O U o U o o o o U U o o o U o o U o U o U o o o o U Oyo o o U o o U U U o o U o U o o U o o U U o

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 17

‫ماستر العلوم إلادارية واملالية‬

‫وحدة‪ :‬القضاء املالي‬


‫عرض حول‪:‬‬

‫الرقابة القضائية أم الرقابة اإلدارية‪:‬‬


‫أيهما األكثر فعالية‬
‫نسخة منقحة‬

‫ن‬
‫تحت إشراف ألاستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة‪:‬‬
‫حيدرا مولودي‬
‫د‪ .‬محمد بوجيدة‬
‫علي ابيتي‬
‫عبد السالم الرسموكي‬

‫‪7102/7102‬‬
‫مقدمة‬
‫أفرد الدستور الجديد حيزا هاما للمجلس األعلى للحسابات التي تعتبر هيأة عليا للرقابة‬
‫على المال العام‪ ،‬وخصها بمقتضيات تمنحها اختصاصات ذات طبيعة إدارية وقضائية حقيقية‬
‫(الفصول من ‪ 241‬إلى ‪ 251‬من دستور ‪ )1122‬وضمن استقالليته وخوله مهام جسيمة تتعلق‬
‫أساسا بمراقبة تنفيذ الميزانية وبكيفية تدبير المالية العمومية في مجاالتها المتعددة‪ ،‬خاصة‬
‫المتعلقة بإعداد وتنفيذ السياسات العمومية ذات األثر المالي والميزانيات وقد أطر المشرع ضمن‬
‫القانون ‪ 21/99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية بعض القواعد التي تحدد مآل األفعال المكتشفة‬
‫بفعل رقابة القضاة الماليين للمجلس األعلى للحسابات المالية‪ ،‬والمنشورة في التقارير الرقابية‬
‫السنوية المرتبطة بحاالت تبذير المال العام أو هدره أو سوء استعماله‪ ،‬كما تنص على ذلك‬
‫المادة (‪ )222‬منه‪.‬‬
‫كما حرص المشرع المغربي على حماية المال العام من خالل العديد من اآلليات ‪ ،‬أهمها الرقابة‬
‫القضائية ‪ ،‬التي تشكل أحد الركائز األساسية التي ينبني عليها صرح الحكامة الجيدة للشأن‬
‫العام بكل تجلياته‪ ،‬االقتصادية والمالية واالقتصادية والقضائية والثقافية‪.‬‬

‫وتعد الرقابة القضائية على المال العام عنصرا مركزيا في مفهوم الحكامة‪ ،‬إذ تشمل تقديم‬
‫الحساب وتقدير اإلدارة الجيدة للنفقات العمومية‪ ،‬وهي بذلك تتجاوز الرقابة التقليدية التي‬
‫تنصب عادة على العمليات البسيطة للتدقيق من خالل مطابقة التدبير‪ ،‬لتركز على مسائل أخرى‬
‫تتعلق بالنجاعة واألخالق واحترم البيئة واالقتصاد والكفاءة والمردودية وهي أهداف جوهرية‬
‫لجودة اإلنفاق العام‪ .‬وهكذا تم توضيح الوظائف المخولة للمحاكم المالية بهدف تأمين ممارسة‬
‫رقابة مندمجة وإقامة أفضل توازن في مسؤوليات الخاضعين للرقابة والوصول بالتالي إلى نظام‬
‫عقوبات ومتابعات أكثر عدال وإنصافا لهم‪.‬‬
‫ويجد هذا االهتمام أسسه ومنطلقاته من كون الرقابة على المال العام تستلزم وجود جهاز‬
‫قضائي يتوالها‪ ،‬ذلك أن التصدي الفعال لعمليات صرف المال العام‪ ،‬وكذلك حسن تدبيره وترشيد‬
‫أدائه‪ ،‬ال يمكن أن تؤمنه األجهزة اإلدارية لوحدها‪،‬نظرا لمحدودية مجال تدخلها وضعف مواردها‬
‫البشرية و المادية‪ ،‬كما ال يمكن لألجهزة السياسية أن تقوم برقابة فعالة في هذا اإلطار سواء‬
‫تعلق األمر باألجهزة المنتخبة على الصعيد الوطني أو المحلي‪ ،‬وهو ما يفرض وجود هيئة‬
‫رقابية عليا متخصصة في الميدان المالي الوطني والترابي‪ ،‬ومستقلة ومحايدة عن الجهاز‬
‫اإلداري و التشريعي‪.‬‬
‫كما أن التنصيص على دسترة المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات اع ُت ِبر‬
‫األمر حينها نقلة نوعية‪ ،‬وتم الحديث عن دخول المغرب مرحلة تاريخية في إقرار الرقابة‬
‫القضائية الحقيقية على التدبير المالي العمومي‪ ،‬وأُعطي االنطباع حينها أن حماية المال العام قد‬
‫تم إقرارها في القانون األساسي للمملكة‪.‬‬
‫فالمجلس األعلى للحسابات أصبح يكتسي أهمية معنوية كبرى على الرغم من إشكاالت النص‬
‫الدستوري وغموض الوضعية القانونية ومحدودية اإلمكانيات المادية والبشرية‪ ،‬وإذا كانت‬
‫حماية المال العام تعتبر في صلب اإلصالح السياسي والدستوري‪ ،‬فإن تعزيز الرقابة القضائية‬
‫وتفعيل دور المجلس األعلى للحسابات يوجد في صلب النقاش الدائر حاليا بخصوص إقرار‬
‫مبادئ الحكامة السياسية والمالية والتدبيرية‪.‬‬

‫اإلشكالية الرئيسية‪:‬‬

‫فإلى أي حد تساهم الرقابة القضائية واالدارية التي تقوم بها المحاكم المالية في حماية‬
‫المال العام ؟ وأيهما األكثر فعالية؟‬

‫وسيتم تناول الموضوع وفق التصميم اآلتي ‪:‬‬

‫التصميم‬

‫املبحث الاول ‪ :‬الرقابة القضائية والغير القضائية للمحاكم املالية‬


‫املطلب الاول ‪ :‬الاختصاصات القضائية‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬الاختصاصات الغير القضائية‬

‫املبحث الثاني‪ :‬تقييم فعالية رقابة املحاكم املالية على املال العام‬
‫املطلب ألاول ‪ :‬الاختصاصات القضائية للمحاكم املالية بين إلاشكاالت القانونية‬
‫والصعوبات العملية‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬فعالية وحدود الاختصاصات الغير القضائية‬


‫املبحث ألاول‪ :‬الرقابة القضائية والغير القضائية للمحاكم املالية‪.‬‬
‫تعد المحاكم المالية الهيئة العليا للمراقبة المال العام بالمغرب‪ ،‬وتتراوح رقابتها بين رقابة‬
‫قضائية (المطلب األول) ورقابة غير قضائية أو ادارية ( المطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب ألاول‪ :‬الرقابة القضائية للمحاكم املالية‪.‬‬


‫تعد الرقابة القضائية من أهم االختصاصات والوظائف التي منحت للمحاكم المالية وذلك بمقتضى‬
‫القانون ‪ 21.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫وتتوزع هذه الوظائف الى ثالث وظائف أساسية‪.‬‬

‫يعتبر التدقيق والبث من أهم الوظائف القضائية التي‬ ‫التدقيق والبث في الحسابات‪:‬‬
‫منحت للمحاكم المالية‪ ،‬إذ في هذا الشأن تختص المحاكم المالية في التدقيق في حسابات مرافق‬
‫الدولة وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاوالت التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية‬
‫رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية و الجماعات الترابية‪ ،‬وتتم‬
‫المراقبة عن طريق مراقبة حسابات المحاسبين العموميين لهذه الهيئات‪ .‬إذ يتعين على هؤالء‬
‫المحاسبين تقديم بيانات حسابية إلى المجلس‪ ،‬ليتم فيما بعد التحقيق من هذه الحسابات من قبل‬
‫المستشار المقرر ليتم في األخير تقديم التقرير إلى الهيئة لتبث وتتخذ قرارها حول مدى إثبات‬
‫مخالفة المحاسب العمومي من عدمها‪.‬‬
‫ويعد هذا االختصاص اختصاصا مشتركا بين المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية‬
‫للحسابات‪ .‬إذ تبث هذه األخيرة في حسابات الهيئات الخاضعة موضوعيا الختصاصاتها‪ ،‬ويتعلق‬
‫األمر أساسا بمساطر التحقيق والبث في حسابات محاسبي الجماعات الترابية‪ ،‬وباقي الهيئات‬
‫والمؤسسات الخاضعة لرقابة المجالس الجهوية للحسابات‪1.‬‬

‫عرفت مدونة المحاكم المالية في مادتها ‪42‬‬ ‫البث في قضايا التسيير بحكم الواقع‪:‬‬
‫المحاسب بحكم الواقع بأنه كل شخص يباشر من غير أن ِيؤهل لذلك من لدن السلطة المختصة‬
‫عمليات قبض الموارد ودفع النفقات وحيازة واستعمال أموال أو قيم في ملك أحد األجهزة‬
‫العمومية الخاضعة لرقابة المجلس‪ ،‬أو يقوم دون أن تكون له صفة محاسب عمومي بعمليات‬
‫تتعلق بأموال أو قيم ليست في ملك األجهزة المذكورة‪ ،‬ولكن المحاسبين العموميين يكلفون‬
‫وحدهم بإنجازها وفقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،6102 ،‬ص ‪.632‬‬
‫يحيل الوكيل العام للملك الى المجلس العمليات التي قد تشكل تسييرا بحكم الواقع إما من تلقاء‬
‫نفسه أو بطلب من الوزير المكلف بالمالية ‪ ،...‬وتطبق على المحاسب بحكم الواقع نفس‬
‫مقتضيات المحاسب الحقيقي‪.‬‬
‫أما فيما يخص المجال الترابي فإنه تتولى المجالس الجهوية للحسابات الرقابة على المحاسبين‬
‫بحكم الواقع‪ ،‬إذ تتم إحالة العمليات التي يتم تكييفها بهذه الصفة على هاته المجالس إما تلقائيا‬
‫من قبل وكالء الملك أو بمبادرة من السلطات الوصية على الجماعات الترابية وهنا أقصد‬
‫باألساس وزارة الداخلية أو من قبل المدبرين المحليين‪.‬‬

‫البث في قضايا التأديب املتعلقة بامليزانية والشؤون املالية‪ :‬يمارس المجلس وظيفة‬
‫قضائية جد مهمة والمتمثلة في التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة لكل‬
‫مسؤول أو موظف أو عون بأحد األجهزة الخاضعة لرقابة المجلس‬
‫ويتضح هنا بالملموس أن الرقابة تنقسم إلى رقابة األجهزة ورقابة األشخاص‪ ،‬فبالنسبة لألولى‬
‫فإنه تخضع لرقابة المجلس األعلى للحسابات كل مرافق الدولة‪ ،‬والمؤسسات العمومية‪،‬‬
‫والشركات أو المقاوالت التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على إنفراد أو بصفة‬
‫مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر ‪ ،‬أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ‬
‫القرار‪2.‬‬
‫أما الثانية‪ ،‬فإنها تخضع لرقابة قضائية كل المسؤولين والموظفين الذين تتصل اختصاصاتهم‬
‫بشكل وثيق باألموال العمومية( اآلمرين بالصرف‪ .‬المحاسبيين العموميين)‪.‬‬
‫ويستثنى من هذه الرقابة أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب‪ ،‬والمستشارين عندما‬
‫يمارسون مهامهم بهذه الصفة طبقا للمادة ‪ 51‬من القانون ‪.21.99‬‬
‫ويتشارك المجلس األعلى للحسابات مع المجالس الجهوية للحسابات في هذا االختصاص إذ‬
‫تختص هذه األخيرة بدورها في رقابة الجماعات الترابية‪ ،‬وهيأتها ومختلف المؤسسات‬
‫العمومية الخاضعة لوصايتها والمقاوالت ذات االمتياز‪ ،‬وشركات االقتصاد المختلط المحلية‪3.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الرقابة إلادارية للمحاكم املالية‪.‬‬


‫إذا كان المشرع قد منح للمحاكم المالية عدة وظائف قضائية لممارسة رقابته على المال العام‪،‬‬
‫فإنه من جهة أخرى منح أيضا وظائف إدارية لهذه المحاكم وتتجلى باألساس في‪:‬‬

‫‪ 2‬المادة ‪ 45‬القانون رقم ‪ 26.66‬املتعلق بمدونة املحاكم املالية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهر الشريف رقم ‪0.16.062‬بتاريخ ‪ 0‬ربيع الثاني ‪0263‬املوافق ‪ 03‬يونيو ‪.6116‬‬
‫ج‪ .‬ر‪.‬عدد ‪ 0131‬بتاريخ ‪ 00‬غشت ‪6116‬‬
‫‪ 3‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.322‬‬
‫مراقبة التسيير‪ :‬بالرغم من كون هذه الرقابة تعتبر بدورها قضائية نظرا لطبيعة الجهاز‬
‫الذي يشرف عليها فإنها تبقى في جوهرها رقابة إدارية لتعلقها و إعتمادها على مساطر إدارية‬
‫ال على إجراءات قضائية‪ ،‬إذ ال يتمتع القاضي المالي حين اجرائها بسلطة قضائية على اإلدارة‬
‫فهو يكتفي بمراقبة نتائج ومناهج تسييرها وطرق صرفها للمال العام‪ ،‬وإبداء مالحظاته‬
‫ومقترحاته بشأن تحسين وسائل العمل دون الحق في زجر المخالفات‪4.‬‬
‫إن الهدف من منح هذا االختصاص للمحاكم المالية هو إجراء تقييم كيفي لمناهج وطرق التدبير‬
‫المعتمدة من طرف الهيئات التي أخضعها للرقابة والتحقق من مدى بلوغ األهداف المسطرة بأقل‬
‫التكاليف‪.‬‬
‫ولتيسير مهمة القاضي المالي‪ ،‬فإن مدونة المحاكم المالية تمنحه سلطة واسعة من أجل االطالع‬
‫على كل الوثائق والبيانات والمعلومات التي تساعده على القيام بمهمته الرقابية‪ ،‬كما يمكن له‬
‫االستماع إلى األشخاص الذين يرون أن إفادتهم ضرورية‪.‬‬
‫وتمارس هذه المراقبة حسب المادة ‪ 12‬من المدونة‪ ،‬على مرافق الدولة‪ ،‬المؤسسات العمومية‪،‬‬
‫المقاوالت المخولة االمتياز في مرفق عام أو المعهود إليها بتسييره ‪ ،‬الشركات والمقاوالت التي‬
‫تملك فيها الدولة أو مؤسسات عمومية على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير‬
‫مباشر أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫الشركات والمقاوالت التي تملك فيها الدولة أو مؤسسات عمومية بصفة مشتركة مع الجماعات‬
‫المحلية اغلبية األسهم في رأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫أما في المجال المحلي أو الترابي فإنه تختص المجالس الجهوية للحسابات بممارسة رقابة‬
‫التسيير على الجماعات الترابية وهيأتها ومختلف المؤسسات العمومية ذات الطابع المحلي‪ ،‬كذا‬
‫المقاوالت ذات امتياز تدبير المرافق العمومية المحلية إضافة إلى مؤسسات والشركات التي‬
‫تملك الجماعات حصص في رأسمالها‪5.‬‬

‫لقد أسندت للمجلس األعلى اختصاصات إدارية‬ ‫مراقبة استخدام ألاموال العمومية‪:‬‬
‫مهمة‪ ،‬وأقصد هنا مهمة مراقبة استخدام األموال العمومية‪ ،‬إذ تمتد صالحيات القاضي المالي‬
‫إلى حيت يصرف المال العمومي من أجل التأكد من مدى مطابقة أوجه استعماله للغايات‬
‫واألهداف التي كانت سببا في الحصول عليه‪ ،‬حيث يتمتع القاضي المالي بالحق القانوني في‬
‫تتبع ومراقبة استخدام المال العام الذي تحصل عليه الهيئات العمومية والمنظمات كيفما كانت‬
‫طبيعتها وكيفما كان شكلها في شكل مساعدات مالية من الدولة أو مؤسسة عمومية أو جماعة‬
‫محلية أو هيئة أو أي جهاز أخر يخضع لرقابة القاضي المالي كيفما كان شكل وطبيعة المساعدة‬

‫‪ 4‬معمر المصطفى‪ :‬قراءة في مضمون مدونة المحاكم المالية ‪ :‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد مزدوج ‪ ، 43-45‬يوليوز‪ -‬اكتوبر‬
‫‪ .3002‬ص ‪.521‬‬
‫‪ 5‬المادة ‪ 551‬من مدونة المحاكم المالية مرجع سابق‬
‫المقدمة سواء أخدت صورة مساهمة في الرأسمال أو مجرد إعانة أو منحة مالية‪ ، 6‬إال أنه‬
‫تبقى هذه الرقابة إخبارية تنتهي بإعالن النتائج التي أسفر عنها التحقيق وتبليغها عند االقتضاء‬
‫إلى السلطات االدارية التي تمتلك صالحيات اتخاد اإلجراءات الالزمة وال يحق للقاضي أن يتخذ‬
‫بنفسه العقوبات‬
‫ويعد هذا االختصاص مشترك بين المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬إذ‬
‫تراقب هذه األجهزة الهيئات المتواجدة في نطاقها الترابي‪ ،‬من خالل مراقبة مجاالت استخدام‬
‫هاته االموال‪ ،‬كما هو محدد في المادة ‪254‬من المدونة‪.‬‬

‫مراقبة استخدام ألاموال التي يتم جمعها عن طريق إلاحسان العمومي‪ :‬يمارس المجلس‬
‫األعلى للحسابات دون المجلس الجهوي للحسابات رقابة على األموال التي يتم جمعها عن‬
‫طريق إلتماس من اإلحسان العمومي من طرف الجمعيات ذات النفع العام‪ ،‬وتهدف هذه المراقبة‬
‫إلى التأكد من أن استعمال الموارد التي تم جمعها يطابق األهداف المتوخاة من اإلحسان‬
‫العمومي‪ ،‬إال أن هذه المراقبة تكون مقيدة بطلب‪ ،‬إذ أنه ال يمكن للمجلس األعلى للحسابات‪،‬‬
‫مراقبتها إال بعد طلب من رئيس الحكومة‪.‬‬
‫ويتوجب على الجمعيات موضوع طلب المراقبة أن تقدم إلى المجلس األعلى للحسابات‪،‬‬
‫الحسابات المتعلقة باستخدام الموارد التي ثم جمعها‪7.‬‬

‫مراقبة إلاجراءات املتعلقة بتنفيذ امليزانية‪ :‬تعتبر هذه المراقبة اختصاصا أصيال للمجالس‬
‫الجهوية للحسابات‪ ،‬ويعتبر الكثيرون أن منح هذا االختصاص للمجالس الجهوية للحسابات‬
‫يستهدف باألساس ضبط آليات ووسائل تنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية وكذا مساعدة‬
‫السلطات الوصية على الجماعات الترابية لتتبع وتنفيذ والتدخل لضمان السير العادي والطبيعي‬
‫للجماعات الترابية‪8.‬‬
‫إذ تتم مراقبة بيان تنفيذ الميزانية من طرف المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬إذ أنه كل سنة يأتي‬
‫المحاسب بحساب التدبير فيراقبه المجلس من خالل طرق التصويت عليه و كيفية تنفيد هذه‬
‫الميزانية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى كل ما سلف ذكره تتمتع المحاكم المالية بصفة عامة بمجموعة من االختصاصات‪،‬‬
‫والمجلس األعلى للحسابات بصفة خاصة‪ ،‬إذ أنه يختص أيضا بوظائف غير رقابية أو عرضية‬
‫والمتمثلة في مساعدة البرلمان والحكومة‪ ،‬واالشهاد بالمطابقة‪ .‬و أيضا وظيفة تفتيش المجالس‬
‫الجهوية للحسابات باعتبار هذه األخيرة تابعة له‪.‬‬

‫‪ 6‬خديجة بلكبير‪ ،‬مساهمة المحاكم ا لمالية في الرقابة العليا دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ 3001-3001 ،‬ص ‪.340‬‬
‫‪ 7‬المادة ‪ 00‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 8‬عبد اللطيف بروحو مرجع سابق‪ ،‬ص ‪352‬‬
‫كما يختص أيضا من جهته بمراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات‪ ،‬والتدقيق في حسابات األحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات االنتخابية‪ ،‬وقد تم التنصيص على كل هذه‬
‫الوظائف األخيرة في الوثيقة الدستورية لسنة ‪ ،1122‬وبالضبط في الفصلين ‪ 241‬و ‪.241‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬تقييم فعالية رقابة املحاكم املالية على املال العام‬
‫تعتبر المحاكم المالية هيأت عليا للرقابة على المال العام تناط بها مهام مراقبة تنفيذ الميزانية‬
‫العامة وميزانيات الجماعات الترابية بمراحلها المختلفة وأجهزتها المتعددة‪ ،‬وتمثل بالنظر‬
‫للمقتضيات الواردة في القانون المنظم لها "محاكم مالية" تناط بها ممارسة اختصاصات رقابية‬
‫قضائية وإدارية كما هو مبين في المبحث األول أعاله‪ ،‬إال أن هذه الرقابة و رغم أهميتها‬
‫ودورها الفعال في حماية المال العام تعرف عدة إشكاالت تجعلها قاصرة على أداء الدور المنوط‬
‫بها‪.‬‬

‫املطلب ألاول‪ :‬الاختصاصات القضائية للمحاكم املالية بيين إلاشيكاالت القانونيية‬


‫و الصعوبات العملية‪.‬‬
‫تعترض مسطرة التقاضي أمام المحاكم المالية‪ ،‬العديد من اإلشكاالت القانونية والصعوبات‬
‫العملية سواء على مستوى النصوص التشريعية المنظمة لها أو المساطر المتبعة أمامها‪ ،‬وهذه‬
‫اإلشكاالت تحد من نجاعة مسطرتي البث في الحسابات و التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية‪.‬‬
‫ومننن أبننرز اإلشننكاالت التنني تعنناني منهننا هننذه الهيننات المتخصصننة فنني حمايننة المننال العننام عنندم‬
‫تواجنندها داخننل التنظننيم القضنننائي للمملكننة إذ نجنند هننذا األخينننر يتشننكل مننن المحنناكم اإلبتدائينننة‬
‫والتجاريننة و اإلداريننة ثننم المحنناكم االسننتئناف العاديننة والتجاريننة واإلداريننة‪ ،‬دون الحننديث عننن‬
‫المحاكم المالية‪9،‬‬
‫وهكذا فاإلطار التشريعي لهذه المحاكم هو من نوع خاص‪ ،‬ويتأكد ذلك من خالل النظام األساسني‬
‫لقضاته الذي يؤطرهم نظام قانوني خناص ( الكتناب الثالنث منن مدوننة المحناكم المالينة)‪ ،‬وتنزداد‬
‫هذه الخصوصية أيضا من خالل التأمل في منصب الرئاسة حيث أن رئيس المجلس األعلنى لنيس‬
‫قاضيا ‪-‬رغم التنصيص الواضح عليه في المادة ‪ 4‬من مدونة المحاكم المالينة‪ -‬وهنو أمنر يخنالف‬
‫ما يجري عليه األمر في المحاكم العادية‪.‬‬
‫هذا فضال عن غياب النص على طنرق الطعنن األخنرى العادينة كنالتعرض وغينر العادينة كتعنرض‬
‫الغير خارج الخصومة أو إعادة النظنر‪ ،‬فنال يمكنن الطعنن إال باالسنتئناف أو الننقض أو المراجعنة‬
‫في القرارات الصادرة عن المجلس األعلى للحسنابات‪ ،‬وباإلسنتئناف و المراجعنة يالنسنبة ألحكنام‬
‫المجلس الجهوي للحسابات‪.‬‬
‫وبالنسبة لمهام المحاكم المالية على مستوى التدقيق و البت في الحسابات يسجل غياب التنسنيق‬
‫و تداخل اإلختصاصات بين المحاكم المالية ووزارة المالية‪ ،‬فحسب مقتضنيات الفقنرة األولنى منن‬

‫‪ -9‬الصديق حيدة‪ ،‬المحاكم المالية و إشكالية حماية المال العام‪ ،‬مجلة المالية‪ ،‬العدد ‪ -35‬يناير ‪ ،3055‬ص ‪21‬‬
‫المادة ‪ 1‬منن القنانون ‪ ،99. 21‬يالحنظ أن المشنرع أنناط بنوزير المالينة بصنفته رئيسنا تسلسنليا‬
‫للمحاسبين العموميين بناء على نتائج المراقبة التي تقنوم بهنا األجهنزة التابعنة لنه إمكانينة إثنارة‬
‫مسؤولية هؤالء‪ ،‬والحكم عليهم بأداء المبالغ التي تسببوا فني ضنياعها‪ ،‬بمعننى أن وزينر المالينة‬
‫يؤدي نفس الوظيفة المنوطة بالمحاكم المالية فني مواجهنة المحاسنبين العمنوميين‪ ،‬أي أن لهمنا‬
‫نفننس اإلختصنناص فنني مجننال التنندقيق والبننت فنني الحسننابات‪ .‬كمننا يمكننن لننوزير الماليننة إعفنناء‬
‫المحاسبين العموميين الذين ثبتت مسؤوليتهم في مخالفة القوانين و األنظمنة الجناري بهنا العمنل‬
‫أو عنندم اتخنناذهم اإلجننراءات التنني يتوجننب علننيهم القيننام بهننا فنني مجننال تحصننيل المننوارد وأداء‬
‫النفقات‪ ،‬وذلك بقرار اإلعفاء من الذمة المالية على سبيل اإلحسان وهو ما يعتبر تطناول واضنح‬
‫على اختصاصات المحاكم المالية و كأن وزير المالية قاض مالي ثاني‪10.‬‬
‫وفيما يرتبط بمسطرة التأديب المتعلق بالميزانينة والشنؤون المالينة‪ ،‬فنإن مدوننة المحناكم المالينة‬
‫قامت بتحديد األشخاص المعنيين بهنذه المسنطرة وذلنك منن خنالل المنادة ‪ 52‬وحنددت المخالفنات‬
‫المواد (‪ )52-55-54‬ارتباطا بصفة هؤالء األشخاص ومهامهم‪ ،‬إال أنه بالرغم من هنذا التحديند‬
‫سنواء علننى المسننتوى األشننخاص أو المخالفننات فننإن نجاعنة هننذه المسننطرة تبقننى غيننر فعالننة فنني‬
‫غياب التنصيص على مجموعة من األشخاص الذين لهم دور فعال ومؤثر في حماية المال العام‪،‬‬
‫وعلى رأسهم فئة الوزراء و أعضاء مجلس النواب والمستشارين‪..‬‬
‫وفنني مننا يتعلننق بالعقوبننة الناشننئة عننن التأديننب المننالي‪ ،‬فننإن المحنناكم الماليننة حاولننت اإلتيننان‬
‫بمقتضيات تهدف الى الرفع من شدة هنذه العقوبنات‪ ،‬إال أن الصنيغة الحالينة لهنذه العقوبنات تثينر‬
‫أكثننر مننن تسنناؤل وأكثننر مننن انتقنناد فنني األوسنناط الفقهيننة القانونيننة حيننث أنهننا ال تتناسننب ووزن‬
‫وحجننم المخالفننات المرتكبننة مننن طننرف المعنيننين بالمراقبننة‪ ،‬فكيننف يعقننل أن يتننورط المحاسننب‬
‫العمومي في ضياع ماليين الدراهم ويسبب بذلك خسارة مالية فادحة تكون لها انعكاسات خطينرة‬
‫ووخيمننة علننى سننير المرفننق العمننومي ومساسننا بمصننالح المسننتفيدين منننه وأن يحكننم عليننه فقننط‬
‫بغرامات مالية‪11،‬‬
‫وبننالرغم مننن وجننود المننادة ‪ 222‬التنني تنننص علننى إمكانيننة ممارسننة النندعوى الجنائيننة فنني حالننة‬
‫ثبوت أفعال جرمية مرتبطة بالمنال العنام‪ ،‬تقيند الفقنرة الثالثنة منن نفنس المنادة المتابعنة الجنائينة‬
‫بإجراء استثنائي خولت صنالحيات تجناوزه لنرئيس النيابنة العامنة النذي لنه وحنده إعمنال سنلطة‬
‫المالءمة بتحريك المتابعة من عدمها‪12.‬‬
‫ومنا يمكنننا قولنه فني هننذا اإلتجناه أننه إذا كنان دور المحناكم الماليننة هنو حماينة المنال العننام‪ ،‬وأن‬
‫المشرع قد أحدث آليات مؤسساتية و قانونية لتفعيل هنذه الحماينة‪ ،‬فنإن ذلنك يشنوبه الكثينر منن‬

‫‪ -10‬محمد بوجيدة‪ ،‬محاضرات السداسي الثالث‪ ،‬مادة القضاء المالي‪ ،‬ماستر العلوم اإلدارية و المالية‪ ،‬سنة الجامعية ‪3051‬‬
‫‪ -11‬اسماعيل بنيحي‪ ،‬مسؤولية المحاسب العمومي أمام المحاكم المالية في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،3001-3002 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -12‬الصديق حيدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫النقص سواء في الفعالية أو المساطر الواجبة التطبيق‪ ،‬كما أن كل تهاون في حماينة المنال العنام‬
‫له تأثير سلبي على الجانب االقتصادي و اإلجتماعي و البنيات التحتية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬فعالية وحدود الاختصاصات غير القضائية‬


‫تمارس المحاكم المالية‪ ،‬إلى جانب االختصاصات القضائية‪ ،‬اختصاصات غير قضائية تتمثنل فني‬
‫رقابة تسيير المرافق و األجهزة العمومية التي تدخل في دائرة اختصاصها‪ ،‬من أجل تقديرها من‬
‫حيث الكيف‪ ،‬واإلدالء‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬باقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقهنا و الزينادة‬
‫في فعاليتها و مردوديتها‪ ،‬ومراقبنة التصنريح اإلجبناري للممتلكنات‪ ،‬ومراقبنة األحنزاب السياسنية‬
‫وكذا مراقبة جمعيات اإلحسان العمومي بطلب من رئيس الحكومة‪.‬‬
‫وتعتمد كل من رقابة التسيير أو مراقبة األموال على مبدأ التواجهية في المسطرة وذلنك لغنرض‬
‫تحديد أسباب االنحراف أو الخلل و التوجيه لتجنب وقوعه‪ ،‬إال أن لكل منها خصوصية‪.‬‬
‫فعلى مستوى رقابة التسيير‪ ،‬ففي هذا الننوع منن الرقابنة تكمنن أصنالة الرقابنة العلينا علنى المنال‬
‫العام بالمغرب‪ ،‬ولهنذا انصنب اإلهتمنام فني السننوات األخينرة عليهنا كمنا أعطاهنا المشنرع المنالي‬
‫تعريفا واسعا يشمل جميع أوجه التدخالت و المالحظات الممكنة من طرف المجلنس‪ ،13‬غينر أن‬
‫المشرع اكتفى بهذا الخصوص بجعل التقارير الخاصنة المتعلقنة برقابنة التسنيير توجنه إلنى لجننة‬
‫البننرامج و التقننارير مشننفوعة بننأراء ومالحظننات المسننؤولين و السننلطات المعنيننة‪ ،‬مننع إعطنناء‬
‫المجلننس إمكانيننة إدراج بعننض المالحظننات المتضننمنة فنني هننذه التقننارير فنني تقريننره السنننوي‬
‫والتقريننر الواجننب إرفاقننه بقننانون التصننفية‪ ،‬وذلننك دون تنصيصننه عل نى توجيننه نس ن مننن هننذه‬
‫التقارير إلى مسؤولي األجهزة المعنية‪ ،‬وذلنك منن أجنل العمنل علنى تطبينق اقتراحنات مستشناري‬
‫المجلس و اإلنتباه إلى أوجه القصور في األداء التي قد يكتشفها هؤالء المستشارين‪.‬‬
‫و اعتبار لكون رقابة التسيير هي أداة للمساعدة على الرفع من مسنتوى التندبير العمنومي‪ ،‬لهنذا‬
‫ومن أجل ضمان فعالية أكبر لهذه المراقبة‪ ،‬يلزم برمجة عمليات مراقبة التسيير بشنكل متنزامن‬
‫مننع التنفيننذ ولننيس بعنند مننرور العدينند مننن السنننوات‪ ،‬ألن ذلننك مننن شننأنه أن يجعننل شننروط التقيننيم‬
‫الموضوعي غائبة بفعل اختالف الظروف التي تنم فيهنا اعتمناد القنرار أو العملينة وتلنك التني ينتم‬
‫في ظلها تقييم النتائج‪,‬‬
‫أمننا علننى مسننتوى مراقبننة اسننتعمال األمننوال‪ ،‬فتنقسننم إلننى عمليتننين‪ ،‬مراقبننة اسننتخدام األمننوال و‬
‫مراقبة استعمال األموال التي يتم جمعها عن طريق التماس اإلحسان العمومي‪ ،‬ففي األولى أسفر‬
‫الواقع العملي على أن هذه األجهنزة و الجمعينات المسنتفيدة منن األمنوال العامنة ال تحتنرم مناهو‬
‫مطلوب منها‪ ،‬وذلك بعدم تقديمها الحسابات أو باإلكتفاء باإلدالء ببعضنها‪ ،‬األمنر النذي منن شنأنه‬
‫عرقلة ممارسة المجلس الختصاصاته‪ ،‬خاصة و أن تقنديم الحسنابات يشنكل أحند مبنادئ الحكامنة‬

‫‪ -13‬محمد حركات‪ ،‬المجالس الجهوية للحسابات و الحكامة المحلية الجيدة‪ ،‬المجلة المغربية للتدقيق و التنمية‪ ،3004 ،‬ص ‪25‬‬
‫الرشيدة وشرطا ضروريا لشفافية تدبر المال العنام وتحديند المسنؤولية المترتبنة علنى ذلنك‪ ،‬لهنذا‬
‫فعلى المجلس لوضع حد لهذه الظاهرة أن يفعل تطبيق المقتضيات الزجرية ‪14.‬‬
‫أما مراقبة استخدام األموال التني ينتم جمعهنا عنن طرينق التمناس اإلحسنان العمنومي‪ ،‬فمنا يمينز‬
‫هننذه الرقابننة عننن مثيالتهننا كونهننا ال تثننار تلقائيننا‪ ،‬و إنمننا يتوقننف ذلننك علننى طلننب يوجهننه رئننيس‬
‫الحكومة الى رئيس األول للمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬كما أنها تهم فقط جزء الرأسنمال النذي تنم‬
‫الحصول عليه بالتماس اإلحسان العمومي دون أن تطال باقي أداء الرأسمال األخرى ‪.‬‬
‫عموما تبقى الرقابة اإلدارية التي يقوم بها القاضي المالي مجرد رقابة إخبارينة‪ ،‬تنتهني بنإعالن‬
‫النتننائج التنني أسننفر عنهننا التحقيننق و تبليغهننا عننند االقتضنناء الننى السننلطات اإلداريننة التنني تمتلننك‬
‫صالحية اتخاذ اإلجراءات الالزمة‪ ،‬وال يحق للقاضني المنالي أن يتخنذ بنفسنه الجنزاءات‪ ،‬فأقصنى‬
‫ما يمكنه فعله هو نشر نتائج أشغاله بموجب تقارير عامة وخاصة يسمح له القانون بإعدادها‪.‬‬
‫و إضافة الى هذه االختصاصات اإلدارية للمجلس‪ ،‬يمارس هذا األخير كذلك مهام يمكنن اعتبارهنا‬
‫ذات طبيعة إدارية خاصة‪ ،‬تهم المساعدة التي يقدمها المجلس للبرلمان و الحكومنة ‪ ،‬وكنذا مهنام‬
‫التفتننيش إزاء المجننالس الجهويننة للحسننابات‪ ،‬وقنند أسننفر الحننديث عننن هننذه الصننالحيات علنننى‬
‫المالحظات التالية‪15:‬‬
‫فبخصوص المساعدة المقدمة للبرلمان و التي يعتبر االهتمام بها من بين توصيات "األنتوساي"‬
‫ويتجسد هذا التعاون من خالل تقديم التقرير عن تنفيذ قانون المالي الذي يساعد دون شك ننواب‬
‫األمة من االطالع على تفاصيل تنفيذ ميزانية الدولة‪ ،16‬غير أن ما يعاب على التجربنة المغربينة‬
‫بهذا الخصوص هو أن المجلس األعلى للحسابات يكتفي بنشنر ملخنص تقرينره عنن تنفينذ قنانون‬
‫المالية في التقرير العام السنوي‪ ،‬وذلك على خالف المحناكم المالينة الفرنسنية التني تقنوم بإعنداد‬
‫تقارير مفصلة حول تنفيذ قوانين المالينة ومسنتقلة عنن التقرينر العنام السننوي وينتم نشنرها هني‬
‫األخرى في الجريدة الرسمية للجمهورية‪ ،‬وعليه فإن إعداد المجلس لمجرد ملخنص تقرينر حنول‬
‫تنفيذ قوانين المالية‪ ،‬لن يضمن بالشكل المرغوب معالجنة شناملة وتصنور صنريح لتنفينذ قنوانين‬
‫الماليننة‪ ،‬لهننذا نننرى مننن المستحسننن أن تبلننو التجرب نة المغربيننة بننالء حسنننا فنني تقلينند نظيرتهننا‬
‫الفرنسية من حيث العمل على إعداد تقارير مفصلة ومسنتقلة عنن التقرينر العنام السننوي وتنشنر‬
‫هي األخرى في الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫أما بخصوص المساعدة التي يقدمها المجلس للحكومة‪ ،‬فتتمثل في قينام المجلنس بتقينيم البنرامج‬
‫و المشاريع العمومية أو مراقبة التسيير أحد األجهنزة الخاضنعة لرقابتنه‪ ،‬وقند قنام المجلنس بهنذا‬
‫الخصننوص بتقننديم العدينند مننن التوصننيات قصنند تحسننين مردوديننة و فعاليننة المشنناريع‪ ،‬غيننر أنننه‬
‫ورغننم ذلننك فالتوصننيات ال تكفنني وإنمننا يلننزم تتبعهننا للوقننوف علننى منندى إلننزام المسننؤولين فنني‬

‫‪-14‬عادلة الوردي‪ ،‬رقابة المجلس األعلى للحسابات على المال العام بالمغرب‪ ،‬مجلة الحقوق المغربية‪ ،‬دار نشر المعرفة‪ ،‬الطبعة األولى ‪،3053‬‬
‫ص ‪.503‬‬
‫‪ -15‬عادلة الوردي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.505‬‬
‫‪ -16‬عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪302‬‬
‫اعتمادهننا و األخننذ بهننا‪ .‬كمننا أنننه منن االنتقننادات التنني توجننه إلننى المحنناكم الماليننة أنهننا ال تراقننب‬
‫طرق تدبير السياسات العمومية و االستراتيجيات القطاعية ومحاربة الجرائم المالية وكذا مراقبة‬
‫وتقييم برامج التنمية الجهوية والمحلية التي ينتم تنفينذها منن قبنل وكناالت إنعناش وتنمينة أقناليم‬
‫الشمال و الجنوب‬
‫من خالل ما سبق يظهر بعد وقوفنا عند أهم أشكال الرقابة ‪ ،‬ثم بعد إلقاء الضوء على جملة من‬
‫االكراهننات والحنندود التنني تحنند مننن فعاليننة كننال الرقننابتين ممننا أثننر سننلبا علننى عمننل هننذه المحنناكم‬
‫وتقزيم دورها المنوط بها ‪ .‬لكن البد من اإلشارة إلى مسألة أساسية وهي أن الرقابة القضائية و‬
‫الرقابة االدارية هما رقابتين من الناحية القانونينة متكناملتين‪ ،‬حينث تسناعدان علنى الكشنف عنن‬
‫العديند منن الهفنوات واألخطناء ‪ ،‬فناألولى يمنا يميزهنا منن أدوات و آلينات كالمسناطر‪ ،‬واألحكنام‬
‫والقننرارات‪ ،‬والثانيننة أي الرقابننة االداريننة التنني تمارسننها المحنناكم الماليننة والمتميننزة بشننموليتها‬
‫لكافننة أنننواع جوانننب التنندبير‪ ،‬رغننم كثننرة األجهننزة والهيئننات التنني تنندبر الشننأن العننام إذ هننناك‬
‫مجموعة من الهيئات واإلدارات التزال خارج نطاق رقابة هذه المحاكم نظرا للعدد الكبير للهيئات‬
‫العمومية‪ ،‬غير أن ما يشفع لهذه المحاكم هو قيامها بمراقبة مجموعة من األجهزة لم يسبق لها‬
‫أن خضننعت ألي مراقبننة ولننو مننرة واحنندة فنني تاريخهننا رغننم وجننود أجهننزة أخننرى مكلفننة بننذلك‬
‫كالمفتشيات العامة وهيئنات أخنرى للرقابنة‪ .،...‬إلنى أن قامنت المحناكم المالينة بمراقبتهنا ‪ ،‬وذلنك‬
‫من خالل الرقابة الدورية التي تجريها كل أربع سنوات بشكل دوري‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫من هنا يمكن القول أن المراقبة االدارية هي التي كان لها بالغ األثنر فني تقوينة مكاننة المحناكم‬
‫المالية وفعالية أداءها‪ ،‬واإلعنالء منن شنأنها عكنس الرقابنة القضنائية التني التنزال محندودة حتنى‬
‫اآلن رغننم أنهننا تنننتج عنهننا قننرارات وأحكننام وغرامننات ‪ ،‬لكننن تبقننى هننذه الغرامننات قليلننة‪ ،‬وحالننة‬
‫إرجاع األموال قليلة ‪ ،‬لنذلك فالرقابنة اإلدارينة هني التني أظهنرت هنذه المحناكم علنى هنذا المظهنر‬
‫الذي عليه اآلن ‪ ،‬لشمولتمها العديد من األجهزة وجوانب عندة منن أوجنه التسنيير والتندبير كمنا‬
‫قامت بنشر تقاريرهنا وذلنك مننذ ‪ ، 1112‬حينث تنم الكشنف عنن العديند منن مظناهر الخنالل التني‬
‫تالحظ عن التدبير العمنومي بعندما كاننت المسنألة تندخل فني نطناق السنريات علنى آمنال أن تنشنر‬
‫التقارير المفصلة ألعمال المجلنس عنوض االكتفناء بملخصنات التقنارير ‪ ،‬لنذلك فالرقابنة االدارينة‬
‫هي التي كانت فعالة على األقل في الفترة الراهنة لطبيعة المزاينا التني حققتهنا ‪ ،‬علمنا أن المندة‬
‫التي عمرتها هذه المحناكم التنزال قاصنرة مقارننة بنبعض التجنارب األخنرى المقارننة‪ .‬ألن بفضنل‬
‫هذه ا لرقابة تمكنت المحاكم المالية من إظهنار العديند منن االخنتالالت التني تعتنري تسنيير العديند‬
‫من المؤسسات والمنشآت العامة‪ .،..‬والتي طالها الكتمان لردح طويل من الزمن‪.‬‬

‫لنذلك فمننن الضننروري التفكيننر فني إيجنناد حلننول قانونيننة مناسننبة‪ ،‬حتنى يننتم رفننع أحنند المعوقننات‬
‫الكبرى التي تحد من فعالية رقابة القضناء المنالي بشنكل عنام منن خنالل تعزينز مكانتهنا (المحناكم‬
‫الماليننة) ‪ ،‬وتمكينهننا مننن آليننات حقيقينة لتقويننة دورهننا المنننوط بهننا كوسننيلة الزجننر علننى الجننرائم‬
‫المالية وتوقيع العقوبات الجنائية على مرتكبيها‪ ،‬و كذلك الرفع من مساهمتها في تحسين التدبير‬
‫العمننومي‪ .‬والسننماح لهننا مننن بسننط رقابتهننا علننى كننل مننن يتننولى تسننيير الش نأن العننام وكننذا المننال‬
‫العمومي‪.‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫الكتب‪:‬‬
‫‪ ‬عبد ددد اللطيد ددف بروحد ددو‪ ،‬ماليد ددة الجماعد ددات الترابيد ددة بد ددين واقد ددع الرقابد ددة ومتطلبد ددات التنميد ددة‪ ،‬املجلد ددة‬
‫املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬الطبعة الثانية‪.6102 ،‬‬
‫‪ ‬عادلددة الددورد ‪ ،‬رقابددة املجلد ألاعلد للحسددابات علد املددال العددا بدداملغر ‪ ،‬مجلددة الحقددو املغربيددة‪،‬‬
‫دار نشر املعرفة‪ ،‬الطبعة ألاول ‪6106‬‬

‫الرسائل وألاطروحات الجامعية‪:‬‬


‫‪ ‬اسددماعيل بنيحيد ‪ "،‬مسددلولية املحاسددب العمددومي أمددا املحدداكم املاليددة فد التشددر ع املغربددي"‪ ،‬رسددالة‬
‫لنيدل دبلدو الدراسدات العليددا املتخصصدة فد القدانون الخدداص‪ ،‬كليدة العلدو القانونيدة والاقتصددادية‬
‫والاجتماعية‪ ،‬السو س ي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.6112-6112،‬‬
‫‪ ‬خديج ددة بلكبي در‪ ،‬مس دداامة املح دداكم املالي ددة ف د الرقاب ددة العلي ددا دراس ددة نظري ددة و طبيقي ددة مقارن ددة‪،‬‬
‫أطروح ددة لني ددل ال دددكتوراه ف د الق ددانون الع ددا ‪ ،‬جامع ددة محم ددد الخ ددام ‪ ،‬كلي ددة العل ددو القانوني ددة‬
‫والاقتصادية والاجتماعية الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪6112-6112 ،‬‬

‫النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ ‬ظهي ددر ر ددريف رق د ددم ‪ 0.00.60‬الص ددادر بت دداريخ ‪ 62‬م ددا ر ددعبان ‪ 66 ( 0236‬يولي ددو ‪ ) 6100‬بتنفي ددذ‬
‫نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.0622‬‬
‫‪ ‬ظهيددر رددريف رق ددم ‪ 0.12.060‬الصددادر بتدداريخ‪ 31‬نددون ر ‪ 6112‬بتنفيددذ القددانون رقددم ‪ 22.12‬املتعلددق‬
‫بجبايات الجماعات املحلية‪..‬‬
‫‪ ‬القد ددانون رقد ددم ‪ 26.66‬املتعلد ددق بمدوند ددة املحد دداكم املاليد ددة‪ ،‬الصد ددادر بتنفيد ددذه الظهد ددر الشد ددريف رقد ددم‬
‫‪0.16.062‬بتدداريخ ‪ 0‬ربيددع الثدداني ‪0263‬املوافددق ‪ 03‬يونيددو ‪ .6116‬ج‪ .‬ر‪.‬عدددد ‪ 0131‬بتدداريخ ‪ 00‬غشددت‬
‫‪،6116‬‬
‫املجالت‪:‬‬
‫‪ ‬معمد ددر املصد ددطف ‪ :‬ق د درامة ف د د مملد ددمون مدوند ددة املحد دداكم املاليد ددة ‪ :‬املجلد ددة املغربيد ددة‬
‫لإلدارة املحلية والتنمية عدد مزدوج ‪ ، 06-00‬يوليو ‪ -‬اكتوبر ‪6113‬‬
‫‪ ‬الص ددديق حي دددة‪ ،‬املحد دداكم املالي ددة و إر د د الية حماي ددة امل ددال العد ددا ‪ ،‬مجل ددة املاليد ددة‪،‬‬
‫العدد ‪ -60‬يناير ‪،6102‬‬
‫‪ ‬محمددد حركددات‪ ،‬املجددال الجهويددة للحسددابات و الح امددة املحليددة الجيدددة‪ ،‬املجلددة‬
‫املغربية للتدقيق و التنمية‪6110 ،‬‬

‫الفهرس‪.‬‬

‫مقدمة‪0..................................................................................................................................‬‬

‫المبحث االول‪ :‬الرقابة القضائية والغير القضائية للمحاكم‪..‬المالية‪5.........................................‬‬


‫المطلب االول‪ :.‬االختصاصات القضائية‪5..............................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :.‬االختصاصات الغير قضائية‪2.........................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ .:‬تقييم فعالية رقابة المحاكم المالية على المال العام‪0.............................................‬‬

‫المطلب االول ‪ :.‬االختصاصات القضائية للمحاكم المالية بين اإلشكاالت القانونية والصعوبات العملية‪0........‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬فعالية وحدود االختصاصات الغير قضائية‪55........................................................‬‬

‫خا مة‪06................................................................................................................................‬‬

You might also like