Professional Documents
Culture Documents
نشر العرف صلاح أبو الحاج
نشر العرف صلاح أبو الحاج
نشر العرف صلاح أبو الحاج
�﮲ﺸﺮ َ
اﻟﻌﺮف
�� �
�
�﮳ﻨﺎء �﮳ﻌﺾ اﻷﺣﲀم
ﻋﲆ ُ
اﻟﻌﺮف
)wHM(« s�b�U� s� dL� s� 5�√ bL� 5II;« W9U
�?� ®١٢٥٢© WM� �u
]‚Ë÷¡Â
˛
\’ÃÖ¬’\;Öç›;Ì÷¡;Ï…Ö¬’\;k]ŒË÷¬i
وعليها
ﱁﱂﱃﱄ
والسال ُم عىل سيد املرسلني ،وعىل آله والصال ُة َّ
رب العاملنيَّ ،احلمد هلل ّ
وصحبه أمجعني ،ومن سار عىل دربه واهتدى هبديه إىل يوم الدين.
وبعد:
مر ًة بعد َم ّر ٍة،
الرسالة َّعيل أن يرس يل تدريس هذه ِّ من نعم اهلل تعاىل َّ
وكرم ِه ،حتىِ وكنت ُأعلق عليها َأثناء الدرس بام َيرزق اهلل تعاىل من فضلِ ِه
وح ِّقق فيها مباحث ال مثيل هلا ،و َغدَ ت
ُو ِّشحت بتعليقات ال نظري هلاُ ،
روض ًة لل َّطالبني ،وحك ًام للمختلفني ،ومأوى َّ
للراغبني.
وقد اختلط األمر عىل إمام عرصّ ،
وعالمة دهره ،خامتة املحققني ابن
عابدين يف أوهلا يف حتقيق مبحث عالقة العرف بالنص ،وختصيصه له،
فاضطرب فيها اضطراب ًا كبري ًا بام ال يفيد املطلوب ،وال حيقق املقصود ،فال
عول عليها.
يصل القارئ فيها إىل ثمرة ُيمكن له أن ُي ِّ
وسعى رضوان اهلل عليه إىل تنقيح ما يتعلق بالعرف العام واخلاص،
والتفريق بينهام ،فلم يأت بنتيجة مرضية ُيمكن االعتامد عليها ،ومل يفرق
الرسالة عىل خالف
بينهام بام يصلح االعتامد عليه ،فكان َّأول مباحث هذه ِّ
املراد من التَّحقيق والتَّنقيح ،بخالف ما بعدها من مباحث تعرض هلا يف
8ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
الرسالة يف االعتامد عىل العرف وبناء األحكام عليهَ ،فأفاد و َأجاد ،كام هو
عوالً عليها.
عاد ُته ودأ ُبه ،فكان حم َّقق ًة ُمنقح ًة موثوق ًا هباُ ،م ّ
فسعيت إىل تنقيح مباحثها األُوىل ،و َترصيف مسائلها ،بام َيرفع اإلهيام
ُ
و ُيزيل اإلشكال ،وأرجو من اهلل تعاىل أن أكون ُو ِّف ُ
قت هلذا ،ف َغدَ ت ِّ
الرسالة
مع تعليقاهتا العرفية حتف ًة هبي ًة ُيعتمد عليها ،و ُيرجع هلا يف ِّ
كل مباحثها.
واملتتبع ملسائلها جيد أن إطالق العرف هاهنا ليس املقصود منها املعنى
الرسم يرجع لقاعدتني رئيسيتني: اخلاص به ،وإ ّنام يشمل قواعد الرسم؛ ّ
ألن ّ
ف ال مغري ،ولذلك نجدمعر ٌ
والعرف ِّ
ُ والرضور ُة ُم َغ ّريةٌ،
الرضورة والعرفَّ ،
الرسالة من النَّوع األَ ّول ،وهو َّ
الرضورة ،وال خيفى أن جزء ًا كبري ًا من مسائل ِّ
للرضورة هلا تع ُّل ٌق بالواقع فاعتربت عند املصنف من ال ُعرف.
َّ
ووضعت يف بدايتها َترمج ًة موجز ًة ِ
ملؤلفها رضوان اهلل عليهَ ،سعي ًا لنرش
مآثره ومناقبه و َأحواله ،فهو خامت ُة ا ُملح ِّققني بال ُمنازع.
ألّنا منسوب ٌة له يف
شائع؛ ّ
ٌ مشهور
ٌ وثبوت الرسالة البن عابدين
مقدمتها ،ويف «ر ِّد املحتار» و«رشح عقود رسم املفتي» ويف كتب َمن ترجم
َّ
كالشطي و«قرة عيون األخيار» وغريها.
واعتمدت يف طبعتها عىل نسخة رسائله املطبوعة املشهورة ،حتى ييرس
اهلل تعاىل الوقوف عىل خمطوطة هلا فتقابل عليها.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 9
وأسأل اهلل تعاىل أن ينفع بتعليقاهتا كام نفع َبأصلها ،وأن يتق َّبلها وجيعلها
خالص ًة لوجهه الكريم ،وصىل اهلل عىل سيدنا حممد وعىل آله وصبحه وسلم.
وكتبه
األستاذ الدكتور صالح أبو احلاج
عميد كلية الفقه احلنفي
جامعة العلوم اإلسالمية العاملية
بتاريخ 15ـ 9ـ 2020م
صويلح ،عامن ،األردن
10ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 11
ترمجة موجزة
خلامتة املحققني ابن عابدين
) (1هذا النسب أثبته ابنه عالء الدين يف قرة العيون ،419 :7وذكر احلافظ أنه نسبه:
حممد أمني بن عمر بن عبد العزيز بن أمحد بن عبد الرحيم بن حممد صالح الدين بن
12ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
نجم الدين بن حممد صالح الدين بن نجم الدين بن حممد كامل بن تقي الدين املدرس
ابن مصطفى الشهايب بن حسني بن رمحة اهلل بن أمحد الفاين بن عيل بن أمحد بن حممود
بن أمحد بن عبد اهلل بن عز الدين بن عبد اهلل بن قاسم بن حسن بن إسامعيل بن حسني
النتيف بن أمحد بن إسامعيل بن حممد بن إسامعيل األعرج ابن اإلمام جعفر الصادق
ابن اإلمام حممد الباقر ابن اإلمام زين العابدين بن احلسني بن عيل ريض اهلل عنهم،
فليتثبت من ذلك.
) (1ينظر :قرة العيون .422 :7
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 13
ثالث ًا :أرسته:
.1والده:
حج ابنه سنة مخسكان شفوق ًا عليه وحيبه حم ّبة تا ّمة ،حتى أنَّه ّملا ّ
وثالثني امتنع والده من دخول داره اجلوانية مدّ َة غيابه ،ومل ينم عىل فراش
تلك املدّ ة ،وهي أربع ُة أشهر ،بل بقي نائ ًام يف داره الربانية.
ومن حكمته :أنه ملا عرض شيخ ابنه عىل ابنه التزوج بابنته ،منعه والده
ِ
وعقوقه إن َأغضبت غصب ِ
شيخك ِ من زواجها ،وقال له :أخاف عليك من
ابنتَه يوم ًا ما ،وهذا ممَّا ال ختلو منه اجلبلة اإلنسانية غالب ًا(.)2
.2والدته:
ِ
اجلمعة إىل اجلمعة مئة تويف يف حياهتا ،وكانت صاحل ًة صابر ًة تقرأ من
ِّ
صيل َّ
كل ألف مرة سورة اإلخالص ،وهتب ثواهبا لولدها سيدي الوالد ،و ُت ِّ
والصيام ،عاشتِّ ليلة مخس أوقات قضا ًء احتياط ًا ،وكانت كثرية َّ
الصالة
بعده سنتني صابر ًة حمتسب ًة مل تفعل ما تفعله جهلة النِّساء عند فقد أوالده ّن،
الرضا بالقضاء والقدر ،وتقول :احلمد اهلل عىل مجيع ُ
حاهلا ِّ بل كان
األحوال(.)3
) (1قوله :إمامنا الكزبري ...الخ ،هكذا باألصل ،والشطر األول ناقص ما يتم به
الوزن والتاريخ فليحرر اهـ ،مصححه.
) (2ينظر :قرة العيون.423 :7
) (3ينظر :أعيان دمشق ص.45
18ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
واستجاز البن عابدين شيخه حممد شاكر من الشيخ نجيب القلعي يوم
عيد الفطر سنة 1220هـ فأجازه.
وأحرضه عند الشيخ حممد عبد الرسول اهلندي النقشبندي خليفة
الشيخ عبد اهلل الدهلوي واستجازه له فأجازه مع أخيه الشيخ عبد الغني
عابدين(.)1
املطلب الثالث :مؤلفاته وأشعاره وتالمذته:
أوالً :مؤلفاته:
« .1نسامت األسحار عىل إفاضة األنوار رشح املنار» (.)2
« .2حاشية عىل رشح املنار» للعالئي ،قال عالء الدين« :مل خيطر يل اسمها؛
ألّنا ُف ِقدت عند مفتي مرص الشيخ التميمي»(.)3
َّ
« .3العقود الآليل يف األسانيد العوايل» ،وهو ثبت ألسانيد شيخه العقاد(.)4
تم يف
« .4رشح الكايف يف العروض والقوايف» ،وكتب يف آخر هذا الرشحَّ :
سنة مخس عرشة ومائتني وألف (1215هـ) ،وكان ِسنّه سبع عرشة
سنة(.)5
ثم إ ّنه يموت املؤلف أو أستاذ الدرس ،فقال ابن عابدين :إن مل
باب اإلجارة ّ
يساعد األجل يكون كتايب هذا إمتام ًا لنواقص غريه ،وإن ساعد األجل أعود
إلكامهلا ،فلام انتهى إىل آخرها عاد من أوهلا فتويف قبل الوصول ملا بدأ به.
قال الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت نق ً
ال عن شيخه الشيخ عطا الكسم
عن الشيخ عبد الغني الغنيمي امليداين تلميذ ابن عابدينّ :
إن سبب تأليفه هلا
أن الشيخ سعيد احللبي شيخ ابن عابدين بحث مع تالميذه بحوث ًا متعددة
ّ
مشكلة ،فكان ابن عابدين يتفوق يف اإلجابة دوم ًا ،وكان من أبرز املسائل
مسألة املتحرية يف باب املستحاضة ،وأعجب الشيخ احللبي بتقريره للمسألة،
فأمره بوضع حاشيته عىل كتاب «الدر املختار» الذي كان الشيخ احللبي
يقرره.
شيخه يدعوه بني اآلونة واآلخرى ليطلع عىل وعندما بدأ بالتأليف كان ُ
الصربة ،يقول هذه العبارة كيال يغرت ابن عابدين ّ عمله ،ويقول له :هات
رس رسور ًا عظي ًام ،وال يفصح بنفسه وعلمه ،ولكنه كان عندما يقرأ ما كتب ُي َ ُّ
عام يف نفسه ويقول :اللهم افتح عليه و َيرس له(.)1
الدر ّية يف تنقيح الفتاوى احلامد ّية» ،قال الشطي(« :)2فإنَّه ّ « .8العقود
كاحلاشية مطبوع مشهور ،يرجع إليه ويعتمد عليه».
الدر املختار»(.)3احللبي عىل ّ
ّ « .9رفع األنظار عام أورده
) (1يف حلية البرش « :1230 :1وله من الرسائل يف حترير املسائل نيف وثالثون رسالة
معلومة يف ثبته فمن أرادها فلرياجعها».
) (2ينظر :حلية البرش.1232 :1
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 29
.2مدح شيخه يف مقامات كمقامات احلريري(.)1
ثالث ًا :تالميذه:
أكابر النّاس وأرشا ُفهم وأجالؤهم من
غالب َمن أخذ عنه وقرأ عليه ُ
املوايل والعلامء الكبار واملفتني واملدرسني وأصحاب التآليف واملشاهري،
وقصده النَّاس من األقطار الشاسعة للقراءة عليه واألخذ عنه ،فممن قرأ
عليه وأخذ عنه:
الصويف :السيد عبد الغني.
.1شقيقه العالمة الفاضل الفقيه ُّ
.2الشيخ أمحد أفندي أمني الفتوى بدمشق حاالً صاحب التآليف الشهرية.
عمه الشيخ صالح ابن السيد حسن عابدين.
.3ابن ابن ّ
.4صاحب الفضيلة والسامحة ،العامل العالّمة ،عمدة املوايل العظام :جايب زاده
السيد حممد أفندي قايض املدينة املنورة سابق ًا.
ومن أصحاب بايه إسالمبول احلائز للنشيان العايل املجيدي من الرتبة
الثانية من ترشفت يف حرضته بايه إسالمبول ،وافتخرت فيه عىل َمن ناهلا
أقرت به الفحول ،وبكامل علومه وقدره مع فضله زاد
بفضائله وعلمه الذي ّ
وعز النشيان العايل املجيدي من الرتبة الثانية التي افتخرت فيها
فيه ،رفعة ّ
أعاظم الرجال ،وهي فيه فاقت وتبخرتت عىل أكابر أهل الكامل ،فإنَّه أخذ
عنه سائر العلوم وبه انتفع.
.14الشي ُخ َّ
حممد أفندي املنري أحد أصحاب بايه أزمري املجردة.
الدر املختار»
.15العالمة الفاضل :الشيخ عبد القادر اخلاليص ،شارح « ّ
و«األلف ّية» البن مالك وغريمها.
املرادي ،مفتي دمشق َّ
الشام. ّ .16عمدة املوايل الكرام :عيل أفندي
.17العامل العالمة ،العمدة الفهامة ،نخبة املوايل الفخام :عبد احلليم مال قايض
الشام وقايض عسكر أنا طويل.
.18الشيخ حسن بن خالد بك.
.19الشيخ حممد تلو.
.20الشيخ حميي الدين اليايف.
القراء يف زمنه.
املرصي ،شيخ ّ
ّ املحالوي
ّ .21الشيخ أمحد
املرصي.
ّ .22الشيخ عبد الرمحن اجلمل
املرصي.
ّ .23الشيخ أيوب
البغدادي أحد مشاهري علامء بغداد وأفاضلها.
ّ .24الشيخ املال عبد الرزاق
.25الشيخ مصلح قايض جنني.
.26الشيخ أمحد البزري قايض صيدا.
32ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
و َأ َخ َذ طريق َّ
السادة القادرية ،عن شيخه املذكور ذي الفضل واملزية،
حتى أخرب عنه َمن يوثق بصالحه ودينه ممَّن صحبه يف سفره من تالمذتهِّ :إين
وجدت عليه شيئ ًا ُيشي ُنه يف دنياه وال يف دينه.
ُ ما
والسامت ،ما سمعته يف سفري معه يف طريق وكان حسن األخالق ِّ
ِ
وخدمه ،أو أحد ًا من النَّاس ِ
رفقائه ٍ
بكلمة أغاظ هبا أحد ًا من احلج تك َّلم
ّ
وكان كثري التصدُّ ق عىل ذوي اهليئات من الفقراء الذين ال يسألون النَّاس
إحلاف ًا.
وكان غيور ًا عىل أهل العلم والرشف ،نارص ًا هلم ،دافع ًا عنهم ما استطاع.
وكان مهاب ًا مطاع ًا ،نافذ الكلمة عند احلُكّام وأعيان النّاس ،يأكل من مال
جتارته بمبارشة رشيكه مدّ ة حياته.
وكان رمحه اهلل تعاىل ورع ًا َد ّين ًا عفيف ًا ،حتى أنَّه ُعرض عليه مخسون كيس ًا من
ّ
ألجل فتوى عىل قول مرجوح فر َّدها ومل يقبل ،وقد امتنع عن رشاء الدَّ راهم
العقارات املوقوفة التي عليها كدك أو حماكرة أو قيمة أو باإلجارتني.
وكان وقف جدِّ ه ألم أبيه مرشوط ًا نظره لألرشد من ذر ّية الواقف ،فامتنع من
توليتِه وس َّلمه ألخيه.
ومل يتفق له َقبول هدية من ذي حاجة أو مصلحة.
وكان رمحه اهلل تعاىل طويل القامةَ ،ش ْثن ـ أي غليظ ـ األعضاء واألنامل،
أبيض اللون ،أسود َّ
الشعر ،فيه قليل الشيب لو عدّ شي ُبه لعدّ ،مقرون
احلاجبني ،ذا هيبة ووقار ،وهيئة مستحسنة ونضار ،مجيل الصورة ،حسن
الرسيرة ،يتألأل وجهه نور ًا ،حسن البرش والصحبةَ ،من اجتمع به ال َيكاد
ينساه لطالوة كالمه ،ولني جانبه ومتام تواضعه عىل الوجه املرشوع.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 35
مشتمل عىل اآلداب وحس ُن ٌ وجملسه
ُ كثري الفوائد َملن صاحبه واملفاكهة،
ُ
املنطق واإلكرام للواردين عليه من أهلِ ِه وحم ّبيه وتالمذتِ ِه ومصاحبيهُّ ،
كل َمن
ولده.أعز عنده من ِ جالسه يقول يف نفسه :أنا ُّ
ِ
والغيبة والتك ُّلم بام ال يعني ،ال ختلو أوقاته من ِ
الفحش ٌ
حمفوظ من جملسه
ُ
الكتابة واإلفادة واملراجعة للمسائل.
صادق اللهجة ذا فراسة إيامن ّية ،وحكمة لقامن ّية ،متني الدِّ ين ،ال تأخذه يف اهلل
لومة الئم ،صدّ اع ًا ِّ
باحلق ولو عند احلاكم اجلائر ،هتا ُبه احلُكّام والقضاة وأهل
السياسة.
ِّ
ناموس عظيم ،ال يتجارس
ٌ وللرشع هبا
َّ كانت دمشق يف زمنه أعدل البالد،
رشعي ،وال يف غالب البالد حق بغري وجه أحدٌ عىل ظلم ٍ
أحد وال عىل إثبات ٍّ
ٍّ
القريبة منها ،فإنَّه كان إذا ُحكم عىل أحد بغري وجه رشعي جاءه املحكوم
عليه بصورة حجة القايض ،فيفتية ببطالنه ويراجع القايض فينفذ فتواه.
َّ
وقل أن تقع واقع ٌة مهم ٌة أو مشكل ٌة مدهلم ٌة يف سائر البالد أو بقي ُة املدن
اإلسالمية أو قراها إال و ُيستفتى فيها مع كثرة العلامء األكابر واملفتني يف ِّ
كل
مدينة.
وكانت أعراب البوادي إذا وصلت إليهم فتواه ال خيتلفون فيها مع جهلهم
بالرشيعة املطهرة.
36ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
وكانت كلم ُته نافذ ٌة وشفاع ُته مقبول ٌة وكتاباته ميمونة ،ما كتب ألحد شيئ ًا إال
وقوة يقينه ،وشدّ ة دينه ،وصالبتة ِ
وانتفع به؛ لصدق ن ّيته وحسن رسيرتهّ ،
فيه.
ِ
والكتابة عليها ،فال يدع شيئ ًا من ِ
بتصحيح الكتب وكان رمحه اهلل تعاىل مغرم ًا
ٍ
فائدة إال ويكت ُبه عىل اهلامش، تتمة ٍ اعرتاض أو ٍ
ٍ ٍ
جواب أو ّ تنبيه أو قيد أو
ويكتب املطالب أيض ًا.
وكانت عنده كتب من ِ
سائر العلوم مل جيمع عىل منواهلا.
بخط يده ،ومل يدع كتاب ًا منها إال وعليه كتابته.
وكان كثري منها ِّ
بب يف مجعه هلذه الكتب العديمة النَّظري والده ،فإنَّه كان يشرتي له
الس ُ
وكان َّ
َّ
كل كتاب أراده ويقول له :اشرت ما بدا لك من الكتب وأنا أدفع لك الثمن،
فإنَّك أحييت ما أمته أنا من سرية سلفي ،فجزاك اهلل تعاىل خري ًا يا ولدي،
وأعطاه كتب أسالفه املوجودة عنده من أثرهم املوقوفة عىل ذرارهيم،
وعندي بعض منها ،وهلل تعاىل احلمد.
يمر عىل موضع منها فيه ِ
إصالح الكتب ،ال ّ وكان رمحه اهلل تعاىل حريص ًا عىل
ٌ
غلط إال أصلحه ،وكتب عليه ما ُيناسبه.
اخلط حسن القشطَّ ،
قل أن ُيرى َمن يكتب مثله عىل الفتاوى، ّ وكان حسن
ّ
اخلط ،وتناسق األسطر وتناسبها، وعىل هوامش الكتب يف اجلودة وحسن
وال يكتب عىل سؤال رفع إليه إال أن يغريه غالب ًا.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 37
بحاث ًا ما باحثه أحد إال
وكان رمحه اهلل تعاىل فقيه النَّفس ،انفرد به يف زمنهّ ،
وظهر عليه ،وقد حكى تلميذه صاحب الفضلية العالمة حممد أفندي جايب
زاده ،قايض املدينة املنورةَّ :
إن شيخ اإلسالم عارف عصمت بك ـ مفتي
كنت أؤمل أن تطلب يل اإلجازة
السلطنه بدار اخلالفة العلية ـ ،قال لهّ :إين ُ
ربك.
من شيخك للت ّ
وكان تلميذه العالمة الشيخ حممد أفندي احللواين ـ مفتي بريوت ـ
يقول يل :ما سمعت مثل تقرير سيدي والدك يف درسه ،حتى ّإين كثري ًا ما
والرشوح والكتابات أجتهد يف مطالعة الدرس ،و ُأطالع عليه سائر احلوايش ُّ
عىل الدَّ رس ،و َأظ ُّن من نفيس ّأين فهمت سائر اإلشكاالت وأجوبتها ،وحني
يقرر شيخنا الدرس ويتك َّلم عىل مجيع ما طالعته مع التَّوضيح
أحرض الدرس ِّ
فكر ٍ
أحد والتَّفهيم ،ويزيدنا فوائد ما سمعنا هبا وال رأيناها ،ومل خيطر عىل ِ
ذكرها.
بار ًا بوالديه.
وكان رمحه اهلل تعاىل ّ
ومات والده يف حياته سنة سبع وثالثني بعد املئتني واأللف
تيرس من القرآن العظيم، ٍ (1237هـ) ،وصار يقرأ ّ
كل ليلة عند النوم ما ّ
وهيديه ثوابه مع ما تقبل له من األعامل ،حتى رأى والده يف النوم بعد شهر
من وفاته ،وقال له :جزاك اهلل تعاىل خري ًا يا والدي عىل هذه اخلريات التي
هتدهيا إيل يف ّ
كل ليلة.
38ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
السيد شاكر العقاد ،املطبوع يف دمشق سنة 1302ه ،وفيه ص :255طبع الرسائل أبو
املرتجم من اآلثار املفيدة».
َ لعمه اخلري أفندي ،الذي مل ُ
يأل جهد ًا يف نرش ما ِّ
) (1ينظر :قرة العيون.224 :7
) (2ينظر :قرة العيون.224 :7
40ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ﱁﱂﱃﱄ
عمنا باإلنعام واللطف ،و َأمرنا بالتيسري ال بالتشديد احلمد هلل الذي ّ
رش ِع األحكام( ،)1ا ُمل َّنزل عليه{ :خ ِذ ا ْلع ْفو
والسالم عىل ُم َ ِّ
والصالة َّ
َّ والعنف،
املبني لترشيع األحكام؛ إذ ال حق يف الترشيع إال هلل وحده ,كام يف قوله { :إِ ِن ( )1أي ّ
اص ِل َ احل َّق و ُهو َخري ا ْل َف ِ
ني}[األنعام ،]57:فليس ألحد ـ كائن ًا من ص َْ َ َ ْ ُ احلُك ُْم إِ َّال هللَِّ َي ُق ُّ ْ
ألن هذا افرتاء عىل كان ـ أن يرشع حك ًام ،سواء ما يتّصل بحقوق اهلل أو حقوق العباد؛ ّ
اللف َأ ْل ِسنَ ُت ُك ُم ا ْلك َِذ َب َه َذا َح ٌ اهلل ،وسلب ملا اختص به نفسهَ { :وال َت ُقو ُلوا ملَ ِا ت َِص ُ
ون َع َىل اهللَِّ ا ْلك َِذ َب ال رت َ ِ ِ
رتوا َع َىل اهللَِّ ا ْلكَذ َب إِ َّن ا َّلذي َن َي ْف َ ُ
ِ
َو َه َذا َح َرا ٌم ل َت ْف َ ُ
حق الترشيع وإنام ون}[يونس ،]69:ورسول اهلل ـ مع علو مكانته ـ ليس له ّ ُي ْفلِ ُح َ
ول َب ِّل ْغ َما ُأن ِْز َل إِ َل ْي َك ِم ْنالر ُس ُحق البيان ,وعليه واجب التبليغ ،قال َ { :يا َأ ُّ َهيا َّ له ُّ
ِ
َاب َر ِّب َك َوإِ ْن َمل ْ َت ْف َع ْل َف َام َب َّل ْغ َت ِر َسا َل َت ُه}[املائدة ،]67:وقالَ { :و َما َأن َْز ْلنَا َع َل ْي َك ا ْلكت َ
ون}[األعراف ،]203:وقال مح ًة ل ِ َق ْو ٍم ُي ْؤ ِمنُ َ دى َو َر ْ َ ِ ِ
اخ َت َل ُفوا فيه َو ُه ً ني َهل ُ ُم ا َّل ِذي ْ إِ َّال ل ِ ُت َب ِّ َ
ون}[النحل،]44: اس َما ُن ِّز َل إِ َل ْي ِه ْم َو َل َع َّل ُه ْم َي َت َفك َُّر َني لِلنَّ ِ الذك َْر ل ِ ُت َب ِّ َ
َ {:و َأن َْز ْلنَا إِ َل ْي َك ِّ
وهذا ما أمجع عليه املسلمون قاطبة ،بل أمجعت عليه الرشائع الساموية كلها ,ومل يشذ عن
ذلك إال الذين رفضوا االنصياع إىل رشائع اهلل مجلة وتفصيالً ،كام يف املوسوعة الفقهية
الكويتية ،18-17 :1ويؤيده ذلك ما قاله ابن عابدين يف رد املحتار :459 :6وقد
املرشع يف حتريم اخلمر أم اخلبائث حتى نزل عليه النص توقف النبي مع أنه هو ِّ
املبني حلرمة اخلمر قبل بيان القرآن ،وذلك بطريق السنة. القطعي ،انتهى :أي ِّ
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 47
و ْأمر بِا ْلعر ِ
ف }[األعراف ،]199:وعىل آله وأصحابه املوصوفني باتباعه ْ ْ
بأكمل وصف.
أما بعد:
حممد عابدين ـ عفا عنه رب العاملني ـ:
فيقول الفقري ّ
ََّملا رشحت ُأرجوزيت التي سميتها« :عقود رسم املفتي» ،ووصلت يف
رشحها إىل قويل:
لذا عليه احلكم قد يدار والعرف يف الرشع له اعتبار
ُ
يرسه الكريم الفتّاح ،واسرتسل القلم يف جريه ألجل َت َك َّل ْم ُت عليه بام ّ
اإليضاح ،فام شعر إال وفجر الليل قد الح ،وقد َب ِقي يف َّ
الزوايا خبايا حتتاج إىل
الرشح عن املعهود ،فاقترصت فيه أن استيفا َء املقصود ُخي ِْر ُج َّ
اإلفصاح ،فرأيت ّ
برسالة مستق ّل ٍة
ٍ ٍ
يسرية من البيان ،و َأردت أن ُأ ْف ِر َد الكالم عىل البيت عىل ٍ
نبذة
ُتظهر املقصود إىل العيان؛ ألين مل َأر َمن َأعطى هذا املقام َح َّقه ،وال َمن َب َذ َل له
ِ
البيان ُم ْستَح َّقه. من
الرسالة:
وسميت هذه ِّ
ُ
«نش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف»
فأقول :ومنه سبحانه َأسأل أن حيفظني من اخلطأ َّ
والزلل ،وأن يرزقني
حس َن النِّ ّي ِة وبلو َغ األمنية.
48ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 49
مقدمة
يف بيان معنى العرف
ودليل العمل به
اهلندي( )2يف «رشح املغني»( :)3العادة :عبارة
ُّ قال يف «األشباه»( :)1وذكر
( )1إلبراهيم بن حممد ابن ُن َج ْيم امل ِ ْرص ّي ،زين العابدين ،من مؤلفاته«:البحر الرائق
رشح كنز الدقائق» ،و«الرسائل الزينية» ،و«األشباه والنظائر» ،و«وفتح الغفار رشح
املنار» ،و«الفتاوي» ،و«لب األصول» اخترص فيه «التحرير» ،قال اإلمام اللكنوي
عن مؤلفاته :ك ُّلها حسن ٌة جد ًا970-926( ،هـ) ،كام يف التعليقات السنية ص-221
،222والكشف.1515 :2 ،385 :1
اهلن ِْد ِّي ،رساج الدِّ ين ،نسبة إىل َغ ْزنة ،قال الكفوي:
( )2وهو عمر بن إسحاق ال َغ ْزن َِوي ِ
ّ
كان إمام ًا عالمة نظار ًا فارس ًا يف البحث مفرط الذكاء عديم النَّظري ،ومن مؤلفاته:
«رشح الزيادات» ،و«التوشيح رشح اهلداية» ،و«الشامل» ،و«زبدة اآلكام يف
اختالف األئمة األعالم» ،و«رشح البديع» ،و«رشح املغني»( ،ت773هـ) ،كام يف
تاج الرتاجم ص ،224-223والكشف ،2035-2034 :2والفوائد ص.241
حلن َِف ّي ،أبو ِ (« )3املغني يف أصول الفقه» لعمر بن حممد بن عمر اخلَ َّب ِ
از ّي اخلُ َجنْد ّي ا َ
بلد يقال له ُخ َجنْدَ ة ،من مؤلفاته: حممد ،جالل الدين ،أصله من بالد ما وراء النهر من ٍ
حواش عىل اهلداية»( ،ت691هـ) ،كام يف تاج الرتاجم ص ،220وطبقات ابن ٍ «
50ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ٍ
واحد من حيث املاصدق ،وإن اختلفا من والعرف( )3بمعنى
ُ فالعاد ُة
حيث املفهوم.
يتقرر بالنفوس ويكون مقبوالً عند ذوي الطباع ( )1تعريف العادة :هي األمر الذي ّ
أن لفظ َة العادة يفهم منها تكرر الّشء ومعاودته السليمة بتكراره املرة بعد املرة عىل ّ
مرة أو مرتني ,ومل يعتده الناس ,فال يعد عادة وال يبنى عليه
بخالف األمر اجلاري صدفة ّ
حكم ،والعرف بمعنى العادة أيض ًا ،كام يف درر احلكام مادة.36
( )2صارت حقيقة عرفية باصطالح املجتمع أو الرشع أو أهل فن خاص ،وال يرجع
هذا للمعاودة التي تكون يف العادات احلسنة كام يف تعريف العادة السابق ،فهناك فرق
بني العادة يف السلوك الفردي الذي تتلقاه الطباع السليمة وبني االصطالح العريف،
وهذا اجلمع من ابن عابدين بينها يف تكلف ظاهر ،واهلل أعلم.
( )3يطلق العرف عىل ما اعتاده الناس من فعل شاع بينهم ،أو لفظ تعارفوا إطالقه عىل
معنى خاص إذا ذكر انرصف الذهن إليه ال إىل غريه.
مرة بعد أخرى ،كام يف
والعادة :هي ما استمروا عليه عند حكم العقول ،وعادوا له ّ
الكليات ص.617
ويطلق الفقها ُء عىل العرف أحيان ًا لفظ :العادة ،كام يف كشاف مصطلحات الفنون :2
،1179وسبب جعلهام مرتادفني أن معاودة الّشء جتعله معروف ًا يف نفوس الناس،
كل عرف عادة وال أعم من العرف ،فيقالُّ :
وهو املختار ،وهناك َمن يرى أن العاد َة ُّ
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 53
وقويل:
ٌّ عميل
ٌّ ثم العرف
ِ
فاألول :كتعارف قو ٍم أكل ُ ّ
الرب وحلم الضأن. ّ
والثاين :كتعارفِهم إطالق لفظ ملعنى بحيث ال يتبادر عند سامعه غريه.
ص للعا ِّم اتفاق ًا كالدراهم ُ
تطلق و ُيراد هبا النقد الغالب يف خمص ٌ
والثاين ِّ
البلدة(.)1
ص أيض ًا عند احلنفية دون َّ
الشافع ّية ،فإذا قال :اشرت يل واألو ُل ُخم ِّص ٌ
َّ
ال بالعرف العميل ،كام َأفاده يف ِ
الضأن عم ً طعام ًا أو حل ًام انرصف إىل ُ ِّ
الرب وحل ِم
«التحرير»(.)2
استدل عىل اعتبار العرف بقوله { :خ ِذ ا ْلع ْفو
ّ بعض العلامء
أن َ واعلم ّ
و ْأمر بِا ْلعر ِ
ف} (.)3 ْ ْ
أعم ،كام يف العرف والعادة ص17ـ.18 وبعضهم جيعل العرف ّ ُ عكس،
اجل ِ
اهلِ َ ِ ِ
ني} ،معناه: والعرف يف قوله ُ { :خذ ا ْل َع ْف َو َو ْأ ُم ْر بِا ْل ُع ْرف َو َأ ْع ِر ْض َع ِن ْ َ
لكل فعل يعرف بالعقل أو الرشع حسنه، املعروف من اإلحسان ،واملعروف اسم ّ
ون بِا َْملعر ِ
وف َو َين َْه ْو َن َع ِن ا ْملُنْك َِر} ،كام يف املفردات واملنكر ما ينكر هبام ،قال َ { :ي ْأ ُم ُر َ ْ ُ
ص.343
( )1ويمكن أن نعترب هذا مثال للعرف العميل أيض ًا ،حاله كاللحم بالنسبة للضأن
والطعام بالنسبة للرب ،واألوىل أن نعترب مثال العرف القويل :إطالق لفظ احلرام عىل
الطالق يف بعض البالد ،فهو يرجع للفظ ال للعمل ،واهلل أعلم.
( )2من التحرير مع رشح التقرير.282 :1
( )3قال الكوثري يف نظر املرء إىل رشع اهلل معيار دينه ص :333وليس العرف يف قوله
54ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
اجل ِ
اهلِ َ ِ ِ
ني} بمعنى العادة اجلارية هنا وهناك، ُ { :خذ ا ْل َع ْف َو َو ْأ ُم ْر بِا ْل ُع ْرف َو َأ ْع ِر ْض َع ِن ْ َ
بل هو احلكم املعروف الذي ال ينكره الرشع وال يستقبحه ،بل يراعيه ويستحسنه
الشخص ّي ِة ِ
املعاملة َّ العقل ،يويص اهلل سبحانه يف اآلية املذكورة بالتَّسامح مع النَّاس يف
معهم ،واملجاهرة بحكم اهلل تعاىل يف غري هوادة ،وترك االلتفات إىل من حياول إيصال
األذى يف هذا السبيل.
فرس بالرأي بدون مدرك ال يف الرواية وال يف الدراية، فمن َف َّ َ
رس العرف هنا بالعادة :فقد َّ َ َ
العرف بمعنى العادة بعد زمن الوحي ،كام ال جيهل ذلك َأهل العلم بأطوار ُ وإنام ُع ِّرف
اللغة ،فال يتصور حل الربا وال املتعة وال حرمة تعدد الزوجات ،وال إباحة اخلمر ـ إذا
سميت شاي ًا بارد ًا ـ وال استساغة السفور والتربج....
( )1يف مسند أمحد ،379 :1ومستدرك احلاكم ،83 :3واملعجم الكبري ،112 :9
ومسند أيب داود ال َّط َيالِيس ص ،33موقوف ًا عىل ابن مسعود .
( )2وهو خليل بن كيكلدي بن عبد اهلل العالئي الدمشقي الشافعي ،صالح الدين ،أبو
سعيد ،من مؤلفاته« :األشباه والنظائر» ،و«تفصيل اإلمجال يف تعارض التيسري يف
عنوان التفسري» ،و«املجموع املذهب يف قواعد املذهب»761-694( ،هـ) .ينظر:
الدرر الكامنة .92-90 :2معجم املؤلفني.689-688 :1
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 55
اعتبار العادة والعرف ُر ِجع إليه يف مسائل كثرية حتى جعلوا
َ واعلم ّ
أن
ذلك أصالً ،فقالوا يف األصول يف باب ما ترتك به احلقيقة :ترتك احلقيقة بداللة
فخر اإلسالم ،انتهى كالم «األشباه»(.)1
االستعامل والعادة ،هكذا ذكر ُ
رش ِع الثابت بالعرف ٌ
ثابت بدليل ويف «رشح األشباه» للبريي قال :يف املُ َ َّ
بالنص» ،انتهى(.)3 ِ
بالعرف كال َّثابت رشعي( ،)2ويف «املبسوط»« :ال َّث ُ
ابت
ّ
فصل
ِ
املذهب ِ
ظاهر قال يف «ال ُقنية»( :)1ليس للمفتي وال للقايض أن َ ْ
حي ُكام عىل
البريي يف
ُّ الروايات»( ،)2كام ذكره
ويرتكا العرف( ،)1ونقل املسألة عنه يف «خزانة ِّ
«رشح األشباه».
ِ بحسب ال َّظ ِ
ِ
الرواية إذا كانت يف كتب اهر ُم ْشك َل ٌة فقد َ َّ
رصحوا بأن ِّ وهي
غريها ،كام َأ ْو َض ْح ُت ذلك
الرواية ال ُي ْعدَ ُل عنها إالّ إذا َص َّحح املشايخ َ
ظاهر ِّ
الرواية. ِ
يف «رشح األرجوزة» ،فكيف ُيعمل بال ُعرف املخالف لظاهر ِّ
َّص من الكتاب ِ
رصيح الن ِّ الرواية قد يكون مبني ًا عىل
ظاهر ِّ
َ وأيض ًاّ :
فإن
َّص()2؛ ّ
ألن العرف قد السنّة أو اإلمجاع( ،)1وال اعتبار للعرف املخالف للن ّ
أو ُّ
( )1وهذا فيام يتعلق بغري أبواب العبادات؛ ألن تأثري العرف فيها يكاد أن يكون
معدوم ًا ،بخالف سائر األبواب األخرى فإن جزء ًا من تطبيق علة املسألة ّ
مبني عىل فهم
الواقع وحقيقته ،فام مل يتسن لنا معرفته ومراعاته ،لن يكون التطبيق للفتوى والقضاء
الرواية بني عىل ال ُعرف يف زمن املجتهد املطلق أيب حنيفة صحيح ًا؛ ألن ظاهر ّ
وأصحابه ،فكان مالحظ ًا للواقع ،وتطبيق املسالة يف زماننا حيتاج إىل ذلك ،حتى نكون
املطلق يف زماننا بامذا
ُ فنتصور لو كان املجتهدُ
ّ عاملني باملذهب وبقول أيب حنيفة حقيقة،
كان سيفتي ويقيض ،فنفتي ونقيض بذلك.
الساكن بقصبة كن من الكجرات ،من ِ ِ
حلنَفي ،القايضَّ ، ( )2جلكن الكجرايت اهلنْد ّي ا َ
الروايات،
الر َوا َيات» ،ذكر فيه أنَّه أفنى عمره يف مجع املسائل وغريب ِّ
مؤلفاته« :خزانة ِّ
تويف يف حدود (920هـ) .قال ال َّل ْكن ّ
َوي :إنَّه من الكتب غري املعتربة اململوءة من
الرطب واليابس ،مع ما فيها من األحاديث املخرتعة ،واألَخبار املختلفة ،ونسب هذا َّ
الكالم إىل ِ
ابن عابدين يف «تنقيح الفتاوى احلامدية» ،كام يف الكشف ،702:1والنافع
الكبري ص ،30-29ونزهة اخلواطر.82 :4
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 59
النص(.........................................)1 ِ
يكون عىل باطل بخالف ّ
العادة ،فكانت هي املنظور إليها ،وقد تبدلت ،فعىل هذا لو باع احلنطة بجنسها متساويا
وزن ًا ،أو الذهب بجنسه متامث ً
ال كي ً
ال ال جيوز عندمها» أي أيب حنيفة وحممد.
وتوصيح ذلك أن أن النصوص يف نظر املجتهد عىل نوعني :معللة وغري معللة :أي
مقصودة بذاهتا ،وحتديد راجع لنظر املجتهد ،ففي نص األصناف الستة الربوية
النص يف هذه األصناف الستة
اختلفت األنظار عند أصحابنا ،فأبو حنيفة وحممد جعال ّ
مقصود بذاته وغري معلل ويف غريها من األصناف معلل ،وأما أبو يوسف فجعل
النص معل ً
ال يف األصناف الستة وغريها. ّ
النص أقوى من العرف» ،خاص هبذه َّ فيكون معنى قول صاحب «اهلداية»ّ « :
ألن
نص غري معلل ،وبالتايل ال يلتفت فيها إىل
املسألة وأمثاهلا من املسائل التي بنيت عىل ّ
والنص هو احلاكم فيها ،وهو أقوى من العرف؛ ألّنا مل تبن عىل العرف حتى
ّ العرف،
يلتفت فيها ،وهذا كله راجع لنظر املجتهد ،بخالف غريه من املجتهدين الذي نظروا يف
مفرس ًا وموضح ًا
نفس املسألة ورأوا أّنا معللة فإّنم يراعون العرف فيها ،وجيعلونه ّ
النص ،كام ذكر صاحب «اهلداية» يف تعليل قول أيب يوسف« :أنه
للعلة املوجودة يف ّ
النص عىل ذلك ملكان العادة،
ّ يعترب العرف عىل خالف املنصوص عليه أيض ًا؛ ّ
ألن
فكانت هي املنظور إليها ،وقد تبدلت» ،فجعل نظر أيب يوسف إىل النص ّ
معلل ،وقد
تبدلت العلة كام أخربنا العرف.
( )1علق ابن اهلامم يف فتح القدير 15 :7عىل كالم صاحب «اهلداية»« :ألن النص
أقوى من العرف» ،فقال« :ألن العرف جاز أن يكون عىل باطل كتعارف أهل زماننا يف
والنص بعد ثبوته ال حيتمل أن يكون
ُّ إخراج الشموع والرسج إىل املقابر ليايل العيد،
حجة عىل
والنص ّ
ُّ ّ
وألن حجية العرف عىل الذين تعارفوه والتزموه فقط، عىل باطل،
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 61
صحة العرف عند أهل خوازرم ببيع احلنطة وزن ًا يكون عىل
فام نقله اب ُن اهلامم من عدم ّ
وحممد ،وأما عىل قول أيب يوسف فيكون جائز ًا ،وهو األوىل باإلفتاء؛ ملا
قول أيب حنيفة ّ
فيه من رفع احلرج عن الناس.
ِ
ايس األصل الس َكنْدَ ِر ّي ِّ
الس َيو ّ ( )1وهو حممد بن عبد الواحد بن عبد احلميد بن مسعود َّ
حلن َِفي ،نسبة إىل سيواس الشهري بابن اهلامم السكندري السيوايس ،كامل ِ
ال َقاه ّ
ري ا َ
الدين ،من مؤلفاته« :فتح القدير عىل اهلداية» ،و«حترير األصول» ،و«املسايرة يف
العقائد» ،و«زاد الفقري» ،قال اللكنوي :كلها مشتملة عىل فوائد قلام توجد يف غريه ّا،
وقد سلك يف أثر تَصانيفه ،ال سيام «فتح القدير» مسلك اإلنصاف متجنب ًا عن التعصب
املذهبي واالعتساف ،إال ما شاء اهلل 861-790( ،هـ) ،كام يف الضوء الالمع،127 :6
والفوائد ص ،298-296والكشف.358 :1
اري احلَنَفي ،ظهري الدين ،ومن مؤ َّلفاته:
( )2ملحمد بن أمحد بن عمر املحتسب ال ُب َخ ّ
«الفتاوي الظهريية» ،و«الفوائد الظهريية» ،قال اللكنوي :طالعت «الفتاوي
الظهريية» فوجدته كتاب ًا متضمن ًا للفوائد الكثرية( ،ت .)619كام يف الفوائد ص،257
والكشف.1226 :2
اري ،أبو بكر ال َف ْض ِ ّيل ،قال الكفوي :كان إمام ًا
ري ال ُب َخ ّ
( )3وهو حممد بن الفضل الك ََام ّ
كبري ًا وشيخ ًا جليالً ،معتمد ًا يف الرواية مقلد ًا يف الدراية رحل إليه أئمة البالد ،ومشاهري
أطلق :ال َف ْضيل؛
كتب الفتاوى مشحونة بفتاواه ورواياته .وأفاد ابن أمري حاج أنه حيث َ
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 63
أن العان َة ليست بعورة؛ لتعامل ّ
العامل يف اإلبداء عن ذلك الشعر مع(َّ )1
نبات َّ
ِ ِ
ضعيف
ٌ ٍ
حرج ،وهذا املوضع عند االتزار ،ويف النَّزع عن العادة ال َّظاهرة ُ
نوع
النص ال ُيعترب( ،)2انتهى بلفظه ،اهـ(.)3 َ
التعامل بخالف ِّ وبعيدٌ ؛ ّ
ألن
ويف «األشباه» أيض ًا( :الفائدة الثالثة) :املش ّقة واحلرج إنّام ُيعتربان يف
وحممد نص فيه ،و َأ ّما مع الن ِّ
ّص بخالفه فال؛ ولذا قال أبو حنيفة ّ موض ٍع ال ّ
بحرمة رعي حشيش احلرم وقطعه إالّ اإلذخرَ ،
وج َّوز أبو يوسف رع َيه
نص
احلرج إنّام يعترب يف موضع ال ّ
َ ور ّد عليه بام ذكرناه :أي من ّ
أن ِ
للحرجُ ،
يف كتبنا فاملرا ُد هو( ،ت371هـ) .كام يف اجلواهر ،302-300 :3وطبقات ابن احلنائي
ص ،62والفوائد ص ،304-303ومقدمة العمدة.16 :1
( )1يف املطبوعة :من.
نص الفقهاء وترصحيهم بكوّنا عورة يمنع اعتبار العرف يف كوّنا ليست
( )2أي أن ّ
بعورة ،فام كان منصوص ًا أقوى من العرف يف االعتبار؛ ألنه مستند ألحاديث عديدة
وردت عن النبي ،يف بيان العورة ،قال رسول اهلل « :ما بني الرسة إىل الركبة عورة»
يف املستدرك ،657 :3واملعجم الصغري ،205 :2قال اهليثمي يف جممع الزوائد :53 :2
فيه أرصم ابن حوشب وهو ضعيف .وعن أيب سعيد اخلدري ،قال « :عورة
املؤمن ما بني رسته وركبته» ،قال ابن امللقن يف خالصة البدر املنري ،153 :1وابن
حجر يف اخلالصة :153 :1رواه احلارث ابن أيب أسامة بإسناد ضعيف.
( )3انتهى من األشباه .297 :1
64ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
( )1ومسألة رعي حشيش احلرم وقطعه ورد فيه النص من الشارع احلكيم باملنع ،قال
خي َت َىل خالها ،فقال العباس :يا رسول اهلل إال اإل ْذخر ،فإنه لقينهم ولبيوهتم،
« :وال ُ ْ
فقال :إال اإل ْذخر» يف صحيح مسلم ،982 :2وصحيح البخاري ،575 :2وغريها،
يعني وال يقطع وال يقلع ،واخلال :هو النبات الرطب الرقيق ،بخالف ما يزرع الناس
فليس بحرام .ينظر :احلج والعمرة ص ،50وغريها.
( )2يف تبيني احلقائق.70 :2
( )3فعن ابن مسعود ،قال« :خرج النبي حلاجته فقال :التمس يل ثالثة أحجار،
قال :فأتيته بحجرين وروثة فأخذ احلجرين وألقى الروثة ،وقال :إّنا ركس» يف سنن
الرتمذي ،25 :1وسنن النسائي ،219 :4واملجتبى 39 :1
( )4من تبيني احلقائق.74 :1
نص املذهب
ألن ّ ونص املذهب ُّ
حمل نظر؛ ّ ( )5تفريق ابن عابدين بني الدليل الرشعي ّ
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 65
الباب األول
إذا خالف العرف
الدليل الشعي
ِ
كتعارف َّص فال َش ّك يف ر ِّده: ٍ فإن خال َفه من ِّ
كل وجه بأن لزم منه ترك الن ّ
الربا ورشب اخلمر ولبس احلرير َّ
والذهب النّاس كثري ًا من املحرمات من ِّ
حتريمه ن َّص ًا.
ُ وغري ذلك ممَّا َو َر َد
كل ٍ
وجه: وإن مل خيالفه من ِّ
ِ
أفراده. ِ
بعض والعرف خالفه يف
ُ ُ
الدليل عا ّم ًا، .1بأن َو َر َد
الرشعُّ ،
وكل عمل فقهاء املذهب هو البيان هو عبار ٌة عن تفسري وتوضيح لدليل َّ
والتوضيح ملقصود الشارع؛ ّ
ألن املذاهب الفقهية هي علوم هلا قواعد راسخة ُوجدت
لتفسري كالم الرشع يف اجلانب العميل ،فالفصل بينهام غري معترب؛ ألنه يعتمد الدليل
والنص من املذهب
ُّ ُ
الدليل من الرشع الرشعي بفهم املذهب له وتوضيحه ملراده ،فكان
شيئ ًا واحد ًا يف إظهار مقصود الشارع احلكيم ،فال جيوز لنا أن نفصل بينهام ،حتى ال نقع
نص الفقهاء يكون
الرشعي ،ولكي نستبعد أي توهم بأن ّ يف فهم مغلوط للدليل ّ
منفص ً
ال عن الدليل الرشعي؛ ألنه بيانه ملقصود الشارع ال غري.
66ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
العرف
َ رب إن كان عا ّم ًا ،فإن
العرف معت ٌ َ ُ
الدليل قياس ًا ،فإن .2أو كان
رت ُك به القياس كام ّ
رصحوا به العام يصلح خمصص ًا ،كام َم ّر عن «التَّحرير» ،و ُي ْ َ
السقا.
والرشب من ّ
يف مسألة :االستصناع ،ودخول احلاممُّ ،
املذهب ،كام ذكره يف
ُ خاص ًا ،فإنّه ال يعترب ،وهوّ العرف
ُ وإن كان
اخلاص ،ولكن
ّ املذهب عد ُم اعتبار العرف
َ أن ُ
فاحلاصل ّ «األشباه» حيث قال:
َأ ْفتَى ٌ
كثري من املشايخ باعتباره( ،)1اهـ(.)2
الربهانية»( )3يف (الفصل الثامن من اإلجارات) :فيام ِ وقال يف « َّ
الذخرية ُ
ينسجه بال ُّث ُلث ،قال :ومشايخ بلخ كنصري بن
َ لو َد َف َع إىل حائك غزالً عىل أن
َّص يف ِ َ نظريه ،فيكون وارد ًا فيه داللة ،فمتى تركنا َ
العمل بداللة هذا الن ّ احلائك ُ
ِ
قفيز ال َّطحان كان ختصيص ًا ال ترك ًا أصالً، بالنص يف ِ
احلائك وعملنا
ِّ
وختصيص النَّص بالتَّعامل جائز(.)1
ُ
( )1فعن حكيم بن حزام قال« :قلت :يا رسول اهلل يأتيني الرجل يسألني البيع
ليس عندي أبيعه منه ثم أتكلفه له من السوق ،قال :ال تبع ما ليس عندك» يف سنن أيب
داود ،283 :3واملجتبى ،289 :7وسنن البيهقي الكبري ،317 :5وعن عبد اهلل بن
عمرو « :قال :ال حيل سلف وبيع ،وال رشطان يف بيع ،وال ربح ما مل يضمن ،وال
بيع ما ليس عندك» يف سنن الرتمذي ،535 :3وقال :حسن صحيح ،وصحيح ابن
حبان ،161 :10واملستدرك ،21 :2وسنن أيب داود ،283 :3وسنن النسائي الكربى
.39 :4
( )2هذا التعامل كان من عرص النبي ،حيث منع من بيع ما ليس عند اإلنسان،
وجوز االستصناع ،فعن ابن عمر « :إن رسول اهلل اصطنع خامت ًا من ذهب فكان
فصه يف باطن ك ّفه إذا لبسه ،فصنع الناس ،ثم إنه جلس عىل املنرب فنزعه ،فقال: جيعل ّ
فصه من داخل فرمى به ،ثم قال :واهلل ال ألبسه أبد ًا
إين كنت ألبس هذا اخلاتم ،وأجعل ّ
فنبذ الناس خواتيمهم» يف صحيح البخاري ،2205 :5وصحيح مسلم ،1655 :3
وصحيح ابن حبان ،302 :13وغريها.
( )3بل ينبغي أن تكون معاملتهم معتربة إن تعارفها الناس وجرى التعامل عليها؛ ألن
ع ّلة النهي مل تعد موجودة ،وهي اجلهالة ،فحديث الطحان معلل بجهالة الثمن ،فمتى
زالت العلة جاز العمل به ،ولو يف قفيز الطحان.
70ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ختصيصه.
ُ َّص َأصالً ،وإنّام جيوز
ترك الن ِّ َأص ً
ال( ،)1وبالتَّعامل ال جيوز ُ
ألن ذلك تعامل َأهل ٍ
بلدة ولكن مشاخينا مل ُجي ِّوزوا هذا التَّخصيص()2؛ ّ
َ
تعامل أهل بلدة إن ص األثر؛ ّ
ألن ٍ واحدة ،وتعامل َأهل ٍ
خي ُّ
واحدة ال َ ُ بلدة
هل ب ٍ
لدة ُأخرى يمنع اقتىض أن جيوز التَّخصيص ،فرتك التَّعامل من َأ ِ
بالش ِّك ،بخالف التَّعامل يف االستصناع،
التَّخصيص ،فال يثبت التَّخصيص ّ
ِ
البالد ك ِّلها ،انتهى كالم « ّ
الذخرية»(.)3 فإنه ُو ِجد يف
جمهول وبعض مشايخ بلخ كانوا يقولون :إن أهل بلخ يتعاملون ذلك ،والقياس يرتك
بالتعامل ،والفقيه أبو جعفر وأبو بكر البلخي وغريمها من املشايخ مل جيوزوا ذلك،
وقالوا :هذا تعامل بلدة واحدة ،والقياس ال يرتك بتعامل بلدة واحدة .منه رمحه اهلل.
( )1قوله :املذهب األول ،يوهم بوجود مذهب آخر يف املسألة ،ومل يذكر املصنف وال
ابن نجيم مذهب ًا آخر ،وإنام اقترصا عىل ذكر املذهب األول فقط.
حلنَفي ،املعروف
مي ا َ
( )2وهو حممد بن حممد بن شهاب الك َْر َدري الربيقيني اخلَ َو َار ْز ّ
بابن ال َب َّزاز ،حافظ الدين ،قال الكفوي :كان من أفراد الدهر يف الفروع واألصول،
البزازية ،قال
وحاز قصبات السبق يف العلوم .من مؤلفاته« :الوجيز» املشهور بالفتاوى َّ
اإلمام اللكنوي :طالعت «الفتاوى البزازية» فوجدته مشتم ً
ال عىل مسائل حيتاج إليها
مما يعتمد عليها .قيل :أليب السعود املفتي مل ال جتمع املسائل املهمة ،ومل تؤلف فيها
كتاب ًا ،فقال :أستحيي من صاحب «البزازية» مع وجود كتابه( .ت ،)827كام يف تاج
الرتاجم ص ،354والفوائد ص ،309والكشف.24 :1
( )3هذا كالم يف غاية الدقة؛ إذ ال ُيمكن اعتبار حكم عام يف مجيع البالد بسبب عرف
خاص ًا بأهل تلك البلدة فحسب ،ويكونّ خاص يف بلدة معينة ،وإنّام يكون احلكم ّ
احلكم عا ّم ًا جلميع البالد إن كان صادر ًا من عرف عام يشمل مجيع البالد ،قال احلموي
يف غمز عيون البصائر« :.315 :1يفهم منه أن احلكم اخلاص يثبت بالعرف اخلاص».
72ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
حلفظ ٍ
مرآة أو ِ املقرض و َي َت َف َّر ُع عىل ذلك :لو استقرض ألف ًا واستأجر ِ
ٍ
بعرشة ،وقيم ُتها ال تزيد عىل األجر ،ففيها ثالث ُة أقوال: كل ٍ
شهر ٍ
ملعقة َّ
خواص ُبخارى.
ّ .صح ُة اإلجارة بال كراهة؛ اعتبار ًا لعرف
ّ 1
ِ
الكراهة؛ لالختالف. .والص ّح ُة مع 2
ّ
صح َة اإلجارة بالتَّعارف العام ،ومل يوجد ،وقد َأ ْفتَى .3والفساد؛ َّ
ألن ّ
األكابر بفسادها.
َّعارف
ُ ويف «القنية» :من (باب استئجار املستقرض من املقرض) :الت
ٍ
واحدة عند البعض ،وعند أهل ٍ
بلدة ِ
بتعارف ِ يثبت
تثبت به األحكام ال ُ
الذي ُ
بعض أهل ُبخارى ،فلم يكن ُمتعارف ًا
البعض :وإن كان يثبت لكن أحدثه ُ
خواصهم ،فال يثبت
ُّ الّشء مل يعرفه عا ّم ُتهم ،بل تعر ُفه مطلق ًا ،كيف ّ
وإن هذا َّ
واب ،انتهى.
الص ُ
التَّعارف هبذا القدر( ،)1قال :وهو َّ
هل ٍ
بلدة عىل َّحري :لو تواضع َأ ُ
وذكر فيها من (كتاب الكراهية) قبيل الت ِّ
ٍ
زيادة يف سنجاهتم التي يوزن هبا الدَّ راهم واإلبريسم عىل خمالفة سائر البلدان
ليس هلم ذلك ،انتهى.
( )1هذا كالم لطيف يف بيان أن العرف إن مل يكن شائع ًا يف بلدة معينة ال يعترب،
وتعارف بعض أهل البلدة ليس بحجة ،وال جيوز العمل به ،حتى ينترش ويشيع وجيري
عليه التعامل عند عامة أهل البلدة ،و ُيفهم من هذا عدم اعتبار عرف بلدة بعينه إن مل
يكن منترش ًا عند عامته؛ لتعارضه مع عرف آخر منترش يف هذه البلدة.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 73
ويف (إجارة) «ال َب َّزاز ّية» عن (إجارة) «األصل» :استأجره ليحمل طعا َمه
ٍ
بقفيز منه( ،)1فاإلجار ُة فاسد ٌة وجيب أجر املثل ال يتجاوز به ا ُمل َس َّمى ،وكذا لو
ينسجه بال ُّث ُلث ،ومشايخ َب ْلخ وخوارزم َأفتوا
َ دفع إىل حائك غزالً عىل أن
ِ
َّسفي( )2أيض ًا ،والفتوى عىل بجواز إجارة احلائك للعرف ،وبه َأفتى أبو ّ
عيل الن ُّ
( )1ألنّه جعل األجر بعض ما خيرج من عمله ،فيصري يف معنى قفيز الطحان ،وقد ّني
بقفيز من ِ
دقيقه ،فصار هذا أص ً
ال ٍ عنه ،وهو أن يستأجر ثور ًا؛ ليطحن له حنطة
يعرف به فساد جنسه ,واملعنى فيه أن املستأجر عاجز عن تسليم األجر؛ ألنه بعض ما
رشط لصحة العقد ،وهو ال يقدر ِ
بنفسه, ٌ خيرج من عمل األجري ,والقدرة عىل التَّسليم
َّ
وإنَّام يقدر ِ
بغريه فال ُي َعدُّ قادر ًا ففسد ،فإذا نسج أو محل فله أجر مثله ال جياوز به
والنسفي جييزون محل ال َّطعام ببعض املحمول ،ونسج ال َّثوب
ّ املسمى ،لكن مشايخ بلخ
ّ
جيوزه إنام مل جيوزه بالقياس ببعض املنسوج؛ لتعامل أهل بالدهم بذلك ,وقالواَ :من مل ِّ
فالنص َّص يتناوله دالل ًة ِ
الطحان والقياس يرتك بالتَّعارف ,ولئن قلناّ :
ُّ إن الن َّ عىل قفيز
ص عن القواعد الرشع ّية القياس فيه ُ
وخ َّ ُ االستصناع ُت ِر َك
َ خيتص بالتَّعامل ،أال ترى ّ
أن ُّ
بالتعامل .ومشاخينا مل جيوزوا هذا التخصيص; ألن ذلك تعامل أهل بلدة واحدة وبه ال
كل البالد ،وبمثلِ ِه ُيرتك
خيص األثر بخالف االستصناع ،فإن التعامل به جرى يف ِّ
جوازه أن يشرتط قفيز ًا مطلق ًا من غري أن يشرتط أنّهِ َص األثر ,واحليل ُة يف
وخي ُّ
القياس ُ
ثم يعطيه منه ،كام يف التبيني:5 ِ ِ
من املحمول أو من املطحون ،فيجب يف ذ ّمة املستأجر ّ
.130
( )2وهو احلسني بن اخلرض ،املشهور بأيب عيل النسفي ،أخذ عن اإلمام أيب بكر حممد
بن فضل الك ََامري ،وتفقه عليه شمس األئمة احللواين شيخ الرسخيس( ،ت424هـ)،
74ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
كام يف طبقات ابن احلنائي ر ،78ويف اجلواهر املضية :68 :2احلسن بن عبد امللك
الن ََّس ِف ّي ،القايض ،أبو عيل ،من شيوخ أيب الع َّباس املُ ْس َت ْغ ِف ِر ّي.
( )1أي األصل ملحمد بن احلسن الشيباين ،وهو املشهور باملبسوط.
نص حديث «قفيز الطحان» ،فال
( )2عدم اجلواز بأن األجرة بعض اخلارج ،كام يف ّ
عرف به ،فيُفتى باجلواز ،وال يكون هذا
ٌ ُيفتى بجواز ذلك للجهالة ،إال إن حصل
ٍ
حينئذ. إبطاالً للنص
( )3األشباه.88 :1
( )4يف األصل :ليجنبها.
( )5أي رصحوا بعدم جواز هذه األنواع من اإلجارة مثل استئجار الدّ ابة للحلب
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 75
رت ُك به اص(ّ ،)1 ِ
اخلاص ال ُي ْ َ
ّ العرف
َ فإن القياس ،وال يثبت جوازها بالعرف اخل ّ
بعضبلدة ،بل تعارفه ُ العرف مل يشتهر يف ٍ الصحيح ،عىل ّ
أن هذا
َ القياس يف َّ
أهل ُبخارى دون عا ّمتِهم ،وال يثبت التَّعارف بذلك.
ِ
وأ ّما مسأل ُة زيادة ِّ
السنجات:
وأ ّما مسأل ُة :استئجار احلائك ونحوه ،فقد علمت تقريرها من عبارة
« َّ
الذخرية».
والدراهم للزينة؛ لعدم تعارف الناس عليها ،ولو تعارفوا عليها جلازت ،ولرتك القياس
يف عدم جوازها.
( )1أي ال يثبت جواز استئجار امللعقة بالعرف اخلاص؛ لكون عرف ًا فاسد ًا حيتال به عىل
جواز الربا ،فكيف تستأجر ملعقة ثمنها درهم للحفظ بعرشة دراهم ،ويكون بني
ِ
للمقرض ،وأمثال املتعاقدين إقراض ،فكان سبي ً
ال منهم لتحقيق الربا بإيصال النفع
هذا ال يعترب به العرف ،وتأيد ذلك بأن كان عرف ًا خاص ًا ببعض أهل البلدة ومل يكن
منترش ًا عند عامته ،فمثل هذا العرف ال يعتمد أصالً.
76ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
والشعري بالشعري،
ُ التمر بالتمر ،واحلنط ُة باحلنطة،
( )1فعن أيب هريرة قال ُ « :
فمن زاد أو استزاد فقد أربى إالّ ما اختلفت ألوانه» يف
ال بمثل ،يد ًا بيدَ ،
وامللح بامللح مث ً
ُ
صحيح مسلم.1211 :3
نالحظ من لفظ هذا احلديث وغريه عدم التَّنصيص عىل عدم جواز بيعها مكايلة ،وإنّام
ورد النَّص بجواز بيعها متساوية ،وهذه األصناف األربعة طريقة تقديرها يف ذلك
الشارع ،وملَّا ُ
الكيل هو الوسيلة؛ لتحقيق املساواة التي طلبها َّ الزمان هي الكيل ،فكان
الزمان ،ومل ُيعرف غريها يف التقدير يف هذه كانت هذه ال َّطريقة هي َّ
الشائعة يف ذلك َّ
األصناف وجدنا أبا حنيفة وحممد ًا اقترصوا عليها كأداة وحيدة للتقدير يف هذه
لقوة العرف يف ذلك.
األصناف ،ومل يعتربوا غريها؛ ّ
ويدل عىل صحة هذا الفهم اخلالف يف املسألة مع أيب يوسف ،فلو كانت النّصوص
بأّنا مكيلة أو موزونة ملا خالف أبو يوسف فيها ،ومل حيصل من خالف عند
جازمة ّ
املذاهب األخرى يف علة الربا فيها ،حيث مل يعتربوا الكيل والوزن ،وإنام اعتربوا معاين
فكل هذا ّ
دل عىل أّنا مسألة فهم واجتهاد ،وليست مسألة أخرى الطعم واالدخارّ ،
الرشاح املنقول.
نص جازم ال جيوز لنا تركه ،كام ُيفهم من كالم َّ ّ
ّ
( )2فعن عبادة بن الصامت ،قال « :الذهب بالذهب والفضة بالفضة...مثالً
بمثل سواء بسواء يد ًا بيد »...يف صحيح مسلم ،1211 :3وعن أيب سعيد اخلُدري
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 77
ال ال وزن ًا مل جيز. الذهب َّ
بالذهب كي ً يف الوزن ،حتى لو تساوى َّ
َّص ،فيلزم أن جيوز تعارفه النَّاس ،فهذا فيه اتّباع العرف الالزم منه ُ
ترك الن ّ
َّص. ِ
ونحوه للعرفِِ وإن خالف الن ّ الربا ِ
جتويز ِّ عنده ما شاهبه من
قلت :حاشا هلل أن يكون مرا ُد أيب يوسف ذلك ،وإنام أراد تعليل
بأّنا الرب َّ
والشعري والتَّمر وامللح ّ َص عىل ُ ّ َّص بالعادة ،بمعنى أنّه إنّام ن َّ الن ّ
بأّنا موزون ٌة؛ لكوّنام كانا يف ذلك الوقت والفضة ّ
ّ مكيل ٌة ،وعىل َّ
الذهب
ِ
للعادة حتى لو كانت العاد ُة يف ذلك َّص يف ذلك الوقت إنّام كان كذلك ،فالن ُّ
الذهب لورد النَّص عىل ِ
وفقها. الرب وكيل َّ
َ َ ُّ الوقت وزن ُ ّ
ِ ِ ِ ِ
البعض هي والوزن يف البعض الكيل يف فحيث كانت الع َّل ُة للن ِّ
َّص عىل
العاد ُة ،تكون العادة هي املنظور إليها ،فإذا َت َغ َّ َري ْت ت َّ َ
َغري احلكم ،فليس يف
وظاهر كال ِم
ُ َّص، اعتبار العادة ا ُمل َت َغ ِّرية احلادثة خمالف ٌة للن ّ
َّص ،بل فيه اتّباع الن ّ
الرواية.
ترجيح هذه ِّ
َ ابن اهلُامما ُملح ِّقق ِ
بيع الدَّ راهم بالدَّ راهم أو استقراضهاَّاس َ وعىل هذا لو تعارف الن ُ
بالعدد( )1كام يف زماننا ال يكون خمُالف ًا للن ِّ
َّص ،فاهللُ تعاىل جيزي اإلما َم أبا
الزمان خري اجلزاء ،فلقد َسدَّ عنهم باب ًا عظي ًام من
يوسف عن أهل هذا َّ
الربا.
ّ
( )1أي بسبب أن الدراهم بينها تفاوت يسري جد ًا يف الوزن بسبب القطع ،فلو اعترب
الوزن مل جتز ،واعتبار العدد جيعله جائز ًا...
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 79
واية العالمة سعدي َأفندي( )1يف هذه الر ِ بتخريج هذا عىل ِ
ِ رص َح
ِّ وقد َ َّ
«حاشيته عىل العناية» ،ونقله عنه يف «النَّهر»( )2و َأ َق َّره ،وكذلك نقله يف «الدر
املختار»( ،)3وقال :ويف «الكايف» :الفتوى عىل عادة الناس ،انتهى.
و َذكَر نحوه يف آخر «ال َّطريقة املحمدية» للعارف ِ ِ
ْيل( )4فقال :وال
الربك ّ ّ َ َ
( )1وهو سعد اهلل بن عيسى بن أمري خان القسطموين الرومي احلنفي ،الشري بسعدى
چلبي أو سعدي أفندي ،القايض بالقسطنطينية واملفتي هبا ،من تالميذه قايض زاده،
صنف «حاشية عىل أنوار التنزيل» للبيضاوي ،و«حاشية عىل العناية رشح اهلداية»،
و«حاشية عىل القاموس» للفريوز آبادي ،و«منظومة يف الفقه تركي»( ،ت945هـ)،
كام يف اهلدية العالئية ، 203 :1واألعالم.
( )2وهو عمر بن إبراهيم بن حممد ،املشهور ابن ُن َج ْيم امل ِ ْرص ّي احلنفي ،رساج الدين،
أخو صاحب «البحر الرائق» ،من مؤلفاته« :النهر الفائق برشح الكنز الدقائق»،
و«إجابة السائل باختصار أنفع الوسائل» ،و«عقد اجلواهر يف الكالم عىل سورة
الكوثر»( ،ت1005هـ) ،كام يف خالصة األثر ،307-306 :3وطرب األماثل
ص ،509ومعجم املؤلفني.551 :2
حلن َِفي ،عالء الدين ،قال املحبي: ِ
حل ْصكَفي ا َ
ِ
( )3وهو حممد بن عيل بن حممد احل ْصني ا َ
مفتي احلنفية بدمشق ،وصاحب التصانيف الفائقة يف الفقه وغريه ،من مؤ َّلفاته« :الدر
املختار رشح تنوير األبصار» ،و«الدر املنتفى رشح ملتقى األبحر» ،و«إفاضة األنوار
رشح املنار» ،و«خمترص الفتاوى الصوفية»( ،ت1088هـ) ،كام يف خالصة األثر:4
،65-63وطرب األماثل ص ،566-564واألعالم.188 :7
ومي ،حميي الدين ،من مؤلفاته« :الطريقة ( )4وهو حممد بن بري عيل ِ ِ
الر ّ
الربكيل ُّ
ْ
80ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
الضعيفة( )1عن أيب يوسف . حيلة فيه إال التَّمسك بالر ِ
واية َّ ِّ ُّ
َّابليس( )2يف رشحه عىل «ال َّطريقة املحمد َّية»
ّ وذكر سيدي عبد الغني الن
والفض َة
ّ هب ألن َّ
الذ َ الرواية؛ ّ
ما حاصله :أنّه ال حاجة إىل خترجيه عىل هذه ِّ
السلطانية معلوم ًا املقدار بني املتعاقدين ،فذكر
بالسكة ُّ
املرضوبني املدموغني ّ
العدد كناي ًة عن الوزن اصطالح ًا ،والنقصان احلاصل بالقطع جزئي ال
الرشعي.
ّ يدخل حتت املعيار
ظاهر عىل ما كان يف زمن ِ ِه من عد ِم اختالف وزّنا ،أ ّما يف
ٌ أقول :هذا
ف سكتَه عن سك ِّة السلطان الذي قبله يف زماننا فيختلفُّ ،
فكل سلطان ُخي ِّف ُ
أعزه اهلل تعاىل ـ ختتلف يف النّوع
النوع الواحد ،بل سكة سلطان زماننا ـ ّ
الروايات املشهورة يف املذهب عن أئمتنا ( )1قوله :لكن فيه شبهة...الخ ،وجههّ :
أن ِّ
ال أو بكونه موزون ًا جيب اتباعه ،حتى لو تعارف
َّص بكونه مكي ً ال َّثالثة ّ
أن ما ورد الن ّ
َّص كذلك،
يصح بيعها إال بالكيل؛ لورود الن ّ
ّ النَّاس وزن احلنطة َّ
والشعري ونحومها ال
وروي اعتبار
والزيت ُيعترب فيه عادة النَّاسُ ،
والسمن َّ نص كاحلديد َّوما مل يرد فيه ٌّ
العرف عىل خالف املنصوص عليه أيض ًا كام يف «اهلداية» وغريها.
تغري العرف حتى صار املكيل موزون ًا واملوزون
الرواية لو ّ
واملتبادر من هذا أنّه عىل هذه ِّ
نص ًا ُيباع جمازف ًة ال ُيعترب؛ ملا فيه من مكي ً
ال ُيعترب العرف الطارئ ،أ ّما لو صار املكيل ّ
الربوية املتفق عىل قبوهلا ،والعمل هبا بني األئمة ِ
إبطال نصوص التَّساوي يف األموال َّ
املجتهدين ،منه [أي ابن عابدين] رمحه اهلل.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 83
كيل أو ٍ
وزن ،أ ّما إلغاؤمها وهي َأ ّن ال َّظاهر من هذه الر ِ
واية املعيار من ٍ ِّ َ
خالف
ُ ِ
والعدول عنهام إىل العدد املتفاوت األفراد يف الوزن فهو بالكل ّي ِة
الرصيح يف اشرتاط املساواة يف املكيالت ال َّظاهر ،وخالف الن ّ
َّص َّ
واملوزونات(.)1
واخلروج من اإلثم عند اهلل تعاىل إ ّما بنا ًء عىل
ُ اجلواز
ُ وعىل ٍّ
كل فينبغي
للرضورة. ِ
بالعرف أو َّ ِ
العمل
فقد َأجازوا ما هو دون ذلك يف َّ
الرضورة ،ففي «ال َبحر» عن «ال ُقنية»:
ٍ
مخرية َّبي عن وزنِ ،غري ٍ
«وينبغي جواز استقراض اخلمرية من ِ
وسئل الن ُّ
ُ
( )1أي أحاديث الربا السابقة من وجوب التساوي يف الكيل والوزن يف األصناف
الستة.
واجلواب عن هذه الشبهة يمكن بأن الشارع احلكيم اشرتط املساواة فيام وجدت فيه
الربا ،من اجلنس والكيل أو الوزن ،ومتى فقدت فيه هذه العلة بأن أصبح معدود ًا،
علة ّ
مل يعد الزم ًا املساواة فيه طاملا أننا نقول :أن هذا احلكم معلول ،فإن وجدت العلة وجد
احلكم ،وإن عدمت العلة عدم احلكم.
واملوافقة عىل االنتقال عرف ًا من الكيل إىل الوزن ،ومن الوزن إىل الكيل ،وتطبيق ما
يقتضيه هذا التبدل عرف ًا يف وجود املساواة عىل الصورة اجلديدة ،ثم االمتنال عن
االنتقال عرف ًا إىل العددي وما يقضيته من انعدام املساواة؛ ألّنا ليست من أحكامه ،فإنه
ثم نلتزم ما يرتتب عليه ٌ
معلول ّ النص
حتك ٌّم غري مقبول؛ ألننا إ ّما أن نرىض بأن نجعل ّ
من أحكام ،وإ ّما أن نمتنع عن قبوله كونه معلالً ،أما أن نقبل تعليله بصورة دون
صورة ،ونريض له حك ًام دون حكم ،فهذا بعيدٌ عن قواعد العقول.
84ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
يتعاطاها اجلريان أيكون ربا( ،)1فقال« :ما رآه املسلمون حسن ًا فهو عند اهلل
حسن ،وما رآه املسلمون قبيح ًا فهو عند اهلل قبيح»(.)2
السادس يف بي ِع الوفاء(:)3 و َذك ََر يف «ال َب َّزاز ّية» يف البيع الفاسد يف القول َّ
الربا ،ف َب ْل ٌخ اعتادوا الدَّ ين ِ
صحيح ،قال :حلاجة النَّاس فرار ًا من ِّ ٌ أنّه
و[أهل] ُبخارى اعتادوا اإلجارة ُ تصح يف الك َْرم،
ّ واإلجارة ،وهي ال
( )1فعن عائشة ريض اهلل عنها قالت( :سألت رسول اهلل عن اخلمرية واخلبز نقرضه
اجلريان فريدون أكثر أو أقل فقال :ليس بذلك بأس إنام هو أمر موافق بني اجلريان
وليس يراد به الفضل) قال ابن عبد اهلادي يف تنقيح التحقيق ر :1569هذا احلديث
غري خمرج يف يشء من الكتب الستة ،قال شيخنا ويف إسناده َمن جيهل حاله ،واهلل اعلم،
وعن معاذ بن جبل أنه سئل عن استقراض اخلمري واخلبز فقال( :سبحان اهلل هذا
مكارم األخالق فخذ الصغري وأعط الكبري وخذ الكبري وأعط الصغري خريكم
أحسنكم قضا ًء سمعت رسول اهلل يقول ذلك) قال قال ابن عبد اهلادي يف تنقيح
التحقيق ر :1570هذا احلديث مل خيرج يف يشء من السنن ،وإسناده صالح لكنه
مروي من طريق خالد ،وخالد مل يدرك معاذ ًا ،وابن عدي ذكره يف
ٌّ منقطع ،فإن احلديث
ترمجة ثور وروى له غريه .ثم قال :مل َأر يف أحاديثه أنكر من هذا الذي ذكرته لكنه
مستقيم احلديث صالح بني الناس.
( )2سبق خترجيه موقوف ًا عىل ابن مسعود ،بدون وجود اخلمرية.
( )3وصورته :يقول :البائع للمشرتي :بعت منك هذا العني بام لك عيل من الدين عىل
ّأين متى قضيته فهو يل ،أو يقول :بعت منك عىل أن تبي َعه ِمني متى جئت بالثمن ،كام يف
تبيني احلقائق ،173 :5ورد املحتار ،276 :5وجممع األّنر .430 :2
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 85
الطويلة ،وال يمكن يف األشجار( )1فاضطروا إىل ِ
بيعها وفا ًء ،وما َ
ضاق عىل ُ
ِ حكمه ،انتهى ،نقله يف «األَشباه»( )2يف فرو ِع
العرف ُ ّاس َأ ٌ
مر إالّ اتسع الن ِ
اخلاص.
واحلرج إنّام تعترب يف موض ٍع
َ مت عن «األشباه»َ :أ ّن املشق َة فإن قلتَ :قدَّ َ
ِ
حشيش احلرم ويز ِه رعي
نص فيه؛ ولذا ُر َّد عىل أيب يوسف يف جت ِ ال َّ
منصوص عىل خالفِ ِه(.)3
ٌ للرضورة بأنّه
دليل عىل عد ِم ِ
احلشيش ٌ َّص عىل حتري ِم رعي قلت :قد ُجياب ّ
بأن الن َّ ُ
دال عىل أنّه ال حرج فيامألن «استثنا َءه اإلذخر» فقط للحرج ٌ
احلرج فيه؛ ّ
ِ
ٍ
يسرية(،)4 يسري ُيمكن اخلروج عنه بمش ّق ٍة حرج أن ذلك عداه ،بناء عىل ّ
ٌ ٌ
ّص وال ( )1هذا بناء عىل الفكرة السابقة عند ابن عابدين من ّ
أن العرف خيصص الن ّ
ومر معنا ّأّنا ّ
حمل نظر؛ ألنه النصوص إما أن تكون معللة أو غري معللة ،وليس يلغيهّ ،
البحث يف التخصيص أو اإللغاء أصالً.
( )2معناه أننا كام جوزنا أن خيصص العرف النص يف مسائل الطهارات وغريها ،فإننا
نعترب أن العرف خصص النص الوارد يف الربويات ،بحيث إن مل تعدّ خاضعة للمعيار
الرشعي من الكيل والوزن املذكور يف النص ،فال يشرتط فيها التساوي.
( )3أي عىل جواز البيع بالدراهم املتفاوتة يف زمن ابن عابدين.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 87
وري يف القاهرة اآلن ،كذا يف مي وا َمل ْغر ّ
يب وال ُغ ّ والس َل ْي ّ
ْباي ُّ ِ
والقايت ّ قي
كال ُبنْدُ ِّ
«البحر»(.)1
الرواج
فإّنام مستويان يف َّ
املحمودي والعد ُّيل ّ
ُّ اجلهادي
ُّ ومثله يف زماننا
خمتلفان يف القيمة.
ٍ
واحد إن تعارفها الناس ،ويكون عرفهم هو ألن العقود املركبة تصبح بمنزلة ٍ
عقد
احلكم إن حصل نزاع يف هذه الصورة لتعارفها ،كام يكون عرفهم هو احلكم لو حصل
نزاع يف العقد الواحد كام هي صورة القياس ،فلذلك جعلنا العرف حاك ًام عىل القياس،
بمعنى أننا نرتك القياس إىل االستحسان إن تعارفه النّاس ،وكان فيه مصلح ًة عام ًة ،ومل
يعد يتنازعوا فيه ،فيصبح هو املعترب يف العمل.
االحرتاز عن
ُ وخروج عن ال َّظاهر ،ولكن دعى إليه
ٌ ( )1وهذا وإن كان فيه تك ّل ٌ
ف
تضليل األمة وتفسيقها بأمر ال حميص عن اخلروج عنه إال بذلك ،قال َّ
الشاعر:
مركب ،فام حيلة املضطر إال ركوهبا
ٌ إذا مل تكن األسن ُة
فإّنا مبن ّي ٌة عىل التَّيسري ال عىل التَّشديد والتَّعسري ،وما
الرشيعة تقتضيهّ ، عىل ّ
أن قواعد َّ
خري بني أمرين إال اختار أيرسمها عىل ُأمته ،ومن القواعد الفقهية :إذا ضاق األمر
اتسع .منه أي ابن عابدين رمحه اهلل.
90ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ومل يوجد يش ٌء من ذلك ،فكان ال َّثم ُن جمهوالً جهال ًة توق ُعهام يف
ألن فيها اخلفاف وال ّثقال.
املنازعة؛ ّ
( )1يعني إذا بيعت الدراهم الغالب فيها الفضة بدراهم غالب فيها الفضة ،فال ُبدّ من
ألن الغلبة جعلت الفضة يف حكم ّ
الكل ،أما إذا كانت مغلوبة أو متساوية التَّساوي؛ ّ
فال يشرتط إال التقابض؛ ألنه يمكن رصف إىل خالف اجلنس.
94ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
بقي هنا يش ٌء ينبغي التَّنبيه عليه َأيض ًا ،وقد ذكرته يف رسالتي ّ
املسامة
ِ
البالد ِ
عرف الرقود يف أحكام النّقود» ،وهو أنّه قد شاع أيض ًا يف «تنبيه ّ
قطع معلوم ٌة من ّ
الفضة كان وغريها ّأّنم يتبايعون بالقروش ،وهي ٌ ِ َّ
الشام ّية
ثم زادت قيم ُتها اآلن عىل األربعني. ُّ
كل واحدة منها بأربعني مرصيةّ ،
وبقي عر ُفهم عىل إطالق القرش ،ويريدون به أربعني مرصية ،كام كان
يف األصل ،ولكن ال يريدون عني القرش ،وال عني املرصيات ،بل يطلقون
القرش وقت البيع ويدفعون بمقدار ما سموه يف العقد:
فض ًة ،فصار القرش عندهم بيان ًا
إ ّما من املرصيات أو من غريها ذهب ًا أو ّ
السواء املختلفة املال ّية ،ال لبيان نوعه، ملقدار ال َّثمن من النُّقود َّ
الرائجة عىل َّ
كل ِ
بمقابلة ِّ وال لبيان جنسه ،فيشرتي أحدُ هم بامئة قرش ثوب ًا مثالً ،ويدفع
قرش أربعني مرصية.
أو يدفع من القروش الصحاح العتيقة ،وتساوي اآلن مئة وعرشون
مرصيه ،فيدفع ّ
كل قرش منها بدل ثالثة قروش.
السلمية وتساوى اآلن مائة مرصية بدل قرشني ونصف
أو من اجلديدة َّ
قرش.
أو من اجلديدة املحمودية وتساوي اآلن سبعني مرصية ،فيدفعها بدل
الريال.
قرش ونصف وربع ،أو يدفع من ِّ
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 95
الرواج بقيمته املعلومة
أو من الذهب عىل اختالف أنواعه املتساوية يف َّ
من املرصيات ،هكذا شاع يف عرفهم من كبري وصغري ،وعامل وجاهل ،وال
يفهمون عند اإلطالق غريه.
وإذا أرادوا نوع ًا خاص ًا َع َّينوه فيقول أحدهم :بع ُتك كذا بامئة قرش من
الريال الفالين ،وال يفهم أحدُ هم أنّه إذا اشرتى بالقروش َّ
الذهب الفالين أو ِّ
و َأطلق أن يكون الواجب عليه دفع عينها ،فقد صارت عندهم عرف ًا قولي ًا،
ص كام قدمناه عن «التَّحرير».
خمص ٌ
وهو ِّ
وقد رأيت بفضل اهلل تعاىل يف «ال ُقنية» :نظري هذا حيث قال يف باب
مجاين( :)1باع شيئ ًا بعرشة
الرت ّ املتعارف بني التَّجار كاملرشوط برمز عالء الدين َّ ْ
مخسة أسداس مكان ِ كل دنانري ،واستقرت العادة يف ذلك ِ
البلد َّأّنم ُيعطون َّ ّ
ينرصف إىل ما تعارفه الناس فيام بينهم يفُ الدِّ ينار ،فاشتهرت بينهم ،فالعقدُ
تلك التجارة.
ثم رمز لفتاوى أيب الفضل الكرماين( :)2جرت العادة فيام بني أهل
ّ
والرت ُمجاين:
اين املكي اخلوارزمي احلنفي ،عالء الدينَّ ،
الرت ُمج ّ
( )1وهو حممد بن حممود َّ
َرمجان اسم لبعض أجداد املنتسب ،أو لقب له بفتح التاء وسكون الراء ،قال
نسبة إىل ت ُ
الكفوي :كان إمام ًا مرجع ًا لألنام .من مؤلفاته« :يتيمة الدهر يف فتاوى أهل العرص»،
مات بجرجانية خوارزم سنة (645هـ) .ينظر :اجلواهر ،163 :4الفوائد ص،328
الكشف.2049 :2
حلنَفي ،أبو الفضل ،ركن ِ ِ
اين ا َ
( )2وهو عبد الرمحن بن حممد بن أمريويه بن حممد الك ْر َم ّ
96ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
( )1معناه أن هذه الصورة للبيع بالقروس ليست فاسدة؛ ألّنا جهالة ال تفيض اىل
النزاع؛ ألن الدراهم املنترشة وإن كانت متفقة بالرواج وخمتلفة يف املالية ،إال أن البيع
حصل بالقروش ،ويف عرفهم القرش يساوي أربعني دينار ًا ،فلم يبق منازعة.
( )2أي ما سبق تقريره بعد النقل عن الرتمجاين والكرماين من اعتبار العرف يف
اإلطالق ،فإن أطلق القرش ،وأريد به أربعني درمه ًا ،فيكون هو املقصود ال املعاين
األخرى.
( )3يقصد هبذا ال يعترب العرف العام الذي طرأ بعد عرص الصحابة يف ختصيص
األثر.
98ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ِ
عم من ذلك ،أال أن املرا َد به ما هو َأ ّ
ف ّفروعهم(َ )1ع َر َ قلتَ :من نظر إىل
ٍ ()2
الرش َط املتعارف
بأن َّرصح الفقها ُء ّ ترى أنّه ّ نى عن «بي ٍع ورشط» ،وقد َّ
نعل عىل أن حيذوها البائع :أي يقطعها. ِ
كرشاء ٍ ال ُي ْف ِسدُ البيع:
وخيرزه
َ البائع
ُ ومنه :ما لو رشى ثوب ًا أو ُخ ّف ًا َخلِق ًا عىل أن َي ْر َق َعه
خصصوا األثر بالعرف(.)3 يصح للعرف ،فقد َّ و ُيس ِّل َمهّ ،
فإّنم قالواُّ :
أن ما ُذكِر
يصح دعواك ختصيص العرف العا ّم بام ذكرتَه( )4إذا ثبت ّ
وإنِّام ُّ
من هذه املسائل ونحوها( )5كان ال ُعرف فيها موجود ًا زمن املجتهدين من
عموم ِه(ُ )6مراد ًا به ما قابل العرف
ِ الصحابة وغريهم ،وإال فيبقى عىل
َّ
ٍ
واحدة ،وهو ما تعامله عا ّمة أهل البالد سواء كان قدي ًام أو ٍ
ببلدة اخلاص
ّ
حديث ًا.
مشايخ َب ْل ٍخ
ِ بعض
الذخرية» يف َر ِّد ما قاله ُ ُّ
ويدل عليه :ما قدّ مناه عن « َّ
( )1أي أن الفروع التي يذكرها الفقهاء ليست خاصة بعرف الصحابة ،وإنام تشمل
العرف الذي جاء بعدهم.
( )2سبق خترجيه.
( )3أي األثر الوارد من النهي عن بيع ورشط.
( )4أي عرف الصحابة وما بعدهم دون سواهم.
( )5أي األمثلة التي ذكرها أخري ًا قد كانت يف عرص الصحابة ومن بعدهم.
( )6أي يشمل عرف الصحابة ،ومن بعدهم أو أي عرف عام شاع يف البالد وإن
كان بعد عرص الصحابة .
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 99
ٍ
واحدة ال هل ٍ
بلدة عرف َأ ِ
َ الرش ِ
ب ونحوه ب َّ
أن ِ
اعتبارهم عرف َب ْل ٍخ يف بي ِع ِّ من
َص به األثر(.)1 رت ُك به القياس ،وال ُخي ُّ
ُي ْ َ
حق الكالم يف الر ِّد عليهم أن ذكرتَه( )2لكان ُّ ِ
ولو كان املرا ُد بالعرف ما ْ
العرف احلادث ال ُ
يرتك به القياس ...الخ ،فليتأ ّمل. َ ُيقالّ :
إن
ِ
بالعرف العا ّم ما ذكرتَه ،فاعتبار العرف اخلاص ببلدة ولو ُس ِّل َم ّ
أن املرا َد
الرضورة ،كام
عيف جيوز العمل به عند َّ
الض ُ ُ
والقول َّ واحدة ٌ
قول يف املذهب،
ب َّين ُته يف آخر «رشح املنظومة» ،واهلل تعاىل أعلم.
البائع أنّه َّعل عىل أن حيذوها ِ
رشاء الن ِ بل ذكر يف «فتح القدير»« :مسأل َة
ُ
ثم قال :ومث ُله يف ِ
ديارنا رشاء الرشط للتَّعاملّ ، جيوز البيع استحسان ًا ،ويلزم َّ
ال َق ْب َقاب عىل أن ُي َس ِّم َر له سري ًا» ،انتهى(.)3
ِ
لبس فيها خاص َأيض ًا؛ إذ ٌ
كثري من البالد ال ُي ُ حادث و ٌ ٌ عرف
ٌ فهذا
ٍ
برشط»(.)4 خمصص ًا ِّ
للنص النَّاهي عن «بي ٍع ال َق ْب َقاب ،وقد جعله معترب ًا ِّ
الباب الثاين
فيام إذا خالف العرف
الرواية
ما هو ظاهر ِّ
َّص ،وهي ِ
برصيح الن ِّ َ
املسائل الفقه ّي َة إ ّما أن تكون ثابت ًة فنقول :اعلم َأ ّن
األول.
الفصل ّ
ٍ
اجتهاد ورأي ،وكثري منها ما يب ِّينه املجتهد ِ
برضب و َأ ّما ما تكون ثابت ًة
عرف زمانِه ،بحيث لو كان يف زمان العرف احلادث لقال ِ عىل ما كان يف
ِ
معرفة بخالف ما قاله أوالً؛ وِلذا قالوا يف رشوط االجتهاد :أنه ال بد فيه من
عادات الناس.
لتغري عرف أهله ،أو ِ
فكثري من األحكام ختتلف باختالف الزمان؛ ُّ
أهل الزمان بحيث لو بقي احلكم عىل ما كان عليه ٍ
رضورة ،أو فساد ِ ِ
حلدوث
ِ
خفيف أوالً للزم منه املشقة والَّضر بالناس ،وخلالف الشيعة املبنية عىل الت
ِ
وأحسن إحكام. أتم نظا ِم والت ِ
يسري ودفع الَّضر والفساد؛ لبقاء العامل عىل ِّ
نص عليه املجتهدُ يف مواضع
وهلذا ترى مشايخ املذهب خالفوا ما َّ
102ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
كثرية ،بناها عىل ما كان يف زمنه؛ ِ
لعلمهم بأنّه لو كان يف زمنهم لقال بام قالوا
به َأخذ ًا من قواعد مذهبه(.)1
ِ
ونحوه()2؛ ِ
فمن ذلك افتاؤهم بجواز االستئجار عىل تعلي ِم القرآن
األول ،ولو اشتغل املعلمون الصدر ّ النقطاع عطايا املعلمني التي كانت يف َّ
وضياع عياهلم ،ولو اشتغلوا باالكتساب من ُ بالتَّعليم بال ُأجرة يلزم ضيا ُعهم
ضياع القرآن والدِّ ين َفأفتوا َبأخذ األُجرة عىل التّعليم. ٍ
وصناعة يلزم ٍ
حرفة
ُ
الف ملا اتفق عليه أبو ِ
واألذان كذلك( )3مع َأ ّن ذلك ُخم ٌ ِ
اإلمامة وكذا عىل
ِ
وأخذ األُجرة عليه وحممد من عدم جواز االستئجار حنيفة وأبو يوسف
ّ
حل ّج ،وقراءة القرآن ،ونحو ذلك.
والصالة ،وا َ كبقية ال َّطاعات من َّ
الصومَّ ،
الش ِ
هادة(،)4 ِ
بظاهر العدالة يف َّ ومن ذلك :قول اإلمامني بعدم االكتفاء
َص عليه أبو حنيفة بناء عىل ما كان يف زمن ِ ِه من غلبة مع ُخمالفته ملا ن َّ
ُ
رسول اهلل باخلريية ،ومها أدركا الزمن الذي َش ِهد
العدالة؛ ألنّه كان يف َّ
للرضورة،
( )1ما يذكر ابن عابدين من مسائل بعضها ترجع للعرف واألخرى ترجع َّ
الرضورة فإّنا مغرية للحكم ،ونحاول يف
مغري ،بخالف َّ
معرف ال ّ
ومعلوم أن العرف ّ
األمثلة التي ذكرها أن نميز بني ما يكون راجع للرضورة وما يكون راجع للعرف.
( )2هذه من مسائل الرضورة.
( )3هذه من مسائل الرضورة.
( )4هذه من مسائل العرف.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 103
االختالف
َ َص العلام ُء عىل ّ
أن هذا الزمن الذي َف َشى فيه الكذب ،وقد ن َّ
َّ
حجة وبرهان.اختالف عرص وأوان ال اختالف ّ
ُ
ِ ِ ()1 ومن ذلك :حت ُّق ُق اإلكراه من ِ
لقول اإلمام السلطان مع خمالفته
غري ُّ
ثم َك ُث َر
السلطان ال ُيمكنه اإلكراهّ ،
غري ُّ بنا ًء عىل ما كان يف زمنِه من ّ
أن َ
حممد :باعتباره ،و َأفتى به الفساد ،فصار يتح َّقق اإلكراه من غريه ،فقال ّ
املتأخرون لذلك.
َ
الضامن ِ
لقاعدة املذهب من ّ
أن الساعي مع خمالفتِه
ومن ذلك :تضمني َّ
عىل املبارش دون املتس ِّبب( ،)2ولكن أفتوا بضامنه زجر ًا؛ بسبب كثرة ُّ
السعاة
املفسدين بل أفتوا بقتله زمن الفتنة(.)3
ِ
كتضمني األَجري املشرتك(.)4 ومن ذلك مسائل كثرية:
إن الويص ليس له املضارب ُة ِ
بامل اليتي ِم يف زماننا( ،)5وإفتاؤهم وقوهلمّ :
َّ
بتضمني الغاصب عقار اليتيم والوقف( ،)6وبعدم إجارته أكثر من سنة يف
وين امل ِ ْ ِ
رصي احلَنَفي ،أبو العدل ،زين ( )1وهو قاسم بن ُق ْط ُلو ُب َغا بن عبد اهلل ُّ
السو ُد ّ
الدِّ ين ،من مؤلفاته« :حتفة اإلحياء بتخريج أحاديث اإلحياء» ،و«رشح املجمع»،
و«رشح خمترص املنار»879-802( ،هـ) .ينظر :الضوء الالمع،190-184 :5
التعليقات السنية ص.168-167
( )2هذه من مسائل العرف.
( )3هذه من مسائل الرضورة.
( )4هذه من مسائل الرضورة.
( )5هذه من مسائل الرضورة.
( )6وهذا نص عليه القانون العثامين :جاء يف املعروضات« :سنة (951هـ) :القضاة
مأمورون بأن ال يقبلوا النكاح إال بإذن الويل» .ينظر :قانون الدولة العثامنية ص،168
عل ًام أن املشهور من قول أيب حنيفة أنه جيوز نكاح املرأة بال ويل ،لكن ملا فسد الزمان
أخذوا بقول الصاحبني بعدم جواز النكاح إال بو ّيل.
106ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ميل(. )2
والر ُّ
تايش َّ
السعود والت ُُّمر ُّ
()1
كام أفتى به املوىل أبو ُّ
ِ
ونحوه عند ظهور األمارات(.)3 وحبس املتهم ٍ
بقتل
بمن ُز َّفت إليه ليل َة العرس وإن مل يشهد عدالن ّ
بأّنا وجواز الدُّ خول َ
زوجته(.)4
الصبيان أو العبيد(.)5 ِ
وقبول اهلدية عىل يد ِّ
ميل واحلصكفي ،كام يف رد املحتار،229 :5 : ُتسمع دعواه عىل أمرد ,وبه َأفتى اخلري َّ
الر ّ
وهي من املسائل املبنية عىل العرف.
( )1حممد بن حممد بن مصطفى العامدي ،أبو السعود ،شيخ اإلسالم ،كان حارض
الذهن رسيع البدهية :كتب اجلواب مرارا يف يوم واحد عىل ألف رقعة باللغات العربية
والفارسية والرتكية ،تبع ًا ملا يكتبه السائل .من مؤلفاته« :إرشاد العقل السليم إىل مرايا
الكتاب الكريم»« ،حتفة الطالب» يف املناظرة ،و«رسالة يف املسح عىل اخلفني- 898( ،
982هـ) .ينظر :األعالم.59 :7
الر ْم ِيل احلَنَفي، ِ
( )2وهو خري الدين بن أمحد بن نور الدين األيويب ال ُع َل ْيمي الفاروقي َّ
املفرس اللغوي الرصيف النحوي البياين العرويض قال املحبي :اإلمام الفقيه املحدِّ ث ِّ
املعمر شيخ احلنيفة يف عرصه وصاحب الفتاوى السائرة ،ومن مؤلفاته« :الفتاوي
اخلريية لنفع الربية» ،و«حوايش عىل منح الغفار» ،و«حوايش عىل رشح الكنْز
للعيني» ،و«حوايش عىل األشباه والنظائر»1081-993( ،هـ) .ينظر :خالصة
األثر ،134 :2واألعالم.375-374 :2
( )3وهي من مسائل العرف.
( )4ألن العرف ثابت يف أنه ال تزف له إال زوجته.
( )5لشيوع العرف يف إرسال اهلدايا معهم.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 109
الضيف من طعام وضعه املضيف بني يديه(.)1 ِ
وأكل َّ
( )1ألنه متعارف بني الناس أن وضع الطعام بني يدي الضيف ّ
يدل عىل إباحة األكل.
لكل ٍ
أحد أخذها. ( )2لشيوع العرف بإباحة ما ُيلقى يف ال ُّطرق من هذه القشور ،فيحل ّ
للامرة تكون مباح َة ّ
الرشب أن جرار املاء التي توضع يف ال ُّطرق ّ( )3أي صار معروف ًا ّ
هلم ،ال الوضوء منها ،فإّنا مل توضع له.
ألن العرف جار بأنّه لو كانت الدار له العرتض عندما سمع ،وسكوته ّ
دل عىل ( ّ )4
إقراره عرف ًا بأنه ملك لغريه ،فادعاؤه فيام بعد أنه له فيه تناقض ،فلم تقبل دعواه.
( )5أي إن رأى َمن يسكن الدّ ار يقوم هبدم وبناء فيها يدل عرف ًا أنه مالك له عند َمن
رآه بال اعرتاض ،فال تقبل دعواه فيام بعد أّنا له.
( )6ليوسف بن حممد اجلرجاين ،أبو عبد اهلل ،من مؤلفاته« :خزانة األكمل»( ،ت
بعد522هـ) .ينظر :األعالم ،242 :8والفوائد ص.231
110ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
العرف يدل عىل عدم قدرة الغالم عىل متلك مثل هذا املبلغ من املال ،بخالف
َ (ّ )1
ألن
املورس فإنه قادر عىل متلكه.
( )2ألن العرف عىل عدم محل الكناس للقطيفة؛ ألنه ثوم من خممل ،فيكون ثمين ًا،
فتكون لصاحب البيت.
( )3ألن العرف دال عىل أن بياع الدقيق يملك الدقيق ،والسفان يملك السفينة.
أحق من غريه
( )4ألن العرف عىل أن من عرف ببيع يشء ،يكون بعضه معه ،فيكون ّ
فيه إن اختلفا.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 111
مخر ،وقال :أريد
السري الكبري» :لو ُوجد مع مسلم ٌ وكذا ما يف «رشح ِّ
ظاهر حالِه يشهد له،
َ ختليله أو ليس يل ،فإن كان دين ًا ال ُيتهم ُخ ِّيل سبي ُله؛ ّ
ألن
ني خالفه ،اهـ. واجب حتى َي َت َب َّ َ
ٌ والبناء عىل الظاهر
وأمثال ذلك من املسائل التي عملوا فيها بالعرف والقرائن ،ونزل ذلك
ِ
رصيح املقال ،وإليه اإلشار ُة ِ
بشاهد احلال عن الرصيح اكتفا ًء
منزلة النُّطق َّ
ات ِّل ْلمتو ِّس ِمني}[احلجر ، ]75:وقوله تعاىل:
بقوله تعاىل{ :إِن ِيف ذلِك آلي ٍ
( )1وهو حممد بن حممد بن حممد بن خليل ،أبو اليرس ،البدر ابن الغرس ،والغرس
لقب جده خليل .من مؤلفاته« :الفواكه البدرية يف األقضية احلكمية» ،و«حاشية عىل
رشح التفتازاين للعقائد النسفية» ،وكتاب يف الرد عىل البقاعي دفاعا عن ابن الفارض،
( 894 - 833هـ) .ينظر :األعالم ،52 :7وعقد اجلامن.56 :1
112ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ٌ
احتامل تسور احلائط فذهب، الرجل قت َله ّ
ثم َّ بأنّه َذ َب َح نفسه أو ّ
أن غري ذلك ُّ
بعيدٌ ال ُيلتفت إليه؛ إذ مل ينشأ عن دليل ،انتهى.
عرف
ٌ ف باختالف األزمان ،فلو طرأوخيتَلِ ُ
العرف َي َت َغ َّ ُري َ ْ
ُ فإن قلت:
تباملنصوص يف ك ِ
َ وفق ِه ُ
وخيالف جديدٌ هل للمفتي يف زماننا أن يفتي عىل ِ
ُ
املذهب؟ وكذا هل للحاكم اآلن العمل بالقرآئن؟
الرسالة عىل هذه املسألة.
قلت :مبنى هذه ّ
فاعلم أن املتأخرين الذين خالفوا املنصوص يف كتب املذهب يف املسائل
لتغري الزمان والعرف ،وعلمهم أن صاحب املذهب لو
السابقة مل ُيالفوه إال ُّ
احلق من ظامل ،أو يدفع دعوى
كان يف زمنهم لقال بام قالوه( )1مما ي ْستخْ رج به ُّ
بحبس ِه أو ِ
نحوه. ِ ونحوه بعدم سامع دعواه أوِ متعن ٍ
ِّت
ٍ
مديد، ٍ
واشتغال ٍ
سديد، لكل من املفتي واحلاكم من ٍ
نظر ولكن ال بد ٍّ
القرائن غري مطر ٍد.
ِ ٍ
ومعرفة باألحكا ِم الشعيةُّ ،
والشوط املرعية ،فإن حتكيم
تزوج بمرشق ّية وبينهام أكثر من ستَّة َأشهرأن مغربي ًا َّأالّ ترى لو ّ
ٍ
أشهر َث َب َت نس ُبه منه؛ حلديث« :الولد للفراش»( )2مع أن بولد لست ِّة
ٍ فجاءت
( )1وقد سمعناك ما فيه الكفاية من اعتبار العرف والزمان واختالف األحكام
باختالفه ،فللمفتي اآلن أن يفتي عىل عرف أهل زمانه وإن خالف زمان املتقدِّ مني،
وكذا للحاكم العمل بالقرائن يف أمثال ما ذكرناه حيث كان أمر ًا ظاهر ًا .منه [ابن
عابدين] رمحه اهلل.
( )2يف صحيح البخاري ، 724 :2وصحيح مسلم ،1080 :2وغريمها.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 113
ِ
بطريق الكرامة أو االستخدام، تصو َر االجتامع بينهام بعيدٌ جد ًا ،لكنّه ممكن
ّ
واقع ،كام يف «فتح القدير» (.)1
فإنّه ٌ
رجل َأسود ُيشبه الولد من
الزوج ُة ولد ًا َأسود وا ّدعاه ٌ
وكذا لو ولدت َّ
وجه فهو لزوجها األبيض ما مل ُيالعن ،وحديث ابن زمعة( )2يف ذلك ٍ ِّ
كل
مشهور.
الصبي ٌ
رشط ,ولذا لو جاءت امرأ ُة َّ َّصو َر واحلق ّ
أن الت ُّ ( )1وعبارة الفتحُّ « :350 :4
ثابت يف املغربية؛ لثبوت كرامات األولياء واالستخدامات, َّصو ُر ٌ ٍ
بولد ال يثبت نس ُبه ,والت ُّ
فيكون صاحب خطوة أو جني ًا» ،ومتامه يف رد املحتار.551 :3
( )2فعائشة ريض اهلل عنها قالت( :كان عتبة بن أيب وقاص َع ِهدَ إىل أخيه سعد أن
ِ
يقبض ابن وليدة زمعة ،وقال عتبة :إنّه ابني فلام َقدم الن ّ
َّبي مكّة يف الفتح أخذ سعد
بن أيب وقاص ابن وليدة زمعة فأقبل به إىل رسول اهلل وأقبل معه عبد بن زمعة ،فقال
سعد بن أيب وقاص :هذا ابن أخي عهد إيل أنّه ابنه .قال عبد بن زمعة :يا رسول اهلل هذا
أخي هذا ابن زمعة ولد عىل فراشه ،فنظر رسول اهلل إىل ابن وليدة زمعة ،فإذا أشبه
الناس بعتبة ابن أيب وقاص ،فقال رسول اهلل :هو لك هو أخوك يا عبد بن زمعة ،من
أجل أنّه ُولِد عىل فراشه ،فقال رسول اهلل :احتجبي منه يا سودة؛ ملا رأى من شبه
عتبة بن أيب وقاص ،قال ابن شهاب :قالت عائشة :قال رسول اهلل :الولد للفراش
وللعاهر احلجر) .وقال ابن شهاب :وكان أبو هريرة يصيح بذلك ،يف صحيح
هالل ب َن ُأمية قذف امرأته
(إن َ
البخاري ،1565 :4ومثله حديث :عن ابن ع ّباس ّ :
النبي برشيك بن سحامء فقال :الب ّين ُة أو َحدٌّ يف ظهرك ،فقال :يا رسول اهلل عند ّ
إذا رأى أحدُ نا عىل امرأتِ ِه رج ً
ال ينطلق يلتمس الب ّينة ،فجعل الن ّبي يقول :الب ّينة وإال
114ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
َرب.
النص ال ُت ْعت َ ُ
والقرائ ُن مع ِّ
الص ِّك ٍ َب بخ ِّطه َص ّك ًا ٍ
بامل عليه لزيد فا ّدعى زيدٌ بام يف َّ وكذا لو َكت َ
حجج
َ رصحوا به؛ ّ
ألن خل َّط َخ ُّطه كام ّ املال ال يثبت عليه ،وإن َأ َق َّر ّ
بأن ا َ فأنكر َ
واخلط ليس واحد ًا منها.
ُّ واإلقرار والنُّكول عن اليمني،
ُ اإلثبات ثالثة :الب ِّين ُة
ِ
وخ ُّطه وإن كان ظاهر ًا يف صدق ا ُملدَّ عي ،لكن ال َّظ َ
اهر يصلح للدَّ فع ال َ
الص ُّك قبل َأخذه املال.
لإلثبات عىل أ ّنه كثري ًا ما ُيكتب َّ
رب هو
الشاهدان بخالف ما قام عليه القرينة ،فاملعت ُ وكذا لو شهد َّ
عمرو
ٌ ثم جاء احلس ،كام لو شهدا بأن زيد ًا َ
قتل عمر ًا ّ الشهادة ما مل ُيكذهبا ّ َّ
وكل َمن رآها يقول :إن ُأجرهتا أن الدَّ َار الفالنية ُأجرة مثلها كذاُّ ،
حي ًا ،أو ّ
أكثر.
باحلق ّإين لصادق فلينزل ّن اهلل ما يربىء ّ حدّ يف ظهرك ،فقال هالل :والذي بعثك
{والَّذِينَ يَ ْر ُمونَ أ َ ْز َوا َج ُه ْم}[النور،]6:
ظهري من احلدّ ،فنزل جربيل وأنزل عليهَ :
النبي فأرسل إليها
ّ صا ِدقِين}[النور ،]9:فانرصف فقرأ حتى بلغ { ِإن َكانَ ِمنَ ال َّ
ثم
فجاء هالل فشهد والنبي يقول :إن اهلل يعلم أن أحدَ كام كاذب فهل منكام تائبّ ،
فلام كانت عند اخلامسة وقفوها ،وقالواّ :إّنا موجبة ،قال اب ُن ع َّباس
قامت فشهدت ّ
ثم قالت :ال أفضح قومي سائر اليوم فمضت،
فتلكأت ونكصت حتى ظنّنا ّأّنا ترجعّ ،
النبي :أبرصوها ،فإن جاءت به أكحل العينني سابغ األليتني خدلج الساقني،
فقال ّ
النبي :لوال ما مىض من كتاب اهلل
فهو لرشيك بن سحامء ،فجاءت به كذلك ،فقال ّ
لكان يل وهلا شأن) يف صحيح البخاري.1773 :4
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 115
مر مع احتامل ِ
غريه احتامالً قريب ًا ،كام لو رآى وقد يتفق قيام قرينة عىل َأ ٍ
حجر ًا منقور ًا عىل باب دار ُكتِب عليه وقفية الدَّ ار ال يثبت كوّنا وقف ًا بمجرد
ثم
َب ذلك ،وأراد أن يقفهاّ ، رصحوا به؛ الحتامل أن َمن بناها َكت َ
ذلك كام ّ
مستحق أثبت ّأّنا
ٌّ عدل عن وقفها أو مات قبله أو وقفها ،لكن استح َّقها َ
آخر ِ ِمل ُكه ،أو كانت هتدَّ مت واستبدلت ،أو مل َحيكم
حاكم بوقفها فحكم ُ
ٌ
بيعها ،أو غري ذلك من االحتامالت ال َّظاهرة التي ال يثبت معها نزعبصح ِة ِ
ّ
فإّنم
ترصف املالك من غري منازع مدّ ة مديدةّ ،
املترصف هبا ُّ
ِّ الدَّ ار من
َّرصف القديم من َأقوى عالمات امللك.
رصحوا بأن الت ُّ
ّ
وقال اإلمام أبو يوسف يف كتاب «اخلراج»(« :)1وليس لإلمام أن
بحق ثابت معروف» ،انتهى(.)2 يد ٍ
أحد إال ٍّ ُخي ِْرج شيئ ًا من ِ
َ
ٍ
سديد ،والتَّوفيق والتَّأييد. فلذا كان احلكم بالقرائن ُحمتاج ًا إىل ٍ
نظر
وأحوال أهلِه
ِ وكذا املفتي الذي يفتي بالعرف ال بد له من معرفة الزمان
خاص أو عام ،وأنه ُمالف للن ِّص أو ال( ،)2وال بد له
ومعرفة أن هذا العرف ٌّ
ماهر ،وال يكفيه ُمرد حفظ املسائل والدالئل ،فإن ٍ من التخرجِ عىل أ ٍ
ستاذ ُّ
ِ
عادات الناس ،كام قدمناه فكذا املفتي. ِ
معرفة املجتهد ال بد له من
ولذا قال يف آخر «منية املفتي»( :)3لو أن الرجل حفظ مجيع كتب
ِ
املسائل أصحابنا ال بد أن يت ْلمذ للفتوى حتى هيتدي إليها؛ ألن كثري ًا من
َياب عنه عىل عادات أهل الزمان فيام ال ُيالف الشيعة ،انتهى.
( ) 1معناها ال بد للفقيه من ملكة فقهية كاملة متكنه ضبط أبواب الفقه املتعددة،
ومعرفة بالواقع الذي يريد أن يفتي به ،فمن مل جيمع بني األمرين ال يستطيع أن يؤدي
حك ًام رشعي ًا موافق ًا للواقع ،وإنام سيكون بحث ًا نظري ًا ال قيمة له.
( )2سبق حترير هذا املسألة بام ال مثيل له ،فريجى مراجعته.
حلن َِفي ،له« :منية املفتي» خلص فيه «نوادر ِ ِ
َاين ا َ
السج ْست ّ
( )3ليوسف بن أيب سعيد أمحد َّ
الواقعات» عرية عن الدالئل .تويف سنة (666هـ) كام هامش تاج الرتاجم ص،319
وقال صاحب هدية العارفني :554 :6تويف سنة (638هـ).
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 117
وقريب منه ما نقله يف «األشباه» عن «ال َب َّزاز ّية» من أن املفتي يفتي بام
ٌ
يقع عنده من املصلحة(.)1
( )1املقصود هبا املصلحة الرشعية ال املصلحة العقلية ،ففي العبادات تكون املصلحة
مقرر يف الفتوى يف العبادات؛ لذلك كان قول أيب
الرشعية باألخذ باألحوط ،كام هو ّ
حنيفة هو املفتى به؛ ألنه أعىل املجتهدين درجة ،فيكون األخذ بقوله هو األحوط.
وأما فيام عدا العبادات فإن اعتباراملصلحة حمل نظر الشارع ،ومن ذلك:
للرعية.
حتقيق وظيفة احلاكم بفعل األصلح َّ
ُ .1قيد الرشيعة
.2وضعت الرشيعة العقوبات التعزيرية لتحقيق املصلحة بدفع رضر الفساد.
.3أن والية القايض نظرية «لتحقيق املصلحة».
الرتجيح بني قولني باملصلحة.
.4أنه يعترب َّ
.5أن بناء املجتهد املطلق ملسائله بام حيقق املصلحة املتوافقة مع القواعد.
.6أن يفتى املفتي يف املستجدات بام يظهر من املصلحة املتوافقة مع القواعد.
ومن هذا يلحظ أن اعتبار املصلحة مقصد أسايس للشارع ،فال ينبغي التغافل عنه ،وما
اعترب من قواعد رسم املفتي من الرضورة والعرف هو حتقيق للمصلحة.
وأما املصلحة العقلية املجردة فال التفات هلا ،إن كانت املصلح ُة نابع ًة من جمرد التَّفكري
للرشع ،فهي مصلح ٌة عقلي ٌة مردودةٌ ،ال سيام إن كانت
العقيل املجرد ،بال التفات منها َّ
والسنة،
الرشع ّية املعتربة املذكورة يف القرآن ُّ
تعارض ما هو أقوى منها من املصالح َّ
الرشع املعتربة ،التي توافقت عليها األ ّمة بال نزاع فيها ،من املسائل
املقعدة ضمن قواعد َّ
املجمع عليها.
بعض مشاخينا بق ّلة املؤنة فيام سقته َّ
السامء وبكثرهتا فيام سقي يس« :ع َّلل ُ
الرس ْخ ُّ
قال َّ َ
الرشع أوجب اخلمس يف الغنائم ،واملؤنة فيها بغرب أو دالية ،وهذا ليس بقويَّ ،
فإن َّ
118ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ويف «تصحيح العالمة قاسم» :فإن قلت :قد حيكون أقواالً من غري
( )1يعني أن من حفظ اهلل لدينه أن يسخر علامء لدراسته والتمكن من علومه،
بحيث يكونون قادرين عىل معرفة الراجح من األقوال بالنظر للواقع ومراعاة قواعد
الرسم ،وهذا يفيدنا أن مرد الرتجيح إىل قواعد رسم املفتي ،فال يعمل إال بام هو أرفق
للناس وأنسب ملصلحتهم.
( )2من البحر الرائق.288 :6
القابيس ال َغ ْزن َِو ّي احلَن َِف ّي ،مجال الدين ،من مؤلفاته:
ّ ( )3ألمحد بن حممد بن نوح
«احلاوي القديس» وسمي به ألنه صنفه يف القدس( ،ت593هـ) .ينظر :الكشف
ص ،627ومعجم املؤلفني ،301 :1وفهرس خمطوطات الظاهرية281 :1
120ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
رصحوا ّ
بأن قراءة اخلتم يف صالة الرتاويح سنّة ،قال يف «الدر وقد َ َّ
املختار»( :)1لكن يف «االختيار»( :)2األفضل يف زماننا قدر ما ال يثقل عليهم(،)3
وغريه.
ُ
()4
املصنف
ُ و َأ َق َّره
احل ْصني األصل احلَ ْصك َِفي احلَن َِفي ،عالء الدين ،قال
( )1ملحمد بن عيل بن حممد ِ
املحبي :مفتي احلنفية بدمشق ،وصاحب التصانيف الفائقة يف الفقه وغريه ،من
ُّ
مؤ َّلفاته« :الدر املختار رشح تنوير األبصار» ،و«خزائن األرسار رشح تنوير
األبصار» ،و«الدر املنتفى رشح ملتقى األبحر» ،و«إفاضة األنوار رشح املنار»،
(ت1088هـ) .ينظر :خالصة األثر ،65-63 :4وطرب األماثلص.566-564
( )2لعبد اهلل بن حممود بن َم ْو ُدود املَ ْو ِص ّيل احلنفي ،أيب الفضل ،جمد الدين ،قال
الكفوي :وكان من أفراد الدهر يف الفروع واألصول ،وكانت مشاهري الفتاوى عىل
حفظه ،من مؤلفاته« :املختار» ورشحه «االختيار» ،و«املشتمل عىل مسائل
املخترص»683-599(،هـ) .ينظر :اجلواهر ،350-349 :2وتاج الرتاجم ص-176
.177
( )3انتهى من االختيار ،70 :1وعبارته « :واألفضل يف زماننا مقدار ما ال يؤدي إىل
تنفري القوم عن اجلامعة».
( )4أي مصنف «التنوير» ،وهو التمرتايش.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 121
للزاهدي :أفتى أبو الفضل الكرماين ويف «فضائل رمضان» َّ
الرتاويح الفاحت َة وآي َة أو آيتني ال ُيكره ،و َمن مل َي ُكن
والو َبري( :)1أنّه إذا قرأ يف َّ
َ
عامل ًا ِ
بأهل زمانه ،فهو جاهل ،انتهى(.)2
الرواية بأن رمضان يثبت ِ
ظاهر ِّ ورصحوا يف املتون وغريها من ِ
كتب َ َّ
السامء ع ّل ٌة ،وإال فال ُبدّ من مج ٍع عظيم؛ ّ
ألن انفرا َد ٍ ِ
بخرب عدل إن كان يف َّ
توجه هو له ِ ِ
توجه َأ ِ ِ ِ
الواحد واالثنني مث ً
هل البلد طالبني ملا َّ برؤية اهلالل مع ال
السامء ع ّل ٌة الحتامل أنّه رآه بني ِ
ظاهر يف غلطه ،بخالف ما إذا كان يف َّ ٌ
السحاب ،فلم يره بقي ُة أهل البلد ،فلم يكن فيه ُ
دليل ثم غ ّطاه َّ
السحابّ ،
َّ
الغلط.
وروى احلسن عن اإلمام :قبول الواحد واالثنني مطلق ًا ،قال يف
الرواية ،وينبغي العمل عليها يف زماننا؛ ّ
ألن رجح هذه ِّ
«البحر» :ومل أر َمن ّ
َّاس تكاسلوا عن ترائي األهلة ،فانتفى قوهلم مع توجههم طالبني؛ ملا الن َ
َّفر ُد غري ظاهر يف الغلط ،انتهى(.)3
توجه هو له ،فكان الت ُّ
ّ
( )1وهو اخلمري الوبري ،يف اجلواهر املضية :183 :2له كتاب األضحية ،ويف (:4
الو َب ِر .ويف الو َب ِر ّي :بفتح الواو والباء َّ
املوحدة ،ويف آخرها را ٌء ،نسبة إىل َ َ :)340-339
هامش«اجلواهر» :ذكره الكفوي يف ترمجة عني األئمة الكرابييس (ت584هـ) ،وكان
الو َب ِر ّي من رجال القرن َّ
السادس .ويف تاج الرتاجم معارص ًا له ،فيكون مخري َ
ص :168-167قال عبد القادر :له كتاب «األضحية».
( )2انتهى من الدر املختار.47 :2
( )3من البحر.288 :2
122ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
وال َخيفى أنّه كال ٌم وجي ٌه خصوص ًا يف زماننا هذا ،فإنّه لو توقف ثبو ُته
عىل اجلمع العظيم مل يثبت إال بعد يومني أو ثالثة؛ ملا نرى من إمهاهلم ذلك،
الرضر من النَّاس من ال َّطعن يف
بل نرى َمن يشهد برؤيته كثري ًا ما حيصل له َّ
شهادته ،والقدح يف ديانته؛ ألنّه كان سبب ًا ملنعهم عن شهواهتم ،ومن ج ِهل
الزمان خري ًا.
بأهل زمانه فهو جاهل ،فجزاه اهلل عن أهل هذا َّ
فهذا ك ُّله وأمثاله دالئل واضحة عىل أن املفتي ليس له اجلمود عىل
مراعاة الزمان وأهلِه ،وإال يضيع حقوق ًا
ِ الرواية من ِ
غري املنقول يف كتب ظاهر ِّ
كثريةً ،ويكون رضره أعظم من ِ
نفعه.
َّوصل
رشعي ويكون مرا ُده الت ُّ
ّ الرجل يأيت ُمستفتي ًا عن حكم
فإنّا نرى َّ
عام ُس ِئل عنه نكون قد شاركناه بذلك إىل إرضار غريه ،فلو أخرجنا له فتوى ّ
يف اإلثم؛ ألنّه مل يتوصل إىل ِ
مراده الذي قصدَ ه إال بسببنا. َّ
ِ
حضانة ُأ ِّمها ،وقد انتهت مد ُة سأل عن ُأخت له يف مثالً :إذا جاء َي ُ
احلضانة ،ويريدُ َأخذها من ُأ ِّمها ،وتعلم أنّه لو أخذها من ُأ ِّمها لضاعت عنده
ِ
االستيالء عىل ماهلا أو وما قصدُ ه بأخذها إال أذي َة ُأ ِّمها أو التَّوصل إىل
ويتزوج هبا بنتَه أو ُأخته ،وأمثال ذلك. َّ ليزو َجها آلخر
ِّ
اإلرضار ال
ُ فعىل املفتي إذا رأى ذلك أن ُحياول يف اجلواب ،ويقول له:
جيوز ونحو ذلك.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 123
توافق
ُ ووي» ،وذكر ّأّنا
وقد ذكر يف «البحر» مسائل عن «روض النَّ ّ
قواعد مذهبنا منها:
متأوالً ،كام إذا سأله َمن له عبدٌ عن
للزجر ّ قوله :فرع :للمفتي أن ُي َغ ِّل َظ َّ
تأوالً؛ لقوله َ ( :من
قتله ،وخّش أن يقت َله جاز أن يقول :إن قتلته قتلناك ُم ّ
إطالق ِه مفسدةٌ ،انتهى(.)2
ِ قتل عبد ًا قتلناه)( ،)1وهذا إذا مل يرتتب عىل
( )1فعن سمرة ،قال « :من قتل عبده قتلناه ،ومن جدع عبده جدعناه» يف سنن
أيب داود ،176 :4وسنن الرتمذي ،26 :4وقال :حسن غريب.
هل رجل من ِ
غري َأ ِ ٍ ( )2وكتبت يف «ر ّد املحتار» يف باب القسامة :فيام لو ادعى الو ُّيل عىل
وش ِهدَ اثنان منهم عليه مل ُت ْق َبل عنده ،وقاال :تقبل...الخ ،نقل السيد احلموي عن ِ
املحلة َ
العالمة املقديس أنه قال :توقفت عن الفتوى بقول اإلمام ،ومنعت من إشاعتِه؛ ملا
يرتتب عليه من الرضر العام فإن من عرفه من املتمردين يتجارس عىل قتل النفس يف
املحالت اخلالية من ِ
غري َأهلها معتمد ًا عىل عد ِم قبول شهادهتم عليه ،حتى قلت :ينبغي
الفتوى عىل قوهلام ال س ّيام واألحكام ختتلف باختالف األيام ،اهـ ،وكتبت أيض ًا يف «رد
املحتار» يف باب العرش واخلراج يف مسألة :ما إذا زرع صاحب األرض أرضه ما هو
أدنى مع قدرته عىل األعىل ،قالوا :وهذا ُيعلم وال ُيفتى به؛ كيال يتجرأ الظلمة عىل َأخذ
ور َّد بأنّه كيف يكون الكتامن ولو َأخذوا كان يف أموال الناس ،قال يف «العناية»ُ :
كل ظاملٍ يف َأ ٍ
رض شأّنا ذلك موضعه؛ لكونه واجب ًا ،و ُأجيب بأنّا لو َأفتينا بذلك ال ّدعى ُّ
ظلم وعدوان ،اهـ،
الزعفران مثالً ،فيأخذ خراج ذلك ،وهو ٌ ّأّنا قبل هذا كانت ُت ْز َر ُع َّ
ِ
الظلمة عىل أموال ِ
تسليط وكذا قال يف «فتح القدير» قالوا :ال ُيفتى هبذا ملا فيه من
الزعفران ونحوه ،وعالجه
أن األرض تصلح لزراعة َّ كل ظامل ّ املسلمني إذ يدَّ عى ُّ
صعب ،اهـ ،منه رمحه اهلل.
124ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
فإن قلت :إذا كان عىل املفتي اتباع العرف وإن خالف املنصوص عليه
اخلاص كام يف
ّ يف كتب ظاهر الرواية فهل هنا ٌ
فرق بني العرف العام والعرف
النص الرشعي؟
القسم األول ،وهو ما خالف فيه العرف ّ
احلكم العرف العا َم يثبت به
َ قلت :ال فرق بينهام هنا إالّ من ِ
جهة َأ ّن
ُ
اخلاص(.)1
ّ اخلاص يثبت به احلكم
ُّ والعرف
ُ العا ُم،
فالعرف
ُ خاص ًا،
ّ حكم العرف يثبت عىل أهلِه عا ّم ًا أو
َ وحاص ُلهّ :
أن
العا ُّم يف سائر البالد يثبت حكمه عىل تلك البلدة فقط؛ وهلذا قال العال ّمة
نصه :قوله :احلكم العا ُّم ال
احلموي يف «حاشيته عىل األشباه» ما ّ
ّ السيد أمحد
بالعرف اخلاص، ِ يثبت
اخلاص ُ احلكم اخلاص يفهم منهّ :
أن ِ
بالعرف يثبت
َّ َ ِّ
ومنه ما َت َقدَّ م يف الكالم عىل املدارس املوقوفة عىل درس احلديث ،وال ُي ْع َل ُم
الواقف أراد قراءة ما يتع َّلق بمعرفة املصطلح أو قراءة متن احلديث حيث
َ ّ
أن
قيل :باتباع اصطالح ّ
كل بلد ،انتهى(.)2
قرره اب ُن عابدين هاهنا يف غاية الدَّ ّقة ،وهو ما سبق تقريره يف بداية الرسالة ّ
بأن ( )1ما ّ
رب فيها ،فإن كان العرف يشتمل عدّ ة بالد اعتربها فيها ،وينبغي أن عرف ّ
كل بلد معت ٌ
األمر فيه ال خيتلف
َ يكون البحث يف العرف مع وجود احلديث آخذ ًا لنفس احلكم؛ ّ
ألن
قرره ابن عابدين سابق ًا فيام يتعلق بعالقة العرف باحلديث عام ًا
عام هو هنا ،فكان ما َّ
ّ
يقرر هاهنا ،فلينتبه.
نظر ،وهو معارض ملا َّ خاص ًا ّ
حمل ّ كان أو ّ
( )2من غمز العيون.315 :1
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 125
إطالق املحدِّ ِ
ث عىل َ واقف املدرسة يف ٍ
بلدة تعارف أه ُلها ُ يعني إن كان
العامل بمصطلح احلديث :أي بعلم أصوله كـ«النُّخبة»( ،)1و«خمترص ابن
الوقف إليه ،وإن تعارفوا إطال َقه
ُ ف
رص ُ
الصالح» ،و«ألفية العراقي» ُي ْ َ
()3 ()2
َّ
ف إليه.
رص ُ
عىل العامل بمتن احلديث :كـ«صحيح ال ُبخاري» و«مسلم» ُي ْ َ
ومتى اقتنت بنو رباح البقر ،إنام وهم صاحبكم اإلبل ،اهـ .منه رمحه اهلل .ويف مصنف
ابن أيب شيبة :327 :3عن سليامن بن يعقوب عن أبيه قال« :مات رجل من احلي
وأوىص أن ينحر عنه بدنة فسألنا ابن عباس عن البقرة ،فقال :جتزي ،قال :من أي
قوم أنت؟ قال :قلت :من بني رباح ،قال :وأين لبني رباح البقر إنام البقر لألزد وعبد
القيس».
اخلاص والعا َّم
َّ العرف
َ وأن أن هذا البحث البن عابدين ّ
حمل نظرّ ، ( )1لكن سبق تقرير ّ
خاص ًبأهله والعام
ٌ عي إن كان معلالً ،لكن العرف اخلاص
الرش ّ
َّص َّ
رب مع الن ّ
معت ٌ
يشمل عامة البالد.
130ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
تنبيه:
رب إذا كان َشائع ًا بني َأهلِ ِه
واخلاص إنّام ُيعت ُ
ِّ
ال من الع ِ
رف العا ِّم ُ اعلم ّ
أن ك ً
البريي يف «رشح األشباه» عن «املستصفى» ما
ُّ يعر ُفه مجي ُعهم؛ وهلذا نقل
يصح
ُّ ُ
املشرتك ال والعرف
ُ املستفيض،
ُ ائع
الش ُ ن َُّصه :الت ُ
َّعامل العا ُّم :أي َّ
الرت ُّدد ،انتهى.
الرجوع إليه مع َّ
ُّ
ثم َن َق َل عن «املستصفى» َأيض ًا ما ُّ
نصه :وال َي ْص ُل ُح ُمق ِّيد ًا؛ ألنّه ََّملا كان ّ
رتك ًا صار ُمتعارض ًا ،انتهى.
ُم ْش َ َ
فقوله :الت ُ
َّعامل العا ُّم يشمل العام مطلق ًا :أي يف مجي ِع البالد ،والعام
ٍ
واحدةٌّ ،
فكل منهام ال يكون عا ّم ًا ُت ْبنَى األحكام عليه حتى املقيد :أي يف ٍ
بلدة َّ
يكون شائع ًا مستفيض ًا بني مجيع أهله.
َأ ّما لو كان ُمشرتك ًا فال ُي ْبنَى عليه احلكم؛ للرت ُّدد يف ّ
أن املتك ِّل َم َق َصدَ هذا
املعنى أو املعنى اآلخر فال يتق َّيدُ أحد املعنيني؛ لتعارضهام بتح ُّق ِق االشرتاك.
أقول :وينبغي تقييد ذلك بام إذا مل يغلب َأحدُ املعنيني عىل اآلخر ،كام
والعرف املشرتك ،فإن االشرتاك يقتيض تساوي املعنيني.
ُ ُي ْش ِع ُر به قوله:
الراجح ،وإنّاماملرجوح ال يعارض َّ
َ وكذا قوله :صار متعارض ًا ،فإن
ً
قرينة أشهر كانت ُّ
الشهر ُة َ املتعارضان ما كانا ُمتساويني ،أ ّما لو كان أحدُ مها
عىل إرادته.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 131
رب العاد ُة إذا ا ّطردت أو َغ َل َبت؛ ولذا
ولذا قال يف «األشباه» :إنّام تعت ُ
بلد اختلف فيها النقود مع قالوا يف البيع :لو باع بدراهم أو دنانري ،وكانا يف ٍ
فصل
ِ
بعض فروع مهمة يف ِ
ذكر
مبنية عىل العرف
الربهان ّية» وغريها :لو َج َّه َز ابنتَه فامتت،
الذخرية ُ .1منها :ما يف « َّ
وحكِيألن ال َّظاه َر التَّمليكُ ،
للزوج؛ َّ ُ
فالقول َّ فا ّدعى أنّه دفعه عاري ًة ال ِملك ًا،
در َّ
الشهيدُ ( )2يف الص ُ ألن اليدَ من جهته ،وقال َّالسغدي( :)1أنّه لألب؛ ّ عن ُّ
ونظريه :ما قالوا فيام لو أرسل إىل زوجته شيئ ًا وا ّدعى أنّه من املهر
ُ
ُ
والقول هلا يف املهيأ له كخبز فالقول له يف ِ
غري املهيأ لألكل، ُ وا ّدعت أنّه هديه،
اهر ُي ِّ
كذ ُبه. ألن ال َّظ َ
وحلم مشوي؛ ّ
ِ
جنس املهر وكذا لو ا ّدعت أنّه من ِ
املهر وا ّدعى أنّه وديعة ،فإن كان من
ُ
فالقول هلا ،وإال فله بشهادة الظاهر ،فقد َحكَّموا الظاهر يف املسألتني ،لك ّن
ألن يف األُوىل اتفقا عىل التمليك ،واختلفا يف صفته.
الثانية أشبه بمسألتنا؛ ّ
136ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
َ
القول هلا َع َم ً
ال َّمليك و َأنكره ،وجعلوا
ويف ال َّثانية :ا ّدعت املرأة الت َ
ِ
مسألة اجلهاز ،واهلل تعاىل أعلم. بال َّظ ِ
اهر كام يف
ِ
الواجبة عليه ،وهو ِ
الكسوة ومقتىض هذا ّأّنا لو ا ّدعت املبعوث أنّه من
ُ
القول قوهلا كام يف املهر. من ِ
جنسها أن يكون
وعىل هذا فقوله يف «البحر» :وال يكون استمتا ُعها بمرشيه ...الخ،
ثياب ِ
بخالف ِ وحصري و َأ ٍ
وان ٍ ٍ
فراش ينبغي تقييدُ ه بنحو أثاث املنزل من ِ
نحو
البدن التي ألبسها إ ّياها فليس له ُ
أخذها ،كام قالوا :فيام لو اختذ لولده الكبري ِ
وس َّل َمها إليه ليس له دف ُعها ِ
لغريه. أو تلميذه ثياب ًاَ ،
غري وإن مل ُي َس ِّلم إليه. الص ُ
وكذا َّ
ِ
واملنزل والدَّ ِار وإن مل ِ
البيت ِ
العلو يف بي ِع ِ
دخول .2ومنها :ما َم َّر من
ومرافق ِه بنا ًء عىل العرف احلادث ،كام َم َّر عن «الكايف»ّ ،
وأن ما ِ بحقوق ِه
ِ يذكر
مبني عىل عرف الكوفة. يف املتون من التَّفصيل ٌّ
ُ
يدخل يف البي ِع الرش َب ال َأقول :وعىل هذا فام يف املتون َأيض ًا من َأ ّن ِّ
مبني عىل عرفِهم َأيض ًا. بدون التَّرصيح ،أو ذكر احلقوق ٌّ
رشب
ٌ الشام ّيةَّ ،
فإن الدَّ َار التي هلا وال َش ّك يف دخوله يف عرف ديارنا َّ
جيري إليها تزداد قيم ُتها زياد ًة وافرةً ،وقد كنت ذكرت ذلك بحث ًا( )1فيام َع َّل ْق ُته
عىل «البحر».
خرجه من املسائل املستجدة بناء عىل قواعد الفقهاء ،فقد شاع عند ( )1وهي ما َّ
املتأخرين إطالق كلمة بحث ًا عليه.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 137
حل صارت هذه املسألة واقع ُة الفتوى :حيث ثم قريب ًا من كتابتي هلذا امل ّ ّ
غزيرة يقصدُ ها ٍ رجل دار ًا عظيم ًة بصاحل ّي ًة دمشق مشتمل ًة عىل مياه ٌ باع
يمنع املا َء
َ البائع أن
ُ والربيع ،فأراد
الصيف َّاألُمراء وكبار التُّجار للت َُّّنزه أ ّيام َّ
ِ
مقايلة( )1البيع من املشرتي؛ ألن الدَّ َار بدون املاء ُر ّبام ليتوصل إىل عن الدَّ ار؛
َّ
ذكره الفقها ُء من عد ِم الدُّ خول بال ذكر ال تساوي نصف ال َّثمن ،وتع َّلل بام َ
ِّ
كل َح ٍّق ونحوه.
( )1أي من اإلقالة :أي من أجل أن يطلب منه املشرتي إقالة البيع وفسخه ليعود املبيع
إىل البائع.
138ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
( )1وهو عيل بن حممد بن عيل اخلزرجي احلنفي ،نور الدين ابن غانم ،من مؤلفاته:
«الرمز يف رشح نظم الكنز» البن الفصيح ،و«نور الشمعة يف أحكام اجلمعة» ،و«بغية
املرتاد يف تصحيح الضاد» 1004 - 920( ،هـ) .ينظر :األعالم.12 :5
140ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ويؤ ِّيده ما نقلناه عن «ال َّظهريية»( :)1أنّه لو َسكَّن اهلاء أو َر َفع أو ن ََص َ
ب
العرب ما َن َط َقت بغري ّ
اجلر ،انتهى. َ باهلل يكون َيمين ًا مع أن
الدر ا ُملختار»:
احللبي( )2يف «حاشيته عىل ّ
ّ ُ
الشيخ إبراهيم قال العالم ُة
َ
املنقول يف ِ
املذهب ُجياب عنه :بأن ِ
بعض النَّاس أنّه ُيصادم ا َملنقول يف ُ
وقول
تتغري اللغة ،وأ ّما اآلن فال يأتون ِ
املذهب كان عىل عرف صدر اإلسالم قبل أن َّ َ
مثبت القسم َأصالً ،و ُي َف ِّرقون بني اإلثبات والنفي بوجود البالالم والنُّون يف ِ
وعدمها ،وما اصطالحهم عىل هذا إال كاصطالحهم لغة الفرس ونحوها يف
األيامن َملن تَدَ َّبر ،انتهى.
جواب
َ قلت :وكهذه املسأل ُة ما ذكره يف «البحر» يف (باب التَّعليق)ّ :
إن ُ
طلبي أو جامدٌ أو
ٌّ وقع مجل ًة اسمي ًة أو فعلي ًة فع ُلها
الرشط جيب اقرتا ُنه بالفاء إذا َ
َّ
رب ،فال َيتَح َّقق التَّعليق إال ٌ
مقرون بام ،أو قد ،أو لن ،أو تنفيس ،أو القسم ،أو ّ
األول هو
أن ّ بالفاء يف هذه املواضع ،إال أن يتقدَّ م اجلواب فيتع َّلق بدوّنا ،عىل ّ
وقد ذكرنا يف «رشحنا عىل املنار»ّ :أّنم مل يعتربوه هنا ،واعتربوه يف
اإلقرار فيام لو قال :درهم غري دانق رفع ًا ونصب ًا ،فيحتاجون إىل الفرق ،انتهى.
ويف (إقرار) «الدُّ ِر املختار» :قال :أليس يل عليك ألف؟ فقال :بىل ،فهو
اإلقرار ُحيمل عىل
َ إقرار ،وإن قال :نعم ،فال ،وقيل :نعم :أي يكون إقرار ًا؛ ّ
ألن ٌ
العرف ال عىل دقائق العربية ،كذا يف «اجلوهرة»( ،)1انتهى(.)2
وتوضيحه :أنه إذا قيل :هذا قاتل زيد :أي باإلضافة معناه :أنه قتله ،وإذا
ُ
قيل :قاتل زيد ًا ،معناه أنّه يقتله ،واملضارع حيتمل احلال واالستقبال ،فال يقطع
ّ
بالشك.
وإنام بنى الفقهاء األحكام عىل القواعد العربية؛ ألّنا املعلومة ِلم ال
لكون القواعد العربية متعبد ًا هبا ،بل ال جيوز العدول عن مراعاهتا ،ف ُعلِم ّ
أن
يب و َمن التزم لغة العرب ،واهلل تعاىل أعلم.
كال َمهم مع العر ّ
ُّ
ويدل عليه ما يأيت يف تقرير املسألة التَّالية هلذه.
ِ
بلفظ: .4ومنها :مسأل ٌة :اختلف فيها املتأخرون ،وهي انعقا ُد النِّكاح
زي بعدم االنعقاد، صاحب «التَّنوير» العالم ُة ال َغ ُّ
ُ الت ِ
َّجويز بتقديم اجليم ،فأفتى
َّفتازاين من ّ
أن ّ وله فيه رسال ٌة حاص ُلها االستدالل بام يف «التَّلويح» َّ
للسعد الت
ً
حقيقة ٍ
وتصحيف مل يكن ٍ
حتريف صحيح ،بل عنٍ ال َّلفظ إذا صدَ ر ال عن ٍ
قصد َ َ
ِ
العالقة بل غلط ًا ،فال اعتبار به أصالً ،انتهى. وال جماز ًا؛ لعدم
قال عمد ُة املتأخرين العالم ُة َّ
الش ُ
يخ عال ُء الدَّ ين يف «الدُّ ِّر املختار» بعد
ٍ
قصد كان الغلطة وصدرت عن ِ نقله ذلك :نعم لو اتفق قو ٌم عىل الن ِ
ُّطق هبذه
فيصح كام َأفتى به املرحو ُم أبو ُّ
السعود ،انتهى(.)1 ُّ ذلك وضع ًا جديد ًا،
ميل يف
الر ُّ
خري الدَّ ين َّ
الشيخ ُُ أقول :و َأ ْفتَى به َأيض ًا العالم ُة املرحو ُم
ِ
األغامر ِ
اجلهلة ادر من «فتاواه» َو َر َّد ما قاله ال َغ َز ّي بقوله :وال َش َّك ّ
الص َ
أن َّ
ِ
واملجاز ،وال لنفي االستعارة ا ُملرتَّب عىل ِ
احلقيقة تصحيف ال دخل فيه لبحث ٌ
األصيل :أي معنى لفظ :التَّجويز ،وهو التَّسويغ أو ِ
العالقة فيه؛ إذ معناه عد ِم
ّ
ٍ غري ُمالحظ هلم َأصالً؛ إذ
بمعزل عن درك ذلك. العامي
ّ مار ًا َ
جعله ّ
وقد ُر ِوي عن ّ
حممد يف بيع الورد عىل األشجار أنّه جيوز ،ومعلو ٌم
أن الور َد ال خيرج مجل ًة ،ولكن يتالحق البعض بالبعض.
ّ
ِ
حيح عندي أنّه ال جيوز هذا والص ُ َّ يس : الرس ْخ ُّ
شمس األئمة َّ َ
ُ قال
الرضورة ،وال رضورة املصري إىل هذا الطريق إنّام يكون عند حت ُّق ِق َّ
َ البيع؛ ّ
ألن
أصول هذه األشياء مع ما فيها من ال َّثمرة ،وما َ يبيع
ها هنا؛ ألنه ُيمكنُه أن َ
َص ال ُقدُ ُّ
وري . ُيتَو َّلدُ بعد ذلك َ ْ
حيدُ ُ
ث عىل ملك املشرتي ،وعىل هذا ن َّ
الثامر
َ بيع األشجار ،فاملشرتي يشرتي البائع ال ُيعج ُبه ُ ُ فإن كان
من ويؤخر العقد يف الباقي إىل ِ
وقت وجوده ،أو يشرتي ببعض ال َّث ِ ُ
ِ املوجود َة
ث ،فيحصل مقصو َدمهاحيدُ ُ
النتفاع بام َ ْ
َ البائع ا
ُ وحيِ ُّل له
املوجود بجميع الثمن ُ
هبذا ال َّطريق ،وال رضورة إىل جتويز العقد يف املعدوم» ،انتهى(.)1
الرس ْخ ُّ
يس ،وهو ظاهر األصح ما ذهب إليه َّ َ
َّ ثم َذك ََر عن «املعراج»ّ :
أن ّ
الرس ْخ ِّ
يس من املذهب من عدم اجلواز يف املعدوم :أي بناء عىل ما َم ّر عن َّ َ
الرضورة؛ إلمكان التَّخلص عن ذلك.
عدم َّ
ِ
اجلهل عىل عا ّمة ِ
لغلبة أقول :ال َش ّك يف َ َحت ُّق ِق َّ
الرضورة يف زماننا؛
الباعة ،فإنّك ال تكاد جتد واحد ًا منهم يعلم هذه احليلة؛ ليتخلص هبا عن ِ
( )1إن تأملنا نجد أن هذا التَّفريق ال معنى له ،فينبغي للحكم أن يثبت يف ح ِّقهم مجيع ًا،
سواء كان يعلم أو ال يعلم؛ ألنّه هذا التفريق يدعو إىل تقديم اجلهل باألحكام عىل
تعلمها؛ ألّنا تكون حالالً َملن جهلها مع إمكانية التَّع ُّلم له ،وحرم ُتها عىل َمن تعلمها،
فيكون بذلك تفضيل للجهل عىل العلم ،ودعوة إىل عدم التَّع ُّلم؛ لكيال نقع يف احلرام،
وهذا بعيدٌ جد ًا.
( ) 2مثل هذا الرشط يفسد العقد؛ ملا فيه من ربا ونزاع بني املتعاقدين؛ ألنه يشتمل عىل
منفعة زائدة ألحد العاقدين بال عوض ،ومثل هذا الفضل يكون ربا ،ولوجود عقد
ورشط فيه مما يوجب النزاع ،فإن كان يف ذلك عرف شائع انتفى معنى الفساد املوجود
يف العقد؛ ألن العرف يمنع من وجود منفعة ألحدمها بدون مقابل فانتفى الربا ،وظهور
العرف يف العقد والرشط يمنع التنازع؛ لوجود ما يمكن هلم أن حيتكموا له ،فام قرره
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 149
معروف
ٌ الرتك؛ ألنّه
الزمان وإن مل يشرتطوا َّ خي َفى َّأّنم يف هذا َّ
وال َ ْ
املعروف ُعرف ًا كاملرشوط رشط ًا ،ولو علم املشرتي ّ
أن َ عندهم ،وقد قالواّ :
إن
البائع يأمره بالقطع مل يرض برشائه بعرش ال َّثمن.
َ
وأيض ًا :يشرتون البطيخ ،واخليار ،والباذنجان ،ونحوها من
متفرقات
البائع َم ّرات ِّ
ُ اخلرضاوات برشط إبقائها رصحي ًا ،وبرشط أن يسق َيها
معدودة حتى تنمو ويظهر ما مل يكن منها ظاهر ًا ومل أر [من] َ َّ
رصح بجواز
ذلك بنا ًء عىل العرف ،وينبغي جوازه بنا ًء عىل ما َم ّر ،فإنّه حيث جاز للعرف
البيع مع هذا الرشط باألوىل، بيع املعدوم مع أن بي َعه ٌ
باطل ال فاسد ،فيجوز ُ ُ
ألين مل َأر َمن َ َّ
رص َح فإين ال أجزم بام قل ُته؛ ّ
فتأ ّمل ذلك ،واعمل بام يظهر لك ّ
والفكر َخ َّوان.
ُ به،
ِ
للظرف َأرطاالً ويطرح بيع املظروف كزيت مث ً
ال عىل أن يزنَه
َ .6ومنهاُ :
ألن مقتىض العقد طرح مقدار وزنه ،لكنّه قد رشط فاسد؛ ّ ٌ معلومة ،فإنّه
تأنس له بام ذكروا يف املتون أنه َي ِص ُّح تعار ُفه الن ُ
َّاس يف عا ّمة البلدان ،وقد ُي ْس ُ
حيذوه ويرشكَه.
بيع نعل عىل أن َ ُ
ابن عابدين هنا هو ما يقتضيه القياس ،وأما االستحسان فيقتيض اجلواز بعد شيوع
العقد وانتشاره.
150ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
( )1وعبارة متن الكنز« :وصح بيع نعل عىل أن حيذوه ،ويرشكه ،والقياس فساده».
( )2وعبارة فتح القدير« :451 :6ويف االستحسان :جيوز البيع ويلزم الرشط للتعامل
كذلك ،ومثله يف ديارنا رشاء القبقاب عىل هذا الوجه :أي عىل أن ُيسمر له سري ًا».
( )3البحر الرائق.95 :6
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 151
الس َلم ،ورشط اخليار ال ُيفسده.
األجل يف الثمن ،ويف املبيع َّ
البائع أو ُيرشكَها ،فهو
ُ ذوها .3وإن كان ُمتعارف ًا :كرش ِاء ٍ
نعل عىل أن َحي َ
جائز ...الخ» ،انتهى(.)1
فقد جعل الشط املتعارف كالشط الثابت تصحيحه رشع ًا ،وعلل
املسألة يف «الذخرية»( )2بقوله« :ألن التعارف والتعامل حجة ي ْْتك به القياس،
وُي ُّص به األثر» ،انتهى.
بيع املظروف ،وكذا مسأل ُة بيع ال ِّثامر؛ ِ
و ُمقتىض هذا اجلواز يف املسألة ُ
تعامل عا ّم ِة النَّاس يف عا ّمة ال ُبلدان أكثر من تعاملهم بيع النَّعل
ُ ٌ
رشط فيه ألنّه
حيذوها ،ومن تعامل بيع ال َّثوب عىل أن يرق َعه ،بل ما سمعنا بذلك يف عىل أن َ
يثبت به تَعامل ،وكأنّه كان يف زمن
نادرة ال ُ ٍ َزماننا ،وإن و َقع فهو من َأ ٍ
فراد َ َ
ِ
بعض البالد. السلف أو يف
َّ
مستفيض ،وكثري ًا ما يكون فيه رضورةّ ،
فإن ٌ شائع
ٌ بيع املظروف فهو
أ ّما ُ
باع معه،
إخراجها من ظرفها ،بل ُت ُ
ُ كثري ًا من املبيعات املظروفة ال ُيمكن
مقدار معلو ٌم بني التَّجار ،أو بني املتعاقدين ال حيصل فيه وي ْطرح لل َّظ ِ
رف
ٌ ُ َ ُ
ٍ
كثري ،وال يؤ ِّدي إىل منازعة إال نادر ًا ،والن ُ
َّادر ال حكم له. تفاوت ٌ
ٌ
( )1وسبق تقرير أن هذا الفرق بني العامل والعامي حمل نظر؛ ألن احلكم متى تقرر ثبت
يف حق الكل ،واهلل أعلم.
اخلصاف
اين اخلَ َّصاف ،أبو بكر ،قال احللواينَّ : ( )2وهو أمحد بن عمرو بن ُم َهري َّ
الش ْي َب ّ
يصح االقتداء به ،من مؤلفاته« :احليل» ،و«الوصايا»،
ُّ كبري يف العلم ،وهو ممَّن
رجل ٌ
و«الرشوط الكبري»( ،ت261هـ) .ينظر :اجلواهر ،232-230 :1وسري أعالم النبالء
.123 :13
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 153
َّ
والشيخ ميل كالشيخ َِّ وبه أفتى مجاع ٌة من متأخري احلنفية
الر ّ
خري الدين َّ
احلصكفي( )2ـ
ّ إسامعيل احلايك ـ مفتي دمشق ،تلميذ َّ
الشيخ عالء الدين
السلطنة املحمية، َّ
والشيخ زكريا أفندي وعطاء اهلل أفندي ـ املفتيني يف دار َّ
العامدي(.)3
ّ وتبعهم مفتي دمشق حامد أفندي
وتكر َر السؤال عنها ،وملت
َّ أقول :وقد وقعت هذه احلادثة يف زماننا،
مصح ٌح أيض ًا ،فقد قال يف «الدر
َّ فيها إىل اجلواب بقول اإلمامني؛ ألنه ٌ
قول
( )1إلبراهيم بن موسى بن أيب بكر بن عيل الطرابليس ،برهان الدين ،نزيل القاهرة،
له« :مواهب الرمحن يف مذهب النعامن» ،قال :وقد صنفت هذا الكتاب عىل نحو
سامه «الربهان»،
القاعدة التي اخرتعها صاحب «جممع البحرين» .وله رشح عليه َّ
وله« :اإلسعاف يف حكم األوقاف»922-853( ،هـ) .ينظر :النور السافرص،104
والكشف.1895 :2
حلن َِفي ،عالء الدين ،قال املحبي: ِ
حل ْص َكفي ا َ
ِ
( )2وهو حممد بن عيل بن حممد احل ْصني ا َ
مفتي احلنفية بدمشق ،وصاحب التصانيف الفائقة يف الفقه وغريه ،من مؤ َّلفاته« :الدر
املختار رشح تنوير األبصار» ،و«خزائن األرسار رشح تنوير األبصار» ،و«الدر املنتفى
رشح ملتقى األبحر»( ،ت1088هـ) .ينظر :خالصة األثر ،65-63 :4وطرب
األماثل ص.566-564
( )3وهو حامد أفندي بن عيل بن إبراهيم العامدي الدمشقي احلنفي ،مفتي دمشق ،كان
ال مهذب ًا ،من مؤلفاته« :الفتاوى العامدية
عامل ًا حمقق ًا فقيه ًا أديب ًا شاعر ًا نبيه ًا كام ً
وسامها« :مغني املفتي عن جواب املستفتي»1171-1103( ،هـ) .ينظر:
احلامدية» َّ
األعالم ،166 :2و إيضاح املكنون.156 :2
154ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
( ) 1قال العالمة البريي :والظاهر هذا ويشهد له ما يف الزكاة إذا قال :أعطيتها وأظهر
الرباءة جيوز العمل به ،وع َّلل بأن االحتيال يف اخلط نادر كام يف «املصفى» ،اهـ ،قال ابن
بالطرة
ّ عابدين :وهذا يؤيد ما ذكره الشارح يف رسالة عملها يف الدفرت اخلاقاين املعنون
السلطانية املأمونة من التَّزوير إىل أن قال :فلو وجد يف الدَّ فاتر ّ
أن املكان الفالين ُوقف ُّ
عىل املدرسة الفالنية مثالًُ ،يعمل به من غري ب ّينة ،قال :وبذلك ُيفتي مشايخ اإلسالم كام
مرصح به يف هبجة عبد اهلل أفندي وغريها ،اهـ ،لكن أفتى يف «اخلريية» :بأنّه ال يثبت
هو َّ
ّ
اخلط فتأ ّمل ،كام يف رد السلطاين؛ لعدم االعتامد عىل
الوقف بمجرد وجوده يف الدّ فرت ُّ
املحتار.414 :4
( )2وهو إبراهيم بن عيل بن أمحد الطرسويس ،نجم الدين ،ومن مؤلفاته« :اإلشارات
يف ضبط املشكالت» و«اإلعالم يف مصطلح الشهود واحلكام» و«االختالفات الواقعة
يف املصنفات» و«أنفع الوسائل» يعرف بالفتاوي الطرسوسية 758 - 721( ،هـ).
ينظر :األعالم.51 :1
حلن َِفي ،أمني الدين ،له: ِ
( )3وهو عبد الوهاب بن أمحد بن َو ْه َبان احلارثي الدِّ َم ْشق ّي ا َ
الرشائد ونظم الفرائد» الرشح والنظم له ،و«رشح درر
«عقد القالئد يف حل قيد َّ
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 157
أقول :قد كنت َح َّررت هذه املسألة يف كتايب «تنقيح الفتاوى احلامدية»
والس ْمسار وال َب ّياعَ ،ذك ََره يف «اخلانية» ِ ِ
ِّ بأن ما ُذكر من مسألة َّ ّ
الرصاف ّ
و«ال َب ّزازية» ،وجزم به يف «البحر» ،وكذا يف «الوهابية» ،وح َّققه اب ُن
الرشنبال ُّيل يف رشحها ،و َأفتى به صاحب «التَّنوير» ،ونسبه ّ
الشحنة ،وكذا ُّ ُ
()1
العالم ُة البريي إىل غالب الكتب قال :حتى يف «املجتبى» حيث قال :وأ ّما
حج ٌة وإن مل يكن معنون ًا ظاهر ًا بني
والسمسار فهو ّ
والرصاف ِّ
َّ ُّ
خط ال َب ّياع
حج ًة للعرف،
َّاس فيام بينهم جيب أن يكون ّ
النَّاس ،وكذلك ما َيكتب الن ُ
انتهى.
وخ ُّطه معلو ٌم نفسه ٍ
بامل معلو ٍم َ اف َكتَب عىل ِ رص ٌ
َ ويف «خزانة األكمل»ّ َ :
يطلب َ
املال من الورثة ،و َع َر َض ُ غريم
ٌ ثم مات فجاء بني ال ُتجار وأهل البلدّ ،
حيك َُم به يف تركتِه إن ثبت أنّهَّاس َخ َّطه بذلكْ ُ ، َخ َّط امليت بحيث َع َر َ
ف الن ُ
حج ًة ،انتهى ما يف «البريي».َخ ُّطه ،وقد َجرت العاد ُة بني النَّاس بمثله ّ
العادة ال َّظ ِ
ِ
اهرة واجب، ُث َّم قال بعده قال العالم ُة ال َع ُّ
يني :والبنا ُء عىل
وجدت يف بادكاري بخطي أو كتبت يف بادكاري
ُ فعىل هذا إذا قال ال َب َّياع:
البحار» ،و«امتثال األمر يف قراءة أيب عمرو»768 -730( ،هـ) .ينظر :الدّ رر
الكامنة ،424-423 :2والفوائد ص.191
رب بن حممد بن حممد احلنفي ،املعروف بابن َّ
الش ْحنَة ،أبو الربكات، ( )1وهو عبد ال ّ
رسي الدين ،من مؤلفاته« :الذخائر األرشفية يف ألغاز احلنفية» ،و«غريب القرآن»،
و«تفصيل عقد الفرائد»921-581( ،هـ) .ينظر :األعالم ،47 :4والكشف.97 :1
158ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
ُت ْش ِهد يل رسول اهلل فانطلق يب ُي ْشهدَ ه عىل صدقتي ،فقال رسول اهلل :
فعلت بولدك ك ِّلهم؟ قال :ال ،قال :اتقوا اهلل واعدلوا يف أوالدكم ،فرجع أيب
َف َر ّد تلك َّ
الصدقة»(.)1
وعن ِ
ابن َع َّباس قال قال رسول اهلل « :سووا بني أوالدكم يف
العطية ولو كنت مؤثر ًا أحد ًا آلثرت النِّساء عىل ِّ
الرجال» ،رواه سعيد يف
«سننه» ،أخذ أبو يوسف وجوب التَّسوية من هذا احلديث ،وتبعه َأ ُ
عيان
املجتهدين ،وقالوا :يأثم بالتَّخصيص والتَّفضيل ،و َف َّرس ُحم َّمدٌ العدل بالتَّسوية
قدر املواريث ،وقاس حال احلياة عىل حال املوت ،وساعده العرف. عىل ِ
أقول :وقد كنت َأل ّفت يف ذلك رسال ًة سميتها «العقود الدرية يف
الفريضة الرشعية» ،و َب َسطت فيها الكالم عىل ذلك بام ال مزيد عليه ،فلنذكر
من ذلك نبذ ًة يسري ًة فنقول:
حممدُ ال َغ ّ
زي يخ ّ الرشع ّية عىل املفاضلة :العالم ُة َّ
الش ُ وممَّن محل الفريض َة َّ
ِ
مراجعة «فتاويه» املشهورة خالف ًا ملا عزاه صاحب «التَّنوير» ،كام ُي ْع َل ُم من
ُ
ميل يف موضعني من الر ُّ
اخلري َّ
ُ إليه يف «الدُّ ر املختار» ،و َأفتى بذلك َأيض ًا
166ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
الشيخ إسامعيل احلايك ،وكذا ُ
شيخ صاحب «البحر» ،وهو «فتاويه» ،وكذا َّ
الشلبي يف «فتاويه» املشهورة ،ورأيت مث َله يف «فتاوى العالم ُة َّ
الشيخ محد بن ِّ
البلقيني
ّ الرساج
افعي» ،وكذا يف «فتاوى ِّ ميل َّ
الش ّ الر ّ
الشهاب أمحد َّ ِّ
افعي» ،ومتا ُم الكالم عىل ذلك يف رسالتنا املذكورة ،واهلل أعلم بالصواب
الش ّ َّ
وإليه املرجع واملآب.
ويف هذا القدر كفاي ٌة لذوي الدِّ راية ،واحلمد هلل َأ َّوالً وآخر ًا ،وظاهر ًا
وباطن ًا وصىل اهلل عىل سيدنا وموالنا ُحم َّمد ،وعىل آله وصحبه وسلم ،وكان
الرسالة وتقريرها يف شهر ربيع الثاين سنة ثالث الفرا ُغ من حترير هذه ِّ
ِ
رمحة َر ّب العاملني، ِ
جامعها َأفقر الورى إىل و َأربعني ومائتني وألف عىل ِ
يد
حمم ِد َأمني ِ
بن عمر عابدين ،غفر اهللُ له ولوالديه وجلميع املسلمني ،واحلمدهلل ّ
رب العاملني.
ّ
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 167
املراجع:
.1أثر احلديث الرشيف يف اختالف األئمة الفقهاء :ملحمد عوامة ،دار البشائر اإلسالمية،
بريوت ،ط1418 ،4هـ.
.2االختيار لتعليل املختار :لعبد اهلل بن حممود املوصيل (ت683هـ) ،حتقيق :زهري عثامن،
دار األرقم ،بدون تاريخ طبع.
.3األشباه والنظائر :إلبراهيم ابن نجيم املرصي زين الدين (ت970هـ) ،حتقيق :حممد
مطيع احلافظ ،دار الفكر ،دمشق ،ط1403 ،2هـ ،وأيض ًا :طبعة دار الكتب العلمية،
بريوت1405 ،هـ.
الزركيل ،ط ،15دار العلم للماليني2002 .م.
.4األعالم :خلري الدين َّ
.5أعيان دمشق يف القرن الثالث عرش ونصف القرن الرابع عرش :ملحمد مجيل الشطي ،دار
البشائر ،ط1414 ،1هـ.
.6البحر الرائق رشح َكنْز الدقائق :إلبراهيم ابن نجيم املرصي زين الدين (ت970هـ)،
دار املعرفة ،بريوت ،بدون تاريخ طبع.
.7البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع :ملحمد بن عيل الشوكاين (-1173
1250هـ) ،مطبعة السعادة ،مرص ،ط1348 ،1هـ.
.8تاج الرتاجم :أليب الفداء قاسم بن ُق ْط ُلو ُب َغا (ت879هـ) ،حتقيق :حممد خري رمضان،
دار القلم ،دمشق ،ط1992 ،1مـ.
.9تاريخ النور السافر عن أخبار القرن العارش :ملحيي الدين عبد القادر ال َعيدرويس
(ت1628م) ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،ط1405 ،1هـ.
168ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
.10تبيني احلقائق رشح َكنْز الدقائق :لعثامن بن عيل الزيلعي فخر الدين (ت743هـ)،
املطبعة األمريية ،مرص ،ط1313 ،1هـ.
.11التحرير يف أصول الفقه :ملحمد بن عبد الواحد بن عبد احلميد السكندري السيوايس
كامل الدين الشهري بـ(ابن اهلامم)(861-790هـ) ،مطبعة احللبي1351 ،هـ.
.12التعليقات السنية عىل الفوائد البهية :لعبد احلي اللكنوي (1304-1264هـ)،
حتقيق :أمحد الزعبي ،دار األرقم ،بريوت ،ط1998 ،1م ،وأيض ًا :طبعة السعادة،
مرص ،ط1324 ،1هـ.
.13التقرير والتحبري رشح التحرير:أليب عبد اهلل ،حممد بن حممد احلَ َلبِ ّي احلنفي شمس
الدين املعروف بـ(ابن أمري احلاج)(879-825هـ) ،دار الفكر ،بريوت ،ط،1
1996مـ.
.14التقرير والتحبري رشح التحرير:أليب عبد اهلل ،حممد بن حممد احلَ َلبِ ّي احلنفي شمس
الدين املعروف بـ(ابن أمري احلاج)(879-825هـ) ،دار الفكر ،بريوت ،ط،1
1996مـ.
.15تنقيح التحقيق يف أحاديث التعليق :ملحمد بن أمحد بن عبد اهلادي احلنبيل (ت744
هـ) ،ت :سامي حممد وعبد العزيز اخلباين ،أضواء السلف ،الرياض ،ط1428 ،1
هـ.
.16اجلواهر املضية يف طبقات احلنفية :لعبد القادر بن حممد بن أيب الوفاء القريش
(ت775هـ) ،حتقيق :عبد الفتاح احللو ،مؤسسة الرسالة ،بريوت ،ط1413 ،2هـ.
.17احلج والعمرة يف الفقه اإلسالمي :للدكتور نور الدين عرت ،دار الياممة ،الطبعة
اخلامسة1995 ،م.
.18حلية البرش يف تاريخ القرن الثالث عرش :لعبد الرزاق بن حسن البيطار امليداين،
(ت1335هـ) ،ت :حممد هبجة البيطار ،دار صادر ،بريوت ،ط 1413 ،2هـ.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 169
.19خالصة األثر يف أعيان القرن احلادي عرش :ملحمد أمني املحبي (ت1699م) ،دار
صادر.
للرافِ ِعي :لعمر بن عيل بن املُ َل ِّقن
.20خالصة البدر املنري يف ختريج كتاب الرشح الكبري َّ
(804-723هـ) ،حتقيق :محدي السلفي ،مكتبة الرشد ،الرياض ،ط1410 ،1هـ.
.21الدر املختار رشح تنوير األبصار :ملحمد بن عيل بن حممد احلصكفي احلنفي
(ت1088هـ) ،مطبوع يف حاشية َر ّد املُ ْحتَار ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت.
.22الدراية يف ختريج أحاديث اهلداية :أليب الفضل أمحد بن عيل ابن َح َجر ال َع ْس َقالين
(852-773هـ) ،دار املعرفة ،بريوت ،بدون تاريخ طبع.
.23درر احلكام رشح جملة األحكام :لعيل حيدر ،تعريب :املحامي فهمي احلسيني ،دار
عامل الكتب ،الرياض ،طبعة خاصة1423 ،هـ 2003 -م.
.24الدرر الكامنة يف أعيان املئة الثامنة :ألمحد بن عيل بن حجر العسقالين (ت852هـ)،
دار اجليل.
.25دفع الغواية امللقبة بـ(مقدمة السعاية) :لعبد احلي اللكنوي (1304-1264هـ)،
باكستان1976 ،م.
.26ر ّد املحتار عىل الدر املختار :ملحمد أمني بن عمر ابن عابدين احلنفي (-1198
1252هـ) ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت.
.27الرسالة املستطرفة لبيان مشهور كتب السنة املرشفة :ملحمد بن جعفر الكتاين ،مكتبة
الكليات األزهرية ،القاهرة.
.28سنن ال َب ْي َه ِقي الكبري :ألمحد بن احلسني بن عيل ال َب ْي َه ِقي (ت458هـ) ،حتقيق :حممد
عبد القادر عطا ،مكتبة دار الباز ،مكة املكرمة1414 ،هـ.
.29سنن الرتمذي :ملحمد بن عيسى الرتمذي (279-209هـ) ،حتقيق :أمحد شاكر
وآخرون ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت.
170ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
.30سنن الدَّ َار ُق ْطنِي :أليب احلسن عيل بن عمر الدَّ َار ُق ْطنِي (385-306هـ) ،حتقيق:
السيد عبد اهلل هاشم ،دار املعرفة ،بريوت1386 ،هـ.
ائي الكربى :ألمحد بن شعيب الن ََّس ِائي (ت303هـ) ،حتقيق :الدكتور عبد
.31سنن الن ََّس ّ
الغفار البنداوي وسيد كرسوي حسن ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،ط1411 ،1هـ.
الذ َهبِي ،شمس الدين (-673
.32سري أعالم النبالء :أليب عبد اهلل حممد بن أمحد َّ
748هـ) ،حتقيق :شعيب األرناؤوط وحممد نعيم العرقسوي ،مؤسسة الرسالة،
بريوت ،ط1413 ،9هـ.
.33صحيح ابن ح َّبان برتتيب ابن بلبان :ملحمد بن ِح َّبان التميمي (354هـ) ،حتقيق:
شعيب األرناؤوط ،مؤسسة الرسالة ،بريوت ،ط1414 ،2هـ.
.34صحيح ابن خزيمة :ملحمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي (ت311هـ) ،حتقيق:
الدكتور حممد مصطفى األعظمي ،املكتب اإلسالمي ،بريوت1390 ،هـ.
.35صحيح البخاري :أليب عبد اهلل حممد بن إسامعيل اجلعفي ال ُب َخ ِ
ار ّي (-194
256هـ) ،حتقيق :الدكتور مصطفى البغا ،دار ابن كثري والياممة ،بريوت ،ط،3
1407هـ.
ابوري (ت261هـ) ،حتقيق :حممد
ّ .36صحيح مسلم :ملسلم بن احلجاج ال ُق َش ْري ّي النَّ ْي َس
فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت.
القاهري
ّ الس َخ ِ
او ّي .37الضوء الالمع ألهل القرن التاسع :ملحمد بن عبد الرمحن َّ
الشافِ ِع ّي شمس الدِّ ين (902-831هـ) ،دار الكتب العلمية ،بدون تاريخ طبع.
َّ
.38طبقات احلنفية :لعيل بن أمر اهلل قنايل زاده املشهور بـ(ابن احلنائي)(ت979هـ)،
مطبعة الزهراء احلديثة ،املوصل ،ط1380 ،2هـ.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 171
.39طرب األماثل برتاجم األفاضل :لعبد احلي اللكنوي (1304-1264هـ) ،حتقيق:
أمحد الزعبي ،دار األرقم ،بريوت ،ط1998 ،1م ،وأيض ًا :طبعة مطبع دبدبة أمحدي،
لكنو1303 ،هـ.
.40العرف والعادة يف رأي الفقهاء :ألمحد فهمي أبو سنة ،مرص ،مطبعة األزهر،
1947م.
.41عقود اجلامن يف مناقب اإلمام األعظم أيب حنيفة النعامن :ملحمد بن يوسف الصاحلي
(ت942هـ) ،مكتبة اإليامن ،املدينة املنورة.
.42العناية عىل اهلداية :ألكمل الدين حممد بن حممد الرومي ال َبا َب ْريت (ت786هـ)،
هبامش فتح القدير للعاجز الفقري ،دار إحياء الرتاث العريب ،بريوت.
.43غمز عيون البصائر عىل األشباه والنظائر :ألمحد بن حممد احلموي (ت1098هـ)،
دار الطباعة العامرة ،مرص1290 ،هـ.
.44الفتاوى الفقهية الكربى :ألمحد بن عيل بن حجر املكي اهليتمي الشافعي (-909
974هـ) ،املكتبة اإلسالمية.
.45فتح القدير للعاجز الفقري عىل اهلداية :ملحمد بن عبد الواحد بن عبد احلميد
السكندري السيوايس كامل الدين الشهري بـ(ابن اهلامم)(861-790هـ) ،دار إحياء
الرتاث العريب ،بريوت ،وأيض ًا :طبعة دار الفكر.
.46فقيه احلنفية حممد أمني عابدين دراسة يف حياته وأثره العلمي وخملفاته الشخصية
ومكتبته للدكتور حممد مطيع احلافظ.www.alukah.net/culture/ ،
.47فهرس خمطوطات دار الكتب الظاهرية :ملحمد مطيع احلافظ ،من مطبوعات جممع
اللغة العربية بدمشق1401 ،هـ.
172ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
.48الفوائد البهية يف تراجم احلنفية :لعبد احلي الكنوي (2304-1264هـ) ،حتقيق:
أمحد الزعبي ،دار األرقم ،بريوت ،ط1998 ،1م ،وأيض ًا :طبعة السعادة ،مرص،
ط1324 ،1هـ.
.49قره عني األخيار لتكملة رد املحتار عيل الدر املختار رشح تنوير األبصار :لعالء
الدين حممد بن حممد أمني ،املعروف بابن عابدين( ،ت1306هـ) ،دار الفكر،
بريوت.
.50قوانني الدولة العثامنية وصلتها باملذهب احلنفي ألورها ،صادق جانبوالت ،املعهد
العاملي للفكر اإلسالمي ،ط.2012 ،1
.51كتاب اخلراج :أليب يوسف يعقوب بن إبراهيم (ت182هـ) ،املطبعة األمريية
ببوالق ،ط1302 ،1هـ.
.52كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون :ملصطفى بن عبد اهلل القسطنطيني احلنفي
( ،)1067-1017دار الفكر.
رصي ،مؤسسة دار .53الكليات :أليب البقاء الكفوي ،حتقيق :د .عدنان درويش و ُحمَمد امل ِ
ّ َ َّ
املعارف ،ط1993 ،2م.
.54كنْز الدقائق :أليب الربكات عبد اهلل بن أمحد الن ََّس ِفي ،حافظ الدين (ت701هـ)،
اعتنى به :إبراهيم احلنفي األزهري ،طبع باملطبعة احلميدية املرصية باملنارصة بمرص،
1328هـ.
.55املبسوط :أليب بكر حممد بن أيب سهل الرسخيس توىف بحدود (500هـ)1406 ،هـ،
دار املعرفة ،بريوت.
.56املجتبى من السنن :أليب عبد اهلل أمحد بن شعيب النسائي ( ،)303-215حتقيق :عبد
الفتاح أبو غدة ،مكتب املطبوعات اإلسالمية ،حلب ،ط1406 ،2هـ.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 173
الرومي املعروف بـ(شيخِ محن ِ
الر ِ ِ
بن حممد ُّ .57جممع األّنر رشح ملتقى األبحر :لعبد َّ
زاده)(ت 1078هـ) ،دار الطباعة العامرة.1316 ،
.58املحيط الربهاين :ملحمود بن أمحد بن مازه البخاري برهان الدين (ت ،)616إدارة
القرآن ،املجلس العلمي ،كراتّش2004 ،م.
.59املستدرك عىل الصحيحني :ملحمد بن عبد اهلل احلاكم (ت405هـ) ،حتقيق :مصطفى
عبد القادر ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،ط1411 ،1هـ.
.60مسند أيب داود الطياليس :لسليامن بن داود (ت204هـ) ،دار املعرفة ،بريوت.
.61مسند أمحد بن حنبل :ألمحد بن حنبل (241-164هـ) ،مؤسسة قرطبة ،مرص.
.62املصنف يف األحاديث واآلثار :لعبد اهلل بن حممد بن أيب َش ْيبَ َة (235-159هـ)،
حتقيق :كامل احلوت ،ط ،1مكتبة الرشد ،الرياض1409 ،هـ.
.63املعجم الكبري :أليب القاسم سليامن بن أمحد ال َّط َ َ
رباين (360-260هـ) ،حتقيق :محدي
السلفي ،مكتبة العلوم واحلكم ،املوصل ،ط1404 ،2هـ.
.64معجم املؤلفني :لعمر كحالة ،مؤسسة الرسالة ،بريوت ،ط1414 ،1هـ.
.65معجم مفردات ألفاظ ال ُق ْرآن :للعالمة أيب القاسم بن حممد بن املفضل املعروف
بـ(الراغب األصفهاين) (502هـ) ،حتقيق :نديم مرعشيل ،دار الفكر.
.66مقدِّ مة عمدة الرعاية حاشية رشح الوقاية :لعبد احلي اللكنوي (1304-1264هـ)،
املطبع املجتبائي ،دهيل1340 ،هـ .
.67املوسوعة الفقهية الكويتية :جلامعة من العلامء ،تصدرها وزارة األوقاف الكويتية.
.68موطأ مالك :ملالك بن أنس األصبحي (179-93هـ) ،حتقيق :حممد فؤاد عبد
الباقي ،دار إحياء الرتاث العريب ،مرص.
.69النافع الكبري ملن يطالع اجلامع الصغري :لعبد احلي اللكنوي (1304-1264هـ)،
عامل الكتب ،ط1406 ،1هـ.
174ــــــــــــــــــــــــــ التعليقات العرفية عىل نرش العرف يف بناء بعض األحكام عىل العرف
.70النجوم الزاهرة يف ملوك مرص والقاهرة :ليوسف بن تغرة بردة األتابكي (-813
،)874وزارة الثقافة واإلرشاد القومي ،املؤسسة املرصية العامة.
.71نزهة اخلواطر وهبجة املسامع والنواظر :لعبد احلي بن فخر الدين احلسني
(ت1341هـ) ،دائرة املعارف العثامنية ،اهلند ،راجعه َأ ُبو احلسن الندوي ،ط،1
1972م.
.72اهلداية رشح بداية املبتدي :أليب احلسن عيل بن أيب بكر املرغيناين (ت593هـ)،
مطبعة مصطفى البايب ،الطبعة األخرية ،بدون تاريخ طبع.
.73هدية العارفني :إلسامعيل باشا البغدادي (ت1339هـ) ،دار الفكر 1402 ،هـ.
.74اهلدية العالئية :لعالء الدين ابن عابدين ،حتقيق :حممد سعيد الربهاين ،ط،5
1416هـ.
.75وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان :أليب العباس أمحد بن حممد ابن َخلكان (-608
681هـ) ،حتقيق :الدكتور إحسان عباس ،دار الثقافة ،بريوت.
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 175
فهرس املوضوعات:
أوالًُّ :
تصوفه32 ................................................................... :
ٌ
فصل 57 ..............................................................................
ِ
املذهب 57 ................ ِ
ظاهر قال يف «ال ُقنية» :ليس للمفتي وال للقايض أن َ ْ
حي ُكام عىل ()
لألستاذ الدكتور صالح أبو احلاج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 177
الباب األول 65 ..........................................................................
ُ