Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫د‪ .

‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫النص بني انطولوجية املعىن ومرشوعية التأويل‬


‫‪The philosophical text between the ontology of meaning and the legitimacy‬‬
‫‪of interpretation‬‬
‫ادلكتور‪ :‬عبد الفتاح سعيدي‬
‫قسم العلوم الاجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد َّ‬
‫حمة لخضر‪-‬الوادي(الجزائر)‬
‫‪Abdosaidi69@gmail.com‬‬

‫تاريخ النشر‪0103/11/31 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪0101/31/30 :‬‬ ‫تاريخ إلايداع‪0101/31/10 :‬‬

‫ملخص‪:‬‬

‫يهدف هذا املقال إلى تسليط الضوء على إشكالية عالقة اللفظ باملعنى أو عالقة‬
‫النص باملعنى ‪ /‬املعاني التي يحملها‪ ،‬هل هي عالقة ضرورية يتحدد فيها املعنى من خالل ألفاظ‬
‫والنص وعباراته وتراكيبه‪ ،‬أم أن العالقة بينهما اعتباطية‪ ،‬تاريخية‪ ،‬تطورية‪ ،‬متغيرة؟ وبناء على‬
‫تصور طبيعة هذه العالقة تتحدد كل من إستراتيجية كتابة النص أو إنتاجه وإستراتيجية‬
‫قراءته أو تأويله‪ .‬وبناء على حدود هذه العالقة تبرز طبيعة الوعي في عالقته باملعنى؛ إن كان هذا‬
‫ألاخير يتحدد بالوعي أم أنه يتجاوزه‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬النص ؛ الكتابة؛ القراءة؛ التأويل؛ الوعي؛ امليتافيزيقا؛ اللغة‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬

‫‪This article aims to discover and study the problem of the‬‬


‫‪Relationship between the words, sentences, texts and meaning. Is their‬‬
‫‪relationship necessary in which the meaning is determined by the words,‬‬
‫‪phrases, and structure of the text? Or this relationship arbitrary,‬‬
‫‪evolutionary, changing? From this, the strategy of writing, reading and‬‬
‫‪interpreting the text is determined. The nature of consciousness is also‬‬
‫‪determined in relation to meaning.‬‬
‫;‪key words: text; reading; writing; interpretation; consciousness‬‬
‫‪metaphysics; text; language.‬‬

‫املقدمة‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪323‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫إن التعامل مع النصوص مهما كانت املضامين التي تحملها‪ ،‬ومهما كانت الحقول املعرفية‬
‫والتعبيرية التي تنتمي لها‪ ،‬تفرض التعامل مع بعض املفاهيم ألاساسية‪ ،‬أهمها أن ألي نص كاتب‬
‫أو منتج‪ ،‬البد أن يكون قد ضمن نصه جملة من املفاهيم واملعاني‪ ،‬تمت صياغتها وفق جملة‬
‫من ألالفاظ والتراكيب اللغوية من أجل حفظ هذه املعاني والتعبير عنها‪ ،‬كما يفترض النص‬
‫قارئا يريد أن يصل إلى املعنى الذي ّ‬‫ً‬
‫ضمنه الكاتب نصه‪ ،‬لكن في الكثير من ألاحيان ما نجد‬
‫النصوص مثار جدل واختالف بين القراء حول املعنى ‪ /‬املعاني التي يتضمنها النص‪ ،‬ألامر الذي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يجعل التأويل بصفته نوعا من القراءة التي تريد أن تقف على املعنى آلاخر‪ ،‬أمرا البد من‬
‫الاعتماد عليه في عملية القراءة‪ .‬إن عملية تحري املعنى تجعل عالقة اللفظ باملعنى أو بتعبير‬
‫دقيق عالقة الدال باملدلول عالقة إشكالية‪ ،‬يعتبرها ضرورية من ينظر إلى املعنى نظرة‬
‫ميتافيزيقية‪ ،‬وبالتالي يضفي عليه داللة أنطولوجية‪ ،‬ويعتبرها اعتباطية‪ ،‬تطورية من يؤسس‬
‫املعنى على مشروعية التأويل وضرورته عند قراءة النص‪ِ .‬وفق هذا السياق يمكن طرح إلاشكال‬
‫التالي‪ :‬وفق ماذا يمكن الحديث عن انطولوجية املعنى؟ أي أن النص ال يحتمل سوى معنى‬
‫واحد‪ ،‬معن ى خالد وثابت‪ ،‬وأن النص ما هو إال مناسبة الستحضار هذا املعنى‪ .‬وهل هناك عالقة‬
‫تطابق بين الوعي واملعنى‪ .‬وبالتالي فكل شك في الوعي يؤدي إلى انكسار انطولوجية املعنى؟‬
‫ولإلجابة على هذا إلاشكال قسمت هذا املقال إلى مبحثين رئيسيين‪ ،‬مبحث يتعلق‬
‫بأنطولوجية املعنى ومبحث يتناول مشروعية التأويل‪ .‬في املبحث ألاول ربطت املعنى بامليتافيزيقا‬
‫على أساس أنها سلطة فكرية تمنع النص من أن يحتمل أكثر من معنى واحد‪ ،‬ثم تناولت في‬
‫عناوين هذا املبحث كل من تأثير عالقة امليتافيزيقا بالنص على عالقة اللفظ باملعنى‪ ،‬وعلى كل‬
‫من إستراتيجية الكتابة ثم القراءة ثم التأويل‪ .‬أما في املبحث الثاني فتناولت ابتداء التأويل كآلية‬
‫تقف على الطرف النقيض من الطرف امليتافيزيقي‪ ،‬وتأثير كذلك على عالقة اللفظ باملعنى‪،‬‬
‫حيث باتت مجرد عالقة اعتباطية‪ ،‬ثم تناولت في ألاخير أثر إستراتيجية التأويل على العالقة بين‬
‫عمليتي الكتابة والقراءة‪.‬‬

‫املبحث ألاول‪ :‬أنطولوجية املعنى‬


‫(‪ -)1‬انطولوجية(‪ )3‬املعنى وامليتافيزيقا‬
‫تنظر الفلسفة النقدية الكالسيكية إلى النص ككائن أنطولوجي له جسد وروح؛ جسده‬
‫الدليل أو اللفظ وروحه املعنى‪ ،‬وطاملا أن أفعال الجسد تطابق أوامر الروح‪ ،‬فهناك تطابق‬
‫ً‬
‫ووحدة انطولوجية بينهما‪ .‬وإذا كانت الروح هي حقيقة الجسد وماهيته‪ ،‬وما الجسد إال مظهرا‬
‫لهذه الحقيقة الخالدة‪ ،‬فكذلك يشكل املعنى روح النص وماهيته‪ .‬إذن فالنص في الفلسفة‬
‫ّ‬
‫‪323‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫النقدية الكالسيكية تنتجه سلطة الوعي(‪ )0‬نفسه‪ ،‬بصفتها سلطة تملك املعايير املطلقة‪ ،‬املعايير‬
‫ّ‬
‫ألاصلية للحقيقة‪ .‬ويعبر الدكتور علي سامي النشار عن هذه الفكرة بقوله‪ « :‬إن الاتصال بين‬
‫اللغة واملنطق اتصال وثيق‪ .‬فاللغة هي التعبير الظاهر على الفكر الباطن‪ .‬فهي لفظ التفكير‬
‫ً‬
‫الباطن إذا‪ ،‬أي أن إلانسان ال يستطيع أن يعبر عنه أو أن ينقله إلى غيره إال في ألفاظ‪ .‬أو بمعنى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فلسفي‪ :‬اللغة هي التمثل الحس ي للمدرك الذهني في الخارج تمثال ماديا مسموعا» (‪ .)1‬بينما تنظر‬
‫تم في الزمان‪ .‬الفعل من الناحية ألاخالقية ال يأخذ معنى إال‬ ‫الفلسفة املعاصرة إلى النص كفعل ّ‬
‫في حالة وجود املعيار‪ ،‬وهكذا يتحول معنى الفعل إلى قيمة يمنحه إياها املعيار‪ .‬إذن فإذا كان‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫النص فعال‪ ،‬فالبد للفعل من فاعل‪ ،‬والفاعل هو الوعي الذي توقف أن يكون نقطة انطالق‪،‬‬
‫وعن أن يمتلك املعايير املطلقة للحقيقة‪ .‬من أين يستمد الوعي معاييره إذن؟ يستمدها من‬
‫القوى الالواعية التي تقف خلفه‪ .‬ولذلك‪« :‬فإذا كان ديكارت قد تغلب على الشك في الش يء‬
‫ببداهة الوعي‪ ،‬فإن كل من ماركس‪ ،‬نيتشه‪ ،‬فرويد (وهم فالسفة معاصرون) يتغلبون على‬
‫(‪)4‬‬
‫الشك حول الوعي الوعي بواسطة تأويل املعنى»‬
‫(‪ -)2‬امليتافيزيقا وعالقة اللفظ باملعنى‬
‫يرى الكثير من كتاب وأدباء العصور الوسطى أن العالقة بين اللفظ واملعنى عالقة ضرورية‪،‬‬
‫فهاهو الجاحظ (‪ ) 878- 777‬يرى أن العالقة بين اللفظ واملعنى ينبغي أن تكون عالقة تآلف‬
‫ُ‬
‫وانسجام‪ ،‬حيث يدعو إلى حسن اختيار ألالفاظ للمعاني التي إذا كسبت ألالفاظ الكريمة‪،‬‬
‫ُ‬
‫وألبست ألاوصاف الرفيعة‪ ،‬صارت ألالفاظ في معاني املعارض وصارت املعاني في معنى الجواري‪،‬‬
‫ينوه الجاحظ إلى البعد عن اللفظ الغريب‪ ،‬وإلى ضرورة التناسب بين اللفظ واملعنى [‪ ]..‬ويقرر‬
‫الجاحظ أن املعنى خفي ال يظهر إال باللفظ‪ ،‬وكلما كانت الداللة أوضح وأفصح‪ ،‬وكانت إلاشارة‬
‫أبين وأنور‪ ،‬كان أنفع وأنجع‪ )1( .‬ومعنى هذا أن إلاشكالية تكمن في فقط في حسن أو سوء اختيار‬
‫اللفظ أو العبارة‪ ،‬ولذلك يصرح في كتاب "الحيوان"‪ « :‬املعاني مطروحة في الطريق يعرفها‬
‫العجمي والعربي والبدوي والقروي واملدني‪ .‬وإنما الشأن في إقامة الوزن وتخير اللفظ‪ ،‬وسهولة‬
‫املخرج‪ )7( » ..‬ويقرر – من جهة أخرى‪ -‬أبو هالل العسكري (‪ )3111 - 001‬في سياق فهمه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لطبيعة العالقة بين اللفظ واملعنى أن الفكرة ّ‬
‫الجيدة ال يمكن أن تكون أدبا جيدا إال من خالل‬
‫فنية بديعة‪ ،‬فزاد بذلك من زخم النظرية التي تنص على أن سر البالغة وكنه‬ ‫صياغتها صياغة ّ‬
‫إلابداع في النظم‪ ،‬نظم املفردات وسبك العبارات‪ ،‬وصياغتها صياغة فنية مؤثرة‪ )7( .‬وبالتالي‬
‫ً‬
‫فمهمة ألاديب في نظر أبي الهالل العسكري أيضا تتمثل في حسن انتقاء ألالفاظ حتى يتحقق‬
‫التناسب والائتالف بين اللفظ واملعنى‪ .‬ويذهب ابن سينا (‪ )3117 -081‬في نص شهير له أن‬
‫اللفظ يدل ضرورة عن املعنى الواحد‪ ،‬املطابق ‪ .‬يقول ‪ « :‬اللفظ يدل على املعنى إما على سبيل‬

‫ّ‬
‫‪323‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫ً‬
‫املطابقة‪ ،‬بأن يكون ذلك اللفظ موضوعا لذلك املعنى وبإزائه‪ :‬مثل داللة "املثل" على الشكل‬
‫ً‬
‫املحيط به ثالثة أضالع‪ .‬وإما على سبيل التضمن بأن يكون املعنى جزءا من املعنى الذي يطابقه‬
‫اللفظ‪ :‬مثل داللة "املثلث" على "الشكل" فإنه يدل على "الشكل"‪ ،‬ال على أنه اسم "الشكل" بل‬
‫ً‬
‫على أنه اسم ملعنى جزؤه "الشكل"‪ .‬وإما على سبيل الاستتباع والالتزام‪ ،‬بأن يكون اللفظ دالا‬
‫باملطابقة على معنى‪ ،‬ويكون ذلك املعنى يلزمه معنى غيره كالرفيق الخارجي‪ ،‬ال كالجزء منه‪ ،‬بل‬
‫هو مصاحب مالزم له‪ ،‬مثل داللة لفظ "السقف" على "الحائط" و"إلانسان" على " قابل صنعة‬
‫الكتابة‪ )8( » .‬ويأخذ الجرجاني (‪ )3178 -3110‬عند حديثه عن خضوع ترتيب ألالفاظ إلى ترتيب‬
‫املعاني‪ ،‬هذا الشطر من بيت امرئ القيس‪ " :‬قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل" ملاذا كان ترتيب‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اللفظ على نحو معين قدرة على البيان؟ يجيب الجرجاني قائال‪ « :‬وفي ثبوت هذا ألاصل ما ت ْعلم‬
‫بيت شعر أو فصل خطاب‪ ،‬هو ترتيبها على طريقة معلومة‪،‬‬ ‫به أن املعنى الذي كانت هذه الكلم َ‬
‫وحصولها على صورة من التأليف مخصوصة‪ .‬وهذا الحكم –أعني الاختصاص في الترتيب‪ -‬يقع‬
‫مرتبا على املعاني املرتبة في النفس‪ ،‬املنتظمة فيها على قضية العقل‪ .‬وال ُي ّ‬ ‫ً‬
‫تصور في‬ ‫في ألالفاظ‬
‫ألالفاظ وجوب تقديم وتأخير‪ ،‬وتخصص في ترتيب وتنزيل‪ ،‬وعلى ذلك ُو ِضعت املراتب واملنازل في‬
‫دونة‪ ،‬فقيل‪ِ :‬من حق هذا أن يسبق ذلك‪ ،‬ومن حق ما هنا أن‬ ‫الجمل املركبة‪ ،‬وأقسام الكالم املُ ّ‬
‫يقع هناك‪ ،‬كما قيل في املبتدأ والخبر واملفعول والفاعل‪ )0( » ..‬ويعلل الجرجاني ذلك‪ :‬ألن ترتيب‬
‫اللفظ على هذا النحو املعين إنما يساير الترتيب نفسه الذي انتظمت به املعاني في ذهن املتكلم‪،‬‬
‫ُّ‬
‫ولقد انتظمت املعاني وفق ما يقتضيه العقل‪ ،‬فاملنطق العقلي نفسه يدلك على أي املعاني يجب‬
‫أن تسبق‪ ،‬وأيها يجب أن تأتي الحقة بحكم طبائعها بالنسبة للموقف الذي نقفه من عالم‬
‫ألاشياء‪ ،‬فاملبتدأ يجب أن يسبق ليلحق به الخبر‪ ،‬والفاعل يجب أن يسبق ليلحق به مفعوله‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َّ ُ‬ ‫يقول الجرجاني‪ « :‬ألالفاظ ُ‬
‫صرفة في حكمها‪ ،‬وكانت املعاني هي املالكة سياستها‪،‬‬ ‫خدم املعاني وامل‬
‫َّ َ‬
‫املستحقة طاعتها‪ .‬فمن نصر اللفظ على املعنى كان كمن أزال الش يء عن ِج َهته‪ ،‬وأحاله عن‬
‫ّ ُّ ُ َّ‬ ‫َ‬
‫(‪)31‬‬
‫ض للشين‪» .‬‬ ‫مظنة الاستكراه‪ ،‬وفيه ف ْت ُح أبواب العيب‪ ،‬والتعر‬ ‫طبيعته‪ ،‬وذلك ّ‬
‫ً‬
‫وعن البعد الانطلوجي للمعاني‪ ،‬يقول أبو حامد الغزالي (‪ « :)3333 -3118‬إن لألشياء وجودا في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألاعيان‪ ،‬ووجودا في ألاذهان‪ ،‬ووجودا في اللسان‪ .‬أما الوجود في ألاعيان فهو الوجود ألاصلي‬
‫الحقيقي‪ ،‬والوجود في ألاذهان هو الوجود العملي الصوري‪ ،‬والوجود في اللسان وهو الوجود‬
‫ً‬
‫اللفظي الدليلي؛ فإن السماء – مثال – لها وجود في عينها ونفسها ثم لها وجود في أذهاننا‬
‫ونفوسنا؛ ألن السماء حاضرة في أبصارنا ثم في خيالنا‪ .‬وهذه الصورة هي التي يعبر عنها بالعلم‪،‬‬
‫ومواز له‪ ،‬وهو كالصورة املنطبعة في املرآة؛ فإنها محاكية‬ ‫ٍ‬ ‫حاك للمعلوم‬ ‫وهو مثال املعلوم؛ فهو ُم ٍ‬
‫للصورة الخارجة املقابلة لها‪ .‬فإذن العلم‪ ،‬إنما هو مثال املعلوم في الذهن‪ .‬أما الوجود في اللسان‬

‫ّ‬
‫‪323‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫فهو اللفظ املركب من أصوات [‪ ]..‬فالقول دليل على ما في الذهن وما في الذهن صورة ملا في‬
‫الوجود مطابقة له [‪ ]..‬ولو لم يكن وجود في ألاعيان لم ينطبع صورة في ألاذهان ولو لم ينطبع‬
‫صورة في ألاذهان لم يشعر بها إنسان ولو لم يشعر إلانسان لم يعبر عنها اللسان‪ .‬وإذن فاللفظ‬
‫والعلم واملعلوم ثالثة أمور متباينة لكنها متطابقة متوازية‪ )33( » .‬ويدل هذا النص على أن‬
‫فالسفة إلاسالم قد أدركوا أن هناك عالقة بين بنية اللغة وبنية العقل وبنية الواقع‪ .‬أما عن‬
‫استقالل املعنى التام عن اللفظ‪ ،‬يرى روني ديكارت الفيلسوف الفرنس ي (‪ )3711-3107‬أن‬
‫إدراك املعنى في فعل الحدس الذي يستمد يقينه مما يتميز به من وحدة تجعل املعاني حاضرة‬
‫في الذهن املنتبه‪ ،‬فحتى الرياضيات عنده ال تستمد يقينها من كتابتها الاستداللية وصرحها‬
‫(‪)30‬‬
‫الاستنباطي‪ ،‬بقدر ما تستمده من كيفية إدراكها ملوضوعاتها‪.‬‬
‫لكن رب معترض عن ضرورة العالقة بين اللفظ واملعنى‪ ،‬على أساس أن الش يء الواحد يختلف‬
‫ً‬
‫اسمه من لغة ألخرى‪ ،‬كما قد يكون له من املترادفات الكثيرة على مستوى اللغة الواحدة‪ .‬وردا‬
‫على هذا يقول إميل بنفنيست‪ « :‬إن كل التسميات التي تحيل إلى نفس الواقع‪ ،‬لها قيمة متساوية؛‬
‫ً‬
‫فأن توجد هذه التسميات‪ ،‬ذلك هو دليل إذن على أن أيا منها ال يمكنه أن يدعي الانفراد‬
‫بالتسمية ذاتها على وجه إلاطالق [‪ ]..‬وهكذا الشأن في العالقة اللسانية‪ .‬فأحد مكونات العالمة‬
‫كون آلاخر فهو املفهوم ويشكل املدلول‪ .‬إن العالقة‬ ‫هي الصورة الصوتية ويشكل الدال‪ ،‬أما املُ ّ‬
‫بين الدال واملدلول ليست اعتباطية بل هي على العكس من ذلك عالقة ضرورية‪ .‬فاملفهوم "ثور"‬
‫مماثل في وعيي بالضرورة للمجموع الصوتي "ثور"‪ .‬وكيف يكون ألامر على خالف ذلك؟ فكالهما‬
‫نقشا في ذهني‪ ،‬وكل منهما يستحضر آلاخر في كل الظروف‪ .‬ثمة بينهما اتحاد وثيق إلى درجة أن‬
‫املفهوم "ثور" هو بمثابة روح الصورة الصوتية "ثور" إن الذهن ال يحتوي على أشكال خاوية‪ ،‬أي‬
‫ال يحتوي على مفاهيم غير مسماة [‪ ]..‬إن الذهن ال يتقبل من ألاشكال الصوتية إال ذلك الشكل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الذي يكون حامال لتمثل يمكنه التعرف عليه‪ ،‬وإال رفضه بوصفه مجهوال وغريبا‪ .‬فالدال‬
‫ً‬
‫واملدلول‪ ،‬التمثل الذهني والصورة الصوتية‪ ،‬هنا في الواقع وجهان ألمر واحد ويتشكالن معا‬
‫كاملحتوي واملحتوى‪ .‬فالدال هو الترجمة الصوتية للمفهوم‪ ،‬واملدلول هو املقابل الذهني للدال‪.‬‬
‫(‪)31‬‬
‫إن وحدة الجوهر هذه للدال واملدلول هي التي تضمن الوحدة البنيوية للعالمة اللسانية »‬
‫ومن هذا النص ُتفهم ضرورة العالقة بين اللفظ واملعنى عندما يسقط اللفظ في ذاته ويعوض‬
‫باألثر النفس ي الذي يتركه أي لفظ يوحي بنفس املعنى‪.‬‬
‫(‪ -)3‬امليتافيزيقا وإستراتيجية الكتابة‬
‫تنظر امليتافيزيقا إلى الكتابة كوسيلة تعبير‪ ،‬الجسر الذي يسمح بعبور املعاني‪ ،‬املجاز الذي‬
‫يقوم بنقلها‪ .‬هي أداة لتبليغ املعاني وتمثيلها‪ ،‬مناسبة لحضور املعنى ومثوله‪ .‬تعتبر الدال مجرد‬

‫ّ‬
‫‪323‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫مظهر للمدلول‪ .‬تعطي ألاسبقية الزمانية واملنطقية وحتى الشرفية للمعنى على الدليل‪ ،‬للمدلول‬
‫ً‬
‫على الدال‪ ،‬للفكر على املادة وللنفس على الجسد‪ .‬الكتابة ليس مجاال إلنتاج املعاني‪ .‬هنا يصبح‬
‫الدليل أو اللفظ مجرد مناسبة الستحضار املعنى ألاصلي‪ ،‬سواء كان ذلك املعنى قد وجد في‬
‫ً‬
‫عالم مفارق أو كان محتوى ذهنيا أو مقصد ذات (هللا أو النفس البشرية) تعطي للموضوعات‬
‫ً‬
‫معانيها‪ .‬الكتابة عملية حصر يهيمن عليها منطق الهوية‪ )34( .‬إذن فالنص ليس نسقا يفيض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫باملعاني‪ ،‬الدليل ليس تكثيفا لعدة تأويالت‪ ،‬وليس فضاء تفاضليا ملختلف املعاني واملدلوالت‪.‬‬
‫اللفظ عند امليتافيزيقا هو الحد الذي يحصر املعنى ويحدده‪ .‬إنه التعريف ألاحادي الذي يعطينا‬
‫ماهية ألاشياء وحقيقتها‪ .‬ليست الكتابة مجرد وسيلة تعبير وتمثيل وتبليغ‪ ،‬بل وكذلك كونها‬
‫ً‬
‫أساسا أداة لحفظ املعاني وحمايتها من التبدل والتغير ومن النسيان والضياع‪ .‬الكتابة تعطي‬
‫للمعاني طابع الخلود‪ ،‬وتضمن لها الوجود في حاضر دائم‪ )31( .‬ومن هنا فامليتافيزيقا تحرص على‬
‫الكتابة املوصولة التي يطبعها مفهوم الوحدة‪ ،‬تلك الوحدة التي تعكس وحدة الذات املتملكة‬
‫للمعنى واملتحكمة فيه‪ ،‬الذات التي تزود الكتابة بمضمونها‪ .‬إنها كتابة تقوم على أنطلوجيا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التطابق والوحدة‪ .‬وأخيرا فإن الكتابة هي الوسيلة التي يصبح بها النص امليتافيزيقي موضوعا‬
‫(‪)37‬‬ ‫ً‬
‫أخالقيا يقض ي منا احترامه وتقديسه ومعاملته بنزاهة علمية‪.‬‬
‫(‪ -)4‬امليتافيزيقا وإستراتيجية القراءة‬
‫ً‬
‫هذا الدور الثانوي الذي تعطيه امليتافيزيقا للكتابة ليس إال إعالء لفعل القراءة‪ ،‬وتقديما‬
‫للصوت واللوغوس (‪ )37( )Logos‬على العالمة وألاثر‪ .‬القراءة هي الفعل السحري الذي يلغي املادة‬
‫املكتوبة ليتمكن من روح النص‪ .‬إنها ليست عملية إنتاج‪ ،‬إنها مجرد موقف إنفعالي يتمثل في‬
‫(‪)38‬‬
‫إلانصات لخطبة النص وإلاصغاء إلى صوته والتقاط معناه‪.‬‬
‫حسب تعبير لويس التوسير فإن هذه القراءة تعتقد بحضور املاهية املجردة في وجودها العيني‬
‫الشفاف‪ ،‬هي قراءة مباشرة للماهية في الوجود‪ .‬هذه القراءة هي عينها قراءة الكتاب املفتوح‪،‬‬
‫قراءة كتاب الطبيعة الكبير الذي تحدث عنه غاليلي‪ .‬ومنه فإن هذه القراءة تقوم على‬
‫الابستمولوجيا الديكارتية‪ -‬الغاليلية‪ ،‬التي هي ابستمولوجيا مباشرة‪ ،‬قائمة على فلسفة‬
‫الحضور‪ ،‬حيث يصبح معنى القراءة ال يتجاوز الشرح والتعليق‪ ،‬مع ما يقتضيه املنهج الديكارتي‬
‫(‪)30‬‬
‫من حسن تنبه‪ ،‬وتخلص من ألاحكام املسبقة وعدم التعجل‪ ..‬الخ‬
‫(‪ -)5‬امليتافيزيقا وإستراتيجية التأويل‬
‫ً‬
‫لعل أول ما يسترعي انتباهنا هو املعنى اللغوي لكلمة "التأويل" انطالقا مما ورد في معاجم‬
‫اللغة القديمة‪ ،‬فحسب ما جاء في "لسان العرب" البن منظور فإن املصدر "أول" يكون كما يلي‪:‬‬
‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ ً‬ ‫َ‬
‫ألا ْو ُل‪ :‬الرجوع‪ .‬آل الش ُيء َي ُؤول أوال ومآال‪َ :‬ر َجع‪ .‬وأ َّول ِإليه الش َيء‪َ :‬ر َج َعه‪ .‬وأل ُت عن الش يء‪ :‬ارتددت‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪323‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫وفي الحديث‪ :‬من صام الدهر فال صام وال آل أي ال رجع ِإلى خير‪ ،‬وألا ْو ُل الرجوع‪ .‬في حديث‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َّ‬
‫الم ُّي أي رجع ِإليه املخ‪ )01( .‬وبالتالي فالتأويل في اللغة هو إلارجاع‪.‬‬ ‫خزيمة السلمي‪ :‬حتى آل الس ِ‬
‫ُ‬
‫و( ّأول) الش ئ اليه أرجعه‪ ،‬و( ّأول) الكالم يعني فسره‪ .‬فكأن التأويل هو إرجاع للكلمة املرادة إلى‬
‫أصل أبعد من املعنى الحرفي لها‪ .‬وهذا املعنى هو املعنى الوحيد‪ ،‬ألاصلي‪ ،‬الحقيقي‪ .‬أما غيره من‬
‫املعاني فكلها مزيف‪ ،‬مجازي‪ ،‬متشابه‪ ،‬غير حقيقي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫عرفت عملية فهم النصوص اللغوية‪ ،‬خصوصا الدينية منها عملية التأويل‪ ،‬وذلك منذ‬ ‫لقد‬
‫ً‬
‫العصور القديمة‪ ،‬وخصوصا في العصور الوسطى‪ ،‬عندما ظهرت الفرق الكالمية املختلفة‬
‫واملدارس الفلسفية‪ .‬ولعل من أهم الفرق الكالمية على إلاطالق في تاريخ إلاسالم هي فرقة‬
‫ً‬
‫املعتزلة‪ ،‬وبالتالي فهي ألاكثر اهتماما بالتأويل‪ .‬يقول الزمخشري (وهو من كبار املعتزلة املتأخرين)‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫« وملا في تقادح العلماء وإتعابهم القرائح في استخراج معانيه (أي القرآن) ّ‬
‫ورده إلى املحكم من‬ ‫ِ‬
‫الفوائد الجليلة والعلوم الجمة ونيل الدرجات عند هللا‪ ،‬وألن املؤمن املعتقد أن ال مناقضة في‬
‫كالم هللا وال اختالف‪ ،‬إذا رأى فيه ما يتناقض في ظاهره‪ ،‬وأهمه طلب ما يوفق بينه ويجريه على‬
‫سنن واحد‪ ،‬ففكر وراجع نفسه وغيره ففتح هللا عليه وتبين مطابقة املتشابه املحكم‪ ،‬ازداد‬
‫طمأنينة إلى معتقده وقوة في إيقانه‪ )03( ».‬أي أن معاني القرآن ألاصيلة قائمة على آلايات‬
‫املحكمة‪ ،‬ونتيجة ملا يعتري آلايات املتشابهة من تناقض ظاهري‪ .‬إذن يجب تأويلها‪ ،‬وإرجاعها إلى‬
‫ّ‬
‫معناها ألاصلي والوحيد‪ ،‬وذلك حتى ال ُيناقض الشرع العقل‪ ،‬وهو ُمقدم عليه‪ُ .‬ويعلق الدكتور‬
‫ً‬
‫نصر حامد أبو زيد عن هذا بقوله‪ « :‬لقد وجد املعتزلة في املحكم واملتشابه منفذا إلرساء‬
‫ضوابط للتأويل‪ .‬وإذا كان القرآن نفسه قد سكت عن تحديد املحكم واملتشابه وإن أشار إلى‬
‫ً‬
‫ضرورة رد املتشابه إلى املحكم‪ ،‬فإن املعتزلة اعتبروا كل ما يدعم وجهة نظرهم محكما يدل‬
‫ً‬
‫بظاهره‪ ،‬وكل ما يخالف هذه الوجهة اعتبروه متشابها يجوز‪ ،‬بل يحق لهم تأويله‪ .‬وبذلك نقلوا‬
‫الخالفات العقلية الاستداللية إلى القرآن على أساس وجود املحكم واملتشابه فيه‪ .‬وكان من‬
‫ً‬
‫الطبيعي أن يلجأ خصوم املعتزلة لنفس السالح فيعتبروا ما يدعم وجهة نظرهم محكما‪ ،‬وما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يدعم وجهة نظر املعتزلة متشابها‪ )00( ».‬وهذا ما أدى إلى نشأة الفرق إلاسالمية‪ ،‬وذلك تبعا‬
‫الختالف موقفهم من التأويل‪ .‬ويمكن الاستشهاد في هذا املوقف بابن رشد‪ ،‬وهو خير من تصدى‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫بالنقد والتحليل للفرق إلاسالمية‪ ،‬خصوصا في ُمؤل َفيه الشهيرين "مناهج ألادلة في عقائد امللة"‬
‫و"فصل املقال" يقول‪ « :‬ومن قبل التأويالت والظن بأنها يجب أن يصرح بها في الشرع للجميع‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫بعضا‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫نشأت فرق إلاسالم‪ ،‬حتى ّ‬
‫بعضهم بعضا‪ ،‬وبخاصة الفاسدة منها‪.‬‬ ‫وبدع‬ ‫كفر بعضها‬
‫فأولت املعتزلة آيات كثيرة‪ ،‬وأحاديث كثيرة‪ ،‬وصرحوا بتأويلهم للجمهور‪ .‬وكذلك فعلت ألاشعرية‬
‫ً‬
‫وإن كانت أقل تأويال‪ .‬فأوقعوا الناس من قبل ذلك في شنآن وتباغض وحروب‪ ،‬ومزقوا‪ ،‬وفرقوا‬

‫ّ‬
‫‪323‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫الناس كل التفريق‪ )01( ».‬في هذا النص الهام يصرح ابن رشد أن سبب نشأة الفرق إلاسالمية‬
‫املختلفة هو التأويل‪ ،‬ولكن الذي لم يصرح به هو فهمهم في تلك الفترة الزمنية للتأويل على أنه‬
‫الوقوف على املعنى ألاوحد والوحيد للنص‪ ،‬وبالتالي فكل ما يقول به الغير فهو خاطئ‪ ،‬ولهذا‬
‫ً‬
‫بعضا‪ّ ،‬‬ ‫السبب‪ ،‬يصرح ابن رشد بأن هذه الفرق قد ّ‬
‫وبدع بعضها البعض آلاخر‪ .‬فلو‬ ‫كفر بعضها‬
‫كان معنى التأويل – كما هو عندنا اليوم‪ -‬إمكان قيام النص على هذا املعنى واملعنى آلاخر‪ ،‬ملا‬
‫حدث كل ما حدث‪ .‬ولعل استمرار ظاهرة التكفير اليوم عندنا في املجتمعات العربية إلاسالمية‬
‫ما هو إال نتيجة إلايمان الد وغمائي باملعنى الوحيد‪ ،‬على اعتبار أنه هو املعنى الصحيح فقط‪،‬‬
‫وكل ما يخالفه ويعارضه من املعاني فهو خاطئ‪ ،‬وبالتالي فكل من يعتقد به فهو كافر‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬مشروعية التأويل‬
‫(‪ )1‬التأويل ومناهضة امليتافيزيقا‬
‫بالرغم من أن الدراسات ألادبية والفلسفية للنصوص قد عرفت التأويل منذ القديم إال أن‬
‫ً‬
‫مهمة التأويل الكالسيكية لم تخرج بتاتا عن دائرة التعامل امليتافيزيقي والانطولوجي مع املعنى‪،‬‬
‫حيث كان التعامل مع النص‪ ،‬ال على أنه يحمل معاني كثيرة ومتعددة‪ ،‬ولكن على أساس أنه ال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يحتمل سوى معنى واحدا ووحيدا وال أكثر من ذلك‪ ،‬ولذلك فكان موقف الذي يمارس التأويل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مع املعنى الظاهر موقفا سلبيا للغاية‪ ،‬موقف يجعله ينظر إلى ذلك املعنى على أنه معنى زائف‪،‬‬
‫غير حقيقي‪ .‬وبالتالي فجوهر مهمته تتمثل في استبدال معنى بمعنى آخر‪ ،‬يتمثل دوره في‬
‫التأسيس ملعنى مقابل تفنيد معنى أو معاني أخرى‪ .‬وفي تقديري الشخص ي أن أهم ألاسباب التي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كرست هذا املعنى بالذات‪ ،‬هذا التصور الذي يعطي للمعنى طابعا انطولوجيا هو ارتباط التأويل‬
‫آنذاك بالنصوص الدينية‪ ،‬ألن النص الديني هو نص مقدس‪ ،‬هو رسالة إلهية تفترض معنى‬
‫ً‬
‫واحدا فقط‪ .‬أما في عصرنا الراهن وبعد تطور علوم إلانسان واملناهج النقدية للنصوص ألادبية‬
‫والشعرية‪ ،‬قد أحدث نقلة في مهمة التأويل الذي أصبحت تتمثل في فك آلاليات التي تتحكم في‬
‫ً‬
‫الوعي وتجعله غافال عن ذاته‪ ،‬فتسمح بتقدير درجة عبودية هذا الوعي وتفسير انحسار حقله‬
‫ً‬
‫املعرفي والعملي‪ .‬فإذا كانت النص ألادبي مثال وبغض النظر على املوضوع الذي يتناوله‪ ،‬فهو‬
‫تعبير عن مكنونات الذات‪ ،‬تعبير عن مواقف وانفعاالت وعواطف‪ ،‬وعن كل ما يريد صاحب‬
‫النص التعبير عنه‪ ،‬لكنه في الوقت ذاته‪ ،‬إخفاء وسكوت وتعتيم للكثير والكثير من ألامور‪ ،‬هذا‬
‫ليس عن آلاخرين فقط‪ ،‬ولكن – وهذا هو ألاهم‪ -‬عن الذات وعن وعي الكاتب في حد ذاته‪ .‬ومن‬
‫هذا املنطلق تبدو صعوبة عملية التأويل من جهة‪ ،‬وأهميتها البالغة من جهة أخرى‪ .‬ملاذا؟ ألنها‬
‫ً‬
‫تكشف دوما على أن كل معنى يحمله النص إال ويقف وراءه معنى آخر‪ ،‬أن كل نص يحمل على‬
‫ألاقل مستويين من املعنى؛ مستوى ظاهر يعبر عنه صاحب النص‪ ،‬ومستوى ضامر يتوارى‬

‫ّ‬
‫‪333‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫داخل ال وعيه‪ .‬والنتيجة الحتمية التي نصل إليها أن التأويل قد أثبت جدارته في حقل الدراسات‬
‫ألادبية والفنية والفلسفية‪ ،‬وأنه عملية ال مناص منها في مجال النقد ألادبي‪ ،‬وأن مشروعيتها‬
‫تتأسس على مسلمة أساسية تتمثل في ضرورة التخلص من وهم انطولوجية املعنى‪ ،‬هذا‬
‫املوقف النقدي الذي يتكئ على مقوالت امليتافيزيقا‪ .‬ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن‪ :‬ما هي‬
‫أهم العوامل التي ساهمت بفعالية في إعادة النظر وفي الثورة الداللية التي أدت بشكل مباشر‬
‫إلى أعادة بناء مفهوم التأويل؟‬
‫(‪ -)2‬اعتباطية عالقة اللفظ باملعنى‬
‫ينطلق التصور الكالسيكي للغة على أساس أنها عالقة بين اسم ومسمى‪ ،‬املسميات هي جملة‬
‫ألاشياء املوجودة في العالم‪ ،‬وألاسماء هي ألالفاظ‪ ،‬هي الكائنات اللغوية‪ .‬ومن جهة أخرى هناك‬
‫عالقة بين اللفظ واملعنى‪ ،‬فإذا كانت ألاسماء تطابق ألالفاظ فإن املسميات أو ألاشياء تطابق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املعاني‪ .‬ومن هذا التطابق بالذات أخذت املعاني بعدا انطولوجيا‪ ،‬حيث أن املعاني ما هي إال‬
‫الحقائق الثابتة لألشياء‪ ،‬وبالتالي فهي ثابتة بوجودها‪ .‬فإذا حللنا هذه الفكرة ِوفق تصورات‬
‫أفالطون‪ ،‬فإن املثال له حقيقة ووجود ثابت‪ ،‬ولكنه في الواقع يمكن أن يأخذ صور وأشكال‬
‫متعددة ومتنوعة‪ ،‬كذلك املعنى فإن له حقيقة ووجود ثابت‪ ،‬ولكنه في الواقع يمكن أن يأخذ‬
‫ً‬
‫ألفاظ متعددة ومتنوعة‪ ،‬فيمكن مثال أن يأخذ في اللغة الواحدة ما ال حصر له من املترادفات‪،‬‬
‫ناهيك عن اللغات ألاخرى‪ ،‬حيث يمكن لنفس املعنى أن ُيطلق عليه في كل لغة ما يختلف عن‬
‫ألاخرى‪ .‬إذن فاأللفا ظ ما هي إال حامل مادي للمعنى‪ ،‬حامل يمكن تغييره واستبداله في كل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لحظة دون أن يكون له أدنى تأثير على املعنى‪ ،‬هذا ألاخير الذي يظل ثابتا‪ ،‬خالدا‪ ،‬مستقال تماما‬
‫عن أي لغة وعن أي لسان‪ .‬أما عن قواعد اللغة وترتيب الكلمات داخل الجملة‪ ،‬وترتيب الجمل‬
‫داخل النص‪ ،‬فهذه هي ألاخرى أمور ثابتة ألن العقل هو سيد املوقف‪ ،‬ومنطق تسلسل وتراتب‬
‫املعاني هو الذي يفرض منطق تسلسل وترتيب ألالفاظ‪ ( .‬سبق طرح هذا املوقف عند الجرجاني)‬
‫ولعل أهم ما جعل قدماء اللغويين يتوهمون هذا ألامر على أنه حقيقة هو الغياب التام‬
‫للدراسات اللغوية املقارنة‪ .‬ويمكن النظر من جهة أخرى على أن العالقة بين اللفظ واملعنى أو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الاسم واملسمى ضرورية تقوم على فكرة السبق املنطقي للمعنى على اللفظ‪ ،‬أو املسمى على‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الاسم؛ إذ ال يصبح الاسم اسما إال إذا ارتبط بمسمى‪ ،‬و يصير اللفظ كالما إال إذا ارتبط بمعنى‪.‬‬
‫(‪)04‬‬
‫ولهذا يقول ابن مالك في ألفيته‪ :‬كالمنا لفظ مفيد كاستقم اسم وفعل ثم حرف الكلم ‪.‬‬
‫هناك مالحظتان في غاية ألاهمية توصل إليهما دو سوسير‪:‬‬

‫ّ‬
‫‪333‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫(‪ -)3‬صحيح أننا نستبدل ألالفاظ للتعبير عن نفس املعنى ولكن العقل ال يستطيع أن يتصور‬
‫معنى بشكل مستقل عن ألالفاظ‪ .‬إذن يبقى املعنى جزء ال يتجزأ من إلاشارة اللغوية‪ .‬وهو ما‬
‫يسميه دو سوسير "املدلول"‬
‫(‪ -)0‬جميع ألالفاظ التي تعبر عن نفس املعنى متساوية ومتكافئة في هذه الوظيفة‪ ،‬فما هو هذا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الثابت الذي ال يتغير بتغير هذه ألالفاظ جميعا؟ الذي يبقى دوما ملتصقا باملعنى هو الصورة‬
‫السمعية‪ ،‬هذا ألاثر النفس ي الذي يمكن أن تشترك في إحداثه جميع ألالفاظ الذي تعبر عن‬
‫املعنى نفسه‪ .‬إذن تبقى الصورة السمعية جزء ال يتجزأ من إلاشارة اللغوية‪ .‬وهو ما يسميه دو‬
‫سوسير "الدال" ‪ .‬حسب هذا التحليل قد يبدو للبعض أن العالقة بين الدال واملدلول‬
‫ضرورية‪ ،‬طاملا أن العقل غير قادر على تصور املدلول (املعنى) دون الحاجة إلى الدال (ألاثر‬
‫النفس ي الذي تتركه جميع ألالفاظ التي تعبر عن نفس املعنى )‪ .‬لكن ما هو موقف دو سوسير‬
‫من هذا ألامر؟‬
‫تكاد تنصب الدراسات املبدعة التي أضافها العالم اللساني السويسري دو سوسير في مجال‬
‫اللسانيات على طبيعة العالقة بين الدال واملدلول‪ .‬فإذا اعتبرنا أن اللسانيات ما هي إال الدراسة‬
‫العلمية التجريبية ملواضيع اللغة واللسان‪ ،‬فيكون إلاسهام اللساني لهذا الباحث ينحصر في‬
‫الدراسة العلمية والتتبع التجريبي لهذه العالقة‪ .‬وكأي باحث علمي أكاديمي ينطلق دو سوسير‬
‫من مبدأين يراهما أساسيين يمكن أن يشتق منهما ما ال حصر له من النتائج‪:‬‬
‫املبدأ ألاول‪ :‬العالقة بين الدال واملدلول هي عالقة اعتباطية (‪ ،)arbitraire‬غير ضرورية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املبدأ الثاني‪ :‬الطبيعة الخطية للدال‪ .‬يقول دو سوسير‪ « :‬ملا كان الدال شيئا مسموعا فهو يظهر‬
‫إلى الوجود في حيز زماني فقط‪ ،‬و فقط ُويستمد منه هاتان الصفتان‪( :‬أ) أنه يمثل فترة زمنية‪،‬‬
‫ُ‬
‫(ب) تقاس هذه الفترة ببعد واحد‪ ،‬فهو على هيئة خط‪ )01( » .‬وألامر املالحظ على هذا املبدأ أن‬
‫الدال في تصور دو سوسير هو ألاثر النفس ي‪ ،‬وبالتالي فالدال كذلك ذو طبيعة نفسية‪ ،‬وكل ما‬
‫هو نفساني فهو يجري ضرورة في الزمان‪ ،‬ال في املكان‪.‬‬
‫متغيرة؟ لو كانت العالقة بينهما ضرورية‪ ،‬أي يحكمها‬ ‫ّ‬ ‫هل عالقة الدال باملدلول ثابتة أم‬
‫ً‬
‫املنطق‪ ،‬لكانت مستقلة عن الزمان‪ ،‬وبالتالي فهي عالقة ثابتة مطلقا‪ ،‬ولكن كون هذه العالقة‬
‫اعتباطية (املبدأ ألاول)‪ ،‬فهي تجري ضرورة في الزمان (املبدأ الثاني)‪ .‬وما دامت تجري في الزمان‪،‬‬
‫ً‬
‫فكيف نفسر هذا الثبات الذي كثيرا ما يوهمنا بفطرية العالقة؟ من أجل تفسير خاصيتي‬
‫الثبات والتغير في العالقة بين الدال واملدلول يلجأ دو سوسير إلى مصطلحين في غاية ألاهمية‬
‫ً‬
‫هما التزامنية (‪ )la synchronie‬والتعاقبية (‪ .)la diachronie‬حيث يرى أن العالقة ثابتة تزامنيا‬
‫ً‬
‫ومتغيرة تعاقبيا؛ فإذا نظرنا إلى هذه العالقة في فترة زمنية معينة بدت لنا كم هي ثابتة‬

‫ّ‬
‫‪332‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫وضرورية‪ .‬أما إذا نظرنا إليها في فترة زمنية طويلة بدا لنا بوضوح التغير الذي يلحق بعالقة الدال‬
‫ً‬
‫باملدلول‪ .‬ولكي يوضح كيفية تغير العالقة مع محافظتها على الثبات‪ ،‬يعقد تشبيها بين وظيفة‬
‫اللغة ولعبة الشطرنج‪ .‬يقول‪ )3( « :‬ففي كلتا الحالتين يوجد نظام من القيم والتغيرات [‪ ]..‬فقيم‬
‫القطع تعتمد على قيمها على لوحة الشطرنج‪ ،‬كما أن كل عنصر من العناصر اللغوية يستمد‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫قيمته من تقابله مع العناصر ألاخرى‪ )0( .‬النظام يرتبط دائما بلحظة زمنية معينة‪ .‬فهو يختلف‬
‫من وضع آلخر‪ .‬كما أن القيم تعتمد بالدرجة ألاولى على العرف الثابت‪ ،‬أي على قوانين اللعبة‬
‫فعالة حتى النهاية‪ ،‬ومثل هذه القوانين املتفق عليها موجودة في‬ ‫املوجودة قبل بدء اللعب وتظل ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اللغة أيضا‪ :‬فهي املبادئ الثابتة لعلم إلاشارات‪ .‬وأخيرا فإن الانتقال من حالة توازن إلى حالة‬
‫أخرى‪ ،‬أي من حالة سنكرونية إلى أخرى‪ ،‬ال نحتاج إال إلى تحريك قطعة واحدة فقط‪ ،‬وكذلك‬
‫ً‬
‫التغيير في اللغة ال يؤثر إال في عناصر مفردة‪ .‬ومع ذلك فإن للحركة انعكاسا على النظام بأكمله‪.‬‬
‫كما يصعب على الالعب أن يتنبأ بدقة بمدى ألاثر الذي ينتج عن الحركة‪ .‬فتكون التغيرات‬
‫(‪)07‬‬
‫الناتجة للقيمة مختلفة حسب الظروف ‪» .‬‬
‫إن أهم نتيجة يصل إليها دو سوسير هي أن الدال واملدلول غير مرتبطين بالضرروة‪ .‬وهذا يعني‬
‫الدال ال ينفرد بمعنى واحد ووحيد‪ ،‬أي أنه ال يرتبط بمعنى انطولوجي‪ .‬يقول‪« :‬فاللغة ال‬ ‫أن ّ‬
‫حول لها وال قوة في الدفاع عن نفسها في مواجهة القوى التي تغير من لحظة إلى أخرى العالقة‬
‫بين املدلول والدال‪ .‬وهذه إحدى نتائج الطبيعة الاعتباطية لإلشارة‪ )07( » .‬ويعلق نصر حامد أبو‬
‫زيد عن هذا بقوله‪ ..« :‬هذا التصور الذي صاغه دو سوسير أنهى وإلى ألابد التصور الكالسيكي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عن عالقة اللغة بالعالم بوصفها تعبيرا مباشرا عن هذا العالم‪ .‬لقد صارت العالقة بين اللغة‬
‫والعالم محكومة بأفق املفاهيم والتصورات الذهنية الثقافية‪ )08( .‬بمعنى أن النصوص قد‬
‫ً‬
‫تخلصت نهائيا وإلى ألابد من املعاني ألانطولوجية‪ ،‬ليحل عصر جديد هو عصر التأويل‪.‬‬
‫(‪ -)3‬مركزية التأويل والعالقة بين الكتابة والقراءة‬
‫ُ‬
‫إن القول باعتباطية العالقة بين الدال واملدلول تعطي مشروعية قصوى للتأويل يمكن أن‬
‫تتجسد هذه املشروعية في تماهي مصطلح "القراءة" مع مصطلح "الكتابة"‪ .‬السؤال إذن‪ :‬كيف‬
‫يمكن النظر إلى الكتابة‪ /‬القراءة كفعل واحد؟ ودور ذلك في تقويض امليتافيزيقا؟‬
‫يجب على القراءة التي تقوض امليتافيزيقا أن تتخلص ابتداء من فلسفة الحضور‪ .‬ونقصد‬
‫بفلسفة الحضور‪ ،‬أن معنى النص هو ذلك املعنى الحال في الوعي‪ ،‬وأن الوعي له القدرة املطلقة‬
‫على استحضار املعنى الكامن في النص‪ ،‬أي املعنى الذي يقصده منتج النص بالذات‪ .‬على أساس‬
‫أن النص كألفاظ وعبارات ما هو إال وسيلة لتثبيت وحفظ املعنى الذي يقصده منتجه‪ .‬وهذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هو العيب الذي وقعت فيه امليتافيزيقا‪ ،‬وهو أنها افترضت تأويال واحدا وقفت عنده‪ ،‬واعتبرت‬

‫ّ‬
‫‪333‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫أنه التأويل الحق‪ .‬هذا في حين أن التأويل ليس بحثا عن معنى أول‪ ،‬وإنما تفضيال وإعطاء أولوية‬
‫ملعنى على آخر‪ )00( .‬وقد توصل الفيلسوف ألاملاني نيتشه (‪ )3011-3844‬إلى كشف السر الكامن‬
‫وراء هذا العيب حين ّبين أن إنتاج املعنى عملية تقف وراءها قوى تهدف إلى إلاخضاع‬
‫والسيطرة‪ .‬وما تفعله امليتافيزيقا هو اختزال تلك القوى‪ ،‬وحصر املعنى في ألالفاظ اللغوية التي‬
‫ً‬
‫تحد املعنى وتحدده‪ .‬لذا فإن نيتشه يرى في اللغة معقال للميتافيزيقا‪ .‬ففي اللغة فقط تجد‬
‫مفهومات "الوجود" و"الجوهر" و"الهوية" إمكانية دوامها وخلودها‪ .‬إن امليتافيزيقا تنظر إلى‬
‫ألالفاظ اللغوية كخزانات تحفظ للمعاني أزليتها وتبقي على تطابقها‪ ،‬فبدل أن ترى في الدليل‬
‫(اللفظ) والعالمة مكان تناحر واختالف‪ ،‬ترى فيه مناسبة لحضور املعنى‪ ]..[ .‬يحاول نيتشه أن‬
‫ّ‬
‫يقف ضد هذا الاختزال امليتافيزيقي‪ ،‬وأن يبعث العنف والقوة اللذين يؤسس بهما اللغوس‬
‫فضاءه السيميولوجي‪ ،‬ويضع بهما املعنى والنظام‪)11( .‬من خالل هذا النص يتضح كيف للتأويل‬
‫من قدرة على إزاحة الوعي من مركزيته وسلطته املطلقة في إلامساك باملعنى الانطولوجي للنص‪.‬‬
‫ً‬
‫ملاذا؟ ألن الوعي املباشر عاجز عن التوصل انطالقا من ذاته إلى فهم ما ينتجه‪ .‬ولذلك ينبغي‬
‫ً‬
‫عليه أن يلجأ إلى خطاب آخر لتوضيح إنتاجاته‪ ،‬وهي إنتاجات ترتدي معنى كامنا غير مباشر‬
‫ينبغي استحضاره ورفعه من مستوى الباطن إلى مستوى الظاهر‪ .‬وهذه إلازاحة من املركز‬
‫تطعن في صميم الفلسفة التأملية» (‪ )13‬واملقصود باملستوى الباطن هو ذلك املعنى آلاخر ‪،‬‬
‫الغائب عن الوعي‪ .‬وبالتالي فإذا تسمك الوعي باملعنى الواحد للنص فذلك لقصوره‪ ،‬ال ألن تلك‬
‫هي الحقيقة‪ .‬والنتيجة أن اكتشاف قصور الوعي يؤسس لتعدد معاني النص‪ ،‬وبالتالي يقصف‬
‫كل ما يتضمنه النص من معاني ميتافيزيقية‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫إن مثل هذه الدراسات النقدية‪ ،‬هي من عمل على تحرير النصوص من سلطة املعنى‬
‫الواحد‪ ،‬إذ أصبحت النصوص كنوز يمكن اكتشاف ما تحتويه من املعنى ما ال يتخيله متخيل‪.‬‬
‫وهو ما أدى في ألاخير إلى موت املؤلف أو الكاتب على اعتبار أنه سلطة منتجة للمعنى ومتحكمة‬
‫فيه‪ .‬أصبح القارئ هو الفاعل الحقيقي إزاء النص من خالل تفكيكه لشفرات النص وتفكيكه‬
‫ً‬
‫ملعانيه وكشفه على مستويات املعنى فيه‪ .‬لقد أصبح القارئ مسلحا بكل ما توصلت إليه علوم‬
‫اللسان وعلوم إلانسان من مناهج تساعده على سبر أغوار النص‪ .‬لقد برز التأويل كآلية ضرورية‬
‫يجب أن يتسلح بها قارئ النص‪ .‬ومن هذا أخذ التأويل معنى أوسع بكثير من ذلك الذي كان‬
‫ُيفهم منه عند عملية فهم النصوص املقدسة والبحث عن املعنى الواحد واملشروع‪ .‬وفي ألاخير‬
‫فإن املتتبع آلخر التطورات النقدية الحاصلة في علم النص‪ ،‬يرى بوضوح كيف انتقلت عملية‬

‫ّ‬
‫‪333‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫قراءته من انطولوجية املعنى (املعنى امليتافيزيقي) إلى مشروعية التأويل حيث يتعدد ويتنوع‬
‫املعنى‪.‬‬
‫املصادر واملراجع‪:‬‬
‫‪ .3‬إبراهيم مدكور‪ :‬املعجم الفلسفي‪ ،‬الهيئة العامة لشؤون املطابع ألاميرية‪ ،‬القاهرة‪.3081 ،‬‬
‫ّ‬
‫‪ .0‬علي سامي النشار‪ :‬املنطق الصوري‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪ ،‬القاهرة‪0111 ،‬‬
‫‪ .1‬عمارة ناصر‪ :‬اللغة والتأويل‪ ،‬منشورات الاختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة ألاولى‪0117 ،‬‬
‫‪ .4‬عمر عبد الهادي عتيق‪ :‬علم البالغة بين ألاصالة واملعاصرة‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪،‬‬
‫الطبعة ألاولى‪0130 ،‬‬
‫‪ .1‬الجاحظ‪ :‬الحيوان‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪ .7‬ميلود مصطفى عاشور‪ :‬مقاييس فصاحة اللفظ ومعايير بالغة املعنى؛ دراسة ّ‬
‫فنية تحليلية‪ ،‬دار نشر‬
‫يسطرون‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ .7‬ابن سينا‪ :‬إلاشارات والتنبيهات‪ ،‬ج‪ ،3‬تحقيق‪ :‬سليمان دنيا‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪3081 ،1‬‬
‫‪ .8‬عبد القاهر الجرجاني‪ :‬أسرار البالغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود محمد شاكر‪ ،‬دار املدني‪ ،‬جدة‬
‫‪ .0‬أبو حامد الغزالي‪ :‬املقصد ألاسنى في شرح أسماء هللا الحسنى‪ ،‬مكتبة الجندي‪ ،‬القاهرة‪3078 ،‬‬
‫‪ .31‬عبد السالم بنعبد العالي‪ :‬أسس الفكر الفلسفي املعاصر‪ ،‬دار طوبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة ألاولى‪3003 ،‬‬
‫‪ .33‬إميل بنفنيست‪ :‬مسائل في ألالسنية العامة‪ ،‬ت‪ :‬عبد السالم بنعبد العالي ومحمد سبيال‪ ،‬في دفاتر‬
‫فلسفية‪ ،‬ج‪( 1‬اللغة)‪ ،‬دار طوبقال للنشر ‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الرابعة‪0111 ،‬‬
‫‪ .30‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،3‬تحقيق‪ :‬أمين محمد عبد الوهاب ومحمد الصادق العبيدي‪ ،‬دار‬
‫إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪3000 ،1‬‬
‫ّ‬
‫‪ .31‬الزمخشري‪ :‬الكشاف‪ ،‬ج‪ ،3‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪.3008 ،3‬‬
‫‪ .34‬نصر حامد أبو زيد‪ ، :‬الاتجاه العقلي في التفسير‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.3007 ،1‬‬
‫‪ .31‬ابن رشد‪ :‬فصل املقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عمارة‪ ،‬دار املعارف‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪3070 ،‬‬
‫‪ .37‬أبو عبد هللا محمد بن مالك املعروف بابن الناظم‪ :‬شرح ابن الناظم على ألفية بن مالك‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫محمد باسل عيون ُّ‬
‫السود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪0131 ،‬‬
‫‪ .37‬فردينان دي سوسور‪ :‬علم اللغة العام‪ ،‬ت‪ :‬يوئيل يوسف عزيز‪ ، ،‬دار آفاق عربية‪ ،‬بغداد‪3081 ،‬‬
‫‪ .38‬نصر حامد أبو زيد‪ :‬النص السلطة الحقيقة‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪3001 ،3‬‬
‫‪ .30‬نبيهة قاره‪ :‬الفلسفة والتأويل‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫هوامش البحث‬

‫ّ‬
‫‪333‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫(‪ -)1‬الانطلوجيا (‪ )L'ontologie‬كلمة ذات أصل يوناني‪ ،‬تتألف من شقين ( ‪ =ontos‬الكائن‪ =logos ،‬خطاب)‬
‫ً‬
‫بمعنى أنها خطاب يدور حول الكائن‪ ،‬والتعامل مع املعنى انطولوجيا يعني التعامل معه ككائن له وجود املستقل‬
‫وحقيقته املنفردة التي ال تحتمل التأويل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(‪ -)2‬يتمثل الوعي (‪ )La conscience‬في إدراك املرء لذاته وأحواله وأفعاله إدراكا مباشرا‪ ،‬وهو أساس كل معرفة‪،‬‬
‫وله مراتب متفاوتة في الوضوح‪ ،‬وبه تدرك الذات أنه تشعر وأنها تعرف ما نعرف‪ .‬أنظر‪ :‬إبراهيم مدكور‪ :‬املعجم‬
‫الفلسفي‪ ،‬الهيئة العامة لشؤون املطابع ألاميرية‪ ،‬القاهرة‪ ،3081 ،‬ص ‪.031‬‬
‫ّ‬
‫(‪ -)3‬علي سامي النشار‪ :‬املنطق الصوري‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ ،0111 ،‬ص ‪73‬‬
‫(‪ -)4‬عمارة ناصر‪ :‬اللغة والتأويل‪ ،‬منشورات الاختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،0117 ،‬ص ‪88‬‬
‫(‪ -)5‬عمر عبد الهادي عتيق‪ :‬علم البالغة بين ألاصالة واملعاصرة‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪،‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ ،0130 ،‬ص ‪00‬‬
‫(‪ -)6‬الجاحظ‪ :‬الحيوان‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ص ‪77‬‬
‫(‪ -)7‬ميلود مصطفى عاشور‪ :‬مقاييس فصاحة اللفظ ومعايير بالغة املعنى؛ دراسة ّ‬
‫فنية تحليلية‪ ،‬دار نشر‬
‫يسطرون‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪377‬‬
‫(‪ -)8‬ابن سينا‪ :‬إلاشارات والتنبيهات‪ ،‬ج‪ ،3‬تحقيق‪ :‬سليمان دنيا‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،3081 ،1‬ص‪310‬‬
‫(‪ -)9‬عبد القاهر الجرجاني‪ :‬أسرار البالغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود محمد شاكر‪ ،‬دار املدني‪ ،‬جدة‪ ،‬ص ‪5‬‬
‫(‪ -)10‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪8‬‬
‫(‪ -)11‬أبو حامد الغزالي‪ :‬املقصد ألاسنى في شرح أسماء هللا الحسنى‪ ،‬مكتبة الجندي‪ ،‬القاهرة‪ ،3078 ،‬ص ص‬
‫‪33 -31‬‬
‫(‪ -)12‬عبد السالم بنعبد العالي‪ :‬أسس الفكر الفلسفي املعاصر‪ ،‬دار طوبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ ،3003 ،‬ص ‪314‬‬
‫(‪ -)13‬إميل بنفنيست‪ :‬مسائل في ألالسنية العامة‪ ،‬ت‪ :‬عبد السالم بنعبد العالي ومحمد سبيال‪ ،‬في دفاتر فلسفية‪،‬‬
‫ج‪( 1‬اللغة)‪ ،‬دار طوبقال للنشر ‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،0111 ،‬ص ص ‪47-47‬‬
‫(‪ -)14‬عبد السالم بنعبد العالي‪ :‬أسس الفكر الفلسفي املعاصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪314 -311‬‬
‫(‪ -)15‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪314‬‬
‫(‪ -)16‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪311‬‬
‫(‪ -)17‬اللوغوس (‪ ،)Logos‬وهي كلمة يونانية تعني اللغة والعقل واملنطق‪ .‬في سياق املقال تعني اللغة منظور إليها‬
‫كأداة‪ ،‬كخادمة للعقل‪.‬‬
‫(‪ -)18‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪317‬‬
‫(‪ -)19‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪317‬‬
‫(‪ -)20‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،3‬تحقيق‪ :‬أمين محمد عبد الوهاب ومحمد الصادق العبيدي‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،3000 ،1‬ص ‪074‬‬
‫ّ‬
‫(‪ -)21‬الزمخشري‪ :‬الكشاف‪ ،‬ج‪ ،3‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪ ، ،3008 ،3‬ص ‪.108‬‬
‫(‪ -)22‬نصر حامد أبو زيد‪ ، :‬الاتجاه العقلي في التفسير‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،3007 ،1‬ص ‪.374‬‬

‫ّ‬
‫‪333‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح سعيدي‬ ‫النص بين انطولوجية املعنى ومشروعية التأويل‬

‫(‪ -)23‬ابن رشد‪ :‬فصل املقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عمارة‪ ،‬دار املعارف‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،3070 ،‬ص ص ‪71 -70‬‬
‫(‪-)24‬أبو عبد هللا محمد بن مالك املعروف بابن الناظم‪ :‬شرح ابن الناظم على ألفية بن مالك‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫السود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،0131 ،‬ص ‪1‬‬ ‫باسل عيون ُّ‬
‫(‪ -)25‬فردينان دي سوسور‪ :‬علم اللغة العام‪ ،‬ت‪ :‬يوئيل يوسف عزيز‪ ، ،‬دار آفاق عربية‪ ،‬بغداد‪ ،3081 ،‬ص ‪80‬‬
‫(‪ -)26‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪317‬‬
‫(‪ -)27‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪94‬‬
‫(‪ -)28‬نصر حامد أبو زيد‪ :‬النص السلطة الحقيقة‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،3001 ،3‬ص ص ‪81 -70‬‬
‫(‪ -)29‬عبد السالم بنعبد العالي‪ :‬أسس الفكر الفلسفي املعاصر؛ مرجع سابق‪ ،‬ص ‪340‬‬
‫(‪ -)30‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪347‬‬
‫(‪ -)31‬نبيهة قاره‪ :‬الفلسفة والتأويل‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫ّ‬
‫‪333‬‬ ‫التاريخ ‪ISSN 1112-914X - 0103 /11/31 :‬‬ ‫املجلد‪ 31:‬العدد ‪13 :‬‬ ‫مجلة علوم اللغة العربية وآدابها‬

You might also like