Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 177

‫‪1‬‬

‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬

‫مقدمة‬
‫كثر الحديث مؤخراً‪ ،‬في السياق المغربي "المتحرك" – شأنه شأن باقي السياقات التيي ررني ‪،‬‬
‫وبطم ح مأم ل ومشروع‪ ،‬اللحاق بركب الدول الصاعدة‪ ،-‬عن النمي ج التنمي "الجدييد"‪،‬‬
‫ب صفه إحدى أهم "البراديغميات" المقترحي لتجياو مثبطيات الف يل التنمي القيا م بيالمغر‬
‫وإنهيياح حيياوت ي ح أنميياا الحمامي المرربطي بييه ‪ :‬اجتماعيياً‪ ،‬اقتصييادياً‪ ،‬إداريياً‪ ،‬مؤ سييارياً‪،‬‬
‫م ياريا ً‪ ،...‬أ ال مل الحثيث – وبحرص ا تشرافي شديد ‪-‬على وضع التشخيصيات المممني‬
‫لألعطييا المسيياهم فييي فشييل مييا ه ي كييا ن "رنم ي يا ً"‪ ،‬والتفمييير فييي الصيييئ الم مي القمين ي‬
‫بضمان نجاح ما ينبغي أن يم ن "رنم يا ً"‪.1‬‬
‫همذا‪ ،‬نجد أن خطا الملك محمد السادس ح ل النم ج التنم "الجديد"‪ ،2‬كنم ج يتسيم‬
‫بميييل أشيييمال المفايييي والنجاعييي ‪-‬والتيييي عليهيييا أن رسيييتجيب فيييي عمقهيييا ل حتياجيييات الملحييي‬
‫والمتزايدة للم اانين والم اانات‪ ،-‬فيت نقاشيا ً وا ي ا ً حي ل إشيمالي التنميي بيالمغر ‪ ،‬حييث‬
‫أصب التفمير في نم ج رنم "جدييد" ومتطي ر‪ ،‬يحظيى باههميي القصي ى فيي انشيغاوت‬
‫أعلييى ييلط فييي الييب د والحم مي والفيياعلين المؤ سيياريين والسيا يييين والمييدنيين والبيياحثين‪.‬‬
‫نمييي ج مفمييير فييييه‪ ،‬بتبصييير ورويييي ‪ ،‬يتييي خى التجدييييد المسيييتمر لغا ياريييه وأهدافيييه والتجييياو‬
‫المت اصل لمظاهر القص ر المزمن وال جز البين التي قد رمب رياديته‪.‬‬

‫‪ 1‬في إاار ما يممن أن ن تبره "عملي بناح براديغم جديد" يح ل‪ ،‬وبصف جذري وحقيقي ‪ ،‬ارا ق التنمي ‪ ،‬من يادة‬
‫مؤشرات "الفشل" إلى رسييد مؤشرات النجاح ‪ .‬ون تقد أن عملي البناح هاره‪ ،‬تم ن من أبر المهام الملقاة على عارق‬
‫"اللجن الخاص بالنم ج التنم "‪ ،‬والم لن عنها في خطا الذكرى ال شرين ل يد ال رش ‪ 29-‬ي لي ‪ .- 2019‬وهي‬
‫اللجن التي يل الملك في نفس الخطا ‪ ،‬على أنها لن رم ن إا قا ً حم م ثاني أو مؤ س ر مي م ا ي ‪ ،‬بل هي هيئ‬
‫ا تشاري محددة الزمن من حيث المهم الم ك ل لها‪ ،‬تشمل رركيبتها مزيجا ً متن عا ً ومتداخ ً من التخصصات الم رفي‬
‫والروافد الفمري والمفاحات ال اني في المجالين ال ام والخاص‪ .‬ومن أهم الصفات التي ينبغي ر فرها في رمثيلي هذه‬
‫اللجن ‪-‬من منظ ر الملك‪ -‬الخبرة والتجرد والم ض عي ‪ ،‬والتحلي بالشجاع واوبتمار في اقتراح الحل ل والقدرة على فهم‬
‫نبض المجتمع وانتظاراره‪ ،‬وا تحضار المصلح ال اني ال ليا‪ .‬وليحرص الملك ب د جلك‪ ،‬على وضع خارا اريق ينبغي‬
‫او ترشاد بها من ارف اللجن الخاص بالنم ج التنم ‪ ،‬عن انها او تراريجي ال ريض ‪":‬التحلي بالجرأة لرفع الحقا ق‬
‫التنم ي ول كانت قا ي ومؤلم "‪ .‬هذه اللجن التي ينبغي –كما يرى الملك دا ما ً في خطا ال رش‪ -‬أن رضع في حسبانها ‪،‬‬
‫ك ن اهمر‪ ،‬و يت لق‪ ،‬أ ا ا ً‪ ،‬بإجراح قطي مع الماضي‪ ،‬وإنما رظل الغاي المبرى من كل جلك‪ ،‬ه إضاف لبن جديدة في‬
‫المسار التنم ال اني‪ ،‬في ظل او تمراري ‪ ،‬من خ ل ال مل على اقتراح جيل جديد من المشاريع‪ ،‬من شأنه ر زيز‬
‫قدرات ب دنا على رحقيق مممنات "اإلنجا التنم " المررفع‪ ،‬المفيل في كنهه‪ ،‬باو تجاب الف ال ونشغاوت الم اانين‬
‫"الم ع د"‬ ‫التنم ي ‪ ،‬المت ددة اهب اد والمست يات‪ .‬وبالتالي‪ ،‬السير‪ ،‬قدماً‪ ،‬بالمغر ‪-‬عبر الت ل بالنم ج التنم‬
‫والمتط ر‪ ، -‬نح المجتم ات الرا دة "رنم يا ً" ‪.‬‬
‫‪ 2‬الخطا اوفتتاحي للدورة اهولى من السن التشري ي الثاني من ال وي التشري ي ال اشرة للبرلمان أكتي بر ‪ . 2017‬وهي‬
‫الخطييا الييذ أقيير فييي مضييامينه‪ ،‬بالفشييل الييذريع للنم ي ج التنمي المغربييي الحييالي‪ ،‬لدرج ي م هييا‪ ،‬يممننييا اعتبييار هييذا‬
‫الت صيف التشخيصي ‪ /‬التقييمي‪ ،‬المؤكيد فيي يياقاره المبيرى‪ ،‬عليى فشيل النمي ج الي اني المتبنيى عليى صي يد ييرورة‬
‫التنمي ي ‪ :‬اجتماعي يا ً واقتصيياديا ً وإداري يا ً وقيمي يا ً‪ ،...‬شييبيه رمام ياً‪ ،‬بإحييدى الت صيييفات الشييهيرة للملييك الراحييل الحسيين الثيياني‬
‫لألوضياع التنم يي التييي لييت إليهييا الييب د‪ ،‬خص صيا ً خي ل ال قيد اهخييير ميين القييرن ال شييرين‪ .‬وهي الت صيييف الم بيير عنييه‬
‫"السمت القلبي "‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ومن ثم يممن الق ل‪ ،‬أن ال ضع الراهن ‪ :‬محلياً‪ ،‬وانيا ً ودوليا ً‪ ،‬أخيذ يسيت جب‪ ،‬وبالضيرورة‪،‬‬
‫بل رة نم ج رنمي "منيت"" و"را يد" بيالمغر ‪ ،‬ي ميل فيي كنهيه‪ ،‬وبشيمل شيم لي وهيمليي‪،‬‬
‫عليى إيقياف التييدفق السيلبي لبييؤر اونتمياس ومي اان الخلييل‪ ،‬أو ميا يمميين رسيميته "التثياؤ‬
‫التنم المندحر" – والمقص د به‪ ،‬أ ا ا ً‪ ،‬الصيغ التحديدي التالي ‪ :‬خط ة رنم ي متقدمي‬
‫إلى اهمام وخط رين رنم يتين متراج تين إلى ال راح‪.-‬‬
‫وبذلك‪ ،‬يصب ر يع ‪ /‬ر ميق النقاش الحالي ح ل النمي ج التنمي فيي يياق يتمييز بتحي ل‬
‫النماج ‪/‬البراديغمات ورط رها‪ ،‬يبي ً منيا ً‪ ،‬و محييد عين او ترشياد بم ياريتيه "الفضيلى"‪،‬‬
‫لل ص ل إلى حل ل ناج و ني للمشاكل المطروح ورقي يم اوخيت وت المتناميي ‪ ،‬والتيي ميا‬
‫فتئت التقارير والمؤشرات الصادرة عن المؤ سات ال اني والدولي المهتمي بقضيايا التنميي‬
‫البشري رشير إليها‪ ،‬في كل وقت وحين‪.‬‬
‫ويبدو لزوما ً‪ ،‬أنه‪ ،‬وقبل الحديث عن الفشل أو النجاح على مست ى النم ج التنم ه بلد‪،‬‬
‫ال ق ف على مق مات وأ س هذا النم ج والبحث عن الصيئ المممن لتبل ره ورط ره ‪ -‬من‬
‫خيي ل رحليييل مجمييل مباد ييه ودعامارييه‪ ،-‬ودرا يي مجمييل الظييروف السيا ييي واوجتماعييي‬
‫واوقتصييادي المحيطي بييه‪ ،‬والتييي ميين الممميين أن يحييدثها التحي ل الر يسييي فييي نمي رحس يين‬
‫مسييارات يييرورة الحمام ي كمييل‪ ،‬ميين حيييث بل ي مييدراك النم ي ج التنم ي " المثييالي" أو‬
‫"نمي ج المثيال ‪ "idéal type‬للتنميي ‪ .‬ومين أبر هيا‪ ،‬نجييد عليى وجيه الخصي ص‪ ،‬ضييمان‬
‫اونتقاوت المبرى من دول الريع إليى دولي اإلنتيا ‪ ،‬ومين رنميي محصي رة أو " م اقي " إليى‬
‫رنميي "را ييدة" ومنتج ي ‪ ،‬واو ييتفادة ال ادل ي والمنصييف ميين ع ا ييد التنمي ي ‪ ،‬ورجسييير فج ي ات‬
‫المنظ ميي الخاصيي بييالت ا ن الم يييار السييا د‪ ،‬وفييي نهاييي المطيياف‪ ،‬التأ يييس التميياملي ‪/‬‬
‫التفاعلي‪ /‬التشاركي لمممنات اونتقال التنم "الحقيقي"‪.‬‬
‫إن التجار ال المي المتراكم ‪ ،‬على ص يد المسارات التنم ي المختلف ‪ ،‬وفيي يياق ا يتلهام‬
‫التجييار كممار ييات فضييلى‪ ،‬ييتممن‪ ،‬ب ي شييك‪ ،‬ميين اونمبييا ‪ ،‬وب ييزم شييديد‪ ،‬علييى رق ي يم‬
‫النمي ج التنمي السييا د داخييل أيي دولي ميين الييدول‪ .‬وجلييك كلييه‪ ،‬ميين أجييل م اكبي رح ورهييا‬
‫السيا ييي واوقتصييادي واوجتماعيي والديم ارافي ي ‪ ،‬مييع ضييرورة كييب شييتى م يقييات الف يل‬
‫التنم القا م‪.‬‬
‫علييى هييذا اه يياس‪ ،‬فدرا ييتنا هارييه – فييي جانبهييا النظيير كجييزح أول ميين مسيياهمتنا ح ي ل‬
‫النم ج التنم الجديد بالمغر ‪ ،-3‬ردخل في ياق إثراح النقاش الدا ر‪ ،‬في ال قيت الحيالي‪،‬‬
‫ح ل ارا ق رجديد النم ج التنم بب دنا‪ ،‬ور زييز قدراريه‪ ،‬بميا يممنيه‪-‬ب ميق و ي نظير‪-‬‬
‫‪ 3‬الجزح الثاني من مساهمتنا‪ ،‬يركز على النم ج التنم الجديد بالمغر ‪ ،‬من حيث ‪ :‬أوه‪ ،‬رحليل اهعطا القا مي ‪:‬‬
‫اوجتماعي ي ‪ ،‬اوقتصييادي واإلداري ي ‪ ...‬وثاني يأ‪ ،‬ال مييل علييى درا ي مق مييات اونتقييال ميين مييا يمميين أن نسييميه "حمام ي‬
‫الدول " إلى "دول الحمام " ‪-‬مما ه "كا ن" إلى ما يجب أن "يم ن" "رنم يا ً"‪ ، -‬أ رحديد ماهي المسيتلزمات الضيروري‬
‫لبناح لبنات الصرح المتمامل للنم ج التنم المنش د بالمغر ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ييبل رحسييين نمي الحمامي التنم يي ‪ ،‬ورقي يم‬ ‫ميين التجيياو اهفضييل للمثبطييات التييي ر تيير‬
‫مجمل اوخت وت المرربط بهيذا الينم ‪ ،‬بغيي التق يي الدا مي وشيترااات التأ ييس للمغير‬
‫المممن –حسب ر بير ما مي بتقرير الخمسيني ‪ -‬أو مغر الحمام ‪.‬‬
‫فالرهييان المطييروح اليي م‪ ،‬وبقي ة‪ ،‬هي اونخييراا التييام والمامييل فييي إبييرا مسييارات اوررقيياح‬
‫الف لي والف ال بأ س النم ج التنم القا م والمساهم في إاناح رجلياره المت ددة‪ ،‬من خ ل‬
‫البحث اهكيد عين ميا هي إيجيابي‪ ،‬واقتيراح المخرجيات الضيروري ‪ ،‬علمييا ً وعمليياً‪ ،‬لمجابهي‬
‫التحديات المطروح وا تشراف الرهانات المأم ل ‪ .‬كيل جليك‪ ،‬ييتم فيي يياق "م ي لم" متسيم‬
‫بتح وت مت حق ومتسارع ‪ ،‬رمس في ال ميق‪ ،‬وعليى صي يد التجيار الدوليي المختلفي فيي‬
‫جمييييع أنحييياح الم مييي ر‪ ،‬كيييل السيا يييات التنم يييي المت يييل بهيييا مييين ايييرف متخيييذ القيييرار‬
‫"التنم "‪.‬‬
‫كل المؤشرات السابق ‪ ،‬ردل على ك ن النم ج التنم في كنهه النظر الصرف‪ ،‬ه إاار‬
‫مؤ ساري متمامل اهب اد لضب الت ا نات البني ي والهيملي ور م السيا ات المختلف ‪ ،‬وفيق‬
‫رص رات ا تراريجي ورؤى ا تشرافي ‪ ،‬رج ل من رر يخ أ س التنمي المنصيف والمندمجي‬
‫للمجتم ات اا يتها المبرى‪ ،‬من خ ل التأ ييس لنمي ج رنمي حقيقيي ونياج ‪ ،‬ي ميل جاهيداً‬
‫علييى خلييق الثييروات وإنتييا الخيييرات‪ ،‬وبشييمل متميياهي‪ ،‬الحييرص علييى ر ي هييا الت يييع‬
‫الديمقرااي‪ -‬ال ادل‪ -‬بين كاف مم نات المجتمع‪-‬أفراداً وجماعات‪.-‬‬
‫والنم ي ج التنم ي ‪ -‬وفييق هييذا التحديييد الشييم لي‪ -‬االب يا ً مييا يييتم الحييديث عنييه‪ ،‬فييي نطيياق‬
‫المبادرات المتخذة من مختلف مم نات وعناصر الحمام لتحقييق أ يس التنميي ‪ ،‬وميا ييررب‬
‫بها من رقدم اقتصاد ورفاه اجتماعي‪ ،‬وما ينجم عنها كيذلك‪ ،‬مين "ني ار"" إيجابيي فيي ريدبير‬
‫ا ر مجاوت الف ل التنم "المنش د" م ياريا ً‪.‬‬

‫أولا‪ :‬من الستراتيجية التنموية إلى النموذج التنموي‬


‫الحديث عن النم ج التنم ه حديث عن مسار ا ييل وشياق مين التبلي ر والتطي ر للف يل‬
‫التنم ‪ .‬وه ما يج ل ضرورة او يت ان بنمياج م يني لفهيم ورحلييل أ ياس يير واشيتغال‬
‫السيرورة التنم ي في ج انبها المختلف ‪ ،‬مسأل من اههمي بممان‪.‬‬
‫هذه او ت ان تممن‪ ،‬ب شك‪ ،‬متخذ القرار "التنم "‪ ،‬من ضب كيل رجلييات السييرورة‬
‫التنم ي ‪ ،‬وما رتضمنه من ع قات ون اظم رتداخل فيما بينها‪ ،‬في رتابع مسيتمر وارصيال دا يم‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬القدرة على رم ين الم رف المامل ‪ ،‬بما يممن أن نسميه "الظياهرة التنم يي " عليى‬
‫مست ى أ بلد من البلدان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫إن الدرا ات المهتم بالظاهرة التنم ي ‪ ،‬كثيراً ما ر تمد عليى مقاربيات ونظرييات رممنهيا فيي‬
‫الحصيل من إثراح هذه الظاهرة بمل أب اد الدق والفحص والمنهجي وال لمي ‪ .‬وه ما يج لنا‬
‫نؤكد‪ ،‬على أهمي هذه اهب اد في ضمان اوررقاح "الطبي يي"‪ -‬أ ال ياد ‪ -‬للصييئ المسيت ان‬
‫بها لضب "الظاهرة التنم ي " ودرا مجاوت رط رها‪.‬‬

‫‪-1‬الستراتيجية التنموية‬
‫ينظر عادة إلى او تراريجي التنم ي ‪ ،‬إميا باعتبارهيا‪ ،‬أووً‪ ،‬منهجيا ً رماملييا ً‪ ،‬يسترشيد بأدواريه‪،‬‬
‫بغييي ر ضييي ارا يييق ا ييتخدام ميي ارد وإممانيييات الدوليي ‪ ،‬وإمييا بصيييفتها ثانييياً‪ ،‬اإلواليييي –‬
‫الميمانيزم‪ ،-‬التي ر مل عبرها الدول ‪ ،‬على رحقيق أهدافها المبيرى المسيطرة واايارهيا ال امي‬
‫المرج ة‪ ،‬وإما من اوي ربل رها‪ ،‬ثالثا ً‪ ،‬كرؤي ا تشرافي شامل ‪ ،‬يت خى من خ لها‪ ،‬إر ياح‬
‫نظام متداخل اهب اد‪ ،‬يمس مختلف مجاوت الحياة التنم ي ‪.‬‬
‫كييل جلييك‪ ،‬يييتم‪ ،‬أ ا ياً‪ ،‬فييي أف يق م الج ي اإلشييماليات المرربط ي بالسيييرورة التنم ي ي ‪ ،‬وكييذا‬
‫اوررقاح بفرص اإلممان البشر ‪ ،‬ور فير الدعامات الحقيقي لتجسيد رطل اره‪ ،‬وإنتا كل القيم‬
‫والم ارد اإليجابي ‪ ،‬المساهم في رجسيد م الم مجتمع الرفاه‪.‬‬

‫أ‪-‬مدلول الستراتيجية التنموية‬


‫او تراريجي التنم ي ‪ ،‬هي كيل ب يد إنميا ي يرني فيي رطل اريه المسيتقبل‪ ،‬وينظير إليى التنميي ‪،‬‬
‫باعتبارها حلق مندمج ومتداخل من اإلجراحات والسيا ات المفيل بالرفع من جي دة الحيياة‪،‬‬
‫بخص ص المجتمع الذ يتم على مست اه ارخاج هذه او تراريجي ‪.‬‬
‫فالتنمي ‪ ،‬وفق هذا التص ر‪ ،‬هي ظاهرة شم لي ‪ ،‬يدم" في ياقها ‪ :‬التمن ل جي‪ ،‬اوقتصاد ‪،‬‬
‫اوجتماعي‪ ،‬السيا ي والثقافي‪ .‬وفي كلم واحدة‪ ،‬كل مجاوت الحياة داخل مجتمع ما‪.‬‬
‫وعلى ض ح جلك‪ ،‬ينبغي ربنيي مقاربي مندمجي ‪ intégrée‬وم حيدة ‪ ،unifiée‬عليى مسيت ى‬
‫‪ ،La planification du développement‬وكييذا الت ييل بيأدوات‬ ‫التخطيي التنمي‬
‫التحليل‪ ،‬التيي بإممانهيا المسياهم فيي درا ي الحياوت ور جييه مسيارات ارخياج القيرارات فيي‬
‫إاار مت دد التخصصات‪ .4‬وه ما قد يؤشر على أهمي كل جلك‪ -‬المقارب وأدوات التحلييل‪-‬‬
‫في ردعيم ورط ير أب اد او تراريجي التنم ي كمل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪Huynh Cao Tri,« Le concept du développement endogène et centré sur l’homme » , dans‬‬
‫‪«Clés pour une stratégie nouvelle du développement» , Collective ) Paris : Les Editons‬‬
‫‪ouvrière /Unesco ,1984 (, p.14.‬‬
‫‪5‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫واو ييتراريجي التنم ييي بهييذا المغييزى‪ ،‬رحبييل بال ديييد ميين المييدل وت‪ ،‬ميين قبيييل ‪ :‬المييدل ل‬
‫اونتقالي‪ ،‬المدل ل البرااماري‪ ،‬المدل ل او تباقي‪ ،‬المدل ل التشاركي‪ ،‬المدل ل الشم لي‪.‬‬

‫‪-‬المدلول النتقالي‬
‫ررمييي او ييتراريجي التنم يي ‪ ،‬فييي عمقهييا‪ ،‬إلييى رحقيييق أهييداف التنميي المسييتدام ‪ ،‬ميين خي ل‬
‫الحييرص علييى التخفيييف المسييتمر ميين الفي ارق اوجتماعيي ‪ ،‬والحييد البنيي ميين اوخييت وت‬
‫المجاليي ‪ ،‬ومحاربي كييل أشييمال التهميييو واإلقصيياح‪ ،‬ور زيييز دعامييات الحمايي اوجتماعي ي ‪-‬‬
‫خاص بالنسب للفئات الهش ‪ ،-‬ورحسين او تفادة من الخدمات اه ا ي ‪ ،‬وإدما كل مم نات‬
‫المجتمييع فييي يييرورة ال ملييي التنم ييي ‪ ،‬ميين نسيياح وشييبا ‪ ،‬والرفييع ميين مممنييات اونتقييال‬
‫اوقتصاد واوجتماعي‪ ،‬وبالتالي من مممنات اونتقال التنمي ‪ .‬وهيي المممنيات‪ ،‬التيي ريدور‬
‫كلهيييا فيييي فليييك إشيييباع الحاجيييات اإلنسييياني ‪ ،‬باعتبارهيييا‪ ،‬المحيييرك اليييدينامي لميييل اهنشيييط‬
‫اوقتصييادي ‪ .‬وجلييك كلييه‪ ،‬رتجسييد أهميتييه القصيي ى‪ ،‬مييا دام أن التفسييير المنطقييي لمييل نشيياا‬
‫اقتصاد ‪ ،‬في نهاي المطاف‪ ،‬ه إشباع الحاجات اإلنساني ‪.5‬‬
‫يت خى المدل ل اونتقالي للتنمي ‪ ،‬نتيج جلك‪ ،‬وبصف عام ‪ ،‬إبرا ارا ق التحي ل التيي يممين‬
‫أن رمس النماج التنم ي ‪ ،‬وإممانات رغيير بنيات اوقتصاد والمجتمع‪-‬في ياق رلبي الحاجات‬
‫اإلنساني الملحي ‪ ،-‬وميا ييررب بهيا مين م يايير اهداح التنمي ‪ ،‬وميا رخلقيه هيذه الم يايير مين‬
‫مق مات النجاح والتط ر‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫) ‪Lionel Robbins, «Essay on the Nature and Significance of Economic Science» ,‬‬
‫‪London: Macmillan, 1949(, p.75.‬‬
‫‪6‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫هنا‪ ،‬ينبغي ا تحضار مسأل الم ض عات التي يهتم بها علم اوقتصياد‪ ،‬وعليى رأ يها درا ي‬
‫أ با النم اوقتصياد ومحدداريه‪ .‬في يمفيي أن ن يرف مياجا نف يل بم اردنيا القا مي إلشيباع‬
‫الحاجيات الحاليي ‪ ،‬وإنمييا ينبغييي أن نت يير أيضيا ً لمييدى قييدرة اوقتصيياد ل ييت داد للمسييتقبل‬
‫لتييي فير إممانيييييات الت ييييع المسيييتمر‪ .‬وهييييذا مييييا ي يييرف با ييييم "نظريييييات النميييي ‪Growth‬‬
‫والتنمي ‪.6" Development‬‬
‫ا ييتناداً إلييى جلييك‪ ،‬رنش يأ او ييتراريجي التنم ي ي كضييامن مسييتقبلي لهييذا الت ييع‪ ،‬وفييق رؤي ي‬
‫انتقالي صرف ‪ ،‬رجسد في كنهها‪ ،‬كل أب اد رحسين مؤشرات التنمي ورثمين م دوت النم ‪ .‬مع‬
‫اهخذ ب ين اوعتبار‪ ،‬المميزات المرربطي بالمراحيل اونتقاليي ‪-‬فيي أ مجيال مين المجياوت‪-‬؛‬
‫فم ن المرحل انتقالي ‪ ،‬ي ني أن عليى مسيتقبلها ع ميات ا يتفهام عدييدة( النجياح أو الفشيل أو‬
‫النجاح الجز ي )‪ .‬لذلك‪ ،‬رتسم المرحل اونتقالي ‪ ،‬بالشك والحذر من جه ‪ ،‬والتفاؤل والحمياس‬
‫الشديدين من جه أخرى‪ .‬فهذه السمات ر م المرحل اونتقالي ‪.7‬‬
‫إن مستلزمات او تراريجي التنم ي ‪ ،‬في ال قت الراهن‪ ،‬رفتر اوررما على مبدأ التيدري"‬
‫فيي رطي ير المسييارات التنم يي كميل‪ ،‬وفييي بنيياح الرؤيي او يتراريجي علييى أ ييس متيني ‪ ،‬ميع‬
‫إنشاح منظ م متراص من المؤ سات القمين بتي فير ع اميل رييادة وكفايي الغايي التنم يي ‪،‬‬
‫وخلق دعامات الرفع من القدرات التمميني للمشاريع والبرام" التنم ي ‪.‬‬
‫يحقيق‬ ‫كل جلك عليه‪ ،‬أن يتم وفق رص ر علمي ومنهجي رصين‪ ،‬يج ل من اونتقيال التنمي‬
‫مراميه‪ ،‬بشمل لس ومرن‪.‬‬
‫الميدل ل اونتقيالي ل يتراريجي التنم يي يحيلنيا‪ ،‬وج بياً‪ ،‬عليى إحيدى أهيم المفياهيم المرربطي‬
‫بالتنميي ‪ ،‬أو وهي مفهي م "أ يل التنميي ‪ ،" Style de développement‬كمفهي م بير‬
‫حديثا ً في اهدبيات الدولي ‪ .‬وأصيل هيذا المفهي م‪ ،‬يجيد مرج ياريه‪ ،‬أ ا ياً‪ ،‬ليدى منظمي اهميم‬
‫المتحدة‪ ،‬مين خي ل بحثهيا عين مقاربي م حيدة للتحلييل والتخطيي التنمي يين‪ .‬وهيي المقاربي ‪،‬‬
‫التييي رضييم فييي ايارهييا‪ ،‬وبشييمل كلييي ومنييدم"‪ ،‬مختلييف الج انييب اوقتصييادي ‪ ،‬اوجتماعي ي ‪،‬‬
‫الثقافي ‪ ،‬وأيضا ً السيا ي ‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬نجد أن رقرير منظم اهمم المتحدة حي ل الم نيى الم حيد للتحلييل والتخطيي‬
‫التنمي يين (‪ ، )E/CN5/477‬ي ييرف أ ييل التنميي ‪ ،‬بم نييه" ر ليفي مين الغايييات وال ييا ل‬
‫المطبقي علييى مختلييف البنيييات الملم ي للنمي والتغيييرات‪ :‬التغيييرات علييى صي يد مسييت يات‬
‫وبنيات اإلنتا ‪ ،‬وفي مشارك ا ر الطبقات والجماعات اوجتماعي في اهنشيط اوقتصيادي‬

‫‪ 6‬حا م البب و ‪ "،‬أص ل اوقتصاد السيا ي‪ ( ،‬اإل مندري ‪ :‬منشأة الم ارف‪ ، ) 1974 ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ 7‬خالييد عبيييدات‪" ،‬المرحل ي اونتقالي ي ‪ ،‬ابي تهييا ومم نارهييا وأنمااهييا"‪ ،‬ضييمن "إدارة المرحل ي اونتقالي ي مييا ب ييد الث ي رات‬
‫ال ربي "‪ ،‬رحرير ج اد الحمد‪ ،‬شهري الشرق اهو ‪ ،21 ،‬ا‪( ،1‬عمان ‪ :‬مركيز درا يات الشيرق اهو ي ‪، ) 2012 ،‬‬
‫ص ص‪.18- 17‬‬
‫‪7‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫واوجتماعيييي والسيا ييييي ‪ ،‬وفيييي ر يييييع الميييي ارد والثيييروة‪ ،‬وفييييي بنييييات او ييييته ك‪ ،‬فييييي‬
‫المؤ سات‪ ،‬أنظم القيم‪ ،‬الم اقف والح افز"‪.‬‬
‫بالنسييب لهييذا التقرييير‪ ،‬فالم يييار اهدنييى الييذ يسييم بييالحمم علييى أ ييل التنمي ي ‪ ،‬ه ي جاك‬
‫المقياس المررب بهذا اه ل ‪ ،‬والذ يتي في كنهه لمجتمع ما‪ ،‬اوشتغال على المدى الب ييد‬
‫لصال ال يو اهفضل لجميع أفراده‪ ،‬حيث بني المؤ سات والسيرورات‪ ،‬والتي على ض ها‬
‫رتخييذ القييرارات (أو يييتم رفاديهييا) ‪ ،‬رشييمل واحييدة ميين المجيياوت اهكثيير أهمي ي ‪ ،‬علييى ص ي يد‬
‫اه ل الحقيقي للتنمي ‪.8‬‬
‫صف ة الق ل‪ ،‬فالمدل ل اونتقالي ل تراريجي التنم يي هي ر بيير عين التطي ر المرصي د فيي‬
‫التص رات المطروح على ص يد السييرورة التنم يي ‪ ،‬وميا قيد يمتنيف رجليارهيا المختلفي مين‬
‫رح وت عميق ‪.‬‬

‫‪-‬المدلول البراغماتي‬
‫رتبلييي ر او يييتراريجي التنم يييي ‪ ،‬باعتبارهيييا اه يييل اهفضيييل ل يييتخدام الرشييييد لمييي ارد‬
‫وإممانات الدولي ‪ ،‬ميع ضيرورة القييام بالتشخيصيات المطل بي ‪ ،‬مين خي ل ال ميل عليى رحدييد‬
‫نقاا الق ة والض ف ورحديد كيفيات مجابه المخاار ال اق والمحتمل ‪ ،‬فتصب عليى ضي ح‬
‫جلك او تراريجي التنم ي فنا ً برااماريا ً ل قلني ا يتخدام مي ارد وإممانيات الدولي بغيي رحقييق‬
‫أهدافها التحقيق اهمثل‪.‬‬
‫المدل ل البرااماري على ضي ح جليك‪ ،‬يختليف بياخت ف أنمياا التنميي ‪ .‬فالتنميي الثقافيي ميث ً‪،‬‬
‫رفتر على مست ى إشمالي التراث‪ ،‬الت ل المت اصل بمقارب مندمجي وشيم لي ‪ .‬وهي ميا‬
‫قييد يحقييق إعييادة إ دمييا مطلقي لمييل عناصيير التييراث فييي ييياق متسييم علييى الييدوام بالتنا ييق‬

‫‪8‬‬
‫‪Le Thanh Khoi ,« Les trois dimensions du développement » , dans «Clés pour une stratégie‬‬
‫‪nouvelle du développement» , op. cit. , p. 32.‬‬
‫‪8‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫والبرااماريييي ‪ ،‬ميييع اهخيييذ فيييي الحسيييبان‪ ،‬يييا ر مم نيييات اإلرث الطبي يييي‪ ،‬بشيييمله المت يييدد‬
‫والمركب‪.9‬‬
‫البرااماري هنا‪ ،‬رتجلى في الدفع بالقيدرات واإلممانيات نحي المزييد مين الترشييد‪ ،‬ميع البحيث‬
‫المستمر عن السبل المفيل بتجاو ك اب التنمي في شتى رجليارها‪ .‬وه ما يتطلب في كنهه‪،‬‬
‫وضع رص رات واق ي رستجيب او تجاب الف ال لمختلف متطلبيات كيل عناصير ومم نيات‬
‫الحمام ‪ ،‬من دولي وقطياع خياص ومجتميع ميدني ومي اان‪ .‬كميا يتطليب الم نيى البراامياري‬
‫للتنمي ‪ ،‬أيضاً‪ ،‬م الج المشاكل اوقتصيادي المطروحي بشيمل نيي أو مسيتقبلي‪ ،‬وفيق مقاربي‬
‫اا ي ر جه المسارات التنم ي نح المزيد من النجاع والمفاي ‪ .‬هذا مع ضرورة عدم إافيال‬
‫درا مؤشرات رحسين نم الحمام التنم ي ‪ ،‬مع اوعتماد على رؤي منهجي ق يم ‪ ،‬رط ر‬
‫با ييتمرار القييدرات الذارييي والجماعييي الخاصيي بتييدبير الميي ارد المتاحيي ‪ ،‬ميين أجييل ررشيييد‬
‫ا تخدامها ورفاد كل ع امل التبذير واإل راف‪.‬‬
‫الطابع البرااماري الذ يممن أن ر صف به او تراريجي التنم يي ‪ ،‬يحفزنيا فيي ال ميق عليى‬
‫رحليل مفه م "الم ارد"‪ .‬ف ج د حاجات إنساني ي ني في نفيس ال قيت وجي د و يا ل صيالح‬
‫إلشيييباع هيييذه الحاجيييات وم رفييي ب ج دهيييا وصييي حيتها‪ .‬ونطليييق عليييى هيييذه ال يييا ل ا يييم‬
‫"الم ارد"‪ .‬فالم ارد هي كل ما يصل إلشباع الحاجات اإلنساني ‪.‬‬
‫والم ي ارد بهييذا الشييمل مت ييددة ومتن ع ي ) اله ي اح‪ ،‬الشييمس‪ ،‬اهر الزراعي ي ‪ ، )...‬إو أنييه‬
‫يممن الق ل‪ ،‬أن اوقتصياد و يهيتم بميل أني اع المي ارد‪ ،‬وو حتيى بأهمهيا وأكثرهيا ضيرورة‪.‬‬
‫فاوقتصاد و يهتم إو بالم ارد النادرة‪ .‬أما الم ارد اير النادرة‪ ،‬ويطلق عليها ا يم "المي ارد‬
‫الحرة ‪ ،" Free resources‬فهي رخر من مجال علم اوقتصاد‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Jean-Marie Breton (dir.) ,«Patrimoine, tourisme, environnement et développement‬‬
‫‪durable (Europe-Afrique-Caraïbes-Amériques-Asie-Océanie) », (éditions Karthala-Crejeta ,‬‬
‫‪2010) ,p.12.‬‬
‫‪9‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وينبغي أن نحدد رماما ً المقص د بأن الم رد نادر أو أنه مي رد حير‪ .‬فيالم رد النيادر‪ ،‬و يمي ن‬
‫بالضييرورة قليييل‪ .‬وو ي نييي الم ي رد الحيير‪ ،‬أنييه م ج ي د بمميييات اييير محييدودة‪ .‬فالمقص ي د‬
‫بالندرة‪ ،‬ه الندرة النسبي ‪ ،‬بم نى أن ي جد المي رد بمميي أقيل مميا يشيبع كيل الحاجيات التيي‬
‫يصل إلشباعها‪ .‬وعلى ال مس‪ ،‬ي تبر الم رد حراً‪ ،‬إجا كان م ج داً بممي أكبر مما يشبع كل‬
‫الحاجييات التييي يصييل إلشييباعها‪ .‬فيياله اح مييث ً‪ ،‬عنصيير محييدود علييى المييرة اهرضييي ‪ .‬وهي‬
‫ضرور لمل ص ر الحياة‪ ،‬ولمنه ي جد بمميات أكبر من الحاج إليه‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ي تبر مي رداً‬
‫حراً ‪. 10‬‬
‫برااماري ي او ييتراريجي التنم ي ي ‪ ،‬ميين خ ي ل جلييك‪ ،‬رتجسييد‪ ،‬بشييمل شييم لي‪ ،‬فييي مييدى قييدرة‬
‫ا تخدام الم ارد المنا ب ‪ -‬الم ارد النادرة أو الم ارد الحرة‪ -‬على إشيباع الحاجيات اإلنسياني‬
‫ال محيدودة‪ ،‬والمسيياهم ‪ ،‬بالتييالي‪ ،‬وبطريقي كافيي ‪ ،‬فييي رنيياقص أو وال الشي ر بالحرمييان‪،‬‬
‫عبر رحقيق منف قص ى وإرضاح كل عناصر اإلممان التنم ‪.‬‬

‫‪-‬المدلول الستباقي‬
‫وفق رص ر هيذا الميدل ل‪ ،‬فيإن او يتراريجي التنم يي الحقيقيي ‪ ،‬هيي التيي رصينع اايارهيا مين‬
‫منظ ر ا تباقي‪ ،‬عبير الت يل بمخرجيات الدرا يات المسيتقبلي والدرا يات التيي لهيا ع قي‬
‫بالتخطي ‪ .‬ومين ثيم‪ ،‬ربل رهيا ك مليي ل ضيع بيرام" ومشياريع قابلي للتطبييق وفيق أميد منيي‬
‫م يييييين يتطليييييع إليييييى رحقييييييق اههيييييداف فيييييي يييييياق بنييييياح مسيييييتقبل" مسيييييتدام" للجمييييييع‪.‬‬
‫عرف مفهي م "او يتباقي " كمبيدأ مين المبياد او يتراريجي ‪ ،‬انبثاقيه اإلرهاصيي اهوليي فيي‬
‫ميييدان السيا ي الدولي ي ‪ ،‬وبالضييب علييى المسييت يين ال سييمر واهمنييي ‪ :‬اهميين الجميياعي‪،‬‬
‫الضرب او تباقي أو ال قا ي ‪ ،11‬الحر ضد اإلرها ‪...‬‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬شمل مفه م "او تباقي " مح راً أ ا يا ً من محاور ا تراريجي اهمين القي مي‬
‫لل ويات المتحدة‪ .‬وهي او تراريجي ‪ ،‬التي رأ ست بالدرجي اهوليى‪ ،‬عليى عقييدة او يتباقي ‪،‬‬
‫باعتبارها" نقل الم رك إلى أر ال دو‪ ،‬ورش يو خططه‪ ،‬وم اجه أ ح التهدييدات‪ ،‬قبيل‬
‫أن رظهر" ‪ ،‬أ القدرة على القراحة المسبق لم اجه اهحداث المباات والتهديدات الناشئ ‪،‬‬
‫اإلرهابي منها على وجه الخص ص‪.‬‬
‫وقيد رطي رت ا ييتخدامات هيذا المفهي م لتشييمل مجياوت أخيرى‪ ،‬ميين قبييل الم ل مييات‪ .‬هنييا‪،‬‬
‫يممن الحديث‪ ،‬عن ما ي يرف بنظيام اليدفاع ‪ Proactive Defense‬للحمايي مين المخياار‬

‫‪ 10‬حا م البب و ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪.29-30‬‬


‫‪ 11‬ي تبر خبراح السيا الدولي ‪" ،‬الضرب او تباقي أو ال قا ي "‪ ،‬في إاار ر ريفها كمفه م – خاص ما ب د أحداث ‪11‬‬
‫بتمبر‪ ،-2001‬بأنها " التح ل من الرد على هج م ف لي إليى المبيادرة بيالهج م لمنيع هجي م محتميل‪ ،‬خاصي إجا رممنيت‬
‫أجهزة الدول من اكتشاف ن ايا مبمرة بالهج م لدى الخصم‪ ،‬بغض النظر عن مظاهر هذه الن ايا‪".‬‬
‫‪10‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الم ل ماريييي الضيييارة أو الخبيثييي ‪ .‬وهييي البرنيييام" أو النظيييام اليييذ يتييي خى‪ ،‬باعتبييياره مضييياد‬
‫للفيرو ات‪ ،‬اكتشاف بشمل مسبق مجم ع التهديدات المرربط باهنظم الم ل ماري ‪ .‬كما امتد‬
‫ر ظيف مفه م "او تباقي " إلى ميدان اهمن اليداخلي عليى صي يد مجابهي المخياار اهمنيي‬
‫ال اق والمحتمل ‪ ،‬عبر وضع خط محمم خاص بحم ت ا تباقي لممافح الجريم ‪ -‬بميل‬
‫مسييت يارها‪ -‬والتهديييدات اهمنيي واييرس الشي ر بيياهمن والطمأنيني فييي نفي س الم ي اانين )‬
‫المقارب او تباقي المتبناة من ارف المصيال اهمنيي بيالمغر فيي إايار التصيد الصيارم‬
‫والحييا م لمييا عييرف بظيياهرة "التشييرميل"‪ ،‬وكييذا خط ي "حييذر" لم اجه ي المخيياار اهمني ي‬
‫بالم اقع الحسا واو تراريجي ‪(...‬‬
‫رب يا ً لييذلك‪ ،‬يتبلي ر مفهي م "او ييتباقي "‪ ،‬كإحييدى المفيياهيم المرج يي لمسييب الرهانييات ورب ي‬
‫التحييديات‪ ،‬بييالنظر ونبثاقييه كمفهيي م رييياد لم اجه ي المخيياار بشييتى رصيينيفارها ‪ :‬اهمنييي ‪،‬‬
‫الطبي ي ‪ ،‬الصناعي ‪ ،‬المالي ‪...‬‬
‫إنه‪ ،‬وحتى يتم رحقيق النتا " المت خاة والمأم ل مين أ ا يتراريجي م يني أو يا ي متخيذة‪،‬‬
‫ينبغييي علييى او ييتباقي ‪ ،‬الت ييل‪ ،‬وعلييى الييدوام‪ ،‬بجمل ي ميين ا ليييات‪ ،‬ومنهييا ‪ :‬او تشييرافي ‪،‬‬
‫التخطييي او ييتراريجي‪ ،‬التنسيييق اهفقييي ‪ /‬الشييبمي‪ ،‬الت اصييل‪ ،‬التييدخل الييدقيق والسييريع‪...‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬رتممن او تباقي من بلي مراميهيا فيي التخفييف مين ا ثيار المحتملي للمخياار‪ ،‬بيل‬
‫والحد منها في المنشأ‪ ،‬مما يضمن حمايي مسيتمرة هرواح وممتلميات المي اانين والجماعيات‬
‫وي فر كل جلك ا تراريجي متحمم فيها‪ ،‬مضب ا وواق ي لتفاد مختلف الح ادث التي يممن‬
‫أن رنت" عن المخاار المت حق ‪ .‬هنيا‪ ،‬يؤكيد رقريير صيادر عين البنيك اليدولي ين ‪،12 2013‬‬
‫أن إحداث اهثر التنم المنش د‪ ،‬يتطلب دوما ً‪ ،‬إدارة المخياار عليى نحي ا يتباقي ومنهجيي‬
‫ومتمامييل‪ ،‬وفييق أ ييل جديييد للقيييادة‪ ،‬مررمييز علييى او ييتق لي والمرون ي ‪ ،‬والييذ يختلييف‬
‫بطبي الحال‪ ،‬عين اه يل التقلييد للقييادة‪ ،‬المررميز عليى المراقبي المسيتمرة واإلشيراف‬
‫المباشر‪.13‬‬

‫‪ 12‬مطب ع "رقرير عن التنمي في ال الم ‪ ،" 2014‬الصادرة رحت عن ان ‪" :‬المخاار والفيرص ‪ :‬إدارة المخياار مين أجيل‬
‫التنمي "‪.‬‬

‫‪L. Araújo, R. Gava, «Proactive Companies: How to Anticipate Market Changes» , ) New‬‬
‫‪13‬‬

‫‪York: Palgrave Macmillan, 2012(.‬‬


‫‪11‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ورتألف أي ا تراريجي ق ي وف ال ‪ ،‬وفيق الفهيم او يتباقي‪ ،‬مين أرب ي مم نيات أ ا يي ‪ ،‬هيي‬
‫الم رفيي والحماييي والتييأمين والتميييف‪ .‬ففضيي ً عييين جمييع الم ل مييات فييي رقييييم احتمييياوت‬
‫الت ر لألحداث الطار ‪ ،‬بشمل مباات ونتا جهيا المحتملي ‪ ،‬ثيم البيت فيي كيفيي التحيرك‪،‬‬
‫رشمل الحماي ‪ ،‬اهعمال التيي مين شيأنها رقلييل احتمياوت أو حجيم الني ار" السيلبي أو ييادة‬
‫احتماوت وحجيم الني ار" اإليجابيي ‪ .‬وبقيدر‪ ،‬ميا و يممين للحمايي ‪ ،‬أن رقضيي رماميا ً‪ ،‬وبشيمل‬
‫نها ي وحا م‪ ،‬على احتماوت الن ار" السلبي ‪ ،‬فإن التأمين‪ ،‬اح كان ر ميا ً أم اير ر يمي‪،‬‬
‫يسياعد فيي امتصيياص أثيير الضييربات الناجمي عيين الصييدمات السييلبي ‪ .‬وأخيييراً‪ ،‬فييإن التميييف‬
‫يشتمل على كاف اإلجراحات‪ ،‬التي رتخذ ف ر رحقق أحد المخاار أو الفرص‪.14‬‬
‫هذه المم نات‪ ،‬من المفرو جداً‪ ،‬أن رمن او تباقي الزخم ال افر من ا ليات لج لها رحقق‬
‫النسب ال ظيم من إمماني رفاد اهضرار والخسا ر التيي قيد رينجم عين المخياار ال اق ي أو‬
‫المحتملي ‪ .‬وه ي مييا يتبل ي ر فييي مشييتم ت التفمييير او ييتراريجي كتفمييير رط ي ير أكثيير منييه‬
‫إص حي‪ ،‬لم نه يبدأ من المستقبل ليستمد منه ص رة الحاضر وينطلق مين الرؤيي الخارجيي‬
‫ليت امل من خ لها مع البيئ الداخلي ‪ .‬ولذلك‪ ،‬ي صف بأنه ا تباقي‪ ،‬وإن كان الب ض ي صيفه‬
‫بالث ري رارة‪ ،‬وبالمثالي رارة أخرى‪.15‬‬
‫إن ضييرورة ارسييام او ييتراريجي التنم يي بخاصييي او ييتباقي ‪ ،‬رسييت جب ميين متخييذ القيرار‬
‫التنم ‪ ،‬ال مل‪ ،‬وبا تمرار‪ ،‬عليى رغذيي دواخلهيا‪ ،‬ب نصير "الحيدس ‪ ، " L'intuition‬أ‬
‫اإلحسيييياس او ييييتباقي‪ ،‬بمختلييييف المشيييياكل المحتمليييي ‪ ،‬علييييى مسييييت ى مجييييال ا ييييتخدامها‬
‫كا ييتراريجي ‪ ،‬مييع وضييع السيييناري هات المت ق ي ‪ ،‬للت امييل اإليجييابي م هييا‪ ،‬وإيجيياد الحل ي ل‬
‫المنا ب لها‪ ،‬وفق المم نات السالف الذكر‪ -‬الم رف والحمايي والتيأمين والتمييف‪ ، -‬والمت لقي‬
‫بييالفهم او ييتباقي للمشيياكل والمخيياار عم ميا ً‪ .‬كمييا رتطلييب خاصييي او ييتباقي ‪ ،‬ميين واض ي ي‬
‫او تراريجيات التنم ي أيضا ً‪ ،‬م اجه أ ح اوحتمياوت‪ /‬التهدييدات‪ /‬التي ررات‪ /‬المخياار‪،‬‬
‫وجلك قبل أن رظهر‪ ،‬أو على اهقل‪ ،‬قبل أن رصب كمرة الثل" ‪ -‬أ احتمال أن رتط ر بشمل‬
‫لبي‪ ،‬وبطريق من الص ب جداً‪ ،‬التحمم في ن ارجها‪.-‬‬

‫‪-‬المدلول التشاركي‬

‫‪ 14‬البيان الصحفي ح ل مطب ع "رقرير عن التنمي في ال الم ‪ ،"2014‬السابق الذكر‪ ،‬وارد بم قع البنيك اليدولي بتياريخ ‪6‬‬
‫أكت بر ‪.2013‬‬
‫‪ 15‬مجيد كرخي‪ "،‬التخطي او تراريجي المبني على النتا " "‪( ،‬و ارة الثقاف والفن ن والتراث بقطر ‪،) 2014 ،‬‬
‫ص‪.52‬‬
‫‪12‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫او يتراريجي التنم يي ‪ ،‬وكمييل ا ييتراريجي هييي‪ ،‬باه ياس‪ ،‬خطي عمييل لتحقيييق اإليجييابي مين‬
‫النتا " في الحياة المجتم ي ‪ ،‬وعند ربطها بالتنمي يصب الهدف من او تراريجي هي رحقييق‬
‫النم ال ادل والمنصف والمستدام لمل الشرا اوجتماعي ورحسين مست ى م يشتها ورط ير‬
‫مؤشييرارها‪ ،‬فييي أفييق بنيياح ر اقييد اجتميياعي جديييد‪-‬رشيياركي ورض يامني‪ -‬يتييي فييرص اوررقيياح‬
‫الشامل للجميع‪.‬‬
‫وجلييك كلييه و يمميين أن رق ي م لييه قا م ي إو فييي ظييل رضييافر جه ي د جميييع مم نييات وعناصيير‬
‫الحمام ومساهمتها الف ال في ر زيز ركا ز ال مليي التنم يي ل قتصياد الي اني‪ ،‬عبير رحدييد‬
‫أهداف و يا يات وبيرام" قابلي للتنفييذ‪ ،‬رتي خى فيي صيلبها ضيمان رحقييق النمي اوقتصياد‬
‫ضمن المتغييرات المحليي وال الميي ‪ ،‬ميع ر اييد ال قيع اإليجيابي عليى المنظ مي اوجتماعيي‬
‫كمل‪.‬‬
‫لقد رأ ست او تراريجي التنم ي ‪ ،‬ومنذ بدايي عقيد الثمانينييات مين القيرن الفا يت‪ ،‬عليى فميرة‬
‫المشارك الم اان ‪ ،16 La participation citoyenne /Active Citizenship‬كشيمل‬
‫جديييد للتييدبير التنم ي ‪ ،‬حيييث يتح ي ل السييمان ميين مجييرد مسييتفيدين ييلبيين ميين المشيياريع‬
‫التنم ي إلى فاعلين مح ريين في السيرورة التنم ي ‪ ،‬مين حييث ال ميل عليى ريدبير شيؤونهم‬
‫الخاص ي بأنفسييهم‪ .17‬وه ي مييا يتجسييد فييي قيييامهم بمجم ع ي ميين المبييادرات الفاعل ي لصييال‬
‫المجتمع الذ ي يش ن في كنفه‪ .‬هنا‪ ،‬رتبل ر فمرة متقدم بخص ص الم اان التي رتشبع في‬
‫مضم نها بمل قيم المسؤولي والتشارك والتما ك الجماعي‪ .‬وهي الفمرة التيي رتمحي ر حي ل‬
‫مفه م "الم اان الناشط ‪ /‬الفاعل "‪ ،‬والتي رقلص من أدوار الدول ورشيجع فيي المقابيل كيل‬
‫ما له صل بالف ل التطي عي‪ /‬التشياركي‪ .‬وهي اهمير‪ ،‬اليذ يج يل مين او يتراريجي التنم يي‬

‫‪ 16‬رييم ا ييتخدام ريم ي "الم اان ي الناشييط أو الفاعل ي ‪ " Active Citizenship‬ميين اييرف رجييل السيا ي البريطيياني‬
‫دوا س هيرد ‪ Douglas Hurd‬كت بير عن رط ر فميرة الم ااني فيي ارجياه ال ميل التطي عي الف يال ور ييع دعاميات‬
‫روح المبادرة الحرة واونتقال من اوعتماد على مستلزمات دول " الرفاهي " إلى اوررما على مباد دول " الم اان " ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪Alexandra de Heering, Stéphane Leyens,« Stratégie de développement durable au Sud ,‬‬
‫‪Question de genre et approche participative » , dans «Stratégies du développement durable:‬‬
‫‪Développement, environnement ou justice sociale ? » ,) Presses Universitaires de‬‬
‫‪Namur,2010 (, p.257.‬‬
‫‪13‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫القا م ي علييى هييذه الصيييغ المتط ي رة ميين الم اان ي ا ييتراريجي رتسييم بمييل صييفات النجاع ي‬
‫والف الي ‪.‬‬
‫فييي ال اقييع‪ ،‬إن الم اان ي الناشييط ‪ /‬الفاعل ي ليسييت مفه م يا ً جديييداً‪ ،‬لميين رراجييع دور الدول ي‬
‫وقييدررها علييى القيييام بمسييؤوليتها بييات يررييب مسييؤوليات إضييافي علييى المي اانين ويسييتدعي‬
‫مبادرة ناشط منهم‪ ،‬رأري في إاار رنيامي دور المجتميع الميدني ب صيفه قطبيا ً جدييداً وشيريما ً‬
‫للسلط والقطاع الخاص‪ ،‬في إاار الس ي إلى التنميي والحيد مين ثيار ال لمي وريداعيارها‪.18‬‬
‫وه ما يج ل من الم اان الناشط ‪ /‬الفاعل ميثاقا ً ر اقديا ً للمبيادرات التشياركي – ي اح رليك‬
‫التي يق م بها اهفراد أو الجماعيات‪ ،-‬فيي يبيل رر ييخ كيل اليرؤى او يتراريجي التيي ر يز‬
‫أ س ال مل الجماعي‪ ،‬مع او تناد الدا م إلى المباد القان ني المؤارة لم اان كل مم نيات‬
‫وعناصيير الحمام ي ‪ -‬قطيياع عييام‪ ،‬قطيياع خيياص‪ ،‬مجتمييع مييدني وم ي اان‪ ،-‬ميين حيييث ضييمان‬
‫ممار حق قها ور ايد دعامات قيامها ب اجبارها على ص يد السيرورة التنم ي ‪.‬‬
‫لقد قامت‪ ،‬باه اس‪ ،‬او تراريجي التنم ي وفق فمرة الم اان الناشط ‪ /‬الفاعل على منطيق‬
‫روح الفريق‪-‬روح ال مل التشاركي ‪/‬الجم ي لمل مم نات وعناصير الحمامي ‪ .‬وهي المنطيق‪،‬‬
‫الييذ يج ييل التخطييي عملييي جماعييي بامتيييا ‪ ،‬رنبنييي علييى محييددات‪ ،‬ميين قبيييل المشييارك‬
‫والمساهم والتشارك والت اضد‪.‬‬
‫إن إعييداد ورنفيييذ ورتبييع ورقييييم أ ا ييتراريجي يصييب علييى ض ي ح هييذا المنطييق‪ ،‬نتييا عمييل‬
‫الجميييع‪ ،‬مييع ضييب منهجي ي اشييتغال النشييااات التنم ي ي و ليييات ر يييع المهييام المت لق ي بمييل‬
‫متدخل على حدة‪ ،‬وفق مباد الم اان الناشط ‪ /‬الفاعل ‪.‬‬

‫‪-‬المدلول الكلي‬
‫إن او تراريجي التنم ي ‪ ،‬ر مل‪ ،‬وبالضرورة‪ ،‬على إي ح اهول ي ههداف التنميي المسيتدام‬
‫وارخاج اإلجراحات الناج على مست ى السيا ات المختلف ‪ .‬وهي اهمير اليذ بإممانيه ج يل‬
‫او تراريجيات ال اني للتنمي عم ما ً أداة مرج ي من أجل رحقيق أهداف التنميي المسيتدام ‪.‬‬
‫إن مين أهيداف او ييتراريجي التنم يي ‪ ،‬فيي ب ييدها المليي‪ ،‬ال ميل علييى ا يتدام مسيت ى عييو‬
‫المي اانين ور يييع القييدرات اإلبداعيي والرفييع ميين ريييادة اهعمييال ور زيييز ييبل او ييتقرار‬
‫اوقتصاد والمالي‪.‬‬

‫‪ 18‬ميار رو لييزل‪" ،‬الم ااني الفاعلي والني ع اوجتميياعي والمسييتحقات اوجتماعيي الم ااني الناشييط ‪ ،‬مسييؤولي ال فيياح‬
‫بالحق ق"‪ ،‬ورق عمل قدمت إلى‪ :‬ورشي عميل مجم عي اهبحياث والتيدريب لل ميل التنمي حي ل الم ااني الفاعلي والني ع‬
‫اوجتماعي والمستحقات اوجتماعي التي أقيمت في بيروت ي مي ‪ 13 / 12‬ما ‪ ،2006‬ص ص ‪. 6-4‬‬
‫‪14‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وجلك كله‪ ،‬في إاار التيزام م ييار بضيرورة اوررقياح الف ليي والف يال بمنظ مي التنميي فيي‬
‫ياقها الملي‪ ،‬مع ر فير كل اشترااات رحقق ال دال اوجتماعي ‪ ،‬وفي ظل ر ايد لبنات دولي‬
‫الرفاه‪.‬‬
‫او تراريجي التنم ي ‪ ،‬وفق هذا السياق‪ ،‬هي أداة شم لي ‪ ،‬ررن ‪ ،‬منهجيا ً‪ ،‬رحقيق كل اههيداف‬
‫اإلنما ي واو تجاب لسيا ر المتطلبيات الحياريي وإدراك الت ا نيات الضيروري ‪ :‬اوقتصيادي ‪،‬‬
‫اوجتماعي والبيئي ‪ ،...‬على مست ى اهفراد والجماعيات‪ ،‬وفيي إايار بنياح مسيتقبل "مسيتدام"‬
‫للمجتم ات‪.‬‬
‫وبشمل بديهي‪ ،‬ومادامت او تراريجي التنم ي ‪ ،‬هي أداة كلي وشم لي لتحليل مدارك التنمي ‪،‬‬
‫فإنييه االبيا ً مييا ينظيير إلييى هييذه اهخيييرة‪ ،‬باعتبارهييا واقييع جييد م قييد‪ ،‬متغييير با ييتمرار‪ ،‬حسييب‬
‫ال قيا ع التاريخيي والسيا ييي ‪ ،‬وحسيب ال امييل واإلكراهييات التيي رصيياحبها‪ .‬كمييا أن اهفمييار‬
‫الجدييدة المرربطي بالسييرورة التنم يي ‪ ،‬رظيل جيد متن عي ‪ :‬راريخيي ‪ ،‬اقتصيادي ‪ ،‬رمن ل جيي ‪،‬‬
‫علمي ‪ ،‬ديني ‪ ،‬يا ي ‪ ،‬اجتماعي ‪ ،‬بيئي ‪...‬‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬يبدو لزوما ً على متخذ القرار التنم مراعاة الطابع الملي للتنمي واهفمار‬
‫المرربطيي بهييا‪ ،‬وربنيهييا‪ ،‬بشييمل رييدريجي وقييار‪ ،‬مييع اهخييذ فييي الحسييبان‪ ،‬مجمييل الظييروف‬
‫المحيط ‪.19‬‬
‫كميا أن التنميي عبيير جلييك‪ ،‬هيي كليي جدليي ‪Une totalité dialectique‬؛ ف نييدما نفحييص‬
‫كيييف ي مييل بلييد مييا علييى التأ يييس لنظييام أول يارييه ويحقييق (أو و يحقييق) رابييات ر ليفاريييه‬
‫اوقتصادي ‪ ،‬اوجتماعي والثقافي ‪ ،‬فإننيا يندرك رماميا ً مختليف أني اع وأ ياليب التنميي داخيل‬
‫البلد‪ ،‬مع اإلحال دا ما ً على مسأل ك ن هيذا النظيام وهيذه الرابيات‪ ،‬ايير مسيتقل إا قيا ً عين‬
‫خصا ص السلط السيا ي والطبق المهيمن ‪.20‬‬

‫‪19‬‬
‫‪Gutu Kia Zimi,« Le Développement Conscient: Un Autre Regard Du Développement» ,‬‬
‫‪) Author House, 2012(, pp.13-14.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪Le Thanh Khoi , op. cit. , p.31.‬‬
‫‪15‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫همذا‪ ،‬فالمدل ل الملي ل تراريجي التنم ي ‪ ،‬ينطليق‪ ،‬أ ا يا ً‪ ،‬مين ر رييف التنميي ‪ ،‬مين اويي‬
‫شم لي ‪ ،‬ب صفها " أفمار وأف ال ون ار" واايات‪ ،‬من شأنها ررقي مت اصل للحيياة البشيري ‪،‬‬
‫بمنظ ر شم لي رماملي‪ ،‬ضمن إاار ثقافي محدد"‪.21‬‬
‫وه ما يج ل او تراريجي التنم ي ‪ ،‬وفق هذا الت ريف‪ ،‬رؤكد‪ ،‬ومين أجيل كفايي أدا هيا‪ ،‬عليى‬
‫ضرورة ا تحضار اهب اد التماملي أثناح وضع البرام" والمشياريع‪ .‬وجليك كليه‪ ،‬بغيي رحقييق‬
‫إممانات اوررقاح بالحياة البشري ‪ ،‬ورج يد أنماا عيو كل الشرا المجتم ي ‪.‬‬
‫إن او تراريجي التنم ي ‪ ،‬وفق الدووت –المدل وت‪ -‬السابق ‪ ،‬وحتى رتممن من ج ل التنمي‬
‫رحقق مراميها‪ ،‬عليهيا أن رتأ يس عليى جملي مين ال ناصير القميني بتي فير اشيترااات المفايي‬
‫والف الي على مست ى مضامينها القيمي والم ياري ‪.‬‬

‫ب‪-‬عناصر الستراتيجية التنموية‬


‫لمييل ا ييتراريجي عناصيير ومم نييات رشييمل جيي هر رحديييدها‪ ،‬والييذ يضييمن رطبيقهييا وفييق‬
‫ممار ييات فضييلى ررفييع ميين نجاعتهييا وكفايتهييا‪ .‬فاو ييتراريجي التنم ي ي ‪ ،‬هييي بمثاب ي ان يدما‬
‫عضي وبنيي ل ناصيير رقي ميين اا يارهييا فييي ارجيياه رحقيييق رفاهيي المجتم ييات و ي ادة‬
‫اهفراد‪.‬‬
‫ر تمييد او ييتراريجي التنم ييي علييى عييدة عناصيير‪ .‬ونييذكر منهييا أ ا ييا ً ‪ :‬ال قلنيي ‪ ،‬التنبييؤ‪،‬‬
‫التمن ل جيا‪ ،‬اإلبداع‪ ،‬التقنين‪ ،‬التنظيم‪.‬‬

‫‪-‬العقلنة‬
‫يقصيد "ال قلني " ك نصير مين عناصير او يتراريجي التنم يي ال ميل عليى رطي ير القييدرات‬
‫الذاري فيي رسييير المي ارد المتاحي ‪ ،‬بغيي ررشييدها ورفيع أدا هيا باو يت مال اهمثيل لهيا‪ .‬مميا‬

‫‪ 21‬عبدهللا بن عبدالرحمن البرييد ‪ "،‬التنميي المسيتدام ‪ :‬ميدخل رمياملي لمفياهيم او يتدام ورطبيقارهيا‪ ،‬ميع التركييز عليى‬
‫ال الم ال ربي"‪ ،‬ا ‪ (1‬الريا ‪ :‬ال بيمان‪ ، ) 2015 ،‬ص‪. 34‬‬
‫‪16‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ي نييي فييي اهخييير‪ ،‬رجنييب التبييذير وا ييته ك التييرف‪ .22‬وه ي مييا يتجسييد فييي خط ي ات ر بئ ي‬
‫الطاقيييات‪ ،‬والتيييي رشيييتغل‪ ،‬وفيييق رؤيييي واضيييح الم يييالم‪ ،‬عليييى اقتيييراح السيا يييات الناج ييي‬
‫واإلجراحات المرربط بها‪ ،‬والمفيل بتحريك دواليب عجل التنمي ‪.‬‬
‫فال قلنييي أو الترشييييد‪ ،‬رحييييل‪ ،‬بالدرجييي اهوليييى‪ ،‬عليييى حسييين ا يييتخدام مخرجيييات السيا يييات‬
‫وبل ررها وفق منطلقات إيجابي ‪ ،‬رؤكد اههمي القص ى ل تثمار التنم ورحقيق المتطلبات‬
‫التنم ي الملح للمجتم ات‪ ،‬بأقل التماليف‪ ،‬خاص في ظل عصر يتسم بالنيدرة المفراي فيي‬
‫الم ارد واإلممانات‪.‬‬
‫إنييه‪ ،‬وميين أجييل أن رحقييق او ييتراريجي التنم ي ي اههييداف المأم ليي منهييا فييي رحسييين نميي‬
‫اوررقاح التنم للمجتم ات‪ ،‬ينبغي الرفع الدا م من مست يات عقلن المقدرات واإلممانيات –‬
‫البشري والطبي ي والرمزي ‪ -‬وخلق الجانب "المنت"" في المشاريع والبرام" التنم ي ‪.‬‬
‫هنا‪ ،‬يممن الحديث عن إعادة رشميل ا تراريجي جماعي رمب في كنهها م يقات او تراريجي‬
‫التقليدي ي ‪ .‬وهييي او ييتراريجي "الفضييلى"‪ ،‬التييي رييؤمن بضييرورة رجيياو السييل كيات ال ا لي ي‬
‫والفردي والبحث عن اونسجام الداخلي الم حد للممار ات المختلفي لجماعي ميا‪ ،‬ميع ال قلني‬
‫المستمرة لها‪.‬‬
‫وجلك كله‪ ،‬بغي التأ يس لمنظ م من الت ا ن القار‪-‬والذ نادراً ما ي جد – ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يممن‬
‫التأكيد على أن إعادة رشميل او تراريجيات التقليدي هي بدون أدنى رييب‪ ،‬رطبييق مفييد‪ ،‬بييد‬
‫أنه يظل رطبيقا ً محف فا ً ب دد من المخاار‪.23‬‬
‫ومع جليك‪ ،‬ف قلني المي ارد جات الصيل باو يتراريجيات التنم يي كثييراً ميا رتمياهى ميع مسيأل‬
‫اإلنصاف‪ ،‬والتي ربر كمسأل مح ري في التحليل اوقتصاد للتنمي المستدام ‪.24‬‬

‫الم ارف الجديدة ‪، ) 2002 ،‬‬ ‫‪ 22‬محمد حركات‪" ،‬اوقتصاد السيا ي وجدلي الثروة والفقر"‪ ،‬ا ‪ ( 1‬الرباا ‪ :‬مطب‬
‫ص‪. 175‬‬
‫‪23‬‬
‫‪Lambert Mossoa,« Gestion, maîtrise et aménagement des ressources naturelles en Afrique‬‬
‫‪de l'Ouest et du Centre» , Collection : Études africaines. Série Environnement , ) Paris :‬‬
‫‪l'Harmattan, 2016 (, p.15.‬‬
‫‪17‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ومن ثيم‪ ،‬وحتيى يممين أن رنبنيي او يتراريجي التنم يي عليى م يايير اإلنجيا الف يال ورضيمن‬
‫أ س ريادرها المطلق ‪ ،‬يت ين على متخذ القرار التنمي الت يل بال قلني ك نصير جي هر‬
‫مررب بالتفمير ال اعي‪ ،‬اير اهناني رجاه الم ارد واإلممانات‪.‬‬
‫وال قلنييي ‪ ،‬وفيييق هيييذا التصييي ر الييي اعي الصيييرف‪ ،‬قيييد رج لنيييا نصييينفها فيييي أصيييناف ث ثييي ‪:‬‬
‫‪-‬عقلنةةة يطةةي ة ‪ :‬وهييي ال نصيير الييذ يضييفي‪ ،‬فييي إاييار رسي يغي ‪ /‬ربرييير ‪ ،‬علييى اهشييياح‬
‫واهفمار‪-‬من قبيل او تراريجيات‪ -‬ااب ي الرشيد والف اليي ‪ ،‬عليى اليرام مين عيدم م ياريتهيا‪-‬‬
‫أخ قيتها‪ -‬أو عدم ف اليتها‪.‬‬
‫‪-‬عقلنةةةة مركبةةةة ‪ :‬وهيييي ال نصييير اليييذ يتبلييي ر فيييي يييياق مغليييف‪ ،‬إميييا بغييي ف الفلسيييف أو‬
‫اهيدي ل جيا أو برنام" حز بلئ درج عالي من التط ر‪ .25‬مما يج ل منه عنصير متيداخل‬
‫اهب اد ومتشابك المصال ‪ .‬اهمر الذ ي ر مع مرور ال قت عن أ با ض فه البين‪.‬‬
‫‪-‬عقلنة" يوتويية" ‪ :‬وهي ال نصر‪ ،‬الذ يحدد‪ ،‬ووفق منطق مين اهول ييات –منطيق مثيالي‬
‫في االب اهحيان‪ ، -‬كل الخط ات المرربط ‪ ،‬إما بالغايات‪ ،‬والتي ينبغيي أن ربنيى عليى رؤيي‬
‫عام واضح ‪ ،‬وإما بالنشااات أو البرام" المراد إنجا ها‪ ،‬والتي عليها أن رت ل باه ياليب‬
‫القمين ي بضييمان نجاعتهييا‪ ،‬وإمييا بالنتييا " المرا ي فييي رحقيقهييا‪ ،‬والتييي يجييب أن رق ي م علييى‬
‫م ايير اهداح اإليجابي‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬يبدو‪ ،‬وبشمل جلي‪ ،‬أن او تراريجي التنم ي رظل في أمس الحاج إلى عنصير ال قلني‬
‫"الي ر بي "‪ ،‬مادام عنصراً يحقق الت ا ن المنش د بين كل مم نات الف ل التنمي ‪ ،‬مين حييث‬
‫الغايييات والبييرام" والنتييا "‪ ،‬ويج ييل عملييي ا ييتثمار هييذه المم نييات‪ ،‬عملييي فاعليي ‪ /‬ف اليي‬
‫‪.‬‬ ‫ومتسم بمل مظاهر المرون والس‬

‫‪24‬‬
‫‪Muriel Maillefert, Olivier Petit, Sandrine Rousseau)dir.( ,« Ressources, patrimoine,‬‬
‫‪territoires et développement durable» , ) Bruxelles :P.I.E Peter Lang ,2010 (, p.16.‬‬

‫م‪ ،‬أحمد حالي‪،‬‬ ‫‪ 25‬ريشارد ب ل‪ ،‬ليندا إيلدر‪"،‬التفمير النقد كأداة لحل مشم ت ال مل والحياة الخاص "‪ ،‬ررجم عمرو‬
‫ا ‪( 1‬لندن ‪ ، ) 2016 ،E-Kutub :‬ص‪. 329‬‬
‫‪18‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬

‫‪-‬التنبؤ‬
‫من ال ناصر اه ا ي التي رشيمل جي هر بنياح او يتراريجي التنم يي ‪ ،‬نجيد التنبيؤ‪ ،‬أ ال ميل‬
‫علييى ا تشييراف ا ييتراريجي شييم لي فييي م الجي المشيياكل اوقتصييادي المبييرى‪ ،‬عبيير التنبييؤ‬
‫بحييدوثها أو رتبييع رط رهييا ( النم ي الييديم ارافي‪ ،‬التشييغيل‪ ،‬ال جييز الغييذا ي‪ ،‬الهجييرة‪ ،‬البيئ ي‬
‫والتل ث‪ ،‬التهيئ وإعداد الترا ال اني‪ ،‬التضخم ال مراني‪ ،‬مشاكل السمن‪ ،‬إليخ ‪ .26)...‬هنيا‪،‬‬
‫نم ن أمام مفه م "التنبؤ او تراريجي"‪ ،‬والذ يتحيدد ب صيفه جاك الني ع مين اإلدراك الب ييد‬
‫المدى وال ا ع النطاق للظ اهر واهحداث‪ ،‬ميع وضيع فرضييات – عليى شيمل ييناري هات‬
‫محتمل ي ‪ ،-‬لم اجه ي التح ي وت الطار ي ‪ -‬البسيييط وال ميق ي ‪ ،-‬والتييي يمميين أن رمييس مجمييل‬
‫الظ اهر واهحداث‪.‬‬
‫او تراريجي التنم ي بذلك‪ ،‬ومن منطلق مفه م "التنبيؤ او يتراريجي"‪ ،‬هيي ا يتراريجي جات‬
‫رؤي ا تباقي ‪ ،‬رضيع التخطيي وصيياا الفرضييات المممني حي ل أحيداث ووقيا ع المسيتقبل‬
‫ضييمن أبيير أول يارهيا‪ .‬وجلييك ميين خي ل‪ ،‬الت ييل المسييتمر بتقنيييات متطي رة خاصي ‪ ،‬وعبيير‬
‫مراحل مني مت ددة‪.‬‬
‫على ض ح جلك‪ ،‬يبر التنبيؤ‪ ،‬باعتبياره ال مليي التيي يسيتند عليهيا ميدبرو السيا يات وصيان‬
‫القرارات في رط ير اوفترا او تشرافي بخص ص المستقبل ووضع كيل السييناري هات‬
‫المحتمل المت لق بمختلف مجاوت هذا المستقبل‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬وبخص ص او تشرافي ‪ ،‬فيممن الق ل‪ ،‬أن" الم رف هي التنبؤ والتنبؤ ه السيلط "‪.‬‬
‫فمق ل ي "أواسييت ك نييت" هييذه ‪ ،‬ر بيير بدق ي عيين منظ ي ر وأفييق ل تشييراف‪ ،‬باعتبيياره أداة‬
‫ا تراريجي "فضلى" ونم ججي ‪ ،‬اايتها وضع التص رات الحقيقي للم رف الشامل ‪ ،‬المقترن‬
‫بحس الت قع وحدس التنبؤ‪ ،‬والمت خي في نهاي اهمر‪ ،‬ج يل السيلط ر يرف اونبثياق المبيير‪،‬‬
‫وفق رجليات مت ددة‪ ،‬من أبر ها "صناع قا م الذات" للمستقبل‪.‬‬
‫وميين ثييم‪ ،‬فإننييا فييي حاج ي إلييى جسيير ل نتقييال ميين مفه ي م "مسييتقبل مرا ي " إلييى رجسيييد‬
‫"مسيييتقبل مسيييتدام"‪ ،‬و"قابيييل للتحقييييق"‪ ،‬مسيييتقبل يتسيييم بالرييييادة ومسيييتقبل يسيييع الجمييييع‪.‬‬
‫عليييى هيييذا اه ييياس‪ ،‬ي يييد او تشيييراف او يييتراريجي‪ ،‬أداة أ ا يييي خاصييي ‪ ،‬ليييدم" رطل ارنيييا‬
‫وام حارنا‪ ،‬والت بير عنها ضمن كامل أب ادها‪.‬‬
‫ويييررب ب ييدين ميين هييذه اهب يياد عض ي يا ً ب مييل او تشييراف او ييتراريجي‪ .‬فميين جه ي ‪ ،‬نجييد‬
‫التسييير الييذ يتمحي ر حي ل النتييا " ‪ ،GAR‬يييدف نا إلييى يييادة اونسييجام وال جاهي و يييادة‬

‫‪ 26‬محمد حركات ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 175‬‬


‫‪19‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫النتيا "‬ ‫اهثر النار" عن عملنا‪ ،‬إج يت لق اهمر هنا‪ ،‬بالقيام ب اجب ا تشرافي وا تباقي لبلي‬
‫ورحسينها‪.‬‬
‫ومن جه أخرى‪ ،‬يركز رسيير المخياار انتباهنيا‪ ،‬عليى التهدييدات والفيرص‪ ،‬التيي يممنهيا أن‬
‫رييؤثر فييي بيئتنييا الداخليي والخارجيي ‪ ،‬بصييف اييير مت ق ي ‪ ،‬حيييث يت لييق اهميير هنييا‪ ،‬ب اجييب‬
‫ا تشرافي لفهم "ال مؤكد"‪ ،‬الذ ه صف المستقبل‪.27‬‬
‫ميين هييذا المنطلييق‪ ،‬يبيير التييدبير باههييداف أو اإلدارة باههييداف‪ ،‬والتييي رحتييا إلييى كمييال‬
‫التنظيم‪ ،‬إلى رحديد ماهي ال مل الذ تق م به مرافق التنظيم على ضي ح اههيداف المحيددة‪،‬‬
‫التي من أجلها رم إنشاح وإر اح لبنات التنظيم نفسه‪ .‬واههداف‪ ،‬هي اه اس‪ ،‬الذ يق م عليه‬
‫التخطي ‪ .‬أما التنفيذ‪ ،‬فيتم وفق برام" رستخلص من التخطي ‪.‬‬
‫وبييذلك‪ ،‬ربيير أهمي ي كييل مم نييات وعناصيير الحمام ي فييي بل ي رة ور زيييز دعامييات النسييق‬
‫او ييتراريجي–بمييا فيييه جاك المييررب بالسيييرورة التنم يي ‪ .-‬وهي مييا يبيير ‪ ،‬حتميا ً‪ ،‬فييي مم ي ن‬
‫الدولي ‪ ،‬التيي ر تبير أداة ا يتراريجي بامتييا ‪ ،‬ي ي ل عليهيا‪ ،‬لضيب المسيارات التنم يي ‪ .‬إج‪ ،‬و‬
‫يجيييب فيييي هيييذا الصيييدد‪ ،‬أن نستصيييغر دور الدولييي ‪ ،‬كممييي ن و محييييد عنيييه‪ ،‬عليييى مسيييت ى‬
‫او تراريجي التنم ي ‪ .‬وه اهمر‪ ،‬الذ يتجلى في ر جيهها ل قتصاد ووضع او يتراريجيات‬
‫والسيناري هات‪ ،‬ورمييزها بين ا فاق المتباين للتنمي اوقتصادي ودرا تها لم اان الض ف‬
‫والقي ة للنسييق والهياكييل اإلنتاجيي ‪ .‬مررمييزة فييي جليك‪ ،‬علييى مؤشييرات صييحيح (رطي ر النمي‬
‫الديم ارافي والقيم او ته كي للسمان وهياكل الس ق‪ ،‬إلخ‪.28(...‬‬
‫التنبؤ ك نصر من عناصر او تراريجي التنم ي بذلك ‪ ،‬يمت ق ره من التفميير او يتراريجي‪،‬‬
‫والذ يتبل ر في كنهه‪ ،‬ب صفه‪ ،‬رفمير رركيبي وبنا ي ‪ ، Synthesizing‬يمتلك القدرة عليى‬
‫بنيياح الغايييات‪ ،‬وي تمييد اإلدراك واو تبصييار والحييدس و تحضييار الص ي ر الب يييدة ور ييم‬
‫م مي المسييتقبل قبييل وق عييه‪ ،‬وبم نييه أيضيا ً رفميير رفيياؤلي‪ ،‬يييؤمن بقييدرات اإلنسييان وااقارييه‬
‫ال قلي ‪ ،‬على اختراق عالم المجه ل والتنبؤ باحتماوت مما يقع وبحث على وج ر ظيف‬
‫الم رفييي المتاحييي ورييي فير اهجيييي اح المشيييج عليييى المشييييارك فيييي صيييناع المسييييتقبل‪.29‬‬
‫إجماوً‪ ،‬يتمثيل المبيدأ المليي للتنبيؤ او يتراريجي‪ ،‬مين جهي ‪ ،‬فيي جميع الم طييات والم ل ميات‬
‫جات المضيم ن او يتراريجي ال مييق‪ ،‬ومين جهي أخيرى‪ ،‬فيي ال ميل عليى رحليلهيا وفهمهيا‪.‬‬

‫‪ 27‬قيس الهمامي في رمهيده لمتا "او تشراف او تراريجي للمؤ سات واهقاليم "‪ ،‬ميشال ا دييه‪ ،‬فيلييب دورانيس‪ ،‬قييس‬
‫الهمامي‪ ،‬ررجم محمد ليم ق ل وقيس الهمامي‪ (،‬منظم اهمم المتحدة للتربي وال ل م والثقاف ‪ ، ( 2009 ،‬ص ص‬
‫‪.8 -6‬‬
‫‪ 28‬محمد حركات ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪. 176-175‬‬
‫‪ 29‬مجيد كرخي ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪.52-51‬‬
‫‪20‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وبالتالي‪ ،‬رم ين نظرة ا تشرافي متمامل ‪ ،‬مدقق ومضيب ا ‪ ،‬كفيلي بقيراحة الني ار" المحتملي‬
‫للظ اهر وال قا ع او تراريجي ‪ -‬بما فيها رلك المرربط بالشأن التنم ‪.-‬‬

‫رتطليييييب‬ ‫التكنولوجيةةةةةا‬
‫او ييتراريجي التنم ييي ‪ ،‬لضييمان كفايتهييا‪ ،‬الت ييل بالتقنيييات التمن ل جييي الحديثيي ‪ -‬بمييا فيهييا‬
‫مجاوت ردخل الذكاح او تشرافي للخبراح او تراريجيين‪ ،‬والمتمثل فيي درا يارهم المسيتقبلي‬
‫‪ .-‬حيث أن امت ك التمن ل جيا والتحمم اإليجابي في أدوارها ي يد فيي ال قيت الحيالي‪ ،‬الدعامي‬
‫اه ا ي التي يق م عليها صرح التنمي ‪ ،‬وينبني عليها أ مجتمع يرن رحقيق اايارها‪.‬‬
‫التمن ل جيا‪ ،‬بشمل عام‪ ،‬هي صيرورة شامل رتأ يس عليى رطبييق ال لي م والم يارف الجدييدة‬
‫بطريق منظم ومنهجي فيي مجياوت مختلفي ‪ .‬وجليك‪ ،‬بغيي رحقييق أايرا عيدة‪ ،‬جات كفايي‬
‫عملي للفرد والمجتمع‪.‬‬
‫فالتمن ل جيييا‪ ،‬ميين خ ي ل جلييك‪ ،‬هييي او ييتخدام اهنجييع للم رف ي ال لمي ي وضييب ممار ييارها‬
‫ال ملي ‪ ،‬أ رط ي ها بغاي خدم اإلنسان والرفع من قدراره‪ .‬وبالتيالي‪ ،‬رحقييق أ يس رفاهيتيه‬
‫وا دهاره‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬ربر التمن ل جيا التنم ي – أ الرفع من مست يات إدراك المسا ل التنم يي ‪-‬‬
‫‪ ،‬باعتبارهييا التصييميم المفميير بييه ل جييراحات المفيلي بتسييريع وريييرة فييرص النجيياح للتجييار‬
‫التنم ي المتن ع ‪.‬‬
‫على هذا اه اس‪ ،‬يممن ر ريف "التمن ل جيا التنم ي "‪ ،‬بم نها اريق منهجي للتفمير رتطليع‬
‫إلى وضع الحل ل الم اري للمشاكل المت لق بالمسأل التنم ي ‪ .‬وهي أداة علمي وعمليي لج يل‬
‫الفييرد أو الجماع ي يحققييان الغايييات التنم ي ي المرج ي ة‪ ،‬فييي إاييار عقلن ي مت اصييل و ييتخدام‬
‫اإلدراكيييات والتقنييييات والم يييارف والرهانيييات‪ ،‬مييين أجيييل اإلشيييباع المسيييتمر و"المسيييتدام"‬
‫للحاجات التنم ي للفرد والجماع ‪.‬‬
‫هنا‪ ،‬يممين الحيديث عين اوختيراع التمن لي جي "التنمي "‪ .‬وهي كميل اختيراع‪ ،‬ي تبير فميرة‬
‫جديدة رجد رطبيقها في أر ال اقع ورنسخ ما قبلها من أفمار‪ .‬وفي ع قته بالتنمي ‪ ،‬فإن هذا‬
‫النم من اوختراعات‪ ،‬يشمل كل ميا ليه صيل بالتنميي فيي شيتى رجليارهيا‪ .‬فالطاقي "النظيفي "‬
‫واوقتصيياد اهخضيير والمييدارس اإليم ل جيي واإليم ل جيييا اوجتماعيي والتنميي المسييتدام‬
‫‪...‬كلها نماج من اوختراعات التمن ل جي "التنم ي "‪.‬‬
‫ورهدف اوختراعات التمن ل جي "التنم ي "‪ ،‬بشمل عام‪ ،‬إلى دعم قدرات المؤ سيات الفاعلي‬
‫في الحقل التنم ‪ ،‬بص رة مستمرة‪ ،‬لغاي مجابه يا ر التحي وت اوجتماعيي واوقتصيادي‬
‫التي يفرضها ريار ال لم الجارف‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫في الحقيق ‪ ،‬رحتل ا تراريجي اوختراع التمن لي جي "التنمي " مميان الرييادة والصيدارة فيي‬
‫لم او تراريجيات التنم ي كمل‪ .‬فبدون الت ل با تراريجي من هذا القبيل‪ ،‬ربقيى المسيارات‬
‫التنم ي م رض للهشاش على مسيت ى بنيارهيا التم ينيي ‪ ،‬مميا يضي ف‪ ،‬بالتيالي‪ ،‬مين ف اليتهيا‬
‫وكفايتها‪.‬‬
‫رحتيييا أ ا يييتراريجي رنم يييي إليييى الت يييل بيييأدوات التمن ل جييييا المتطييي رة –خاصييي منهيييا‬
‫الرقمي ي ‪ ،-‬بالشييمل الييذ ينسييجم ويييت حم مييع هييذه او ييتراريجي ‪ ،‬ويخلييق الفييرص المت ييددة‬
‫لتط رهييا ونم هييا المسييتدام‪ .‬وهيي اهميير‪ ،‬الييذ يييتم‪ ،‬ميين خيي ل اوعتميياد علييى جمليي ميين‬
‫المؤشييرات التمن ل جيي ال الميي ‪ ،‬يبقييى ميين أبر هييا مييا ي ييرف بمؤشيير التمن ل جيييا كمؤشيير‬
‫فرعي رابع لمؤشر رنافسي النم (‪ .Growth Competitivenes Index (GCI‬ومين أهيم‬
‫ركا ز هذا المؤشر‪ -‬مؤشرات فرعي ‪ ،-‬والذ يهتم‪ ،‬باه ياس‪ ،‬بمسيت يات رطي ر التمن ل جييا‬
‫للدول المختلف ‪ ،‬نجد ‪ :‬مؤشر اإلبداع التمن ل جي أو عامل اوبتمار‪ ،‬مؤشر نقل التمن ل جييا‪،‬‬
‫مؤشر رمن ل جيا الم ل مات واورصال ‪. ICT‬‬

‫‪-‬اإليداع‬
‫يجسد اإلبداع على مست ى او تراريجي التنم ي منطلقا ً من منطلقات رنافس المجتم يات فيي‬
‫ال قت اليراهن‪ ،‬بحميم ربلي ره كأ ياس قيميي لتثميين الثي رة الم رفيي والتمن ل جيي والرقميي ‪،‬‬
‫وباعتباره منبع ر يسي للتقدم التنم الخ ق والتف ق او تراريجي المستدام‪ ،‬ومصدر حي‬
‫للرفع من مست يات القيم المضاف وقتصاديات الدول‪.‬‬
‫فاإلبداع‪ ،‬يتناول‪ ،‬وفق هذا التحديد‪ ،‬مجريات التحي ل مين النمي إليى التنميي ‪ .‬فيالنم ‪ ،‬كمقاربي‬
‫محا بتي صرف ‪ ،‬خاص بخلق ورقا م الثروة وما يررب بها من قيمي مضياف ‪ ،‬يطيرح‪ ،‬عليى‬
‫الييدوام‪ ،‬أ ييئل كبييرى حي ل فييرص نجاحييه ورطي ره‪ .‬وجلييك كلييه‪ ،‬يييتم فييي ييبيل إيجيياد الصيييئ‬
‫الضروري لتح ل النم نح التنمي ‪ .30‬هذه اهخيرة‪ ،‬رج ل من اإلبداع مؤشراً من مؤشرات‬
‫‪30‬‬
‫‪Gisèle Béjot,« La croissance économique et le développement» , ) Dijon : Educagri éditions‬‬
‫‪,2008 (, p.7.‬‬
‫‪22‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الرفيييع مييين حمامتهيييا– كفايتهيييا وف اليتهيييا‪ . -‬ولييين يتيييأرى لهيييا ال صييي ل إليييى جليييك‪ ،‬إو بر يييم‬
‫ا ييتراريجيات حقيقي ي ‪ ،‬مبدع ي فييي رص ي رارها وجريئي فييي رؤاهييا‪ ،‬رنبنييي‪ ،‬بالضييرورة‪ ،‬علييى‬
‫رفمير ا تراريجي عميق وب يد المدى‪.‬‬
‫هنا‪ ،‬نجد أن التفمير او تراريجي‪ ،‬ه رفمير افتراقيي أو رباعيد ‪ ، Divergent‬لم نيه ي تميد‬
‫اإلبداع واوبتمار في البحيث عين أفميار جدييدة أو يمتشيف رطبيقيات مسيتحدث لم رفي يابق ‪.‬‬
‫وه لذلك‪ ،‬يحتا إلى قدرات ف ق ال ادي للتخيل والتص ر وإدراك م اني اهشياح والمفياهيم‬
‫وع قارها‪.31‬‬
‫إن اإلبييداع ك نصيير ميين عناصيير او ييتراريجي التنم ي ي ‪ ،‬ي مييل‪ ،‬أ ا يا ً‪ ،‬عل يى مسيياعدة هييذه‬
‫او تراريجي على ر م يا ات ب يدة اهمد بخص ص البرام" التنم ي ‪.‬‬
‫ويفتر اإلبداع إي ح ال ناي ال م بمل ال امل المساهم فيي إنتيا الم يارف والتقنييات‪،‬‬
‫والتي بإممانها أن ررفع من المردودي التنم ي للدول‪.‬‬
‫اإلبداع والخلق والتجديد واوبتمار كلها عناصير مين اههميي بمميان‪ ،‬لليدفع بالمجتم يات نحي‬
‫مدار الرقي والتط ر وإراح أ س رقدمها ورف قها‪ .‬وهي ال ناصر المفيل بتمثيف مساهمات‬
‫المؤ سات المختلف في ضمان رنافسي أفضل للبرام" التنم ي المقترح ‪ ،‬مع رط ير دعامات‬
‫رحفيز نشااات اهفراد والجماعات‪ ،‬من منطلق ر فير ركيا ز التمن ل جييا الحديثي ‪ -‬أو اليذكاح‬
‫اوصيطناعي‪ -‬ورشيجيع أ يس البحيث ال لميي – خاصي فيي المجياوت الجدييدة‪ ،‬مين قبييل‪،‬‬
‫اإلع ميات والشبمات الرقمي والطاقات المتجددة‪ -‬ور ايد كفاي اوبتمار‪.‬‬
‫إنه‪ ،‬وبالنظر لألهمي المركزيي التيي رحظيى بهيا هيذه ال ناصير عليى مسيت ى ربلي ر ورطي ر‬
‫او ييتراريجي التنم ييي ‪ ،‬يبييدو‪ ،‬لزومييا ً‪ ،‬ريي فير الظييروف الم ارييي لتر ييخها اإليجييابي داخييل‬
‫منظ م الف ل التنم الرا د‪.‬‬
‫وعليييى ضييي ح جليييك‪ ،‬يممييين التأكييييد عليييى أن ثيييروة اهميييم الحاليييي رقييياس بمنجزارهيييا ال لميييي‬
‫ومبتمرارها التقني ورراكمارها الم رفي ‪ .‬اهمر الذ يست جب ال مل‪ ،‬وبا يتمرار‪ ،‬عليى إيجياد‬
‫قن ي ات يييتم عبرهييا دعييم اوبتمييارات ال لمي ي والتمن ل جي ي ورح يييل مخرجارهييا إلييى مشيياريع‬
‫ناجح ‪ .‬وه ما يممن أن يتم‪ ،‬أ ا ا ً‪ ،‬من خ ل ميا يممين أن نسيميه "حاضينات اوبتميار"‪،‬‬
‫والتييي رشييتغل‪ ،‬وفييق إاييار مؤ سيياري‪ ،‬علييى ر ي فير كييل ع امييل الجييذ والتحفيييز لألفمييار‬
‫والطم حات جات الصل بالخلق واوبتمار‪ ،‬ومنها على بيل المثال‪ ،‬الحاضنات التمن ل جيي‬
‫الم ج دة في مراكز البحث ال لمي والمؤ سات الجام ي ‪ .‬وهي الحاضنات المفيلي بمسياعدة‬

‫‪ 31‬مجيد كرخي ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 51‬‬


‫‪23‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫كييل الفيياعلين علييى رط ي ير ورنمي ي أفمييارهم اإلبداعي ي علييى مسييت ى المشيياريع التييي ين ي ون‬
‫إخراجها من الق ة إلى الف ل‪.‬‬
‫رمثييل المبييادرة اإلبداعي ي ‪-‬علييى مسييت ى إدراك الم ييارف الجديييدة خص ص يا ً‪ ،-‬ج ي هر رط ي ر‬
‫ونجاح المشاريع التنم ي ‪ ،‬والتي رتم صيااتها وإنجا ها ضمن ياقات او تراريجي التنم يي‬
‫هي دول من الدول‪ ،‬مما يج لها ر ز ‪ ،‬بشمل مت اصيل وجيذا ‪ ،‬القيدرات التممينيي لمختليف‬
‫الفاعلين المساهمين في هيذه او يتراريجي ‪ ،‬ميع شيم ل جليك لسيا ر القطاعيات الحي يي داخيل‬
‫الدول ي ‪ ،‬والتييي ميين المفييرو أن رحقييق نتييا " جييد إيجابي ي فييي مسييارارها التنم ي ي ‪ ،‬إن ه يي‬
‫اررمييزت فييي ليييات اشييتغالها علييى مق مييات المبييادرة اإلبداعيي ور ييخت فييي كنههييا اإليميان‬
‫ال ميق بمباد ثقاف اوبتمار‪.‬‬
‫إن من شأن اإلبداع على الص يد التنم ‪ ،‬أن يشمل أداة هام لدعم فرص اوررقياح اإليجيابي‬
‫بالمشاريع والبرام" التنم ي ‪ .‬ويممن التأكيد هنا‪ ،‬على أن جلك‪ ،‬و يممن أن رق م ليه قا مي ‪ ،‬إو‬
‫بالحرص الشديد على رط ير المبيادرات الفرديي والجماعيي الخاصي بإيجياد ا لييات الحديثي‬
‫المت لق ي بييإدارة ال مليييات اإلنتاجي ي المختلف ي ‪ ،‬والقمين ي بضييمان اييابع او ييتدام للمسييارات‬
‫التنم ي ‪.‬‬

‫‪-‬التشريع‬
‫ي تبييير التشيييريع مييين ال ناصييير اه ا يييي ل يييتراريجي التنم يييي ‪ .‬وهييي مييين ال اميييل ايييير‬
‫اوقتصييادي ‪ ،‬التييي ينبغييي أخييذها ب ييين اوعتبييار‪ ،‬عنييد التفمييير فييي حييل المشيياكل اوقتص يادي‬
‫المطروح ‪.‬‬
‫في هذا الجانب‪ ،‬رت لى الدول ‪ -‬ممثل في مؤ ستها التشري ي ‪ -‬رقنيين اوقتصياد ور جيهيه‪ ،‬مين‬
‫خي ل وضيع قي انين–رتسيم بيالج دة والمفايي ‪ ،-‬كفيلي بتنشيي ديناميي او يتثمارات‪ .‬وهي مييا‬
‫يبيير ‪ ،‬عبيير يين جمل ي ميين اإلجييراحات الداعم ي ‪ ،‬ميين قبيييل ‪ :‬اإلعفيياحات الجبا ي ي ‪ ،‬اإلعان يات‬
‫الماليييي ومختليييف التشيييجي ات والمحفيييزات‪ ،...‬والتيييي رسيييتهدف رحرييييك دعاميييات النشييياا‬
‫اوقتصاد كمل‪.‬‬
‫ويفتر مبدأ التشريع في او تراريجي التنم ي الحرص على ربني‪ ،‬وبصف مستمرة‪،‬‬
‫أ اليب قان ني مستحدث أو ما يممن أن نسميه "رقنيات التجديد القان ني"‪ ،‬من خ ل‬
‫صياا ق انين جديدة‪ ،32‬ر اكب الف ل التنم ور فر ضمانات ممار ته الممار الفضلى‪،‬‬

‫‪ 32‬نرى في هذا الشأن ‪ ،‬وبخص ص التشريع المغربي‪ ،‬ضرورة القيام بالتجديد القان ني‪ -‬وه اهمر المطل ‪ ،‬بإلحاح‬
‫شديد‪ ،‬في ال قت الراهن على مست ى ق انين م ين ‪ ،-‬بحيث يساهم هذا التجديد في الرفع من الدعامات اإليجابي للف ل‬
‫التنم بالمغر ‪ .‬وه ما يممن أن يبر عبر ق انين عديدة‪ ،‬من قبيل الظهير الشريف لـ‪ 13‬أاسطس ‪ 1913‬المت لق‬
‫بالتحفيظ ال قار ‪ ،‬الظهير الشريف ل ‪ 27‬أبريل ‪ 1919‬المت لق بأراضي الجم ع‪ ،‬الظهير الشريف ل ‪ 15‬ن نبر ‪1958‬‬
‫اوقتصار على مقارب‬ ‫المت لق بتنظيم حق رأ يس الجم يات ‪ ...‬وجلك‪ ،‬عبر القيام بمراج شامل لهذه الق انين ع‬
‫‪24‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫مع مراعاة مختلف التحديات المطروح على مست ى هذه اهخيرة‪ .‬المسأل ‪ ،‬التي بإممانها‪،‬‬
‫رحقيق التنمي المنش دة‪ ،‬وفق أب اد ر لي أهمي بالغ للجانب القان ني‪ -‬ربسي المساار‬
‫ور حيدها‪ ،‬إر اح نظام قان ني للتحفيزات الضريبي ‪ ،-...‬وكذا الجانب القضا ي ‪-‬الفصل في‬
‫النزاعات‪ ،‬ردع ظ اهر الفساد من رش ة وادر وإثراح ب بب‪-...‬‬
‫فا ليات القان ني ‪ ،‬إن هي قامت على الم اكب والمصاحب المستمررين لل ملي التنم ي ‪ ،‬من‬
‫شأنها خلق وض ي منا ب ‪ ،‬بإممانها الرفع من اإلنتاجي وضب التنافسي ‪.‬‬
‫كما أن اهداح القان ني الف يال‪ ،‬هي اليذ يقي م عليى عناصير‪ ،‬رتجسيد‪ ،‬عليى وجيه الخصي ص‬
‫في ‪ :‬عصرن اإلواليات القان ني ‪ ،‬رأهيل التر ان التشري ي ‪ ،‬الدعم القان ني للخدمات‪ ،‬البناح‬
‫القان ني للمؤ سيات‪ ،‬ر حييد ورجمييع القي انين التيي ييتم ينها فيي ميدونات‪ ،‬م ييرة مخرجيات‬
‫الق انين‪ ...‬فال صر الحالي‪ ،‬يستدعي وضع ا تراريجي رنم ي خاص بإعادة إن ياش ورطي ير‬
‫القطاعات المنتج ‪ ،‬لم احم رغيرات واقع اوقتصاد ال المي الجديد فيي يياق ال لمي ‪ ،‬والتيي‬
‫رست جب ضرورة ر فير ليات قان ني ومؤ ساري ‪ ،‬مت لق باههداف التنم ي ‪ ،‬من المفرو‬
‫على أ مجتمع من المجتم ات الس ي الدا م نح رحقيقها‪-‬من حيث الصياا والتنفيذ والتتبع‪-‬‬
‫والتفمييير فييي خلييق الظييروف الم ارييي إلنتييا ال قييع اإليجييابي لهييذه اههييداف علييى اهفييراد‬
‫والجماعات‪.‬‬
‫التشريع "التنم " الجييد‪ ،‬إجاً هي اليذ يتي خى اإل يهام الف يال فيي إيجياد محفيزات التماميل‬
‫التنم ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬رن ييع اختييارات المسيارات التنم يي ‪ ،‬وج لهيا‪ ،‬قيادرة‪ ،‬بالتيالي‪ ،‬عليى خليق‬
‫ديناميميييي شيييامل داخيييل السييييرورة التنم يييي ‪ ،‬ميييع الت زييييز المت اصيييل إلجيييراحات م اجهييي‬
‫اوخت وت المرص دة على ص يد ارا ق اشتغال هذه السيرورة‪.‬‬

‫–التنظيم‬
‫التنظيم ك نصر من عناصر او تراريجي التنم ي ‪ ،‬وك احد من ال اميل الهامي فيي ييرورة‬
‫اإلنتا – من وجه نظير اوقتصياد وعيالم اوجتمياع اهمريميي ج ييف شي مبيتر ‪ ،-‬يبير‬
‫في كل أب ياد إدارة الف يل التنمي والمم نيات المرربطي بيه‪ ،‬حييث ي ميل التنظييم عليى ري فير‬
‫اهرضي المنا ب لتحقيق المشاريع والمنجزات التنم ي ‪.‬‬
‫التنظيم‪ ،‬وفق هذا السياق‪ ،‬يج ل من التفمير او تراريجي منطلقا ً ر يسيا ً لت زيز قدراريه‪ .‬وهي‬
‫التفمييير‪ ،‬الييذ ي ييد فييي عمقييه رفميييراً منظميا ً ‪ ،Systematic Thinking‬باعتميياده الرؤي ي‬

‫اإلص ح الجز ي‪-‬عبر التغيير والتتميم‪ ،‬من خ ل ورود عبارة "اير ورمم"‪ ،-‬بما ي اكب‪ ،‬من جه أولى‪ ،‬رحديات‬
‫ال صر الحالي‪ ،‬وفق قاعدة "رغير اهحمام لتغير اه مان"‪ .‬ويساهم‪ ،‬من جه ثاني ‪ ،‬في الرفع من مقدرات الف ل التنم‬
‫بالمغر ‪ .‬فالتجديد القان ني‪ ،‬في نهاي المطاف‪ ،‬ه م احم الق انين مع متطلبات ال اقع واو تجاب لضرورات التممين‬
‫اإليجابي والف ال لفرص رط ير ورنمي هذا ال اقع‪ ،‬بما يخدم مصلح الفرد والمجتمع‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الشم لي لل الم المحي ولربطه اهجزاح فيي كلهيا المنيتظم وونط قيه مين الملييات فيي رحليليه‬
‫للظ اهر وفهمه لألحداث‪.‬‬
‫هذا التنظيم‪ ،‬ومن أجل الدفاع عن مق مات رأثيره ورأثره‪ ،‬االبا ً‪ ،‬ما ينمي أب اده المتشابم ‪ ،‬من‬
‫خ ل ر له بالتفمير او تراريجي‪ ،‬كتفمير مت دد الرؤى والزواييا‪ ،‬يتطليب النظير إليى اهميام‬
‫في فهمه للماضي ويتبنى النظر من اهعلى لفهم ما ه أ فل وي ظف او تدول التجرييد‬
‫‪ Abstract‬لفهيم مييا هي كليي ويلجيأ للتحليييل التشخيصيي ‪ Diagnostic‬لفهييم حقيقي اهشييياح‬
‫ب اق ي ‪ .‬ومثلما يم ن للخيال وللحدس دوره في ارح اهفمار التط يري السابق لزمنها‪ ،‬فإنيه‬
‫ي ظف اه اليب الممي ولغ اهرقام وقي انين السيببي واوايراد فيي فهيم المتغييرات المسيتقل‬
‫والمتاب في ع قات اهشياح مع ب ضها ‪.33‬‬
‫ويستلزم التنظيم‪ ،‬عبر جلك‪ ،‬رط ير ال ظا ف الخاص بمؤ سات الحمام ‪ ،‬بأنمااها المختلف ‪-‬‬
‫الت جيهي والتنظيمي والتقييمي والتق يمي ‪.-‬‬
‫هييذا التط ي ير‪ ،‬يصييب ‪ ،‬مييع مييرور ال قييت قييادر‪ ،‬ب ض ي ح ودق ي ‪ ،‬علييى ضييمان نجاع ي الف ييل‬
‫التنم ‪ .‬وجليك ميا يتحقيق‪ ،‬مين خي ل حرصيه الشيديد عليى خدمي أايرا هيذا الف يل‪ ،‬عبير‬
‫رسهيل اإلجراحات وربسي المساار‪ ،‬الت جييل بدرا ي ملفيات او يتثمار‪ ،‬البيت اإليجيابي فيي‬
‫اهجون والرخص اإلداري ‪ ،‬رحسيين وظا فيي المرافيق ال م ميي ‪ ،‬ر زييز البنييات التحتيي ‪ ،‬مين‬
‫ارق وم انئ ومطارات‪ ...‬بنياح عليى جليك‪ ،‬يل يب التنظييم دوراً و يسيتهان بيه فيي الرفيع مين‬
‫مردودي الف ل التنم ‪ .‬وه ما يتجلى في مساهمته عليى صي يد المسيت يات التاليي ‪- :‬‬
‫إثراح المضم ن "المستدام" لألنشط المرربط بالف ل التنمي ‪ :‬اجتماعييا ً‪ ،‬اقتصياديا ً‪ ،‬ثقافييا ً‪،‬‬
‫يا يا ً‪ ،‬بيئيا ً‪ ...‬؛‬
‫– مؤ سيات الدولي ‪ ،‬اإلدارات‪ ،‬المقياووت‪،‬‬ ‫‪ -‬دعم النسق اإلنتياجي لمم نيات الف يل التنمي‬
‫الجم يات‪ ،‬ال ا ت‪- ...‬؛‬
‫‪ -‬رط ير وحدات اشتغال كل التدفقات المسياعدة عليى رحقييق اإلنجيا ال يالي للف يل التنمي‬
‫وضمان إدماجه في يرورة المجتمع المنجز؛‬
‫‪ -‬ارح المشاريع التنم ي ‪ ،‬وفق رص رات منهجيي ومق ميات رنظيميي ‪ ،‬رميرس رييادة الف يل‬
‫التنم ‪.‬‬
‫هذه المست يات‪ ،‬رج ل من ابي ي او يتراريجي التنم يي ابي ي مركبي ‪ ،‬رتي خى فيي عمقهيا‪،‬‬
‫عبر التنظيم‪ ،‬ك نصر من عناصيرها الج هريي ‪ ،‬بلي رة يا يات جدييدة‪ ،‬ب ييدة الميدى‪ ،‬ريدعم‬
‫اإلممان التنم ور جهه نح المزيد من التحفيز والتط ير ور فير إنتاجي أكبر وأكثر كفاي ‪.‬‬
‫وجليك‪ ،‬شيريط وضيع اإلجييراحات ال مليي المفيلي بتيدارك م قييات التنميي ‪ ،‬والتصيد لحالي‬

‫‪ 33‬مجيد كرخي ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪. 52-51‬‬


‫‪26‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫اونفصام التي يممن أن رنشأ بيين القطاعيات المنتجي والفياعلين المتيدخلين فيهيا‪ ،‬واهخيذ ب يين‬
‫اوعتبار كل ال امل التنظيمي المؤثرة ‪-‬بف الي وفاعلي ‪ -‬على المسارات التنم ي ‪.‬‬
‫على أ اس ما رقدم‪ ،‬ي طينا ال ق ف على عناصير او يتراريجي التنم يي فميرة واضيح عين‬
‫الدور المطلي مين هيذه او يتراريجي ‪ ،‬بخصي ص رممينهيا مين مؤشيرات أداح يهل القيياس‬
‫وفا ق الضب ‪ .‬وهي المؤشرات‪ ،‬التي ي بر عنها بصفتها مستلزمات أو اشترااات ضيروري‬
‫لنقل أ ا تراريجي من ال ج د "الق ة" إلى ال ج د "الف ل"‪.‬‬

‫‪-2‬المخ ط التنموي‬
‫التخطي ه عملي ا تشرافي ررن وضع رص رات محددة لبرام" ومشاريع مستقبلي رحقيق‬
‫متطلبييات اهفييراد والجماعييات والمؤ سييات ورضييمن أ ييس النجاع ي والف الي ي والمفاي ي لم يل‬
‫مم ي ن ميين مم نييات هييذه ال ملي ي او تشييرافي ‪ .‬فييالتخطي أداة ا ييتراريجي لتحقيييق اههييداف‬
‫اإليجابي للمؤ سات المختلف والرفع من قدرارها التمميني ‪.‬‬
‫التخطييي التنم ي ه ي ‪ ،‬باه يياس‪ ،‬رخطييي ا ييتراريجي ‪ . Planning Strategic‬وه ي كييل‬
‫عملييي شيييامل ‪ ،‬رتييي خى رحقييييق اههيييداف‪ ،‬وفيييق رؤيييي ا يييتراريجي ب ييييدة الميييدى للمنظميييات‬
‫المختلف ‪ ،‬المشتغل في الحقل التنم ‪ ،‬وخليق الم احميات الضيروري بيين نشيااارها المت يددة‬
‫وم اردها المتاح ‪ ،‬ميع القييام بصيف مسيتمرة ودوريي بخطي ات لتحلييل ال ضيع الحيالي لهيذه‬
‫المنظمات‪ ،‬ورقييم نتا " مدخ رها ودرا ثارها المررقبي عليى الفئيات المسيتهدف مين عمليي‬
‫التخطي التنم او تراريجي‪.‬‬
‫التخطييي التنم ي بهييذا الم نييى‪ ،‬يبنييي دعامارييه علييى مم نييات ث ث ي ‪ :‬المييدخ ت‪ ،‬الخط ي‬
‫الغايات‪ .‬كما أن اشتغاله يتم وفق مسيت يات ث ثي ‪ :‬المسيت ى النسيقي‪ ،‬مسيت ى وحيدات الف يل‬
‫التنم ‪ ،‬المست ى ال ظيفي‪.‬‬

‫أ‪-‬مكونات التخ يط التنموي‬


‫التخطييي او ييتراريجي‪ ،‬هي أداة لتحقيييق الممار ييات الفضييلى الخاصي بالمنظمي ‪ ،‬ميين حيييث‬
‫الرفع اإليجابي من إنتاجيتها ودعيم قيدرارها التممينيي و ييادة كفايتهيا وف اليتهيا‪ ،‬بصيف شيامل‬
‫وكلي ‪.34‬‬

‫‪34‬‬
‫‪Anthony Taylor, "What is the Strategic Planning Process?"ٍ ،SME.‬‬
‫‪https://www.smestrategy.net/blog/what-is-the-strategic-planning-process.‬‬
‫‪27‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ويشييمل التخطييي او ييتراريجي‪ ،‬عبيير التحديييد السييابق‪ ،‬المنظميي كمييل‪ .‬ويتيي خى فييي جلييك‪،‬‬
‫ال ق ف‪ ،‬وبدق ‪ ،‬على مست يات اهداح ال يام للمنظمي ‪ ،‬وم رفي كفايي وف اليي اشيتغالها‪ ،‬وفيق‬
‫ررابطات م ين مع باقي المنظمات‪.‬‬
‫ويس ى التخطي التنم ‪ ،‬باعتباره رخطي ا تراريجي‪ ،‬فيي كنهيه‪ ،‬إليى م رفي أداح المنظمي‬
‫المشييتغل فييي الميييدان التنم ي فييي المنظيي ر الزمنييي‪ ،‬ميين خيي ل أب يياده الث ثيي ‪ :‬القريييب‪،‬‬
‫والب يد‪ ،‬مع التركيز عليى رحدييد الت جهيات المبيرى للهيدف ال يام للمنظمي ‪ ،‬وضيب‬ ‫المت‬
‫اايارها المأم ل ‪ ،‬وفق منطق رسلسلي مين اهول ييات‪ ،‬واإلبيداع الخي ق‪ ،‬المحميم والمت اصيل‬
‫لطرا ق رحقيقها‪.‬‬
‫نجد ‪ :‬المدخ ت‪ ،‬الخط ‪ ،‬الغايات‪.‬‬ ‫من أبر مم نات التخطي التنم‬

‫المدخالت‬
‫كيل مين الم طييات والقييم والسيمات‬ ‫رشمل المدخ ت كمم ن مين مم نيات التخطيي التنمي‬
‫الفريدة‪.‬‬
‫فبخص ص الم طيات‪ ،‬فإنها ربر في عملي رجميع الم ل مات المت لق بالمخططيات التنم يي‬
‫السييابق وال مييل علييى مييت اإليجييابي منهييا‪ ،‬والقيييام با ييتقراح او ييتبيانات الضييروري ‪ ،‬بغي ي‬
‫ال ص ل إلى رحليل م ض عي خاص بها‪ ،‬وجمع الم طيات من اهجهزة المسيرة للمنظم ‪،‬‬
‫مع الحرص الشديد على ردقيقها ورنقحيها المستمرين‪.‬‬
‫أما القيم‪ ،‬فالمقص د بها على مست ى التخطي التنم مجم ع الممار ات التي رتم في ياق‬
‫أنماا التنمي المختلف ‪ .‬وهي القيم‪ ،‬التي ينبغي أن رنغرس فيي كييان ال ياملين داخيل المنظمي ‪،‬‬
‫ميين أجييل رج يييد ف ييل التييدبير بشييمل عييام‪ ،‬والف ييل التنم ي بشييمل خيياص‪ ،‬ومنهييا الشييفافي‬
‫والمسييؤولي والتخليييق والمسيياواة‪ ...‬كقيييم م ياري ي قابل ي للتطبيييق اإليجييابي‪ .‬وبالتييالي‪ ،‬يمميين‬
‫الق ل‪ ،‬أن من شيأن ربنيي هيذه القييم فيي دوالييب المنظمي التمميين السيلس والميرن مين رحقييق‬
‫ر التها‪ .‬مع اهخذ ب ين اوعتبار‪ ،‬ك ن التخطي التنم كتخطيي ا يتراريجي يل يب‪ ،‬وعبير‬
‫هذه القيم‪ ،‬دوراً مح ريا ً في رحقيق الت ا ن المطل بين المدى القصير والمدى الط يل ه‬
‫ا تراريجي ‪.35‬‬

‫‪35‬‬
‫‪Paul Carlson ,«The Long and Short of Strategic Planning » ,The Journal of Business‬‬
‫‪Strategy, May/June1990.‬‬
‫‪28‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وفيما يت ليق بالسيمات الفرييدة‪ ،‬ب صيفها مين مشيتم ت الميدخ ت‪ ،‬فهيي الخصيا ص الممييزة‬
‫التي رتسم بها أ منظم من المنظمات‪ ،‬في إاار رباين أو اخت ف مع باقي المنظمات‪ ،‬أ ما‬
‫يميز المنظم عن ايرها من المنظمات المشابه لها‪ .36‬ورشمل السمات الفرييدة عناصير دفيع‬
‫إيجابي وحقيقي نح المزيد من النجاعي والمفايي ‪ ،‬عليى مسيت ى أداح المنظمي ‪ ،‬بالشيمل اليذ‬
‫يج لها منظم ريادي بامتيا ‪.‬‬
‫وعلى ض ح ميا يلف‪ ،‬رتجليى أهميي ممي ن الميدخ ت فيي اعتبيارين اثنيين ‪ :‬يشيمل اوعتبيار‬
‫اهول‪ ،‬رحليل البيئ الخارجي التي رشتغل في دواخلها المنظم – أ كل ما رت امل به المنظم‬
‫خار إاار نشااها‪ ،‬والذ يؤثر عليهيا بطريقي مباشيرة أو ايير مباشيرة‪ ،-‬والسيياق المحيي‬
‫بها ‪ :‬مؤ ساريا ً‪ ،‬ثقافيا ً‪ ،‬اجتماعيا ً‪ ،‬اقتصياديا ً‪ ،‬رمن ل جييا ً وقان نييا ً‪ ، ...‬فيي حيين ينظير اوعتبيار‬
‫الثيياني‪ ،‬إلييى ال امييل الداخلي ي المتحمم ي فييي رط ي ر بني ي اشييتغال المنظم ي ‪-‬والمقص ي د ب يذلك‬
‫درا أداح جميع اهنشط داخل المنظم ورحديد مجياوت القي ة والضي ف بهيا‪ ، -‬مين حييث‬
‫م رف قيمها والسمات الفريدة المميزة لها ودرا أوضياعها الحاليي والمسيتقبلي واإلممانيات‬
‫التييي رمتلمهييا وقييدرارها التنافسييي والفييرص المتاح ي أمامهييا فييي ع قتهييا الترابطي ي م يع بيياقي‬
‫المنظمات واإلكراهات التي من المممن أن ر ترضها واقتراح بل رجاو ها‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬ي تبر رحليل البيئ التي ر يشها المنظم في الماضي والحاضر بتفاصيلها المختلف ‪ ،‬من‬
‫أهم المراحل في بناح خطتها او تراريجي ‪ ،‬هن هذا التحلييل‪ ،‬ميا هي إو أداة إلجيراح مراج ي‬
‫شامل هح ال المنظم والظروف التي ر مل فيها وكشف القضايا الر يسي لنشيااارها‪ ،‬والتيي‬
‫لها صل وثيق في رحديد نجاح المنظم أو فشلها‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫"‪Nancy D. Olsen and Howard W. Olsen." Elements of a Strategic Plan‬‬
‫‪،https://onstrategyhq.com/wp-content/uploads/2010/01/Elements-of-a-Strategic-Plan-Article-‬‬
‫‪in-Ledger-Winter-09.pdf‬‬
‫‪29‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وحييث أن بيئي المنظمي رحتي عليى ر قييدات ومتغييرات عديييدة ورحممهيا يا يات وق اعييد‬
‫عميل وأ ياليب رنظيميي ‪ ،‬فيإن رحلييل كيل هيذه المفاصيل يج يل المنظمي قيادرة عليى رشيخيص‬
‫الق من الض يف من ليات عملها‪ .‬وبذلك‪ ،‬رستطيع ر ظيف النافع والميفح منهيا فيي عملهيا‬
‫القييادم ورجنيييب أو ا ييتب اد اه ييياليب أو ا ليييات التيييي لييم ر يييد رتنا ييب ميييع رطيي ر المنظمييي‬
‫ور جهارها المستقبلي ‪.37‬‬
‫هنييا‪ ،‬رتبل ي ر مجم عيي ميين القيييم الج هري ي ‪ ،‬والتييي رتفاعييل داخييل فضيياحات ث ث ي ‪ :‬البيئيي‬
‫الخارجي ال ام والبيئ الداخلي ‪-‬ع وة على اه اق‪ . -‬وهي الفضاحات الهام ‪ ،‬التي رتحدد‬
‫من منطلق رراكم ع امل ون ار" أ رخطي ا تراريجي‪.38‬‬
‫ومن شأن دق الم طيات وإيجابي القييم وكفايي السيمات الفرييدة المت لقي بممي ن المخرجيات‪،‬‬
‫ووفق اوعتبارين السابقين‪ ،‬أن رضمن ريادة ف يل المنظمي ‪ ،‬ومسياعدرها عليى إنجياح خططهيا‬
‫او يتراريجي –خاصي التنم يي منهييا‪ .-‬وجليك‪ ،‬مين خي ل رييرجي فرضيي ربنيي أ يس القييرار‬
‫او تراريجي الصا ب‪.‬‬

‫‪-‬الخ ط‬
‫من الناحي النظري ‪ ،‬على المخط التنم ‪ ،‬أن ينبني على مجم ع من الخط التيي رتيداخل‬
‫ورتمامل فيما بينها‪ ،‬من أجل ضمان مؤشرات نجاحه ورحقيق اههيداف المت خياة منيه كصييغ‬
‫من صيئ اوررقاح او تراريجي بالرؤى والتصي رات المرربطي بيه‪ .‬ومين أبير هيذه الخطي ‪،‬‬
‫نجد أ ا ا ً ‪:‬‬
‫خ ةةة الاةةياغة واإلعةةدا ‪ :‬والمييراد بهييذا المم ي ن‪ ،‬ه ي وضييع رص ي رات م ين ي بخص ي ص‬
‫المخط ي التنم ي المنش ي د‪ .‬وهييي التص ي رات‪ ،‬التييي رتأ ييس فييي ييياقها كييل أب يياد المنطييق‬
‫الشم لي للتنمي ‪ ،‬مما ير م‪ ،‬ووفق منهجي ا تشرافي رصيين ‪ ،‬الميفيي النم ججيي ‪ -‬أو بم نيى‬
‫خر نم ج مثال‪ ،-‬القمين بخلق نم رنم منصيف ومسيتدام‪ .‬والم حيظ أن هيذا الينم مين‬
‫الخط ي ‪ ،‬وفييي إاييار ميين المسييؤولي الغا ي ي – الجماعي ي والمشييترك ‪ ،-‬يتطلييب جه ي د كبيييرة‬
‫وخبييرات متراكمي وم رفي وا ي بظييروف المؤ سي – هنييا نقصييد المؤ سي المشييتغل فييي‬

‫‪ 37‬مجيد كرخي ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 193‬‬


‫‪38‬‬
‫» ? ‪Gordon .E.Greenley ,« Does Strategic Planning Improve Company Performance‬‬
‫‪,University of Binmigham Long Range Planning, Vol .19.No 2.1986 ,pp.101-109.‬‬
‫‪30‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الف يل التنمي ‪ -‬ومسييتقبلها والبيئي الخارجيي التييي رحييي بهييا ورشييارك بهييا جميييع المسييت يات‬
‫اإلداري في المؤ س ‪.39‬‬
‫خ ةةةة العمةةةن والتن يةةة ‪ :‬وهيييي المت لقييي ب ضيييع إ جيييراحات محيييددة للتنزييييل الف ليييي والف يييال‬
‫للمخططييات التنم يييي ‪ ،‬بالشيييمل الييذ يؤ يييس إلدراك خييياص باشييترااات القيييرار التنمييي ‪،‬‬
‫وي ض في ا ن نفسه‪ ،‬مست ى القدرات المت فرة لدى مختلف المتدخلين في هذا القيرار‪ .‬فيي‬
‫هذا الشأن‪ ،‬كثيراً ما رضفي عمليي التخطيي او يتراريجي عليى بنيي المخططيات الم ضي ع‬
‫المزيد من مات التحليل الم م والصياا المنا ب والتنفيذ الناج ‪.40‬‬
‫والتنفيذ الناج ل تراريجي – التنم ي باه اس‪ -‬يت لق بتح ييل المسيا ل جات اهول يي إليى‬
‫خط ي عمييل ميين أجييل المبييادرات او ييتراريجي ‪ ،‬ثييم رنفيييذ خط ي ال مييل هييذه علييى مسييت ى‬
‫ال حدات‪ .‬وعند هذه النقط يبدأ التداخل بين التخطي او تراريجي والتنفيذ‪.‬‬
‫ورتضييمن خط ي ال مييل ميين أجييل المبييادرة او ييتراريجي اههييداف الب يييدة المييدى والخط ي ات‬
‫ال ام ال م لتنفيذ رلك المبيادرة‪ .‬و ييتفرع مين خطي عميل عاليي المسيت ى مين هيذا الني ع‬
‫كثييير ميين خطي ال مييل اهكثيير رفصييي ً‪ .‬وميين المحتمييل أن رتضييمن عمليي التخطييي السيين ي‬
‫لل حييدة وخطي عملهييا التييي رييدعم المبييادرات او ييتراريجي ‪ .‬وعييادة مييا رتضييمن خطي ال مييل‬
‫الخاصييي بالمبيييادرة او يييتراريجي الم ل ميييات والمم نيييات ا ريييي ‪ :‬القضيييايا جات اهول يييي ‪،‬‬
‫اههداف والمقاييس‪ ،‬الخط ات‪ ،‬المصادر‪ ،‬المشارك ‪ ،‬رقدير اهثر‪.41‬‬
‫خ ةةة التقيةةيم والتقةةويم ‪ :‬فب ييد إنجييا المخط ي التنم ي يبييدو‪ ،‬وج ب يا ً‪ ،‬علييى متخييذ القييرار‬
‫التنم ‪ ،‬ال ميل‪ ،‬وبشيمل حثييث‪ ،‬عليى القييام بتشيخيص رقييميي لمجميل مم ناريه‪ .‬كميا ينبغيي‪،‬‬
‫‪ 39‬مجيد كرخي ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 78‬‬
‫‪40‬‬
‫‪Byron K. Simerson,« Strategic Planning: A Practical Guide to Strategy Formulation and‬‬
‫‪Execution » , ) California : ABC –CLIO,2011 (, p.16.‬‬

‫‪ 41‬مجم عي ميؤلفين ‪ "،‬رنفيييذ او يتراريجي ‪ :‬حلي ل ميين الخبيراح لتحييديات الحيياة الي ميي "‪ ،‬ررجمي الحيارث النبهييان‪ ،‬ا‪( 1‬‬
‫‪ :‬ال بيمان‪ ، ) 2015 ،‬ص ص ‪. 52-51‬‬ ‫الريا‬
‫‪31‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وكنتيج لذلك‪ ،‬الحرص على القيام بالتصحيحات ال م ‪ ،‬فيما يت لق باوخت وت التي يممين‬
‫أن رظهيير خي ل مرحلي التنفيييذ علييى وجييه الخصي ص‪ .‬وعلييى ضي ح جلييك‪ ،‬يييتم ربنييي خطي‬
‫و تدراك كل اخت ل محتمل‪ .‬فالتقييم هنا – والمقص د به رقييم البيانات والم طييات التيي ريم‬
‫ا تخدامها أو اوشتغال عليها والبرام" التي رم رنفيذها والمشياريع التيي ريم إنجا هيا ‪ ،-‬عبيارة‬
‫عن قياس ورقرير نها ي عما رم بالف ل‪ .‬والخط ة اهوليى فيي التقيييم‪ ،‬هيي رحدييد ميا اليذ ييتم‬
‫قيا ه‪ ،‬مع التشديد على كيفي رقييم الفاعلي ( ال ق بين المدخ ت والمخرجات) حتى و ييتم‬
‫إهمال رأثير البرام"‪ -‬أو البيانات‪ ،‬أو الم طيات أو المشاريع‪.-‬أما التقييم النها ي‪ ،‬في ني مدى‬
‫رحقق التغيرات المنش دة لما يتفيق ميع وجهي النظير اهخ قيي واوجتماعيي ‪ .‬وبيذلك يشيمل‬
‫التقييم ث ث مجاوت ‪ :‬المخرجات والنتا " والتأثير‪.42‬‬
‫وبخص ص التق يم‪ ،‬فه يبر باعتباره الغاي التيي ييتم التطليع إليى رحقيقهيا مين جيراح عمليي‬
‫التقييم‪ ،‬والمتمثل في الت ديل والتصحي والتحسين‪.43‬‬
‫خ ة التواصن ‪ :‬وهي الخط التي رت خى رر يخ ف ل اإلدراك أو او تي ا للمسأل التنم ي‬
‫كمل‪ ،‬من حييث ر ضيي أب ادهيا ورجليارهيا ور مييق الفهيم التيام ليدى فرييق المنظمي بأهيدافها‬
‫او تراريجي ‪ ،‬مع رحديد اهول يات وارا ق او تجاب لمختلف اوحتياجات المطروح عليى‬
‫صي يد الف ييل التنمي ‪ ،‬ي اح بالنسييب لألشييخاص أو بالنسييب للجماعييات‪ .‬والت اصييل كمهييارة‬
‫ف الييييي ييييييتم الت يييييل بهيييييا عليييييى مسيييييت ى السييييييرورة التنم يييييي المتحركييييي هييييي اهداة‬
‫الم ياريي ‪/‬المرج ي ي المبييرى التييي ر ضي فييي عمقهييا‪ ،‬وبشييمل جلييي‪ ،‬ارا ييق إعييداد ورنفي يذ‬
‫ورقييييم ورقي يم الخطي ‪ ،‬ومييا يييررب بهييا ميين قضييايا واختيييارات جات اههميي القصي ى عليى‬
‫مختلف مناحي الف ل التنم ‪ ،‬والتي ر د في نهاي المطياف‪ ،‬بيالنفع ال مليي والملمي س عليى‬
‫او تراريجيات التنم ي المتخذة‪.‬‬

‫‪-‬الغايات‬
‫عنييد ارخيياج ا ييتراريجي ‪ ،‬مهمي ‪ ،‬قييرارات حا ييم ‪ ،‬يت ييين ا تحضييار علييى مسييت ى المنظمييات‬
‫‪44‬‬
‫جملييييي مييييين الغاييييييات ‪ :‬رحلييييييل الم طييييييات‪ ،‬مناقشييييي القضيييييايا‪ ،‬ا يييييتخ ص النتيييييا "‪...‬‬

‫‪ 42‬امي عبد ال زيز‪ "،‬من الصاب ن إلى الر يس؛ التس يق اوجتماعي والسيا ي" ‪ ( ،‬الجيزة ‪ :‬دار نهض مصر للنشر‬
‫‪ ، ) 2012 ،‬ص‪.153‬‬
‫النجاح الجديدة ‪، )2001،‬‬ ‫‪ 43‬عبد المريم اريب‪"،‬المفايات وا تراريجيات اكتسابها"‪ ،‬ا ‪ ( 1‬الدار البيضاح ‪ :‬مطب‬
‫ص‪.216‬‬
‫‪44‬‬
‫‪Byron K. Simerson, op. cit. , p.27.‬‬
‫‪32‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫رتجلى في جمل من ال ناصر‪ ،‬مين‬ ‫الغايات عم ماً‪ ،‬وباعتبارها من مم نات التخطي التنم‬
‫قبيل ‪:‬‬
‫الرسالة ‪ :‬وهي المهم الملقياة عليى عيارق المنظمي ‪ ،‬والتيي‪ ،‬االبيا ً‪ ،‬ميا ريتم فيي إايار وظيا في‬
‫خيياص‪ ،‬يممنهييا‪ ،‬فييي نهايي اهميير‪ ،‬ميين إنجييا اههييداف المر ي م فييي رؤيتهييا او ييتراريجي ‪.‬‬
‫وجلك‪ ،‬ب د رحديد مساهم كل ارف من اهاراف المتدخل فيي ارخياج القيرار التنمي ‪ ،‬وكيذا‬
‫الفئات المستهدف بهذا القرار‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬وبد مين البحيث عين أ يس ر اجيد المنظمي فيي‬
‫حد جارها وأهدافها و بل رحقيق هذه اههداف‪45‬؛‬
‫الرؤية ‪ :‬رتبل ر الرؤي ‪ ،‬ب صفها الطم ح المأم ل رحقيقه مين ايرف المنظمي ‪ .‬وجليك‪ ،‬خي ل‬
‫مدة مني رتراوح بين ث ث وخمس ن ات‪ .‬والرؤيي ‪ ،‬هنيا‪ ،‬هيي التصي ر ال يام‪ ،‬اليذ ر ميل‬
‫أ منظم على ر م أب اده‪ ،‬وفق منظ ر مستقبلي‪ ،‬يجسد روح عمل الفريق‪ .‬ومن ثيم‪ ،‬فهيي‪،‬‬
‫ربر ‪ ،‬بصفتها أ اس التخطي او تراريجي؛‬
‫الهةةدا الطةةنوي ‪ :‬وهي الهييدف الييذ ي ضييع فييي ظييرف منييي محييدد فييي يين ‪ ،‬بغيي رط يييم‬
‫الهيدف الب ييد الميدى‪ .‬ومين أجييل المزييد مين الضيب ‪ ،‬علييى الهيدف السين ‪ ،‬أن يمي ن واق ييا ً‬
‫وقاب ً للتحقيق والقياس‪ ،‬وأن يم ن له وقت محدد‪46‬؛‬

‫‪45‬‬
‫‪Mission and Vision Statements", bain&company .‬‬
‫‪https://www.bain.com/insights/management-tools-mission-and-vision-statements/.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪Dan Mccarthy, "7 Elements of a Strategic Plan"،the balance careers.‬‬
‫‪https://www.thebalancecareers.com/strategic-plan-elements-2276139.‬‬
‫‪33‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الهةدا البعيةد المةةد ‪ :‬هي نتييا لتيراكم اههيداف السيين ي ‪ .‬وهي كهييدف ا يتراريجي‪ ،‬يرصييد‬
‫رط ر التخطيي ‪ ،‬كميا ي يال" واييا النظير الخاصي بالرؤيي ومسيت يات رحققهيا فيي السيا يات‬
‫المختلف المتبناة من ارف ب ض مم نات الحمام من دول وقطاع خاص‪.‬‬
‫الغايييات بييذلك‪ ،‬ووفييق ال ناصيير السييابق الييذكر‪ ،‬رشييمل مم نييا ً هام يا ً ميين مم نييات التخطييي‬
‫التنم ‪ ،‬إو أنه‪ ،‬وفي مجتمع المخاارة –وفق ر بير عالم اوجتمياع اهلمياني أوليريو بييك‪،-‬‬
‫ربر ‪ ،‬وبشمل حا م‪ ،‬الرهانات أمام رحقق اايات التنمي كمل‪.‬‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬ومن أجل الضب السليم لمشتم ت التخطي التنم الرياد والف ال‪ ،‬ينبغي‪،‬‬
‫وبصف ا تشرافي ‪ ،‬درا التحديات المطروح ورحديد المخاار المحتمل ‪ ،‬ميع وضيع لييات‬
‫للتخفيف من ا ثار السلبي لهذه المخاار‪-‬الما ن أو التي من المت قع أن رم ن‪ -‬على المنظم ‪.‬‬

‫ب‪-‬مطتويات التخ يط التنموي‬


‫يبيير المخط ي التنمي كيياقتراح مت اصييل للخطي التنم ي ي ‪ ،‬ميين حيييث إعييدادها وصيييااتها‬
‫ورنفيذها ورتب ها ورقييمها ورق يمها‪.‬‬
‫ميين منظ ي ر أن التنمييي عملي ي متداخليي اهب يياد ومتشييابم المجيياوت ولهييا مسييت يات عديييدة‬
‫للظه ر والتط ر‪-‬من حيث اهميد( خاصي المت ي والب ييد( وارا يق ارخياج القيرار والفئيات‬
‫المسييتهدف ‪ ،-‬فإنييه يبييدو لزوم يا ً‪ ،‬علييى مختلييف مم نييات وعناصيير الحمام ي ‪ -‬الدول ي والقطيياع‬
‫الخاص والمجتميع الميدني والمي اان‪ -‬وضيع رصي رات وخطي وبيرام"‪ ،‬رجييب فيي عمقهيا‬
‫علييى متطلبييات هييذه ال ملي ي اإلجاب ي ا ني ي والمسييتدام ‪ .‬وجلييك‪ ،‬عبيير محارب ي كييل التفاورييات‬
‫اوجتماعي والمجالي والحد من كل مظاهر الفقر والهشاش ورحقيق كيل أشيمال التماميل بيين‬
‫المبادرات الفردي والسيا ات ال ام ورحسين اهح ال الم يشي للم اانين ور فير مسيت يات‬
‫من الحياة المريم ور جيه مسارات بناح المستقبل‪.‬‬
‫يهتم التخطي التنم ‪ ،‬ج هريا ً‪ ،‬ب ضيع اهجيزاح الخاصي بالمنظمي فيي إايار نسيق متماميل‬
‫ومررييب‪ ،‬يتيي خى رحقيييق جمليي اههييداف اإلنما ييي والرفييع ميين قييدرارها التممينييي وريادرهييا‬
‫التنافسي ‪.‬‬
‫ويتجلى كنه التخطي التنم ‪ ،‬في ث ث مست يات ر يسي ‪ ،‬رحدد عميق ردخ ريه فيي السيياقين‬
‫المحلييي وال ييالمي‪ .‬وهييي المسييت يات‪ ،‬التييي رشييتغل بص ي رة متماهي ي ‪ /‬متداخل ي ‪ ،‬يس ي ى ميين‬
‫خ لهيييا المسيييت ى اهدنيييى عليييى رحقييييق نتيييا " المسيييت ى اهعليييى‪ ،‬وال ميييس صيييحي ‪ .‬وهيييذه‬
‫‪34‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫المست يات الث ث هي‪ :‬أولا ؛ التخطيي التنمي عليى المسيت ى النسيقي أو التخطيي المليي‪،‬‬
‫أو "ا ييتراريجي النشيياا"‪،‬‬ ‫ثانيةاا؛ التخطييي التنمي علييى مسييت ى وحييدات الف ييل التنمي‬
‫ثالثا ا ؛ التخطي التنم على المست ى ال ظيفي أو رخطي اإلنجا ‪.‬‬

‫‪-‬المطتو النطقي‬
‫ونقصد بهذا المست ى‪ ،‬ما يررب ‪ ،‬عادة‪ ،‬بطرق اشتغال المنظمات الفاعل في المجال التنمي‬
‫وكيفيات إدارة أنشطتها ومسارات رحديد الخصا ص المميزة لمل منظم على حيدة والر يا ل‬
‫الغا ي الملقاة على عارقها‪ ،‬مع ضرورة ال مل على رخصيص اوشترااات المت لقي بيالم ارد‬
‫واإلممانييات‪ .‬وجلييك‪ ،‬فييي ظييل ف ييل رشيياركي بييين مختلييف وحييدات رنميي اهفييراد والجماعييات‪.‬‬
‫والتخطي التنم على المست ى النسقي‪ ،‬يحاول‪ ،‬وبشمل دا م‪ ،‬اإلحاا بال ديد من عناصير‬
‫ربل ي ر ورط ي ر ف ييل المنظم ي داخييل المحييي الملييي لف ييل التنمي ي ‪ .‬وجلييك ميين قبيييل ‪ :‬الغيير‬
‫اه ا ييي للمنظم ي ‪ ،‬الرؤي ي او ييتراريجي الم ض ي ع ‪ ،‬حمام ي اهجهييزة المسيييرة للمنظميي ‪،‬‬
‫م ايير اإل نجيا ليدى الفيرد والجماعي ‪ ،‬رخصييص المي ارد وررشييد ا يتخدامها‪ ،‬هيملي بنييات‬
‫اشتغال المنظم ‪ ...‬يررمز التخطي التنم ‪ ،‬وفق مسيارات المسيت ى النسيقي‪ ،‬عليى دعاميات‬
‫ف ل ما يسمى "او يتراريجيات الم رب راريي ‪ /‬المليي ‪ "Corporate Strategies‬والتيي‬
‫رت لق بطرا ق اشتغال المنظم ‪ ،‬مع وج رحديد درجات رأثيرهيا عليى بياقي مم نيات الف يل‬
‫التنم ودرا نتا " انصهارها مع م طييات البيئي الخارجيي ‪ ،‬وميا يممين أن رسياهم بيه فيي‬
‫ر يع مجاوت النشاا اإلنساني كمل‪.‬‬
‫ورق م او تراريجي التنم ي ‪ ،‬وفيق هيذا المنظي ر‪ ،‬عليى رحفييز منطلقيات الف يل التنمي ‪ ،‬مين‬
‫خ ل دعم التنسيق التام بين رؤ اح ال حدات او تراريجي للمنظمات المختلف ور يع فرص‬
‫اوررقييييييياح بأنشيييييييطتهم اإلنتاجيييييييي ورثميييييييين مسيييييييارات التنميييييييي فيييييييي يييييييا ر رجليارهيييييييا‪.‬‬
‫والمسؤولي اه ا ي لهذا المسيت ى النسيقي‪ ،‬هيي التفميير فيي الت ظييف اهفضيل لمشيتم ت‬
‫يبل اشيتغالها‪ ،‬ميع ضيب‬ ‫المنظم وم ساعدرها على رجاو ال قبات ال ظيفي التي قد ر تر‬
‫ارا ق ارخاج القرارات او تراريجي ال ام المحددة للف ل التنم فيي اهفيق المسيتقبلي‪ ،‬مين‬
‫قبيل ‪ :‬اوندما والتممين والتشيارك ورحسيين كيل أب ياد اشيتغال المنظمي ورحلييل يا ر نتيا "‬
‫والب يد‪.‬‬ ‫هذا اوشتغال في اهمدين المت‬
‫ويممن النظر إلى التخطيي التنمي ‪ ،‬باعتبياره نظيام قيا م اليذات‪ ،‬يتي خى‪ ،‬باه ياس‪ ،‬رجمييع‬
‫الم طيات الضروري الخاص باو تراريجيات التنم ي ‪ ،‬وأيضا ً رحديد مساهم هذه الم طيات‬
‫المجم ي فييي الزييادة علييى مسيت ى منسي النجاعي والف اليي ‪ ،‬فيمييا يت ليق بر ييال المنظمي‬
‫المشتغل في مجال اوررقاح التنم ‪ ،‬مع القيام بمل إجراحات التحليل اليدقيق لمضيامين البيئي‬
‫الداخليي المييؤثرة فييي دعامييات التنميي ‪ ،‬وكييذا البيئي الخارجي ي المي فرة للفييرص واإلممانييات‬
‫المتاح ‪ ،‬وكذلك رحديد مق مات مجابه المخاار المحتمل ‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫التخطي التنم النسقي عبر كل المم نات السيالف اليذكر رظهير مخرجاريه مين خي ل ربنيي‬
‫أنمييياا مت يييددة مييين او يييتراريجيات ‪ :‬او يييتراريجيات الغا يييي ‪ ،‬او يييتراريجيات ال ظيفيييي ‪،‬‬
‫او ييتراريجيات الشييم لي ‪ ،‬او ييتراريجيات الملي ي ‪ ،‬ا ييتراريجيات اشييتغال ال حييدات التنم ي ي ‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬يممن التأكيد على أن نظام التخطي التنم وفق اهب اد الملي ‪ /‬النسيقي ‪ ،‬هي نظيام‬
‫متماميل المسيت يات ر تميل فيي كنهيه كيل مين الميدخ ت وقني ات التغذيي اإلرجاعيي المرريدة‬
‫"‪ "Feedback channel‬والمخرجات‪ .‬وهي كلها مست يات متقارب اههداف بحمم أنها و‬
‫رت اني عن رحقيق متطلبات الف ل التنم المنش د‪.‬‬
‫المست ى النسقي‪ ،‬ومين أجيل صيياا حقيقيي لمم نيات او يتراريجي التنم يي علييه أن يي فر‬
‫البيئ الحاضن ل ناصير اوررقياح النمي ججي بالسيا يات المتخيذة عليى الصي يد التنمي ‪ ،‬ميع‬
‫القيييام‪ ،‬وبشييمل مسييتمر‪ ،‬ب مليييات التصييحي ل خييت وت التييي قييد ررصييد فييي لحظييات منيي‬
‫م ين بخص ص ليات اشتغال المنظمات‪.‬‬

‫‪ -‬مطتو وحدات ال عن التنموي‬


‫ي تبيير هييذا المسييت ى الثيياني ميين التخطييي التنم ي ا ييتجاب ف ري ي و ني ي للضييرورة القيمي ي‬
‫الملحي ‪ ،‬المرربطي بطييرق اشييتغال المنظمي علييى صي يد الف ييل التنمي كمييل‪ .‬وهي مييا يييتم‪،‬‬
‫أ ا ا ً‪ ،‬من خ ل الزيادة التدريجي فيي نسيقي نشياا ال حيدات المتجانسي ‪ ،‬أ الحيرص عليى‬
‫اإلدارة المتمامليي ‪ /‬الف الييي لألنشييط جات الصيييل باهب ييياد او ييتراريجي المحققييي هايييرا‬
‫المؤ سات المشتغل في المجاوت التنم ي ‪ ،‬وال مل على ردارك النقا ص التي من المممين أن‬
‫ر تر فاعلي ‪/‬جاهزي ردخ رها‪.‬‬
‫ورتبلي ر "ا يتراريجي النشياا" فيي مختليف مجياوت النسيق اإلنتياجي للمي ارد التنم يي وكيل‬
‫أ شييمال الم احم ي الضييروري للف ييل التنم ي المؤ سيياري المييررب بيياإلدارة ال ليييا للمنظم ي‬
‫المشتغل على مست ى هذا الف ل‪.‬‬
‫جلك ي نيي أن "ا يتراريجي النشياا "‪ ،‬هيي ديناميي متطي رة‪ ،‬رسيتهدف رحرييك دوالييب اهداح‬
‫التنم وضمان أ يس ف اليتيه‪ ،‬وفيق نمياج مين او يتخدام اهمثيل للمي ارد والطاقيات‪ ،‬ميع‬
‫ضرورة اه خذ ب ين اوعتبار لمجميل التحي وت المت حقي التيي ي رفهيا ال صير الحيالي عليى‬
‫مست ى السيا ات التنم ي ‪ .‬ف مل ا تراريجي النشاا على هذا الص يد‪ ،‬ي تبير دعامي أ ا يي‬
‫لتر يخ كل رجليات الف ل التنم الرا د‪.‬‬
‫التخطيي التنمي عليى مسيت ى وحيدات الف يل التنمي ‪ ،‬يج يل إدارة اهنشيط ريتم بفاعليي‬
‫مطلق ‪ ،‬ويممن اهعمال المختلف من صياا ا تراريجي ل نجيا فا قي الدقي والضيب ‪ ،‬قميني‬
‫بإيجاد الحل ل المنا ب للمشم ت التنم ي المطروح ‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫مست ى وحدات الف ل التنم ‪ ،‬ه مست ى يحدد‪ ،‬بشمل مسبق‪ ،‬ن عي الخيدمات التيي ينبغيي‬
‫علييى المنظمي رلبيتهييا‪ .‬وكييذا‪ ،‬الفئييات المسييتهدف منهييا‪ ،‬ومييدى الخضي ع لضي اب والتزامييات‬
‫الف ل التنم ‪ .‬وكل جلك‪ ،‬يختلف في رقييمه الم ض عي‪ ،‬من منظم إلى أخرى‪ ،‬بيالنظر إليى‬
‫اخييت ف البنيييات التييي رتأ ييس عليهييا الرؤييي او ييتراريجي للمنظميي ‪ ،‬وكييذلك علييى اعتبييار‬
‫الخصا ص التي رميز منظم عن أخرى‪.‬‬
‫ا تراريجي النشياا عبير جليك‪ ،‬رختليف مين منظمي إليى أخيرى‪ .‬حييث أنيه يظيل مين الصي ب‬
‫بممان‪ ،‬إيجاد ا يتراريجي م حيدة يممين رنزييل رصي رارها ورطبييق اشيترااارها‪ ،‬بشيمل شيامل‬
‫ومنييدم"‪ ،‬علييى جميييع المنظمييات‪ .‬فمييل واحييدة‪ ،‬رحتييا إلييى ا ييتراريجي مختلف ي خاص ي بهييا‪،‬‬
‫بيييييالنظر إليييييى أن كيييييل منظمييييي رحتضييييين فيييييي دواخلهيييييا نشييييياا متمييييييز عييييين اهخيييييرى‪.‬‬
‫وربقيى أهيم يم و يتراريجي النشياا‪ ،‬هيي ال ميل‪ ،‬وبطريقي متنا يق ‪ ،‬عليى بلي رة اهنشييط‬
‫الر يسييي المختلف ي للمنظم ي ‪ ،‬مييع الحييرص علييى وضييع دعامييات للم احم ي الحقيقي ي بييين‬
‫ا تراريجيارها المتفرع وا تراريجيتها الملي ‪.‬‬
‫كما رتجسد أب اد التخطي التنم على مست ى وحدات الف ل التنم في صياا القرارات‬
‫او تراريجي " المصيري " المت افق عليهيا‪ ،‬بخصي ص التحدييد المليي لمشيتم ت التنميي فيي‬
‫شتى رجليارها وفت منافذ جديدة لتط ير التص رات المرربط بأنماا عيو الم اانين وفرص‬
‫اررقاح المنظمات‪.‬‬

‫‪-‬المطتو الوظي ي‬
‫لمل مشروع وظيف ‪ /‬ر ال يرن رحقيقها‪ ،‬عادة ما رساهم م ايير قيمي على رج ييد إنجا هيا‬
‫ورحسين أدا ها‪ ،‬في إاار دوافع المجتميع المنجيز‪ .The acheving society‬هيذه ال ظيفي ‪/‬‬
‫الر ال ر مل وفق نم م ين‪ ،‬يرفع من اإلدراك المؤ ساري للتص رات او تراريجي ويج ل‬
‫منهييا رصي رات متما ييم ومتجانسي مييع أهييداف وحييدات ال مييل او ييتراريجي‪ ،‬والتييي ر ي ع‬
‫مم نييات مقاربتهييا ال ظيفي ي ‪ ،‬بطريق ي متسيياوي ‪ ،‬علييى وحييدات أخييرى متفرع ي عنهييا‪ ،‬رميييل‪،‬‬
‫وبشمل رلقا ي‪ ،‬إلى هيمل نظررها النقديي الشيم لي رجياه ف يل المنظميات المشيتغل فيي مجيال‬
‫التخطي التنم ‪ ،‬وكذا ر زيز قدرارها اإلنتاجي في كل مناحي السيرورة التنم ي ‪.‬‬
‫المنطلييق التنظيمييي ل حييدات ال مييل او ييتراريجي‪ ،‬يتطلييب إي ي ح ال ناي ي ال م ي ل ض ي يات‬
‫اشتغال المنظم ‪ .‬اهمر‪ ،‬الذ يج ل من التخطي او يتراريجي الي ظيفي‪ ،‬مسيأل مين اههميي‬
‫بممان‪ ،‬على مست ى ر م اإلاار ال ام وارح اهفمار الر يسي لت جيه هذه ال ض يات نحي‬
‫الرفع اإل يجابي من مق مات رط رها ال محدود بخص ص مختلف السيا يات المتخيذة عليى‬
‫ص يد اهنشط التنم ي ‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫عليه‪ ،‬نجد أنفسنا‪ ،‬وبغي او ترشاد المنهجيي للخطي التنم يي الرا يدة‪ ،‬أميام نمطيين اثنيين‬
‫ل تراريجي ال ظيفي ‪ :‬ا تراريجي ال حيدات او يتراريجي واو يتراريجي المليي ‪ .‬ميع اهخيذ‬
‫ب ين اوعتبار‪ ،‬ك ن ارا ق ا تخدام دعامات كل من او تراريجيتين‪ ،‬رتني ع حسيب اهنشيط‬
‫المزمييع القيييام بهييا عليى صي يد المنظمي بييين اهنشييط المت ييددة‪ ،‬والتييي رتي خى‪ ،‬بالضييرورة‪،‬‬
‫ر زيز قدرات المنظم والنشاا ال احد‪ ،‬الذ يهدف إلى التقدم بهيذه اهخييرة‪ ،‬خطي ات مهمي‬
‫نح ال ض يات المتط رة‪.‬‬
‫وميين ثييم‪ ،‬فييإن رخطييي اإلنجييا ‪ ،‬ه ي نمي ج حقيقييي لصييناع ال ظييا ف "الفضييلى" المت لق ي‬
‫باهنشط الر يسي للمنظم ‪ .‬وه اهمر‪ ،‬الذ يسيت جب ضيمان اهرضيي المنا يب لممار ي‬
‫هذه اهنشط ‪ ،‬اح على مست ى التفمير أو التنفيذ أو التقييم‪.‬‬
‫ويت لييق هييذا المسييت ى ميين مسييت يات التخطييي التنمي ‪ ،‬بخلييق يا ييات للرفييع الرييياد ميين‬
‫منسييي او يييتجاب للمتطلبييييات المجتم يييي ا نيييي والملحيييي ‪ ،‬والخاصييي بمجييياوت التييييدبير‬
‫اوقتصاد وإدارة اهعمال‪ .‬وهي المسأل ‪ ،‬التي من المممن جيداً رحقييق أهيدافها المأم لي ‪ ،‬إن‬
‫ر فرت إرادة حقيقي إلحداث التغيير‪ ،‬عبر ر فير مداخل إص ح بني وعميق‪ ،‬وعلى شتى‬
‫اهص دة ‪ :‬اوقتصاد ‪ ،‬اوجتماعي‪ ،‬السيا ي‪ ،‬الثقيافي والبيئيي‪ ...‬ويممين القي ل فيي اهخيير‪،‬‬
‫أن المخطي التنمي بمم نارييه ومسييت ياره السييابق الييذكر‪ ،‬هي ميين أدوات السيا ي التنم ي ي ‪،‬‬
‫والتي االبا ً ما يتحقق إنجا ها اهفضل عبر ارا ق اا ي ريادي ‪ ،‬من قبيل الخط والبيرام"‪.‬‬
‫‪-3‬الطياسة التنموية‬
‫يمميين ر ريييف السيا ي التنم يي ‪ ،‬ب صييفها جييزح ميين السيا ي ال ام ي للدولي التييي لهييا ع ق ي‬
‫بقضيايا التنميي ‪ .‬وهييي عبيارة عيين مجم عي المبياد واههييداف والم يايير والقيييم‪ ،‬التيي رحمييم‬
‫نشاا الدول رجاه عمليات رنظيم التنمي المختلف وإداررهيا ورقابتهيا ورقيييم نظمهيا وأنشيطتها‪،‬‬
‫ميين أجييل رحقيييق أفضييل النتييا " التنم ي ي المممني ‪ ،‬فييي إاييار النم ي ج السيا ييي واوجتميياعي‬
‫القا م‪ .‬ورأري هذه السيا في ياق جمل التشري ات والق اعيد التيي رسينها الدولي لليتحمم فيي‬
‫حرك ي النشيياا التنم ي فييي المجتمييع‪ .‬كمييا رتحييدد فييي مجم ع ي ميين المحييددات اوقتصييادي‬
‫واوجتماعي والسيا ي ‪ .‬ويممن رحقيقها في ص رة خط وبرام" ومشروعات يتم رنفيذها في‬
‫إاار ردابير وإجراحات مت ددة ‪.47‬‬
‫والسيا التنم ي من منظ ر هذا التحديد ال ام‪ ،‬رؤكد من جه ‪ ،‬على أهمي جانبها الم ييار ‪.‬‬
‫وعبره كل ميا يميت لهيا بصيل ‪ ،‬مين أ يس وإدراكيات قيميي ‪ .‬ومين جهي أخيرى‪ ،‬عين رر يخ‬
‫جانبها "التطبيقي"‪ ،‬من خ ل جمل الممار ات ال ملي المرربط بها‪.‬‬

‫‪ 47‬بخيت أحمد درويو‪ "،‬قيم اهخبار في الصحاف المصري في إاار السيا ات التنم ي ‪ :‬درا رطبيقي في الصحاف‬
‫الق مي والحزبي خ ل ‪ (،"1990-1987‬ر ال دكت راه ‪ ،‬قسم الصحاف ‪ ،‬كلي اإلع م‪ ،‬جام القاهرة‪ ،)1996 ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪38‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬

‫أ‪-‬سمات الطياسة التنموية‬


‫مما و ريب فيه‪ ،‬أن أ يا كيفما كانت‪ ،‬عليها أن و رفتقد إلى مست ى م ين من الحماس‬
‫المبير رجاه رحقيق أهدافها الحا م واوررقاح بهيا إليى ميدار "المميال" القيميي‪ .‬وهي اهمير‪،‬‬
‫الذ ينبغي ا تحضاره لضمان مات إيجابي خاص بريادة ف ل التدبير في أ مجيال مين‬
‫مجاوت النشاا اإلنساني‪.‬‬
‫إن مين أبيير يمات السيا ي التنم يي ‪ ،‬بييل وميين أهيم مق مييات او تحضيار الف ييال لمسييارات‬
‫التنمي كمل‪ ،‬نجد الشم لي والتماملي واو تدام ‪.‬‬

‫من منظ ر‬ ‫‪-‬الشمولية‬


‫اعتبار الحق في التنمي كحق من حق ق اإلنسان‪ ،‬ر د التنمي عملي شامل رتناول الحق ق‬
‫اوقتصادي واوجتماعي والثقافي والسيا ي ‪ ،‬ورهدف إلى رحسين الظروف الم يشي للمجتمع‬
‫كمل ولألفراد على الس اح‪ .‬وجلك من منطلق‪ ،‬المشارك النشط والحرة واه ا ي في التنمي‬
‫وفي الت يع ال ادل لل ا دات‪-‬من خيرات وثروات‪.48-‬‬
‫السيا التنم ي ‪ ،‬هي كل يا رنظر إلى التنمي نظرة شم لي رمس كل اهب اد والتجليات‬
‫المرربط باإلنسان واو تجاب لمل اإلممانات جات الصل بتحقيق اررقا ه اوجتماعي‪ .‬وجلك‬
‫كله‪ ،‬من منطلق مركزي اإلنسان ومح ريته في كل ف ل رنم ‪.‬‬
‫يحيييل مبييدأ" الشييم لي " ‪-‬فييي ع قتييه بمفهيي م " التنمييي "‪ -‬علييى او ييتثمار الملييي لمختليييف‬
‫الخيارات المتاح لألفيراد والجماعيات واو يتخدام الم يع للمي ارد واإلممانيات والت ظييف‬
‫الجم ي لل ا ل واهدوات من أجل رحقيق وافر لألهداف والغايات التنم ي ‪.‬‬
‫فنتحييدث عييين الشيييم لي فييي م الجييي القضيييايا فيييي شييتى رجليارهيييا اوقتصيييادي واوجتماعيييي‬
‫والمؤ ساري والسيا ي ‪ ،‬والبحث عين الحلي ل للمشياكل المطروحي ‪ ،‬ور زييز أ ياليب اليدم"‪،‬‬
‫ور يع المشارك في نظيام م الجي ريأثيرات مثبطيات التنميي واه يبا المامني مين ورا هيا‪.‬‬
‫وجلك كله‪ ،‬وفق إواليات جم ي رفمر رفميراً مت دد اهب اد والمست يات‪.‬‬
‫فالمنطلق الشم لي‪ ،‬يج ل متخذ القرار التنم ‪ ،‬ي مل ن جاهدين‪ ،‬على ربادل أنجع الرؤى‬
‫ورقا يم أفضييل الممار يات وربنييي أحسين المنهجيييات‪ ،‬بخصي ص السيا ي التنم يي ‪ .‬وهي مييا‬
‫يبر ‪ ،‬على مسيت ى وضيع ورنفييذ وقيياس ورتبيع اههيداف الشيامل والمسيتدام للتنميي كميل‪.‬‬
‫ورممين الشييم لي ‪ -‬اوجتماعيي واوقتصييادي أ ا يا ً‪ -‬فيي صييلب اههييداف التيي يييتم التنصيييص‬
‫عليها في أدبيات المؤ سيات المهتمي بقضيايا التنميي ‪ ،‬والمتمثلي فيي القضياح عليى كيل أشيمال‬

‫‪ 48‬علي الزعبي‪ "،‬السيا ات التنم ي ورحديات الحراك السيا ي في ال الم ال ربي ‪ :‬حال الم يت"‪( ،‬الم يت ‪ :‬مركز‬
‫درا ات الخلي" والجزيرة ال ربي ‪ ،‬ماي ‪ ، ) 2015‬ص ‪. 21‬‬
‫‪39‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الفقر واإلقصاح والهشاش والتهميو وال مل على ر زيز دعامات الرخياح المشيترك ور اييد‬
‫لبنات صرح مجتمع الرفاه‪.‬‬
‫ففيي نهايي المطيياف‪ ،‬يبيدو مين الصي ب بمميان‪ ،‬رحقييق هييذه اههيداف‪ ،‬ميا لييم يسيتفد الجميييع‪،‬‬
‫بطريق عادل ومنصف ‪ ،‬من الثمار اإليجابي للتنمي ‪ .‬وهي المسأل التي رست جب‪ ،‬وعلى نحي‬
‫مستمر ومت اصل‪ ،‬التركيز على كل اهب اد الشم لي للسيا التنم ي المتب داخل الدول ‪.‬‬
‫إن المشروعات والبرام" التي رس ى إليى م الجي القضيايا جات اورربياا بالتنميي ‪ ،‬فيي ب يدها‬
‫الشامل‪ ،‬إنما رق م بذلك‪ ،‬اشتراااً‪ ،‬من منظ ر رابتهيا الت اقي فيي رحقييق كيل ااييات التنميي‬
‫المسييتدام ‪ ،‬وج لهييا‪ ،‬بالتييالي‪ ،‬ررفييع ميين مسييت يات اهميين اإلنسيياني لجميييع اهجيييال المت اقبي ‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬وفيي إايار مين التمياهي بيين "الشيم لي " و"التنميي "‪ ،‬ينبثيق مفهي م "التنميي الشيامل "‪،‬‬
‫والذ ينظر إليه باعتباره "التركيز على جميع م اان الض ف في مجتمع ما‪ ،‬اح كان جلك‬
‫اقتصاديا ً أو يا يا ً أو اجتماعيياً‪ ،‬ورسياهم القي ى الداخليي والخارجيي مجتم ي بتحقييق التقيدم‬
‫والتنمي في مختلف اهب اد‪ ،‬وال مل على رق ي نقاا الض ف التي ر اني منها‪ ،‬كما رس ى إلى‬
‫رفجير الطاقات المامن لدى اهفراد بفت أفق اوبداع واوبتمار أمامهم"‪.49‬‬
‫لييذلك‪ ،‬فالسيا ي التنم ي ي ‪ ،‬وفييي إاييار شييم لي‪ ،‬ينبغييي أن يييتم ربنيهييا وفييق منطييق برااميياري‬
‫خالص باوررميا ‪ ،‬لييس وفقي عليى رفيع م يدوت ومؤشيرات النمي اوقتصياد ‪ ،‬ولمنيه مين‬
‫ال م أن رشمل أيضيا ً اوررقياح باإلمميان البشير والبنييات المجتم يي والسيا يات الحم ميي‬
‫المستقبلي ‪.‬‬

‫‪-‬التكاملية‬
‫رشمل السيا التنم ي مجم عي القيرارات الصيادرة عين السيلطات واهجهيزة المختصي فيي‬
‫المجتمع لتحقيق أهدافه التنم ي ‪ .‬ور ض هذه القرارات مجاوت التنمي واورجاهيات الملزمي‬
‫وأ ل ال مل وأهدافه في حدود أيدي ل جي المجتمع‪ .‬ويتم رنفيذ هذه السيا بر م أو وضع‬
‫خط رح عدداً من البرام" ومجم ع من المشروعات التنم ي المترابط والمتمامل ‪.50‬‬
‫فالسيا التنم ي ‪ ،‬رت خى‪ ،‬في كنهها المتمامل‪ ،‬البحث عن الحل ل الم اري لتجاو الم قيات‬
‫البني ي للتنمي في المجتم ات المختلف –‪ .‬وهي الم قات التي رظل ر ز با تمرار يرورة‬
‫التخلف‪ .-‬وجلك‪ ،‬عبر اونط ق من التمريس الف لي والف ال لتداخل أدوار الفاعلين‪ ،‬والت ل‬
‫بالمقاربات جات اإلنتاجي المررف لمؤشرات التنمي ‪ ،‬من قبيل المقارب التماملي ‪ ،‬والتي ررب‬

‫‪" 49‬ال مالي ‪ ،‬القضيياح علييى الفقيير ورحقيييق التنميي الشييامل "‪ ( ،‬الييدورة الخاصي للجني ال مييل والشييؤون اوجتماعيي ل رحيياد‬
‫اهفريقي‪ ،‬وينده ك‪ ،‬ناميبيا ‪ 25- 23 ،‬أبريل ‪ . )2014‬أنظر ‪. www.au.int :‬‬
‫‪ 50‬منى عطي خزام خلييل ‪ "،‬ال لمي والسيا ي اوجتماعيي "‪ ( ،‬اإل يمندري ‪ :‬الممتيب الجيام ي الحيديث ‪ ، ) 2010 ،‬ص‬
‫‪. 25‬‬
‫‪40‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الرباا ال ثيق بين اوشترااات الضيروري للف يل التنمي واههيداف او يتراريجي المممني ‪،‬‬
‫ورجميع كل ال امل المساهم في رحسين اختيارات اهفراد والمجتم ات‪ ،‬وفيق نمي ج را يد‬
‫لتدبير الم ارد المتاح ‪.‬‬
‫االب يا ً‪ ،‬مييا رثبييت ال ديييد م ين المحطييات فييي المسييارات التنم ي ي أهمي ي ال ق ي ف علييى رماملي ي‬
‫البرام" والمشروعات المرربط بها‪ ،‬مع مراعاة كل الج انب التي رب دها عين التنياقض اليذ‬
‫من المممين أن يينقص مين كفايتهيا‪ ،‬خاصي فيي ظيل يياق ال لمي ‪ ،‬التيي أضيحت فيي ال قيت‬
‫الحييالي‪ ،‬ييييرورة متراكمييي التجييار ‪ ،‬والتيييي رفييير اهخيييذ ب ييين اوعتبيييار كييي ن التنميييي‬
‫المسييتدام ميين منطلييق هييذا السييياق‪ ،‬ربقييى مشييروعا ً مجتم ي ياً‪ ،‬يتسييم بمييل مظيياهر الضييبابي‬
‫‪ .‬وهييي الم حظ ي ‪ ،‬التييي رسييم لنييا‪ ،‬بإعييادة رركيييب أ ييئل التماملي ي والتنيياقض‪،‬‬ ‫والغم ي‬
‫بطريق أحادي اورجاه‪.51‬‬
‫كميا رنطي التمامليي ‪ ،‬ب صييفها ييم مين ييمات السيا ي التنم يي علييى عنصير ف ييال‪ ،‬وهي‬
‫المت لق بالتمامل بين المشاريع المبرمج فيي يياق هيذه السيا ي ‪ .‬وجليك‪ ،‬هنهيا أقيميت أ ا يا ً‬
‫لحل وع مشم ت المجتمع‪ .‬إج‪ ،‬يجب في هذا الشأن‪ ،‬م اجه كيل المشيم ت المطروحي ‪،‬‬
‫بخط محمم ومتمامل ‪ ،‬رتصف بما يلي ‪:‬‬
‫اح كانت اقتصادي أو اجتماعي أو عمراني ؛‬ ‫‪ -‬الشم ل‪ ،‬أ رغطي جميع ج انب التنمي ‪،‬‬
‫‪ -‬التييي ا ن بيييين قطاعيييات التنميييي المختلفييي ‪ ،‬أ اوهتميييام بميييل قطييياع بقيييدر حاجييي المجتميييع‬
‫والقطاعات اهخرى إليه؛‬

‫‪51‬‬
‫‪Jean –Pierre Revéret ,«Mondialisation et développement durable :complémentarité ou‬‬
‫‪contradiction ? » , Dans «La mondialisation contre le développement durable? » , Géraldine‬‬
‫‪Froger) dir. ( ,)Bruxelles :Peter Lang ,2006 (, p.21.‬‬
‫‪41‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪ -‬التنسيق‪ ،‬أ منع التداخل والتمرار والتضار بيين جهي د التنميي اوقتصيادي واوجتماعيي‬
‫وال مراني ‪ ،‬اح كانت حم مي أو أهلي ؛‬
‫‪ -‬التفاعيل‪ ،‬أ رشيجيع الت ياون المسيتمر والجياد بيين التنميي المختلفي حتيى ربيدو جهيداً واحييداً‬
‫مت ا نا ً ؛‬
‫‪ -‬اهصييال ‪ ،‬أ الييرب بالجييذور واو ييتفادة ميين التييراث وعييدم اإلاييراق فييي الم اصييرة علييى‬
‫حسا الخبرات الماضي ‪.52‬‬
‫التماملي ‪ ،‬رتجلى عم ما ً على مست ى السيا ي التنم يي فيي رحدييد ع اميل التيداخل القيا م بيين‬
‫أنشط هذه السيا وأهدافها‪ .‬إج‪ ،‬أن السيا ي التنم يي ‪ ،‬هيي بمثابي اه يل أو الفلسيف التيي‬
‫رتم بها عملي التنمي أو هي رحديد خط ا التحرك الج هري التي رمفل نقل المجتمع من حال‬
‫التخلف إلى حال التقدم‪ .‬كما أنها الركييزة اه ا يي لتحقييق اههيداف التيي ييتم مراعارهيا عنيد‬
‫وضع الخط والمشروعات والبرام"‪ ،‬وو يممين النظير إليهيا بم يزل عين اهنشيط المت يددة‬
‫والمتداخل التي رنتهيي بارخياج القيرارات الميؤثرة فيي المجتميع‪ .‬وهيذه اهنشيط المتداخلي ربيدأ‬
‫أووً بصياا أهداف عام يس ى المجتمع لل ص ل إليها‪-‬وهذه هيي صيياا أهيداف السيا ي‬
‫التنم ي ي ‪-‬ورسييتمر عبيير مراحييل مختلف ي حتييى يييتم ررجمتهييا فييي عييدد ميين الخط ي التفصيييلي‬
‫والبرام" جات اههداف المحددة التي يتم رنفيذها عبر شبم كبيرة من الهيئات واهجهزة‪.53‬‬
‫كما أن التماملي ‪ ،‬كسم من مات يا الف ل التنم ‪ ،‬ربر على مست ى رحدييد اههيداف‬
‫المت خيياة منهييا‪ ،‬ميين خ ي ل الحييرص علييى رفييع ميين دال ي اإلممييان التنم ي ورج يييد فييرص‬
‫اوررقاح الدا م بها‪ .‬وجلك‪ ،‬بالشمل‪ ،‬اليذ يؤهيل متخيذ القيرار التنمي عليى اختييار القيمي "‬
‫الفضلى"‪ -‬ضمن مجم ع من الت ليفات الم ج دة والصيئ المممن ‪ -‬للسيا التنم يي ‪ ،‬التيي‬
‫من المفتر ‪ ،‬أن يم ن لها‪ ،‬بالئ اهثر على الفئات المستهدف منها‪.‬‬
‫والب ييد التميياملي‪ ،‬وفييق هييذا السييياق الم يييار الصييرف‪ ،‬ه ي الب ييد الييذ ينبنييي علييى قاع يدة‬
‫ارساق ‪ /‬ا ت ف اههداف التي رصب إليها أ يا رنم ي ‪ .‬وجليك‪ ،‬رابي مين هيذه اهخييرة‪،‬‬
‫بييالتم قع فييي منييأى عيين مشييمل المفاضييل بييين اههييداف‪ ،‬فييي الحال ي التييي يم ي ن فيهييا ع يدد‬
‫اهدوات– المت ل بها من ارف السيا التنم ي ‪ -‬أقل من عدد اههيداف‪ .‬فنسيتطيع‪ ،‬حينئيذ‪،‬‬
‫ومن خ ل خيار التماملي ‪ ،‬ضمان رحقيق كل اههداف المأم ل من السيا التنم ي ‪.‬‬

‫‪ 52‬فيصل محم د الغرايبه ‪ "،‬أب اد التنمي اوجتماعي ال ربي في ض ح التجرب اهردني "‪( ،‬عمان ‪ :‬دار يافا ال لمي للنشر‬
‫والت يع‪ ، )2010 ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 53‬بخيت أحمد درويو‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪42‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ميين منطلييق هييذا الب ييد المررمييز علييى قاعييدة ارسيياق‪ /‬ا ييت ف اههييداف‪ ،‬يبييدو ميين الضييرور‬
‫التأ ييييس لطرا يييق جدييييدة‪ ،‬جات ابي ييي بني يييي ‪ ،‬قيييادرة عليييى رحفييييز – خليييق ع اميييل جيييذ‬
‫وا تقطا ‪ -‬متخذ القرار التنم والفاعلين في السيرورة التنم ي عليى حيل المشياكل التيي‬
‫قد ر تر هذه اهخيرة‪ ،‬مع ر فير إواليات متن عي ونتيا " مختلفي ‪ ،‬فيميا يت ليق بميفييات حيل‬
‫هذه المشاكل وال مل على رجاو رب ارها السلبي ‪ ،‬خاصي فيي اليدول الناميي أو اليدول السيا رة‬
‫في اريق النم ‪.‬‬

‫‪-‬الستدامة‬
‫يص ب إيجاد كلم واحيدة فيي اللغي ال ربيي ر ميس بدقي محتي ى الت بيير اونملييز اليذ ليه‬
‫أكثيير ميين م نييى‪ .‬فملم ي "‪ ،" Sustainable‬ر نييي "القابييل ل ييتمراري أو الديم م ي "‪ ،‬كمييا‬
‫ر ني "القابل للتحمل"‪ ،‬وبالتيالي "القابيل ل يتمرار"‪ .‬ورقيارير برنيام" اهميم المتحيدة للتنميي‬
‫المت لق بالتنمي البشري رست مل‪ ،‬في ررجمتها إلى اللغ ال ربي ‪ ،‬ر بير "التنمي المستدام "‪،‬‬
‫ويممن أيضا ً‪ ،‬في اللغ ال ربي ‪ ،‬أن نلجأ إلى كلم "الدعم" للت بير عن م اني المفه م"‪.54‬‬
‫ونقصييد "او يييتدام " فيييي أدبييييات التنميييي او يييتفادة المسيييتمرة والمت اصيييل بيييين اهجييييال‬
‫المت حق من ف ا د التنمي المختلف ‪.‬‬
‫او تدام بذلك‪ ،‬هي رلبي حاجيات الجيل الحيالي دون المسياس بحاجييات اهجييال المقبلي فيي‬
‫ظل التق يد لسيا رنم ي مستديم ‪ .‬ور ني‪ ،‬او تدام ‪ ،‬ك نصر من ال ناصر التي يق م عليها‬
‫نه" التنمي البشري المستدام ‪ -‬حسب رحديد رقرير التنمي البشري ال المي ل ام ‪- 1995‬عدم‬
‫إلحاق الضرر باهجييال القادمي ‪ ،‬ي اح بسيبب ا يتنزاف المي ارد الطبي يي ورل ييث البيئي أو‬
‫بسبب الدي ن ال ام التي رحمل عبئها اهجيال ال حق أو بسبب عدم اوكتراث بتنمي الم ارد‬
‫البشري ‪ .‬مما يخلق ظروفا ً ص ب في المستقبل‪ ،‬نتيج خيارات الحاضر‪.55‬‬
‫ورام أن مسارات السيا التنم ي –التي ررن رحقيق النم المستدام‪ -‬هي مسارات مت يددة‪،‬‬
‫فإن الغايي الحقيقيي مين مجميل هيذه المسيارات هي ر جييه التنميي الت جييه اه يلم نحي خدمي‬
‫مختلف شرا المجتمع للدرج التي رصب م ها السيا التنم ي هي جملي القيرارات التيي‬
‫رتضيييمن ارجاهيييات منظمييي ومجييياوت وارقيييا ً واجيييب ا يييتخدامها لتحدييييد اههيييداف التنم يييي‬
‫للمجتمع‪ ،‬أو أنها نتا التفمير المنظم اليذ ي جيه الخطي والبيرام" التنم يي ‪ ،‬حييث رنبيع رليك‬

‫‪ 54‬محمد كمال التاب ي‪ " ،‬التنمي البشري المستدام ‪ :‬المفه م والمم نات"‪ ،‬مجل مفاهيم اه س ال لمي للم رف ‪ ،‬ال دد ‪14‬‬
‫‪ ،2006 ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪ 55‬فتيحي بي حرود‪ ،‬عميير بيين ييديرة " التنميي البشييري المسييتدام كلليي لتف يييل المفيياحة او ييتخدامي للمي ارد المتاح ي "‪،‬‬
‫(الملتقييى الييدولي ح ي ل التنمي ي المسييتدام والمفيياحة او ييتخدامي للم ي ارد المتاح ي ‪ ،‬جام ي فرحييات عبيياس‪ ،‬ييطيف‪8- 7 ،‬‬
‫أبريل ‪ ، ) 2008‬ص‪.647‬‬
‫‪43‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫السيا من أيدي ل جي المجتمع‪ ،‬لت بر عن أهدافه الب يدة ور ض مجاوت البرام" والخط‬
‫التنم يي ورحييدد اورجاهييات ال امي لتنظيمهيا وأدا هييا‪ .56‬وهي مييا ييتم ميين خي ل السي ي‪ -‬عبيير‬
‫السيا التنم ي ‪ -‬إلى خلق حالي مين التمياهي بيين او يتدام والدمقراي ‪ .‬فالسيا ي التنم يي‬
‫وفييق هييذا السييياق‪ ،‬رنبثييق ب صييفها جمليي المبيياد والقييرارات التييي رت صييل إليهييا الحم ميي‬
‫والتنظيميييات والجماعيييات والقييي ى السيا يييي والمهنيييي واوجتماعيييي فيييي إايييار ديمقراايييي‬
‫وبمقتضاها رتحدد اه اليب والغايات التنم يي للمجتميع‪ .‬وييتم رحدييد هيذه السيا ي ‪ ،‬فيي إايار‬
‫مجم ع من المحيددات اوقتصيادي واوجتماعيي والسيا يي التيي رأخيذ صي رة رشيري ي فيي‬
‫أالب اهح ال ورحقق اههداف التنم ي المبتغاة‪.57‬‬
‫ل ييتدام فييي ع قتهييا بالتنمي ي عييدة رطبيقييات‪ ،‬رجييد مرج يارهييا المبييرى فييي التنزيييل السييليم‬
‫لمختلييف اهب يياد اإليجابي ي المت لق ي بالمسييارات التنم ي ي ‪ .‬هنييا‪ ،‬نجييد أن ميين أبيير مشييتم ت‬
‫او تدام ‪ ،‬هناك الس ي يا ي والبيئي والتمن ل جي‪ .‬والتحد المطروح‪ ،‬في هيذا الشيأن‪،‬‬
‫ومن أجل فحص الخيارات المتن ع للمستقبل‪ ،‬ه رحليل هذه المشتم ت‪ ،‬بالطريق التيي ييتم‬
‫من خ لها إدميا كيل أب ادهيا‪ .‬وعي وة عليى جليك‪ ،‬فيإن الج انيب البشيري والتمن ل جيي ه‬
‫ييي اقتصيياد ‪ ،‬رظ يل‪ ،‬ديناميميييا ً ‪ ،‬مترابط ي ومتراص ي ‪ .‬كمييا أن البنيييات الس ييي‬ ‫نظييام‬
‫يا ييييييي ‪ ،‬ر مييييييس مييييييدى التطيييييي ر التمن ليييييي جي واوقتصيييييياد ‪ ،‬وال مييييييس صييييييحي ‪.58‬‬
‫إنه‪ ،‬ولمي رصب او تدام جزحاً و محيد عنه من السيا التنم يي كمبيدأ مين مباد هيا‪ ،‬و بيد‬

‫‪ 56‬كمال التاب ي ‪ "،‬علم اوجتماع اوقتصاد "‪ ( ،‬القاهرة ‪ :‬دار النصر للنشر والت يع ‪ ، )2009،‬ص ‪. 75‬‬

‫‪ 57‬محييروس محم ي د خليف ي ‪ "،‬السيا ي اوجتماعي ي والتخطييي فييي ال ييالم الثالييث"‪ ( ،‬اإل ييمندري ‪ :‬دار الم رف ي الجام ي ي‬
‫‪ ، )2003،‬ص ‪. 15‬‬
‫‪58‬‬
‫‪John.B.Robinson, Caroline Van Bers ,Deanna McLeod,«Life in 2030 :The Sustainable‬‬
‫‪Society Project »in «Achieving Sustainable Development» Edited by Ann Dale, John‬‬
‫‪Bridger Robinson, )Vancouver :UBC Press,1996 (, p.4.‬‬
‫‪44‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ميين القيييام بم احمي ورييراب بييين ث ثي عناصيير مت ا يي ومتداخلي فيمييا بينهييا ر ضييد ب ضييها‬
‫الب ض‪ .‬وهي المتمثل ‪:‬‬
‫أولا‪ ،‬في ر يع قاعدة اإلنتا في إاار مراعاة اوقتصاد للمثاف السماني المتزايدة والحرص‬
‫على ر فير الفرص المممن لألجيال المت اقب ؛‬
‫ثانيا ا‪ ،‬حرص كيل مم نيات الحمامي مين دولي وقطياع خياص ومجتميع ميدني والمي اان عليى‬
‫ر زيز او تقرار اوقتصاد واوجتماعي ورق ي دعامات المفاي والنجاع ؛‬
‫ثالثا ا‪ ،‬وأخيراً عميل مم نيات الحمامي السيابق عليى رن ييع كيل القطاعيات اوقتصيادي ورج ييد‬
‫الخدمات اوجتماعي مع التحفيز المستمر على كل أشمال الخلق واوبتمار‪.‬‬
‫السيا التنم ي ‪ ،‬من خ ل جلك‪ ،‬وكسيا مستدام ‪ ،‬رمت ق رها ال لمي وال ملي ‪ ،‬من مفهي م‬
‫"التنمي المستدام " أو كما يسميها الب ض‪ ،‬بالتنميي القابلي ل يتدام ‪ .‬وهيي التيي أ سيت لهيا‬
‫كمفه م "لجن برونت ند"‪ ،59‬وجلك منذ أواخر عقد الثمانينيات من القرن المنصرم‪.‬‬
‫إج‪ ،‬ي تبيير أول ميين أشييار إليييه بشييمل ر ييمي هي رقرييير" مسييتقبلنا المشييترك"‪ ،‬والصييادر عيين‬
‫اللجن ال المي للتنمي والبيئ عام ‪.1987‬‬
‫والم حظ أنه‪ ،‬ولحدود ي منا هذا‪ ،‬ما ال مفه م "التنميي المسيتدام " المفهي م اهكثير التبا يا ً‬
‫في الممار ات التنم ي الدولي ‪ ،‬حيث لم رتممن التجيار المتراكمي مين النيزول بيه كمفهي م‪،‬‬
‫من علياح التجريد النظر إلى أشمال وأب اد عملي واضح الم الم‪.60‬‬
‫الذ يمتنف مفه م "التنمي المستدام "‪ ،‬فإنه يممين القي ل‪ ،‬أن فميرة هيذه‬ ‫ورام هذا الغم‬
‫التنمي كثيراً ما رم ر زيزها ورمريسها‪ ،‬وفق مسيارات ومحطيات دوليي مختلفي ‪ ،‬ومين أهمهيا‪،‬‬
‫المصادق على "فمرة التنمي المستدام " ر ميا ً في مؤرمر قم اهر ‪ ،‬والذ عقد في "ري‬
‫د جييانيرو" عييام ‪1992‬؛ حيييث رمييت المصييادق عليهييا كفمييرة‪ ،‬بشييمل ر ييمي‪ .‬وجلييك ميين‬
‫منظ ي ر‪ ،‬إدراك القييادة السيا يييين – فييي هييذا المييؤرمر‪ -‬ههميتهييا فييي ضييمان كين ن ي ال ج ي د‬
‫البشر في ال الم بأ ره ‪ ،‬و يما‪ ،‬وأن هؤوح القادة ‪ ،‬قد أخذوا‪ ،‬من جه أولى‪ ،‬عليى عيارقهم‬
‫مسؤولي التممين التنم لجزح كبير من يمان ال يالم ميا ال يير ح رحيت ربقي الفقير‪ ،‬كميا‬
‫أخييذوا‪ ،‬ميين جه ي ثاني ي ‪ ،‬فييي اعتبييارهم أن هنيياك رمظهييرات عييدة لتفاورييات كبيييرة فييي أنميياا‬
‫الم ي ارد التييي رسييتخدمها كييل ميين الييدول الغني ي ورلييك الفقيييرة‪ ،‬ع ي وة علييى أن النظييام البيئييي‬

‫‪ 59‬رشييييملت هييييذه اللجنيييي بقييييرار ميييين الجم ييييي ال اميييي لألمييييم المتحييييدة فييييي ديسييييمبر ميييين عييييام ‪ ، 1983‬بر ا يييي "اييييرو‬
‫هييارلم برونت نييد‪ "Gro Harlem Brundtland‬ر يس ي و راح النييروي" وعض ي ي ( ‪ ) 22‬شخصييي ميين النخييب السيا ييي‬
‫واوقتصادي الحاكم في ال الم‪ .‬وجلك‪ ،‬بهدف م اصل النم اوقتصاد ال المي‪ ،‬دون الحاج إلى إجراح رغيرات جذريي فيي‬
‫بني النظام اوقتصاد ال المي‪.‬‬
‫‪ 60‬أ ام الخ لي‪ " ،‬البيئ وقضايا التنمي والتصنيع‪ .‬درا ات ح ل ال اقع البيئي في ال ان ال ربيي واليدول الناميي "‪ ،‬عيالم‬
‫الم رف ‪ ،‬عدد ‪ ، 285‬المجلس ال اني للثقاف والفن ن وا دا ‪ ،‬الم يت‪ ،‬شتنبر ‪ ، 2002‬ص ‪.79‬‬
‫‪45‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ال المي ما فتئ ي اني من رهديدات جم وضغ ا خطيرة‪ ،‬كل هذه اإلشيماوت وايرهيا كثيير‬
‫أخذت رفر ضيرورة إعيادة ر جييه النشياا اوقتصياد بطيرق م قلني ورشييدة‪ ،‬بغيي رلبيي‬
‫الحاجات التنم ي الما للفقراح ومنع حدوث مخاار‪ ،‬من شأنها‪ ،‬أن رن مس لبا ً على البيئي‬
‫ال المي ي ‪ .‬وميين ثييم‪ ،‬رييم رصييد خط ي ات جبييارة علييى ص ي يد صييياا ميثيياق عييالمي للحمام ي‬
‫التنم ي ‪ ،‬من ارف جميع الدول اح منهيا الناميي أو الصيناعي ‪ .‬وهي الميثياق‪ ،‬اليذ ر يم‬
‫م الم عهد جديد من التنمي ‪ ،‬لم الج مختلف قضايا الفقر والمشاكل التي قد ر اني منها اليدول‬
‫اهقييل فقييراً‪ ،‬مييع بييذل الجه ي د المضييني ‪ ،‬ميين أجييل يييادة ييبل النجاعي الطاقيي والبحييث عيين‬
‫الم ي ارد الف ال ي والمافي ي ‪ ،‬إضيياف إلييى إحييداث كييل أشييمال التح ي ل اإليم ل ي جي فييي النشيياا‬
‫اوقتصاد للتخفيف من حدة وجسام اهعباح المطروح في ال قت الحالي على كاهل البيئ ‪.‬‬
‫عم م يا ً‪ ،‬لقييد صيينفت الت يياريف التييي حييددت بشييأن التنمييي المسييتدام إلييى صيينفين – وهييي‬
‫الت اريف التي رحدد ‪ ،‬باه اس‪ ،‬مجمل اايات التنمي كسيا ‪ ،-‬هما‪:‬‬
‫الانف األول‪ ،‬تعاريف مختارة وموجزة‪:‬‬
‫وهييي الت يياريف‪ ،‬التييي يطلييق عليهييا عييادة‪ ،‬رسييمي "الت يياريف اهحادي ي للتنمي ي المسييتدام "‪.‬‬
‫ووفق الدووت السيميا ي ‪ ،‬يممن اعتبار أن هيذه الت ياريف هيي أقير للشي ارات "الصياخب "‬
‫و"الرنان "‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهي في الغالب اهعم‪ ،‬رفتقد لل مق ال لمي والتحليلي‪ .‬ومنها‪:‬‬
‫أ ا ي لقدرات الحمام التنم ي ال المي ؛‬ ‫‪ -‬التنمي المستدام ‪ ،‬هي راف‬
‫تمرار؛‬ ‫‪ -‬التنمي المستدام ‪ ،‬هي التنمي المتجددة والقابل ل‬
‫‪ -‬التنمي المستدام ‪ ،‬هي رنمي اإلممانات وإراح الفرص أمام اهجيال المت اقب على مسيت ى‬
‫اهمد الب يد؛‬
‫‪ -‬التنمي المستدام ‪ ،‬هي التنمي التي رؤكد على عقلن وررشيد الم ارد والطاقات‪.‬‬
‫الانف الثاني‪ ،‬تعاريف أكثر شمولا‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫* التعريف الستشرافي ‪ :‬عيرف رقريير برونت نيد‪ -‬السيابق اليذكر‪ ،-‬واليذ أصيدرره اللجني‬
‫الدولي للبيئ والتنمي فيي عيام ‪ ،1987‬ب ني ان "مسيتقبلنا المشيترك" التنميي المسيتدام ‪ ،‬بأنهيا‬
‫" التنميي التييي رلبييي احتياجييات الحاضيير دون أن ي يير للخطيير قييدرة اهجيييال القادمي علييي‬
‫إشباع احتياجارها"‪.‬‬
‫فهذا الت ريف‪ ،‬وفي إاار القراحة المسيتقبلي للتنميي ‪ ،‬يؤكيد عليى مسيأل اليتحمم او يتباقي فيي‬
‫الم ارد والطاقات‪ ،-‬والتي ما فتئت ر اني من مظاهر الندرة والتبذير وعدم التجدد‪، -‬وج لهيا‬
‫‪46‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫رتم قع في منأى عن المخاار المحدقي بسيا ر أوجيه وكافي رجلييات التنميي ‪ .‬ومين ثيم‪ ،‬ري فير‬
‫فرص التنمي الحقيقي لألجيال المت اقب ‪.‬‬
‫* التعريةف اإليكةةو مؤسطةةاتي ‪ :‬ر يرف منظمي اهاذيي والزراعي (الفيياو) التنميي المسيتدام‬
‫(الذ رم ربنيه في عام ‪ ) 1989‬كما يلي‪":‬التنمي المستدام هيي إدارة وحمايي قاعيدة المي ارد‬
‫الطبي ي ور جيه التغير التقني والمؤ سي بطريق رضمن رحقيق وا تمرار إرضاح الحاجيات‬
‫البشيييري لألجييييال الحاليييي والمسيييتقبلي ‪ .‬إن رليييك التنميييي المسيييتدام (فيييي الزراعييي والغابيييات‬
‫والمصادر السممي ) رحمي اهر والمياه والمصادر ال راثيي النباريي والحي انيي وو رضير‬
‫بالبيئي ورتسييم بأنهييا م مي ميين الناحيي الفنيي ومنا ييب ميين الناحيي اوقتصييادي ومقب لي مين‬
‫الناحيي اوجتماعيي "‪ .‬الت رييف اإليمي مؤ سياري‪ ،‬ووفيق هيذه ال ناصيير‪ ،‬ييج ل مين التنميي‬
‫المسييتدام ‪ ،‬إايياراً ف يياوً للتنميي الشييامل والمندمجي ‪ ،‬والتييي و يمميين أن رتحقييق رهانارهييا‪ ،‬إو‬
‫بتضييافر جه ي د كييل دول ومجتم ييات ال ييالم‪ ،‬وفييي ييياق اونخييراا ال ي اعي لجميييع مم نييات‬
‫الحمام ‪ ،‬في بناح منظ م متمامل من التنمي ال ادل والمنصف ‪.‬‬

‫ب‪-‬مخرجات الطياسة التنموية‬


‫السيا ي التنم ي ي هييي يا ي رصييب فييي مخرجارهييا إلييى رحقيييق الغايييات الفضييلى المت لق ي‬
‫بمختلف مجاوت النشاا اإلنساني‪.‬‬
‫ومن ثمي ‪ ،‬وبغيي التحدييد اليدقيق ليدور نشياا ميا وضيب أول ياريه‪ ،‬مين المفييد جيداً‪ ،‬ر ضيي‬
‫المقارب الجديدة للتنمي ‪ .‬وجلك من منظ ر اعتبار هذه المقارب ‪ ،‬مفه م مفتاح‪ ،‬ريدور فيي فلميه‬
‫م ظم اهنشط اإلنساني ‪.61‬‬
‫السيا ي التنم ي ي ‪ ،‬االب يا ً‪ ،‬مييا ينييت" عيين ربنيهييا ر ي فير ريييادة كاف ي مق مييات النم ي واو ييتدام‬
‫للمشيياريع والبييرام" ‪ ،‬وفييق منظ ي ر يررمييز‪ ،‬باه يياس‪ ،‬علييى وض ي ح الرؤي ي او ييتراريجي‬

‫‪61‬‬
‫‪Huynh Cao Tri,op. cit,p.13.‬‬
‫‪47‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫للدول ‪ ،‬ونجاع رص رارها التنم يي ‪ ،‬مميا ييدعم فاعليي النمي ج المسيتدام اليذ رتبنياه كخييار‬
‫ا تراريجي‪.‬‬
‫ميين خ ي ل جلييك‪ ،‬وعبيير كييل أب يياد الف ييل او ييتراريجي المتسييم بالتص ي رات ال ميق ي الخاص ي‬
‫بالتدبير المستدام للتنميي ‪ ،‬كثييراً ميا رتبلي ر مخرجيات السيا يات التنم يي المتبنياة مين ايرف‬
‫الدول في التجليات التالي ‪ :‬التأ يس لنم متط ر يممن من رحقييق نمي أكثير يرع ‪ ،‬الرفيع‬
‫مين مؤشيرات التنميي البشيري لألفيراد والمجتم يات‪ ،‬مين حييث الت لييم النيافع والشيغل المنييت"‬
‫والصييح السييليم والسييمن ال ييق‪ ،‬حمامي ف ييل التييدبير ال مي مي‪ ،‬وضييع ق اعييد متفييق عليهييا‬
‫لتيسير او تفادة الجماعي من نم أكثر عدال وإنصاف‪.‬‬
‫وبشيييمل شيييم لي‪ ،‬يممييين ال قييي ف عليييى مخرجيييات السيا ييي التنم يييي كميييا يليييي ‪ :‬الجدوا يييي‬
‫اإلنتاجي ‪ ،‬المفاي الغا ي ‪ ،‬ال دال الم ياري ‪.‬‬

‫‪-‬الجدوائية اإلنتاجية‬
‫ر يييد الجدوا يييي اإلنتاجيييي مييين أهيييم مخرجيييات السيا ييي التنم يييي ‪ ،‬خاصييي عليييى المسيييت يين‬
‫اوقتصاد واوجتماعي‪ .‬وه ما يبر فيي اهدوار الهامي التيي رقي م بهيا هيذه السيا ي ‪-‬عبير‬
‫رجسيد دعامات ام حها المنش د ‪-‬في رحريك دوالييب السييرورة التنم يي ‪ ،‬مين خي ل الرفيع‬
‫اإليجابي من إواليات المردودي ‪ ،‬والزيادة الم تبرة في القدرة التنافسي ‪ ،‬ور فير اوشترااات‬
‫ال مي لتطي ير التفاعيل المتمياهي بيين كيل مين البيئي الداخليي والبيئي الخارجيي ل ييتثمار‪،‬‬
‫ورحفيييز ع امييل جييذ وا ييتقطا المشيياريع او ييتراريجي جات الجييدوى الشييم لي ‪ ،‬ورن يييع‬
‫فرص اإلنتا في كل مجاوت الحياة اوقتصادي ‪ ،‬ميع ميا ييررب بهيا‪ ،‬مين ضيمان أ يس ف الي‬
‫على الصي يد اوجتمياعي ‪ .‬وجليك كليه‪ ،‬مين منظي ر اعتبيار اإلنتاجيي –ك نصير مين عناصير‬
‫التنمي البشري المستدام ‪ ، -‬هي مقدرة البشر على القيام بنشااات منتج وخ ق ‪.62‬‬
‫ال فت أن الجدوا ي اإلنتاجي رمت الشيح المثيير مين ريمي الجدوا يي ‪ Faisabilité‬فيي حيد‬
‫جارها ‪ .‬ولهذه اهخيرة‪ ،‬حسيب ال دييد مين البياحثين المشيتغلين فيي علميي اوقتصياد واوجتمياع‬
‫والدرا ات التنم ي ‪ ،‬نمطين اثنين ‪:‬‬
‫‪-‬جدوائيةةة الاةةف األول ‪ :‬أ إمماني ي إنجييا رخصيييص م ييين فييي اشييترااات رقني ي محييددة‬
‫وبم ارد كيذلك محيددة‪ ،‬ميع اهخيذ ب يين اوعتبيار‪ ،‬م يايير م ق لي ومضيب ا فيي م حظي‬
‫ورصد المتغيرات ال اق ‪ ،‬والت ل بفرضيات أ ا ي ‪ ،‬مين قبييل وجي د الم ل ميات المافيي‬
‫لدى الجميع ووج الخض ع التام للق اعد اوجتماعي من ارف اهفراد‪.63‬‬

‫‪ 62‬فتيح ب حرود‪ ،‬عمر بن ديرة ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.647‬‬


‫‪63‬‬
‫‪M. Fleurbaey, «Théories économiques de la justice» , ) Paris : Économica , 1996 (,p. 13.‬‬
‫‪48‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫إن جدوا ي الصف اهول‪ ،‬وفق هذه اوشيترااات‪ ،‬عليهيا أن رصيب جيزحاً مين رقيييم م يايير‬
‫ال دال ‪ .‬وهي و رشمل ميع جليك‪ ،‬وبصيف ضيروري ‪ ،‬مرحلي حا يم ‪ ،‬بحميم أن م يياراً ايير‬
‫قابل ل نجا في الصف اهول‪ ،‬من المممن جداً‪ ،‬أن يصب منطلقا ً لتحديد م يار مشتق قابيل‬
‫ل نجا ‪64‬؛‬
‫‪-‬جدوائية الاف الثاني‪ :‬هيي فيي المقابيل‪ ،‬يممين أن ر تميد‪ ،‬باإلضياف إليى عناصير جدوا يي‬
‫الصف اهول‪ ،‬عناصر أخرى‪ ،‬محددة لطبي تها الج هري ‪ ،‬كالتباينات القا مي بيين الم ل ميات‬
‫المت افرة لدى اهفراد‪ ،‬ورجاهل المنظمات ال ام ‪ ،‬والسل ك او تراريجي لألفراد في م اجهي‬
‫المؤ سات وق اعد الل ب‪65‬؛‬

‫‪64‬‬
‫‪Caroline Guibet Lafaye, «Justice sociale et éthique individuelle ») Québec : Les Presses de‬‬
‫‪l'Université Laval,2006 (,p. 35.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪Ibid,p.36.‬‬
‫‪49‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫باو يتناد المنهجييي إلييى هيذا التنمييي الخيياص بالجدوا يي ‪ .‬وميين منظي ر ر املنيا مييع السيا ي‬
‫التنم ي ي ‪ ،‬ب صييفها إجييراحات متداخل ي ورييدابير متراص ي ‪ ،‬يسترشييد بهييا فييي اوشييتغال‪ ،‬وميين‬
‫منطلق الت امل م ها كمشروع‪ ،‬نجد‪ ،‬من حيث المبدأ‪ ،‬أن اهص ل اإلنتاجي لهيذه السيا ي ‪،‬‬
‫ربيير ‪ ،‬مباشييرة‪ ،‬ميين خ ي ل الت ييل‪ ،‬فيمييا ي ييرف فييي اإلريم ل جيييا اوقتصييادي "درا ي‬
‫الجدوا ي " أو"درا الجدوى"‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬وبخص ص التركيب المت لق بدرا جدوى مشروع ميا‪ ،‬يممين القي ل‪ ،‬أن مين المهيام‬
‫الر يسييي لهييذه الدرا ي ‪ ،‬هنيياك خلييق ارا ييق للتفيياهم بييين مختلييف الفيياعلين وضييب ييياقهم‬
‫التداولي ورجميع مسالك ومباد الممار يات الفضيلى والتطليع إليى الت يل بمبيادرات ارخياج‬
‫القرار واقتراح ليات البناح المتمامل لدرا الجدوى‪.‬‬
‫وبشييمل عييام‪ ،‬فدرا ي الجييدوى‪ ،‬رسييم للمؤ سي بالتسيياؤل حي ل فا ييدة ورؤيي مشييروع مييا‪.‬‬
‫وهي الدرا ‪ ،‬التي رهدف في عمقها‪ ،‬إلى إدما ‪ ،‬رقييم وفهم المجياوت المفييدة للمشيروع‪.‬‬
‫وبفضل درا الجدوى‪ ،‬يممن أن نحدد القدرات واإلممانيات الحقيقي للمؤ س ‪ ،‬بغي إنجاح‬
‫مشييروع مييا‪ .‬وكييذا‪ ،‬مميييزات ومسيياو ‪ ،‬مخيياار والشييروا المسيياهم أو السييلبي ‪ ،‬وأيضييا ً‬
‫مقاربات رس يق المشروع‪ ،‬بشمل إيجابي‪ ،‬وفرضيات رحققه ‪ :‬رقنيياً‪ ،‬قان نييا ً ورنظيمييا ً وميدى‬
‫قب له اجتماعييا ً ودرجيات ربحيه مادييا ً‪ .‬وبالتيالي‪ ،‬فيإن درا ي الجيدوى‪ ،‬ر تبير بمثابي الحجير‬
‫اه اس لتنمي مشروع ما ‪.66‬‬
‫جييدير باإلشييارة ‪ ،‬أن الجدوا يي اإلنتاجيي ‪ ،‬وب صييفها ميين مخرجييات السيا ي التنم يي ‪ ،‬ر مييل‬
‫ومن أجل ضمان ريادرها "اإلنتاجي "‪ ،‬وفي شتى مناحي ردخ رها‪ ،‬على او يت ان المت اصيل‬
‫بأدوات رحليل ورشخيص درا الجدوى‪ ،‬والتي رتم في إاار علمي ا تشرافي بحت‪ .‬وه ما‬

‫‪66‬‬
‫‪Gilles Corriveau, Valérie Larose , « Démarrer brillamment son étude de faisabilité » , dans‬‬
‫‪«Guide pratique pour étudier la faisabilité de projets » , Gilles Corriveau ) dir. ( ,‬‬

‫‪) Québec : Les Presses de l'Université du Québec ,2012 (,pp. 9-14.‬‬


‫‪50‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫يتجسد‪ ،‬عبر اونتقال" المحتمل" بالمشاريع المرربط بأ يا رنم ي ‪ ،‬من مست ى مرج ي‬
‫عاد إلى مست ى أكثر رط ر‪ ،‬يراعي‪ ،‬من جه أولى‪ ،‬حظ ظ نجاح هيذه المشياريع – وفيي‬
‫الحال الم اكس فرضي فشيلها وإممانييات رجياو هيذه الفرضيي ‪ .-‬وي ميل مين جهي أخيرى‪،‬‬
‫على ر فير اشترااات ا تدامتها‪.‬‬

‫‪-‬الك اية الغائية‬


‫السيا التنم ي التي رت خى رحقيق المفاي ‪ ،‬هي يا ريسر عمليات ارخاج القيرارات وربنيي‬
‫اإلجراحات‪ ،‬من الزاوي التي رؤد لنتا " مفيدة لتط ير الف ل التنم كمل‪.‬‬
‫ورتجسييد المفايي ‪ ،L'efficience‬م ياريياً‪ ،‬فييي رلييك القييدرة التييي رتي فر لييدى المنظمي ‪ ،‬والتييي‬
‫رممنها‪ ،‬وفق رخطي مني محمم التدبير‪ ،‬وبمرون مطلق ‪ ،‬على رحقيق أهيدافها المحيددة‪ ،‬ميع‬
‫مراعاة مستلزمات الف الي والتج ييد فيي رنزييل مخرجارهيا والنجاعي والترشييد عليى مسيت ى‬
‫ا تغ ل م اردها‪ .‬مع ضرورة القيام ال م بمل الخط ات المفيل بتجسير الفج ات التي مين‬
‫المممن أن رنشأ‪ ،‬في أ لحظ من لحظات البناح التم يني للمنظم ‪.‬‬
‫ر ني المفاي ) نسب المخرجات الف لي ) المتحقق ( إليى المخرجيات القيا يي أو المخططي )‬
‫‪.‬ويممن الت بير عنها كا ري‪:‬‬
‫ةةةة‬ ‫الك ـةةـاية = المخرجةةةات المتةققةةةة جاإلنتةةةاج ال علةةي ÷ المخرجةةةات القياسةةةية أو المخ‬
‫جاإلنتاج القياسي أو المخ ط ‪.‬‬
‫وهن يا‪ ،‬يتض ي وجييه ال ق ي بييين مفه ي م "اإلنتاجي ي " ومفه ي م "المفاي ي "‪ ،‬حيييث أن اإلنتاجي ي‬
‫ر بر عن القدرة على اإلنتا ‪ ،‬في حين ر بر المفاي عن مدى رطابق اإلنتا الف لي مع اإلنتا‬
‫المخط ‪ ،‬أ أن مؤشر المفاي ‪ ،‬ي د اختباراً م ياريا ً لمؤشر اإلنتاجي ‪ .‬ويتض من خ ل جلك‪،‬‬
‫أن اإلنتاجي ر د قياس للقدرة على رح يل المدخ ت إليى مخرجيات‪ ،‬وفقيا ً لم اصيفات محيددة‬
‫وبأقل رملف مممن ‪.67‬‬

‫‪ 67‬أنظر‪:‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D9%81%D8%A7%D8%A1%D8%A9_%D8%A7‬‬
‫‪%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9‬‬
‫‪51‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫كمييا أن م ييايير المفايي ‪ ،‬فييي هييذا السييياق‪ ،‬ر مييل علييى رحديييد مجمييل ارا ييق اشييتغال الحسييا‬
‫النسبي لألب اد التقني وضب مختلف ال ظا ف المرربطي باإلنتاجيي أو كفايي اوقتصياد ال يام‬
‫بنمطيها ‪ :‬المفاي التقني وكفاي الت يع ‪.68‬‬
‫فم ييايير المفاي ي ‪ ،‬رت ي خى بييذلك‪ ،‬رحديييد اههييداف المييأم ل رحقيقهييا علييى مسييت ى المنظم يات‬
‫الفاعل ‪ ،‬مع وضع ال ا ل المنا ب هجرأرهيا وصييااتها فيي ق اليب ‪/‬نمياج م يني ‪ ،‬رتجسيد‪،‬‬
‫من خ لها المضامين المبرى لما يممن أن نسميه " المفاي الغا ي "‪.‬‬
‫ويقصييد "المفاي ي الغا ي ي "‪ ،‬كت بييير صييري عيين رجيياو مثبطييات مييا ي ييرف "الهشاشيي‬
‫المؤ ساري ‪ ،"La fragilité institutionnelle‬خط ة الدفع التلقا ي باشترااات النجاع‬
‫والف الي لدى المؤ سات المختلف ‪-‬بما فيها عناصر ومم نات الحمام من دول وقطاع خاص‬
‫ومجتمع مدني‪-‬في اورجاه اهفضل اا يا ً ‪-‬خاص على مست ى اهمد الط يل‪. -‬‬
‫المفاي الغا ي ‪ ،‬بيذلك‪ ،‬هيي كفايي ديناميميي ‪ ،Efficience dynamique‬ب صيفها ‪ -‬عميس‬
‫المفايييي السيييتاريمي ‪ ،- L'efficience statique‬القيييدرة الخ قييي والرياديييي عليييى اإلبيييداع‬
‫واوبتمار في اههداف‪ ،‬مع ضمان حسن ا تجابتها وف الي م احمتها‪ ،‬وباعتبارهيا أيضيا ً الب يد‬
‫اهكثر اههمي في الم نى اوقتصاد للمفاي ‪.69‬‬

‫‪68‬‬
‫‪Timothy J. Coelli, Dodla Sai Prasada Rao, Christopher J. O'Donnell, George Edward‬‬
‫‪Battese, «An Introduction to Efficiency and Productivity Analysis» , Second Edition ,)New‬‬
‫‪York: Springer,2005 (,p. 51.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪Jesus Huerta de Soto, «La théorie de l'efficience dynamique»,)Paris: L'Harmattan,2017‬‬
‫‪(,p. 37.‬‬
‫‪52‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وعلى مسيت ى السيا ي التنم يي ‪ ،‬رتأكيد المفايي الغا يي فيي مختليف اههيداف – الغاييات‪-‬التيي‬
‫يممن أن رروم هذه السيا رحقيقها‪ ،‬باعتبارها من مخرجارها اه ا ي ‪ .‬وهي اههداف‪ ،‬التي‬
‫يت ين على متخذ القرار التنم ا تحضارها‪ ،‬با تمرار‪ ،‬بغي رممين بلدانهم مين ال صي ل‬
‫إلى درجات م ق ل من النم اوقتصاد ‪ -‬رحفيز مؤشرات الظرفي اوقتصادي ‪ ،‬رحسين مناخ‬
‫او ييتثمار‪ ،‬الرفييع ميين نسييب النم ي ‪ ،- ...‬وم ين خ لهييا إر يياح منظ م ي متمامل ي ميين التنمي ي‬
‫اوجتماعيي – رج يييد الخييدمات اوجتماعيي ‪ ،‬بمييا فيهييا الت ليييم والحمايي اوجتماعيي والرعاي ي‬
‫الصحي ‪-...‬‬

‫‪-‬العدالة المعيارية‬
‫يقصد بال دال ‪ ،‬في مدل لها القيميي‪ ،‬جاك اولتيزام الم ييار بال ميل القيان ني وربنيي يل كيات‬
‫وفقا ً لق اعد القان ن‪ ،‬اح ا تندت هذه الق اعد على الت افقات البشري أو على اوشترااات‬
‫اوجتماعي ‪ ،‬والمناداة بضرورة الخض ع الط عي لض اب المساواة واإلنصاف بيين اهفيراد‬
‫والجماعات‪.‬‬
‫ويؤكد ب ض المفمرين والباحثين على المفه م ال ام لل دال ‪ ،‬ب صفه يحيل عليى جاك التصي ر‬
‫اإلنساني المررب بها‪ ،‬والذ يت خى في ج هره رحقيق‪-‬وبصيف م ياريي ‪ -‬التي ا ن المطلي‬
‫بين جميع أفراد ومم نات المجتمع‪ ،‬من حيث الحق ق‪.‬‬
‫وبيذلك فال دالي ‪ ،‬كغا يي م ياريي مأم لي ‪ ،‬متضيمن فيي مخرجيات السيا ي التنم يي ‪ ،‬ر نييي‪،‬‬
‫باه اس‪ ،‬وضع ركا ز لنم عيادل‪ ،‬منصيف ومسيتدام‪ ،‬يسيتفيد مين ثمياره الجمييع‪ ،‬عليى قيدم‬
‫المساواة‪ ،‬مع محارب كل أشمال الف ارق الهيملي السا دة داخل مجتمع ما‪ ،‬من ف ارق ابقي‬
‫وفئ ي وف ارق مجاليي ‪ :‬الفي ارق بيين ال يطين الحضير والقيرو والفي ارق الجغرافيي ‪.‬‬
‫ال دالي ‪ ،‬وفييق التص ي رات السييابق ‪ ،‬والتييي رلبسييها لب يا ً م ياري ي صييرف ‪ ،‬رحمييل فييي كنههييا‬
‫دووت اجتماعي ومجالي ‪.‬‬
‫فبخصي ص الب ييد المجييالي لل دالي ‪ ،‬فإنييه كثيييراً مييا اعتبيير ركيييزة أ ا ييي ه يا ي رنم يي‬
‫ام ح في أ مجتمع من المجتم ات‪ .‬فاو يتناد المرج يي عليى هيذا الب يد‪ ،‬يممين فيي عمقيه‬
‫ميين إيجيياد الحلي ل المنا ييب لل ديييد ميين اوخييت وت التنم ي ي ‪ .‬وجلييك‪ ،‬عبيير ربنييي يا ييات‪،‬‬
‫رحرص على إا ق ديناميات اقتصادي ف ال وفاعل ‪ ،‬رستثمر‪ ،‬بشمل إيجابي‪ ،‬إممانييات كيل‬
‫ررا جغرافي – عليى الصي يد الي اني أو الجهي أو اإلقليميي أو المحليي ‪ -‬وريسير ر ي يا ً‬
‫‪53‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫أكثر عدوً وإنصافا ً للثروات والخيرات ورخفف من اهعباح الناجم عن رمركز إنتا ور يع‬
‫الثروات في مجاوت ررابي محددة‪.‬‬
‫فييييي هييييذا الشييييأن‪ ،‬ر ييييددت فييييي اهعيييي ام اهخيييييرة اهبحيييياث الجغرافييييي المهتميييي بالب ييييد‬
‫المجالي ‪/‬الجغرافي‪ ،‬وبصف خاصي ليدى الجغيرافيين الفرنسييين‪ ،‬بيالنظر إليى ان يدام ال دالي‬
‫(أو عدم المساواة) ي تبر من المشم ت الشا م التيي ر تير ال يالم ورطيرح يؤاوً ج هرييا ً‬
‫عن ال ق المفصلي بين التباينيات المجاليي ‪ ،‬أو ان يدام ال دالي المجاليي مين جهي ‪ ،‬والفيروق‬
‫اوجتماعي من جه أخرى‪.70‬‬
‫همذا‪ ،‬فال دال المجالي ‪ ،‬رس ى‪ ،‬وبشمل مطلق‪ ،‬إلى رحقييق ني ع مين المصيالح ميع التياريخ‪،‬‬
‫وأيضيا ً مييع المجييال‪ .‬ومحتي ى هييذه المصييالح ‪ ،‬يتجسييد فييي إر يياح كييل أب يياد ال دالي المجاليي‬
‫و تدراك كل مظاهر القص ر الذ رئن رحت واأره ال ديد من المنااق داخل مجتمع ما في‬
‫إاار رجليات واضح للتفاوت الترابي‪ .‬وه ما قد يبر في ب ض مجاوت هذا المجتميع مين‬
‫المجال القرو ‪ .‬وبالتحديد جلك‪ ،‬الحيز المررب بالمنااق الجبلي ‪ ،‬والتي مين ال اجيب لتر ييخ‬
‫نم ج رنمي ف ال صال للجميع‪ ،‬رثميين إممانيارهيا ورحسيين خيارارهيا التنم يي ورح يلهيا إليى‬
‫ثروات وقيم مضاف ‪ ،‬عبر الحرص عليى إاي ق دينامييات ا يتثماري ررابيي ناج ي ومحققي‬
‫للصيرورة التنم ي ‪.‬‬
‫هنا‪ ،‬نستطيع التأكيد‪ ،‬وفي ياق م يار دقيق لل دال ‪ ،‬وعبره‪ ،‬التأ يس لمخرجات "فضيلى"‬
‫للسيا التنم ي المتب في بلد ما‪ ،‬على أنه‪ ،‬من المممن جداً‪ ،‬أو رتناقض التفاوريات المجاليي‬
‫مع اإلنصاف المجالي‪ .‬وجلك‪ ،‬في الحال ‪ ،‬التي رم ن فيها هيذه التفاوريات‪ ،‬نتيا خيالص لتنميي‬
‫حقيقي ‪ ،‬يستفيد مين ثمارهيا الجمييع‪ ،‬رنميي متسيم بإعيادة ر ييع عيادل لخيرارهيا‪ ،‬مين منطليق‬
‫قاعدة ررابي مجالي ‪ .‬وه الدور‪ ،‬الملقى‪ ،‬بالدرج اهولى‪ ،‬على عارق الدول ‪ .71‬أما فيما يت لق‬
‫‪ 70‬عبييد المييريم داود ‪ "،‬ال دال ي المجالي ي والتنمي ي فييي ر ي نس ‪ :‬قييراحة جغرافي ي فييي مفه ي م ال دال ي "‪ ،‬ضييمن " مييا ال دال ي ؟‬
‫م الجات في السياق ال ربي"‪ ،‬مجم ع ميؤلفين‪ ،‬ا‪( ، 1‬بييروت ‪ :‬المركيز ال ربيي لألبحياث ودرا ي السيا يات‪، )2014،‬‬
‫ص‪. 479‬‬
‫‪71‬‬
‫‪Bernard Bret , « Les Inégalités : Une Question de géographie politique» , L'Information‬‬
‫‪géographique, vol .60 ,no.1 )1996 (,p.10.‬‬
‫‪54‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫بالب ييد اوجتميياعي لل دالي ‪ ،‬رجييدر اإلشييارة‪ ،‬بدايي ‪ ،‬إلييى أن مفهي م "ال دالي اوجتماعيي "‪ ،‬نشيأ‬
‫ورط ر بشمل مطرد‪ ،‬ورم ربنيه مؤ سياريا ً فيي أواخير عقيد اهرب ينييات مين القيرن المنصيرم‪،‬‬
‫حيث أضحت ال دال اوجتماعي رمثل إااراً مرج يا ً ما فتئت ر تمد عليه االبي المؤ سات –‬
‫بما فيها الدول ‪-‬في صياا يا تها وبرامجها التنم ي ‪.‬‬
‫وميين ثييم‪ ،‬وعنييد ال ق ي ف علييى ارا ييق مأ س ي ال دال ي كمييل‪ ،‬يينجد أن الجدوا ي ي المرربط ي‬
‫بإنجيا ات النظرييات اوقتصيادي لل دالي ‪ -‬وعليى وجيه الخصي ص اإلنجيا ات اوجتماعيي ‪،-‬‬
‫رسيييت جب التميييييز بيييين حقليييين ‪ :‬ال دالييي الس يييي اوقتصيييادي للمجمييي ع وعدالييي المييياكرو‬
‫اوقتصاد ‪ .‬هذه اهخيرة‪ ،‬و رخص ى الجماعات الصيغيرة للفياعلين وو ر جيه اهتمامارهيا‬
‫ى للقضايا الجز ي ‪.‬‬
‫إن النظري اوقتصادي لل دال ‪ ،‬ر فر عبير جليك‪ ،‬ل قتصياد ال مي مي مسيألتين هيامتين ‪ :‬فمين‬
‫جه أولى‪ ،‬ر فر له أهداف مست حاة مين مختليف السيا يات ‪-‬جات النفحي اوجتماعيي أ ا ياً‪،‬‬
‫بما فيها السيا الجبا ي ‪ ،‬الحماي اوجتماعي ‪ ،‬خلق ور يع الخييرات ال امي ‪ ...‬وبشيمل عيام‪،‬‬
‫أهييداف ر مييل علييى اونمبييا عليى مجيياوت التشييريع اوقتصيياد ‪ .‬وميين جهي ثانيي ‪ ،‬ري فر لييه‬
‫م ايير رسم بالمقارني بيين النمياج المختلفي للتنظييم اوقتصياد وبيين اليدول وبيين اهنظمي‬
‫اوقتصادي القا م ‪.72‬‬
‫وشك أنه‪ ،‬ومن منطلق م ياري رحليل نتا " النظري اوقتصادي ‪ ،‬يممن الحمم عليى كي ن هيذا‬
‫المجتمع عادل‪ ،‬وجاك المجتمع اير عادل‪ ،‬مادام أن "المجتمع ال ادل" أكثر نجاعي اقتصيادي‬
‫ميين "المجتمييع اييير ال ييادل"‪ ،‬ومييادام أيضييا ً أن ال قييي اوجتماعييي عنصيير مركييز فييي‬
‫اوقتصاد‪.73‬‬

‫‪72‬‬
‫‪Caroline Guibet Lafaye, op. cit, p. 39.‬‬

‫‪ 73‬مراد دياني‪ "،‬ارساق الحري اوقتصيادي والمسياواة اوجتماعيي فيي نظريي ال دالي ‪ ،‬أو ا يتقراح م يالم النمي ج الليبراليي‬
‫المستدام لما ب د الريع ال ربي "‪ ،‬ضمن " ما ال دال ؟ م الجات في السياق ال ربي"‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 361‬‬
‫‪55‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ينبغيي اليي م ه نظريي مسيتدام لل دالي أن رحياول الت فييق‪ ،‬داخييل نظيام عييام متنا يق‪ ،‬بييين‬
‫اوحترام المتساو لتن ع رص رات الحياة الجيدة فيي المجتميع واوهتميام المتسياو بمصيال‬
‫جميع أفراد المجتمع‪.74‬‬
‫هنا‪ ،‬وفي إاار الب د المستدام لل دالي اوجتماعيي ‪ ،‬يبيدو أنيه ايير مجيد‪ ،‬بالبيات والمطليق‪ ،‬أ‬
‫حديث عن التنمي المستدام و رحتيل ال دالي اوجتماعيي فييه مسياح م تبيرة‪ ،‬مثلميا أنيه ايير‬
‫مجد أ حديث عن ال دال اوجتماعي يختزلها في إجراح أو أكثر من يزل عين المجيرى ال يام‬
‫للتنمي ‪ ،‬وو يبر ما بينها وبين قضي التنمي المستدام من رواب عض ي ق ي ‪.75‬‬
‫وي ني مفه م "ال دالي اوجتماعيي "‪ ،‬مين خي ل ميا يبق‪ ،‬كيل الممار يات المرربطي ‪ ،‬إيجابيا ً‪،‬‬
‫بمنظ م متمامل ومستدام من السيا ات واإلجيراحات القميني بضيمان فيرص النمي للجمييع‬
‫على قدم المساواة‪ ،‬أ بشمل منصف‪ ،‬ب يد كل الب د عن كل أشمال المحاباة أو اإلقصاح‪.‬‬
‫إجمييياوً‪ ،‬وإجا عملنيييا‪ ،‬م ياريييياً‪ ،‬عليييى خليييق حالييي التمييياهي المطليييق بيييين الم نييييين المجيييالي‬
‫واوجتميياعي لل دال ي ‪ ،‬وفييي ييياق رطبيقييات ال دالي الت ي ي ي ومييدى ربل رهييا فييي مخرجييات‬
‫السيا التنم ي ‪ ،‬فإننا نستطيع الق ل‪ ،‬أن ال دال المجالي داخل البلد ال احد‪ ،‬يممين أن رتحقيق‬
‫عبر ال دال اوجتماعي ‪ .‬وجلك‪ ،‬من خ ل‪ ،‬ليات ر ديل للفيروق اوجتماعيي بيين المجم عيات‬
‫البشييري فييي مختلييف اهقيياليم‪ .‬ويمميين أن يحصييل الت ييديل ميين خ ي ل التهيئ ي ‪ ،‬ك مييل إراد‬
‫وم قليين لمجم عي بشييري عليى مجالهييا الترابييي‪ .‬وإجا ارسييمت رلييك التهيئي بالصييبغ اإلراديي‬
‫وال ق ني ‪ ،‬فذلك ي ني أنها رمت في إايار مين التشيارك والت افيق بيين مختليف الفياعلين‪ ،‬فيي‬
‫مجتمع ديمقرااي وعادل‪.76‬‬

‫‪- 4‬النموذج التنموي‬


‫كما لفت اإلشارة إليى جليك‪ ،‬فيالنم ج التنمي ‪ ،‬مين حييث ج انبيه النظريي ‪ ،‬يتبلي ر ب صيفه‬
‫صيييغ مؤ سيياري للتممييين ميين أ ييس ومق مييات التنميي ‪ ،‬صيييغ متداخل ي اهب يياد‪ ،‬رهييدف فييي‬
‫كنههييا‪ ،‬إلييى بنيياح منظ ميي م يارييي متمامليي ومندمجيي ‪ ،‬خاصيي بضييب الت ا نييات البني ييي‬
‫والهيملي وا تشراف السيا ات واو تراريجيات التنم ي المختلف ‪.‬‬
‫والنم ج التنم بهذه السمات التحديدي المتن ع ‪ ،‬ه ر بير جلي وممييز‪ ،‬عين السي ي نحي‬
‫ال ص ل إلى شتى مدراك التنمي ورجاو أعبا ها المثيرة‪ .‬وجلك ميا رتجسيد مؤشيراره القيميي ‪،‬‬

‫‪ 74‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪. 362‬‬


‫‪ 75‬إبراهيم ال يس ‪ "،‬ال دال اوجتماعي والنماج التنم ي مع اهتميام خياص بحالي مصير وث ررهيا "‪( ،‬بييروت ‪ :‬المركيز‬
‫ال ربي لألبحاث ودرا السيا ات ‪. )2014،‬‬
‫‪ 76‬عبد المريم داود‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 490‬‬
‫‪56‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ميين خي ل الحييرص الشييديد لمختلييف عناصيير ومم نييات الحمامي علييى رحقيييق أنميياا التييراكم‬
‫اإليجابي و"المنت""‪ ،‬بخص ص ا ر مجاوت ردبير الشأن التنم ‪.‬‬

‫أ‪-‬ماهية النموذج‬
‫لقياس أ نم ج ‪ ،‬وباعتباره رمثل فمر ومؤ ساري خالص‪ ،‬ينتقل بإدراك اهشياح والظ اهر‬
‫والتص ي رات ميين وض ي ي "الق ي ة" إلييى وض ي ي "الف ييل"‪ ،‬ينبغييي‪ ،‬وج ب يا ً‪ ،‬رحديييده منهجيييا ً‬
‫وم ياريا ً‪ ،‬وكذا إبرا أهميته‪ ،‬وفق عدة مست يات‪ ،‬مع رسلي الض ح عليى عناصيره المت يددة‬
‫وإماا اللثام عن صيغه المتن ع ‪ .‬وبناح على جلك‪ ،‬رتجسد ماهي النم ج ‪ ،‬في ك نها‪ ،‬وبشمل‬
‫عام وشم لي‪ ،‬اررباا ع قيي متيراص‪ ،‬يجميع فيي كيل واحيد المقاصيد المبيرى لهيذا المفهي م‬
‫النظر ‪ -‬النم ج ‪ -‬المتحرك‪.‬‬

‫يممين ر رييف‬ ‫‪-‬تعريةف النمةوذج‬


‫النمي ج ‪ ،Le modèle‬بيذلك التمثيل اليذهني لحقيقي ‪ /‬شييح‪ /‬مسيأل ‪ /‬ظياهرة ميا‪ ،‬ووضيع‬
‫رص رات دقيق ومضب ا لميفي اشتغاله اوشتغال السليم‪.‬‬
‫لغ ياً‪ ،‬فالنم ج ه رمثيل لحقيق م يني ‪ .‬وي نيي المثاليي أو رصي ير ال اقيع؛ فيالنم ج يحميل‬
‫م نى الت ضي أو التجسيم لل اقع‪ .‬فه شمل مبس لل اقع أو ردريبي لل اقع‪ ،‬أ نتخيل ال اقع‬
‫مين خ لييه‪ .‬وكصييف ‪ ،‬ر نييي النم ي ججي أو المثييالي‪ .‬أمييا ا ييتخدامه كف ييل في نييي الت ضييي أو‬
‫اإلظهار‪.‬‬
‫أما علمياً‪ ،‬فإنه ينظر إلى النم ج ب صفه رمثيل لحقيق ما‪ .‬وه عبيارة عين مثيال جو صيفات‬
‫محددة أو عبارة عن نظري أولي أو فر أو رخمين للحقيق ‪ .‬والنم ج من خ ل جليك‪ ،‬هي‬
‫ربسي للحقيق ‪ ،‬يقدم افترا يقبل اوختبار والفحص‪ ،‬أ يحتمل الص ا أو الخطأ‪.77‬‬
‫والنم ج في ال ل م اإلنساني ‪ ،‬يختلف حسب مجاوت اهتمامارها وارا ق درا ارها‪.‬‬
‫ففي علم السيا ‪ ،‬يممن الحديث عن النم ج في ع قته بالسستم ‪ ،Systématisation‬أ‬
‫القيدرة عليى إنتيا المفياهيم التيي رسييم بت مييق التحلييل ورركيبي القي انين المرج يي وبنيياح‬
‫النماج التي رقدم الرؤي او تشرافي ‪.78‬‬
‫وفي علم اوجتماع‪ ،‬رت دد رحديدات النم ج ؛ فهناك‪ ،‬أووً‪ ،‬من يرى أنه أداة علميي للتصينيف‬
‫اوجتماعي أو و يل منهجي لضب الج انب ال قي للمنظ مي اوجتماعيي ‪ .‬وهنياك‪ ،‬ثانيياً‪،‬‬

‫‪ 77‬علي ال زاو ‪ "،‬اه اليب الممي اإلحصا ي في الجغرافي "‪( ،‬عمان ‪ :‬دار اليا ور ال لمي للنشر والت يع ‪)2017،‬‬
‫‪،‬ص‪. 361‬‬
‫‪78‬‬
‫‪Philippe Braud , «La science politique » , (Editions CHAARAOUI,2017) ,p .3.‬‬
‫‪57‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ميين ي رفييه كطريق ي فضييلى لتييدبير اإلواليييات الخاص ي بيياهدوار التييي يق ي م بهييا أ رنظيييم‬
‫اجتماعي‪ ،‬أ أنه الدليل او ترشاد لبناح الدور اوجتماعي‪ .‬وهناك‪ ،‬ثالثاً‪ ،‬من ي تبره نتيا‬
‫رركيبي ‪/‬ر ليفي شامل لمنطلقات واايات ال ملي اوجتماعيي ‪ ،‬أ الحيرص عليى رجمييع هيذه‬
‫المنطلقات والغايات‪ ،‬بغي رنظيمها ورس يغها بشمل كامل‪.‬‬
‫كما أن النم ج المت لق بأ مسأل اقتصادي كانت أو اجتماعي أو إداري أو علمي ‪ ،‬وبصف‬
‫عام ‪ ،‬ما ه إو شمل مبس ومركز ور ضيحي لهذه المسأل ‪ ،‬وفيق منطيق ع قيي‪ ،‬يجميع‬
‫في كل واحد مختليف ال اميل المتحممي فيي ربلي ر هيذه المسيأل وقيا يها ميع ظيروف نشيأرها‬
‫ورط رها وم الجتها ل شماليات المرربط بها‪.‬‬
‫ومن ثم ‪ ،‬فالنم ج يختصر في القدرة على ربسي ال ضع الم قد لل اقع‪ ،‬مين خي ل الت يل‬
‫ب قات وعناصر محددة مسبقا ً كمدخ ت و تخرا متغيرات مت ددة مرربط بهذا ال ضيع‪،‬‬
‫في إاار نتا " رضيب المؤشيرات المسيتقبلي لتطي يره والرفيع مين إمماناريه‪ ،‬باعتبياره وضيع‬
‫متداخل اهب اد ومتشابك السبل‪.‬‬
‫ور ريف النم ج ‪ ،‬حسب م ع ويميبيديا ‪ wikipedia‬النم ج ال لميي بشيمل مجيرد (أ‬
‫النمي ج اوصييط حي)‪ ،‬هي عبييارة عيين رركيييب نظيير يمثييل عمليي فيزيا ي ي أو حي ي ي أو‬
‫اجتماعي ‪ ،‬مع مجم ع متغيرات ومجم ع ع قات منطقي أو كمي بين المتغيرات‪.‬‬
‫رؤلييف النميياج بهييذا المفهي م‪ ،‬لتممننييا ميين او ييتنتا ضييمن إاييار منطقييي مثييالي‪ ،‬فيمييا يت لييق‬
‫بالقضايا وال مليات التي نبحثها‪ ،‬ورشمل مم نا ً هاما ً جداً من النظريات ال لمي ‪.‬‬
‫ونقصد "مثالي" هنا‪ ،‬أن النم ج يممن أن يتضمن افتراضات‪ ،‬ن رف أنها قد رم ن خاائ‬
‫أحيان يا ً أو علييى أقييل رقييدير ربسيييطي ‪ ،‬لميين الغاي ي ميين هييذه اوفتراضييات‪ ،‬ه ي ربسييي عملي ي‬
‫النمذجي ‪ ،‬فيمي ن النمي ج الحاصيل متحققيا ً فييي حياوت خاصي محيددة فقي ‪ .‬وربييدأ عمليي ميين‬
‫رحسين النمي ج ورطي يره‪ ،‬ليي م كافي الظيروف‪ ،‬عين ارييق رقلييل اوفتراضيات التبسييطي‬
‫ورحسين ال قات ضمن النم ج ‪ .‬ويم ن كافيا ً للنم ج أن يقدم حلي وً رقريبيي بشيمل م قي ل‬
‫للمسا ل التي نطرحها لها‪ .‬ف نطالبه بحل ل ااي في الدق ‪.79‬‬
‫هنا‪ ،‬ومن منطلق بنا ي ‪/‬رط ير ‪ ،‬يبيدأ النمي ج فيي اوشيتغال‪ .‬كميا ي ميل‪ -‬وبشيمل م اكيب‪-‬‬
‫على رحسين مست يات رر خه كبني منظم ‪ .‬وه ما يتجلى‪ ،‬باه اس‪ ،‬في اوررقاح ال ظيفي‬
‫الذ رضطلع به عملي " النمذج " ‪ ،La modélisation‬ب صفها صيرورة متحرك ‪ ،‬رت خى‬
‫في كنهها‪ ،‬رط ير النم ج وصيااته في رركيبي محيددة ‪ ،‬رنقليه مين الجانيب المثيالي ال صيق‬

‫‪79‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D9%85%D9%88%D8%B0%D8%AC_%D8%B9%‬‬
‫‪D9%84%D9%85%D9%8A‬‬
‫‪58‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫به‪ ،‬من حيث اعتباره رمثل جهني خالص إلى الجانب ال اق ي المأم ل رحققه‪ ،‬ب صفه المبتغى‬
‫المنتظر من أ نم ج كيفما كان‪.‬‬
‫والنمذج أو عملي بناح النم ج ‪ ،‬عبر جلك‪ ،‬هي القدرة عليى إر ياح منظ مي متماملي ومفمير‬
‫فيها لتحقيق ااي عمليي م يني ‪ ،‬وال ميل أيضيا ً عليى محاكياة أوضياع محيددة لتصيرفات‪ ،‬مين‬
‫شأنها أن ر جه بشمل أنسب القرارات ورضمن للف ل رماهيه مع الممار ات الفضلى‪.‬‬
‫والمقص ي د بييذلك‪ ،‬وضييع حليي ل م اري ي للمشيياكل المطروح ي ‪ ،‬مييع الضييب الييدقيق لمختلييف‬
‫ال مليات المرربط بها‪ ،‬واإلحاا الشامل بمجمل ال امل المؤثرة فيها‪.‬‬
‫عليى هيذا اه يياس‪ ،‬فالنمياج جمي هييا رشيترك فييي يم واحييدة ريتلخص فييي الهيدف الر يسييي‬
‫المت خى من عملي النمذجي ‪ ،‬باعتبارهيا "جملي اإلجيراحات وال ملييات الخاصي ببنياح نمي ج‬
‫م يييين لتفسيييير وإدراك اليييدووت الم قيييدة لظييياهرة ميييا"‪ .‬مييين هيييذا المنظييي ر‪ ،‬ييييرى لييي ر‬
‫‪ ،I.Lowry‬أن النمذج هي "عبارة عن فن ربسي ال قات ضمن نظام ما"‪.‬‬

‫‪-‬أهمية النموذج‬
‫للنم ج ‪ ،‬وفق التحديدات السابق ‪ ،‬أهمي منهجي جات أب اد ا تراريجي عميق ومتن ع ‪ .‬وهي‬
‫ما يتجلى في عدة مست يات‪:‬‬
‫‪ -‬علةةى مطةةتو المشةةكالت واإلكراهةةات ‪ :‬قييدرة النم ي ج علييى ر ريييف مشييمل مييا ووصييفها‬
‫بشييمل دقيييق ومضييب ا‪ .‬اهميير‪ ،‬الييذ يممن يه‪ ،‬كتمثييل جهنييي‪ ،‬ميين ر ضييي عناصيير المشييمل‬
‫المطروح وإيجاد الحل ل الم اري لها على المسيت ى ال مليي وري فير اإلممانييات الضيروري‬
‫للت رف على اإلكراهات المرربط بالمسأل المدرو ‪ .‬وجلك‪ ،‬ميا ييتم بصييغ مبسيط ومرني‬
‫ومتنا ق ؛‬
‫‪ -‬على مطتو التوقع والتديير ‪ :‬ا تخدام النم ج او تخدام اهفضل على مست ى ما يتملمه‬
‫من إ واليات للف ل الت ق ي التأويلي بخص ص المسا ل التي ردخل في صيميم ريراكم التجيار‬
‫اإل نساني ور قحها المستمرين في الزمان والممان وفت المنافيذ الضيروري فيي وجيه متخيذ‬
‫القييرارات‪ ،‬ميين خ ي ل وضييع رص ي رات عيين الحال ي ا ني ي والمسييتقبلي للمؤ سييات ورحديييد‬
‫درجات رط رها التدبير ‪ ،‬مع من المفاي ال م للحمم على قدرة المؤ سات المختلف على‬
‫إنجا مشاري ها ورحقيق أهدافها وبل رة رص رارها ؛‬
‫‪ -‬على مطتو الخيارات والبدائن ‪ :‬ارح الخيارات المت ددة والبيدا ل المختلفي بخصي ص‬
‫السيا ات‪ ،‬مما يممن كل المتدخلين في يرورة ف ل التدبير‪ ،‬وفي ا ر القطاعات‪ ،‬من إيجاد‬
‫كييل الصيييئ القميني بإعطيياح النجاعي الضييروري لتطي ر السيا ييات المتخييذة والمسيياعدة علييى‬
‫اإل حااييي الشيييم لي بالمقاربيييات المميييي والميفيييي الخاصييي بيييالظ اهر المدرو ييي ‪ ،‬وم رفييي‬
‫‪59‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫مست يات رأثيرهيا عليى المحيي المتغيير‪ ،‬وميدى ا يتهدافها للفئيات الت اقي إليى اإلنجيا المليي‬
‫للمشيياريع والبييرام"‪ ،‬مييع إبييرا النتييا " المختلف ي للقييرارات المتخييذة فيمييا يخييص الخيييارات‬
‫المطروح وم الجتها – أ رحليلها و رشخيصها‪ -‬بشمل واعي وممنه" ؛‬
‫‪ -‬على مطتو الستخدام والتوظيف ‪ :‬هنا نتحدث عن نمطين من النماج ‪ :‬النم ج الماد‬
‫الملمي س ‪ ،Physical Model‬وهي النمي ج اليذ يييتم ا ييتخدامه بغيي رجسيييد علييى أر‬
‫ال اقييع مجمييل الحقييا ق الماديي الملم ي ‪ ،‬جات التييأثير المباشيير علييى الفئييات المسييتهدف ‪ ،‬ميين‬
‫رييدخل مجيياوت الف ييل التييدبير ‪ .‬وجلييك ميين قبيييل‪ ،‬النميياج المرربط ي بالمشيياريع التنم ي ي ‪،‬‬
‫والنم ج التجريد البحت ‪ Abstract Model‬أو ما يطلق عليه‪ ،‬بصيغ أخرى‪" ،‬النم ج‬
‫الفميير الخييالص"‪ ،‬حيييث يييتم‪ ،‬ميين خ لييه‪ ،‬ر ظيييف مختلييف اهب يياد الفمريي وع امييل ب ييث‬
‫الحركي المطلق في مم ناره‪ ،‬من منظي ر اعتبياره نمي ج دينياميمي‪، Dynamic Model‬‬
‫متحرك با تمرار في الزمن والممان‪ ،‬و يت انى عبر ليات اشتغاله فيي القضياح عليى مظياهر‬
‫ييييييييييم ني ال قييييييييييا ع المرربطيييييييييي بت اجييييييييييد النميييييييييي ج السييييييييييتاريمي ‪ Static Model‬؛‬
‫‪-‬على مطتو التقييم والتقويم ‪ :‬يستطيع النم ج ‪ ،‬وبطرا ق مختلف رقييم القرارات المتخيذة‬
‫بخصي ص الظ ي اهر ‪ /‬المسييا ل المدرو ي ورحديييد نقيياا ق رهييا ونقيياا ض ي فها وإبييرا مييدى‬
‫رأثيرهييا علييى البنيييات المؤ سي لييدوا ر ارخاجهييا‪ ،‬بمييا فيه يا الفئييات المسييتهدف منهييا وإر يياح‪،‬‬
‫بالتالي‪ ،‬نظام متمامل فيما يت لق بصيرورة إنجا ها الملي – الف لي والميأم ل‪ ،-‬ميع ضيرورة‬
‫القيام المت ارر بم الجات رق يمي رصحيحي لمل اهف ال والممار ات‪ ،‬جات الصل بميل قيرار‬
‫متخذ على حدة‪.‬‬

‫‪ -‬عناصر النموذج‬
‫والنم ج كيفما كانت ابي ته ومجال ر ظيفيه يررميز عليى مجم عي مين ال ناصير اه ا يي ‪،‬‬
‫رتمثيل كميا ييرى جليك ‪ M.Kilbridge‬فيميا يليي ‪ :‬الم ضي ع‪ ،‬المهمي ‪ ،‬النظريي ‪ ،‬الطريقي ‪.‬‬
‫الموضوع ‪ :‬والمقص د به مضم ن المسأل التي ر ال" ظاهرة ما‪ ،‬أ بماجا يت لق النمي ج ؟‬
‫أ رحديد مجاوت ردخل النم ج ومختلف القضايا التي يؤارها وي مل على وصيف أب ادهيا‬
‫وضب ارا ق صييااتها ورقيديم الحلي ل الم اريي أو ال جيات الضيروري للمشياكل القا مي‬
‫جات الصييل بتصي راره كتمثيييل ر ضيييحي ‪ /‬ربسيييطي ووضييع درا ي محممي حي ل ررابطارييه‬
‫الشبمي وجمع الم ل مات المتدفق مين كيل صي وحيد ‪ .‬كيل هيذه المم نيات ‪ /‬المشيتم ت‬
‫التييي يتضييمنها أ نم ي ج مت ييل ‪/‬محتييذى بييه‪ ،‬ميين شييأنها أن رسيياعده علييى ال ص ي ل إلييى‬
‫النتا " المرج ة‪ ،‬بمل يسر ومرون ‪.‬‬
‫المهمة ‪ :‬وم نى جلك رحديد ما ه منتظر من النم ج ‪ ،‬أ ماجا يف ل النمي ج ؟ وهي ميا‬
‫يبر في ارجياهين اثنيين ‪ :‬مثيالي وواق يي؛ فاورجياه اهول‪ ،‬يسيتند إليى "ميا ينبغيي أن يمي ن"‪،‬‬
‫من أجل رحقيق اههيداف جات التصي رات المثاليي ‪ ،‬وفيق منطليق وصيفي خيالص‪ ،‬يبحيث فيي‬
‫‪60‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الحل ل الط باوي للمشاكل ‪ .‬أما اورجاه الثاني‪ ،‬فه المررمز على النظام الحقيقي "الميا ن"‪،‬‬
‫وعلييييى مييييا هيييي ييييا د رقريريييييا ً فييييي ال اقييييع الميييييداني‪ ،‬أ درا يييي ال ضيييي يات الم جيييي دة‪.‬‬
‫المهميي ك نصيير ميين ال ناصيير اه ا ييي للنميي ج كثيييراً مييا رتبليي ر فييي النتييا " المرربطيي‬
‫بالم ادوت المطروح في السياقين السابقين –المثالي وال اق ي‪.-‬‬
‫النظرية ‪ :‬والمراد من جلك الدعامات التي يق م عليهيا النمي ج ‪ ،‬أ عليى أيي نظريي يتأ يس‬
‫النمييي ج ؟ فيييالنم ج يسيييتند فيييي كنهيييه عليييى نظريييي دقيقييي اليييرؤى والتصييي رات‪ ،‬ريسييير ليييه‬
‫اشييترااات علمي ي و ييتط ع ال اقييع الحقيقييي الخيياص بمختلييف مجيياوت الحييياة ‪ :‬اإلنسيياني‪،‬‬
‫اوقتصاد ‪ ،‬اوجتماعي‪ ،‬اإلدار ‪ ،‬الثقافي‪ ،‬البيئي‪ ...‬هذه النظري ‪ ،‬ومين أجيل بلي مراميهيا‪،‬‬
‫رت ل بمقاربات منهجي مختلفي ‪ ،‬رتيرواح أووً بيين المقاربي ال صيفي التحليليي ‪ ،‬والتيي رؤكيد‬
‫على أهمي الجانيب او يتقرا ي فيي رحدييد المتغييرات الميؤثرة فيي مسيأل أو ظياهرة ميا‪ ،‬وميا‬
‫يدور في فلمها‪ ،‬من مشاكل قد يص ب‪ ،‬أحيانياً‪ ،‬إيجياد حلي ل منا يب لهيا‪-‬رفسييري باه ياس‪،-‬‬
‫وكيييذا ثانييييا ً المقاربييي التنبؤيييي كمقاربييي للت قيييع واو تشيييراف بخصييي ص ارا يييق اشيييتغال‬
‫المؤ سات المختلف وقدرارها التمميني على المجابه ال لمي للمسيتقبل والمحفي ف بالمخياار‬
‫المحدقي بييه ميين كييل جانييب‪ ،‬ثييم أخيييراً المقاربي التخطيطيي أو اإلحصييا ي كيينم إيجييابي ميين‬
‫المقاربييات الممي ي ‪ ،‬القييادر علييى وضييع مخططييات مدرو ي ومضييب ا لمييل مجيياوت الف ييل‬
‫التدبير ‪ ،‬مع الرفع الم يار من المؤشيرات الف الي ل مليي ربي اههيداف المت خياة بالنتيا "‬
‫المتحقق ‪.‬‬
‫ال ريقةةة ‪ :‬وم ناهييا القنيياة المرج ييي التييي يتبل ي ر ميين خ لهييا النميي ج ‪ ،‬أ كيييف يسييتخدم‬
‫النم ج نظريته؟ وهي الطريق التي رختلف من مجال مدروس إلى خر‪ ،‬من منظي ر اعتبيار‬
‫النمي ج رمثيييل رخطيطييي مبسي ‪ ،‬يقي م بت ضييي اهمي ر المتضيمن فييي الظي اهر‪ .‬فالطريقي ‪،‬‬
‫على ض ح جلك‪ ،‬ربين‪ ،‬بدق ومرون ‪ ،‬التأثيرات المتبادل بين مختلف ال ناصر الث ث السابق ‪-‬‬
‫الم ض ع ‪ /‬المهم ‪ /‬النظري –‪ ،‬مع وصف رشخيصي عميق لمجمل ال قيات التيي قيد رنميي‬
‫الم ارف المرربط بتط ر النم ج ‪.‬‬

‫‪ -‬صيغ النموذج‬
‫وفق ر اريف ال ديد من الدار ين‪ ،‬يممين أن نستشيف جملي مين الصييئ الخاصي بيالنم ج ‪،‬‬
‫من قبيل ‪:‬‬
‫النموذج نظرية‪ :‬هذه الصيغ رج يل النمي ج يتبلي ر باعتبياره رمثييل مبسي وواضي لأل يس‬
‫الم ض عي التي رتحمم في نظري ما‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬ي تبر بريت ن أريس ‪Britton Harris‬‬
‫النم ج بم نه "مخط رجريبي يستند على نظري "‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫والنظري ي ‪ ،‬التييي ي يتم او ييتناد إليهييا ميين خ ي ل جلييك لبنيياح النم ي ج ‪ ،‬هييي كمييا يييرى اا ييت ن‬
‫باشي ر ‪ ، Gaston Bachelard‬رسيبق بطبي تهيا التجربي ‪ .‬اهمير‪ ،‬اليذ رت ليد عنيه الم رفي‬
‫ال لمي كرهان يتم ضع بين النظري والتجرب ‪ .‬هنا‪ ،‬نجد‪ ،‬وبشمل دا م‪ ،‬أن اهولى هي التيي‬
‫ر جه ورستبق الثاني ‪ ،‬وليس ال مس‪.‬‬
‫إنه‪ ،‬ومن أجل اوعتراف بالقيم ال لمي للم حظ ‪ ،‬ينبغي‪ ،‬وبالضيرورة‪ ،‬اوعتيراف ب اق هيا‪.‬‬
‫وه اوعتراف الذ ينبغي أن يمر عبر اوندما في النظام النظر ‪.‬‬
‫بصيغ أخرى‪ ،‬يممن الق ل‪ ،‬أن ال ل م و رنطلق بتارا ً مين الصيفر –أ مين التجربي البحتي ‪،-‬‬
‫حيييث أنييه ي جييد دا ميا ً نظييام نظيير ييابق‪ ،‬بالشييمل الييذ يسيياعدها‪ ،‬أ ا ياً‪ ،‬علييى او ترشيياد‬
‫المنهجيييي بيييه‪ .‬ويج يييل‪ ،‬بالتيييالي‪ ،‬م طييييات التجربييي رسيييتقبل التفسيييير النمييي ججي للمسيييا ل‬
‫المدرو ‪.80‬‬
‫النمــوذج صيغة لتجـاوز وت ليــن الاعاب ‪ :‬فحسيب ر رييف ‪ .‬رارملييف ‪، J. Ratcliffe‬‬
‫فإن النم ج ه إعادة بناح مبس لل ضيع الحقيقيي‪ ،‬واليذ يتأ يس عليى رجياو كيل ع اميل‬
‫الت قيد على مست ى هذا ال ضع‪ ،‬مع ج ل أ مخط ييدرك ااياريه والتم قيع فيي منيأى عين‬
‫الص بات التي يممن أن رمب م الم رط ره‪.‬‬
‫وميين الص ي بات التييي ي مييل النم ي ج علييى رجاو هييا‪ ،‬نجييد رلييك المرربط ي باهب يياد ال لمي ي‬
‫للمسا ل والظ اهر المدرو ؛ ف لى مست ى رشمل الروح ال لمي مث ً‪ ،‬فيإن التجربي اهوليى‪،‬‬
‫ر د في ج هرها‪ ،‬هي الص ب اهولى التي يممن أن ر تير هيذه اليروح ورفرميل ام حهيا‬
‫ال لمي‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪Alberto Molina,« Théorie et expérience (Fiche notion): Comprendre La Philosophie» ,‬‬

‫‪)Paperback,2013 (.‬‬
‫‪62‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫والمقص د بالتجرب اهولى‪ ،‬في السيياق الم رفيي‪ ،‬هيي رليك التجربي التيي ر جيد قبيل أو في ق‬
‫النقد‪ .‬هذا اهخير‪ ،‬الذ ي تبر عنصراً مندمجا ً في مسارات الروح ال لمي ‪.81‬‬
‫النموذج حن رياضي لمشكلة ما ‪ :‬ينظر إلى النم ج وفق مقارب رياضي صرف ‪ ،‬من حيث‬
‫أنه صياا المشمل ‪-‬في أ مجال من المجاوت‪ -‬في إاار م ين ومحدد‪ ،‬يممن من إيجياد حيل‬
‫أمثل لها بالطرق الرياضي ‪.‬‬
‫ور تميد الطريقي جات الميدخ ت الرياضييي عليى عنصيير التميرار فييي محاولي وضييع الحلي ل‬
‫المنا ب لمشمل ما‪.‬‬
‫ويتم الت صل إلى الحل‪ ،‬عنيدما نجيد حي ً يسيمى "الحيل اهمثيل"‪ .‬ويسيمى أ يل الحيل هيذا‪،‬‬
‫"اريق التبسي "‪ ،‬والتي ر صل إليها علماح الرياضيات منذ عديد من السين ات‪ .‬وجليك فيي‬
‫محاول لحل المشاكل جات دوال خطيي للهيدف‪ ،‬ورحتي عليى مجم عي مين القيي د الخطيي ‪.‬‬
‫وقد قام عديد من البياحثين بتطي ير اريقي التبسيي هيذه‪ .‬وهيذا اه يل ي تميد عليى التميرار‬
‫وه يصل إلى الحل اهمثل من خ ل عدد محدود من الخط ات‪.‬‬
‫ومن أجل الت امل مع المشيمل ‪ ،‬مين وجهي نظير التبسيي ‪ ،‬يجيب إدخيال ب يض أني اع جدييدة‬
‫من المتغيرات التي رسم بالت امل بسه ل مع مجم عي المتباينيات التيي ر جيد فيي المشيمل ‪.‬‬
‫وفييي الحقيق ي ‪ ،‬فييإن أول خط ي ة فييي أ ييل التبسييي ‪ ،‬هييي رح يييل المتباينييات إلييى م ييادوت‬
‫با تخدام المتغيرات المهمل ‪.82‬‬
‫النم ج من خ ل هذه الصيغ ‪ ،‬يبني ق ره المنهجي ‪ ،‬وبدق عالي وبطريق مبسط ‪ ،‬من خ ل‬
‫الت ل بالتمرار الروريني والمت اصل للخط ات المتخذة‪ ،‬والمحددة مسبقا ً‪ .‬وي مل بذلك‪ ،‬على‬
‫وضع مشمل ما في إاار قالب رياضي‪ ،‬يؤد في نهاي المطاف‪ ،‬إلى إيجاد حلها اهمثل‪.‬‬
‫النموذج يناء عالئقي ‪ :‬في هذا السياق‪ ،‬يتجلى النم ج كتمثيل مبسي ل ضيع ميا كيفميا كانيت‬
‫ابي ته ‪ :‬يا ي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬اقتصاد ‪ ،‬إدار ‪ ...‬وكمنظ م متمامل من ال قات الرياضي ‪-‬‬
‫‪81‬‬
‫‪Gaston Bachelard,« La formation de l'esprit scientifique ; contribution à une psychanalyse‬‬
‫‪de la connaissance»,) Paris :Librairie Philosophique J.VRIN,2004 (,p.23.‬‬

‫‪ 82‬أمين حلمي كامل‪ "،‬التخطي والتط ير ل دارة المتمامل للمنشأة الصناعي الحديث "‪ ،‬ا‪( 1‬راج راح ‪ :‬مركز ال ربي‬
‫البح ث الصناعي ‪ ، )2009 ،‬ص‪. 291‬‬
‫‪63‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫كمي أو بياني ‪ ،-‬والتي رممن جمييع مم نيات وعناصير الحمامي مين ارخياج القيرارات المثاليي‬
‫الصا ب ‪.‬‬
‫وال قيات أو الييرواب الرياضييي ‪ ،‬هيي حلقييات وصييل وربي بييين المفيياهيم اليدنيا لبنيياح وخلييق‬
‫مفاهيم عليا‪.‬‬
‫وررجييع أهمي ي درا ي ال قييات الرياضييي ‪ ،‬لم نهييا حلقييات وصييل ورب ي بييين أجييزاح المييادة‬
‫المختلف ‪ ،‬مما رساهم في رماملها وررابطها وخلق مفاهيم جديدة أعلى درج مين يابقتها‪ .‬فهيي‬
‫ال امل الف ال المساعد على رط ير ونم المادة‪.‬‬
‫ويممين القي ل‪ ،‬بيأن المفياهيم والمهيارات الغيير مترابطي والغيير متحيدة‪ ،‬أ المبنيي والمت لقي‬
‫عليى أ ياس الحفيظ والتفميك‪ ،‬رمييل إليى أن رنسييى ورت شيى بأ يرع ميا يممين‪ ،‬بالمقارني بتلييك‬
‫المبني على أ اس ع قي متين‪.‬‬
‫وهناك أهمي كبرى لل قات الرياضي ‪ ،‬حيث بدونها و يممن ال ص ل إلى المفاهيم الثان يي ‪،‬‬
‫ونبقى نت امل مع مفاهيم أولي اير مترابط ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يص ب التط ير والتقدم في المادة‪.83‬‬
‫فالنم ج ‪ ،‬كبناح ع قي متداخل اهب اد‪ ،‬وعلى ضي ح ميا يلف‪ ،‬ي بير فيي كنهيه‪ ،‬عين مجميل‬
‫ال ناصر الترابطي الشامل ‪ ،‬والتي رجمع في منظ م واحدة ومتمامل ‪ -‬رياضي باه اس‪ -‬كل‬
‫الخصا ص المميزة ‪ -‬الثابت والمتغيرة ‪ -‬للنم ج كبناح متراص ومتما ك‪.‬‬
‫النموذج تبطيط عام لواقع معقد ‪ :‬حييث يؤكيد أييان ما يير‪ Ian Masser‬عليى أن النمي ج ‪،‬‬
‫ه ربسي مفيد ل اقع حال مركب‪ .‬وعبر جلك‪ ،‬فه اه اس المثيال لتجرييد ال اقيع مين الت قييد‬
‫الذ قد يطب ه ورحييده عن مثبطات هذا ال اقع‪ .‬كما يبر هنا كأداة يحتذى بها في كل ما من‬
‫شأنه ريسير بل البحث في مسأل ما أو ظاهرة م ين ‪.‬‬
‫إنييه‪ ،‬وفييي ييياق نظريييات النميياج – ووفييق مقارب ي يا ييي صييرف ‪ ،-‬ف يالنم ج مييا ه ي إو‬
‫ص ي رة مبسييط لل اق يع‪ ،‬يق ي م بتط يرهييا علميياح اوجتميياع‪ ،‬ميين أجييل جمييع البيانييات ووضييع‬
‫النظريات والتنبؤ‪ .‬فالنم ج الجيد‪ ،‬يطابق ال اقع ولمنه يبسطه‪ ،‬هن النم ج الم قد مثل ال الم‬
‫الحقيقي قد و يجد ‪.‬‬
‫وعم ماً‪ ،‬عند ربسي ال اقع قد رقع النماج في شرك التبسي المبالئ فييه‪ .‬ورممين المشيمل فيي‬
‫القدرة المحدودة لل قل البشر ‪ ،‬حيث و يممننا ا يتي ا كيل الم ل ميات المتاحي فيي الحيال‪،‬‬
‫بل علينا أن نختار النقاا المهم ونتجاهل البقي ‪ ...‬قيد نت قيف ب يض ال قيت لميي نسيأل ميا إجا‬

‫‪ 83‬عباس ناجي عبد اهمير المشهداني‪ "،‬ارا ق ونماج ر ليمي في ردريس الرياضيات "‪( ،‬عمان ‪ :‬دار اليا ور ال لمي‬
‫للنشر والت يع ‪ ، )2016 ،‬ص‪. 67‬‬
‫‪64‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫كان النم ج قد ب د عن الحقيق ‪ .‬في هذه الحال ‪ ،‬إجا ب د عن الحقيق هنا يجب التخليي عنيه أو‬
‫رغييره‪ .‬و رتجاهل الحقيق ك نها و رتطابق مع النم ج ‪.84‬‬
‫النموذج تاور واقعي للةقيقة ‪ :‬نجد هنا أن من بين ر ريفات النم ج ‪ ،‬التحديد الذ أرى به‬
‫كي ون لييي ‪ ، Colin lee‬ميين منظي ر اعتبيياره رمثيييل واق ييي ورجسيييد حييي للحقيقي ‪ ،‬ييسيير‬
‫إممانييات ضيييب ورفسيييير الحيياوت جات الخصيييا ص المهمييي ه حقيقيي م ضييي ع الدرا ييي‬
‫والبحث‪.‬‬
‫فييالنم ج ‪ ،‬بييذلك‪ ،‬ه ي رص ي ر واق ييي للحقييا ق‪ ،‬وفييي ا ن نفسييه –وكأنييه ن ي ع ميين المفارق ي‬
‫الغريبي ‪ -‬هي صي رة مثاليي للت بييير عيين الحقييا ق ال اق يي ‪ ،‬بقصييد ر ضييي ‪-‬ربسييي وإبييرا ‪-‬‬
‫ب ض مارها الممييزة‪ .85‬أ النمي ج يتحي ل بيذلك‪ ،‬فيي عمقيه‪ ،‬إليى و ييل مين و يا ل الفهيم‬
‫الشم لي وال اض للحقا ق المختلفي ‪ ،‬يحيرص عليى ضيبطها المنهجيي المت اصيل؛ فيالنم ج‬
‫في نهايي التحلييل‪ ،‬هي ربسيي للحقيقي ‪ ،‬يتيي للباحيث فرضيا ً يقابليه بيال اقع‪ ،‬يخضيع ل ختبيار‬
‫والفحص‪.86‬‬

‫ب‪-‬م هوم التنمية‬


‫ينظر إلى "التنمي " كمفهي م‪ ،‬ب صيفها‪ ،‬عمليي مترابطي الميدخ ت والمخرجيات‪ ،‬رتي خى فيي‬
‫كنههييا‪ ،‬ر زيييز قييدرات رثمييين وإثييراح حييياة النيياس‪ ،‬ورح يييل اشييترااات الرفيياه البشيير نح ي‬
‫اهفضيييل‪ ،‬ور اييييد كيييل اهدوار – البنا يييي أو اإلنشيييا ي ‪ ،‬اهدواريييي أو ال يييا لي ‪ -‬المرربطييي‬
‫بالتممين التنم ‪ ،‬والقادرة فيي صيلب وظا فيتهيا الرياديي عليى وضيع إوالييات اا يي ناج ي ‪،‬‬
‫كفيل بتفاد مختليف أشيمال الحرميان( الجي ع و ي ح التغذيي ‪ ،‬ي ح ر ييع الثيروات‪ ،‬رفشيي‬
‫‪ 84‬مايمل ‪ .‬رو مين ‪ ،‬روبرت ل‪ .‬ك رد‪ ،‬جيمس ا‪ .‬ميديروس‪ ،‬والتر س‪ .‬ج نز‪ " ،‬مقدم في ال ل م السيا ي " ‪ ،‬ررجم‬
‫محمد صف ت حسن‪ ( ،‬القاهرة‪ :‬دار الفجر للنشر والت يع ‪ ، )2015،‬ص‪. 58‬‬
‫‪85‬‬
‫‪Maurice H. Yeates, Barry J. Garner , «The North American City »,‬‬

‫‪) New York: Harper & Row, 1971(, p.18.‬‬

‫خير صف ح ‪ "،‬الجغرافي ‪ :‬م ض عها ومناهجها وأهدافها"‪ ( ،‬بيروت ‪ :‬دار الفمر الم اصر ‪ ، )2002،‬ص‪. 110‬‬ ‫‪86‬‬
‫‪65‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫اهمرا الم دي وردني الحال الصحي ‪ ،‬ال فاة المبمرة‪ ،)...‬وبالتالي‪ ،‬ال مل على ر فير ا ر‬
‫أن اع الحق ق والفرص واإلممانات لت يع حريات البشر‪.87‬‬
‫همذا‪ ،‬رتبل ر التنميي ‪ ،‬بيالمفه م ال يام‪ ،‬كسييرورة متماملي الغاييات‪ ،‬رتي خى‪ ،‬باه ياس‪ ،‬رج ييد‬
‫ظروف عيو الم اانين ورغيير أنماا مقاربتهم لحياة "الرفاه"‪ ،‬عين ارييق رحسيين مجياوت‬
‫ردبير الف ل اإلنساني كمل‪ ،‬ورحريك دواليب اشتغال او تراريجيات التنم ي "المستدام "‪،‬‬
‫التي رتطلع‪ ،‬في ا تشرافيتها‪ ،‬إلى خدم اهجيال المت اقب ‪.‬‬

‫‪-‬تةديةد التنميةة‬
‫ر تبيير التنمييي عم مييا ً‪ ،‬ميين اإلشيييماليات المركبيي الم قييدة جات اهب يياد المتداخليي والج انيييب‬
‫المت ييددة‪ .‬همييذا‪ ،‬رضييمن ر ليفي التييداخل ‪ /‬الت ييدد هارييه‪ ،‬كفاي ي الف ييل التنم ي برمتيه‪ ،‬والييذ‬
‫أضحى يجسد في ال قيت اليراهن‪ ،‬عليى مسيت ى إدارة السيا يات والبيرام" والخطي ‪ ،‬السيبيل‬
‫ال اعد للرفع من نجاع ريدخ ت مختليف الفياعلين اوجتمياعيين بمجياوت التنميي اوجتماعيي‬
‫ومحاربيي الفقيير ووليي الخييدمات اه ا ييي ‪ ،‬كمييا أنييه يمثييل ا لييي الناج يي للتحديييد الييدقيق‬
‫للمستهدفات‪ ،‬ولتحقيق أفضل النتا " في ميادين التنمي البشري ‪.‬‬
‫ويبدو أن عمس جلك‪ ،‬أ اوررما على المقاربي اهحاديي فيي م الجي القضيايا التنم يي ‪ ،‬مين‬
‫شأنه إفشال مختلف حركات اإلصي ح واليرؤى التنم يي ‪ ،‬واليذ ي يد مين أهيم أ يبابه اررميا‬
‫هاره الحركات والرؤى على جانب واحد‪ ،‬ول كان مهما ً‪ ،‬على حسيا إهميال بقيي الج انيب‪،‬‬
‫وال جييز عيين ري فير المنيياخ الم ييم والمحاضيين الترب يي والسيا ييي واإلعي م والت ليييم للف ييل‬
‫التنم وامت ك الرؤي او يتراريجي ‪ ،‬التيي ر فيق إليى رحقييق التي ا ن بيين رنميي خصيا ص‬
‫وصفات اإلنسان وبين رنمي و ا ل وأشياح اإلنسان‪.88‬‬

‫‪87‬‬
‫‪Amartya Kumar Sen, «Development as Freedom » , ) New York: Knopf , 1999(.‬‬

‫‪ .‬رؤي في اإلص ح"‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬ا‪1‬‬ ‫‪ 88‬أحمد بن عبد هللا ارا المر ‪ ،‬ضمن " إشمالي التنمي وو ا ل النه‬
‫( الدوح ‪ :‬مركز البح ث والدرا ات ال ربي ‪ ، )2008 ،‬ص ‪. 12‬‬
‫‪66‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫واوررقيياح بالجانييب الميياد‬ ‫هنييا‪ ،‬يتأكييد المفه ي م الشييم لي للتنمي ي ب صييفها "عملي ي النه ي‬
‫والم نيي للمجتمييع‪ ،‬بارجيياه رحقيييق اههييداف والمقاصييد المطل بيي ‪ ،‬والتييي ريي فر الظيييروف‬
‫المنا ب لسم اإلنساني في جميع اورجاهات"‪.‬‬
‫هذا المفه م الشم لي للتنمي على عدة رحديدات‪ ،‬ومنها ‪:‬‬ ‫وينط‬
‫‪ -‬التنمي عملي مستمرة ودا م ‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ف وج د لمجتمع بلئ المرحل النها ي منها؛‬
‫‪ -‬التنميييي عمليييي مت يييددة اهب ييياد‪ ،‬ويجيييب أن رشيييمل جمييييع أب ييياد حيييياة اإلنسيييان( الب يييد‬
‫اوقتصاد ‪ ،‬الب د السيا ي‪ ،‬الب د الثقافي‪ ،‬الب د النفسي‪ )...‬؛‬
‫‪ -‬التنمي و يل لتحسين الج انب المادي والم ن يي فيي حيياة اإلنسيان‪ .‬ليذا‪ ،‬فيإن اإلنسيان هي‬
‫مح رها‪.‬‬
‫وبناح على هذه التحديدات‪ ،‬يممن أن نستنت" ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬التنمي مفه م نسبي يطرح من منظ ر قيمي؛‬
‫‪ -‬و يممن ردوين ق انين عام وشامل للتنمي ؛ بل يممين الحيديث عين م يايير ومقياييس عامي‬
‫لها في كل مرحل مني ‪.89‬‬
‫على هذا اه اس‪ ،‬رمثل التنمي كركن من أركيان الحمامي إحيدى الرهانيات اه ا يي الم ي ل‬
‫عليهييا فييي مسييار ر زيييز المؤ سييات الديمقرااي ي كمسلسييل يت ييين أن يييدعم البنيييات التنم ي ي‬
‫للمجتم ييات‪ ،‬وكسيييرورة شييم لي رج ييل نصييب عينيهييا التنمييي كنتييا خييالص للديمقرااييي‬
‫التشاركي التي ررفع من قيم الم اان‪ -‬وبشمل عام اإلنسان‪ -‬ورممنه من بل رة جاره باعتبياره‬
‫جييي هر أ ف يييل مجتم يييي ر اقيييد ‪ ،‬حييييث يتم قيييع ريييدبير الشيييأن ال يييام ‪-‬المحليييي والجهييي‬
‫وال اني‪ -‬في أعلى لم هرم هذا الف ل‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬يممين التأكييد عليى أنيه بيدون إشيراك فاعيل وف يال للمي اان فيي ريدبير شيؤونه وانييا ً‬
‫وجه يا ً ومحليا ً رفر الديمقراايي مين محت اهيا القيميي الرفييع ‪ .‬وهي اهمير الجي هر عليى‬
‫اعتبييار أن المنييه الحقيقييي للديمقراايي هي حمييم الشي ب للشي ب ب ا ييط الشي ب‪ ،‬حيييث كييل‬
‫السلط للش ب‪.‬‬
‫وفق هذا التحليل‪ ،‬وشك أن التدبير الديمقرااي ير م م الم السيا ات التنم ي الرا يدة‪ .‬وجليك‬
‫عبر ا تلهام مختلف أب ياد ورجلييات التنميي البشيري التيي أضيحت أكثير مين أ وقيت مضيى‬
‫مؤشييراً أ ا يييا ً للتقي يم فييي مختلييف المجيياوت‪ ،‬كمييا أصييبحت هييدفا ً لييم ي ييد ميين الممميين عييدم‬
‫‪ 89‬فيرو راد ‪ ،‬أمير رضا ي‪ "،‬رط ير الثقاف ‪ :‬درا اجتماعي في مفه م التنمي الثقافي عند علي شري تي"‪ ،‬ا‪2‬‬
‫(بيروت ‪ :‬مركز الحضارة لتنمي الفمر اإل مي‪ ، )2016،‬ص ص ‪.38-37‬‬
‫‪67‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ا تحضيييياره‪ ،90‬بحمييييم أهميتهييييا علييييى مسييييت ى رحديييييد نجاعيييي رييييدخ ت مختلييييف الفيييياعلين‬
‫اوجتماعيين‪ ،‬في بيل رحقيق‪ ،‬كل ع امل التقدم واو دهار‪.‬‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬يأري ر ريف هيئ اهمم المتحدة عام ‪ 1956‬للتنمي ‪ ،‬باعتبارها‪" ،‬هي ال مليات‬
‫التييي بمقتضيياها ر جييه الجهيي د لمييل ميين اههييالي والحم ميي بتحسييين اهحيي ال اوقتصييادي‬
‫واوجتماعي ي والثقافي ي فييي المجتم ييات المحلييي ‪ ،‬لمسيياعدرها علييى اونييدما فييي حييياة اهمييم‬
‫واإل هام في رقدمها بأفضل ما يممن"‪.‬‬
‫وميين هييذا المنطلييق فييي التحديييد‪ ،‬رتبل ي ر التنميي بييالمفه م ال ييام‪ ،‬كسيييرورة متط ي رة وحي ي ي‬
‫رت خى‪ ،‬باه اس‪ ،‬رج يد ظروف الم اانين ورغيير أنماا عيشهم‪ ،‬عن اريق رحسين دخلهيم‬
‫الفرد والرفع من شروا الرعاي الصيحي ورقيديم أحسين منتي فيي مجيال التربيي والت لييم‬
‫والتثقيييف‪ ،‬عبيير ال مييل الييدؤو علييى رمثيييف بييرام" ال مييل جات الطييابع البشيير واإلنسيياني‬
‫واههلييي‪ ،‬وإعييداد مشيياريع رنم يي وا ييتثمارات ميين أجييل خدمي هييؤوح المي اانين واهجيييال‬
‫ال حق ي ضييمن مييا يسييمى "التنمي ي المسييتدام " أو "التنمي ي الط يل ي اهمييد"‪ .‬فتصييير بييذلك‬
‫التنمي كل جامع لل ديد من المجاوت‪ ،‬بما فيها بطبي ي الحيال‪ ،‬المجيال اوقتصياد ‪ .‬ومين ثيم‪،‬‬
‫يممن الق ل‪ ،‬أنه‪ ،‬وبدون عناح في التفمير‪ ،‬يدرك المرح أن التنميي التيي ربيدو هول وهلي أنهيا‬
‫قضيي اقتصيادي بحتي ‪ ،‬رت لييق لزوميا ً بمجياوت كثييرة‪ ،‬علييى رأ يها حقي ل السيا ي والت ليييم‬
‫وال قات الدولي والبيئ ‪ ...‬إلخ‪ ،‬هيذا إجا اقتصيرنا عليى اهوجيه ال مليي عنيد التفميير بمسيأل‬
‫التنمي ‪ ،91‬حيث رصب هذه اهخيرة‪ ،‬ركنا ً أ ا ييا ً مين أركيان نظيام الحمامي ‪ ،‬والقيادر برمتيه‪،‬‬
‫على ضمان وا تدام النتا " اإليجابي لفرص التنمي كمل‪ ،‬وعلى شتى اهص دة‪.‬‬
‫همييذا ‪ ،‬يييأري ر ريييف التنميي ‪ ،‬ب صييفها عمليي يييتم فيهييا يييادة الييدخل الحقيقييي يييادة رراكميي ‪،‬‬
‫ري ومستمرة‪ ،‬عبر فترة من الزمن‪ ،‬بحيث رم ن هذه الزيادة أكبر من م دل نمي السيمان‪،‬‬
‫مع ر فير الخدمات اإلنتاجي واوجتماعي وحماي الم ارد المتجددة من التل ث والحفياظ عليى‬
‫الم ارد اير المتجددة من النض ‪.92‬‬
‫ر ني التنمي ‪ :‬النماح والزيادة بشمل مطلق‪ .‬وهي كذلك‪ ،‬نم في اهشياح واهشخاص والمنافع‬
‫والف ا د‪ ،‬أ أنها الزيادة وال فرة والج دة‪ .‬وهي أيضاً‪ ،‬او تمرار واواراد في جلك كله‪.‬‬
‫ولفظ " التنميي "‪ ،‬هي مين اهلفياظ الدالي عليى م نيى محيدد‪ ،‬ايير أنيه وا يع عليى نحي يج ليه‬
‫مست عبا ً كل عمل يتجه نح الرقي باإلنسان‪ ،‬في أ جانب من ج انب حياره‪ .‬وقد كان أقر‬

‫‪"90‬في الملخص التركيبي لتقرير" المغر المممن‪ :‬إ هام في النقاش ال ام من أجل ام ح مشترك" ‪ ،‬مجل عدال ج ت‪،‬‬
‫ال دد ‪ 16‬ن نبر ‪ ، 2011‬ص ‪. 84‬‬
‫‪ .‬رؤي في‬ ‫‪ 91‬ما ن م فق هاشم ‪ " ،‬اونسجام الثقافي شرا التنمي الراشدة "‪ ،‬ضمن " إشمالي التنمي وو ا ل النه‬
‫اإلص ح"‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 28‬‬
‫‪ 92‬ميشيل ر ادور ‪" ،‬التنمي اوقتصادي "‪ ،‬ررجم محم د حسن حسني‪ ( ،‬الس دي ‪ :‬دار المريخ للنشر) ‪.2006 ،‬‬
‫‪68‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫م نى للفظ "التنمي "‪ ،‬ه النماح في المجال اوقتصاد ‪ ،‬ولمن التنمي ليسيت خاصي بياهم ر‬
‫اوقتصادي البحت ‪ ،‬وإنما هي أب د من جلك وأشمل؛ فهناك رنمي اقتصيادي ورنميي اجتماعيي ‪،‬‬
‫وهناك رنمي بشري أو إنساني ‪.93‬‬
‫لقد بر مفهي م "التنميي " ب يد الحير ال الميي الثانيي ‪ ،‬خاصي ميع م جي حصي ل مجتم يات‬
‫ال يالم الثالييث عليى ا ييتق لها السيا يي‪ .‬وجلييك‪ ،‬حينميا بييدأت اليدول الرأ ييمالي المبيرى رييرو‬
‫للفمر التنم التقليد ‪ ،‬والذ يؤكد على أن ما ر اني منه دول ال الم الثالث‪ ،‬من فقر وجهيل‪،‬‬
‫إنما ه نتا منطقي لتخلفها – ولييس و يت مارها لسين ات ا يلي – ‪ .‬ومين ثمي ‪ ،‬ايرح جليك‬
‫الفمر مفه م "التنمي " كأداة رستطيع من خ لها دول ال الم الثالث‪ -‬خاص منها الدول ال اق‬
‫في القيارة اإلفريقيي مين منظي ر اعتبارهيا أفقير قيارة وأ ي أ القيارات عليى صي يد مؤشيرات‬
‫التنميييي ‪ -‬أن رتجييياو حالييي التخليييف‪ .‬ولييين يتيييأرى لهيييا جليييك ‪-‬بطبي ييي الحيييال مييين منظييي ر‬
‫المؤ سات المالي الدولي ‪ ،-‬إو بتبني خيار الحمام ‪ ،‬باعتباره الم ج ال حيد وا من ل ن تياق‬
‫من ربق التخلف واللحاق بركب دول ال الم المتقدم‪.‬‬

‫‪ -‬سيرورة التنمية‬
‫يممن أن نميز فيا يت ليق بالتنميي ‪ ،‬عليى اهقيل‪ ،‬بيين ب يدين اثنيين هيامين ‪ :‬نشياا أو ييرورة‬
‫التنميي »‪ « L’action ou Le processus du développement‬واا يي التنميي ‪La‬‬
‫» ‪.« finalité du développement‬‬
‫ويبر نشاا‪ -‬أو يرورة‪ -‬التنمي ب صفه الجهد المبذول من أجل رثمين اإلممانات المتاح‬
‫لبلد ما (أو فرد ما)‪.‬‬
‫وعلى ض ح جليك‪ ،‬فالتنميي ليسيت فقي بشيمل أ ا يي مجيرد رح ييل المي ارد مين بليد إليى‬
‫خر( على بيل المثال المساعدات الدولي ) ‪ ،‬أو رح يل من قطاع جي ‪-‬اقتصاد إلى خر (‬
‫كتم ييل قطياع حضير مين ايرف قطياع قيرو وال ميس صيحي ) ‪ .‬إن التنميي وفيق هيذا‬
‫المن ال‪ ،‬هي ر بئ الم ارد ال اني في بلد ما‪.94‬‬

‫‪، )2002،‬‬ ‫‪ 93‬علي حسن الشرفي‪ "،‬دور اهمن في التنمي "‪ (،‬المؤرمر السادس وال شرون لقادة الشرا واهمن ال ر‬
‫ص ‪.11‬‬
‫‪94‬‬
‫‪Huynh Cao Tri, op. cit ,p.13.‬‬
‫‪69‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ورست جب يرورة "التنمي " في كنههيا‪ ،‬ال قي ف عليى مقياربتين اثنتيين –ربيدوان متناقضيتين‬
‫رماما ً‪ .-‬وه ما يتجلى‪ ،‬اح على مست ى مجال التحليل اوقتصاد أو على مست ى النقاش‬
‫ال م مي‪.‬‬
‫فحسب المقارب اهولى‪ ،‬فإن التنمي ‪ ،‬ربدو كسيرورة صلب رظل في أميس الحاجي إليى مزييد‬
‫من ‪ -‬مما ي بر عنه أمارريا صن "الدم ال رق والدم ع" » ‪de sang, de sueur et de‬‬
‫‪ ، « larmes‬حيث اإلرادة الق ي التي ررافقها والتدبير المحمم لخيي ا الحمايي اوجتماعيي‬
‫الم جه للفئات اهكثر فقراً واو تفادة من الخدمات اوجتماعي المفت ح أمام الجمييع‪ ،‬ميع‬
‫ضرورة التر ييخ المسيتمر والمسيتدام لجي دة الديمقراايي ‪ .‬وبيذلك‪ ،‬يممين مسيتقب ً أن رقطيف‬
‫ثمار التنمي ‪.‬‬
‫وفيمييا يت لييق بالمقارب ي الثاني ي ‪ ،‬فإنهييا ر تبيير التنمي ي ‪ ،‬أ ا يا ً‪ ،‬يييرورة شييامل ‪ .‬وهييي مقارب ي‬
‫جماعي ي فييي التفمييير والتأمييل‪ ،‬ي بيير عنهييا وفييق أشييمال مختلف ي ‪ ،‬ب ضييها يهييدف إلييى إن يياش‬
‫المبادوت المربح لمل اهاراف (حسب رص ر دم ميث) وب ضها ا خر يتي خى رحسيين‬
‫اشتغال خي ا اهمن اوجتماعي أو رأ يس الحريات السيا يي أو التنميي اوجتماعيي أو أيضيا ً‬
‫دم" اثنين أو أكثر من هذه الغايات‪.95‬‬
‫ورنبغي اإلشارة‪ ،‬إلى أنه هناك ع ق واييدة بيين ارا يق اشيتغال كيل مين ييرورة "التنميي "‬
‫في بلد ما ونم الحمام السا د في هذا البلد؛ فأالب دار ي نظريات التنمي ‪ ،‬يؤكد بما و يدع‬
‫مجاوً للشك‪ ،‬على أن أ م إفريقيا هي أ م حمام قبل أن رم ن أ م حمم‪ .‬وعبر جلك‪ ،‬ربقى‬
‫وراتها التنم ي عميق ‪ .‬وه ما يتجليى فيي كي ن م ظيم اليدول اإلفريقيي ر ياني‪ ،‬وبشيدة‪ ،‬مين‬
‫رب ات ما يسميه ور دايم نيد "الفيخ التنمي "‪ ،‬إج ر جيد اليدول اليث ث وال شيرون اهشيد‬
‫فقراً في ال الم من حييث التنميي البشيري فيي إفريقييا‪ .96‬وهي ميا ييبر مين خي ل القيا يات‬
‫المركب ي ( رتييأرج ميين ‪ 0‬إلييى‪ ) 100‬لمؤشييرات التنمي ي البشييري علييى ص ي يد ييا ر الييدول‬

‫‪95‬‬
‫‪Amartya Sen,«Un nouveau modèle économique: développement, justice, liberté» Traduit‬‬
‫‪de l’anglais par Michel Bessières,) Paris : Editions Odile Jacob,1999 (,pp.45-46.‬‬

‫‪ 96‬ور دايم ند‪ "،‬روح الديمقرااي ‪ :‬المفاح من أجل بناح مجتم ات حرة "‪ ،‬ررجم عبيد الني ر الخراقيي ‪ ،‬ا‪(1‬بييروت‪:‬‬
‫الشبم ال ربي لألبحاث والنشر ‪ ،)2014،‬ص‪. 378‬‬
‫‪70‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫اإلفريقيي ‪ ،‬ي اح فيمييا يخييص مت ي ال ميير المت قييع وصييلته بأمييد الحييياة‪ ،‬أو الييدخل الفييرد‬
‫وارربااييه بالقييدرة الشييرا ي للم ي اانين ومسييت يات الم رف ي وع قتهييا بمسييا ل مح ي اهمي ي‬
‫ونسب التمدرس‪.97‬‬
‫كمييا ربيير كييذلك هشاشي يييرورة التنميي بأالييب البلييدان اإلفريقيي ‪ .‬وميين ثييم‪ ،‬هشاشي نظييام‬
‫حمامتها‪ -‬على وجه الخصي ص نمي الحمامي اوجتماعيي ‪ ،-‬مين خي ل رحلييل ب يض اهرقيام‬
‫المت لق بمؤشرات التنمي ال الميي ‪ ،‬مين قبييل ‪ :‬نصيف اهفارقي يفتقير إليى مي رد و يق للمياح‬
‫الشرو ‪ ،‬ث ث ن في المئ منهم ي ان ن من ح التغذي ‪ ،‬عشرة في المئ من أافالهم يت ف ن‬
‫ن الخامس من ال مر‪.98‬‬ ‫قبل السن اهولى من عمرهم‪ ،‬و‪ 17‬في المئ و يتممن ن من بل‬
‫إن هذه اهرقام الحيي والدالي –كميا يؤكيد ور دايم نيد‪ -‬ليسيت عديمي اورربياا بمجم عي‬
‫أخرى من الم طيات‪ ،‬وعلى رأ يها ‪ :‬جي دة الحمامي ‪ .‬فيإلى حيدود عهيد قرييب‪ ،‬ظليت إفريقييا‬
‫منطق صحراح‪ /‬قاحل من حيث الديمقرااي ‪ ،‬و يادة القان ن‪ ،‬وبقييت إحيدى المنيااق اهكثير‬
‫فساداً في ال الم واهكثر ض فا ً من حيث الحمام ‪.‬‬
‫فيي هييذا الصييدد‪ ،‬وخي ل السيين ات القليلي الماضييي ‪ ،‬اي ر عييالم اوقتصيياد اهرجنتينييي دانيييال‬
‫ك فمان و م ؤه في مؤ س البنك الدولي ت مقاييس لتقييم ج دة الحمام فيي بليد ميا‪ ،‬ومين‬
‫أهم هذه المقاييس نجد الت بير والمحا ب ( بما في جلك حريي الت بيير ومشيارك المي اان فيي‬
‫اختيار الحم م ) كبديل للديمقرااي ( وإن كان جز يا ً)‪.‬‬
‫أما المقاييس اهخرى‪ ،‬فتقيم او تقرار السيا ي(وايا ال نف)‪ ،‬وف الي الحم م ( في مييدان‬
‫الخييدمات ال امي واإلدارة ال امي )‪ ،‬وجي دة نظييام الحم مي ( ليسييم بتطي ير القطيياع الخيياص‬
‫ور زيزه )‪ ،‬وحمم يادة القان ن( بما في جلك ج دة رنظيم المجتمع وج دة المحاكم)‪ ،‬ومراقب‬
‫الفساد‪.‬‬
‫إن وضيع إفريقيييا يظيل يييئا ً للغايي عليى مسييت ى كييل هيذه المقيياييس‪ .‬ف لييى ال مي م‪ ،‬رييأري فييي‬
‫المرربي الث ثييين نسييبيا ً‪ -‬أفضييل بقليييل علييى مسييت ى المقيياييس السيا ييي التييي رهييتم بالمحا ييب‬
‫واو ييتقرار‪ ،‬وأ ي أ بقليييل علييى مسييت ى مقيياييس يييادة القييان ن‪ ،‬ومراقب ي الفسيياد‪ ،‬والج ي دة‬
‫المنظم ‪ ،‬وف الي الحم م ‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫‪United Nations Development Programme) UNDP (,«Human Development Report 2006,‬‬
‫‪Beyond Scarcity : Power, Poverty and the Global water Crisis » , )New york : Palgrave,‬‬
‫‪Macmillan,2006 (,p.276, table 1 and pp.283-286.‬‬

‫‪ 98‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ص‪.308 -283‬‬


‫‪71‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫كما أنه‪ ،‬وا تناداً إلى مؤشرات البنك الدولي‪ ،‬ر د إفريقيا واورحاد الس فياري ابقا ً‪ ،‬المنطقتين‬
‫اه ح حمميا ً فيي ال يالم‪ ،‬مميا قيد يفسير يبب احيت ل إفريقييا مرربي أخييرة‪ ،‬وحصي لها عليى‬
‫مجم ع م دل نقاا ض يف على مست ى مؤشر التنمي البشري ‪.99‬‬
‫اهرقام السابق ‪ ،‬وايرها‪ ،‬جات اوررباا المباشر أو اير المباشر بالتنمي و يرورة اشتغالها‪،‬‬
‫رزداد‪ ،‬إجاً‪ ،‬حاً ورفاقما ً في البلدان التي ر اني من هشاش بين في نم حمامتها –رمظهرات‬
‫عدييدة للحمامي السيييئ ‪ ،- Mauvaise Gouvernance‬اهميير الييذ يسييت جب علييى هييذه‬
‫البلدان التفمير الملي‪ ،‬في إيجاد صيئ منا ب ‪ ،‬ل ررقاح بنماججها التنم يي إليى المسيت ى اليذ‬
‫م ه رتممن من إر ياح منظ مي حمامي ف الي ومنصيف للجمييع‪ ،‬وقيادرة بالتيالي‪ ،‬عليى رجياو‬
‫مختلف مثبطات التنمي الحقيقي والشامل ‪.‬‬

‫‪-‬غائية التنمية‬
‫نقصييد "اا ي ي التنمي ي "‪ ،‬مجمييل المخرجييات التييي رتبل ي ر عبيير السيا ييات واو ييتراريجيات‬
‫التنم ي المختلف ‪ .‬وهي أ ا ا ً مت ددة واير محدودة‪ .‬وبذلك‪ ،‬يممن الق ل‪ ،‬أن للتنمي اايات‬
‫يص ب حصرها كميا ً‪ ،‬إو أنها في المقابل‪ ،‬من المممن جيداً أن رحصير كيفييا ً‪ .‬وهي ميا يتجليى‬
‫فييي الغايييات التالي ي ‪ :‬ممافحي كييل أشييمال الفقيير والهشاش ي والجهييل والميير ‪ ،‬رنميي إنتاجي ي‬
‫اقتصييياد ال ليييم والم رفييي ‪ ،‬الت ييييع ال يييادل للثيييروات والميييداخيل‪ ،‬محاربييي مظييياهر الرييييع‪،‬‬
‫او تخدام اهمثل للم ارد والطاقات‪ ،‬رط ير منظ م القطاعيات اهكثير خلقيا ً لفيرص الشيغل‪،‬‬
‫ر زيز فرص التضامن اوجتماعي‪ ،‬رحسين أداح الخيدمات اوجتماعيي ‪ ،‬ررشييد ايرق صيرف‬
‫النفقات ال م مي ‪ ،‬رخليق مست يات اشتغال المرفق ال م مي‪ ،‬رثمين قدرات اإلمميان البشير ‪،‬‬
‫ال ناي بأنماا الرأ مال اير الماد ‪...‬‬
‫ورهدف التنميي ‪ ،‬بصيف عامي ‪ ،‬إليى إشيباع مطاليب وحاجيات اإلنسيان اه ا يي ‪ ،‬والتيي رتمثيل‬
‫بالحاجات البي ل جي ‪ .‬ويتم إشيباع هيذه الحاجيات اه ا يي فيي أ مجتميع مين خي ل التنظييم‬
‫والمؤ سات اوجتماعي التي رق م في المجتمع وما يصاحبها من قييم وم يايير رحيدد مين ني ع‬
‫ال قات التي رس د بين أفراد المجتمع وحاجارهم‪.100‬‬
‫رستلزم اايات التنمي ‪-‬كما ه الشأن بالنسب ل ا لها‪-‬درا فاحص وردقيقا ً‪ ،‬وص وً إلى فهم‬
‫كامل ورام ل ملي النم والتط ير‪ ،‬إج و يمفيي أن نقنيع بيأن يمي ن هيدفنا اه ا يي أقصيى قيدر‬
‫من الدخل أو الثروة‪ ،‬حيث أنهما كما أشيار أر يط " مجيرد أداة ناف ي للحصي ل عليى شييح‬
‫خر"‪ .‬كيذلك‪ ،‬وللسيبب نفسيه‪ ،‬و يممين أن ن يال" النمي اوقتصياد م الجي م ق لي باعتبياره‬
‫ااي في جاره‪ ،‬وإنما يلزم أن رم ن التنمي م ني أكثر بت زيز الحياة التي نبنيهيا ودعيم الحريي‬

‫‪ 99‬ور دايم ند‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪.380-379‬‬


‫‪ 100‬فيصل محم د الغرايبه ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪72‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫التي نستمتع بها‪ .‬ويجدر بالذكر‪ ،‬أن ر ع نطاق الحري التي نملك كل اه با ال قلي للنظر‬
‫إليها ب ين التقدير كقيم لييس الهيدف منيه فقي أن رمي ن حيارنيا أكثير ثيراح وأقيل قيي داً‪ ،‬بيل –‬
‫وأيضا ً‪-‬أن رهيئ لنا إممان أن نم ن أشخاصا ً اجتمياعيين أكثير نضيجا ً وكمياوً نميارس إرادرنيا‬
‫الخاصييييييييي ونتفاعيييييييييل ميييييييييع ال يييييييييالم اليييييييييذ ن ييييييييييو فييييييييييه‪ ،‬وأن نيييييييييؤثر فييييييييييه ‪.101‬‬
‫ويمميين رحديييد اا ي ي التنمي ي ‪ ،‬بشييمل جلييي‪ ،‬ميين منظ ي ر اعتبييار التنمي ي كييركن ميين اهركييان‬
‫اه ا يي التيي يررمييز عليهيا صيرح الحمامي ‪ ،‬خاصي عليى مسييت ى رحقيق الغا ييات المأم لي‬
‫للتنمي ي المسييتدام ‪ .‬اهميير الييذ رتر ييخ مضييامينه المتش ي ب والمت ييددة اهب يياد فييي الت ريييف‬
‫الشييم لي الغييا ي لهييذا اليينم المتط ي ر ميين التنمي ي ‪ .‬وه ي الت ريييف الييذ ينظيير إلييى التنمي ي‬
‫المستدام ‪ ،‬ب صفها التنمي التي رت خى او تجاب إلى اوحتياجات الما ل نسان فيي ال قيت‬
‫الحالي‪ .‬هذه اوحتياجات المتط رة با يتمرار دا يم والمطل بي بإلحياح شيديد‪ .‬وجليك كليه‪ ،‬دون‬
‫المساس بالفرص التنم ي لألجيال المستقبلي وقدرارها التمميني على رحقيق أهدافها‪.‬‬
‫وهي التنمي ‪ ،‬التي رركز‪ ،‬فيي عمقهيا‪ ،‬عليى مؤشيرات النمي اوقتصياد المسيتدام واإلشيراف‬
‫البيئي المتمامل والمسؤولي اوجتماعي الف ال ‪.‬‬
‫فالتنمي ي المسييتدام ‪ ،‬وفييق هييذا الت ريييف الشييم لي الغييا ي‪ ،‬هييي يييرورة متحرك ي ل ررقيياح‬
‫اإليجابي باهب اد الطبي ي والحضاري والمجتم ي ‪ ،‬ور زيز دعاميات رنميي كيل أشيمال الف يل‬
‫البشر ‪ .‬وجلك شريط اولتزام الصري بتلبي احتياجات الحاضر‪ ،‬مع وج عدم المساس‪،‬‬
‫بقدرات اهجيال القادم على رلبي حاجارها‪.‬‬
‫ورنطلييق ركيييزة التنمي ي البشييري ميين التشييديد علييى أن "البشيير هييم الثييروة الحقيقي ي لألمييم"‪،‬‬
‫وبالتالي وبد من أن يم ن ا " مح ر التنمي واايارها"‪ .‬وهيذا هي اليذ يحيدد وظيفي التنميي ‪،‬‬
‫في أنها "عملي رستهدف ر يع خيارات الناس" ‪.102‬‬
‫يتجلى لنا من خ ل ما بق‪ ،‬أن "التنمي المستدام " رتبل ر فيي عميق رحدييدها كمفهي م ايا ي‬
‫شامل يررب با تمراري وا تدام الج انب اوقتصادي ‪ ،‬واوجتماعي والسيا ي والمؤ ساري‬
‫والبيئي ه مجتمع من المجتم ات‪ ،‬حيث رممن أ س ومررمزات التنميي المسيتدام المجتميع‬
‫وأفراده ومؤ ساره من رلبي احتياجارهم واو تجاب لمتطلبارهم والت بيير عين وجي دهم الف ليي‬
‫في ال قت الراهن‪ ،‬مع حفظ كل رمظهرات التن ع الحي والحفاظ على الينظم اإليم ل جيي‬
‫وال مل على ضب ال قات اإليجابي القا م بين النظام البشر والنظام الحي ‪ ،‬حتى و يتم‬
‫الج ر المستبد والت د الغاشم على حق ق اهجيال المستقبلي في ال يو بحياة كريم ‪.‬‬
‫‪ 101‬أمارريا صن ‪ "،‬التنمي حري ‪ :‬مؤ سات حرة وإنسان متحرر من الجهل والمر والفقر"‪ ،‬ررجم ش قي ج ل‪ ،‬لسل‬
‫عالم الم رف ؛ ‪( ، 303‬الم يت ‪ :‬المجلس ال اني للثقاف والفن ن وا دا ‪ ،‬ماي ‪.)2004‬‬
‫‪ 102‬با ل البستاني‪ "،‬جدلي نه" التنمي البشري المستدام ‪ :‬منابع التم ين وم انع التممين" ‪ ( ،‬بيروت ‪ :‬مركز درا ات‬
‫ال حدة ال ربي ‪ ، )2009،‬ص‪. 57‬‬
‫‪73‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫كما يحمل هذا المفه م للتنمي المستدام في اياره‪ ،‬كيل م ياني ودووت القيدرة عليى م اجهي‬
‫ال ييالم لمخيياار التييده ر البيئييي‪ ،‬والييذ يجييب التغلييب عليييه‪ ،‬مييع ضييرورة عييدم التخلييي عيين‬
‫حاجات التنمي اوقتصادي ‪ ،‬وكذلك المساواة وال دال اوجتماعي ‪.‬‬
‫ومما رجدر اإلشارة إليه كذلك‪ ،‬أنه رام شيم لي اا يي "التنميي المسيتدام " لمجميل الج انيب‬
‫اوقتصادي واوجتماعي والمؤ سياري والبيئيي وايرهيا‪ ،‬إو أنيه مين الم حيظ‪ ،‬أن هنياك ني ع‬
‫من التركيز على الب د البيئي في فلسف ومحت ى التنمي المستدام ‪ .‬وه ما يرجع‪ ،‬باه اس‪،‬‬
‫إلييى كي ن إقامي المشياريع اوقتصييادي المثيييرة والمتن عي ‪ ،‬االبياً‪ ،‬مييا يجهييد البيئي ويضي فها‪،‬‬
‫اح مين خي ل او يتخدام المثييف وايير الم قلين للمي ارد الطبي يي القابلي للنضي أو مين‬
‫خ ل ما رحدثه هذه المشاريع المتراكم من هدر كبير أو رل يث مضر للبيئ ‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬رأخذ التنمي المسيتدام أهميتهيا او يتراريجي وممانتهيا الحي يي ‪ .‬وهي ميا يبير ‪ ،‬مين‬
‫خي ل عنايتهييا الفا قي بتي فير ال ضي يات المنا ييب لسي م البيئي ‪ ،‬وإيي ح اوهتمييام المنصييف‬
‫ل امل التماهي المطلق بيين الظيروف البيئيي والظيروف اوقتصيادي واوجتماعيي ‪ .‬ولتمي ن‪،‬‬
‫بالتالي‪ ،‬حماي البيئ والرفيع مين مظياهر رج ييدها ومحاربي كيل أشيمال التيأثير السيلبي عليهيا‬
‫وأجرأة كل أب اد او تخدام المت ا ن للم ارد الطبي ي ‪ ،‬جزحاً و يتجزأ مين منظ مي رحرييك‬
‫دواليب يرورة التنمي المستدام ‪.‬‬
‫ويمميين القي ل‪ ،‬أن رركيييز المنظي ر التنمي المسييتدام علييى اهب يياد البيئيي ‪ ،‬مييرده باه يياس‪،‬‬
‫وبالدرج اهولى‪ ،‬إلى ما ر اني منه البيئ في ال قت الحالي في مختلف أنحاح ال الم‪ ،‬وو يما‬
‫في الدول النامي ‪ ،‬من عدة مشم ت‪ ،‬أصب الب ض منها‪ ،‬ملحيا ً ويتطليب الحيل ال اجيل‪ ،‬فقيد‬
‫أدت يادة السمان في مختلف الدول إلى كثاف او تغ ل اير الرشيد للم ارد الطبي ي ‪ ،‬بما‬
‫يف ق قدررها على ال طاح في أكثر اهحيان‪ ،‬مما نشأ عنه ال ديد من مشم ت التلي ث وريده ر‬
‫البيئييي ‪ .103‬اهمييير اليييذ يج يييل مييين التنميييي ‪ ،‬وب يييدها البيئيييي‪ ،‬مطلبيييا ً مييين المطاليييب المبيييرى‬
‫واو تراريجي التي يؤ س لها ب مق ما يسمى بنم "الحمام اإليم رنم ي "‪.‬‬
‫وانييي عيين البيييان أيضياً‪ ،‬أن عمليي دميي" اوعتبييارات اوقتصييادي مييع اوعتبييارات البيئيي فييي‬
‫عمليات صنع وارخاج القرارات المختلف ‪ ،‬ه بمثاب الطريق السليم لتحقيق كل اا يات التنمي‬
‫المستدام ‪ .‬فاوعتبارات البيئي التي يشملها قرار ما‪ ،‬رم ارخاده على مسيت ى يا ي م يني ‪ ،‬و‬
‫رمثل – بالضرورة – رضياد ميع اوعتبيارات اوقتصيادي التيي يهيدف إليهيا هيذا القيرار‪ .‬ف ليى‬
‫بيل المثال‪ ،‬فإن السيا ات الزراعي المتبناة من ارف ال ديد مين اليدول‪ ،‬والتيي ر ميل عليى‬
‫حفظ ن عي اهراضي الزراعي وإص حها بهدف رحسين فاق التنميي الزراعيي عليى الميدى‬

‫‪ 103‬اإلدارة ال ام للت عي ال لمي والنشر‪ " ،‬اإلنسان ورل ث البيئ "‪ ( ،‬مدين الملك عبد ال زيز لل ل م والتقني ‪ ،‬المملم‬
‫ال ربي الس دي ‪ ، )2000 ،‬ص‪.8‬‬
‫‪74‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الب يد‪ ،‬وكذا يادة المفاي والنجاع فيي ا يتخدام المي ارد الطاقيي المختلفي مين شيأنها كيرؤى‬
‫ا تراريجي ‪ ،‬أن رساهم المساهم الف ال في خدم اههداف البيئي المتن ع ‪.‬‬

‫رقي م فميرة‬ ‫‪-‬تيبولوجيةة التنميةة‬


‫التنميي علييى رحقيييق هييدف أ ا ييي‪ ،‬يتمحي ر‪ ،‬ج هريياً‪ ،‬حي ل رنميي قييدرات اإلنسييان وإراحي‬
‫الفرص أمامه لتط ير الذات ور يع خيارات السير بمست ى م يشيته نحي اهفضيل وضيمان‬
‫الت يييع ال ييادل ل ا ييد البييرام" التنم ي ي الم جهي إليييه‪ ،‬بالشييمل الييذ يمميين ميين ر ايييد كييل‬
‫مقاصد الحمام التنم ي ‪.‬‬
‫ور تبر التنمي بذلك‪ ،‬ركنا ً مين اهركيان الر يسيي للحمامي ‪ .‬وعليى ضي ح هيذا التحدييد‪ ،‬رنبثيق‬
‫ع ق ي ررابطييي ق ي ي بييين المفه ي مين –التنمييي والحمام ي ‪ .-‬وهييي ال ق ي القمينيي بتحقيييق‬
‫اشترااات اإلممان التنم المت دد‪ ،‬المنصف والمستدام‪ .‬وجليك ميا رتجليى كيل أب ياده الغا يي‬
‫في ا ر التصنيفات جات الصل بمفه م" التنمي "‪.‬‬

‫*التنمية القتاا ية‬


‫خ ي ل يين ات السييب ينيات ميين القييرن المنصييرم‪ ،‬علييى النم ي ج‬ ‫رأ ييس البييراديغم التنم ي‬
‫اوقتصاد ‪ ،‬والذ يتمسك في رحليله ب نصرين اثنين ‪ :‬اليدخل كم ييار ر يسيي يجيب الت يل‬
‫به والثروة المادي كهدف مح ر ينبغي ال ص ل إليه‪.104‬‬
‫في هذا اإلاار‪ ،‬تنصب انشغاوت االبي المنظرين والمهتمين بالدرا ات التنم ي على نم‬
‫التنمي اوقتصادي ‪ ،‬حيث يتمرس بذلك الب د اوقتصاد كب يد محي ر وأ ا يي فيي عمليي‬
‫التنمي ي ‪ ،‬أ التركيييز فق ي علييى الب ييد الميياد فييي حييياة اإلنسييان واييض الطييرف عيين الب ييد‬
‫الم ن ‪ .‬اهمر‪ ،‬الذ ييج ل هيذه النظيرة اهحاديي فيي حيياة اإلنسيان رنطي عليى ع اقيب‬
‫وخيم ‪ ،‬إج تؤد إلى ش ر البشري بالغرب والضيياع ‪ ،‬وليصيب اإلنسيان أداة للتنميي ‪ ،‬مين‬
‫دون أن يتممن من رفجير ااقاره في هذه ال ملي ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪Alexandra de Heering, Stéphane Leyens ,op. cit, p.257.‬‬
‫‪75‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫هنيا‪ ،‬يتت لد ال دييد مين الت صييفات الخاصي بهييذا الينم اوقتصياد مين التنميي ‪ ،‬مين قبيييل ‪:‬‬
‫"ال قلن ي او ييتغ لي " عنييد ي ي ران هابرميياس‪" ،‬او ييت " عنييد كييارل ميياركس‪" ،‬انمحيياح‬
‫الشخصي " عند ماكس فيبر و"مسخ اإلنسان" عند كارل مانهايم‪...‬‬
‫وعلييى هييذا‪ ،‬فيإن هييذه الت صيييفات هييي ميين جملي ا ثييار السييلبي للت جييه البحييت نحي اهب يياد‬
‫اوقتصادي للتنميي ‪ ،‬فيي حيين رلي الضيرورة عليى ر ييع النظيرة إليى التنميي – بحسيب رأ‬
‫مايمل ر دارو‪ -‬لتذهب إلى ما ه أب د من الم يار اوقتصاد الضيق‪.105‬‬
‫بناح علييه‪ ،‬إن مسيارات التنميي اوقتصيادي رميس عيدة ج انيب فيي السييرورة التنم يي ‪ ،‬مين‬
‫بينهييا‪ ،‬ضييمان أ ييس التخصييص المييفح الف ييال والنيياجع للمي ارد اإلنتاجي ي ‪ ،‬والحييرص علييى‬
‫او تغ ل الرشيد والم قلن لمؤشرات النم المت اصل والمتراكم‪ ،‬عي وة عليى القيدرة عليى‬
‫التفاعيييل اإليجيييابي والمت اصيييل ميييع مختليييف ا لييييات المؤ سييياري والسيا يييي واوجتماعيييي‬
‫واوقتصييادي المرربط ي بييأداح كييل عنصيير ميين عناصيير الحمام ي ‪ ،‬ميين دول ي وقطيياع خيياص‬
‫ومجتمع مدني وم اان‪.‬‬
‫التنمي اوقتصادي من خ ل جلك‪ ،‬هي بالدرج اهوليى‪ ،‬رنميي القي ى اإلنتاجيي ‪Les forces‬‬
‫‪ ،productives‬والتييي رتشييمل ميين عمييل ال نصيير البشيير وأدوارييه اإلنتاجي ي ‪ .‬وهييي رنمي ي‬
‫‪ ،‬أ إنتا يتسم بالنم على ص يد و ا ل اإلنتا وخييرات‬ ‫رفتر عملي إعادة إنتا م‬
‫او ييته ك ‪ .‬فهييي رنميي ‪ ،‬رفتيير بييذلك‪ ،‬رييراكم الرأ ييمال ‪Une accumulation de‬‬
‫‪.capital‬‬
‫‪La‬‬ ‫ور رف رنمي الق ى اإلنتاجي في اللغ المتداول ‪ -‬بالم نى الضيق‪ -‬بيالنم اوقتصياد‬
‫‪ . croissance économique‬وه نم مررب بن عين اثنين من التقدم ‪:‬‬
‫‪ -‬التقييدم اوجتميياعي ‪ ،Le progrès social‬ميين خي ل رقييييم مسييت ى ال يييو وال مييل‬
‫المامل ‪ .‬وه رقدم رابع بالضرورة لمست ى التقدم اوقتصاد ؛‬
‫‪ -‬التقدم اوقتصاد ‪ . Le progrès économique‬وهي رقيدم ريابع لم يدوت النمي المت لقي‬
‫بالنار" ال اني الخام ‪.106 P.N.B‬‬

‫فيرو راد ‪ ،‬أمير رضا ي‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪.39-38‬‬ ‫‪105‬‬

‫‪106‬‬
‫‪Le Thanh Khoi , op. cit, p. 39.‬‬
‫‪76‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫رام أهمي التنمي اوقتصادي في رحقيق أ س رقدم الدول والمجتم ات‪ ،‬فإننا قيد نجيد مظياهر‬
‫و تنزاف كبير قد يمس بنيات التنمي بصيف عامي ‪ .‬فيي هيذا الشيأن‪ ،‬رهيدف التنميي المسيتدام‬
‫بالنسب للبلدان الغني إليى التفميير ال مييق فيي إيجياد الصييئ المنا يب للتقلييص المت اصيل مين‬
‫حجم ا ته ك الطاق والمي ارد الطبي يي ‪ ،‬واليذ قيد يبليئ أضي اف أضي افه فيي اليدول الغنيي‬
‫بالمقارن مع الدول الفقييرة‪ .‬وكمثيال عليى جليك‪ ،‬رشيير الدرا يات‪ ،‬إليى كي ن ا يته ك الطاقي‬
‫الناجم عن النف والغا والفحم في ال ويات المتحدة اهمريمي يصل إلى مست ى أعلى منه‬
‫في الهند بـ ‪ 33‬مرة‪.‬‬
‫الب د اوقتصاد ‪ ،‬وعلى ض ح هذا المنظ ر‪ ،‬يج ل الدول المتقدم ‪ ،‬رمتلك ام حيا ً كبييراً فيي‬
‫او يييتنزاف الها يييل للثيييروات والمييي ارد ال الميييي ‪ ،‬بغيييي رلبيييي "نهمهيييا" اوقتصييياد الجشيييع‬
‫وال محدود‪.‬‬
‫رام ما لف‪ ،‬يممن الق ل‪ ،‬أن رحقيق التنمي اوقتصادي و يستتب ه بالضرورة رحقيق التنمي‬
‫اوجتماعيييي أو السيا يييي ‪ .‬ويت قيييف اهمييير إليييى حيييد كبيييير عليييى عدالييي ر ييييع ثميييار التنميييي‬
‫اوقتصادي ‪.107‬‬
‫ومن أجل رثبيت الدعامات الديمقرااي لهذا الب د‪ ،‬االبا ً ما نقف عند حقيق مفادها‪ ،‬أن التنميي‬
‫اوقتصادي ‪ ،‬رح ل مجتم ا ً ما بطرق شتى‪ ،‬بحيث يصير من الص ب جداً فييه رركييز السيلط‬
‫في يد شخص واحيد أو حيز واحيد أو نخبي محيدودة ايير مسيؤول ‪ .‬أووً‪ ،‬رغيير هيذه التنميي‬
‫البني اوجتماعي واوقتصادي لبلد ما ي ع السلط والم ارد عليى نحي وا يع‪ .‬ثانيياً‪ ،‬رحي ل‬
‫الم اقييف والقيييم ب مييق فييي ارجيياه ديمقرااييي‪ .108‬رتسييم التنميي باو ييتدام اوقتصييادي ‪ ،‬عنييدما‬
‫رتضمن في ج هرها السيا ات التي رمفيل لهيا ا يتمرار كفايي اهنشيط اوقتصيادي بيالمجتمع‬
‫وأداح الدور المأم ل منها‪ ،‬ورم ن في ا ن نفسيه‪ ،‬يليم مين الناحيي اإليم ل جيي ‪ ،‬فيي إايار‬
‫حرصييها ال ميييق علييى ضييمان الت ا نييات البيئي ي المختلف ي ‪ .‬فالتنمي ي الف حي ي ‪ ،‬مييث ً‪ ،‬رتميييز‬
‫باو تدام ‪ ،‬حينما رم ن يليم مين الناحيي اإليم ل جيي ‪ ،‬وقابلي للتنفييذ ال مليياري واإلجرا يي‬
‫ميين الناحي ي اوقتصييادي ‪ ،‬وعادل ي ومنصييف ميين الناحي ي اوجتماعي ي ‪ ،‬ومنا ييب ومتن ع ي ميين‬
‫الناحي ي الثقافي ي ‪ ،‬وأن رم ي ن بالدرج ي اهولييى إنسيياني رت ييل بمنيياه" علمي ي شييامل ‪ ،‬ور ييال"‬
‫ارا ق التنمي الف حي بشيمل متماميل ومتيراص‪ ،‬مين خي ل اوهتميام بأ يس التنميي القرويي‬

‫‪ 107‬أدهم أحمد حشيو‪ "،‬المجتمع اههلي ومحارب الفساد في ض ح مباد قان ن التنمي "‪ ،‬المجل ال ربي لل ل م السيا ي‬
‫‪ ،‬ال دد ‪ ، 28‬خريف ‪ ، 2010‬ص ‪.74‬‬
‫‪ 108‬ور دايم ند‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪77‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫المستدام ‪ ،‬وربطها ب ناصر أخرى‪ ،‬رظل مين اههميي بمميان‪ ،‬عليى مسيت ى رحرييك دوالييب‬
‫يرورة هيذه التنميي ‪ ،‬مين قبييل المحافظي وررشييد ا يتغ ل الثيروة الما يي ‪ ،‬رميريس النجاعي‬
‫الطاقي ي واولتييزام بت ي فير الطاقييات البديليي وضييمان التن ي ع البي ل ي جي للمم نييات الحي انييي‬
‫والنباري ‪.‬‬

‫رت يييدد‬ ‫*التنميةةةة الجتماعيةةةة‬


‫ر ريفيات التنميي اوجتماعيي كينم مين أنميياا التنميي ؛ فريتشيارد وارد ينظير إليهيا باعتبارهييا‬
‫"منه" علمي وواق ي لدرا ور جيه نم المجتمع مين الني احي المختلفي ‪ ،‬ميع التركييز عليى‬
‫الجانب اإلنساني منه‪ .‬وجلك بهدف إحداث التمامل والتراب بين مم نات المجتمع"‪ .‬ول ل أهم‬
‫مييا يشييير إليييه هييذا الت ريييف هي أن التنميي اوجتماعيي رهييتم أ ا يا ً باإلنسييان‪ .‬وجلييك بدرا ي‬
‫ور جيه ور ضي ف اليته في عملي التنمي ‪.‬‬
‫وقد ارجه الب ض في ر ريفهم للتنمي اوجتماعي إلى التركيز عليى ال قيات واليرواب لرفيع‬
‫مست ى الفرد اجتماعيا ً وثقافيا ً وصحياً؛ حيث يشير إلى أن المقصي د "التنميي اوجتماعيي "‬
‫ه رنمي ال قات والرواب القا م فيي المجتميع ورفيع مسيت ى الخيدمات التيي رحقيق ريأمين‬
‫الفرد على ي مه واده ورفع مست اه اوجتماعي والثقافي والصحي و ييادة قدراريه عليى رفهيم‬
‫مشاكله ور اونه مع أفراد المجتمع لل ص ل إليى حيياة أفضيل‪ .‬ويؤكيد عليى أن المقصي د مين‬
‫التنمي اوجتماعي ه رفع مست ى الحياة اوجتماعي ‪ ،‬مين حييث الصيح والت لييم والمسيت ى‬
‫الم يشييي والخييدمات بشييتى أن اعهييا ورنمييي ال قييات التييي رييرب أفييراد المجتمييع بب ضييهم‬
‫الب ض‪.‬‬
‫ويحدد "رو " التنمي اوجتماعي بأنها رميف يهدف لتغييير الظيروف أو التمييف الهيادف ميع‬
‫الظروف‪ .‬فالتنمي ر تبر رغيراً مين م اقيف ايير مراي فيهيا إليى م اقيف أخيرى مراي‬
‫فيهييا‪ .‬كمييا ر نييي ا ييتخدام اإلرادة البشييري إلعطيياح التغييير ارجاهييا ً منطقي يا ً ميين أجييل رحقيييق‬
‫اههييداف المطل بي ‪ .‬وهييي بييذلك ر تبيير مرربطي باههييداف اإلنسيياني فييي انصييهارها مييع القيييم‬
‫اوجتماعي ‪ .‬وينظر إلى هذه اهخييرة مين اويي قيدرة اإلنسيان عليى اليتحمم وضيب اهحي ال‬
‫والظييروف الم يشييي فييي بيئتييه الطبي ي ي واوجتماعي ي ونم ي ارجاهييات اإلنسييان نح ي الت يياون‬
‫اوجتميياعي الييداخلي والخييارجي ونم ي ال قييات الت اوني ي التلقا ي ي ‪ .‬فالتنمي ي بمييا رتطلبييه ميين‬
‫عناصر رحمل م نى التما ك بين أفراد ي يش ن م يا ً فيي ع قيات مسيتمرة خي ل فتيرة منيي‬
‫محددة‪ ،‬يتقا م ن ظروفا ً م يشي واحدة ويناضل ن من أجل إعطاح م نى ومضيم ن وارجياه‬
‫لب ض ج انب التغير اوجتماعي لتحقيق رفاهيتهم وإدراكها‪.‬‬
‫وي رف وفيق أشرف حس ن "التنمي اوجتماعي "‪ ،‬على أنها هيدف م ني ل مليي ديناميميي‬
‫رتجسييد فييي إعييداد ور جيييه الطاقييات البشييري للمجتمييع عيين اريييق رزويييد اهفييراد بقييدر ميين‬
‫الخدمات اوجتماعيي ال امي كيالت ليم والصيح واإل يمان والنقيل والم اصي ت‪ ...‬إليخ‪ ،‬حييث‬
‫‪78‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫يتي لهم هذا القدر فرص المسياهم والمشيارك فيي النشياا اوجتمياعي واوقتصياد القيا م‪.‬‬
‫وجلك لتحقيق اههداف المجتم ي المنش دة‪.‬‬
‫ويممن بتحليل المفاهيم السابق للتنمي اوجتماعي ‪ ،‬رحديدها إجرا يا ً على النح التالي ‪:‬‬
‫التخطي اوجتماعي؛‬ ‫‪ -‬التنمي اوجتماعي عملي ر تمد على أ ل‬
‫‪ -‬ال نصر البشر ه أ اس عملي التنمي اوجتماعي ؛‬
‫‪ -‬هناك مجاوت متن ع للتنمي اوجتماعي يتم عن اريقها رنمي ال نصر البشر مثل الت ليم‬
‫والصح والدفاع اوجتماعي؛‬
‫‪ -‬رتم عملي ا تثمار ال نصر البشر ب د إعيداده فيي النشياا اوجتمياعي واوقتصياد بهيدف‬
‫رنمي المجتمع كمل؛‬
‫‪ -‬هناك عا داً من الخدمات اوجتماعي يممن قيا ه عن اريق المدخ ت والمخرجات؛‬
‫‪ -‬يحتيييا المجتميييع إليييى ا يييتمراري عمليييي التنميييي اوجتماعيييي لتأثيرهيييا ورأثرهيييا بالتنميييي‬
‫اوقتصادي ؛‬
‫‪ -‬الهدف النها ي للتنميي اوجتماعيي يتركيز فيي إحيداث رغييرات اجتماعيي مرا بي فيي بنياح‬
‫ووظيف المجتمع ورساهم في رحقيق اههداف المستقبلي المنش دة ‪.109‬‬
‫فالتنمي اوجتماعي رتبل ر من مجمل الت اريف السابق ك ملي إرادي مخطط وهادفي وبنياحة‬
‫رس ى إلى رط ير رمامل ال قات والرواب اوجتماعي ‪ ،‬ورت خى ال مل على خلق جمل من‬
‫التغييرات البني ي على ص يد عدد من اهنشط اوجتماعي ‪ ،‬وما ييررب بهيا مين قييم ونظيم‬
‫وم تقييدات و ييل كيات يييتم علييى مسييت اها إحييداث التحي وت ال ميق ي فييي البنيييات اوجتماعي ي‬
‫المختلف ‪ ،‬عبر الت ل بسلسل متداخل من ال مليات المخط لهيا وفيق ا يتراريجيات م مي ‪،‬‬
‫واو يييتغ ل اهمثيييل للمييي ارد واإلممانيييات والت ظييييف اهنجيييع للطاقيييات وبلييي رة وشيييا "‬
‫الت اصل والت اضد بين يا ر مم نيات وعناصير الحمامي ‪ .‬كيل جليك‪ ،‬مين أجيل المسياهم فيي‬
‫رحقيق هدف أ مى‪ ،‬وه الس ي إلى رحسين ال ضع اوجتماعي للفئات اوجتماعي المختلف ‪،‬‬
‫أ أن التنمي اوجتماعي الحقيقي هي التي ررفع رهان خدم اإلنسان ورفاهيته‪ ،‬ورحقيق بل‬
‫رنميته ماديا ً وروحيا ً‪.‬‬
‫رتمثيل ييرورة التنميي فيي كييل الخطي ات التيي رتي خى فيي كنههييا رحقييق يبل رنميي بشييري ‪،‬‬
‫رركز في أب ادها اوجتماعي المت ددة والمتن ع ‪ ،‬على رحسين مست يات الرعاي اوجتماعيي‬

‫‪ 109‬فيصل محم د الغرايبه ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪. 66-64‬‬


‫‪79‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫لجميع الفئات والشرا المجتم ي ‪ ،‬من حيث ال مل الحثيث على التقليص من مؤشرات الفقير‬
‫والفاق والهشاش واإلقصاح وضمان ر ليم نافع وصح و ق وشغل منت"‪...‬‬
‫ولن يتحقق المراد المت خى من التنمي البشري ‪ ،‬في رجليها اوجتماعي‪ ،‬إو بيالحرص الشيديد‪،‬‬
‫علييى ربنييي ليييات متطي رة ومتجييددة للمسيياهم الجم يي فييي ال مليي التنم يي ‪ ،‬وعلييى رأ ييها‪،‬‬
‫الت ييل ب نصيير المشييارك ‪ .‬إج‪ ،‬رؤكييد ر ريفييات التنمي ي المسييتدام ‪ ،‬فييي هييذا الشييأن‪ ،‬علييى أن‬
‫التنمي الحقيقي ‪ ،‬ينبغي أن رم ن من اإلنسان‪ ،‬وباإلنسان‪ ،‬وإلى اإلنسان‪ ،‬بحيث يشارك الجميع‬
‫في صنع القرارات التنم ي التي رؤثر في حيارهم‪ .‬ومن ثيم‪ ،‬يشيمل اإلنسيان محي ر الت ريفيات‬
‫المقدم ح ل التنمي المستدام ‪.‬‬
‫ع وة على عنصر المشارك ‪ ،‬ربر أيضاً‪ ،‬أهمي عنصر اإلنصاف‪ .‬وه ال نصر الذ يأخذ‬
‫ر جهين اثنين ‪ :‬فهي ‪ ،‬إميا إنصياف اهجييال المقبلي ‪ ،‬والتيي يجيب أخيذ مصيالحها وام حارهيا‪-‬‬
‫بشمل ا تشرافي‪ -‬في اوعتبار‪ ،‬وفقا ً لت ريفات التنميي المسيتدام ‪ ،‬وإميا إنصياف مين ي يشي ن‬
‫الي م من البشر‪ ،‬وو يجدون فرصا ً متساوي مع ايرهم فيي الحصي ل عليى المي ارد الطبي يي‬
‫والخييدمات اوجتماعيي ‪ .‬اهميير الييذ يتطلييب‪ ،‬وبطريقي مسييتمرة ودا مي ‪ ،‬القضيياح علييى كييل‬
‫أشمال التفاوت الصارخ بين دول الشمال ودول الجن ‪.‬‬
‫كما رهدف التنمي كذلك – فيي ب يدها اوجتمياعي‪ -‬إليى رقيديم القيرو للقطاعيات اوقتصيادي‬
‫اييير الر ييمي ‪ ،‬كالت اونيييات والجم يييات‪ ،‬ميين اييرف مييا يسييمى "أبنيياك الفقييراح"‪ ،‬ور ي فير‬
‫فيرص رحسيين الت لييم‪ ،‬ورج يييد خيدمات الرعايي اوجتماعيي للفئييات الهاشي ‪ ،‬بميا فيهيا المييرأة‬
‫والطفل وأصحا اوحتياجات الخاص ‪.‬‬

‫*التنمية اإليكولوجية‬
‫منذ مؤرمر ا تمه لم عام ‪ 1972‬اد التأكييد عليى أن المم نيات الطبي يي لم كيب اهر (أو‬
‫النظم اإليم ل جي ) رشمل في مجملها نظام الحياة اليذ ي تميد علييه بقياح البشيري ورط رهيا‬
‫المجتم ي في المستقبل‪ .‬وبهذا‪ ،‬فإن او تغ ل الرشيد واهمثل لم طيات هذا النظام ه بمثاب‬
‫صمام اهمان لبقاح ومستقبل اهجيال‪.‬‬
‫فالقضي ‪ ،‬بذلك‪ -‬والحل في ال قت نفسه أيضا ً‪ ،-‬رممن فيي إيجياد أنمياا إنما يي بديلي ‪ ،‬رضيمن‬
‫قابلي ا تمرار التنمي بدون ردمير للبيئ ‪.‬‬
‫ولقد كانت أولى الجه د التي بذلت في هذا الصدد‪ ،‬متمثل فيي صيدور ميا ي يرف "إعي ن‬
‫ك ك يييك"‪ ،‬عيين نييدوة "ا ييتخدام المصييادر والبيئيي وا ييتراريجيات التنمييي "‪ ،‬والمن قييدة فييي‬
‫الممسيييك عييام ‪ ، 1974‬بالتنسيييق بييين برنييام" اهمييم المتحييدة للبيئ ي ومييؤرمر اهمييم المتحييدة‬
‫للتجارة والتنمي ‪ ،‬إج أشار هذا اإلعي ن‪ ،‬بشيمل واضي ‪ ،‬إليى التفياوت والفي ارق ال الميي التيي‬
‫‪80‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫كانت قا م نذاك‪ ،‬وما الت قا م إلى حد ا ن‪ ،‬فيما يخص ا تغ ل المي ارد الطبي يي ‪ ،‬وميا‬
‫يخص التقدم نح رخفيف حدة الفقر‪ .‬وشدد في النهاي ‪ ،‬على عدة مباد أهمها‪: 110‬‬
‫‪ -‬أن ال اميل اإلنسياني (اوجتماعيي واوقتصيادي ) رمثيل فيي االيب اهحييان السيبب الر يسيي‬
‫للتده ر البيئي؛‬
‫‪ -‬يجب ال مل على رلبي حاجات اإلنسان اه ا ي ‪ ،‬دون رجاو قدرات النظم البيئيي المختلفي‬
‫على ال فاح بهذه الحاجات؛‬
‫‪ -‬يجب أن رم ن لدى الجيل الحالي رؤي مستقبلي ‪ ،‬رشدد على عدم ا تنزاف الم ارد الطبي ي‬
‫المحدودة المتاح له‪ ،‬وعلى عدم اإلهدار من ن عي الينظم البيئيي المختلفي ‪ ،‬حتيى و يقليل مين‬
‫فرص أجيال المستقبل في التنمي والرفاهي المنش دة‪.‬‬
‫ومنذ جلك ال قت‪ ،‬ظهر رغير كبيير عليى مسيت ى التفميير اإلنميا ي ال يالمي‪ ،‬بحييث ا يتخدمت‬
‫عبيارات "نج مي ي " جديييدة‪ ،‬ميين قبيييل "اهنميياا البديل ي فييي التنميي " و"التنمي ي اإليم ل جي ي "‬
‫و"التنميي بيدون ريدمير" و"التنميي المسيتدام " وايرهيا للت بيير عين الفميرة نفسيها‪ ،‬وهييي أن‬
‫التنميي والبيئي شيييئان مترابطييان ررابطيا ً وايييداً‪ ،‬ويييدعم كييل منهمييا ا خيير‪ .‬وإنيه‪ ،‬إجا صييحت‬
‫المنظ م اوجتماعي واوقتصادي والسيا ي ‪ ،‬صحت رب ا ً لذلك البيئ ‪ ،‬وال مس الصحي ‪.111‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬رق م التنمي اإليم ل جي ‪ ،‬باه اس‪ ،‬على م احمي النمي ميع واقيع المحيددات‬
‫البيئي ‪ ،‬مع ضرورة الحيرص عليى وضيع بيرام" ومشياريع لت زييز كيل اهب ياد البيئيي ‪ ،‬عبير‬
‫ضمان نجاع القطاعات اوقتصادي وررشيد ا تخدام الم ارد الطبي ي ‪ ،‬ميع رفياد اإلضيرار‬
‫بمصال اهجيال المقبل في إاار "ا تدام " التنمي اإليم ل جي ‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫‪van den Bergh, J., and J. van der Straaten (eds.) «Toward Sustainable‬‬
‫‪Development: Concepts, Methods, and Policy» ,) Washington, DC: Island Press, 1994( ,p.5.‬‬

‫‪ 111‬فريد مير ‪ "،‬حماي البيئ وممافح التل ث ونشر الثقاف البيئي "‪( ،‬عمان ‪ :‬دار الحامد للنشر والت يع ‪ ، )2013،‬ص‬
‫ص ‪.22-20‬‬
‫‪81‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ويقصييد "او ييتدام البيئيي "‪ ،‬رلييك القييدرة‪ ،‬التييي علييى البيئي ‪ ،‬أن رمتلمهييا ميين أجييل م اصييل‬
‫الجهييد فييي ال ميييل بصيي رة ييليم وب ييييدة عيين كييل التمظهيييرات السييلبي الم يقيي للمنظ مييي‬
‫اإليم ل جي ‪ ،‬والتي أضحت‪ ،‬في ال قت الحالي‪ ،‬أكثر هشاش ورخاوة‪ ،‬من ج قبل‪.‬‬
‫تدام البيئيي فيي التقلييص إليى أدنيى مسيت ى مين أخطيار‬ ‫ومن ثم‪ ،‬رتجسد الغاي الفضلى ل‬
‫قادرة على رجديد مسببات الت ا ن البيئي‪.‬‬ ‫التده ر البيئي‪ ،‬وكذا ج ل الطبي‬
‫همذا‪ ،‬فمسار التنمي المستدام بيئيا ً‪ ،‬يسيت جب القييام بخطي ات حا يم عليى مسيت ى أنمياا‬
‫او ته ك واإلنتا ‪ ،‬مع ضرورة ر زيز جلك بتحسيينات دا مي ومسيتمرة فيي اإلدارة واهداح‬
‫اليذ ي ييو فييه اإلنسيان ويميارس‬ ‫البيئيين‪ .‬من منطلق اعتبار البيئ ‪ ،‬رتبل ر ب صفها "ال‬
‫أنشييطته اإلنتاجييي واوجتماعييي ‪ ،‬والخييزان الها ييل للميي ارد الطبي ييي المتجييددة‪ ،‬مثييل حقيي ل‬
‫الزراعي ومصييايد اه ييماك‪ ،‬والمي ارد الطبي يي اييير المتجييددة‪ ،‬مثييل منيياجم الم ييادن و بييار‬
‫النف "‪ ،112‬رت خى التنمي المستدام رحقيق ال ديد من اههداف البيئيي البالغي اههميي ‪ ،‬والتيي‬
‫رتجسد أ ا ا ً فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ،‬أ الحيرص عليى‬ ‫‪ -‬او تخدام الرشيد والم قلن للم ارد ايير المتجيددة أو القابلي للنضي‬
‫حفظ الم ارد الطبي ي ؛‬
‫م ي لضييمان‬ ‫ييليم لألجيييال المسييتقبلي وخلييق البييدا ل ال‬ ‫‪ -‬الراب ي الت اق ي فييي رييرك بيئ ي‬
‫متها المستدام ؛‬
‫‪ -‬الحمايي المتط ي رة هنظمي ا ييتي ا النفايييات بمييل أشييمالها وبلي رة مخططييات ا ييتراريجي‬
‫لضب مست يات هذه الحماي ؛‬
‫‪ -‬او يت مال الف يال لميل مي رد مين المي ارد الناضيب ‪ ،‬وال ميل عليى رحدييد قيمتيه اوقتصييادي‬
‫الحقيقي المنصف ‪ ،‬ورحديد ر منا ب له بناح على رلك القيم ‪ ،‬بشمل يضمن الت يع ال يادل‬
‫للثروة النارج عن التمدس اإليجابي لهذه القيم ؛‬
‫‪ -‬خلييق الم احمييات الضييروري بييين التنميي اوقتصييادي والمحافظي علييى البيئي ‪ ،‬مييع اولتييزام‬
‫بمبدأ مراعاة حق ق اهجيال القادم في الم ارد الطبي ي ‪ ،‬خاصي الناضيب منهيا‪ .‬وعبير جليك‪،‬‬
‫رحقيق ا تدام الحمام على مست ى رجليها البيئي‪.‬‬
‫كل جلك‪ ،‬من الص ب جداً الحديث عن أهميتيه القصي ى‪-‬لأل يف الشيديد‪ ، -‬فيي ظيل التغيييب‬
‫الملييي‪ ،‬ميين لييدن صييناع القييرار التنم ي الييدولي‪ ،‬للراب ي فييي دميي" اوعتبييارات البيئي ي فييي‬
‫المخططات والسيا ات التنم ي ‪ .‬وه الدم"‪ ،‬المفيل بتجنيب الم ارد واإلممانيات الطبي يي ‪،‬‬
‫من كل أشمال المخاار المحدق واهضرار المارثي على ال الم بأ ره‪.‬‬
‫‪ 112‬اإلدارة ال ام للت عي ال لمي والنشر‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪82‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬

‫*التنمية الثقافية‬
‫في اللغ المتداولي ‪ ،‬حينميا نتحيدث عين التنميي الثقافيي ‪ ،‬فإننيا نحييل عليى رنميي الت لييم( رقياس‬
‫بالتمييدرس )‪ ،‬ال لييم‪ ،‬التمن ل جيييا واهنشييط "الثقافي ي " ‪ :‬الممتبييات‪ ،‬المتيياحف‪ ،‬نشيير المتييب‪،‬‬
‫اإلبداع الفني‪...‬ع وة على الم نى الضمني للثقاف ‪ ،‬من حييث اعتبارهيا "مجمي ع المجياوت‬
‫الفمري لحضارة ما" ‪.113‬‬
‫وبذلك‪ ،‬يتجسد الهدف اه ا ي لهذا النم من التنمي في ال ميل عليى الزييادة فيي الثقافي بميل‬
‫أشمالها وج انبهيا ودعامارهيا ورجليارهيا‪ ،‬ميع الحيرص عليى أن يظيل كيل مين التربيي والت لييم‬
‫والم رفي والي عي كلهييا عناصيير لل عيياح الييذ يحتضيين التنميي الثقافيي بمييل مييا رتضييمنه ميين‬
‫رمظهييرات التط ي ير الفميير واوررقيياح الثقييافي‪ ،‬وه ي ال عيياح ‪ /‬الحاضيين الييذ يشييمل نيياظم‬
‫ارصيال بييين مفهي م "التنميي " ومفهي م" الثقافي "‪ .‬وبييذلك‪ ،‬ينجد أنييه كلميا اد منسي الثقافي‬
‫ادت درجات التنمي ‪ ،‬وال مس صحي ‪.‬‬
‫فالتنمي الثقافي ‪ ،‬في هذا المقام‪ ،‬هي عملي اوعت ح واوررقاح بالشيؤون الثقافيي المختلفي ‪ ،‬فيي‬
‫ييياق اههييداف والمقاصييد المنشي دة‪ ،‬والتييي ري فر القاعييدة المنا ييب لتنميي المجتمييع‪ ،‬ونضيي"‬
‫البشري و م ها ‪ /‬ر اليها‪.‬‬
‫هذا التحديد لنم التنمي الثقافي على نقاا مهم عدة ‪:‬‬ ‫وينط‬
‫‪ -‬المقصييي د بالشيييؤون المختلفييي للثقافييي هيييي اليييرؤى والقييييم وال يييادات والتقالييييد والقييي انين‬
‫واهيدي ل جيات‪...‬؛‬
‫‪ -‬التنميي الثقافيي هييي عملي ي دا مي ومسييتمرة و يمميين وضييع حييد نهييا ي لهييا فييي المجتم ييات‬
‫البشري ؛‬

‫‪113‬‬
‫‪Le Thanh Khoi , op. cit, p.29.‬‬
‫‪83‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪ -‬ر تبر التنمي الثقافي أحد اهب اد اه ا ي في عملي التنمي بحيث أنها ر فر القاعدة المنا ب‬
‫للتنمي ؛‬
‫‪ -‬التنمي الثقافي هي عل التنمي وم ل لها في ال قت نفسه؛‬
‫‪ -‬إن كمال البشري ه الهدف المح ر في التنمي الثقافي ‪.‬‬
‫ورمثل التنمي الثقافي ب داً واحداً في عملي التنمي ‪ ،‬إو أن للثقاف حض راً ظاهراً مسيتتراً فيي‬
‫جميع ج انب الحياة البشري ‪ .‬ولذلك‪ ،‬يممن رص ر دور بار لها في عملي التنمي ‪.114‬‬
‫على هذا اه اس‪ ،‬فهذا النم من التنميي ‪ -‬الينم الثقيافي‪ ،-‬هي عمليي دا مي ومسيتمرة‪ .‬وهي‬
‫ال امل المسبب للتنمي ونتيج لها في ال قت نفسه‪.‬‬
‫وقد ربل رت على ص يد التنمي الثقافي ارجاهات نظري مختلف ومتباين ‪ ،‬من جملتها ‪:‬‬
‫‪ -‬نظرية الن وذ والنتشار ‪ :‬والتي ررى أن التنمي مممن عن اريق اقتباس ال ناصير الثقافيي‬
‫وانمحياح‬ ‫للغر ‪ ،‬وارح الثقاف التقليدي ‪ .‬وهذا التيار الفمر يؤد في النهاي إليى اونسي‬
‫اله ي الثقافي ‪ ،‬ور زيز التب ي وجم د التنمي ؛‬
‫‪ -‬نظرية المركزية اإلثنية ‪ :‬والتيي رؤكيد عليى الثقافي المحليي والتيراث‪ ،‬ورتجاهيل بشيمل ريام‬
‫رقريبا ً أهمي الممتسبات الحضاري والتط ر ال لمي الحاصيل فيي الغير ‪ .‬وقيد ر رضيت هيذه‬
‫النظري إلى انتقادات جدي من قبل المفمرين؛‬
‫‪ -‬نظرية التنمية الداخلية ‪ :‬وهي النظري التي قد ربدو أكثر واق يي مين النظيريتين السيابقتين‬
‫بيييدليل ا يييتنادها إليييى اهصييي ل الث ثييي ‪ :‬الثقييي بالثقافييي المحليييي ‪ ،‬اربلييي المصيييادر الثقافيييي ‪،‬‬
‫واوررباا ال اعي مع الثقافات اهخرى‪ .‬وبذلك رأخذ هذه النظريي فيي الحسيبان إمميان إعيداد‬
‫أرضي ثقافي منا ب لتنمي مزدهرة‪.‬‬
‫بما أن السل كيات اوقتصادي واوجتماعي والسيا ي والثقافي المنبثق من المؤ سيات التاب ي‬
‫للمجتمع‪ ،‬رل ب دوراً كبيراً في عملي التنمي ‪ ،‬وأن هيذه السيل كيات ناب ي مين رؤى وقييم جليك‬
‫المجتمع‪ ،‬لذا ر تبر هذه الرؤى والقييم مفتاحيا ً لفهيم التنميي أو التخليف فيي المجتم يات‪ .‬أميا إجا‬
‫ر ارضيييت رؤى وقييييم المجتميييع ميييع إجيييراحات ونشيييااات التنميييي اوقتصيييادي واوجتماعيييي‬
‫والسيا ي ‪ ،‬ف يممن التفاؤل ببرام" التنمي في جلك المجتمع‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬يجب أن يم ن لتغيير الرؤى والقييم ورجانسيها ميع بيرام" التنميي ‪ ،‬اهول يي‬
‫في أمر التنمي ‪ ،‬وأن يتم نشر وإشاع الم تقدات الثقافي المساعدة للتنمي في المجتمع‪.115‬‬

‫‪ 114‬فيرو راد‪ ،‬أمير رضا ي‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫‪84‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫التنمي الثقافي ‪ ،‬وكنتيج لميا يبق‪ ،‬ربير كممي ن إنسياني نبييل‪ ،‬يجميع فيي اياريه كيل اهنمياا‬
‫السل كي ‪ :‬الطرا ق الش بي ‪ ،‬اهعراف أو التقالييد اهخ قيي ‪ ،‬ال يادات اوجتماعيي ‪ ،‬الم اقيف‪،‬‬
‫الق انين‪ ،‬الم تقدات النمطي ‪ ،‬اهييدي ل جيا‪ ،‬القييم واليرؤى الم ياريي ‪ ،...‬أ كيل اوشيترااات‬
‫الضروري القمين بالتأ يس اإليجابي لمفهي م اإلنسيان "الفاضيل"‪ ،‬أو عليى اهقيل للرفيع مين‬
‫مرارب ال عي اإلنساني داخيل عيالم مشيح ن بصيراع "اليذوات"‪ .‬الممي ن الثقيافي‪ ،‬إجاً‪ ،‬عبير‬
‫جليك‪ ،‬ي تبير كياب م ضي عي لحالي شييرود اإلنسيان واب هيا بميل إدراكيات ال قلني واهنسيين ‪.‬‬
‫ثانيا ا ‪ :‬ماهية النموذج التنموي‬
‫يبر التحليل السابق الخاص بمفه مي "النمي ج " والتنميي "‪ ،‬أن النمي ج التنمي هي ر اقيد‬
‫"ماه " متجيانس‪ ،‬يتطليب فيي كنهيه اولتيزام الم ييار الماميل بقضيي التنميي ‪ ،‬عين ارييق‬
‫التفميير فييي صييئ مبتمييرة وجديييدة لتحقييق أهييدافها‪ ،‬وخليق حييد أقصييى مين التييراكم اإليجييابي‬
‫للجدارة والمردودي على مست ى أنماا الف ل التنم كمل‪.‬‬
‫ورقضي ماهي النمي ج التنمي ‪ ،‬بيأن او يتحداث الفاعيل لميل ظيروف او يتثمار "المنيت""‬
‫ل امل التنمي ‪ ،‬ه المؤ س النسيقي الضيرور لميل مين منطلقيات وم احميات وأنمياا أ‬
‫نم ج رنم – قا م أو منش د‪.-‬‬

‫‪-1‬من لقات النموذج التنموي‬


‫ي اقتصاد في التحلييل‪ ،‬هي كيل مسياهم – والتيي رختليف‬ ‫النم ج التنم ‪ ،‬وفق نم‬
‫من بلد إلى خر‪ ،‬ومن جماع إلى أخرى‪ -‬رروم رجميع كل مم نات التنمي البشري ( الممي ن‬
‫اإلنسييياني‪ ،‬الممييي ن السيا يييي‪ ،‬الممييي ن اوقتصييياد ‪ ،‬الممييي ن اوجتمييياعي‪ ،‬الممييي ن الثقيييافي‬
‫والمم ن البيئي‪ ،)...‬فيي إايار نسيق واحيد ومنظ مي م حيدة‪ ،‬وري فير المنطلقيات الضيروري‬
‫إلبرا ال قات الجدلي التي ينبغيي أن رقي م بيين هيذه المم نيات وبيين أب ياد الف يل اإلنسياني‬
‫برمته‪ .‬وجلك كله‪ ،‬بغي إيجاد الصييئ اه ا يي لتنميي أكثير شيم لي وا يتدام ‪ .‬وهيي التنميي ‪،‬‬
‫التي رضب من جه ‪ ،‬الت ا نيات الضيروري لدولي ميا‪ .‬كميا رضيمن مين جهي أخيرى‪ ،‬ر ييع‬
‫الم ارد المتاح واإلممانات المت فرة‪ ،‬بشمل عادل ومنصف‪.‬‬
‫‪ ،‬المنطلييق‬ ‫ويمميين رحديييد منطلقييات النم ي ج التنم ي فييي خمس ي ‪ ،‬وهييي ‪ :‬المنطلييق البني ي‬
‫ال ظيفي‪ ،‬المنطلق المؤ ساري‪ ،‬المنطلق الترابي‪ ،‬المنطلق الت ي ي‪.‬‬

‫أ‪-‬المن لق البنيوي‬

‫‪ 115‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪. 75- 74‬‬


‫‪85‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫لقد نجم عن السيا ات التنم ي المتب في ال ديد من البلدان ثار يلبي عليى بنييات اوقتصياد‬
‫والمجتمع‪ .‬وهي المسأل التيي فرضيت عليى متخيذ القيرار التنمي فيي هيذه البليدان‪ ،‬ال ميل‬
‫علييى التفمييير او ييتراريجي فييي إيجيياد الحل ي ل الم اري ي للخييرو ميين المييأ ق التنم ي الييذ‬
‫أصبحت رتخب فيه على جميع اهص دة‪ .‬وجلك‪ ،‬من خ ل البحث المستمر عن بيدا ل حقيقيي‬
‫للنمي ج التنمي السييا د‪ ،‬والقيادرة علييى ري فير الينه" التنمي الي م القمييين ببنياح دعامييات‬
‫صرح متين‪ ،‬ف ال ومستدام للتنمي ‪ .‬وه النه"‪ ،‬الذ يشمل في كنهيه المحيدد الير يس لن عيي‬
‫اإل جراحات التي ينبغي ارخاجها لتحقيق التنمي على أر ال اقيع‪ ،‬فيي إايار م يايير ييرورة‬
‫المجتمع المنجز‪.‬‬
‫وفييق عناصيير هييذا المنطلييق البني ي ‪ ،‬رتبل ي ر يييرورة المجتمييع المنجييز– وعبييره يييرورة‬
‫النم ج التنم ‪ -‬في ر فر عدة ع امل مؤ ساري وبيداا جي ورنظيمي وردبيريي ورشيري ي‬
‫وثقافي جد م قدة‪ ،‬رحث اهفراد على اإلنجا وعلى التبار ‪ ،‬من خ ل بل م ايير اومتيا‬
‫والمفاحة والج دة في خضم ال لم ‪ .‬ومما وشك فيه‪ ،‬أن رقيدم المجتم يات أصيب يقياس اليي م‬
‫بمييدى قييدررها علييى ضييمان بيئ ي محفييزة علييى البييذل وال طيياح واإلبييداع؛ بيئ ي ق امهييا رق ي ي‬
‫الم اان بالت ليم والم رف ورشجيع المبادرات الفردي والجماعي الرامي إلى رحسين اهداح‬
‫ورط يره‪ ،‬ثم دعم هذا الم اان‪ ،‬من خ ل رفع كل الح اجز التي رقف في وجهه لبل كل‬
‫اههداف المت خاة‪.116‬‬
‫لئن كان النم ج التنم يحيل على بيئ لها منطقها ورس ى إلى رحقيق التناام بيين اهجيزاح‬
‫المختلفي ورسييتنفر مي ارد مختلفي لتحقيييق أهييدافها‪ ،‬فيإن رلييك البنيي ليسييت منغلقي علييى جارهييا‪.‬‬
‫الغر ‪ ،‬إجاً‪ ،‬ه م رفي ابي ي ال قيات المتبادلي والتفياع ت الديناميي ‪ .117‬وهيي ال قيات‬
‫والتفاع ت التي رشتغل‪ ،‬في نهاي المطاف‪ ،‬وفق إواليات رطي ر جارهيا با يتمرار‪ ،‬عليى شيحذ‬
‫الطاقات ور يع الخيارات ورثمين المممنيات‪ ،‬بغيي رحقييق "القفيزات الن عيي " أو "اليدف ات‬
‫الق ي " على مست ى ا ر مسارات ال ملي التنم ي ه مجتمع من مجتم ات اإلنجا ‪.‬‬
‫المنطلق البني للنم ج التنم ‪ ،‬يحمل في اياره‪ ،‬دوراً إنشا يا ً للمقدرات اهوليي ‪ ،‬ويج لهيا‬
‫بالتالي‪ ،‬رستجيب لرابات اهفراد والجماعات‪ ،‬بخصي ص مختليف أني اع الحقي ق والحرييات‬
‫والفييرص والخيييارات‪ ،‬والتييي االبياً‪ ،‬مييا رت اضييد عناصييرها مييع ب ضييها الييب ض‪ ،‬وفييي إاييار‬
‫بنييي خيييالص‪ ،‬مييين أجيييل مجابهيي أ شيييمل مييين أشيييمال مييا يممييين أن نسيييميه "الحرميييان‬
‫التنم " ‪ :‬الج ع‪ ،‬ي ح التغذيي ‪ ،‬اهميي ‪ ،‬البطالي ‪ ،‬قصير أميد الحيياة‪ ،‬رفشيي أميرا الفئيات‬
‫الهش من أمهات وأافال‪...‬‬

‫‪ 116‬محمد حركات ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪. 134-133‬‬


‫‪ 117‬أشيييغال نيييدوة " ال لمييي الرأ يييمالي وأثرهيييا عليييى اقتصييياديات اليييدول الناميييي " ‪ :‬النيييدوة ال لميييي اهوليييى لمليييي اإلدارة‬
‫واوقتصاد‪ 25 - 24 ،‬مارس ‪ ، 2015‬اهكاديمي ال ربي المفت ح في الدانمارك ‪( ،‬مركز المتا اهكاديمي) ‪ ،‬ص ‪. 260‬‬
‫‪86‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫على أ اس هذا التص ر المف م بالمثير من التفياؤل رجياه المنطليق البنيي للنمي ج التنمي ‪،‬‬
‫من منظ ر دوره البنا ي ‪ /‬اإلنشا ي الخالص‪ ،‬تتبل ر رجليات "اليد الط يل " لدول الرعايي ‪،‬‬
‫من خ ل الراب في رحقيق يا اجتماعي رضمن الرفاه ال ام وري فر رميافؤ الفيرص ورفيع‬
‫ش ار ‪ ":‬او تثمار ال م مي في الرصيد البشر " والس ي إلى إعادة الت يع اهفقي للثروات‬
‫بييين الشييرا اوجتماعي ي ‪ ،‬ضييامن بييذلك هييذه الدول ي ‪ ،‬إممانييات الحييراك اوجتميياعي ورلبي ي‬
‫الحاجات اوجتماعي للجميع‪.‬‬
‫الب د البني بذلك‪ ،‬ه ب د بم اصيفات رعا يي ‪ /‬حما يي لسيا ر الفئيات المجتم يي ‪ .‬إنيه‪ ،‬ومين‬
‫منطلق رفع ال ديد من الدول‪ -‬خاصي فيي حقبي السيتينيات مين القيرن الفا يت‪ -‬لشي ار "رنميي‬
‫اإلنسان ورحقيق حاجاره اه ا ي "‪ ،‬راهنت النمياج التنم يي المتبنياة حينهيا‪ -‬كسلسيل متتاليي‬
‫من خطي التنميي ‪ ،-‬وفيي إايار الرفيع المت اصيل مين يقف ام حهيا التنمي الميأم ل عليى‬
‫رحقيق الرفاه اوقتصاد ‪ .‬كما راهنت أيضا ً على الب د اوجتماعي‪ ،‬بما أخذره على عارقهيا مين‬
‫مسييؤوليات فييي رحسييين ظييروف ال يييو لمختلييف الشييرا اوجتماعييي ‪ ،‬وو يييما الم دوميي‬
‫ومحدودة الدخل‪ .‬ور هدت الدولي دون ي اها بإدميا المقصييين والمهمشيين وري فير مي اان‬
‫التشغيل للجميع ور ميم الت ليم ورمثيف التغطي الصحي والطبي ور فير حيد أدنيى مين اليدخل‬
‫لمل فرد‪.118‬‬
‫والم حييظ فييي ال قييت الييراهن‪ ،‬أن المنطلييق البنيي للنمي ج التنمي مييا ال يت ييل بييه فييي‬
‫ال ديييد ميين البلييدان‪ .‬وجلييك بصييرف النظيير‪ ،‬عيين "رخنييدقها" اهيييدي ل جي أو نمطهييا فييي رييدبير‬
‫الشييأن التنم ي ‪ .‬وه ي مييا يبيير فييي برامجهييا اوجتماعي ي المختلف ي –بييرام" الحماي ي والييدعم‬
‫باه اس‪.-‬‬

‫ب‪-‬المن لق الوظي ي‬
‫إن الخطابات كما السيا ات ليست م زول عن السيرورة اوجتماعي ل يدي ل جيات‪ .‬ويق دنا‬
‫هذا المنزع إلى او تفهام بشأن ال ظيف اه ا ي للنم ج التنم ‪.‬‬
‫ويقييدم الميينه" البنيي الي ظيفي ب ييض المييداخل المسيياعدة علييى إبييرا ال ظيفي أو ال ظييا ف‬
‫الخفي للسيا ات التنم ي المتب ‪ ،119‬وكذا ال ظيف أو ال ظا ف المرربط بالتدخ ت التنم ي‬
‫لسا ر المم نات اه ا ي والفاعل للحمام ‪-‬خاص القطياع ال يام والقطياع الخياص ‪ ،-‬والتيي‬
‫رختلييف المنهجيييات واورجاهييات المتب ي فييي رحديييدها ك ظييا ف علييى صي يد رحقيييق اههييداف‬

‫‪ 118‬عا ش التايب ‪ "،‬يا ات التنمي في ر نس ورأثيرها في فرص ال مل"‪ ،‬ضمن " النم اوقتصاد والتنمي المستدام‬
‫في الدول ال ربي ‪ ،‬يا ات التنمي وفرص ال مل ‪ :‬درا ات قطري "‪ ،‬مجم عي ميؤلفين‪ ،‬ا‪( ، 1‬بييروت ‪ :‬المركيز ال ربيي‬
‫لألبحاث ودرا السيا ات‪. )2013،‬‬
‫‪ 119‬أشغال ندوة " ال لم الرأ مالي وأثرها على اقتصاديات الدول النامي "‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 260‬‬
‫‪87‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫اوجتماعي ‪ .‬وهذا اوخت ف ليس ثان ياً‪ ،‬بل له ع ق بتباينات ج هري بشأن المقارب ال امي‬
‫التي ي تمدها كل ارف رجاه القضايا اوقتصادي عم ما ً ‪.120‬‬
‫يمت المنطلق ال ظيفي عناصره الج هري من اهدوار الجديدة التي رق م بها مم نات الحمام‬
‫في صياا نم ج رنم م ين‪.‬‬
‫فالدول مث ً كمم ن من مم نات الحمام رس ى إليى رأديي ال دييد مين ال ظيا ف‪ ،‬بغيي ضيمان‬
‫أ س بقا ها وا يتدام دعاميات رط رهيا‪ .‬وهيي ال ظيا ف‪ ،‬التيي رتجسيد فيي االيب اهحييان –‬
‫وانط قا ً من رجار عالمي رراكمي مختلف ‪ -‬كما يلي‪: 121‬‬
‫‪ -‬وظي ة التثبيت ‪ :‬ورق م على اعتماد يا ات ضيريبي وإنفاقيي ونقديي ورسي يري للصيرف‬
‫ر فر فرص التشغيل وا تقرار اه ار وو رؤد إلى عجز في الم ا ن أو إلى رضخم؛‬
‫ييتثمار ورحم يي‬ ‫ل‬ ‫‪ -‬وظي ةةة التشةةريع والتنظةةيم ‪ :‬ورق ي م علييى ر ي فير التشييري ات المشييج‬
‫الملمي ورماف اوحتمار ورحمي ال مل والمستهلمين؛‬
‫‪ -‬وظي ة توفير الطلع والخةدمات العامةة ‪ :‬فيي مجياوت اليدفاع واهمين والبيئي وضيب النمي‬
‫السماني والت ليم والبحث والصح والتنمي المنااقي ؛‬
‫‪ -‬وظي ة الرعاية الجتماعية ‪ :‬ورتمثل بتح وت لرعاي الفقراح والجماعات الهش عن اريق‬
‫اإلعفاحات الضريبي والتأمينات اوجتماعي وردخ ت المنظمات اير الحم مي ؛‬
‫‪ -‬وظي ةةة الستشةةراا السةةتراتيجي ‪ ( :‬ميين أجييل اللحيياق بركييب التقييدم ) ورق ي م علييى بن ياح‬
‫السيناري هات والخط في مجاوت السيا ات البحثي والتمن ل جي واوقتصادي ‪.‬‬
‫الدول ‪ ،‬ومن أجل اهداح الف ال على ص يد النمي ج التنمي اليذ رتبنياه‪ /‬أو مين المممين أن‬
‫رتبناه‪ ،‬عليها أن ربل ر ‪-‬ع وة على قيامهيا‪ ،‬وبشيمل أ ا يي‪ ،‬بال ظيا ف ا نفي اليذكر‪ -‬مقاربي‬
‫وظا في رشاركي ميع بياقي مم نيات الحمامي ‪ :‬مؤ سيات القطياع الخياص وف الييات المجتميع‬
‫المدني وم ااني المجتمع‪.‬‬
‫ويممن الق ل‪ ،‬أن ردخ ت كل مم ن من مم نات الحمام على مست ى إر اح م الم النمي ج‬
‫التنم المأم ل رتض ‪ ،‬وفق مررمزات المقارب ال ظا في التشاركي ‪ ،‬كما يلي‪: 122‬‬

‫‪ 120‬عبد الحليم فضل هللا‪ "،‬ر يع المهام بين القطاعين ال ام والخاص في رحقيق اههداف اوجتماعي "‪ ،‬ضمن " دور‬
‫القطاع الخاص في مسار التنمي المستدام وررشيد الحمم في اهقطار ال ربي "‪ ،‬مجم ع مؤلفين‪ ،‬ا‪( ، 1‬بيروت ‪:‬‬
‫المركز ال ربي لألبحاث ودرا السيا ات‪ ، )2013،‬ص‪. 191‬‬
‫‪ 121‬كما ه وارد في التقرير ال ام للتنمي بمصر ل ام ‪ .1995‬أنظر ‪ :‬أحمد ب لبمي‪" ،‬م ض عات وقضايا خ في في رنمي‬
‫الم ارد ال ربي ‪ :‬مقارب اجتماعي ‪-‬اقتصادي "‪( ،‬بيروت ‪ :‬دار الفارابي‪ ،)2007،‬ص ‪.50‬‬
‫‪88‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪ -‬الدولة ‪ :‬في ياق رجسير فج ات أ نم ج رنم قا م‪ ،‬هناك أن اع محددة من اهنشط‬
‫والخدمات و يممن لغير الدول القيام بها‪ ،‬مثل ‪ :‬م اشيات التقاعيد‪ ،‬ممافحي الفقير‪ ،‬المشياريع‬
‫المبرى‪ ،‬برام" الحماي اوجتماعي ‪ .‬وجلك من منظ ر‪ ،‬أن ريدبير هيذه المجياوت – اهنشيط‬
‫والخيييدمات‪ -‬يتضيييمن مخييياار مررف ييي ويتطليييب رمييي ي ً ضيييخما ً‪ ،‬أو هنيييه و يخضيييع لمبيييدأ‬
‫او تب اد‪ ،123‬وو ليات التس ير التلقا يي فيي السي ق‪ .‬هنيا‪ ،‬نجيد ث ثي ارجاهيات متحممي فيي‬
‫صياا الدول لنم ججها التنم ‪:‬‬
‫‪ -‬أو ال‪ ،‬التجاه الق اعي ‪ :‬على الدول اوهتمام بالقضايا الج هري والمهميات اه ا يي ‪ ،‬مثيل‬
‫‪-‬ثانيةاا‪،‬‬ ‫الت لم وال ناي الصحي ‪ ،‬من دون أن رنشغل بمسا ل أقل أهميي ؛‬
‫التجةاه القتاةةا ي ‪ :‬حيييث الجييدوى هييي اه يياس فييي ر يييع المهييام التنم يي – اوقتصييادي‬
‫واوجتماعي ‪ -‬بين الدول وبين باقي مم نات الحمام ‪ .‬والمبدأ ه البحيث عمين يقيدم الخيدمات‬
‫بيأعلى كفيياحة وفاعليي ‪ .‬والدولي عبيير هيذا اورجيياه‪ ،‬عليهييا أن رمي ن جييد حريصي علييى رحديييد‬
‫اههييداف ور ييم السيا ييات ال ام ي ورهييييئ البيئي التشييري ي والقان ني ي ‪ ،‬مييع وضييع ض ي اب‬
‫صارم وملزم لتطبيق جلك؛‬
‫‪ -‬ثالثاا‪ ،‬التجاه الجتماعي الوظي ي ‪ :‬يركز على رحقيق اههداف‪-‬التنم ي بالدرجي اهوليى‪،-‬‬
‫وفيق أعلييى الم ييايير‪ .‬هنييا‪ ،‬ينبغييي عييدم رجاهيل الفاعليي والمفيياحة‪ ،‬لميين الم يييار اههييم هي أن‬
‫رحقق الدول إحدى أهم وظا فها‪ ،‬أ إشباع الحاجات اه ا ي بمست يات مقب ل ‪ ،‬رشمل أو ع‬
‫شييريح ميين السييمان‪ .‬ويييرى هييذا اورجيياه‪ ،‬الخدمي اوجتماعيي ميين منظييار المصييلح ال امي ‪،‬‬
‫م طيا ً اهول ي للمستفيد‪ -‬مستهلك السيا ات التنم ي ‪ -‬على المنت"‪ -‬متخذ السيا ات التنم يي ‪-‬‬
‫وللقطيياع ال ييام علييى القطيياع الخيياص‪ ،‬هنييه اهقييدر علييى الم احميي بييين الميي ارد المتاحيي‬
‫واههداف اوجتماعي المت خاة‪ .‬هنا يت لد مفه م "الدول التنم ي " ‪ ،‬كدول وثيق الصل بمبيدأ‬
‫ال مييد أو التغييير اإلراد ومبييدأ رلبييي الحاجييات اإلنسيياني ‪ .‬فممييا أثبتييت رجييار دول شييتى‪،‬‬
‫خص صا ً دول شرق يا و يممن الركي ن إليى قي ى السي ق لتحقييق نمي راعيي وصيناعي‬
‫جيياد‪ ،‬وميين بييا أولييى و يمميين اوعتميياد عليهييا لتحقيييق رنميي شييامل وعادلي ومسييتدام رفييي‬
‫بالحاجييات اإلنسيياني للم ي اانين‪ .‬وو منيياص ميين اضييط ع الدول ي بقيييادة التنمي ي ميين خ ي ل‬
‫رخطي ق مي شيامل‪ ،‬ومين خي ل اشيتراك الدولي فيي او يتثمار اإلنتياجي– و او يتثمار فيي‬
‫اليينقص الم حييظ فييي قييدرات القطيياع‬ ‫البنيي اه يياس والمرافييق الخدميي فحسييب‪ -‬بمييا ي ي‬
‫الخاص ويتغلب على الخلل في ر جهاره التنم ي ‪ .‬وهذه هيي الدولي التنم يي التيي‪ ،‬وإن كانيت‬
‫رفتر ر ييع قاعيدة الملميي ال امي ‪ ،‬ورف ييل مبياد التخطيي الجياد‪ ،‬إو أنهيا و رسيت جب‬
‫‪ 122‬عبد الحليم فضل هللا ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ص ‪.194-191‬‬

‫يا (اإل م ا)‪ -‬بم نه " النتيج الطبي ي لحزم‬ ‫‪ 123‬ي رف او تب اد –من منظ ر اللجن اوقتصادي واوجتماعي لغر‬
‫مترابط من المشاكل رتضمن ‪ :‬البطال ‪ ،‬ض ف المهارات‪ ،‬الدخل المنخفض‪ ،‬المساكن الرديئ ‪ ،‬الم دوت المررف‬
‫للجريم ‪ ،‬ال ناي السيئ بالصح ‪ ،‬التفمك اه ر ‪"...‬‬
‫‪89‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫إقصيياح القطيياع الخيياص‪ ،‬وو رييدع إلييى ا ييتب اد دور الس ي ق فييي الحييياة اوقتصييادي ‪ .‬فييدور‬
‫القطيياع الخيياص ودور السي ق مطلي شييريط أن يمييارس هييذا الييدور فييي إاييار الت جيهييات‬
‫ال ام للتنمي التيي رضي ها الدولي التنم يي وفيق المصيلح ال انيي ‪ ،‬والتيي رترجمهيا الخطي‬
‫الق مي الشامل للتنمي إلى بيرام" ومشيروعات‪ ،‬ورحيدد ميا يليزم مين يا يات لحسين رنفييذها‬
‫‪.124‬‬
‫– الق اع الخاص ‪ :‬في مجال اوررقاح التنم ‪ ،‬عادة ميا يمي ن القطياع الخياص بيدي ً منا يبا ً‬
‫لتجاو مثبطات التنمي التي يممين أن رلصيق بالتيدخ ت ايير الم فقي للقطياع ال يام‪ .‬وبيذلك‪،‬‬
‫حينما يفشل هذا القطاع اهخير في القيام بمهامه ورأدي وظا فه أو حينميا يمير بأ مي فيي فتيرة‬
‫من فترات ردبيره التنم ‪ ،‬يم ن من الم يم جيداً‪ ،‬فيت المجيال أميام القطياع الخياص‪ ،‬وعليى‬
‫وجه التحديد‪ ،‬على مست ى حمله للمسؤولي المامل والتام في ر فير الخدمات اه ا ي ‪ ،‬ول‬
‫بشمل ا تثنا ي‪ ،‬في إاار ما ي رف "المدخل اإلنقاج ‪. 125" Rescue Approach‬‬
‫همذا‪ ،‬نجد أن دور القطاع الخاص في مسار أ نم ج رنم ‪ -‬التنمي المسيتدام عم ميا ً‪-‬‬
‫حي إليى أب يد الحيدود‪ ،‬حييث التنميي و رت قيف فيي حيال مين اهحي ال كلييا ً عليى ميا يؤدييه‬
‫القطيياع ال ييام ميين دور‪ .‬وشييك أن للقطيياع ال ييام دوراً أ ا يييا ً فييي التنميي ‪ ،‬وكثيييراً مييا رم ي ن‬
‫مشاريع التنمي مت قف على مبادرات منه‪ ،‬إو أن القطاع الخياص‪ ،‬وبخاصي حييث اوقتصياد‬
‫ال ي اني يصييطبئ بإ ييهام بييار ميين جانييب هييذا القطيياع‪ ،‬يييؤد دوراً فييي مسييار التنمييي‬
‫اوقتصادي واوجتماعي ‪.‬‬
‫التنمي و رم ن مسيتدام ‪ ،‬فيي حقيقي اهمير‪ ،‬ميالم رمين ناب ي مين حي يي رلقا يي خ قي ‪ .‬وهيذه‬
‫الحي ي ‪ ،‬و رت افر عم ما ً‪ ،‬إو ب ج د قطاع خاص‪ ،‬رد في أوصاله حركي مشه دة ‪.126‬‬
‫المنطلق ال ظيفي للقطاع الخاص على مست ى الصياا الجيدة ه نم ج رنم ‪ ،‬إجاً‪ ،‬يبر‬
‫مين خي ل اهدوار الرياديي الهامي التيي مييا فتيئ يضيطلع بييه هيذا القطياع فييي ر اييد دعامييات‬
‫اوقتصادات خص صا ً ور زيز حرك التنمي المستدام عم ما ً‪.‬‬
‫‪ -‬المجتمع المدني ‪ :‬الخصيا ص التط عيي التيي رتصيف بهيا المؤ سيات المشيتغل فيي الحقيل‬
‫المدني رج ل منها مؤ سات را دة على مست ى النم ج التنم اليذ ينشيده أ مجتميع مين‬
‫المجتم ييات الحي ي والنابض ي بالغايييات ال ظا في ي القص ي ى‪ ،‬ميين قبيييل رحسييين رفاهي ي عيييو‬

‫‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.32-31‬‬ ‫‪ 124‬إبراهيم ال يس‬


‫‪ "125‬السيا اوجتماعي المتمامل ‪ :‬رؤى وا تراريجيات في منطق اإل م ا"‪( ،‬التقرير الثالث) ‪ (،‬بيروت ‪ :‬اللجن‬
‫يا‪ ، ) 2009،‬ص ‪.55‬‬ ‫اوقتصادي واوجتماعي لغر‬

‫‪ 126‬ليم الحص‪ "،‬القطاع الخاص ومسار التنمي المستدام "‪ ،‬ضمن " دور القطاع الخاص في مسار التنمي المستدام‬
‫وررشيد الحمم في اهقطار ال ربي "‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ص‪.36- 35‬‬
‫‪90‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫م ااني هذه المجتم ات؛ إج يبر عبر جلك‪ ،‬الدور الحا م للف ل التط عي في عمليي التغييير‬
‫الملي ي الم صييل لمجتمييع او دهييار اإلنسيياني‪ .127‬فييي هييذا الشييأن‪ ،‬يبييدو أن اورجيياه ال ي ظيفي‬
‫للهيئات التط عي في شتى مم نارها‪ -‬اه رة والمنظمات الخيري وف اليات المجتمع المدني‪،-‬‬
‫له من السمات اإليجابي النزر المثير‪ .‬وجلك بحمم ربل رها كركن أ ا يي وف يال‪ ،‬فيي رحقييق‬
‫ر افق ا راح والطم حات‪ ،‬بخص ص السيا ات التنم ي – السيا ات اوجتماعي عليى وجيه‬
‫التحديييد‪ ،128-‬مييع ضييرورة اهخييذ ب ييين اوعتبييار‪ ،‬ابي ي ع قتهييا بالفيياعلين ا خييرين‪-‬بيياقي‬
‫عناصر الحمام ‪ ،-‬والمت خي في عمقها المسياهم الفضيلى عليى صي يد مسيت يات الرفيع مين‬
‫مممنات اونتقال التنم الحقيقي‪.‬‬
‫– المواطن ‪ :‬يشمل الم اان حجر الزاوي في أ منظ ر ردبير ‪ /‬رنم ‪ .‬فالتدبير الحديث‬
‫والمتطييي ر‪ ،‬واليييذ يتييي خى‪ ،‬رب يييا ً ليييذلك‪ ،‬الرفيييع مييين القيييدرات التممينيييي التنم يييي لمختليييف‬
‫المؤ سات ‪ /‬التنظيمات‪ ،‬يظيل فيي عمقيه‪ ،‬ومين أجيل رحقيق المبتغيى التنمي ‪ ،‬ي ميل جاهيداً‪،‬‬
‫وفق ليات رجدد نفسها با يتمرار‪ ،‬عليى ميت عناصير ق ريه مين شيرعي او يتجاب لمتطلبيات‬
‫الم اان‪ .‬وهي المسأل التي يتم ا تحضارها في ا ر الخطي واو يتراريجيات والسيا يات‪،‬‬
‫والتي ما فتئت رتخذها الدول في ا ر مجاوت ردخلها التنم ‪.‬‬
‫الم اان كمم ن من مم نات الحمام ‪ ،‬ه " إنسان نم ججي" ‪ :‬رشاركي فاعل ‪ /‬مشارك ف ال‬
‫فيي ييرورة يا ييات الف يل التنمي ‪ ،‬وفيي مسييارات ريدبير قضييايا الشيأن ال ييام‪ ،‬فيي إاييار‬
‫رر يخ مق مات‪ ،‬ما ماه روبرت دال "الديمقرااي المتضامن "‪ ،‬والضامن فيي ج هرهيا‪،‬‬
‫للميي اان اليييديمقرااي‪ ،‬لمييل حق قيييه وحريارييه‪ ،‬والمفيلييي بج لييه يسيييتفيد ميين ثميييار رشييياركه‪/‬‬
‫مشاركته في إر اح اهب اد المؤ ساري للدولي الحاضين لطم حاريه وراباريه فيي الت بيير عين‬

‫‪ 127‬عروس الزبير‪ "،‬المجتمع المدني وبدا ل التغيير ‪ :‬اإلممانيات والحدود"‪ ،‬ضمن " رقرير التنمي اإلنساني ال ربي لل يام‬
‫‪ ، 2004‬نح الحري في ال ان ال ربي‪ ،‬درا ات وبح ث الندوة الدولي المنظم من ارف مركيز الدرا يات الد يت ري‬
‫والسيا ي بت اون مع مؤ س ك نراد أديناور‪ ،‬مراكو ‪ 12-11- 10‬ن نبر ‪ ، " 2005‬رنسيق امحمد مالمي‪ " ،‬دور القطاع‬
‫الخاص في مسار التنمي المستدام وررشيد الحمم فيي اهقطيار ال ربيي "‪ ،‬ا‪( ، 1‬اليدار البيضياح ‪ :‬مطب ي النجياح الجدييدة‬
‫‪ ، )2006،‬ص‪.211‬‬
‫‪128‬‬
‫‪Nicolas Deakin ,« True Partnership» ,New Statesman,20/6/1997.‬‬
‫‪91‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ه اجسه وانشغاوره‪-‬خص صا ً التنم ي ‪ ،-‬جات الصل ال ثيق بالمنطلقيات المرج يي للم ااني‬
‫الحق ‪.‬‬
‫فنتحدث بذلك‪ ،‬وعبير المسياهم اإليجابيي للمي اان فيي ييرورة التنميي ‪ ،‬عين انبثياق لنمي ج‬
‫رنم رشاركي ‪ /‬رضامني‪.‬‬

‫ج‪-‬المن لق المؤسطاتي‬
‫أ صب رحديد دور الدول في رق ي القرارات المؤ ساري ببلد ما‪-‬بما فيها القيرارات التنم يي ‪،-‬‬
‫ضمن بيئ اقتصادي جديدة ومتغيرة‪ ،‬يتأثر باهتمام كل الدار يين والمنظميات الدوليي ورجيال‬
‫اهعمال‪ ،‬هن ر فر عامل الريادة للنشياا او يتثمار والتنمي هي رهيين ب جي د مؤ سيات‬
‫ف الي ومنيياخ م ييم و ليييات وق اعييد وقيييم رضييمن رطي ير او ييتثمار واإلنتييا ‪ .‬كمييا أن نش ي ح‬
‫الطبق ي الريادي ي يحتييا إلييى ق ي ات دفييع مؤ سيياري مهم ي ‪ ،‬حيييث يبييين التيياريخ دا م يا ً أن هييذا‬
‫‪.129‬‬ ‫النش ح ليس من اهم ر التي رتأرى في المدى القصير أو المت‬
‫و يممن التحد الذ ر اجهه كل المجتم ات البشري في خلق نسيق مؤ سياري شيامل‪ ،‬يضيمن‬
‫التنمييي المسيييتديم ورحقيييق أهيييداف ا يييتراريجي ‪ ،‬ق امهييا م اجهييي الفقيير والتهمييييو وبلييي رة‬
‫يرورة مشروع المجتمع المنجز‪.130‬‬
‫وم ل م أن يرورة المجتمع المنجز‪ ،‬رتطلب في الدرجي اهوليى‪ ،‬مين أجيل رحرييك دواليبهيا‪،‬‬
‫ضب ما يسمى "البيئي المؤ سياري "‪ ،‬والتيي ر يرف بم نهيا مجمي ع اإلجيراحات القان نيي ‪،‬‬
‫السيا يي ‪ ،‬القضيا ي والثقافيي التيي رييؤار‪ ،‬ريدفع‪ ،‬ر ييز وريأجن لتبلي ر اهنشيط الشييم لي أو‬
‫الفردي ‪ .‬وهي اهنشط التي رتجذر على مست ى كل بني منظم أو اير منظم ‪.131‬‬

‫‪ 129‬محمد حركات ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 134‬‬


‫‪ 130‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 127‬‬
‫‪131‬‬
‫‪Lyazid Kichou , « Une analyse institutionnaliste de la PME en Algérie» In : «De la‬‬
‫‪gouvernance des PME-PMI: Regards croisés France-Algérie» , Michel Lallement, Mohamed‬‬
‫‪Madoui, Ahmed Bouyacoub ,Abderrahmane Abedou (eds . ) , (Paris : L’Harmattan,2006 ),‬‬
‫‪p.26.‬‬
‫‪92‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ورشير اهدبيات اوقتصادي المهتم بتحديد مختلف كفايات البيئي المؤ سياري ‪ ،‬إليى كي ن هيذه‬
‫اهخيرة‪ ،‬ر مس فيي عميق م ناهيا‪ ،‬مسيت يات التج ييد المؤ سياري لتحقييق اشيترااات التنميي‬
‫اوقتصادي ‪ ،‬بل‪ ،‬وحتى اهوجه اهخرى للتنميي ‪ ،‬وكيذا كيل المم نيات الفاعلي فيي ييروررها‪،‬‬
‫رستلزم المزيد من اوهتمام بال امل المؤارة للبيئ المؤ ساري ‪ ،‬في يياق التر ييخ المسيتمر‬
‫لدعامات النم ج التنم ‪ ،‬والذ عليه أن يجدد نفسه في كل وقت وحين‪.‬‬
‫المنطلق المؤ ساري الخاص ببناح النم ج التنم هيي دولي مين اليدول‪ ،‬هي ر بيير متطي ر‬
‫وملم ي س عيين مجمييل التغييييرات التييي يمميين أن رمييس البنيييات المختلف ي لهييذه الدول ي ‪ ،‬وكييذا‬
‫التح وت التي قد رطرأ عليها بشمل مؤ ساري‪.‬‬
‫إنه‪ ،‬ولما كانت البني السل كي هي أص ب مراحل التح ل الثقافي واوجتماعي‪ ،‬فإن او تفادة‬
‫ميين كييل إنجييا ميين إنجييا ات هييذه المرحل ي رصييب ضييروري ‪ ،‬هن ر ميييم التجرب ي الجز ي ي‬
‫الناجح يفت المجال لحدوث رح وت مجتم ي أو ع‪.‬‬
‫وحيث أن التغير السل كي و يق د بالحتمي إلى إقام بني مؤ سي ‪ ،‬فإن على الدول والمثقفيين‬
‫ورجال اإلع م أن ي مل ا على ر ميق التح وت الثقافي واوجتماعي واوقتصادي والسيا ي‬
‫ور جيهها نح إقام بني مؤ سي رق د إلى رنمي مجتم ي مستدام ‪.‬‬
‫و وايييا النظيير فيمييا يت لييق بهييذه التح ي وت‪ ،‬هييي جييد متن ع ي ‪ ،‬إو أنهييا رييدور كلهييا فييي فل يك‬
‫اهاروح ‪ /‬الفرضي التالي ‪ :‬من المممن أن ربدأ عملي التغيير مين قمي الهيرم اوجتمياعي‬
‫بقيادة الدول ورنزل ردريجيا ً إليى القاعيدة‪ ،‬أو أن ربيدأ مين القاعيدة ورتسيلق يف ح الهيرم إليى‬
‫القم ‪ .‬وه ميا قيد يتبلي ر فيي مختليف ريدخ ت المؤ سيات –الر يمي أو ايير الر يمي ‪ ،-‬فيي‬
‫ويممين القي ل‪ ،‬أن‬ ‫إ اار الب د التشاركي الميتحمم فيي ييرورة التغييير المؤ سياري‪.‬‬
‫هذه اهاروح ‪ /‬الفرضي رضفي‪ ،‬وفي ال ديد من المنا بات أفضيلي لمؤ سيات الدولي عليى‬
‫باقي المؤ سات اهخرى‪ .‬وجليك بيالنظر‪ ،‬إليى كي ن مسيؤولي التغييير‪ ،‬بشيمل عيام‪ ،‬هيي ملقياة‬
‫علييى عييارق الدوليي –ومؤ سييارها‪ -‬بالدرجيي اهولييى‪ .‬وفييي حييال عييدم قيامهييا هييذه اهخيييرة‪،‬‬
‫بمسؤوليارها التنم ي ‪ ،‬يم ن من الص ب حدوث ما يمفي من التح وت السل كي في ال قت‬
‫المنا ب وبالقدر المطل ‪ ،‬لتممين المجتمع من اونتقال بس م إلى مرحل البني المؤ سي ‪.‬‬
‫كمييا أنييه‪ ،‬وميين أجييل اإل ييراع فييي عمليي التحي ل هييذه‪ ،‬وضييمان ي متها و ييلميتها ور زييز‬
‫فييرص نجاحهييا‪ ،‬كييان علييى الدولي أن رأخييذ مييام المبييادرة ورقي م بت ريييف اههييداف التنم يي‬
‫ورحديد اهول يات ور م خط عملي وعلمي لتنفيذها‪ ،‬ورشجيع الفئيات اوجتماعيي والمنيااق‬
‫‪93‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الجغرافيي التييي قط ييت شي اا ً جيييداً علييى اريييق التحي ل علييى نقييل رجربتهييا إلييى بقيي فئييات‬
‫المجتمع‪.132‬‬
‫بناح على هذا‪ ،‬هناك ب ض المتطلبات اه ا ي فيما يتصل بالبناح المؤ ساري الي م لتطي ير‬
‫النماج التنم ي ‪ ،‬بالشمل الذ يج لها رل يب أدواراً إيجابيي فيي رحقييق النتيا " المرجي ة منهيا‬
‫كنماج متحرك ‪ .‬ومن أبر هذه المتطلبات المؤ ساري ‪ ،‬نجد ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬التشخيص ال اق ي والم ض عي للم ارد واإلممانيات المتاح ؛‬
‫‪ -‬اإلدراك ال ميق والمنهجي ل ا ل وأدوات ال مل المؤ ساري؛‬
‫‪ -‬الضمان المستدام للتمامل ال ثيق بين السيا ات المتخذة ‪ :‬محليا ً‪ ،‬جه يا ً ووانيا ً؛‬
‫‪ -‬التنمي المح كم للمشاريع والبرام" المقترح ؛‬
‫‪ -‬اإلشراك الف ال لمل مم نات وعناصر الحمام في صياا ميثاق مؤ ساري ر اقد ؛‬
‫‪ -‬الضب المت ارر و تقرار البني المؤ ساري ورنشيطها؛‬
‫‪ -‬التأ يس المحمم إلمماني التنبؤ بتط رات البني المؤ ساري القا م ‪ ،‬مع يادة مست يات‬
‫ف اليتها وشفافيتها‪ ،‬بشمل دا م وديناميمي‪.‬‬

‫‪ -‬المن لق الترايي‬
‫رجسد مسأل التدبير الترابي‪ ،‬منطلقا ً حقيقيا ً لبل مدارك التنميي المنصيف والمت ا ني ‪ ،‬والتيي‬
‫بإممانها او تجاب ا ني والف ال لمل متطلبات اهفراد والجماعات على ص يد النسق الترابي‬
‫وفق اشترااات مين إنتاجيي ومردوديي وجاجبيي اوقتصياديات الترابيي الجدييدة‪ ،‬وميا لهيا مين‬
‫ان ما ات إيجابي على مست ى يرورة التنمي ‪ ،‬مع ما يررب بها من ضرورة رجاو الفرص‬
‫الضييا ‪ ،‬والتييي قييد ر يؤخر ييبل اإلق ي ع الترابييي الف ييال ورييبخس ميين مجه ي دات مم نييات‬
‫وعناصر الحمام فيي رحقييق كيل ااييات التنميي الترابيي المسيتدام ‪ .‬اهمير‪ ،‬اليذ يج يل مين‬
‫التفمير في بنياح نمي ج رنمي يراعيي منطلقيات التسي يق الترابيي النياج مسيأل حا يم فيي‬
‫ضييمان رنيياام وانسييجام مسييارات التنمي ي ‪ ،‬بسييا ر رجليارهييا‪ ،‬وا تحضييار ميين أجييل كييل جلييك‪،‬‬
‫مختلف اهب اد او تراريجي التي من شيأنها رج ييد الخيدمات الترابيي والرفيع مين نمي عييو‬
‫الفئات المستهدف من يا ات التدبير الترابي‪.‬‬

‫‪ 132‬أنظير ‪ :‬محميد عبييد ال زييز ربيييع‪ "،‬التنميي المجتم يي المسيتدام ‪ :‬نظريي فييي التنميي اوقتصييادي والتنميي المسييتدام "‬
‫‪(،‬عمان ‪ :‬دار اليا ور ال لمي للنشر والت يع ‪.) 2015،‬‬
‫‪94‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ويتجلى المنطلق الترابيي للنمي ج التنمي ‪ ،‬أ ا يا ً‪ ،‬عليى مسيت ى "التنميي المحليي "‪ ،‬واليذ‬
‫ظهر كمفه م را د في بحر الستينيات من القرن المنصرم على إثر النقاشات التي ر الت ح ل‬
‫رهيئ وإعداد الترا ‪ .‬وجلك من أجل م الج اوخت وت القا م بين الجهات‪.‬‬
‫ولقد كان ال الم القرو الحقل اهول لتطبيق مفه م "التنمي المحلي "‪ ،‬لمنه الي م رجاو حدود‬
‫القري إلى المدن‪ ،‬خص صا ً في اهحياح‪.‬‬
‫والتنميي المحليي هييي عمليي ‪ ،‬يمميين ب ا ييطتها‪ ،‬رحقييق الت يياون الف ييال بييين المجهي د الشي بي‬
‫والحم مي ل ررقاح بمست ى التجم ات وال حدات المحلي ‪ :‬اقتصاديا ً واجتماعيا ً وثقافيا ً‪...‬‬
‫من منظ ر رحسين ن عي الحياة لسمان رلك التجم ات المحليي فيي أ مسيت ى مين مسيت يات‬
‫اإلدارة المحلي في منظ م شامل ومتمامل ‪.‬‬
‫إنها عملي رغيير‪ ،‬رتم بشمل قاعد مين اه يفل‪ ،‬ر طيي اه يبقي لحاجييات المجتميع المحليي‪،‬‬
‫ورتأ س على المشارك الفاعلي لمختليف المي ارد المحليي وكيل جليك فيي يبيل ال صي ل إليى‬
‫الرفع من مست يات ال يو واوندما والشرك والحركي ‪.133‬‬
‫من منظ ر اررباا النم ج التنم المنش د بمجاوت حمام ردبير الشأن ال ام المحلي‪ ،‬وفي‬
‫إاار الرابي الجم يي لتقا يم ورشيارك المسيؤوليات التنم يي ‪ ،‬فإننيا‪ ،‬وعبير رحلييل ال دييد مين‬
‫مؤشيييرات اليييدفع بقيييدرات وإممانيييات كيييل عناصييير الحمامييي فيييي ارجييياه رنظييييم وصيييياا‬
‫او تراريجيات والسيا ات الترابي ‪ ،‬ين حظ‪ ،‬بشيمل جليي‪ ،‬اررفياع أهميي مسياهم المجتميع‬
‫المدني في مختلف مست يات ردبير قضايا الشأن "الترابي" المحلي‪ .‬وجلك‪ ،‬من منطلق‪ ،‬ربل ره‬
‫كشريك جديد للحمام – الترابي باه اس‪ .-‬إج‪ ،‬أضحى المجتمع الميدني‪ ،‬وفيق هيذا الم طيى‪،‬‬
‫بالبرام" والمشاريع التنم ي المحلي ‪ ،‬خاص ‪ ،‬ب د أن باحت بالفشل‬ ‫فاع ً أ ا يا ً في النه‬
‫اليييذريع مختليييف الجهييي د الف قيييي والقطاعيييي للدولييي ‪ .‬حييييث عيييادة‪ ،‬ميييا ييييتم إعيييداد ورحضيييير‬
‫المخططات التنم يي –بميا فيهيا حتيى المخططيات المحليي ‪ -‬عليى صي يد مركيز ‪ ،‬دون القييام‬
‫بالتشخيص الضرور والمسبق للحاجيات ومتطلبات الفئات المستهدف محليا ً‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬فمؤ سات المجتميع الميدني هنيا‪ ،‬وبغيي الخيرو السيليم مين رخبطيات "الميأ ق‪ /‬الفيخ‬
‫التنم "‪ ،‬رظل مسأل إي هيا ال نايي ال مي ‪ ،‬أميراً مين اههميي بمميان‪ ،‬بحميم ر فرهيا عليى‬
‫شرعي "القر " من الساكن المحلي ‪ ،‬مما ييسر لها‪ ،‬بالضرورة‪ ،‬إممانات وظروف المساهم‬
‫اإليجابيييي والف الييي فيييي وضيييع المبيييادرات‪-‬النمييياج ‪ -‬التنم يييي وإنجا هيييا ورتب هيييا ورقييمهيييا‬
‫ورق يمها‪ ،‬وكذا لت لها المت اصل بجمل من ا ليات القمين بالتأ يس الف لي والف يال للتيدبير‬
‫الترابي او تراريجي‪ ،‬والتي رر م لها م يالم خاراي ارييق حقيقيي ‪ ،‬رممنهيا مين بنياح نمي ج‬

‫ياد عب د عل ش ‪ "،‬لبنان التنمي ‪ :‬فاق ورحديات" ‪ ( ،‬بيروت‪ :‬دار الفارابي‪ ، )2014 ،‬ص‪. 59‬‬ ‫‪133‬‬
‫‪95‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫رنم " ق "‪ ،‬يمت عناصر ريادره من هذا التيدبير الترابيي‪ ،‬واليذ ييروم أ ا يا ً فيي كنهيه‪،‬‬
‫بل ي أهييداف التنمي ي الترابي ي "المسييتدام "‪ .‬وجلييك باعتبييار رأ سييه علييى مق مييات رشيياركي‬
‫"جكي " رضمن التنسيق الم ع بين مختلف الفاعلين الترابيين‪.‬‬
‫من ال اض جداً‪ ،‬أن فلسف التدبير الترابي او تراريجي‪ ،‬إجاً‪ ،‬هي في حقيق أمرها‪ ،‬رهان من‬
‫رهانات بناح دول الحمام ‪-‬الترابي باه اس‪ ،-‬مع ما يررب بها من مباد التشيارك والت ياون‬
‫والمأ سي والقيير ‪ ،‬والتييي بإممانهييا رثمييين مقييدرات ومممنييات الف ييل الترابييي السييا د‪ ،‬وج لييه‬
‫مررمزاً من مررمزات الديمقرااي المحلي ‪ .‬وجلك لن رتحقق مراميه‪ ،‬إو بالحرص اهكيد على‬
‫القيام ب ملي إدما ف ال ومتماهي للمشاريع الترابي في ييرورة النمي ج التنمي المنشي د‪،‬‬
‫مع ضرورة اهخذ ب ين اوعتبار كل مست يات التشيخيص الشيم لي لمي اان القي ة والضي ف‬
‫لمل يرورة رنم ي ررابي ‪ ،‬وعلى ص يد شتى مجاوت الف ل الترابي‪.‬‬
‫لقييد أثبتييت المثييير ميين التجييار التراكميي والممار ييات الفضييلى فييي مجييال التييدبير الترابييي‪،‬‬
‫خاص على مست ى صياا ورنفيذ السيا ات ‪-‬البرام" والمشاريع‪ -‬التنم يي ضيرورة إر ياح‬
‫نم من الحمام الترابي ‪ ،‬قادر في عمق جاريه‪ ،‬عليى رحقييق اايتيه القصي ى‪ ،‬أو وهيي وضيع‬
‫لبنيييات الصيييرح اليييديمقرااي الترابيييي الحقيقيييي ور اييييد أركانيييه فيييي كيييل مسيييت يات التنميييي‬
‫وامتدادارها الشم لي ‪.‬‬

‫ه‪-‬المن لق التوزيعي‬
‫المنطلق الت ي ي ه اه ياس القيميي اليذ ييدور فيي فلميه أ نمي ج رنمي يتي خى رييادة‬
‫المجتمع واوررقاح بمم ناره الم ياري ‪ .‬وهي المسأل ‪ ،‬التيي قيد رتجسيد ب يض رجليارهيا المبيرى‬
‫فيييي التميييا المفيييرو بيييين المفييياهيم جات الصيييل بالتنميييي ‪ ،‬مييين قبييييل مفهييي مي "ال دالييي‬
‫اوجتماعي " و"التنمي المستدام "‪.‬‬
‫فحسب ال ديد من الباحثين‪ ،‬هناك رراب وثيق بين ال دال اوجتماعي وا تدام التنمي ؛ فالبدح‬
‫بال دالي ينتهييي بنييا إلييى ضييرورة مراعيياة مطلييب او ييتدام والبييدح باو ييتدام ينتهييي بنييا إلييى‬
‫ال دال كشرا ضرور ل تدام ‪.‬‬
‫والحيق أن ال دالي اوجتماعيي وا يتدام التنميي وجهييان ل ملي واحيدة‪-‬خاصي عليى المسييت ى‬
‫الت ي ي‪ ،-‬إج أن ك منهما م ني باإلنصاف في ر يع الحقي ق والفيرص والمزاييا واهعبياح‬
‫بين الناس في المجتمع الذ ي يش ن فيه‪ ،‬وبين مجتم هم والمجتم ات اهخيرى‪ ،‬وفيي ميا بيين‬
‫الزمن الحاضر والزمن المقبل‪.134‬‬

‫‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪.‬‬ ‫‪ 134‬إبراهيم ال يس‬


‫‪96‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وربييير أهميييي المنطليييق التييي ي ي بخصييي ص إممانيييات التنميييي ‪ ،‬مييين خييي ل خليييق التييي ان‬
‫الضرور بين إنتا هذه اإلممانات ور ي ها‪ .‬وجلك من منظي ر‪ ،‬أن وفيرة اإلنتيا ميع ي ح‬
‫الت يع ه احتمار‪ ،‬كما أن عدال الت يع دونما إنتا كاف ه ر يع للفقر والبؤس‪.135‬‬
‫كما رتأكد ب ض مات المنطلق الت ي ي الخاص بالنم ج التنم في ما ينت" عن ييرورة‬
‫التنمي من خيرات اجتماعي ‪ ، Social Goods‬والتي من ال م التفميير ال مييق فيي ميلوت‬
‫ر ي ها بين أفيراد المجتميع ال احيد‪ ،‬وفيق اشيترااات جهنيي م يني ‪ .‬فلييس مين الصيحي ‪ ،‬أن‬
‫نتص ي ر أن النيياس ي مل ي ن علييى ر يييع الخيييرات اوجتماعي ي ‪ ،‬فميين الضييرور قبييل ر يييع‬
‫الخيرات والت امل م ها‪ ،‬أن يمي ن هفيراد جليك المجتميع ر اصيل م نيا ي ميع رليك الخييرات‪،‬‬
‫فتص رهم الخياص للخييرات يج لهيم يصي ا ن ع قيارهم عليى أ ا يها ويفميرون بترريبيات‬
‫لت ي ها والت امل م ها‪.136‬‬
‫هنا‪ ،‬كما يرى مايمل والزر ‪137 Michael Walzer‬في نظريته الخاص بالخيرات ‪Theory‬‬
‫‪ ، of goods‬أن الخيييرات اوجتماعي ي هييي وحييدها م ض ي ع ال دال ي اوجتماعي ي والت يييع‬
‫ال ادل‪ .‬وعليه‪ ،‬فيالخيرات الفرديي والقييم ايير اوجتماعيي والفرديي ليسيت م ضي عا ً لل دالي‬
‫الت ي ي وو يممنها أن رم ن كذلك‪ ،‬فإن اهم ر التيي لهيا قيمي عنيد شيخص ب ينيه وو رمي ن‬
‫كذلك عند ا خرين و رشملها ال دال الت ي ي بطبي الحال‪.‬‬
‫إن الخيرات رصنع فيي ال مليي اوجتماعيي – مين منظي ر ربل رهيا‪ ،‬باه ياس‪ ،‬كنتيا خيالص‬
‫لل ملي ي التنم ي ي ‪ ،-‬ورصييل أجهييان أفييراد المجتمييع ح ي ل ك نهييا خيييراً ورشييمل وعي يا ً مشييتركا ً‬
‫وعاما ً‪ .‬ويممن على ض ح جليك‪ ،‬رحدييد أهميي الخييرات التنم يي ‪ ،‬والتيي ر تبير ثميار م ياريي‬
‫لسيرورة التنميي ‪ ،‬مين منظي ر اليدور الحيي اليذ رضيطلع بيه الخييرات اوجتماعيي عم ميا ً‬
‫على مست ى صياا ال قات والرواب اوجتماعي ‪ .‬وه الدور‪ ،‬الذ يظيل رهينيا ً فيي كنهيه‬
‫بالتص ر والم نى الذ يحمله أفراد كل مجتميع لخييرارهم اوجتماعيي ‪ .‬وعليى اليرام‪ ،‬مين أن‬
‫أ يل ر يييع الخييرات مهييم‪ ،‬لمين اههييم منيه هي إيضياح التصي ر اليذ يحملييه أفيراد كييل‬
‫مجتمع عن الخيرات‪ ،‬ويصل ن على أ ا ه إلى فمرة وم نى عام لها‪.‬‬

‫ياد عب د عل ش‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 11‬‬ ‫‪135‬‬

‫ونقد "‪ ،‬ررجم حيدر نجف ‪ ،‬ا‪( 1‬بيروت ‪ :‬مركز الحضارة لتنمي الفمر‬ ‫‪ 136‬أحمد واعظي‪ "،‬نظريات ال دال ‪ :‬درا‬
‫اإل مي ‪ ، )2017،‬ص ‪. 339‬‬
‫في مؤلفه ‪"Spheres of Justice: A Defense of Pluralism and Equality ":‬‬ ‫‪137‬‬
‫‪97‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫على هذا النح ‪ ،‬فإننا نجد أن فمرة ال دال في كيل مجتميع مين المجتم يات‪ ،‬رتيأثر بتفسيير جليك‬
‫المجتمييع لسيياح الخيييرات اوجتماعيي وأصي ل الت يييع ال ييادل لتلييك الخيييرات وم يياييره لييه‬
‫ع ق مباشرة بتفسير جلك المجتمع لمل واحد من رلك الخيرات‪.138‬‬
‫المنطلييق الت ي ي ي‪ ،‬قييد يبييدو ميين جه ي أخييرى‪ ،‬فييي رجليييات ر يييع المنييافع والخيييرات علييى‬
‫الطبقات المت اجدة على ص يد أ نسق اجتماعي ا د – يتمثل أ ا ا ً في مستلزمات النم ج‬
‫التنم القا م‪ .-‬فمما يرى جلك‪ ،‬عزمي بشارة‪ ،‬فال دال ‪ ،‬ر ني‪ ،‬االباً‪ ،‬ري ؤم حصيص مختلفي‬
‫من المنافع أو الخيرات مع المرارب والطبقات المختلف ‪ .‬كميا أنهيا ر نيي وجي د نظيام مضيب ا‬
‫من ر يع الحصص في الثروة والجاه والسلط وال وح أيضا ً‪ ،139‬أ ر يع كل ما ينيت" عين‬
‫النم ج التنم من اومتيا ات والخيرات اهولي ‪ ،‬وكذا الم ارد والخيدمات المتن عي ‪-‬ماديي‬
‫أو م ن ي ‪ ،-‬وبشمل عادل‪ ،‬متساو ومنصف‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬يت لد مفه م "ال دالي الت ي يي "‪ ،‬والتيي رخيتص بت ييع ميا يبق جكيره ‪ :‬اومتييا ات‪،‬‬
‫الخيرات‪ ،‬الم ارد‪ ،‬الخدمات‪ ...‬مع ضرورة إي ح ال ناي ال م لألب اد المؤ ساري المت لق‬
‫بهذا الن ع من ال دال ‪ ،‬والتيي نجيد أن مين اإلشيماليات الر يسيي المرربطي بيه‪ -‬كميا ييرى جليك‬
‫جي ن رولييز فييي ييياق حديثييه عيين المؤ سييات الخلفيي لل دالي الت ي يي ‪ ،-‬هييي اختيييار نظييام‬
‫اجتماعي رطبق مباد ال دال على البني اه ا ي ورنظم كيف رجميع مؤ سيارها الر يسي فيي‬
‫مخط ي واحييد‪ .140‬وعدال ي الت يييع هارييه‪ ،‬هييي مرربط ي أكثيير بالمسييا ل التنم ي ي ؛ فهييي ربيير‬
‫كقضي مهم في ر يع ع ا د التنمي ‪ ،141‬في إاار من التماهي والتمامل المطلقين مع ال دال‬
‫الت يضي أو التصحيحي ‪ ،‬والتي رت خى في عمقها الم يار ‪ ،‬خلق التنا ب المفق د وضيمان‬
‫المساواة في ال دال الت ي ي ورحققها الف لي والف ال‪.‬‬

‫‪-2‬أنماط النموذج التنموي‬


‫إن النم ج التنم ه كل إاار مؤ ساري‪ ،‬االبا ً‪ ،‬ما يم ن مفمر فيه بشيمل دقييق ومنهجيي‪.‬‬
‫وه اإلاار ال ام‪ ،‬الذ يرصد من خ له أوجه رط ر الف ل التنم ببلد ما‪ ،‬إج نجيد فيي هيذا‬
‫الصيدد‪ ،‬أنييه هنيياك نميياج رنم يي رأ ييمالي ‪ ،‬وهنيياك نميياج رنم يي اشييتراكي ‪ ،‬وهنيياك نمياج‬
‫رنم ي ي "ا ييتثنا ي " كييالنم ج الصيييني‪ ،‬حيييث ال ج ي د الق ي والهيمن ي المفرا ي للدول ي فييي‬
‫دواليييب اوقتصيياد والمجتمييع‪ ،‬وهنيياك نمياج رنم يي رنبنييي علييى رميياهي بييين القطيياع الخيياص‬

‫ابق الذكر ‪ ،‬ص ص ‪. 338- 337‬‬ ‫‪ 138‬أحمد واعظي‪ ،‬مرجع‬


‫‪ 139‬عزمي بشارة ‪ ،‬ضمن " ما ال دال ؟ م الجات في السياق ال ربي " ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 140‬ج ي ن رولييز‪ " ،‬نظري ي فييي ال دال ي "‪ ،‬ررجم ي ليلييى الط يييل‪ ( ،‬دمشييق ‪ :‬منش ي رات الهيئ ي ال ام ي الس ي ري للمتييا‬
‫‪ ، )2011،‬ص ‪.344‬‬
‫‪ 141‬ص ح هاشم ‪ "،‬ال دال والحق في التنمي "‪ ( ،‬الجيزة ‪ :‬أالس للنشر واإلنتا اإلع مي ‪ ، )2018،‬ص ‪.23‬‬
‫‪98‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫والقطاع ال ام في التدبير‪ ،‬كما ه الشأن للدول اإل يمندنافي ‪ ،‬خاصي عليى مسيت ى ر ييع أو‬
‫إعادة ر يع الثروة‪ .‬وهناك نماج رنم ي "إ مي " قا م على دعاميات التمافيل والتضيامن‪،‬‬
‫من خ ل التأكيد على فريضي الزكياة كتنظييم اجتمياعي رسيهر الدولي عليى ضيبطه ورمريسيه‬
‫كمنطلق لتحقيق مصلح الب د وال باد‪.‬‬

‫أ‪-‬النموذج التنموي الرأسمالي‬


‫يرى ال ديد من المشتغلين في درا ات النماج اوقتصادي ‪ -‬رام أن جلك االبا ً ما يتم في وفق‬
‫أحمييام قيمي مطلقي ‪ ،-‬أنييه ممييا وشييك فيييه‪ ،‬كي ن النظريي الرأ ييمالي هييي صيياحب الفرصي‬
‫اهفضل بين النماج البديل المتاح في الساح ‪ .‬فقد مضى على رط يرها قرون خض ت فيه‬
‫للتجار المثيرة الناجح والفاشل ‪ ،‬مما أكسبها مع ال قت ق ة وصي ب ‪ ،‬ليم ريت لغيرهيا مين‬
‫النظريات الديني أو اوشتراكي ‪.‬‬
‫لقد ربلي رت النظريي الرأ يمالي عليى ييد دام يميث ودافييد ريمياردو وجي ن يتي ارت مييل‬
‫واييييرهم فيييي المملمييي المتحيييدة وفيييي فرنسيييا واييييرهم فيييي ألمانييييا‪ .‬و يييميت "النظريييي‬
‫الم يييمي " الم تمييدة أ ا يا ً علييى فمييرة الحري ي اوقتصييادي فييي الم ييام ت داخييل الدول ي‬
‫ال احدة بأدنى درجات التدخل المممني فيي القطياع ال يام‪ ،‬وفيي الم يام ت بيين اليدول‪ ،‬بيأدنى‬
‫درجات القي د الممي والس ري ‪.‬‬
‫اعتمدت الرأ مالي على فمرة بسيط مفادها‪ ،‬أن اإلنسيان فيي ي يه لتحقيقيه أهدافيه وراباريه‬
‫ا ني يحقق بفضيل الييد الخفيي ‪ -‬أو ايير المر يي ‪ ،142The invisible hand -‬ميع ا خيرين‬
‫الذين يتصرف ن مثله‪ ،‬الحد اهعلى المممن من رفاه المجتمع‪ .‬ويشير دم ميث‪ ،‬إلى أن "اليد‬
‫الخفيي للسي ق"‪ -‬أ السي ي المت اصييل للبشييري للت صييل إلييى النظييام ‪ Order‬عبيير التبييادل‪-‬‬
‫ر مل فقي ‪ ،‬فيي ظيل ظيروف م يني ‪ ،‬عنيدما يصيب التبيادل مممنيا ً ومتحيرراً مين قيي د ورقابي‬
‫الدول ‪ .143‬وقد أضيف رفسير جديد إلى فمرة اليد الخفي ‪ ،‬وه إن اوقتصياد المنيافس والحير‬
‫الذ يسم بالحرك الحرة اير المقيدة لأل ار والملميات‪ ،‬فإن اوقتصياد يمي ن قيادراً عليى‬

‫‪ 142‬حسييب الم ي ع الحييرة "ويميبيييديا"‪ ،‬ف يإن "اليييد الخفي ي )‪ ، ) Invisible hand‬هييي ا ييت ارة ابتمرهييا اوقتصيياد‬
‫او متلند دم ميث‪ ،‬والذ قام بشرحها كمبدأ في كتابه الشهير "ثروة اهمم" باإلضياف إليى مؤلفيات أخيرى‪ ،‬إج يقي ل فيي‬
‫هذا الصدد‪ ،‬بأن الفرد الذ يق م باوهتمام بمصلحته الشخصيي يسياهم أيضيا ً فيي اررقياح المصيلح الخييرة لمجتم يه كميل مين‬
‫خ ل مبدأ "اليد الخفي "‪ .‬ويشرح جلك‪ ،‬بأن ال ا د ال ام للمجتمع ه مجم ع ع ا د اهفراد‪ .‬وعلى الرام من ك ن دم ميث‪،‬‬
‫ا ت مل المصطل لث ث مرات فق ‪ ،‬إو أنه عرف انتشارا ً وا ا ً ومنقطع النظير‪.‬‬

‫‪ 143‬ر ماس س‪ .‬بارر ن ‪ "،‬التغيير والتنمي في القرن ال شرين"‪ ،‬ررجم عزة الخميسى ‪ ،‬ا‪ ( ، 1‬القاهرة ‪ :‬المجلس‬
‫اهعلى للثقاف ‪ ، )2005 ،‬ص‪. 41‬‬
‫‪99‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫إعادة الت ان إلى جاره‪ ،‬بق ره الذاري ‪ ،‬من اير ريدخل خيارجي (حمي مي أو اييره )‪ .144‬مين‬
‫منطلييق م الجي ني ار" المشييمل اوقتصييادي ‪-‬والتييي رختصيير فييي كي ن المي ارد محييدودة نسييبيا ً‬
‫والحاجات التي رقابلها متزايدة ومت ددة‪ -‬يتبل ر النم ج التنم في النظام الرأ مالي‪.‬‬
‫ورجدر اإلشارة هنا‪ ،‬إلى أن ما يحمم عملي اإلنتا في هذا النظيام‪ ،‬هي ليي السي ق (ال ير‬
‫والطليب)‪ .‬فيي هيذا الصيدد‪ ،‬يممين القي ل‪ ،‬أنيه و ر جيد أوامير إداريي محيددة ريتحمم بييال ر‬
‫والطلب‪ ،‬بل إن هنالك اليد الخفيي ‪ ،‬والتيي ر فيق بيين القيرارات اوقتصيادي ‪ .‬فيالرب هي اليذ‬
‫يحرك اإلنتا ‪ ،‬واررفاع الس ر يغر المشياريع الرأ يمالي بيالرب ‪ ،‬و ييادة الطليب هيي التيي‬
‫رؤد إلى اررفياع السي ر؛ فيمي ن اإلنتيا ‪ ،‬فيي النهايي ‪ ،‬م جهيا ً مين قبيل المسيتهلمين القيادرين‬
‫علييى الشييراح ومميفيا ً ابقيا ً لرابييارهم وحاجييارهم‪ ،‬والتييي ي بيير عنهييا‪ ،‬ميين خي ل يييادة الطلييب‬
‫واررفاع الس ر‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن الطلبات جات القي ة الشيرا ي الضيخم ‪ ،‬هيي التيي رحتمير اإلنتيا‬
‫ور جهه ورملي إرادرها عليه‪.145‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬نجد‪ -‬وفي ياق التطبيقيات التنم يي لميا يسيميه بي ل فيابرا "رميز الييد الخفيي أو‬
‫الرأ يييمالي ‪ /‬اقتصييياد السييي ق عييياملين‬ ‫ايييير المر يييي "‪ ،-‬أن ميييا يحيييرك اوقتصييياد التنمييي‬
‫اثنين‪: 146‬‬
‫اإلرا ة الةرة ‪ :‬فما يميز أرمت ما‪ ،‬في اوقتصاد‪ -‬كما في الفيزياح أو الميمانيك‪ ،-‬ه أنه عندما‬
‫يؤثر في بب ما‪ ،‬نستطيع بص رة م ق ل ‪ ،‬أن نتأكيد مين الحصي ل عليى نتيجي ميا‪ .‬وهيذا‬
‫ي ني أن اقتصاداً رتفاعل ضمنه ا ليات ال تيدة ه في ال اقع‪ ،‬اقتصاد جييد الضيب ‪ ،‬يسيتطيع‬
‫فييه اإلنسييان‪ ،‬أن يمي ن حييراً‪ ،‬بقيدر مييا يممنييه جلييك‪ ،‬إجا ييمينا الحريي اإلممانيي المتاحي لييه‬
‫لممار ف ل واع‪ .‬وهذا حقا ً أفضل ربرير للسي ق ‪ :‬مياهي السي ق‪ ،‬إن ليم رمين ممانيا ً يحيدد‬
‫فيه الس ر بالف ل الحر ل دد كبير من ال م ح اوقتصاديين؟‪ .‬إن على السلط ال ام ‪ ،‬من أجل‬
‫أن رؤثر في ق ما‪ ،‬أن رستند بالت ريف إليى ف يل ا خيرين‪ .‬وهيذا‪ ،‬ي نيي أن لييات اقتصياد‬
‫ق جيد الضب ‪ ،‬رنجم عن إرادة االبي ال م ح اوقتصاديين‪ ،‬وو رفر عليهم كما يقال‪.‬‬
‫القةةوة العقالنيةةة ‪ :‬فاقتصيياد السي ق‪ -‬وعمييس اوقتصيياد المخطي الييذ يمي ن أدنييى رنظيميا ً‬
‫بمثييير منييه –‪ ،‬رم ي ن فيييه المشييروعات حييرة فييي حركارهييا‪ .‬وميين ثييم‪ ،‬فمييل مش يروع فييي هييذا‬
‫اوقتصاد‪ ،‬عليه أن يتصرف بأكبر قدر مممن مين ال ق نيي ‪ ،‬هنهيا هيذه الطريقي هيي وحيدها‪،‬‬

‫‪144‬ج اد ال ناني‪ "،‬البحث عن نم ج اقتصاد جديد"‪ ،‬ضمن " اوقتصاد بين نظريتين الس ق اوجتماعي واإل مي نح‬
‫خطا إ مي ديمقرااي مدني ‪ ،"3-‬مؤلف جماعي‪( ،‬عمان‪ :‬مركز القدس للدرا ات السيا ي ‪ ، )2010 ،‬ص ص ‪-9‬‬
‫‪.10‬‬
‫ياد عب د عل ش ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 25‬‬ ‫‪145‬‬

‫‪ 146‬ب ل فابرا ‪ "،‬اقتصاد المستقبل "‪ ،‬الجزح اهول‪ ،‬ررجم أنط ن حمصي‪( ،‬دمشق ‪ :‬منش رات و ارة الثقاف ‪)1994،‬‬
‫‪ ،‬ص ص‪.81-77‬‬
‫‪100‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫التي يستطيع أن يبلئ بها ااياره الذاري ‪ .‬وربر الق ة ال ق نيي التيي يتسيم بهيا اقتصياد السي ق‪،‬‬
‫أ ا ا ً‪ ،‬فيما يتم ارخاجه من قرارات على شمل رص يبات للمشروعات القا م ‪ .‬في هيذا الشيأن‪،‬‬
‫وإجا كان اوقتصاد المخط ‪ ،‬وبغي أن يتطابق مع ال اقيع‪ ،‬يلزميه القييام بيأمرين اثنيين ‪ :‬أووً‪،‬‬
‫أن يتصرف بممي كبيرة من الم ل مات‪ .‬وثانيا ً‪ ،‬أن يملك قيدرة عليى المحاكمي والتنبيؤ أعليى‬
‫بمثير من القيدرة التيي رحتيا إليهيا كيل أنيا خاصي ‪ ،‬عليى اعتبيار أن واجبيه و يقتصير عليى‬
‫التقرير نياب عنها‪ ،‬بل يشمل الت فيق بين مختليف القيرارات التيي يحملهيا عليى ارخاجهيا‪ ،‬فيإن‬
‫الس ق الحرة‪ ،‬وعمس جلك رماماً‪ ،‬و حاج لها بالتصري ب دم الت افق على مست ى كيل أنيا‪،‬‬
‫هنه يش ر ف راً‪ ،‬رقريبا ً‪ ،‬بلثياره‪ ،‬بمجيرد أن رمي ن المنافسي عليى ميا يمفيي مين القي ة‪ .‬ومين‬
‫هنا‪ ،‬التصحي الدا م لب ض او تراريجيات بب ضها ا خر ( المشيروع "أ" يحميم با يتمرار‬
‫رص يبه بم جب ما رقرره المشروعات " " و " "‪ ...‬إلخ وال مس بال مس)‪ .‬وعليى ضي ح‬
‫جلك‪ ،‬رنبثق م م الخط المنزلق لمحاول حل المسيا ل التيي و رحصيى‪ .‬وهي ميا يج لهيا‪،‬‬
‫رييركض كخط ي وراح ال ق ني ي الف ري ي التييي هييي عق ني ي الس ي ق‪ ،‬والتييي يمميين‪ ،‬رياضيييا ً‪،‬‬
‫رحليلها‪ ،‬ب صفها‪ ،‬في حدها اهقصى الخط المامل ‪.‬‬
‫إن النم ج التنم الرأ مالي‪ ،‬ووفق السمات الخاص باقتصاد الس ق‪ -‬التنافسيي ‪ ،‬التي ا ن‪،‬‬
‫اإلرادة الحرة والق ة ال ق ني ‪ ،-‬كان بالنسب لل ديد من دول ال الم الثاليث‪ ،‬بميا فيهيا المنطقي‬
‫ال ربي ‪ ،‬نم ججا ً "مثاليا ً" ينبغي بالضيرورة اوحتيذاح بيه والسيير عليى من اليه‪ ،‬إج ي ت هيذه‬
‫الدول إلى ا تيراد النم ج التنمي الرأ يمالي‪ ،‬إو أنهيا ليم رفلي بتاريا ً فيي أن رسيتنبته‪ ،‬بشيمل‬
‫ليم ومثمر‪ ،‬في مجتم ارها النامي ‪ ،‬بقدر ما ظلت رتخب في ميأ ق التب يي لل يالم الرأ يمالي‪،‬‬
‫وانتظار م ناره اوقتصادي والفمري والتمن ل جي ‪ ،‬فمانت النتيج أن فشيلت م ظيم مشياريع‬
‫التنميي المسييت ردة ميين الغيير ‪ .147‬ونييرى ميين وجهي نظرنييا‪ ،‬أن هييذا الم طييى‪-‬وفييق ب ديييه ‪:‬‬
‫التب ي المطلق وعدم مراعاة الخص صيات المرربط بالتجار المستلهم للنمي ج المحتيذى‬
‫به أو خص صيات او تنبات‪ -‬ي د من اه با ال جيه والم ض عي التي اهمت‪ ،‬وبشمل‬
‫كبير‪ ،‬في فشل م ظم النماج التنم ي السا دة في بلدان ال الم النامي‪.‬‬

‫ب‪-‬النموذج التنموي الشتراكي‬


‫أدت نتييا " الث ي رة الفرنسييي والتح ي وت الصييناعي التييي عرفتهييا أوروبييا الغربي ي إلييى عييدة‬
‫رناقضات مجتم ي بين ال مال والصناعيين المبار‪ ،‬رمثلت أ ا ا ً فيي ريدني اهجي ر وا يتخدام‬
‫اهافال واررفاع اعات ال ميل‪ ،‬حييث أثيارت هيذه ال ضي ي ليدى اهو ياا الفمريي رد ف يل‬
‫عنييييف رجليييى فيييي بلييي رة فمييير منييياهض للفمييير الب رجييي ا ‪ ،‬يسيييتهدف إعيييادة النظييير فيييي‬
‫ميمانيزمات الت يع وإ الي الفي ارق بيين الطبقيات اوجتماعيي وجليك بخليق مجتميع مين ني ع‬
‫‪ 147‬علي عبد الفتاح ‪ "،‬اإلع م الدبل ما ي والسيا ي"‪( ،‬عمان ‪ :‬دار اليا ور ال لمي للنشر والت يع ‪ ، )2014،‬ص‬
‫‪.152‬‬
‫‪101‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫جديد رزول فيه الملمي الفردي وو ا ل اإلنتا ‪ ،‬وكان هذا الفمر ه الفمر اوشيتراكي‪ ،‬اليذ‬
‫ا تطاع من خ ل رراكماره الفمري واإليدي ل جي أن يظهر في بداي القرن ال شرين كإايار‬
‫اقتصاد واجتماعي يتي الفرص للفرد في رحقيق جاره وإشباع حاجياره‪.148‬‬
‫هميذا يمميين القي ل‪ ،‬أن الفميير اوشييتراكي‪ ،‬كفمير مييؤار للف ييل التنمي المنشي د‪ -‬ا باوييا ً أو‬
‫علمي يا ً‪ -‬علييى ص ي يد المجتمييع الشييي عي‪ ،‬وفييي ييياق رؤيتييه التاريخي ي لتغيييير ال ييالم‪ ،‬يييق م‬
‫بتث ي ير جييذر هييام فييي البنيييات اوقتصييادي واوجتماعي ي والسيا ييي والثقافي ي القا م ي علييى‬
‫مست ى النسق التنم الرأ مالي‪.‬‬
‫لقد شمل الفمر اوشتراكي‪ -‬اح بخص ص ب ده الط باو اهول أو ب يده ال لميي المطي ر‪-‬‬
‫أ داة حا م لتص يب انحرافات ورصحي اخت وت القييم الم ياريي التيي بنيي عليهيا النمي ج‬
‫التنم الرأ مالي‪.‬‬
‫فالنم ج اوشتراكي‪ ،‬عبر جلك‪ ،‬جاح كرد ف ل على الت جه الرأ مالي الغربي‪ ،‬إج ى حثيثا ً‬
‫إلى ا تبدال أالب مباد الرأ مالي ومق ورهيا‪ ،‬بيرؤى مثاليي جدييدة‪ .‬وقيد انطبيق جليك أيضيا ً‬
‫على مفه م "التنمي "‪ ،‬حيث يذهب اوشتراكي ن التقليدي ن إلى أن التغييير الي اق ي و ييتم إو‬
‫بالتنمي اوجتماعي الم جه ‪ ،‬اعتباراً إلى أن التغيير –من منظ ر الفمر الماركسي أ ا ا ً‪ -‬و‬
‫الجيييذر عليييى المنظ مييي اوجتماعيييي القديمييي ‪،‬‬ ‫يتيييأرى إو عييين ارييييق الثييي رة‪ ،‬واونقييي‬
‫ور يضها بتركيب مجتم ي جديدة‪ ،‬رتأ س على الجماع وليس على الفيرد‪ ،‬كميا فيي النظيام‬
‫الرأ مالي‪.149‬‬
‫كميييا أن النمييي ج اوشيييتراكي‪ ،‬وفيييي يييياق الرفيييع مييين ورييييرة اشيييتغال ييييرورة التنميييي فيييي‬
‫المجتم ات الشي عي ما فتئ يق م على دعامات مهم ‪ ،‬من قبيل ‪:‬‬
‫‪ -‬القتاةا المخ ةةط ‪ :‬إن اوقتصيياد المخطي أو الم جييه‪ ،‬هي جلييك اليينم اوقتصيياد الييذ‬
‫االبا ً ما يررد إلى إ ح ل الف يل "المقصي د" هجهيزة رصيدير وا يتيراد حم ميي محيل م ييين‬
‫عق د الشراح والبييع التيي يق دهيا م ييين ال مي ح اوقتصياديين‪ .‬والم حيظ أن هيذا اإلبيدال ‪/‬‬
‫اإلحي ل‪ ،‬يشييمل فييي عمقيه‪ ،‬الخطي ة اهولييى نحي اقتصيياد أكثيير وعيياً‪ ،‬بذري ي أن اهنييا التييي‬
‫يجسدها المخط رفر إرادرهيا عليى "اهنياوات" التيي و رحصيى‪ ،‬والتيي رحيرم‪ ،‬منيذ جليك‬
‫الحين‪ ،‬من إرادرها الخاص ‪ .‬فاوقتصاد المخط ‪ ،‬يق م من خ ل جلك‪ ،‬على إنجا ‪ ،‬من جانيب‬
‫أجهزة صن ي ‪ ،‬ل ظا ف يم ن ال م ح اوقتصيادي ن قيادرون عليى إنجا هيا وحيدهم‪ ،‬بمجيرد‬
‫أن رتاح لهم إمماني ممار ف اليتهم المهنيي دون قيي د ايير مجديي ‪" .‬و ي شيق الميرح م يدل‬

‫‪ 148‬محمد حركات ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 80‬‬


‫‪ 149‬علي عبد الفتاح ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫‪102‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫رنمي " هذا ما وحظه بحيق نقياد مجتميع او يته ك اليسياري ن‪ ،‬إو أنيه يجيب أن و ننسيى أن‬
‫البلدان اوشتراكي هي التي نميت فيها عبادة منحنيات اإلنتا وأهداف الخط إليى أب يد حيد‪.‬‬
‫وجلك هن اوقتصاد المخط ‪ ،‬ه بت رييف نفسيه‪ ،‬مثيل جليك الرجيل اليذ و يهيتم بغيير م يدل‬
‫اميت ح ح يصي ره الر يي وإفيرا اييدده الل ابيي وإاي ق عصياراره الهضيمي ‪ - .150‬نظةةام‬
‫الموازين الطلعية ‪ :‬رق م هيئات التخطي الحم مي في اورجاه اوشتراكي‪ ،‬ب مليات جرد لما‬
‫ه ي م ج ي د ميين الم ي ارد المتاح ي ‪ .‬وميين ثييم‪ ،‬محاول ي الت فيييق بينهييا وبييين الحاجييات التييي رييم‬
‫حصيرها مقيدما ً‪ .‬وي بير عيين نظيم المي ا ين هييذه بيالم ا ين السيل ي ‪ .‬ويييتم الجيرد عليى النحي‬
‫التالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬حصر الحاجات وررريبها هرميا ً حسب أول يارها؛‬
‫‪ -2‬جرد الم ارد المتاح وا تخدامارها البديل ؛‬
‫‪ -3‬رخصيص الم ارد حسب أهميتها‪.151‬‬

‫ج‪-‬النموذج التنموي اإلسالمي‬


‫و حي ل حاجتنيا إليى نمي ج فيي عيالم يريع التغيير‪،‬‬ ‫يممن أن نثير بداي ‪ ،‬في هذا الشيأن‪ ،‬يؤا ً‬
‫وبا تمرار‪ .‬وهنيا‪ ،‬نحين نيراه يتبيدل فيي الحيال إليى حالي جدييدة‪ ،‬بسيرع أفقيدرنا قيدررنا عليى‬
‫السيطرة أو حتى التنبؤ بما يجر ‪ .‬وفي ظل عجز النمياج فيي السياح عين التنبيؤ باه ميات‬
‫اوقتصادي الدولي ‪ -‬ومن خ لها اه مات التنم ي أو ما يسمى "الفخ التنمي "‪ -‬ورقاعسيها‬
‫عن اجتراح الحل ل المنا ب ‪ ،‬هل يممننا الق ل‪ ،‬أن النم ج اإل مي ه البديل اهمثل؟‪ .‬وإجا‬
‫قلنييا جلييك‪ ،‬فهييل لييدينا النم ي ج القابييل للتطبيييق؟ وهييل هنيياك عييزم لييدى الجهييات اإل يي مي‬
‫والمختص و تخرا هذا النم ج ‪ ،‬وبل رريه‪ ،‬وا يتممال عناصيره‪ ،‬بحييث يمي ن قيادراً عليى‬
‫اجتيا امتحان التحد ال المي؟‪.152‬‬
‫ينبغييي فييي ييياق الحييديث عيين النم ي ج التنم ي اإل ي مي‪ ،‬او ترشيياد القيمييي والم يييار‬
‫بمباد الدين اإل مي‪ ،‬واليذ ميا فتيئ ييرفض رمركيز الثيروات فيي أييد اهقليي وا يتغ ل‬
‫اإلنسييان هخيييه اإلنسييان‪ ،‬ميين خ ي ل منادارييه إلقييرار مجتمييع حيير‪ ،‬عييادل ومت ي ا ن‪ ،‬ق امييه‬

‫‪ 150‬ب ل فابرا ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪.76-75‬‬


‫ياد عب د عل ش ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 26‬‬ ‫‪151‬‬

‫‪ 152‬ج اد ال ناني ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.9‬‬


‫‪103‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الت يييع ال ييادل للثييروات ورحسييين الظييروف الم يشييي ل نسييان فييي شييتى أب ادهييا‪ .‬وهي ميا‬
‫يستلزم القيام بب ض الخط ات من قبيل‪: 153‬‬
‫‪ -‬رحفيييز ال مييال‪ ،‬ميين خ ي ل إشيياع قيييم اإلخيياح والت يياون المتبييادل وفييق الت يياليم اإل ي مي‬
‫السييمحاح‪ ،‬الشيييح الييذ ينمييي روح المبييادرة واإلخي ص فييي ال مييل واوحتييرام‪ .‬وهييي كلهيا‬
‫مصادر أ ا ي وج هري في رنمي إنتاجي ال لم؛‬
‫‪ -‬دعم المساعدات للفقراح‪ ،‬من خ ل التمافل اوجتمياعي المبنيي عليى الزكياة‪ ،‬وكيذا رنشيي‬
‫الجم يييات الخيريي ودعييم رييدخل الدولي إلااثي الفئييات اوجتماعيي الم ي ة‪ ،‬ميين خي ل يد‬
‫حاجيارهم اه ا ي كالغذاح والمسياح والنقيل والسيمن‪ ،‬فضي ً عين رنميي الخيدمات اوجتماعيي‬
‫كالت ليم والصح ‪.‬‬
‫وبد مين رخصييص المي ارد ورسيميتها كميا ً ون عيا ً‪ ،‬ولمين وبيد كيذلك مين إعيادة التميييف لهيذا‬
‫اهمر‪ ،‬فاإل م و يجيز رخصيص الم ارد على أ اس جها الثمن‪ ،‬هن هذا اه ياس و يقييم‬
‫و نا للحاجات اه ا ي للمجتمع‪ .‬وجلك إجا ما ربنى فق أ ار الطلب فس ف يؤد جليك إليى‬
‫رهميو الحاجات الضروري ل ام الناس‪ .‬ومن ثيم‪ ،‬رميريس المي ارد إلنتيا السيلع المطل بي‬
‫من قبل اهانياح الذين يملم ن الميال والقيدرة عليى الشيراح‪ .‬وهيذا بيدوره‪ ،‬ييؤد إليى احتميار‬
‫الم ارد مين قبيل اهانيياح وعيدم قيدرة الفقيراح عليى شيراح المي ارد المطل بي ‪ .‬وهنيا‪ ،‬يتيدخل‬
‫النظام اإل مي‪ ،‬من خ ل إعادة عملي الت ييع‪ ،‬با يتخدام نظيام الزكياة لتمميين الفقيراح مين‬
‫الحصي ل علييى المي ارد الضييروري التييي يحتيياج ن إليهييا‪ .‬وهنيياك قاعييدة ريينص علييى "أنييه و‬
‫يراعى رحسين إجا كان في مراعاره إضرار بحاجي ‪ ،‬وو رراعيى حاجي إجا كيان فيي مراعارهيا‬
‫إضرار بضرورة" ‪.154‬‬
‫مي قد رتض ب ض م محه التدبيريي الرشييدة فيي ال ناصير‬ ‫في النم ج اإل‬ ‫الب د التنم‬
‫التالي ‪:155‬‬
‫‪ -‬التخليق اإليجايي‪ :‬وه ما يبر في الق ا م الخلقي في الت امل النظييف الخيالي مين الغيو‬
‫والغييدر والتطفيييف واوحتمييار والظلييم واو ييتغ ل‪ ،‬وكييذا فييي ب ييض السييل كيات‪ ،‬ميين قبيييل ‪:‬‬
‫الحفاظ على البيئ واحترام حق ق ا خرين واهمان ؛‬

‫‪ 153‬محمد حركات ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 218‬‬


‫‪ 154‬ياد عب د عل ش ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 26‬‬

‫‪ "،‬هل هناك نظري اقتصادي في اإل م؟ أين رلتقي ورختلف مع النظريات المختلف ؟ "‪ ،‬ضمن "‬ ‫‪ 155‬إ ماعيل أو‬
‫اوقتصاد بين نظريتين الس ق اوجتماعي واإل مي نح خطا إ مي ديمقرااي مدني ‪ ،"3-‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‬
‫ص ‪.28-27‬‬
‫‪104‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫م بشمل فرييد مين ن عيه‪ ،‬ابي ي ال قي د ومسيؤوليات‬ ‫‪ -‬التعاقد المخلص ‪ :‬حيث ي ض اإل‬
‫المت اقدين حيال ب ضهم الب ض؛‬
‫‪ -‬العتةةدال اإلن ةةاقي ‪ :‬إج يحييدد اإل ي م كثيييراً ميين م ييالم السييل ك اإلنفيياقي‪ ،‬بييدحاً ميين أصي ل‬
‫التبرع لآلخر وانتهاح باإلنفاق او ته كي‪-‬عدم التبذير واإل راف –‪ .‬ويضع لمل هذا حدوداً‬
‫مرن ‪ ،‬يقدرها اإلنسان‪ ،‬ولمن يجب أن يجتمع فيها شراا اوعتدال والق ام ؛‬
‫‪ -‬تداول الثروة ‪ :‬فاإل م على هذا الص يد‪ ،‬و يقبل من جه ‪ ،‬مفه م "الثروة الراكدة"‪ .‬ومين‬
‫جه أخرى‪ ،‬يح ل دون التزين بال م ت النادرة للرجال – الحلي والمج هرات‪-‬؛‬
‫‪ -‬التكامن الجتماعي ‪ :‬ي د مفه م "التمامل اوجتماعي" –وعبره مفه م "التمامل التنمي "‪-‬‬
‫في اإل م متط راً جداً‪ ،‬من حيث أص له وق اعده ومؤ ساره‪ ،‬بدحاً من الزكاة وبيت الميال‪،‬‬
‫وانتهيياحاً بييال قف‪ .‬ووريييب أن مؤ سييات رطيي رت عبيير الييزمن لهييذه الغاييي ‪ ،‬وميين أبر هييا‬
‫صندوق الح" الذ وضع في ماليزيا‪ ،‬واعتبر من أنج الصناديق او تثماري اودخاري في‬
‫هذا اوقتصاد الفتي‪ .‬كما أنه و شك‪ ،‬أن مفهي م بنياح رأس الميال اوجتمياعي متطي ر جيداً فيي‬
‫اإل م‪ ،‬وله راريخ ا يل من التطبيق المؤ سي والق اعد الرا خ عبر الزمن؛‬
‫‪ -‬المالية الرشيدة ‪ :‬اي ر اإل ي م مفهي م ال قي الماليي بيين الحياكم والمحمي م‪ .‬ومين أبير‬
‫م اد هذه ال ق ‪ :‬الضرا ب ورط رهيا بم جيب الق اعيد اإل ي مي ‪ ،‬الحميم الرشييد‪ ،‬ال دالي‬
‫أص ل الت يع للثروة والدخل؛‬
‫‪-‬ال كر القتاا ي‪ :‬و أحد ينمر رط ير المفمرين اإل ميين المثير من اهفمار اوقتصادي ؛‬
‫فهييم السييباق ن فييي فهييم اقتصيياديات المالي ي ال ام ي والتض يخم ورم ي ين رأس المييال والتجييارة‬
‫الدولي والميزة المطلق ‪.‬‬

‫‪-‬النموذج التنموي اإلسكندنافي‬


‫نقصييد "النميي ج اإل ييمندنافي"‪ ،‬جلييك النميي ج المييررب بمؤشييرات التنمييي ببلييدان شييمال‬
‫أوروبا التالي ‪ :‬الس يد والنيروي" واليدنمارك وفنلنيدا‪ .‬وهيي اليدول التيي اختيارت إبيان ين ات‬
‫الحيير البيياردة‪ ،‬عليييى مسييت ى نميي رنميتهيييا‪ ،‬ييل ك مييا أ يييمته "اريقييا ً ثالثييا ً" أو "اريقيييا ً‬
‫و طا ً"‪ ،156‬كطريق ارخذ له م ق ا ً و طا ً ما بين نظامي الرأ مالي واوشتراكي ‪.‬‬
‫لقد اعتمد النم ج التنم اإل مندنافي‪ ،‬وفق مميزات "الطريق الثاليث"‪ ،‬عليى دالي اإلنفياق‪،‬‬
‫كمصييدر ر يسيييي لتحفيييز الطليييب علييى إجميييالي النييار" المحليييي‪ .‬وبالتييالي‪ ،‬رحقييييق الرفاهيييي‬
‫اوجتماعي الجاجب ل تثمار والمحفزة لل مل المنت" ‪.‬‬

‫بحسب عبارة ماركيز رشايلدس‪ Marquis W. Childs‬في كتابه الصادر عام ‪. (Middle Way)1936‬‬ ‫‪156‬‬
‫‪105‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وكان وبد‪ ،‬وبغي ريأمين انتظيام اإلنفياق البياجخ عليى البنيي اه ا يي ‪ ،‬وعليى الخيدمات ال امي‬
‫وخييدمات الرعاي ي اوجتماعي ي ‪ ،‬ميين ال مييل علييى فيير ضييرا ب دخييل عالي ي لمقابل ي الحجييم‬
‫المتضخم ل نفياق ال يام ‪ .‬فميان‪ ،‬وكنتيجي ليذلك‪ ،‬أن جم يت اليدول اإل يمندنافي ‪ ،‬بيين خاصيي‬
‫اإلنفاق الضخم والضرا ب ال الي ‪.‬‬
‫ظلت الس يد النم ج اهبر لتطبيقات منها اريق التنمي الثالث‪ ،‬حييث شيمل اإلنفياق ال يام‬
‫نسب ‪ 67‬في المئ من إجمالي النار" المحلي في الس يد على بيل المثال في عام ‪ ،1993‬كما‬
‫كانت على مدى عق د الستينيات والسب ينيات والثمانينيات من القيرن الماضيي‪ ،‬مثياوً لطريقي‬
‫م احم المبيادرة الخاصي ميع الب يد اوجتمياعي للتنميي ‪ ،‬والتيي رفير عنهيا فيميا ب يد‪ ،‬نمي ج‬
‫الرأ ييمالي اوجتماعيي فييي ألمانيييا‪ .‬وهمييذا‪ ،‬ييي مل نمي ج الطريييق الثالييث‪ ،‬علييى ري فير كييل‬
‫ع امل الرخاح واو تقرار بالنسب لدول الس يد‪.157‬‬
‫ولميين بمييا أن مثييل هييذا النم ي ج و يسييتطيع م اصييل حقيين دورة نم ي ه اوقتصيياد باوعتميياد‬
‫المبير على متغيير جيي )‪ (G‬فيي مم نيات إجميالي النيار" المحليي‪ ،‬أ اإلنفياق الحمي مي‪ ،‬فيي‬
‫حين ر اصل النماج اهخرى او تفادة من أفضيليارها التنافسيي (لجهي انخفيا إنفاقهيا ال يام‬
‫ومخصصات برام" رعايتها اوجتماعي في الم ا ن ‪ ،‬وإضفاح المرون الشديدة عليى أ ي اق‬
‫عملها)‪ ،‬فقد كان وبد لهذا النم ج أن يفقد م اق ه التنافسي وم ق ه في ر يع وإعيادة ر ييع‬
‫الثيروة ال الميي ‪ ،‬أ أن هيذا النمي ج ‪ ،‬ورايم ميزاريه اإليجابيي المثيييرة‪ ،‬وصيل‪ -‬وفيي مرحلي‬
‫م ين ‪ -‬مداه‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ارحت مسأل إلحاحي التفمير في نم ج خر أكثير رطي راً وا يتجاب‬
‫للحاجات التنم ي لم ااني البلدان اإل مندنافي ‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬ومثلما قدمت نم ججها التنم الفريد" الطريق الثالث" أو" الطرييق ال ي " ‪ ،‬وعليى‬
‫مدى أرب عق د (من عقد الخمسينيات إلى عقد الثمانينيات من القرن الماضيي)‪ ،‬رقيدم اليدول‬
‫اإل مندنافي اليي م نم ججهيا لميفيي التغليب عليى ميأ ق النمي ج السيابق‪ ،‬بنمي ج خير‪ ،‬أكثير‬
‫م اكب ل قتصاد الم لم‪.‬‬
‫ومن أبر يمات هيذا النمي ج التنمي اإل يمندنافي الجدييد ‪ :‬التخفييض مين حجميي اإلنفياق‬
‫الحم مي والضرا ب‪ .158‬كما رم على مست اه أيضيا ً ربنيي يا ي جدييدة للتحريير‪-‬اللبرلي ‪-‬؛ إج‬
‫محت كل من الدانمارك والنروي" لشركات القطياع الخياص بيإدارة المستشيفيات الحم ميي ‪،‬‬

‫‪ 157‬إج ممن ربني هذا النم ج الحز الديمقرااي اوجتماعي الس يد من البقاح في الحمم لمدة ‪ 44‬عاما ً متصل ‪ ،‬من‬
‫‪ 1932‬إلى ‪ ، 1976‬ولمدة ‪ 21‬ن من ‪ 24‬ن من ‪ 1982‬إلى ‪.2006‬‬
‫‪ 158‬حيث اشتملت السيا اوقتصادي الجديدة بالس يد على خط لخفض حص اإلنفاق الحم مي في إجمالي النار" المحلي‬
‫بنسب ‪ 18‬في المئ (أخفض من فرنسا) ‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬االباً‪ ،‬ما يتم جم السيا يين والح من قدرهم إجا ضبط ا وهم‬
‫يستخدم ن يارات الليم ين الر مي بدوً من الدراجات اله ا ي ‪ ،‬كما خفضت أيضا ً الضريب على الشركات بم دل ‪22‬‬
‫في المئ ‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وأدخلت الس يد والدانمارك ر دي ت على نظام امتيا ات الخدم الت ليمي بغر قياس كفاي‬
‫أدا ها ووضع المستشفيات والمدارس الحم مي في منافس منتج مع المستشيفيات والميدارس‬
‫الخاص ‪ .‬ع وة على جلك‪ ،‬رم ارخاج إجيراحات اايي فيي الصيرام بالنسيب للشيفافي الحم ميي‬
‫في ا اي ع الجمهي ر عليى أ يج ت أو م ل ميات رخيص اهداح الحمي مي‪ ،159‬وكيذا ري فير‬
‫اشترااات القدرة المبيرة عليى إدارة المي ارد ب قلني وحمامي ؛ فيالنروي" ميث ً‪ ،‬ورايم أن ‪65‬‬
‫في المئ من صادرارها من السلع هي مين الينف ‪-‬لدرجي م هيا قيد ربيدو‪ ،‬وهول وهلي ‪ ،‬نمي ج‬
‫من نماج الدول الري ي ‪ ،-‬ورام أنها رنفق أكثر من نسب النار" المحليي اإلجميالي‪ 35.9-‬فيي‬
‫المئ في عام ‪ ،-160 2009‬فإنها ا تط ت في المقابل‪ ،‬أن ربني نم ججا ً رنم يا ً "منتجا ً‪ /‬مثمراً"‬
‫‪ ،‬من أهم خصا صيه التيدبير الرشييد للمي ارد‪ .‬وجليك‪ ،‬ميا ريأرى لهيا مين منظي ر رممنهيا‪ -‬وقبيل‬
‫اكتشاف النف في حقب السب ينيات من القرن الماضي‪ ،-‬من رر يخ أ س الدول الديمقرااي ‪-‬‬
‫دولي اإلنتييا ‪ ،-‬مييع رطي ير اليدعامات التشيياركي مييع أهييم ممي ن ميين مم نييات الحمامي ‪ ،‬وهي‬
‫المجتمع المدني‪.‬‬
‫فالت جه الجديد للتنمي ‪ ،‬أصب في اإلنسان أكثر وعيا ً بأهمي المجتمع المدني فيي رنميي ال اقيع‬
‫الذ ينتظم فيه‪ .‬وقد أدت منظم اهمم المتحدة‪ ،‬دوراً مفصلياً‪ ،‬في نشر هذا الني ع مين الفمير‪،‬‬
‫من خ ل التقارير والمنش رات والم اثيق التي رصدرها‪.161‬‬
‫مع جلك‪ ،‬يممن الق ل‪ ،‬أن النم ج التنم اإل مندنافي الجديد‪ ،‬ووفق دعاماره السالف الذكر‪-‬‬
‫اللبرلي ‪ ،‬المفايي ‪ ،‬التنافسيي ‪ ،‬ال قلني ‪ ،‬التشيارك‪ .‬وبشييمل عييام‪ "،‬الحمامي "‪ ، -‬لييم يفيرا كلييا ً فييي‬

‫‪ 159‬محمد الصياد ‪" ،‬النم ج الرأ مالي اإل مندنافي" ‪ ،‬الخلي" اوقتصاد ‪ ،‬رم اوضط ع على المقال بتاريخ ‪ :‬الث ثاح‬
‫‪ 12‬مارس ‪ ، 2019‬على الراب التالي ‪http://www.alkhaleej.ae/analyzesandopinions/page/0919925f- :‬‬
‫‪. e9e6-42f7-a56e-ffafeceb31a2‬‬
‫‪The World Bank , « World Development Indicators 2011» , ) Washington: World Bank,‬‬
‫‪160‬‬

‫‪2011(.‬‬

‫‪ 161‬علي عبد الفتاح ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.152‬‬


‫‪107‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫فضا ل النم ج السابق‪ "-‬الطريق الثاليث" أو" الطرييق ال ي " ‪ ،-‬وإنميا هي يحياول الجميع‬
‫بين الرأ مالي التنافسي وبين الدول المبيرة ‪.162‬‬

‫ه‪-‬النموذج التنموي الايني‬


‫لقد ا تفادت الصين من مناخ ال لم ‪ ،‬وخطت بتيؤدة نحي اقتصياد جدييد‪ .‬ورايم أنهيا ركيزت‬
‫على صناع او ته كيات البسييط فيي البدايي ‪ ،‬فإنهيا ركيزت أيضيا ً عليى اإلبيداع الفنيي فيي‬
‫مجالي النقل واورصاوت بالخص ص‪.‬‬
‫وصييحي أن الصييين ا ييتجلبت المليييارات ميين او ييتثمارات اهجنبي ي ‪ .‬اهميير الييذ ي ييد عييادة‬
‫مؤشراً ر يسا ً وررهان التنمي لألول يات ال اني ‪ ،‬إو أنها شف ت جلك بشروا دقيق ومصمم‬
‫بامتيا ‪ ،‬مما حماها من اوررهان‪.‬‬
‫ويجب أن و يف رنا أن نم ج الصين نم ج متفرد فيي كي ن ملميي او يتثمارات والنشيااات‬
‫اوقتصادي هي للدول ‪ .‬اهمر الذ أكسبها ق ة ها ل في المساوم على الشيروا؛ فميث ً ينت‬
‫الق ي انين التييي رشييترا أن يم ي ن هنيياك شييراك ا ييتثماري ‪ Joint-Venture‬بييين الشييركات‬
‫اهجنبي والصيني ‪.‬‬
‫ورترجم هذا عمليا ً– في عقيد الثمانينييات والتسي ينيات مين القيرن الماضيي‪ -‬إليى شيراك ميع‬
‫الدول جارها التي–بحجمها الضخم‪ -‬رستطيع فير شيروا فيي الصيال الي اني‪ .‬كميا أنهيا ليم‬
‫رقايض عمالتها الرخيص بثمن بخس‪.‬‬
‫إن اهميير اهكثيير مح ري ي فييي نم ي التنمي ي هييذا‪ ،‬لييم يميين فييي مجييرد اهربيياح الطا ل ي ‪ ،‬التييي‬
‫ا تطاعت الشركات الحم مي جنيهيا‪ ،‬وإنميا أنيه أجبيرت صييغ الشيراك المسيتثمر اهجنبيي‬
‫على ر اين التقني القادم – وليس مجرد نقلها – وعليى رطي ير المهيارات الصييني المحليي ‪.‬‬
‫وبالخص ص‪ ،‬لم يمن رط ير المهارات رط يراً خديجا ً وحيد الطيرف‪ ،‬كيأن ييتم رميرين أفيراد‬
‫من الفنيين الذين يسهل مغيادررهم البليد فيميا ب يد‪ ،‬وإنميا رطي ير مهيارات شيامل‪ ،‬ضيم ال ميال‬
‫واإلداريين والمستثمرين الصغار‪.‬‬
‫وهميذا‪ ،‬عنييدما يمحت الصييين فيميا ب ييد للقطياع الخيياص فيي اوضييط ع بيدوره فييي عمليي‬
‫التنمي ‪ ،‬كان هناك خميرة رنم ي قادرة على عدم اوررماح في شرك الخار ‪.‬‬
‫و يادة على جلك‪ ،‬رعت الصين البح ث ال لمي التي رخيدم عمليي التنميي ‪ .‬وقيدمت نتيا " هيذه‬
‫البح ث لتدعم المسيرة التنم ي للقطاع ال ام والخاص‪.163‬‬

‫‪ 162‬محمد الصياد ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪.‬‬


‫‪ 163‬ما ن م فق هاشم ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.50-49‬‬
‫‪108‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫أضييحى النم ي ج الصيييني فييي ال قييت الحييالي‪ ،‬نم جج يا ً "م لم يا ً" علييى مسييت ى الممار ييات‬
‫التجاري على وجه الخص ص‪ ،‬لدرج أصبحت م ها السلع الصيني رفر هيمنتهيا فيي كيل‬
‫بقاع الم م ر‪ .‬وه ما يفسر احتدام الصراع اوقتصاد ‪ ،‬على شمل حر رجاري شر بين‬
‫الصييين وأمريمييا‪ ،‬ميين حيييث فيير ر ي م جمركي ي علييى ب ييض منتجييات البلييدين‪ .164‬وهييي‬
‫المسييأل ‪ ،‬التيييي شيييملت عقبييي كيييأداح أميييام رطيي ير بنييييات اوقتصييياد ال يييالمي كميييل وإضييي اف‬
‫المقاومات الضروري لج له في منأى عن أ مخاار محتمل ‪.‬‬
‫لقد رممنت الصين‪ ،‬وفق هذا الت جه "الم لم" ‪ ،‬وعبر نم ججها التنم "الفريد"‪ ،‬ومنذ مدة‪-‬‬
‫على اهقل‪ ،‬منذ منتصيف التسي ينيات مين القيرن الفا يت‪ ،-‬مين فير هيمنتهيا عليى اوقتصياد‬
‫ال المي‪ .‬ورتجلى أبر م الم النف ج الصيني‪ -‬التجار ‪ /‬الميركانتيلي باه اس‪ ،-165‬عليى هيذا‬
‫المست ى‪ ،‬في ا ثار السلبي المباشرة على اقتصياديات ال دييد مين البليدان المتقدمي ‪ ،‬مين قبييل‬
‫بلدان اورحياد اهوروبيي وال وييات المتحيدة اهمريميي ‪ .‬وهيي ا ثيار ال ميقي ‪ ،‬التيي رمظهيرت‬
‫خص صاً‪ ،‬في رفشي ظاهرة البطال بهذه البلدان‪ ،‬وكذا ييادة ني ع مين اونممياش اوقتصياد‬
‫نتيج ال جز التجار الخارجي‪.‬‬
‫اييابع الهيمنيي الميركانتيلييي هييذا‪-‬الممار ييات التجارييي وفييق أب يياد عالمييي ‪ ،-‬يفسيير أهمييي‬
‫او تثناح الصيني في بناح نم ج رنم را د عالميا ً‪ ،‬يراعيي مين جهي أوليى‪ ،‬الخص صييات‬
‫الحضاري التليدة للتاريخ والثقاف الصيني ‪ ،‬من حيث ارس قيم الت افق والطاع لدى الفئيات‬
‫ال ريض من الطبقات الدنيا رجياه الطبقيات ال لييا‪ ،‬فيي يياق رنزييل المنظي ر القيميي اهفضيل‬
‫لنظري " ك نف شي س"‪ ،‬والتي رؤكد عليى التربيي اهخ قيي التدريجيي للفيرد ونقيل جليك إليى‬
‫ال ا لي ‪ ،‬ثييم المجتميع‪ ،‬وبالتييالي‪ ،‬إليى اإلنسيياني كميل‪ .‬فاوررقيياح اليذاري‪ -‬الفييرد أو ال ا لي ‪ ،-‬مين‬
‫منظ ره‪ ،‬ه أ اس اوررقاح اوجتماعي واوررقاح اإلنساني كمل‪.‬‬
‫كما أن اابع الهيمن ‪ ،‬وفي ياق بل رة أفمار جديدة ومتط رة للبنيات اوقتصيادي والسيا يي‬
‫السا دة‪ ،‬يفتر من جه ثاني ‪ ،‬رج يد أ س وقيم الحز الشي عي الصييني‪ ،‬واليذ ربنيى ‪-‬‬

‫‪ 164‬فخ ل شهر شتنبر ‪ ، 2018‬شرعت ال ويات المتحدة في رطبيق إجراحات فر ر م جمركي جديدة بنسب عشرة‬
‫بالما على بضا ع صيني مست ردة بقيم ما تي مليار دوور‪ .‬وكإجراح مقابل ردت الصين بتطبيق ر م جمركي بنسب‬
‫خمس أو عشرة بالمئ على منتجات أميركي بقيم تين مليار دوور أميركي‪ .‬وشملت المنتجات الصيني التي فرضت‬
‫ال ويات المتحدة عليها ر ما ً جمركي الممانس المهربا ي واهجهزة المتصل باإلنترنت‪ ،‬في حين أن السلع اهميركي‬
‫التي ا تهدفتها الصين رشمل الغا الطبي ي المسال وأن اعا ً م ين من الطا رات‪ .‬كما أنه‪ ،‬وبدحا ً من شهر ما ‪،2019‬‬
‫ا تأنفت واشنطن وبمين م رك الر م بينهما‪ ،‬ب دما باحت المحادثات التجاري في ال ويات المتحدة بالفشل وانتهت بدون‬
‫ارفاق مرج ي‪ ،‬مع ارهام الجانب اهمريمي للمفاوضين الصينيين بالتنصل من التزامات ابق ‪ ،‬حسب ما كشفت عنه و ا ل‬
‫اإلع م الدولي ‪ .‬وهي الم رك التي يزداد وايسها مع إع ن و ارة التجارة اهمريمي إدرا مجم ع "ه او " على‬
‫ما يسمى "قا م الميانات" ه با مرربط باهمن الق مي‪ ،‬وه ما ي ني من ها من الحص ل على المم نات اهمريمي‬
‫الصنع التي رحتاجها لم دارها‪ .‬ولترد عليها مباشرة و ارة التجارة الصيني ‪ ،‬باإلع ن أنها تصدر من جهتها‪ ،‬قا م‬
‫"كيانات اير م ث ق بها" ‪ ،‬رفسخ عق دها التجاري ورت قف عن إمداد الشركات الصيني ‪.‬‬
‫‪ 165‬الب د الرأ مالي الشم لي الذ رتبناه الصين ج لها رسن ا تراريجي ميركانتيلي ‪ ،‬رت خى في عمقها اوقتصاد ‪ ،‬رحقيق‬
‫ع ا د ‪ /‬ف ا ض رجاري مت اصل ومتجددة وو محدودة ‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫عبر رمريس مفه م اقتصاد الس ق اوشتراكي أو اهخذ بما مي في إاار ن ع من المزاوجي‬
‫الغريب "الرأ مالي الشم لي "‪ - 166‬يا جريئ قا م على اإلص ح واونفتاح على ال الم‬
‫الخييارجي‪ ،‬ورجيياو المركزي ي المفرا ي ل قتصيياد واإلشييراف المهيييمن للدول ي علييى ر يييع‬
‫الم ارد في إاار رنمي مشترك لها‪ ،‬والحرص على ر ي ها‪ ،‬وفق مبدأ السي ق‪ ،‬بشيمل ف يال‬
‫وجيد‪ ،‬مع ما يحتمه جليك عليى هيذه السيا ي ‪ ،‬مين خليق الم احميات الضيروري ميع متطلبيات‬
‫ال صر الراهن‪.‬‬
‫ما بق‪ ،‬يؤكد أن هناك ام حا ً مفراا ً لدى الصيين‪ ،‬فيي ع لمي "نم ججهيا التنمي "‪ .‬وييرى‬
‫المثيييرون‪ ،‬فييي هييذا السييياق‪ ،‬إن الصييين كدول ي رأ ييمالي شييم لي ‪ ،‬وميين خ ي ل ا ييتراريجيتها‬
‫اوقتصييادي "المتغ ل ي " ‪-‬أ المتسييم بالراب ي الشييديدة فييي رمييريس اييابع النف ي ج اوقتصيياد‬
‫ال محدود‪ ،-‬رس ى إلى عزع اقتصاديات البلدان المتقدم ‪ ،‬من أجل او تح اج على الهيمن‬
‫ال المي ‪ ،‬وبما يسم لها في ال قيت جاريه‪ ،‬بت ضييد نظامهيا السيا يي ورصيديره إليى بياقي دول‬
‫ال الم‪.167‬‬
‫أمييام هييذا الطم ي ح "الجييام "‪ ،‬يينجد أن أص ي ارا ً عديييدة فييي بلييدان ال ييالم المتقييدم علييى وجييه‬
‫الخص ص‪ – 168‬والتي أحست بالخطر الصييني القيادم‪ ،-‬أضيحت رنياد بضيرورة قييام هيذه‬
‫البلدان‪ ،‬بم اجهي الهجي م الصييني المسيتمر والمت حيق‪ ،‬خاصي عليى المسيت ى اوقتصياد ‪،‬‬
‫وجلك بارخاج التدابير التيي مين شيأنها حمايي اقتصياديارها فيي اهجيل القصيير‪ ،‬وكيذلك ب ضيع‬
‫نظييام جديييد لل قييات اوقتصييادي الدوليي فييي اهجييل الط يييل يقي م علييى رحقيييق التي ا ن فييي‬
‫المبادوت التجاري ‪.169‬‬
‫عم ما ً‪ ،‬فالنم ج التنم الصييني‪ ،‬هي نمي ج يبيرهن‪ ،‬بيالملم س‪ ،‬ميدى أهميي ا تحضيار‬
‫البيئي الثقافيي والحضيياري لحظي التفميير فييي إ حيداث القفيزات الن عيي عليى مسيت ى النظييام‬
‫اوقتصيياد والسيا ييي‪ ،‬وكييذا نجاع ي ال مييل‪ ،‬وبشييمل متييزامن‪ ،‬علييى اونخييراا الم قليين فييي‬
‫منظ ميي رطيي ر ال اقييع بييل‪ ،‬وحتييى السيييطرة عليييه‪ ،‬بالشييمل الييذ "ي يي لم" اييابع الهيمنيي ‪.‬‬
‫في المحصيل ‪ ،‬يممين القي ل‪ ،‬أنيه ورايم ربلي ر‪ -‬فيي يياق عليم اوقتصياد‪ ،-‬اهنمياا المت يددة‬

‫‪ 166‬وهي الرأ مالي التي رم رأ يس ق رها النظري وال ملي ‪ ،‬على النقيض رماماً‪ ،‬من الرأ مالي الديمقرااي ‪ .‬في هذا‬
‫الصدد‪ "،‬لم يت ان الحز الشي عي الصيني عن التأكيد‪ ،‬على أن الرأ مالي كنظام رت افق‪ ،‬بشمل كلي‪ ،‬مع التنظيم الشم لي‬
‫للمجتمع ‪،‬حيث يجب أن يخضع كل فرد في هذا المجتمع إلى الدول ورم ها"‪ .‬أنظر ‪ :‬أنط ان برونيه ‪ ،‬ج ن ب ل جيشار‪،‬‬
‫" الت جه الصيني نح الهيمن ال المي ‪ :‬اإلمبريالي اوقتصادي "‪ ،‬ررجم عادل عبد ال زيز أحمد ‪ ،‬ا‪( 1‬القاهرة ‪:‬‬
‫المركز الق مي للترجم ‪ ، )2016 ،‬ص ص ‪.19- 18‬‬
‫‪ 167‬أنط ان برونيه ‪ ،‬ج ن ب ل جيشار‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 168‬والمقص د بها بلدان مجم ع السبع‪ : G7‬فرنسا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬اليابان‪ ،‬المملم المتحدة‪ ،‬كندا وال ويات المتحدة‬
‫اهمريمي ‪.‬‬
‫‪ 169‬أنط ان برونيه ‪ ،‬ج ن ب ل جيشار‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪110‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ح ي ً مثالي يا ً لمييل دول ي ‪ ،‬حيييث أن لمييل دول ي‬ ‫‪ ،‬إو أنييه و يمثييل أ نم ي ج‬ ‫للنم ي ج التنم ي‬
‫خص صيتها ‪.170‬‬

‫‪-3‬مواءمات النموذج التنموي‬


‫لقد جسد البحث عن الم احميات الضيروري المامني فيي النمي ج التنمي إحيدى اوهتماميات‬
‫المبيييرى فيييي ييييرورة التنميييي ‪ ،‬والتيييي أخيييذت رحتيييل حييييزاً مهميييا ً عليييى مسيييت ى الدرا يييات‬
‫اوقتصادي التنم ي الم اصرة‪.‬‬
‫في كثير من اهحيان‪ ،‬ووفق ال دييد مين الدرا يات المهتمي بالشيأن التنمي ‪ ،‬فيإن أ نمي ج‬
‫رنم ي مل على خلق الم احمات الضروري بين النم ج اوقتصاد والنم ج اوجتماعي‪،‬‬
‫كما أنه مررب ب دة خاصيات التي يتميز بها كل اقتصاد على حيدة( اقتصياديات ناميي ‪ /‬يا رة‬
‫في ارييق النمي ‪ ،‬اقتصياديات صياعدة‪ /‬ناشيئ ‪ ،‬اقتصياديات متقدمي ‪/‬متطي رة‪ )...‬أو كيل نمي‬
‫اقتصاد ه دول من الدول( اقتصاد ف حي‪ ،‬اقتصاد راعي‪ ،‬اقتصاد صناعي‪ ،)...‬لدرج‬
‫م ها نجد أن كل نمي ج اقتصياد أو نمي ج اجتمياعي لدييه نمي ج رنمي م يين ‪-‬م اكيب‬
‫ومدعم‪.-‬‬
‫وحتييى نقييف عنييد المييدل ل الحقيقييي للنمي ج التنمي ‪ ،‬علينييا‪ ،‬أووً‪ ،‬أن ننظيير إلييى اوقتصيياد‪،‬‬
‫باعتباره نشاا بشر ‪ ،‬يت خى في ب ده ال ام‪ ،‬خلق كل أشمال الثروة ور يع خيارات اإلنتا‬
‫واو تجاب لمتطلبات اهفيراد وحاجييات المجتميع‪ ،‬ويسي ى فيي اهخيير‪ ،‬إليى التح ييل ال مييق‬
‫لمختلف البنيات المؤ ساري ه دول من الدول‪.‬‬
‫على هذا اه اس‪ ،‬يبدو من البديهي الق ل‪ ،‬أنه ليس هناك أ نمي ج رنمي يممين أن يتم قيع‬
‫في منأى عن بنييات التغييير اوجتمياعي‪ ،‬وميا ييررب بهيا مين أ يس التحي ل اوقتصياد عليى‬
‫مسييت ى مختلييف القطاعييات الف حي ي والصييناعي والتجاري ي والخييدمات وايرهييا‪ ،‬فييي إاييار‬
‫الس ي الحثيث نح بناح النم ج اهفضل‪ ،‬والقادر عليى رلبيي كيل حاجييات المجتميع‪ ،‬خاصي‬
‫في البلدان السا رة في اريق النم ‪.‬‬

‫أ‪-‬النمو ‪ /‬التنمية‬
‫يتيرادف مصيطلحا "النمي ‪ " La croissance‬و"التنميي ‪ " Le développement‬االبياً‪،‬‬
‫في حين أنهما‪ ،‬في الحقيق ‪ ،‬يحم ن مفه مين متباينين ‪:‬‬

‫‪ 170‬عمر الر ا ‪ "،‬من الريع إلى اإلنتا ‪ :‬الطريق الص ب نح عقد اجتماعي عربي جديد"‪ ،‬ضمن " النم اوقتصاد‬
‫والتنمي المستدام في الدول ال ربي ‪ :‬اهب اد اوقتصادي "‪ ،‬مجم ع مؤلفين‪ ،‬ا‪( ، 1‬بيروت ‪ :‬المركز ال ربي لألبحاث‬
‫ودرا السيا ات‪ ، )2013،‬ص‪. 198‬‬
‫‪111‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫أو ال‪ :‬إن النم مفه م عام وجو ب د واحد‪ -‬اقتصاد بالدرج اهولى‪ ،-‬في حين أن التنمي هيي‬
‫مصطل متش ب مت دد اهب اد‪ ،‬وبت بير أدق مفه م كمي ون عي؛‬
‫ثانيةا ا ‪ :‬أن النمي قابييل للمقارني والقييياس لم نييه مفه ميا ً كميياً‪ ،‬بخي ف التنميي التييي و رخضييع‬
‫للمقارن والقياس بسه ل ‪ ،‬هنها رمثل مفه ما ً ن عياً؛‬
‫ثالثا ا ‪ :‬إن مفه م "التنمي " ه مفه م نسبي لم نه ن عيا ً‪ .‬ولذلك و يممن احتسا م يار م حد‬
‫بالنسب إلى جميع المجتم ات‪.171‬‬
‫وفق هذا المنطلق‪ ،‬يممن التأكيد على أن كل رنمي هي نم وليس كل نم رنمي ‪ .‬وجلك‪ ،‬بالنظر‬
‫إلى ك ن أن النم ه مجرد و يل من ال ا ل المت ددة لتحقيق مدارك التنميي ‪ ،‬والتيي رظيل‬
‫في عمقها‪ ،‬رتمح ر ح ل رحسين أنماا عيو اهفراد والجماعات‪.‬‬
‫من الضرور جيداً فهيم اليديناميات الميؤثرة فيي السيا ي والنمي حتيى نيتممن مين ا تشيراف‬
‫التط رات المستقبلي المحتمل ‪ .172‬وه الفهم الذ يختليف مين مجيال إليى خير؛ ففيي المجيال‬
‫اوقتصاد مث ً ‪ ،‬يممن الق ل‪ ،‬أنه ل و قضي التخلف التي عانى منها كثير من اليدول‪ ،‬لظيل‬
‫النم ي والتنمي ي اوقتصيياديين مصييطلحا ً واحييداً‪ ،‬حيييث كييان ينظيير لهمييا بأنهمييا يييادة الطاقيي‬
‫اإلنتاجي ل قتصاد‪ ،‬أ يادة او تثمار المنت" في رنميي اإلممانييات الماديي والبشيري إلنتيا‬
‫الدخل الحقيقيي فيي المجتميع‪ ،‬ولمنهميا يختلفيان فيي المضيم ن واههيداف‪ ،‬وفيي القضيايا التيي‬
‫ي الجانها‪ .‬فالنم اوقتصاد ‪ ،‬ي ني ببساا الزيادة في كميي وقيمي السيلع والخيدمات المنتجي‬
‫في المحلي‪ .‬وه و يق د بالضرورة إلى رحسينات ن عي الحياة‪ ،‬وهي إحدى م ياني التنميي‬
‫اوقتصادي ‪.173‬‬

‫‪ 171‬فيرو راد ‪ ،‬أمير رضا ي‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.38‬‬


‫‪172‬‬
‫‪Tim Niblock and Monica Malik, «The Pilitical Economy of Saudi Arabia» ,‬‬
‫‪)Abingdon,Oxon; New York: Routledge,2007(, p.2.‬‬

‫‪ 173‬يد أحمد كبيداني ‪ "،‬أ ثير النمي اوقتصياد عليى عدالي ر ييع اليدخل فيي الجزا ير مقارني باليدول ال ربيي ‪ :‬درا ي‬
‫رحليلي وقيا ي "‪ ( ،‬أاروح دكت راه في ال ل م اوقتصيادي ‪ ،‬كليي ال لي م اوقتصيادي وال لي م التجاريي والتسييير‪ ،‬جام ي‬
‫‪112‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫إنييه‪ ،‬وبييالرام ميين ر ييدد وجهييات النظيير‪ ،‬ارفقيت م ظييم ا راح علييى أن النمي اوقتصيياد هي‬
‫حدوث ييادة فيي إجميالي النيار" المحليي اإلجميالي‪)GDP( Gross Domestic Product‬‬
‫أو الدخل ال اني اإلجمالي ‪ ، )GNI( Gross National Income‬والذ يؤد إليى ييادة‬
‫نصيب الفرد من الدخل الحقيقي‪.174‬‬ ‫مستمرة في مت‬
‫وحتيييى يحقيييق النمييي اوقتصييياد مرامييييه المبيييرى‪ ،‬علييييه أن يسيييتجيب وشيييترااات ث ثييي‬
‫ضروري ‪ .‬وهي‪ :‬مراعاة يادة م دل النم السماني‪ ،‬الرفع الحقيقي و النقد من دخل الفرد‪،‬‬
‫الب د المستمر و ا ني و تفادة الفرد من الدخل الحقيقي‪.‬‬
‫والنم اوقتصاد ‪ ،‬وفق هذه اوشترااات‪ ،‬ي مل على رحقيق م دوت مررف ي مين التغييرات‬
‫اوقتصييادي الملي ي ‪ ،‬والقمين ي فييي كنههييا علييى رحقيييق ثييار إيجابي ي علييى التنمي ي ‪ ،‬بمييا يضييمن‬
‫او تجاب الف ري وحتياجات اهفراد والجماعات‪ ،‬من حيث ال مل على رلبيي وإشيباع أقصيى‬
‫ما يممن منها‪ ،‬واإل راع‪ ،‬وبشمل شم لي‪ ،‬بم دوت النم لل ص ل إلى مسيت يات أعليى‪ ،‬مين‬
‫خ ل إنتا المزيد من السلع والخدمات ورحسين ج درها‪ .175‬والتأ يس‪ ،‬بالتالي‪ ،‬لدول النمي ‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬لدول "الرفاهي التنم ي "‪.‬‬
‫إن التييأثير اإليجييابي والف ييال إلواليييات النمي ‪ ،‬وعلييى مسييت ى اشييتغالها فييي يييرورة التنمي ي ‪،‬‬
‫يج ل من هذه اهخيرة‪ ،‬رتبلي ر‪ ،‬باعتبارهيا‪ ،‬ال مليي ‪ ،‬التيي ييتم‪ ،‬بمقتضياها‪ ،‬اونتقيال مين حالي‬
‫التخلييف إلييى حالي التقييدم‪ ،‬ومييا رتطلبييه ميين إحييداث ال ديييد ميين التغيييرات الجذريي فييي البنيييان‬
‫والهيمييل اوقتصيياد ‪ ،‬والتييي رسييم بييدخ ل اوقتصيياد مرحل ي اونط ي ق نح ي النم ي الييذاري‪،‬‬
‫نصيب الفرد من الدخل الحقيقيي عليى ميدار ال قيت‪ .‬وهيي رحيدث‬ ‫ورحقيق يادة في مت‬
‫من خي ل رغييرات فيي كيل مين هيميل اإلنتيا ون عيي السيلع والخيدمات المنتجي شيريط أن‬
‫رم ن مصح ب بإحداث رغيير في هيمل ر يع الدخل لصال الفقراح‪.176‬‬
‫همييذا‪ ،‬فييالنم ‪ ،‬وراييم أنييه يختلييف عيين التنمييي ‪ ،‬فهيي ي تبيير شييراا ً و محيييد عنييه ل ررقيياح‬
‫بالمسارات التنم ي في رجليارهيا المت يددة‪ ،‬ميع ضيرورة الت يل بيأدوات أخيرى‪ ،‬عليى شيمل‬
‫م ايير‪ ،‬رحدد في عمقها القياس الممي‪ /‬ال دد للنم ‪ ،‬باعتباره مفه م قابل للقياس والمقارن‬
‫والضب الميفي ‪ /‬القيمي للتنمي ‪ ،‬بالنظر إلى ك نها مفه م ن عي‪.‬‬

‫أبيي بمير بلقاييد‪ ،‬رلمسيان‪ ،‬السين الجام يي ‪ ، ) 2013 - 2012‬ص‪ . 16‬يممين اوضيط ع عليى اهاروحي عليى اليراب‬
‫التالي ‪http://dspace.univ-tlemcen.dz/bitstream/112/3550/1/Kebdani-sid-ahmed.doc.pdf :‬‬
‫‪ 174‬محمد عبد ال زيز عجمي ‪ ،‬إيمان عطي ناصف‪ " ،‬التنمي اوقتصادي ‪ :‬درا ات نظري ورطبيقي "‪ ( ،‬جام‬
‫اإل مندري ‪ ، )2000 ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ 175‬محم د مير ا بار‪ " ،‬مباد اوقتصاد "‪ ( ،‬الزقا يق ‪ :‬بدون ناشر ‪ ، )1996،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ 176‬محمد عبد ال زيز عجمي ‪ ،‬إيمان عطي ناصف‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ص ‪.59 - 56‬‬
‫‪113‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وميين أهييم هييذه الم ييايير‪ ،‬نجييد‪ ،‬لزومييا ً‪ ،‬رلييك المرربطيي بالب ييد اوقتصيياد (الييدخل) والب ييد‬
‫اوجتميياعي والب ييد الهيملييي‪ .‬وهييي كلهييا م ييايير حا ييم ‪ ،‬قييد رجسييد وصييف "مثالي ي " إلر ياح‬
‫دعامات النم ج التنم المنش د‪ ،‬والذ رروم رحقيقه دول "الحمام التنم ي الصاعدة"‪.‬‬

‫ب‪-‬القتاا ي‪ /‬الجتماعي‬
‫لقد أثبتت رجار عدد من الدول‪ -‬خاص منها النامي ‪ ،-‬على مسيت ى مسيارارها التنم يي ‪ ،‬أن‬
‫التنيياقض‪ -‬وبالتييالي التراجيييع فييي مسييت يات رنميييي هييذه اليييدول‪ ،-‬الييذ قييد يبيييدو أحيانييا ً بيييين‬
‫اوقتصاد واوجتمياعي( بيين ريراكم النمي ور ييع ن ارجيه)‪ ،‬و ي يدو ك نيه رناقضيا ً جز يياً‪،‬‬
‫ينحسيير رييأثيره ‪-‬البسييي ‪-‬علييى المييدى القصييير‪ ،‬بينمييا رييت حم أهييدافهما بشييمل رييدريجي‪ ،‬كلييي‬
‫ومطلق على المدى الط يل‪.‬‬
‫ورشمل الم احم بين اوقتصاد واوجتماعي‪ -‬والتي رشمل ج هر اشتغال النمياج التنم يي‬
‫الرا دة‪ ،-‬إجاب صريح عن السؤال المبير‪ ،‬والذ ميا فتيئ يشيغل‪ ،‬فيي ن واحيد‪ ،‬بيال صيناع‬
‫القرار التنم والمشتغلين في حقل الدرا ات التنم ي ‪ .‬وه المتمثل في الم ادل التالي ‪ :‬إلى‬
‫أ حد يممن خلق حال من التماهي بين وريرة النم اوقتصاد ‪ -‬السريع والمررفع‪ -‬ومست ى‬
‫الت يع اوجتماعي‪ -‬ال ادل والمنصف‪ ،-‬من أجل رحقيق التنمي بشمل "منت"" و"مستدام" ؟‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬وعلى مست ى ارا يق الم احمي بيين اوقتصياد واوجتمياعي‪ ،‬أدت اليدروس‬
‫المسييتفادة ميين البييرام" اوقتصييادي المتبنيياة خي ل ال قي د اهخيييرة ميين القييرن ال شيرين‪ ،‬ومييا‬
‫اررب بها من المبتمرات في النظريي اوقتصيادي والسيا يي واوجتماعيي ‪ ،‬إليى ر جييه الفمير‬
‫التنمي نحي نمي ج يتصييف بفهييم ل مليي التنميي أو ييع نطاقيا ً وأفضييل رميام ً‪ ،‬وإلييى يييادة‬
‫النظرة ال ملي المركزة على النتا " فيما يت لق بأدوات التنمي ‪.‬‬
‫لقد كانت فمرة التنمي في م ظم خمسينيات و تينيات القرن ال شيرين مرادفي إلجميالي النمي‬
‫المتحقيق‪ .‬وانط قيا ً مين عيام ‪ ،1965‬بيدأت اهمي ر فيي التغيير‪ ،‬وأصيبحت فميرة التنميي أكثير‬
‫التصاقا ً ب ملي التغيير اوقتصاد واوجتماعي‪ .‬كما ت درا ات عملي رجريبي للدم" بيين‬
‫النم والت يع‪ .‬ولمن هذه المساعي ا تندت – إلى حد كبير نتيج لقي د ومحدوديات عملي ‪-‬‬
‫إلييى رؤيي بسيييط جييداً لمييا يشييمل التنميي والت يييع‪ .‬اييير أن هييذا اهميير‪ ،‬بييدأ فييي التغييير فييي‬
‫رس ينيات القرن ال شرين‪ ،‬مع التقدم الها ل المحر في الرب على ص يد المفاهيم بين أفمار‬
‫النم اوقتصاد والت يع ورخفيض أعداد الفقراح‪.177‬‬
‫همذا‪ ،‬وفي إاار التداخل اإليجابي‪ -‬اوندما الجم ي‪ -‬بين اوقتصاد واوجتماعي‪ ،‬نجد أن‬
‫النم ج التنم الحقيقي‪ ،‬يتأ يس عليى قييام دولي "ال دالي "‪ ،‬حييث إر ياح ال دالي ‪-‬بصينفيها‬

‫البنك الدولي‪" ،‬التنمي ورخفيض أعداد الفقراح ‪ :‬النظر إلى ما فات والتطلع لما ه ت "‪ ، )2004( ،‬ص‪.3‬‬ ‫‪177‬‬
‫‪114‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫المجيالي واوجتميياعي‪ -‬وضييمان الت ييع المنصييف لني ار" التنميي ‪ ،‬مين شيأنه رحقيييق ا ييتدام‬
‫وكفاي النم ج ال اني في اإلص ح المتجدد‪ ،‬وفي اونتقال السلس وفي او تقرار الجماعي‪.‬‬
‫ويممن‪ ،‬بالتالي‪ ،‬اإلص حات المت افق بخص صها بين كل الفاعلين من رحقيق اايارها ورثمين‬
‫محت اها‪.‬‬
‫ويبدو‪ ،‬وج باً‪ ،‬أنيه‪ ،‬ومين منطليق م ياريي "دولي ال دالي "– وميا ييررب بهيا مين م احمي بيين‬
‫اوقتصاد واوجتماعي‪ ،‬أ بين إنتا التنمي ور يع ثمارهيا –‪ ،‬فيإن النمياح اوقتصياد ‪ -‬أو‬
‫التنمي ي اوقتصييادي ‪ ،-‬ييبر كضييرورة وج دي ي فييي المجتم ييات التييي رتزايييد ييمانيا ً‪ ،‬هنييه‬
‫الطريق ال حيدة لت فير فرص عميل لألجييال الجدييدة‪ ،‬رسيم لهيم بيال يو الميريم والمسياهم‬
‫المثمرة‪ .‬هنا‪ ،‬فال دل أ اس و دهار اوقتصاد‪ ،‬ول ل أهم أشماله ه رمافؤ الفرص‪.178‬‬
‫ولهييذا‪ ،‬وفييي ييياق ر زيييز القييدرات التممينيي لدولي "ال دالي "‪ ،‬أضييحت م احمي اوقتصياد‬
‫باوجتمياعي مين أكبيير انشيغاوت التنميي ‪ .‬وهييي الم احمي التيي رسييت جب فيي ايارهيا‪ ،‬وبشيمل‬
‫مستمر‪ ،‬القيام ب مليات "ممثف " بخص ص رجسير الفج ات المتسارع ‪ ،‬والتي رنشأ بمل رأكيد‬
‫كنتا حتمي ل دة أ با ‪ ،‬من قبيل ‪ :‬الهيمن القص ى لطابع التفاوت‪ -‬والذ يممن أن رتصف‬
‫به البرام" التنم ي ‪ ،-‬الض ف الجليي عليى صي يد نسيب النمي اوقتصياد ‪ ،‬التغيييب القسير‬
‫لسيا ييات رمييافؤ الفييرص‪ ،‬اإلب يياد المفييرو لمممنييات رحقييق ال داليي الت ي ييي ‪ -‬اجتماعيييا ً‬
‫ومجاليا ً ‪ ، -‬التباين المبير على مست ى او تفادة من الخدمات اوجتماعي اه ا ي ‪ -‬الصيح ‪،‬‬
‫الت ليم‪ ،‬الشغل‪ ،‬الحماي اوجتماعي ‪ -‬وايرها من الفجي ات أو اوخيت وت التيي رضياعف مين‬
‫هشاش نظام "م احم اوقتصاد ‪ /‬اوجتماعي"‪.‬‬
‫م احم ي اوقتصيياد باوجتميياعي‪ ،‬رفتيير فييي المجتم ييات ‪ -‬ميين خ ي ل نماججهييا التنم ي ي ‪،-‬‬
‫وبغي إيجاد صيغ فضلى خاص بتج يد الحياة داخلها‪ ،‬أن رت افر فيها‪ ،‬على اهقل‪ ،‬واحد من‬
‫اههداف الث ث التالي ‪ ،‬والتي ر تبر ج هري بالنسب للتنمي ‪: 179‬‬
‫‪ -‬يادة إراح ور يع ر يع السلع اه ا ي المساعدة والمق م للحيياة‪ ،‬مثيل الغيذاح والسيمن‬
‫والحماي ‪...‬؛‬
‫‪ -‬رفع مست ى الم يش ‪ ،‬بشمل يضمن ر فير فرص عمل أكبير ور ليميا ً أفضيل واهتماميا ً أكثير‬
‫بالقيم الثقافي واإلنسياني ‪ ،‬والتيي ريؤد إليى جانيب رحقييق الرفاهيي الماديي ر لييد عيزة الينفس‬
‫للفرد بشمل كبير؛‬

‫‪ 178‬لؤ صيافي ‪ " ،‬الرشيد السيا يي وأ سيه الم ياريي ‪ :‬مين الحميم الراشيد إليى الح كمي الرشييدة ‪ ،‬بحيث فيي جدليي القييم‬
‫والمؤ سات والسيا ات"‪ ،‬ا ‪(1‬بيروت ‪ :‬الشبم ال ربي لألبحاث والنشر‪ ، )2015،‬ص‪.182‬‬
‫‪ :‬دار المريخ للنشر ‪ ، )2006 ،‬ص‬ ‫‪ 179‬ميشال ر دارو ‪ " ،‬التنمي اوقتصادي "‪ ،‬ررجم محم د حسن حسني ( الريا‬
‫ص ‪.59 - 58‬‬
‫‪115‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪ -‬ر يع نطاق اوختيارات اوقتصادي واوجتماعي المتاح لألفراد واهمم‪ .‬وجليك بتخليصيهم‬
‫ميين ال ب ديي واوعتماديي ‪ ،‬ليييس فقي فييي ر يياملهم مييع ا خييرين‪ ،‬ولميين أيضيا ً لتحريييرهم مين‬
‫الجهل والم اناة اإلنساني ‪.‬‬
‫اههداف السابق ‪-‬بشمل منفرد أو شم لي‪ ،-‬يممن أن ربني في يرورة اشتغالها نظاميا ً صيارما ً‬
‫للحمام التنم ي ‪ ،‬من منطلق خلقها لتماملي ‪ ،‬ما يسمى "مؤشيرات الرفياه المسيتدام"‪ ،‬ومين‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬مؤشر النمو القتاةا ي ‪ :‬وهي المؤشير اليذ ي ميل عليى وضيع ضي اب دقيقي ومنهجيي ‪،‬‬
‫لقييياس التغيييرات الطار ي علييى النييار" الييداخلي اإلجمييالي‪ ،‬باعتبيياره مركييز ربل ي ر الحسييابات‬
‫ال اني ‪ .180‬على ض ح جلك رحديد عناصير هيذا المؤشير‪ ،‬ي يرف النمي اوقتصياد ‪ ،‬ب صيفه‬
‫الزيادة السن ي الحقيقي في النار" الداخلي اإلجمالي (أو ب بارة أخرى‪ ،‬ه حص كل فرد من‬
‫النار" الداخلي) ‪ ،‬أ الزيادة في حجم السيلع والخيدمات التيي يقي م بإنتاجهيا اوقتصياد خي ل‬
‫يين محييددة‪ ،‬والتييي يمميين قيا ييها بييالتغير السيين الحقيقييي فييي مت ي المسييت ى الم يشييي‬
‫الماد لألفراد‪ .181‬وييرى فيلييب بييرو‪ ،‬أن النمي اوقتصياد ‪ ،‬هي "اوررفياع المسيجل خي ل‬

‫‪180‬‬
‫‪Jean Gadrey et Florence Jany-Catrice,« Les Nouveaux indicateurs de richesse » ,‬‬
‫‪)Paris :La Découverte ,2007 (, p.3.‬‬

‫‪181‬‬
‫‪Andrew Dunett ,«Understanding the Economy: An Introduction to Macroeconomics » , 4th‬‬
‫‪edition, ) London ; New York : Longman,1998 (.‬‬
‫‪116‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫فترة مني ‪-‬عيادة ميا رمي ن ين أو فتيرات منيي مت حقي ‪ ،-‬لمتغيير اقتصياد ر ي ي‪ ،‬هي‬
‫النار" الصافي الحقيقي"‪ .‬في حين ي رفه ك ف‪ ،‬بأنيه " التغيير المسيجل فيي حجيم النشياا‬
‫اوقتصاد ‪ .182‬أما يم ن كيزينت ‪ ،Simon Kuzent‬فينظر إلى النمي اوقتصياد ‪ ،‬بم نيه‬
‫يلع اقتصيادي مختلفي ‪ ،‬بشيمل‬ ‫جاك "اوررفاع الط يل اهمد في اإلممانيات المرربطي ب ير‬
‫متنامي‪ ،‬للسمان‪ .‬وهي اإلممانيات التيي رررميز فيي ج هرهيا‪ ،‬عليى جملي مين اليدعامات‪ ،‬مين‬
‫أهمهييا ‪ :‬التقنيييي المتطيي رة والتمييييف المؤ سيياري واهييييدي ل جي"‪ .183‬همييذا‪ ،‬وبشيييمل عيييام‪،‬‬
‫فمؤشيير النم ي اوقتصيياد ‪ ،‬وميين منطلييق الت يياريف السييابق ‪ ،‬يبيير كمؤشيير حي ي لتجسييير‬
‫الفج ات التي يممن أن رنجم عن التنمي اوقتصادي ‪ .‬وجلك‪ ،‬باو تناد إلى متغيرات اقتصادي ‪،‬‬
‫كمي ‪ ،‬ر ي ‪ ،‬مستدام و عابرة؛‬
‫‪ -‬مؤشر قياس ال قر ‪ :‬يتيي قيياس الفقير إيجياد السيبل المفيلي بتجياو ه ويسياعد عليى صيياا‬
‫الفرضيييات المت لق ي بأ ييبا الفقيير‪ .‬ولقييد رميييز قييياس الفقيير‪ ،‬بتبنييي مؤشييرات عديييدة‪ ،‬منهييا‬
‫الم يمي‪ ،‬من قبيل ‪ :‬المنه" المباشر القا م عليى او يته ك والمينه" ايير المباشير الميررب‬
‫بالييدخل وميينه" روانتيير ح ي ل قل ي الييدخل وميينه" خ ي الفقيير ومؤشيير عييدد الييرؤوس‪.184‬‬
‫ولت رف مؤشرات قياس الفقر رط راً ملح ظا ً ‪-‬عبر رجاو مؤشرات المقارب التقليدي ‪ ،-‬مين‬

‫والتنمي اوقتصيادي "‪( ،‬اإل يمندري ‪:‬‬ ‫‪ 182‬محمد مدحت مصطفى‪ ،‬هير عبد الظاهر أحمد‪ " ،‬النماج الرياضي للتخطي‬
‫ممتب ومطب اإلش اع الفني ‪ ، )1999 ،‬ص ص ‪.40 - 39‬‬
‫) ‪Michael P Todaro; Stephen C Smith,«Economic Development » , 8th edition,‬‬
‫‪183‬‬

‫‪Boston::Addison Wesley ,Series in Economics ,2003 (.‬‬

‫‪ 184‬المنهج المباشر القائم على الستهالك ‪ :‬ه " المنه" الذ ي تميد عليى احتسيا رمياليف ا يته ك ب يض السيلع المحيددة‬
‫مقارن ي مييع الييدخل"‪ .‬المةةنهج غيةةر المباشةةر المةةرتبط يالةةدخن ‪ :‬ه ي " الميينه" الييذ ي تبيير أن الييدخل ه ي اوختيييار الطبي ييي‬
‫والمنطقي لقياس الفقير‪ ،‬هن اليدخل يحيدد قيي د الميزانيي التيي رفير عليى الفيرد أو الجماعي ميا يسيتهلمه وميا و يسيتهلمه"‪.‬‬
‫منهج روانتري ‪ :‬وه "المنه" الذ ي رف الفقر بأنه مست ى من إجميالي المسيب أو اليدخل اليذ و يمفيي للحصي ل عليى‬
‫الحد اهدنى من الضر وريات ال م للحفاظ على مجرد المفاحة البدني التيي رتطليب مصياريف لتغطيي الغيذاح وإيجيار‬
‫السمن "‪ .‬منهج خط ال قةر ‪ :‬هي "المحاولي المنهجيي الراميي إليى وضيع رقيدير كميي للحاجييات اه ا يي ل نسيان ‪ ،‬الغيذاح‬
‫والم بس والسمن والنقل‪ ،‬التي رشمل الحد اهدنى اوجتماعي الذ ينبغي رحقيقه من أجل ا تمرار الحياة اونسياني للفيرد‬
‫بطريق مقب ل "‪ .‬مؤشر عد الرؤوس ‪ :‬ي ميس هيذا المؤشير عيدد اهفيراد أو اه ير فيي المجتميع اليذين يق ي ن رحيت خي‬
‫الفقر‪ .‬أنظر ‪ :‬محمد حركات ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ص‪.223-222‬‬
‫‪117‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫خ ل ربني منه" جديد‪ ،‬يطلق عليه في أدبيات البنك الدولي‪ ،‬اهب اد المت ددة للفقر‪ ،‬أ ارح‬
‫الفقيير فييي ييا ر رجليارييه الدولي ي والمؤ سيياري والس ييي ل جي أو الفقيير ميين خ ي ل أص ي ات‬
‫الفقراح‪ ،‬أ رشخيص م اني حياة الفقر على لسان الفقيراح‪ .185‬ولقيد ممين المينه" الجدييد‪ ،‬مين‬
‫ر يع نطاق فهم الفقر؛ فب د أن كان التركيز ضيقا ً ومنصبا ً على الدخل واو يته ك‪ ،‬أصيب‬
‫الفقر فميرة مت يددة اهب ياد‪ ،‬رتضيمن كي ً مين الت لييم والرعايي الصيحي والمشيارك السيا يي‬
‫واوجتماعي واهمن والحري الشخصي ون عي البيئ و اها‪186 ...‬؛‬
‫‪ -‬مؤشر التنمية البشةرية ‪ :‬وهي المؤشير اليذ بيدأ ال ميل بيه مين قبيل برنيام" اهميم المتحيدة‬
‫اإلنما ي منذ ن ‪ ، 1990‬كمؤشر رركيبي لث ث مؤشرات مت ا ن ‪ ،‬والمتمثل في‪: 187‬‬
‫‪ -‬طول العمر ‪ :‬يقاس على أ اس أمل الحياة عند ال ودة؛‬
‫‪ -‬مطتو التعليم ‪ :‬يقاس انط قا ً من م دل مح أمي المبار والم دل ال الي للتمدرس؛‬
‫‪ -‬مطتو المعيشة ‪( :‬الثروة) ويقاس بالنظر إلى النار" الداخلي اإلجمالي الحقيقي‪.‬‬
‫وقد رناول رقريير التنميي البشيري اهول الصيادر فيي‪ ،1990‬التنميي البشيري ‪ ،‬عليى أنهيا نهي"‬
‫إنما ي مح ره اإلنسان‪ .‬وح ل نه" التنمي البشري الخطا اإلنما ي مين الثيراح المياد إليى‬
‫الرفياه البشيير ‪ ،‬مين يييادة الميداخيل إلييى ر ييع اإلممانييات‪ ،‬مين رحقيييق النمي إلييى ر يييع‬
‫الحريات‪ .‬وركز على ثروة الحياة‪ ،‬وليس على ثروة اوقتصاد‪ .‬فغير بذلك‪ ،‬النظرة إلى النتا "‬
‫اإلنما ي ‪ .‬وبناح على ما بق‪ ،‬وفي إاار التط ير المستمر لقياس التنميي البشيري ‪ ،‬االبيا ً‪ ،‬ميا‬
‫يت ل في جلك‪ ،‬على أب اد أ ا ي ث ث ‪-‬مع اوررباا المتماهي بجمل من القدرات‪ . -‬وهي ‪:‬‬
‫أولا‪ ،‬مت ي ال ميير المت قييع عنييد ال ي ودة والقييدرة علييى عيييو حييياة مديييدة وصييحي ؛ ثاني ةا ا‪،‬‬
‫ن ات الدرا وال دد المت قع لسن ات الدرا والقدرة على اكتسا الم رف ؛ ثالثا ا‪،‬‬ ‫مت‬
‫نصيب الفرد من الدخل الق مي اإلجمالي والقدرة على رحقيق مست ى م يشي و ق‪ .‬كميا أنيه‪،‬‬
‫ولقياس أكثر شم وً للتنمي البشري ‪ ،‬رم او ترشاد باهدل اهرب ي التاليي ‪ :‬دلييل التنميي عليى‬
‫أ اس عدم المسياواة‪ ،‬دلييل التنميي حسيب الجينس‪ ،‬دلييل الفي ارق بيين الجنسيين ودلييل الفقير‬
‫المت دد اهب اد‪.188‬‬

‫‪ 185‬رقرير البنك الدولي في ال الم ‪ " ،‬شن هج م على الفقر "‪ ، )2001- 2000( ،‬ص‪.135‬‬
‫البنك الدولي‪ " ،‬التنمي ورخفيض أعداد الفقراح‪ ، "...‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪.3‬‬ ‫‪186‬‬

‫‪ 187‬محمد حركات‪" ،‬رقييم السيا ات ال م مي وأنظم الحمام ‪ :‬رحديات منطق في ظرفي مت ررة" ‪ ،‬ضمن" مفارقات‬
‫حمام الدول في البلدان ال ربي "‪ ،‬ررجم محمد مست د ‪ ،‬ا‪ ( 1‬مؤ س هانس ايدل ‪ ، )2018 ،‬ص‪. 183‬‬
‫‪ " 188‬لمح عام ‪ :‬رقرير التنمي البشري ‪ 2016‬؛ رنمي للجميع "‪ ،‬برنام" اهمم المتحدة اإلنما ي ‪ ، 2016 ،‬ص ص‪- 2‬‬
‫‪.3‬‬
‫‪118‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫عبر هذه المؤشرات‪ ،‬وايرها‪ ،‬رق م دول "الرفاه المستدام"‪ ،‬بأدوار م ياري هام ‪ ،‬فيي يبيل‬
‫اوررقاح بسييرورة مشيروع المجتميع المنجيز‪ ،‬وردعيميه المسيتمر ب اميل الرييادة‪ ،‬والمفييل فيي‬
‫نهاي المطاف‪ ،‬بضمان أ س حمام النم ج التنم المأم ل‪ ،‬اقتصاديا ً واجتماعيا ً‪.‬‬

‫ج‪-‬الدول النامية‪ /‬الدول المتقدمة‬


‫ليم يصيمم مفهي م "التنميي البشيري " خصيصيا ً لليدول الناميي ‪ ،‬بيل إنيه مفهي م عيام يطبيق علييى‬
‫الييدول كلهييا بغييض النظيير عيين المسييت ى الييذ بلغتييه ميين التط ي ر اوقتصيياد واوجتميياعي‬
‫والسيا ي‪.‬‬
‫كما أن المطلع على مختلف التقارير الدولي ح ل التنمي البشري ‪ ،‬فإن دول ال الم رررب وفيق‬
‫قيم دليل التنمي البشري الذ يحسب لها‪ ،‬وأن هذا الترريب يتجاو رصنيف اليدول إليى دول‬
‫متقدم وأخرى نامي ‪ .‬ويركيز عليى رصينيف اليدول فيي مجم عيات جات مسيت ى مينخفض أو‬
‫أو مررفع من التنمي البشري ‪.189‬‬ ‫مت‬
‫عندما رس ى البلدان النامي لتحقيق أهدافها التنم ي ‪ :‬النم ‪ ،‬المساواة‪ ،‬محارب الج ع والفقير‪،‬‬
‫اوعتماد على الذات وحماي البيئ ‪ ...‬فإنيه يت جيب عليهيا السيير عليى خطيى البليدان المتقدمي ‪.‬‬
‫وهي مييا يتجسييد فييي خ ضييها لغمييار م ييارك اإلصي ح‪ ،‬والتييي‪ ،‬االبياً‪ ،‬مييا يييتم خ ضييها بغي ي‬
‫التميف مع التغيرات الداخلي والخارجي ‪ ،‬اح كانت مت ق أو اير مت ق ‪ .‬وقد رم ن هيذه‬
‫التغيرات إيجابي أو اير إيجابي لمجم ع من اههداف التي رتب ها الدول النامي ؛ ففيي حالي‬
‫التغير اإليجيابي ميث ً ( رحسين ايير مت قيع فيي التبيادل التجيار ‪ ،‬إضيافات جدييدة فيي رأس‬
‫المال اهجنبي ل تثمارات المتاح ‪ ،‬أو منافع كبيرة من قسم ال مل الدولي) ‪ ،‬فيإن التحيد‬
‫ه الحص ل على أعظم منف منه‪ .‬أما في حال التغير اير اإليجابي‪ ،‬فيجيب الت اميل م يه‬
‫بأقييل رضييحي مممن ي ميين اههييداف‪ ،‬وبأقييل التميياليف اوجتماعي ي وال ي ار الجانبي ي اييير‬
‫المرا فيها‪.190‬‬
‫ا تندت اهدبيات التطبيقي في مجال النم اوقتصاد إلى التط رات النظري في هذا المجال‪.‬‬
‫وكمييا هي م ييروف اي ر ي ل ‪ Solow‬النمي ج الني ك يييمي للنمي فييي محاولي لتفسييير‬
‫الشيي اهد التاريخييي عيين أنميياا النميي اوقتصيياد فييي ال ييالم‪ ،‬وخص صييا ً النميي فييي الييدول‬
‫الصناعي المتقدم ‪ .‬وشملت الحقا ق النمطي للنم في الدول المتقدم ‪ ،‬وعلى وجه الخص ص‬
‫في ال ويات المتحدة اهمريمي ‪ ،‬ثبات م يدل ال ا يد الحقيقيي عليى رأس الميال‪ ،‬وثبيات أنصيب‬

‫‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪.236 -235‬‬ ‫‪ 189‬إبراهيم ال يس‬


‫في الحياة "‪ ،‬ا ‪ (1‬دمشق‬ ‫‪ 190‬منير الحمو‪ "،‬اإلص ح اوقتصاد بين أ وهام الليبرالي اوقتصادي الجديدة وحق الش‬
‫‪ :‬دار الرضا للنشر ‪ ، )2003،‬ص ‪.122‬‬
‫‪119‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫رأس المال وال مل في النار" المحلي اإلجمالي‪ ،‬وكذلك ثبات م دل نم دخل الفرد عند قيمي‬
‫م جب ‪ ،‬بم نى ا تمراري نم دخل الفرد بطريق منتظم ‪.191‬‬
‫من الم احمات التي ينبغي ارحها على مست ى ثنا ي اليدول الناميي ‪ /‬اليدول المتقدمي ‪ ،‬نجيد‬
‫الم احم المرربط بمسيأل اليدخل‪ ،‬خاصي الجانيب المت ليق منهيا بمفهي م "اليدخل الحقيقيي"‪.‬‬
‫وه المفهي م اليذ يصي ب أحيانيا ً رحدييده بدقي فيي البليدان الناميي ‪ .‬وجليك مين منظي ر اييا‬
‫مؤشيرات واضيح لقيا يه‪ ،‬وكييذلك لجملي مين المتغييرات اوقتصييادي ‪ ،‬مين قبييل ‪ :‬عيدم ثبييات‬
‫أ ار الصرف ال اني والخارجي واوخت ف البين لأل ار الر مي عن اه ار الحقيقي ‪.‬‬
‫اهميير الييذ يسييت جب ا ييتخدام م ييايير لقييياس الييدخل‪ .‬وبالتييالي‪ ،‬لقييياس النم ي والتنمي ي علييى‬
‫مست ى اليدول الناميي أ ا يا ً‪ .‬ومين أبير هيذه الم يايير‪ ،‬التيي ييتم كثييراً ربنيهيا‪ ،‬نجيد الةدخن‬
‫الوطني الكلي‪ ،‬والمررب بم دل نمي السيمان؛ الةدخن الةوطني الكلةي المتوقةع‪ ،‬واليذ يقييس‬
‫النم ي ميين منطلييق المت قييع وليييس الف لييي؛ متوسةةط ناةةيف ال ةةر ‪ ،‬كييأكثر الم ييايير ا ييتخداما ً‬
‫وصييدقا ً‪ ،‬بحسييب ال ديييد ميين اوقتصيياديين‪ ،‬بييالرام ميين أن قيا ييه وإحصيياحه ي ييرف ب ييض‬
‫المشيييياكل والصيييي ا لييييدى البلييييدان النامييييي ؛ معا لةةةةة ‪ ،Singer‬باعتبارهييييا م ادليييي للنميييي‬
‫اوقتصاد ‪ ،‬رق م بحسا متغيرات م دل النم السن لدخل الفرد وم دل اودخيار الصيافي‬
‫وإنتاجي رأس المال وم دل نم السمان‪ .‬وهي الم ادل التي ارحت في حينها‪ -‬ن ‪- 1952‬‬
‫فرضي أن دخل الفرد في البلدان النامي ‪ ،‬انط قا ً من هذه المتغيرات‪ ،‬و يتحسن‪ ،‬بل يتده ر‬
‫با تمرار‪.192‬‬
‫ويشمل النم اوقتصاد عبر جلك‪ -‬ومن خ له التنمي اوجتماعي ‪ ،-‬الشغل الشاال لحم مات‬
‫الدول النامي قصد اللحاق بركب الدول المتقدم ‪ .‬رجدر اإلشيارة هنيا‪ ،‬إليى أن اليدول الناميي ‪،‬‬
‫االبيا ً‪ ،‬مييا رتمحي ر اهتمامارهييا التنم يي حي ل رلبيي حاجيييات الحييياة –مييع او تحضييار الييدا م‬
‫لهاجس التفمير في كيفييات ر ييع ثميار التنميي ‪ ،-‬عميس اليدول المتقدمي التيي ميا فتئيت ررفيع‬
‫رحد رج يد نم الحياة‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬نجد أن الدول المتقدم يظل اوهتمام اهكبر فيها م جها ً نح ن عيي الحيياة‪ ،‬فيي حيين‬
‫لم رهتم البلدان النامي بتحقيق التنمي اوقتصادي وما رتطلبه من نار" ق مي مررفع وم دل نم‬
‫ريع فحسب‪ ،‬ولمن أيضا ً من يق م بهذا النم ‪ .‬ولذلك كان انشغالها اه ا ي هي النمي فيي‬
‫م اجه ر يع الدخل‪ ،‬أ بم نى الميفي التي رقسم بهيا ثميرات النمي والتنميي عليى الفئيات‬
‫المختلف للمجتمع‪ ،‬هنه حتما ً إجا كان اهانياح يحصل ن على القس اهكبر ل ا د النمي ‪ ،‬فيإن‬
‫حال الفقراح يتجه لأل أ ورت مق ظاهرة ح ر يع الدخل‪.‬‬

‫‪ 191‬علي عبد القادر علي ‪ "،‬م حظات ا تمشافي على النم المستدام والتنمي في الدول ال ربي "‪ ،‬ضمن " النم‬
‫اوقتصاد والتنمي المستدام في الدول ال ربي ‪ :‬اهب اد اوقتصادي "‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 26‬‬
‫‪ 192‬محمد عبد ال زيز عجمي ‪ ،‬إيمان عطي ناصف‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪120‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وا تناداً إلى التجيار والم يايير التاريخيي ‪ ،‬ارضي أن م يدوت النمي المررف ي التيي شيهدرها‬
‫الدول النامي رذهب في م ظمها إلى اهانياح وو رشمل إو منف ي بسييط للفقيراح‪ .‬ليذلك‪ ،‬فيإن‬
‫نسب كبيرة من السمان في كل من أفريقيا و يا وأمريما ال ريني ر اني مين مسيت يات م يشي‬
‫إمييا متدنيي أو ثابتي ‪ ،‬بييالتزامن مييع اررفيياع م ييدوت البطالي والفقيير واهميي وضي ف اهنظمي‬
‫الت ليمي والخدمات الصحي ‪.193‬‬
‫ومن أجل رجاو هذه المثبطات‪ ،‬يبدو من المفرو ‪ ،‬التفمير ال ميق‪ ،‬في خلق نم ج رنمي‬
‫رشاركي جديد‪ ،‬قادر على إحرا رقدم حقيقي‪ ،‬بالنسب لدول الم مي ر –دول ناميي أو متقدمي ‪-‬‬
‫وه ما يممن أن يتم‪ ،‬المضي فيه قدما ً‪ ،‬عبر عقد شراكات مين أجيل التنميي ‪ ،‬وفيق رصي رات‬
‫محددة وأجندات واضح ‪ .‬فمن جه ‪ ،‬على البلدان النامي ‪ ،‬أن ر اصل رحسين يا ارها ونظيام‬
‫اإلدارة ال ام فيها‪ .‬ومن جه أخرى‪ ،‬يت جب على البلدان المتقدم ال فاح بالتزامارها ‪ :‬يادة‬
‫رحرير رجاررها‪ ،‬و يادة الم نات التي رق م بتقديمها‪ ،‬ور ميق رخفيف أعباح الدي ن التي على‬
‫عارق البلدان الفقيرة‪.194‬‬

‫‪-‬الةاجيات‪ /‬اإلمكانات‬
‫ر جد حاج فيسدها الصانع ب يل ‪ ،‬إو أن الجديد‪ ،‬أن ر جد و يل أووً‪ ،‬ثم رخترع لها حاج ‪.‬‬
‫بالمثل‪ ،‬ر جد وظيف ‪ ،‬ثم يجر البحيث عين شياال منا يب يشيغلها‪ .‬فيي ال يالم الثاليث‪ ،‬ي جيد‬
‫إنسان‪ ،‬فتنشأ وظيف كي يشغلها‪.195‬‬
‫ويييررب مفهي م "الحاج ي " فييي ج ي هره الفميير ب ييدة مفيياهيم قيميي وم ياري ي ‪ ،‬وعلييى رأ ييها‬
‫"مفه م ال دال اوجتماعي "‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬وحسب رأ المشتغلين في حقل الفمر التنم ‪،‬‬
‫فإنه و يممن إا قا ً فصل فمرة ال دال اوجتماعي عن فمرة الحاجات اإلنساني للبشر‪ .‬إج‪ ،‬أنه‬
‫ميين دون إشييباع هييذه الحاجييات و رمتمييل للفييرد إنسييانيته وو يتي افر لديييه مييا هي مسييتحق ميين‬
‫المراميي ‪ .‬وعلييى جلييك‪ ،‬فييإن إقييرار ال دالييي اوجتماعييي يقتضييي ريي افر ظييروف ومؤ سيييات‬
‫اقتصييادي واجتماعي ي و يا ييي وارا ييق حييياة رسيياعد كييل فييرد فييي إشييباع حاجارييه‪ .‬وميين‬
‫المحقق‪ ،‬أن الطاقات والقدرات المامن في البشر رميل إليى اونطي ق رلقا يياً‪ ،‬عنيدما رتياح لهيم‬
‫فرص كاف إلشباع حاجارهم؛ وهذا ركن أ اس من أركان ال دال اوجتماعي ‪.196‬‬

‫يد أحمد كبداني ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 2‬‬ ‫‪193‬‬

‫‪ 194‬البنك الدولي‪ " ،‬التنمي ورخفيض أعداد الفقراح‪ ،" ...‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ :‬رؤي‬ ‫‪ 195‬ن مان عبد الر اق السامرا ي ‪ "،‬الب د الثقافي إلشمالي التنمي "‪ ،‬ضمن " إشمالي التنمي وو ا ل النه‬
‫في اإلص ح "‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪.215‬‬
‫‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.106‬‬ ‫‪ 196‬إبراهيم ال يس‬
‫‪121‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ر ني التنمي البشري ‪ ،‬ر يع الحريات للجميع‪ ،‬بحيث يتممن كل إنسان من ارخاج ما ينشده من‬
‫خييييارات‪ .‬وفيييي جييي هر هيييذه الحرييييات‪ ،‬اثنتيييان ‪ :‬حريييي الرفييياه التيييي رتحقيييق بال ظيييا ف‬
‫واإلممانات‪ ،‬وحري التصرف التيي رتحقيق بيإع ح الصي ت واو يتق لي ‪ .‬وكي الني عين مين‬
‫الحريات ضرور للتنمي البشري ‪.‬‬
‫هميذا‪ ،‬يمميين اعتبيار أن ال ظييا ف – هنيا الحاجييات‪ ،-‬هييي ميا ينشييد اإلنسيان أن يمي ن عليييه أو‬
‫يف له – رح يل الحاجات من الق ة إلى الف ل‪ ،-‬كان يم ن يداً‪ ،‬في حال اكتفاح ايذا ي‪ ،‬فيي‬
‫صح جيدة‪ ،‬وأن يتمتع باحترام الذات‪ ،‬ويشارك في حياة المجتمع‪.‬‬
‫أما اإلممانيات‪ -‬هنيا القيدرات‪ ،-‬فهيي مختليف ال ظيا ف( أ ميا ينشيد اإلنسيان أن يمي ن علييه‬
‫ويف له) التي يستطيع اإلنسان رحقيقها وهي رنبني‪ ،‬بالضرورة‪ ،‬عليى حريي التصيرف السيالف‬
‫الييذكر؛ إج أن القييدرة علييى التصييرف‪ ،‬رييررب بمييا ل نسييان ميين حريي للقيييام ب مييل أو إنجيا ه‪،‬‬
‫رحقيقا ً لما يراه هاما ً من أهداف وقيم‪.‬‬
‫التنمي البشري عبير جليك هيي عمليي ر ييع خييارات اإلنسيان‪ .‬كميا أنهيا رنميي اإلنسيان ببنياح‬
‫اإلممانات البشري ؛ فهي للبشر‪ ،‬إج رحسين حييارهم وهيي مين البشير‪ ،‬إج يشيارك ن بف اليي فيي‬
‫كل ما يم ن حيارهم ‪ .‬ونه" التنمي البشري أو ع من نهي" أخيرى‪ ،‬كتليك التيي ر نيى بيالم ارد‬
‫البشري أو اوحتياجات اه ا ي أوالرفاه البشر ‪.197‬‬
‫في هيذا السيياق‪ ،‬ي يرف برنيام" اهميم المتحيدة اإلنميا ي(‪ )2003‬التنميي البشيري المسيتدام ‪،‬‬
‫بأنهيا "عمليي ر ييع خييارات البشير‪ ،‬وأن البشير هيم الثيروة الحقيقيي لألميم"‪ .‬وبيذلك‪ ،‬رقي م‬
‫التنمي البشري المستدام حسب هذا الت ريف على مح رين أ ا يين‪: 198‬‬
‫‪ -‬األول ‪ :‬بناح القدرات البشري للت صل إلى مست ى رفاه إنسياني راق‪ ،‬وعليى رأ يها ال ييو‬
‫حياة ا يل وصحي واكتسا الم رف والتمتع بالحري لجميع البشر دون رمييز؛‬
‫‪ -‬الثاني ‪ :‬الت ظييف الميفح للقيدرات البشيري فيي جمييع مجياوت النشياا اإلنسياني‪ ،‬اإلنتيا ‪،‬‬
‫منظمات المجتمع المدني والسيا ‪.‬‬
‫لقد جاح هذا التط ر في مفهي م "التنميي البشيري المسيتدام " رزامنيا ً ميع التطي ر فيي اهحي ال‬
‫اوقتصيادي واوجتماعيي ‪ .‬مميا أدى إليى حصي ل إشيباع كليي أو جز يي ليدى االبيي السييمان‪،‬‬
‫وانتشار المطالب بإشباع الحاجات الم ن ي والروحي ‪ ،‬إج ادت شراا ً أ ا يا ً لحدوث التنميي‬
‫البشيييري المسيييتدام ‪ .‬وإضييياف إليييى حاجتهيييا إليييى شيييراين مهميييين‪ ،‬وهميييا رطييي ير المييي ارد‬

‫‪ " 197‬لمح عام ‪ :‬رقرير التنمي البشري ‪ 2016‬؛ رنمي للجميع "‪ ،‬ص ص‪. 2 -1‬‬
‫‪ 198‬الم تصيم بياا الج ارني ‪ ،‬ديمي محميد وصي ص‪ "،‬التنميي البشيري المسيتدام واليينظم الت ليميي "‪( ،‬عميان ‪ :‬دار الخلييي"‬
‫‪ ، )2009،‬ص ص ‪.43- 42‬‬
‫‪122‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫واإلممانيييات المحليي وال دالي فييي ر يييع مق مييات التنميي ونتا جهييا‪ ،‬فإنهييا رحتييا إلييى ري فير‬
‫المررمزات التالي ‪: 199‬‬
‫‪ -‬ر فير الدخل المافي لتغطي اوحتياجات المادي والم ن ي ؛‬
‫‪ -‬ر فير راب حقيقي لتحقيق التنمي البشري لدى االبي أفراد وفئات المجتمع؛‬
‫‪ -‬ر فير إ رادة يا ي رؤمن بمنه" التغيير لتحقيق التنمي البشري المستدام ؛‬
‫‪ -‬ر فير إدارة كفؤة‪.‬‬
‫في المحصل ‪ ،‬يممن ج هر الب د اهخ قي الذ يجسيد الضيمان اه ا يي للتنميي المسيتدام ‪،‬‬
‫في رأكيد اإلنصاف داخل الجييل ال احيد واإلنصياف بيين اهجييال؛ فالتنميي المسيتدام ‪ ،‬ريأري‬
‫بمثابيي عملييي رغيييير‪ ،‬يميي ن فيهييا ا ييتغ ل الميي ارد ور جيييه او ييتثمارات ور جيييه التقنييي‬
‫والتغييييرات المؤ سيييي كلهيييا فيييي حالييي انسيييجام‪ ،‬مسيييتهدف إن ييياش اإلممانييييات الحاضيييرة‬
‫والمستقبلي ال م لضمان الحاجات والتطل ات اإلنساني ‪.200‬‬

‫ه‪-‬الوسائن ‪/‬األهداا‬
‫كيل مجتمييع وكيل دولي رتطلييع إليى التنميي ‪ ،‬والنياس عييادة و يختلفي ن كثييراً حي ل( اههييداف)‬
‫وميادام‬ ‫المبيرة‪ ،‬لمنهم يختلف ن ح ل( ال ا ل)‪ ،‬هل ر صيل إليى اههيداف أم و ؟‬
‫أنه كلما كثرت التفاصيل ور ددت كثر الخ ف ح لها ور دد‪ ،‬فإنه بالمثل إجا كانت ( ال ا ل)‬
‫مبهم واامض ‪ ،‬فالخ فات رنشب في المستقبل القريب والب يد‪.201‬‬
‫ميين اهدوات التييي يييتم الت ييل بهييا لتحقيييق الزيييادات السييري والدا مي ‪ ،‬بخصي ص يييرورة‬
‫التنمي ‪ ،‬نجد اإلجراحات التي ييتم ارخاجهيا عليى مسيت ى الهيميل اوقتصياد ‪ -‬اليدخل الي اني‪،‬‬
‫دخيل الفيرد‪ ،‬او ييتثمار‪ ،‬اليرأس مييال‪ ،‬دورة اوقتصياد‪ -...‬ه مجتميع ميين المجتم يات‪ ،‬وكييذا‬
‫ربطهييا المسييتمر ب يالتغيرات التييي يمميين أن رطييرأ علييى بيياقي الهياكييل ‪ :‬اوجتميياعي والثقييافي‬
‫والسيا ييي؛ ممييا يج ييل هييذه اإلجييراحات قييادرة علييى رفسييير مجمييل اإلشييماليات جات الصييل‬
‫بالمسأل التنم ي ‪ .‬وينبغي من أجل ضمان الغا يي الم ياريي لهيذه اإلجيراحات‪ ،‬الحيرص عليى‬
‫وضع أ س "مستدام " لنم ج رنم حقيقي‪ ،‬يت خى في كنهه بل رة رصي رات ا يتراريجي‬
‫كفيل بتحسين أوضاع جميع فئات المجتمع‪ ،‬وبأقصى درج من المفاي والف الي ‪.‬‬

‫‪ 199‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.44‬‬


‫‪ 200‬با ل البستاني ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ص ‪.57- 56‬‬
‫ن مان عبد الر اق السامرا ي‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪.167‬‬ ‫‪201‬‬
‫‪123‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫اههييداف التنم يي بييذلك‪ ،‬هييي نتييا او ييتخدام اهمثييل للمي ارد واإلممانييات التييي رتي افر لييدى‬
‫المجتم ات‪ .‬وه او تخدام‪ ،‬الذ يتم‪ ،‬في االب اهحيان‪ ،‬عبر إحداث التغيرات الضروري ‪،‬‬
‫علييى صي يد البنيييات اوقتصييادي القا مي ‪ ،‬ومييا ييينجم عنهييا ميين مؤشييرات إيجابيي ‪ ،‬بخصي ص‬
‫ع ا ييد التنمي ي ووج ي التممييين المت اصييل ميين القييدرات "الرشيييدة" علييى الت يييع ال ييادل‬
‫والمنصف لهذه ال ا يد‪ .‬م احمي ال يا ل المتخيذة ‪ -‬اإلجيراحات‪ -‬باههيداف المت خياة‪ ،‬رج يل‬
‫من التنمي في شتى رجليارها‪ ،‬عملي مجتم ي شيامل ‪ ،‬قا مي باه ياس عليى الي عي التشياركي‬
‫المندم"‪ ،‬والممتلك لمباد التدبير الجيد ل ممانيات المتي افرة داخيل مجتميع مين المجتم يات‪،‬‬
‫والمحقق لألب اد الف ال ه نم ج رنم مأم ل‪ ،‬اح كان جلك على المست ى اإلنتاجي أو‬
‫على المست ى الت ي ي‪.‬‬
‫ول ييل ميين أبيير ال ييا ل التييي يييتم او ييتناد عليهييا لتحقيييق أهييداف التنمي ي ‪ ،‬ه مجتمييع ميين‬
‫المجتم يات‪ ،‬ال ميل عليى خلييق شيراكات بيين القطياع ال ييام والخياص‪ .‬وجليك شيريط اولتييزام‬
‫الم يار ‪ -‬السيا ي باه اس‪ -‬القي للدولي بقضيي التنميي باعتبياره "ر يال مقد ي " يت يين‬
‫ال فاح بها؛ إج ي د هذا اولتزام‪ ،‬بمثاب "ر هد ر اقيد " ضيمني‪ ،‬داخيل صييغ م يني للتحيالف‬
‫و"الشييراك " بييين الدول ي والقطيياع الخيياص‪ .‬وفييي هييذه الصيييغ ‪ ،‬رصييب الدول ي هييي اهق ي ى‪،‬‬
‫بقدررها على أن رقرر الت جهات الر يس التي يجب أن يسير عليهيا القطياع الخياص‪ ،‬وعليى‬
‫أن رحمييل هييذا القطيياع علييى رنفيييذها‪ ،‬بمييل مييا رملييك ميين أدوات‪ ،‬ابتييداح ميين احتمييار مرفييق‬
‫التم يل‪ ،‬وانتهاح باإلراام ال يني المجسد الذ يصل إلى حد جن المخالفين‪.‬‬
‫النتيج الر يس المستخلص من جليك‪ ،‬أن التنميي ‪ ،‬بيل ومجيرد "النمي "‪ ،‬و يممين رحقيقيه مين‬
‫خ ل صيغ رقليدي لل ميل المشيترك بيين الدولي والقطياع الخياص‪ ،‬حيين رتحي ل الدولي إليى‬
‫مجييرد "ميسيير"‪ ،‬رت ي لى ا تمشيياف رابييات رأس المييال الخيياص المحلييي واهجنبييي‪ ،‬وربييادر‬
‫بتلبيتها‪ ،‬بدحاً من ريسير إجراحات "الدخ ل" إلى ق او تثمار‪ ،‬وانتهياح بسيخاح اإلعفياحات‬
‫الضريبي ‪ ،‬اح على أ اس " مني" أم على أ اس "ن عي" ‪.202‬‬
‫كما و يممن رحقيق جلك‪ ،‬بتبني المنطق الذ اد في وقت من اهوقات‪ ،‬على مست ى ارا يق‬
‫رحقيق التنمي ‪ .‬وه المنطيق اليذ يؤكيد‪ ،‬أووً عليى ضيرورة "إ احي الدولي مين الطرييق‪،‬‬
‫باعتبارهيا عا قيا ً ‪ "Getting the State Out of the Way‬ك ييل مين و يا ل ضيب‬
‫وريرة اشتغال الف ل التنم ه بلد من البلدان؛ وثانيا ً على أن المقارب ل ص ح –الخياص‬
‫بالسيرورة التنم ي ‪ -‬على قاعدة مساحل المسؤولين وإر اح حمم القان ن ضمن شروا يتحمم‬
‫بها القطاع الخاص أو الس ق ب ريرة النم ليست كافي وو ناج هي اهخرى؛ وثالثا ً عليى‬
‫أن المقارب البديل – التي رست حي التجرب ا ي ي أو ما يسمى "النم ج ا ي " ‪ -‬و‬

‫‪ 202‬محمد عبد الشفيع عيسى ‪ "،‬دور الدول التنم درا مقارن للخبرة المصري الم اصرة "‪ ،‬ضمن " النم‬
‫اوقتصاد والتنمي المستدام في الدول ال ربي ‪ :‬اهب اد اوقتصادي "‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪124‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫رركز على أفضلي القطاع الخاص على ال ام‪ ،‬وو رهدف إليى خصخصي المؤ سيات‪ ،‬بيل‬
‫رركز على كيفيي ج يل الدولي ر ميل أفضيل ورسيهم بفاعليي أكبير فيي المشياريع التنم يي –‬
‫وعلى رأ ها المشروع الم روف في التجرب ا ي ي " التصنيع المتأخر"‪ -‬وه ما ماه‬
‫بريت ن "ر ليم الحم مي ‪ ،" Learning Gouvernment‬أ أن نقطي اونطي ق ليسيت‬
‫إ اح الدول ‪ ،‬بل ج ل الدول ر د إلى قيادة التنمي ‪.203‬‬
‫من ال ا ل او تشرافي التي ينبغي الت ل بها – عبير ا يتخدامها وا يتغ لها‪ ،‬بشيمل يليم‬
‫وم قلن‪ ،-‬والتي من المممن أن ر جه‪ ،‬وفي إاار ا ترشاد محض‪ ،‬اههداف التي يرن إلى‬
‫رحقيقها أ نم ج رنم ام ح‪ ،‬نجد التخطي او تراريجي‪ ،‬باعتباره أداة "فضيلى"‪ ،‬ر ميل‬
‫في عمقها‪ ،‬عليى رحدييد السيا يات والبيرام" التنم يي المتخيذة‪ ،‬ورنفييذها التنفييذ الف يال‪ ،‬ونقيل‬
‫أهييدافها ميين الق ي ة إلييى الف ييل‪ ،‬ورح يلهييا‪ ،‬بالتييالي‪ ،‬وعلييى مسييت ى اهمييد الب يييد‪ ،‬إلييى أهييداف‬
‫واق ي ‪ ،‬عملي وملم ‪.‬‬
‫وجلك كله‪ ،‬يجب أن ييتم‪ ،‬ميع ضيرورة او تحضيار اليدا م للخطي التمميليي – بشيمل م اكيب‬
‫للخط الر يسي ‪ ،-‬يممن ر ظيفها في حال ر ثر مرص د ‪ -‬بسبب من اه با المررب أ ا ا ً‬
‫بمفاي ي ال ييا ل ‪ ،-‬علييى مسييت ى أ محط ي ميين محط يات الف ييل التنم ي ‪ .‬ثالث ةا ا ‪:‬مبةةا‬
‫النموذج التنموي‬
‫النمييي ج التنمييي هييي صييييغ متطييي رة ومتغييييرة‪ ،‬با يييتمرار‪ ،‬لضيييب مسيييارات السييييرورة‬
‫التنم ي ي ‪ ،‬وج ييل هييذه اهخيييرة‪ ،‬وبطريقيي ا ترشييادي ونم ججي ي صييرف ‪ ،‬ر جييه السيا ييات‬
‫المتخييذة علييى مسييت اها‪ ،‬وبييدرجات متزايييدة‪ ،‬نح ي مسييايرة التح ي وت المتسييارع والحقييا ق‬
‫المتجددة التي أضحى يتسم بها عالم الي م‪ ،‬عالم النماج ال متناهي ‪ ،‬والتي يبدو مين الصي ب‬
‫جداً‪ ،‬السيطرة المطلق على كل اهب اد "المستدام " التي رت ق إلى رحقيقها‪ ،‬جيليا ً ومجالياً‪.‬‬
‫والنم ج التنم بهذا التحديد الشم لي‪ ،‬يسيت جب ري افر مبياد رر يخ‪ ،‬مين جهي ‪ ،‬مم نيات‬
‫"رضمينيته"‪ ،‬ور ز ‪ ،‬من جه أخرى‪ ،‬مق مات "ا تدامته"‪ ،‬في إاار إر اح البنياح المتماميل‬
‫للتنميي ‪ ،‬ورحفيييز ج انييب ارسيياقه الم يييار الخييالص‪ .‬وميين أبيير هييذه المبيياد التييي يممين أن‬
‫رحقيييق هيييذا الميييراد الغيييا ي‪ ،‬نجيييد‪ ،‬ج هريييياً‪ ،‬ث ثييي مبييياد ‪ ،‬وهيييي ‪ :‬التضيييامن والمأ سييي‬
‫والتضميني ‪.‬‬

‫‪-1‬مبدأ التضامن‬
‫‪ 203‬ألبير داار‪ "،‬إص ح مؤ سات القطاع ال ام في البلدان ال ربي في ض ح التجرب ا ي ي "‪ ،‬ضيمن " دور القطياع‬
‫الخاص في مسار التنميي المسيتدام وررشييد الحميم فيي اهقطيار ال ربيي ‪ ،‬بحي ث ومناقشيات النيدوة التيي أقامتهيا المنظمي‬
‫ال ربي لممافح الفساد ي مي ‪ 22‬و‪ 23‬يبتمبر ‪ ، " 2011‬مجم عي ميؤلفين‪ ،‬ا‪( ، 1‬بييروت ‪ :‬المركيز ال ربيي لألبحياث‬
‫ودرا السيا ات‪ ، )2013 ،‬ص‪. 180‬‬
‫‪125‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫يقصد بمبدأ التضيامن عليى هيذا المسيت ى‪ ،‬التأ ييس لنمي ج رنمي "متضيامن" فيي مجتميع‬
‫"متضييامن" اجتماعي يا ً‪ ،‬يس ي ى إلييى اإلعمييال المنفييت والمييرن لق اعييد نيياجزة م ياري يا ً‪ ،‬ر ييز‬
‫اوقتناع الماميل بأهميي قيمي التضيامن فيي يبيل ال صي ل التشياركي إليى "الخيير" التنمي‬
‫ال ييام‪ ،‬ور ي ييه الت يييع ال ييادل والمنصييف بييين الجميييع‪ ،‬وبالتييالي‪ ،‬رر يييخ دعامييات دول ي‬
‫التضامن‪.‬‬

‫أ‪-‬قيمة التضامن‬
‫ي د التضامن ر بيير ملمي س عين مختليف ال قيات واليرواب اوجتماعيي التيي رجميع ميا بيين‬
‫اهفراد والجماعات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالتضامن يتبل ر كقيم م ياري راقي قا مي ميا بيين النياس فيي‬
‫ييا ر المجتم ييات والحضييارات‪ ،‬وكمبتغييى إيجييابي ل نييدما والييت ق والت قييي بييين الق ي ى‬
‫المنتج والق ى المستهلم للثروات والقيم‪.‬‬
‫فييي هييذا اإلاييار‪ ،‬يياهم وقي ع التضييامن فييي صييلب ال مليييات المشييمل و ييتمراري ال قييات‬
‫البني ي في مست اها المحلي أو الدولي‪ ،‬بص رة ر يسي فيي رقديميه ب صيفه ادعياحاً أخ قييا ً جا‬
‫دعامي قيميي كبيييرة وإضييفاح صييف اإللزاميي عليييه ميين حيييث ه ي مسييؤولي ‪ 204‬أو نظييام حييام‬
‫و تمراري القيم المشترك وارربااه بالراب والجاهزي لتقديم المساعدة عند الحاج ‪.205‬‬
‫التضامن بذلك‪ ،‬ومن منظ ر م يار خالص‪ ،‬ي د أحد أبر المررمزات التي يق م عليها نهي"‬
‫التنمي البشيري المسيتدام خاصي فيي رجليارهيا اوجتماعيي ‪ .‬هنيا نتحيدث عين ربلي ر التضيامن‬
‫اوجتماعي كقيم من القيم الرفي داخل المجتم ات البشري ‪.‬‬
‫وفق هذا المنطلق القيمي‪ ،‬فاهفراد مخل قات اجتماعي جبلت على ال يو فيي مجتميع بشير ‪،‬‬
‫مما يقتضي على كل منهم المشارك والت اضد في إدارة شؤون الحياة‪ .‬وهذا اهمر‪ ،‬من شأنه‪،‬‬
‫أن يساهم فيي ر مييق الشي ر باونتمياح‪ ،‬ويضييف‪ ،‬بالتيالي‪ ،‬الغبطي إليى المشيارك المجتم يي‬
‫الهادف ‪.‬‬
‫وعلى هذا الص يد‪ ،‬ربر ب ضي ح ال قي ال ثيقي بيين التنميي البشيري والثقافي ‪ ،‬ا يتناداً إليى‬
‫واق أن الش ر بالت اضد والتضامن اوجتماعي ينبع منطلقيه مين الثقافي والقييم والم تقيدات‬

‫‪204‬رام قيام ع ق رفاعليي بيين التضيامن والمسيؤولي ‪ ،‬إو أنيه هنياك اخيت ف جليي بيين المبيدأين؛ فيإجا كيان التضيامن يتبلي ر‬
‫ب صفه متغير مستقل‪ ،‬فإن المسؤولي ربر باعتبارها متغيرا ً راب ا ً ‪.‬‬
‫‪ 205‬أمين ي مصييطفى دل ‪"،‬جدلي ي أ ول ي ي "الدول ي الحار ي " مقابييل المسييؤولي الدولي ي ‪ :‬رحقيييق مبييدأ التضييامن مييع مراعيياة‬
‫الخص صي ال ربي " ‪ ،‬مجل يا ات عربي ‪ ،‬ال دد‪ ،20‬ما ‪ ، 2016‬ص‪.19‬‬
‫‪126‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫المشييترك ‪ ،‬رلييك التييي رشييمل السييل كي الفردي ي بارجيياه التنمي ي البشييري والخيييارات البشييري‬
‫رت اظم ‪ ،‬وو ريب‪ ،‬كلما كانت حلقات التضامن اوجتماعي أو ع وأكثر فاعلي ‪.206‬‬
‫الب ييد الثقييافي للتضييامن‪ ،‬يج ييل ميين هييذا اهخييير‪ ،‬قيم ي ثقافي ي واجتماعي ي رتجلييى رمظهرارهييا‬
‫اإليجابي المثيرة في رلك القدرة الفا ق عليى رجسييد الت ا نيات المممني ‪ ،‬والناجمي ‪ ،‬باه ياس‪،‬‬
‫عين ال ميل الجمياعي الم حيد والمشيترك‪ .‬وميين ثيم‪ ،‬فالتضيامن كقيمي إنسياني وك نيي رفي ي ‪،‬‬
‫ي تبير فييي كنهييه نتاجيا ً م يارييا ً خالصيا ً للممار ييات الم ضي عي واإلجرا يي الفضييلى السييا دة‬
‫داخل أ مجتم ات من المجتم ات‪ .‬وهي المسأل التي رت اظم أهميتها اوعتباري على صي يد‬
‫اشتغال يرورة التنمي ‪ ،‬في رجليارها المختلف ‪ ،‬خاص حينما نصيادف التفياع ت القا مي بيين‬
‫الطبقيات السييا دة داخيل مجتميع مييا ‪ ،‬فيي إايار دفاعهيا المسييتميت عين مصيالحها اوقتصييادي‬
‫الضيروري –وبصيف عامي المصيال جات ال قي ال اييدة بالغا ييات التنم يي ‪ ،-‬مين منظي ر‬
‫رجذر وعيها التضامني التشاركي‪ ،‬ورر خ قدررها على إظهار ال مل الجماعي‪.207‬‬
‫كما أن التص ر ال ق ني الخاص بقيم التضامن‪ ،208‬والذ قدمه ميما يل هيشتر ‪Michael‬‬
‫‪ ،Hechter‬ي طيييي اهتماميييا ً بالغيييا ً لمجميييل اهواصييير وال قيييات واليييرواب الناظمييي لألفيييراد‬
‫والجماعييات‪ ،‬والمتحممي فييي الغايييات التييي رتي خى اوررقيياح بييال يو المشييترك‪ .‬فميين منظ ي ر‬
‫اعتبار السل ك اوجتمياعي هي جملي اهف يال والتصيرفات الصيادرة عين الفيرد "ال ق نيي"‪،‬‬
‫ييرى هيشييتر‪ ،‬بيأن اهفيراد يم ني ن فيمييا بيينهم جماعييات للتضييامن‪ ،‬رتضيافر جهي دهم‪ ،‬بشييمل‬
‫جماعي منظم‪ ،‬بغي إدراك مصالحهم المت اظم واو تجاب لحاجييارهم المتزاييدة‪ .‬وجليك كليه‪،‬‬
‫في إاار يهم الحثيث‪ ،‬لتحقييق يا ر اههيداف المشيترك ‪ .‬اهمير اليذ يحفيزهم عليى إنتيا‬

‫‪ 206‬با ل البستاني‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 67‬‬


‫‪207‬‬
‫‪Steinar Stjernø , «Solidarity in Europe: The History of an Idea» ,)New York : Cambridge‬‬
‫‪University Press,2004 (, p.45.‬‬

‫‪Michael‬‬ ‫‪) Brekely,‬‬ ‫‪ 208‬ح ل هذا التص ر ال ق ني أنظر ‪,CA:University of California Press,1987‬‬
‫‪Hechter, «Principles of Group Solidarity‬‬
‫‪127‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫القييم الم ياريي المتبادلي والسيلع الماديي المختلفي أو كيل ميا يممين أن ي صيل إليى اا يي بنيياح‬
‫الرفاه اوجتماعي‪ ،‬مع الحرص الدا م على ضمان ا تفادة الجميع من ع ا ده القيمي ‪.‬‬
‫ومن ثيم‪ ،‬يممين التأكييد‪ ،‬عليى أن رضيامن اهفيراد –واليذ يجسيد ماهيي رشيمل وابي ي أدوار‬
‫الجماعييات‪ -‬ه ي قيم ي عق ني ي قا م ي ‪ ،‬بص ي رة أ ا ييي ‪ ،‬علييى اورصييال التفيياعلي والت اض يد‬
‫الترابطي بين هؤوح اهفراد‪ ،‬وانصهارهم التام والمندم" في الذات الجماعي ‪ ،‬وفق ق اعد من‬
‫ال ض ح على مست ى الرؤي والتشارك اإليجابي في اهف ال‪ ،‬ومن منطلق اشترااات م ين ‪،‬‬
‫رخص بشمل محدد‪ ،‬ر زيز دعامات رنسيق السل ك اوجتماعي ورط ير أب اده المتن ع ‪ .‬يظل‬
‫اررباا النم ج التنم بقيم التضامن وثيقا ً ل دة اعتبارات‪ ،‬ومنها ك ن‪:‬‬
‫‪ -‬الصال ال يام‪ ،‬ومين خي ل المجياوت التيي يسي ى لخيدمتها كمجياوت رضيامني ‪ ،‬هي مطليب‬
‫ضرور لتحقييق الخيير "التنمي " للجمييع‪ ،‬مين حييث ر ييع ع ا يد التنميي بشيمل منصيف‬
‫وعادل؛‬
‫‪ -‬الت ل المرج ي بالسل ك التضامني هي منطليق حقيقيي لتيسيير ع اميل قييام رنميي بشيري‬
‫مستدام ومت ا ن و"مأنسن "؛‬
‫‪ -‬التطبيق اهفضل لممار ات الفمير التضيامني هي يبيل نياجع لتق يي القيدرات المؤ سياري‬
‫التمميني الخاص ب ناصر الحمام ورحسين أدا ها الم يار ؛‬
‫‪ -‬المساهم اإليجابي في رط ير خصا ص الفاعلي والتشارك والت اون والتنسيق هي شرا و‬
‫محيييد عنهيييا لتر ييييخ لبنيييات صييرح "دولييي التضيييامن" ور زييييز أ سييها التنم يييي ‪ ،‬وفيييق قييييم‬
‫المسؤولي الجم ي ‪ ،‬ومن منطلق مبدأ التنضيد التشاركي أو التللف التماثلي‪.‬‬
‫و للشك‪ ،‬أهمي قيم التضامن في يرورة النمياج‬ ‫كل هذه اوعتبارات‪ ،‬ربر بما و يدع مجا ً‬
‫التنم ي ‪ .‬وجلك من منظ ر ربل رها كقيم قان ني اجتماعي و يا ي ميؤارة لل ميل الجمياعي‬
‫التشاركي‪ ،‬من شأن او ترشاد المرج يي بهيا‪ ،‬رحقييق الميأم ل مين هيذه النمياج ‪ ،‬بميل كفايي‬
‫وف الي ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ولة التضامن‬


‫على مست ى الدول النامي أو السا رة في اريق النم ‪ ،‬االبا ً‪ ،‬ما يختزل مفهي م "التنميي " فيي‬
‫"اإلق ع" اوقتصياد وفيي رحصييل "النمي وريراكم الرأ يمال"‪ .‬والحيال أن ب يض التجيار‬
‫اهوروبييي نجحييت فييي إنجييا "ر يييع منصييف ورضييامني" للثييروة‪ ،‬كمييا هيي حييال البلييدان‬
‫او يييمندنافي ؛ كميييا أن بليييدانا ً أ سيييت لمق ميييات "الدولييي ‪ -‬الرعايييي " عليييى مبيييد ي المسييياواة‬
‫‪128‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫والتضامن في صيغ حمايي اجتماعيي شيامل ‪ ،‬أو رغطييات صيحي ‪ ،‬أو مؤ سيات ر اضيد‪209‬؛‬
‫أ أن ع ا د التنمي هنا‪ ،‬هي نتيا خيالص ليدواعي اجتماعيي ‪ ،‬مين قبييل التضيامن كقيمي مين‬
‫القيم الم ياري التي يتأ س عليها بنيان ما يسمى "دول التضامن"‪.‬‬
‫في هذا المضمار‪ ،‬و بد من ا تحضار التجرب الفرنسي التيي‪ ،‬فضي ً عين نضياوت الشيغيل ‪،‬‬
‫وجيدت الدولي نفسيها فييي حاجي إلييى ا يتلهام مبيياد "الفمير التضييامني" اليذ أ ييس ليه عييالم‬
‫اوجتماع إيميل دوركهايم‪ ،‬حين ربين لها أن اه س التاريخي للدول اوجتماعي بدأت رض ف‬
‫بالتدري"‪ ،‬وأن شرا اجتماعي عديدة ومتنامي مستب دة من ق الشغل‪.210‬‬
‫وبييذلك‪ ،‬يينجد أن التشييبع "الفميير التضييامني" وا ييتلهام التجييار التراكمي ي والممار ييات‬
‫الفضلى المرربط به‪ ،‬ي تبر خاصي من الخصا ص التي رميز دول التضامن‪ .‬وهي الخاصي‬
‫التي رج ل النمي ج التنمي السيا د فيي هيذا النمي ج "الحيي" و"النيابض" مين اليدول‪ ،‬يميت‬
‫عناصييير ريادريييه مييين الم يييايير والقييييم المشيييترك المتجيييذرة فيييي الفمييير والسيييل ك الجم ييييين‬
‫للمجتم ات‪ ،‬والضامن للتمامل المجتم ي الف لي والف ال‪.‬‬
‫وفق هذا المنطليق التحليليي‪ ،‬عميل إيمييل دوركيايم ‪ Emile Durkheim‬عليى م الجي لييات‬
‫التضامن اوجتماعي فيي المجتم يات الحديثي ‪ ،‬مين خي ل رميييزه الشيهير بيين التضيامن ا ليي‬
‫للمجتم ات التقليدي المررمز على التماثل بين أعضاح المجتمع وهيمن ال عي الجمياعي عليى‬
‫الفييرد ‪ ،‬والتضييامن ال ض ي للمجتم ييات الحديث ي القييا م علييى مجتم يع متما ييك بيياوخت ف‬
‫الم ج د بين أفراده بناح على التقسيم اوجتماعي لل مل‪.‬‬
‫لقد أثار التمييز الدوركايمي فميرة المظياهر الممييزة للتضيامن التيي بحسيب رقديميه و رقتصير‬
‫على ال قات اوجتماعي التقليدي فق ‪ ،‬ولمن عليى أ ياس جدييد للحيياة اوجتماعيي يتفيق ميع‬
‫عمليييييات التصيييينيع والتحضيييير‪ ،‬بمييييا يتييييرك مجيييياوً للفييييروق الفردييييي ‪ .‬كمييييا جييييادل رييييالم ت‬
‫بار نز‪ Talcott Parsons‬بمقاربي أكثير ثقافيي ؛ بحييث أن القييم والم يايير المشيترك التيي‬
‫يقدمها النظام الثقافي ردعم رنظيم المجتمع وانسجامه‪.‬‬
‫يررميز التمامييل اوجتميياعي إجاً عليى اورفيياق الجم ييي ال ا ييع عليى الم ييايير والقيييم المشييترك‬
‫والمحيددة بييدورها ليألدوار المؤ سييي ‪ .‬ومين ثييم‪ ،‬الشي ر بالمسييؤولي لل فياح باولتزامييات بمييا‬

‫لألوقيات وهيدر ل ممانيات"‪ ،‬جرييدة هسيبريس اإللمترونيي ‪،‬‬ ‫بي ثقافي مضيي‬ ‫‪ 209‬محميد ني ر اليدين أفايي ‪ "،‬نمي ج رنمي‬
‫الخميس ‪ 25‬أكت بر ‪.2018‬‬

‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪210‬‬


‫‪129‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫يخليييييق التضيييييامن بيييييين أولئيييييك المييييي جهين بصييييي رة متبادلييييي إليييييى القييييييم المشيييييترك ‪.211‬‬
‫كما أن دول التضامن رتر خ دعامتها الم ياري ‪ ،‬بتبني روح التط ع‪ ،‬كخاصي من خصا ص‬
‫الفمير والف يل التضيامنيين؛ فبحسيب كتيا مين أمثيال هربيرت بنسير ‪Herbert Spencer‬‬
‫وألمسيييس د ر كفيييل ‪ ،Alexis De Tocqueville‬يتأ ييس التضييامن فييي المجتم ييات‬
‫الصناعي على المصلح المشترك في الت اون الطي عي‪ ،‬بحييث رتجسيد الط عيي فيي ال قي د‬
‫بين اهفراد اهحرار لتحقيق منافع متبادل ‪ ،‬والدور ال حيد للدول ه رطي ير اإلايار القيان ني‬
‫لهذه ال ق د والحفاظ عليه‪ .‬وبناح عليه‪ ،‬يمثل الت ا ن اهفقي بيين اهفيراد ضيمن مجتميع ميدني‬
‫ق ة م ا ي للفرداني اهناني والسلط او تبدادي ال م دي المحتمل للدول الحديث ‪.212‬‬
‫على هيذا اه ياس‪ ،‬رتبلي ر قيمي التضيامن كقيمي متماهيي ميع ابي ي المجتميع الميدني‪ ،‬والتيي‬
‫رشييير فييي عمقهييا إلييى الجي هر الفلسييفي لل مييل التطي عي بصييف عامي ‪ ،‬والمتجسييد فييي فمييرة‬
‫المبييادرة الذاري ي للفييرد ميين منطلييق قناعتييه وإيمانييه بقدررييه علييى الف ييل والتييأثير فييي محيطييه‬
‫اوجتماعي واوقتصاد والسيا ي والثقافي‪.‬‬
‫ومين ثييم‪ ،‬فيإن أنميياا ال قييات فييي المجتمييع المييدني‪ ،‬رييتم فييي إاييار مجم عي ميين المؤ سييات‬
‫التط عي ‪ ،‬أ رلك التي ينضم إليها اهفراد بملح إرادرهم وإيمانا ً منهـم بقدرارهم وقيدرات هيذه‬
‫المؤ سات على حماي مصالحهم والت بير عنها‪ .213‬وهي اهمير اليذ رتمثيل م الميه المبيرى‬
‫وفق اشترااات الفمر والف ل التضامنيين‪.‬‬
‫وبذلك يممن الق ل‪ ،‬أن المؤ سات المدني أو التط عي ‪ ،‬هي مؤ سات رضامني بامتيا ‪ .‬وهي‬
‫المؤ سات‪ -‬كميا ييرى اليب ض‪ -‬التيي رزدهير فيي اليدول الناميي ميع عملييات التحي ل والتنميي‬
‫اوقتصادي والتحديث الحضار ‪ .‬ويتم رفسير جليك‪ ،‬فيي ضي ح فقيدان النياس فيي رليك اليدول–‬
‫أثناح التح ل اإلنما ي‪ -‬الدعم والسند اه ير اليذ رتيحيه الينظم التقليديي لأل يرة قبيل رفممهيا‬
‫بف ييل عمليييات الييت لم والتحضيير والتصيينيع وخييرو المييرأة للييت لم وال مييل والحص ي ل علييى‬
‫او تق ل اوقتصاد ‪.214‬‬
‫وحين ظهر لها أن وظيف الدولي و يممين اختزالهيا فيي المراقبي والقميع‪ ،‬وإنميا يت يين عليهيا‪،‬‬
‫على ال مس من جلك‪ ،‬ر فير شروا متساوي للم اانين ورق ي ال عي بأن الجميع يمتلك نفس‬
‫القيم ‪ ،‬وبأن اليرواب التيي رجميع فئيات المجتميع متداخلي ‪ .‬ليذلك اضيطرت الدولي إليى وضيع‬

‫‪ 211‬أمين مصطفى دل ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫‪ 212‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪213‬‬
‫‪Mohamed Karem « la notion des droits de l’homme au Maghreb : Essai sur une nouvelle‬‬
‫‪culture politique » Thèse pour le Doctorat en science politique, Université de droit des‬‬
‫‪sciences d’Aix – Marseille, Faculté de droit et des sciences politiques, 1991, p . 23.‬‬
‫‪ 214‬نبيل السمال اي‪" ،‬علم اجتماع التنمي "‪( ،‬بيروت ‪ :‬دار النهض ال ربي ‪ ،)1981 ،‬ص ‪.339‬‬
‫‪130‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫أ س ووظيا ف ومؤ سيات رضيامني يسيتفيد منهيا كيل المي اانين بشيمل متسياو؛ ايير أنيه إجا‬
‫ا ييتثنينا ب ييض ممار ييات ورطبيقييات "الدوليي اوجتماعي ي " فييإن النظييام الرأ ييمالي المبنييي‪،‬‬
‫بالضرورة‪ ،‬على منطق او تغ ل و يممنه أن ي فر شيروا السي ادة أو ال ييو الميريم هكبير‬
‫عدد من الناس‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬فإن أ رفمير م جدد في الم ض ع يفتر ا تحضار رجار في ال الم رممنت من بناح‬
‫"نميياج " رنم ي ي را ييدة‪ ،‬ونج ي قييادة بلييدانها فييي إخييرا مجتم ييارهم ميين الفقيير والخصيياص‬
‫وأكسبت م اانيها ش راً أكبر باونتماح والمرام "‪.215‬‬
‫ورتأ يييس دولييي التضيييامن عليييى مسيييت ى رجليهيييا البنيييي ‪ ،‬مييين خييي ل خاصيييي الفاعليييي أو‬
‫المشييارك ‪ ،‬والتييي ر ييز ‪ ،‬وبا ييتمرار‪ ،‬ج ي هر ال قييات التماملي ي التييي يمم ين أن رق ي م بييين‬
‫المجتمع والدول ‪ ،‬وما يتبع جليك‪ ،‬مين اشيترااات اليدعم "المسيتدام" للفيرص المتاحي المت لقي‬
‫باون يدما اوجتميياعي والت افييق القيمييي‪ ،‬وكييذا مييا يييررب بتجسييير الفجيي ات المت لييدة عيين‬
‫المخيياار الصيياعدة‪ ،‬وال صييق بحركييات المييد والجييزر الخاصيي بتيييار ال لميي الجييارف‪.‬‬
‫ورؤكييد خاصييي الفاعليي أو المشييارك ‪ ،‬علييى صي يد دولي التضييامن‪ ،‬ضييرورة او تحضييار‬
‫المت اصل لتأثيرات السل ك اون ما ي للفرد على ال قات اوجتماعي التبادلي بين اهاراف‬
‫الفاعلييي فيييي السييياح اوجتماعيييي ‪-‬مم نيييات وعناصييير الحمامييي ‪ ،-‬واليييدفع بضييي اب الف يييل‬
‫التشاركي الم اد لسلط "الحق في التضامن "‪ ،‬ب صيفه حيق مرج يي مين حقي ق اإلنسيان‪،‬‬
‫والمنتمي إلى فئ ما يسمى "حق ق الجيل الثالث"‪. 216‬‬
‫دولي التضييامن إجاً‪ ،‬وميين خي ل الخصييا ص المميييزة لهييا‪ ،‬والسييابق الييذكر‪ ،‬هييي دولي رنم يي‬
‫بالف ييل‪ ،‬رتيي خى بليي اههييداف المأم ليي ميين إواليييات اشييتغال السيييرورة التنم ييي ‪ ،‬ومنهيييا‬
‫اههداف اوجتماعي ‪-‬خاص ر ايد ورف ييل يا يات الرعايي أو الحمايي اوجتماعيي ‪ ،-‬والتيي‬
‫ر تبيير فييي صييلب اهتمامييات دول ي الرفيياه ‪ .Welfare State‬اهميير الييذ يج ييل ميين الناحي ي‬
‫السيا ي ‪ ،‬التضامن اوجتماعي‪ ،‬يؤ س مين خي ل مفهي مين؛ أولهميا ميررب بالم ااني التيي‬
‫ر نيي فيي مجملهييا اونتمياح ليييس بيالمفه م الجغرافييي للدولي ‪ ،‬ولميين مين حيييث التمتيع القييان ني‬
‫بالخدمات الحما ي لدول الرفاه‪ .‬ويممين ثانيهميا فيي قييام دولي الرفياه بيدور ر ييس فيي حمايي‬

‫‪ 215‬محمد ن ر الدين أفاي ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪.‬‬

‫‪" 216‬الجيل الثاليث لحقي ق اإلنسيان " أ و "حقي ق التضيامن " كمفهي م ا يتخدمه هول ميرة كيارل فا يك ‪ K. Vasak‬فيي‬
‫محاضرره اوفتتاحي في الم هد الدولي لحق ق اإلنسيان عيام ‪ . 1979‬وهي كمفهي م ارريب بتسلسيل التصينيف التياريخي‬
‫المتداول ‪ :‬الجيل اه ول المررب بالحق ق المدني والسيا ي لألفراد والجيل الثاني المت لق بيالحق ق اوقتصيادي واوجتماعيي‬
‫والثقافي لألفراد‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الرفييياه اوقتصييياد واوجتمييياعي لم اانيهيييا ور زييييزه‪ ،‬بتطبييييق يا يييات ال دالييي والرعايييي‬
‫اوجتماعي ‪ ،‬ك نها رضمن ر يع الثروة وال ا د اوقتصادي على مجتم ها‪.217‬‬
‫وبذلك‪ ،‬ومن منطلق ال امل المساهم في رر يخ قيم التضامن‪ ،‬نجد أن الدول المؤ س‬
‫على السل ك التضامني هي دول اولتزام الم يار واهخ قي بميل اهب ياد المتسيم بالمفايي‬
‫والف الي والريادة والنجاع ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فهي دول "ا تحقاق" بامتيا ‪.‬‬

‫‪-2‬مبدأ المأسطة‬
‫يجسد الحديث عن المأ س كمبدأ مين مبياد النمي ج التنمي منطلقيا ً مين منطلقيات التقيييم‬
‫الم ض ي عي لمؤشييرات اهجييرأة‪ ،‬التييي يمميين أن نقيييس علييى ض ي ها‪ ،‬درجييات رط ي ر هييذا‬
‫النم ج ‪ ،‬في ارجاه رحقيق كل أب اد التنميي اإلنسياني ‪ .‬فالمأ سي ‪ ،‬ك مليي متحركي ‪ ،‬رميس فيي‬
‫ال مييق‪ ،‬الج انييب المختلف ي لسييا ر اهشييمال التنظيمي ي ‪ ،‬ورحيياول جاهييدة رضييييق الخنيياق علييى‬
‫عناصر محدودي اشتغالها‪ .‬اهمير اليذ قيد يسيهم يلبا ً فيي إضي اف أدوار أنمااهيا – خاصي‬
‫على مست ى كل من المأ س النسيقي والمأ سي الم ياريي ‪ .-‬وفيي المحصيل ‪ ،‬التقلييل‪ ،‬وعليى‬
‫اهمد الب يد‪ ،‬من فرص رممينها‪.‬‬

‫أ‪-‬المأسطة النطقية‬
‫أ خلق نسق مؤ ساري شامل ومندم"‪ ،‬ي فر الشيروا الضيروري لتبلي ر أ يس التنميي ‪ ،‬فيي‬
‫شييتى رجليارهييا‪ ،‬عبيير رحقيييق اههييداف او يتراريجي لتضييبي مسييارات يييرورة المجتمييع‬
‫المنجز‪ ،‬والقا م عليى رر ييخ م يايير المفايي والتج ييد والف اليي والنجاعي ورحفييز أفيراد هيذا‬
‫المجتمييع والجماعييات السييا دة فيييه‪ ،‬علييى اوررقيياح بالف ييل التنميي وفييق متطلبييات اإلنجييا‬
‫والتبار والتنافس‪.‬‬
‫فالمجتمع‪ ،‬ومن منطلق الق اعد القيمي التي ريتحمم فيي ييرورره يتجليى ب صيفه نسيق يتمي ن‬
‫من أنساق فرعي ‪ ،‬أو عدد من اهجيزاح المترابطي المتماملي ‪ ،‬التيي ي جيد بينهيا اعتمياد متبيادل‬
‫ولمل نسق احتياجات أ ا ي وبد من ال فاح بها‪ ،‬حتى يممن ا تمرار النسق‪ ،‬وإو فإن النسيق‬
‫قد يتغير رغيراً ج هريا ً‪.218‬‬

‫‪ 217‬أمين مصطفى دل ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫نقدي " ‪ ( ،‬القاهرة ‪ :‬دار الم ارف ‪ ، )1981،‬ص ص‪-196‬‬ ‫‪ 218‬مير ن يم أحمد ‪ "،‬النظري في علم اوجتماع ‪ :‬درا‬
‫‪. 197‬‬
‫‪132‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ويممن ر ريف "المأ س النسقي "‪ ،‬بم نهيا مجميل النتيا " المرربطي بالتفاعيل التنظيميي القيا م‬
‫بين اهفراد والجماعات‪ ،‬والقيادر عليى إحيداث التغيييرات الم ضي عي ‪ ،‬أفقييا ً وعم دييا ً‪ ،‬عليى‬
‫مست ى ارا ق اشتغال البنى وال قات اوجتماعي السا دة في المجتم ات الحديث ‪.‬‬
‫للييديناميميات المتسييم بالخاصييي النسييقي ‪ ،‬أ مختلييف‬ ‫والمأ سي عم ميا ً‪ ،‬هييي بنيياح عضي‬
‫اهشمال التنظيمي ‪-‬اهجهزة –‪ ،‬المت اجدة على ص يد التص رات واهفمار‪ ،‬المتتالي راريخيا ً‪،‬‬
‫والتي رهتم بالطابع المليياني لمبنييات الف يل اوجتمياعي؛ فنتحيدث هنيا‪ ،‬عين المأ سي المت يددة‬
‫الغايييات‪ ،‬والتييي رمييت عناصيير ق رهييا ميين اايي واحييدة‪ ،‬مت خيياة‪ ،‬با ييتمرار ميين كييل مم نييات‬
‫وعناصر الحمام ‪ ،‬وهي الغاي اوجتماعي ‪.‬‬
‫إن رط ر ع قات التفاعل بين اهفراد والجماعات‪ ،‬يظل ه الم جيه الر يسيي هنمياا التغييير‬
‫اوجتماعي‪ .‬كما يشمل هيذا التطي ر الدعامي المباشيرة لتحرييك دوالييب "الل بي النسيقي " أو"‬
‫ل ب النسق" ‪ ،‬والتي ر رف رمثلها ال اضي فيي مختليف او يتراريجيات المتخيذة مين منطليق‬
‫الصيييغ التاليي ‪ :‬ا ييتراريجي رابحي ‪ /‬ا ييتراريجي خا ييرة‪ ،‬أ أن الف ييل النسييقي‪ ،‬وبارربااييه‬
‫التفاعلي المتماهي مع الب د او تراريجي‪ ،‬ه ل ب متشابم " الخيارات" ومفت ح على جميع‬
‫اوحتميياوت‪ ،‬إو أنييه‪ ،‬وكييأ ل بي – أو نزعي ‪ ، -‬قييد يحمييل فييي ايارييه‪ ،‬شيييئا ً ميين التنياقض أو‬
‫‪ ،‬والييذ يرفييع أو يخفييض فييي نهاي ي مسييار "الل ييب"‪ -‬بم نيياه او ييتراريجي‪ ،-‬ميين‬ ‫الغم ي‬
‫منس ي الييرب والخسييارة‪ .‬وجلييك بييالنظر إلييى حجييم التفيياع ت المحقق ي لألهييداف المشييترك‬
‫المأم ل من لدن اهفراد أو الجماعات‪.‬‬
‫المأ س النسقي ‪ ،‬ومن منظي ر اولتيزام الي اعي بيالتغيير‪ ،‬هيي دعي ة صيريح إليجياد الصييئ‬
‫المممن الخاص بيالتنظيم داخيل بنيي اجتماعيي م يني ‪ .‬والتغييير هنيا‪ ،‬يتبلي ر بصيفته ييرورة‬
‫مستمرة ومتط رة في ا ن نفسه‪ ،‬رت خى في كنهها‪ ،‬مأ سي مم نيات الف يل الجمياعي‪ ،‬والتيي‬
‫رر ييخ ميين جه ي أولييى جدوا ي ي الممار ييات اوجتماعي ي الجديييدة‪ ،‬ورنمييي ميين جه ي أخييرى‪،‬‬
‫القدرات المرربط بها ‪ :‬م رفياً‪ ،‬ع قيا ً ورنظيميا ً ‪.219‬‬

‫‪219‬‬
‫‪Michel Crozier, Erhard Friedberg, « L’acteur et le système » ,)Paris :Le Seuil ,1990 (,‬‬
‫‪p.30.‬‬
‫‪133‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ويممن الق ل‪ ،‬أن مأ س النسق هي مأ س للمجتميع‪ .‬وجليك مين منظي ر اعتبيار المجتميع فيي‬
‫حييد جارييه‪ ،‬نسييق اجتميياعي‪ ،‬أ أنييه مركييب ميين عييدد ميين ال ناصيير أو المم نييات التييي رييررب‬
‫بب ضها الب ض‪ ،‬بص رة ثابت نسبياً‪ ،‬خ ل فترة م ين من الزمن‪.220‬‬
‫ويضمن المنطق "الممأ يس" للنسيق كيل ع اميل او يتمراري والبقياح‪ ،‬عبير رحقييق دعاميات‬
‫الت ا ن ال ظيفي لهيذا البنياح التنظيميي‪ .‬وهي ميا ييتم بشيروا أرب ي ‪ ،‬يماها عيالم اوجتمياع‬
‫اهمريميييي ريييالم ت بار ييي نز فيييي نظريتيييه الخاصييي بالنسيييق اوجتمييياعي‪ ،‬بالمسيييتلزمات أو‬
‫المتطلبات ال ظيفي ‪ ،‬وهي ‪ :‬التميف مع البيئ ‪ ،‬رحقيق الهيدف‪ ،‬التماميل‪ ،‬المحافظي عليى بقياح‬
‫النم وإدارة الت رر‪.‬‬
‫‪ -‬التكيةةف مةةع البي ةةة ‪ : Adoption‬يتطلييب أن يقي م النسييق اوجتميياعي بتييأمين التسييهي ت‬
‫وال ا ل اوقتصادي الضروري لحياة أعضاح المجتمع‪ ،‬ور ي ها من خ ل النسق؛‬
‫‪ -‬تةقيق الهةدا ‪ : Goal Attainment‬يشيير إليى مشيمل رحدييد اهول ييات بيين أهيداف‬
‫المجتمع‪ ،‬واو تخدام اهمثل لم ارد النسق‪ ،‬من أجل رحقيق هذه اههداف؛‬
‫– التكامن ‪ : Integration‬ي ني ضرورة التنسيق بين أجزاح النسق اوجتماعي والمحافظ‬
‫على ال قات الداخلي بين هذه اهجزاح؛‬
‫‪ -‬المةافظةة علةى الةنمط وإ ارة التةوتر– ‪Pattern Maintenance and Tension‬‬
‫‪ : Management‬رشييير إلييى ضييرورة أن يتأكييد المجتمييع ميين أن أعضييا ه رتي افر فيييهم‬
‫الخصا ص المنا ب ( مثل الح افز ومهارات أداح الدور) لتحقييق اولتيزام الضيرور بيالقيم‬
‫اوجتماعيي ‪ .‬كمييا رشيير أيضيا ً إلييى وجي الت امييل مييع التي ررات الداخليي والضييغ ا‪ ،‬أ أن‬

‫‪James.W.Vander.Zanden, «The social Experience » ,)New York : Mc Graw – Hill‬‬


‫‪220‬‬

‫‪Publishing Company ,1990 (, p.626.‬‬


‫‪134‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫يم ن أعضاح المجتمع قادرين عليى خفيض التي رر وإدارة التي ررات اونف اليي التيي يممين أن‬
‫رظهر بين اهعضاح خ ل التفاع ت اوجتماعي الي مي ‪.221‬‬
‫ومييين الييي م فيييي هيييذا الشيييأن‪ ،‬التأكييييد عليييى أن هيييذه المسيييتلزمات‪ /‬المتطلبيييات ال ظيفيييي أو‬
‫اشترااات اشتغال النسق‪ ،‬هيي مين وجهي نظير التحلييل الي ظيفي‪ ،‬ر يد أ ا يي وعالميي فيي‬
‫جميع اهنساق اوجتماعي ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فيإن الفشيل فيي إنجا هيا ييؤد ‪ ،‬ومحالي ‪ ،‬إليى ر ير‬
‫النسق اوجتماعي كمل إلى اونهيار‪.222‬‬
‫فالمستلزمات‪ /‬المتطلبات ال ظيفي في حد جارها‪ ،‬رشمل مرج ا ً مهما ً ل ج د المجتميع وضيمان‬
‫رما مه والمحافظ على بقا ه‪ .‬ويبدو‪ ،‬هنا‪ ،‬وج با ً‪ ،‬ومن أجل التم قع اإليجابي فيي منيأى عين‬
‫حال ي عييدم الت ي ا ن‪ ،‬أن يت ييل هييذا المجتمييع‪ ،‬باعتبيياره نسييقا ً كلي ياً‪ ،‬بمختلييف المسييتلزمات‪/‬‬
‫المتطلبات ال ظيفي والمحقق لمأ سته الف ال ‪.‬‬

‫ب‪-‬المأسطة المعيارية‬
‫رتر خ أكثر بتبني م ايير اإلنجا ورنمي قدرات‬ ‫المأ س كمبدأ من مباد النم ج التنم‬
‫اهفراد والجماعات والتنظيمات على الدفع اإليجابي بهذه الم ايير نح الممار ات الفضيلى‬
‫وضب مختلف التص رات المتما م والمتجانس المرربط بها‪.‬‬
‫إن رحقيق اههداف التنم يي يسيت جب‪ ،‬باه ياس‪ ،‬بنياح قيدرات مؤ سياري ورنظيميي ‪ ،‬وإ يداح‬
‫الخدمات الضروري للم اانين بصي رة جييدة وشيفاف ‪ ،‬ورميريس اهب ياد المتداخلي لمختليف‬
‫عناصر ومم نات الحمام ‪ ،‬من خي ل إقامي ع قيات الت ياون والشيراك بيين القطياعين ال يام‬
‫لمؤ سات‬ ‫والخاص‪ ،‬وإيجاد الظروف الم اري لممار اهعمال‪ ،‬ور زيز دور أكبر وحي‬
‫المجتمع المدني‪.‬‬
‫ورشمل المأ س الم ياري منطلقا ً وظيفيا ً إلبرا قدرة أ نم ج أو نسق على رق يي دعاماريه‬
‫ور زيييز نشيياااره‪ .‬وميين ثييم‪ ،‬ري فير ضييمانات ا ييتمراره وعناصيير رثبيتييه‪ .‬وهي مييا يتأكييد فييي‬
‫الم نييى القيمييي "البرااميياري" لل ظيفي ‪ ،‬ب صييفها‪ ،‬ر بييير عيين رمامييل اهجييزاح المم ني للمييل‪،‬‬
‫حيث يساند كل جزح الجزح ا خر‪.223‬‬

‫‪ 221‬ال ت إبراهيم لطفي ‪ ،‬كمال عبد الحميد يات‪ " ،‬النظري الم اصرة في علم اوجتماع " ‪ ( ،‬القاهرة ‪ :‬دار اريب‬
‫للطباع والنشر والت يع ‪ ، )1999 ،‬ص ص‪. 73-72‬‬
‫‪ 222‬علي عبد الر اق جلبي‪" ،‬اورجاهات اه ا يي فيي نظريي عليم اوجتمياع " ‪ ( ،‬اإل يمندري ‪ :‬دار الم رفي الجام يي ‪،‬‬
‫‪ ، ) 1993‬ص ص‪. 291-286‬‬
‫) ‪ ،‬ص ‪. 193‬‬ ‫ي ل جي " ‪ ( ،‬دمشق ‪ :‬دار اههالي ‪1998،‬‬ ‫كرياح خضر ‪ " ،‬نظريات‬ ‫‪223‬‬
‫‪135‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫والمأ س ي الم ياري ي ‪ ،‬وفييق جلييك‪ ،‬هييي مأ س ي اا ي ي أو وظيفي ي بامتيييا ‪ ،‬رس ي ى إلييى ج ييل‬
‫المأ س النسقي ‪ ،‬رحفيز المقاربيات المهتمي باهنسياق أو الظي اهر اوجتماعيي المختلفي عليى‬
‫الت ل او ترشاد بم ايير اإلنجا ‪ ،‬بغي رحقيق وظا ف م ين ‪ .‬وهي ال ظا ف – كما ييرى‬
‫جلك روبرت ميرر ن ‪ R.Merton‬أحد أبر المشتغلين فيي مجيال عليم اوجتمياع الي ظيفي‬
‫والذين نهل ا الشيح المثير من كتابات وأفمار رالم ت بار نز‪ -‬التي يممن أن رم ن ظياهرة‬
‫وجلي ‪ ،‬كما يممن أن رم ن كامن ومستترة ‪.‬‬
‫‪ -‬الوظائف الظاهرة ‪ :‬هي رلك ال ظا ف المقص دة بشمل صري ومباشر‪ ،‬والتي ربيدو لل ييان‬
‫بشييمل بييين وجلييي‪ .‬ويييتم رأديتهييا االبييا ً علييى مسييت ى عمييل اهنسيياق أو البنيييات بمنطلقييات‬
‫واضح ‪ ،‬فهي و رحتا بتارا ً إلى ارا ق م قدة في التفسير أو و يا متشيابم فيي التحدييد‪.‬‬
‫اهمر الذ يممن من م رفتها وإدراكها‪ ،‬بص رة مرن و لس ‪ ،‬وبيدون أدنيى رأوييل "ايا ي"‬
‫فضفا ‪ ،‬قد ينقص‪ ،‬في أ وقت من اهوقات‪ ،‬من قيمتها الم ياري المطل ب ‪.‬‬
‫– الوظائف الكامنة ‪ :‬وهي رلك ال ظا ف اير المقص دة واير المدرك فيي االيب اهحييان‬
‫بشيمل واعييي‪ 224‬وربيير كإواليييات مسييتترة رضييمر المتي خى ميين اههييداف‪ -‬فييي هييذا الصييدد‪،‬‬
‫نميي ن‪ ،‬وكأننيييا أمييام "ااقيييي إخفيياح" رميييارس عبرهيييا‪ ،‬وبإرقييان محميييم ورييام‪ ،‬ل بييي الصيييري‬
‫والضمني أو ل ب الشد والجذ بين اههداف المر م واههيداف المرجي ة ‪ .-‬وبيذلك‪ ،‬وفيي‬
‫إاار الفهم الس ي ل جي والسيم ل جي للدوافع المتحمم في هذا النم من ال ظا ف‪ ،‬نجد‬
‫أن الدافع أو الحافز اه ا يي الميتحمم فيي يل ك اهفيراد والجماعيات‪ ،‬لييس بالضيرورة‪ ،‬أن‬
‫يم ي ن بادي يا ً لل م ي م وظيياهراً للجميييع‪ ،‬بالصيييغ الفضييلى التييي يمميين أن رتررييب عنهييا نتييا "‬
‫م ض عي مت افق ‪ ،‬في نهاي المطاف‪ ،‬مع ابي السل ك المتخذ‪.225‬‬

‫‪224‬‬
‫‪James.W.Vander .Zanden,op.cit, p. 30.‬‬

‫‪225‬‬
‫‪Alex Thio , «Sociology :An Introduction » ,)New York :Harper& Row ,Publishers,1986 (,‬‬
‫‪p. 30.‬‬
‫‪136‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫المنظ ي ر ال ظييا في بص ي رره المزدوج ي ‪ /‬المت ييددة ‪ :‬الظيياهر والمضييمر‪ ،‬المقص ي د أو اييير‬
‫المقصي د‪ ،‬الصييري أو الضييمني‪ ،‬الجليي أو الخفييي‪ ...‬إجاً ‪ ،‬هي منظ مي مؤ سياري متماملي‬
‫اههداف ومتداخلي اهب ياد أو منظ مي لليدفع اإليجيابي بالم يايير المتخيذة عليى صي يد الف يل‬
‫التنم نح المزييد مين المنجيزات‪ ،‬أ رق يي م يايير اإلنجيا والرفيع مين قيدرارها التممينيي‬
‫الناج ييي ‪ ،‬ميييع مراعييياة كيييل الت ق يييات المحتملييي جات الصيييل بيييالمتغيرات المحليييي والجه يييي‬
‫وال اني ‪ ،‬ومنها المتغيرات المرربط بالمخاار المحدقي بالمجتم يات الحاليي ‪ ،‬والتيي رج لهيا‬
‫رفميير فييي البحييث المسييتمر والمت اصييل عيين رحقيييق السييبل المفيل ي باوررقيياح التنم ي ‪ ،‬بأقييل‬
‫الخسييا ر أو ا ثييار السييلبي التييي قييد ريينجم عيين ي ح اوشييتغال ال ي ظيفي لمم نييات وعناصيير‬
‫الحمام المختلف ‪.‬‬

‫يحميل مبيدأ‬ ‫‪- 3‬مبةدأ التضةمينية‬


‫التضييميني كييل م يياني المشييارك والمحا ييب والمسيياواة ورحسييين السيا ييات ور زيييز ال دالي ‪.‬‬
‫والتضميني بيذلك‪ ،‬هيي انخيراا واعيي ومنيدم" لجمييع عناصير ومم نيات الحمامي فيي ر يم‬
‫السيا ات الداعم لمجاوت التنمي المستدام ‪ ،‬وج ل المسا ل التنم ي رشغل حيزاً أكثر أهمي‬
‫فييي أجنييدة اإلص ي ح المؤ سيياري الشييامل‪ ،‬ور ي فير المنيياخ الم ييم لممار ي الف ييل التنم ي‬
‫ممار رتسم بمل مق مات المفاي والنجاع ‪ ،‬والقيام في المحصل ‪ ،‬بتق ي الدعامات الر يسي‬
‫لنظام الحمام ‪.‬‬

‫أ‪-‬تضمينية المشاركة‬
‫ر ني"التضيييميني ‪ ،"Inclusiveness‬مميييا ر نييييه‪ ،‬أن كيييل مهيييتم ب مليييي إدارة الحميييم ويرييييد‬
‫المشارك فيها ‪ -‬وهم كل الم اانين من دون رمييز ‪ -‬قادر على القييام بيذلك‪ ،‬عبير اونتخابيات‬
‫والمساهم في مراقب الهيئات المسؤول عن الخدمات ال ام ‪ ،‬وأيضا ً رنمي ف يل التشيارك فيي‬
‫صياا القرارات ووضع السيا ات‪.‬‬
‫ورتجلييى رضييميني المشييارك فييي رر يييخ الييدعامات اه ا ييي للديمقراايي التشيياركي ‪ ،‬والتييي‬
‫رشمل الديمقراايي النيابيي أو التمثيليي ‪ ،‬لمنهيا رتجاو هيا بإضياف صي ر للمشيارك مسيتلهم‬
‫من فمرة الديمقرااي المباشرة‪ .‬ومن هذه الص ر مشارك الم اانين في إدارة أو في مراقب‬
‫‪137‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫أداح المرافيييق ال امييي والمستشيييفيات والميييدارس والجام يييات‪ ،‬ومشيييارك ال ميييال فيييي إدارة‬
‫المصانع والشركات‪ ،‬بما في جلك الشركات الخاص المبيرة‪ ،‬والمشارك في إدارة أم ال نظم‬
‫التأمينات اوجتماعي والم اشات من جانب المشتركين فيها والمنتف ين منها‪ .‬أضف إلى جليك‪،‬‬
‫قيام حمم محلي على أ اس انتخابات حرة ونزيه للمجالس المحليي ‪ ،‬ولمين يت لي ن ال ظيا ف‬
‫ال ام الر يس ‪.226‬‬
‫وبييذلك‪ ،‬فتضييميني المشييارك رج ييل ميين هييذه اهخيييرة‪ ،‬كمررمييز ميين المررمييزات المسيياندة أو‬
‫المدعم لنه" التنمي البشري المستدام ‪ ،‬منطلقا ً أ ا يا ً‪ ،‬لتثبيت جدوا ي الف ل التشياركي بيين‬
‫اهفراد‪ ،‬باعتبارهم مم ن من مم نات الحمام ‪ .‬ومهما رباين حقل مشارك اهفراد‪ ،‬اح كان‬
‫اقتصاديا ً أو يا يا ً أو اجتماعيا ً أو ايره‪ ،‬فإن ج هر المشارك يبقى ه جاريه ‪ :‬إنيه المشيارك‬
‫في عملي صنع القرار الذ يت لق بحياة هيؤوح اهفيراد‪ ،‬وبالتيالي شيؤون المجتميع ومسيتقبله‪.‬‬
‫وعملي ي صيينع القييرار رتييابع فييي مسييت يين مت حمييين ‪" :‬رميي ين" القييرار و"ارخيياج" القييرار‪.‬‬
‫وابي ييي أن مجييال المشييارك فييي رم ي ين القييرار يمتلييك قاعييدة رف ي ق بس ي تها رلييك المت لق ي‬
‫بارخاجه‪ ،‬وهي التي رحممها أارها الخاص في التمثيل والم اقع وميا شيابه‪ .‬فالتنميي فيي نهايي‬
‫المطاف هي من صنع الناس‪ ،‬وليس من أجلهم فق ‪.227‬‬
‫ورتجسد رضميني المشارك عبر جلك‪ ،‬في مختلف رمظهرات ما ي رف "الم اان الناشط‬
‫أو الفاعل "‪ ،228‬والتي رشمل ردخ ت كل مم نات وعناصر الحمام ( القطاع ال ام‪ ،‬القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬المجتمع المدني‪ ،‬المي اان) ‪،‬عليى مسيت ى ييرورة القيرارات والسيا يات‪ :‬إعيداداً‪،‬‬
‫ارخاجاً‪ ،‬رنفيذاً‪ ،‬رقييما ً ورق يما ً‪.‬‬
‫ويممن الق ل‪ ،‬أن المشارك على ض ح "الم اان الناشط أو الفاعل "‪ ،‬رصب ‪ ،‬وفيي يياق‬
‫ع قتها الترابطي مع ال ملي التنم ي ‪ ،‬إوالي من إواليات رجسير الفج ات‪ ،‬المممن أن ررصد‬
‫على ص يد ارا ق اشتغال الف ل التنم لسيا ر مم نيات الحمامي ؛ فتتحي ل المشيارك فيي‬
‫نهاي اهمر‪ ،‬إلى حال رفاعلي – وجداني باه اس‪ -‬إيجابي ومتط رة‪ ،‬رجدد نفسها با تمرار‪،‬‬
‫مادامت رمت عناصر ق رها ومنطلقات ريادرها‪ ،‬من الممار يات الفضيلى الناشيط والتجيار‬
‫التراكمي المت حق ‪.‬‬
‫إن اه اس الم يار الذ رق م عليه رضميني المشارك بخص ص الف يل التنمي ‪ ،‬هي جاك‬
‫اه اس المررب بج هر ال ملي التنم يي ‪ ،‬والمتمثيل فيي "التشيارك" المسيتدام ‪ ،‬واليذ ي تبير‬
‫نتاجا ً خالصا ً للمساهم اإليجابي على مست ى ارخياج ورنفييذ القيرارات بيين اهجييال المت اقبي ‪.‬‬
‫‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص ‪.33-32‬‬ ‫‪ 226‬إبراهيم ال يس‬

‫‪ 227‬با ل البستاني‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ص ‪.69- 68‬‬


‫‪ " Active Citizenship‬عنييد حييديثنا عيين المييدل ل التشيياركي‬ ‫‪ 228‬قمنييا بتحديييد ماهي ي "الم اان ي الناشييط أو الفاعل ي‬
‫كمدل ل من مدل وت او تراريجي التنم ي ‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫اهمييير اليييذ ييييدعم‪ ،‬و محالييي ‪ ،‬ارا يييق التحدييييد التشييياركي للمشييياكل المطروحييي وكيفييييات‬
‫م الجتهييا‪ ،‬ويسييهل ييبل البحييث المسييتمر عيين ا ليييات الم مي لتحقيييق المشييارك الم ااني ‪،‬‬
‫البنياحة والف الي ‪ ،‬بالشييمل اليذ ينميي الخبييرات التراكميي ‪ ،‬وي يع الخيييارات المتاحي لألفييراد‬
‫والجماعات‪ ،‬ويضيفي المزييد مين النجاعي عليى القيدرات التممينيي لسيا ر مم نيات وعناصير‬
‫الحمامييي ‪ ،‬وال ميييل‪ ،‬بالتيييالي‪ ،‬عليييى رحرييييك دوالييييب السييييرورة التنم يييي وإن ييياش مسيييارارها‬
‫المت ددة‪ .‬التشارك "المستدام" يفتر ارح مسيأل ال دالي فيي يياق الحيديث عين الم ااني‬
‫الفاعل ‪.‬‬
‫ورثييير قضييي رحقيييق ال دالي بييين اهجيييال قضييي المشييارك فييي ارخيياج القييرارات‪ ،‬خص صيا ً‬
‫مشارك من يتحمل ن في المستقبل عبح قرارات رتخذ الي م‪ .‬ولما كانت هجيال المسيتقبل‬
‫ب ض من يمثلها الي م‪ ،‬الشبا ‪ ،‬فإن فت المجال أمام الشبا للمشيارك فيي النشياا السيا يي‬
‫ب جه عام‪ ،‬وفي عمليات صنع القرارات ب جه خاص‪ ،‬يجب أن يحظى بأول ي متقدمي عليى‬
‫أجندة اإلص ح السيا ي‪.229‬‬
‫رضميني المشارك الم اان أو الم اان الناشط الفاعل ‪ ،‬هي إجاً ميدخل مين ميداخل رحقييق‬
‫"الرخيياح التنم ي "‪ ،‬وجلييك ميين خ ي ل ر ي فير اشييترااات مييا ي ييرف "الج ي دة اوجتماعي ي‬
‫‪ ،"Social Quality‬والتيي رقي م علييى أربييع دعامييات أ ا ييي ‪ ،‬وهييي ‪ :‬اهميين اوجتميياعي‪-‬‬
‫اوقتصاد ‪ ،‬اوندما اوجتماعي‪ ،‬التما يك اوجتمياعي والتمميين اوجتمياعي‪ .‬هيذه اليدعامات‬
‫من المهم رحقيقها كلها في المجتم ات المتقدم والناميي عليى السي اح‪ ،‬ميع مراعياة ابي ي كيل‬
‫مجتمع على حدة وابي المشم ت التي ي انيها‪.230‬‬
‫همذا‪ ،‬رصب "الج دة اوجتماعي " ‪-‬وجلك فرضا ً لي ر ملنيا ميع رضيميني المشيارك ب صيفها‬
‫بنييي نسييقي ‪ ، -‬ميين أبيير المخرجييات "التنم ييي " لتضييميني المشييارك ‪ ،‬والمفيليي فييي كنههييا‬
‫باوررقيياح اإليجييابي والف ييال بحييياة اهفييراد والجماعييات واإلعي ح ميين قيييم ال دالي واونصيياف‬
‫والم اان والمساواة‪ ،‬أ كل ما يممن أن يساهم المسياهم "الخ قي " و"الرا يدة" فيي إر ياح‬
‫لبنات مجتمع متما ك‪ ،‬متضامن ومتمامل‪.‬‬

‫ب‪-‬تضمينية المطاواة‬
‫ي ني هذا الن ع من التضميني ‪ ،‬أن الدول ر امل الجميع على أ اس المساواة‪ ،‬ورحمي حقي ق‬
‫الجميييع بالحما ي عينهييا ورح ي ل دون التهميييو أو التمييييز فييي رييأمين الخييدمات ال ام ي ‪ ،‬وأن‬

‫‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪ 229‬إبراهيم ال يس‬


‫‪ 230‬ارة البلتاجي ‪ "،‬اهمن اوجتماعي‪ -‬اوقتصاد والم اان الناشط في المجتمع المصر "‪ ،‬ا‪( 1‬بيروت ‪ :‬المركز‬
‫ال ربي لألبحاث ودرا السيا ات ‪ ، )2016 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪139‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الجميع يتمت ن بحق ق المراج والتص يب في حال ميز المسؤول ن بين م اان و خر‪.231‬‬
‫عي وة علييى جلييك‪ ،‬رتجلييى هيذه التضييميني ‪ ،‬فييي رحقيييق المسياواة علييى مسييت ى رقسيييم المي ارد‬
‫ور يع ع ا د ومخرجات التنمي ‪ ،‬مع رحديد الميفيات الم م ‪ ،‬والتي يتم من خ لها حصي ل‬
‫اهفراد والجماعات‪ ،‬وبقدر متساو‪ ،‬على النصيب ال ادل وال افر من ثمار التنمي ‪.‬‬
‫ور ني المساواة ك نصر من ال ناصر التي يق م عليها نه" التنمي البشيري المسيتدام ‪ -‬حسيب‬
‫رحدييد رقريير التنميي البشيري ال يالمي ل يام ‪ -1995‬رسياو الفيرص المتاحي أميام كيل أفيراد‬
‫المجتمع‪ ،‬دون أ ع ا ق‪ ،‬والتي رتميز بذلك‪ ،‬بغض النظر عين ال يرق أو الجينس أو مسيت ى‬
‫الدخل أو اهصل أو ايره‪.232‬‬
‫ويمميين المنطلييق الفلسييفي ليينه" التنمي ي البشييري المسييتدام فييي مبييدأ عالمي ي مطالييب الحييياة‬
‫‪ ،Universalism of Life Claims‬المتجسد بالحق في الحياة لماف البشر‪ ،‬وأن هيذا الحيق‬
‫و يقبل التجز أو التمييز أو التفاوت فالبشر كلهم اح في التمتع بالرفاهي والبقاح‪ ،‬وو فرق‬
‫بييين م قييع أو انتميياح‪ .‬إنييه بنيياح منسييجم يحت ي علييى متطلبييات التنمي ي البشييري ‪ ،‬مييع حي ي ي‬
‫ا تدامتها‪ .‬ورلك هي "القيم ال ليا" لنه" التنمي البشري المستدام التيي و ر ل هيا قيمي ‪،233‬‬
‫والتي من شأن اهخذ بها ال ص ل إلى النصيب اهوفر من ال دال ‪ .‬هذه اهخيرة‪ ،‬ومن منطلق‬
‫م ييار خيالص‪ ،‬ينبيع ارربااهيا بالمسيياواة فيي المجتميع مين قيمي أ ياس رصيب البشيري إلييى‬
‫رحقيقها‪ ،‬أو وهي رساو جميع م ااني هذا المجتمع في القيم ‪. 234Equal Worth‬‬
‫وبذلك‪ ،‬ربر رضميني المساواة‪ ،‬على مست ى أ نم ج رنم قا م‪ ،‬في رخ ييل "الحيق فيي‬
‫التنمي " للجميع‪ ،‬عبر إراح الفرص المتسياوي والمنصيف فيي اوررقياح اوجتمياعي‪ ،‬ورحسيين‬
‫أنماا عيو ا ر فئات المجتميع‪ ،‬وكيذا ا يتفادة عمي م المي اانين مين ني ار" وع ا يد التنميي ‪،‬‬
‫والمفيل بتج يد ن عي حيارهم وفق نم متطي ر مين التمتيع بيالحق ق والحرييات‪ .‬اهمير اليذ‬
‫ينشأ عنه انط قا ً من التحليل اوقتصاد لت لييد الثيروة وإعيادة ر ي هيا داخيل المجتميع ن عيا ً‬
‫من اورساق المتماهي بين مفه مي الحري والمساواة – اوجتماعي منها باه اس‪-‬خاصي فيي‬
‫ييياق نم ي ج الليبرالي ي اوجتماعي ي المسييتدام ‪ .‬وه ي اورسيياق الم يييار ‪ ،‬الييذ ينبنييي فييي‬
‫ج هره على أربع فرضيات ر يسي ‪ ،‬وهي‪: 235‬‬

‫وشمال أفريقيا‪ ،‬رحسين التضميني والمساحل "‪2003،‬‬ ‫‪ 231‬البنك الدولي‪ " ،‬الحمم الجيد هجل التنمي في الشرق اهو‬
‫ص‪. 3‬‬
‫‪ 232‬فتيح ب حرود‪ ،‬عمر بن ديرة ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪.647‬‬
‫‪ 233‬با ل البستاني‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 56‬‬
‫‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.191‬‬ ‫‪ 234‬إبراهيم ال يس‬
‫مراد دياني‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ص‪. 358- 356‬‬ ‫‪235‬‬
‫‪140‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪-‬ال رضةةةية األولةةةى ‪ :‬عليييى خييي ف الطبي ييي الصييي ري للحريييي فيييي النمييي ج النيييي ليبرالي‬
‫المت حو‪ ،‬ينط النم ج الليبرالي المستدام على حري حقيقي متمثلي فيي القيدرات الفرديي‬
‫المضمن في ثنايا المساواة اوجتماعي ‪ ،‬والضامن لتمافؤ الفرص في المسبق اهولي؛‬
‫‪ -‬ال رضةةةية الثانيةةةة ‪ :‬فتت ليييق بأصيييال ارسييياق الحريييي والمسييياواة اوجتماعيييي مييين منظييي ر‬
‫اوقتصاد السيا ي‪ ،‬ورحديا ًد بطبي اررباا عملي ر يع القيم بمست ى ر ليد القيم ‪ .‬ب بيارة‬
‫أخرى‪ ،‬ينت" الت يع المتساو لم م صغيرة الحجم رفاها ً اجتماعيا ً أقيل كثييراً مين الت ييع‬
‫اييير المتسيياو (على أ يياس المفيياحات والجه ي د المبذول ي ) لم مي جات حجييم مضيياعف‪ .‬ففييي‬
‫ايا أنظم رحفيزي ف ال في المسبق اهوليي قا مي عليى الحريي ‪ ،‬فيإن مين هي أكثير إنتاجيا ً‬
‫يصييب اهقييل إنتاج يا ً‪ ،‬وليين ي جييد‪ ،‬فييي نهاي ي المطيياف‪ ،‬مييا يمميين اقتسييامه أو إعييادة ر ي ييه؛‬
‫‪ -‬ال رضةةية الثالثةةة ‪ :‬يضييمن النم ي ج الليبرالييي المسييتدام الحفيياظ علييى المحفييزات الفردي ي‬
‫لت ليييد الثييروة‪ ،‬ميين خيي ل التييراب الت مييي بييين الحرييي فييي المسييبق اهولييي والمسيياواة‬
‫اوجتماعي في ال حق الب د ‪ .‬فإجا كانت هذه اهخييرة‪ ،‬رنيتقص مين المحفيزات الفرديي فيي‬
‫المسبق اهولي‪ ،‬فإن أثرها في ر ليد الثروة في ال حق الب د مضاعف بشمل أكبر رنا بيا ً؛ ‪-‬‬
‫ال رضةةية الرايعةةة ‪ :‬ارسيياق الحري ي بالمسيياواة و يسييتقيم ميين دون انبثيياق عنصيير ثالييث‪ ،‬ه ي‬
‫اإلخياح‪ .‬وميؤدى جليك‪ ،‬هي أن الت ييع منصيف حييث و يمين أ شيخص ضيغين أو حقيداً‬
‫اجتماعيا ً لشخص خر على أ اس هيذا الت ييع‪ ،‬مين خي ل اليرب بيين مجيالي ر لييد القيمي‬
‫(النجاع اوقتصادي ) ور يع القيمي ( اإلنصياف اوجتمياعي)‪ ،‬يتضي أن ر ييع مجم عي‬
‫من اهص ل على قدم المساواة‪ ،‬من دون ارح ؤال كيفي رشجيع إنتاجها‪ ،‬ه ر يع ايير‬
‫ف ال على اإلا ق خ فا ً لذلك‪ ،‬فإن المنطق اإلنتاجي بمفرده‪ ،‬اير مستدام‪ ،‬ما دام يؤد إليى‬
‫حياوت ميين ال مسياواة اوجتماعيي ( فيي ال حييق الب يد ) التييي رحي ل دون إر يياح "ال قيي‬
‫اوجتماعي " المضمن داخلها عملي اإلنتا ( في المسبق اهولي)‪.‬‬
‫كما رشترا رضميني المساواة فيما يخص إنتا الخيرات التنم ي الحرص اهكيد‪ ،‬على ر فير‬
‫اإلممانات المتن ع للنم اوقتصاد داخل المجتم ات المختلف ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬التقليص مين حجيم‬
‫التفاورييات ورحقيييق أ ييس ال دال ي المأم ل ي –اجتماعي يا ً ومجالي يا ً‪ ،-‬خاص ي فيمييا يت لييق بمس يأل‬
‫محارب الفقر‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬يرى رقرير صيادر عين منظمي ال ميل الدوليي ‪ ،‬أنيه "مهميا بليئ‬
‫م دل النم ‪ ،‬فإن البلدان التي رن دم فيها المساواة بشمل كبير رحتا إلى المزيد من ال قت للحد‬
‫من الفقر‪ ،‬مقارن بالبلدان التي رن دم فيها المساواة بشمل أقل" ‪.236‬‬
‫إو أنه رنبغي اإلشارة ك ن المساواة المقب ل – في رضيمينيتها‪ -‬ليم رمين ي ميا ً ميا هيي المسياواة‬
‫المطلقي – والتييي ر نييي التسيياو الحسييابي فييي أنصييب أفييراد المجتمييع ميين الييدخل القي مي أو‬

‫‪" 236‬حقب جديدة من ال دال اوجتماعي "‪ ( ،‬رقرير المدير ال ام التقرير اهول( ألف) ‪ ،‬مؤرمر ال مل الدولي‪ ،‬الدورة‬
‫الما ‪ ،‬ممتب ال مل الدولي‪ ،‬جنيف ‪ ، ) 2011‬ص‪.10‬‬
‫‪141‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الثييروة الق مي ي مييث ً أو التسيياو ال ييدد فييي او ييتفادة ميين ع ا ييد ون ي ار" التنمي ي عم م يا ً‪:‬‬
‫المييداخيل‪ ،‬الثييروات‪ ،‬المنييافع‪ ،‬القيييم‪ ،‬الحصييص‪ ،‬الخيييرات‪ -...‬أو المسيياواة "ال مييياح" التييي‬
‫رتجاهييل الفييروق الفردي ي بييين النيياس فييي أم ي ر كثيييرة‪ .‬ميين هييذه اهم ي ر الفييروق فييي الجهييد‬
‫المبذول‪ ،‬وفيي ميا يتطلبيه ال ميل مين درجيات مختلفي مين المهيارة والتأهييل ال لميي‪ ،‬وميا إليى‬
‫جلك‪ ،‬مما ييدخل ضيمن مبيدأ الجيدارة ‪ .Merit‬ومنهيا الفيروق فيي الحالي الصيحي ؛ فالشيخص‬
‫الم تل صحيا ً يحتا إلى م ارد أكثر من الشخص السليم ل نفاق على ع جه‪ .‬ومنهيا الفيروق‬
‫في اوحتياجات الغذا ي ؛ فالحاج إلى الط يام ليسيت متسياوي بيين الطفيل والبيالئ وو بيين مين‬
‫ي مل عم ً شاقا ً ومن ي مل عم ً و ينط على عنياح كبيير‪ .‬ومنهيا الفيروق فيي القيدرة عليى‬
‫رحمل اهعباح؛ ف يست الغني والفقير في القدرة على دفع الضرا ب‪ ،‬بل إن من حق الفقير‬
‫أن يحصل على إعانات رممنه من م اجه المتطلبات الضروري للحياة‪.‬‬
‫فالمسيياواة علييى ض ي ح جلييك‪ ،‬هييي مفه ي م اجتميياعي وفلسييفي‪ ،‬وليسييت مفه م يا ً رياضيييا ً‪ ،‬وو‬
‫يت يار م هيا وجي د فيروق م يني بيين حصيص اهفيراد فيي اليدخل أو الثيروة أو فيي رحميل‬
‫اهعباح‪ .‬والمهم في اهمير‪ ،‬أن رمي ن هيذه الفيروق مقب لي اجتماعييا ً ‪ .237‬مميا يج يل رضيميني‬
‫المساواة هنا‪ ،‬ر صف بالطابع المطلق على مست ى إنتا دواعي التنمي ‪-‬أ التميافؤ فيي خليق‬
‫الفرص واإلممانات‪ .-‬وفي المقابل‪ ،‬رتسم بالطابع النسبي على مست ى ر يع ع ا د التنمي –‬
‫أ ليس بالضرورة أن يم ن الت يع ال ادل ه الت يع اهكثر المساواة‪ ،‬وال مس صحي –‪.‬‬
‫فتضميني المساواة من خ ل هذا التحليل‪ ،‬هي رضميني أقر إلى إحقاق اإلنصياف منهيا إليى‬
‫رمافؤ الفرص‪ -‬المساواة المطلق ‪ -‬أو إلى ر يع ال دال ‪-‬المساواة النسبي ‪.-‬‬

‫رايعا ا ‪ :‬عامات النموذج التنموي‬


‫لفهييم النمي ج التنمي ‪ ،‬وفييق السييياقات المت ييددة التييي ربيير أهميتييه القصي ى علييى مس يت ى‬
‫يرورة التنمي ‪ ،‬يجب اإلدراك التام لليدعامات التيي يتأ يس عليهيا هيذا النمي ج ‪ ،‬وي ايد مين‬
‫خ لهيا‪ ،‬المضيم ن الم ييار للمشيروع الفمير الييذ يسي ى إليى بنا يه داخيل المجتميع الييذ‬
‫يت ل به‪ ،‬ب صفه نم ججا ً مجتم يا ً باه اس‪.‬‬

‫‪- 1‬الةكامة‬
‫ينظيير إلييى الحمام ي ‪ ،‬باعتبارهييا الدعام ي الر يسييي لمختلييف مجيياوت الف ييل اإلنسيياني‪ -‬ومنهييا‬
‫المجيياوت جات الصييل بالشييأن التنميي ‪ .-‬وهييي بييذلك‪ ،‬رتجلييى كييأداة م يارييي ف اليي ‪ ،‬يمميين‬
‫ب ا طتها ضب ورفسير‪ ،‬ر جييه ورحدييد الت جهيات او يتراريجي المبيرى التيي رطيال مجميل‬
‫الج انب اوقتصادي والمؤ ساري ‪ ،‬ومختلف البنى اوجتماعي والثقافي والفمري وايرها‪ .‬كما‬

‫‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪.191‬‬ ‫‪ 237‬إبراهيم ال يس‬


‫‪142‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫أنهيا رهيدف‪ ،‬باه يياس‪ ،‬إليى رطبيييق كيل أنميياا التيدبير الجديييد والجييد‪ ،‬وفييق مسيت يات ‪ :‬أفقيي‬
‫وعم دي ‪ ،‬هيملي وقطاعي ‪ ،‬محليي ودوليي ‪ ...‬خاصي فيي ظيل التحيديات الراهني والمسيتقبلي‬
‫التي أصبحت مطروح بق ة‪ ،‬وبشمل ملفت للنظر – إن ليم نقيل مثيير للدهشي واو يتغرا ‪،-‬‬
‫على مست ى رر خ نظام شم لي لتيار ال لم الجارف‪.‬‬

‫أ‪-‬الةكامة وإنتاج التنمية‬


‫إن الحمام و يممن لها أن رستقيم ورتر خ في منطق الف ل التنم ‪ ،‬إو بتق يي الرابي ليدى‬
‫متخذ السيا ات التنم ي ‪ ،‬بإقام الدعامات المؤ ساري لتدبير نياجع وف يال للمي ارد‪ -‬بشيري‬
‫وابي ي ‪ -‬القمين بإنتا الف ل التنمي المثمير‪ ،‬وفيق مسيؤولي مشيترك وجماعيي ‪ .‬أ ال ميل‬
‫على ر يع خيارات اهفراد والجماعات في البحيث عين الطرا يق الفضيلى‪ ،‬والقميني بج يل‬
‫التنمي ي "مسييتدام "‪ ،‬باعتبارهييا الغاييي الر يسييي التييي رت خاهييا اهجيييال المت اقبيي فييي ييا ر‬
‫مجتم ات الم م ر‪.‬‬
‫وإنتييا التنمي ي ه ي يييرورة متحرك ي با ييتمرار‪ ،‬رظييل رهين ي بتضييافر جمل ي ميين ال امييل‬
‫"المحفزة" على البذل أو ال طاح التنم ‪ .‬وهي ال امل القمين بإر اح نمي ج رنمي ث ثيي‬
‫اهب اد ‪ :‬من اإلنسان وعبر اإلنسيان ول نسيان‪ .‬هنيا‪ ،‬ينظير للتنميي ‪ ،‬عم ميا ً‪" ،‬لييس باعتبارهيا‬
‫عملي ر لد نمي اً اقتصياديا ً فحسيب‪ ،‬بيل ري ع أيضيا ً ف ا يده ر ي يا ً منصيفا ً‪ ،‬رنميي ر ييد ر لييد‬
‫البيئ بدوً من أن ردمرها‪ ،‬رنمي رممن الناس بيدوً مين أن رهمشيهم‪ .‬إنهيا رنميي ر طيي اهول يي‬
‫للفقراح‪ ،‬ور ع نطياق اختييارارهم وفرصيهم‪ ،‬ورتيي الفرصي لمشياركتهم فيي القيرارات التيي‬
‫رؤثر في حيارهم‪ .‬إنها رنمي م الي للناس وم الي للطبي وم الي لفرص ال مل‪.238‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فإنتا التنمي ‪ ،‬وباعتباره يرورة‪ ،‬ه إنتا للفيرص‪ ،‬وج لهيا متاحي للجمييع هنيا‪،‬‬
‫رشير الفرص اوجتماعي إلى الترريبات التي يتخذها المجتمع بالنسب إليى م ضي عات الت لييم‬
‫والرعاي الصحي وايرها‪ ،‬والتي رؤثر في الحري الم ض عي للفيرد مين أجيل حيياة أفضيل‪.‬‬
‫وهذه التسهي ت ليسيت مهمي فقي ‪ ،‬مين أجيل صيياا حيياة خاصي ( كيأن يين م الميرح بحيياة‬
‫صيحي ويتجنييب اهمييرا التييي يممين ر قيهييا كمييا يتجنييب المي ت المبميير) ‪ ،‬بييل مهمي أيضيا ً‬
‫لتحقيق مشارك أكثر ف الي وكفاحة في اهنشط اوقتصادي والسيا ي ‪ .‬مثال جلك‪ ،‬اهمي التي‬
‫يممن أن رم ن عا قا ً كبيراً يح ل دون المشارك في اهنشط اوقتصيادي التيي رسيتلزم إنتيا ‪.‬‬
‫وفق م اصفات محددة‪ ،‬أو رتطلب إدارة من ن عي صارم ( وه ميا نيراه يتزاييد بيااراد فيي‬
‫التجييارة الم لمي )‪ ،‬كييذلك بالمثييل يمميين إعاقي المشييارك السيا ييي بسييبب ال جييز عيين قييراحة‬
‫الصحف أو عين اورصيال كتابي بيا خرين المشياركين فيي اهنشيط السيا يي ‪ .239‬وهيي كلهيا‬

‫‪ 238‬با ل البستاني‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 58‬‬


‫‪ 239‬أمارريا صن ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫نماج ‪ ،‬من ال م الت امل م ها‪ ،‬بن ع من الضب الم يار ‪ ،‬بحمم اعتبارها منتجات خالص‬
‫للتنمي ‪ ،‬وبالنظر كذلك إلى ع قتها الترابطي بالحمام ‪.‬‬
‫وبييذلك‪ ،‬ر تبيير التنمييي ‪ ،‬ميين اإلشييماليات المركبيي الم قييدة جات اهب يياد المتداخليي والج انييب‬
‫المت ييددة‪ .‬همييذا‪ ،‬رضييمن ر ليفي التييداخل ‪ /‬الت ييدد هارييه‪ ،‬كفايي الف ييل التنمي برمتييه‪ ،‬والييذ‬
‫أضحى يجسد في ال قيت اليراهن‪ ،‬عليى مسيت ى إدارة السيا يات والبيرام" والخطي ‪ ،‬السيبيل‬
‫ال اعد للرفع من نجاع ريدخ ت مختليف الفياعلين اوجتمياعيين بمجياوت التنميي اوجتماعيي‬
‫ومحاربيي الفقيير ووليي الخييدمات اه ا ييي ‪ .‬كمييا أنييه يمثييل ا لييي الناج يي للتحديييد الييدقيق‬
‫للمسيتهدفات‪ ،‬ولتحقييق أفضييل النتيا " فييي مييادين التنميي البشيري ‪ .‬ويبييدو أن عميس جلييك‪ ،‬أ‬
‫اوررما على المقارب اهحادي في م الج القضايا التنم ي ‪ ،‬من شأنه إفشال مختلف حركات‬
‫اإلص ح والرؤى التنم ي ‪ ،‬والذ ي د مين أهيم أ يبابه اررميا هاريه الحركيات واليرؤى عليى‬
‫جانب واحد‪ ،‬ولي كيان مهميا ً‪ ،‬عليى حسيا إهميال بقيي الج انيب‪ ،‬وال جيز عين ري فير المنياخ‬
‫الم ييم والمحاضيين الترب ي ي والسيا ييي واإلع ي م والت ليييم للف ييل التنم ي وامييت ك الرؤي ي‬
‫او تراريجي ‪ ،‬التي ر فق إلى رحقيق الت ا ن بين رنمي خصا ص وصفات اإلنسان وبين رنمي‬
‫و ا ل وأشياح اإلنسان‪.240‬‬
‫لقد بر مفهي م "التنميي " ب يد الحير ال الميي الثانيي ‪ ،‬خاصي ميع م جي حصي ل مجتم يات‬
‫ال يالم الثالييث عليى ا ييتق لها السيا يي‪ .‬وجلييك‪ ،‬حينميا بييدأت اليدول الرأ ييمالي المبيرى رييرو‬
‫للفميير التنم ي التقليييد ‪ ،‬والييذ يؤكييد‪ ،‬علييى أن مييا ر يياني منييه دول ال ييالم الثالييث‪ ،‬م ين فقيير‬
‫وجهل‪ ،‬إنما ه نتا منطقي لتخلفها – وليس و ت مارها لسن ات ا يل – ‪ .‬ومين ثيم‪ ،‬ايرح‬
‫جلك الفمر مفه م "التنمي " كيأداة رسيتطيع مين خ لهيا دول ال يالم الثاليث‪ -‬خاصي منهيا اليدول‬
‫ال اق ي فييي القييارة اإلفريقي ي ‪ ،‬ميين منظ ي ر اعتبارهييا أفقيير قييارة وأ ي أ القييارات علييى ص ي يد‬
‫مؤشييرات التنمي ي ‪ -‬أن رتجيياو حال ي التخلييف‪ .‬وليين يتييأرى لهييا جلييك ‪-‬بطبي ي الحييال حسييب‬
‫المؤ سات المالي الدولي ‪ ،-‬إو بتبني خيار الحمام ‪ ،‬باعتباره المي ج ال حييد وا مين ل ن تياق‬
‫من ربق التخلف واللحاق بركب دول ال الم المتقدم‪.‬‬

‫ب‪-‬الةكامة وتةطين التنمية‬


‫ي د الهدف اه ا ي المت خى من الحمامي كدعامي مين دعاميات النمي ج التنمي هي إثيراح‬
‫مضييامين السيا ييات ال م مييي فييي مييا يت لييق بتحسييين قييدرات الرأ ييمال البشيير ‪ ،‬ور زيييز‬
‫مؤشرات القي ة التنافسيي اوقتصيادي ‪ ،‬وضيمان التقا يي البيرام" والمشياريع التنم يي وررشييد‬
‫دور الدوليييي علييييى صيييي يد مختلييييف المسييييت يات ور ايييييد ثقافيييي التتبييييع والتقييييييم والتقيييي يم‪.‬‬
‫فيييي هيييذا السيييياق ال قيييي الممييييز بيييين الحمامييي والتنميييي ‪ ،‬ييينجد أن هيييذه اهخييييرة‪ ،‬ر نيييي‪،‬‬

‫‪ 240‬أحمد بن عبد هللا ارا المر ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 12‬‬
‫‪144‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫بالضرورة‪-‬وفيي إايار مين التمياهي المفيرو ميع الحمامي ‪ ،-‬رحسيين ورطي ير أنمياا الحيياة‬
‫اوقتصادي ‪ /‬الم اشي ‪ ،‬اوجتماعي ‪ ،‬الصحي ‪ ،‬والبيئيي ‪ ،...‬بهيدف الحصي ل عليى اوحتياجيات‬
‫اإلنساني المختلف ‪ ،‬بنم ن عي أكثر كفاحة‪ ،‬مع الس ي لتحسينها واوررقاح بها‪.241‬‬
‫وفي ا ن نفسه‪ ،‬يبدو‪ ،‬وج با ً‪ ،‬ومن أجل خلق منظ م ا تراريجي خاص بالتنمي في رجليارها‬
‫المت ددة‪ ،‬ال مل الدا م على رفع التحيد الر يسيي لليدول والمجتم يات‪ ،‬والمتمثيل فيي رحسيين‬
‫أنظم الحمام المنفتح ‪.242 La gouvernance ouverte‬‬
‫همذا‪ ،‬فإن المسأل التنم ي ‪ ،‬وحتى رحقق اههداف المت خاة منها‪ ،‬رطرح في عمقها‪ ،‬ضيرورة‬
‫التميياهي المطلييق بييين "الحمام ي " و"التنميي "‪ .‬وجلييك مييا رتجسييد أب يياده اإليجابي ي ‪ ،‬ميين خ ي ل‬
‫الحيييرص عليييى ضيييب الترابطيييات المممنييي لم يييايير رحسيييينهما‪ ،‬بشيييمل مسيييتمر ومت اصيييل‪.‬‬
‫والتنمي ‪ ،‬وفق الفهم الغا ي‪ ،‬ينظر إليها‪ ،‬باعتبارها‪ ،‬عمليي ر زييز قيدرات رثميين وإثيراح حيياة‬
‫الناس‪ ،‬ور ايد كل اهدوار –البنا ي أو اإلنشا ي ‪ ،‬اهدواريي أو ال يا لي ‪ -‬المرربطي بيالتممين‬
‫التنم ‪ ،‬والقادرة على وضع إواليات لتفاد مختلف أشمال الحرمان( الج ع و ح التغذي ‪،‬‬
‫ي ح ر ييع الثيروات‪ ،‬رفشيي اهميرا الم ديي وريدني الحالي الصيحي ‪ ،‬ال فياة المبمييرة‪،)...‬‬
‫ور فير ا ر أن اع الحق ق والفرص واإلممانات لت يع حريات البشر‪.243‬‬
‫فض ً عين جليك‪ ،‬رمثيل التنميي كيركن مين أركيان الحمامي إحيدى الرهانيات اه ا يي الم ي ل‬
‫عليهييا فييي مسييار ر زيييز المؤ سييات الديمقراايي كمسلسييل يت ييين أن يييدعم البنيييات التنم ي ي‬
‫للمجتم ات‪ ،‬وكسيرورة رج ل نصب عينيها التنمي كنتا خالص للديمقرااي التشاركي التي‬
‫ررفيع مين قيمي المي اان ورممنيه مين بلي رة جاريه باعتبياره جي هر أ ف يل مجتم يي ر اقييد ‪،‬‬
‫حيث يتم قع ردبير الشأن ال ام ‪-‬المحلي والجه وال اني‪ -‬في أعلى لم هرم هذا الف ل‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬يممن التأكيد على أنيه بيدون إشيراك فاعيل وف يال للمي اان فيي ريدبير شيؤونه‬
‫وانيا ً وجه يا ً ومحليا ً‪ ،‬رفر الديمقرااي من محت اها القيمي الرفيع ‪ .‬وه اهمر الجي هر ‪،‬‬
‫على اعتبار‪ ،‬أن المنه الحقيقي للديمقرااي ‪ ،‬هي حمم الشي ب للشي ب ب ا يط الشي ب‪ ،‬حييث‬
‫كل السلط للش ب‪.‬‬
‫‪ 241‬مجيييييد مليييي ك السييييامرا ي ‪ "،‬الجغرافييييي و فيييياق التنمييييي المسييييتدام " ‪ ( ،‬عمييييان‪ :‬دار اليييييا ور ال لمييييي للنشيييير‬
‫والت يع‪ ، )2015،‬ص‪. 26‬‬
‫‪ 242‬ح ل مفه م "الحمام المنفتح ‪ " La gouvernance ouverte‬يممن اوضط ع على ‪A.Meijer, D .Curtin :‬‬
‫‪et M.Hillbrand, « La gouvernance ouverte :relier visibilité et moyen d’expression » ,in n°‬‬
‫‪spécial la Transparence gouvernementale,RISA, n° 1,Mars 2012.‬‬
‫‪243‬‬
‫‪Amartya Kumar Sen,« Development as Freedom», ) New York: Knopf,1999 (.‬‬
‫‪145‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وميين ث يم‪ ،‬ير ييم التييدبير الييديمقرااي م ييالم السيا يات التنم ي ي الرا ييدة‪ .‬وجلييك عبيير ا ييتلهام‬
‫مختلف أب اد ورجليات التنمي البشري التي أضحت أكثر من أ وقت مضى‪ ،‬مؤشيراً أ ا ييا ً‬
‫للتق يم في مختلف المجاوت‪ ،‬كما أصبحت هدفا ً لم ي د من المممن عدم ا تحضاره‪ ،244‬بحمم‬
‫أهميتها على مست ى رحديد نجاع ردخ ت مختلف الفياعلين اوجتمياعيين‪ ،‬فيي يبيل رحقييق‪،‬‬
‫كل ع امل التقدم واو دهار‪.‬‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬يأري ر ريف هيئ اهمم المتحدة عام ‪ 1956‬للتنمي ‪ ،‬باعتبارها‪" ،‬هي ال مليات‬
‫التييي بمقتضيياها ر جييه الجهيي د لمييل ميين اههييالي والحم ميي بتحسييين اهحيي ال اوقتصييادي‬
‫واوجتماعي ي والثقافي ي فييي المجتم ييات المحلييي ؛ لمسيياعدرها علييى اونييدما فييي حييياة اهمييم‬
‫واإل هام في رقدمها بأفضل ما يممن"‪.‬‬
‫ميين هييذا المنطلييق فييي التحديييد‪ ،‬رتبل ي ر التنمي ي بييالمفه م ال ييام‪ ،‬كسيييرورة متط ي رة وحي ي ي ‪،‬‬
‫رت خى باه اس رج يد ظروف الم اانين ورغيير أنماا عيشهم‪ ،‬عين ارييق رحسيين دخلهيم‬
‫الفرد والرفع من شروا الرعاي الصيحي ورقيديم أحسين منتي فيي مجيال التربيي والت لييم‬
‫والتثقيييف‪ ،‬عبيير ال مييل الييدؤو علييى رمثيييف بييرام" ال مييل جات الطييابع البشيير واإلنسيياني‬
‫والمييدني‪ ،‬وإعييداد مشيياريع رنم يي وا ييتثمارات ميين أجييل خدمي هييؤوح المي اانين واهجيييال‬
‫ال حقي ضييمن مييا يسييمى "التنميي المسييتدام " أو " التنميي الط يلي اهمييد" ‪ .‬فتصييير بييذلك‬
‫التنمي كل جامع لل ديد مين المجياوت‪ ،‬بميا فيهيا بطبي ي الحيال‪ ،‬المجيال اوقتصياد ‪ .‬وبيذلك‪،‬‬
‫يممن الق ل‪ ،‬أنه‪ ،‬وبدون عناح في التفمير‪ ،‬يدرك المرح‪ ،‬أن التنمي التي ربيدو هول وهلي أنهيا‬
‫قضيي اقتصيادي بحتي ‪ ،‬رت لييق لزوميا ً بمجياوت كثييرة‪ ،‬علييى رأ يها حقي ل السيا ي والت ليييم‬
‫وال قات الدولي والبيئ ‪...‬إلخ‪ ،‬هذا‪ ،‬إجا اقتصرنا عليى اهوجيه ال مليي عنيد التفميير بمسيأل‬
‫التنمي ‪ ،245‬حيث رصب هذه اهخيرة‪ ،‬ركنا ً أ ا يا ً من أركيان نظيام الحمامي ‪ ،‬والقيادر برمتيه‪،‬‬
‫على ضمان وا تدام النتا " اإليجابي لفرص التنمي كمل‪ ،‬وعلى شتى اهص دة‪.‬‬

‫‪-2‬اللتقائية‬
‫ينظير إلييى اولتقا يي علييى مسيت ى رييدبير عمليي التنميي ‪ ،‬ب صيفها ميين أهيم دعامييات النمي ج‬
‫باهدوار الجديدة المن ا بمختلف مم نات وعناصر الحمام ‪.‬‬ ‫التنم المت ل به للنه‬
‫فاولتقا ي بذلك‪ ،‬منطلق ا تراريجي لتسريع وريرة إنجا المشاريع والبرام" التنم يي ورنسييق‬
‫الجهي د والتييدخ ت المؤ سيياري ‪ :‬محلييا ً‪ ،‬جه ييا ً ووانييا ً‪ .‬وميين ثمي ‪ ،‬فهييي ربيير ‪ ،‬باعتبارهييا‪،‬‬
‫اهداة الحي ييي المفيليي بضييمان نجاعيي رييدبير الشييأن التنميي كمييل‪ ،‬وجلييك لمييا ريي فره ميين‬
‫اشييترااات للف ييل الم قليين‪ ،‬قييادرة فييي عمقهييا علييى الت بئي المتماملي والمتما ييم ل ممانييات‬
‫‪244‬في الملخص التركيبي لتقرير" المغر المممن‪ :‬إ هام في النقاش ال ام من أجل ام ح مشترك" ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪،‬‬
‫ص ‪.84‬‬
‫‪ 245‬ما ن م فق هاشم ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪146‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫يرورة الحمام‬ ‫التنم ي ‪ -‬البشري والطبي ي ‪ ،-‬وج لها‪ ،‬بالتالي‪ ،‬دعام و محيد عنها لخدم‬
‫واوررقاح المندم" والمستدام بأنمااها المت ددة‪.‬‬

‫أ‪-‬األساس القادي لاللتقائية‬


‫ر بيير اولتقا يي عيين الخطي ة جات اهب يياد او ييتراريجي التييي رسي ى إلييى رجميييع كييل البييرام"‬
‫والمشاريع والسيا ات والقطاعات في كل واحد ل بت اد‪ ،‬باه اس‪ ،‬عن كل المظياهر السيلبي‬
‫لتشتت الجهي د والطاقيات‪ ،‬ورحقييق‪ ،‬بالتيالي‪ ،‬كيل اههيداف التنم يي ‪ ،‬وفيق منظي ر مضيب ا‪،‬‬
‫مدروس‪ ،‬م قلن و"مح كم" ‪.‬‬
‫فاولتقا ي في م ناهيا القصيد ‪ /‬الغيا ي‪ ،‬وحسيب ر رييف ‪ ،Le Grand Robert‬هيي جملي‬
‫الخط ات المبذول على ص يد التنسييق الف يال اليذ يسي ى فيي كنهيه إليى ضيمان اونسيجام‬
‫واوندما المطل بين بيين مختليف اهنشيط التيي ريتم ممار يتها فيي مجياوت الف يل اإلنسياني‪.‬‬
‫ومن ثمي ‪ ،‬فاولتقا يي كدعامي مين اليدعامات الممر ي ل ميق أ نمي ج رنمي رجسيد راف ي‬
‫حقيقي لبل اههداف المنش دة بأقل جهد مممن‪.‬‬
‫منطيييق اولتقا يييي ‪ ،‬عبييير جليييك‪ ،‬يسيييتند عليييى ركيييا ز المقاربييي اهفقيييي فيييي م الجييي المشييياكل‬
‫المطروح ‪ ،‬من خ ل ربني رنسيق صارم بين القطاعات المشتغل في الحقيل التنمي ‪ ،‬وكيذا‬
‫او تحضار المت اصل لمختلف أب اد الرؤي المندمج المت لق بالمشاريع والبرام" المقترحي‬
‫على ص يد يرورة التنمي ‪.‬‬
‫اولتقا يي كدعامي ميين دعامييات النمي ج التنم ي ‪ ،‬ربيير فييي مس يأل اإلدراك الي اعي والجيياد‬
‫باههمي ي المركزي ي للتنزيييل الف لييي والف ييال للبييرام" والسيا ييات التنم ي ي ‪ .‬وبالتييالي‪ ،‬إعطيياح‬
‫الديمقرااييي ب ييدها التنميي المنييدم" ومضييم نها المسييتدام القييادر علييى ا ييتي ا رطل ييات‬
‫مختلييف اهجيييال المت اقبي ‪ .‬وبالتييالي‪ ،‬ال مييل علييى رجيياو كييل المقاربييات اوختزاليي الخاصي‬
‫بالنماج التنم ي ‪.‬‬
‫ميين خ ي ل جلييك‪ ،‬ربيير اولتقا ي ي كمم ي ن ميين المم نييات الضييروري لبنيياح او ييتراريجيات –‬
‫وأحيان يا ً رفميمهييا التفميييك اإليجييابي‪ ،-‬وفييق نهيي" شييم لي متقييار ‪ :‬رميياملي ورفيياعلي؛ مم ي ن‬
‫انصهار ‪ ،‬ما فتيئ يضيفي عليى هيذه او يتراريجيات‪ ،‬المزييد مين الضيب الهيمليي والتيداخل‬
‫المندم"‪ .‬وه اهمر‪ ،‬الذ ينبغي أن رتجسد أب ياده الغا يي الم ياريي ‪ ،‬عنيد التفميير فيي إعيداد‬
‫ورطبييييق مجميييل محييياور السيا يييات ال امييي –بتجسييييدارها السيييت الم روفييي ‪ :‬او يييتخراجي ‪،‬‬
‫الت ي ي ي ‪ ،‬إعييادة الت يييع‪ ،‬التنظيمي ي ‪ ،‬الرمزي ي والج ابي ي ‪ ، -‬والتييي ميين ال ي م‪ ،‬أن رييتم –‬
‫صيييياا ورنفييييذاً‪ -‬وفيييق رؤيييي واضيييح ومتماملييي لمق ميييات التنميييي – خص صيييا ً نمطهيييا‬
‫‪147‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫اوقتصاد ‪ ،-‬ق امها اولتقا ي والشفافي ‪ ،246‬مع الحرص على رحقييق التي ان المطلي بيين‬
‫البرام" المقترح قطاعيا ً والسيا ال ام لبلد ما‪ ،‬ورثميين القيدرات التممينيي ‪ ،‬مادييا ً وبشيرياً‪،‬‬
‫بالشيمل الييذ يتي خى رلبيي حاجييات ييا ر الفئييات المجتم يي المسييتهدف مين رييدخ ت الفاعييل‬
‫التنم ‪.‬‬
‫كما أن الب د اولتقا ي النياج ‪ ،‬هي جاك الب يد اليذ ييدم" فيي وحيدة متراصي ‪ ،‬يا ر مجياوت‬
‫السيرورة التنم ي ‪ .‬فيي هيذا السيياق‪ ،‬أضيحى النمي ج التنمي المتطي ر‪ ،‬يطيال فيي عمقيه‬
‫الشم لي وال ا ع مختلف مجاوت هذه السيرورة ‪ :‬اجتماعيا ً‪ ،‬ثقافيا ً وإيم ل جيا ً‪ ،...‬باعتبارهيا‬
‫مجاوت "متحرك " على مسيت ى المسيارات المت يددة للتنميي ‪ ،‬ميع اورربياا ال ثييق بتجلييات‬
‫التنمييييييي اوقتصييييييادي – أو النميييييي اوقتصيييييياد ‪ -‬وع ا ييييييدها اوجتماعييييييي "المنتظييييييرة"‪.‬‬
‫ع وة على جلك‪ ،‬فإن اولتقا ي ‪ ،‬وفي ع قتها مع مفه م "الترا "‪ ،‬هي أداة مندمج "محفزة"‬
‫ل ييتثمار التنمي ‪ ،‬رتي خى فييي عمقهييا‪ ،‬ري فير اوشييترااات ال مي للممار ي المؤ سياري‬
‫واوقتصادي السليم ‪ ،‬والمفيل بالدفع "المستدام" والف ال ب جل التنميي نحي اهميام‪ ،‬ورحرييك‬
‫بسيا ات "دامج " لل حيدات الترابيي المنسيجم ‪ :‬وانييا ً‪،‬‬ ‫دواليب اشتغالها في ارجاه النه‬
‫جه يا ً‪ ،‬إقليميا ً ومحليا ً‪ .‬كيل جليك‪ ،‬علييه أن ييتم‪ ،‬وبالضيرورة‪ ،‬فيي يياق رسيريع ورييرة ارخياج‬
‫القييرار علييى مسييت ى هييذه ال حييدات‪ ،‬والتييدبير" المح ي كم" لنشيياا التييرا ‪ ،‬أ ال مييل علييى‬
‫رحسييين جي دة نمي الحمامي الترابيي ‪ ،‬ميين خي ل إر يياح نمي ج متمامييل لتييدبير الشييأن ال ييام‪،‬‬
‫ا تراريجيا ً وقطاعيا ً‪ ،‬من أبر أول ياره‪ ،‬خلق الم احمات الضروري بين نظامي ال مركزيي‬
‫وال رمركييز ورق ييي ركييا ز التنسيييق بييين البييرام" والتييدخ ت ال م مييي للمجيياوت الترابييي‬
‫المتن ع ‪.‬‬
‫همييذا يمميين القي ل‪ ،‬أن مفهي م "اولتقا يي "‪ ،‬هي ر بييير جلييي عيين كييل أشييمال رييدبير السيا ييات‬
‫ال امي بأنمااهييا المت ييددة‪ .‬وجلييك ميين منظي ر‪ ،‬اقترانييه ال قييي بمفهي م خيير ي ييد فييي ال قييت‬
‫الييراهن أكثيير اكتسيياحا ً‪ ،‬وه ي مفه ي م "الحمام ي "‪ .‬هييذا اهخييير‪ ،‬الييذ يتبل ي ر كأ ييل جديييد‬
‫ومتط ي ر لتييدبير الشييأن التنم ي ‪ ،‬ي مييل كييل عنصيير ميين عناصييره الفاعل ي ‪ ،‬وفييي إاييار ميين‬
‫التنسيق التام والتمامل المنيدم"‪ ،‬عليى المسياهم فيي عمليي صيناع القيرارات المرربطي بهيذا‬
‫الشأن ورتبع رنفييذها ورقييمهيا‪ ،‬بيل وحتيى رق يمهيا‪ ،‬وج لهيا فيي المحصيل ‪ ،‬قيرارات "ناج ي "‬
‫رط ر‪ ،‬وبشمل "ممثف"‪ ،‬ج دة الف ل التنم الجماعي المشترك‪.‬‬

‫ب‪-‬التقائية عناصر الةكامة‬

‫‪ 246‬محمد حركات ‪ " ،‬رأثير المصال المت ارض في رم ين السيا ات المالي والنقدي التجرب المغربي "‪ ،‬ورق بحثي‬
‫مقدم إلى ندوة "ر ار المصال في الدول والمجتمع" التي عقدرها المنظم ال ربي لممافح الفساد في بيروت‪ ،‬ي مي ‪15‬‬
‫‪ 16 -‬شتنبر ‪ ، 2015‬منش رة ضمن مؤلف جماعي" ر ار المصال في الدول والمجتمع"‪ ،‬ا ‪( 1‬المركز ال ربي‬
‫لألبحاث ودرا السيا ات‪.)2017 ،‬‬
‫‪148‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫او تح اج – اإليجابي‪ -‬عليه‪،‬‬ ‫أصبحت الحم م مجرد فاعل في صنع وارخاج القرار ع‬
‫فاعل له مسؤولي مح ري في خلق اولتقا ي ورق ي ف ل باقي مم نات وعناصر الحمام من‬
‫مؤ سات القطاع الخاص ومم نات المجتمع المدني ومختلف شرا الم اانين‪.‬‬
‫ورممن التقا ي عناصر الحمام في مختلف الخط ات التي رق م بها هذه ال ناصير فيي رجسيير‬
‫الفج ات المرربط بالتحمم البرااماري في ا ر أنظم الحمام ورجسيدارها المؤ ساري ‪ .‬وه‬
‫ما ي بر عنه "التقا ي السيا ات"‪.‬‬
‫هذه اولتقا ي رتجسد في مختلف ردخ ت الفاعلين عليى مسيت ى السيا يات‪ ،‬أ البيرام" التيي‬
‫رت خى رحقيق قيم نها ي والقيام بتطبيقات محددة‪.247‬‬
‫وإجا كان مفه م "الحمام " يتضمن أ ا ا ً شؤون السلط الحم مي ( وعم ما ً كل ما ليه صيل‬
‫بالدولي ‪ :‬إقليميا ً وشي با ً و يلط يا يي ) ‪ ،‬فيإن هيذا المفهي م بيدأ يت جيه نحي الت يع ال اضي‬
‫‪248‬‬
‫ليحت ي عناصيير أخييرى فاعل ي فييي المجتمييع‪ .‬فالرؤي ي القا م ي حالي يا ً رييأري ث ثي ي اهب يياد‬
‫ومتضمن المم نات التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬الدول ‪ ،‬ومركزي دورها يتمح ر ح ل خلق البيئ اوقتصادي والقان ني الداف ؛‬
‫‪ -‬القطاع الخاص‪ ،‬الذ يتحمل مسؤولي رهيئ الفرص المطل ب لل مال والدخل؛‬
‫‪ -‬المجتميييع الميييدني‪ ،‬اليييذ ينصيييب دوره بصييي رة خاصييي عليييى رسيييهيل التفاعيييل السيا يييي‬
‫واوجتماعي‪ ،‬ورحريك الجماعات للمشارك في الف اليات اوقتصادي واوجتماعي والسيا ي ‪.‬‬
‫وفيي هيذا اإلاييار المجتم يي الملييي‪ ،‬يبير اليدور الحيي للحمامي المتضييمن رشيجيع التفاعييل‬
‫والتشابك بين هذه اهاراف المم ن للمجتمع بخلق البيئ المنا ب والت ا ن فيما بينها‪.249‬‬
‫همييييذا‪ ،‬رشييييمل حماميييي التييييدبير‪ ،‬مجمييييل رفيييياع ت وررابطييييات السيييييرورة والميمانزمييييات‬
‫والمؤ سيات‪ ،...‬والتيي يممين مين خ لهيا للمي اانين ولمجمي ع شيرا المجتميع الميدني ميين‬
‫‪ Régularisation‬مصيييالحهم وممار ييي الحقييي ق ورحميييل المسيييؤوليات‪ ،‬وكيييذا‬ ‫رضيييبي‬
‫التفاو ح ل نزاعارهم‪ .‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬فإن نطاق ممار حمام التدبير و ينحصر في‬
‫الدول ولمنه يشمل كذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني‪ .‬ويممن التحيد اليذ ر اجهيه كيل‬

‫‪ 247‬يا ين السيد ‪ "،‬السيا ات ال ام ‪ ،‬القضايا النظري والمنهجي "‪ ،‬ضمن " رحليل السيا ات ال ام ‪ ،‬قضايا نظري‬
‫ومنهجي " ‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬ا ‪ ( 1‬القاهرة‪ :‬ممتب النهض المصري ‪ ، )1988 ،‬ص ص ‪. 9-3‬‬
‫‪ 248‬وقد رتح ل إلى رباعي اهب اد إجا أضفنا إليها "الم اان" ك نصر من عناصر الحمام ‪.‬‬
‫‪ 249‬با ل البستاني ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ص ‪.70- 69‬‬
‫‪149‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫المجتم ات البشري من خلق نسق مؤ ساري شامل يضمن التنمي المستديم ورحقييق أهيداف‬
‫ا تراريجي ق امها م اجه الفقر والتهميو وبل رة يرورة مشروع المجتمع المنجز‪.250‬‬
‫إنييه‪ ،‬وميين أجييل أن رق ي م الحمام ي ‪ ،‬بشييمل عييام‪ ،‬و منيياص ميين رمامييل ورييداخل عمييل الدول ي‬
‫ومؤ سييارها والقطيياع الخيياص ومجاورييه والمجتمييع المييدني ورنظيمارييه والميي اان وارا ييق‬
‫مشاركته‪ .‬ف يممن إا قا ً الحديث عن الحمام ‪ ،‬دون التمريس الف لي والف ال لقيم المشيارك‬
‫"المنتج ي ‪ /‬المسييتدام " والتشييارك اإليجييابي‪ /‬الرييياد بييين مختلييف الفيياعلين‪ ،‬مييع وج ي‬
‫التقا ي ي أدوارهييم وانييدما مهييامهم‪ .‬كمييا أنييه‪ ،‬يسييتحيل وج ي د الحمام ي فييي ييياق اييير متسييم‬
‫باهج اح الديمقرااي – خاص منها المت لق بنم الديمقرااي التشاركي ‪.-‬‬
‫الحمامييي إجاً‪ ،‬مقاربييي التقا يييي ‪ :‬شيييم لي ‪ /‬متماملييي ‪ ،‬رركيييز فيييي عمقهيييا عليييى دور اهفيييراد‬
‫والجماعات والقي ى اوجتماعيي فيي رطي ير السيا يات التيي رينظم الحيياة ال امي فيي المجتميع‬
‫السيا ي‪ ،‬وربحث في رفاعلها‪ ،‬بص رة مت ا ي ومتراكب ‪ ،‬مع المؤ سيات اه ا يي اليث ث‬
‫التي رحمم رنظيم المجتمع الحديث‪ ،‬وبالتحديد مؤ سات الدول ومؤ سيات السي ق ومؤ سيات‬
‫المجتمع المدني‪ .251‬وباإلضاف إلى هذه المؤ سات‪ ،‬و ينبغي إافال اهدوار الهامي التيي أخيذ‬
‫‪252‬‬
‫يضطلع بها الم اان في المجتم ات الحديث –خاص ما يسمى "الم اان اليديمقرااي"‬
‫‪ .-‬وجلك من منظ ر ربل ره ك نصر من ال ناصر البار ة للحمام ‪.‬‬
‫إنه‪ ،‬وعلى الرام من أهمي التماهي الذ ينبغي أن يقي م بيين اولتقا يي والحمامي كيدعامتين‬
‫أ ا يتين مين دعاميات أ نمي ج رنمي مطيروح فيي السيياق الي اني‪ ،‬فإنيه يممين التأكييد‪،‬‬
‫ك ن مفه م "الحمام "‪ ،‬رم رأ يسه في ج هره القيميي‪ ،‬عليى جملي مين اه يااير‪ ،253‬ومنهيا‬
‫أ ط رة اولتقا ي واإلدما ‪.‬‬

‫‪ 250‬محمد حركات ‪ " ،‬اوقتصاد السيا ي وجدلي الثروة والفقر "‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 127‬‬
‫‪ 251‬لؤ صافي ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪ 252‬نقصد "الم اان الديمقرااي" جلك الم اان الذ يل على التمتع بحق قه‪ ،‬وبالمقدار جاره‪ ،‬يحرص على أداح واجباره‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فه " المي اان المقتنيع‪ ،‬وبشيمل متمياهي‪ ،‬بف اليي الممار ي الماملي لم اانتيه‪ ،‬وبمفايي او يتفادة التامي مين القييم‬
‫الديمقرااي المخ ل له‪ .‬ه أيضا ً الم اان‪ ،‬الذ يشارك في اونتخابات‪ -‬ررشحا ً ورص يتا ً‪ ،-‬بنفس اوعتبار اليذ ييؤد بيه‬
‫الضرا ب للدول ‪ .‬ه الم اان‪ ،‬الذ يل" م عب كرة القدم ل تمتاع بالل ب ‪-‬كحق‪ ،-‬وفي ال قت جاره يحافظ عليى ميدرجارها‬
‫ويحميها من المسر وال بث‪-‬ك اجب‪ .-‬ه الم اان‪ ،‬الذ يطالب بحق قيه فيي الت لييم والصيح والسيمن والشيغل‪ ...‬وفيي ا ن‬
‫نفسه‪ ،‬يساهم‪ ،‬وبشمل متضامن‪ ،‬إبان كل اللحظات‪-‬بما فيها المصيري ‪ -‬وكل اهحداث – بما فيهيا المبيرى‪ -‬فيي رقيي ورطي ر‬
‫مج تم ه‪ .‬ه الم اان‪ ،‬الحريص على رشييد لبنات صرح دول الحمامي عليى أ يس متيني وصيلب ‪ ،‬وكيذلك اليدفاع المسيتميت‬
‫عيين مق مييات الم اان ي "المسييتدام " لصييال اهجيييال المت اقب ي ‪ .‬باختصييار شييديد‪ ،‬فهييذا الم ي اان ‪-‬والييذ يتبل ي ر فييي كنهييه‬
‫ك نصر مين عناصير الحمامي ‪ -‬هي "ديمقراايي" وكفيى"‪ .‬للمزييد حي ل مفهي م "المي اان اليديمقرااي"‪ ،‬يممين او يت ان‬
‫بمؤلفنا "الحمام ‪ :‬مقارب أولي للمفه م" ‪ ،‬منش رات مجل القضاح المدني‪ /‬مجل ال ل م القان ني ‪ ،‬والصادر ن ‪. 2018‬‬
‫‪ 253‬أجملنها في خ صات مؤلفنا السيالف اليذكر ‪"-‬الحمامي ‪ :‬مقاربي أوليي للمفهي م" ‪ ،-‬فيي عشير أ يااير متحممي ‪ ،‬وبقي ة‬
‫‪،‬على اهجهان وال ق ل‪ ،‬وهي ‪ :‬أ ط رة رقا م الهيمن ‪ ،‬أ ط رة الخطا الرنان‪ ،‬أ يط رة رفي ق الديمقراايي التشياركي ‪،‬‬
‫أ ط رة الت صيف الم يار ‪ ،‬أ ط رة اإلرادة الحرة المقييدة‪ ،‬أ يط رة التمميين اإليجيابي‪ ،‬أ يط رة اولتقا يي واإلدميا ‪،‬‬
‫أ ييط رة اإلص ي ح ومحارب ي الفسيياد‪ ،‬أ ييط رة رميياهي القيييم‪ ،‬وأخيييرا ً أ ييط رة اونتقييال ميين دول ي "الحمييم" إلييى دول ي‬
‫"الحمام "‪.‬‬
‫‪150‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫فالتقا ي مجاوت ومضامين الحمام ور فير أ س اإلدما للسيا ات واو يتراريجيات لبلي‬
‫مختلف مدارك الحمام ‪ ،...‬كلها أم ر‪ ،‬رج ل من اشترااات إيجاد الصيئ التفاعلي الفضلى‬
‫لتنزيل أركان الحمام ‪ ،‬من ديمقراايي ورنميي مسيتدام وحريي ‪ ،‬امي ح ميأم ل لبنياح صيرح‬
‫دول الحمام ‪ ،‬مع ميا ي نييه جليك‪ ،‬مين التصيد لمي اب اوررقياح المتطي ر بمنظ مي الحمامي ‪.‬‬
‫كييل جلييك‪ ،‬و ي نييي‪ ،‬إا قيا ً‪ ،‬اررمييا هند ي الحمامي علييى ركييا ز واضييح فييي ا تشييرافيتها‪.‬‬
‫فالراب المامن لدى متخذ القرار وصان ي السيا ات في ضمان نجاع التدخ ت وضب‬
‫ال قييات علييى ص ي يد المشيياريع والبييرام" المقترح ي ‪ ،‬وفييق المسييت يات المختلف ي ‪ -‬ال اني ي‬
‫والمحلي ‪ ،-‬عادة ما ر اني من انسداد جلي في اهفق‪ .‬وه ما يبر فيي عيدة رمظهيرات‪ ،‬مين‬
‫قبيل رشتيت الجه د المتضافرة لدى كاف مم نات وعناصر الحمام ‪ .‬وه التشتيت اليذ "‬
‫يفرمل" كيل الج انيب اإليجابيي للتيدبير‪ ،‬والمت خيي إلر ياح نمي حمامي رنم يي صياعدة‬
‫وف ال ‪.‬‬

‫‪-3‬اإلنااا‬
‫كثيراً ما رحدثت أدبييات الفلسيف السيا يي عين كي ن اإلنصياف هي المفهي م السيا يي لل دالي ‪.‬‬
‫وه الم نى الذ ا يتخدمه جي ن روليز فيي رق ييده لأل يس النظريي الخاصي بال دالي ‪ ،‬وكيذا‬
‫رمث رها الم ياري على أر ال اقع ‪ :‬ال دالي المجاليي وال دالي اوجتماعيي ‪ ،‬وربي كيل جليك‬
‫بمباد حسن التنظيم والنجاع اوقتصادي والم اان الفاعل والحري المتساوي ‪.‬‬
‫حقيقيي ‪ :‬ر ياوني ‪/‬رمياملي‪ ،‬رنافسيي‪/‬‬ ‫همذا‪ ،‬يجسد اإلنصاف دعام ق يي لبنياح نمي ج رنمي‬
‫اح من حيث رحقيق أهدافه المختلف أو‬ ‫مت ا ن‪ -‬من منطلق اقتصاد بحت‪ ،-‬مت افق عليه‪،‬‬
‫من حيث رنزيل أب اده المتن ع ‪.‬‬

‫أ‪ -‬اإلنااا "المطتدام"‬


‫ميين المررمييزات اه ا ييي ليينه" التنميي البشييري المسييتدام ‪ ،‬نجييد اإلنصيياف‪ ،‬والييذ يييرد ميين‬
‫وجه نظر نه" التنمي البشري المستدام ‪ ،‬أكثر ي وأكثير امتيداداً مين مجيرد حيدود اليدخل‬
‫والثييروة؛ فرؤيي الينه"‪ ،‬رؤكييد‪ ،‬أن اإلنصيياف‪ ،‬ينبغييي أن ينطلييق ميين أايير القييدرات والفييرص‬
‫المتاح ‪ .‬وبناح عليه‪ ،‬فإن من حق كل شيخص أن يحقيق خياراريه اإلنسياني كحيق قيا م‪ .‬ب بيارة‬
‫أخرى‪ ،‬إن ايا اإلنصاف‪ ،‬من شيأنه‪ ،‬أن يلغيي خييارات النياس‪ .‬وبالتيالي‪ ،‬رط ييق إنسيانيتهم‬
‫في الصميم‪.254‬‬

‫‪ 254‬با ل البستاني‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 66‬‬


‫‪151‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الب ييد اإلنسيياني‪ -‬أو بيياهحرى "المأنسييان"‪ -‬ل نصيياف يج ييل ميين المرام ي اإلنسيياني المبتغييى‬
‫اه ا ي المنش د على صي يد أ نهي" للتنميي البشيري ‪ .‬وهي ميا رتجسيد م الميه المبيرى‪ ،‬فيي‬
‫رحسين أوضاع الناس ور زيز قدرارهم – الفردي والجماعي ‪ -‬ورحقيق بل رفاهيتهم ورج يد‬
‫أنماا حيارهم‪.‬‬
‫هنييا‪ ،‬وفييي إاييار ميين التييراب المتميياهي بييين ال دال ي واإلنصيياف‪ ،‬وميين منطلييق البحييث عيين‬
‫اشترااات اوررقاح الم يار بقيم اإلنصاف‪ ،‬يطرح ج ن رولز‪ ،‬ؤاوً ج هريا ً‪ ،‬ي مق مين‬
‫دووت وم اني او تخدام المتي ارر لهيذه القيمي فيي السيياقات التاريخيي المختلفي والمجياوت‬
‫المماني المت يددة ‪ " :‬ميا هي المفهي م السيا يي لل دالي اهكثير مقب ليي ‪ ،‬واليذ ي يين الشيروا‬
‫المنصف للت اون بين الم اانين الم تبرين أحيراراً وم قي لين وعق نييين وأ ي ياح وأعضياح‬
‫مجتمع مت اونين ر اونا ً كام ً في حياة كامل من جيل إلى الجيل الذ يليه؟ " ‪.255‬‬
‫‪ ،‬وبشييمل م اكييب‪ ،‬او ترشيياد "اإلريقييي" بمنطييق "ر اقييب‬ ‫منطييق "ر اقييب اهجيييال" يفتيير‬
‫القيم"‪.‬‬
‫ول ل قيم اإلنصاف‪ ،‬مين أبير القييم التيي ينبغيي "ريداولها " بيين اهجييال المت حقي ؛ فنمي ن‬
‫بييذلك أمييام قيم ي ميين القيييم الرفي ي ‪ ،‬والتييي رمييت متانتهييا الم ياري ي ميين قييدررها الفا ق ي علييى‬
‫الم احم "المستدام "‪ ،‬مانيا ً ومجاليا ً‪.‬‬
‫بنيياح علييى مييا رقييدم ‪ ،‬يينجد أن ميين اشييترااات اإلنصيياف أن يم ي ن "مسييتداما ً"‪ .‬والمقص ي د‬
‫"او تدام " في هذا الشأن‪ ،‬الت يع الم يار والمنصف ل ا يد التنميي بيين مختليف فئيات‬
‫الجيل ال احد‪ ،‬وكذا بين اهجيال المت اقب ‪ .‬وجلك من منطلق مبدأ عالمي مطالب الحياة‪ ،‬والذ‬
‫يمثل الرابط المشترك بين مطالب التنمي القا م ومتطلبات التنمي المستقبلي ‪ ،‬وبخاصي فيي‬
‫ما يت لق بالمحافظ على البيئ وإعادة ر ليدها‪ .‬وهنا‪ ،‬يقع ج هر الب د اهخ قيي لينه" التنميي‬
‫البشري المستدام اليذ يجسيد الضيمان اه ا يي للتنميي المسيتدام ‪ :‬رأكييد اإلنصياف داخيل‬
‫الجيل ال احد واإلنصاف بين اهجيال‪ .256‬اإلنصاف "المستدام" مين خي ل جليك‪ ،‬هي إنصياف‬
‫يممن من رحقيق ال دال اوجتماعي في شتى رجليارها‪ .‬هذه اهخيرة‪ ،‬و رت ليق بت ييع الحقي ق‬
‫والفرص والم ارد بين اهجيال الحاضرة فحسب‪ ،‬بل إنها رت لق أيضا ً بت ي هيا بيين اهجييال‬
‫الحاضرة والمقبل ‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬رقتضي ال دال اوجتماعي ‪ ،‬أن يم ن لألجيال المقبل من الفرص‪ ،‬وأن رتاح لها من‬
‫اإلممانات ما و يقل عما رتمتع به اهجيال الحاضرة‪.‬‬

‫( بييروت ‪:‬‬ ‫‪ 255‬ج ن رولز ‪ "،‬ال دالي كإنصياف ‪ :‬إعيادة صيياا " ‪ ،‬ررجمي حييدر حيا إ يماعيل؛ مراج ي ربييع شيله‬
‫المنظم ال ربي للترجم ‪ ، )2009،‬ص ص ‪. 96-95‬‬
‫‪ 256‬با ل البستاني‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 57‬‬
‫‪152‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وإجا كانييت التنمي ي البشييري ر ييرف بأنهييا "ر يييع حريييات البشيير وقييدرارهم علييى أن ي يش ي ا‬
‫الحياة التي ي تبرونها قيم "‪ ،‬فإن إضاف مطليب او يتدام إليى مطليب التنميي البشيري يق دنيا‬
‫مباشيرة إليى قضيي ال دالي اوجتماعيي بيين اهجييال‪.‬‬
‫فالتنمي البشري المسيتدام هيي عمليي ر ييع للحرييات الم ضي عي للبشير اليي م‪ ،‬ميع بيذل‬
‫جهييييد م قيييي ل لتجنييييب الجيييي ر علييييى فييييرص أجيييييال المسييييتقبل فييييي ر يييييع حريييييارهم‪.257‬‬
‫ب‪-‬إنااا الدولة العا لة جالعدالة كإنااا‬
‫الدولي ال ادلي هييي دولي القييان ن‪ ،‬أ رلييك الدولي التييي رجمييع – فييي ا ن جارييه –بييين الحقي ق‬
‫وال اجبات‪ ،‬ورضمن الت ا ن بينها‪ ،‬هن ال اجب الذ و يقابله حيق يتحي ل إليى قهير‪ ،‬والحيق‬
‫الذ و يقابله واجب يتح ل إلى ف ضيى وانحي ل‪ .‬ودولي القيان ن هيي التيي رينج فيي رجنيب‬
‫القهر والف ضى م ا ً‪ ،‬وهي "المدين الفاضل " لل صر الحديث‪.258‬‬
‫رفتر ال دال – حسب ج ن رولز ‪-‬رنظيما ً للمؤ سات المبرى للمجتمع على نح يم ن فييه‬
‫ر يع ف ا د الت اون اوجتماعي ورماليفه ر ي ا عادوً على أ اس الم اان حتى و يش ر أ‬
‫اييرف شييريك بالضيييم أو يشييم ميين الحيييف واإلجحيياف فييي حقييه ‪ .‬فالنظريي السيا ييي رضييع‬
‫ص ي رة أو نم جج يا ً مثيياوً لمجتمييع حسيين التنظيييم ‪ well-ordred society‬يمميين ميين نقييد‬
‫المؤ سات القا م وال مل على إعادة رنظيمها‪ .‬وييرى روليز أن مجتميع مثيل هيذا و بيد رمي ن‬
‫مؤ ساره ردار من خ ل رص ر عم مي لل دال يم ن م ضع وفاق بين أفيراده والمجم عيات‬
‫المم ن له ويم ن م روفا ً منهم ويحظى بقب لهم الحر‪ .‬ويق ل رولز إن المداولي بيين أايراف‬
‫متسياوي ميين حييث الم ل مييات التييي ليديهم عيين أنفسيهم وعيين مجييتم هم يتق دهم إلييى اختيييار‬
‫إجماعي للمبدأين التاليين‪:‬‬
‫المبةةدأ األول‪ :‬لمييل شييخص حييق متسيياو مييع ايييره فييي النسييق الشييامل ميين الحريييات اه ا ييي‬
‫المتساوي وعلى نح يتسق مع نسق مماثل من الحري للجميع‪.‬‬
‫المبدأ الثاني‪ :‬و بد أن رـنظم مظاهر التفاوت اوجتماعي واوقتصاد على نح ‪:‬‬
‫أـ رم ن فيه لصال اهقل امتيا اً؛‬

‫‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪ 257‬إبراهيم ال يس‬


‫‪ 258‬محميد الحيداد‪ "،‬جدليي ال دالي والحريي فيي ضي ح الثي رات ال ربيي ( الديمقراايي باعتبارهيا عدالي القيرن الحيياد‬
‫وال شرين) "‪ ،‬ضمن " ما ال دال ؟ م الجات في السياق ال ربي"‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 392‬‬
‫‪153‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪ -‬رم ن مرربط ب ظا ف وبم اقع مفت ح أمام الجميع وفي إاار من المساواة ال ادلي فيي‬
‫الفرص‪.259‬‬
‫ربر ال دال كإنصاف ‪ ، Justice as Fairness‬من وجه نظر ج ن رولز‪ ،‬باعتبارها‬
‫قيم "فضلى" ‪ ،‬رتأ س في ج هرها‪ ،‬على مبدأ الحري المتساوي بين جميع أفراد المجتمع‬
‫مهما رمن انتماحارهم( كحري الت بير والتنظيم) من ناحي ‪ ،‬ومبدأ أن رم ن المساواة هي‬
‫القاعدة لت يع الم ارد اوقتصادي ‪ ،‬وأو يم ن التمييز إو لفا دة اهشخاص اهكثر حرمانا ً‪،‬‬
‫من ناحي أخرى‪.260‬‬
‫وعم ما ً‪ ،‬ينبني منطق ال دال كإنصاف في ظل المجتمع المت اون والمتمامل أو في ظل‬
‫دول ال دال السيا ي واوجتماعي "المستدام "‪ ،‬على مجم ع من اهفمار يحددها ج ن‬
‫رولز في أربع‪:‬‬
‫‪ -‬أولا؛ فكرة "مجتمع حطن التنظيم" ‪ :‬وي ني به جلك المجتمع المنظم بمفاحة ب ا ط مفه م‬
‫عام لل دال قا م على نظام ر اون منصف وينبني على ث ث مسا ل أ ا ي ‪: 261‬‬
‫‪ -‬هي مجتمييع يقبييل كييل واحييد فيييه‪ ،‬وي ييرف أن كيل واحييد خيير مثلييه يقبييل المفهي م السيا ييي‬
‫لل دال ( وبذلك يقبل مباد ال دال السيا ي جارهيا) ‪ .‬وهي اهمير اليذ رتضيمنه فميرة المفهي م‬
‫ال ام لل دال ؛‬
‫‪ -‬مييا رتضييمنه فمييرة التنظيييم ج المفيياحة ب ا ييط مفه ي م عييام لل دال ي ن نييي فمييرة أن البني ي‬
‫اه ا ي للمجتمع – أ مؤ ساره السيا ي واوجتماعي الر يسي واريق ررابطها في نظام‬
‫ر يياوني‪ -‬هييي فمييرة جات م رفيي عم مييي ‪ ،‬أو ي تقييد ب جهارهييا لتحقيييق مبيياد ال داليي رلييك؛‬
‫‪ -‬ما رتضمنه أيضا ً فمرة التنظيم ج المفاحة‪ ،‬فمرة أن للم اانين حسا ً ف اوً بال دال ‪ ،‬يممينهم‬
‫أن يفهم ا ويطبق ا مباد ال دال المفه م من ال م م‪ ،‬وال مل وفقيا ً ليذلك فيي م ظيم اهحييان‬
‫كما يتطلب وض هم في المجتمع بما يشتمل من واجبات والتزامات‪.‬‬

‫‪ 259‬ن رالدين عل ش‪ ،‬ح ار خاص مع اهكاديمي الدكت ر منير كش ‪ ،‬أ تاج في الفلسف السيا ي واهخ قيي الم اصيرة بقسيم‬
‫الفلسييف بجام ي ر ي نس ‪-‬كلي ي ال ل ي م اإلنسيياني واوجتماعي ي ‪ ،-‬م قييع دي ي ان ال يير ‪ . 2012 / 9 / 18 ،‬أنظ ير الييراب‬
‫التالي ‪https://www.diwanalarab.com/spip.php?article34307#.XLpd3ehKiM9 :‬‬

‫عبد المريم داود ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 487‬‬ ‫‪260‬‬

‫‪ 261‬ج ن رولز ‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪.97‬‬


‫‪154‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪ -‬ثانياا؛ فكرة البنية األساسية‪ :‬هي الفمرة التي رت ليق بطريقي ر ييين وضيب مم نيات البنيي‬
‫اه ا ي لمجتمع حسن التنظييم‪ .‬وهيي المم نيات المتجسيدة فيي مختليف المؤ سيات السيا يي‬
‫واوجتماعي الر يسي ‪.‬‬
‫وقد رم إدخال هذه الفمرة لصياا ورقيديم ال دالي كإنصياف كفميرة جات وحيدة م مي ‪ ،‬فهنياك‬
‫حاج إليها مع فمرة ال ضع اهصلي إلكمال اهفمار اهخرى ورنظيمها في كل واض ويممن‬
‫النظر إلى فمرة البني اه ا ي في ض ح جلك‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬رؤلف البني اه ا يي للمجتميع الطريقي التيي ريت حم بحسيبها المؤ سيات السيا يي‬
‫واوجتماعي الر يسي فتدخل في نظام ر اون اجتمياعي‪ ،‬واريقي ر يينهيا الحقي ق وال اجبيات‬
‫اه ا ي ‪ ،‬ورنظيمها لتقسيم الف ا د التي رنت" من الت اون اوجتماعي عبر الزمن‪.‬‬
‫ورشمل البني اه ا ي القان ن اه ا يي السيا يي جا القضياح المسيتقل‪ ،‬وصي راً مين الملميي‬
‫م ترفيا بهييا قان نييا ً‪ ،‬وبنيي اوقتصياد( باعتبارهييا‪ ،‬ميث ً‪ ،‬نظييام أ ي اق متنافسي وملميي خاصي‬
‫ل ييا ل اإلنتييا ) ‪ ،‬وأيض يا ً اه ييرة فييي ص ي ر ميين الص ي ر‪ ،‬فتم ي ن البني ي اه ا ييي اإلا يار‬
‫اوجتميياعي الخلفييي الييذ رجيير فييي داخلييه نشييااات الجم يييات واهفييراد والبني ي اه ا يي‬
‫ال ادل رؤمن ما يممن أن ندع ه ال دال الخلفي ‪.‬‬
‫إحيدى السيمات الر يسيي لل دالي كإنصياف‪ ،‬هيي اعتبارهيا البنيي اه ا يي الم ضي ع اهولييي‬
‫لل دال السيا ي ‪ .‬وهيي رف يل جليك جز ييا ً‪ ،‬هن ثيار البنيي اه ا يي عليى أهيداف المي اانين‪،‬‬
‫وام حارهم‪ ،‬وخلقهم‪ ،‬وكذلك على فرصيهم وقيدررهم عليى او يتفادة منهيا‪ ،‬هيي ثيار منتشيرة‬
‫وحاضرة منذ بداي الحياة‪ .‬لذا‪ ،‬فإن رركيزنا ه كلي على البني اه ا يي عليى أنهيا م ضي ع‬
‫ولميا كانيت‬ ‫ال دالي السيا يي واوجتماعيي ‪.‬‬
‫ال دال ي كإنصيياف ربييدأ بالحال ي الخاص ي للبني ي اه ا ييي ‪ ،‬ف يإن مباد هييا ريينظم هييذه البني ي ‪ ،‬وو‬
‫رنطبيييق مباشيييرة عليييى المؤ سيييات وو رييينظم مؤ سيييات المجتميييع وجم ياريييه مييين اليييداخل؛‬
‫فالشييركات ونقابييات ال مييال والمنييا س والجام ييات واه ييرة كلهييا مقيييدة بم انييع ناشييئ ميين‬
‫مباد ال دال ‪ ،‬اير أن هذه الم انع رنشيأ بطريقي ايير مباشيرة مين مؤ سيات خلفيي عادلي‬
‫ثالثةةاا؛‬ ‫ر جييد فييي داخلهييا الجم يييات والجماعييات‪ ،‬وبهييا يضييب ييل ك أعضييا ها‪.262‬‬
‫فكةةرة "الوضةةع األصةةلي" ‪ :‬أ الفمييرة المنظم ي للمجتمييع نظام يا ً منصييفا ً ميين الت يياون بييين‬
‫أشخاص أحرار ومتساوين‪ ،‬حيث ينشأ مباشرة ؤال يت ليق بميفيي ر ييين الشيروا المنصيف‬
‫للت اون‪.‬‬
‫ال دال كإنصاف رتبنى المنطيق القا يل بمي ن الشيروا المنصيف فيي الت ياون اوجتمياعي هيي‬
‫حاصل ارفاق بين أولئك المنخراين فيه‪ .‬وإن أحد أ با جلك‪ ،‬ه أن الم اانين‪ ،‬ا تناداً إلى‬
‫‪ 262‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪. 100-98‬‬
‫‪155‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫فرضي وج د ر دديي م ق لي و يتممني ن مين اورفياق عليى أ يلط أخ قيي وو يممينهم‬
‫اورفاق على نظام من القيم اهخ قي أو ما يأمر به قان ن ابي ي وفق ما يراه الب ض‪.‬‬
‫ووبد من إدخال هذا اورفاق‪ ،‬مثل ايره‪ ،‬فيي شيروا م يني ليمي ن ارفاقيا ً صيحيحا ً مين وجهي‬
‫نظر ال دال السيا ي ‪ .‬ويجب أن رضع هيذه الشيروا‪ ،‬بصي رة خاصي ‪ ،‬اهشيخاص اهحيرار‬
‫والمتسيياوين فيي وضييع منصييف‪ ،‬في رسييم لب ضييهم أن يتمتييع بامتيييا ات مسيياوم أفضييل‪.‬‬
‫وع وة على جلك‪ ،‬يجب إب اد كل رهديد بالق ة واإلكراه‪ ،‬والخدي والغو‪.263‬‬
‫‪ ،‬أن‬ ‫رايعاا؛ فكرة "حجاب الجهن" ‪ .Veil of Ignorance :‬وي نيي هيذا الت بيير المجيا‬
‫ال دال يجب أن رق م على قاعدة اوعتبارات ال ام و الفردي ‪.264‬‬
‫وفق هذا المنطلق القصد ‪ ،‬نجد أنه‪ ،‬في ال ضع اهصيلي‪ ،‬و يسيم لألايراف أن ي رفي ا‬
‫المراكز اوجتماعي لألشخاص الذين يمثلي نهم أو عقا يدهم الشيامل الخاصي ‪ .‬كميا أنهيم و‬
‫ي رف ن عنصر اهشخاص وجماعتهم اإلثني وجنسيهم‪ ،‬أو أ م اهيب ابي يي مختلفي مثيل‬
‫الق ة أو الذكاح‪ .‬وكل جلك ضمن المجال ال اد ‪.265‬‬
‫هيذه المسيأل رج يل مختليف الحيدود السيابق والمرربطي بالم ل ميات والم طييات جات ال قي‬
‫بال ضع اهصلي‪-‬ومن خ ل ر بير مجا محيض‪ -‬رؤكيد أن اهايراف ر جيد خليف حجيا‬
‫من الجهل‪.266‬‬
‫والمقصي د بهييذه الفمييرة عم م يا ً‪ ،‬أنييه لي قييام شييركاح – فييي وضييع افتراضييي‪-‬باختيييار مبيياد‬
‫لمؤ سات عادل في مجتم هم‪ ،‬و ي رف ن الفئ التي ينتم ن إليها(أثرياح أم فقيراح أم يتمت ي ن‬
‫بم اهب ابي ي أم بق ة يا ي )‪.267‬‬

‫‪ 263‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪. 107-105‬‬


‫عبد المريم داود‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 488‬‬ ‫‪264‬‬

‫‪ 265‬ج ن رولز ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 107‬‬


‫‪266‬‬
‫‪John Rawls , «Political Liberalism » ,)New York : Columbia University Press, 1993(, p. 25.‬‬
‫‪156‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ف أ اس لل دال السيا ي مع أشخاص يتمت ن بق ة رهديدي ( أو بق ة يا يي واق يي أو‬
‫بثييروة أو بم اهييب ابي يي )‪ .‬ويجييب أن و رييؤثر اومتيييا ات التاريخيي والتييأثيرات الطار ي‬
‫الحاصل في الماضي‪ ،‬في ارفاق على مباد مهمتها رنظيم البني اه ا ي ابتداح من الحاضير‬
‫إلى المستقبل‪.268‬‬

‫خامطا ا ‪ :‬رهانات النموذج التنموي‬


‫من المؤكد أن النم ج التنم ه ر بيير ملمي س‪ -‬مت يدد اهب ياد والتجلييات‪ -‬عين مؤشيرات‬
‫التح ل المرص دة على مست ى الظاهرة التنم يي وفيك ألغيا ميا يمتنيف حقيا ق رط رهيا مين‬
‫أحيانا ً‪.‬‬ ‫ام‬
‫ول ل أبر مضم ن للنم ج التنم ‪ ،‬وفق هذا التص ر القيمي الصرف‪ ،‬ه جلك الميررب‬
‫بج ي هر "التنظيييم اوجتميياعي"‪ ،‬الييذ يررمييز‪ ،‬باه يياس‪ ،‬علييى مق مييات او ييتقرار والسييلم‬
‫اوجتمياعي ورجياو كيل م يقيات الف يل التنمي ‪ .‬وجليك مين منظي ر أن أهيم عنصير فيي بنيياح‬
‫النم ج التنم المنشي د‪ ،‬يبقيى هي رنظييم اهفيراد وشيحذ ااقيارهم وإاي ق ال نيان إلرادرهيم‬
‫الخ ق ي ‪ ،‬بغي ي رحقيييق أهييداف المجتمييع واايارييه‪ ،‬ميين خ ي ل الت ييل المسييتمر بمييل مم نييات‬
‫"التنظيييم اوجتميياعي" المتييراص‪ .‬فمضييم ن التنمييي علييى ضيي ح جلييك‪ ،‬هيي الت بئيي المامليي‬
‫لم لم ارد المجتم ي وال مل على ا تغ لها او تغ ل اهفضل‪.269‬‬
‫بصف عام ‪ ،‬يممن الق ل أن النم ج التنم ‪ ،‬وكإاار م يار للرفع من القدرات التممينيي‬
‫للتنميي داخييل المجتم ييات المختلفي ‪ ،‬يحيياول متخييذ القييرار التنمي ميين خي ل الت ييل بييه‪،‬‬
‫رحقيييق جملي ميين الرهانييات‪ ،‬رييدور كلهييا فييي فلييك رحريييك دواليييب اشييتغال يييرورة التنميي ‪،‬‬
‫وج لها رنمي "را دة"‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ر ايد الدعامات الحقيقي لدول اإلنتا أو دول الحمام ‪.‬‬

‫‪-1‬من ولة الريع إلى ولة اإلنتاج‬

‫‪ 267‬عبد المريم داود‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 488‬‬

‫‪ 268‬ج ن رولز ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ‪. 108‬‬


‫‪269‬‬
‫‪Frederick H. Harbison , « Human Resources as the Wealth of Nations » , Economic‬‬
‫‪Development Series ) New York : Oxford University Press,1973 ( .‬‬
‫‪157‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ميين الصي ب فهييم حييال اوقتصيياد‪ ،‬السيا ي ‪ ،‬أو التنميي بشييمل عييام فييي ب ييض الييدول ‪-‬أ ا يا ً‬
‫الدول ال ربي –‪ ،‬من دون فهم الريع والدور الذ يق م به في كل منها‪.‬‬
‫الت رييف التقلييد للدولي الري يي ‪ ،Rentier State‬هي أنهيا "الدولي التيي ر تميد فيي جيزح‬
‫ر يس من إيرادارها على النف والمصادر الطبي ي اهخرى"‪.‬‬
‫ظهيرت نظريي الدولي الري يي فيي بدايي السييب ينيات مين القييرن الماضييي‪ .‬وي ييد اوقتصيياد‬
‫اإليرانييي‪ ،‬حسيين مهييدو ‪ ،Hussein Mahdavy‬واضييع أ ييس هييذه النظري ي ميين خ ي ل‬
‫م حظته للمفارق المهيمن على إيران ما قبل الث رة‪ ،‬والمتمثل في ضي ف النمي اوقتصياد‬
‫–ومؤشرات التنمي بشمل عام‪ -‬في بلد جد اني بالثروة النفطي ‪ .‬في هيذا الشيأن‪ ،‬أريى ر رييف‬
‫مهدو للدول الري ي ‪ ،‬بم نها رلك" الدولي التيي رسيتمد‪ ،‬وبشيمل منيتظم ودا يم‪ ،‬كمييات ها لي‬
‫من الريع الخيارجي‪ ،‬والمدف عي أصي ً مين قبيل أشيخاص‪ ،‬هيئيات أو حم ميات هشيخاص‪،‬‬
‫هيئات وحم مات دول م ين "‪.270‬‬
‫وا دادت أهمي مفه م "دول الريع" في الثمانينيات من القرن المنصرم‪ ،‬بإضافات مهمي مين‬
‫مفمييرين همييا حييا م البييب و ‪ Hazem Beblawi‬وجييياك م ي ل شييياني ‪Giacomo‬‬
‫‪ ،–Luciani‬اللذان در ا أثر اإلثراح الها ل والمفاجئ للدول ال ربي النفطي فيي السيب ينيات‬
‫مين القيرن الماضيي وو ي ا مفهي م "الرييع" ورداعياريه اوقتصيادي والسيا يي واوجتماعيي ‪.-‬‬
‫فحييا م بييب و ‪ ،‬يييرى أن الريييع يتصييدر اوقتصيياد ودخييل الدول ي ومصييدره ه ي اإليييرادات‬
‫الخارجي ‪ ،‬من قبيل النف والمساعدات الخارجي ‪ .‬أما ل شياني‪ ،‬فيرى أن الدول الري ي ‪ ،‬هي‬
‫الدول التي يشمل فيها الدخل الري ي نسب و رقل عن ‪ 40‬في المئ من مجمي ع دخيل الدولي ‪،‬‬
‫مع ضرورة أن يشمل إنفاق الدول أيضا ً جزحاً مهما ً من النار" المحلي اإلجميالي‪ .‬كميا أن مين‬
‫مصادر هذا الريع هناك رح ي ت ال مال المهاجرة‪.271‬‬
‫همذا‪" ،‬فدول الريع"‪ ،‬ه ر صيف لل قات القا م بين المجتمع والدول ‪ ،‬والتي رستقي جزحاً‬
‫كبييراً مين دخلهيا مين مصيادر خارجيي ‪ ،‬وعليى شيمل رييع نيار" أ ا يا ً مين رصيدير الينف ‪.272‬‬

‫‪270‬‬
‫‪Hussein Mahdavy ,«The Patterns and Problems of Economic Development in Rentier‬‬
‫‪States :The Case of Iran » , Paper Presented at: M.A. Cook ) ed . ( , Studies in Economic‬‬
‫‪History of Middle East : From the Rise of Islam to the Present Day ) London ;New York :‬‬
‫‪Oxford U.P. ,1970 (,p .428.‬‬

‫‪ 271‬عمر الر ا ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 168‬‬


‫‪ 272‬هير حامد ‪ "،‬نح منظ م ااق أكثر ا تدام لدول مجلس الت اون الخليجي "‪ ،‬ضمن " النم اوقتصاد‬
‫والتنمي المستدام في الدول ال ربي ‪ :‬اهب اد اوقتصادي "‪ ،‬مرجع ابق ‪ ،‬ص‪. 336‬‬
‫‪158‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫باإلضياف إليى مصيادر أخيرى‪ ،‬كاإلعانيات الخارجيي والتحي ي ت الماليي للمهياجرين؛ فدولي‬
‫الريع‪ ،‬عبر جلك‪ ،‬دول "ارمالي " محبط ل زيم اإلنتا والنم اوقتصاديين ‪ .‬وهي ميا رتجليى‬
‫أبر رمظهراره في ا ثار السلبي الناجم عن إواليات اشتغال الدول الري ي ‪ ،‬حييث أدت هيذه‬
‫اهخيييرة دوراً يفيياقم حييدة الييدورات ص ي داً وهب ا يا ً ‪ Pro-cyclical‬بييدوً ميين الحييد منهييا‬
‫واحت ا هييا ‪ ،Counter-cyclical‬فقامييت بالت ييع فييي اإلنفيياق واو ييتثمار والت ظيييف فيييي‬
‫القطاع ال ام في ن ات اونت اش وضب اإلنفاق في ن ات الرك د‪ ،‬مما ريرك ثياراً ميدمرة‬
‫في او تقرار اوقتصاد وا تدام التنمي والتشغيل‪.273‬‬
‫ومما و شك فيه‪ ،‬أنه ورام اررباا الريع عم ما ً بالبنيات اوقتصادي ‪ ،‬فيممن التأكيد ميع جليك‪،‬‬
‫أنه نم ما فتيئ يميس يا ر مجياوت ريدبير الشيأن التنمي ‪ .‬وهي الينم اليذ ليم ي يد ظياهرة‬
‫ف قيي متمثلي فييي نظييام‪ ،‬وإنمييا رح ي ل إلييى منظ م ي ع قييات وحي افز رط ي رت ورشي بت فييي‬
‫اوقتصياد والمجتميع‪ ،‬وان مسيت فيي الممار يات وال قي ل والثقافي واهخي ق‪ .‬ومين هنيا رييأري‬
‫ص ب التح ل‪ ،274‬أ ص ب التح ل من نظام "ري ي" رحصيصي ‪ /‬با ني(دول الريع)‬
‫إليى نظيام إنتياجي إنميا ي‪ /‬رنافسيي(دول اإلنتيا ) ‪ .‬كميا ريأري كيذلك صي ب الحيديث عيين أ‬
‫مؤشر من مؤشرات الديمقرااي في ظل يادة النظام الري يي‪ ،‬إج أن قضيي الدولي الري يي‬
‫رطييرح فييي عمقهييا مسيأل "النخبي " الحاكمي فيهييا‪ .‬وهييي نخبي و يمميين النظيير إليهييا ب صييفها‬
‫راف اجتماعي للديمقرااي ‪ .‬هيذا اهمير‪ ،‬يطيرح إشيمالي رت ليق بميدى قيدرة هيذا الشيمل مين‬
‫الدول‪ ،‬وهذا الن ع مين" النخبي " الحاكمي فيي بنياح الديمقراايي ‪ ،‬وبخاصي أن ميا يحيرك هيذه‬
‫النخب ‪ ،‬ويشمل ل كها السيا ي‪ ،‬ه الراب الجامح ل مساك والسييطرة واو يتح اج عليى‬
‫الريع‪ ،‬بما يضمن إدام ليات إعادة إنتا الهيمن والسيطرة والنف ج‪ .‬وبهذا الم نى‪ ،‬فإن الدول‬
‫الري ي ي ‪ ،‬وكمييا رشييير التجرب ي الملم ي ‪ ،‬إنمييا رلييد او ييتبداد والتسييل ‪ ،‬بسييبب ابي ي بنيتهييا‬
‫والق ى التي رستند إليها‪.275‬‬
‫ومميييا يج يييل هيييذا الييينم "اورميييالي" مييين اليييدول‪ ،‬يتصيييف بسيييمات ميييا ي يييرف "اونيييدحار‬
‫الديمقرااي"‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬رأثيره البين على إنتاجي السيرورة التنم ي ‪ ،‬نجد ر اجد نظام شيبمي‪،‬‬
‫ع قي‪ ،‬ربادلي وم ع ل متيا ات‪ ،‬حييث يترريب عليى قييام الدولي الري يي نشي ح شيبم مين‬
‫ع قات الت يع وإعادة ر ييع المزاييا‪ ،‬بحييث ينيتظم المجتميع عليى شيمل هيرم مين الشيرا‬
‫الري ي المتتاب التي رحصل على مزايا خاص ‪ ،‬نتيج ل ض ها المتميز في هذا الهرم‪.‬‬

‫‪ 273‬عمر الر ا ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 212‬‬


‫‪ 274‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪. 173‬‬
‫‪ 275‬صال يا ر ‪ "،‬النظام الري ي وبناح الديمقرااي ‪ :‬الثنا ي المستحيل ( حال ال راق) "‪( ،‬بغداد ‪ :‬مؤ س فريدريو‬
‫إيبرت ‪ ، )2013،‬ص‪.2‬‬
‫‪159‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الري ي ‪.276‬‬ ‫وبدورها رق م هذه النخب‪ ،‬بإعادة ر يع جزح منه في حلقات رالي من الشرا‬
‫وإجا كييان بإمماننييا وصييف دولي الريييع‪ ،‬بأنهييا الدولي التنم يي بييالق ة‪ ،‬فيإن دولي اإلنتييا ‪ ،‬فيي‬
‫المقابل‪ ،‬هي الدول التنم ي بالف ل‪.‬‬
‫رستلزم يرورة التح ل من دول الريع إلى دول اإلنتا او ترشاد باهب اد المتمامل للمقارب‬
‫القيمي ‪ . Normative‬وجلك ما ربر رجلياره الم ياري ‪ ،‬فيي اهخيذ ب قيد اجتمياعي جدييد بيين‬
‫الحاكم والمحم م‪ ،‬في إاار دول مدني مستدام ‪ ،‬م ظف لطاقات م اانيها‪ ،‬ضامن لحق قهم‬
‫وحريارهم‪.‬‬
‫ويتطلييب التحي ل الحقيقييي والمسييتدام نحي دولي اإلنتييا يييطرة المجتمييع‪ ،‬ميين خي ل ممثليييه‬
‫المنتخبين‪ ،‬على الريع الذ مثل راريخيا ً مصدر الق ة للسلط المستبدة‪ .‬ويشمل جليك السييطرة‬
‫على مصادر الريع‪ ،‬و يبل إنفاقيه فيي رطي ير اوقتصياد المنيت" والمشيغل للمي اانين‪ ،‬ورحدييد‬
‫المسيييتفيدين منيييه ضيييمن مفهييي م "ال دالييي اوجتماعيييي "‪ ،‬وإخضييياعه إليييى رقابييي حثيثييي ايييير‬
‫مسب ق ‪.277‬‬
‫كمييا أن علييى الدولي المنتجي أن رسي ى حثيثيا ً لنمي اوقتصيياد المحلييي‪ .‬ويتييأرى جلييك بييانخراا‬
‫المجتمييع كلييه فييي عملي ي اإلنتييا التييي بييدورها رييدر دخ ي ً محلي يا ً يمميين الدول ي ميين فيير‬
‫الضييريب وإنفيياق ع ا ييدها علييى مؤ سييات إدارة الدول ي والييدفاع والخييدمات ال ام ي وإعييادة‬
‫ر يع الدخل بين اهفراد‪.278‬‬
‫يادة على ما بق‪ ،‬يممن رحديد ركا ز أخرى لقيام دول اإلنتا ‪ ،‬ومنها أ ا ا ً ‪:‬‬
‫‪ -‬رن يع اوقتصاديات وا تقطا او تثمارات ؛‬
‫‪ -‬رجديد اإلممانات والم ارد والحرص على ررشيدها با تمرار؛‬
‫‪ -‬الت يع الم قلن لألدوار التنم ي بين الدول والقطاع الخاص؛‬
‫‪ -‬رحقيق مست يات متقدم في إ داح الخدمات المجتم ي ؛‬
‫‪ -‬الرفع من وريرة إنجا البنيات التحتي والداعم لمسارات النم ؛‬
‫‪ -‬رط ير اوقتصاد اإلنتاجي وإضفاح الجاجبي على التنافس اوقتصاد ؛‬

‫‪ 276‬حا م البب و ‪ "،‬الدول الري ي في ال ان ال ربي"‪ ،‬مجل المستقبل ال ربي‪ ،‬ال دد ‪ ، 103‬شتنبر ‪ ، 1987‬ص‪.70‬‬
‫‪ 277‬عمر الر ا ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 168‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.172‬‬ ‫‪278‬‬
‫‪160‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪ -‬رج يد المهارات والمفايات التدبيري وخلق منظ م ردبير مندمج ومتراص ؛‬
‫‪ -‬إر اح المزيد من رمظهرات الشفافي وكب ف الفساد‪ ،‬باعتبارها من أبر ع ا ق التنمي ؛‬
‫‪ -‬وضع اإلاار المؤ ساري الم م بخص ص منظ م الرقاب واإلشراف‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬فاونتقال من دول ري ي إلى دولي إنتاجيي ‪ ،‬ي تبير مين اههيداف او تشيرافي المبيرى‬
‫منش د‪ .‬وهي اهمير‪ ،‬اليذ يسيتدعي مين هيذا النمي ج ‪،‬‬ ‫التي يرن رحقيقها أ نم ج رنم‬
‫التفمييير او ييتراريجي فييي صييياا عقييد اجتميياعي جديييد‪ ،‬قييا م علييى ال ديييد ميين مق مييات ف يل‬
‫التدبير "المح كم"‪ ،‬وعلى رأ ها ‪ :‬ر زيز دعامات الم اان الحق ‪ ،‬ري فير مسيتلزمات ال ييو‬
‫المييريم‪ ،‬الت يييع المنصييف وال ييادل للخيييرات والثييروات‪ ،‬ر يييع نطيياق الحقي ق والحريييات‪،‬‬
‫دمقرا السلط والمجتمع‪ ،‬اإلدارة الشفاف للم ارد واإلممانات‪ ،‬خلق منظ م مت ا ن لتمافؤ‬
‫الفييرص (كمييييا ً وكيفيييا ً )‪ ،‬رضيييييق الفجيي ات المجاليييي أو إر يياح ال دالييي المجالييي ‪ ،‬اوررقييياح‬
‫التدريجي بالتمن ل جيات ال اعدة‪...‬‬

‫‪ -2‬من تنمية "معاقة" إلى تنمية "رائدة"‬


‫وبد من اوعتراف أنه في السياق ال ربي‪ ،‬لم يتسين رحقييق " النمي ج التنمي المنيت"" اليذ‬
‫يق ي م علييى حري ي الحرك ي لألفييراد واهم ي ال ورشييجيع المبييادرة الفردي ي علييى إا ي ق ال ن يان‬
‫إلبداعها في مجال التبادل بما يحقق اونت اش اوقتصاد واوجتماعي‪ .‬وجلك‪ ،‬لغيا ال نصر‬
‫اليير يس‪ ،‬المتمثييل بالرقابي السييليم وشييفافي الت امييل واولتييزام بالق اعييد القان نيي التييي رحفييظ‬
‫كرام اإلنسان و دميته‪ ،‬مين خي ل أول يي رفيع مسيت ى الم يشي للنياس وري فير حيياة كريمي‬
‫لهم‪ ،‬باعتبارها هدفا ً ر يسا ً‪.‬‬
‫فييي ال قييت نفسييه‪ ،‬لييم يتسيين بنيياح نم ي ج الدول ي التييي ر ي فر اوحتياجييات اه ا ييي لم اانيهييا‬
‫من ‪ :‬مأكل ومليبس ور لييم ورعايي صيحي ‪ ،...‬بالمسيت ى ال يق والضيرور ‪ .‬كميا ليم رحفيظ‬
‫الدول يادرها ال اني من التدخل الخيارجي‪ ،‬فصيارت مشياعا ً للتب يي اوقتصيادي والسيا يي‬
‫بامتيا ‪.279‬‬
‫هنا‪ ،‬رت لد ب ض مؤشرات نم ج التنمي "الم اق "‪ .‬وهي المؤشرات التيي رتجليى عليى شيمل‬
‫قي د رمب الممار الجيدة للحمام او تراريجي ‪ ،‬ومن أبر ها‪: 280‬‬

‫والتنمي‬ ‫‪279‬ثناح فؤاد عبد هللا ‪ "،‬ح ل النم اوقتصاد و يا التنمي في ال ان ال ربي"‪ ،‬ضمن " النم اوقتصاد‬
‫المستدام في الدول ال ربي ‪ :‬اهب اد اوقتصادي "‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 401‬‬
‫‪ 280‬محمد حركات ‪" ،‬مظاهر ورهانات حمام الدول في البلدان ال ربي "‪ ،‬ضمن " مفارقات حمام الدول في البلدان‬
‫ال ربي " ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 54‬‬
‫‪161‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪ -‬ايا رؤي ا تراريجي ومشترك للتنمي اوقتصادي واوجتماعي ( خلل في الهياكل‪ ،‬ايا‬
‫التصنيع‪ ،‬ان دام رلقا ي القطاعات‪ ،...‬واير جلك ) ؛‬
‫‪ -‬الهشاش اوقتصادي واوجتماعي وهيمن ثقاف الريع؛‬
‫ح ر يع الثروة؛‬ ‫‪ -‬رفاورات اجتماعي ناجم عن‬
‫‪ -‬عدم وج د ابق و طى ق ي ؛‬
‫‪ -‬اوفتقييار إلييى ثقافييي لتقييييم السيا يييات ال م مييي وضييي ف نظييام المسييياحل ورقييديم الحسيييا‬
‫والشفافي ‪ ،‬وكذا نظام للمراقب الداخلي للمالي ال ام ‪.‬‬
‫انط قا ً من هذه المؤشرات وايرها‪ ،‬وبنياح عليى رحلييل ميا يبق فيي السيياق ال ربيي‪ ،‬يممننيا‬
‫رحديد مع ثناح فؤاد عبد هللا‪ -‬في إاار وضع اهصبع على الداح ‪ -‬أهم م الم "النم ج التنم‬
‫ال ربي" الذ رحقق على أ ر ال اقع على بيل "التشيخيص" للمير التنمي فيي الحالي‬
‫ال ربي ‪ ،‬ومن جلك ‪ :‬ردني نسب رشغيل الم ارد‪ ،‬و ح إدارة الخط التنم ي ‪ ،‬ور ار الميم‬
‫الها يييل مييين اهمييي ال (النفطيييي وايرهيييا) ميييع رطييي ر القييي ى اإلنتاجيييي واخيييت ل السيا يييات‬
‫اوقتصييادي واوجتماعييي ‪ ،‬و يي ح ر يييع الثييروات‪ ،‬ور ثيير التنمييي الصييناعي والزراعييي ‪،‬‬
‫وضلل المحصل اإلنتاجي ‪ ،‬والمبالغ في رم يل او ته ك الترفي وشراح المماليات ورشيجيع‬
‫الحيياة المسييتفزة( لييدى القلي )‪ ،‬وا ييتنزاف المي ارد الطبي يي ‪ ،‬واللجي ح إلييى القييرو إلشييباع‬
‫حاجييات أ ا ييي ‪ ،‬و يييطرة نخب ي صييغيرة علييى الثييروة والسييلط ‪ ،‬ورشييابك المصييال بييين‬
‫السيا يييين والبيروقييراايين‪ ،‬ور ي لي مسييؤولين حم ي ميين بيييع أم ي ك الدول ي والتييرب منهييا‪،‬‬
‫وشي ع حال ا يتغ ل السيلط للمنف ي ومنطيق الصيفق ‪ ،‬وانتشيار نشياا الشيركات اهجنبيي‬
‫ووكاوت ال م وت والسمسرة‪ ،‬وضياع الف ا ض المالي والهيمني الغربيي عليى منيابع الينف‬
‫ال ربييي‪ ،‬وض ي ف دور الدول ي فييي الت جيييه اوقتصيياد وإدارة عمليييات التنمي ي واو ييتثمار‬
‫ور جيه الخدمات للم اانين‪ ،‬واوفتقار إلى بناح قاعدة إنتاجي على أ اس م رفي‪ ،‬وا تسهال‬
‫جلب الخبرة اهجنبي بدوً من ال مل على إنتاجها ور ظيفها في النشاا اوقتصاد ‪ ،‬وعدم بناح‬
‫أ ييس المجتمييع الم رفييي‪ ،‬وضيي ف الطلييب ال ييام علييى الم رفيي ‪ ،‬وض ي ف مجيياوت البحييث‬
‫ال لميي‪ ،‬وخضي ع المؤ سيات البحثيي للت جهييات السيا يي ‪ ،‬وانخفيا اإلنفياق عليى الت ليييم‬
‫ال الي‪ ،‬ما أدى إلى قتل الم اهب وانسداد أفق اإلبداع‪ ،‬وا تمرار أمي النساح واهافال‪ ،‬وفيي‬
‫ال م م‪ ،‬ا تشرت قيم المنف ‪ ،‬ورقديم الخير الخاص على الخير ال ام‪ ،‬واابت فضيل النزاه‬
‫والمسؤولي اوجتماعي ‪ ،‬وشاع القمع والتهميو اوقتصياد والسيا يي واوجتمياعي‪ ،‬واابيت‬
‫ال دال ي ‪ ،‬وشيياعت حيياوت اوكتئييا وهيياجرت اهدمغ ي ال ربي ي إلييى الخييار ‪ .281‬التجليييات‬
‫السييابق للنمي ج التنمي "الم يياق"‪ ،‬رفتيير ميين متخييذ القييرارات التنم يي ‪ ،‬البحييث عيين‬
‫‪281‬ثناح فؤاد عبد هللا ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪.402– 401‬‬
‫‪162‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ارا ق جديدة ومبتمرة إلقام أ س صلب لنم ج رنم را د‪ .‬وه الرهيان اليذ لين يمتميل‬
‫بنيانه‪ ،‬إو بالتبني الناجع ليات الف ل "المح كم"‪ ،‬والمتسم بجملي مين الخصيا ص اإليجابيي ‪،‬‬
‫من قبيل ‪:‬‬
‫م اكبييي التغييييرات التنم يييي الطار ييي عليييى المسيييت ى ال يييالمي‪ ،‬واهخيييذ عليييى هيييذا الصييي يد‬
‫بالممار ات التنم ي الفضلى؛‬
‫‪ -‬الت ييل المت اصييل بالتحسييينات الها ليي المرربطيي بالتمن ل جيييات الحديثيي ‪ ،‬وعلييى رأ ييها‬
‫رمن ل جيا الم ل مات؛‬
‫‪ -‬التفميييير فيييي إر ييياح م يييالم "رنميييي متجيييددة" رييينهض بشيييؤون البليييد ‪ :‬اقتصيييادياً‪ ،‬اجتماعييييا ً‬
‫و يا يا ً‪ ...‬وجلك عبر ر ظيف ملمات الفمر الخ ق والمبدع؛‬
‫‪ -‬الم الج ي الف لي ي والف ال ي للمشيياكل المرربط ي بم ضييل الفقيير‪ ،‬ومييا يت لييق بهييا ميين رهميييو‬
‫اجتماعي وايا كل أشمال الحماي اوجتماعيي ‪ .‬وهي ميا يممنيه أن يتحقيق بتجسيير الفجي ات‬
‫القا م بين اهانياح والفقراح؛‬
‫‪ -‬التنشييي المسييتمر لديناميي منظمييات المجتمييع المييدني والييدفع المييفح نحي مسييارات التنميي‬
‫التشاركي أو التنمي بالمشارك ؛‬
‫والهيملييي لفييرص‬ ‫‪ -‬ضييب اا يي التمامييل اوقتصيياد القطيياعي والمجييالي والت يييع البنيي‬
‫اوررقاح التنم ‪.‬‬
‫همذا‪ ،‬فإن التأ ييس للحمامي التنم يي ‪ ،‬بتجليارهيا المت يددة‪ -‬الف يل التنمي "المحي كم"‪ ،-‬مين‬
‫شأنه ر ايد أركان دول إنتا ق يي ‪ ،‬ضيامن لفيرص او يتفادة المنصيف وال ادلي ‪ ،‬مين ع ا يد‬
‫ون ار" التنمي "الرا دة" المسيتدام ‪ .‬وهي التأ ييس‪ ،‬اليذ بإممانيه‪ ،‬أيضياً‪ ،‬التقلييص الملحي ظ‬
‫ميين ا ثييار ال خيم ي ‪ -‬التييداعيات السييلبي ‪ -‬لمييا قييد ييينجم عيين رطبيييق إواليييات نم ي ج التنمي ي‬
‫"الم اق "‪.‬‬

‫‪-3‬التمكين ‪ :‬من" واعي" إلةى "عوائةد" التنميةة‬


‫يتجلى التممين من أدوات واايات الف ل التنم ‪ ،‬في رق ي ورف يل المق مات اه ا ي لدولي‬
‫"الرييادة"‪ ،‬والحييرص عليى او ييتثمار اإليجيابي فييي المي ارد وفيي البنيييات التحتيي ودعييم قيييم‬
‫المنافس على جميع اهصي دة‪ ،‬ا يتناداً إليى مبياد او يتحقاق والمفياحة واإلنجيا ال يالي‪. 282‬‬
‫والتممييين الحقيقييي للف ييل التنم ي كسيييرورة متحرك ي يتطلييب فييي كنهييه قيييام الدول ي الق ي ي ‪.‬‬
‫ورتجسد م الم ق ة الدول في إر اح ن ع من رف قهيا الم ييار عليى بياقي مم نيات الجماعيات‬

‫‪ 282‬محمد حركات ‪ "،‬اوقتصاد السيا ي وجدلي الثروة والفقر "‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 126‬‬
‫‪163‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫اوجتماعي اهخرى؛ وبت بير أدق – من وجه نظر رييس جنمييز ‪ -Rhys Jenkins‬ضيمان‬
‫أ س "او تق لي النسبي للدول "‪ ،‬أ إبرا مؤشيرات حا يم عليى مسيت ى قي ة الدولي فيي‬
‫نه" يا ات رت خى في ج هرها رحقيق مصلح اوقتصياد‪ ،‬وفيق التصي رات ال امي للقطياع‬
‫الخاص كمل‪ ،‬حتى وإن كانت رت ار مع مصال ب ض الفئيات المشيتغل فيي هيذا القطياع‪.‬‬
‫ورتسييم هييذه القييدرة علييى او ييتق لي التييي رمتلمهييا الدولي "النسييبي "‪ ،‬بحمييم أنهييا و يممنهييا‬
‫إا قيا ً – وفيي يياق براامياري خيالص‪ ،-‬أن رتبنيى قيرارات قيد رنياقض فيي عمقهيا المصييال‬
‫الط يل اهمد الخاص بالمجم ع اوجتماعي المسيطرة في كليتها‪.283‬‬
‫رييأري التنمي ي البشييري المسييتدام مشييمل ميين ر ليف ي بييين ر ي جهين ‪ :‬التنمي ي البشييري والتنمي ي‬
‫المسيييتدام ‪ ،‬أ لقييياح بيييين ب يييد إنسييياني و خييير عق نيييي؛ اهول نب يييه عدالييي ر ييييع المنيييافع‬
‫واو تفادة منها‪ ،‬والثاني قاعدره رأكيد ضرورة النم واو تدام ‪ .‬ب بيارة أخيرى‪ ،‬هي الت بيير‬
‫عن ثنا ي رجمع بين قدرات البشر عن ارييق او يتثمار فيي النياس ورأكييد او يتخدام الماميل‬
‫لهذه القدرات من خ ل إايار التمميين‪ .‬فركييزة التنميي البشيري رنطليق مين التشيديد‪ ،‬عليى أن‬
‫البشر هم الثروة الحقيقي لألمم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬وبد من أن يم ن ا "محي ر التنميي واايتهيا"‪ .‬وهيذا‬
‫ه الذ يحدد وظيف التنمي ‪ ،‬في أنها "عملي رستهدف ر يع خيارات الناس"‪.284‬‬
‫وبذلك‪ ،‬ي ني التممين‪ ،‬ك نصر من ال ناصر التي يق م عليها نهي" التنميي البشيري المسيتدام ‪-‬‬
‫حسب رحديد رقرير التنمي البشري ال المي ل ام ‪ - 1995‬النظر إلى التنمي باعتبارهيا عمليي‬
‫من اإلنسان‪ ،‬وعبر اإلنسان‪ ،‬ومن أجل اإلنسان‪ .‬فالتنمي ‪ ،‬عم ميا ً‪ ،‬ريتم بالنياس ولييس فقي مين‬
‫أجلهم‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف لييهم أن يشيارك ا بشيمل ريام فيي القيرارات واإلجيراحات التيي رميس حييارهم‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫‪Rhys Jenkins, «The Pilitical Economy of Industrialization :A Comparison of Latin‬‬
‫‪American and East Asian Newly Industrializing Countries » , Development and‬‬
‫‪Change,vol.22,no.2 ) April 1991 (, p.202.‬‬

‫‪ 284‬راضي أ مهان خزا ‪ "،‬دور يا ات اإلص ح اوقتصاد في الدول النامي في رحقيق التنمي البشري المستدام "‬
‫درا حال الجزا ر خ ل الفترة( ‪( ، " )2012- 2001‬مذكرة مقدم ضمن متطلبات نيل شهادة الماجيستر ‪ ،‬كلي ال ل م‬
‫طيف ‪ ، 1‬السن الجام ي ‪ ، )2012- 2011‬ص‪.48‬‬ ‫اوقتصادي والتجاري وعل م التسيير‪ ،‬جام‬
‫‪164‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫وربر هنا‪ ،‬بشمل خاص‪ ،‬أهمي منظمات المجتمع المدني وإمماني المحا يب ور يديل المسيار‬
‫عند الضرورة؛ فالناس في التنمي ليس ا مجرد متلق لبي‪ ،‬بل عامل فاعل في رشميلها‪.285‬‬
‫ويممن أن نميز بين نمطيين مين التمميين ‪ :‬التمميين مين دواعيي‪-‬أ يبا ‪ -‬التنميي والتمميين مين‬
‫ع ا د‪-‬ن ار"‪ -‬التنمي ‪.‬‬
‫التمكين من واعةي التنميةة ‪ :‬وهي ميا يتجليى فيي التمميين مين أ يبا التنميي ‪ ،‬وعليى رأ يها‬
‫القدرات( الفرص والخيارات)‪ .‬فمن من المررمزات اه ا ي للتنمي البشري المستدام ‪ ،‬نجيد‬
‫التممين‪ ،‬والذ ي تمد‪ ،‬أ ا اً‪ ،‬على ر ييع قيدرات النياس‪ ،‬داف يا ً إليى ر زييز خييارارهم‪ .‬وهيذا‬
‫بدوره‪ ،‬يأري داعما ً ونفتاح فاق حريتهم‪ .‬ولمن هذا يبقى مره نا ً بمست ى القدرات‪ ،‬حتى رأري‬
‫ال قي ارديي فيي كييل اورجياهين‪ .‬ميين ناحيي ثانيي ‪ ،‬فيإن فاعليي التمميين‪ ،‬رت يياظم ميع درجي‬
‫المسيياهم فييي ارخيياج القييرارات‪ ،‬التييي ميين ش يأنها أن رح ي ل اهفييراد ميين مجييرد منتف ييين إلييى‬
‫مشياركين فيي عمليي خليق و يييادة قيدرارهم‪ .286‬وهيذا الينم ميين التمميين يحيرص عليى الييدفع‬
‫اإليجابي بمساهمات كيل الفئيات المجتم يي فيي السييرورة التنم يي (الشيبا والميرأة أ ا ياً)‪.‬‬
‫فبخص ص الشبا ‪ ،‬هناك ثنا ي رتحمم في رممين هذه الفئ الحي ي والنابض في المجتم ات‪،‬‬
‫وهي ثنا ي ر زيز القدرات ور يع الفرص؛ ف مليا ً يست جب رمميين الشيبا إدخيال رغييرات‬
‫جذري في البيئ السيا ي واوقتصادي واوجتماعيي التيي رتسيبب فيي إقصيا هم‪ .‬وينبغيي لتليك‬
‫التغيرات أ ن ر يع فيرص مشيارك الشيبا وانخيرااهم فيي المجيال السيا يي الر يمي‪ ،‬وأن‬
‫رنش اقتصاداً كليا ً قادراً على إنتا فرص ال مل ال ق للشبا ور زييز قيدرارهم عليى رييادة‬
‫اهعمييال‪ ،‬وأن ير ييخ فييي المنظ ميي اوجتماعييي أ ييس ال داليي والمسيياواة ورمييافؤ الفييرص‬
‫ويتصدى لمل الممار ات التمييزي عليى أ ياس اله يي أو ال قييدة أو الني ع اوجتمياعي‪.287‬‬
‫أما بخص ص رممين المرأة‪ ،‬فيبر في ك نه رلك ال ملي التي رصب المرأة من خ لها‪ ،‬فرديا ً‬
‫وجماعياً‪ ،‬واعي بالطريق التي رؤثر من خ لها ع مات الق ة في حيارها فتمسب الثق بالنفس‬
‫والقيدرة علييى التصييد ل ييدم المسياواة بينهييا وبييين الرجييل‪ .‬ورتجليى عمليي التممييين هارييه‪ ،‬ميين‬
‫خ ل برام" وا تراريجيات ربني ورزيد مين قيدرات الميرأة‪ ،‬ومين الفيرص المتاحي لهيا‪ ،‬ومين‬
‫فهمها لما لها من حق ق إنساني ‪ .‬كما ر طي هذه ال ملي أول ي للمبادرات التي رس ى إلى خلق‬
‫ظروف رج ل المرأة مسؤول عين رنميي نفسيها وعين رمميين نفسيها وعين حق قهيا‪ .‬كميا رركيز‬

‫‪ 285‬فتيح ب حرود‪ ،‬عمر بن ديرة‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.647‬‬


‫‪ 286‬با ل البستاني‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص‪. 66‬‬

‫‪ 287‬ص في دوكاين ‪ ،‬ضمن " رقرير التنمي اإلنساني ال ربي لل ام ‪ : 2016‬الشبا و فاق التنمي اإلنساني في واقع متغير‬
‫" برنام" اهمم المتحدة اإلنما ي –الممتب اإلقليمي للدول ال ربي ‪ -‬ص ‪ .7‬أنظر ‪:‬‬
‫‪https://www.undp.org/content/dam/rbas/report/AHDR%20Reports/AHDR%202016/AHDR%‬‬
‫‪202016%20AR/AHDR%202016%20Exec%20Summary%20(Ara)%20-%20FINAL%20-‬‬
‫‪%20Oct%2022.pdf‬‬
‫‪165‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫عملي التممين على قدرة التغيير المافي في مبادرات التنمي ورسلي الض ح على الطرق التي‬
‫رستطيع المرأة من خ لها أن رخلق بنفسها بمساح جديدة لل مل والتحرك‪.288‬‬
‫التمكين من عوائد التنميةة ‪ :‬وهي ميا يتمثيل فيي التمميين مين ني ار" التنميي ‪ ،‬مين قبييل المنيافع‬
‫(الثروات والخيرات)‪ .‬إن الخير اوقتصاد (كجزح مين الخيير التنمي ) و يصيب خييراً إو‬
‫إجا كان ناف ا ً‪ ،‬ي ني يؤد ا يت ماله إليى او يتجاب إليى رابي م يني ‪ .289‬هنيا‪ ،‬يممننيا الحيديث‬
‫عيين "المنف ي التنم يي " كنتييا اييا ي لمييدى قييدرة المييدخ ت التنم يي علييى إشييباع الحاجييات‬
‫اإلنساني المتن ع ؛ فيبر بذلك‪ ،‬نم ج " التنميي البشيري المسيتدام "‪ ،‬ب صيفه نم ججيا ً اا ييا ً‬
‫"متراصا ً"‪ ،‬مشم ً ر ليف بين ر جهين ‪ :‬التنمي البشري ‪ ،‬والتنمي المستدام ‪ ،‬أ لقاح بين ب د‬
‫إنساني و خر عق ني‪ .‬اهول نب ه عدال ر يع المنافع واو تفادة منها‪ ،‬والثياني قاعدريه رأكييد‬
‫ضرورة النم واو يتدام ‪ .‬ب بيارة أخيرى‪ ،‬هي الت بيير عين ثنا يي ر ييع قيدرات البشير عين‬
‫ارييييق او يييتثمار فيييي النييياس‪ ،‬ورأكييييد او يييتخدام الماميييل لهيييذه القيييدرات مييين خييي ل إايييار‬
‫التممين‪.290‬‬
‫او تخدام الغا ي للن ار" التنم ي ‪ ،‬وفي ياق ررابطاريه المت يددة والم جي دة ميع التمميين مين‬
‫أ ييبا التنمييي ‪ ،‬يتطلييب‪ ،‬بالضييرورة‪ ،‬الت ييل بلليييات التييدبير الم قليين والرشيييد بخصيي ص‬
‫ر ي ها‪ ،‬والذ ينبغي أن يتم وفق أ س م ياريي مين ال دالي واإلنصياف‪ .‬كيل جليك‪ ،‬علييه أن‬
‫يتجسد في إاار الص ر المختلف للتممين الشم لي من ال ا د التنم ي ‪ ،‬كالتممين من الثروات‬
‫والتممين من الخيرات‪ ،‬والحرص عليى او يتجاب المليي والمسيتدام لسيا ر مخرجيات الف يل‬
‫التنم القا م‪ -‬مخرجات مادي أو مخرجيات رمزيي ‪ .-‬وهيي او يتجاب القيادرة عليى رحرييك‬
‫دواليب السيرورة التنم ي ورحقيق كل متطلبات النم ج التنم المأم ل‪.‬‬
‫إن المنطلقات السيابق ‪ ،‬والمرربطي بتحلييل مسيأل التمميين – ي اح عليى مسيت ى اليدواعي أو‬
‫ال ا د‪ ،-‬رؤكد على الدوام‪ ،‬وبما و يدع مجاوً للشك‪ ،‬أهمي المناه" الم تمدة في هذا السياق‪،‬‬
‫ميين اييرف التجييار التنم ي ي ال المي ي ‪ ،‬وكييذا أهمي ي مييا جسييدره هييذه التجييار ميين درجييات‬
‫التماهي بين كل من مسأل التممين ومسأل التثمين‪ ،‬وما يل به كل جلك‪ ،‬من أدوار ا ي فيي‬
‫صياا نم ج رنم "منت"" و"مثمر"‪.‬‬

‫‪-4‬في اتجاه "منظومة التوازن المعياري"‬

‫‪ 288‬خليل الن يمات‪"،‬رممين المرأة"‪ .‬أنظر ‪:‬‬


‫‪http://maktabatmepi.org/system/site_documents/documents/000/000/375/original/Anera6-‬‬
‫‪123-127.pdf‬‬
‫‪ 289‬محمد حركات ‪ "،‬اوقتصاد السيا ي وجدلي الثروة والفقر"‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 154‬‬
‫‪ 290‬با ل البستاني‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 57‬‬
‫‪166‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫يبيييدو أن إ دراك الج انيييب الم ياريييي ه نمييي ج رنمييي قيييا م‪ ،‬يفتييير فيييي كنهيييه‪ ،‬رنييياول‬
‫الترابطييات المممنيي واييير المممنيي لييب ض ر ظيفييات القيييم الديمقرااييي ‪ ،‬ميين قبيييل الحرييي‬
‫والمبييادرة والتشييارك والت يياون‪ ،...‬مييع رحليييل أدوارهييا الريادي ي علييى مسييت ى ر يييع نطيياق‬
‫باشيترااات التي ا ن المنشي د فيي شيتى منياحي هيذا‬ ‫اوررقاح بالف ل التنمي ‪ ،‬وكيذا النهي‬
‫الف ل‪ .‬وجلك‪ ،‬ليم ن أكثر نجاع وكفاي ؛ فالمفياهيم الفرديي عين ال دالي وا دا اوجتماعيي ‪-‬‬
‫التي رؤثر في او تخدامات المحددة للحري من جانب اهفراد‪ -‬رهن اررباايات اجتماعيي ؛ إج‬
‫ر تمد ب جه خاص على التم ين التفياعلي للتصي رات ال امي ‪ ،‬وعليى الفهيم الجم يي الت ياوني‬
‫للمشم ت وع جها ‪.291‬‬
‫ليس هناك بطبي الحال أ ارفاق مرج ي ح ل ماهي النم ج التنم الحقيقي؛ فهناك مين‬
‫يرى أن ربنيي نمي اقتصياد السي ق كفييل بخليق التي ا ن داخيل المجتميع عبير رحقييق اهربياح‬
‫والرفع من القدرات التممينيي ل يتثمار‪ ،‬وبالتيالي‪ ،‬ري فير مناصيب شيغل ر ميل عليى رحسيين‬
‫مست يات دخل اهفراد‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ريسيير يبل النمي اوقتصياد ‪ .‬بييد أن التجيار اوقتصيادي‬
‫للتيياريخ فييي حقبييه المختلفي ‪ ،‬كثيييراً مييا أثبتييت بييالملم س قصي ر هييذا الت جييه وهي مييا فيير ‪،‬‬
‫وبا تمرار‪ ،‬القيام بالمراج ات الضروري على ص يد ال ديد من البليدان بخصي ص نماججهيا‬
‫التنم ‪.‬‬
‫كما نجد أنه هنياك مين ي تبير أن ريدخل الدولي يبقيى ضيروريا ً فيي اوقتصياد لت جييه مسيارات‬
‫التنمي ‪ ،‬وفق مخططات متحمم فيها من ف ق‪.‬‬
‫بينما يؤكد رأ ثالث على أهمي هذا التدخل في لحظات م ين رظل فيها المجتم ات في أميس‬
‫الحاج لضمان رح لها – في مراحل اونتقال وما ر رفه من عسر وك اب – إلى ردخل صارم‬
‫من الدول لضب الت ان المممن ورحقيق او تقرار اوقتصاد باه اس‪.‬‬
‫عم ما ً‪ ،‬لقد ظهرت محاووت عديدة للبحث عن النم ج اهمثل لتحقييق التي ا ن عليى صي يد‬
‫البنيييات اوجتماعييي واوقتصييادي ‪ ،‬والتقليييل ميين ا ثييار السييلبي لم قييات التنمييي فييي ييا ر‬
‫رجليارها‪ ،‬ووضيع المؤشيرات ال اضيح لت مييق فيرص اوررقياح القيميي بسيبل او يتفادة مميا‬
‫رحقييق ميين مسييارات يييرورة التنمي ي ‪ ،‬وضييمان أب يياد ا ييتدامته المنتج ي ‪ ،‬ور ي فير الييدعامات‬
‫الضروري لتحقيق رفاهي المجتم ات‪ ،‬ورحسين أنماا عيو م اانيها‪.‬‬
‫ورستند هذه المحاووت التي رت خى في كنهها بلي رة رؤيي رشييدة حمامتييا ً ومت ا ني م يارييا ً‬
‫ح ل أنماا الف ل التنم "المنيت"" إليى جملي مين ال ناصير المتشيابم اهب ياد و"المتماهيي "‬
‫اههداف‪ .‬وهي ال ناصر التي رنمي ف اليتها وكفايتهيا‪ ،‬بشيمل مسيتمر ومت اصيل‪ ،‬ورنطليق فيي‬
‫ثقافتهييا التدبيرييي للشييأن التنميي ميين منظيي ر منييدم" وشييامل‪ .‬ورتمثييل كمييا يلييي‪ :‬رشيياركي‬
‫‪ 291‬أمارريا صن ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫المقترحات واإلنجا ات‪ ،‬التقا ي البرام" والسيا ات‪ ،‬هند البنيات والهياكل‪ ،‬نجاع و ا ل‬
‫التدخل وأدوات ال مل‪ ،‬ا تشرافي اههداف‪ ،‬برااماري او تراريجيات‪...‬‬
‫ومن الطبي ي جداً‪ ،‬أن يت لد عن ر اضد ال ناصر السابق الذكر‪ ،‬ارساق اا ي م يار ‪ ،‬يتبل ر‬
‫في منظ م رس ى إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬تعب ة ال اقات ‪ :‬عبر ر زيز ع امل اونتشار القيمي‪ ،‬كميا ً وكيفياً‪ ،‬لسا ر فئات المجتمع؛‬
‫‪ -‬توجيه المقدرات ‪ :‬من خ ل البحث عن الخيارات المتاح والبدا ل المممن ؛‬
‫‪ -‬الستخدام األمثن للموار ‪ :‬من حيث عقلن ا تخدام عناصر اإلنتا والم ارد اوقتصادي ؛‬
‫‪ -‬تثمين اإلمكانات ‪ :‬اإلممان البشر واإلممان الطبي ي‪.‬‬
‫هذه المنظ م التي يممن أن نطلق عليها مجا ف " منظ م الت ا ن الم يار "‪ ،‬هيي عبيارة‬
‫عيين نسييق رنظيمييي متمامييل‪ ،‬يج ييل ميين إنتييا الغا يييات التنم يي رهانيا ً ميين رهانييات النمي ج‬
‫التنم ‪ ،‬والذ يرن رحقيق مراميه اإليجابي أ مجتمع من المجتم ات‪.‬‬
‫التي ا ن الم يييار ‪-‬كمنظ مي يصييب أ نمي ج رنمي لل صي ل إلييى أقصيى مييداركها‪ ،-‬هي‬
‫الت ا ن الذ ي د نتاجا ً خالصا ً لمل أب اد التنمي اإلنساني ورجليارهيا المختلفي ‪ ،‬والتيي رتمحي ر‬
‫ح ل نسق متداخل من ال ا ل والغايات الم ياري ‪ ،‬من قبيل ‪ :‬ر يع الخيارات أمام الناس‪،‬‬
‫مييين خييي ل رمميييينهم مييين بنييياح قيييدرارهم اإلنسييياني ور زيزهيييا‪ ،‬وإراحييي الفيييرص اوقتصيييادي‬
‫والسيا ي واوجتماعي لهم‪ ،‬بشمل عادل ومت ا ن‪ ،‬من أجل إعمال هذه القدرات‪ ،‬إضاف إليى‬
‫إفساح المجال أمامهم للمشارك بفاعلي في صنع السيا ات والقيرارات جات الصيل بالشيؤون‬
‫والقضايا ال ام ‪ ،‬ومراقب عملي رنفيذها‪ ،‬ومساحل القا مين على عملي التنفيذ ‪.292‬‬
‫همذا‪ ،‬يبر التأ يس لمنظ م الت ا ن الم ييار بصيفته رهانيا ً ر يسييا ً مين رهانيات النمي ج‬
‫التنمييي الميييأم ل‪ ،‬واليييذ يتطليييب‪ ،‬با يييتمرار‪ ،‬القييييام ب مليييي بنييياح رركيبيييي‪-‬محيييدد اليييرؤى‬
‫والتص رات‪ -‬لحلقات التنمي اإلنساني في شم ليتها‪ .‬اهمر الذ يصب م ه التفمير في إيجاد‬
‫التفياع ت المممني بيين مختلييف القضيايا المبيرى المرربطي بالتنميي أميراً و محييد عنيه‪ .‬وكييل‬
‫جلك‪ ،‬عليه أن يتم‪ ،‬أ ا ا ً‪ ،‬في بيل ج ل الت ا ن م ياراً حا يما ً لضيب اخيت وت التغيييرات‬
‫المتمررة المرص دة على مست ى يرورة التنمي ‪.‬‬

‫‪292‬حسنين ر فيق إبراهيم علي‪ "،‬اهب اد السيا ي ه م التنمي اإلنساني في ال ان ال ربي( درا في رأثيرات التسلطي‬
‫السيا ي في عملي التنمي "‪ ،‬ضمن " النم اوقتصاد والتنمي المستدام في الدول ال ربي ‪ :‬اهب اد السيا ي واوجتماعي‬
‫"‪ ،‬مجم ع مؤلفين‪ ،‬ا‪( ، 1‬بيروت ‪ :‬المركز ال ربي لألبحاث ودرا السيا ات‪ ، )2013،‬ص ص‪.24– 23‬‬
‫‪168‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫منظ م الت ا ن الم يار بذلك‪ ،‬وعلى ص يد التنمي ‪ ،‬هي مم ن ضرور لدعم ورق ي‬
‫مجاوت الف ل اإلنساني وحماي وج ده الماد واوعتبار ‪ .‬وه ما يستدعي بذل المزيد من‬
‫الجهد‪ ،‬بخص ص ر يع نطاق التنمي اإلنساني ‪ ،‬من حيث ج لها رشمل كل اهب اد اإليجابي‬
‫لهذا الف ل‪ ،‬عبر ر فير اشترااات اهمن اإلنساني‪ ،‬وفق ص ره المختلف ‪ :‬اهمن اوقتصاد‬
‫(محارب الفقر والهشاش والتهميو) ‪ ،‬اهمن السيا ي( التمتع بالحق ق والحريات) ‪ ،‬اهمن‬
‫الشخصي (ضمان أمن اهشخاص والممتلمات)‪ ،‬اهمن المجتم ي ( ر فير اهمان الماد‬
‫لألفراد والجماعات) ‪ ،‬اهمن البيئي ( مجابه المخاار البيئي ) ‪ ،‬اهمن الصحي (الحماي‬
‫هنا‪ ،‬يبدو‬ ‫والرعاي الصحيتين) ‪ ،‬اهمن الغذا ي (الحص ل وال ص ل إلى الغذاح)‪...‬‬
‫من الص ب جداً اعتماد مؤشرات واضح لم الج وضب مختلف المشاكل التي من المممن‬
‫أن رررب مستقب ً بهذا الت ان‪ ،‬والذ ما فتئ ي لي اهتماما ً كبيراً بج ل عملي التنمي رحتل‬
‫حيزاً وا ا ً في مدارك المجتم ات ال المي ‪ .‬وهي الص ب التي رتجلى في ر قد م ايير قياس‬
‫مدى نجاح ا ر عناصر الحمام في بناح المستقبل "التنم " المنش د والتم قع في منأى‬
‫عن اهج اح المحف ف بالمخاار( اوضطرا وايا الت ان وعدم او تقرار‪)...‬‬
‫وبذلك‪ ،‬فإنه‪ ،‬االبا ً‪ ،‬ما يتم النظر إلى منظ م الت ان الم يار باعتبارها مفتاح نجاح‬
‫الخط ات المتخذة على ص يد المسارات التنم ي للمجتم ات‪ .‬وهي المسأل التي رتجلى‬
‫خص صيتها الهام ‪ ،‬في ما أخذ يضفيه ر ان هذه المنظ م على ابي وديناميات الف ل‬
‫التنم ‪ ،‬من مأ س ونجاع وكفاي وف الي ‪ ...‬والمساهم ‪ ،‬بالتالي‪ ،‬في خلق القاعدة اه ا ي‬
‫المفيل بت ايد البنيان المتمامل للحمام التنم ي ‪.‬‬

‫‪- 5‬التأسيس لالنتقال التنموي"الةقيقي"‬


‫اونتقال التنم ه وجه من أوجه اونتقال الديمقرااي‪ .‬وه ال جيه اهكثير مجابهي لل قبيات‬
‫المطروح على ص يد مسارات النم والتنمي في أيي دولي مين اليدول‪ .‬واونتقيال التنمي –‬
‫بت صيفه الناجم عن ملوت التح ل الديمقرااي‪ -‬و يجر من هذا المنطلق‪ ،‬إو بالتبني القيمي‬
‫ه يييس الييي عي الرا يييخ و"المسيييتدام" بمتطلبيييات بنييياح المؤ سيييات والثقافييي والممار يييات‬
‫الديمقرااي على مست ى الدول والمجتمع‪.293‬‬
‫اونتقال الديمقرااي "الحقيقي" و"السليم"‪ ،‬وفق هذا الت جيه فيي التحلييل‪ ،‬هي عمليي مت يددة‬
‫اهب اد‪ ،‬و يممن إا قا ً اختزالها في ر اجيد البنييات المؤ سياري والسيا يي فقي ‪ ،‬بيل يت يداها‬
‫جلك‪ ،‬إلى ر فير المق مات المدعم لف ل اوررقاح اوجتماعي واإلنماح اوقتصاد ‪ ،‬وما يررب‬
‫بهما من دحر لثقاف الريع‪ ،‬والتأ يس لدول اإلنتا ‪ ،‬ورحقيق اوقتصياد التنافسيي‪ ،‬والرفيع مين‬
‫مست يات الرفاهي اوجتماعي ‪ ،‬ورسييد حمم القان ن‪.‬‬

‫‪ 293‬عمر الر ا ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪.187‬‬


‫‪169‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ومع جلك‪ ،‬فإن اونتقال التنم ‪ ،‬شأنه شيأن أ مرحلي انتقاليي ‪ ،‬ر اجهيه جملي مين التحيديات‪.‬‬
‫والتحييد اههييم هي ي م ال بي ر إلييى المرحلي مييا ب ييد اونتقاليي –هنييا يمميين الحييديث عيين‬
‫يييرورة التنمي ي كيينم متط ي ر ل نتقييال التنم ي أو مييا يمميين رسييميته "اونتقييال التنم ي‬
‫الحقيقي‪ ،-‬وكيذا كيفيي ر يم الخطي واو يتراريجيات‪ ،‬ميع اهخيذ ب يين اوعتبيار فيي كيل جليك‬
‫الطبي المتقلب للمرحل اونتقالي ‪.294‬‬
‫ورام أن النم اوقتصاد عنصر أ ا ي فيي رنميي اإلنسيان والمجتميع‪ ،‬إو أنيه يبقيى و ييل‬
‫لبل الرفاه اوجتماعي وليس ااي بحد جاره‪ .‬السؤال اههم ه كييف ر ظيف ممتسيبات النمي‬
‫في بناح قدرات اإلنسان ورحقيق جاره وحريته‪ .‬في المقابل‪ ،‬التح ل اليديمقرااي الحقيقيي‪ ،‬مين‬
‫حيث إنه ي طي اإلنسان كرامته والحري لتحقيق جاره والت بيير عين رأييه وممار ي حقيه فيي‬
‫اختيار ممثليه‪ ،‬فه ااي بحد جارها‪ .‬الحري هنيا‪ ،‬وكلبني مين لبنيات بنياح الصيرح اليديمقرااي‬
‫الحقيقي‪ ،‬ليست فق أ ا يا ً لتقيييم النجياح أو الفشيل‪ ،‬بيل هيي أيضيا ً المحيدد الر يسيي للمبيادرة‬
‫الفردي والف الي اوجتماعي ‪.‬‬
‫إن المزيد من الحري ي ز قدرة الناس عليى مسياعدة أنفسيهم‪ ،‬وكيذا التيأثير فيي ال يالم‪ .‬وهيذه‬
‫مسا ل مح ري بالنسب إلى عملي التط ير والتنمي ‪.295‬‬
‫الب د اونتقالي للتنمي ‪ ،‬يست جب وضع خط ا تراريجي ف ال ‪ ،‬قادرة على رذليل كل الص ا‬
‫الم يق للمسارات التنم ي ‪ ،‬أ التممن من ليات اوصيطدام ميع ال اقيع‪ ،‬واليذ يصيب ‪ ،‬بي‬
‫شك مستقب ً‪ ،‬أكثر عنياداً وأكثير مخياارة‪ .‬وهي ميا يؤكيد عليى أهميي المرحلي اونتقاليي ‪ ،‬فيي‬
‫ياق أ رغيير رنم منش د‪ .‬فهي مرحل ناظم وضابط ‪ ،‬كما أنها مخا ضرور جداً‪.‬‬
‫وهييي رحتيييا مييين أجييل جليييك‪ ،‬إليييى ربنيييي المزيييد مييين الخطييي البديليي أو ميييا نسيييميه بالبيييدا ل‬
‫او يييتراريجي ‪ .‬كميييا يجيييب أن رمييي ن هيييذه المرحلييي مرنييي إليييى أب يييد حيييد لحفيييظ المتغييييرات‬
‫والظروف‪.296‬‬
‫لقد فتحت دمقراي التنميي ليدى ال دييد مين دول الم مي ر فاقيا ً صياعدة عليى مسيت ى رسيريع‬
‫وريرة السيرورة التنم ي ورحقق كل أوجه رقدمها المؤ سياري ورط رهيا التنظيميي‪ .‬وهيذا ميا‬
‫ج يييل جهييي د عناصييير الحمامييي ‪ -‬مم نيييات الف يييل التنمييي ‪ -‬رتضييياعف بغيييي ال صييي ل إليييى‬
‫المن طف الحا م بخص ص رغيير البنيات التنم ي القا مي ‪ .‬وهي المن طيف المت ليق باونتقيال‬
‫مييين التنميييي "الم اقييي " إليييى التنميييي "الرا يييدة" ‪ ،‬أ رجسييييد ديناميييي التحييي ل الحقيقيييي نحييي‬
‫ديمقرااي التنمي ‪ .‬وهي الديمقرااي التي رضم في ايارها كل رجليات الف ل اإلنساني الهادفي‬

‫‪294‬خالد عبيدات‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص‪. 51‬‬


‫‪ 295‬أمارريا صن ‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪.‬‬
‫‪296‬م ى الحديد‪" ،‬المرحل اونتقالي ‪ ،‬ابي تها ومم نارها وأنمااها"‪ ،‬ضمن "إدارة المرحل اونتقالي ما ب د الث رات‬
‫ال ربي "‪ ،‬مرجع ابق الذكر‪ ،‬ص ص‪. 33- 32‬‬
‫‪170‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫إلى الرفع من قيم اإلنسان وضمان مق مات م ه الم يار ‪ .‬وجلك من منظ ر أن التنمي رتم‬
‫ك ملي اررقاح شم لي من اإلنسان وعبر اإلنسان وهجل اإلنسان‪.297‬‬
‫من خ ل هذا المنطلق‪ ،‬وفي إاار التماهي الما ن‪ -‬أو الذ ينبغي أن يم ن‪ -‬بين الديمقراايي‬
‫والتنمي ‪ ،‬يممن الق ل‪ ،‬أن ؤال السل ك الديمقرااي الص ب لم ي د وقفا ً على النه" السيا يي‬
‫وحييده‪ ،‬ولييم ي ييد وقفيا ً علييى ال دالي اوقتصييادي فييي ر يييع الثييروة‪ ،‬ولييم ي ييد وقفيا ً علييى حريي‬
‫التفمير‪ .‬إنه و يل و ت ادة إنساني اإلنسان واحترام حق قه‪ ،298‬ومنها بطبي الحال‪ ،‬حقه في‬
‫التنمي كحق ك ني‪ ،‬مرج ي‪ ،‬ثابت واير قابل للتصرف‪.299‬‬
‫وكيأ انتقييال‪ ،‬رسييتدعي اشييترااات اونتقييال التنمي القيييام بمجم عي ميين اإلصي حات علييى‬
‫الص يد المؤ ساري خص صا ً‪ .‬وهي اإلص حات التي رمت ق رهيا مين رجيذر قيمي الم ااني‬
‫فييي البنيياح الييديمقرااي القييا م ولمييي رم ي ن الم اان ي النشييط ف ال ي ‪ ،‬فإنهييا و رتطلييب اإلرادة‬
‫والخبرة فحسب‪ ،‬ولمن ب ض ال لم بالمؤ سات‪ ،‬وليس فق م رف شامل مجردة أو أكاديمي ‪،‬‬
‫ولمن م رف عملي بماهي أدوات السلط الم م لتحقيق أهداف م ين ‪ .300‬واالبا ً ميا رتجسيد‬
‫رمظهييرات اإل صي ح المؤ سيياري فييي وضييع المق مييات اه ا ييي للتييدبير التنمي "المنييت""‪.‬‬
‫وعلييى رأس هييذه المق مييات‪ ،‬ج ييل مأ س ي الديمقرااي ي أداة فضييلى لتحقيييق مييدارك التنمي ي‬
‫"الرا دة" و"الطم ح " ور زيز ديناميتها ال اعدة‪ ،‬مع الحرص الدا م في نفس السيياق‪ ،‬عليى‬
‫خلييق إواليييات ف الي ‪ ،‬قييادرة علييى مجابهي ال ا ييق التييي يمميين أن رقييف أمييام إنجيياح مسييارات‬
‫اإلص ح‪ .‬اهمر الذ يؤكد على ضرورة شحذ كل الطاقات ور بئي يا ر اإلممانيات‪ ،‬المفيلي‬
‫بتيسير ع امل رحقق اونتقال التنم ور فير دعامات ص نه من مخياار التقهقير والتراجيع‪،‬‬
‫والتي يممن أن رحدق به في أ محط من محطات السيرورة التنم ي ‪.‬‬
‫كما أن اونتقال التنمي ‪ ،‬وبصيفته مسيار شياق وحيي ‪ ،‬يتطليب فيي عمقيه‪ ،‬الت يل بالق اعيد‬
‫الديمقراايي ‪ ،‬والتييي رضييفي علييى اشييتراااره المزيييد ميين المروني والس ي ‪ .‬وميين أهييم هييذه‬

‫‪ 297‬في هذا الشأن‪ ،‬وكما جاح في ديباج إع ن الحق في التنمي ‪ ،‬والذ اعتمد ونشر بم جب قرار الجم ي ال ام لألمم‬
‫المتحدة رقم ‪ ،41/128‬والمؤرخ في ‪ 4‬ديسمبر‪ ،1986‬فإن" التنمي عملي اقتصادي وثقافي و يا ي شامل ‪ ،‬رستهدف‬
‫التحسين المستمر لرفاهي السمان بأ رهم واهفراد جمي هم‪ ،‬على أ اس مشاركتهم‪ ،‬النشط والحرة والهادف في التنمي ‪،‬‬
‫وفي الت يع ال ادل للف ا د الناجم عنها"‪ .‬كما أنه‪ ،‬وضمن مقتضيات المادة الثاني من نفس اإلع ن‪ ،‬ف"اإلنسان ه‬
‫الم ض ع الر يسي للتنمي ‪ .‬وينبغي أن يم ن المشارك النش في الحق في التنمي والمستفيد منه"‪.‬‬
‫‪298‬محمد جمال احيان‪ " ،‬النزعي او يتبدادي ورمبييل المؤ سيات"‪ ،‬ضيمن " رقريير التنميي اإلنسياني لل يام ‪ ، 2004‬نحي‬
‫الحري في ال ان ال ربي"‪ ،‬مرجع ابق الذكر ‪ ،‬ص ‪. 115‬‬
‫‪ 299‬فحسب الفقرة اهولى من المادة اهولى من إع ن الحق فيي التنميي السيابق اليذكر‪ ،‬ف"الحيق فيي التنميي حيق مين حقي ق‬
‫المشيارك واإل يهام فيي رحقييق رنميي اقتصييادي‬ ‫اإلنسيان ايير قابيل للتصيرف‪ .‬وبم جبيه يحيل لميل إنسييان‪ ،‬ولجمييع الشي‬
‫واجتماعي وثقافي و يا يي والتمتيع بهيذه التنميي التيي يممين فيهيا إعميال جمييع حقي ق اإلنسيان والحرييات اه ا يي إعمياوً‬
‫راما ً"‪.‬‬
‫للنشير والت ييع ‪ ، ) 2014،‬ص‬ ‫‪ 300‬يا ير شي بان ‪ "،‬الديمقراايي ‪ ،‬أصي ل الديمقراايي ومسيارارها "‪ ( ،‬القياهرة ‪ :‬كني‬
‫ص‪. 133-132‬‬
‫‪171‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫الق اعد‪ :‬رمريس أول ي القيان ن –حميم أو ييادة القيان ن‪ ،-‬المشيروعي الديمقراايي لمختليف‬
‫مجاوت الف ل التنم ‪ ،‬إر ياح منظ مي متراصي للتيدبير الشيفاف والنياجع‪ ،‬رر ييخ الت دديي‬
‫التنم ييي أو رن ييييع اهنميياا التنم يييي ‪ ،‬ر زييييز الديمقرااييي التشييياركي بييين مختليييف عناصييير‬
‫الحمام ‪ ،‬م حمي البيرام" والتقا يي السيا يات‪ ،‬ضيمان الت ييع ال يادل والمنصيف للمقيدرات‬
‫والثروات‪ ،‬رق ي ص حيات أجهزة المحا ب والرقاب ‪...‬‬
‫وميين ثييم‪ ،‬ينبغييي علييى متخييذ القييرارات التنم ي ي اهخييذ الم يييار بهييذه الق اعييد‪ ،‬وج له يا‪،‬‬
‫بالتالي‪،‬‬
‫دعامات حقيقي لتر يخ دول الحق والقان ن ‪ /‬دول الحمام التنم ي ‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫إجا كانت الباحث اهمريمي المتخصص في نظيام الشيبمات‪" ،‬ش شياننا وبي ف"‪ ،‬رؤكيد عليى‬
‫ك ي ن ال صيير الحييالي هيي "عصيير ا ليي الذكييي "‪ ،‬بييالنظر‪ ،‬أ ا يا ً‪ ،‬إلييى الهيمنيي "الناعميي "‬
‫والمطلقي للتمن ل جيييا والم رفي ‪ ،‬فإننييا‪ ،‬نييرى أنييه أيضيا ً "عصيير النميياج الذكيي " بامتيييا ‪...‬‬
‫النميييياج المتغيييييرة والمتجييييددة با ييييتمرار‪ ...‬فييييي اوقتصيييياد والثقافيييي والسيا يييي والمجتمييييع‬
‫وال مران‪ ...‬وبشمل شم لي‪ ،‬في التنمي ‪ ،‬بتجليارها المت ددة وأنمااها المتن ع ‪.‬‬
‫وإجا كانت "التنمي "‪ ،‬يرورة متحرك ‪ ،‬ر مل‪ ،‬بشمل اا ي "مسيتدام"‪ ،‬عليى ر ييع خييارات‬
‫النيياس ورخفيييف اهعبيياح عيينهم وري فير المي ارد المافيي لتحقييق حاجييارهم اه ا ييي ‪ ،‬وميين ثييم‪،‬‬
‫اوررقاح بهيم نحي ميدار حيياة "أفضيل"‪ ،‬عليى جمييع اهصي دة‪ ،‬فإننيا‪ ،‬نيرى أن التفميير فيي‬
‫البحييث عيين نميياج "خ قيي " ومبدعيي ‪ ،‬كفيليي بضييب التصيي رات المرربطيي بهييا كسيييرورة‬
‫متط رة‪ ،‬ي تبر في ال قت الراهن‪ ،‬ضرورة ملحي ومسيأل مين اههميي بمميان لت لييد اهفميار‬
‫الجديدة‪ ،‬التي من شأنها‪ ،‬اإل هام الممثيف والف يال فيي او يتجاب للتحيديات المطروحي عليى‬
‫مست ى ال اقع "التنم " السا د داخل أ مجتمع من مجتم ات الم م ر‪.‬‬
‫وبييذلك‪ ،‬ف يإن إنجييا "النم ي ج التنم ي " ه ي نتييا "رث ي ير" حقيقييي للتطل ييات المأم ل ي لييدى‬
‫مختلييف عناصيير ومم نييات الحمام ي ‪ ،‬والتييي رر ييم التنمي ي ‪-‬بم ناهييا الشييامل‪ -‬كهييدف أ ييمى‬
‫للسيا ات اوقتصادي واوجتماعيي المتخيذة‪ .‬فيالنم ج بشيمل عيام‪ ،‬كإايار نظير مؤ سياري‬
‫ورنظيمي ه اشتراا ملزم لبناح الترابطات المممن بين مسارات إخرا اهفميار مين "القي ة"‬
‫إلى "الف ل"‪.‬‬
‫عبر هذا التحديد الفلسفي ال ميق‪ ،‬نجد أن نم ج السيرورة التنم ي هي جليك النمي ج اليذ‬
‫يج ييل أفمييار التنميي "الرا ييدة" رتبلي ر علييى أر ال اقييع‪ .‬ور ييع ‪ ،‬بالتييالي‪ ،‬ميين نطيياق بنيياح‬
‫الدولييييي التنم يييييي "المسيييييتدام "‪ ،‬ليشيييييمل فيييييي كنهيييييه يييييا ر مجييييياوت الف يييييل اإلنسييييياني‪.‬‬
‫‪172‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫إن بحثنييا هييذا حي ل اه ييس النظريي المبييرى للنمي ج التنمي هي مسيياهم حثيثي ميين أجييل‬
‫إماا ي اللثييام عيين ماهي ي ‪ -‬منطلقييات وم احمييات وأنميياا‪ -‬ومررمييزات –مبيياد ودعامييات ‪-‬‬
‫ورهانات النم ج التنم "الرا د" – إن لم نقل "المثالي" أو نم ج المثال بالفهم الفيبير ‪،-‬‬
‫الذ من المممن الت ل به وا تلهام مضامينه الم ياري المبيرى‪ ،‬لليتخلص ا نيي مين مجميل‬
‫ك ي اب التنمي ي الم ط ب ي ‪ ،‬والتييي مييا فتئييت ريير ح رحييت نيرهييا بلييدان ال ييالم الثالييث‪ ،‬بييالنظر‪،‬‬
‫أ ا ا ً‪ ،‬إلى ح نم الحمام السا د في م ظمها‪.‬‬
‫لقد رمثل المظهر اهكبر للخلل التنم – أو المر التنم – في عدد من البلدان – خاصي‬
‫بال يييالم الثاليييث‪ ،‬حييييث اإلنجيييا التنمييي المتيييدني‪ -‬فيييي اييييا ‪ ،‬أو عليييى أقيييل رقيييدير ضييي ف‬
‫المساهمات البحثي على ص يد بناح النماج "التنم ي "‪ ،‬مع ميا ييررب بيذلك‪ ،‬لأل يف الشيديد‪،‬‬
‫وفي مراحل مختلف لسيرورة التنمي ‪ ،‬من ا تب اد قهر ل شيترااات التيي عليهيا أن رراعيي‬
‫المم نات الث ثيي اهب ياد لمنظ مي الف يل التنمي كميل ‪ :‬الخص صييات المحليي ‪ ،‬المقيدرات‬
‫ال اني والمتطلبات الدولي ‪.‬‬
‫فييي خضييم ا تحضييار هييذا النقيياش‪ ،‬يمميين الق ي ل‪ ،‬أن ربنييي نميي ج رنم ي مييا‪ ،‬ه ي قييرار‬
‫ا ييتراريجي‪ ،‬ب يييد المييدى‪ ،‬يسييتند فييي عمقييه‪ ،‬وميين أجييل ضييمان نجاعي وا ييتمراري ارا ييق‬
‫اشتغاله‪ ،‬عليى مؤشيرات جات ارربياا وثييق بالقيدرة المرني للمجتم يات عليى إدارة ام حهيا‬
‫المت خى في اإلصي ح "الم يم"‪ .‬وفيي نهايي المطياف‪ ،‬رحقيق أملهيا المنشي د ‪-‬وإن كيان جليك‬
‫بدرجات متفاور ‪ -‬في اإلنجا التنم "المررفع" و"المستدام"‪.‬‬
‫عم ما ً‪ ،‬رممننيا الدرا ي النظريي للنمي ج التنمي مين إبيرا اشيترااات او يتثمار اهفضيل‬
‫ه سه‪ ،‬وكذا او ترشاد المنهجي بها‪ ،‬بغي رر يخ رضمينيته الم ياري المطلقي ورق يي قيدرة‬
‫متخذ القرار التنمي عليى بنياح المنظ مي المؤ سيي المتماملي الداعمي لهيذا النمي ج ‪ .‬كيل‬
‫جلك‪ ،‬في ياق يتطلب‪ ،‬بإلحاح شديد‪ ،‬خلق نمياج جدييدة ر يز اإلنتاجيي والرييادة التنمي يتين‬
‫للمجتم يييات‪ ،‬ميييع الحيييرص أيضييياً‪ ،‬وبشيييمل مت اصيييل‪ ،‬وفيييي كيييل وقيييت وحيييين‪ ،‬عليييى القييييام‬
‫بالمراج ات الضروري (إعادة النظر) فيي النمياج القا مي ‪ .‬وجليك لميا قيد يينجم عين ثبيات أ‬
‫نم ج رنم من ن ار" لبي على مسارات عملي التنمي برمتها‪ ،‬رتبل ر على شمل م قات‬
‫هنا‪،‬‬ ‫ومخاار محتمل ‪ ،‬رؤثر‪ ،‬ب شك‪ ،‬على ديناميات التح ل الخاص بهذه ال ملي ‪.‬‬
‫وبد من التأكيد‪ ،‬على ك ن أن اهب اد النظريي الخاصي بيالنم ج التنمي ‪ ،‬مين شيأنها‪ ،‬إن ريم‬
‫الت امييل م هييا بجهييد أكيياديمي مضيياعف‪ ،‬وضييع المسييتلزمات الضييروري التييي يتسيينى عبرهييا‬
‫رحقيييق النم ي ج التنم ي "المنييت"" والمت ي ا ن‪ ،‬والقييادر علييى إحييداث الطفييرات "التنم ي ي "‬
‫الن عي ‪ ،‬الرا دة والط يل اهمد‪.‬‬
‫كل جليك‪ -‬رحقييق النمي ج المنيت" وإحيداث الطفيرات الرا يدة بخص صيه‪ ،-‬يجيب أن ييتم وفيق‬
‫مقارب رشاركي بين مختلف عناصر ومم نات الحمام ‪ ،‬على مست ى التشخيص أو اوقتيراح‬
‫‪173‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫أو التنفيييذ أو التقييييم أو التقي يم‪ .‬وهييي المقاربي "الفضييلى"‪ ،‬التييي ينبغييي ا تحضييارها أيضيا ً‪،‬‬
‫بشمل دا م‪ ،‬اح أثناح رفميك النم ج التنم السا د – القا م على اوخت وت المرص دة في‬
‫مسييارات عملي ي التنمي ي ‪ -‬أو خ ي ل بنيياح نم ي ج رنم ي "جديييد"‪ -‬الييذ ينبغييي أن يق ي م فييي‬
‫ج هره على رجاو مثبطات الف ل التنم ‪.-‬‬
‫هذا التص ر المت لق بسبل "رط ير" النم ج التنمي ‪ -‬أ اعتمياد نفيس جدييد عليى مسيت اه‪،‬‬
‫مين خي ل ال مييل عليى رصييحي النقيا ص ورق يي المسييارات "التنم يي "‪ ،-‬هي التصي ر الييذ‬
‫يممن الق ل‪ ،‬أنيه أضيحى بيار اً بيالمغر ‪ -‬كدولي رطمي ‪ ،‬وبقي ة‪ ،‬إليى ال لي السيريع لنياد‬
‫الييدول المتقدم ي ‪ ،-‬منييذ خطييا الملييك محمييد السييادس ح ي ل النم ي ج التنم ي "الجديييد" أمييام‬
‫البرلمان في أكت بر ‪ . 2017‬وليتم رأكيد أب اده او تراريجي ‪ ،‬وب زم را خ وإرادة ثابت ‪ ،‬عبر‬
‫الخطا الملمي أمام نفس المؤ س التشري ي ين ب يد جليك ‪-‬أكتي بر ‪ ،-2018‬حييث اليدع ة‬
‫الملمي الصريح لضرورة انخراا الجميع في التفميير والحي ار‪ -‬ربنيي المقاربي التشياركي ‪،-‬‬
‫على مست ى صيياا المضيامين المبيرى لهيذا الي رش المصيير بالنسيب لمسيتقبل المغير ؛‬
‫ال رش الذ بإممانه‪ -‬باعتباره مدخ ً لمرحل جديدة‪ ، -301‬ضمان اونتقال السيلس مين "قي ة"‬
‫حمام الدول إلى "ف ل" دول الحمام ‪.‬‬

‫‪ 301‬وهييي المرحل ي ال اعييدة التييي رييم اإلع ي ن عيين أبيير مضييامينها ميين اييرف الملييك محمييد السييادس فييي خطييا الييذكرى‬
‫ال شرين ل يد ال رش كمرحل مفصلي حا يم " يت رف‪ ،‬جيي ً جدييدا ً مين المشياريع" ‪ .‬حييث مميا جياح فيي هيذا الخطيا‬
‫الم جه إلى اهم عشي ي مه ‪ 29‬ي لي ‪" : 2019‬إن رجديد النم ج التنمي الي اني‪ ،‬لييس اايي فيي حيد جاريه؛ وإنميا هي‬
‫مدخل للمرحل الجديدة‪ ،‬التي نريد‪ ،‬ب ن هللا ور فيقه‪ ،‬أن نقي د المغير ليدخ لها‪ .‬مرحلي جدييدة ق امهيا المسيؤولي واإلقي ع‬
‫الشامل‪ " .‬واعتبر الملك أن "نجاح هذه المرحل الجديدة يقتضي انخراا جميع المؤ سات والف اليات ال اني الم نيي ‪ ،‬فيي‬
‫إعطيياح نفييس جديييد‪ ،‬ل ملي ي التنمي ي اوقتصييادي واوجتماعي ي بب دنييا‪ .‬كمييا يتطلييب الت بئ ي الجماعي ي ‪ ،‬وج ييل مصييال ال ي ان‬
‫والم اانين رسم ف ق أ اعتبار‪ ،‬حقيق ملم ‪ ،‬وليس مجرد ش ارات" ‪ .‬وليضيف الملك في الخطا جاريه‪" :‬وإليى جانيب‬
‫الييدور الهييام‪ ،‬الييذ يجييب أن رق ي م بييه مختلييف المؤ سييات ال اني ي ‪ ،‬أريييد‪ ،‬هنييا‪ ،‬أن أؤكييد علييى ضييرورة انخييراا الم ي اان‬
‫المغربييي‪ ،‬باعتبيياره ميين أهييم الفيياعلين فييي إنجيياح هييذه المرحل ي ‪ ".‬ودعييا الملييك محمييد السييادس "جميييع المغارب ي ‪ ،‬للمسيياهم‬
‫اإليجابي فيهيا‪ ،‬بيروح الم ااني الفاعلي ؛ هن النتيا " التيي نطمي إليهيا‪ ،‬والمشياريع والمبيادرات‪ ،‬التيي نقيدم عليهيا‪ ،‬لهيا هيدف‬
‫واحد ه ‪ :‬رحسين ظروف عيو الم اانين‪ ".‬وقيد ر يم المليك محميد السيادس م مي المرحلي الجدييدة‪ ،‬بيالق ل إنهيا "مرحلي‬
‫واعدة‪ ،‬هن ما يزخر به المغر مين ااقيات وميؤه ت‪ ،‬رسيم لنيا بتحقييق أكثير مميا أنجزنياه‪ .‬ونحين بالف يل‪ ،‬قيادرون عليى‬
‫جلك‪ .‬ويظل ام حنا اه مى ه أن يلتحق المغر بركيب اليدول المتقدمي ‪".‬وليؤكيد فيي الختيام ‪" :‬أن المرحلي الجدييدة‪ ،‬التيي‬
‫نحن مقبل ن عليها‪ ،‬حافل أيضا ً بال ديد من التحديات والرهانات الداخلي والخارجي ‪ ،‬التي يت ين كسيبها؛ وفيي مقيدمتها‪ :‬أولا‪:‬‬
‫رهان ر ايد الثق والممتسبات‪ :‬لم نها أ ياس النجياح‪ ،‬وشيرا رحقييق الطمي ح‪ :‬ثقي المي اانين فيميا بيينهم‪ ،‬وفيي المؤ سيات‬
‫ال اني ‪ ،‬التي رجم هم‪ ،‬واإليمان في مستقبل أفضل‪ .‬ثانيا ا‪ :‬رهان عدم اونغ ق على الذات‪ ،‬خاص فيي ب يض المييادين‪ ،‬التيي‬
‫رحتا ل نفتاح على الخبرات والتجار ال المي ‪ ،‬باعتبار جلك عماد التقدم اوقتصياد والتنمي ‪ ،‬بميا يتيحيه مين ا يتفادة مين‬
‫فرص الرفع من رنافسي المقاووت والفاعلين المغارب ‪ .‬ثالثا ا‪ :‬رهيان التسيريع اوقتصياد والنجاعي المؤ سيي ‪ :‬لبنياح اقتصياد‬
‫ق ورنافسي‪ ،‬من خ ل م اصل رحفيز المبادرة الخاصي ‪ ،‬وإاي ق بيرام" جدييدة مين او يتثمار المنيت"‪ ،‬وخليق المزييد مين‬
‫فرص الشغل‪ .‬رايعا ا‪ :‬رهان ال دال اوجتماعي والمجالي ‪ :‬و تممال بناح مغر اهمل والمساواة للجميع‪ .‬مغر و ممان فييه‬
‫للتفاو رات الصارخ ‪ ،‬وو للتصرفات المحبط ‪ ،‬وو لمظاهر الريع‪ ،‬وإهدار ال قت والطاقات"‪ .‬ونيرى أنيه مين شيأن او يتجاب‬
‫لهذه التحديات ورحقيق هذه الرهانات الظفر بنم ج رنم "منت"" و"را د"‪ ،‬قميين بج يل المغير المممين والميأم ل مغربيا ً‬
‫للحمام ‪ ،‬على شتى اهص دة ‪ ،‬وفي ا ر مجاوت الف ل التنم ‪.‬‬
‫‪174‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬

‫فهــرس‬
‫" النموذج التنموي"‪ :‬األسس النظرية الكبر‬
‫مقدمة ‪1.................................................................................‬‬
‫أولا‪ :‬من الستراتيجية التنموية إلى النموذج التنموي‪4..................................‬‬
‫‪- 1‬الستراتيجية التنموية ‪5..............................................................‬‬
‫أ‪-‬مدلول الستراتيجية التنموية ‪5.........................................................‬‬
‫‪-‬المدلول النتقالي ‪6....................................................................‬‬
‫‪-‬المدلول البراغماتي ‪10.................................................................‬‬
‫‪-‬المدلول الستباقي ‪12.................................................................‬‬
‫‪-‬المدلول التشاركي‪16..................................................................‬‬
‫‪-‬المدلول الكلي ‪18......................................................................‬‬
‫ب‪-‬عناصر الستراتيجية التنموية ‪21....................................................‬‬
‫‪-‬العقلنة ‪21.............................................................................‬‬
‫‪-‬التنبؤ ‪24.............................................................................‬‬
‫‪-‬التكنولوجيا‪27.........................................................................‬‬
‫‪-‬اإليداع ‪29.............................................................................‬‬
‫‪-‬التشريع‪32...........................................................................‬‬
‫‪175‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪-‬التنظيم ‪34............................................................................‬‬
‫‪- 2‬المخ ط التنموي ‪36................................................................‬‬
‫أ‪-‬مكونات التخ يط التنموي ‪36..........................................................‬‬
‫‪-‬المدخالت‪37..........................................................................‬‬
‫‪-‬الخ ط‪40.............................................................................‬‬
‫‪-‬الغايات‪43............................................................................‬‬
‫ب‪-‬مطتويات التخ يط التنموي‪46.......................................................‬‬
‫‪-‬المطتو النطقي‪47...................................................................‬‬
‫‪-‬مطتو وحدات ال عن التنموي ‪48......................................................‬‬
‫‪-‬المطتو الوظي ي ‪50..................................................................‬‬
‫‪-3‬الطياسة التنموية ‪51................................................................‬‬
‫أ‪-‬سمات الطياسة التنموية ‪52...........................................................‬‬
‫‪ -‬الشمولية ‪52.........................................................................‬‬
‫‪-‬التكاملية‪54...........................................................................‬‬
‫‪-‬الستدامة ‪58..........................................................................‬‬
‫ب‪-‬مخرجات الطياسة التنموية ‪64.......................................................‬‬
‫‪-‬الجدوائية اإلنتاجية ‪65.................................................................‬‬
‫‪-‬الك اية الغائية ‪69.....................................................................‬‬
‫‪-‬العدالة المعيارية ‪72...................................................................‬‬
‫‪-4‬النموذج التنموي ‪77.................................................................‬‬
‫أ‪-‬ماهية "النموذج"‪77...................................................................‬‬
‫‪ -‬تعريف النموذج ‪78...................................................................‬‬
‫‪-‬أهمية النموذج ‪81.....................................................................‬‬
‫‪-‬عناصر النموذج‪82...................................................................‬‬
‫‪ -‬صيغ النموذج ‪84.....................................................................‬‬
‫ب‪-‬م هوم "التنمية" ‪89..................................................................‬‬
‫‪ -‬تةديد التنمية‪90.....................................................................‬‬
‫‪ -‬سيرورة التنمية ‪95...................................................................‬‬
‫‪ -‬غائية التنمية ‪99.....................................................................‬‬
‫‪-‬تيبولوجية التنمية ‪103................................................................‬‬
‫*التنمية القتاا ية ‪104...............................................................‬‬
‫*التنمية الجتماعية‪108...............................................................‬‬
‫*التنمية اإليكولوجية ‪111..............................................................‬‬
‫*التنمية الثقافية ‪115..................................................................‬‬
‫ثانيا ا ‪ :‬ماهية النموذج التنموي‪118.....................................................‬‬
‫‪-1‬من لقات النموذج التنموي‪118......................................................‬‬
‫أ‪ -‬المن لق البنيوي ‪119...............................................................‬‬
‫ب‪-‬المن لق الوظي ي ‪122...............................................................‬‬
‫‪176‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫ج‪-‬المن لق المؤسطاتي ‪128............................................................‬‬
‫‪-‬المن لق الترايي‪131.................................................................‬‬
‫ه‪-‬المن لق التوزيعي ‪134,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,‬‬
‫‪- 2‬أنماط النموذج التنموي‪137.....................................................‬‬
‫أ‪-‬النموذج التنموي الليبرالي ‪138........................................................‬‬
‫ب‪-‬النموذج التنموي الشتراكي‪142.....................................................‬‬
‫ج‪-‬النموذج التنموي اإلسالمي ‪144......................................................‬‬
‫‪-‬النموذج التنموي اإلسكندنافي‪147............................................,.......‬‬
‫ه‪-‬النموذج التنموي الايني ‪150.......................................................‬‬
‫‪- 3‬مواءمات النموذج التنموي‪155....................................................‬‬
‫أ‪-‬النمو ‪ /‬التنمية ‪156.................................................................‬‬
‫ب‪-‬القتاا ي‪ /‬الجتماعي ‪159.........................................................‬‬
‫ج‪-‬الدول الااعدة‪ /‬الدول المتقدمة‪166................................................‬‬
‫‪-‬الةاجيات‪ /‬اإلمكانات‪169............................................................‬‬
‫ه‪-‬الوسائن ‪ /‬األهداا ‪172.............................................................‬‬
‫ثالثا ا ‪:‬مبا النموذج التنموي ‪175......................................................‬‬
‫‪-1‬مبدأ التضامن ‪176..................................................................‬‬
‫أ‪-‬قيمة التضامن‪176...................................................................‬‬
‫ب‪ -‬ولة التضامن ‪180..................................................................‬‬
‫‪-2‬مبدأ المأسطة ‪185..................................................................‬‬
‫أ‪-‬المأسطة النطقية ‪185................................................................‬‬
‫ب‪-‬المأسطة المعيارية ‪189.............................................................‬‬
‫‪-3‬مبدأ التضمينية ‪192.................................................................‬‬
‫أ‪-‬تضمينية المشاركة‪192...............................................................‬‬
‫ب‪-‬تضمينية المطاواة ‪195..............................................................‬‬
‫رايعا ا ‪ :‬عامات النموذج التنموي‪199...................................................‬‬
‫‪-1‬الةكامة ‪199........................................................................‬‬
‫أ‪ -‬الةكامة وإنتاج التنمية‪200..........................................................‬‬
‫ب‪-‬الةكامة وتةطين التنمية‪202.......................................................‬‬
‫‪– 2‬اللتقائية‪205......................................................................‬‬
‫أ‪-‬األساس القادي لاللتقائية ‪206,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,.‬‬
‫ب‪-‬التقائية عناصر الةكامة‪208........................................................‬‬
‫‪-3‬اإلنااا ‪212......................................................................‬‬
‫أ‪-‬اإلنااا "المطتدام" ‪212.............................................................‬‬
‫ب‪-‬إنااا الدولة العا لةجالعدالة كإنااا ‪214.........................................‬‬
‫خامطا ا‪ :‬رهانات النموذج التنموي‪220..................................................‬‬
‫‪- 1‬من ولة الريع إلى ولة اإلنتاج‪221...............................................‬‬
‫‪- 2‬من تنمية" معاقة" إلى تنمية "رائدة"‪226.............................................‬‬
‫‪177‬‬
‫"النموذج التنموي" ‪ :‬األسس النظرية الكبرى‬
‫‪- 3‬التمكين ‪ :‬من" واعي" إلى "عوائد" التنمية‪229.....................................‬‬
‫‪- 4‬في اتجاه منظومة التوازن المعياري‪233...........................................‬‬
‫‪-5‬التأسيس لالنتقال التنموي "الةقيقي"‪237............................................‬‬
‫خاتمة‪241.............................................................................‬‬

You might also like