Professional Documents
Culture Documents
حكم الشورى الفريضة الضائعة و الخروج على الحكام
حكم الشورى الفريضة الضائعة و الخروج على الحكام
نسخة مزيدة
0
بسم هللا الرحمن الرحيم
العقيدة والقضية
الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى اله وصحبه ومن وااله وبعد:
لقد أوضحت بحمد هللا فى كتابى دين القيمة بين العلمانية واالتجاهات التكفيرية بالجزء االول
منه والذى تم اختصاره فى كتاب الحاد العلمانية وبالطريقة العلمية كفر العلمانية بالشرع المنزل
فى أصل تصورها وماينبثق عنها من الدساتير والقوانين الوضعية التى فى حقيقتها دين آخر غير
الشرع المنزل بالرغم من إدعائهم غير ذلك الن الدين هو المنهاج الذى تدين له،فالعلمانية
التى هى (فصل الدين عن الدولة) إقصاء الرادة االمة التى اختارت شريعة اإلسالم دستو ار
وقانونا لحياتها كافة يوم ان اختارته دينا الن الدين هو منهاج الحياة ،فاهلل حكم بقطع يد
السارق ورجم الزانى المحصن وحرم الربا فهذا هو الحكم الحق والعدل االوحد وماسواه الحيف
االنقص والجرم المبينبيد أن من يخفون علمانيتهم بشعائراالسالم ينصون على أناحكامهم
الوضعية المخالفة لحكم هللا انها العدل الواجب إنفاذه أليس هذا تكذيب شرعة االسالم واال فكيف
يكونون مصدقين بالحكم ونقيضه ؟ فهم فى حقيقتهم اليؤمنون واليسلمون اسالما مطلقا لدين
االسالم كحاكمية عليا فى الحكم على كل شئ فاالسالم هو المرجعية األوحد التى ينبثق منها
ويتأسس عليها كل رأى صواب لمعرفة الحق من الباطل والعدل من الظلم ألن هللا قد قضى ان
مادونه الباطل وأوجب شرعته وجعل مخالفتها وماخالفها ظلما وجرما,وما أنزل كتبه وارسل رسله
اال لبيان الحق من الباطل وهم قد اتخذوا ماسواه حاكمية عليا تزن الرأى لمعرفة الحق من الباطل
العدل من الجور فهذان سبيالن إما االسالم لحكم هللا وحده إبتداء وتصديقه وكافة ما ينبثق عنه
من حكم أو رأى واما إسالم التصور لمايخالفه من حكم بأنه الحق العدل مايعنى تكذيب حكم هللا
الذى حكم بان شرعه هو العدل التمام بل وجعل إنفاذه كذلك هو الحق والعدل األوحد وعدم
تنفيذه هو الباطل ،وهم فى قوانينهم يجعلون العدل الواجب إنفاذ حكمهم المخالف لحكم
الشرائع الظاهرة المتواترة وبهذا فان الدساتير والقوانين الوضعية التى تحكم بمايخالف حكم هللا
وتنفذه على انه العدل الواجب مكذبه بشرع هللا فإماأن يكون الحق العدل األوحد هو حكم هللا واما
حكمهم؟ فواضعوها -ممن يستترون بشعائراالسالم -والقاضين بها وكل القائمين عليها فى
حقيقتهم مكذبون بالشرع المنزل و يستعبدون الناس لغير ربهم باخضاعهم لهذه الدساتير والقوانين
الوضعية ليصبحوا طواغيت يجب جهادهم جهادا كبي ار حتى يسلموا أمرهم كله -ودساتيرهم
وقوانينهم -لحاكمية الشرع المنزل قال تعالى (:فالوربك اليؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم
..االية )..ومثله فى القرءان كثير و اليدخل فى هذا العصاة كأهل الكبائر مثال ألنهم يقرون
بحكم هللا ظاه ار وباطنا أنه الحق الواجب لكنهم إنما يعصون فى العمل وهم متأثمون اليدعون
1
عدال واجبا لعصيانهم بل يتأثمون منه فهم مسلمون،فإن استحلوه بأن جعلوا عصيانهم عدال
صوابا كانوا كفا ار مرتدين باجماع العلماء -كاؤلئك الطواغيت الحاكمين لبالد المسلمين -لما فيه
من التكذيب هلل رب العالمين الذى جرم العصيان وجعله بيننا ظلما محرما فمناط الكفر فى هذا
الباب إضفاء الشرعية على فعل من افعال العباد قد جرمه هللا وحرمه النه حينئذ يكون تكذيب
لنص شرعى فان كافة احكام الشرع المنزل محلها وموضوعها هو افعال المكلفين المجردة
كايجاب الزكاة وتحريم الربا والزنا ووجوب قطع يد السارق وغيرها من افعال المكلفين ثم جعل
سبحانه أمر تنزيل احكامه العامة على واقع الحياة باالمتثال لها فى العمل ووقائع االعيان لذا قلنا
ان الشخص المعين قد يعصى بالعمل متأثما السالمه لحكم الشرع المنزل فى عالم التصور اق ار ار
وتسليما وكذلك قد يخطئ القاضى–الذى دستوره وقانونه الشرع المنزل -فى الحكم على
المعينين أو فى الوقائع المعينة حسب البينة والشهود ويكون ماجو ار على اجتهاده اذا اخطأ كما
فى الحديث المشهور ،بل لواتبع هواه وعصى كمالو تواطأ على تزوير بينة مثال فحكم على
الشخص المعين فى الواقعة المعينة بما يخالف حكم هللا متأثما فانه حينئذ يكون كأهل الكبائر اذ
عصى فى واقعة معينة على اشخاص معينين ولم يحكم حكما عاما على فعل من افعال العباد
المجردة بالتحليل أوالتجريم حيث تكون المخالفة لحكم هللا تكذيبا له ومن ذلك لو لم يتأثم على
معصيته تلك فادعى العدل الصواب فيها فانه يكون قد استحل ماحرم هللا ودخل فى التكذيب
والجحود الن هللا قد حكم حكما عاما بان مخالفة حكمه فى نفسها ظلم وجور يجب االقرار به
وهذا هو المقصود بانه البد لكل من عصى ان يكون متأثما مق ار بظلمه وقبح فسوقه مع عدم
نقض هذا االقرار بما يضاده كاؤلئك الطواغيت الغاصبين لسلطان المسلمين واال كان مكذبا أو
جاحدا لحكم هللا مثلهم،فان قيل كيف يعرف هذا عن المعين ؟ قلنا واذ السبيل لما فى القلوب
التى الي عرف حقيقتها إال هللا فيحكم عليهم بما ظهر منهم من ذلك قوال أو كتابة إذ الواجب الحكم
بالظاهر الذى عل يه البينة،ألنه إذا قال أنا اعتقد ان حكم هللا هو الحق ثم نص فى دستوره أو
قانونه-الذى هومعيار العدالة عنده -بحكم يخالف حكم هللا المعروف المجمع عليه فى ذات
المسألة التى أقر بان حكم هللا فيها هو الحق فإنه فى هذه الحالة يكون جاحدا لما قد عرف أنه
العدل األتم وهذا هو تكذيب الجحود بشرع هللا ألنه أنكر مكذبا بظاهره ماقد علم قلبه أنه الحق
قال تعالى (:فإنهم اليكذبونك ولكن الظالمين بايات هللا يجحدون) واحكامه من اياته وجحدها
يكون بانكارهم لها بالظاهر مع اقرار باطنهم بأنها الحق إذ يستحيل عقال أن يجحد القلب ماقد
علم أنه الحق وانما االنكار حينئذ يكون بالظاهر الغير وقد سمى هللا هذا جحودا وكف ار قال
تعالى(:ومايجحد باياتنا إال الكافرون) وهذا كفرعون واله وابليس وسائر الذين عرفوا الحق ثم كذبوه
ولم يسلموا له،ويكون ذلك ولو فى حكم واحد قال تعالى(:افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون
ببعض )..لذا فاليكفى أصال أن ينص فى الدستور على أن الشريعة هى المصدر الرئيسى
2
للتشريع ألنه يعنى أن هناك مصدر أو مصادر أخرى تشرع للناس من دون هللا ولكن البد النص
على أن الشريعة اإلسالمية هى المصدر األوحد أو األعلى أو األساس بحيث تكون الشريعة
االسالمية هى التى لها السيادة المطلقة فتلغى ناسخة كل حكم آخر يخالفها وعليه فالعرف
مصدر للتشريع بناء على هذا األساس والشرع المنزل مهيمن عليه،ولكل هذه البراهين فقد أورد
اإلجماع عدد من العلماء على أن الدساتير والقوانين الوضعية ولو بمخالفة حكم واحد مجمع
عليه كفر بالشريعة االسالمية وت ِ
خرج من االسالم البتة منهم ابن عبدالبر عن اسحق ابن راهوية
فى التمهيد( )222\4وكذا بالصارم المسلول البن تيمية ،وابن كثير فى البداية والنهاية
( )331\31وغيرهم .قال شيخنا ابوعبدالرحمن ايهاب الخواضى رحمه هللا:فان قيل النحكم عليه
بالكفر حتى يقول انا اعتقد بقلبى ان حكم هللا ليس هو الحق قلنا هذا باطل النه يلزم-على
مذهبكم -ان النحكم عليه ايضا بالكفر ألن هذا أيضا قول منه ليس هو عين باطنه-الذى
السبيل اليه -حتى يقول لنا انا اعتقد هذه الجملة ايضا وهكذا للجملة التالية ممايلزم منه التسلسل
الالمتناهى وابطال االحكام جملة،فما الفرق بين ماظهرمنه من الكفر تكذيبا أو جحودا -بمانص
عليه فى الدساتير والقوانين الوضعية المخالفة لشرعة هللا -وبين أن يكفر بقوله انا اعتقد
ذلك،وللزم ان النكفرمن يسبون الدين ويقتلون االنبياء ويقاتلون اهل االسالم ويوالون اهل االوثان
حتى يقولوا نحن نعتقد ذلك وهذه عقيدة الجهم وصحبه كما أوضحه ابن تيمية فى الفتاوى بكتاب
االيمان،واصل المسألة ماهى الجهة العليا التى تحتكم اليها ابتداء فى معرفة الحق من الباطل-
فيمايلى الحكم على افعال العباد-واالستسالم لها بالخضوع المطلق فى عالم التصور والمجمل-
بالنية -فى عالم الجوارح؟ فان كانت الشريعة االسالمية كان دينك االسالم وان كان غيرها فهو
دينك قال تعالى (:افرأيت من اتخذ الهه هواه )..انه الخضوع المطلق ابتداء للهوى فى عالم
التصور،والتوجه المجمل-ابتداء -بالنية لالنقياد له فى عالم الجوارح وماسواه انما يكون بالتبع
فاذن الهك هواك الغير،هذا هو مفهوم الدين والعبادة عندنا والذى البد ان يكون هلل وحده،ولهذا
ففرق بين التدرج في التشريع بالتقنين وبين التدرج في التطبيق (إنفاذاً) فال تدرج في التشريع البتة
إذ لو ت ِرك شرع هللا _ الغير منسوخ _ في أمر ما فيعني إحالل شرع آخر محله في ذلك األمر
لتلك المرحلة وهذا هو الكفر باهلل فال تدرج وال مرحلية في التشريع ألن الدين قد اكتمل وكلفنا هللا
اإليمان به جملة واإلسالم له كله واال كان بعض الدين لغير هللا وهذا هو الشرك والكفر المذكور
آنفا عن أؤلئك الطواغيت فليس ألحد أن يقوم مقام رب العالمين فى التشريع ،نعم إن التدرج
المطلوب هو التدرج في التنفيذ بفقه االستطاعة واختيار البدائل المشروعة المتناسبة وكل
مرحلة.ولى رد شافى التفصيل بالجزء األول والثالث من كتابى دين القيمة ومختصره إلحاد
العلمانية فى إبطال شبهات المفتونين بالتمكن بالسلطة من بعض من ينتسبون لالسالم والتى
3
يرومون بها مجاراة الضغوط االستعمارية ليستمروا فى الحكم بشئ من الشرائع العلمانية وهذه ردة
الزمة والحول والقوة إال باهلل.راجع ذلك تفصيال بكتبى المذكورة.
وال تستشكلوا وجود بعض صور االسالم من العلمانيين الحاكمين فإنه قد توجد بعض شعائر
االسالم فى الكفار اثباتا للوجود ونفيا للعدم مع الحكم بعدم صحتها شرعا قال تعالى (:ومايؤمن
اكثرهم باهلل اال وهم مشركون) فهؤالء الكفار يوجد منهم فعل االيمان لكنهم ينقضونه بكفرهم
وبشركهم كهؤالء العلمانيين قال تعالى-:على قراءة ابن عامر احد السبعة (-والتشرك فى حكمه
احدا) –بالتاء -ألن ابتغاء غيره يعنى تكذيبه كما قال تعالى (:واعبدوا هللا والتشركوا به شيئا)
ومنه شرك اإلتباع الذى نحن بصدده كشرك القباب واألضرحة سواء،فإياكم من أدعياء السلفية
وغيرهم من االحزاب السياسية الذين اصبحوا غطاء للعلمانية والردة المخببة.
القضية الكبرى:لئن كان االتفاق على وجوب الخروج على الحكام المرتدين لتبديلهم الشرع المنزل
بالدساتير والقوانين الوضعية فإن بعض المتأخرين ممن ينتسبون للسلفية – غفلة أوتقليدا لعلماء
السلطان وفقهاء الملك العضود -يمنع من الخروج على الحكام المتغلبين على السلطة بغير
شورى المسلمين كما يمنع الخروج على أئمة الجور ماداموا لم يستبدلوا الشرع المنزل بالدساتير
والقوانين الوضعية وان كان بعضهم يمنعه مطلقا من بعض غالة السلفية عكوفا تحت عروش
الملوك..واعلم أن منهجنا هو توحيد االتباع فى هذا البحث فالحجة إال فى قال هللا قال رسوله
بفهم علم أصول الفقه ألن السلف من الصحابة رضوان هللا عليهم جميعا ومن بعدهم من العلماء
قد اختلفوا كثي ار فى الفقهيات وحتى فى بعض أمهات من قضاياها كما اختلفوا فى المسالك
السلطانية حتى حمل بعضهم السيف على بعضهم فنسبة اإلجماع إليهم مجازفة فى الدين إذ
تفرقوا فى البالد بسبب الغزو فمن إدعى إجماعهم لزمه اوال أن يضرب أكباد اإلبل تطوافا فى
مشارق االرض ومغاربها ليستقصى آراءهم فيمازعم أنه إجماعهم وهو محال وقوعه ،نعم نتبع
سنتهم فيما تحصل لنا بالعلم الضرورى اتفاقهم عليه وهو عمليا وفعليا ينحصر فى العقيدة
وأصول االيمان وامهات قضايا فى الفقه وهو كاف جدا إلطار وحدة تجمعنا نتعدد تحته طرائق
لالجتهاد الفقهى .لذا كان منهجى فى كل ماكتبت أن حلحلت الخالف وتحقيق المسائل ليس بقال
فالن وقال فالن من العلماء االجالء كما يفعل كثير من المعاصرين ألن غيرهم من العلماء أيضا
قال وقال بخالفهم وانما بنقل اآلى والسنة الصحيحه وفق علم أصول الفقه إلتزاما بتوحيد اإلتباع.
أخرج البخاري وغيره أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ( :اسمعوا وأطيعوا وان أستعمل عليكم
عبد حبشي كأن رأسه زنيمة ) وأمر بطاعتهم ( وان ضرب ظهرك ونهك مالك) ونهي النبى
(ص) عن قتال األئمة (إال أن تروا منهم كف اًر بواحاً عندكم فيه من هللا برهان) وفي اآلخر( ما
أقاموا فيكم الصالة ) فيحتج البعض بهذه األحاديث على عدم الخروج على أئمة الجور أو
المتغلبين على الحكم بالقوة الباطشة ماداموا ملتزمين بالشرع المنزل دستو ار وقانونا.
4
أوال :هذه االحاديث ليست فى الغاصب للسلطة قه ار وتزوي ار ألنا نقول أوال اثبتوا إمامته وواليته
الشرعية لكى تنطبق عليه أحاديث وجوب الطاعة لإلمام ألن المتغلب الغاصب للسلطة ليس واليا
شرعيا إنما هو غاصب للسلطة كمن سرق ماال فهل هو مالكه؟ حتى تجب فيه الزكاة مثال فضال
عن حماية ماسرقه ليظل بحوزته واليرد لصاحبه؟ إن هللا طيب اليقبل إال طيبا.ومن استشهد
بقوله تعالى ( تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) لِيسوغ باالية ملك الغاصبين ألمر
المسلمين فهو كمن قال إن هللا قد شاء للسارق أن يتمكن مماغصبه فهو لهوهذا اليقول به أحد
فال يحتجن أحد بالمشيئة القدرية اإللهية على تسويغ معصيته وهى قاعدة راسخة بإتفاق
العقالء.ثم إعلم أن النبي صلى هللا عليه وسلم ال يأمر بترك ما هو غير شرعي أن يقوم فضالً
عن أن يحكم ويتحكم بكل ما هو قائم ومن هنا يتضح الفرق بين أئمة الجور الذين وصلوا للحكم
بطريق غير شرعي وبين ذلك العبد الحبشى الواجب الطاعة إن وصل إلى الحكم بطريق شرعي
وهو إما باستعمال وتأمير من اإلمام الشرعي له علينا بوالية فهذا في الوالية الصغرى أو إذ اختاره
الناس انتخاباً ح اًر وان كان هذا عادة ال يحدث لعبد حبشي فالمقصود السمع والطاعة لمن تأمر
بطريق شرعي فيكون قوله ( وان كان عبداً حبشياً) خرج مخرج المبالغة ألن العبد ال إمارة له
على نفسه فضالً أن يكون أمي اًر على غيره فهو تأكيد على السمع والطاعة لكل أمير تأمر بطريق
شرعي وهو على نحو ما في قوله تعالى (:قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين )..وليس
للرحمن ولد بالطبع والمراد تأكيد العبودية هلل.على انا نقول انه يجب حمل المطلق على المقيد
ههنا كما تقرر فى علم االصول اذا اتحد مخرج الحديث فتحمل روايات الحديث االخرى -إن
صحت -الواردة باالطالق على الرواية االخرى المقيدة بلفظ صحيح البخارى ( ولو استعمل
عمل ) ..ليكون محل وجوب الطاعة الواليةعليكم عبد حبشى) فتقيد بهذه الرواية ( ولو است ِ
الصغرى الن اإلستعمال يكون من الم ِ
ستعمل وهو االمام االعظم لمن دونه فيستعمله على اى
والية اخرى من الواليات الصغرى وليس المقصود أن يكون إمامايدل عليه أنكم التجوزون امامة
غير القرشى فضال عن العبدالحبشى فبطلت بهذا التقريرشرعية إمارة المتغلب وبقى أن الشرعية
لحاكم إال بالشورى على ما أمرهللا ( وشاورهم في األمر ) وقوله ( وأمرهم شورى بينهم ) فهذه
هى خاصية شأن المسلمين العام بنص القرءان واال فهو ليس من أمر المسلمين المقبول عندهللا ،
حتى سمى هللا سورة باكملها الشورى ،فمن أتى غاصبا للسلطان العام دون حكم الشورى الحر
فهو على غير أمر المسلمين العام ألن هللا وصف أمر المسلمين العام الذى ارتضاه لهم بأنه
شورى بينهم فإذا الصحة المامته شرعا ألنها ليست من أمر المسلمين العام الذى ارتضاه هللا لهم
لفقدها الشورى،وهكذا يتم الجمع بين االدلة كلها وليس أخذ بعضها وترك االخر؛ ثم كيف بمن
أتى على غير الشورى أن يقيمها كما أمر هللا سواء أكانت الزمة معلمة فقط أو الزمة ملزمة فإنه
ما من حاكم يتغلب قه اروتزوي ار يرد األمر إلى نفسه في شأن المسلمين العام إال وهو مأخوذ في
5
طريق مؤداه الظلم الفاشي في غياب الرقابة الراشدة إذا أخطأ ؛ وان تحري العدل وأسبابه ِ
لجُّد
منقوص إن لم يكن منكوس ـفي غياب الحيدة مع االنفراد بالحكم ،ويشتد األم ارذا كان فى القضايا
المصيرية لالمة التى تضغط بخصوصها دول االستكبار العالمى فماهو بمب أر إذ قد يلحظ
مصلحته وبقائه -ولو بغير شعور منه -وهو يتخذ القرار منفردا وقد حدث هذا كثي ار فى عصور
المسلمين فأضاعوا البالد والعباد والديانة دهو ارالى الكفار لقاء بقائهم فى السلطة كما هو
اليوم؛واقرؤا التاريخ من وثائقه حديثه وقديمه..ولهذا المكان الدعاء العدل مع عدم الشورى
فاليمكن الجمع بين العدل واالستبداد فهما نقيضان،نعم لكل قاعدة شواذ – والشاذ الحكم له-
فقد يوجد بعض من عدل وهم رجل أو رجالن فى سائر تاريخ المسلمين لذا سارت باحاجى
عدلهم الركبان كأنها النوادر التى التتكرر ومع هذا فمن وصل منهم للخالفة بغير شورى
المسلمين فهو غاصب لحق ليس له وهذه حقيقة مجردة،وبهذا التقرير يبطل قول بعضهم بجواز
امامة الحاكم العادل من غير شورى المسلمين على أن نفس توليه بغير الشورى اغتصاب لحق
ليس له فهو ظالم غاصب للشأن العام كله وليس امام عادل وعاقبته للظلم الفاشى والبد..كيف
وقد اخرج االمام مسلم والبخارى مرفوعا الى النبى (ص) قوله-بالمعنى: -ان من اغتصب شب ار
من ارض بغير حق طوقه هللا بسبعة ارضيين يوم القيامة) وفى لفظ البخارى (من ظلم من
االرض شيئا طوقه من سبع ارضين) فكيف بمن اغتصب أمر المسلمين كلهم وكله فى نفس
الوقت.وغني عن القول أن الحاكم ال تنعقد له الطاعة إال بالبيعة من عامة المسلمين أي الغالبية
كيف والبيعة ما هي إال عقد بين الحاكم والمحكوم وشرط أي عقد وركنه الذي ال يصح إال به هو
الرضا بين الطرفين (أي طرفي العقد) ولهذا أفتى األئمة كاإلمام مالك بعدم شرعية بيعة المكره
على البيعة..ذلك ان السلطة للناس يبايعون بها من يختارون قال تعالى(:لقد ارسلنا رسلنا
بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)..وقال تعالى ..( :أن أقيموا الدين وال
تتفرقوا فيه )..فاهلل جعل اقامة القسط واقامة الدين تكليفا-فرضا-على الناس فهم من يملكون
هذا التكليف ومن ثم هم من يوكلون به من يختارون،ويكون اختيارهم على مااختار اغلبهم النه
يصح ان يطلق عليه انه حكمهم وشوراهم فى لغة العرب التى عليها القرءان وهو اطالق الحكم
على الشئ تغليبا،ولالختيار الحر أدوات تتجدد بحسب كل عصر على ماساد عرفا مرضيا بينهم
وسيلة أنزه لتبلغ االختيار الحر بإطار حاكمية الشرع المنزل غاية..كما عرف باالتفاق حديثا أن
صندوق االقتراع الحر نتيجة قاطعة فى التعرف على خيار االغلبية..واذ يطلق االسم على
االغلب عند العرب -وهو معروف بكتب النحو -فيصح ان يقال على اختيار االغلبية الحر انه
أمر المسلمين..وباالدلة السابقة تعلم بطالن قول من قال نعم ان الواجب هو اقامة الشورى لكن
نتيجتها معلمة غير ملزمةألن حكم الشورى ليس هو مشاورة الرأى فحسب لداللة كلمة حكم
المضافة وحكم :أى قضى وأمر والتى تعنى اإللزام ههنا لكون الحكم في الشأن العام يتناول
6
السلطة العامة على األموال والدماء واألعراض والحقوق لذا فحكم الشورى إنما هو رد الحق فى
األمر األعظم الذ ى يطال شعاب الحياة كافة لسلطان الشعب المسلم من أكف الغاصبين إبتداء ،
فمن قال أنها الزمة فرضا لكن نتيجتها معلمة وليست ملزمة فإنه اليقصد بذلك إختيار ولى األمر
إبتداء ،إن هذه المقولة المكان لها فى باب اختيار االمام قطعا،فمن الذى يختار االمام؟ واذا
اختارته الشورى فهل اليلزمنا تنصيبه؟ وما فائدتها حينئذ ؟ هذا اليقول به أحد فى هذا الباب
أعنى اختيار االمام..فأمر المسلمين الذى هو أمرهم كلهم ،أوعليه يجتمعون و عليه يتفرقون فإن
الشورى فيه واجبه بنص االيات التى فرضتها ألن االصل فى األمر الوجوب حتى يأتى نص
يصرفنا لالستحباب كما تقرر فى علم اصول الفقه ،وأمامن قال انها الزمة معلمة فقط وال يجب
األخذ بنتيجتها فهو يقصد -األمور التى تحتمل أوجها فلإلمام األخذ بمارأى منها -ومن قال أنها
مستحبة فيقصد أنه التجب الشورى فى األمور العادية الراتبة ،وعلى هذا فقد تكون مباحة فى
األمور التى غير ذات بال بالغ فههنا قل ماتقول من إلزام نتيجتها أو عدمه -فى تفاصيل
تصريف الشان العام -على من واله المسلمون باالنتخاب الحر ،وال يلبسوا عليكم بالنقوالت عن
أهل العلم فلكل وجهة لقوله لسياقه الذى يعنيه فالبد منتوجيه مقصوده لسياق نصوص الكتاب
والسنة وليس العكس ،وضابط ذلك كله-الذى يفصل فيه -هو األمة وممثلها الشرعى حقا الذى
اختارته إختيا ار ح ار أال وهو إمامها الشرعى و مجلس شوراها الذى يمثلها حقا هم أهل الحل والعقد
الغيرهم فيحددون السلطات ومستوياتها ودرجاتها وصالحيات أمرها حكما مؤسسيا كل
الختصاصه قال تعالىَ (:وإِذَا َجا َء ُه ْم أ َ ْم ٌر ِمنَ ْاْل َ ْم ِن أ َ ِو ا ْل َخ ْو ِ
ف أَذَاعُوا بِ ِه ۖ َولَ ْو َردُّو ُه ِإلَى
طو َنهُ ِم ْن ُه ْم )..تحت حاكمية الشرع المنزل ستَن ِب ُ سو ِل َو ِإلَ ٰى أُو ِلي ْاْل َ ْم ِر ِم ْن ُه ْم لَعَ ِل َمهُ الَّ ِذينَ يَ ْ
الر ُ
َّ
الذى الخيرة فيه إنه حكم (الشورية ) .ومقترح شكل نموذجها المعاصر جيش مسلم ضامن
التداول السلمى للسلطة تحت حاكمية الشرع المنزل دستو ار وقانونا.
ولئن كنا نستدعي في هذا المقام تقدير فقه المصالح والمفاسد عند السعي لخلع المتغلب
خاصة إذا كان حاكماً عادالً -مع التحفظ على تعبير(عادل) لماعرفناك -ال يعني االستسالم
لمرحلية سطوته وقوة سلطانه بل وجوب السعي بأرفق السبل احتياالً في محاربته حتى نتبلغ قوة
تناصر غالبة تنقلب ثائرة عليه ترد السلطة لسيادة الشعب شورى تحت حاكمية هللا الذي قضى
بأن السلطة للشعب يبايع عليها من يختار على ما بيناه في منهج التغيير إذ ال يجوز االستسالم
لحالة عدم الشرعية ألنها من الباطل الذي أمر هللا بتقويمه وجهاده حتى ال يجر وراءه ظلم عام ال
ي ِبق ى وال يذر..قال الحافظ بن حجر فى الفتح(:وقد اجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان
المتغلب والجهاد معه وان طاعته خير من الخروج عليه لما فى ذلك من حقن الدماء)..عن نيل
االوطار ص 123فى باب الصبر على جور االئمة ،قلت :وجوب طاعتهم وترجيح عدم الخروج
عليهم خوف اراقة الدماء اشفاقا وارفاقا بالمسلمين شئ وعدم شرعيتهم شئ آخر فلم يتناول االمام
7
ابن حجر فى هذا المقام شرعية االمام المتغلب إذ االتفاق على أن القوة والغلبة التصنع شرعيه
وانما تحدث عن الصبر عليهم مفضال طاعتهم وعدم الخروج عليهم خوف اراقة الدماء– حال
غلبتهم هذه -وهذه علة التعطى شرعية الحد بقدرما أنها تنزع عنه أى شرعية فهى فتوى منهم
لمحاذرة إراقة الدماء اشفاقا وارفاقا بالمسلمين– حال غلبة المتغلب -والتعنى االستسالم لمرحلة
الضعف لوجوب االمر بالمعروف والنهى عن المنكر باالجماع المتيقن من الكتاب والسنة بدأ من
القلب للصابر المستضعف فاللسان بالحق جاه ار بوجه المتغلب وحتى اليد لقوة االيمان جهادا فى
سبيل هللا فافهموه وسيأتى مزيد االيضاح لهذاودونك ماذكرت لك من االدلة آنفا ،هذا ولو ادعينا
اجماع السلف على قولنا ماكان أحد بأولى منا إذ اليقطع احد باجماع يدعيه إال إذا ضرب اكباد
االبل لسائر العالم يحصى أراءهم ويستقصيها بكل صقع وهذا اليدعيه أحدلذا نقل االمام بن حزم
عن اإلمام أحمد رحمه هللا أنه قال :من ادعى االجماع فقد كذب ،وما يدريه والناس قد اختلفوا!
هذه أخبار االصم وبشر المريسى” [المحلى ]242/1و(كذب) ههنا فى قول االمام أحمد أى
أخطأ ،وانما يصاغ االجماع عادة فيما علم بالضرورة من دين االسالم وشرائعه الظاهرة المتواترة
بحيث اليخالف المسلمين أحد فى تلك المسألة إال كافراليؤمن بدين االسالم جاهل به بالكلية،
فاالجماع مصدر تابع معزز الينشئ بادعائه حكماجديدا لعدم التحقق من وقوعه ابتداء على وجه
اليقين،على أنه الاجماع فى ماذكره االمام ابن حجر (أنظر مانقله الشوكانى عن الداوودى
فيمايلى وحكاية الخالف فى المسألة ) وسيأتى ذكر أن سبب اختالفهم ظاهريا لمرحلية سطوة
السلطان الطاغى مع ضعف المسلمينوليس فى حقيقة االمر خالف بينهم ألن من منع من
الخروج فخوف إراقة الدماء لمرحلة سطوته وغلبته على ضعف بالمسلمين فال خالف فى حقيقة
األمرذ االتفاق على عدم شرعية المتغلب بالقوة والقهر أو بالملك العضود المتوارث دون شورى
ا
المسلمين فقد أورد االمام ابن كثير فى كتابه البداية والنهاية وحكى أربعة عشر خروجا للسلف
وعلمائهم على المتغلبين بغير الشورى وأئمة الجور فى تلك األزمنة (عددها صاحب كتاب العمدة
فى إعداد العدة للجهاد فى سبيل هللا) وأشهرها خروج ابن االشعث على الحجاج بن يوسف الثقفى
فيما عرف بثورة العلماء لكثرة ماكان بجيش ابن االشعث من علماء السلفولئن كان جور
الحجاج ممااشتهر فان الخروج عليه يمثل خروجا على من ولى الحجاج نفسه أال وهو المتغلب
وقتها عبدالملك بن مروان واقرؤا التاريخ فى تلك الحقبة ومابعدها فقد خرج كثر يدعون الى
ارجاع االمر شورى بين المسلمين نعم كان فيهم من يدعوا لنفسه،ولقد كان الصحابى عبدهللا بن
الزبير بن العوام رضى هللا عنهما هو أميرالمؤمنين على الحجاز والعراق وعاصمته مكة حتى
أرسالليه المتغلب عبدالملك بن مروان الحجاج بن يوسف فعدى عليه وقتله بمكة وصلبه فمن هو
ولى االمر الشرعى على مذهبكم هل هو الصحابى عبدهللا بن الزبيررضى هللا عنهما أم عبدالملك
بن مروان؟ .وهذه سيرة يسعى الطواغيت لتغييبها حتى عن ذاكرة العلماء أنفسهم بشتى األثر وهم
8
اليشعرون..ولغياب الشورى فى الحكم طويال عن حياة المسلمين..ولقد عرفناك آنفا بتقريره أن
االدعاء بوجود إمام عادل اذا كان بغير شورى المسلمين إدعاء الحقيقة له ألن نفس اغتصابه
للسلطان جرم عام ،كما انه العدل فيه والمعه كماهى حقائق االشياء إذ يؤدى االستبداد بالرأى
بطبيعته الى الظلم الفاشى المحالة.فالسلطة للشعب في شريعة هللا يبايع بها من يختاروالحاكمية
منشأ الشرعية والتشريع هلل وحده الإله إالهو.
وعليه فإن االمام الذى تأمر بطرائق الشرع( بتولية اإلمام األعظم له أو بشورى المسلمين) فقد
أمر بطاعته وان ضرب ظهرك ونهك مالك باعتبارها وقائع شخصية وقضايا أعيان ال يعمم أثرها
فاليجوز الخروج عليه لهذا وان كان فاسقا فاج ار فى نفسه .وأما أئمة الجور الذين يعم ظلمهم
الشأن العام ويفشو الكافة بما يخرج عن مقصود الخالفة التى هى سياسة الدنيا بالدين لخيرى
الدنيا واآلخرة فال إمامة له الن معناها وماهيتها قد ارتفعت كمن صام أول النهار وشرب بوسطه
فقد أبطل صومه،ولهذا فمن الشوكة له لسياسة االمرالعام إقامة للدين فالخالفة له لعدم تحقق
معناها ومقصودها حينئذ وهواقامة الدين،ولقد حكى ابن كثير أربعة عشر خروجا عن السلف على
أئمة الجور والمتغلبين بغير الشورى عددها صاحب كتاب العمدة فى إعداد العدة للجهاد فى سبيل
هللا..ثم هم قد غصبوا األمر العام خاصة ألنفسهم بالظلم والجور دون شورى المسلمين بالطبع
وهللا يقول في كتابه( وأمرهم شورى بينهم ) فإن هذه هي صفة أمر المسلمين الذى يريده هللا فإذن
الغصب ألمرهم األعظم ليس من أمرهم بالضرورة ،كما بين سبحانه من يقوم عليها فقال (
وشاورهم في األمر) والحاكم الجائر ليس على ماتكون فيه الشورى وهوعلى الظلم والجور العام
وعليه البد أن يكون االمر العام على العدل لتكون فيه الشورى كما أمر هللا فرضا فى هذه اآلى
كما أن حكم الشورى ضرورى والزم للعدل والبد فاليتحقق العدل بدون الشورى،وقال تعالى (:واذ
ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال إنى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتى قال الينال عهدى
الظالمين) وعهده يعم واليذر فيشمل الرياسة التى غايتها شرعا إقامة عهده بإنفاذ شرعه..وههنا
تتنزل كافة آى وأحاديث االمر بالمعروف والنهى عن المنكرمن القلب حتى اليد.ولذلك فإنهم
عندما قالوا للنبى(ص):أالننابذهم بالسيف قال (:ال ماأقاموا الدين) وفى رواية(:مااقاموا الصالة)
وهى بمعنى فإن هللا قال (:إن الصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر )..وقد الحظت فى تلك
9
االحاديث انها فيمن خلط المعروف بالمنكر ففى بعضها (فتعرفون وتنكرون) وفى آخر(فرءاه يأتى
شيئا من معصية هللا فليكره ماياتى من معصية هللا والينزعن يدا من طاعة) أو كان ظلمه خاص
بوقائع اعيان (وان ضرب ظهرك ونهك مالك) لذا نهى النبى (ص) عن الخروج عليهم وقال(:إال
ان تروا كف ار بواحا عندكم فيه من هللا برهان) لفظ (كفر) ههنا نكرة فى سياق االثبات فالتفيد
العموم وليس بالضرورة ان تكون بمعنى الكفر األكبر فقط الن لفظ (كفر) تأتي بمعان عديدة فمن
ذلك مايلي -3:الكفر بمعنى عدم الشكر وهو كفر النعمة – أي عدم شكرها – ومنه كفر العشير
وهو الزوج وذلك بعدم االعتراف بفضله واحسانه كما أخرج الشيخان عن ابن عباس(رضي هللا
عنه) ان النبي (ص) قال (:أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن قيل يكفرن باهلل ؟ قال
يكفرن العشير ويكفرن اإلحسان لو أحسنت الى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت وهللا لم أر
بسورة ابراهيم ان المقصود الشكر المقابل للكفر االكبر،وقطعا يكون المقصود الشكر الذى يقابل
لسان العرب ( كفروا:أي عصوا وامتنعوا وأكفر الرجل مطيعه أحوجه ان يعصيه) ،أخرج البخاري
ومسلم عن ابن مسعود ان النبي (ص) قال (:سباب المسلم فسوق وقتاله كفر).وقال تعالى :
َصلِحوا َب ْي َنه َما } وقال في اآلية بعدها {ِإَّن َما اْلم ْؤ ِمنو َن ِإ ْخ َوة ِ ط ِائَفتَ ِ ِ
ان م َن اْلم ْؤ ِمن َ
ين ا ْقتََتلوا َفأ ْ {واِن َ
َ
َّللاَ َل َعَّلك ْم ت ْر َحمو َن} فجعلهم إخوة مؤمنين فظهر ان الكفر المراد في َصلِحوا َب ْي َن أ َ
َخ َوْيك ْم َواتَّقوا َّ َفأ ْ
الحديث هو كفر المعصية (كفر دون كفر) أي كفر معصية ال يصل إلى الكفر باهلل لكنها كبيرة
،وأخرج البخاري ومسلم عن ابي هريرة (رض)أن النبي (ص) قال (:إثنتان في الناس هما بهم
10
كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت ) وهذا ال يراد به الكفر األكبر "المخرج من اإلسالم"
أنظره تفصيال بالجزء الثانى من كتابى دين القيمة .فمن كان ظلمه ظلما عاما يفشو حتى ليذهب
بالمقصود من تنصيبه اماما فهذا من كفر المعصية يبطل رياسته بالضرورة وان كان مسلما،
فتجب منابذته بالسيف لهذا الكفر األصغر وهذا معنى قوله (إال ان تروا كف ار بواحا) الذى يوافى
قوله ( ص) (:ماأقاموا الدين )،ولو قلنا المراد بحديث (إال ان تروا كف ار بواحا) الكفر االكبر
فالينافى وجوب الخروج عليه بقول النبى (ص) ( :ماأقاموا الدين ) جمعا بين األدلة للعمل بها
جميعا وهو أولى من تاويل بعضها عن وجهه ألن اإلمامة الشرعية هى سياسة الدنيا بالدين
لخيرى الدنيا واالخرة فتنتفى االمامة الشرعية فى هذه الحالة ويصبح تسلطه بالفساد العام
والطغيان العظيم حال اليستحق معه شرعا أن ينال عهدهللا البتة فتبطل رياسته شرعا ويجب
الخروج عليه لآلية ولقول النبى (ص)( :ماأقاموا الدين) ولغيرها من األدلة وهذا الطغيان العظيم
المفسد للحياة العامة اليتَصور وقوعه عادة إال من ممتنع عن شرائع االسالم الظاهرة المتواترة أو
من غاصب للسلطة بغير شورى المسلمين وهذا األخير ليس إماما إبتداء حتى تتناوله احاديث
النبى (ص) الخاصة بوجوب الطاعة وعدم الخروج عليه كال فإن هذا مماينزه عنه النبى(ص)
جور
وانما أمر النبى (ص) بعدم الخروج على االمام الشرعى ابتداء وان أحدث فسقا فى نفسه و ا
خاصا بوقائع أعيان أو على معينين اليعم أثرها الحياة العامة واما هذه االحاديث الخاصة
بوجوب عدم الخروج على (ولى االمر) إنما هى فى ( ولى األمر) الشرعى بينما الغاصب
للسلطة ليس من أهل االمر وليس إماما شرعيا حتى تتنزل فيه هذه األحاديث ؛ فاثبتوا أوال أن
الغاصب بالقهر والتزوير إمام شرعى ليصبح من أهل األمر وأئمته ثم استدلوا على عدم جواز
الخروج عليه بهذه األحاديث ونحن معكم حينئذ؛قال الشوكانى فى نيل االوطار(ونقل ابن التين
¹يأتي الكفر كذلك بمعنى البراءة قال في لسان العرب:قال شمروالكفر أيضا بمعنى البراءة كقوله تعالى:حكاية عن
ون ِمن قَ ْب ُل أى تبرأت).أهـ. الشيطان فى خطيئته اذ دخل النار( ِإنِي َكفَ ْرتُ ِب َمآ أَ ْش َر ْكت ُ ُم ِ
ُ َّ َ ُ َ ْ َّ
ِيم َوالذِينَ َمعَهُ إِذ قالوا ِلق ْو ِم ِه ْم إِنا ب َُراء ِمنك ْم َو ِم َّما سنَةٌ فِي إِب َْراه َ َت لَ ُك ْم أُس َْوة ٌ َح َ قلت :ويشهد له قوله تعالي {لقَدْ كَان ْ
اَّللِ َوحْ دَهُ .وكفرنا بكم ههنا ضاء أَبَدًا َحتَّى تُؤْ ِمنُوا ِب َّ ْ ْ
اَّللِ َكفَ ْرنَا ِب ُك ْم َو َبدَا بَ ْينَنَا َوبَ ْينَ ُك ُم ال َعدَ َاوة ُ َوالبَ ْغ َ ت َ ْعبُد ُونَ ِمن د ِ
ُون َّ
اي تبرأنا منكم ،والتحقيق أن كلمة (كفر) يراعى المراد منها من بين اطالقاتها المعروفة بحسب علم النحو.
11
عن الداوودى قال الذى عليه العلماء فى امراء الجور انه إن قدر على خلعه بغير فتنة والظلم
وجب واال قالوا يجب الصبر وعن بعضهم اليجوز عقد الوالية لفاسق ابتداء فان احدث جو ار بعد
ان كان عادال فاختلفوا فى جواز الخروج عليه والصحيح المنع اال ان يكفر فيجب الخروج عليه)
نيل االوطار ص 123فى باب الصبر على جور االئمة،وماذكره من خالف فهو حصريا فى
اإلمام الشرعى الذى أحدث فسقا وجو ار بعد أن كان عادال فإذن الخالف فى عدم شرعية المتغلب
قه ار،وعند التحقيق فالخالف فى عدم شرعية من كان جوره جو ار عاما قد تجاوز شخصه لينتظم
الحياة العامة حتى ليذهب بالمقصود من اإلمامة ( التى هى سياسة الدنيا بالدين لخيرى الدنيا
واالخرة) الن من منع من الخروج عليهم فقد نظر لمخافة اراقة الدماء وفتنتها معضعف
المسلمين– ولم يقل بشرعيتهم أصال فال خالف فى عدم شرعيتهم الن القوة والغلبة التمنح حقا
والشرعية وهذا واضح من كالم الداوودى–فبعضهم عبر عن هذا الجانب خوفا على دماء
المسلمين من الطغاة الباطشين حال قوتهم وضعف المسلمين لحين تجاوز مرحلة الضعف وهذه
حالة التعطى شرعية بقدرما أنها تنزعها منهم نزعا لذا قالوا فالصبر حينئذ اولى– ويقصدون
ظرف االستضعاف -والصبر إنما يكون على المكاره لكن مع وجوب االمر بالمعروف والنهى
عن المنكر ألنه إجماع تظافرت عليه االدلة من الكتاب والسنة بدءا من االنكار بالقلب
للمستضعف الصابر فاللسان بكلمة الحق امام المتغلب الغاصب وحتى المناجزة باليد وهو أقوى
االيمان إذ سلبوا أمر المسلمين وسلطان الشعب المسلم غصبا وزو ار فاالمر بالمعروف والنهى
عن المنكر واجب باالجماع المتيقن،فالصبر عليهم مع اإلنكار المالزم ليفضى بصيرورته
للتداعى بقوة غالبة تذهب ريحهم .فالخالف عند التحقيق فى عدم شرعية رئاسة المتغلب أو
الجائر جو ار عاما قد انتظم الحياة العامةألن من كانت رئاسته بطريق شرعى وكان فسقه فى نفسه
أوبوقائع معينة على أشخاص معينين فإن هذا ظلم مقيد الينفى عنه العدل المجمل الذى هو عليه
من إقامة الدين فهذا تجب طاعته واليجوز الخروج عليهوأما من كان غاصبا للسلطة أو كان
جوره عاما ينتظم الحياة العامةويفشوا بما يلزم منه عدم إقامة الدين الذى هو مقصود ومعنى
االمامة نفسها فجب السعى فى عزله جمعا بين االدلة وليس التمسك ببعض االدلة واهمال االيات
12
المحكمات الخاصة بفرض الشورى وأصول الشرع المحكمة القاضية بوجوب الرضاركن مجمع
عليه فى أى عقد وحرمة الغصب والقهر فكيف بعقد الوالية والرئاسة االعظم ؛ فالجمع بين األدلة
للعمل بها جميعا هو الفرض المحكم باالتفاق بتخصيص العام وتقييد المطلق حتى يمكن العمل
باالدلة كلهاعلى مسلكنا الذى قدمنا ؛ لكن البد ان يكون هذا الجور الغاشى المفسد للحياة العامة
مماعلِم عن الحاكم المعين باالضطرار وليس شيئا يختلف فيه ألن الناس أميل دائما إلتهام
الحكام بالظلم وان عدلوا عدال يشوبه مايشوبه من الفسق وهذا اليجوز الخروج عليه بحال لِ ِع َ
ظم
أمر وجوب لزوم الجماعة والحفاظ على النفس الذى هو اعظم فرض إال إذا أصبح جوره جو ار
عاما قد افسد الحياة العامة بما اليختلف فيه اثنان وهذا اليتحقق عادة إال من الممتنعين عن
شرائع االسالم الظاهرة المتواترة أو من متغلب على رئاسة المسلمين بالبطش والتزوير وأى
منهما بمجردهمناط موجب للسعى فى خلعهكمااشتهر ذلك عن الحجاج بن يوسف فخرج عليه
ابن االشعث ومن معه من العلماء بما سمى ثورة العلماء وقتها؛ أليس هذا هو منهج علماء
السلف أم غفل عن هذا ثلة من العلماء الذين غيبهم طواغيت الزمان تحت كثاقة التأثيرعلى فكرهم
وحسهم مستغلين حسن سريرتهم بشتى السبل فهؤالء يخرج عليهم بدءا من جهاد الكلمة روى
من الخروج عليه بالكلمة إذ جهر بوجهه بالحق المغاضب والمخالف لهوى الجائرين وان أدت
مناصحته لمفسدة قتله فإن فساد مخالفة االمتناع بالشوكة عن الفرض المنزل (حكم الشورى )
أعظم ؛ وماشرع الجهاد فى سبيل هللا الذى فيه ما فيه من سفك الدماء إال تضحية القامة الشرع
المنزل كله فبان أن مقصود العلماء أنه على القائم بالجهاد أن يستفرغ وسعه فى التدبير
المحذورة المكلفة للمجاهدين فى الدماء واألموال واألعراض فتقلل خسائره الى أدنى حد ممكن
ذلك أن بذل الدماء واألنفس واألموال_بالتخطيط األسلم_ جهادا فى سبيل هللا إنما غايته المصلحة
األرجح على كل مفسدة أال وهى إقامة الدين كله إذ فرض الجهاد بالنفس والمال لهذه الغاية
13
فافهموه.واال فاألولى الصبر عليهم كما قال االمام ابن حجر فيما حكاه آنفا أال ترون انه علل
ذلك بقوله ( لما فى ذلك من حقن الدماء )..لقول الحافظ ابن حجر نفسه :قوله (باب من
تامر )...أى جاز...قال ابن المنير::يؤخذ من حديث الباب ان من تعين لوالية وتعذرت مراجعة
االمام ان الوالية تثبت لذلك المعين شرعا وتجب طاعته حكما كذا قال واليخفى ان محله ما إذا
اتفق الحاضرون عليه) الفتح ( )381/2وفى هذه المرحلة – أى مرحلة سطوة المتغلب وظهوره
-يجب إجراء االحكام الشرعية معهم كما هى على ما أمر اللهحتى الجهاد والغزو معهم وتحت
رايتهم فى سبيل هللا وهذا خاص بالمتغلب قبل أن يفشو ظلمه وينتظم الحياة العامة حيث يجب
اعتزاله حينئذ حتى اليشاركه واليعينه على ظلمه وجوره أخرج االمام البخارى عن أنس بن مالك
رضي هللا عنه أنه قال كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام
بنت ملحان فتطعمه وكانت تحت عبادة بن الصامت فدخل يوما فأطعمته فنام رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم ثم استيقظ يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول هللا فقال ناس من أمتي
عرضوا علي غزاة في سبيل هللا يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على األسرة أو قال مثل الملوك
على األسرة شك إسحاق قلت ادع هللا أن يجعلني منهم فدعا ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ
يضحك فقلت ما يضحكك يا رسول هللا قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل هللا
يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على األسرة أو مثل الملوك على األسرة فقلت ادع هللا أن يجعلني
منهم قال أنت من األولين فركبت البحر زمان معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من
البحر فهلكت) على أنه يجوز أن يقال لمن وصل لالمامة بالطريق الشرعى أنه ملك وليس فى
االلفاظ مشاحة فإن هللا سمى من اختاره هو سبحانه (ملك) فقال لهم كما فى سورة البقرة ( إن هللا
قد بعث لكم طالوت ملكا )..وهذا فى القرءان كثير فالمشاحة فى االلفاظ فالمهم أن يكون باختيار
شرعى–إما بإصطفاء من هللا كما اختار هللا سليمان خلفا البيه داؤود فى الحكم والنبوة أو باختيار
شورى المسلمين التى أمر هللا بها اذ انقطعت النبوة والرسالة -وليس بالقهر والتزوير،فيجب
إجراء كافة االحكام الشرعية معهم على ماأمر هللا بما فى ذلك الجهاد معهم فى سبيل هللا وهذا
خ اص بالحاكم المتغلب قبل ان يفشو ظلمه منتظما شعاب الحياة حيث يجب اعتزاله حيئنذ كما
14
أن الجهاد معه خاص بمرحلة الصبر عليه وهو غالب قاهر وشرطه فى هذه الحالة السعى
الدؤوب لتحصيل الغلبة الرافعة لكل مفسدة وذلك بدأ بالدعوة الحسنى وكلمة الحق أمام السلطان
المتغلب لحين تبلغ حيلة قاهرة تغالبهم فتغلبهم جهادا فى سبيل هللا أم ار بالمعروف ونهيا عن
المنكر اذ سلبو أمر المسلمين كله غصبا وقه ار وال نتعلل بعبارة عدم الخروج عليه خوف الفتنة أو
نقول اليخرج عليه اال اذا قدر عليه بغير مفسدة استكانة واستسالما ،فالجهاد معهم ماهو اال فقه
مرحلة ليس غير ،فمن منع من الخروج عليهم فقد نظر لمحاذرة خوف إراقة الدماء وغلبها فقصده
أن ذلك لمرحلة سطوتهم وضعف المسلمين واال فالشرعية للمتغلب فى نفس األمر باالتفاق
فتقدير عدم الخروج عليهم خوف اراقة الدماء – لظرف موقفهم المتغلب القاهر وضعف
المسلمين– شئ وعدم شرعية المتغلب شئ آخر لم يقل بخالفه أحد فيما أعلم ،واليعنى ذلك
أمر المسلمين ليفضى بطبيعته لتبلغ قوة ظافرة حامية لدستور حاكمية الشرع المنزل تنقلب
عليهم إنكا ار باليد حتى يهزموا أو يسلموا األمر للشعب المسلم الذى أناط هللا به تكليف اقامة
الدين كله ثم إن هذا الشعب هو من يبايع عليه من يختار.ولما كان جوهر الشورى وغايتها
الرضى العام فان اشكال االنتخاب تتجدد لكل مجتمع كما فى المجتمعات القبلية فان نقباؤهم
وعرفاؤهم وزعماؤهم هم المعبرون عن قومهم فكانت الشورى كذلك بدار سقيفة بن ساعدة أوسا
وخزرجا وقريشا حتى اتفقوا على ابى بكر الصديق (رض) ومن بعد سمى لهم
ابوبكر(رض)عمر(رض) فاتفقوا عليه وبايعوه أمي ار للمؤمنين ،ومن بعده عثمان (رض) بعد أن
سمى لهم عمر (رض) كلية إنتخابية من ستة صحابيا ليختاروا أحدهم ،وفى كل ينتهى األمر
بالبيعة العامة للخليفة باالغلبية األجمع ألن أصل االمر فى كل ذلك مردود للمسلمين ابتداء
وهذا هو جوهر األمر ومفترقه ،واال فالمصير الى االنتخاب المباشرمن عموم المسلمين
لتحقيق الشورى األتم ،واليخالف فى كون صناديق االقتراع هى األنزه لمجتمعنا المعاصر
أحد،وركن ذلك كله الذى اليصح االسالم إال به هو أن يكون تحت حاكمية الشرع المنزل والبد
15
فان قيل ان شرط القرشية فى الخالفة قيد على الشورى وتضييق لها وهو شرط مجمع عليه
وللحديث الصحيح ( األئمة من قريش ) فالجواب أوال :الدويالت القائمة االن فى العالم االسالمى
ليست رياسة خالفة بل إمارات متفرقة وثانيا :أخرج االمام البخارى عن ابى هريرة رض ان النبى
ص قال ( الناس تبع لقريش فى هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم ،وكافرهم تبع لكافرهم ...الحديث)
ومن ذكاء االمام البخارى أنه اورده فى كتاب المناقب (مناقب قريش) ألن المقصود ب (أن االئمة
من قريش) أن الناس تبعا لهم إذ كان الناس منذ الجاهلية يقدمونهم لكونهم سكان الحرم وأهل الكعبة
ولهذا نقل العلماء االجماع على أن شرط الخليفة ان يكون قرشيا ذلك لما علم أن الناس لم يزالوا
يقدمونهم على غيرهم فهذا اإلجماع الذى اشترط القرشية فى الخليفة كان صوابا فى زمانه الذى دبر
بيد أنه فى هذه االزمان المتأخرة وإذ تفرقت قريش فى االرض انسابا ولم يعد لهم كيان بارز يؤمه
الناس فقد زال اإلجتماع عليهم فليس اليوم شرط القرشية قائما وإنما الشرط هو االتفاق واالجتماع
وهذا باق لذا قلنا البد من رد األمر للمسلمين كافة لينتخبوا من يرونه سواء كان قرشيا أو غيره .قال
ابن حجر في المطالب العالية ( :)128 /5باب صنعة الطعام ألهل الميت :قال أحمد بن منيع
نا يزيد بن هارون ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن األحنف بن قيس قال":
كنت أسمع عمر ر ِ
ضي هللا َع ْنه يقول :ال يدخل أحد من قريش في باب إال دخل معه ناس ،فال
َ َ
ضي هللا ع ْنه ،فأمر صهيبا ر ِ
ضي هللا َع ْنه أن يصلي أدري ما تأويل قوله حتى طعن عمر ر ِ
َ َ َ َ َ
بالناس ثالثا ،وأمر أن يجعل للناس طعاماً ،فلما رجعوا من الجنازة جاؤوا وقد وضعت الموائد،
فأمسك الناس عنها للحزن الذي هم فيه ،فجاء العباس بن عبد المطلب ر ِ
ضي هللا َع ْنه فقال [ :يا
َ َ ْ
أيها الناس قد مات رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فأكلنا وشربنا بعده ،ومات أبو بكر رضي هللا
عنه فأكلنا وشربنا ،أيها الناس كلوا من هذا الطعام ،فمد يده ومد الناس أيديهم فأكلوا ،فعرفت
تأويل قوله" ] .قلت :اى تأويل قول سيدنا عمر رض (ال يدخل أحد من قريش في باب إال دخل
معه ناس) ،فما كاد العباس بن عبدالمطلب القرشى (رض) يكمل مقالته هذه حتى أكل الناس
وامتثلوا قوله وحينها فهم راوى األثر االحنف بن قيس مقالة عمر (رض) (ال يدخل أحد من قريش
في باب إال دخل معه ناس ) فقد كان الناس ولم يزالوا حتى بعد االسالم يصدرون لراى قريش
16
وهذا هو قولنا أن الناس كانوا تبعا لرأى قريش فلهم الريادة والزعامة منذ الجاهلية وحتى بعد
االسالم لم يزال الناس يقدمونهم لذا حكى العلماء اإلجماع على اشتراط القرشية فى الخليفة ،لكن
وبعد تغير الحال فى هذه األعصار وتفرق كيان قريش فى األرض وذهب ماكان لهم بين الناس من
التقديم والريادة فى الراى كان البد ان تتغير الفتوى كذلك بالطبع وبهذا ذهب شرط القرشية وبقى
شرط اإلتفاق والتوافق والذى اليكون إال باإلنتخاب الحر .ثالثا :وأما ماجاء على نحو ماأخرجه
البخارى ومسلم عن جابر بن سمرة رض هللا عنه قال سمعت النبى ( ص) يقول ( :يكون اثنا عشر
أميرا ،فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى :إنه قال ( كلهم من قريش ) ،فهذا الحديث أيضا يفسر حديث
( األئمة من قريش ) الذى خرج مخرج الخبر القدرى وليس خبرا يتأول الى التكليف الشرعى كال
ألن نبوءة النبى (ص) فى الحديث قد حدثت بالفعل فقد كان اثنى عشر خليفة بعده كلهم من قريش
وليس فى الحديث اشتراط القرشية فافهموه ،وهذا يؤيد قولنا أن الناس كانوا تبعا لهم لكن بعد تغير
الحال من القبول واإلجتماع عليهم بعد أن تفرقوا فى البالد كان لزاما تغيير الفتوى تبعا لذلك فقد
ذهب شرط القرشية فى الخليفة شرعا وبقى شرط االجتماع والتوافق المنشود الذى إنما يكون
اخرج البخارى فى صحيحه عن عروة :أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه :أن النبي صلى هللا
عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن ،فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم ،فقال( :إن معي من
ترون ،وأحب الحديث إلي أصدقه ،فاختاروا إحدى الطائفتين :إما المال واما السبي ،وقد كنت
استأنيت بهم) .وكان النبي صلى هللا عليه وسلم انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف،
فلما تبين لهم أن النبي صلى هللا عليه وسلم غير راد إليهم إال إحدى الطائفتين ،قالوا :إنا نختار
سبينا ،فقام النبي صلى هللا عليه وسلم في الناس ،فأثنى على هللا بما هو أهله ،ثم قال( :أما بعد،
فإن أخوانكم جاؤونا تائبين ،وانى رأيت أن أردإليهم سبيهم ،فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل،
ومن أحب أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفئ هللا علينا فليفعل) .فقال الناس:
طيبنا ذلك ،قال( :إنا ال ندري من أذن منكم ممن لم يأذن ،فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم
أمركم) .فرجع الناس ،فكلمهم عرفاؤهم ،ثم رجعوا إلى النبي صلى هللا عليه وسلم فأخبروه :أنهم
17
بلغنا عن سبي هوازن ) .وهكذا فاليجوز الى حاكم أن ينفق فلسا من طيبوا وأذنوا.فهذا الذي
أموال المسلمين -كالضرائب المجموعة للضرورات وعند الضرورة -إالبامرهم تفصيال ،وعلى
مثل هذا الحديث وغيره من االدلة تتاسس مشروعية مجلس االمة وشوراها المنتخب من الناس
ليختاروا عرفاؤهم ونقباؤهم الذين ينوبون عنهم من واقع معرفتهم بالناس ،وهو فى حقيقته هيئة
الحسبة العامة-المستندة على االيات المتكاثرة التى أمرت باالنتظام والقيام على االمر بالمعروف
والنهى عن المنكر -فهيئة الحسبة العامة التى تشخص قائمة على الشان العام غيبها الحكام
طويال مقتصرين على هيئة الحسبة والمظالم فى خاصة المجتمع لينئوا بانفسهم ونظمهم عن أى
أمربالمعروف ونهى عن المنكر يمثله قائما ورقيبا أمه من المؤمنين يمثلون حقا عامة
المؤمنين.ففرق بين السمع والطاعة لهم عند ترجيح مصلحة عدم الخروج عليهم لما في الخروج
على الحاكم المعين من المفاسد العظيمة -كما يدعى دوما -فإن هذا ال يعني االستسالم له
بذلك وشرعنته بل وجوب السعي اللطيف الدائب أبدا واالحتيال بأقرب سبيل لكسب قوة تغالبه
حتى خلعه واقامة اإلمام العادل بالشورى وبيعة المسلمين الناخبة له بشورى األغلبية األعم حيث
أجمعوا متطاوعين أن األحق بها منهم تنتخبه األغلبية ومن ثم تبايعه الكافة على الطاعة اذ
يصح لغة ان يسمى من اختارته االغلبيه باالنتخاب الحر أن هذا هو من اختاره المسلمون
بالشورى ألمرهم وبذا نوافى آى الشورى المفروضة بنصوص التنزيل..واعلم ان اعتبار المصالح
والمفاسد فقه عام فى كل شئ وفى سائر االمر بالمعروف والنهى عن المنكر وفى الدعوة
لالسالم نفسه ولكن اليعنى ذلك أن نترك االمر برمته خوف المفسدة واراقة الدماء وال ان ينقلب
ذلك لشرعنة المنكر القائم وهو امامة الغاصب بغير الشورى أو الجائرالممتنع عن الشرائع الظاهرة
المتواترة ومافرض الجهاد فى سبيل هللا الذى فيه مافيه من إراقة الدماء إال القامة الدين كله ،وان
تضحية جيل من المسلمين فى أى بلد حتى ينتصب مثالهم الراشد مندفعا بزخمه الى باقى بالد
المسلمين لهدم صروح االستبداد والجبروت وحفظا لمصير األمة التى أضاعها االستسالمللطغيان
طويال لهو جهاد فى سبيل شرعة االسالم أن ترتسخ وللقسط ان ينبسط آلماد المستقبل ألن
السلطة حينها بإرادة الشعب المسلم أقول إن التضحية فى هذا السبيل مماافترض هللا وليس
18
ت َوأ َ ْن َز ْلنَا
سلَنَا ِبا ْلبَ ِينَا ِ االستسالم فرقا من جرأة الطغاة على سفك الدماء.قال تعالى( لَقَدْ أ َ ْر َ
س ْلنَا ُر ُ
ثمت جور عام..ألن حكم الشورى بأدواته الراسخة حينئذ فى الحكم والمجتمع ستمنعه
بطبيعتها..بيد أن الحكم بغير الشورى هو البداية واالرض األخصب لنمو الظلم وفشوه.واذ
االجماع على وجوب الشورى بنص االيات المحكمة والبراهين السالفة فمن جاء للحكم بغير
الشورى العامة ممتنعا بالشوكة الغالبة فيجب جهاده وقتاله لتغيير المنكر باليد الغتصابه ماليس
له واقامة الدين على ماامرهللا من الشورى فى أمر المسلمين وذلك لكل االدلة المتواترة التى
أوجبت تغييرالمنكر باليد والجهاد ،وكذلك كافة اآلى الموجبة إلقامة الدين كله فيجب قتاله
لالجماع على وجوب قتال الطائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع االسالم الظاهرة المتواترة وهى
ههنا رد أمر المسلمين المغصوب ليكون شورى بينهم .يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية (:وأيما
طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التي ال
عذر في جحودها وتركها -التي يكفر الجاحد لوجوبها -فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وان
كانت مقرة بها ؛ وهذا مما ال أعلم فيه خالفا بين العلماء وانما اختلف الفقهاء في الطائقة
الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن..فأما الواجبات والمحرمات المذكورة ونحوها فال
خالف في القتال فيها)الفتاوي ( )511/28وبهذا لهج كيث ار رحمه هللا في فتاويه.ولقد أفتى اإلمام
مالك رحمه هللا بجهاد الطائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع اإلسالم المفروضة كما هو في
الموطأ والشورى أمة من الشرائع فبها تقوم شرائع العدل كافة راسخة فى الحياة العامة ولقد قاتل
ابوبكر الصديق (رض) مانعى الزكاة النها حق المال وقال لهم أينقص الدين وانا حى ووافقه
الصحابه من بعد على ذلك وفيه قوله لهم وهللا لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول هللا
لقاتلتهم عليه والقصة فى الصحاح،ونظام الشورى حق األمة فى األمر العام كله إلقامة شرائع
العدل في كافة مناحي الحياة؛حتى الزكاة فان حكم الشورى ضمان عدل جبايتها ونزاهة مصرفها،
ومن تدبرعرف عظم المصاب والحول والقوة اال باهلل.ودوما يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية:قال
19
تعالى (:وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ويكون الدين كله هلل) فمتى كان بعض الدين هلل وبعضه
لغير هللا وجب القتال حتى يكون الدين كله هلل) وهذا هو الذى فهمه السلف رضوان هللا عليهم
فخرجوا بالسيف على المتغلبين بغير الشورى كما ذكرناه نقال عن ابن كثير فى البداية والنهاية
حيث عدد اربعة عشر خروجا للسلف وهذا مثبت فى سائر كتب التاريخ فانظروه .وأما المقدور
عليه فاليقاتل أوال :ألن القتال اليتصور اال مع ممتنع بشوكة فالقتال مدافعة وثانيا :الن المقدور
عليه غير ممتنع بشوكة عن حكم الشرع المنزل أن ينفذ فيه.انظر الجزء الثانى من كتابى دين
القيمة فى تفصيل القول بشأن الطائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع االسالم الظاهرة
المتواترة.فيقاتلون كماتقاتل الفئة الباغية من المسلمين فليس القتال محصور على من حكم بردته
كال بل يطال كل من يفسد فى االرض ممتنعا بالشوكة إنكا ار باليد كأهل الحرابة يقاتلون عند
امتناعهم بالشوكة لقطع السبيل وهم من المسلمين ماداموا لم يبدلوا الشرع المنزلبالدساتير والقوانين
الوضعية الذى هو شرط صحة االسالم ،فالتنتصب رايات الجهاد القامة الدين على ماامر هللا
أن يكون شورى بين المسلمين كما انتصبت القامة حاكمية الشرع المنزل لكن بعد استنفاد النصح
والطرائق الحسنى الدافعة للشعب بالثورة السلم إال أن يدفع للجهاد االشد لمقتضى الضرورة
االقصى ذلك أن حكم الشورى قد غاب حتى درست معالمه وفقهه بكثافة الشبهات حتى عن ذوى
العلم والدين(.انظر الجزء الثانى من كتابى دين القيمه فيمايتعلق بفقه القتال واحكامه والبد ومنها
البيان والدعوة قبل القتال).وان دون ذلك لمجاهدات عظيمة تثور حتى االقتصاد مؤسسات بأيد
المسلمين تعم من غير حجر بتسعيرأو تقييدا لملك،وتخص من غير اكتناز أو مراباة حيث يسعى
الطغاة دوما لسياسة القطاع العام للسيطرة على الموارد ومن ثم إحكام السيطرة على الرجال
فينتظم المؤسسات الفساد ،وتبديد ثروات المسلمين.فلينشط المجتمع متوازناً بالعدل راشداً في كافة
صروف الحياة ممسكاً بأقطار مؤسساته بالقطاع الخاص– إال ماكان منها موردا عاما بطبيعته
او بتقدير شورى المسلمين -ليثور عند االنحراف في وجه طواغيت الزمان على مختلف
دركاتهم حتى رأس اإلمام .فالمكان ألمة تحترم أن تستسلم بمصائرها لغاصب أصاب
أوأخطأ.فتأصيل الشورى كفريضة جامعة للتعدد ووعاء معرفى وتزكية للنفس أن تصطبر على
20
الرأى اآلخر الذى يتردد بين األجر واألجرين تعددا ح ار تحت حاكمية الشرع المنزل من أولويات
المسلمين اليوم ضمانا وأمنا من فجور االستبداد إذ ضاعت الخالفة الراشدة قبل أكثر من ألف
عام يوم أن استبد بنا الملوك والحكام ثم بدأ االنحدار واألمة تهوى دركا فالطوام حتى يومناوانظر
التفصيل الشافى فى كتاب دين القيمة بين العلمانية واالتجاهات التكفيرية الجزء االول منه أو
مختصره -إلحاد العلمانية-مع باقى أجزاء الكتاب األصل والذى جاء شامال فى مسائل
الكفروااليمان والحاكمية وضوابط التكفير (دالالت ألفاظ التكفيرشرعا ولغة وقضية االعذاربالجهل
والتاويل) ،وتوحيد هللا فى الوالء والبراء،والسياسة الشرعية وعقد المواطنة،والجهاد القامة الشورى
الفريضة الغائبة طوق نجاة وحدة المسلمين.وستجد الكتب المذكورة أعاله وغيرها بصفحتنا على
الفيسبوك المميز بشعار أصفر اللون واسمها( منبر الدين القيم) .
كاتبه :ابوعبدالرحمن اسامة حجر
من كتاب دين القيمة حقوق الطبع غير محفوظة
رقم االيداع المحلى> 2134/111 < :
رقم االيداع الدولى < :ردمك –>ISBN178-11142-1-311-7
21