما إىل أصل)‪ ،‬أما علوم الربهان‪ :‬من منطق وطبيعيات‪ ..‬فتعتمد‬
‫‪6‬‬
‫الضرورة السببية واالرتباط السبيب‪.‬‬
‫ويقول يف هذا‪.." :‬ملا أخذنا يف تركيز اهتمامنا كله على اجلانب اإلبستملوجي‪ ،‬أي البحث يف ما يؤسس املعرفة داخل الثقافة‬
‫العربية‪ ،‬حىت بدأ يرتاءى أمامنا تصنيف جديد يطرح إعادة ترتيب العالقات بني قطاعات تراثنا الفكري بصورة تسمح بتجاوز‬
‫االختالفات الراجعة إىل املظاهر اخلارجية‪ ،‬وتدفع اكتشاف االختالفات الداخلية البنيوية"‪. 7‬‬

‫‪ -1‬ميشال فوكو‪ ،‬حفريات املعرفة‪ ،‬ص‪.319:‬‬


‫‪ -2‬حممد بن حجر القرين‪ ،‬موقف الفكر احلداثي العريب من أصول االستدالل يف اإلسالم‪ ،‬دراسة حتليلية نقدية‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز البحوث والدراسات البيان‪ ،‬الرياض‪3111 ،‬ه‪،‬‬
‫ص‪.311 :‬‬
‫‪ -3‬حممد بن حجر القرين‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.311 :‬‬
‫‪ -4‬عبد السالم بنعبد العايل‪ ،‬سياسة الرتاث‪ ،‬دراسات يف أعمال حملمد عابد اجلابري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار توبقال‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪2233 ،‬م‪ ،‬ص‪.28 ،24:‬‬
‫‪ -5‬نائلة أيب نادر‪ ،‬الرتاث واملنهج بني أركون واجلابري‪ ،‬ط‪ ،3‬الشبكة العربية لألحباث والنشر‪ ،‬بريوت‪2228 ،‬م‪.‬ص‪.218-214 :‬‬
‫‪ -6‬حممد عابد اجلابري‪ ،‬تكوين العقل العريب‪ ،‬ص‪.111 :‬‬
‫‪ -7‬حممد عابد اجلابري‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.111 :‬‬
‫‪321‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫عرض اجلابري تصنيفه للعلوم بعد أن انتقد التصنيفات السابقة يف الثقافة العربية اليت ال تقوم إال على اعتبار املظاهر اخلارجية‪،‬‬
‫إىل علوم نقلية وأخرى عقلية‪ ،‬أو إىل علوم دين وعلوم لغة‪ ،‬أو إىل علوم العرب وعلوم العجم ‪.‬‬
‫ويعده تصنيفا مبتكرا يفتح آفاق التقدم للعلوم واملعارف فيقول‪.. ":‬تصنيف آخر ال يؤخذ فيه بعني االعتبار سوى البنية‬
‫الداخلية للمعرفة‪ ،‬أعين آلياهتا ووسائلها ومفامهها األساسية‪ ،‬تصنيف يطرق آفاقا جديدة متاما هي من اخلصوبة والعمق مبثل اآلفاق‬
‫اليت فتحها أمام علم البيولوجيا التصنيف احلديث للحيوانات إىل فقريات والفقاريات‪.1"..‬‬
‫نالحظ يف مشروعه أيضا أن هذه األقسام الثالثة تعود إىل العقل النظري‪ ،‬الذي يقابله العقل العملي‪ ،‬وهو القسم الثاين الذي‬
‫جيعله صنفني العقل السياسي‪ ،‬والعقل األخالقي‪ ،‬ويتحدث عنهما وحيللهما يف كتابني مستقلني‪ ،‬وال جيعل هلما بنية منفردة وخاصة‬
‫بكل واحد منهما‪ ،‬وإمنا تتغري النظم املعرفية حسب احلاجة‪ ،‬فقد يكون العقل السياسي وكذا األخالقي بيانيا‪ ،‬أو عرفانيا أو‬
‫‪2‬‬
‫برهانيا‪.‬‬
‫ج‪ -‬القطيعة اإلبستيمولوجية وآثارها‪:‬‬
‫يعتقد اجلابري أن تطور العلوم وتقدمها ال يكون إال إذا متت القطيعة مع آلية إنتاج املعرفة يف البيان والعرفان واالستمرار مع آلية‬
‫الربهان‪ ،‬وهبذا تتحقق العلمية والعقالنية على كل املستويات العقلية والشرعية‪.‬‬
‫وصورة هذه القطيعة قد حدثت يف التاريخ اإلسالمي مع ابن رشد وابن خلدون والشاطيب وابن حزم وما علينا سوى أن نستمر‬
‫مع روحها‪.3‬‬
‫تقوم القطيعة عند اجلابري على استئناف القطيعة اليت حدثت يف التاريخ العريب اإلسالمي مع ابن رشد‪ ،‬والتيار العقالين‬
‫ككل‪ ،‬واستعادهتا مع اللحظة املعاصرة‪ ،‬فهي وحدها املناسبة‪ ،‬لتأسيس عصر تدوين جديد‪ ،‬وهذا ما جعل الباحث امبارك حامدي‬
‫يسميها بالقطيعة الصغرى‪ ،‬يف مقابل القطيعة الوسطى والكربى للعروي وحممد أركون‪.4‬‬
‫إن اجلابري قد قلب وظيفة "اإلبستيمي" كما يقول طرابيشي فبدل أن تكون ممتدة يف املكان متحولة يف الزمان‪ ،‬صارت‬
‫العكس‪ ،5‬ما شطر املعرفة وبضعها‪ . ،‬وعليه كان االنفصال بينها انفصاال تاما أيضا ال جمال فيه لوجود عالقات تفاعل وتعاون‬
‫وتكامل‪ ،‬أو النتقال آلية إنتاجية من علم إىل علم آخر يف الصنف املقابل‪ .‬فانتقل اجلابري بذلك من "تشطري الثقافة العربية‬
‫اإلسالمية إىل ثالث قطاعات يشكل كل منها حقال معرفيا متميزا‪ ،‬أو عاملا من التصورات واملعارف اليت يكفي كل منها نفسه‬
‫بنفسه‪ ،‬ويدخل يف عالقة منافسة‪ ،‬وصدام مع عوامل معرفية أخرى‪ ،‬إىل حفر خنادق بني أنواع املعارف والعلوم غري قابلة لالجتياز‪،‬‬
‫وهذا يف املوقع عينه الذي يفرتض فيه بالباحث اإلبستيمولوجي أن ميد جسورا"‪.6‬‬

‫‪ -1‬حممد عابد اجلابري‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.111:‬‬


‫‪ -2‬حممد عابد اجلابري‪ ،‬العقل السياسي العريب‪ ،‬حمدداته وجتلياته‪ ،‬ص‪.8:‬‬
‫‪ -3‬حممد عابد اجلابري‪ ،‬بنية العقل العريب‪ ،‬دراسة حتليلية نقدية لنظم اخلطاب يف الثقافة العربية‪ ،‬ص‪.141-131 :‬‬
‫‪ -4‬أ مبارك حامدي‪ ،‬الرتاث وإشكالية القطيعة يف الفكر احلداثي املغاريب‪ ( ،‬حبث يف مواقف اجلابري وأركون والعروي) أطروحة دكتوراه‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪2223 ،‬م‪.‬ص ص‪.214 ،212 ،399 :‬‬
‫‪ _5‬جورج طرابيشي‪ ،‬نقد نقد العقل العريب ‪-‬إشكاليات العقل العريب‪ -‬ط‪ ،3‬دار الساقي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪3998 ،‬م‪ ،‬ص‪.282:‬‬
‫‪ -6‬جورج طرابيشي‪ ،‬نقد نقد العقل العريب‪ ،‬إشكاليات العقل العريب‪ ،‬ص‪.281 :‬‬
‫‪324‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫إهنا النتيجة احلتمية للقطيعة اإلبستيمولوجية‪ ،‬املبنية على رؤية كونية تفصل بني العقل والشرع‪ ،‬بني العلم والدين‪ ،‬بني املادي‬
‫والروحي فصال ال يعترب فيه إال العقل والعلم واملادة اجملردة من كل إميان وهدى وقيم‪ .‬إنه يبحث عن وحدة للعلوم تقوم على وحدة‬
‫املنهج (الربهان)‪ ،‬أو ت كامل معريف منبثق من وحدة العقل اإلنساين وهو غري التكامل املعريف املنبثق من الرؤية الكونية التوحيدية اليت‬
‫جتمع بني القراءتني‪ ،‬قراءة الكون املنظور وقراءة الكتاب املسطور‪ ،‬على هدي من القرآن الكرمي دون تلفيق‪ ،‬بعيدا عن القراءات‬
‫القائمة على املقاربات واملقارنات‪ ،‬وهبذا تتحدد وظيفة القرآن بالنسبة لإلبستملوجيا املعاصرة‪ ،‬إنه ُّ‬
‫يسد النقص يف املعرفة الكونية‬
‫مبنطق (االستيعاب) و(التجاوز) معا‪ ،‬رجوعا إىل القرآن نفسه بوصفه معادال معرفيا مطلقا يف حد ذاته ملطلق اإلنسان ومطلق‬
‫الوجود الكوين‪ ،‬فهو كتاب متعال‪ ،‬مبعىن مطلق تعطي نصوصه أو آياته الكونية متاحات وعي ال متناه يف كون ال متناه‪ ،‬فاخللق يف‬
‫القرآن يتجاوز خصائص املادة وتفاعالهتا املنضبطة إىل تفعيلها عرب حركة كونية المتناهية‪ ،‬ويكون اجلمع بني القراءة باهلل خالقا‬
‫والقراءة مع اهلل معلما بالقلم املوضوعي‪ ..‬وعليه فاآلليات اإلبستيمولوجية املعاصرة تشكل قوة إسناد لدعم القراءة األوىل‪ ،‬ولكنها‬
‫‪1‬‬
‫ليست مصدرها‪ ،‬فمصدرها من ذاهتا أي العبودية هلل‪.‬‬
‫هبذا يتم اجلمع بني ابن رشد الفقيه‪ ،‬وابن رشد الطبيب‪ ،‬وابن رشد الفيلسوف‪ .‬فنخرج من اجتهاد الكم إىل اجتهاد الكيف املفارق‪،‬‬
‫بعيدا عن العصرنة املفتعلة اليت خترج النص من دالالته املقيدة إىل "عائدها املعريف" يف الرتاث غافال عن إطالقية القرآن والوحي مع‬
‫أن التعامل هنا ال يتم مع نص بشري حمكوم بالتارخيانية ولكن مع نص إهلي‪.‬‬
‫هلذا فاجلمع بني القراءتني‪ :‬قراءة الوحي وقراءة الوجود جيعل من املعارف كلها معارف حمرتمة"‪ ،2‬وتزول احلاجة إىل التفاضل بينها‬
‫فضال عن القطع معها‪.‬‬
‫وهذا ما جعل طه عبد الرمحن يقدم مشروعا مضادا للجابري‪ ،‬انتقده فيه وقدم بديال عن تصنيفه يقوم على التكاملية بدل‬
‫االنفصال‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد أبو القاسم حاج محد‪ ،‬إبستمولوجيا املعرفة الكونية‪ ،‬إسالمية املعرفة واملنهج‪ ،‬ط‪ ،3‬دار اهلادي‪ ،‬مركز دراسات فلسفة الدين يف بغداد‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪3111 ،‬ه‪،‬‬
‫‪2221‬م‪ ،‬ص‪.228-221:‬‬
‫‪ -2‬طه جابر العلواين‪ ،‬إصالح الفكر اإلسالمي‪ ،‬مدخل إىل نظم اخلطاب يف الفكر اإلسالمي املعاصر‪ ،‬ط‪ ،1‬املعهد العاملي للفكر اإلسالمي‪ ،‬فرجينيا‪ ،‬الواليات املتحدة‬
‫األمريكية‪3129 ،‬ه‪2229 -‬م‪ ،‬ص‪.339-338:‬‬
‫‪328‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫تصنيف العلوم عند محمد عابد الجابري‬

‫‪-‬اإلهليات‬ ‫‪-‬علوم اللغة‬


‫‪-‬تصوف‬
‫‪-‬الطبيعيات‬ ‫‪-‬الفقه‬
‫‪-‬فكر شيعي‬
‫‪-‬الرياضيات‬ ‫‪-‬األصول‬
‫‪-‬سحر‬
‫‪-‬املنطق‬ ‫‪-‬التفسري‬
‫‪-‬طلسمات‬
‫‪-‬املقاصد‬ ‫‪-‬علم الكالم‬

‫علوم الربهان‬ ‫علوم البيان‬ ‫علوم العرفان‬


‫(العقل الربهاين)‬ ‫(العقل البياين)‬ ‫(العقل العرفاين)‬

‫العقل النظري‬

‫العقل العملي‬
‫أخالق ‪ +‬سياسة‬

‫‪ -0‬تصنيف طه عبد الرحمن‪:‬‬


‫النظرة التكاملية لعلوم التراث وأسسها‪:‬‬ ‫أ ‪-‬‬
‫يعد طه عبد الرمحن من أبرز الباحثني واملفكرين الذين قدموا إسهامات متميزة وإجابات جوهرية‪ ،‬وهو من الذين اشتغلوا‬
‫بتصنيف العلوم ومبسألة التكامل والتداخل بني العلوم‪ ،‬بل اعتربها من أهم اآلليات اليت تستند عليها املقاربة التقوميية للرتاث‪ ،‬ويقول‬
‫يف هذا ‪":‬نقول بالتداخلية‪ ،‬والتكاملية بني العلوم‪ ،‬ويقول غرينا بالتقاطعية والتفاضلية يف علوم الرتاث"‪.1‬‬
‫يعتمد طه عبد الرمحن بشكل رئيسي على املنطق الصوري يف معاجلة املوضوع‪ ،‬وهذا بطبيعة احلال " نتيجة كونه من كبار‬
‫املناطقة يف الفكر العريب املعاصر‪ ،‬لذلك جند معاجلته للمادة تعتمد أوال على معاجلة مشكلة املصطلحات مث على التقسيم املنطقي‬
‫للموضوع"‪.2‬‬
‫جتلت هذه النظرة التكاملية يف مشروعه ككل ويف تصنيفه للعلوم‪ ،‬والذي أجنزه من خالل كتبه‪ ،‬وأمهها‪ :‬جتديد املنهج يف تقومي‬
‫الرتاث‪ ،‬وروح الدين‪ ،‬والعمل الديين وجتديد العقل‪ ،3‬فيقول‪":‬ولقد حنونا يف تقومي الرتاث منحى غري مسبوق وال مألوف وال معهود‪،‬‬

‫‪ -1‬طه عبد الرمحن‪ ،‬جتديد املنهج يف تقومي الرتاث‪ ، ،‬ط‪ ،2‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪.42:‬‬
‫‪ -2‬عمار صويلة‪ ،‬حتليالت التكامل املعريف يف أعمال طه عبد الرمحن وفكره‪ ،‬جملة املعيار‪ ،‬العدد‪2231 ،1:‬م‪ ،‬ص‪.92:‬‬
‫‪3‬‬
‫ضيق العلمانية إىل َس َعة االئتمانية‪ -‬ط‪ ، 2‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2232 ،‬م‪ .‬والعمل الديين‬
‫‪ -‬أنظر‪:‬طه عبد الرمحن‪ ،‬روح الدين‪-‬من َ‬
‫وجتديد العقل‪ ،‬ط‪ ،2‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬احلمراء‪ ،‬بريوت‪3994 ،‬م‪.‬‬
‫‪329‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫فهو غري مسبوق ألننا نقول بالنظرة التكاملية‪ ،‬وهو غري مألوف ألننا توسلنا فيه بأدوات مأصولة‪ ،‬حيث توسل غرينا بأدوات‬
‫منقولة"‪.1‬‬
‫اعترب طه عبد الرمحن إبطال التقومي التفاضلي للرتاث اإلسالمي العريب‪ ،‬عند حممد عابد اجلابري‪ ،‬شرطا ضروريا إلثبات نظرته‪،‬‬
‫اليت يعتربها تكاملية‪ ،‬هلذا ركز على ميزة منهجية يف تقومي الرتاث‪ ،‬وهي‪ :‬اشتغاهلا بآليات التداخل املعريف‪ ،‬أي‪ :‬االنشغال بالبناء اآليل‬
‫للرتاث‪ ،‬بدل االقتصار على االشتغال مبضامينه كما فعل اجلابري‪ ،‬وذلك أن " التقومي الذي يتوىل استكشاف اآلليات اليت تأصلت‬
‫وتفرعت هبا مضامني الرتاث كما يتوىل استعماهلا يف نقد هذه املضامني‪ ،‬يصري ال حمالة إىل األخذ بنظرة تكاملية"‪.2‬‬
‫ينطلق يف هذه النظرة التكاملية للرتاث من مسلمات ثالث‪:‬‬
‫‪- 3‬مسلمة الرتكيب املزدوج للنص‪ :‬وتقتضي إسناد كل مضمون خمصوص إىل كيفيات إنتاجية خمصوصة‪.‬‬
‫‪- 2‬مسلمة تنقل اآلليات اإلنتاجية‪ :‬فقد تشرتك العلوم يف توظيف اآللية الواحدة‪ ،‬دون أن يقلل ذلك من القيمة املنهجية هلذه‬
‫العلوم أو لتلك اآللية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- 1‬مسلمة تشبع الرتاث باآلليات اإلنتاجية‪ :‬وتقتضي أن فهم النص الرتاثي ال يتم إال بفهم هذه اآلليات‪.‬‬
‫استنبط بذلك ثالث حقائق للمعرفة الرتاثية كلها تغذي النظرة التكاملية أوالها‪ :‬أن املعرفة الرتاثية معرفة خادمة تقوم بوظيفة التوسل‬
‫وبشرائط ما مساه"احلقيقة اإلسالمية العربية"‪ ،‬والثانية‪ :‬أن املعرفة الرتاثية معرفة عملية تبىن على مبدأ اإلجرائية‪ ،‬ومتارس تقومي السلوك‪،‬‬
‫وتنقل مضامينها إىل حيز التطبيق‪ ،‬والثالثة‪ :‬أن املعرفة الرتاثية معرفة منهجية تتحدد بطرق الناظر‪ ،‬وطرق املناظر مع غلبة طرق‬
‫‪4‬‬
‫التناظر‪.‬‬
‫العقول الثالثة وتكاملها عند طه عبد الرحمن‪:‬‬ ‫ب ‪-‬‬
‫متقربا"‪ ،‬وهبذا‬
‫جاء منوذج طه عبد الرمحن التصنيفي منبثقا من حتليل وتقومي "الفعالية العقلية" اليت يظهر هبا اإلنسان باعتباره كائنا " ِّ‬
‫كان صاحب العقل اجملرد مقاربا‪ ،‬وصاحب العقل املسدد قرباين‪ ،‬وصاحب العقل املؤيد مقربا‪ ،‬فعقالنية األول يف أدىن املراتب ألنه‬
‫يقف عند التحليل امللموس للواقع امللموس‪ ،‬ما يؤدي إىل آفتني مها‪ :‬عدم اليقني أو الوقوع يف الظن والرمز والتشبيه‪ ،‬وعدم‬
‫االطمئنان املتمثل يف النسبية واالسرتقاق والفوضى‪.‬‬
‫أما عقلية الثاين فتصعد مرتبة لدخوله يف االشتغال الشرعي الذي خيرج هذه العقالنية من وصف عدم اليقني وعدم االطمئنان‪،‬‬
‫وذلك بفضل أسباب التسديد اليت حيملها هذا االشتغال‪ ،‬وتنري هلا السبيل فيما تقضي به من أحكام وإجراءات‪ ،‬وفيما تقوم به من‬
‫متييزات واختيارات‪ ،‬لكن ملا كانت ممارسة القرباين ال تتطلع إىل آداب من التقرب جتاوز حد الفرائض‪ ،‬فإن عقالنيته تتعرض إىل ما‬
‫حيد من يقينها بسبب وقوعها يف التساهل يف الصدق املتمثل يف التظاهر والتقليد‪ ،‬وإىل ما حيد من اطمئناهنا بسبب التساهل يف‬
‫العمل املتمثل يف التجريد والتسييس‪.‬‬

‫‪ -1‬طه عبد الرمحن‪ ،‬جتديد املنهج يف تقومي الرتاث‪ ،‬ص‪.211:‬‬


‫‪ -2‬طه عبد الرمحن‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.83 :‬‬
‫‪ -3‬طه عبد الرمحن‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.82-83:‬‬
‫‪ -4‬طه عبد الرمحن‪ ،‬جتديد املنهج يف تقومي الرتاث‪ ،‬ص‪.84:‬‬
‫‪312‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫وأما عقالنية املقرب فهي يف أعلى املراتب لنزوهلا منازل متغلغلة يف االشتغال الشرعي‪ ،‬فيخرجه من وصف التساهل يف الصدق‬
‫والعمل بفضل أسباب التأييد اليت حيملها‪ ،‬واليت تزود عقالنيته بالتحقيق‪ ،‬فيدرك األشياء بالوجه الذي تدل به على احلق‪ ،‬وبالتخلق‬
‫فيأيت أفعاال ترغبه يف جتديد العمل وتكامله‪.1‬ويف كتابه "روح الدين يسميهم بالعلماين والدياين واإلئتماين‪.2‬‬
‫ومبوجب هذا جيعل طه عبد الرمحن العقل املؤيد أكمل العقول‪ ،‬وهو الذي يوصف بالعقالنية األكمل واألمشل‪ ،‬وكلما نزلنا كلما‬
‫ارتفع نصيب الالعقالنية ونقص غريها‪ ،‬أي العقالنية‪.‬‬
‫نستطيع القول إذا أن طه عبد الرمحن يرفع من قيمة املمارسة الصوفية‪ ،‬يف مقابل املمارسة العلمية والنظرية‪ ،‬واملمارسة الفقهية‬
‫والسلفية‪ .‬فكان مشروعه يف سبيل فلسفة عملية إسالمية‪ .‬يقول‪":‬وقيمة كل علم تكون على قدر تعلقه بالعمل"‪.3‬‬
‫كما يقدم كثريا من االنتقادات للعقل الربهاين عند اجلابري ويسميه العقل اجملرد‪ ،‬يف مقابل العقل املسدد (البيان)‪ ،‬والعقل املؤيد‬
‫(العرفان)‪ ،‬وجيعله يف أدىن املراتب‪ ،‬وهو درجة دنيا ال ميكنها أن تكتمل إال بالدرجتني األخريني على التوايل‪ ،4‬فالعقل اجملرد هو أويل‬
‫وآيل يقابله العقل املشروط يف تكليف املكلف‪ ،‬أما املسدد فهو مسدد بالوحي وباألوامر اإلهلية اليت ال تكتمل إال بالعمل أو بالعقل‬
‫املؤيد‪.‬‬
‫خيتص العقل اجملرد عند طه بالعلوم النظرية‪ ،‬كاإلهليات‪ ،‬واملنطق والرياضيات والطبيعة والكيمياء والفلك والطب‪..‬وكل هذه العلوم‬
‫عدا اإلهليات ال ختتص به املعرفة النظرية اإلسالمية العربية على وجه ال حيصل لغريها‪ ،‬ألن مبحث اإلهليات تتوسل بالعقل اجملرد يف‬
‫التحصيل والتبليغ عرب الفلسفة وعلم الكالم‪.5‬‬
‫أما العقل املسدد فهو العقل غري املستقل عند الفقهاء واألصوليني‪ ،‬أو املقيد‪ ،‬ويتمثل يف الفقه وأصوله‪ ،‬ودافع عنه طه عبد‬
‫الرمحن‪ ،‬ردا على اجلابري الذي يقول بأنه العقالين والتارخيي‪ ،‬لكنه يف الوقت نفسه يعترب بأن له آفات‪ ،‬تتدارك بكماالت العقل‬
‫املؤيد‪ ،‬أو التصوف الذي يقوم على طلب الكمال يف العمل الشرعي‪.6‬‬
‫آثار األخذ بالنظرة التكاملية‪:‬‬ ‫ج ‪-‬‬
‫إن هذه النظرة التكاملية تنظر للعلوم من جهة تداخلها املعريف‪ ،‬هذا التداخل الذي مييز فيه طه عبد الرمحن بني درجتني اثنتني‪:‬‬
‫‪ -‬درجة الرتاتب ‪ :‬وقد خلف لنا علماء اإلسالم مصنفات عديدة رتبوا فيها العلوم‪ ،‬وهي وإن اختلفت يف املعايري العملية ويف‬
‫األهداف اليت وجهتها‪ ..‬فإهنا توضح كامل التوضيح النزعة التكاملية اليت كانت تطبع النظرية الرتاثية للمعرفة‪ ،‬فقد كانت هذه النظرية‬
‫مبنية على االقتناع التام بتقارب العلوم وتشاهبها‪ ،‬وبفائدة ترتيبها حىت تربز عالقات هذا التقارب والتشابه‪.7‬‬

‫‪ -1‬طه عبد الرمحن‪ ،‬العمل الديين وجتديد العقل‪ ،‬ص‪.221 ،222:‬‬


‫‪ -2‬أنظر‪ :‬طه عبد الرمحن‪ ،‬روح الدين من ضيق العلمانية إىل سعة االئتمانية‪ ،‬ص‪ :‬الكتاب‪.‬‬
‫‪ -3‬طه عبد الرمحن‪ ،‬العمل الديين وجتديد العقل‪ ،‬ص‪.12:‬‬
‫‪ -4‬أنظر‪ :‬طه عبد الرمحن‪ ،‬العمل الديين وجتديد العقل‪ ،‬ص‪ 21:‬وما بعدها‪ ،‬وص‪ ،221-223:‬اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي‪ ،‬ط‪ ،3‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬بريوت‪3998 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،121:‬سؤال األخالق‪ :‬مسامهة يف النقد األخالقي للحداثة الغربية‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الدار البيضاء‪2222 ،‬م‪ ،‬ص‪.222:‬‬
‫‪ -5‬طه عبد الرمحن‪ ،‬العمل الديين وجتديد العقل‪ ،‬ص‪.22:‬‬
‫‪ -6‬طه عبد الرمحن‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.339:‬‬
‫‪ -7‬طه عبد الرمحن‪ ،‬جتديد املنهج يف تقومي الرتاث‪ ،‬ص‪.92 ،89:‬‬
‫‪313‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫‪ -‬ودرجة التفاعل‪ :‬فلم يكتف علماء اإلسالم بالقول بتدرج العلوم فيما بينها‪ ،‬بل أقروا مبشروعية تفاعل العلوم بعضها مع‬
‫بعض‪ ،‬وتشابك العالقات بينها‪ ،‬فاملباحث الكالمية تتفاعل مه املباحث اللغوية والبالغية والفلسفية‪ ،‬كما تتفاعل املباحث املنطقية‬
‫مع املباحث اللغوية واألصولية‪..‬ما أدى إىل إثراء العلوم والفنون بعضها لبعض‪ ،‬ويف توجيه بعضها مسار البعض اآلخر‪ ،‬وامتزاج‬
‫املصطلحات فيما بينها‪1.‬إضافة إىل املوسوعية اليت متيز هبا علماء األمة‪.‬‬
‫كما مييز بني نوعني من التداخل املعريف‪ :‬تداخل خارجي وداخلي‪ :‬الداخلي ما كان بني علوم الرتاث بعضها مع بعض‪ ،‬واخلارجي‬
‫ما كان بني العلوم املأصولة واملنقولة‪.‬‬
‫ميثل للتداخل الداخلي بعلم املقاصد عند الشاطيب‪ ،2‬فعنده تلتقي العقول الثالثة‪ :‬العقل اجملرد‪ ،‬والعقل املسدد‪ ،‬والعقل املؤيد يف‬
‫نظرة تكاملية بينها‪ ،‬وعلى أساس أن علم املقاصد علم عملي مبين على األخالق اليت هي مقصد الدين األمسى‪ ،‬فهو ال كما يعتربه‬
‫اجلابري علما برهانيا صرفا‪" ،.‬فإذا كانت املعقولية يف الفلسفة‪-‬يقول اجلابري‪ -‬تعين الرتتيب والنظام املشاهدان يف العامل‪ ،‬أو مبدأ‬
‫السببية‪ ،‬فإن املعقولية يف الدين مؤسسة على قصد الشارع‪ ،‬ففكرة قصد الشارع يف جمال النقليات توازن فكرة األسباب الطبيعية يف‬
‫‪3‬‬
‫جمال العقليات"‪.‬‬
‫كما ميثل للتداخل اخلارجي بالعلم اإلهلي عند ابن رشد‪ ،4‬ردا على اجلابري الذي اعترب هذا األخري ميثل قمة الربهانية الصافية وال‬
‫وال يوجد عنده أي تداخل أو خلط بني أساليب اجلدل‪ ،‬وطرائق الربهان‪ ،‬وكشوفات العرفان‪ ،‬من شأهنا أن تسبب فوضى يف‬
‫التفكري وميوعة يف النظر كما حدث مع ابن سينا والغزايل‪ ،‬لكن طه عبد الرمحن حياول أن يثبت أن منت ابن رشد مليء بالتداخل‬
‫بني العلوم واملعارف املنقولة واألصيلة‪ ،‬من خالل بيان أثر علم الكالم يف فلسفة أيب الوليد‪ ،‬وذلك من شأنه أن يقوض أطروحة‬
‫‪5‬‬
‫اجلابري من أساسها‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن طه عبد الرمحن ال يتعلق التكامل عنده باجلانب املعريف فحسب بل يقول بالتكاملية الشاملة‪ ،‬بني عاملي‬
‫الغيب والشهادة‪ ،‬بني امللك وامللكوت‪ ،‬بني الدنيا واآلخرة‪ ،‬بني اإلنسان وملكاته‪ ،‬فالعقل والقلب متكامالن‪ ،‬وبني األخالق‬
‫واجملاالت األخرى‪ ،‬كالعلم واملعرفة والسياسة واالجتماع والعمران وغريها‪ .6‬ويلتقي هبذا مع طه جابر العلواين يف كثري من النقاط‪.‬‬

‫‪ -1‬طه عبد الرمحن‪ ،‬جتديد املنهج يف تقومي الرتاث‪ ،‬ص‪.92:‬‬


‫‪ -2‬طه عبد الرمحن‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.91:‬‬
‫‪ -3‬حممد عابد اجلابري‪ ،‬الرتاث واحلداثة‪ ،‬دراسات ومناقشات‪ ،‬ص‪.229:‬‬
‫‪ -4‬طه عبد الرمحن‪ ،‬جتديد املنهج يف تقومي الرتاث‪ ،‬ص‪.321:‬‬
‫‪ -5‬عبد النيب احلري‪ ،‬طه عبد الرمحن وحممد عابد اجلابري‪ ،‬صراع املشروعني على أرض احلكمة الرشدية‪ ،‬ط‪ ،3‬الشبكة العربية لألحباث والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الرياض‪2231 ،‬م‪ ،‬ص‪.322:‬‬
‫‪ -6‬عبد الكرمي سناين‪ ،‬اجتاهات احلداثة يف الفكر اإلسالمي املعاصر‪ ،‬ط‪ ،3‬دار األيام‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪2239 ،‬م‪ ،‬ص‪.234:‬‬
‫‪312‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫تصنيف العلوم عند طه عبد الرمحان‬

‫العقل املؤيد‬ ‫العقل املسدد‬ ‫العقل اجملرد‬

‫‪-‬اإلهليات‬
‫‪-‬علوم القرآن‬
‫‪-‬التصوف‬ ‫‪-‬الطبيعيات‬
‫‪-‬احلديث‬
‫‪-‬املقاصد‬ ‫‪-‬الرياضيات‬
‫‪-‬الفقه وأصوله‬
‫‪-‬املنطق‬

‫‪ - 4‬االختالفات اإلبستيمولوجية بين التصنيفين وآثارها‪:‬‬


‫فعلى الرغم من تشابه شكلي التصنيفني عند كل من طه عبد الرمحن واجلابري إال أن عمق االختالفات كبري‪ ،‬فإن اتفقا يف‬
‫التصنيف الثالثي لعلوم الرتاث املبين عند كل منهما على األساس اإلبستيمولوجي املعريف الذي ينظر إىل آليات إنتاج املعرفة‪ ،‬أو‬
‫املنهج فقد اختلفا يف كثري من النقاط‪:‬‬
‫‪ -‬من ناحية العالقات فيما بينها ووحدهتا‪ ،‬ومن ناحية التفاضل ففي الوقت الذي جيعل فيه اجلابري العقل العرفاين يف أدىن‬
‫املستويات يرفعه طه عبد الرمحن إىل القمة‪ ،‬ويسميه بالعقل املؤيد‪ ،‬وحيط من العقل الربهاين ويسميه بالعقل اجملرد‪ .‬أما العقل املسدد‬
‫فهو يف مرتبة وسطى‪ ،‬أي يفرتق عن اجلابري يف أنه يعكس منوذجه من حيث ترتيب األفضلية‪.‬‬
‫‪ -‬أن طه عبد الرمحن ال يتجاوز أي واحد من األنظمة الثالث بل جيعلها متكاملة بعكس اجلابري الذي يريد بتصنيفه جتاوز‬
‫العرفان والبيان وتنصيب الربهان‪ ،‬كما جيعلها متباينة ال وجود ألي نوع من العالقات بينها إال عالقة االنفصال‪ .‬وذلك راجع إىل‬
‫اعتبار البنية عنده‪ ،‬واعتماد آليات فوقية منقولة‪ ،‬ما جزء املعرفة وبضعها‪ ،‬فكان يبحث عن وحدة للعلوم عرب توحيد منهجها‪ ،‬حىت‬
‫الشرعيات يريد تعميم املنهج الربهاين عليها‪.‬‬
‫بينما طه عبد الرمحن اعتمد وحدة العقل‪ ،‬واختالفه يف الدرجة فحسب‪ ،‬لذا اعترب العقل املؤيد أكمل العقول‪ .‬يف مقابل حدود‬
‫العقل اجملرد‪ ،‬ونقائصه‪ ،‬وآفات العقل املسدد‪ .1‬ويقول يف هذا‪":‬يتبني من حمتوى هذا الكتاب أن العقل درجات‪ ،‬وأن أبلغ الدرجات‬
‫يف العقالنية ما أخذ بالتجربة اإلميانية احلية"‪.2‬‬
‫‪ -‬خيتلف معىن العقل املؤيد عند طه عبد الرمحن عن العقل العرفاين عند اجلابري إذن‪ ،‬فاألول هو عملي‪ ،‬وهو خالصة العقول‬
‫الثالثة جمتمعة‪ ،‬ويسميه بالعرفان السين يف مقابل العرفان الفلسفي‪ 3‬الذي يقصده اجلابري؛ العقل الغنوصي املانوي األسطوري‪ ،‬الذي‬
‫تسلل إىل الثقافة العربية‪ ،‬وعطل عجلة العلم والتقدم والعقالنية‪.‬‬

‫‪ -1‬طه عبد الرمحن‪ ،‬العمل الديين وجتديد العقل‪ ،‬ص ص‪.323 ،18 ،34:‬‬
‫‪ -2‬طه عبد الرمحن‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪ -3‬طه عبد الرمحن‪ ،‬سؤال األخالق‪ :‬مسامهة يف النقد األخالقي للحداثة الغربية‪ ،‬ص‪.223 :‬‬
‫‪311‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫‪ -‬ويف مقابل نقائص العقل اجملرد عند طه‪ ،‬جند أن اجلابري يرفع من العقل الربهاين‪ ،‬وجيعله مسار العلم الوحيد‪ ،‬وباملوازاة مع هذه‬
‫التفاضالت كانت حلبة الصراع بني الرجلني على أرض البيان‪ ،‬ففي الوقت الذي حاول فيه اجلابري بناء البيان على الربهان مستندا‬
‫يف ذلك إىل عمل الشاطيب يف علم املقاصد‪ ،‬وابن رشد يف العقيدة أو اإلهليات‪ ،‬على أساس أهنما ميثالن قمة الربهانية يف الثقافة‬
‫العربية اإلسالمية‪ ،‬يف الوقت نفسه قام طه عبد الرمحن بإثبات العكس‪ :‬أن علم املقاصد علم أصويل صويف‪ ،‬وأن فلسفة أبا الوليد‬
‫مليئة بالوصل والتداخل بني العلوم‪ ،‬كما هاجم ابن رشد هجوما شديدا‪ ،‬واعترب اإلسهام املغريب يف الرتاث اإلسالمي إسهاما أخالقيا‬
‫بالدرجة األوىل‪ ،‬ردا على اجلابري الذي جعله عطاء عقالنيا برهانيا‪ ،1‬وقد وقع طه عبد الرمحن بذلك يف منحى سجايل جعله يقع‬
‫يف أخطاء منهجية‪ ،‬ومن بينها أنه قرأ ابن رشد من خالل اجلابري‪ ،‬أو أنه ينقد ابن رشد واضعا نصب عينيه غرميه (اجلابري)‪ ،‬علما‬
‫أن هذا األخري يقرأ فيلسوفنا قراءة معينة‪ ،‬تقرتب كثريا من قراءة الالتني له‪ ،‬فهو ال يستدعي ابن رشد الفيلسوف والفقيه واألصويل‬
‫والطبيب‪ ،‬بل ابن رشد الفيلسوف فحسب أو "الروح الرشدية" كما يقول‪ .‬أما ابن خلدون فقد وضعه اجلابري مع أصحاب‬
‫الربهان‪ ،‬ألنه قطع مع طريقة النقل والسرد املتأثرة مبنهج اجلرح والتعديل‪ ،‬وحاول "بناء املعقولية يف التاريخ‪ ،‬معقولية اإلمكان الواقعي‬
‫ملضمون اخلرب اليت تتم مبعرفة طبائع العمران"‪ ،2‬لقد اعتمد طريقة التربير السبيب لوقوع احلوادث اليت حتصل للبشر يف اجتماعهم‪ ،‬ألنه‬
‫تصور نوعا من املماثلة بني ما حيدث يف الطبيعة وبني ما حيدث للبشر‪ ،‬فإذا كان عامل األشياء يفسر سببيا‪ ،‬فعامل اإلنسان أوىل هبذا‬
‫التفسري‪ ،‬أما طه عبد الرمحن فقد اعتربه أحسن من الغزايل الذي مل يستفد من جتربته الصوفية اليت كان من املفروض أن جتعله يتجاوز‬
‫مرتبة "العقل اجملرد"إىل مرتبة تفوقها علوا وشرفا وهي مرتبة"العقل املؤيد" اليت من شأهنا أن تدفعه لنبذ املنطق األرسطي وراء ظهره‪،‬‬
‫والقول بتعددية مناهج الفلسفة وكثرة مضامينها يف نفس اآلن‪ ،‬وهو املوقف الذي أدركه عبد الرمحن ابن خلدون فاستحق بذلك‬
‫مكانة أفضل عند طه عبد الرمحن‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫وعليه فإن مسألة تصنيف العلوم على أسس فلسفية معينة‪ ،‬واليت تطرح إشكاالت إبستيمولوجية عديدة أمهها تراتب العلوم على‬
‫أساس من الوحدة أو التكامل‪ ،‬هي مسألة قدمية جديدة خاض فيها كثريون وعرفت يف القدمي بالتوفيق بني احلكمة والشريعة‪ ،‬أو بني‬
‫الفلسفة والدين‪ ،‬وهي اليوم تعرض عند كل من طه عبد الرمحن واجلابري من منطلقات جديدة‪ ،‬وصورة مغايرة‪ ،‬تبني مشاريع‬
‫حضارية‪ ،‬وقد دعا إىل التكامل املعريف‪ ،‬كل من ابن رشد والغزايل على اختالف يف املوقف املعريف بينهما‪ ،‬لكن أبا الوليد حني أبرز‬
‫هذه اخلاصية ال يف جمال أعماله واهتماماته يف الطب والفقه والقضاء والفلسفة والكالم فحسب –واليت استطاع أن ميزج بينها‬
‫بطريقة خيدم بعضها بعضا‪ ،‬ويصعب التفريق بينها أحيانا‪ -‬بل ويف سعيه املباشر للتوفيق بني مصادر املعرفة‪ ،‬واجلمع بني املوسوعية‬
‫والتخصص‪ ،‬فقد قدم فهما يف هذه املسألة أكثر عمقا ومشوال وهو غري ابن رشد كما فهمه الالتني واستخدموه لتقدمي نظرية احلقيقة‬
‫املزدوجة‪ .‬إن ابن رشد ادعى أن احلقيقة ميكن الوصول إليها عن طريق الفلسفة وعن طريق الوحي‪ ،‬وبالتايل أيد الطريقتني وليس‬

‫‪ -1‬طه عبد الرمحن‪ ،‬سؤال األخالق‪ ،‬ص‪.219:‬‬


‫‪ -2‬حممد عابد اجلابري‪ ،‬الرتاث واحلداثة‪ ،‬ص‪.231 :‬‬
‫‪311‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫احلقيقتني"‪ ،1‬وأحيا روح التوفيق والتكامل بني الفكر الديين والفكر العلمي‪ ،‬دون أن خيرج عن الدين وال يظلم العلم‪ ،‬وما هو‬
‫مبشروع علماين يوحد العلوم على منهج واحد‪ ،‬بل جاء فيه بطريقة نستطيع أن نقول أهنا إصالحية جتديدية‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫‪ - 3‬امبارك حامدي‪ ،‬الرتاث وإشكالية القطيعة يف الفكر احلداثي املغاريب‪ ( ،‬حبث يف مواقف اجلابري وأركون والعروي) أطروحة‬
‫دكتوراه‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2223 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬اجلابري حممد عابد‪ ،‬الرتاث واحلداثة‪ ،‬دراسات ومناقشات‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪3993 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 1‬اجلابري حممد عابد‪ ،‬اخلطاب العريب املعاصر‪ -‬دراسة حتليلية نقدية‪ -‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪3991‬م‪.‬‬
‫‪ - 1‬اجلابري حممد عابد‪ ،‬العقل األخالقي العريب‪ ،‬دراسة حتليلية نقدية لنظم القيم يف الثقافة العربية‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2223 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 1‬اجلابري حممد عابد‪ ،‬العقل السياسي العريب‪ ،‬حمدداته وجتلياته‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ - 1‬اجلابري حممد عابد‪ ،‬تكوين العقل العريب‪ ،‬نقد العقل العريب‪ ،3‬ط‪ ،32‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪2229 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 4‬اجلابري حممد عابد‪ ،‬فهم القرآن احلكيم‪ ،‬التفسري الواضح حسب ترتيب النزول‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النشر املغربية ردمك‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪2228 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 8‬اجلابري حممد عابد‪ ،‬مدخل إىل القرآن الكرمي‪ ،‬ج‪ ،3‬التعريف بالقرآن‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬احلمراء‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪2221 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 9‬اجلابري حممد عابد‪ ،‬حنن والرتاث‪ ،‬قراءات معاصرة يف تراثنا الفلسفي‪ ،‬ط‪ ،1‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪3991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 32‬اجلابري حممد عابد‪ ،‬نقد العقل العريب‪ ،‬دراسة حتليلية نقدية لنظم اخلطاب يف الثقافة العربية‪ ،‬ط‪ ،9‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ - 33‬حاج محد حممد أبو القاسم‪ ،‬إبستمولوجيا املعرفة الكونية‪ ،‬إسالمية املعرفة واملنهج‪ ،‬ط‪ ،3‬دار اهلادي‪ ،‬مركز دراسات فلسفة‬
‫الدين يف بغداد‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪3111 ،‬ه‪2221 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 32‬اخلفاجي حممد حسن كاظم‪ ،‬مقدمة يف الرتاث احلضاري لتصنيف العلوم‪ ،‬جملة املورد العراقية‪ ،‬مج‪ ،1‬ع‪3944 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ - 31‬الزنيدي عبد الرمحان بن زيد ‪ ،‬مصادر املعرفة يف الفكر الديين والفلسفي‪ ،‬دراسة نقدية يف ضوء اإلسالم‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة‬
‫املؤيد‪ ،‬الرياض‪ 3131 ،‬ه ـ ــ‪3991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 31‬سناين عبد الكرمي‪ ،‬اجتاهات احلداثة يف الفكر اإلسالمي املعاصر‪ ،‬ط‪ ،3‬دار األيام‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪2239 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -1‬فتحي حسن ملكاوي‪ ،‬العطاء الفكري أليب الوليد ابن رشد‪ ،‬حلقة دراسية‪ ،‬املعهد العاملي للفكر اإلسالمي‪ ،‬عمان‪ ،‬مجادى الثانية ‪3122‬ه‪ ،‬أيلول‪3999‬م‪ ،‬ص‪.23:‬‬
‫‪311‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪5256 :‬‬ ‫عدد‪16 :‬‬ ‫مجلد‪52:‬‬

‫‪ - 31‬صويلة عمار‪ ،‬حتليالت التكامل املعريف يف أعمال طه عبد الرمحن وفكره‪ ،‬جملة املعيار‪ ،‬العدد‪2231 ،1:‬م‪.‬‬
‫‪ - 31‬طرابيشي جورج‪ ،‬نقد نقد العقل العريب ‪-‬إشكاليات العقل العريب‪ -‬ط‪ ،3‬دار الساقي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪3998 ،‬م‪.‬‬
‫طه عبد الرمحان‪ ،‬العمل الديين وجتديد العقل‪ ،‬ط‪ ،2‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬احلمراء‪ ،‬بريوت‪3994 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪34‬‬
‫طه عبد الرمحان‪ ،‬اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي‪ ،‬ط‪ ،3‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬بريوت‪3998 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪38‬‬
‫طه عبد الرمحن‪ ،‬جتديد املنهج يف تقومي الرتاث‪ ، ،‬ط‪ ،2‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪39‬‬
‫ضيق العلمانية إىل َس َعة االئتمانية‪ -‬ط‪ ،2‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫طه عبد الرمحن‪ ،‬روح الدين‪-‬من َ‬ ‫‪-‬‬ ‫‪22‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪2232 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 23‬طه عبد الرمحن‪ ،‬سؤال األخالق‪ :‬مسامهة يف النقد األخالقي للحداثة الغربية‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ - 22‬عبد السالم بنعبد العايل‪ ،‬سياسة الرتاث‪ ،‬دراسات يف أعمال حملمد عابد اجلابري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار توبقال‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪2233 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 21‬عبد النيب احلري‪ ،‬طه عبد الرمحن وحممد عابد اجلابري‪ ،‬صراع املشروعني على أرض احلكمة الرشدية‪ ،‬ط‪ ،3‬الشبكة العربية‬
‫لألحباث والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الرياض‪2231 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 21‬عطية أمحد عبد احلليم‪ ،‬تصنيف العلوم عند العرب‪ ،‬ودراسات أخرى‪ ،‬دار النصر‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ - 21‬العلواين طه جابر ‪ ،‬إصالح الفكر اإلسالمي‪ ،‬مدخل إىل نظم اخلطاب يف الفكر اإلسالمي املعاصر‪ ،‬ط‪ ،1‬املعهد العاملي‬
‫للفكر اإلسالمي‪ ،‬فرجينيا‪ ،‬الواليات املتحدة األمريكية‪3129 ،‬ه‪2229 -‬م‪.‬‬
‫‪ - 21‬غصيب هشام ‪ ،‬هل هناك عقل عريب؟‪ ،‬قراءة نقدية ملشروع حممد عابد اجلابري‪ ،‬دار التنوير العلمي‪ ،‬املؤسسة العربية‬
‫للدراسات والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬ودار الفارس‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ - 24‬فوكو ميشال‪ ،‬حفريات املعرفة‪ ،‬ترمجة ‪:‬سامل يفوت‪ ،‬ط‪ ،2‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء بريوت‪3984 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 28‬القرين حممد بن حجر ‪ ،‬موقف الفكر احلداثي العريب من أصول االستدالل يف اإلسالم‪ ،‬دراسة حتليلية نقدية‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز‬
‫البحوث والدراسات البيان‪ ،‬الرياض‪3111 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ - 29‬ملكاوي فتحي حسن‪ ،‬العطاء الفكري أليب الوليد ابن رشد‪ ،‬حلقة دراسية‪ ،‬املعهد العاملي للفكر اإلسالمي‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫مجادى الثانية ‪3122‬ه‪ ،‬أيلول‪3999‬م‪.‬‬
‫‪ - 12‬نائلة أيب نادر‪ ،‬الرتاث واملنهج بني أركون واجلابري‪ ،‬ط‪ ،3‬الشبكة العربية لألحباث والنشر‪ ،‬بريوت‪2228 ،‬م‪.‬‬

‫‪311‬‬

You might also like