Professional Documents
Culture Documents
تلخيص كتاب حياة تالفة أزمة النفس الحديثة-١
تلخيص كتاب حياة تالفة أزمة النفس الحديثة-١
تأليف:
تود سلون
ترجمة :
تلخيص:
أ.فؤاد العمري
منصة إدراك المعرفية©
WWW.EDRAKMU.COM
مجاالن من العيش يبدو أنهما ال يُستشكالن إال عبر طرق تعتبر حديثة:
1
إن سؤال المعنى يفسر تحول الماليين حين يلتفتون إلى الممارسات
الروحية أو األيدلوجيات الدينية للحصول على جواب .إنهم يعثرون فيها على
رؤى كونية تؤويهم إلى مستوى متعال من نوع ما ،وتزودهم بمعنى عن غاية
الحياة.
تبرز مشكلة المغزى بشكل مباشر في مستوى الحياة اليومي أكثر من
بروزها في مستوى الرؤى الكونية .فاألنشطة تأخذ في الرتابة ،وهوايات
المرء المفضلة تصبح قديمة.
تعتبر الحداثة السياق المرجعي ،والتي تشتمل على سمات مثل سبل
العيش الحضرية ،االنكشاف على وسائل اإلعالم الجماهيري ،االحتكاك
باألعمال والمؤسسات البيروقراطية ،الصدام بين القيم.
2
الوقع النفسي للتحديث
يبدو أن الرضا سلعة نادرة في مستودع التجربة الحديثة ،فنحن ندفع
الثمن النفسي ألسلوب العيش الذي نصفه بأنه ’حديث‘ ،ندفعه بعمالت
عاطفية مختلفة :العجز عن التركيز ،القلق الغامض ،فقدان اإليمان،
الشعور بأال شيء يستحق اإلنجاز ...عادات العمل المهووسة ،السأم من
اآلخرين ،الغربة واالغتراب ،الوحدة واالكتئاب.
ومن أشد المسائل البحثية صعوبة أمام عالم االجتماع هو اإلجابة على
سؤال :كيف أثرت الحداثة في األبنية األساسية للشخصية البشرية.
)1النظام.
)2عالم الحياة.
3
-أما النظام؛ فيشير إلى المعارف واألنشطة المتعلقة بإعادة إنتاج
المجتمع إنتاجاً مادياً ،حيث يصاحب كل ممارسة من هذه الممارسات
معلومات أو معارف تخبر الفاعلين بواقع الحال في العالم الموضوعي،
وبكيفية تدبير شؤونه.
ثم يشرح أنه حين يتقدم التحديث تتقلص مساهمة عالم الحياة في
التطور المجتمعي ،فهو ينكمش عندما ينفصل شيئ ًا فشيئاً عن عمليات
تشغيل النظام ،فالمنطق الداخلي للنظام يندفع للتوسع والتطور
استقالالً عن هموم عالم الحياة.
بعبارة أخرى ،أفكار الناس العميقة عما ينبغي أن تكون عليه الحياة
الطيبة تتباعد أكثر فأكثر عن القرارات المأخوذة لتحسين اإلنتاج الصناعي
ورعاية النمو االقتصادي.
تشير العقلنة إلى التنسيق المنظم للفعل البشري لكي يحرز المزيد
من الغاية التي ينشدها ،وتظهر العقلنة حين تنتقد الممارسات والرؤى
الكونية التقليدية ،وتزاح وتراجع في ضوء القيم المرتبطة بالتطور العلمي
والتقني -قيم نحو الفاعلية ،واإلنتاجية ،والموضوعية ،والحيادية.
وحين ُيفصَل النظام عن عالم الحياة ،فإن عالم الحياة يتفكك إلى ثالث
مكونات بنوية بعضها متصل ببعض :
4
/3والشخصية (الهوية).
إن مارد التحديث يفلت من قمقمه عند تمايز أبنية عالم الحياة
وخضوعها للعقلنة ،فتعزل الشخصية عن الثقافة والمجتمع ،وتعزل
الثقافة عن المجتمع والشخصية ،ويعزل المجتمع بنفس المنوال.
يؤول انفكاك النظام عن عالم الحياة إلى سيطرة إمالءات النظام على
المكونات المتنوعة لعالم الحياة ،فيعاد تنظيمها لتالئم متطلبات نظام
اإلنتاج ومؤسساته.
5
]1العالم الموضوعي لألشياء.
]3العالم الذاتي.
وإن كانت "صحة" المجتمع البشري وإعادة إنتاجه معتمدين على نجاح
نقل عالم الحياة إلى األجيال المتعاقبة ،فإن ذلك العالم يتشوه من خالل
األوجه الرمزية التي طبعها النظام ،والتي اعتاد البشر الحديثون الشكاية
منها :الالمعنى ،تزعزع الهويات الجمعية ،الحيرة ،فقدان الوجهة ،تناقص
شرعية السلطات ،االغتراب واألمراض ( الباثولوجيات) النفسية...
لقد انتقلت السلطة إلى الذين يحققون أهدافهم عبر تطبيق العقالنية
المعرفية األداتية ،لما وقع هذا تحرر فضاء األخالق والقانون من التحكم
6
الديني المباشر ،وأصبحت القواعد القانونية خاضعة للمناقشة والمداولة
من قبل فاعلين آخرين.
تشكّل النفس
إن تكاثر نظريات الشخصية خالل القرن العشرين هو في حد ذاته أثر
من آثار الحداثة.
7
نشأ االهتمام بالرؤى الكبرى التي تناولت طبيعة الفرد – كتلك التي
طورها فرويد ،يونغ ،ماسلو ،فروم ،روجرز ،وهورني نتيجة تنحية العلمانية
للرؤى الالهوتية عن النفس.
تسلط الرغبة
8
في كتابه " الحضارة والرغبة " ،جادل هربرت ماركوزه حول كيفية تمثيل
الكبت ,استنباطا للتسلط الممارس من قبل السادة الخارجيين.
تاريخياً ،لم يصبح الكبت ضروري ًا إال في مرحلة معينة من مراحل التطور
المجتمعي ذاك المتصل بالتحضر و التمدن والتحديث والتصنيع حين أصبح
اإلكراه الخارجي والرقابة البوليسية المفرطة للسلوك البشري غير مجديين.
لم يكن هناك سوى ’بعد واحد‘ فيه يحيون ويعملون :مجتمع
استهالكي ،مدار بيروقراطيا ،ويسند نظاما عسكريا صناعيا مركبا ويستند
إليه.
9
ولكن األسرة الجديدة؛ والمعروفة باسم األسرة النووية ،قد أزاحت
أنظمة األسرة بمختلف أشكالها ،وعززت نمو شخصية ذاتية االعتماد
ومتوجهة للمستقبل ،شخصية تالئم ثقافة النظام الرأسمالي الريادي.
كما تحولت العناية بالطفل إلى فرصة واعدة للسوق ،رجاء أن يصبح
منتجاً.
10
وشكوكهم بالتظافر مع فهم أكبر لوظيفة النظام االجتماعي في عالقته
بهذه المصالح.
في هذه األعراض يكون المرء واعيا وعياً غامضاً بأن األمور ليست على
ما يرام وأنه يفضل البحث عن مسلك آخر ،ولكنه عاجز عن السيطرة على
التشكل األيديولوجي.
تدمير المعنى
نستطيع اآلن أن ندرس كيف يؤدي تمزق العمليات الرمزية لعالم
الحياة إلى العلل النفسية للـأزمنة الحديثة.
11
عند تحليل التحديث الرأسمالي ،من المغري رسم تناظر بين استحواذ
العقالنية المعرفية األداتية وبين انتزاع الترميز المدعوم اجتماعياً وثقافيا.
في الطور األخير من هذا البحث ،نستخلص منظوراً فريداً وجذرياً حول
التحديث الرأسمالي وأثره في العلميات الرمزية.
حيث تنزع الرأسمالية إلى إزاحة العالقات الثابتة والمقيدة بين الناس
واألشياء ،وإحالل وحدة تعادلية مجردة تأذن بالتبادل الحر ،وتبديل كل شيء
جزافاً مقابل أي شيء.
12
فبمسعاها الساخر في تجريد العالم الحديث من القداسة ،تقوم
الرأسمالية بإبادة كل أشكال التحالف واالنتساب ما قبل الحداثية ،وتحطيم
كل القيود الموضوعة على التطور االقتصادي ..إن الرأسمالية تنشر عالقات
السوق في كل مكان ،لتنتج فرداً مزوداً بأنا/أنا عليا ،إضافة إلى التشظي
االجتماعي والنفسي.
إن قواعد المكانة هي األخرى تصبح إعالماً توجيهياً منزوع اللغة ،إنها
تتلقف األفراد في تنشئتهم االجتماعية المبكرة ،وتقيّد فعلهم التواصلي،
وتذكي فيهم توقاناً إلى المال والسلطة ،توقاناً قهرياً مطوع ًا لخدمة
النظام.
التخلص من االستعمار
تنقدح جملة من المقترحات في هذا الصدد.
13
إليجاد التغييرات المرغوبة؛ فالحاجة إلى رؤى واقعية ممكنة
لمجتمعات طوباوية سليمة من الفردانية واالستهالكية.
لكسر أغالل العبودية ،ينبغي على البالغين الذين ضاقوا ذرعاً بالواقع
المرير أن يفكروا في تعاهد األطفال من أجل تحصين األحالم البديلة.
ولعله أزف الوقت الذي نبتدئ فيه تجربة اجتماعية تنتزع الطفل والبالغ
من الترفية الفارغ ،والصور المعلبة عن النفس ،والمعلومات الزائفة التي
يقدمها اإلعالم ..،الخ
ال من
سيتطلب هذا إغالق التلفاز ألطول مدة زمنية ممكنة لنمنح بد ً
ذلك أنفسنا فرصة التأمل فيما نقوم به.
14