نفط

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 7

‫نفط‬

‫النفط‪ ‬مادّة طبيعية تستخرج من‪ ‬التكوينات الجيولوجية‪ ‬في جوف األرض‪ ،‬والتي قد تتجمّع فيها عبر عملية تحوّ ل بطيئة‪ ‬للمواد‬
‫العضوية‪ ‬دامت عصوراً وحقبات طويلة نسبياً‪ .‬يعرّ ف النفط كيميائيا ً أ ّنه مزيج مع ّقد من‪ ‬الهيدروكربونات؛ وهو يختلف في مظهره ولونه‬
‫وتركيبه بشكل كبير حسب مكان استخراجه؛ ويع ّد من الخامات الطبيعية‪ ،‬وعندما يستخرج من تحت سطح األرض يسمّى أيضا ً‪ ‬نفط‬
‫خام‪ .‬يخضع النفط الخام الحقا ً إلى‪ ‬عملية تكرير‪ ‬للحصول على أنواع مختلفة من‪ ‬المنتجات النفطية؛ أي تجرى عليه تقنيا ً عملية‪ ‬تقطير‬
‫بالتجزئة‪ ‬تم ّكن من فصله إلى مجموعة من المزائج تتمايز فيما بينها بتدرّ جات‪ ‬نقطة الغليان‪ ‬في‪ ‬برج التقطير؛ وتدعى تلك المجموعات‬
‫عادة باسم « َق َط َفات»‪ ]1 ْ[.‬يص ّنف النفط من أنواع‪ ‬الوقود األحفوري‪ ،‬وذلك بسبب تش ّكله تحت طبقات األرض العميقة من كمّيات كبيرة‬
‫من الكائنات المندثرة (األحافير) مثل‪ ‬العوالق الحيوانية‪ ‬والطحالب‪ ‬والتي طمرت تحت‪ ‬الصخور الرسوبية‪ ‬ث ّم تحلّلت بغياب األكسجين‬
‫وارتفاع الضغط ودرجة الحرارة تحت سطح األرض‪ .‬يستخرج النفط من مكامنه في باطن األرض‪ ،‬والتي تدعى‪ ‬بآبار النفط‪ ،‬بحفر‬
‫القشرة األرضية وذلك بعد إجراء عملية‪ ‬مسح جيولوجي‪ ‬الختبار‪ ‬مسامية‪ ‬ونفاذية‪ ‬الخزان الجيولوجي‪.‬‬
‫[ ‪]2 []1‬‬

‫يع ّد النفط مصدراً ها ّما ً من مصادر الطاقة األوّ لية‪ ،‬ولذلك يطلق عليه اصطالحا ً اسم «الذهب األسود » بسبب أهمّيته االقتصادية‬
‫العالية‪ .‬إذ تستخدم القطفات الخفيفة منه بشكل أساسي في مزائج‪ ‬وقود السيّارات‪ ‬ووقود الطائرات‪ ،‬أمّا القطفات الثقيلة فتستخدم في إنتاج‬
‫الطاقة الكهربائية وتشغيل المصانع وتشغيل اآلليات الثقيلة؛ كما يع ّد النفط المادّة األوّ لية الخام للعديد من الصناعات الكيمائية على‬
‫اختالف منتجاتها‪ ،‬بما فيها األسمدة ومبيدات الحشرات واللدائن واألقمشة واألدوية‪.‬‬
‫[ ‪]3‬‬

‫تص ّنف المنطقة العربية وخاص ًّة منطقة الخليج العربي من أكثر مناطق العالم غنىً ‪ ‬باالحتياطي النفطي‪ ،‬وهي كذلك أكثرها إنتاجا ً‬
‫وتصديراً للنفط‪ ،‬والذي ينقل عاد ًة إمّا‪ ‬باألنابيب‪ ‬أو‪ ‬بالناقالت‪ .‬يزداد معدّل استهالك النفط مع التقدّم البشري واالعتماد على هذه الخامة‬
‫ٌ‬
‫ُرضة‪ ‬للنضوب‪ ‬وعدم‬ ‫مصدراً أساسيا ً للطاقة؛ ويلعب‪ ‬سعر النفط‪ ‬دوراً مه ّما ً في األداء االقتصادي العالمي‪ .‬إاّل أنّ االحتياطات النفطية ع‬
‫التجدد‪ ‬خاص ًّة مع االقتراب المستمرّ لما يعرف باسم‪ ‬ذروة النفط‪ ،‬وهو أقصى معدّل إلنتاج النفط في العالم؛ ممّا فتح الباب للبحث عن‬
‫وتطوير بدائل جديدة للطاقة مثل مصادر‪ ‬الطاقة المتجدّدة‪ .‬انعكس االستعمال المفرط للنفط وأنواع الوقود األحفوري األخرى سلبا ً‬
‫على‪ ‬المحيط الحيوي‪ ‬والنظام البيئي‪ ‬للكرة األرضية‪ ،‬إذ عاد ًة ما ُتسبّب‪ ‬التسرّ بات النفطية‪ ‬كوارث بيئية؛ كما أنّ حرق الوقود األحفوري‬
‫هو أحد األسباب الرئيسية‪ ‬لالحترار العالمي‪.‬‬
‫أصل الكلمة[عدل]‬

‫عرف العرب كلمة نفط قديماً‪ ،‬وكانت تستخدم للداللة على المشت ّقات النفطية اللزجة مثل‪ ‬القطران‪( ‬أو القار) أو‪ ‬الزفت‪ ،‬إذ ورد في‪ ‬لسان‬
‫ْل‪ .‬وروى‪َ ‬أبو حنيفة‪َ ‬أن النفط هو الكحيل»؛‬ ‫دان وهو دون ال ُك َحي ِ‬ ‫العرب‪« :‬ال َّنفط الذي ُت ْطلى به اِإلبل َ‬
‫للجرب وال َّد َبر[ والقِرْ ِ‬
‫وقد يكون أصل الكلمة من‪ ‬األ ّكادية‪« ‬نبتو» أو من‪ ‬األرامية‪« ‬نفتا»‪ ]4[.‬ومنها انتقلت إلى‪ ‬اإلغريقية‪ ‬حيث اشت ّقت كلمة‪ ‬نفثا‪ ،‬والتي كانت‬
‫تستخدم في أواخر القرن التاسع عشر لإلشارة إلى النفط بشكل عام؛ إاّل أنّ داللة كلمة نفثا تغيّرت مع مرور الوقت‪ ،‬إذ يشير حاليا ً إلى‬
‫مزيج خام من قطفات النفط يحصل عليه بعد إجراء تقطير أوّ لي‪ .‬كما ُذكرت أيضا ً كلمة "بطراالون" عند العرب‪ ،‬وقالوا هو "دهن‬
‫الح َجر‪ ،‬وهو النفط‪.‬‬
‫[ ‪]5‬‬
‫الح َجر"‪ ،‬قال‪ ‬ابن البيطار‪" ‬بطراالون" معناه باليونانية دهن َ‬
‫َ‬
‫أمّا كلمة‪ ،petroleum ‬والتي تعرّ ب أحيانا ً لفظيا ً‪ ‬بترول‪ ،‬فمشت ّقة من‪ ‬اإلغريقية‪ ،‬وهي مؤلّفة من مقطعين‪ ،‬األوّ ل ‪( πέτρα‬بترا)‬
‫بمعنى‪ ‬ص[خ[ر[‪ ‬والثاني ‪( ἔλαιον‬إياليون) بمعنى‪ ‬ز[ي[ت[؛ بالتالي يكون المعنى الكامل‪ ‬ز[ي[ت[ ا[ل[ص[خ[ر[‪ ]2 ْ[]6[.‬استخدم‪ ‬جورجيوس‬
‫أغريكوال‪ ‬كلمة‪ ‬ب[ت[ر[و[ل[ي[و[م[‪ ‬في كتابه‪ De Natura Fossilium ‬الذي نشره سنة ‪ ]7[،1546‬وكان يقصد بها الزيت المعدني‬
‫المستحصل من تقطير قطع‪ ‬الفحم القاري‪ ‬والصخر الزيتي‪.‬‬

‫التاريخ[عدل]‬

‫كان النفط معروفا ً بشكل أو بآخر منذ العصور القديمة‪ ،‬إاّل أنّ أهميّته ازدادت بشكل ملحوظ منذ منتصف القرن التاسع عشر وخاص ًّة مع‬
‫اندالع‪ ‬الثورة الصناعية‪ ‬واختراع‪ ‬محرّ ك االحتراق الداخلي‪ ‬وانتشار‪ ‬الطيران التجاري‪ ‬والتقدّم الصناعي في القطاعات المختلفة‪.‬‬
‫القديم[عدل]‬ ‫التاريخ‬
‫عرفت الشعوب القديمة النفط أو مشت ّقاته (من القار أو األسفلت) من التجمّعات الطبيعية للبرك النفطية التي ارتشحت بسبب عوامل‬
‫التصدّع الطبيعية من باطن األرض إلى ظاهرها‪ .‬وفقا ً للمؤرّ خ اإلغريقي‪ ‬هيرودوت‪ ‬وديودور الصقلّي‪ ‬فقد استخدم‪ ‬األسفلت‪ ‬في بناء‬
‫وتعمير جدران وأبراج مدينة‪ ‬بابل؛[‪ ]8‬كما شاع استخدام المواد النفطية في منطقة‪ ‬الشرق األدنى القديم‪ ‬مثل حضارات‪ ‬بالد‬
‫[ْ ‪]3‬‬
‫الرافدين‪ ‬ومملكة فارس؛ وخاص ًّة في عمليات‪ ‬جلفطة‪ ‬السفن‪ ،‬وهي س ّد حزوزها وما بين ألواحها بطليها‪ ‬بالزفت‪.‬‬
‫كان الصينيون من أوائل الشعوب الذين ّ‬
‫وثقوا استخدام المواد النفطية الخام في الحياة اليومية في القرن األول قبل الميالد مثلما ورد‬
‫في‪ ‬كتاب التغيّرات؛ كما أنّ استعمال تلك المواد مصدراً للطاقة كان معروفا ً لديهم منذ القرن الرابع للميالد‪ ]10[]9[،‬كما استخدمت‬
‫قضبان‪ ‬الخيزران‪ ‬بشكل بدائي للحصول على النفط من اآلبار السطحية‪.‬‬
‫[‪]12[]11‬‬

‫من المحتمل أن يكون الرومان قد استعملوا النفط المتو ّفر لديهم آنذاك في‪ ‬تزليق‪ ‬عرباتهم؛ في حين أنّ ‪ ‬اإلمبراطورية‬
‫البيزنطية‪ ‬استخدمت المشت ّقات النفطية في‪ ‬العصور الوسطى المب ّكرة‪ ‬في تركيب‪ ‬النار اإلغريقية‪ ‬التي استخدمت في الحروب‪ً  ‬‬
‫قاذفة للهب‪.‬‬
‫[‬
‫بدأ استخراج‪ ‬النفط الرملي‪ ‬في أوروبا في القرن الثامن عشر؛[‪ ]13‬كما عثر في مناطق‪ ‬سكسونيا السفلى‪ ‬على األسفلت منذ ذلك الوقت؛‬
‫‪ ]14‬إاَل َ‬
‫أن صناعة‪ ‬الفحم‪ ‬واستخراجه هي التي كانت سائد ًة حينها‪.‬‬
‫لتاريخ الحديث‬
‫بدأت الصناعة النفطية بشكل فعلي في أواسط القرن التاسع عشر بفضل جهود عدّة مكتشفين حاولوا الحصول على السوائل‬
‫الهيدروكربونية من معالجة‪ ‬الفحم‪ .‬من الرائدين في هذا المجال ك ّل من الكندي‪ ‬أبراهام غيسنر‪ ‬واألمريكي‪ ‬جيمس يونغ‪ .‬فعلى سبيل المثال‪،‬‬
‫الحظ الكيميائي جيمس يونغ أواسط القرن التاسع عشر وجود بركة طبيعية من النفط في منطقة في والية‪ ‬ديربيشاير‪ ‬البريطانية‪ ،‬حيث‬
‫أخذ منها عيّنات وأجرى عليها عملية‪ ‬تقطير‪ ‬فحصل على قطفة خفيفة كانت مالئمة لالستخدام وقوداً لمصباحه‪ ،‬في حين أنّ القطفة الثانية‬
‫كانت ذات‪ ‬لزوجة‪ ‬مرتفعة واستخدمها‪ ‬للتزليق؛ وبنا ًء على هذا االكتشاف بدأ يونغ مشروعه الخاصّ في تكرير الهيدروكربونات‪ ]16[.‬تم ّكن‬
‫يونغ الحقا ً من تقطير بعض أنواع‪ ‬الفحم القاري‪ ‬فحصل على سائل أوّ لي يشبه النفط في شكله‪ ،‬والذي أجرى عليه عملية تقطير الحقة‬
‫بطيئة م ّكنته من الحصول على عدد من السوائل النافعة‪ ،‬من بينها زيت أطلق عليه اسم «ز[ي[ت[ ا[ل[ب[ر[ا[ف[ي[ن[»‪ ،‬أل ّنه يتجمّد عند درجات‬
‫حرارة منخفضة بشكل يشبه‪ ‬شمع البرافين‪ ]16[.‬وفي سنة ‪ 1850‬أصدر يونغ‪ ‬براءة اختراع‪ ‬وأسسس مع رفاقه مجموعة شركات في‪ ‬غرب‬
‫لوثيان‪ ‬وغالسكو‪.‬‬
‫[‪]17‬‬
‫أمّا أوّ ل‪ ‬مصفاة نفط‪ ‬في العالم بمعناها الفعلي فأنشئت سنة‪ 1856 ‬من‪ ‬إغناسي لوكاسيفيتش؛[‪ ]18‬حيث تم ّكن من الحصول على‪ ‬الكيروسين‪ ‬من‬
‫التجمّعات الطبيعية لبرك النفط‪ ،‬وساهم في انتشار المصابيح العاملة على المشت ّقات النفطيةـ باإلضافة إلى مساهمته في اإلنشاءات‬
‫مصدر جدي ٍد لإلضاءة‪ ]20[.‬وفي نفس الوقت‬
‫ٍ‬ ‫النفطية‪ ]19[.‬مع مرور الوقت بدأ الطلب العالمي على مشت ّقات النفط باالزدياد للحصول على‬
‫شهدت التقنيات الميكانيكية تقدّما ً ساهم في تطوير الصناعة النفطية في عدّة أماكن في العالم كما هو الحال في مساهمات‪ ‬إدوين دريك‪ ‬على‬
‫سبيل المثال في تطويرها في والية‪ ‬بنسلفانيا‪ ‬األمريكية‪ ]22[]21[،‬وكذلك مساهمات‪ ‬جيمس ميلر ويليامز‪ ‬في استخراج النفط في كندا‪ ]23[.‬أمّا في‬
‫أوروبا فأدّت مساهمات غيورغ هونايوس في منطقة‪ ‬فيتسه‪ ‬األلمانية إلى تأمين حوالي ‪ %80‬من الطلب األلماني على النفط أواخر القرن‬
‫التاسع عشر؛[‪ ]24‬إلى أن تو ّقف اإلنتاج في فيتسه سنة ‪ ،1963‬وأمسى موقع اإلنتاج متحفا ً للنفط منذ سنة ‪ ]25[.1970‬كما شهدت روسيا‬
‫تطوّ رات مماثلة في حفر آبار النفط في منتصف القرن التاسع عشر؛[‪ ]26‬وبدأ حفر األبار ينتشر في مناطق مختلفة من أوروبا‬
‫مثل‪ ‬بولندا‪ ‬ورومانيا‪ ]28[]27[.‬ازدادت أهمّية الحصول على مصادر النفط مع بداية القرن العشرين‪ ،‬وخاص ًّة أثناء النزاعات العسكرية التي‬
‫بلغت ذروتها في‪ ‬الحربين العالميتين‪ ‬األولى‪ ‬والثانية‪.‬‬
‫[‪]29‬‬

‫في المنطقة العربية‬

‫بدأت عمليات التنقيب عن النفط في المنطقة العربية أوائل القرن العشرين‪ ،‬وخاص ًّة بعد سقوط‪ ‬الدولة العثمانية‪ ‬حيث ظهر التنافس بين‬
‫الدول الكبرى للحصول على حقوق االستخراج‪ .‬اكتشف النفط في‪ ‬العراق‪ ‬ألول مرة سنة ‪ 1927‬في حقل كركوك‪ ]4 ْ[.‬أمّا أوّ ل اكتشاف‬
‫للنفط في منطقة‪ ‬شبه الجزيرة العربية‪ ‬فكان سنة ‪ 1932‬في‪ ‬البحرين؛ ث ّم سنة ‪ 1938‬في ك ّل من‪ ‬السعودية‪ ‬والكويت‪ ‬وقطر؛ ث ّم في سنة‬
‫‪ 1962‬في ك ّل من‪ ‬اإلمارات‪ ‬وعُمان‪ ]5 ْ[.‬كما شهد منتصف القرن العشرين اكتشافات في دول عربية أخرى؛ حيث اكتشف النفط في‬
‫ً‬
‫وسيلة للضغط على الحكومات كما حدث في‪ ‬حظر النفط سنة‬ ‫الجزائر سنة ‪ ]6 ْ[،1949‬وفي ليبيا سنة ‪ ]7 ْ[،1958‬استخدم النفط‬
‫‪ 1973‬خالل‪ ‬حرب أكتوبر‪.‬‬
‫[ْ ‪]8‬‬

‫الخواص الكيميائية والفيزيائية[عدل]‬

‫مزيج مع ّق ٍد من المر ّكبات‪ ‬الهيدروكربونية‪ ‬على اختالف حاالتها الغازية والسائلة والصلبة‪ ،‬والتي قد يصل‬
‫ٍ‬ ‫يتكوّ ن النفط الخام كيميائيا ً من‬
‫مجموعها إلى ما يزيد عن ‪ 17000‬مركب عضوي‪ ]30[.‬عند‪ ‬الظروف القياسية من الضغط ودرجة الحرارة‪ ‬توجد الهيدروكربونات‬
‫الخفيفة ذات الرقم الكربوني من ‪ 1‬إلى ‪( 4‬ميثان‪ ‬وإيثان‪ ‬وبروبان‪ ‬وبوتان) على شكل‪ ‬غازي؛ في حين أنّ ‪ ‬البنتان‪ ‬والهيدروكربونات‬
‫األثقل توجد على شكل سائل‪ ،‬وفي القطفات الثقيلة ذات درجات الغليان المرتفعة توجد الهيدروكربونات على شكل صلب‪ .‬تعتمد نسبة‬
‫[‪]31‬‬ ‫المكوّ نات الغازية والسائلة والصلبة على الظروف وعلى‪ّ  ‬‬
‫مخطط األطوار‪ ‬للمزيج النفطي تحت سطح األرض‪.‬‬
‫نة من الغالب من‪ ‬األلكانات‪ّ  ‬‬
‫الخطية وبدرجة أق ّل من‪ ‬األلكانات الحلقية‪ ‬والهيدروكربونات العطرية؛‬ ‫تكون الهيدروكربونات في النفط مكوّ ً‬
‫مع وجود نسبة ضئيلة من مر ّكبات عطرية حاوية على‪ ‬ذرّ ات غير متجانسة‪ ‬من‪ ‬النتروجين‪ ‬واألكسجين‪ ‬والكبريت‪ ،‬باإلضافة إلى كمّيات‬
‫الخزانات النفطية أيضا ً على‪ ‬بكتريا‪ ‬حيّة في مزائجها‪.‬‬
‫[‬ ‫ّ‬ ‫نزرة من ّ‬
‫فلزات مثل‪ ‬الحديد‪ ‬والنحاس‪ ‬والنيكل‪ ‬والفاناديوم‪ .‬تحوي العديد من‬
‫‪ ]32‬يختلف التركيب الجزيئي الدقيق للنفط الخام بشكل كبير حسب المزيج من مكان آلخر‪ ،‬إاّل أنّ االختالف في نسبة‪ ‬العناصر‬
‫الكيميائية‪ ‬في المزائج يكون ضئيالً نسبياً‪ ،‬ويمكن على العموم تقدير نسبة العناصر وفق ما يلي‬
‫المجال‬ ‫العنصر‬

‫‪ 83‬إلى ‪%87‬‬ ‫كربون‬

‫هيدروجي‬
‫‪ 10‬إلى ‪%14‬‬ ‫ن‬

‫‪ 0.1‬إلى ‪%2‬‬ ‫نتروجين‬

‫‪ 0.05‬إلى ‪%1.5‬‬ ‫أكسجين‬

‫‪ 0.05‬إلى ‪%6.0‬‬ ‫كبريت‬

‫< ‪0.1%‬‬ ‫ّ‬


‫فلزات‬

‫يعطي‪ ‬تفاعل االحتراق‪ ‬الكامل للهيدروكربونات (التفاعل مع كمّية كافية من غاز‪ ‬األكسجين) على العموم غاز‪ ‬ثنائي أكسيد‬
‫الكربون‪ ‬والماء‪( ‬على شكل‪ ‬بخار ماء)‪ ،‬ويمكن تمثيل ذلك بتفاعل احتراق‪-4،2،2 ‬ثالثي ميثيل البنتان‪( ‬أو كما يعرف باسم إيزو األوكتان ‪C8‬‬
‫‪ ،)H18‬وهو‪ ‬تفاعل ناشر للحرارة‪.‬‬
‫[‪]34‬‬

‫يختلف النفط الخام في مظهره حسب تركيبه‪ ،‬وعاد ًة ما يتراوح لونه بين األسود إلى البني الغامق‪ ،‬رغم وجود عيّنات ذات لون أصفر‬
‫أو أحمر أو أخضر؛ كما تختلف‪ ‬اللزوجة‪ ‬حسب التركيب أيضاً‪ ،‬فهناك مثالً أنواع من النفط لزوجتها منخفضة‪ ،‬في حين أنّ أنواعا ً أخرى‬
‫ذات لزوجة مرتفعة ج ّداً‪ .‬تكون لزوجة بعض أنواع‪ ‬النفط غير التقليدي‪ ‬مثل‪ ‬نفط أثاباسكا[ الرملي‪ ‬مرتفعة ج ّداً بحيث يوجد على شكل شبه‬
‫صلب وعاد ًة ما يكون مخلوطا ً مع الرمل والماء‪ ،‬ولذلك يشار إليه باسم‪ ‬أسفلت‪ ‬خام (بيتومين)‪ ]35[.‬للنفط على العموم رائحة قوّ ية مميّزة‪،‬‬
‫وهي تختلف في شدّتها حسب نسبة عنصر‪ ‬الكبريت‪ ‬في التركيب الكيميائي‪ .‬يمكن لبعض أنواع النفط أن يكون لها خاصّة‪ ‬فلورية‪ ‬عند‬
‫التعرّ ض‪ ‬لألشعّة فوق البنفسجية‪ ،‬خاصّة مع تنوّ ع‪ ‬المر ّكبات العطرية متعدّدة الحلقات‪ ‬في المزيج النفطي‪.‬‬

‫التش ّكل‬
‫ّ‬
‫مستحاثات‪ ‬عضوية‪ ‬عتيقة مثل‪ ‬العوالق الحيوانية‪ ‬والطحالب‪ ]39[]38[.‬بعد فنائها وترسّبها وتجمّع‬ ‫النفط هو‪ ‬وقود أحفوري‪ ‬يعود أصله إلى‪ ‬‬
‫طمرت تلك البقايا‪ ‬بالوحل‪ ‬والغِرْ َين‪ ‬والصلصال‪ ‬في مناطق‪ ‬المياه الراكدة‪ .‬يكون تركيز األكسجين تقريبا ً‬ ‫كمّيات كبيرة منها في قعر البحر ُ‬
‫في طبقة عمقها ‪ 1‬متر تحت هذه الرسوبيات أق ّل من ‪ 0.1‬مغ‪/‬ل‪ ،‬وبذلك تع ّد تلك الطبقات‪ ‬فقير ًة باألكسجين‪ ‬بشكل يمنع‬
‫[‬
‫حدوث‪ ‬التحلّل‪ ‬الهوائي فيتش ّكل في البداية‪ ‬طين لزج حمئ؛ وتبقى أثناءها درجات الحرارة ثابتة في المراحل األولى‪.‬‬
‫‪ ]39‬مع‪ ‬ترسّب‪ ‬الطبقات وتكدّسها فوق بعضها لمئات اآلالف من السنين يبدأ الضغط ودرجة الحرارة باالزدياد في المناطق السفلى‪ ،‬ممّا‬
‫يدفع إلى حدوث عملية تحوّ ل في المواد العضوية (تدعى عملية‪ ‬النشأة المابعدية) إلى مادّة شمعية تعرف باسم‪ ‬كيروجين‪ ،‬وهي نفسها‬
‫الموجودة في‪ ‬الصخر الزيتي‪( ‬السجيل الزيتي) في عدّة مناطق من العالم‪ ،‬والتي تتحوّ ل بالمعالجة الحرارية إلى هيدروكربونات سائلة‬
‫وغازية بعملية تسمى‪ ‬النشأة التقهقرية‪.‬‬
‫[ْ ‪]9‬‬

‫ظهرت عدّة نظريات لتفسير تش ّكل النفط‪ ،‬وكان العالم الروسي‪ ‬ميخائيل لومونوسوف‪ ‬رائداً في هذا المجال‪ ،‬إذ وضع نظريته عن تش ّكل‬
‫النفط في أواسط القرن الثامن عشر وعرضها آنذاك على‪ ‬األكاديمية الروسية للعلوم‪.‬‬
‫الحيوي[عدل]‬ ‫مراحل التحلّل‬
‫يتش ّكل النفط من‪ ‬التحلّل الحراري‪ ‬للهيدروكربونات‪ ‬في طبقات األرض السفلى‪ ‬في عدد من التفاعالت‪ ‬الماصّة للحرارة‪ ]40[]39[.‬تمرّ تلك‬
‫العمليات بأطوار ومراحل وهي‪:‬‬
‫التحلّل الالهوائي (الطور األول من النشأة المابعدية)‬

‫في غياب كمّية كافية من‪ ‬األكسجين‪ ‬تكون‪ ‬البكتريا الهوائية‪ ‬غير قادرة على تحليل المواد العضوية المنطمرة تحت سطح الرسوبيات‬
‫أو‪ ‬الماء؛ إاّل أنّ ‪ ‬البكتريا الالهوائية‪ ‬تكون قادرة على فعل ذلك بحيث تتحلّل المواد العضوية عن طريق عدّة تفاعالت كيميائية‪ .‬من تلك‬
‫التفاعالت الكيميائية الممكنة هناك‪ ‬تفاعل االختزال‪ ،‬حيث تختزل األمالح الموجودة مثل‪ ‬الكبريتات‪( ‬السلفات) أو‪ ‬النترات‪ ‬إلى‬
‫غازات‪ ‬كبريتيد الهيدروجين‪ )H2S( ‬والنيتروجين‪ )N2( ‬على الترتيب‪ .‬من التفاعالت األخرى للبكتريا الهوائية تفاعل‪ ‬الحلمهة‪( ‬التحلّل‬
‫المائي)؛ حيث تتحلّل بواسطته‪ ‬الس ّكريات المتعدّدة‪ ‬والبروتينات‪ ‬إلى‪ ‬س ّكريات أحادية‪ ‬وأحماض أمينية‪ ‬على الترتيب‪ ]41[.‬تخضع تلك المواد‬
‫األوّ لية الناتجة ضمن الشروط الخالية من األكسجين إلى تفاعالت الحقة‪ ،‬خاص ًّة بوجود‪ ‬اإلنزيمات‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تتفاعل‬
‫األحماض األمينية الحقا ً عن طريق تفاعل‪ ‬نزع أمين تأكسدي‪ ‬إلى‪ ‬أحماض إيمينية‪ ،‬والتي بدورها تتفاعل الحقا ً إلى‪ ‬األمونيا‪ ‬وأحماض‬
‫‪-α‬كيتو‪( ‬ألفا‪-‬كيتو)‪ .‬أمّا الس ّكريات األحادية فتتحلّل بدورها إلى‪ ‬ثنائي أكسيد الكربون‪ )CO2( ‬والميثان‪ .)CH4( ‬في ظرف تلك الشروط‬
‫الالهوائية والقيم المتزايدة من الضغط ودرجة الحرارة تتفاعل األحماض األمينية والس ّكريات األحادية‪ ‬والفينوالت‪ ‬واأللدهيدات‪ ‬إلى‬
‫منتجات‪ ‬أحماض الفولفيك؛ في حين أنّ الدهون والشموع ال يطرأ عليها تحلّل مائي كبير تحت تلك الشروط المعتدلة نسبيا‪.‬‬
‫ً [ ‪]39‬‬

‫تش ّكل الكيروجين (الطور الثاني من النشأة المابعدية)‬

‫يكون لبعض المر ّكبات الفينولية الناشئة من التفاعالت السابقة تأثير‪ ‬مبيد وقاتل للبكتريا‪ ،‬ممّا يكبح من أثر البكتريا الالهوائية في أعماق‬
‫أدنى من ‪ 10‬أمتار تحت سطح الرسوبيات أو الماء‪ .‬تحوي تركيبة المواد في تلك األعماق على مزيج من أحماض الفولفيك ومن‬
‫الدهون والشموع المتفاعلة جزئياً‪ ،‬باإلضافة إلى‪ ‬الليغنين‪ ‬المحوّ ر بشكل طفيف‪ ،‬وكذلك بعض‪ ‬الراتنجات‪( ‬ريزينات) والهيدروكربونات‬
‫األخرى‪ ]39[.‬مع ازدياد العمق تزداد قيم الضغط ودرجة الحرارة كما هو مذكور‪ ]40[،‬ممّا يدفع بالنهاية إلى تش ّكل‪ ‬الكيروجين‪ ،‬وذلك‬
‫بأسلوب غير واضح بالكامل بسبب تع ّقد الظروف المحيطة وتنوّ ع المواد المتفاعلة‪ ،‬إذ يمكن حدوث تفاعالت كيميائية تتضمّن تفاعالت‬
‫ً‬
‫بداية من عمليات التحلّل‬ ‫تشبيك بشكل مماثل لح ٍّد ما لتفاعالت تش ّكل راتنج‪ ‬يوريا‪-‬فورمالدهيد‪ .‬تدعى العملية الكاملة لتش ّكل الكيروجين‬
‫الالهوائي باسم‪ ‬النشأة المابعدية‪ ،‬والتي تتضمّن في معناها نشأة وتش ّكل الكيروجين من عمليات تحوّ ل للمواد العضوية بالتحلّل أوالً ثم‬
‫باالتحاد الالحق‪ ]39[.‬هناك ثالثة أنماط معروفة من الكيروجين مص ّنفة حسب نوع‪ ‬الدقائق البنيوية‪ ‬المكوّ نة‪ ]42[،‬وهي النمط األول ‪I‬‬
‫(الطحالبي) والنمط الثاني ‪( II‬الفحمي) والنمط الثالث ‪( III‬الدبالي)‪.‬‬
‫[ ‪]39‬‬

‫تحول الكيروجين إلى وقود أحفوري (النشأة التقهقرية)‬


‫ّ‬
‫ّ‬
‫يمثل الكيروجين منتصف المسافة بنيويا ً بين المواد العضوية المكوّ نة وبين الناتج من الوقود األحفوري؛ إذ من الممكن أن يتعرّ ض‬
‫الكيروجين إلى األكسجين ممّا يؤدّي إلى تف ّككه‪ ،‬أو أن يطمر تحت‪ ‬القشرة األرضية‪ ‬ألعماق أكبر حيث تتو ّفر الشروط للتحوّ ل البطيء‬
‫إلى وقود أحفوري في عملية تسمى‪ ‬النشأة التقهقرية‪ .‬تحدث العملية األخيرة في أعماق األرض وتتضمّن‪ ‬تفاعالت إعادة‬
‫ترتيب‪ ‬جذرية‪ ‬للكيروجين في عملية بطيئة للغاية تصل إلى مئات اآلالف أو ماليين السنين‪ .‬هناك نمطان من النواتج النهائية لتفاعالت‬
‫النشأة التقهقرية الجذرية‪ ،‬وهما أ) نواتج ذات نسبة هيدروجين‪/‬كربون (‪ )H/C‬منخفصة (وهي مر ّكبات مؤلّفة من حلقات سداسية‬
‫مندمجة مثل‪ ‬األنثراسين‪ ‬وما شابهه) وب) نواتج ذات نسبة هيدروجين‪/‬كربون (‪ )H/C‬مرتفعة (مثل‪ ‬الميثان‪ ‬وما شابهه)‪ .‬أي أنّ النواتج‬
‫إمّا أن تكون غنية بالكربون أو غنية بالهيدروجين‪.‬‬

‫تكون آلية عملية النشأة التقهقرية مشابهة إلى ح ٍد ما آللية‪ ‬التحلّل الحراري‪ ،‬رغم أنّ األولى تحدث عند درجات حرارة منخفضة نسبياً‪.‬‬
‫يطلق الجيولوجيون على المجال من درجة الحرارة الذي يتش ّكل فيه النفط في جوف األرض باسم «نافذة النفط»؛[‪ ]43[]39‬وهي تتراوح‬
‫عمليا ً ما بين ‪° 60‬س إلى حوالي ‪° 130-120‬س؛ والتي يبقى دونها النفط محتجزاً في بنية الكيروجين؛ أمّا األعلى منها فيكون فيها‬
‫معدّل تش ّكل النفط ضئيالً‪ ]44[،‬إذ من الممكن أن يتحوّ ل فيها الكيروجين عند درجات حرارة بين ‪ 170‬و‪° 200‬س إلى‪ ‬غاز‬
‫طبيعي‪ ‬بعملية‪ ‬تكسير حراري‪ ]42[،‬وفي بعض األحيان يمكن للكيروجين أن يهاجر من الطبقات العميقة إلى الطبقات األقرب لسطح‬
‫األرض‪ ،‬كما هو الحال في‪ ‬نفط أثاباسكا الرملي‪.‬‬
‫[ ‪]39‬‬
‫تختلف الحرارة حسب‪ ‬تدرّ ج الحرارة األرضية‪ ،‬وهناك عدّة مصادر للحرارة تحت سطح األرض‪ ،‬منها‪ ‬التحلل اإلشعاعي‪ ‬لمواد القشرة‬
‫األرضية مثل‪ ‬البوتاسيوم‪ 40-‬والثوريوم‪ 232-‬واليورانيوم‪235-‬؛ كما تلعب‪ ‬الصهارة األرضية‪ ‬دوراً في تسخين بعض المناطق في‬
‫جوف األرض‪ ]39[.‬تكون قيم الضغط في باطن األرض مرتفعة‪ ،‬وعاد ًة ما يتش ّكل النفط في أعماق تحت سطح األرض تصل ما بين ‪2‬‬
‫إلى ‪ 4‬كم‪.‬‬
‫[‪]44‬‬

‫للنفط[عدل]‬ ‫أصل غير حيوي‬


‫ظهرت في روسيا أواسط القرن التاسع عشر نظرية تقول إن تش ّكل النفط لم يكن بسبب التحلّل العضوي‪ ‬للمستحاثات األحفورية‪ ،‬إ ّنما‬
‫تش ّكل طبيعيا ً في باطن األرض في طبقة‪ ‬الوشاح‪ ،‬وأنّ ‪ ‬الفوالق‪ ‬نتيجة حركة الصفيحات تحت األرضية هي المسؤولة عن صعود النفط‬
‫إلى‪ ‬القشرة األرضية؛ ومن أبرز من دافع عن هذه النظرية ك ّل من الروسي‪ ‬نيكوالي كودريافتسيف‪ ‬واألمريكي‪ ‬توماس غولد‪ ]45[.‬ذهب‬
‫غولد في نظريته أنّ غاز الميثان فقط هو الذي تش ّكل في طبقة الوشاح‪ ،‬وأ ّنه بعد هجرته إلى القشرة األرضية تحوّ ل إلى األلكانات العليا‬
‫(ن[ظ[ر[ي[ة[ ا[ل[غ[ا[ز[ ا[ل[ع[م[ي[ق[)؛ أمّا الباحثون الروس فافترضوا أ ّنه حتى األلكانات العليا قد تش ّكلت في أعماق األرض‪.‬‬
‫[ ‪]45‬‬

‫تستند هذه النظرية على حقيقة وجود بعض‪ ‬المر ّكبات العضوية‪ ‬المع ّقدة في نيازك‪ ‬الكوندريت‪ ،‬باإلضافة إلى وجود بعض الكمّيات‬
‫يعزز من االفتراض القائل بأنّ جوف األرض يسود فيه‬ ‫من‪ ‬األلكانات‪ ‬القصيرة الغازية في‪ ‬الصخر فوق المافي؛ ممّا ّ‬
‫وسط‪ ‬مختزل‪ ‬يساعد على تش ّكل الهيدروكربونات بشكل عام‪ ]45[.‬كما تم ّكنت مجموعة بحث روسية من الحصول على بعض األلكانات‬
‫العليا انطالقا ً من تعريض الميثان لضغوط مرتفعة؛[‪ ]46‬في حين بيّنت أخرى أن تحوّ ل‪ ‬الس ّكريات‪ ،‬وهي من المكوّ نات األساسية‪ ‬للكتلة‬
‫الحيوية‪ ،‬إلى سالسل ألكانية طويلة هي عملية غير مفضّلة وفق قوانين‪ ‬الديناميكا الحرارية‪.‬‬
‫[‪]47‬‬

‫تع ّد هذه النظرية خالفية‪ ،‬ويقف ضدّها عد ٌد من الشواهد واألدلة‪ ‬الجيولوجية‪ ‬والجيوكيميائية؛[‪ ]48‬إاّل أ ّنها وجدت من يدافع عنها‪ ،‬خاصّة مع‬
‫ً [ ‪]49‬‬
‫العثور على المصادر النفطية ذات األصل غير الحيوي‪ ،‬رغم شحّ ها وعدم ربحية االستخراج اقتصاديا‪.‬‬

‫االختزان[عدل]‬

‫خزان النفط» (أو مكمن النفط)‪ ،‬ويمكن التمييز بين ّ‬


‫خزانات‬ ‫تدعى التشكيالت الجيولوجية الطبيعية القادرة على اختزان النفط باسم « ّ‬
‫النفط التقليدي‪ ،‬وهي تشكيالت جيولوجية طبيعية في باطن األرض ذات‪ ‬نفاذية‪ ‬ضئيلة؛ وبين ّ‬
‫خزانات النفط غير التقليدي التي تكون على‬
‫شكل صخور ذات‪ ‬مسامية‪ ‬مرتفعة بشكل تكون قادر ًة فيها على اختزان النفط داخلها‪.‬‬

‫الخزان تحت سطح األرض برفقة‪ ‬الغاز الطبيعي‪ ،‬الذي يش ّكل ما يعرف باسم «الغطاء الغازي» فوق السائل‬ ‫ّ‬ ‫يوجد النفط الخام عادة في‬
‫النفطي؛ في حين أنّ ‪ ‬الماء المالح‪ ‬عاد ًة ما يوجد أسفله ألن كثافته أعلى من النفط‪.‬‬
‫التقليدي[عدل]‬ ‫النفط‬
‫هناك ثالثة عوامل جيولوجية من الضروري تو ّفرها لتشكيل‪ّ  ‬‬
‫خزانات نفطية‪ ‬تحت سطح األرض‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫وجود‪ ‬صخور مصدرية‪ ‬غنية‪ ‬بالهيدروكربونات‪ ‬في أعماق مناسبة تحت سطح األرض بحيث تك[[ون الح[[رارة األرض[[ية كافي[[ة‬ ‫‪.1‬‬
‫لتش ّكل النفط‪ ]10 ْ[.‬نشأت أغلب الصخور المصدرية في فترات جيولوجية تعود من ‪ 100‬إلى ‪ 400‬مليون س[[نة (م[[ا بين‪ ‬العص[[ر‬
‫الديفوني‪ ‬والعصر الطباشيري)‪.‬‬
‫وجود صخور‪ ‬مسامية‪ ‬ونفوذة‪ ‬تم ّكن من تخزين النفط‬ ‫‪.2‬‬
‫وجود‪ ‬صخور غطائية‪ ‬تحجب تسرّ ب النفط‬ ‫‪.3‬‬

‫بما أنّ الهيدروكربونات السائلة والغازية تكون ذات قدرة أكبر على الحركة من الكيروجين بسبب انخفاض كثافتها ومع ارتفاع‬ ‫‪.4‬‬
‫الضغط المحيط على الصخور المصدرية فإنها تترك األخيرة وتذهب لالختزان في الصخور المجاورة‪ ،‬وذلك بشرط أن تك[[ون‬
‫بنية تلك الصخور مسامية بالشكل الكافي مثل‪ ‬األحج[[ار الرملية‪ .‬ت[[دعى تل[[ك العملي[[ة باس[[م «ا[ل[ه[ج [ر[ة[ ا[أل[و[ل[ي[ة[» للنف[[ط‪ ،‬وب[[ذلك‬
‫[ة لك[[ون الهي[[دروكربونات ذات كثاف[[ة خفيف[[ة‬ ‫[زان‪ .‬نتيج[ ً‬‫يتش ّكل تدريجيا ً تجمّع أوّ لي للنفط داخل الصخور المسامية على شكل خ[ ّ‬
‫فإنها غالبا ً ما تهاجر إلى الطبقات العليا إلى أن ُت َ‬
‫ختزن في الصخور المسامية المح َتجزة من الصخور الغطائية أعاله[[ا‪ .‬ت[[تر ّتب‬
‫الموائع داخل الخزان النفطي وفق الكثافة بحيث تكون في األعلى طبقة من الغاز تقع تحتها الطبقة النفطية ثم تأتي طبق[[ة المي[[اه‬
‫المالحة في القعر‪.‬‬
‫تصادف الهيدروكربونات السائلة والغازية أحيان[ا ً أثن[[اء طريقه[[ا إلى األعلى بعض الطبق[[ات الص[[خرية الص[مّاء ذات المس[[امية‬ ‫‪.5‬‬
‫القليل[[ة‪ ،‬وال[[تي تع[[رف باس[[م‪ ‬الص[[خور الغطائية‪ ‬وال[[تي تعم[[ل س [ ّداً ح[[اجزاً يحجب النف[[ط من االس[[تمرار في الص[[عود‪ .‬يس[[اعد‬
‫وجود‪ ‬القباب الملحية‪ ‬مثالً في التشكيالت الجيولوجية على احتجاز النفط ومنعه من الهجرة؛ كما تتأثر عملية الهج[[رة الش[[اقولية‬
‫أيضا ً بمسرى وجريان المياه الجوفية‪ ،‬ممّا يدفع النفط أحيان[ا ً إلى الهج[[رة أفقي[ا ً لمئ[[ات من الكيلوم[[ترات إلى أن يص[[ادف مك[[ان‬
‫االحتجاز المناسب‪ ،‬والذي يطلق عليه اصطالحا ً اسم «م[ص[ي[د[ة[ ن[ف[ط[ي[ة[»؛[ْ ‪ ]12‬وتدعى عملية الهجرة األفقية تلك باس[[م «ا[ل[ه[ج[[ر[ة[‬
‫الخزانات النفطي[ة يتش[ ّكل‪ ‬الحق[ل النفطي‪ ،‬ال[[ذي يك[[ون‬
‫ّ‬ ‫ا[ل[ث[ا[ن[و[ي[ة[» للنفط‪ .‬عندما تتر ّكز الهيدروكربونات بعد عمليات الهجرة في‬
‫مالئما ً اقتصاديا ً‪ ‬الستخراج النفط‪ ‬التقليدي‪.‬‬
‫التقليدي[عدل]‬ ‫النفط غير‬ ‫‪.6‬‬
‫يدفع غياب الصخور الغطائية في بعض التشكيالت الجيولوجي[[ة للقش[[رة األرض[[ية النف[ َ‬
‫[ط إلى اس[[تكمال الهج[[رة الش[[اقولية نح[[و‬ ‫‪.7‬‬
‫األعلى للوصل إلى سطح األرض؛ وتدعى تلك الظاهرة عندئذ باسم «ا[ر[ت[ش [ا[ح[ ا[ل[ن[ف[ط[» وتس[مّى تل[[ك الهج[[رة باس[[م «ا[ل[ه[ج [ر[ة[‬
‫ا[ل[ث[ا[ل[ث[ي[ة[» للنفط‪ .‬من األمثلة على ارتشاح النفط تش ّكل‪ ‬حفر القطران‪ ‬مثل‪ ‬بح[[يرة ال[[زفت‪ ‬في‪ ‬تريني[[داد‪ ‬وحف[[ر قط[[ران في البريا؛‬
‫بالمقابل تع ّد‪ ‬براكين الطين‪ ‬في منطقة‪ ‬آسيا الوسطى‪ ‬من أمثلة ارتشاح‪ ‬الغاز الطبيعي‪ ،‬وعندما يرتشح الغاز الط[[بيعي في أعم[[اق‬
‫البحار وفي حال تو ّفر الظروف المالئمة تتشكل عندها‪ ‬هيدرات الميثان‪.‬‬
‫عندما يتسرّ ب النفط من مكامنه تحت األرض ويصعد إلى السطح يش ّكل مزيجا ً مع‪ ‬الرمل‪ ‬والغضار‪ ‬والماء‪ ‬يعرف باسم‪ ‬النفط‬ ‫‪.8‬‬
‫الرملي‪( ‬أو البيتومين)‪ .‬تع ّد‪ ‬كندا‪ ‬وفنزويال‪ ‬من أغنى البلدان في العالم بهذا المصدر‪ ‬غير التقليدي للنفط‪ ]51[.‬من األمثلة األخرى‬
‫على النفط غير التقليدي‪ ‬الصخر الزيتي‪ ،‬وهو نوع من أنواع الصخر الحاوي على‪ ‬الكيروجين‪ ‬وهو سائل زيتي يؤدّي‬
‫تعريضه للحرارة إلى الحصول على السوائل الهيدروكربونية المكوّ نة للنفط؛ وتع ّد الواليات المتحدة من البلدان الغنية بالصخر‬
‫الزيتي‪.‬‬

‫‪.9‬‬

You might also like