Professional Documents
Culture Documents
نفط
نفط
نفط
النفط مادّة طبيعية تستخرج من التكوينات الجيولوجية في جوف األرض ،والتي قد تتجمّع فيها عبر عملية تحوّ ل بطيئة للمواد
العضوية دامت عصوراً وحقبات طويلة نسبياً .يعرّ ف النفط كيميائيا ً أ ّنه مزيج مع ّقد من الهيدروكربونات؛ وهو يختلف في مظهره ولونه
وتركيبه بشكل كبير حسب مكان استخراجه؛ ويع ّد من الخامات الطبيعية ،وعندما يستخرج من تحت سطح األرض يسمّى أيضا ً نفط
خام .يخضع النفط الخام الحقا ً إلى عملية تكرير للحصول على أنواع مختلفة من المنتجات النفطية؛ أي تجرى عليه تقنيا ً عملية تقطير
بالتجزئة تم ّكن من فصله إلى مجموعة من المزائج تتمايز فيما بينها بتدرّ جات نقطة الغليان في برج التقطير؛ وتدعى تلك المجموعات
عادة باسم « َق َط َفات» ]1 ْ[.يص ّنف النفط من أنواع الوقود األحفوري ،وذلك بسبب تش ّكله تحت طبقات األرض العميقة من كمّيات كبيرة
من الكائنات المندثرة (األحافير) مثل العوالق الحيوانية والطحالب والتي طمرت تحت الصخور الرسوبية ث ّم تحلّلت بغياب األكسجين
وارتفاع الضغط ودرجة الحرارة تحت سطح األرض .يستخرج النفط من مكامنه في باطن األرض ،والتي تدعى بآبار النفط ،بحفر
القشرة األرضية وذلك بعد إجراء عملية مسح جيولوجي الختبار مسامية ونفاذية الخزان الجيولوجي.
[ ]2 []1
يع ّد النفط مصدراً ها ّما ً من مصادر الطاقة األوّ لية ،ولذلك يطلق عليه اصطالحا ً اسم «الذهب األسود » بسبب أهمّيته االقتصادية
العالية .إذ تستخدم القطفات الخفيفة منه بشكل أساسي في مزائج وقود السيّارات ووقود الطائرات ،أمّا القطفات الثقيلة فتستخدم في إنتاج
الطاقة الكهربائية وتشغيل المصانع وتشغيل اآلليات الثقيلة؛ كما يع ّد النفط المادّة األوّ لية الخام للعديد من الصناعات الكيمائية على
اختالف منتجاتها ،بما فيها األسمدة ومبيدات الحشرات واللدائن واألقمشة واألدوية.
[ ]3
تص ّنف المنطقة العربية وخاص ًّة منطقة الخليج العربي من أكثر مناطق العالم غنىً باالحتياطي النفطي ،وهي كذلك أكثرها إنتاجا ً
وتصديراً للنفط ،والذي ينقل عاد ًة إمّا باألنابيب أو بالناقالت .يزداد معدّل استهالك النفط مع التقدّم البشري واالعتماد على هذه الخامة
ٌ
ُرضة للنضوب وعدم مصدراً أساسيا ً للطاقة؛ ويلعب سعر النفط دوراً مه ّما ً في األداء االقتصادي العالمي .إاّل أنّ االحتياطات النفطية ع
التجدد خاص ًّة مع االقتراب المستمرّ لما يعرف باسم ذروة النفط ،وهو أقصى معدّل إلنتاج النفط في العالم؛ ممّا فتح الباب للبحث عن
وتطوير بدائل جديدة للطاقة مثل مصادر الطاقة المتجدّدة .انعكس االستعمال المفرط للنفط وأنواع الوقود األحفوري األخرى سلبا ً
على المحيط الحيوي والنظام البيئي للكرة األرضية ،إذ عاد ًة ما ُتسبّب التسرّ بات النفطية كوارث بيئية؛ كما أنّ حرق الوقود األحفوري
هو أحد األسباب الرئيسية لالحترار العالمي.
أصل الكلمة[عدل]
عرف العرب كلمة نفط قديماً ،وكانت تستخدم للداللة على المشت ّقات النفطية اللزجة مثل القطران( أو القار) أو الزفت ،إذ ورد في لسان
ْل .وروىَ أبو حنيفةَ أن النفط هو الكحيل»؛ دان وهو دون ال ُك َحي ِ العرب« :ال َّنفط الذي ُت ْطلى به اِإلبل َ
للجرب وال َّد َبر[ والقِرْ ِ
وقد يكون أصل الكلمة من األ ّكادية« نبتو» أو من األرامية« نفتا» ]4[.ومنها انتقلت إلى اإلغريقية حيث اشت ّقت كلمة نفثا ،والتي كانت
تستخدم في أواخر القرن التاسع عشر لإلشارة إلى النفط بشكل عام؛ إاّل أنّ داللة كلمة نفثا تغيّرت مع مرور الوقت ،إذ يشير حاليا ً إلى
مزيج خام من قطفات النفط يحصل عليه بعد إجراء تقطير أوّ لي .كما ُذكرت أيضا ً كلمة "بطراالون" عند العرب ،وقالوا هو "دهن
الح َجر ،وهو النفط.
[ ]5
الح َجر" ،قال ابن البيطار" بطراالون" معناه باليونانية دهن َ
َ
أمّا كلمة ،petroleum والتي تعرّ ب أحيانا ً لفظيا ً بترول ،فمشت ّقة من اإلغريقية ،وهي مؤلّفة من مقطعين ،األوّ ل ( πέτραبترا)
بمعنى ص[خ[ر[ والثاني ( ἔλαιονإياليون) بمعنى ز[ي[ت[؛ بالتالي يكون المعنى الكامل ز[ي[ت[ ا[ل[ص[خ[ر[ ]2 ْ[]6[.استخدم جورجيوس
أغريكوال كلمة ب[ت[ر[و[ل[ي[و[م[ في كتابه De Natura Fossilium الذي نشره سنة ]7[،1546وكان يقصد بها الزيت المعدني
المستحصل من تقطير قطع الفحم القاري والصخر الزيتي.
التاريخ[عدل]
كان النفط معروفا ً بشكل أو بآخر منذ العصور القديمة ،إاّل أنّ أهميّته ازدادت بشكل ملحوظ منذ منتصف القرن التاسع عشر وخاص ًّة مع
اندالع الثورة الصناعية واختراع محرّ ك االحتراق الداخلي وانتشار الطيران التجاري والتقدّم الصناعي في القطاعات المختلفة.
القديم[عدل] التاريخ
عرفت الشعوب القديمة النفط أو مشت ّقاته (من القار أو األسفلت) من التجمّعات الطبيعية للبرك النفطية التي ارتشحت بسبب عوامل
التصدّع الطبيعية من باطن األرض إلى ظاهرها .وفقا ً للمؤرّ خ اإلغريقي هيرودوت وديودور الصقلّي فقد استخدم األسفلت في بناء
وتعمير جدران وأبراج مدينة بابل؛[ ]8كما شاع استخدام المواد النفطية في منطقة الشرق األدنى القديم مثل حضارات بالد
[ْ ]3
الرافدين ومملكة فارس؛ وخاص ًّة في عمليات جلفطة السفن ،وهي س ّد حزوزها وما بين ألواحها بطليها بالزفت.
كان الصينيون من أوائل الشعوب الذين ّ
وثقوا استخدام المواد النفطية الخام في الحياة اليومية في القرن األول قبل الميالد مثلما ورد
في كتاب التغيّرات؛ كما أنّ استعمال تلك المواد مصدراً للطاقة كان معروفا ً لديهم منذ القرن الرابع للميالد ]10[]9[،كما استخدمت
قضبان الخيزران بشكل بدائي للحصول على النفط من اآلبار السطحية.
[]12[]11
من المحتمل أن يكون الرومان قد استعملوا النفط المتو ّفر لديهم آنذاك في تزليق عرباتهم؛ في حين أنّ اإلمبراطورية
البيزنطية استخدمت المشت ّقات النفطية في العصور الوسطى المب ّكرة في تركيب النار اإلغريقية التي استخدمت في الحروبً
قاذفة للهب.
[
بدأ استخراج النفط الرملي في أوروبا في القرن الثامن عشر؛[ ]13كما عثر في مناطق سكسونيا السفلى على األسفلت منذ ذلك الوقت؛
]14إاَل َ
أن صناعة الفحم واستخراجه هي التي كانت سائد ًة حينها.
لتاريخ الحديث
بدأت الصناعة النفطية بشكل فعلي في أواسط القرن التاسع عشر بفضل جهود عدّة مكتشفين حاولوا الحصول على السوائل
الهيدروكربونية من معالجة الفحم .من الرائدين في هذا المجال ك ّل من الكندي أبراهام غيسنر واألمريكي جيمس يونغ .فعلى سبيل المثال،
الحظ الكيميائي جيمس يونغ أواسط القرن التاسع عشر وجود بركة طبيعية من النفط في منطقة في والية ديربيشاير البريطانية ،حيث
أخذ منها عيّنات وأجرى عليها عملية تقطير فحصل على قطفة خفيفة كانت مالئمة لالستخدام وقوداً لمصباحه ،في حين أنّ القطفة الثانية
كانت ذات لزوجة مرتفعة واستخدمها للتزليق؛ وبنا ًء على هذا االكتشاف بدأ يونغ مشروعه الخاصّ في تكرير الهيدروكربونات ]16[.تم ّكن
يونغ الحقا ً من تقطير بعض أنواع الفحم القاري فحصل على سائل أوّ لي يشبه النفط في شكله ،والذي أجرى عليه عملية تقطير الحقة
بطيئة م ّكنته من الحصول على عدد من السوائل النافعة ،من بينها زيت أطلق عليه اسم «ز[ي[ت[ ا[ل[ب[ر[ا[ف[ي[ن[» ،أل ّنه يتجمّد عند درجات
حرارة منخفضة بشكل يشبه شمع البرافين ]16[.وفي سنة 1850أصدر يونغ براءة اختراع وأسسس مع رفاقه مجموعة شركات في غرب
لوثيان وغالسكو.
[]17
أمّا أوّ ل مصفاة نفط في العالم بمعناها الفعلي فأنشئت سنة 1856 من إغناسي لوكاسيفيتش؛[ ]18حيث تم ّكن من الحصول على الكيروسين من
التجمّعات الطبيعية لبرك النفط ،وساهم في انتشار المصابيح العاملة على المشت ّقات النفطيةـ باإلضافة إلى مساهمته في اإلنشاءات
مصدر جدي ٍد لإلضاءة ]20[.وفي نفس الوقت
ٍ النفطية ]19[.مع مرور الوقت بدأ الطلب العالمي على مشت ّقات النفط باالزدياد للحصول على
شهدت التقنيات الميكانيكية تقدّما ً ساهم في تطوير الصناعة النفطية في عدّة أماكن في العالم كما هو الحال في مساهمات إدوين دريك على
سبيل المثال في تطويرها في والية بنسلفانيا األمريكية ]22[]21[،وكذلك مساهمات جيمس ميلر ويليامز في استخراج النفط في كندا ]23[.أمّا في
أوروبا فأدّت مساهمات غيورغ هونايوس في منطقة فيتسه األلمانية إلى تأمين حوالي %80من الطلب األلماني على النفط أواخر القرن
التاسع عشر؛[ ]24إلى أن تو ّقف اإلنتاج في فيتسه سنة ،1963وأمسى موقع اإلنتاج متحفا ً للنفط منذ سنة ]25[.1970كما شهدت روسيا
تطوّ رات مماثلة في حفر آبار النفط في منتصف القرن التاسع عشر؛[ ]26وبدأ حفر األبار ينتشر في مناطق مختلفة من أوروبا
مثل بولندا ورومانيا ]28[]27[.ازدادت أهمّية الحصول على مصادر النفط مع بداية القرن العشرين ،وخاص ًّة أثناء النزاعات العسكرية التي
بلغت ذروتها في الحربين العالميتين األولى والثانية.
[]29
بدأت عمليات التنقيب عن النفط في المنطقة العربية أوائل القرن العشرين ،وخاص ًّة بعد سقوط الدولة العثمانية حيث ظهر التنافس بين
الدول الكبرى للحصول على حقوق االستخراج .اكتشف النفط في العراق ألول مرة سنة 1927في حقل كركوك ]4 ْ[.أمّا أوّ ل اكتشاف
للنفط في منطقة شبه الجزيرة العربية فكان سنة 1932في البحرين؛ ث ّم سنة 1938في ك ّل من السعودية والكويت وقطر؛ ث ّم في سنة
1962في ك ّل من اإلمارات وعُمان ]5 ْ[.كما شهد منتصف القرن العشرين اكتشافات في دول عربية أخرى؛ حيث اكتشف النفط في
ً
وسيلة للضغط على الحكومات كما حدث في حظر النفط سنة الجزائر سنة ]6 ْ[،1949وفي ليبيا سنة ]7 ْ[،1958استخدم النفط
1973خالل حرب أكتوبر.
[ْ ]8
مزيج مع ّق ٍد من المر ّكبات الهيدروكربونية على اختالف حاالتها الغازية والسائلة والصلبة ،والتي قد يصل
ٍ يتكوّ ن النفط الخام كيميائيا ً من
مجموعها إلى ما يزيد عن 17000مركب عضوي ]30[.عند الظروف القياسية من الضغط ودرجة الحرارة توجد الهيدروكربونات
الخفيفة ذات الرقم الكربوني من 1إلى ( 4ميثان وإيثان وبروبان وبوتان) على شكل غازي؛ في حين أنّ البنتان والهيدروكربونات
األثقل توجد على شكل سائل ،وفي القطفات الثقيلة ذات درجات الغليان المرتفعة توجد الهيدروكربونات على شكل صلب .تعتمد نسبة
[]31 المكوّ نات الغازية والسائلة والصلبة على الظروف وعلىّ
مخطط األطوار للمزيج النفطي تحت سطح األرض.
نة من الغالب من األلكاناتّ
الخطية وبدرجة أق ّل من األلكانات الحلقية والهيدروكربونات العطرية؛ تكون الهيدروكربونات في النفط مكوّ ً
مع وجود نسبة ضئيلة من مر ّكبات عطرية حاوية على ذرّ ات غير متجانسة من النتروجين واألكسجين والكبريت ،باإلضافة إلى كمّيات
الخزانات النفطية أيضا ً على بكتريا حيّة في مزائجها.
[ ّ نزرة من ّ
فلزات مثل الحديد والنحاس والنيكل والفاناديوم .تحوي العديد من
]32يختلف التركيب الجزيئي الدقيق للنفط الخام بشكل كبير حسب المزيج من مكان آلخر ،إاّل أنّ االختالف في نسبة العناصر
الكيميائية في المزائج يكون ضئيالً نسبياً ،ويمكن على العموم تقدير نسبة العناصر وفق ما يلي
المجال العنصر
هيدروجي
10إلى %14 ن
يعطي تفاعل االحتراق الكامل للهيدروكربونات (التفاعل مع كمّية كافية من غاز األكسجين) على العموم غاز ثنائي أكسيد
الكربون والماء( على شكل بخار ماء) ،ويمكن تمثيل ذلك بتفاعل احتراق-4،2،2 ثالثي ميثيل البنتان( أو كما يعرف باسم إيزو األوكتان C8
،)H18وهو تفاعل ناشر للحرارة.
[]34
يختلف النفط الخام في مظهره حسب تركيبه ،وعاد ًة ما يتراوح لونه بين األسود إلى البني الغامق ،رغم وجود عيّنات ذات لون أصفر
أو أحمر أو أخضر؛ كما تختلف اللزوجة حسب التركيب أيضاً ،فهناك مثالً أنواع من النفط لزوجتها منخفضة ،في حين أنّ أنواعا ً أخرى
ذات لزوجة مرتفعة ج ّداً .تكون لزوجة بعض أنواع النفط غير التقليدي مثل نفط أثاباسكا[ الرملي مرتفعة ج ّداً بحيث يوجد على شكل شبه
صلب وعاد ًة ما يكون مخلوطا ً مع الرمل والماء ،ولذلك يشار إليه باسم أسفلت خام (بيتومين) ]35[.للنفط على العموم رائحة قوّ ية مميّزة،
وهي تختلف في شدّتها حسب نسبة عنصر الكبريت في التركيب الكيميائي .يمكن لبعض أنواع النفط أن يكون لها خاصّة فلورية عند
التعرّ ض لألشعّة فوق البنفسجية ،خاصّة مع تنوّ ع المر ّكبات العطرية متعدّدة الحلقات في المزيج النفطي.
التش ّكل
ّ
مستحاثات عضوية عتيقة مثل العوالق الحيوانية والطحالب ]39[]38[.بعد فنائها وترسّبها وتجمّع النفط هو وقود أحفوري يعود أصله إلى
طمرت تلك البقايا بالوحل والغِرْ َين والصلصال في مناطق المياه الراكدة .يكون تركيز األكسجين تقريبا ً كمّيات كبيرة منها في قعر البحر ُ
في طبقة عمقها 1متر تحت هذه الرسوبيات أق ّل من 0.1مغ/ل ،وبذلك تع ّد تلك الطبقات فقير ًة باألكسجين بشكل يمنع
[
حدوث التحلّل الهوائي فيتش ّكل في البداية طين لزج حمئ؛ وتبقى أثناءها درجات الحرارة ثابتة في المراحل األولى.
]39مع ترسّب الطبقات وتكدّسها فوق بعضها لمئات اآلالف من السنين يبدأ الضغط ودرجة الحرارة باالزدياد في المناطق السفلى ،ممّا
يدفع إلى حدوث عملية تحوّ ل في المواد العضوية (تدعى عملية النشأة المابعدية) إلى مادّة شمعية تعرف باسم كيروجين ،وهي نفسها
الموجودة في الصخر الزيتي( السجيل الزيتي) في عدّة مناطق من العالم ،والتي تتحوّ ل بالمعالجة الحرارية إلى هيدروكربونات سائلة
وغازية بعملية تسمى النشأة التقهقرية.
[ْ ]9
ظهرت عدّة نظريات لتفسير تش ّكل النفط ،وكان العالم الروسي ميخائيل لومونوسوف رائداً في هذا المجال ،إذ وضع نظريته عن تش ّكل
النفط في أواسط القرن الثامن عشر وعرضها آنذاك على األكاديمية الروسية للعلوم.
الحيوي[عدل] مراحل التحلّل
يتش ّكل النفط من التحلّل الحراري للهيدروكربونات في طبقات األرض السفلى في عدد من التفاعالت الماصّة للحرارة ]40[]39[.تمرّ تلك
العمليات بأطوار ومراحل وهي:
التحلّل الالهوائي (الطور األول من النشأة المابعدية)
في غياب كمّية كافية من األكسجين تكون البكتريا الهوائية غير قادرة على تحليل المواد العضوية المنطمرة تحت سطح الرسوبيات
أو الماء؛ إاّل أنّ البكتريا الالهوائية تكون قادرة على فعل ذلك بحيث تتحلّل المواد العضوية عن طريق عدّة تفاعالت كيميائية .من تلك
التفاعالت الكيميائية الممكنة هناك تفاعل االختزال ،حيث تختزل األمالح الموجودة مثل الكبريتات( السلفات) أو النترات إلى
غازات كبريتيد الهيدروجين )H2S( والنيتروجين )N2( على الترتيب .من التفاعالت األخرى للبكتريا الهوائية تفاعل الحلمهة( التحلّل
المائي)؛ حيث تتحلّل بواسطته الس ّكريات المتعدّدة والبروتينات إلى س ّكريات أحادية وأحماض أمينية على الترتيب ]41[.تخضع تلك المواد
األوّ لية الناتجة ضمن الشروط الخالية من األكسجين إلى تفاعالت الحقة ،خاص ًّة بوجود اإلنزيمات .فعلى سبيل المثال ،تتفاعل
األحماض األمينية الحقا ً عن طريق تفاعل نزع أمين تأكسدي إلى أحماض إيمينية ،والتي بدورها تتفاعل الحقا ً إلى األمونيا وأحماض
-αكيتو( ألفا-كيتو) .أمّا الس ّكريات األحادية فتتحلّل بدورها إلى ثنائي أكسيد الكربون )CO2( والميثان .)CH4( في ظرف تلك الشروط
الالهوائية والقيم المتزايدة من الضغط ودرجة الحرارة تتفاعل األحماض األمينية والس ّكريات األحادية والفينوالت واأللدهيدات إلى
منتجات أحماض الفولفيك؛ في حين أنّ الدهون والشموع ال يطرأ عليها تحلّل مائي كبير تحت تلك الشروط المعتدلة نسبيا.
ً [ ]39
يكون لبعض المر ّكبات الفينولية الناشئة من التفاعالت السابقة تأثير مبيد وقاتل للبكتريا ،ممّا يكبح من أثر البكتريا الالهوائية في أعماق
أدنى من 10أمتار تحت سطح الرسوبيات أو الماء .تحوي تركيبة المواد في تلك األعماق على مزيج من أحماض الفولفيك ومن
الدهون والشموع المتفاعلة جزئياً ،باإلضافة إلى الليغنين المحوّ ر بشكل طفيف ،وكذلك بعض الراتنجات( ريزينات) والهيدروكربونات
األخرى ]39[.مع ازدياد العمق تزداد قيم الضغط ودرجة الحرارة كما هو مذكور ]40[،ممّا يدفع بالنهاية إلى تش ّكل الكيروجين ،وذلك
بأسلوب غير واضح بالكامل بسبب تع ّقد الظروف المحيطة وتنوّ ع المواد المتفاعلة ،إذ يمكن حدوث تفاعالت كيميائية تتضمّن تفاعالت
ً
بداية من عمليات التحلّل تشبيك بشكل مماثل لح ٍّد ما لتفاعالت تش ّكل راتنج يوريا-فورمالدهيد .تدعى العملية الكاملة لتش ّكل الكيروجين
الالهوائي باسم النشأة المابعدية ،والتي تتضمّن في معناها نشأة وتش ّكل الكيروجين من عمليات تحوّ ل للمواد العضوية بالتحلّل أوالً ثم
باالتحاد الالحق ]39[.هناك ثالثة أنماط معروفة من الكيروجين مص ّنفة حسب نوع الدقائق البنيوية المكوّ نة ]42[،وهي النمط األول I
(الطحالبي) والنمط الثاني ( IIالفحمي) والنمط الثالث ( IIIالدبالي).
[ ]39
تكون آلية عملية النشأة التقهقرية مشابهة إلى ح ٍد ما آللية التحلّل الحراري ،رغم أنّ األولى تحدث عند درجات حرارة منخفضة نسبياً.
يطلق الجيولوجيون على المجال من درجة الحرارة الذي يتش ّكل فيه النفط في جوف األرض باسم «نافذة النفط»؛[ ]43[]39وهي تتراوح
عمليا ً ما بين ° 60س إلى حوالي ° 130-120س؛ والتي يبقى دونها النفط محتجزاً في بنية الكيروجين؛ أمّا األعلى منها فيكون فيها
معدّل تش ّكل النفط ضئيالً ]44[،إذ من الممكن أن يتحوّ ل فيها الكيروجين عند درجات حرارة بين 170و° 200س إلى غاز
طبيعي بعملية تكسير حراري ]42[،وفي بعض األحيان يمكن للكيروجين أن يهاجر من الطبقات العميقة إلى الطبقات األقرب لسطح
األرض ،كما هو الحال في نفط أثاباسكا الرملي.
[ ]39
تختلف الحرارة حسب تدرّ ج الحرارة األرضية ،وهناك عدّة مصادر للحرارة تحت سطح األرض ،منها التحلل اإلشعاعي لمواد القشرة
األرضية مثل البوتاسيوم 40-والثوريوم 232-واليورانيوم235-؛ كما تلعب الصهارة األرضية دوراً في تسخين بعض المناطق في
جوف األرض ]39[.تكون قيم الضغط في باطن األرض مرتفعة ،وعاد ًة ما يتش ّكل النفط في أعماق تحت سطح األرض تصل ما بين 2
إلى 4كم.
[]44
تستند هذه النظرية على حقيقة وجود بعض المر ّكبات العضوية المع ّقدة في نيازك الكوندريت ،باإلضافة إلى وجود بعض الكمّيات
يعزز من االفتراض القائل بأنّ جوف األرض يسود فيه من األلكانات القصيرة الغازية في الصخر فوق المافي؛ ممّا ّ
وسط مختزل يساعد على تش ّكل الهيدروكربونات بشكل عام ]45[.كما تم ّكنت مجموعة بحث روسية من الحصول على بعض األلكانات
العليا انطالقا ً من تعريض الميثان لضغوط مرتفعة؛[ ]46في حين بيّنت أخرى أن تحوّ ل الس ّكريات ،وهي من المكوّ نات األساسية للكتلة
الحيوية ،إلى سالسل ألكانية طويلة هي عملية غير مفضّلة وفق قوانين الديناميكا الحرارية.
[]47
تع ّد هذه النظرية خالفية ،ويقف ضدّها عد ٌد من الشواهد واألدلة الجيولوجية والجيوكيميائية؛[ ]48إاّل أ ّنها وجدت من يدافع عنها ،خاصّة مع
ً [ ]49
العثور على المصادر النفطية ذات األصل غير الحيوي ،رغم شحّ ها وعدم ربحية االستخراج اقتصاديا.
االختزان[عدل]
الخزان تحت سطح األرض برفقة الغاز الطبيعي ،الذي يش ّكل ما يعرف باسم «الغطاء الغازي» فوق السائل ّ يوجد النفط الخام عادة في
النفطي؛ في حين أنّ الماء المالح عاد ًة ما يوجد أسفله ألن كثافته أعلى من النفط.
التقليدي[عدل] النفط
هناك ثالثة عوامل جيولوجية من الضروري تو ّفرها لتشكيلّ
خزانات نفطية تحت سطح األرض ،وهي:
وجود صخور مصدرية غنية بالهيدروكربونات في أعماق مناسبة تحت سطح األرض بحيث تك[[ون الح[[رارة األرض[[ية كافي[[ة .1
لتش ّكل النفط ]10 ْ[.نشأت أغلب الصخور المصدرية في فترات جيولوجية تعود من 100إلى 400مليون س[[نة (م[[ا بين العص[[ر
الديفوني والعصر الطباشيري).
وجود صخور مسامية ونفوذة تم ّكن من تخزين النفط .2
وجود صخور غطائية تحجب تسرّ ب النفط .3
بما أنّ الهيدروكربونات السائلة والغازية تكون ذات قدرة أكبر على الحركة من الكيروجين بسبب انخفاض كثافتها ومع ارتفاع .4
الضغط المحيط على الصخور المصدرية فإنها تترك األخيرة وتذهب لالختزان في الصخور المجاورة ،وذلك بشرط أن تك[[ون
بنية تلك الصخور مسامية بالشكل الكافي مثل األحج[[ار الرملية .ت[[دعى تل[[ك العملي[[ة باس[[م «ا[ل[ه[ج [ر[ة[ ا[أل[و[ل[ي[ة[» للنف[[ط ،وب[[ذلك
[ة لك[[ون الهي[[دروكربونات ذات كثاف[[ة خفيف[[ة [زان .نتيج[ ًيتش ّكل تدريجيا ً تجمّع أوّ لي للنفط داخل الصخور المسامية على شكل خ[ ّ
فإنها غالبا ً ما تهاجر إلى الطبقات العليا إلى أن ُت َ
ختزن في الصخور المسامية المح َتجزة من الصخور الغطائية أعاله[[ا .ت[[تر ّتب
الموائع داخل الخزان النفطي وفق الكثافة بحيث تكون في األعلى طبقة من الغاز تقع تحتها الطبقة النفطية ثم تأتي طبق[[ة المي[[اه
المالحة في القعر.
تصادف الهيدروكربونات السائلة والغازية أحيان[ا ً أثن[[اء طريقه[[ا إلى األعلى بعض الطبق[[ات الص[[خرية الص[مّاء ذات المس[[امية .5
القليل[[ة ،وال[[تي تع[[رف باس[[م الص[[خور الغطائية وال[[تي تعم[[ل س [ ّداً ح[[اجزاً يحجب النف[[ط من االس[[تمرار في الص[[عود .يس[[اعد
وجود القباب الملحية مثالً في التشكيالت الجيولوجية على احتجاز النفط ومنعه من الهجرة؛ كما تتأثر عملية الهج[[رة الش[[اقولية
أيضا ً بمسرى وجريان المياه الجوفية ،ممّا يدفع النفط أحيان[ا ً إلى الهج[[رة أفقي[ا ً لمئ[[ات من الكيلوم[[ترات إلى أن يص[[ادف مك[[ان
االحتجاز المناسب ،والذي يطلق عليه اصطالحا ً اسم «م[ص[ي[د[ة[ ن[ف[ط[ي[ة[»؛[ْ ]12وتدعى عملية الهجرة األفقية تلك باس[[م «ا[ل[ه[ج[[ر[ة[
الخزانات النفطي[ة يتش[ ّكل الحق[ل النفطي ،ال[[ذي يك[[ون
ّ ا[ل[ث[ا[ن[و[ي[ة[» للنفط .عندما تتر ّكز الهيدروكربونات بعد عمليات الهجرة في
مالئما ً اقتصاديا ً الستخراج النفط التقليدي.
التقليدي[عدل] النفط غير .6
يدفع غياب الصخور الغطائية في بعض التشكيالت الجيولوجي[[ة للقش[[رة األرض[[ية النف[ َ
[ط إلى اس[[تكمال الهج[[رة الش[[اقولية نح[[و .7
األعلى للوصل إلى سطح األرض؛ وتدعى تلك الظاهرة عندئذ باسم «ا[ر[ت[ش [ا[ح[ ا[ل[ن[ف[ط[» وتس[مّى تل[[ك الهج[[رة باس[[م «ا[ل[ه[ج [ر[ة[
ا[ل[ث[ا[ل[ث[ي[ة[» للنفط .من األمثلة على ارتشاح النفط تش ّكل حفر القطران مثل بح[[يرة ال[[زفت في تريني[[داد وحف[[ر قط[[ران في البريا؛
بالمقابل تع ّد براكين الطين في منطقة آسيا الوسطى من أمثلة ارتشاح الغاز الطبيعي ،وعندما يرتشح الغاز الط[[بيعي في أعم[[اق
البحار وفي حال تو ّفر الظروف المالئمة تتشكل عندها هيدرات الميثان.
عندما يتسرّ ب النفط من مكامنه تحت األرض ويصعد إلى السطح يش ّكل مزيجا ً مع الرمل والغضار والماء يعرف باسم النفط .8
الرملي( أو البيتومين) .تع ّد كندا وفنزويال من أغنى البلدان في العالم بهذا المصدر غير التقليدي للنفط ]51[.من األمثلة األخرى
على النفط غير التقليدي الصخر الزيتي ،وهو نوع من أنواع الصخر الحاوي على الكيروجين وهو سائل زيتي يؤدّي
تعريضه للحرارة إلى الحصول على السوائل الهيدروكربونية المكوّ نة للنفط؛ وتع ّد الواليات المتحدة من البلدان الغنية بالصخر
الزيتي.
.9