Professional Documents
Culture Documents
المبحث الثاني
المبحث الثاني
ذو طبيعة معنويّة متعالية عن المادّة ومفارقة هذا العالم المادي المحسوس الذي ينتمي إليه
للمحسوس ،تحكمه مواصفات أخرى مخالفة لما اإلنسان ويتعامل معه بعقله وحواسه وعواطفه.
نعرفه في عالم الشهادة.
العالن ّية
َ ظواهر األمور سر
ال ّ بواطن األمور
إنّ ثنائ ّية الغيب والشهادة في العقيدة اإلسالم ّية ال تدل ّ على ترسيخ مفهوم االزدواجية أو القطيعة بين
*العالمين ألنّ العقيدة اإلسالمية عقيدة توحيد ّية باألساس ،ولهذا فإنّ عالمي الغيب والشهادة تجمعهما
وحدة المصدر ألنّ هللا تعالى خالقهما وس ّيدهما والعالم بهما.
/2الغيب في اإلسالم
العقائد الغيب ّية من أسس ال ّتدين.قال تعالى ":ألم ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للم ّتقين الذين يؤمنون
اإليمان بالغيب واجب وجوب الصالة وم ّما رزقناهم ينفقون" البقرة 1ـ 2ـ 3
ّ بالغيب ويقيمون
الصالة والزكاة.
ّ
/3أنواع الغيب
غيب نسبي (غيب مقيّد /إضاف ّي) غيب مطلق (غيب حقيقي)
ــ يعلمه بعض الخلق دون بعض ألسباب مختلفة. ــ ال يعلمه إالّ هللا
حس ال ّناس جميعا ّ ــ مثاله أن يغيب الشيء عن قال (اختص /انفرد) هللا بعلمه
ّ ــ استأثر
ولك ّنه يكون في متناول عقولهم إ ّما بال ّتجربة أو تعالى ":وعنده مفاتح الغيب ال يعلمها إالّ هو"
المقايسة (الحتم ّية) كعلم ما سيقع في المستقبل من األنعام 59
الكسوف والخسوف وأوقات شروق الشمس ساعة /موعد يوم القيامة /ال ّروح/ من أمثلته (ال ّ
وغروبها... الموت /ال ّرزق )...حين سأل جبريل عليه السالم
يتحول من مجهول إلى ّ أي األمر الذي يمكن أن ساعة"مح ّمدا عن الساعة قائال" :فأخبرني عن ال ّ
معلوم ويخرج من عالم الغيب إلى عالم الشهادة أجاب ال ّرسول صلّى هللا عليه وسلّم "ما المسؤول
بفضل البحث واالكتشاف كتحديد جنس الجنين عنها بأعلم من السائل" صحيح مسلم ج 1
مثال... أودع هللا ما شاء من غيبه الحقيقي عن طريق
الوحي إلى من ارتضاه من ال ّرسل .قال تعالى ":عالم
الغيب فال يظهر على غيبه أحدا إالّ من ارتضى من
رسول" الجن 26/27
مثاله اإلسراء والمعراج
في إغراق * الغيبيات ــ توازن بين الغيب والشهادة. في *إغراق
المحسوسات . وحضور سلبي في عالم ــ ترابط الغيب والشهادة ضمن تفاعلية
*توهّم ال ّتناقض بين مستمرة.
ّ ال ّ
شهادة.
الغيب والشهادة. قال تعالى ":وابتغ فيما آتاك هللا الدار اآلخرة *احتقار لعالم الشهادة.
*إنكار لعالم الغيب وال تنس نصيبك من الدّ نيا" القصص 77 ّ
*الزهد
(اإللحاد). وقال ص ّلى هللا عليه وس ّلم ليس بخيركم من
*قطيعة بين الواقع ترك دنياه آلخرته وال آخرته لدنياه ح ّتى
والغيب.. يصيب منهما جميعا"
وجاء في األثر" :اعمل لدنياك كأ ّنك تعيش
أبدا ،واعمل آلخرتك كأ ّنك تموت غدا".
شهادة ،وإ ّنما هو تأكيد لوجوده وإقرار بالجدل ّية القائمة بينهما.
إنّ اإليمان بعالم الغيب ليس نفيا لعالم ال ّ
المبحث الثاني :تسخير الكون ومسؤول ّية اإلنسان
المسألة األولى :الغيب والشهادة
ب،الرحمة ،األمانة)...
ّ والمعنويات(الحرية ،العدل ،ال ُح القيم الجسد ومطالبه (األكل ،الشرب ،النّوم ،الغرائز)..
السنة)
الوحي (القرآن ّ + عقل مف ّكر +قوّ ة فاعلة +إرادة حرّ ة
هبوط اإلنسان إلى األرض ليس عقابا ،وإ ّنما هو تكليف وتشريف ،تفضيل وتكريم (في الهبوط إلى
البر والبحر ورزقناهم من ّ
الطيبات وفضلناهم على كثير األرض ارتقاء) .قال تعالى ":ولقد ّ
كرمنا بني آدم وحملناهم في ّ
م ّمن خلقنا تفضيال" اإلسراء 70
ج /مسار االستخالف
قال تعالى ":يا أ ّيها اإلنسان إ ّنك كادح إلى ر ّبك كدحا فمالقيه" االنشقاق 6
ــ إنّ استخالف اإلنسان حركة إنسانية نحو المطلق ومسار تاريخي ال يتوقف في سعي مستمر نحو
ال ّتسامي وال ّترقي واإلبداع ،عمال باألثر المشهور " لو تع ّلقت ه ّمة المرء بما وراء العرش لناله"
ــ االستخالف يعني الفعل الحضاري المتواصل في الكون ضمن ما ه ّيأه هللا لإلنسان من قدرات ووعي.
د /مرتكزات (أسس) خالفة اإلنسان في األرض
ــ االستخالف أمانة واألمانة مسؤولية والمسؤولية ال تنهض إالّ بالحر ّية.
ــ ترتكز خالفة اإلنسان في األرض على ثنائية الحر ّية وااللتزام:
االلتزام الحريّة
بمعنى تق ّيد اإلنسان المستخلف بالمنهج اإللهي، حريّة مقيّدة تخضع للسنن الكونيّة.
وعدم السير وفق هوى ال ّنفس. حريّة واعية تعني رشد ال ّتصرف
حريّة مسؤولة تستبطن روح المسؤولية
/3االستخالف والعبادة
قال تعالى ":وما خلقت الجنّ واإلنس إالّ ليعبدون" الذاريات 59
هي غاية الخلق ،لكن ليست العبادة بمفهومها الشعائري الضيق (ركوع ،سجود ،طواف )...فقط، العبادة ّ
وإ ّنما هي إضافة إلى ذلك ،العبادة بمفهومها الشامل (عمل صالح ،خير ،دراسة ،إبداع ،عدل ،إيثار،
مصلحة )...بما فيها من تحقيق إلرادة هللا في األرض (االمتثال ألوامر هللا تعالى واجتناب نواهيه) .فالمعنى
مجرد شعائر موقوتة بأوقات مع ّينة (أوقات الصالة ،أشهر ّ تتحول من
ّ هي أنالحقيقي للعبادة في اإلسالم ّ
الحج ،شهر رمضان )...وفي أمكان محدّ دة ال يعرف اإلنسان ر ّبه إالّ فيها (المسجد ،الجامع ،البقاع
المقدّ سة )...إلى كونها أنماط سلوكية وقيم أخالق ّية تصاحب اإلنسان في كل ّ وقت فتصير عبادة مالزمة
لإلنسان في كل ّ لحظات حياته.
قال تعالى ":إنّ الصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر" العنكبوت45
الصالة جسر بين عالمين (جانب مادي مشاهد من ركوع وسجود وتالوة( + )...جانب روحي غيبي من
خشوع واطمئنان)...
الصالة = صلة بين اإلنسان وهللا (في محراب المسجد) +صلة اإلنسان بالطبيعة (في عالقة اإلنسان ّ
بالكون :العلم والبحث وال ّتأمل في حركة الكون) +صلة اإلنسان بذاته (تج ّنب االنتحار وال ّتهلكة + )...صلة
الرحم ـ ال ّتكافل االجتماعي.)...
بر الوالدين ـ صلة ّ اإلنسان بأخيه اإلنسان (في عالقة اإلنسان بالمجتمعّ :
اإلنسان فاعل في عالم الشهادة ُمغالب للفتن واألهواء ،مستعدّ للحساب في عالم الغيب.
المبحث الثاني :تسخير الكون ومسؤول ّية اإلنسان
المسألة الثانية :اإلنسان ووعي ّ
الزمن
/1مفهوم ّ
الزمن
الزمان في الفكر العربي القديم يشوبه الكثير من الغموض واالضطراب ،ور ّبما نجم هذا األمر إنّ مفهوم ّ
وتفرعها.
ّ من تعدّ د المصطلحات الدّ الة على ّ
الزمان
والزمان اسم لقليل الوقت وكثيره ،وأزمن الشيء طال عليه الزمن ،وأزمن بالمكان أقام به ّ ّ
"الزمن
زمانا"ابن منظور ،لسان العرب (ج ،13ص . )199
الزمن :الوقت ،العصر ،الحين ،الدّ هر ،المدّ ة،جمعه أزمان وأزمنة وأزمن .ومن األلفاظ المع ّبرة عن ّ
اليوم ...قال تعالى ":هل أتى على اإلنسان حين من الدّ هر لم يكن شيئا مذكورا" اإلنسان1
الزمان إلى ثالثة أقسام :ماض قد انقضى وحاضر يتح ّقق ومستقبل لم يتح ّقق بع ُد يقسموا ّاعتاد ال ّناس أن ّ
فهو ما يزال يفتقر إلى الوجود:
● الماضي يستند إلى ملكة ال ّتذكر وال ّنظر وال ّتحقيق /االعتبار = أخذ العبرة /الدّ رس .يقول ابن
خلدون ":ال ّتاريخ في ظاهره ال يزيد عن اإلخبار وفي باطنه نظر وتحقيق" المقدّ مة.
● الحاضر يرتكز على َملكة االنتباه والفعل الحضاري.
● المستقبل يقوم على األمل واالستشراف وال ّتوقع واالستباق.
يقسم الزمن إلى قسمين :زمن دنيوي وزمن أخروي: ومن ال ّناس من ّ
● زمن دنيوي مآله الفناء (له بداية ونهاية)
● زمن أخروي أبدي (ال نهاية له).
الزمان في القرآن /2فكرة ّ
أ /حضور ّ
الزمن في القرآن:
الزمن في القرآن الفت ،وقد وردت فكرة الزمان في القرآن الكريم على مستويين: حضور ّ
هو المستوى ال ّنظري الفلسفي. هو المستوى االصطالحي والثاني ّ األول ّ
ّ
الزمان ،فلم يرد بال ّنص وإ ّنما وردت ألفاظ دا ّلة عليه كالدّ هر،
يخص مصطلح ّ ّ األول ففيما
*أ ّما المستوى ّ
والسرمد ،واألبد،وال ُخلد ،والوقت ،والعصر، ّ والحين ،واآلن ،والمدّ ة ،واليوم ،واألجل ،واألمد،
والفجر،والضحى ،والليل،وال ّنهار...
قال تعالى ":مالك يوم الدّ ين" الفاتحة /وقال تعالى ":إنّ الصالة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا" ال ّنساء 103
وقال تعالى ":وآتوا ح ّقه يوم حصاده" األنعام 142
والحج" البقرة 189 ّ وقال تعالى ":يسألونك عن األه ّلة قل هي مواقيت لل ّناس
وقال تعالى ":وقالوا ما هي إالّ حياتنا الدّ نيا نموت ونحيا وما ُيهلكنا إالّ الدّ هر وما لهم بذلك من علم إن هم إالّ يظنون"
الجاثية 24
في اآلية إشارة إلى طائفة "الدّ هريين" الذين جمعوا بين إنكار الخالق وإنكار البعث ويوم القيامة.
هو الذي يرى أنّ العالم موجود أزال وأبدا ،ال صانع له.
هري ّ
ّ الدّ هرية :الدّ
وقال تعالى:قل أرأيتم أن جعل هللا عليكم ال ّنهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير هللا يأتيكم بليل تسكنون فيه أفال
ُتبصرون"القصص72
السرمد :بمعنى ّ
الزمان الدّ ائم الذي ال ينقطع،أو ما ال ّأول له وال آخر. ّ
ال ُخلد :بمعنى دوام البقاء
السماوات واألرض وما بينهما في ستة أ ّيام ث ّم استوى على العرش"الفرقان 59
وقال تعالى:إنّ ر ّبكم هللا الذي خلق ّ
السجدة 5
السماء إلى األرض ث ّم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة م ّما تعدّ ون" ّ
وقال تعالى ":يد ّبر األمر من ّ
* وفي المستوى الثاني(النظري الفلسفي) نشير إلى بعض األفكار األساسية في مشكلة الزمان ،وال ّتي
وجهت تفكير الفالسفة المسلمين وجهة قرآن ّية: نرى أ ّنها ّ
الزمان إلى زمان مطلق وزمان طبيعي ⮚ تقسيم ّ
والصفات ــ مسألة خلق القرآن)...
ّ ⮚ مشكلة القِدَ م والحدوث (مسألة الذات
ب ــ داللة حضور ّ
الزمن: