Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 16

‫الدكتور‪ :‬أمحمد ربيــع‬

‫أستاذـ محاضر"ب"‬
‫ميدان علم االجتماع‬
‫تخصص انثروبولوجياـ‬

‫كلية العلوم اإلنسانيةـ واالجتماعية‬


‫جامعةـ قاصدي مرباح بورقلة‬

‫‪1‬‬
‫محاضرة في مقياس‬

‫انثروبولوجياـ التنمية‬

‫للسنة الثانية‬

‫تخصص‪ :‬انثروبولوجيا‬

‫د‪ /‬ربيع امحمد‬


‫استاذ محاضر‬
‫كلية العلوم االنسانية واالجتماعية‬
‫بجامعة قاصدي مرباح ورقلة‬

‫مقياس انثروبولوجيا التنمية‬

‫‪2‬‬
‫محاضرة‬

‫التنمية الريفية‬
‫( أثارها ونتائجها )‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫ان من أهم القضايا اليت شغلت فكر علماء االجتماع وحظيت باهتمام رجال احلكم وصناع القرار‬
‫وكذااجملتمع بكل فئاته هي‪ :‬قضية التنمية‪ ،‬والتنمية الريفية على اخلصوص ولعل دلك راجع إىل األمهية‬
‫اليت يكتسيها هذا املوضوع الذي يدفعنا اىل التطرق إىل مفهوم التنمية الريفية‪ ،‬وبيان أمهيتها وواقعها‬
‫احلايل يف االقتصاد اجلزائري‪ ،‬واملستلزمات الضرورية لتأهيلها وتطويرها من أجل خلق مناصب شغل‬
‫جديدة‪.‬كما جيعلنا نتساءل عن مدى مسامهة إسرتاتيحية التنمية الريفية كألية للحد من البطالة وحتقيق‬
‫تنمي ة مس تدامة يف اجلزائ ر ‪ ،‬وعن مس امهة ب رامج التنمي ة الريفي ة املس طرة يف اجلزائ ر يف خل ق مناص ب‬
‫شغل لتحقيق تنمية مستدامة ومن خالل احلصول على اجابة موضوعية‪.‬‬
‫تظهر لنا أمهية هذا البحث يف الرتكيز على أهم املشاكل اليت حتول دون تقدم التنمية الريفية باعتبارها‬
‫هام ا و قطاع ا فع اال‪ ،‬إذ الب د للحكوم ة أن تق وم بالتخطي ط اجلي د ودراس ة مالئم ة لواق ع الش غل يف‬
‫اجلزائر‪ ،‬وتعد إسرتاتيجية التنمية الريفية من البدائل اليت تالئم طبيعة االقتصاد اجلزائري‪ .‬اذا وضعنا يف‬
‫تصورنا واعتبارنا القضايا التالية اليت تدفعنا اىل الوقوف على امهية التنمية وضرورهتا‪:‬‬
‫ـ اإلطار النظري للتنمية الريفية؛‬
‫ـ اإلطار النظري البطالة؛‬
‫ـ مسامهة برامج التنمية الريفية يف اجلزائر ومدى مسامهتها يف احلد من ظاهرة البطالة‪.‬‬
‫وعليه عند حبثنا لتلك العناصر او احملاور االساسية فانه ميكننا ان نقول‪:‬‬
‫ـ اإلطار النظري للتنمية الريفية؛‬
‫قبل ان نتناول االطار النظر للتنمية نرى ان من االمهية مبكان ان نشري اىل احليثيات التالية‬
‫وهي‪:‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -1‬أن أغلب سكان العامل خاصة يف الدول النامية يعيشون يف الريف فنجد على سبيل املثال أن‬
‫متوسط نسبة سكان الريف يف الوطن العريب باستثناء الكويت تبلغ حنو ‪ 85-60‬يف املائة من مجلة‬
‫السكان؛‬
‫‪ -2‬أوضحت الدراسات اإلحصائية اليت أجريت يف أفريقيا وآسيا أن ما بني ‪%75‬و‪ %85‬من‬

‫‪3‬‬
‫السكان الريفيني يشتغلون بالزراعة أما بقية السكان الريفيني فيمتهنون أعماالً أخرى منها الصناعات‬
‫الريفية والتجارة والنقل واخلدمات؛‬
‫‪ -3‬أن نسبة املشتغلني بالزراعة من مجلة عدد السكان الريفيني تبلغ ما بني ‪ %75-45‬وخاصة يف‬
‫الدول العربية؛‬
‫‪ -4‬قصور أمناط التنمية املتبعة يف كثري من دول العامل الثالث عن مواجهة متطلباهتا من األغذية‬
‫وتكوين رؤوس األموال وقصور االستثمار يف املوارد البشرية يف الريف؛‬
‫‪ -5‬ارتفاع معدالت اهلجرة من الريف إىل احلضر(النزوح الريفي)؛‬
‫‪ -6‬أن هناك تفاوتاً كبرياً يف مستوى نصيب الفرد من اخلدمات العامة ويف البيئة املعيشية بني سكان‬
‫الريف وسكان احلضر وتدل التقديرات على أن نصيب الفرد من اخلدمات العامة يف احلضر يبلغ ‪6-4‬‬
‫تقرير املركز اإلقليمي ملنظمة األغذية‬ ‫مرات أكثر من نصيب الفرد يف الريف كما ورد يف‬
‫والزراعة؛‬
‫‪ -7‬ارتفاع نسبة األمية بني سكان الريف‪ ،‬فمثالً تبلغ نسبة األمية يف الوطن العريب ‪ %72.6‬من مجلة‬
‫عدد السكان ومعظم هؤالء األميني من سكان الريف؛‬
‫‪ -8‬أن أعلى نسبة للفقراء يف العامل تعيش يف املناطق الريفية‪ ،‬ويقسم تقرير البنك الدويل حول‬
‫إسرتاتيجية التنمية الريفية إىل جمموعات حسب درجة فقرهم فهناك فقر كلى ومعناه أن يبلغ دخل‬
‫الفرد سنوياً ما يعادل ‪ 50‬دوالراً أمريكياً فأقل وفقر نسيب وهو الفرد الذي يقل دخله السنوي عن‬
‫نصف متوسط دخل الفرد على املستوى القومي وبناء على التقسيم فإن حتليل سكان مجيع الدول‬
‫النامية اليت يزيد عدد سكاهنا على املليون يوضح أن ما يقرب من‪ %85‬من الذين يعانون من الفقر‬
‫الكلى يعيشون يف مناطق ريفية؛‬
‫‪ -9‬ارتفاع معدل اهلجرة من الريف إىل احلضر خاصة الفئات ذات القدرة املهنية من الشباب أدت‬
‫إىل حرمان الريف من االستفادة من قدراهتم يف إحداث تنمية لتطوير الريف؛‬
‫من أجل ذلك برزت أمهية التنمية الريفية املستدامة كقضية هتتم هبا الدول واملنظمات واهليئات‬
‫الدولية‪ ،‬وقد أنشأت من أجل التخطيط هلا ومتابعة حتقيق أهدافها واسرتاتيجياهتا إدارات متخصصة يف‬
‫الدول واملنظمات‪ ،‬ومن ذلك شعبة األمم املتحدة للتنمية املستدامة وهي جزء من إدارة الشؤون‬
‫االقتصادية واالجتماعية التابعة لألمم املتحدة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مفهوم التنمية الريفية‪ :‬إن دراسة التنمية االقتصادية هي من الدراسات احلديثة نسبياً اليت اهتم‬
‫هبا علم االقتصاد بعد بداية القرن العشرين خاصة يف الدول النامية‪ ،‬ووجدت من املفيد أوالً أن نعرض‬
‫أهم تعري ف للتنمي ة وأمشلها‪ ،‬ملا تض منه من عناص ر مهم ة يف التنمي ة وش روط العم ل واالس تمرار هبا‬

‫‪4‬‬
‫وهو‪ ( :‬عملية يتم فيها زيادة الدخل احلقيقي زيادة تراكمية وسريعة ومستمرة عرب فرتة من الزمن حبيث‬
‫تكون هذه الزيادة أكرب من معدل منو السكان مع توفري اخلدمات اإلنتاجية واالجتماعية ومحاية املوارد‬
‫املتجددة من التلوث واحلفاظ على املوارد الغري متجددة من النضوب)‪)2(.‬‬
‫لكن ميكن تعري ف التنمي ة الريفي ة مبا يلي‪ :‬تش كل التنمي ة الريفي ة مسلس ال مشوليا‪ ،‬مركب ا ومس تمرا‬
‫يستوعب مجيع التحوالت اهليكلية اليت يعرفها العامل الريفي‪ ،‬ويرتجم هذا املسلسل من خالل تطور‬
‫مستوى نتائج النشاط الزراعي‪ ،‬واستغالل املوارد الطبيعية والبشرية وتنويع األسس االقتصادية للسكان‬
‫القرويني وحتسني ظروفها االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬تعمل على الرفع من جاذبية احلياة والعمل‬
‫يف األرياف سواء على املستوى احمللي أو الوطين أو الدويل‪.‬‬
‫ثاني ــا‪ -‬األه ــداف االقتص ــادية للتنمي ــة‪ :‬من أهم األه داف االقتص ادية اخلاص ة للتنمي ة الريفي ة يف ال يت‬
‫تسعى لتحقيقها بشكل خاص ما يلي‪:‬‬
‫ـ إدخ ال تع ديالت جذري ة على وس ائل اإلنت اج واخلدمات اإلنتاجي ة واالجتماعي ة واملؤسس ات‬
‫االقتصادية‪ ،‬والتعاونيات احلرفية العاملة باألرياف؛‬
‫ـ الرتك يز على البع د االجتم اعي للتنمي ة الزراعي ة من خالل تق دمي ال دعم الف ين واملادي لص غار‬
‫املزارعني يف املن اطق الريفية مبا يس هم يف رف ع كف اءهتم اإلنتاجية وتنويع أنش طتهم الزراعية ورف ع‬
‫دخوهلم وحتسني مستوياهتم املعيشية؛‬
‫ـ تنوي ع األنش طة اإلنتاجي ة غ ري الزراعية لتعزيز م داخيل الس كان وتوف ري الش غل ال ريفي‪ ،‬نشري يف‬
‫اآلخر أن تعدد أمناط التنمية ال يفيد يف شيء‪ ،‬لكن تداخلها وتضافرها سيؤدي إىل بلوغ مساعي‬
‫التنمية املنشودة؛‬
‫ـ التغلب على التح ديات ال يت تواج ه ص غار املزارعني يف املن اطق الريفي ة وال يت من أمهه ا إخنف اظ‬
‫دخ ل ص غار املزارعني وص ائدي األمساك فيه ا وارتف اع تكلف ة اإلنت اج وت دين الكف اءة اإلنتاجي ة‬
‫الزراعية واملنافسة احلادة اليت يواجهوهنا من كبار املستثمرين وحمدودية املعلومات السوقية والبىن‬
‫األساس ية للتس ويق ال زراعي وغريه ا من اجملاالت ال يت هتم اجلانب ال زراعي ال ريفي وص غار‬
‫املزارعني؛‬
‫ـ رفع الكفاءة اإلنتاجية للمؤسسات الزراعية الريفية؛‬
‫ـ تنويع النشاطات الزراعية لصغار املزارعني‬
‫التنمية الريفية‪ :‬تتطلب التنمية الريفية املستدامة مشاركة متنوعة من مجيع اجلهات واملؤسسات‬
‫واهليئات وأفراد اجملتمع املتأثرين بنواجتها يف عمليات التخطيط واإلدارة والتقومي‪ ،‬وهتدف املشاركة يف‬
‫(‪)3‬‬
‫إدارة عمليات التنمية يف الريف إىل عدة أمور منها‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -1‬ترشيد سياسات وقرارات إدارة التنمية؛‬
‫‪ -2‬اإلسراع بإحداث التغريات السلوكية الضرورية لنجاح التنمية؛‬
‫‪ -3‬إدراك املواطنني لإلمكانيات املتاحة للتنمية الريفية؛‬
‫‪ -4‬تأمني املوارد املالية والبشرية الالزمة للتنمية الريفية عن طريق التمويل الذايت؛‬
‫‪ -5‬احلرص على املال العام واإلسهام يف احملافظة على مقومات الدخل القومي؛‬
‫‪ -6‬مساعدة املواطنني وتدريبهم على أساليب حلل املشكالت التنموية؛‬
‫وقد تقف جمموعة من العقبات يف طريق حتقيق املشاركة اجملتمعية يف عمليات ختطيط وإدارة التنمية‬
‫الريفية منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬نوع التخطيط االسرتاتيجي للتنمية؛‬
‫ب‪ -‬األسلوب املعتمد إلدارة التنمية؛‬
‫ج‪ -‬مستوى الوعي التنموي لدى الشركاء؛‬
‫د‪ -‬مستوى القدرة اجملتمعية على املشاركة التنموية؛‬
‫ولذلك فال بد من التخطيط االسرتاتيجي القائم على املعايري العلمية واخلطوات العملية مبشاركة اجملتمع‬
‫الريفي ومجيع مؤسساته احلكومية إلحداث تنمية ريفية مستدامة إذا ما أردنا حتقيق مؤشرات تنموية‬
‫مثالية والتغلب على مشكالت التنمية الريفية اليت تدفع بسكان الريف للهجرة يف اجتاه مواطن التنمية‬
‫يف املدن‪ .‬ولوضع إسرتاتيجية وطنية للتنمية الريفية املستدامة‪ ،‬وذلك من خالل االستفادة من التجارب‬
‫الدولية يف هذا اجملال‪ ،‬والرتكيز على الربامج اليت تتالءم مع بيئة الريف‪ ،‬وإشراك مجيع األطراف يف‬
‫عمليات بناء اإلسرتاتيجية الوطنية وفق املناهج احلديثة للتخطيط االسرتاتيجي‪ ،‬وميكن بناء رؤية علمية‬
‫إسرتاتيجية للتنمية الريفية بإتباع اخلطوات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬حتديد األسس واحملددات األساسية للتخطيط االسرتاتيجي؛‬
‫‪ - 2‬حتديد املشاركني يف عمليات التحليل والتقومي والتشخيص وحتديد األولويات املرغوبة للتطوير؛‬
‫‪ -3‬حتديد منطلقات الرؤية العلمية اإلسرتاتيجية وجماالهتا؛‬
‫‪ -4‬تشخيص الواقع من خالل عمليات البحث والتحليل والتقومي؛‬
‫‪ -5‬حتديد األولويات املرغوبة واآلمال املطلوب بلوغها يف ظل األسس واحملددات ومنطلقات الرؤية؛‬
‫‪ -6‬صياغة الرؤية العلمية يف إطارها العام؛‬
‫‪ -7‬حتديد األهداف العامة للرؤية؛‬
‫‪ -8‬حتديد األهداف اإلسرتاتيجية؛‬
‫‪ -9‬وضع اخلطط للربامج واملشروعات الالزمة لتحقيق األهداف اإلسرتاتيجية للرؤية العلمية‬

‫‪6‬‬
‫اإلسرتاتيجية؛‬
‫‪ -10‬حتديد جهات التنفيذ ومعايري ومؤشرات التحقق لألهداف اإلسرتاتيجية‪)4(.‬‬
‫من بني املشكالت االقتصادية اليت زعزعت كيان معظم اقتصاديات العامل‪ ،‬جند ظاهرة البطالة واليت‬
‫تعترب من املواضيع اليت كانت جماال للدراسة واالهتمام خاصة يف البلدان املتقدمة‪ ،‬حيث تعمقت‬
‫األحباث وتعددت النظريات االقتصادية اليت فسرت هذه الظاهرة‪ ،‬وإذا تكلمنا عن البطالة يف بالدنا‪،‬‬
‫جند أهنا بقيت الشغل الشاغل بالنسبة للحكومة اجلزائرية‪ ،‬خاصة بعد تعرض االقتصاد اجلزائري خالل‬
‫النصف الثاين من الثمانينات إىل أزمة اقتصادية بعد السقوط احلر ألسعار البرتول‪ ،‬وظهرت بذلك عدة‬
‫اختالالت نتيجة اعتماد الدولة على عنصر واحد يف التصدير‪ ،‬فاخنفض النشاط التنموي وتقلصت مدا‬
‫خيل البالد‪ ،‬وعرفت بذلك البطالة مستويات مرتفعة وعجزت أغلب املؤسسات العمومية يف إحداث‬
‫مناصب عمل جديدة‪.‬‬
‫ـ اإلطار النظري للبطالة‬
‫تعترب البطالة مشكلة عاملية‪ ،‬حيث توجد بنسب متفاوتة يف كل دول العامل املتقدمة منها والنامية على‬
‫السواء‪ ،‬إذ أن التوظيف الكامل للعمالة هو مصطلح يبدو مراوغا للتحديد‪ ،‬وهو مبدئيا حيمل معىن‬
‫واحد هو أن يستخدم سوق العمل ( ‪ )% 100‬من قوة العمل‪ ،‬ولكن مثل ذلك ليس هو احلالة‪،‬‬
‫حيث أن بعض البطالة يعتقد أهنا حالة عادية‪ .‬إن الظاهر من خالل تاريخ الفكر االقتصادي يبني أن‬
‫الرتكيز على موضوع االستعمال األمثل للموارد على املستوى االقتصادي الكلي مل حيتل املكانة‬
‫الالئقة يف الدراسات االقتصادية إال مع بداية ا لقرن العشرين عندما ظهرت حالة الكساد العامة‬
‫والبطالة اخلانقة اليت مل تستثنا منها أي دولة من الدول الرأمسالية‪ ،‬حيث شهدت بداية الثالثينات من‬
‫القرن العشرين ظهور اختالل واضح ودائم يف سوق العمل‪ ،‬وهذا بني العرض على العمل والطلب‬
‫عليه‪ ،‬حيث اجنر عن هذا االختالل ضغطا اجتماعيا وتعطال يف النشاط االقتصادي‪ ،‬األمر الذي جعل‬
‫موضوع البطالة يعرف كل املعىن واملفهوم املتعارف عليه اليوم‪ ،‬والذي أصبحت هناك حاجة ملحة‬
‫لفهمه والبحث يف اآلثار الناجتة عنه‪ ،‬ومن مث إجياد احللول املناسبة للقضاء عليه‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مفهوم البطالة‪:‬‬
‫تعرف على أهنا عدم وجود عمل يف جمتمع ما للراغبني فيه والقادرين عليه‪ ،‬أي أهنا تعين صفة العاطل‬
‫عن العمل‪ ،‬بشكل عام ميكن القول عن الشخص أنه عاطل عن العمل إذا توفر فيه الشرطني‪ :‬القدرة‬
‫على العمل والبحث عنه‪)5(.‬‬
‫كما تعرف البطالة بأهنا التوقف اجلربي جلزء من القوة العاملة يف جمتمع ما برغم القدرة والرغبة يف‬
‫العمل واإلنتاج‪)6(.‬‬

‫‪7‬‬
‫وتعرف البطالة حسب املكتب الدويل للعمل‪)7(:‬‬
‫تتكون فئة البطالني من كل األشخاص الذين ترتاوح أعمارهم بني ‪ 16‬و ‪ 59‬سنة‪ ،‬ووجدوا أنفسهم‬
‫يف يوم معني أو أسبوع معني يف إحدى الفئات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬بدون عمل‪ :‬أي الذين ال يعملون مقابل أجر؛‬
‫‪ -‬متاح للعمل‪ :‬أي الذين باستطاعتهم القيام بالعمل فورا؛‬
‫‪ -‬يبحث عن العمل‪ :‬أي الذين اختذوا خطوات حمددة خالل فرتة معينة للبحث عن عمل مأجور‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أنواع البطالة‪ :‬ميكن التمييز بني نوعني رئيسيني للبطالة‪ ،‬يندرج حتتهما أنواع فرعية متعددة‪:‬‬
‫‪ -1‬البطالة السافرة (الصريحة)‪ :‬تتمثل يف وجود أفراد قادرين على العمل وال يشغلون أية وظائف‪،‬‬
‫وبالتايل يكون وقت العمل بالنسبة هلم صفرا‪ ،‬وإنتاجيتهم معدومة‪ ،‬ومتثل البطالة السافرة أكثر أشكال‬
‫البطالة ذيوعا بوصفها الصورة الواضحة للبطالة‪ ،‬وميكن التمييز بني نوعني من البطالة السافرة‪:‬‬
‫البطالة اإلجبارية والبطالة االختيارية‪.‬‬
‫أ‪ -‬البطالة اإلجبارية‪ :‬وتعين حالة وجود شخص قادر على العمل‪ ،‬ويبحث عنه بشكل جاد عند أجر‬
‫سائد‪ ،‬لكنه ال جيده حيث يبقى جمربا على التعطل من غري إرادته أو اختياره‪ ،‬وميكن التمييز بني عدة‬
‫أشكال هلذا النوع من البطالة وذلك وفقا لألسباب املؤدية لكل منها وهي‪)8(:‬‬
‫أ‪ )1-‬البطالة االحتكاكية‪ :‬تعين وجود الفرد يف حالة تعطل‪ ،‬نتيجة للوقت الذي ينقضي عليه بسبب‬
‫حبثه عن عمل‪ ،‬دون أن جيد العمل املناسب له‪ ،‬أو حالة عدم عثور صاحب العمل على العمالة املناسبة‬
‫للوظائف الشاغرة‪.‬‬
‫أ‪ )2-‬البطالة الدورية‪ :‬ترتبط هذه البطالة بتقلبات النشاط االقتصادي أو ما يسمى بدورة األعمال‬
‫االقتصادية حيث تظهر يف حالة االنكماش أو الركود‪ ،‬ذلك أنه عندما ينخفض الطلب الكلي على‬
‫السلع واخلدمات يقوم أصحاب األعمال بتسريح جزء من العمال‪.‬‬
‫أ‪ )3-‬البطالة الهيكلية‪ :‬ميكن إرجاع وجود البطالة اهليكلية إىل عاملني حيث األول يفسر وجود هذا‬
‫النوع من البطالة يف حالة عدم التوافق بني املهارات املطلوبة لفرص العمل املتاحة وبني املهارات اليت‬
‫ميلكها األفراد الباحثني عن العمل‪ ،‬كذلك عدم التوافق بني املناطق اجلغرافية اليت توجد هبا فرص العمل‬
‫واملناطق اجلغرافية اليت يوجد هبا األفراد الباحثون عن العمل‪)9(.‬‬
‫أ‪ )4-‬البطالة الموسمية‪ :‬تنشأ هذه البطالة بسبب قصور الطلب على العمال يف مواسم معينة أي أهنا‬
‫تنشأ نتيجة لتغري أو تذبذب الطلب على العمل تبعا لتذبذب مستوى اإلنتاج‪ ،‬وتنتشر يف الدول النامية‬
‫الكثيفة السكان اليت تعتمد بدرجة كبرية على النشاط الزراعي‪ ،‬وخري مثال على هذا النوع من البطالة‬

‫‪8‬‬
‫جند ازدهار نشاط زراعي أو صناعي معني يف يتم تسرحيهم‪ ( ،‬املوسم ) موسم ما‪ ،‬حيث يتطلب هذا‬
‫النشاط تشغيل عددا من العمال‪ ،‬وعند انتهاء العمل‪.‬‬
‫ب‪ -‬البطالة االختيارية‪ :‬تشمل هذه البطالة األفراد القادرين على العمل إال أهنم ال يرغبون فيه يف‬
‫ظل األجور السائدة‪ ،‬بالرغم من وجود وظائف شاغرة هلم‪ ،‬مثل األغنياء الذين يعزفون عن قبول‬
‫العمل يف ظل األجور املتاحة‪ ،‬وبعض املتسولني‪ ،‬وكذلك األفراد الذين تركوا وظائف كانوا حيصلون‬
‫منها على أجور عالية‪ ،‬وال يرغبون يف االلتحاق بوظائف مماثلة بأجور أقل مما تعودوا عليه من األجور‬
‫املرتفعة‪ ،‬غري أن هذا النوع من البطالة ال يدخل ضمن حساب قوة العمل يف اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -2‬البطالة املقنعة‪ :‬تسمى مقنعة ومسترتة ألهنا غري ملحوظة‪ ،‬وهي تصف العمال الذين يعملون‬
‫بإنتاجية حدية معدومة‪ ،‬وغالبا ما جند هذا النوع من البطالة يف اجملال الزراعي التقليدي أو الوظائف‬
‫احلكومية؛ جند مثال يف مزرعة فالحيه مخسة عمال منهم عامالن قادران على القيام جبميع شؤوهنا‪،‬‬
‫فنالحظ أن الثالثة عمال الباقون هم من ضمن البطالة املقنعة‪ ،‬ولكننا ال نستطيع معرفة من هم الثالثة‬
‫العاطلون عن العمل‪ ،‬ومن مث متثل البطالة املقنعة أصعب أنواع البطالة ألنه من الصعب حصرها‬
‫والتعامل معها وعالجها‪)10(.‬‬
‫ثالثا‪ -‬أسباب البطالة في الدول النامية‪ :‬توجد العديد من األسباب اليت أدت إىل تفشي ظاهرة‬
‫البطالة يف الدول النامية نذكر منها على سبيل املثال ال احلصر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬النمو السكاني‪ :‬تتميز غالبية الدول النامية مبعدالت منو سكانية مرتفعة وهذا ما يرتجم إىل منو يف‬
‫قوة العمل مبعدالت كبرية أيضاً مما يستلزم خلق فرص عمل متزايدة‪ ،‬باستمرار‪ ،‬وهذا ال يتحقق يف‬
‫غالبية البلدان النامية إن مل نقل كلها‪ ،‬ذلك ألن فرص العمل لن تزيد إالّ بتنمية النشاط اإلنتاجي‬
‫احلقيقي وهذه التنمية لظروف كثرية تتحقق مبعدالت منخفضة يف معظم البلدان النامية؛ ما ميكن قوله‬
‫هو أن املشكل ليس يف النمو السكاين وإمنا املشكل يكمن يف عدم مرونة سوق العمل واجلهاز‬
‫اإلنتاجي يف هذه الدول وعدم استجابتهم للزيادة يف عرض العمالة‪.‬‬
‫‪ -2‬التبعية االقتصادية‪ :‬وينتج عن هذه التبعية أنه يف حالة حدوث أي تقلبات اقتصادية يف الدول‬
‫املتقدمة فحتماً تتأثر الدول النامية بتلك التقلبات‪ ،‬فحدوث الركود االقتصادي يف بعض السنوات‬
‫بسبب ظروف سياسية واقتصادية يف الدول املتقدمة يؤدي دائماً إىل حدوث ركود اقتصادي يف‬
‫البلدان النامية؛ فالبلدان املتقدمة تستورد جانباً كبرياً من املوارد األولية من البلدان النامية فحينما‬
‫حيدث ركود اقتصادي يف البلدان املتقدمة سيقل دخل البلدان النامية من تصدير السلع األولية وهو‬
‫مصدر دخلها يف بعض الدول‪ ،‬فاجلزائر مثالً ‪ % 99‬من صادراهتا حمروقات؛ ومنه ارتفاع معدالت‬
‫البطالة يف الدول املتقدمة يؤدي إىل ارتفاع معدالت البطالة يف الدول النامية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -3‬فشل جهود التنمية‪ :‬الكثري من البلدان النامية حاولت تطبيق بعض السياسات االقتصادية خالل‬
‫سنوات الستينات والسبعينيات من خالل تنمية الصناعات الكبرية اليت تعتمد على تقنيات حديثة‬
‫مكثفة لرأس املال‪ ،‬وبالتايل كانت مشكلة البطالة تزداد حدة مع عملية تنمية النشاط اإلنتاجي بدالً‬
‫من اخنفاضها‪ ،‬ومنه فشلت هذه السياسات وأدت إىل تدهور مؤشرات التشغيل وانتشار البطالة‪.‬‬
‫‪ -4‬تفاقم أزمة المديونية‪ :‬من نتائج االستدانة بالشكل الذي اتبعته الدول النامية خالل سنوات‬
‫الثمانينات من خالل اعتبار أزمة التمويل العائق الرئيسي جلهود التنمية‪ ،‬وأن اللجوء إىل االستدانة من‬
‫شأنه أن يرفع معدل النمو االقتصادي‪ ،‬هو اخنفاض حجم اإلنفاق االستثماري بسبب استنزاف العملة‬
‫الصعبة يف خدمة الدين‪ ،‬تدهور أسعار الصرف إضعاف قدرة الدول النامية املدينة على االسترياد‪،‬‬
‫وتعطل الطاقات الوطنية‪ ،‬الشيء الذي أثر سلباً على النمو االقتصادي؛ وبالتايل انسداد فرص التوظيف‬
‫أمام طاليب العمل سواء يف القطاع العام أو يف القطاع اخلاص‪ ،‬وإن كانت مسامهة هذا األخري‬
‫منخفضة بسبب طبيعة التوجه االقتصادي الذي مييز جل هذه األعمال‪)11(.‬‬
‫رابعا‪ -‬عالج البطالة‪ :‬إن عالج البطالة ليس باألمر السهل غري أنه ميكن التقليل منها من خالل إتباع‬
‫بعض اإلجراءات واليت نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬من املمكن خفض معدالت البطالة االحتكاكية عن طريق خدمات املعلومات اليت يكون اهلدف‬
‫منها إعطاء معلومات كافية عن أماكن وشروط الوظائف اخلالية ومزاياها‪ ،‬وميكن أيضاً احلد من‬
‫البطالة االحتكاكية إذا أمكن للشباب الذين يبحثون عن عمل ألول مرة اختيار الوظيفة املناسبة هلم‬
‫فعالً‪ ،‬وهذا ال يأيت إالً عن طريق مزيد من املعلومات عن الوظائف املتاحة مع تقدمي النصيحة بشأهنا‬
‫من ذوي اخلربة‪ ،‬ذلك ألهنم إذا أخطأوا يف اختيار الوظيفة املناسبة أول مرة فإهنم سيرتكوهنا بعد ذلك‬
‫ويقومون مرة أخرى بالبحث عما يالئمهم‪)12(.‬‬
‫‪ -2‬عالج البطالة اهليكلية يتطلب إعادة تدريب العمال وتأهيلهم حىت تصبح قدراهتم الوظيفية‬
‫متناسبة مع ما هو مطلوب يف سوق العمل‪ ،‬وأحد املصادر املتجددة للبطالة اهليكلية يف الدول النامية‬
‫هم خرجيي اجلامعات واملعاهد واملدارس العليا الذين ال يؤهلهم تعليمهم للوظائف املطلوب شغلها‪،‬‬
‫والعالج هنا يتمثل يف تطوير برامج التعليم وحتديثها مبا يالئم احتياجات النشاط االقتصادي‪ ،‬كذلك‬
‫فإن عالج البطالة اهليكلية يكون أيضاً بتشجيع العمال على احلركة من املدن اليت ال جيدون فيها‬
‫وظائف تناسبهم أي تتطابق مع ختصصاهتم وخرباهتم إىل املدن اليت هبا أنشطة حمتاجة إىل هذه‬
‫التخصصات واخلربات‪.‬‬
‫‪ -3‬السياسات االقتصادية ميكن أن تلعب دوراً كبرياً يف خفض البطالة اإلجبارية تدرجيياً فاملفروض‬
‫أن تقوم احلكومات باختاذ السياسات النقدية واملالية التوسعية اليت تساعد على التخلص من الركود‬

‫‪10‬‬
‫االقتصادي‪ ،‬ويف البلدان النامية يلزم باإلضافة إىل ذلك بذل جهود إمنائية مكثفة حىت ميكن رفع‬
‫معدالت االستثمار وتنمية النشاط اإلنتاجي يف األجل الطويل مبا خيلق فرصاً متزايدة للعمل‪ ،‬وينبغي‬
‫تفادي االعتماد على التقلبات احلديثة اليت ترفع درجة تكثيف رأس املال يف العمليات اإلنتاجية ألن‬
‫هذا يقلل من الطلب على العمل‪.‬‬
‫‪ -4‬تصحيح آلية األجور يف سوق العمل ميكن أن يلعب دوراً هاماً يف تقليل معدالت البطالة ذلك‬
‫ألنه كلما شاعت املنافسة يف سوق العمل كلما أصبحت معدالت األجور تعرب عن حالة عرض العمل‬
‫والطلب عليه‪ ،‬وبالتايل يصبح ممكناً أن تقوم التغريات يف األجور بدورها يف تصحيح الوضع كلما‬
‫اختل بسبب البطالة‪ ،‬وبالطبع فإنه ليس من املنتظر واقعياً أن يتم التخلص يف سوق العمل من كافة‬
‫العوامل اليت حتد من درجة املنافسة فيه ولكن أي خطوات تتخذ لتقليل حجم التدخل احلكومي أو‬
‫النقايب يف سوق العمل واحلد من سيطرة الشركات الضخمة على بعض أسواق العمل كلما أمكن‬
‫االستفادة من آلية األجور يف خفض معدالت البطالة السافرة‪)13(.‬‬
‫‪ -5‬إعطاء أمهية للقطاع الريفي وللصناعات احلرفية واألنشطة الصغرية ميكن االعتماد عليه يف خلق‬
‫فرص عمل‪ ،‬فهذه الصناعات تعتمد غالباً على تقنيات مكثفة للعمل‪ ،‬وحيث ال حتتاج إىل رؤوس‬
‫أموال كبرية أو خربة تنظيمية ضخمة للقيام هبا فإن من السهل للشباب القيام هبا‪ ،‬من ناحية أخرى‬
‫فإن دعم هذه الصناعات مينحها أماكن لتقيم فيها نشاطها وحل مشكلة متويلها ومساعدهتا يف تسويق‬
‫منتجاهتا سوف يساعدها كثرياً على النمو وبالتايل استيعاب أعداد أكرب من األفراد للعمل فيها‪.‬‬
‫_ التنمية الريفية في الجزائر ودورها في الحد من البطالة وتحقيق تنمية مستدامة‬
‫أوال‪ -‬واقع سوق العمل في الجزائر‪ :‬لقد قطعت التنمية االقتصادية أشواطا جديدة يف مطلع األلفية‬
‫الثالثة كان هلا انعكاسها االجيايب أوال على مستوى التشغيل والبطالة مث على مستوى االقتصاد الكلي‪.‬‬
‫إن التحسن الذي عرفته الوضعية االقتصادية خالل السنوات القليلة املاضية كان نتيجة للحجم الغري‬
‫مسبوق لالستثمار الذي مت رصده يف سنة ‪ ،2004‬وللرخاء املايل الناتج عن ارتفاع اجلباية البرتولية‬
‫املرتبطة هي األخرى بارتفاع أسعار البرتول‪ ،‬وللنمو االجيايب مليزان املدفوعات والذي قدر ب ‪12‬‬
‫مليار دوالر‪ ،‬ومبديونية اليت تقلصت بأكثر من مليارين دوالر السيما الديون املتوسطة والبعيدة املدى‪،‬‬
‫كل هذه املؤشرات الطموحة مسحت بوضع برنامج لدعم اإلنعاش االقتصادي للفرتة املمتدة بني (‬
‫‪ ،)2004-2001‬والذي بفضله عرف االقتصاد الوطين منوا مستقرا يف املتوسط قدر بنحو ( ‪4.7‬‬
‫‪ )%‬خالل نفس الفرتة‪،‬ودعم هذا الربنامج بربامج أخرى مثل برنامج التنمية الفالحية والتنمية الريفية‬
‫الذي شرع يف تنفيذه عام ‪ ، 2000‬وبرامج تدعيم ومتويل خمتلف برامج دعم الشباب‪ ،‬واحلصيلة هي‬
‫تراجع متزايد يف البطالة اليت اخنفضت معدالهتا بست نقاط خالل عامني لتنتقل من ( ‪)% 23.72‬‬

‫‪11‬‬
‫عام ‪ 2003‬إىل (‪ )% 17.65‬عام ‪ ،2004‬وكان هذا الرتاجع بسبب الزيادة اهلامة يف فرص‬
‫التشغيل باستحداث حوايل (‪ 720‬ألف منصب شغل جديد منها ‪ 230‬ألف منصب مؤقت)‪)11(.‬‬
‫والجدول التالي يوضح تطور معدل البطالة في الجزائر لسنوات (‪)2008-2000‬‬
‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫السنوات‬
‫‪11,3‬‬ ‫‪11,8‬‬ ‫‪12,3‬‬ ‫‪15,3‬‬ ‫‪17,7‬‬ ‫‪23,7‬‬ ‫‪25,7‬‬ ‫‪27,3‬‬ ‫‪29,5‬‬ ‫معدل‬
‫البطالة‪%‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثين باالعتماد على تقارير الديوان الوطني لإلحصاء‬
‫من خال اجلدول نالحظ أن معدالت البطالة يف االخنفاض وبشدة خاصة يف عامي ‪ 2004‬و ‪2005‬‬
‫وبلغت أدناها يف ‪ 2008‬حيث كان معدل البطالة ‪ .% 11.3‬وهذا ما يوحي بتحسن سوق العمل‬
‫باجلزائر‪ ،‬وهذا نتيجة ملا بذلته الدولة من جهود يف سبيل حماربة الظاهرة‪.‬‬
‫باإلضافة إىل املناصب اجلديدة اليت حققها القطاع اخلاص نظراً للتسهيالت املقدمة يف إطار تدعيم‬
‫االستثمار اخلاص يف اجلزائر‪ ،‬وخمتلف االسرتاتيجيات‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬إستراتيجية التنمية الريفية في الجزائر‪:‬مت يف ‪ 2006‬إعداد إسرتاتيجية للتنمية الريفية‬
‫(التجديد الريفي)‪ ،‬ويف سنة ‪ 2008‬مت مواصلة املسار من خالل إسرتاتيجية جتديد االقتصاد الزراعي‪،‬‬
‫حيث هتدف هذه اإلسرتاتيجية (‪ ،)2013-2009‬باعتبارها خطة وطنية للتنمية املستدامة للفالحة‬
‫إىل خلق مناصب شغل دائمة وتعزيز األمن الغذائي للبالد‪.‬‬
‫وترتكز هذه اخلطة على مخسة حماور رئيسية هي‪)12(:‬‬
‫ـ ترقية بيئة حتفيزية للمستثمرات الفالحية واملتعاملني يف جمال الصناعات الغذائية وتعزيز سياسة‬
‫دعم موائمة؛‬
‫ـ تطوير أدوات التنظيم سيما من خالل نظام تعديل املنتجات الفالحية ذات االستهالك الواسع‪،‬‬
‫وتأمني منتجي الثروات (يف جمال الفالحة وتربية املواشي والصناعات الغذائية)؛‬
‫ـ وضع عشرة برامج لتكثيف اإلنتاج والربامج اخلاصة بـ‪ :‬احلبوب‪ ،‬احلليب‪ ،‬البطاطا‪ ،‬الزيت‬
‫والتمور‪ ،‬واللحوم احلمراء والبيضاء‪ ،‬واالقتصاد يف املاء‪ ،‬وإنشاء األقطاب الزراعية املكملة؛‬
‫ـ إدخال عنصر الشباب بني مستغلي املستثمرات الفالحية وتعزيز قدراهتم التقنية من خالل تفعيل‬
‫التكوين والبحث وتعميمهما؛‬
‫ـ عصرنة اإلدارة الفالحية وتعزيز املؤسسات واهليئات العمومية املعنية (إدارة الغابات‪ ،‬اخلدمات‬
‫البيطرية‪ ،‬خدمات الصحة النباتية‪ ،‬منح العالمات التجارية‪.)...‬‬
‫ويف الوقت ذاته‪ ،‬بادر قطاع الزراعة والتنمية الريفية بإبرام نوعني من عقود األداء يف كل والية‪،‬‬
‫أحدمها ذي صلة باجلانب الزراعي ويتعلق بتجديد االقتصاد الزراعي (عشرة برامج) أما الثاين فهو ذي‬

‫‪12‬‬
‫صلة بالتجديد الريفي ويتعلق بالسياسة التجديد الريفي (‪ 12000‬مشروع جواري للتنمية الريفية‬
‫املتكاملة)‪ ،‬وستسري هذه العقود املمتدة على مدى الفرتة ‪ 2013-2009‬اعتبارا من املوسم‬
‫الفالحي ‪2009-2008‬‬
‫يرمي برنامج دعم التجديد الريفي من أربع برامج موحدة‪:‬‬
‫ـ عصرنة القرى بتحسني شروط احلياة يف البيوت الريفية‪،‬‬
‫ـ تنويع النشاطات االقتصادية‪،‬‬
‫ـ احلفاظ وتثمني املوارد الطبيعية‪،‬‬
‫ـ حـماية وتثمني اإلرث الريفي املادي وغري املادي‪.‬‬
‫وخبصوص النتائج‪ ،‬فقد عرف قطاع الزراعة منوا متطورا (‪ %1,9‬عام‪ 2005‬و ‪ %9,4‬عام ‪2006‬‬
‫و‪ %5‬عام ‪ 2007‬وتشكل هذه النسبة ‪ %8‬من الدخل احمللي اخلام) وقد أطلقت احلكومة عام‬
‫‪ 2000‬املخطط الوطين للتنمية والتجديد الريفي والذي من بني أهدافه ضمان األمن الغذائي للبالد‬
‫وترقية مداخيل التشغيل يف املناطق الريفية بطريقة مستدامة للموارد الطبيعية اهلشة‪.‬وقد أمثر تنفيذ‬
‫املخطط الوطين للتنمية والتحديد الريفي يف زيادة املخزون الشجري‪ ،‬بني سنة ‪ 1966‬و‪،2006‬‬
‫وتضاعف هذا املخزون لينتقل من ‪ 517000‬هكتار إىل ما يقارب ‪ 01‬مليون هكتار‪ ،‬وقد قدر‬
‫إنتاج البذور يف سنة ‪ 2005‬بـ ‪ 23‬مليون قنطار مث انتقل سنة ‪ 2006‬إىل ‪ 30‬مليون قنطار‪ ،‬ليصل‬
‫يف سنة ‪ 2007‬إىل ‪ 43‬مليون قنطار‪ ،‬وعرف إنتاج البطاطا عدم االستقرار خالل الفرتة ‪-2007‬‬
‫‪( 2005‬فائض إنتاج متبوع بندرة إنتاج)‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬أهم برامج التنمية الريفية المخططة لتوفير مناصب الشغل في الجزائر‪ :‬ومت ذلك من خالل‬
‫عدة مشاريع موضحة كما يلي‪)13(:‬‬
‫‪ -1‬مشروع التشغيل الريفي‪ :‬انطلق هذا املشروع عام ‪ 2004‬على مساحة تقدر‬
‫‪1427200‬هكتار تقع يف مناطق جبلية على مستوى ‪ 6‬واليات ( تيارت‪ ،‬تيسيمسيلت‪ ،‬الشلف‪،‬‬
‫عني الدفلى‪ ،‬املدية‪ ،‬البويرة)‪ ،‬وتستهدف فئة سكانية تقدر ب‪ 1340206‬نسمة‪ ،‬وكان اهلدف‬
‫األساسي هلذا املشروع هو إنشاء مناصب شغل دائمة وذلك يف إطار مكافحة ظاهرة البطالة والنزوح‬
‫الريفي‪.‬‬
‫‪ -2‬مشروع لتنمية الزراعة وخلق مناصب شغل في الجبال وفي الحوض المنحدر لوادي‬
‫الصفصاف‪ :‬انطلق يف عام ‪ 2003‬ملدة ‪ 7‬سنوات‪ ،‬وخيص مساحة تقدر ب ‪ 34110‬هكتار تقع‬
‫داخل والية سكيكدة (‪3‬بلديات) ووالية قسنطينة (بلدية واحدة)‪ ،‬وقد بلغت الفئة البطالة املستهدفة‬
‫‪ 23000‬نسمة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪-3‬المخطط الوطني للتشجير‪ :‬يضمن هذا املخطط فتح مناصب شغل دائمة ومؤقتة للبطالني يف‬
‫األرياف‪ ،‬حيث مت إنشاؤه لفرتة متتد إىل عشرين سنة ليتكفل جبزئية مكافحة التصحر ومحاية األحواض‬
‫املنحدرة‪ ،‬وتعطى األولوية فيه للسدود اجلاري استغالهلا‪ ،‬والسدود قيد البناء‪ ،‬حيث يستهدف هذا‬
‫املخطط يف جممله ‪600.000‬هكتار منها ‪265000‬هكتار أي حوايل ‪ %45‬لالجناز يف إطار محاية‬
‫وتثمني حميط األحواض املنحدرة يف املناطق اجلبلية‪.‬‬
‫‪ -4‬برامج تنمية القطاعات المرتبطة بالحفاظ على المياه واألراضي‪ :‬وهي ممولة من طرف الدولة‬
‫خللق مناصب شغل جديدة واحلد من النزوح الريفي‪ ،‬ويتم إطالقها سنويا مثل (برنامج دعم النمو‬
‫االقتصادي وبرنامج اهلضاب العليا)‪.‬‬
‫‪ -5‬برنامج تكثيف إنجاز السكنات الريفية‪ :‬حاولت الدولة اجلزائرية من خالل برامج دعم التنمية‬
‫الريفية حماولة تثبيب سكان األرياف‪ ،‬وذلك من خالل برامج السكن الريفي الذي بلغا حىت هناية سنة‬
‫‪ 2007‬حوايل ‪ 529000‬سكن‪ ،‬تستفيد من الدعم املايل للدولة‪.‬‬
‫الجدول التالي يوضح مساهمة قطاع الفالحي في خلق مناصب الشغاللوحدة‪ :‬ألف عامل‬
‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫السنوات‬
‫‪267‬‬ ‫‪505‬‬ ‫‪448‬‬ ‫‪773‬‬ ‫‪361‬‬ ‫‪320‬‬ ‫‪356‬‬ ‫‪168‬‬ ‫إمجايل فرص العمل‬
‫‪72‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪127‬‬ ‫‪110‬‬ ‫‪143‬‬ ‫‪-‬‬ ‫يف القطاع الفالحي‬
‫‪26.96‬‬ ‫‪19.2‬‬ ‫‪14.73‬‬ ‫‪6.72‬‬ ‫‪35.18‬‬ ‫‪34.37‬‬ ‫‪40.16‬‬ ‫‪-‬‬ ‫مسامهة القطاع الفالحي‪%‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثين اعتمادا على موقع وزارة الفالحة‪)14(.‬‬


‫من خالل اجلدول ميكن لنا التحقق من أمهية قطاع الريفي يف خلق مناصب شغل جديدة‪ ،‬إال أننا‬
‫نسجل اخنفاض حمسوس يف مناصب الشغل اليت استحدثت من القطاع‪ ،‬وميكن ارجاع ذلك إىل‬
‫التقنيات احلديثة املستعملة مؤخرا يف القطاع‪ ،‬من خالل التكنولوجيا احلديثة؛ باإلضافة إىل مناصب‬
‫الشغل املستحدثة من القطاعات األخرى واليت كان هلا وزن أكرب من قطاع الفالحة‪ ،‬كما أن التحول‬
‫االقتصادي الذي عرفته اجلزائر وانتهاجها لسياسة التصنيع اليت سامهت يف وجود فوارق بني املداخل‬
‫يف القطاع الفالحي والقطاعات األخرى وهذه األخرية تعمل على إغراء العمال وبالتايل جذب‬
‫العمالة إليها بكثرة‪ ،‬وعدم توفر اإلمكانيات املادية للفالحني مما أدى إىل هجرهتم إىل املدن حبثا عن‬
‫العمل‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫يف اخلتام هذا واقع احلال بسلبياته واجيابياته‪ ،‬فهل سنبقى مكتويف األيدي ‪ ،‬أم نستشرف‬
‫املستقبل ونبعث األمل يف أنفسنا أوال ونقول ما هي اآلفاق‪ ،‬ومن حسن احلظ أن احلديث اليوم ويف‬
‫هذه املرحلة بالضبط عن آفاق منطقة الريف قد تزامن مع املخطط اخلماسي والداعي بشكل قوي إىل‬
‫االهتمام بالعنصر البشري وتأهيله وتنميته واألخذ بيده‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫واحلديث عن اآلفاق وتصورات تنمية املناطق الريفية أضحت مطلبا أساسيا وضروريا ومن مثة‬
‫ال بد من النزول إىل واقع الناس هبذه املنطقة من أجل مالمسة وضعيتهم االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬
‫مبعىن ضرورة اإلنصات إىل هؤالء‪ ،‬إىل أرائهم ومواقفهم ونظرهتم لألشياء‪ ،‬إىل أنينهم وآهاهتم إذا كنا‬
‫بالفعل نريد أن نتحدث عن تنمية ريفية حقيقية‪ ،‬وأمل التنمية وآفاقها االستفادة الثقافية على مستوى‬
‫احمللي لتقوية وتأهيل قدرات املوارد البشرية من رجال ونساء‪ ،‬وفرص العمل املتاحة هبا‪ ،‬وأمل التنمية‬
‫الريفية أيضا على مستوى امتالك املساكن من خالل التنمية العقارية وما تقدمه الدولة من حصص‬
‫السكن الريفي‪ ،‬وأمل التنمية أن تتفاعل البنوك ومؤسسات التمويل مع املشروع االقتصادي السياحي‬
‫والتنمية الريفية فتزيد من حجم التمويل وتدعم املستثمرين والتبقى بعيدة عن احلراك التنموي هلذه‬
‫املنطقة‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬
‫(‪ -)1‬ميشيل توادور‪ ،‬التنمية االقتصادية‪ ،‬ترمجة حممود حسن حسين‪ ،‬دار املريخ للنشر‪ ،‬السعودية‪ ،2006 ،‬ص‪.53‬‬
‫(‪ -)2‬تركماين عبد اهلل‪ ،‬التنمية املستدامة واألمن اإلنساين يف العامل العريب‪ ،‬ورقة عمل قدمت ملعهد العالقات الدولية يف تونس‪،‬‬
‫‪20006‬م‪.‬‬
‫(‪ -)3‬حسن حممد يوسف‪ ،‬التخطيط االسرتاتيجي‪ ،‬سلسلة مقاالت منشورة يف مدونة شخصية‪ ،‬على الرابط اإلليكرتوين اآليت‪:‬‬
‫(‪ -)4‬الزهراين‪ ،‬سعود بن حسني‪ ،‬مشكالت التنمية االجتماعية يف اململكة العربية السعودية خالل فرتة التخطيط التنموي‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬الباحة‪ :‬النادي األديب يف الباحة ‪1426‬هـ‪.‬‬
‫(‪ -)5‬مصطفى سلمان وأخرون‪ ،‬مبادئ االقتصاد الكلي‪ ،‬دار املسرية للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2000 ،‬ص‪.237‬‬
‫(‪ -)6‬حممد نداء الصوص‪ ،‬االقتصاد الكلي‪ ،‬دار اجنادين للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،2007 ،‬ص‪.67‬‬
‫(‪ -)8‬حممد علي الليثي‪ ،‬التنمية االقتصادية‪ ،‬االسكندرية‪ ،2002 ،‬ص‪.262‬‬
‫(‪ -)9‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.259‬‬
‫(‪ -)10‬أمحد علي دغيم‪ ،‬الطريق إىل املعجزة االقتصادية‪ ،‬املكتبة االكادميية‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص‪.120‬‬
‫(‪ -)11‬رمزي زكي‪ ،‬االقتصاد السیاسي للبطالة‪ ،‬مطابع الرسالة‪ ،‬الكویت‪ ،1998 ،‬ص‪.112-106‬‬
‫(‪ -)12‬عبد الرمحن یسرى أمحد‪ ،‬النظریة االقتصادیة الكلیة واجلزئیة‪ ،‬اإلسكندریة‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص‪.221‬‬

‫‪15‬‬
‫(‪ -)13‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.223‬‬
‫(‪ -)14‬جمموعة من تقارير الديوان الوطين لإلحصاء‪.‬‬
‫(‪ -)15‬تقرير حول حالة تنفيذ برنامج العمل الوطين يف جمال احلكامة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬نوفمرب‪ ،2008 ،‬ص‪.140‬‬
‫(‪ -)16‬تقرير حول حالة تنفيذ برنامج العمل الوطين يف جمال احلكامة‪ ،‬األلية االفريقية لالفريقية للتقييم‪ ،‬اجلزائر‪ ،2008 ،‬ص‪-402‬‬
‫‪.403‬‬
‫(‪ -)17‬موقع وزارة الفالحة على االنرتنت‪.‬‬

‫املراجع‪:‬‬
‫ـ ميشيل توادور‪ ،‬التنمية االقتصادية‪ ،‬ترمجة حممود حسن حسين‬
‫ـ تركماين عبد اهلل‪ ،‬التنمية املستدامة واألمن اإلنساين يف العامل العريب‬
‫ـ حسن حممد يوسف‪ ،‬التخطيط االسرتاتيجي‬
‫ـ الزهراين‪ ،‬سعود بن حسني‪ ،‬مشكالت التنمية االجتماعية يف ـ حممد علي الليثي‪ ،‬التنمية االقتصادية‬
‫اململكة العربية السعودية خالل فرتة التخطيط التنموي‬
‫ـ مصطفى سلمان وأخرون‪ ،‬مبادئ االقتصاد الكلي‬

‫‪16‬‬

You might also like