الحماية التشريعية للطرف المذعن من الشروط المجحفة دراسة مقارنة Legislative Protection for the Compliant Party From the Abusive Conditions a Comparative Study
ان االنسان اجتماعي بطبعه ال يمكنه العيش بمعزل عن المجتمع لكون مجهوداته و قدرته جد محدودة فانه يلجأ لغيره
هادفا الى تلبية
حاجيته و مصالح غير المتناهية بالدخول في عالقات قانونية متشعبة مع عدة أطراف لعل العقد يمثل أفضل و أنجعع وسيلة لديه لتحقيق غايته و ضمان تبادل الخدمات و المنتوجات و قد عرف العقد تطورا تاريخيا حيث تعود جدوره الى القانون الروماني الذي كرسه و حاول تقييده لبشكليات تلزم أطرافه مرورا بالقانون الكنسي ألذي ربط العقد بمبادئ أخالقية تتعلق بالوفاء و قد أولت الشريعة اإلسالمية أهمية للعقد حيث جاء في محكم; تنزيله يا أيه اللذين أمانو أوفوا للعقود "االية 1سورة المائدة. اال أن التطور االقتصادي و السياسي ألذي شمله العالم ألذي شهده العالم أدى الى ظهور مبدأ يقر بالحرية في المعامالت; و هو مبدأ سلطان اإلرادة و كنتيجة مباشرة لهذا المبأ أقرت جل التشاريع بحرية األفراد في التعاقد وان تعاقدوا في أن يحدودوا محتوى العقد و في هذا السياق تعددت البنود ألتي يدرجها األطراف في العقد و اختلفت بحسب مصلحة كل طرف في العقد فظهر ما يسمى بالشرط الجزائي أو الشرط التغريمي ألذي تفنن الفقه في تعريفه حيث يعرف األستاذ محمد الزين بأنه مبلغ من المال يتفق عليه المتعاقدان كشرط اللزوم لتعويض الخشارة المتوقعة عند عدم الوفاء أو التاخر فيه أو يعرفه الدكتور عبد الرزاق السنهوري بأنه مقدار التعويض ألذي يستحقه الدائن اذا لم يقم المدين بالتزامه أو اذا تأخر عن الوفاء به و يعرفه أحد الفقهاء الفرنسيين بكونه الشرط ألذي يقدم بمقتضاه الطرفان جزافا و مسبقا مبلغ التعويض ألذي يجب على المدين في صورة عدم التنفيذ الكلي للعقد أو التأخر فيه و الشرط التغريمي ليس وليد اللحظة و انما هو ثمرة تطوير تاريخي حيث يجد جذوره في القانون الروماني الذي أقره كأداة لضمان تنفيذ االلتزماتا اال أنه ساد االختالف في ما يتعلق بطبيعته ما اذا كانت تعويضية أو زجرية عقابية اال القانون الكنسي فقد أقر بالصبغة التعويضية و ذلك تحت تأثير األخالق و الدين و تأثرا بالقانون الكنسي أقر الفقة الفرنسي بصحة الشرط التغريمي لكنه أكد على الصبغة االزدواجية بهذا الشرط أما بالنسبة للتشريع اإلسالمي لم يتناول الشرط التغريمي بصورة خاصة و انما بصورة عامة و أقر بصحة الشرط ألذي يكون الغاية منه الوفاء بالتعاقد و هناك حديث للرسول صلى هللا عليه و سلم بقول فيه " الصلح جائز بين المسلمين اال صلحا حرم حالال أو أحل حراما و المسلمون على شروطهم اال شرط حرم حالل أو حللل حراما" و قد أقرت أغلب التشاريع العربية و الغربية المعاصرة بصحة الشرط التغريمي و بافراده بطبيعة قانونية خاصة به و هو كثير االستعمال في العقزد الدولية والداخلية مثل عقد البيع و عقد االيجار المالي و القروض نظرا لما يمثله هذا الشرط من ضمانات في صورة تقاعس هذا المدين عن الوفاء بالتزماته اال أن المشرع التونسي اتخذ موقفا سلبيا في أن سكت عن هذا الشرط و لم يورد له نظاما قانونيا خاصا به رغم تناوله الشرط بصفة عامة في الفصول من الى 116الى 135من مجلة االلتزامات . أمام هذا الفراغ التشريعي ما هو موقف فقه القضاء التونسي من الشرط التغريمي؟ اتسم فقه القضاء التونسي بالتذبذب و التردد في خصوص الشرط التغريمي و لكن يمكن أن نستخلص من العديد من االحكام و القرارات القضائية أنه يقر بصحة الشرط التغريمي و يرتب له أثاره .
اإلقرار بصحة الشرط التغريمي في فقه القضاء -1
صدرت عن المحاكم التونسية أحكام و قرارات ولئن كانت متناثرة زمنية اال انه تشكل وحدة يمكن االستناد عليها لالقرار بصحة الشرط التغريمي باعتبار و أنها أسست; احكامها; و قرارتها على أسس قوية تقر بصحة الشرط التغريمي من جهة و سعت من جهة أخرى الى ضبط وظيفة هذا الشرط. أساس الشرط التغريمي 1-1 رغم غياب نظام قانوني للشرط التغريمي في القانون التونسي اال أن فقه القضاء أقر بصحة هذا الشرط فتعددت; األحكام و القرارت القضائية في هذا االتجاه اال أن اختلفت حول أساس صحتها ففي قرار مبدئي صادر عن الدوائر المجتمعة; بتاريخ 29أفريل 1995 اعتمدت محكمة; التعقيب لتبرير صحة الشرط التغريمي على مبدأ الحرية التعاقدية; من حيث المضمون و مقتضاه أن األطراف يملكون الحرية في تضمين عقوذهم ما يحلو لهم من الشروط التي يسعون من خاللها الى ضمان مصالحهم المرجو تحقيقها من خالل تعاقدهم. من ناحية أخرى مبدأ القوة الملزمة للعقد ألذي كرسه 242من مجلة االلتزامات و العقود حيث يستنتج من هذا الفصل أن العقد يرقى الى مرتبة القانون و ينسحب من جهة على األطراف المتعاقدين فيكون كل طرف باالستجابة الى العقد ألدي يربطه بمعاقده بمثل ما يلزم باالستجابة الى سلطة القانون و يستنتج أن القرار سابق الذكر و ان لم يذكر مبدأ سلطان اإلرادة بصفة صريحة اال انه ركز على مبدئي المعتبرين كنتيجة مباشرة له حيث جاء بأحد حيثياته أنه جرى عمل المتعاقدين في نطاق حرية االتفاقات; أن بطوروا عالقتهم في ما يتوقعونه من ضرر عند عدم الوفاء من التزام أو تأخير االلتزام به أو يعين معيارا ماليا مسبقا يتفقون عليه صراحة بالعقد أو مثل هذا االتفقا يسمى شرطا تغريميا و لم ينص عليه القانون ففي مثل هذا الصورة ينظر اليه على أساس القواعد العامة المتعلقة باالتزامات; و ما يترتب عليها مطلقا حسب ما نص عليه الفصل 242من مجلة االلتزامات و العقود. يكتسي هذا القرار أهمية بالغة باعتباره أقر بوجود الشرط التغرمي و ألحقه بأساسه و اثاره المتعلقة بااللتزامات و خصوصا الفصل 242من مجلة االلتزامات و العقود الذي يكرس القوة الملزمة .كما أقر فقه القضاء بصحة الشرط التغريمي في قرار صادر عن الدائرة 13لمحكمة التعقيب تحت عدد 42624بتاريخ 28أفريل 1994ألذي اعتبرت فيه أن الشرط التغريمي لم يرد فيه نص في مجلة االلتزامات و العقود التونسبة اال ان فقه القضاء اقر صراحة صحته و مبدأ ثبوتية " .رغم انتقاء القواعد الضابطة للشرط التغريمي فان على القاضي المتعهد بالخصومة استنباط الحلول عند غياب النص وفق القواعد العامة المنصوص عليها بمجلة االتزامات و العقود يستشف من هذه الحيثيات أن الدائرة 13قد سايرت قرار الدوئر المجتمعة سابق الذكر اال أنه اقرت صحته و مبدأ ةثبوته و التأكيد على ضرورة الحاقه; من حيث النظام القانوني بالقواعد العامة المنصوص عليها بمجلة االلتزامات و العقود التي تعتبر المجلة األم في القانون المدني و في ما يتعلق باألساس فقد تبنت محكمة; التعقيب القرار صحة الشرط التغريمي على مبدأ سلطان اإلرادة و حرية التعاق تنفيذا الحكام الفصل 242من مجلة االلتزامات; و العقود و نتيجة لذلك فان الشرط التغريمي أو الجزائي يعتبر وليد مبدأ سلطان اإلرادة الذي يكرس الحرية التعقادية و بالتحديد حرية أطراف العقد في ادراج ما طاب لهم من البنود شريطة أن ال تكون مخالفة للنظام العام و األخالق الحميدة.
الحماية التشريعية للطرف المذعن من الشروط المجحفة دراسة مقارنة Legislative Protection for the Compliant Party From the Abusive Conditions a Comparative Study