Professional Documents
Culture Documents
فصل الاول
فصل الاول
االمومة
تمهيد
خاتمة
قائمة المراجع
تمهيد
أم هي نبع الحنان وهي الصدر الدافئ ووضع هللا سبحانه وتعالى الجنة تحت اقدام األمهات ألن األم
تتعب كثيرا أثناء حملها لكي تحتضن جنينها ،وبسبب ذلك هي تعاني كثيرا من األلم والمتاعب وال
تستطيع النوم من كثر األلم في جسدها وبعد هذه اآلالم عندما تلد تفرح كثيرا وتنسى جميع آالمها بل هي
تتقبل طفلها بالفرح والحب والحنان ،فإالم هي زهرة الحياة وال راحة لنا في الدنيا بدون ان نري
ابتسامتها وضحكتها الجميلة وعند عضبها علينا فال جنه لنا في اآلخرة ،فهي دائما تعطي بال مقابل وال
تنتظر الرد من أطفالها فقد هي تريد دائما النجاح والتفوق الدائم ألوالدها
تعريف األمومة
فعبارة «أمومة» تعود لعالقة األم بطفلها ككل ا جتماعي وفيزيولوجي وعاطفي .وتبدأهذه العالقة من
لحظة تكون الطفل وتمتد إلى جميع مراحل التطورالفيزيولوجي ا لالحقة,من الحمل إلى الوالدة إلى
اإلضاع إلى العناية الجسدية .وتترافق كل هذه الوظائف بردود فعل عاطفية متماثلة في ما بينها
وواصفة للنوع ،لكنها تتنوع إلى حد كبير بصورة فردية ،ألنها على صلة وثيقة ،بالنسبة لكل امرأة ،مع
مجمل شخصيتها ،في ما شدة ردود الفعل هذه ،وظهور الزامات جديدة وعالقات عاطفية جديدة ،كل هذا
يطلق مخاوف تبلبل وتقلب حالة األمور ،في آن واحد ،في نفس الفرد وفي عالقاته مع العالم المحيط به.
مشاكل الوظيفة التناسلية للمرأة معقدة ،وربما لوضوح أكثر ،ستتم دراستها ضمن السياق الزمني .وقبل
دراسة نفسية الحمل بالتفصيل،سنربط ذلك بشرطه الضروري ،أال وهو اإلخصاب فاإلخصاب يفترض
سلفا ً الخصوبة ،وهي غير متوفرة إال في فترة محددة من حياة المرأة .وفي مدنيتنا ،تتراوح هذه الفترة ما
بين عمرالسادسة عشرة والخمسين .كما ترتبط بأطوار جسدية معينة ،ومحددة تحديداً فيزيولوجيا ً
وتشريحياً ،ومجموعة التطورات الفيزيولوجيةالغددية التي تهيئ لإلخصاب هي بال شك ،في جميع
المراحل ،وحدة جسدية وروحية ،إذ تتأثر باستمرار ،وفي آن واحد ،بالحياة النفسيةوالعضوية .كما أن
وظيفة الهرمونات ،التي تتفعل كـ «رسائل كيميائية» (نستخدم هذا التعبير أحياناً) ،وهي وفقا ً ألي
احتمال ،تتأثباستمرار بعوامل نفسية .هذه الخدمة الرسائلية المعقدة ،منظمة تنظيما ً عالياً ،مع جهاز
مركزي ،بتشعباتها وتفاعالتها ووظائفها المستقلة.وهي تمتد إلى األعضاء الواقعة بعيداً عن منشأ الرسالة
،كما تمتد لألعضاء المجاورة بصورة مباشرة .في ما يشكل تحديد نقطة المدارالذي يتواجد فيه
االضطراب النفسي المنشأ ،بصورة عامة ،مسألة فيزيولوجية.وعندما نتحدث عن صعوبات نفسية للحمل
نريد القول بأن العجز الذي تجد امرأة ما نفسها فيه في أن تصبح أماً ،يعود ألسباب نفسية تشوش جزءاً
ما من التطور الفيزيولوجي كما يعترف الطب الحديث أن االضطرابات المختلفة للوظائف الجسدية،
وخاصة هنا حيث ال يمكن اكتشاف أي سبب عضوي لها تتعلق ،من حيث األسباب المرضية،
باضطرابات نفسية .كما يفترض ،بصورة عامة ،أن ثمة عوامل نفسية قد تكون مشمولة في نمو
اختالالت وظيفية ألمراض النساء ،والتأثير النفسي أيضا ً يفعل فعله بشكل خاص في العوامل الهرمونية
وفي مواجهته كاختالل وظيفي ،يعتبر العقم عند المرأة نفسي المنشأ ،ظاهرة معقدة جداً ومعاندة ،وسببه
األول هو بصورة عامة صعب االكتشاف ،حتى عندما تلقي الطرائق الحديثة في التقصي الضوء على
االختالالت الهرمونية .ومع ذلك ،يستمر عرض (العقم) أحيانا ً رغم العالج المناسب ضد اآلفة
الهرمونية ،ألن هذه اآلفة ،برأينا ،تستمر بالتواجد بطاقات نفسية .وعلى العكس ،يتبين أن المعالجة
النفسية عديمة المفعول إذا تعثرت بعوامل عضوية يستحيل تصحيحها حتى ولو كانت ذات منشأ محدد
تحديداً نفسياًومع أن الميول النفسية المختلفة ،والتي ،في بعض الظروف ،قد تؤدي إلى العقم ،تظهر
بوضوح كبير أثناء أطوار الحمل ،والوالدة ،واألمومة ،يبدو لنا صحيحاً ،اختبار العوامل النفسية التي قد
تحول دون الحمل ،قبل أن تنجم عنها األطوار االحقة
الحمل
تهم أطوار الحمل ،علم البيولوجيا وعلم النفس وعلم االجتماع .وسأهتم أوالً ،بالظواهر النفسية المرافقة
لألطوار البيولوجية .إذ الحمل انقالب هائل للعضوية األنثوية في كليتها .وتؤكد كثير من النساء على
قدرتهن على الشعور بانطالق الحمل .ومع ذلك لم أسمع ذلك القول إال من النساء اللواتي يرغبن في
الحمل واللواتي ،بالنتيجة ،يخلطن بين استعدادهن للطور والطور نفسه ،ويرى ذلك بصورة خاصة بعد
مرحلة ضبط إرادي للحمل ،وعندما يترك هذا الضبط عن عمد وعندما تستقر وتعشش البويضة الملقحة
في الغشاء المخاطي الرحمي ،يتضخم الرحم ،وتتوسع أوعيته الدموية ،ويتالءم تصاعديا ً مع مهمته في
حماية الجنين .فتؤثر األطوار التناسلية تأثيراً هائالً على العضوية بأسرها للمرأة بواسطة عدد كبير من
األطوار الفيزيولوجية،بحيث تصبح العضوية مكرسة تماما ً لخدمة مهمة التكاثر .وتسهم كل خلية ،على
نحو أو آخر ،بهذه المهمة ،وشيئا ً فشيئاً ،تصبح الشخصية الجسدية للمرأة حامية للجنين ،رمع ذلك يوكل
الدور الجوهري لإلتمام لألعضاء التناسلية وحدهاوتتلقى النفسية ،لقاء هذه األحداث الفيزيولوجية،
منبهات تحريض واكتئاب من مختلف األصناف ،وتلتمس التماسا ً مباشراً التهيجات اآلتية من النهايات
العصبية للجهاز التناسلي .كما تستخدم النفسية األطوار العضوية للحمل بيسر لكي تظهر التوترات
المؤثرة السابقة الموجودة ،وبالنتيجة ،نتمكن ليس فقط مالحظة تأثير األطوار الجسدية على األطوار
النفسية ،إنما يمكننا التعرف ،بشكل معاكس ،على العالقة الموجودة بين الصراعات العاطفية المؤثرة
والدالئل الجسدية للحمل ،إنما أكرر وبإلحاح ،أن على هذه العناصر النفسية أن ترتبط باألطوار الجسدية
للحمل ،بطريقة تجدر دراسة تفاعلهاتصل كل امرأة إلى الحمل بعوامل انفعالية ومواقف صراعات تدخل
بعالقة مع حالتها بمجملها ،وبمظاهر عضوية متميزة للحمل ومن ناحية أخرى ،تنطلق كذلك مجموعات
مختلفة نمطية ألطوار عضوية للحمل من مواقف عاطفية معينة تظهر اآلن على المأل،مفضية ومسلمة
كل الخلفية الديناميكية التي ترافقها ،حتى لو كانت هذه األخيرة ،على صلة مباشرة بالحمل .ومثال على
ذلك ،يمكن للغثيان ذي األصل العضوي أن يفصح عن جميع مشاعر التقزز ،والتي تبقى ،دون أن
تنكشف ،على بساط البحث في الالشعور منذسنوات عديدة .وعلى العكس ،تعزز أحيانا ً وبعنف مشاعر
التقزز المترافقة ببعض األفكار عن الحمل ،التهيج العضوي للغثيان وقديؤدي عندئذ إلى قيء متكرر ال
راد له ،ويتوضح هنا التباين مع أطوار أخرى نفسية جسدية ،ففي حالة القيء غير القابل للرد ،تكون
األعراض العضوية المضاعفات النهائية لعدد كبير من األحداث العضوية ،حتى لو تعلقت بداية هذا
التطور بمضمون نفسي خاص .وفي الحمل ،تصبح الظاهرة الجسدية المكونة سابقا ً بصورة طبيعية،
تعبيراً مباشراً عن مضامين نفسية معينة ونحن نعلم ان التخيالت الوهمية للحمل تمأل الحياة النفسية
لألوالد ،وبخاصة البنات ،منذ الطفولة األولى .وهذه التخيالت لها طابع نمطي تماماً ،وتغذى خاصة
بالتحريضات المرافقة لمختلف مراحل الحياة الطفولية الغريزية .فالمص الفموي واالستبعاد ،واالحتجاز
واإلطراح الشرجي ،واالغتصاب العدواني ،كل هذه التحريضات البدائية ترافق وظائف جسدية محددة.
وتلعب دوراً هاما ً في الطور البيولوجي للحمل وتسيطر بجزء كبير على الديناميكية النفسية لهذه
المرحلةوعند دراستنا للجماع ،نوهنا عن التماثل الحاصل بين المص الفموي والوظيفة االستقبالية
لالمتصاص في المهبل .وخالل الحمل ،يمكن لجميع األفكار والتخيالت الجنسية المرافقة للمص الفموي
واإلجالء أن تحيا من جدید ،بما يخص الميل للغثيان المقدر بصورةفيزيولوجية .ونرى هنا كيف أن
بعض األطوار الديناميكية تخدم التحريض الجسدي ألفكار سابقة وراسخة ،إنها هنا حالة «تواطؤ
جسدي» ،نستخدم هنا عبارة مألوفة .إنما يعلمنا علم التحليل النفسي أن التفاقم النفسي الجنسي الموروث
لغثيان الحمل ،ال يصدر إال إذا ترافقت ميول اإلجالء الفموي بعواطف الشعورية ( ،أو على وشك أن
تكون كذلك) لعدائية تجاه الحمل أو تجاه الجنين ويمكن لهذه العواطف أن تكون مختلفة ،إذ يمكن أن تأخذ
شكل معارضة غاضبة ،أو عقابا ً ذاتيا ً لمشاعر عدائية ،أو لخوف ،أو ألفعالعنيفة مشابهة .وكلما ازدادت
الدوافع العدائية ضد الجنين ،كلما كانت الشعورية ،وتستخدم الطور الديناميكي بعنف .وإن ترافقت
الميول الالشعورية برغبة معارضة لالحتفاظ بالطفل نما صراع داخلي يحول الطور النفسي الجسدي إلى
عرض عصابي ،وعموماًهستيري .وقد الحظت أحياناً ،خالل التحليل النفسي ،أن المحتوى النفسي ،في
حالة القيء غير القابل للرد ،كان نفسه بالتحديد في اإلقياء الهستيري للفتاة الشابة ،والذي يتحرض بتخيل
الشعوري للحمل وليس بحالة واقعية .ويتكون الجسر الرابط لهاتين الحالتين عادة ،في الخوف الذي
يظهر العرض ،وهو خوف ذو مضمون تخيلي عند الفتاة الشابة ،في ما هو خوف ذو مضمون
واقعي ،ومادي في الجسد ،أي الجنين ،عند المراة الحامل .وفي كلتا الحالتين ،تعود للظهور الفكرة
القديمة الطفولية في االخصاب بواسطة الفم .إنما في قيء المرأة الحامل ،هناك دوما ً سبب فعلي حقيقي
.كثيف يحرض العالقة السلبية والمقلقة مع الطفل
) هيلين دوتش مرجع السابق ,ص (147,146 ,145,
الوالدة
إذا كانت الوالدة طوراً جسديا ً فيزيولوجيا ً صافياً ،فقد ال تكون بال شك كذلك في اإلختالفات الفردية
.والتأثيرات الثقافية
ففي شروط عضوية طبيعية ،قد يكون دوما ً الطور نفسه .في ما تقودنا تعقيدات الوالدة إلى أن ندرك ألي
درجة يتحدد هذا الطور بعوامل نفسيةويقدم المختصون في علم اإلنسان ،كثيراً من النظريات ،لشرح أن
فعل الوالدة يكون يسيراً على نحو ما ،وفقا ً للعصور ،ووفقا ً للثقافات ،والشعوب ،واألعراق ...إلخ.
ويعزي بعض الباحثين هذه اإلختالفات ،إلى تأثير المناخ أو إلى مؤثرات أخرى خارجية ،تمارس
تأثيرهاعلى وظائف الغدد التي لها شأنها في هذا الحدث ،ويصر آخرون على أهمية نوع الحياة ،في
كليتها أو في بعض مظاهرها ،بالعالقة مع نمو الجسد األنثوي وبصورة خاصة ،األعضاء التناسلية.
ويرى آخرون أن العامل األساسي هو في العضالت الحوضية ،التي تكمن في تحركاتها عملية الوالدة.
ووفقا ً لهؤالء ،تكون الفاعلية الوظيفية للعضالت الحوضية أكبر عند النساء البدائيات ،بسبب طريقتهن في
الحياة األكثر نشاطاً ،في ما يعتقدون أن الحضارة ،تمارس تأثيراً مخالً وكابتا ً على وظائف الوالدة.
وغالبا ً ما يتم اإلصرار أيضاً ،على الحساسية الضئيلة للنساء البدائيات تجاه آالم الطلق .وموضوع
احتمالهن األلم بصورة أفضل ،قد يعطي انطباعا ً خاطئاً ،بأن طور الوالدة بحد ذاته هو عندهن أسهل
وأسرع .وفي جميع األحوال ،نعتبرعموما ً كأمر راسخ ،أن الطور التناسلي عند النساء البدائيات ،هو
أكثر سهولة مما هو عند النساء اللواتي «أفسدتهن» الحضارة .لكن هذه المسألة ،ال زالت غامضة جداً،
وتوحي دراسات مختلفة ،بأن البساطة النسبية أو تعقيد الطور ليس له عالقة دوما ً بالدرجة المرتفعةللثقافة
على نحو ما الشعوب البدائية ،ونرى في ذلك مثالً ،نساء تموت أو تحديداً تبقى مرضى .ونحن ال نستطيع
مطلقا ً أن نمنح الثقة للمعطيات المتعلقة بمدة الطور ،إذ ال نتمكن دوماً ،من إقرار البدء الفعلي للوالدة
استناداً لسلوك المرأة .وهناك تشوش في المعطيات الموجودة ،يعود جزء منهاإلى أخطاء المالحظة،
وجزء آخر بسبب الفروقات الفردية التي تمس طور الوالدة في شروط ثقافة متماثلة .وهكذا ،ووفقا ً
لمستكشفين مختلفين ،تتراوح مدة الطور عند قبائل استرالية تعيش في نفس الظروف الثقافية ،وتتغير
ابتداء من بضع ساعات وحتى يوم أو عدة أيام وعند بعض القبائل ،تكون المرحلة اإلجمالية لما بعد
الوالدة مسألة دقائق ،وحالما تستحم األم الشابة ووليدها معها في أقرب جدول مثيرة وجدير باالهتمام لـ
كوهلبردج ( ،)1أن والدة امرأة نانجيرسينية من جاوا ،نادراً ما تأخذ أكثر من ساعة ،إنما في بعض
الحاالت الفردية المنعزلة ،يستغرق ذلك وقتا ً أطول ،وخاصة لدى النساء اللواتي تستغرق والدة أمهاتهن
فترة طويلة .وفسر هذا األمر بالوراثة .ولو نتذكر ،في ظروفنا الثقافية ،كم أن طور الوالدة يتأثر باندماج
المرأة بأمها ،الستطعنا إثبات أن الطور البيولوجي لدى النساء البدائيات ال يتحرر تماما ً من تأثيرات
نفسية .لم ال تحدث الوالدات وفقا ً لمثالية في الوظيفة الطبيعية ،حتى لدى الشعوب البدائية ،عندنا البرهان
على ذلك ،فعلى سبيل المثال ،لدى كثير من الشعوب اآلسيوية ،تتم المبادرة بطلب المعونة من القابالت.
وبما أن هؤالء النساء ليس لديهن أدنى فكرة عن التعقيم الحديث ،أو دراية فعلية ذات شأن بطور الوالدة،
فإنهن يبدين عامل اضطراب أكثر من عامل مساعدة ،ونسبة الوفيات أثناء الوالدة هي نسبة ذات شأن
لعل الكثير من الوصفات ،والقواعد ،والمحرمات ،المتعلقة بالمرأة الحامل ،تجعلنا نفكر بأن البدائيين هم
أيضا ً عرفوا تجارب مؤسف خالل الوالدات .وتؤكد لنا هذه األعراف في رأينا بأن المستوى الحضاري
لشعب ما ،ال تحدده سهولة أو صعوبة الوظيفة التناسلية ومن الجدير بالمالحظة ،أن كثيراً من األعراف
والخرافات للشعوب البدائية والتي تمس الحمل والوالدة ،تظهر تشابهات ليس فقط في سلوك عصابيات
حضارتنا ،إنما أيضا ً في سلوك نسائنا ذوي النفسية الطبيعيةوهكذا فاألعراف األولية المتعلقة بمكان
الوالدة ،تعول عليه نساؤنا أفضلية فردية جدا( .ومع ذلك ال تهتم عموما ً أنظمتنا المدنية الصحية
ودساتيرنا بهذه األفضليات) .فمثالً ،لدى بعض القبائل ،تحصل الوالدة في وحدة تامة ،في الغابات أو
على الشاطيء .وتلد النساء الماوريات في نيوزيلنده في األدغال على ضفة جدول ،وتعتكف بذلك
وحيدات تماماً .في ما تلد نساء جيبريتو ومونتيسكا في الفيليبين دون مساعدة ،وغالبا ً ما يكن لوحدهن
عندما تبدأ آالم الطلق .وتكون وقتئذ المرأة واقفة ،وتسند بطنها إلى ساق شجرة الخيزران وتضغط عليه
بقوة .ويتلقى الطفل رماداً دافئا ً ،ثم تتمدد المرأة إلى جانبه وتقطع بنفسها لحبل السريوتغادر المرأة
الهندية فارام في غينيا البريطانية قريتها ما إن تأتي ساعتها .وتنتظر الوالدة وحيدة في كوخ في األدغال،
وال تتعرض ظاهريا ً ألي خطر بالنسبة لها ،ثم تعود بعد ذلك إلى عائلتها مع وليدها الجديد ،دون اللجوء
لمساعدة أي إنسان .وتتصرف على هذا النحو أيضاً ،نساءوهناك عرف قديم جداً ،منتشر بين الشعوب
البدائية ،يفرض على المرأة مكانا ً خاصا ً للوالدة ،وهو مكان منفصل عن سكنها ،إنه كوخ مكرس لذلك.
وعند كثير من الشعوب ،تستخدم النساء الكوخ نفسه أيضا ً في فترة الحيض ،مما يبرهن على أن هاتين
الوظيفتين تخضعان لنفس المحرمات والتقييدات وفي هذا الكوخ ،تعيش المرأة أثناء الوالدة وحيدة ،وال
يحتك بها إال صديقات من عمرها يحضرن والدتها .وفي بلدان مختلفة ،هؤالء الرفيقات يبقين معها حتى
أربعينها .وتغادر نساء نيما نيما في أفريقيا الوسطى ،مثالً ،عند اقتراب والدتهن ،منزل الزوجية ،إلى
الغابات المجاورة ،حيث ينجبن أطفالهن بمعونة صديقاتهن الشابات ،أال يذكرنا هذا بما نسمعه أحيانا ً :
«تنتظر صديقتي المفضلةطفالً ،وقد تكون حزينة ومتألمة إن لم أكن بقربها»؟ .وهكذا ،فالوعد القديم،
الذي يعود إلى مرحلة البلوغ حيث ال تكتسب أي تجربة معناها الحقيقي إال بمشاركة صديقة ،يعود إلى
نساء حضارتنا .وخالل تلك المرحلة ،تقطع الفتيات الشابات على أنفسهن أيضا ً هذا االلتزام« :من تكون
األولى بيننا .»..فالوالدة الشابة في ما بعد ترغب بإشراك تجربتها في االندماج ،مع الصديقة ،ويسبب
مشاعرها بالذنبكمالكة سعيدة لطفل ،تذهبان معا ً إلى الغابة المجاورة .ويتحول ذلك إلى أمومة حديثة.
ولنتذكر تلك المرأة (ص )167التي حملت طفلها شهراً إضافيا ً لتلد في نفس موعد صديقتها .لكن هذه
الحاجة لإلتحاد ،تعبر عن نفسها عادة ببساطة أكثر وبين الشعوب البدائية ،وألسباب جيدة وعقالنية،
تحل ،شيئا ً فشيئاً ،محل الرفيقات ،نساء أكثر نضجا ً وتجربة في مهمتهن كمساعدات وخيار هؤالء النساء
،جدير باالهتمام ،فعند الماوريات في نيوزيلنده( ،)۱تحضر الجدة ،من ناحية األم ،والدة الطفل األول
عالم جديد تفتح أبوابه على األم كلما فصلت الوالدة ابنها عنها .لكن استمرارية العناصر النفسية لمختلف
مراحل األمومة (حمل ،والدة،إرضاع) تكون مراعاة بالكامل .ويمكن لهذه العناصر أن تظهر بشدة
متغيرة ،في إحدى المراحل ،أو أن تتوارى ،أو تبقى ضمن الحدود الطبيعية ،وفي مرحلة أخرى ،يمكن
أن تزداد إلى درجة مرضية .ويمكن أن تقدم أشكاالً في التعبير مماثلة لكل مرحلة أو تتخفى خلف آليات
للدفاع ،مصدرة .ظواهر متعارضة مع السابقة ظاهرياً .ويمكن للعالقة النفسية مع الجنين أن تستمر حتى
إلى المرحلة البيولوجية للحمل ،ثم تستأنف لزمن يطول أو يقصر في العالقة مع الطفل ،أو أن فرحة
المرأة الحامل واالهتمام بما تحمله في جسدها الخاص قد ينتقال ،مع والدة الطفل ،إلى القطب المقابل ،وقد
يؤدي ذلك إلى مصاعب مختلفة في عالقة األم بالطفل .ويمكن لمخاوف الحمل أن يتمتجاوزها عند عملية
الوضع ،أو تستمر بصورة قلق نفسي حاد لموضوع الطفل .في البداية ،لنتذكر االختالف األساسي،
فردود الفعل الغريزية والبدائية تجعل األمهات الحيوانيات يبلغن غايات بيقين كبير ،وال يستهدفنها ال
بصورة عاطفية وال بصورة ذهنية .في ما لدى األمهات البشريات ،وربما لدى األمهات الحيوانيات
الذكيات ،تترافق العالقة مع الطفل بعواطف وأفكار ،وقد تشرك هذه العواطف واألفكار بتمثالت عاطفية
شعورية والشعورية تمنع هذه العالقة إلى حد بعيد عن متابعة تطور بسيط .وحتى يمكننا القول أن مثل
هذه التمثالت العاطفية تكون حاضرة دوما ً إلى درجة معينة.وقد يصبح موقف غير أمومي ،ومعاكس
للميول الشعورية للمرأة ،قويا ً جداًويظهر في الوظائف البيولوجية ،حتى لو افترضنا هيمنة الغريزة
األمومية .وفي دراستنا للحمل ،أشرنا سابقا ً إلى ذلك األمر المثيرللفضول ،في أنه يمكن للمرأة أن تمتلك
جميع صفات األم ،وكذلك الرغبة الصادقة في الحمل وتغذية الطفل ،ومع ذلك ترى نفسهامجبرة على
قطع طريقها ،إلى حد ما ،في إحدى محطات األمومة .ومن الواضح هنا أن األمومة النفسية تشكل بنية
قوية معقدة ،لن تعرف تحديد موقعنا فيها دون استخدام عدة طرق في التقصي ،وأيضا ً ال تتوصل إليها،
.إال بدرجة محدودة جداً
وسأبدأ عرضي بوصف األحداث البيولوجية بيولوجياً ،تلعب المرأة حتى حملها دور حاملة سلبية
لمستقبل ،وتسمح لها فقط حياتها التخيلية في تصور هذا المستقبل بفرح أمومي خالق .وخالل الحمل،
تتكيف جميع األطوار العضوية للمرأة مع حاجات فيزيولوجية لثمرة تنضج في أحشائها .وتشبه العالقة
العضوية الموجودة بين الجنين واألم عالقة طفيلي مع مضيفه ،فالخيال وحده المتوجه نحو المستقبل،
والشحنة العاطفية لهذا الخيال ،يجعالن ثمرة الجسد كائنا ً محبوبا ً جداً ،وتنظر كثير من النساء بحرارة
كبيرة نحو هذا المستقبل،ونالحظ هنا ،استمرارية األطوار العضوية التي تخدم الوظيفة التناسلية.
فاالنفصال الجسدي للجنين ال يقطع هذه االستمرارية في تلك اللحظة .وال تعود العضوية لحالها مبكرة
من الصدمة الفيزيولوجية الكبرى للوالدة ،والتي عليها تأمين وظيفة فيزيولوجية جديدة في إرضاع
الطفل ،ومنذ المراحل األولى لوظيفة التناسل ،يعمل الجهاز الفيزيولوجي كلهللجسد األمومي بطريقة
إيثارية ،لصالح الطفل ،ويتكيف جسد األم كله مع المهمة الكبرى في األمومة ،أوالً في الوجود الجنيني
للطفل ،ثم وجوده الرحمي الممتاز .وبعد الوالدة ،يمر القسط األكبر من الطاقات الجسدية باتجاه الطفل،
إنما اآلن خارجا ً عن جسد األم.نحس المرأة أثناء الوضع وكأنها «في نهاية العالم» ،ألنها انسحبت لفترة
من كل عالقاتها مع العالم المحيط ،وقد تهيأ هذا الشعور أثناء الحمل بحكم أن كل اهتمامها في الحياة،
كان يتركز حول خوفها .واآلن ،الوالدة انتهت ،وهي تعيد بناء العالم حول الطفل ،كما تعود عالقاتها
المتروكة مع ما يحيط بها إلى الحالة الطبيعية ،شيئا ً فشيئاً ،من خالل الطفل
لقد أشار بعض الباحثين إلى أن الفروق الفردية عند الصغار ترتبط بالفروق المالحظة في تفاعلهم مع
األم في األيام العشرة األولى التي تعقب الوالدة ومن الممكن أن تكون هذه الفروق قـد تطورت نتيجة
للظروف التي أحاطت بمرحلة لحمل حيث أوضحت بحوث أخرى أن األمهات اللواتي سبق أن عانين من
القلق أثناء الحمل يلجأ أطفالهن للبكاء أكثر من غيرهم في المرحلة التي تلي الوالدة .وهكذا يمكن لمرحلة
الحمل أن تؤثر في صياغة مزاجية الطفل ،وهذا بدوره يؤثر في طبيعةالتفاعل مع األم وفي تطور العالقة
بينهما .إن التجربة المبكرة التي يتعرض لها الطفل واألم يمكن أن تؤثر في مستقبل العالقات المتبادلة
بينهما .فمن الناحية البيولوجية ثبت أن التغير المبكر في محيط الطفل يمكن أن يغير مجرى تطوره،
خاصة خالل الثمانية عشر شهرا األولى؛ فيهذه المرحلة ،ينمو دماغ الطفل بسرعة قصـوى ال يبلغها في
مراحل الحقة .فالنضج الداخلي ومؤثرات المحيط المختلفة تعمل بتفاعل دائم ،وهي ذات أهمية قصوى
بالنسبة لتطور الطفل ومن وجهة النظر النفسية يشدد علماء النفس على أهمية التاريخ المبكر في تطور
الفرد خاصة من الناحية العاطفية .لقد بينت الدراسات التي أجريت على األنواع األخرى أنه يوجد مرحلة
حساسة بعد الوالدة تؤثر في نمو العالقة بين األم والصغير وأن منع االتصال الحسي أو ندرته يمكن أن
يؤدي إلى تعديل في سلوك األم أما بالنسبة للنوع البشري هناك من يقترح بأن األربع والعشرين ساعة
التي تلي الوالدة يمكن أن تلعب دورا هاما في تحديد سلوك األمومة ،ويمكن اعتبارها مرحلة حساسة في
نمو العالقة بين األم والطفل .الستجابة الطبيعية لألم تجاه المولود الجديد تتأثر تأثرا هاما في هذه
المرحلة .وكذلك بالنسبة لالختالفات الكمية والكيفية في سلوك األمومة في مرحلة الحقة فهي تعتمد إلى
حد كبير على طبيعة االتصال في الساعات األربع والعشرين األولى بعد الوالدة وفي رأي هؤالء يمكن
أن يؤدي االنفصال بين األم وطفلها إلى اضطراب العالقة بينهما فيما بعد .إال أن فمفهوم
بعض الباحثين وجه انتقادا إلى هذا الرأي يتعلق بمدى صالحية الطريقة التي أدت إلى تلك النتائج
المرحلةالحساسة أو المرحلة األمثل مفهوم جامد ال يأخذ بعين االعتبار مرونة نظام التطور عند العضوية
الصغيرة ،فمن المؤكد أن الوالدةواأليام التي تتبعها تعتبر مرحلة مهمة ،إال أن هذه المرحلة لن تكون
المرحلة األولى وال األخيرة من حيث األهمية ،ألن سياق العالقةبين األم وطفلها يبدأ قبل الوالدة بوقت
طويل ،ويستمر بعدها بوقت طويل أيضا وتبين دراسة أخرى مدى تأثير عالقة األم بطفلها في تطور
التعبير االنفعالي عند الطفل في السنة األولى .إال أنه من غير الواضحإسناد الفروق الفردية بعد السنة
األولى إلى طبيعة العالقة
أن القول بأن تجربة التبادل المبكرة يمكن أن تفسر Schaffer,1984بين األم والطفل .ویری شافر
العالقات االجتماعية الالحقة قول مفرط في التبسيط ،يتجاهل تأثير العوامل األخرى التي يمكن أن تعدل
من مسار نمو الطفل في فترة تالية .فالترابط بين عالقات التبادل المبكرة لألم والطفل وبين النمو
االجتماعي عند هذا األخير في مرحلة الحقة يمكن إثباته فقط في حالة استمرارية ظروف المحيط عند
الطفل
قائمة المراجع
هيلي دوتش . )2008( .علم نفس المرأة األمومة ,الطبعة األولة ,المؤسسة للدراسات و النشر )1
و التوزيع -بيروت
قنطار فايز . )1992( .األمومة ,نمو العالقة بين الطفل و األم ,سلسلة كتب ثقافية شهرية )2
يصدرها المجلس الوطني للثقافة و الفنون و األدب -ااكويت