Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 7

‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪57 :‬‬

‫االإدارة الرتبوية بني رهان اال�صالح‬


‫واإكراهات الواقع‬
‫عبد املجيد �شفيق‬
‫‪51‬‬

‫ملخ�ص‪:‬‬
‫تهدف هذه املقالة اإىل التعرف على اأهمية الإدارة‬
‫الرتبوية كركيزة اأ�سا�سية يف حت�سني وتطوير املنظومة‬
‫التعليمية‪ ،‬وذلك بالوقوف على مهام املدير باعتباره‬
‫امل�سوؤول الأول على اإدارة املوؤ�س�سة الرتبوية‪ .‬والتعرف على‬ ‫❞‬
‫فالإدارة الرتبوية‬
‫ن�سيب الدارة الرتبوية من ال�سالحات التي عرفتها‬ ‫مل تعد جمرد عملية‬
‫منظومة الرتبية والتكوين باملغرب‪ ،‬لتخل�ص يف النهاية‬
‫ت�سيري روتينية‪ ،‬تقت�رص‬
‫اإىل ال�سعوبات والعراقيل التي لزالت تعرفها الإدارة‬
‫الرتبوية‪ ،‬والتي حتول دون الإنخراط الفعال يف الرتقاء‬ ‫على التوثيق الإداري‬
‫باأداء املوؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬وخلق تفاعل اإيجابي مع املحيط‬ ‫والإح�سائيات اليومية‪،‬‬
‫ال�سو�سيواقت�سادي‪.‬‬ ‫وتنفيذ القرارات‬
‫الفوقية‪ ،‬بل اأ�سبحت‬
‫الكلمات املفاتيح‪ :‬الإدارة الرتبوية – املدير‪ /‬رئي�ص‬ ‫عملية قيادة وابتكار‬
‫املوؤ�س�سة ـ الإ�سالح الرتبوي‬ ‫واإبداع‬
‫❝‬
‫مقدمــــــــة‪:‬‬
‫مما ل�سك فيه اأن منظومة الرتبية والتكوين متثل‬
‫اأداة حيوية يف خمتلف املجتمعات‪ .‬فالرتبية هي املدخل‬
‫الأ�سا�سي لتحقيق التنمية الب�سرية ال�ساملة‪ .‬ولئن كانت‬
‫املوؤ�س�سة الرتبوية هي اأداة اأ�سا�سية للنهو�ص باملجتمع يف‬
‫وفق ذلك‪ ،‬غدا اأمرا ملحا‪ ،‬اإعادة النظر يف‬ ‫خمتلف املجالت‪ ،‬فاإن الإدارة الرتبوية هي‬
‫املعايري املعتمدة ل�سغل هذا املن�سب‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫املدخل الأ�سا�سي لتفعيل واأجراأة وتطوير‬
‫فاإن مبتغانا‪ ،‬من خالل هذه املحاولة‪ ،‬اأن‬ ‫الأهداف التعليمية‪ ،‬وجعلها تواكب حاجيات‬
‫ن�ستجلي واقع وماآل الإدارة الرتبوية ببالدنا‪.‬‬ ‫املجتمع وتطلعاته‪.‬‬
‫عالوة على ر�سد موقعها داخل �سل�سلة‬ ‫من هذا املنطلق‪ ،‬تعد الإدارة الرتبوية‬
‫ال�سالحات التي عرفتها منظومة الرتبية‬ ‫من الركائز ال�سا�سية التي يقوم عليها �سرح‬
‫والتكوين‪ .‬ومدى متكنها (الإدارة الرتبوية )‬ ‫املوؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬ملا لها من دور فعال يف‬
‫من مواكبة التحولت التي عرفها العامل يف‬ ‫تدبري �سوؤون املوؤ�س�سة‪.‬‬
‫هذا املجال؟‬ ‫فالإدارة الرتبوية مل تعد جمرد عملية‬
‫ت�سيري روتينية‪ ،‬تقت�سر على التوثيق الإداري‬
‫الإدارة الرتبوية‪ :‬حماولة للتحديد‬
‫والإح�سائيات اليومية‪ ،‬وتنفيذ القرارات‬
‫بديهي اأن ي�سرتط احلديث عن الإدارة‬ ‫الفوقية‪ ،‬بل اأ�سبحت عملية قيادة وابتكار‬
‫الرتبوية باملغرب‪ ،‬البحث عن ماهية‬ ‫واإبداع‪ .‬كما اأ�سحت مهامها اأكرث ت�سعبا‬
‫الإدارة الرتبوية نف�سها‪ .‬وبالرجوع اإىل‬ ‫وتنوعا‪ ،‬وتتطلب كفاءة وخربة عاليتني‪،‬‬
‫بع�ص الدرا�سات التي تناولت هذا املو�سوع‪،‬‬ ‫عالوة على كونها ت�ستدعي تكوينا يف حقول‬
‫جند اأن الإدارة الرتبوية هي « تنظيم جهود‬ ‫علمية متعددة‪ ،‬واعتماد اأ�ساليب ومقاربات‬
‫العاميلن وتن�سيقها لتنمية الفرد تنمية �ساملة‬ ‫جديدة يف التدبري‪.‬‬
‫يف اإطار اجتماعي مت�سل به وبدويه وببيئته»‬ ‫واإذا كانت املوؤ�س�سة التعليمية ت�سكل‬
‫(حممد عو�ص الرتتوري وحممد فرحان‬ ‫ف�ساء للتفاعل والتوا�سل بني جمموعة من‬
‫الق�ساة‪.)2006 ،‬‬ ‫املكونات (ب�سرية‪ ،‬مادية ‪ ،)....‬فاإن الإدارة‬
‫وقد عرفت الإدارة الرتبوية كذلك‪،‬‬ ‫الرتبوية متثل اخليط الناظم واحللقة‬
‫باعتبارها «علم وفن ت�سيري العنا�سر الب�سرية‬ ‫الرابطة لنجاح هذه املكونات على اختالفها‪.‬‬ ‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪57 :‬‬
‫داخل املوؤ�س�سات التعليمية ذات الأنظمة‬ ‫داخل هذه املكونات‪ ،‬حت�سر اأهمية‬
‫واللوائح‪ ،‬التي تهدف حتقيق اأهداف معينة‪،‬‬ ‫ومكانة رئي�ص املوؤ�س�سة (املدير)‪ ،‬اعتبارا‬
‫بوجود ت�سهيالت واإمكانيات مادية يف زمان‬ ‫للدور املحوري الذي يتبواأه �سمن �سريورة‬
‫ومكان حمددين» (عزيز التيجيتي وخاليد‬ ‫العملية الرتبوية‪ .‬دور حتم على كل من يتقلد‬
‫بني�سو‪.)2009 ،‬‬ ‫هذا املن�سب اأن يكون موؤهال وحا�سال على‬
‫ويف تعريف اآخر‪ ،‬تبدو الإدارة الرتبوية‬ ‫التكوين الالزم لتحمل هذه امل�سوؤوليات‪،‬‬
‫مبثابة « الكيفية التي يدار بها التعليم يف دولة‬ ‫ومواجهة التغريات والتحولت املعا�سرة‬ ‫‪52‬‬
‫ما‪ ،‬وفقا لإيديولوجية املجتمع والإجتاهات‬ ‫التي اأ�سبحت تطال املنظومة الرتبوية ككل‪.‬‬
‫الفكرية والرتبوية ال�سائدة فيه حتى تتحقق هذا ال�سياق‪� ،‬سوف نركز بالأ�سا�ص‪ ،‬على‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪57 :‬‬

‫الأهداف املرجوة منه‪ ،‬نتيجة تنفيذ ال�سيا�سة املدير‪ ،‬باعتباره امل�سوؤول الأول على تدبري‬
‫�سوؤون املوؤ�س�سة‪.‬‬ ‫املر�سومة له (حممد عليلو�ص‪.) 2007 ،‬‬
‫ومن خالل هذه التعاريف ن�ستنتج اأنها‬
‫رئي�ص املوؤ�ش�شة بني ثقل املهام ومعايري‬ ‫الإدارة تركز على توجيه اجلهود من اأجل‬
‫الإ�شناد‬ ‫حتقيق اأهداف املجتمع‪.‬‬
‫يعد مدير املوؤ�س�سة التعليمية حجر‬ ‫وبالرجوع اإىل بع�ص الدرا�سات والبحوث‬
‫‪53‬‬ ‫حول املو�سوع‪ ،‬جندها ت�ستعمل الإدارة الزاوية يف الإدارة الرتبوية‪ ،‬وتت�سعب مهامه‬
‫التعليمية‪ ،‬غري اأن هذا التداخل بني الإدارة بني املجال الإداري واملايل‪ ،‬واملجال الرتبوي‪،‬‬
‫التعليمية والدارة الرتبوية راجع اإىل نقل عالوة على املجال الجتماعي‪ ( .‬خالد املري‬
‫املفهوم عن كلمة ‪ ،Education‬التي جتري وادري�ص القا�سمي‪.)2013 ،‬‬
‫واإذا كان رئي�ص املوؤ�س�سة يتحمل‬ ‫ترجمتها مبعنى الرتبية تارة‪ ،‬ومبعنى التعليم‬
‫امل�سوؤولية الإدارية واملعنوية واملادية‬ ‫تارة اأخرى‪.‬‬
‫ودون اخلو�ص يف حيثيات تلك للموؤ�س�سة‪ ،‬من خالل احلفاظ على البنايات‬
‫الإختالفات‪ ،‬ودرءا لكل لب�ص حمتمل‪ ،‬فاإننا واملمتلكات‪ ،‬وال�سهر على الأمن والنظام‬
‫�سوف ن�ستعمل‪ ،‬يف مقالتنا هذه‪ ،‬مفهوم العام والإن�سباط‪ ،‬وال�سهر على توفري �سروط‬
‫الإدارة الرتبوية بدل الإدارة التعليمية‪ ،‬وذلك ال�سحة والنظافة داخل املوؤ�س�سة‪ ،‬فان ذلك‬
‫ل يعفيه من مهام اأخرى تتمثل يف رئا�سة‬ ‫مراعاة لعتبارين اأ�سا�سيني‪:‬‬
‫املوظفني العاملني باملوؤ�س�سة‪ ،‬والإ�سراف على‬
‫‪ -‬اأول‪ ،‬اأن كلمة الرتبية هي اأ�سمل واأعم �سبط جميع العمليات الإدارية ( مرا�سالت‪،‬‬
‫من التعليم‪ ،‬وهو ما يتوافق ومهمة املدر�سة‪ ،‬ملفات‪ ،‬وثائق)‪.‬‬
‫التي تتمثل يف الرتبية الكاملة‪.‬‬
‫اأمام ت�سعب مهام املدير على امل�ستوى‬
‫‪ -‬ثانيا‪ ،‬اأن املنظومة الرتبوية املغربية الإداري‪ ،‬جنده م�سطرا لالإ�سراف والإهتمام‬
‫ت�ستعمل الإدارة الرتبوية‪ ،‬وهو ما جنده بجوانب اأخرى تربوية واجتماعية‪ ،‬وتتمثل‬
‫واردا يف الن�سو�ص الت�سريعية والتنظيمية الأوىل يف ال�سهر على تطبيق الربامج‬
‫اجلاري بها العمل ‪(.‬خاليد بني�سو وعزيز والطرائق واحل�س�ص والكتب الر�سمية‪،‬‬
‫وتوزيع التالميذ والأ�ساتذة‪ ،‬واإعداد‬ ‫التيجيتي‪.)2009 ،‬‬
‫نق�سد بالإدارة الرتبوية‪ ،‬طاقم اإدارة ا�ستعمالت الزمن‪ ،‬واأي�سا تبليغه ملختلف‬
‫املوؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬الذي ي�ستغل حتت امل�ستجدات الرتبوية‪ ،‬اإ�سافة اإىل رئا�سته‬
‫اإ�سراف املدير باعتباره رئي�ص املوؤ�س�سة‪ .‬ويف ملجال�ص املوؤ�س�سة‪...‬والقيام مبراقبة اأعمال‬
‫على الإنتقاء‪ ،‬ول ت�ستند اإىل اأ�س�ص ومعايري‬ ‫املدر�سني والتالميذ بكيفية م�ستمرة (خالد‬
‫علمية م�سبوطة‪ .‬واأ�سبحت تعتمد على نتائج‬ ‫املري وادري�ص القا�سمي‪.)2013 ،‬‬
‫التناف�ص بني الأ�سخا�ص يف اإطار حركة اإدارية‬ ‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فاإن التطور الذي‬
‫تراعى فيها موا�سفات‪ ،‬هي مبثابة عنا�سر‬ ‫تعرفه منظومة الرتبية والتكوين ببالدنا‪،‬‬
‫تقديرية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫قد فر�ص على املوؤ�س�سة التعليمية اأن تنفتح‬
‫‪ -‬املعلومات واملوؤهالت املهنية‪:‬‬ ‫على حميطها‪ ،‬من خالل العالقات التي‬
‫ال�سهادات اجلامعية واخلربة‪.‬‬ ‫تربطها مع جمموعة من الفاعلني وال�سركاء‪.‬‬
‫‪ -‬املوا�سبة وال�سلوك‪ :‬الن�سباط‪،‬‬ ‫وباعتبار مدير املوؤ�س�سة هو القائد الأول‬
‫اجلدية‪ ،‬ال�سلوك الجتماعي واملهني‪ ،‬ح�سن‬ ‫وممثل املدر�سة‪ ،‬فهذا يتطلب منه النفتاح‬
‫التعامل واحرتام قوانني العمل‪.‬‬ ‫والتعاون مع ال�سلطة واجلماعات الرتابية‪،‬‬
‫وربط عالقات مع اأولياء اأمور التالميذ‪،‬‬
‫‪ -‬الفعالية والنتاج‪ :‬احلنكة والن�ساط‬ ‫واأي�سا ربط عالقات تربوية واجتماعية مع‬
‫والدينامية‪ ،‬والقدرة على التجديد والبتكار‬ ‫موؤ�س�سات وجمعيات اأخرى‪ ،‬وذلك لتنمية‬
‫(خالد املري وادري�ص القا�سمي ‪.)2013 ،‬‬ ‫دور املوؤ�س�سة‪.‬‬
‫بالإ�سافة اإىل هذه املعايري‪ ،‬فقد متت‬ ‫اإن احلديث عن مهام ووظائف املوؤ�س�سة‬
‫مراجعة ال�سروط املعتمدة يف اإ�سناد منا�سب‬ ‫قد ي�سعب ح�سرها خا�سة يف ظل التطور‬
‫الإدارة الرتبوية‪ ،‬ابتداء من �سنة ‪،2004‬‬ ‫الذي اأ�سبحت تعرفه منظومة الرتبية‬
‫تنفيذا ملقت�سيات امليثاق الوطني للرتبية‬ ‫والتكوين‪ .‬وتبني فعال ج�سامة امل�سوؤولية امللقاة‬
‫والتكوين‪ .‬هكذا اأ�سبح احل�سول على‬ ‫على عاتقه‪ .‬وهو ما يتطلب توفره على تكوين‬
‫من�سب مدير يتطلب اإعداد م�سروع تربوي‬ ‫وخربة يف خمتلف امليادين املرتبطة مبجال‬
‫من طرف املرت�سح‪ ،‬ثم يتم تنظيم انتقاء‬ ‫الرتبية (مناهج وعلوم التدبري احلديثة‪،‬‬
‫اأويل بني املرت�سحني‪ ،‬واإجراء مقابلة �سفوية‬ ‫اإملامه بقواعد واأ�سول الإدارة‪.)...‬‬ ‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪57 :‬‬
‫على م�ستوى الأكادميية (حالد املري ادري�ص‬ ‫اأمام ثقل وتعدد املهام املوكولة لرئي�ص‬
‫القا�سمي ‪.)2013‬‬ ‫املوؤ�س�سة‪ ،‬جند اأنف�سنا اأمام ت�ساوؤل م�سروع‬
‫‪- 3‬الإدارة الرتبوية من خالل م�ساريع‬ ‫حول معايري اإ�سناد مهمة الإدارة الرتبوية‬
‫الإ�سالح الرتبوي‬ ‫(املدير) ببالدنا ؟ وما موقع الإدارة الرتبوية‬
‫احتلت الدراة الرتبوية مكانة هامة‬ ‫من الإ�سالحات التي عرفتها منظومة الرتبية‬
‫�سمن خمططات ال�سالح التي عرفتها‬ ‫والتكوين باملغرب؟‬
‫املنظومة الرتبوية املغربية يف العقد الأخري‪،‬‬ ‫اإن اإ�سناد الإدارة الرتبوية باملغرب كان‬ ‫‪54‬‬
‫حيث متت اإعادة النظر يف طرق واأ�ساليب‬ ‫يعتمد على طرق واأ�ساليب تقليدية تقوم‬
‫امليثاق على اإحداث هيئات متخ�س�سة يف‬ ‫تدبري املوؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬وذلك لتح�سني‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪57 :‬‬

‫التخطيط والتدبري واملراقبة على �سعيد‬ ‫وتطوير اأدائها مبا يتما�سى والتطورات التي‬
‫كل موؤ�س�سة تعليمية‪ ،‬بنقل الإخت�سا�سات‬ ‫تعرفها املنظومة ب�سكل عام‪.‬‬
‫وو�سائل العمل ب�سفة تدريجية من الإدارة‬
‫املركزية اإىل امل�ستويات اجلهوية‪ ،‬الإقليمية‬ ‫اأ‪ -‬الدارة الرتبوية من خالل امليثاق‬
‫ثم املحلية (�ص ‪ 24‬من امليثاق الوطني‬ ‫الوطني للرتبية والتكوين‬
‫للرتبية والتكوين)‪.‬‬ ‫متثل الإدارة الرتبوية بيئة اإدارية‬
‫‪55‬‬ ‫اإن ما جاء به امليثاق الوطني للرتبية‬ ‫مفتوحة على ما حولها‪ ،‬ومتتاز بديناميكية‬
‫والتكوين يدعو الإدارة الرتبوية‪ ،‬اأكرث من‬ ‫جتعلها تواكب التغيريات البيئية املحلية‬
‫ذي قبل‪ ،‬اإىل ا�ستيعاب امل�ستجدات الهيكلية‬ ‫والعاملية‪ ،‬وحتاول اأن توازن مابني متطلباتها‬
‫والتنظيمية والرتبوية‪ ،‬وذلك بالنتقال من‬ ‫واحتياجات املجتمع الذي تعي�ص فيه‪.‬‬
‫الت�سيري التقليدي للموؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬اإىل‬
‫فالإدارة الرتبوية بحاجة اإىل حتديث‬
‫التدبري الت�ساركي‪ ،‬حيث جاء يف امليثاق اأن‬
‫اأ�ساليبها‪ ،‬وحت�سني اأدائها مل�سايرة التطورات‬
‫كل موؤ�س�سة تعليمية ي�سريها مدير وجمل�ص‬
‫والإ�ستجابة ملتطلبات املوؤ�س�سة يف عالقاتها‬
‫للتدبري‪ ،‬بحيث اأن هذا املجل�ص ي�سم متثيلية‬
‫باملجتمع‪ .‬لذلك كان من الطبيعي اأن‬
‫املدر�سني واآباء واأولياء التالميذ‪ ،‬و�سركاء يف‬
‫تنال الإدارة الرتبوية ق�سطها يف احلركة‬
‫جمالت الدعم املادي والتقني والثقايف‪.‬‬
‫ال�سالحية التي عرفتها منظومة الرتبية‬
‫اإن التدبري الت�ساركي للموؤ�س�سة التعليمية‪،‬‬ ‫والتكوين باملغرب‪.‬‬
‫يقوم على تدخل جميع الفاعلني‪ ،‬الذين لهم‬
‫�سلة بالتعليم‪ ،‬يف �سناعة القرارات التي‬ ‫وبالعودة اإىل الإ�سالح الذي عرفته‬
‫من �ساأنها الرقي مب�ستواه وجودته‪ .‬ولتفعيل‬ ‫املنظومة‪ ،‬والذي يوؤطره امليثاق الوطني‬
‫واأجراأة التوجيهات الإ�سالحية املتعلقة‬ ‫للرتبية والتكوين‪ ،‬جند ح�سور الإدارة‬
‫بالإدارة الرتبوية‪ ،‬فقد مت �سن جمموعة من‬ ‫الرتبوية من خالل اإعطاء ا�ستقاللية‬
‫الن�سو�ص القانونية والتنظيمية‪ ،‬التي تهدف‬ ‫اأكرب للموؤ�س�سات‪ ،‬لت�سهيل عملية التدبري‬
‫اإىل تقوية القدرات التدبريية‪ ،‬وتاأهيل املوارد‬ ‫والرت�سيد‪ ،‬وذلك ببلورة نهج الالمركزية‬
‫الب�سرية‪ ،‬والتي مت ت�سنيفها اإىل وحماور‬ ‫والالمتركز يف قطاع الرتبية والتكوين‪،‬‬
‫كربى‪� ،‬سملت حمور الإدارة الرتبوية واحلياة‬ ‫باعتباره اختيار ا�سرتاتيجيا (امليثاق الوطني‬
‫املدر�سية‪ .‬حيث جاء فيه اأن تدبري املوؤ�س�سة‬ ‫للرتبية والتكوين‪ .‬املجال اخلام�ص املتعلق‬
‫التعليمية ي�سرف عليه املدير‪ ،‬مب�ساعدة‬ ‫بالت�سيري والتدبري‪ ،‬الدعامة ‪.)15‬‬
‫جمال�ص املوؤ�س�سة‪ .‬ويعترب جمل�ص التدبري اأهم‬ ‫ونظرا لأهمية هذا الإجراء‪ ،‬فقد ن�ص‬
‫للعمل‪ .‬كما �سيتم الإعتماد على موؤ�سرات‬ ‫هذه املجال�ص‪ ،‬بالنظر اإىل املهام التي يتولها‬
‫ولوحات قيادة وتزويد كل موؤ�س�سة تعليمية‪،‬‬ ‫(احممد عليلو�ص ‪.)2007‬‬
‫ونيابة اإقليمية واأكادميية جهوية بربنامج‬
‫اإعالمي للتدبري الإجرائي‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الإدارة الرتبوية من خالل الربنامج‬
‫هذه الإجراءات توؤكد على الدور الهام‬ ‫ال�ستعجايل‪:‬‬
‫واملحوري لرئي�ص املوؤ�س�سة على اخل�سو�ص‪،‬‬ ‫اهتم الربنامج ال�ستعجايل بالإدارة‬
‫�سمن �سريورة الفعل الرتبوي‪ ،‬واأهمية‬ ‫الرتبوية للموؤ�س�سات‪ ،‬حيث تبنى توجهات‬
‫تاهيله ومتكينه من التكوين الالزم‪ .‬وبذلك‬ ‫امليثاق الوطني بخ�سو�ص تطوير اأداء الإدارة‬
‫فهي حتاول اأن تهيء ال�سروط ال�سرورية له‪،‬‬ ‫الرتبوية وجمال�ص التدبري‪ ،‬واأقر الربنامج‬
‫كي يتمكن من القيام باملهام وامل�سوؤوليات‬ ‫مبحدودية املوؤ�س�سة التعليمية يف التجديد‬
‫املنتظرة منه‪.‬‬ ‫والإبداع‪ .‬ولعل هذا الواقع‪ ،‬هو ما تك�سف عنه‬
‫وهذه‪ ،‬هي املرة الأوىل‪ ،‬التي جند فيها‬ ‫طبيعة املمار�سات اليومية واإيقاعات واأمناط‬
‫هذا الإدراك �سبه الكلي ملجموع مكونات‬ ‫الت�سيري التي حتكم هذا اجلهاز‪.‬‬
‫الهيئة الإدارية‪ ،‬واعتبارها ن�سقا متكامال‪،‬‬
‫فالربنامج الإ�ستعجايل �سطر جمموعة‬
‫يحتاج لإ�سالح ودعم �سامل‪.‬‬
‫من التدابري‪ ،‬لدعم اجلهاز التدبريي‬
‫وبالرجوع اإىل الربنامج ال�ستعجايل‪،‬‬ ‫للموؤ�س�سة‪ ،‬حيث اعترب مدير املوؤ�س�سة حجر‬
‫خا�سة ال�سق املتعلق بالإدارة الرتبوية‪ ،‬جنده‬ ‫الزاوية يف نظام التاطري‪ .‬لذلك‪ ،‬فالدور‬
‫يحمل الكثري من الإيجابيات على م�ستوى‬ ‫الكبري الذي ي�سطلع به يف عملية التدبري‬
‫الروؤية‪ .‬لكن ال�سوؤال الذي يطرح هنا هو‪ :‬ما‬ ‫�سي�ساهم حتما يف توطيد و�سعه الإعتباري‪.‬‬
‫مدى اأجراأة وتفعيل هذه الإجراءات داخل‬
‫موؤ�س�ساتنا التعليمية ؟‬ ‫لقد ن�ست بع�ص مواد الربنامج‬
‫الإ�ستعجايل على اأن عملية انتقاء املديرين‬ ‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪57 :‬‬
‫بالرجوع اإىل الواقع الفعلي‪ ،‬ولطبيعة‬
‫املمار�سة داخل املوؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬يت�سح‬ ‫�ستتم اعتمادا على قدراتهم التدبريية‪ ،‬بعد‬
‫اأننا بعيدون كل البعد عن جت�سيد هذه‬ ‫تزويدهم بالعدة املنهجية التي �سيتبعونها‬
‫الن�سو�ص واملطامح‪ .‬وتبقى هذه الجراءات‬ ‫يف تدبري املوؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬كما �ستتم‬
‫جمرد حرب على ورق‪ ،‬وذلك بالنظر اإىل‬ ‫ا�ستفادتهم من تكوين خا�ص يف هذا املجال‪،‬‬
‫التحديات اليومية التي لزالت تعرت�ص‬ ‫وذلك ملدة �سنة‪.‬‬
‫املوؤ�س�سة التعليمية‪� ،‬سواء فيما يتعلق بنق�ص‬ ‫وبغية الإرتقاء بعملية التدبري‪� ،‬سيتم‬
‫املوارد الب�سرية‪ ،‬او بت�سعب وظائف هيئة‬ ‫تزويد املوؤ�س�سات التعليمية بالأطر الكافية‬ ‫‪56‬‬
‫الإدارة وتعدد م�سوؤوليات رئي�ص املوؤ�س�سة‪،‬‬ ‫لتدبري �سوؤونها‪ ،‬وتوفري كل الو�سائل ال�سرورية‬
‫رهني بتوفري الإمكانات وال�سروط الالزمة‬ ‫والتي يتعذر على هذا الأخري اإجنازها‪ ،‬يف‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪57 :‬‬

‫لتفعيل واأجراأة م�سامني هذه الإ�سالحات‪،‬‬ ‫ظل ال�سروط احلالية‪ ،‬ويف ظل غياب طاقم‬
‫ومن خاللها النهو�ص بالإدارة الرتبوية‪،‬‬ ‫اإداري م�ساعد‪.‬‬
‫ومتكينها من اآليات التدبري احلديث من‬ ‫اإن النظرة الدقيقة ملا يجري مبوؤ�س�ساتنا‬
‫تخطيط‪ ،‬تنظيم‪ ،‬توجيه‪ ،‬تن�سيق ومراقبة‪،‬‬ ‫التعليمية‪ ،‬يدفعنا اإىل القول باأنه مل تتم‬
‫حتى تنخرط ب�سكل فعال يف الإرتقاء باأداء‬ ‫اأجراأة م�سامني الوثائق ال�سالحية‬
‫املنظومة الرتبوية ببالدنا‪.‬‬‫(امليثاق‪.‬و‪.‬ت‪.‬ت‪ ،‬الربنامج ال�ستعجايل)‪،‬‬
‫‪57‬‬ ‫كما اأن اأطر الدارة الرتبوية مل تنخرط‬
‫املراجع املعتمدة‬ ‫ب�سكل فعال يف هذا ال�سالح‪ ،‬بحيث لزالت‬
‫‪ -‬الرتتوري حممد عو�ص والق�ساة‬ ‫تتبنى اأ�ساليب الت�سيري التقليدية املبنية‬
‫على الت�سلط‪ ،‬والنفراد باتخاذ القرارات‪ ،‬حممد فرحان‪ ،‬املعلم اجلديد‪ :‬دليل املعلم يف‬
‫وبالتايل ا�ستن�ساخ جتارب املا�سي‪ .‬بالإ�سافة الإدارة ال�سفية الفعالة‪ ،‬دار ومكتبة احلامد‪،‬‬
‫اإىل وجود عوائق متعددة‪ ،‬حتول دون م�ساركة الطبعة الأوىل‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬احممد عليلو�ص‪ ،‬الرتبية والتعليم من‬ ‫جمال�ص املوؤ�س�سة يف تدبري ال�ساأن الرتبوي‪.‬‬
‫اأجل التنمية‪ ،‬من�سورات جملة علوم الرتبية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،10‬الطبعة الأوىل‪.2007 ،‬‬ ‫على �شـــــبيل اخلــتم‬

‫‪ -‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪.‬‬ ‫اإن الإدارة الرتبوية باملغرب‪ ،‬مل تتخل�ص‬
‫من تبعات النظرة التحكمية التي �ساحبتها وزارة الرتبية الوطنية‪.‬‬
‫ل�سنوات طويلة‪ ،‬حيث اأن مهامها لزالت‬
‫‪ -‬خالد املري وادري�ص القا�سمي‪ ،‬الت�سريع‬ ‫تخ�سع لقرارات فوقية‪ .‬وبالرغم من املفاهيم‬
‫اجلديدة التي اأتى بها اإ�سالح املنظومة الداري والت�سيريالرتبوي لفائدة اأطر الرتبية‬
‫الرتبوية ببالدنا‪ ،‬كالالمركزية والالمتركز‪ ،‬والتعليم والإدارة‪ ،‬دار الإعت�سام‪،‬املغرب‪.‬‬
‫والت�سارك‪ ،‬التوا�سل‪ ،‬واحلكامة‪ ...‬فاإن واقع طبعة ‪.2013‬‬
‫‪ -‬عزيز التيجيتي وخالد بني�سو‪ ،‬الدارة‬ ‫احلال يظهر عك�ص ذلك‪.‬‬
‫وبني الواقع والطموح تكرب امل�سافة الرتبوية‪ ،‬من اأجل قيادة مدر�سية حديثة‪،‬‬
‫وتت�سع الهوة‪ ،‬وهي م�سافة يبقى تقلي�سها من�سورات �سدى الت�سامن‪ ،‬الطبعة ‪.2009‬‬

You might also like