Professional Documents
Culture Documents
الأبجدية
الأبجدية
الترتيب األبجدي "أبجد هوز" ليس ترتيبا عبريا ولم يضعه اليهود ،بل وضعه
الفينيقيون الذين كانوا أول من رتب الحروف األبجدية بحسب الترتيب (أبجد –
هوز – حطي – كلمن – سعفص – قرشت – أ ي ب جـ د – هـ و ز –ح ط ى –
ك ل م ن – س ع ف ص – ق ر ش ت) .ومن الفينيقيين انتقل الترتيب إلى اللغات
السامية األخرى ،وقد ألحق العرب بالحروف الفينيقية هذه ستة أحرف هي (ث،
خ ،ذ ،ض ،ظ ،غ) جمعتها كلمتا (ثخذ ،ضظغ) سميت بالروادف (اللواحق).
أما الحروف األبجدية العربية "أ ب ت ث ج ح خ" فقد قام بتنقيطها وتمييزها
وترتيبها العالم العربي نصر بن عاصم الليثي المتوفي سنة 90هـ (زمن الحجاج
بن يوسف الثقفي وبتشجيع منه) ،إذ كانت الحروف العربية خالية من نقط
اإلعجام ،وكانت نقط أستاذه أبو األسود الدؤلي لإلعراب أما نقط الليثي فهي
لإلعجام من أجل تمييز الحروف المتشابهة ألن بعضها كان متماثال ،فقام الليثي
بتمييزها ،ورتبها بحسب تماثلها األلف أوال من أبجد ،ثم الباء تليها التاء فالثاء،
فوضع تحت الباء نقطة وفوق التاء نقطتين وفوق الثاء ثالث نقاط .ثم انتقل نصر
بن عاصم إلى الجيم في أبجد ،فوضع نقطة للجيم ،وترك الحاء بدون تنقيط ،ثم
وضع نقطة للخاء ،واستمر في ترتيب الحروف إلى أن توصل إلى الترتيب الهجائي
المقطع (الترتيب األلفبائي) المعروف اآلن (أ ،ب ،ت ،ث ،ج ،ح ،خ ،د ،ذ – الخ).
وقد شاع الترتيب الهجائي لنصر بن عاصم بسبب سهولته ويسره.
وللعلم فقد قام الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفي في العقد السابع عشر الهجري
بمحاولة الختراع ترتيب ثالث للحروف الهجائية العربية بحسب مخارج الحروف
(الترتيب المخرجي) مبتدئا ً بأبعدها واألقرب فاألقرب حتى انتهى إلى أدناها مخرجا ً
ثم اختتمها بأحرف اللين (العلة) والهمزة فكان ترتيبه هذا على النحو التالي (ع،
ح ،هـ ،خ ،ق ،ج ،ش ،ض ،ص ،س ،ز ،ط ،د ،ت ،ظ ،ث ،ذ ،ر ،ل ،ن ،ف ،ب،
م ،و ،أ ،ى ،هـ ،ء (الهمزة) ،إال أن هذا الترتيب لم يكتب له االنتشار لصعوبته.
1.النشأة:
المرحلة الثالثة واألخيرة من تاريخ الكتابة هي المرحلة األبجدية التي سميت هكذا
نسبة إلى ترتيب الحروف في األبجدية السامية األولى وهي أبجد هوز حطي كلمن
سعفص قرشت ثخذ ضظغ ،وهو الترتيب الذي غيره في العربية نصر بن عاصم
الليثي عند تنقيط الحروف إلى الترتيب الحالي الذي يقال فيه أيضا ً إن الخليل بن
أحمد هو الذي صنع ذلك .
ثم رتب الفينيقيون األبجدية مبتدئين بحرف األلف ثم الباء ثم الجيم ثم الدال إلى آخر
ترتيب أبجد هوز .ونحن ال ندري بالضبط لم رتبوا أبجديتهم هكذا ،أي لم بدؤوا
باأللف ولم يبدؤوا بغيره؟ وقد يكون لذلك عالقة بالمعتقدات الدينية لقدامى الكنعانيين
حيث كان الثور يرمز عندهم إلى كبير آلهتهم بعل .وقد يعني "البيت" للساميين ذوي
األصول البدوية ال شيء أكثر من "المعبد" الذي يعبد فيه إلههم ،ولكن هذه مجرد
تكهنات.
ثم أخذ اإلغريق في أوائل األلف األول قبل الميالد الكتابة عن الفينيقيين وحاولوا
كتابة لغتهم فيها إال أنهم اكتشفوا أن األبجدية الفينيقية ال تحتوي على كل األصوات
اليونانية من جهة (خصوصا ً الحركات) ،وأنها تحتوي على أصوات غير موجودة
في اللغة اليونانية مثل حروف الحلق من جهة أخرى .فاستعمل اليونانيون حروف
الحلق للداللة على األحرف الصائتة في اليونانية ألن األبجديات السامية لم تكن
تحتوي على أحرف صاتة فيها ،فاستعمل اليونان حرف العين الفينيقي للداللة على
الـ ، oوالحاء للداللة حلى حرف اإليتا (وهيئته في اليونانية : ηوهو مثل حرف الـ i
ولكنه أكثر مدا ً منه) وهلم جراً .ثم سمى اليونانيون نظام الكتابة التي أخذوها عن
الفينيقيين بـ αλφαβετα = Alfabetaوالسبب في ذلك قانون صوتي في
اليونانية يحول دون انتهاء الكلمة اليونانية بالفاء فأضافو إلى "ألف" فتحة وألحقوها
بالباء أيضا ً لتصبح "ألفابيتا" كما رأينا ،وهي "األلفباء" في العربية .أما الـ
Abecedariumفي الالتينية ،فهي ترجمة حرفية لـ "أبجدية".
وأخيرا ً أشير إلى أن األبجديات السامية ال تحتوي إال على حروف ساكنة ،لثالثة
منها ـ وهي األلف والواو والياء ـ استعماالن اثنان األول هو استعمالها أحرفا ً ساكنة
والثاني هو استعمالها أحرف مد للداللة على الحركات الطويلة .وهذا يعني أن للغة
السامية األم ثالث حركات فقط ترد قصيرة ويعبر عنها بالفتح والضم والكسر،
وطويلة ويعبر عنها باأللف والواو والياء .والعلة في عدم ورود الحركات القصيرة
على شكل أحرف كما هو الحال عليه بالنسبة إلى حروف المد ،هو القاعدة السامية
العامة التي تحول دون ابتداء كلمة سامية بحركة أو بحرف ساكن .وإذا عرفنا أن
األبجدية السامية اشتقت من األصوات األولى لكلمات سامية بعينها كما أبنت أعاله،
فهمنا جيدا ً السبب في عدم احتواء األبجديات السامية حروفا ً تدل على الحركات
الثالث القصيرة ألن ذلك غير موجود في كالمهم.