وسائل الدعوة في العصر الحديث

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 62

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫وسابل الدعوة فً العصر الحدٌث‬

‫الشٌخ ‪ /‬ابوهرٌرة دمحم ابكر عبد الؽنً‬

‫‪1‬‬
‫اآلٌة‬

‫‪2‬‬
‫لال تعالً‪(:‬ادع إلى سبٌل ربن بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم‬
‫بالتً هً أحسن إن ربن هو اعلم بمن ضل عن سبٌله وهو أعلم‬
‫بالمهتدٌن ) سورة النحل‪ -‬اآلٌة {‪}525‬‬

‫االهداء‬
‫اهدى هذا البحث الً والدي ووالدتً العزٌزان الً للبً اللذان لدّموا‬
‫لً كل الدعم والمساندة وبذلُوا لً كل خٌر حتى اصل الً هذه‬
‫‪3‬‬
‫المرحلة والً كل االخوة واالخوات الذٌن كانوا عونا ً لً فً أي ٌوم‬
‫من االٌام والً كل اساتذتً ومعلمً فً كل مراحل تعلمً الدراسٌة‬
‫والً اصدلاء وزمالء الدراسة‬

‫‪4‬‬
‫الشكر والعرفان‬
‫ال بد لً من أن أشكر كل أساتذتنا الكرام االجالء االفاضل الذٌن‬
‫أناروا لنا الدرب وأضاءوا لنا الطرٌك الذٌن لدموا لنا كل ما عندهم‬
‫من علم وخبرة ومعلومات أفادونا بها سؤل المولً أن تكون فً‬
‫مٌزان حسناتهم ‪.‬‬
‫والشكر أجزله إلساتذة كلٌة الدعوة االسالمٌة بجامعة امدرمان‬
‫االسالمٌة وخص بالشكر البرفٌسور ‪ /‬على عٌسى عبدالرحمن الذي‬
‫اشرؾ علً هذا البحث باذل ولته وجهده موجها ً لنا فً سبٌل اخراج‬
‫هذا البحث فله جزٌل الشكر وأسؤل المولً أن ٌجزٌه خٌر الجزاء‬

‫‪5‬‬
‫ممدمة‬
‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وصحبه ومن واله‬
‫اما بعد‪:‬‬
‫فإن المجتمعات فً هذا العصرالحدٌث المعاصر تمر بتطور كبٌر فً مجال‬
‫المعلومات والتمنٌة االلكترونٌة ‪ ،‬ودٌن االسالم لم ٌجعل وسابل الدعوة امرا ً‬
‫محدودا ً ال ٌمكن تجاوزه ‪ ،‬وانما جاء باالطار العام لمنهج الدعوة ووسابلها لال هللا‬
‫تعالى‪(:‬ادع الى سبٌل ربن بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هً أحسن )‬
‫فالحكمة وضع الشا فً موضعه ‪ ،‬ومن الحكمة إستخدام الوسٌلة المناسبة‬
‫باإلسلوب المناسب فً المكان والزمان المناسب‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن وسابل االتصال بٌن الناس تتؽٌر مع مرور الزمان وتتعدد‬
‫وتتنوع مع تمدم العلم وتطوره ‪ ،‬فكان البد من أستخدام هذه الوسابل التى تطرأ مع‬
‫مرور الزمان فً الدعوة الى هللا تعالى إلٌصال رسالة االسالم الى العالم أجمع ‪.‬‬
‫والداعٌة الناجح ال ٌترن وسٌلة لعرض وإٌصال دعوته إلى الناس إال إستعملها ‪،‬‬
‫فهو ٌستفٌد من كل ما أتٌح له من وسابل حدٌث ومن مستجدات العصر فً الدعوة‬
‫الً هللا وال ٌحصر نفسه فً دابرة ضٌمة من الوسابل مع الحفاظ على ثوابت‬
‫الدعوة واصولها ‪ ،‬فالجدٌر بالدعاة اال ٌمفوا إذاء هذه الوسابل التى ظهرت مإخرا ً‬
‫التً تسمً بموالع التواصل اإلجتماعً وهً سالح ذو حدٌن أن احسن إستخدامها‬
‫أدت الً خٌرا ً كثٌر‪.‬‬
‫فهذا البحث المتواضع فً توضٌح أهم وسابل الدعوة الً هللا فً هذا العصر‬
‫الحدٌث وضوابطها سؤل المولً ان ٌنفعنً اوالً واخرا ً إنه ولً ذلن والمادر‬
‫علٌه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مشكلة البحث‬
‫‪ – 5‬إن التمدم التمنً فً مجال االلكترونٌات وتطور الجهود‬
‫المبذولة فً هذا المجال أدي الً إستؽالل هذا الفضاء من‬
‫أهل البدع ومن الٌهود والنصارى ومن أصحاب التوجهات‬
‫والتٌارات المعادٌة لإلسالم ‘للطعن وتشوٌه صورة االسالم‬
‫فكان البد من مواجهتهم بالوسابل الحدٌث المناسبة ‪.‬‬
‫‪ _ 2‬إن وسابل التواصل االجتماعً التً ظهرت فً هذا‬
‫العصر لها تؤثٌر كبٌر جدا ً ‘ خصوصا ً وان السواد األعظم‬
‫من سكان المعمورة ٌستخدمها فكان البد للدعاة من‬
‫استخدامها فً الدعوة الً هللا مع الضوابط التً ال تخرج‬
‫الدعوة من أصولها وثوابتها ‪.‬‬
‫أسباب اختٌار البحث‬
‫‪ _ 5‬الحاجة الماسة الً استخدام االسالٌب والوسابل‬
‫المعاصرة فً الدعوة الً هللا ‘ خصوصا ً وأن أخبار أصبحت‬
‫فً كبست زر فً جهاز موباٌل صؽٌر ‪.‬‬
‫‪ _ 2‬توضٌح الضوابط فً استعمال الوسابل الدعوٌة‬
‫المشروعة فً االسالم ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أهمٌة البحث‬
‫‪ _ 5‬تكمن أهمٌة البحث فً أن وسابل الدعوة متجددة والداعٌة‬
‫مطالب باإلبداع فً إٌصال دعوته الً كآفة الناس المشروعة‬
‫المتاحة إن أمكن ذلن ‪.‬‬
‫‪ _ 2‬تسلٌط الضوء علً مستجدات الوسابل الدعوٌة فً العصر‬
‫الحدٌث وضوابط إستخدامها فً الدعوة الً هللا تعالً ‪.‬‬

‫أهداؾ البحث‬
‫‪ _ 5‬بٌان مفهوم الدعوة الً هللا وأهمٌتها وفضلها ‪.‬‬
‫‪ _2‬توضٌح مصطلح الوسابل الدعوٌة وأنواعها ‪.‬‬
‫‪ _ 3‬إبراز ضوابط مشروعٌة ما تم إستخدامه من وسابل دعوٌة فً‬
‫هذا العصر ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫منهج البحث‬
‫إستخدم الباحث المنهج الوصفً التحلٌلً الوثابمً فً جمع‬
‫المعلومات من مصادرها ومراجعها المرتبطة بموضوع الدراسة‬
‫ومن ثَم توظٌفها للوصول الً النتابج المرجوة ‪.‬‬

‫الدراسات السابمة‬
‫لم ٌجد الباحث دراسة سابمة تحمل نفس هذا العنوان بشكله الحالً‬
‫ولكن ٌوجد الكثٌر من الدراسات لرٌبة من هذا البحث وهٌكله ‪:‬‬
‫‪ _ 5‬وسابل الدعوة الً هللا فً شبكة المعلومات الدولٌة د‪ /‬ابراهٌم‬
‫عبدالرحٌم عابد‬
‫‪ _ 2‬الدعوة الً هللا (الرسالة – الوسٌلة – الهدؾ ) د‪ /‬توفٌك‬
‫الواعً‬
‫‪ _ 3‬الدعوة االسالمٌة (أصولها ووسابلها) د‪ /‬أحمد ؼلوش‬
‫‪ _ 4‬الدعوة الً هللا عبر االنترنت أ‪ /‬مساعد سٌؾ العتٌمً‬

‫‪9‬‬
‫هٌكل البحث‬
‫ٌتكون البحث من ثالث فصول فً كل فصل عدة مباحث‬

‫الفصل االول‪ :‬مفهوم الدعوة‬


‫المبحث االول‪ :‬تعرٌؾ الدعوة‬
‫المبحث الثانً‪ :‬أركان الدعوة‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حكم الدعوة‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أهمٌة وفضل الدعوة‬
‫الفصل الثانً‪ :‬مفهوم وسابل الدعوة‬
‫المبحث االول‪ :‬تعرٌؾ مصطلح الوسٌلة‬
‫المبحث الثانً‪ :‬أنواع الوسابل الدعوٌة‬
‫المبحث الثالث‪ :‬ضوابط مشروعٌة الوسابل الدعوٌة‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الفرق بٌن الوسٌلة واالسلوب والمنهج‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أهم الوسابل الدعوٌة فً العصر الحدٌث‬
‫المبحث االول‪ :‬مفهوم العصر الحدٌث‬
‫المبحث الثانً‪ :‬نماذج من وسابل الدعوة فً العصر الحدٌث‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الخصابص العامة للوسابل الدعوٌة فً العصر الحدٌث‬

‫‪10‬‬
‫الفصل االول‪ :‬مفهوم الدعوة‬
‫المبحث االول‪ :‬تعرٌؾ الدعوة‬
‫المبحث الثانً‪ :‬أركان الدعوة‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حكم الدعوة‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أهمٌة وفضل الدعوة‬

‫‪11‬‬
‫المبحث االول‪ :‬تعرٌؾ الدعوة‬
‫المطلب االول‪ :‬الدعوة لؽة‬
‫الدعوة مصدر للفعل الثالثً دعا ‪ٌ ،‬دعو ‪ ،‬دعوة ً(‪ ، )1‬ودعا ًء ولكلمة الدعوة‬
‫معانً متعددة منها‪:‬‬
‫‪-5‬الدعاء ‪ ،‬وهو سإال هللا عز وجل ومنه ما جاء فً الحدٌث حٌنما سبل النبً صلً هللا‬
‫علٌه وسلم عن أول بدء أمره فمال ‪( :‬دعوة أبً إبراهٌم ‪ ،‬وبشري عٌسى )(‪ )2‬والممصود‬
‫بدعوة إبراهٌم علٌه السالم ما جاء على لسانه فً لوله تعالً‪{:‬ربنا وبعث فٌهم رسوالً‬
‫(‪)3‬‬
‫منهم}‬
‫‪ -2‬النداء ‪ ،‬ومنه النداء للصالة كما جاء فً الحدٌث (من لال حٌن ٌسمع النداء اللهم‬
‫(‪)4‬‬
‫رب هذه الدعوة التامة والصالة المابمة )‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ -3‬الدعاء الى الطعام ‪ٌ ،‬مال كنا فً دعوة فالن ومدعاة فالن‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ -4‬التسمٌة ‪ٌ ،‬مال دعاه زٌدا ً وبزٌد ‪ ،‬أي سماه بهذا االسم‬
‫‪ -5‬االستمالة ‪ ،‬ومنه داعٌة اللبن وهو ما ٌترن فً الضرع لٌدعو ما بعده(‪ )7‬وفً‬
‫الحدٌث (دع داعً اللبن) أي أبك شٌبا ً فً الضرع ‪ ،‬وال تجهد فً الحلب‪.‬‬
‫‪ -6‬الدعاء الً لضٌة ٌراد إثباتها أو الدفاع عنها ‪ ،‬سواء كانت حما ً او باطل ‪ ،‬ذلن‬
‫تعرٌؾ الدعاة بؤنهم (لوم ٌدعون إلً هدى او ضالل واحدهم داع)(‪ )8‬ومنه لوله‬
‫(‪ )1‬لسان العرب المحٌط ‪ ،‬البن منظور ‪ ،‬الجزء الثالث ‪ ،‬الصفحة [‪]987‬‬
‫(‪ )2‬مسند احمد بن حنبل ‪ ،‬ج ‪ ، 6‬ص[‪]597‬‬
‫(‪ )3‬سورة البمرة ‪ ،‬اآلٌة [‪]529‬‬
‫(‪ )4‬فتح البارئ بشرح صحٌح البخاري ‪ ،‬البن حجر العسمالنً ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص[‪]94‬‬
‫(‪ )5‬الماموس المحٌط ‪ ،‬للفٌروز آبادي ‪ ،‬ص[‪]5655‬‬
‫(‪ )6‬المعجم الوسٌط ‪ ،‬ج‪ ، 5‬ص[‪]286‬‬
‫(‪ )7‬مختار الصحاح ‪ ،‬للرازي ‪ ،‬ص[‪]206‬‬
‫(‪ )8‬تاج العروس من جوهر الماموس ‪ ،‬للزبٌدي ‪ ،‬ج‪ ، 50‬ص[‪528‬‬

‫‪12‬‬
‫ى مما ٌدعوننً إلٌه } ومنه لوله ملسو هيلع هللا ىلص ‪( :‬من دعا الى‬‫تعالً ‪{ :‬لال رب السجن أحب ال َّ‬
‫هدى كان له من االجر مثل أجور من تبعه)(‪.)1‬‬

‫المطلب الثانً ‪ :‬الدعوة إصطالحا ً‬


‫لمد تنوعت وتعددت تعارٌؾ الدعوة فً االصطالح ما بٌن العلماء فكان االفتراق فً‬
‫استخدام االلفاظ واالجتماع فً معانً الدعوة ولبها وجوهرها ‪ ،‬وفً ما ٌلً بعض‬
‫تعارٌؾ الدعوة لمجموعة من العلماء على مختلؾ مشاربهم ‪:‬‬
‫(هً تبلٌػ االسالم للناس ‪ ،‬وتعلٌمه إٌاهم وتطبٌمه على والع الحٌاة)(‪ )2‬ولد استنبط‬
‫صاحب هذا التعرٌؾ تعرٌفه من لوله تعالى ‪{ :‬هو الذى بعث فً االمٌن رسوالً‬
‫منهم ٌتلو آٌاته وٌزكٌهم وٌعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من لبل لفً ضالل‬
‫مبٌن} ‪ ،‬واما العالمة العرمابً فمد عرفها بموله (هً حركة علمٌة عملٌة لنشر‬
‫االسالم وتعلٌمه للناس وتعرٌفهم به على وجهه الصحٌح ‪ ،‬وفك منهج علمً مدروس‬
‫بوسابل وأسالٌب رالٌة ومتجددة ‪ ،‬بواسطة دعاة ٌمومون به فً الناس على هدى‬
‫وبصٌرة)(‪. )3‬‬
‫وهذا أجمع وأمنع تعرٌؾ لمعنً الدعوة االسالمٌة فمد جمع وأورد فٌه كل العناصر‬
‫التً تموم علٌها عملٌة الدعوة ‪.‬‬
‫(هً لٌام من له اهلٌة بدعوة الناس جمٌعا ً فً كل زمان ومكان إللتفاء أثر الرسول‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬والتؤسً به لوالً وعمالً وسلوكاً)(‪.)4‬‬
‫الدعوة الً هللا (هً الدعوة الً األٌمان باهلل وبما جاءت به رسله ‪ ،‬بتصدٌمهم فً ما‬
‫أخبروا به وطاعتهم فً ما أمروا به ‪ ،‬وذلن ٌتضمن الدعوة الً الشهادتٌن ‪ ،‬وإلام‬
‫الصالة وإٌتاء الزكاة ‪ ،‬وصوم رمضان ‪ ،‬وحج البٌت ‪ ،‬والدعوة الً االٌمان باهلل‬

‫‪1‬‬
‫( ) صحٌح االمام مسلم ‪ ،‬ج‪ ، 4‬ص‪528‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) المدخل الً علم الدعوة ‪ ،‬للبٌانونً ‪ ،‬ص‪57‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) الدعوة اإلسالمٌة الشمول واالستٌعاب للبرفٌسور دمحم زٌن الهادي العرمابً ‪ ،‬ص‪50‬‬
‫‪4‬‬
‫( ) الدعوة الً هللا فً سورة إبراهٌم ‪ ،‬د‪ /‬دمحم سٌد الحبٌب ‪ ،‬ص‪27‬‬

‫‪13‬‬
‫ومالبكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت ‪ ،‬واإلٌمان بالمدر خٌره وشره والدعوة‬
‫الً أن ٌعبد العبد ربه كؤنه ٌراه)(‪.)1‬‬
‫وعرفت الدعوة أٌضا ً (الطلب بشدة والحث على الدخول فً االسالم إعتمادا ً ولوالً‬
‫وعمالً ‪ ،‬ظاهرا ً وباطناً)(‪.)2‬‬
‫وهً أٌضا ً (مجموعة المواعد واالصول التً ٌتوصل بها إلى تبلٌػ اإلسالم للناس‬
‫وتعلٌمه وتطبٌمه)(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) مجموع فتاوي شٌخ االسالم ‪ ،‬أحمد بن تٌمٌة ‪ ،‬ج‪ ، 55‬ص[‪]558-557‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) فمه الدعوة الً هللا ‪ ،‬لعبد الرحمن حسن حبنكة ‪ ،‬ص‪56‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) المدخل الً علم ‪ ،‬مرجع سابك ‪ ،‬ص‪59‬‬

‫‪14‬‬
‫المبحث الثانً ‪ :‬أركان الدعوة‬
‫تموم الدعوة على ثالث أركان ربٌسٌة وهً ‪:‬‬
‫الركن االول ‪ :‬الداعً‬
‫الركن الثانً ‪ :‬المدعو‬
‫الركن الثالث ‪ :‬الموضوع (المضمون)‬

‫الركن االول ‪ :‬الداعً‬


‫الدعً لؽة ‪:‬‬
‫لال ابن منظور ‪ :‬بادبا بالجمع الدعاة لوم ٌدعون الً بٌعة هدى او ضاللة ‪ ،‬واحدهم داع ‪،‬‬
‫ورجل داعٌة إذا كان ٌدعو الناس الى بدعة أو دٌن(‪. )1‬‬
‫والنبً ملسو هيلع هللا ىلص داعً الً هللا تعالً ‪ ،‬والمإذن داعً الً الصالة ‪ ،‬لال تعالى ‪:‬عن نبٌه ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫(‪)2‬‬
‫{وداعٌا ً الً هللا بإذنه وسراجا ً منٌرا}‬

‫الداعً اصطالحا‪:‬‬
‫الداعٌة هو مسلم لوي االٌمان لوي الشخصٌة ‪ ،‬معتز بدٌنه ‪ ،‬عامل على نشره ونمله للناس‬
‫باذالً الجهد فٌه ‪ ،‬عارفا ً بؤصوله وفروعه ‪ ،‬صبور نشٌط الحركة ‪ ،‬واسع الثمافة ‪ ،‬متفاعل‬
‫مع عصره ‪ ،‬حكٌم فً دعوته ‪ ،‬خبٌر بؤدواء االمم وداعٌا ً الى هللا على هدى وبصٌرة(‪. )3‬‬

‫صفات الداعٌة الً هللا تعالى‪:‬‬


‫تعد الدعوة الً هللا من أعظم االعمال التً ٌموم بها المسلم فً سبٌل دٌنه إنماذ الناس من‬
‫العذاب ‪ ،‬وٌكتسب شرفا ً عظٌما ً من اختصه هللا بهذا العمل ‪ٌ ،‬مول هللا تعالى فً محكم تزٌله‬
‫(‪ )1‬لسان العرب ‪ ،‬البن منظور ‪ ،‬كلمة (دعا) ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص[‪]5386‬‬
‫(‪ )2‬سورة االحزاب ‪ ،‬اآلٌة [‪]33‬‬
‫(‪ )3‬الدعوة االسالمٌة الشمول واالستٌعاب ‪ ،‬للعرمابً ‪ ،‬ص[‪]99‬‬

‫‪15‬‬
‫{ومن أحسن لوالً ممن دعا الى هللا وعمل صالحا ً ولال إننً من المسلمٌن }(‪ ، )1‬فهنان ثمة‬
‫صفات ٌجب أن ٌتصؾ بها الداعٌة الى هللا تعالى لتعٌنه على النجاح فً دعوته ولبولها‬
‫عند الناس أهمها فً ما ٌلً ‪:‬‬

‫‪-5‬االخالص ‪:‬‬
‫وهً من اهم الصفات التً ٌجب أن تتوفر فً الداعٌة الى هللا لٌمبل هللا عمله حٌث لال‬
‫النبً ملسو هيلع هللا ىلص ‪( :‬إنما االعمال بالنٌات وإنما لكل امرءٍ ما نوى )(‪ ، )2‬أن ال ٌبؽً بدعوته جاها ً‬
‫وال شهرة وال ماال‪.‬‬

‫‪-2‬الصبر على األذى ‪:‬‬


‫على الدعٌة ان ٌعلم أن استمطاب الناس لٌس باألمر السهل فربما ٌجد األعراض والنفور‬
‫والصد واألذى والعداء وهذا من إبتالء هللا تعالى للدعاة ‪ ،‬وإختبار مدى صدلهم وحبهم هلل‬
‫تعالى وإستعدادهم لخدمة دٌنهم ‪ ،‬فلو إستجاب الناس بسرعة لما ظهر صدق الداعٌة‬
‫وإستعداده لخوض المصابب من اجل دٌنه وربه ‪.‬‬

‫‪-3‬العلم الصحٌح ‪:‬‬


‫ال ٌمكن نجاح الداعٌة الجاهل ؼٌر المتفمه بؤمور الدٌن إذ ٌجب طلب العلم الشرعً‬
‫لٌستطٌع الداعٌة إٌصاله للناس ‪ ،‬كذلن ٌجب أن ٌكون على بصٌرة باألحكام الشرعٌة‬
‫بحاللها وحرامها وكل ما ٌتعلك بؤمور دعوته ‪.‬‬

‫‪-4‬التحلً باألخالق الفاضلة ‪:‬‬


‫فالداعٌة اولى بتطبٌك ما ٌدعو إلٌه وأن ٌتصؾ باألخالق الحسنة ‪ ،‬من صدق وأمانة وعفه‬
‫وحلم وكرم وحسن معاشرة ‪ ،‬وكل األخالق الحسنة الكرٌمة ‪ ،‬الن بعض الناس ال ٌمبل‬
‫دعوة أحد أال إذا رأى هذا الداعٌة مطبك لدعوته على نفسه ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة فصلت ‪ ،‬اآلٌة [‪]33‬‬


‫(‪ )2‬صحٌح االمام البخاري ‪ ،‬كتاب بدء الوحً ‪ ،‬رلم ‪5‬‬
‫‪16‬‬
‫‪-5‬الرفك واللٌن بالمدعوٌن ‪:‬‬
‫على الداعٌة أن ٌكون رحٌما ً بالمدعوٌن رفٌما ً بهم لال تعالى ‪{:‬فبما رحمة من هللا لنت لهم‬
‫ولو كنت فظا ً ؼلٌظ الملب النفضوا من حولن فؤعؾ عنهم واستؽفر لهم وشاورهم فً االمر‬
‫فإذا عزمت فتوكل على هللا إن هللا ٌحب المتوكلٌن }(‪. )1‬‬

‫‪-6‬المدوة الحسنة ‪:‬‬


‫بشا من التفصٌل لذلن ٌجب أن ٌكون‬
‫ٍ‬ ‫عندما ٌكون الشخص داعٌة فإن الناس ٌرالبونه‬
‫حذرا ً فً جمٌع جوانب حٌاته فال ٌؤتً بخلك كان لد نهً عنه ‪.‬‬

‫‪-7‬عدم االنتمام للنفس ‪:‬‬


‫فال ٌؽضب إال هلل وال ٌنفعل إال إذا انتهكت حرمات هللا وهذه كانت صفة النبً ملسو هيلع هللا ىلص التً‬
‫رواها لنا اصحابه رضوان هللا علٌهم ‪.‬‬

‫الركن الثانً ‪ :‬المدعو‪:‬‬


‫المدعو ٌجمع علً مدعوون ‪ ،‬ومدعوٌن وهم المعنٌون بكل العملٌة الدعوٌة ‪ ،‬وعلٌهم‬
‫ٌدور لطب رحاها ‪ ،‬ولهاذا فال بد للدعاة أن ٌُحكموا العمل معهم بصورة تجعل الدعوة‬
‫تصل إلٌهم بسهول وٌسر ‪ ،‬وبالطرٌمة تفٌدهم وتُوصل إلٌهم الدعوة الممصودة ‪ ،‬وتجعلهم‬
‫ٌجنون ثمارها على أحسن الوجوه ‪.‬‬
‫وحتً ٌكون العمل مع المدعوٌن لابما ً على تخطٌط وعلم ودراسة فال بد أن ٌصنؾ الداعٌة‬
‫مدعوٌه الى فبات لكً ٌسهل علٌه العمل معهم وحتى ٌعرؾ االسلوب المناسب لدعوة كل‬
‫واحد هذه الفبات(‪. )2‬‬
‫ٌنمسم المدعوٌن الً لسمٌن ‪:‬‬
‫‪-5‬أمة اإلجابة ‪ :‬وهم من إستجابوا لدعوة االسالم ودخلوا فٌه‬

‫(‪ )1‬سورة آل عمران ‪ ،‬اآلٌة [‪]559‬‬


‫‪2‬‬
‫( ) الدعوة االسالمٌة الشمول واالستٌعاب ‪ ،‬مرجع سابك ‪ ،‬ص[‪]525‬‬

‫‪17‬‬
‫‪-2‬أمة الدعوة ‪ :‬وهم من لم ٌدخلوا فً دٌن االسالم‬
‫أمة االجابة تنمسم الً فبات ‪:‬‬
‫‪-5‬أطفال ‪-2‬شباب ‪-3‬كبار‬
‫فكل فبة من هذه الفبات الثالث أسالٌب ووسابل تختلؾ عن الفبة االخرى ‪ ،‬فما ٌصلح‬
‫لألطفال ال ٌستخدم مع فبة الكبار والشباب وكذلن العكس ‪.‬‬
‫أمة الدعوة تنمسم الً السام ‪:‬‬
‫‪-5‬أهل كتاب سماوي مثل الٌهود والنصارى‬
‫‪-2‬أهل أدٌان وضعٌة مثل البوذٌة ‪ ،‬والهندوسٌة ‪ ،‬والزرادتشٌة ‪....‬الخ‬
‫‪-3‬أهل إلحاد ال ٌإمنون بوجود إله وال خالك وال بالدٌن‬
‫فلكل لسم من هذه االلسام طرٌمة ومنهج لدعوته الى االسالم وك ًل له اسلوب مخصص‬
‫لدعوته الى دٌن االسالم ‪ ،‬فاالسلوب الذي ٌستخدم مع الٌهودي أو النصرانً ال ٌنفع‬
‫إستخدامه مع الملحد الذي ٌنكر وجود هللا عز وجل فمثل هذا ال ٌمارع إال بالحجة العملٌة‬
‫واآلٌات الكونٌة الحسٌة‪.‬‬

‫الركن الثالث ‪ :‬الموضوع(المضمون)‬


‫ونعنً به المادة الممدمة للمدعو لٌستفٌد منها حسب حاجة المدعو وهً ال ٌمكن تحدٌدها‬
‫ألنها تتنوع بحسب حاجة المدعو والمعرفة التً تنمصه ‪ ،‬فمد ٌحتاج المدعو أن ٌعلمه‬
‫الداعً سورة الفاتحة إن كان من أمة االجابة ‪ ،‬فتكون هً المضمون المحمول إلٌه ‪،‬‬
‫فالموضوع أو المضمون فً االصل على حال المدعو وحاجته الضرورٌة فً االستفادة‬
‫من الداعً على ما ٌسد حوجته ‪.‬‬
‫فإن كان نالص العلم فً فرع من فروع االسالم وجب على الداعً تحضٌر موضوع‬
‫دعوته فً ذلن الفرع النالص ‪ ،‬إن كان فً باب العمٌدة علٌه أن ٌحضر وٌلمً دعوته فً‬
‫باب العمٌدة ‪ ،‬وإن كان فً باب الفمه وجب علٌه سد النالص فً باب الفمه وهكذا ‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫وإن كان المدعو لٌس من أهل االسالم على الداعً أن ٌعرؾ المدعو من أي ملة ‪ ،‬ثم ٌبٌن‬
‫دعوته لهذا المدعو عل حسب اآلٌات واالحادٌث التً تناسب ذان المدعو‪.‬‬
‫وعلى العموم فان موضوع الدعوة او المضمون هً متروكة للداعً فً اختٌار الولت‬
‫المناسب والموضوع المناسب باألسلوب المناسب والوسٌلة المناسبة(‪. )1‬‬

‫إختٌار الولت ومناسبته للحال ودوره فً نجاه الدعوة ‪:‬‬


‫‪-5‬اختٌار الولت ومناسبته للوعظ او الدعوة واالرشاد ‪ ،‬فلٌس كل ولت ٌصلح للدعوة‬
‫‪-2‬من ناحٌة الموضوع ومناسبته للحال ‪ ،‬فلٌس كل ما ٌعلم ٌمال وال كل ما ٌمال ٌناسب‬
‫الحال ‪.‬‬
‫‪-3‬من ناحٌة إستعداد المدعوٌن نفسٌا ً لسماع ما ٌلؽى علٌهم من دروس أو مواعظ ‪ ،‬فال بد‬
‫من مراعاة ذلن من خالل التفرس فً وجوه من ٌحضرون الدرس ‪.‬‬

‫منهج الرسول ملسو هيلع هللا ىلص فً إختٌار الولت المناسب فً الدعوة الً هللا‪:‬‬
‫‪-5‬عدم إطالة الموعظة خشٌة الملل والسؤمة ‪:‬‬
‫وهو ما كان ٌحرص علٌه الصالة والسالم فمد لال ابن مسعود رضً هللا عنه (إن رسول‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص كان ٌتخولنا بالمواعظة فً االٌام خشٌة السؤمة علٌنا)(‪. )2‬‬
‫‪-2‬إستؽالل الحدث والموالؾ فً التعلٌم والتربٌة ‪:‬‬
‫جاء فً حدٌث البراء بن عاذب رضً هللا عنه لال خرجنا مع النبً ملسو هيلع هللا ىلص فً جنازة رجل من‬
‫االنصار فجلس رسول هللا وجلسنا حوله كؤن على روإسنا الطٌر فمال ‪(:‬إستعٌذوا باهلل من‬
‫عذاب المبر )(‪.)3‬‬
‫‪-3‬اطالة المواعظة أحٌانا لطارئ أو حادث ‪:‬‬

‫(‪ )1‬مولع موضوعً االلكترونً ‪ ،‬العنوان ‪ :‬كٌؾ اختار موضوع الدعوة‬


‫(‪ )2‬صحٌح البخاري ‪ٌ( ،‬تخولنا) أي ٌتعاهدنا‬
‫(‪ )3‬اخرجه أبوداإد وؼٌره مطوالً ومختصرا ً من حدٌث البراء‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ومما ٌدل على ذلن موعظته ملسو هيلع هللا ىلص عن أمور جسام ستمع فً االمة حتً طالت موعظته فوق‬
‫العادة ‪ ،‬ففً صحٌح مسلم عن عمرو بن أخطب لال ‪(:‬صلً بنا رسول هللا الفجر‪ ،‬ثم صعد‬
‫المنبر فخطبنا حتى صالة الظهر ‪ ،‬ثم نزل فصلً بنا الظهر ‪ ،‬ثم صعد المنبر فخطبنا حتى‬
‫صالة العصر ‪ ،‬ثم نزل فصلً العصر ‪ ،‬ثم صعد المنبر فخطبنا حتى المؽرب ‪ ،‬فما ترن‬
‫شٌبا ً مما ٌكون إال اخبر به أصحابه ‪ ،‬حفظه من حفظه ‪ ،‬ونسٌه من نسٌه ‪ٌ ،‬مول فؤعلمنا‬
‫أحفظنا)(‪.)1‬‬
‫‪-4‬مناسبة الممال لممتضً الحال ‪:‬‬
‫فمد كانت مواعظه ملسو هيلع هللا ىلص وإختٌاره االمثل لممتضى الحال ‪ ،‬مما له أبلػ األثر فً المدعوٌن فً‬
‫حال الفرح والحزن وؼٌرها من االحوال فً عامة مواعظه وإرشاده ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬
‫‪-5‬الترؼٌب فً العمل الصالح فً أولات ومناسبات معروفة ‪:‬‬
‫مثل صٌام ٌوم عاشورا ورمضان وشوال وذي الحجة ‪ ،‬وصالة اإلستسماء وما ٌناسب تلن‬
‫الحال من مواعظ ‪.‬‬
‫وٌنبؽً ربط كل موعظ ودعوة وإرشاد باألصل العظٌم وهو طاعة هللا وطاعة رسوله وأن‬
‫نجاة المسلمٌن وسعادتهم فً كل زمان ومكان تك ُمن فً تحمٌك هذٌن االمرٌن ‪ ،‬لهذا ٌنبؽً‬
‫التذكٌر بالهدؾ والؽاٌة التً ُخلك من أجلها الخلك أال وهً عبادة هللا وحده ال شرن له ‪،‬‬
‫والعمل على مرضاته وطاعة رسوله الكرٌم ‪ ،‬والتطلع الً ما عند الملن الكرٌم من الجزاء‬
‫العاجل فً الدنٌا واآلجل فً اآلخرة لال تعالى ‪{:‬وعد هللا المإمنٌن والمإمنات جنات‬
‫تجري من تحتها األنهار خالدٌن فٌها ومساكن طٌبة فً جنات عدن}(‪.)3( )2‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم ‪ ،‬رلم [‪]2892‬‬


‫(‪ )2‬سورة التوبة ‪ ،‬اآلٌة [‪]72‬‬
‫(‪ )3‬مولع صٌد الفوابد ‪ ،‬نافذة فن اختٌار موضوع وولت الموعظة‬
‫‪20‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬حكم الدعوة ‪:‬‬
‫بٌان حكم الدعوة الى هللا ‪:‬‬
‫اتفك العلماء على وجوب الدعوة الى هللا تعالى ‪ ،‬ولكن اختلفوا فً نوعٌة الوجوب هل هو‬
‫على التعٌٌن أم على الكفاٌة ‪ ،‬وتوسع كل طرؾ فً االستدالل على لوله بالنصوص‬
‫الشرعٌة واالدلة العملٌة مما لد ٌشعر المطلع على هذا الخالؾ واالستدالل بالبعد بٌن‬
‫المولٌن واألثر الكبٌر لهما فً جانب العمل ‪.‬‬
‫والذي ٌراه الباحث أن الخالؾ بٌنهما أشبه بالخالؾ النظري ‪ ،‬وتضٌك المسافة بٌنهما فً‬
‫الجانب العملً ‪.‬‬

‫أ‪-‬أدلة المابلٌن بالوجوب العٌنً ‪:‬‬


‫‪5‬ـ لال تعالى ‪{:‬ولتكن منكم أمة ٌدعون الً الخٌر وٌؤمرون بالمعروؾ وٌنهون عن المنكر‬
‫وأولبن هم المفلحون}(‪ )1‬لالوا بؤن لفظة (من) من (منكم) هً للبٌان والتبٌٌن ولٌست‬
‫للتبعٌض وذلن بمرٌنة االدلة التالٌة ‪ ،‬فتفٌد هذه اآلٌة عندهم توجٌه الخطاب بالدعوة الً‬
‫جمٌع المكلفٌن ‪ ،‬فتكون الدعوة واجبة على كل مسلم بمدر المستطاع(‪. )2‬‬
‫‪2‬ـ بعموم لوله تعالى‪{:‬كنتم خٌر أمة أخرجت للناس تؤمرون بالمعروؾ وتنهون عن المنكر‬
‫وتإمنون باهلل}(‪ )3‬فجعلت اآلٌة الدعوة سمة عامة من سمات األمة المسلمة ‪ ،‬فتكون واجبة‬
‫علٌهم جمٌعا ً ‪.‬‬
‫‪3‬ـ لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪(:‬من رأى منكم منكرا ً فلٌؽٌره بٌده ‪ ،‬فإن لم ٌستطع فبلسانه ‪ ،‬فإن لم‬
‫ٌستطع فبملبه ‪ ،‬وذلن أضعؾ االٌمان )(‪ )4‬وإن (من) من ألفاظ العموم فٌعم الحكم على كل‬
‫المسلمٌن ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة آل عمران ‪ ،‬اآلٌة [‪]504‬‬


‫(‪ )2‬تفسٌر ابن كثٌر ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص[‪]596-595‬‬
‫(‪ )3‬سورة آل عمران ‪ ،‬اآلٌة [‪]550‬‬
‫(‪ )4‬صحٌح االمام مسلم ‪ ،‬رلم الحدٌث [‪]25‬‬

‫‪21‬‬
‫‪4‬ـ بعموم لول الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ‪(:‬لٌبلػ الشاهد الؽابب ‪ ،‬فإن الشاهد عسى أن ٌبلػ من هو أوعى‬
‫له منه)(‪. )1‬‬

‫ب‪-‬أدلة المابلٌن بالوجوب الكفابً ‪:‬‬


‫‪5‬ـ لال تعالى ‪{ :‬ولتكن منكم أمة ‪ )2(}....‬لالوا بؤن لفظة (من) من اآلٌة هً للتبعٌض ‪،‬‬
‫وذلن بمرٌنة االدلة التالٌة ‪:‬‬
‫‪2‬ـ لال تعالى ‪{:‬وما كان المإمنٌن لٌنفروا كآفة فلوال نفر من كل فرلة منهم طابفة لٌتفمهوا‬
‫فً الدٌن ولٌنذروا لومهم إذا رجعوا إلٌهم لعلهم ٌحذرون }(‪.)3‬‬
‫‪3‬ـ والن األمر بالمعروؾ والنهى عن المنكر عمل ٌحتاج الى علم وبصٌرة بالشروط‬
‫واالحوال ‪ ،‬وهذا ال ٌتوفر فً جمٌع المسلمٌن ‪ ،‬فٌكون الواجب علً من توفرت فٌه‬
‫الشروط ‪ ،‬فإذا لام بواجب الدعوة من توفرت فٌه الشروط سمط اإلثم عن البالٌن(‪. )4‬‬
‫ولد اختلؾ العلماء أٌضا ً فً هذا العصر فً ترجٌح احد المولٌن على اآلخر فمنهم من رجح‬
‫المول االول ومنهم من رجح اآلخر ‪.‬‬
‫وهذا الخالؾ فً نظر البٌانونى خفٌؾ لٌس له أثر عملً كبٌر وذلن لالتً ‪:‬‬
‫‪5‬ـ التفاق الطرفٌن على اصل الوجوب‬
‫‪2‬ـ الن الذٌن لالوا بالوجوب الكفابً ٌتفمون مع االخرٌن فً أنه اذا لم تحصل الكفاٌة لم‬
‫ٌسمط الحكم عن البالٌن ‪ ،‬وٌبمً الخطاب موجها ً الى الجمٌع حتً تتحمك الكفاٌة واذا لم‬
‫تتحمك الكفاٌة أثم الجمٌع ‪.‬‬
‫‪3‬ـالن الذٌن لالوا بالوجوب العٌنً ‪ ،‬لٌدوا الوجوب باالستطاعة فمن لم ٌكن عالما ً بحكم‬
‫المنكر ال ٌعد مستطٌعا ً باالتفاق وكذلن من كان عاجزا ً عن تؽٌٌر المنكر سمط عنه الوجوب‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري فً صحٌحه ‪ ،‬رلم [‪ ]67‬وفتح البارئ ‪ ،‬رلم [‪]558‬‬


‫(‪ )2‬سورة آل عمران ‪ ،‬اآلٌة [‪ ، ]504‬التفسٌر مرجع سابك‬
‫(‪ )3‬سورة التوبة ‪ ،‬اآلٌة [‪]522‬‬
‫‪4‬‬
‫( ) المدخل الً علم الدعوة ‪ ،‬للبٌانونً ‪ ،‬ص[‪]33‬‬

‫‪22‬‬
‫‪4‬ـ وألنه لو سمط الوجوب بمٌام من تتحمك بهم الكفاٌة ‪ ،‬بمً حكم الندب ‪ ،‬فٌندب جمٌع‬
‫المسلمٌن الى المٌام بالدعوة استدالالً بموله تعالى ‪{:‬ومن أحسن لوالً ممن دعا الى هللا‬
‫(‪)1‬‬
‫وعمل صالحا ً ولال إننً من المسلمٌن }‬

‫(‪ )1‬سورة فصلت ‪ ،‬اآلٌة [‪]33‬‬


‫‪23‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬فضل الدعوة وأهمٌتها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬فضل الدعوة الً هللا‪:‬‬
‫رؼب هللا سبحانه وتعالى فً المرآن الكرٌم وفً السنة على لسان نبٌه ملسو هيلع هللا ىلص الى الدعوة ونشر‬
‫رسالة االسالم وبٌان ذلن فً ما ٌلً ‪:‬‬
‫‪5‬ـ جعل هللا تعالى خٌرٌة أمة االسالم على بالً األمم مرطبتا ً بمٌامها بواجب الدعوة الى‬
‫هللا تعالى ‪ ،‬باألمر بالمعروؾ والنهً عن المنكر‪ ،‬مع االٌمان باهلل ‪ ،‬لال تعالى‪{:‬كنتم خٌر‬
‫أمة أخرجت للناس تؤمرون بالمعروؾ وتنهون عن المنكر وتإمنون باهلل }(‪. )1‬‬
‫‪2‬ـ وصؾ هللا تعالى الدعاة الذٌن ٌؤمرون بالمعروؾ وٌنهون عن المنكر بؤنهم مفلحون ‪،‬‬
‫لال تعالى ‪{:‬ولتكن منكم أمة ٌدعون الى الخٌر وٌؤمرون بالمعروؾ وٌنهون عن المنكر‬
‫وأولبن هم المفلحون}(‪.)2‬‬
‫‪3‬ـ وصؾ هللا عز وجل لول الدعاة بؤنه أحسن االلوال حٌث لال ‪{:‬ومن أحسن لوالً ممن‬
‫دعا الى هللا وعمل صالحا ً ولال إننً من المسلمٌن }(‪.)3‬‬
‫‪4‬ـ أخبر النبً ملسو هيلع هللا ىلص أن أجر الداعٌة مستمر ما دام المدعو ٌعمل بما دعاه إلٌه الداعٌة ‪ ،‬حٌث‬
‫لال (من دعا الى هدى كان له من األجر مثل أجور من تبعه ال ٌنمص ذلن من أجورهم‬
‫شٌبا)(‪.)4‬‬
‫‪5‬ـ لمد دعاء النبً ملسو هيلع هللا ىلص لمن لوله الى ؼٌره فمال‪(:‬نضر هللا إمرا ً ‪ ،‬سمع ممالتً فبلؽها فرب‬
‫حامل فمه ؼٌر فمٌه ورب حامل فمه الى من هو أفمه منه )(‪.)5‬‬
‫‪6‬ـ لول النبً ملسو هيلع هللا ىلص لعلً رضً هللا عنه ‪(:‬فو هللا ألن ٌهدى هللا بن رجالً واحدا ً ٌ‬
‫خٌر لن من‬
‫حمر النعم )‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) سورة آل عمران ‪ ،‬اآلٌة [‪]550‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) سورة آل عمران ‪ ،‬اآلٌة [‪]504‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) سورة فصلت ‪ ،‬اآلٌة [‪]33‬‬
‫‪4‬‬
‫( ) صحٌح مسلم ‪،‬رلم الحدٌث[‪]5382‬‬
‫‪5‬‬
‫( ) رواه االلبانً فً صحٌح بن ماجة ‪ ،‬ص[‪]589‬‬

‫‪24‬‬
‫ولوله ملسو هيلع هللا ىلص ‪(:‬من دل علً خٌر فله مثل أجره ) ‪ ،‬ولال علٌه الصالة والسالم ‪(:‬إذا مات ابن‬
‫ادم انمطع عمله إال من ثالث ‪ ،‬صدلة جارٌة ‪ ،‬أو علم ٌنتفع به ‪ ،‬أو ولد صالح ٌدعو له)‪.‬‬

‫ثانٌا ً ‪ :‬أهمٌة الدعوة ‪:‬‬


‫ممام الدعوة الى هللا تعالى فً االسالم عظٌم جدا ً ‪ ،‬فهو أساس انتشاره ‪ ،‬وركن مهم من‬
‫اركان لٌامه ‪ ،‬وبالتالً فإن للدعوة من األهمٌة الشًء الكثٌر ‪ ،‬وفً ما ٌلً ذكرها ‪:‬‬
‫‪5‬ـ بالدعوة لام اإلسالم وإنتشر واهتدى الناس به وعرفوا ربهم ووحدوه وتعلموا أمور‬
‫دٌنهم واحكامه ‪.‬‬
‫‪2‬ـ بالدعوة تستمٌم معامالت الناس ‪ ،‬واحوالهم االجتماعٌة واالسرٌة ‪.‬‬
‫‪3‬ـ بالدعوة تتحسن االخالق ‪ ،‬فٌنضبط سلوكهم ‪ ،‬مما ٌملل الخالفات ‪ ،‬وتزول االضؽان‬
‫واالحماد فٌؤمن الناس وٌطمبنوا على أمور أموالهم وأعراضهم ‪.‬‬
‫‪4‬ـ بالدعوة ٌنتشر الخٌر ‪ ،‬وٌنمطع الفساد وتتحمك للناس سعادة الدنٌا واآلخرة ‪.‬‬
‫‪5‬ـ بالدعوة تواجه كل العمابد الفاسدة ‪ ،‬وتنتشر العمٌدة االسالمٌة الصحٌحة ‪ ،‬مما ٌإلؾ‬
‫للوب ؼٌر المسلمٌن فٌدخلون فً دٌن هللا تعالى ‪.‬‬
‫‪6‬ـ بالدعوة هداٌة الناس وتعلٌمهم أمور دٌنهم ‪ ،‬فٌعرفون الحالل من الحرام وٌتبٌنون حدود‬
‫هللا عز وجل التً حدها لهم ‪.‬‬

‫أهداؾ الدعوة الى هللا تعالى‪:‬‬


‫تتجلً أهداؾ الدعوة الً هللا وؼاٌاتها فً أمور عدٌدة منها االتً ‪:‬‬
‫‪5‬ـ دعوة ؼٌر المسلمٌن وهداٌتهم الً االسالم‬
‫وتتحمك دعوة ؼٌر المسلمٌن من خالل نشر الدعوة االسالمٌة كما فعل النبً ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬حٌنما لام‬
‫بتبلٌػ الدعوة الً الناس فً عصره كما خاطب الملون واألمراء ‪ ،‬وأرسل الرسابل إلٌهم‬
‫فمد بعث الى النجاشً ولٌصر وكسري وملن المبط وملون عمان والبحرٌن وؼٌرهم ‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪2‬ـ دعوة المسلمٌن الى الخٌر‬
‫وذلن بحثهم الى العودة لمبادئ االسالم الصحٌحة ‪ ،‬والبعد عن الخرافات والبدع التً ال‬
‫تمت الى االسالم بصلة ‪.‬‬
‫‪3‬ـ تعرٌؾ الناس بخالمهم جل وعال‬
‫فالعبد ٌحتاج الى معرفة خالمه ‪ ،‬وال تتحمك تلن المعرفة بمجرد إٌمان العبد بربه ‪ ،‬بل البد‬
‫من إدران حك هللا على العباد ‪ ،‬من وجوب الطاعة وإلتزام ما أمر به وترن ما نهً عنه ‪،‬‬
‫كما تتحمك المعرفة بإدران ما أعده للظالمٌن من الخزي والعذاب ‪ ،‬وما أعده لعباده‬
‫المإمنٌن من الجزاء الحسن والنعٌم الممٌم ‪.‬‬
‫‪4‬ـ تحمٌك التعارؾ بٌن الشعوب والمبابل المختلفة‬
‫فالدعوة الى هللا تسعى الى تحمٌك التعارؾ بٌن جمٌع الناس فً جمٌع أنحاء العالم‬
‫االسالمً وؼٌره ممن الموجودٌن على هذه االرض ‪ ،‬حتً ٌكون لهم دٌن واحد واله واحد‬
‫فتسود بٌنهم المحبة والسالم وتنعدم اسباب الفرلة واالنمسام وٌكون معٌار التفاضل بٌنهم‬
‫تموي هللا عز وجل ‪.‬‬
‫‪5‬ـ إلامة الحجة علً الناس‬
‫أرسل هللا عز وجل الرسل ‪ ،‬وأنزل الكتب وأمرهم بتبلٌػ دعوته الى الناس حتى ٌمٌم على‬
‫الناس جمٌعهم الحجة ‪ ،‬لكً ال ٌؤتً أحد ٌوم المٌامة وٌمول لم ترسل الٌنا رسول لال‬
‫تعالى‪{:‬إنا أرسلنان بالحك بشرا ً ونذٌرا ً وإن من أمة اال خال فٌها نذٌر}(‪. )2()1‬‬

‫(‪ )1‬سورة فاطر ‪ ،‬اآلٌة [‪]24‬‬


‫(‪ )2‬بتصرؾ من مولع صٌد الفوابد ‪ ،‬نافذة أهمٌة الدعوة‬
‫‪26‬‬
‫الفصل الثانً ‪ :‬مفهوم وسابل الدعوة‬
‫وفٌه أربعة مباحث ‪:‬‬
‫المبحث االول ‪ :‬مصطلح الوسٌلة‬
‫المبحث الثانً ‪ :‬أنواع الوسابل الدعوٌة‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬ضوابط مشروعٌة الوسابل الدعوٌة‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬الفرق بٌن الوسٌلة واالسلوب‬

‫‪27‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مصطلح الوسٌلة ‪:‬‬
‫وهو موضوع ٌتناول دراسة ما ٌستخدمه الدعاة وما ٌحتاجون إلٌه فً سبٌل دعوتهم‬

‫الوسٌلة لؽة ‪:‬‬


‫س َل)‪ ،‬ومن معانٌه الرؼبة والطلب ‪ٌ ،‬مال وسل اذا رؼب‬
‫(و َ‬
‫الوسٌلة من الفعل الثالثً َ‬
‫والواسل هو الراؼب الً هللا عز وجل(‪. )1‬‬
‫والوسٌلة هً (ما ٌُتمرب به الً الؽٌر وتجمع الوسٌلة على وسابل)(‪ )2‬والوسٌلة إٌضا ً‬
‫(المربة)(‪ )3‬وذلن من لوله تعالى ‪ٌ{ :‬ا أٌها الذٌن آمنوا اتموا هللا وابتؽوا الٌه الوسٌلة‬
‫وجاهدوا فً سبٌله لعلكم تفلحون}(‪ )4‬لال ابن جرٌر رحمه هللا فً تفسٌر لوله تعالى‬
‫(وابتؽوا الٌه الوسٌلة) أي اطلبوا المربة الٌه بالعمل بما ٌرضٌه ومنه لول الشاعر ‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫إن الرجال لهم الٌن وسٌلة * ان ٌؤخذون تكهلً وتخضبً‬
‫(‪)6‬‬
‫ولال ابن كثٌر فً تفسٌر اآلٌة ‪( :‬والوسٌلة هً التً ٌتوصل بها الى تحصٌل الممصود )‬
‫ومن معانً الوسٌلة أٌضا ً ‪ :‬المنزلة عند الملن أو الدرجة ‪ ،‬ومن ذلن تسمٌة أعلى منزلة فً‬
‫الجنة بالوسٌلة ‪ ،‬كما جاء فً الحدٌث (إذا سمعتم المإذن فمولوا مثل ما ٌمول ‪ ،‬ثم صلوا‬
‫ى ‪ ،‬فإن من صلً علً صالة صلى هللا علٌه بها عشرا ‪ ،‬ثم سلوا هللا لً الوسٌلة فإنها‬ ‫عل ّ‬
‫منزلة فً الجنة ال تنبؽً إال لعبد من عباد هللا ‪ ،‬وأرجوا أن اكون أنا هو‪ ،‬فمن سؤل هللا لً‬
‫الوسٌلة حلت له الشفاعة)(‪. )7‬‬
‫والمعنً األول (ما ٌتمرب به الً الؽٌر ) هو المراد ‪.‬‬

‫(‪ )1‬معجم مماٌس اللؽة ‪ ،‬ابن فارس ‪ ،‬ص[‪]550‬‬


‫(‪ )2‬تاج اللؽة وصحاح العربٌة ‪ ،‬للجوهري ً[‪]584‬‬
‫(‪ )3‬لسان العرب ‪ ،‬البن منظور ‪ ،‬ج‪ ، 6‬ص[‪]927‬‬
‫(‪ )4‬سورة المابدة ‪،‬اآلٌة [‪]35‬‬
‫(‪ )5‬جامع البٌان عن تؤوٌل المرآن ‪ ،‬ألبو جعفر الطبري ‪ ،‬ج‪ ، 6‬ص[‪]226‬‬
‫(‪ )6‬تفسٌر المرآن العظٌم ‪ ،‬البن كثٌر ج‪ ،2‬ص[‪]54‬‬
‫(‪ )7‬صحٌح االمام مسلم ‪ ،‬ج‪ ، 5‬ص[‪]288‬‬

‫‪28‬‬
‫الوسٌلة اصطالحا ً ‪:‬‬
‫‪5‬ـ (هً ما ٌتوصل به الداعٌة الً تطبٌك مناهج الدعوة من أمور معنوٌة أو مادٌة )(‪. )1‬‬
‫‪2‬ـ (الوسٌلة هً كل شًء مادي ؼالبا ً ‪ٌ ،‬ستخدمه الداعٌة للوصول إلً تحمٌك األهداؾ‬
‫والؽاٌات للدعوة االسالمٌة)(‪. )2‬‬
‫إذا ً بناء على هذان التعرٌفان ‪ ،‬الوسابل الدعوٌة هً ما ٌستخدمه الداعٌة للوصول الى‬
‫ؼاٌته وهً تبلٌػ الدعوة ‪ ،‬سواء مان اتصافا ً بصفات معنوٌة ‪ ،‬أم كان استعماالً ألدوات‬
‫مادٌة أو لٌام بؤعمال تطبٌمٌة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬المدخل الى علم الدعوة ‪ ،‬للبٌانونً ‪ ،‬ص[‪]49‬‬


‫(‪ )2‬الدعوة االسالمٌة الشمول واالستٌعاب ‪ ،‬للعرمابً ‪ ،‬ص[‪]250‬‬
‫‪29‬‬
‫المبحث الثانً ‪ :‬أنواع الوسابل الدعوٌة‬
‫ٌمكن تمسٌم الوسابل الدعوٌة الى لسمٌن ربٌسٌن ‪:‬‬
‫المسم االول ‪ :‬الوسابل المادٌة‬
‫وهً الوسابل المحسوسة الملموسة المشاهدة التً تعٌن الداعٌة على تطبٌك مناهج الدعوة‪.‬‬
‫المسم الثانً ‪ :‬الوسابل المعنوٌة‬
‫وهً الوسابل ؼٌر المحسوسة ؼٌر الملموسة ؼٌر المشاهدة التً تعٌن الداعٌة على تطبٌك‬
‫مناهج الدعوة ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬الوسابل المادٌة‪:‬‬


‫من خالل التعرٌؾ السابك ٌتبٌن لنا ان الوسابل المادٌة جمٌع ما ٌعٌن الداعٌة علً دعوته‬
‫من أمور حسٌة او ملموسة ‪ ،‬وذلن كالمول والحركة واالدوات واالعمال ‪ ،‬ونظرا ً لكثرتها‬
‫لسمتها الً ثالث ألسام وهً ‪:‬‬
‫‪5‬ـ الوسابل الفطرٌة ‪:‬‬
‫وهً الوسابل الموجودة فً فطرة االنسان وجبلته ‪ ،‬وتنمو بنموه كالمول والحركة والتنمل‬
‫فً سبٌل الدعوة ‪.‬‬
‫‪2‬ـ الوسابل الفنٌة (العلمٌة)‪:‬‬
‫وهً الوسابل التً ٌكتسبها االنسان كسبا ً ‪ ،‬وٌتعلمها وٌتفنن فً اٌجادها وتطوٌرها كالكتابة‬
‫‪ ،‬واإلذاعة ‪ ،‬والتلفاز‪.‬‬
‫‪3‬ـ الوسابل التطبٌمٌة (العملٌة) ‪:‬‬
‫وهً ما ٌمابل الوسابل النظرٌة من إعمار المساجد‪ ،‬وإنشاء المإسسات الدعوٌة ‪ ،‬وإلامة‬
‫النوادي والمخٌمات العلمٌة ‪ ،‬والجهاد فً سبٌل هللا‬

‫‪30‬‬
‫وسنمؾ فً مباحث لادمة على نماذج مفصلة لكل نوع من وسابل الدعوة المادٌة ‪.‬‬

‫ثانٌا ً ‪ :‬الوسابل المعنوٌة ‪:‬‬


‫ونمصد بالوسابل المعنوٌة من خالل التعرٌؾ السابك جمٌع ما ٌعٌن الداعٌة على دعوته من‬
‫أمور للبٌة أو فكرٌة ‪ ،‬وذلن كالصفات الحمٌدة واالخالق الكرٌمة الفاضلة الحسنة ‪،‬‬
‫والتفكٌر والتخطٌط وما الً ذلن من أمور ال تحس وال تلمس وإنما تعرؾ بؤثارها ‪.‬‬
‫ٌمكن تمسٌم الوسابل المعنوٌة الى ثالث ألسام ‪:‬‬
‫‪5‬ـ وسابل عاطفٌة للبٌة ‪:‬‬
‫مثل محبة هللا ومحبة النبً ملسو هيلع هللا ىلص ومحبة المسلمٌن فً ما بٌنهم ‪.‬‬
‫‪2‬ـ وسابل فكرٌة عملٌة ‪:‬‬
‫وهً مثل التخطٌط والتنظٌم ووضع الخطط االستراتٌجٌة للدعوة ‪.‬‬
‫‪3‬ـ وسابل عملٌة تطبٌمٌة مكتسبة ‪:‬‬
‫هً مثل الصبر والتجرد ونكران الذات وكل االخالق الفاضلة الحسنة ‪.‬‬
‫ونظرا ً لكثرة هذه الوسابل ‪ ،‬سؤكتفً فً هذا البحث باإلشارة الى نموذجٌن من الوسابل‬
‫المعنوٌة أوالهما الصبر والثانٌة التخطٌط ‪:‬‬

‫أـ وسٌلة الصبر‪:‬‬


‫ولد اخترت الصبر ألنه من أهم الوسابل التً ٌحتاج الٌها الدعاة الى هللا فً طرٌك دعوتهم‬
‫وهو من أعظم الطرق الموصلة الً النجاح فً الدعوة ‪ ،‬لال هللا عز وجل {ٌا أٌها الذٌن‬
‫آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتموا هللا لعلكم تفلحون}(‪. )1‬‬
‫ولال تعالى ‪{ :‬والعصر * إن االنسان لفً خسر * إال الذٌن آمنوا وعملوا الصالحات‬
‫وتواصوا بالحك وتواصوا بالصبر *} سورة العصر‬
‫‪1‬‬
‫( ) سورة آل عمران ‪ ،‬اآلٌة [‪]200‬‬

‫‪31‬‬
‫وأمر هللا عز وجل نبٌه خاصة بالصبر فمال {فصبر إن وعد هللا حك }(‪ )1‬ولال {واصبر‬
‫علً ما ٌمولون واهجرهم حجرا ً جمٌالً}(‪ )2‬وبٌن هللا عز وجل لنبٌه ملسو هيلع هللا ىلص أن سبٌله وسبٌل‬
‫األنبٌاء من لبله الصبر فمال {فصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل }(‪ )3‬ولال {ولمد كذب‬
‫رسل من لبلن فصبروا على مت كذبوا }(‪ )4‬ولمد تكرر الحدٌث عن الصبر فً المرآن‬
‫الكرٌم فً آٌات كثٌرة تزٌد على المبة وجاءت سنة النبً ملسو هيلع هللا ىلص داعٌة إلٌه ‘ وجاءت سٌرته‬
‫مترجمة ذلن عملٌا ً ومبرزة أعلً درجاته فً خلك نبٌنا دمحم ملسو هيلع هللا ىلص(‪. )5‬‬
‫ولد لسم العلماء الصبر الً ثالث ألسام ‪:‬‬
‫‪5‬ـ صبر على فعل الطاعات‬
‫‪2‬ـ صبر على اجتناب المعاصً والمنهٌات‬
‫‪3‬ـ صبر على المصابب وعلى ألدار هللا المإلمة‬
‫وال تخلوا حٌاة مسلم من العامة هذه األنواع فكٌؾ بالدعاة الذٌن هم ورثة األنبٌاء فً علمهم‬
‫ودعوتهم ‪.‬‬

‫ب ـ وسٌلة التخطٌط ‪:‬‬

‫التخطٌط من خطط ‪ٌ ،‬خطط ‪ ،‬أي وضع خطة ‪ ،‬والخطة (األمر او الحالة ‪ٌ ،‬مال فالن جاء‬
‫وفً رأسه خطة ) أي امر عزم علٌه ‪ ،‬وتجمع على ُخطط(‪. )6‬‬
‫فالتخطٌط للدعوة ٌراد به وضع الخطط والنظم لها ولد ٌكون التخطٌط كامالً أو لاصرا ً‬
‫متمنا ً أو ؼٌر متمن ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) سورة ؼافر ‪ ،‬اآلٌة [‪]77‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) سورة المزمل ‪ ،‬اآلٌة [‪]50‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) سورة االحماؾ ‪ ،‬اآلٌة [‪]35‬‬
‫‪4‬‬
‫( ) سورة االنعام ‪ ،‬اآلٌة [‪]34‬‬
‫‪5‬‬
‫( ) بتصرؾ من كتاب المدخل الً علم الدعوة للبٌانونً ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫( ) المعجم الوسٌط ‪ ،‬مادة خطط ‪ ،‬ج[‪ ، ]5‬ص[‪]243‬‬

‫‪32‬‬
‫وألهمٌة التخطٌط فً الدعوة جعل هللا لكل أمة شرٌعة ومنهاج تسٌر علٌه ‪ ،‬لال تعالً {لكل‬
‫جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } المابدة [‪ ،]48‬والمنهاج هو الطرٌك الواضح والخطط والنظم‪.‬‬
‫ولد أتً على المسلمٌن حٌن من الدهر ‪ ،‬أؼفل المسلمٌن فٌه التخطٌط وؼفلوا عن أهمٌته‬
‫فؤطربت دعوتهم وتعثرت خطاهم وتمكن منهم أعداءهم مما جعل الحاجة الكبٌرة الى التنبٌه‬
‫على التخطٌط وأهمٌته وضوابطه ‪.‬‬

‫ضوابط وسٌلة التخطٌط الدعوي ‪:‬‬


‫‪5‬ـ أن ٌكون التخطٌط من أهله وهم أهل االختصاص والكفاءات العلمٌة‬
‫‪2‬ـ أن ٌكون التخطٌط جماعٌا ً بعٌدا ً عن االنفرادات الشخصٌة ‪ ،‬وذلن بؤن ٌجتمع الدعاة من‬
‫علماء ومفكرٌن فً مختلؾ المجاالت الدعوٌة وٌختاروا نخبة منهم تتفرغ لهذه المهمة‬
‫وٌمدونها بآرابهم ومخترحاتهم لٌضعوا الخطة الالزمة ‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن ٌكون التخطٌط متعمالً ‪ ،‬فال ٌبنً على ردود األفعال والعواطؾ ‪ ،‬بل ٌنظر فٌه الً‬
‫المدى البعٌد والمستمبل ‪.‬‬
‫‪4‬ـ أن ٌكون متوازنا ً ٌحمك انسجاما ً بٌن الواجبات واالمكانٌات ‪.‬‬
‫‪5‬ـ أن ٌكون منضبتا ً باألحكام الشرعٌة ‪ ،‬فال ٌخالؾ نصا ً او حكما شرعٌا ً(‪.)1‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) بتصرؾ من كتاب (خصابص مدرسة النبوة ) لكمال السنً‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫ضوابط مشروعٌة الوسابل الدعوٌة‬
‫لما كان الدعوة اإلسالمٌة دعوة الى هللا ‪ ،‬كان البد أن تكون منطلمة من كتاب هللا وسنة‬
‫رسوله ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬منضبطة بإحكام االسالم فً مناهجها وأسالٌبها ووسابلها ‪.‬‬
‫فإن االسالم ال ٌعرؾ فصالً فً الحكم بٌن المناهج واألسالٌب والوسابل ‪ ،‬وال ٌمر مبدأ‬
‫الؽاٌة تبرر الوسٌلة كما هو الحال فً المبادئ البشرٌة ‪ ،‬بل إن للوسابل حكم الؽاٌات‬
‫وٌمكن تلخٌص ضوابط مشروعٌة الوسابل الدعوٌة فً خمس ضوابط ‪:‬‬
‫‪5‬ـ النص على مشروعٌة الوسٌلة فً الكتاب والسنة‬
‫‪2‬ـ النص على تحرٌم الوسٌلة فً الكتاب والسنة‬
‫‪3‬ـ دخول الوسٌلة فً دابرة المباح‬
‫‪4‬ـ خروج الوسٌلة عن كونها شعارا ً للكافرٌن‬
‫‪5‬ـ الترخٌص فً استعمال بعض الوسابل الممنوعة فً بعض االحوال‬

‫اوالً ‪ :‬النص على مشروعٌة الوسٌلة فً الكتاب والسنة ‪:‬‬


‫إن أي وسٌلة نص الشارع على مشروعٌتها ‪ ،‬بؤن أمر بها أو باستخدامها فهً وسٌلة‬
‫مشروعة بحسب نوع مشروعٌتها من وجوب أو ندب أو اباحة ‪ ،‬ولد وردت نصوص‬
‫شرعٌة كثٌرة فً الكتاب والسنة منها ‪:‬‬
‫لال تعالى ‪{:‬ولولوا للناس ُحسنا}(‪ )1‬ولال {ولولوا لوالُ سدٌدا} هذا عن وسٌلة المول ‪ ،‬وعن‬
‫وسٌلة الصدق ورد لوله تعالى ‪{:‬إنه كان صادق الوعد وكان رسوالً نبٌا} ولال تعالى ‪{:‬من‬
‫المإمنٌن رجال صدلوا ما عاهوا هللا علٌه } ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) سورة البمرة ‪ ،‬اآلٌة [‪]83‬‬

‫‪34‬‬
‫وجاء فً الحدٌث الشرٌؾ عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص أنه لال ‪(:‬إن الصدق ٌهدى الى البر ‪ ،‬والبر ٌهدى‬
‫الى الجنة )(‪ )1‬وهنالن وسابل كثٌرة تنص على مشروعٌة كثٌر من الوسابل الدعوٌة‬
‫صراحة او باإلشارة الٌها ‪.‬‬

‫ثانٌا ً ‪ :‬النص على تحرٌم الوسٌلة فً الكتاب أو السنة ‪:‬‬


‫إن أي وسٌلة نص الشارع على النهى عنها بوجه من اوجه النهى فهً وسٌلة ممنوعة‬
‫بحسب نوع النهى تحرٌما أو كراهة على الداعٌة أن ٌتجنبها وٌتنزه عنها وعن استخدامها‬
‫فً دعوته ‪ ،‬ولد وردت بعض الوسابل وجاء النص على النهى عنها وعن استخدامها منها‪:‬‬
‫ما ورد فً الكتاب او السنة من النهى عن الكذب والؽٌبة والنمٌمة البهتان واخالؾ الوعد‬
‫وؼٌرها من االخالق الذمٌمة الفاحشة ‪.‬‬
‫لال تعالً {إنما ٌفتري الكذب الذٌن ال ٌإمنون بآٌات هللا }(‪ )2‬ولال {سماعون للكذب ‪،‬‬
‫أكالون للسحت }(‪ )3‬ولال {وال تصعر خدن للناس وال تمش فً االرض مرحا ان هللا ال‬
‫ٌحب كل مختاالً فخورا}(‪ )4‬ولال تعالى {ومن ٌوق شح نفسه فؤولبن هم المفلحون }(‪ )5‬وجاء‬
‫فً الحدٌث عن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أنه لال ( أربع من كن فٌه كان منافما ً خالصا ومن كانت فٌه‬
‫خصلة منهن كانت فٌه خصلة من نفاق حتى ٌدعها ‪ ،‬إذا حدث كذب ‪ ،‬إذا ابتمن خان ‪ ،‬وإذا‬
‫عاهد ؼدر ‪ ،‬وإذا خاصم فجر)(‪. )6‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬دخول الوسٌلة فً دابرة المباح ‪:‬‬


‫إن أي وسٌلة دعوٌة لم ٌنص الشارع على مشروعٌتها ولم ٌؤت بالنهى عنها ‪ ،‬وانما سكت‬
‫عنها فتدخل فً دابرة المباح بنا ًء على أن االصل فً االشٌاء االباحة ‪ ،‬فٌسع الداعٌة‬
‫استخدمها فً دعوته ‪.‬‬
‫فاألصل فً هذا النوع من الوسابل االباحة ما لم ٌعرض له عارض فً ٌخرجه عن‬
‫‪1‬‬
‫( ) صحٌح البخاري ‪ ،‬فتح الباري ‪ ،‬رلم [‪ ]6094‬ص[‪]507/50‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) سورة النحل ‪ ،‬اآلٌة [‪]505‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) سورة المابدة ‪ ،‬اآلٌة [‪]43‬‬
‫‪4‬‬
‫( ) لممان ‪ ،‬اآلٌة ‪58[ ،‬ـ‪]59‬‬
‫‪5‬‬
‫( ) سورة الحشر ‪ ،‬اآلٌة [‪]9‬‬
‫‪6‬‬
‫( ) متفك علٌه ‪ ،‬فتح البارئ ‪ ،‬ج‪ ، 5‬ص[‪]89‬‬

‫‪35‬‬
‫ذلن االصل ‪ ،‬وٌتفرع من هذا االصل الضابط نوعان من الوسابل ٌحسن بحثهما فً هذا‬
‫الممام ‪:‬‬

‫‪5‬ـ الوسٌلة المختلؾ فً حكمها بٌن اإلباحة والتحرٌم‬


‫هنان وسابل ظهرت مإخرا ً اختلؾ العلماء فً حكمها ما بٌن مبٌح ومحرم لسبب من‬
‫أسباب الخالؾ ‪ ،‬ولم ٌتضح للداعٌة رجحان لول فٌها علً لول ‪ ،‬فال ٌصح وصفهما عنده‬
‫بمباحة أو محرمة وإنما هً من الوسابل المختلؾ فً حكمها وتتلخص ضوابطها فً االتً‬
‫أـ الترخٌص والتوسع فً استخدامها حٌث الضرورات والحاجات الملحة والمصالح‬
‫الدعوٌة العامة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التورع عن استخدامها من حٌث االمور المادٌة والمصالح الشخصٌة ولال النبً صلى‬
‫هللا علٌه وسلم ‪(:‬من اتمً الشبهات فمد استبرأ لدٌنه وعرضه )(‪. )1‬‬
‫ج‪ -‬لطالب العلم أن ٌبحث فً المسؤلة المختلؾ فً حكمها ‪ ،‬وٌرجح أحد االلوال بدلٌله إن‬
‫كان اهل لذلن ‪ ،‬إذ لٌس لول أحد بحجة على اآلخر ما دامت المسؤلة اجتهادٌة ‪.‬‬
‫د‪ -‬لٌس لمن ترجح له لول أحد االلوال تحرٌما ً أو إباحة اإلنكار على من خالفه فً الترجٌح‬
‫أو العمل ‪ ،‬إذ أن من ال ُمسلم به فً لواعد الحسبة عدم االنكار على أحد فً المختلؾ فً‬
‫حكمه ‪ ،‬وإنما ٌحك لمن ترجح له لول من االلوال أن ٌدعو إلٌه بلطؾ مبٌنا ً دلٌله مع‬
‫احترام المول اآلخر(‪. )2‬‬

‫‪2‬ـ الوسٌلة المشبوه التً اختلط فٌها الحالل والحرام‬


‫لمد وجد فً عصرنا الحاضر او الحدٌث وسابل دعوٌة اختلط فٌها الحالل والحرام تبعا ً‬
‫الستخدام الشخص إن كان فً الحالل أو الحرام مما ٌجعل الداعٌة حابرا ً تجاهها ‪ٌ ،‬شعر‬
‫بحاجة إلٌها وٌمنعه منها ما رافمها من حرام ‪.‬‬
‫ولد اختلفت موالؾ الدعاة والعلماء منها فكان منهم من ٌماطعها وٌتجنبها للحرام الذى فٌها‬
‫‪1‬‬
‫( ) فتح البارئ ‪ ،‬مرجع سابك ‪،‬ج‪ ، 5‬ص[‪]526‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) دراسات فً االختالفات الفمهٌة ‪ ،‬لدمحم أبو الفتح البٌانونً ‪ ،‬األنكار فً المسابل الفمهٌة‬

‫‪36‬‬
‫ومنهم من ٌشارن فٌها ترجٌها ً لجانب على جانب ولعل أبرز هذه الوسابل ‪ ،‬وسٌلة (التلفاز)‬
‫فمد حوت هذه الوسٌلة جوانب من الخٌر وجوانب من الشر ‪ ،‬واختلط فٌها الحالل بالحرام‬
‫وانتشرت فً حٌاة الناس انتشارا ً عظٌما وصارت من االدوات االساسٌة فً البٌت ‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬خروج الوسٌلة عن كونها شعارا ً للكافرٌن ‪:‬‬


‫ثبت عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص النهً عن التشبه بالكافرٌن ‪ ،‬وأمر بمخالفتهم وال سٌما فٌما كان شعارا ً‬
‫لهم ٌعرفون به فمد جاء فً الحدٌث الشرٌؾ لوله ملسو هيلع هللا ىلص ‪(:‬لٌس منا من تشبه بؽٌرنا)(‪ )1‬وجاء‬
‫عنه علٌه الصالة والسالم ‪(:‬خالفوا المشركٌن ‪ ،‬وفروا اللحً وأحفوا الشوارب )(‪ )2‬وفً‬
‫الحدٌث عن ابن عمر رضى هللا عنه أنه لال ‪(:‬كان المسلمٌن حٌن لدموا المدٌنة ٌجتمعون‬
‫فٌتحٌنون الصالة ‪ ،‬ولٌس ٌنادي بها أحد فتكلموا ٌوما ً فً ذلن ‪ ،‬فمال بعضهم ‪ :‬اتخذوا‬
‫نالوسا ً مثل نالوس النصارى ‪ ،‬ولال بعضهم ‪ :‬لرنا ً مثل لرن الٌهود ‪ ،‬فمال عمر ‪ :‬أوال‬
‫تبعثون رجالً ٌنادي بالصالة ؟ فمال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٌ :‬ا بالل لم فناد بالصالة )(‪.)3‬‬
‫ومن هنا جعل العلماء ضوابط مشروعٌة الوسٌلة الدعوٌة أن ال تكون شعارا ً للكافرٌن ‪،‬‬
‫وعبروا عنها بمولهم [خروج الوسٌلة عن كونها شعارا ً للكافرٌن ] ثم خرجت عن هذا‬
‫الوصؾ ألنها لم تعد شعارا ً لهم كما بٌن هذا عدد من العلماء فً مواطن متعددة ‪.‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬الترخٌص فً استعمال بعض الوسابل الممنوعة فً بعض‬


‫االحوال‪:‬‬
‫لّما كان الدٌن االسالمً دٌنا ً عملٌا ً ٌصلح للتطبٌك فً كل زمان ومكان جاء فٌه الترخٌص‬
‫باستعمال الممنوع منه دفعا ً للحرج وتحمٌما ً للضرورٌات والحاجٌات الملحة ‪ ،‬وكان هذا‬
‫الترخٌص نوعان اساسٌان هما ‪:‬‬
‫أـ الترخٌص ببعض الوسابل الخاصة فً بعض األحوال تؽلٌبا ً لجانب درء المفاسد‬
‫علً تحمٌك المصالح ‪ ،‬أو موازنة بٌن المفسد إذا اجتمعت تمدم أخؾ المفسدتٌن كما‬

‫‪1‬‬
‫( ) جامع الترمذي ‪ ،‬رلم [‪ ، ]2836‬ج‪ ، 4‬ص[‪]559‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) صحٌح البخاري ‪ ،‬فتح البارئ ‪ ،‬رلم [‪]5983‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) صحٌح مسلم ‪ ،‬ج‪ ، 4‬ص[‪]357‬‬

‫‪37‬‬
‫جري بالترخٌص بالكذب فً بعض المواطن المحدودة ‪ ،‬جاء فً الحدٌث الشرٌؾ‬
‫عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص ‪(:‬لٌس الكذاب الذي ٌصلح بٌن الناس فٌنمً خٌرا ً أو ٌمول خٌرا ً ) وزاد‬
‫مسلم فً رواٌة (ولم أسمعه ٌرخص فً شًء مما ٌمول الناس اال فً ثالث ‪ٌ ،‬عنً‬
‫الحرب ‪ ،‬واالصالح بٌن الناس وحدٌث الرجل امراته ‪ ،‬وحدٌث المرأة زوجها)(‪. )1‬‬
‫ب‪ -‬الترخٌص بفعل المحظورات بسبب الضرورات الملجبة او الحاجات الملحة ‪:‬‬
‫ولد لعد العلماء فً هذا لاعدتٌن ‪:‬‬
‫‪5‬ـ الضرورات تبٌح المحظورات‬
‫‪2‬ـ الضرورات تمدر بمدرها‬
‫لال تعالى ‪{:‬ولد فصل لكم ما حرم علٌكم إال ما اضررتم إلٌه}(‪ )2‬ولوله تعالى ‪{:‬فمن‬
‫اضطر ؼٌر باغ وال عاد فال إثم علٌه }(‪ ، )3‬فٌجوز للداعٌة فً حاالت الضرورة‬
‫واالضطرار وما شابهها أن ٌستخدم الوسٌلة المحرمة بالمدر الذي ٌدفع به تلن‬
‫الضرورة الملجبة ‪ ،‬والحاجة الملحة ‪.‬‬
‫وٌختلؾ هذا الضابط عن المبدأ المابل (الؽاٌة تبرر الوسٌلة ) من عدة وجوه منها ‪:‬‬
‫‪5‬ـ أن المحرم وال ُمبٌح فً االسالم هو الشارع الحكٌم ‪ ،‬توسعة ًعلى عباده ‪ ،‬أما‬
‫التبرٌر عند ؼٌر المسلمٌن فمترون لإلجتهادهم وأهوابهم ‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن الؽاٌة التً ابٌحت من اجلها بعض الوسابل الممنوعة محمودة دابما ً فً نظر‬
‫الشرع ولٌست مجرد مصلحة ٌراها المرء ‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن الترخٌص فً االسالم ممٌد بحال الضرورة الملجبة أو الحاجة الملحة ‪ ،‬كما‬
‫ان الضرورات تمدر بمدرها ‪ ،‬ولٌس االمر مطلك كما هو عند ؼٌر المسلمٌن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) صحٌح مسلم ‪ ،‬رلم [‪]2605‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) سورة األنعام ‪ ،‬اآلٌة [‪]559‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) سورة البمرة ‪ ،‬اآلٌة [‪]573‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫الفرق بٌن الوسٌلة واالسلوب والمنهج‬
‫لال البروفٌسور دمحم زٌن الهادي العرمابً فً معرض حدٌثه فً الفرق بٌن الوسٌلة‬
‫واالسلوب ‪(:‬مما ال شن فٌه أن التالزم والتوابم فً العمل الدعوي بٌن االسالٌب‬
‫والوسابل بل والمناهج شًء ال ٌمكن الفصل فٌه بٌن الثالثة ‪ ،‬هذا من حٌث لٌام‬
‫العملٌة الدعوٌة التً ٌشترن فٌها الجمٌع ‪ ،‬ولكن من حٌث الصفات والخصابص‬
‫والسمات البارزة البد أن نفرق بٌنهما حتً ال تختلط االوراق وتتداخل الرإى)(‪. )1‬‬
‫فالوسابل تكون ؼالبا ً مادٌة محسوسة ملموسة كما عرفناها فً مفهوم الوسٌلة حٌث‬
‫هً التً تحمل االفكار والخطط وتوصلها الً الجهة الممصودة ‪.‬‬
‫وأما االسالٌب الدعوٌة تتناول ؼالبا ً الجوانب المعنوٌة الفكرٌة العملٌة التً تستند الً‬
‫ؼٌر المحسوس فً عمومها ‪ ،‬حٌث هً خطط وأفكار ونظرٌات(‪. )2‬‬
‫فاألفكار والخطط والرإى التً تدبر والمراد عملها هً االسالٌب ‪ ،‬واألشٌاء التً‬
‫تباشر وتنفذ فً الوالع المشاهد الملموس فً عالم الحس هً الوسابل ‪.‬‬
‫والمنهج فً مادة نهج فً المعاجم اللؽوٌة ٌجد لها عدة معانً ‪ ،‬لد تكون مترادفة‬
‫ومتشابهة ‪ ،‬ولد تبتعد حسب استعمال العرب لها ‪.‬‬
‫‪-‬نهج بمعنً (طرٌك)(‪: )3‬‬
‫تؤتً كلمة المنهج بمعنً الطرٌك البٌن الواضح ‪ ،‬كما تؤتً بمعنً الطرٌك الواسع‬
‫وهً بهذا المعنً أي معنً الطرٌك لد ٌكون الطرٌك حسٌا ً أي ما ٌسلكه الناس‬
‫لٌوصلهم الى مبتؽاهم ‪ ،‬ولد ٌكون الطرٌك معنوٌا ً وهنا ٌعنً الخطة المرسومة‬
‫لٌسٌر علٌها المرء فً عمل ما ‪.‬‬
‫لال الشاعر ‪:‬‬
‫سبُل المكارم والهدى ت ُ ْعدِى‬
‫ولمد أضاء لن الطرٌك وأنهجت * ُ‬
‫ولال تعالً ‪ (:‬لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )‬

‫‪1‬‬
‫( ) الدعوة االسالمٌة الشمول واالستٌعاب ‪ ،‬للعرمابً ‪ ،‬ص[‪]255‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) المرجع السابك ‪ ،‬ص[‪]252‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) لسان العرب ‪ ،‬البن منظور ‪ ،‬ج‪ ، 6‬ص[‪]4554‬‬

‫‪39‬‬
‫والمناهج الدعوٌة فً عرؾ واصطالح الدعاة هً ‪:‬‬
‫الخطط والنظم االصٌلة والدلٌمة والمحكمة التً ٌرسمها الداعٌة لٌسٌر علٌها ‪،‬‬
‫معنوٌة كانت أم حسٌة ‪.‬‬
‫فاألسلوب والوسٌلة والمنهج هً عمالت لوجه واحد فً أداء العمل وتشابن‬
‫المصالح وإرتكاز كل واحدة علً االخرى (‪.)1‬‬
‫فالعمل الدعوي ال ٌتم اال بجمٌع الثالثة معا ً لذان ال بد ان ٌكون الداعٌة الً هللا‬
‫على علم وبصٌرة بهذه الثالث وأن ٌختار الوسٌلة المناسبة مع االسلوب المناسب‬
‫والمنهج المناسب ‪ ،‬مع المدعوٌن الممصودٌن فً الولت والمكان المناسب ‪ ،‬وهذا‬
‫ما ٌسمً باستراتٌجٌة الدعوة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬معالم الدعوة فً ضوء المنهج النبوي ‪ ،‬للعرمابً ‪ ،‬ص[‪]74‬‬


‫‪40‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬أهم الوسابل الدعوٌة فً العصر الحدٌث‬

‫المبحث االول ‪ :‬مفهوم العصر الحدٌث‬


‫المبحث الثانً ‪ :‬نماذج من وسابل الدعوة فً العصر الحدٌث‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬خصابص الوسابل الدعوٌة فً العصر الحدٌث‬

‫‪41‬‬
‫المبحث االول‬
‫مفهوم العصر الحدٌث‬
‫ٌمكن تعرٌؾ العصور التارٌخٌة بؤنها مجموعة من األحماب الزمنٌة التً مرت فً تارٌخ‬
‫البشرٌة منذ لحظة وجود االنسان علً االرض حتً ولته الحالً ‪ ،‬حٌت إن العصر هو‬
‫فترة من الزمن فً التارٌخ ٌتم تصنٌفها بواسطة عوامل ثمافٌة أو تارٌخٌة ‪ ،‬وذلن بهدؾ‬
‫سس التً‬ ‫تسهٌل دراسة وتحلٌل التارٌخ ‪ ،‬وعلى الرؼم اشكالٌة اتفاق المإرخٌن حول األ ُ‬
‫ٌجب ان ٌتم البناء علٌها فً تعرٌؾ العصور التارٌخٌة ‪ ،‬إضافةً الً عدم دلة بعض‬
‫التصنٌفات وصعوبة تحدٌد فترة بداٌة أو نهاٌة كل عصر أو حمبة بشكل محدد إال أنه ٌظل‬
‫من العُسر دراسة التارٌخ الماضً دونها او الحاضر ‪ ،‬حٌث ٌظل كما لو كان عبارة عن‬
‫أحداث مبعثرة ال رابط بٌنها ‪.‬‬

‫العصر الحدٌث‪:‬‬
‫مرت عصور كثٌرة انتمل فٌها االنسان انتماالً نوعٌا ً من الً آخر إال أن علماء التارٌخ لم‬
‫ٌتفموا على تعرٌؾ العصور التارٌخٌة بصورة او طرٌمة واحدة حٌث اختلؾ تصنٌفها عبر‬
‫العصور نفسها من حضارة الً حضارة أخرى ‪.‬‬
‫ومع ذلن هنان شبه إجماع على تمسٌم العصور التارٌخٌة وهو األشهر حالٌا ً واالكثر‬
‫مالبمة للتصنٌؾ حول العالم ‪.‬‬
‫‪5‬ـ عصر ما لبل التارٌخ ‪:‬‬
‫وٌعتبر من العصور السحٌمة فً المدم ‪.‬‬
‫‪2‬ـ العصور المدٌمة ‪:‬‬
‫ومدتها أربعة ألؾ عام ‪ ،‬تبتدئ بظهور الكتابة فً الشرق األدنى ‪ ،‬وتنتهى بسموط‬
‫اإلمبراطورة الرومانٌة فً الؽرب األوربً ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪3‬ـ العصور الوسطً ‪:‬‬
‫ومدتها ألؾ عام تمرٌبا ً ‪ ،‬وتنتهً باكتشاؾ العالم الجدٌد فً المرن السادس عشر المٌالدي ‪.‬‬
‫‪4‬ـ العصر الحدٌث ‪:‬‬
‫وٌمتد من نهاٌة العصور الوسطً الى اآلن ‪ ،‬إال أن بعض المإرخٌن ٌضٌؾ لسم خامس‬
‫وهو عصر التارٌخ المعاصر وجعلوا نهاٌة العصر الحدٌث بمٌام الثورة الفرنسٌة وبداٌة‬
‫العصر المعاصر من الثورة الفرنسٌة الى اآلن ‪.‬‬

‫التعرٌؾ بالعصر الحدٌث ‪:‬‬


‫ٌمول الدكتور زٌن العابدٌن شمس الدٌن نجم فً كتابه تارٌخ العرب الحدٌث والمعاصر‪:‬‬
‫(ٌمتد التارٌخ العربً الحدٌث المعاصر لعدة لرون تبدأ من مطلع المرن السادس عشر حتً‬
‫منتصؾ المرن العشرٌن أو لرب نهاٌته ‪ ،‬وهً فترة زاهرة بالعدٌد من األحداث السٌاسٌة‬
‫والعسكرٌة وااللتصادٌة واالجتماعٌة تخللتها فترات من الضعؾ والتخلؾ والجمود‬
‫والعزلة ‪ ،‬وأخرى اتسمت بالموة والتمدم والنهضة ‪ ،‬واالحتكان بالعالم الخارجً )(‪.)1‬‬
‫ٌعد مطلع المرن السادس عشر المٌالدي وهو بداٌة العصور الحدٌثة وٌمكن تمسٌم العصر‬
‫الحدٌث الً ‪:‬‬
‫‪5‬ـ العصر الحدٌث المبكر‬
‫‪2‬ـ العصر الحدٌث التؤخر‬
‫حٌث شهد الثورتٌن الصناعٌة والعلمٌة وعصور الفترة الوالعة بٌن الحربٌن العالمٌتٌن من‬
‫سنة [‪5954‬الً سنة ‪ ، ]5945‬ثم عصر التارٌخ المعاصر وهو الذي ٌروي االحداث‬
‫التارٌخٌة التً تتصل مباشرة بؤحداث ولتنا الحاضر ‪.‬‬
‫وأخٌرا ً مرحلة المر الحادي والعشرون وهً األخٌرة حتً الٌوم فً تارٌخ العصور‬
‫التارٌخٌة ‪ ،‬ولد شهد العصر الحدٌث العدٌد من الحمب النوعٌة بحسب االحداث‬
‫‪1‬‬
‫( ) زٌن العابدٌن شمس الدٌن ‪ ،‬تارٌخ العرب الحدٌث والمعاصر‬

‫‪43‬‬
‫ومن أهمها الحمبة النابلٌونٌة ‪ ،‬وعصر األلة ‪ ،‬وفترة الحرب الباردة ‪ ،‬وعصر المعلومات‬
‫وؼٌرها من االحداث ‪.‬‬

‫أهم االحداث فً العصر الحدٌث ‪:‬‬


‫‪5‬ـ ظهور اإلكتشافات العلمٌة الحدثة‬
‫‪2‬ـ إنتشار الثورة الصناعٌة بصورة كبٌرة جدا ً‬

‫‪3‬ـ ظهور المدارس الفكرٌة والنظرٌات الفلسفٌة‬


‫‪4‬ـ إلصاء الدٌن بصورة كبٌرة وتم تمدٌس العمل بصورة أكبر‬
‫‪5‬ـ زٌادة دور العلم والتكنولوجٌا‬
‫‪6‬ـ محو األمٌة بصورة كبٌرة وانتشار وسابل اإلعالم بصور متعددة‬
‫‪7‬ـ انتشار الحركات االجتماعٌة‬
‫‪8‬ـ تطور وسابل التنمل بعدة طرق‬
‫‪9‬ـ انتشار التمدن والمدنٌة‬

‫‪44‬‬
‫المبحث الثانً‬
‫نماذج من وسابل الدعوة فً العصر الحدٌث‬
‫لمد تعددت وسابل الدعوة الى هللا تعالى فً هذا العصر وتنوعت تبعا ً للتمدم العلمً الكبٌر‬
‫فً هذا العصر ‪ ،‬والذي ٌشمل مجاالت متعددة من حٌاة االنسان ‪ ،‬من أهمها االتصاالت‬
‫وتمنٌات المعلومات وؼٌر ذلن مما اشرت الٌه فً مبحث العصر الحدٌث ‪.‬‬
‫ٌمول الشٌخ عبدالعزٌز بن باز رحمه هللا تعالً ‪(:‬فً ولتنا الحاضر ٌسر هللا عز وجل أمر‬
‫الدعوة بطرق لم تحصل لمن لبلنا ‪ ،‬فؤمور الدعوة الٌوم متٌسرة أكثر وذلن بواسطة طرق‬
‫كثٌرة ‪ ،‬وإلامة ال ُحجة علً الناس الٌوم ممكنة بطرق متنوعة ‪ ،‬مثالً عن طرٌك اإلذاعة ‪،‬‬
‫وعن طرٌك التلفزة ‪ ،‬وعن طرٌك الصحافة وهنان طرق شتً)(‪. )1‬‬

‫النموذج االول ‪ :‬وسٌلة التلفاز‬


‫التلفاز أو التلفزٌون هو جهاز لنمل الصورة والصوت بواسطة األمواج الكهربٌة وبعضهم‬
‫ٌسمٌه (الرابً) ‪.‬‬
‫وهو من الوسابل العلمٌة والفنٌة التً جمعت بٌن خصابص الوسابل السمعٌة والبصرٌة ولد‬
‫انتشر فً العصر الحدٌث بعد اختراعه فً النصؾ االول من المرن الماضً انتشارا ً كبٌرا ً‬

‫حتً ال ٌكاد ٌخلو بٌت من بٌوت الناس من التلفاز‪.‬‬

‫أهمٌة التلفاز ‪:‬‬


‫تبرز أهمٌة هذه الوسٌلة الحدٌث فً عدة وجوه منها ‪:‬‬
‫أـ اجتماع أهم الخصابص السمعٌة والبصرٌة فٌها وذلن مثل ‪:‬‬
‫‪5‬ـ اإلمتداد الزمانً والمكانً حٌث تستؽرق هذه الوسٌلة الزمان فً البث ولد ال‬
‫تخلو ساعة من بث تلفازي ‪ ،‬كما تخترق الحواجز الجؽرافٌة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) مجموع فتاوي ومماالت متنوعة ‪ ،‬للشٌخ عبدالعزٌز بن باز ‪ ،‬ج‪ ، 8‬ص[‪]403‬‬

‫‪45‬‬
‫‪2‬ـ تنوع موضوعاتها التً تبث فٌها بحٌث تالمس حاجات الناس ورؼباتهم ‪.‬‬
‫‪3‬ـ سهولة االستماع إلٌها والمشاهدة لها ‪ ،‬فال جهدا ً كبٌرا ً وال تتطلب ولتا ً خاصا ً ‪،‬‬
‫فٌسمعها وٌنظر الٌها المشاهد لابما ً أو لاعدا ً وعلى الطعام وأثناء الكالم وعند التمدد‬
‫للنوم وؼٌر ذلن ‪.‬‬
‫ب‪ -‬شدة جاذبٌتها للناس ‪ ،‬حٌث ترتكز على حاسة السمع والبصر معا ً ومن هنا نجد‬
‫المشاهد لها والمتابعٌن للبث فٌها أكثر بكثٌر من المتابعٌن لإلذاعة وحدها أو‬
‫الصحؾ ‪.‬‬
‫ج‪ -‬كثرة توفرها ورخص ثمنها حٌث تسابمت الشركات العالمٌة فً صناعتها‬
‫وتصدٌرها مما ادي الً تملٌل ثمنها ‪.‬‬
‫دـ تنوع المشاهدٌن لها والمتابعٌن لبرامجها من الكبار والصؽار والرجال والنساء‬
‫والمثمفٌن وؼٌرهم ‪.‬‬
‫وما الى ذلن من خصابص تجعلها من أخطر الوسابل الحدٌث انتشارا ً(‪. )1‬‬
‫والعها‪:‬‬
‫التلفاز وسٌلة مادٌة تصلح ألن تستعمل للخٌر أو الشر ‪ ،‬إال أنها بحكم الدول التً‬
‫اخترعتها واألٌدي التً تتوالى علٌها ؼالبا ً ما تستخدم للشر ‪ ،‬إما رؼبة فً إشاعة‬
‫األفكار السٌبة والعادات المبٌحة عن لصد وتخطٌط ‪.‬‬
‫صر الدعاة كثٌرا ً فً معالجة هذه الوسٌلة ‪ ،‬واختلفت موالفهم منها ‪ ،‬فمنهم من‬ ‫ولد ل ّ‬
‫لاطعها وهجرها ومنهم من شارن فٌها ‪ ،‬ومنهم من هارب وجودها ‪.‬‬
‫وعلى الرؼم من تنوع هذه الموالؾ تجاهها لم ٌحصل تؽٌٌر ٌذكر فً والعها ‪ ،‬وإنما‬
‫كثر شٌوعها وانتشارها وعظم تؤثٌرها فً الكبار والصؽار وألبل الناس علٌها‬
‫مستسلمٌن لوالعها ‪.‬‬
‫حكم التلفاز فً الشرٌعة االسالمٌة‪:‬‬
‫لال الشٌخ أبو الفتح البٌانونً ‪:‬لمد اشتملت إشتملت وسٌلة التلفاز نظرا ً لما ٌعرض‬
‫فٌها على ثالث أنواع من حٌث حكمها وهى ‪:‬‬
‫‪5‬ـ الوسٌلة المباحة نظرا ً لما ٌبث فٌها من خٌر أو مباح ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫( ) وسابل االعالم وأثرها فً وحدة االمة ‪ ،‬لدمحم موفك الفالبٌنً ‪،‬‬

‫‪46‬‬
‫‪2‬ـ الوسٌلة المشبوهة نظرا ً للبرامج المشبوهة الكثٌرة التً اختلط فٌها الخٌر بالشر ‪.‬‬
‫‪3‬ـ الوسٌلة المختلؾ فً حكمها نظرا ً لما تموم علٌه من انواع التصوٌر الذي اختلؾ‬
‫العلماء فً حكمه ‪.‬‬
‫لال وهذا التنوع جعل الحكم علٌها صعبا ً ومعمدا ً ‪ ،‬كما جعل عملٌة عالجها عسٌرة‬
‫وشالة فال ٌستطٌع المسلم أن ٌحكم بتحرٌمها مطلما ً لمجرد ؼلبة الشر علٌها ‪ ،‬لذى‬
‫أرى ان ٌفصل فً حكمها تبعا ً لحال السابل والمستفتً فٌمال مثال ‪ٌ (:‬حرم استعمالها‬
‫علً من عرؾ من نفسه عدم المدرة على ضبطها والتحكم فٌها فً نفسه وأسرٌه ‪،‬‬
‫وٌجوز استعمالها لمن عرؾ من نفسه المدرة على ضبطها والتحكم فٌها فً نفسه‬
‫واسرته )(‪. )1‬‬
‫النموذج الثانً ‪ :‬اإلنترنت‬
‫كلمة انترنت هً اختصار للكلمتٌن (انترناشلون نت وٌرن) وتعنً بالعربٌة الشبكة‬
‫العالمٌة للمعلومات وبٌن عالمات التنصٌص او الموسٌن تكتب (اإلنترنت) ‪.‬‬
‫مفهوم اإلنترنت ‪:‬‬
‫ٌُعرؾ اإلنترنت بؤنه (عبارة عن شبكة ضخمة تتكون من عدد كبٌر من شبكات‬
‫الحاسب المنتشرة فً أنحاء العالم ‪ ،‬مرتبطة ببعضها البعض عن طرٌك خطوط‬
‫الهاتؾ أو عن طرٌك االلمار الصناعٌة بحٌث ٌمكن مشاركة فً المعلومات فٌها بٌن‬
‫المستخدمٌن عن طرٌك بروتكول موحد ٌسمى بروتكول تراسل اإلنترنت)(‪.)2‬‬
‫أهم خدمات اإلنترنت ‪:‬‬
‫‪5‬ـ خدمة البرٌد اإللكترونً ‪:‬‬
‫البرٌد اإللكترونً هو نمل الرسابل البرٌدٌة عبر الحواسٌب المرتبطة بشبكة ما وٌتم‬
‫ذلن باستخدام برامج معٌنة تضاؾ الً تلن الحواسٌب ‪.‬‬
‫ظهر البرٌد االلكترونً ألول مرة عام [‪]5972‬م على ٌد أحد مهندسً الحاسوب‬
‫االمرٌكٌٌن(‪. )3‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) المدخل الً علم الدعوة ‪ ،‬مرجع سابك ‪ ،‬ص[‪]323-325‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) الدعوة اإللكترونٌة ‪ ،‬للدكتور ٌوسؾ اسماعٌل مكً ‪(4) ،‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) مخترع البرٌد االلكترونً هو ‪( ،‬راي تومٌلسون)‬

‫‪47‬‬
‫كٌفٌة استخدام البرٌد االلكترونً فً الدعوة الى هللا‬
‫‪5‬ـ فتح حسابات برٌدٌة فً الموالع االسالمٌة ‪:‬‬
‫تمدم بعض الموالع اإلسالمٌة خدمة البرٌد المجانً وهً خدمة حدٌث ٌنبؽً دعمها‬
‫وتشجٌعها ‪ ،‬وؼالبا ً ما تشترط هذه الموالع تمدٌم العنوان البرٌدي لطالب الخدمة لبل‬
‫االستفادة من خدماتها ‪.‬‬
‫‪2‬ـ مراسلة ؼٌر المسلمٌن ودعوتهم الً االسالم ‪:‬‬
‫ٌمكن الحصول على العناوٌن البرٌدٌة لؽٌر المسلمٌن من موالعهم الشخصٌة ‪ ،‬أو من‬
‫خالل موالع الشركات على الشبكة اذا كانوا من العاملٌن فٌها ‪ ،‬ومن ثَم ارسال‬
‫رسابل خاصة الٌهم لدعوتهم الى االسالم ‪ ،‬وهذا ٌتطلب إلماما ً باللؽة االجنبٌة التً‬
‫ٌتحدث بها المدعو الى االسالم ولد تكون االنجلٌزٌة أو ؼٌرها بحسب لؽة المولع‬
‫الذي أخذت منه العناوٌن ‪ ،‬وهذه الرسالة الموجهة لؽٌر المسلمٌن لد تفتح أبواب‬
‫للحوار معه ‪ ،‬ولد ٌثٌر هذا المدعو كثٌر من التساإالت والشبهات االمر الذي ٌتطلب‬
‫من الداعٌة المستخدم لهذه الوسٌلة االستعداد ‪.‬‬
‫‪3‬ـ استخدام البرٌد اإللكترونً للفتوي ‪:‬‬
‫وهذا ٌتطلب استخدام البرٌد االلكترونً من لبل المشاٌخ والعلماء وطلبة العلم‬
‫المإهلٌن للفتوي ‪ ،‬وإذا كان هذا االمر ٌشؽل العلماء وٌستؽرق منهم ولتا ً فٌمكن‬
‫االستعانة بفرٌك عمل ٌستمبل اسبلة المستفتٌن وٌنمحها ثم ٌعرضها علً المفتً‬
‫لٌجٌب علٌها ‪ ،‬وٌتولى الفرٌك صٌاؼة االجابة ثم ارسالها الى المستفتً ‪ ،‬والبرٌد‬
‫االلكترونً رخٌص التكالٌؾ ممارنة باالتصاالت الهاتفٌة خاصة اذا تباعدت‬
‫المسافات والبلدان بٌن المفتً والمستفتً كما هو الحال فً المكالمات الدولٌة ‪.‬‬
‫‪5‬ـ االحتساب االلكترونً عبر البرٌد‪:‬‬
‫وٌشمل ذلن صورا ً منها ‪:‬‬
‫أـ مناصحة الذٌن ٌسٌإون من حٌث أرادوا االحسان ‪.‬‬
‫ب ـ مراسلة من تبدوا منهم مخالفات شرعٌة ولهم برٌد الكترونً ‪.‬‬
‫ج ـ مناصحة مستخدمً الشبكة المخالفٌن ألحكام الشرٌعة االسالمٌة ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪6‬ـ الرسابل البرٌدٌة الجماعٌة للدعوة الً االسالم ‪:‬‬
‫ٌمكن جمع جملة من العناوٌن البرٌدٌة االلكترونٌة ‪ ،‬وارسال رسالة موجهة‬
‫ألصحابها ‪ ،‬وٌكون مضمون الرسالة دعوة ؼٌر المسلمٌن الى االسالم ‪.‬‬
‫مجموعات النماش‪:‬‬
‫مجموعات النماش عبارة عن حلمة تربط بٌن عدد من مستخدمً الشبكة الدولٌة‬
‫الراؼبٌن فً االستفادة من الخدمة ‪ٌ ،‬تم تبادل الرسابل بٌن المشتركٌن فً مجموعات‬
‫النماش باستخدام برامج خاصة تسمً لاربات المواضٌع او لاربات االخبار ‪.‬‬
‫وٌمكن تشبٌه مجموعات النماش بمنتدٌات الكترونٌة تضم أشخاص ذوى اهتمامات‬
‫مشتركة ٌتبادلون فٌها وجهات النظر حول مجموعة من المضاٌا ‪ ،‬فٌكمن االستفادة‬
‫منها كوسٌلة للدعوة الى هللا تعالى والتحاور فٌها مع ؼٌر المسلمٌن ودعوتهم الى‬
‫االسالم وتكون إلامة ُحجة علٌهم ‪.‬‬
‫برامج التواصل االجتماعً ‪:‬‬
‫أصبحت برامج التواصل االجتماعً تمثل فً هذا العصر الشؽل الشاؼل لكثٌر من‬
‫الناس والتً نذكر منها على سبٌل المثال ال الحصر االتً ‪:‬‬
‫‪5‬ـ التوٌتر ‪:‬‬
‫تؤسس عام [‪]2006‬م علً ٌد كل من (جال دروسً ‪ ،‬وإٌفان بلٌامز ‪ ،‬ونوح ؼالس ‪،‬‬
‫وبٌتر ستون) وممره الربٌس فً الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة فً والٌة سان‬
‫فرانسٌسكو ‪ ،‬ووالٌة كالفورنٌا ‪ٌ ،‬موم التوٌتر بتمدٌم خدمة التدوٌن المصؽر برسالة‬
‫واحدة ال تتجاوز المابة وأربعون حرؾ ‪ ،‬المعروفة باسم (التؽرٌدات ) وٌستطٌع‬
‫رواد هذا المولع بتمدٌم تؽرٌده عن حالتهم وأفكارهم بشرط اال ٌتجاوز عدد الحروؾ‬
‫المسموح به ‪ ،‬فٌمكن استخدام التوٌتر ؼً الدعوة الً هللا عن طرٌك كتابة حدٌث من‬
‫أحادٌث النبً ملسو هيلع هللا ىلص أو آٌات من كتاب هللا المجٌد ‪.‬‬
‫‪2‬ـ الفٌس بون ‪:‬‬
‫ٌعتبر من أشهر موالع التواصل االجتماعً ‪ ،‬تؤسس عام [‪]2004‬م ولد أسسه كل‬
‫من (مارن زوكبٌرغ ‪ ،‬وإداورد وسافرٌن ‪ ،‬وكرٌس هٌوز ) وممره الربٌسً فً‬

‫‪49‬‬
‫الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة فً والٌة كالفورنٌا ‪ ،‬وٌتفرع من تطبٌك الفٌس بون‬
‫تطبٌك إنستؽرام ‪ ،‬وتطبٌك ماسنجر ‪ ،‬والتطبٌك متوفر بعدة لؽات متنوعة وٌعتبر‬
‫الفٌس بون أكبر شبكة اجتماعٌة حول العالم(‪. )1‬‬
‫إٌجابٌات الفٌس بون‪:‬‬
‫‪5‬ـ وسٌلة لنشر الدعوة الً هللا بحٌث للدعاة المسلمٌن عرض دعوتهم بمختلؾ‬
‫الطرق واالسالٌب ‪ ،‬وبسبب االلبال من الناس على الفٌس بون ٌمكن ان ٌكون نمطة‬
‫تؤثٌر مهمة فً هذا المجال ‪.‬‬
‫‪2‬ـ نافذة لإلعالم ونشر االخبار المختلفة فور حدوثها ‪.‬‬
‫‪3‬ـ باب للتواصل مع االصدلاء واأللارب الموجودون فً أماكن بعٌدة ‪.‬‬
‫‪4‬ـ طرق للتعبٌر عن الرأي فً االحداث السابدة فً العالم فً أي مجال‬
‫سلبٌات الفٌس بون ‪:‬‬
‫‪5‬ـاستؽالله فً نشر االخبار الكاذبة المضللة ونشر الفتن بٌن الناس ‪.‬‬
‫‪2‬ـ ضٌاع االولات والساعات وفوات الكثٌر من االعمال التً ٌمكن أن ٌنتفع بها‬
‫الفرد وٌنفع بها ؼٌره ‪.‬‬
‫‪3‬ـ للل التواصل الشخصً بٌن االسر واالرحام ‪ ،‬وضعؾ الروابط والعاللات الودٌة‬
‫بسبب لضاء ولت كبٌر على الفٌس بون ‪.‬‬
‫‪3‬ـ الواتساب ‪:‬‬
‫الواتساب هو تطبٌك ٌتٌح للمستخدمٌن إرسال الرسابل والدردشة ومشاركة الوسابط‬
‫إلرسال الرسابل النصٌة والصوتٌة ‪ ،‬والصور ومماطع الفٌدٌو ‪ ،‬تتاح إمكانٌة‬
‫استخدامه من خالل تحمٌله على االجهزة الخاصة سواء الهواتؾ الزكٌة أو أجهزة‬
‫الكومبٌوتر ولد اكتسب التطبٌك وحمك نجاحا ً كبٌرا ً منذ إنشابه عام [‪]2009‬م على ٌد‬
‫شخصٌن كانا ٌعمالن فً شركة (ٌاهو) ‪ ،‬نظرا ً لما ٌتمتع به من مجانٌة خدمات‬
‫االتصال وإرسال الرسابل ‪ ،‬الً جانب كونه مدعوما ً من لبل العدٌد من منصات‬

‫‪1‬‬
‫( ) الدعوة االلكترونٌة ‪ ،‬د‪ٌ /‬وسؾ اسماعٌل مكً ‪ ،‬ص[‪]56‬‬

‫‪50‬‬
‫التشؽٌل مثل وٌندوز ‪ ،‬والعدٌد من األجهز المحمولة مثل األٌفون واألندروٌد‬
‫والنوكٌا والبالن بٌري ‪.‬‬
‫خدمات الواتساب وكٌفٌة استخدامه كوسٌلة فً الدعوة ‪:‬‬
‫تتعدد الخدمات التً ٌمكن االستفادة منها عند استخدام تطبٌك الواتساب ومنها ‪:‬‬
‫‪5‬ـ خدمة إرسال الرسابل النصٌة بشكل مجانً وفمط عبر اتصال االنترنت‬
‫‪2‬ـ إتاحة إنشاء مجموعات لضم االصدلاء الممربٌن أو افراد العابلة والتواصل معهم‬
‫‪3‬ـ الحفاظ على سرٌة الرسابل والمكالمات الخاصة بٌن مستخدمً واتساب من خالل‬
‫عملٌة تشفٌر الرسابل من البداٌة حتً النهاٌة ‪.‬‬
‫‪4‬ـ الٌوتٌوب ‪:‬‬
‫ٌعتبر مولع الٌوتٌوب أحد أشهر الموالع االلكترونٌة الخاصة بمشاركة الفٌدٌوهات أو‬
‫تحمٌلها مع المستخدمٌن اآلخرٌن ‪ ،‬فمد لامت شركة جوجل فً العام [‪]2006‬م‬
‫بشراء هذا المولع لٌصبح أداة فعالة وذات أثر كبٌر على االعالنات والوسابط ‪،‬‬
‫وٌمتاز الٌوتٌوب بإمكانٌة تشؽٌله على االجهز دون الحاجة للحصول على أي‬
‫مشؽالت أو برامج اضافٌة لتشؽٌل الفٌدٌوهات عبر الموالع حٌث ٌمكن البحث عن‬
‫فٌدٌو معٌن ضمن ٌوتٌوب من خالل البحث عنه فً الشرٌط الخاص بالبحث الذي‬
‫ٌظهر أعلً الشاشة وتجدر االشارة الى أنه ٌتوفر تطبٌك خاص بالهواتؾ‬
‫المحمولة(‪.)1‬‬

‫كٌؾ أستخدم الٌوتٌوب فً الدعوة الً هللا ‪:‬‬


‫‪5‬ـ انشاء حساب على الٌوتٌوب ‪:‬‬
‫ٌستطٌع مستخدم الٌوتٌوب إنشاء حساب من خالل الذهاب الً مولع الٌوتٌوب والتً‬
‫ستنمله الً صفحة أخري تطلب من اخال حسابه علً جوجل الذي ٌدخله مباشرة‬
‫علً حساب الٌوتٌوب ‪ ،‬وٌمكن رفع البٌانات الخاصة وتسجٌلها ‪ ،‬وإنشاء الحساب‬
‫والذي هو نفسه حساب الٌوتٌوب ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) مولع (موضوع) علً االنترنت‬

‫‪51‬‬
‫‪2‬ـ رفع فٌدٌو على الٌوتٌوب ‪:‬‬
‫بعد الدخول الى حسابن علً الٌوتٌوب تستطٌع رفع ما ترؼب من فٌدٌوهات لن‬
‫على الٌوتٌوب بالضؽط علً سهم الرفع الموجود أعلً ٌمٌن الصفحة ثم تنتمل الى‬
‫صفحة أخري لتستطٌع من خاللها تحدٌد الفٌدٌو الذي ٌرؼب االنسان بتحمٌله من‬
‫الجهاز الً مولع الٌوتٌوب ‪.‬‬
‫‪3‬ـ إنشاء لناة على الٌوتٌوب ‪:‬‬
‫بعد تسجٌل الدخول الى حسابن علً الٌوتٌوب ‪ ،‬تستطٌع إنشاء لناة خاصة بن ‪،‬‬
‫لتعرض محتوي دعوي او تعلٌمً او محاضرات او أي فٌدٌوهات أخري فً‬
‫مجاالت متنوعة ‪.‬‬
‫أخاللٌات استخدام الٌوتٌوب ‪:‬‬
‫‪5‬ـ مشاهدة الفٌدٌوهات المفٌدة واالخاللٌة وتشجٌعها ‪.‬‬
‫‪2‬ـ عدم مشاهدة أو رفع الفٌدٌوهات التً تنشر الفتنة والرزٌلة ‪.‬‬
‫‪3‬ـ إنشاء لنوات ذات مؽزي ورفع فٌدٌوهات مفٌدة علٌها ‪.‬‬
‫‪4‬ـ عدم سرلة فٌدٌوهات االخرٌن ونسبها الً نفسن ‪.‬‬
‫النموذج الثالث ‪ :‬التمثٌل فً المجال الدعوي ‪:‬‬
‫التمثٌل ‪ٌ :‬عنً المحاكاة ٌمال حكٌت وأحكٌه وحكاٌة ‪ ،‬إذا أتٌت بمثله على الصفة‬
‫التً أتً بها ؼٌرن فؤنت كالنالل عنه ‪ ،‬والتمثٌل ٌؤتً أٌضا ً بمعنً التشبٌه ‪ٌ ،‬مال‬
‫مثل الشًء بالشًء تمثٌالً أي شبهه به ولدره علً لدره(‪ ، )1‬لال تعالً {فتمثل لها‬
‫بشرا ً سوٌا}(‪. )2‬‬
‫التمثٌل فً االصطالح ‪:‬‬
‫عرفه بعضهم بموله‪(:‬عرض حً لمصة وأصحابها والعة أو متخٌلة) ‪.‬‬
‫وعرفه آخرون بمولهم (تجسٌد الحادثة التارٌخٌة أو الوالعة االجتماعٌة أو المولؾ‬
‫السٌاسً أو الفكرة التوجٌهٌة بشخصٌات بشرٌة او صورة مادٌة حسٌة)(‪. )3‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) المعجم الوسٌط ‪ ،‬مادة مثل ‪]853/2[ ،‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) سورة مرٌم اآلٌة [‪]57‬‬
‫‪3‬‬
‫( ) حكم التمثٌل فً وسابل اإلعالم ‪ ،‬د‪ /‬عبدهللا علوان ‪ ،‬ص[‪]40‬‬

‫‪52‬‬
‫وعرفه آخرون (أفعال وألوال مصطنعة تصدر من شخص بمصد التؤثٌر على‬
‫المستمعٌن والمشاهدٌن)(‪. )1‬‬
‫أصل التمثٌل ‪:‬‬
‫التمثٌل فن لدٌم عرؾ عند الٌونان وؼٌرهم من الرومان ‪ ،‬ولم ٌدخل فً حٌاة‬
‫المسلمٌن فً عصورهم االولً ‪ ،‬وعرؾ المسلمون أنواعا مبسطة منه فً العصور‬
‫المتمدمة عرفت بـ(بخٌال الظل) وتمثٌل الوعاظ والمعلمٌن ‪ ،‬ثم أصبح فً هذا‬
‫العصر فنا ً مستمالً له رواده ومدارسه وأشكاله وأنواعه ‪.‬‬
‫أهمٌة التمثٌل كوسٌلة من الوسابل فً هذا العصر‪:‬‬
‫‪5‬ـ جمعها بٌن خصابص الرسابل الٌدوٌة والسمعٌة والبصرٌة فً آن واحد ‪.‬‬
‫‪2‬ـ تنوع أشكالها وموضوعاتها منها المؤساة والملهاة والهزلٌة والشعبٌة ومنها‬
‫المسلسلة والسلسلة والفلم وؼٌرها(‪.)2‬‬
‫وبهذا أصبح التمثٌل أكثر البرامج التلفازٌة جذبا ً للمشاهدٌن وتعد أنجح أسلوب فً‬
‫عصرنا لربط الجماهٌر الؽفٌرة ‪ ،‬فهً تجذب المشاهدٌن وتملن علٌهم عمولهم ‪.‬‬
‫حكم التمثٌل ‪:‬‬
‫اختلؾ العلماء الٌوم فً حكم التمثٌل اختالفا ً واسعا ً ‪ ،‬ولد شدد فً حكمه بعض‬
‫المحدثٌن والفمهاء حتً جعلوه من الكبابر ‪ ،‬وفرق آخرون بٌن نوع ونوع آخر ‪،‬‬
‫فحرموا هذا وأباحوا هذا ‪ ،‬كما أباحه آخرون بشروط وضوابط ‪.‬‬
‫ونظرا ً لدلة البحث فٌه وكثرة االختالؾ فٌه من جهة أخري أري أن نعاملها الٌوم‬
‫معاملة الوسابل المختلؾ فً حكمها وسوؾ نورد فً هذا البحث لول كل من‬
‫المحرمٌن للتمثٌل وأدلتهم ‪ ،‬والذٌن أباحوا التمثٌل وأدلتهم والذٌن وضعوا له ضوابط‬
‫لإلباحة وذلن فً ما ٌلى ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬المابلٌن بتحرٌم التمثٌل وأدلتهم ‪:‬‬
‫‪5‬ـ لالوا أن التمثٌل كذب ‪:‬‬
‫وذلن أنه ال ٌخلو من حالتٌن ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫( ) التمثٌلٌة التلفازٌة واستخدامها فً مجال الدعوة ‪ ،‬لدمحم حسن هادي ‪ ،‬ص[‪]56‬‬
‫‪2‬‬
‫( ) المرجع السابك‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫االولً ‪ :‬أن تكون لصة التمثٌل أسطورة مختلمة ال حمٌمة لها ‪.‬‬
‫الثانٌة ‪ :‬أن تكون لصة التمثٌل حمٌمٌة ولعت فً سالؾ الدهر والممثلون ٌتخمصون‬
‫شخصٌات هذه المصة وٌخرجون على الناس على أنهم أصحاب تلن المصة ‪.‬‬
‫وفً كل الحالتٌن ٌكون التمثٌل كذبا ً ‪ ،‬والكذب محرم فً الشرٌعة االسالمٌة ‪ ،‬ولد‬
‫لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪( :‬ال ٌبلػ العبد صرٌح اإلٌمان حتً ٌدع المزاح والكذب ‪ ،‬وٌدع‬
‫المراء وإن كان محما)(‪ ، )1‬ولال علٌه الصالة والسالم ‪(:‬أنا زعٌم بٌت فً وسط‬
‫الجنة لمن ترن الكذب وإن كان مازحا)(‪ ، )2‬ولال النبً ملسو هيلع هللا ىلص ‪(:‬وٌل للذي ٌحدث‬
‫بالحدٌث لٌضحن به الموم فٌكذب وٌل له ‪ ،‬وٌل له)(‪. )3‬‬
‫‪2‬ـ التمثٌل تشبه بالكفار‪:‬‬
‫الن هذه البدعة جاءت من عندهم ولد لال ملسو هيلع هللا ىلص ‪(:‬لتتبعن سنن من كان لبلكم شبرا بشبر‬
‫وذراعا ً بذراع ‪ ،‬حتً لو دخلوا ُجحر ضب لدخلتموه ‪ ،‬للنا ٌا رسول هللا الٌهود‬
‫والنصارى لال ‪:‬فمن)(‪. )4‬‬
‫‪3‬ـ التمثٌل من اللهو الباطل ‪:‬‬
‫واللهو الباطل مذموم شرعا ً وعمالً ‪ ،‬لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪(:‬ولٌس من اللهو إال ثالث ‪،‬‬
‫تؤدٌب الرجل فرسه ‪ ،‬ومالعبته امراته ‪ ،‬ورمٌه بموسه)(‪. )5‬‬
‫‪4‬ـ التمثٌل تملٌد أناس معٌنٌن ولد وردة نصوص بتحرٌم ذلن ‪:‬‬
‫فعن أم المإمنٌن عابشة رضً هللا عنها لالت ‪ :‬للت للنبً ملسو هيلع هللا ىلص حسبن من صفٌة كذا‬
‫وكذا لالت تعنً لصٌرة ‪ ،‬فمال علٌه الصالة والسالم ‪(:‬لمد للت كلمة لو ُمزجت بماء‬
‫البحر لمزجته) لالت وحكٌت له إنسانا ً ‪ ،‬فمال (ما أحب أنً حكٌت إنسانا ً وأن لً كذا‬
‫وكذا)(‪ ، )6‬ولد ٌدخل فً التمثٌل تمثٌل األنبٌاء والرسل والصالحٌن وأهل الفضل‬
‫وهذا الفعل ٌدور بٌن الكفر والفسك ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) رواه أبو ٌعلى من حدٌث عمر رضى هللا عنه‬
‫‪2‬‬
‫( ) رواه أبوداود ‪ ،‬كتاب األدب ‪ ،‬باب حسن الخلك‬
‫‪3‬‬
‫( ) رواه االمام أحمد فً المسند ‪ ،‬وابو داود ‪ ،‬والترمذي‬
‫‪4‬‬
‫( ) رواه االمام البخاري ‪ ،‬كتاب االعتصام بالسنة‬
‫‪5‬‬
‫( ) رواه االمام أحمد ‪ ،‬وابو داود ‪ ،‬كتاب الجهاد ‪ ،‬باب الرمً‬
‫‪6‬‬
‫( ) رواه االمام أحمد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬كتاب االدب ‪ ،‬باب فً الؽٌبة‬

‫‪54‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬المابلٌن بجواز التمثٌل وأدلتهم ‪:‬‬
‫‪5‬ـ البراء االصلٌة ‪:‬‬
‫وهو أن االصل فً االشٌاء اإلباحة ‪ ،‬وال ٌوجد دلٌل صحٌح صرٌح فً تحرٌم‬
‫التمثٌل ‪.‬‬
‫‪2‬ـ وسابل الدعوة ؼٌر تولٌفٌة ‪:‬‬
‫والتمثٌل منها فال وجه لمطالبتنا بدلٌل على جواز استعمالها فً الدعوة الى هللا‬
‫‪3‬ـ المٌاس ‪:‬‬
‫وذلن أن هنالن بعض النصوص فً الكتاب والسنة تدل علً تعاطً التمثٌل وعدم‬
‫االنكار على متعاطٌه ومن ذلن ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬ظهور جبرٌل علٌه السالم وتشكله فً صورة أعرابً ‪ ،‬أو صورة دِحٌة الكلبً‬
‫رضً هللا عنه ‪.‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬استدل المبٌحون بمناظرة ابراهٌم علٌه السالم لمومه حٌث أظهر لهم عدم‬
‫معرفته لربه فلعله ٌكون الكوكب أو الممر أو الشمس وهذا تمثٌل ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬تكسٌر ابراهٌم علٌه السالم االصنام ‪ ،‬وإسناد التكسٌر الً كبٌر االصنام لال‬
‫تعالى‪{:‬بل فعله كبٌرهم هذا فسبلوهم إن كانوا ٌنطمون }(‪. )1‬‬
‫ضوابط البد من مراعاتها لمن أخذ بمول الجواز‪:‬‬
‫اتفك المابلٌن بالمنع مع المابلٌن بالجواز على عدة ضوابط ‪:‬‬
‫‪5‬ـ الحزر من الطعن فٌمن خالفه الرأي‬
‫‪2‬ـ البعد عن تمثٌل المالبكة واألنبٌاء علٌهم السالم والصحابة الكرام رضً هللا عنهم‬
‫‪3‬ـ الحزر من تمثٌل دور المستهزئ باهلل أو ُكتُابِه أو ُر ُ‬
‫سو ِله صلوات هللا علٌهم ‪.‬‬
‫‪4‬ـ الحزر من ارتكاب المحارم إلظهار صور من ٌتعاطونها ‪ ،‬كمن ٌظهر فً‬
‫صورة السكران ‪ ،‬أو ٌلبس الذهب والحرٌر أو الصلٌب أو ٌدخن ‪.‬‬
‫‪5‬ـ االبتعاد عن إظهار النساء أمام الرجال أو اختالط النساء بالرجال ‪.‬‬
‫‪6‬ـ أن ال ٌكون التمثٌل سببا ً لتبزٌر األموال ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) سورة األنبٌاء ‪ ،‬اآلٌة [‪]63‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫خصابص الوسابل الدعوٌة فً العصر الحدٌث‬
‫إن هنان خصابص ومزاٌا لكل وسٌلة من الوسابل التً تبرز من خاللها أهمٌة تلن‬
‫الوسٌلة وحاجة الدعاة إلٌها ‪ ،‬كما أن هنان خصابص عامة مشتركة لجمٌع أنواع‬
‫الوسابل الدعوٌة فً العصر الحدٌث ‪ ،‬المادٌة منها أو المعنوٌة نتعرض لها فً هذا‬
‫البحث أهمها ما ٌلً ‪:‬‬
‫‪5‬ـ خصٌصة الشرعٌة‪:‬‬
‫ونعنً بها انضباط جمٌع الوسابل الدعوٌة بحكم الشرع فال ٌجوز للداعٌة الخروج‬
‫عن أحكام الشرع فً منهاجه واسالٌبه ووسابله ‪ ،‬الن الدعوة فً حمٌمتها طرٌمة‬
‫تطبٌك الشرٌعة ومنهجها الذي بٌنه هللا عز وجل ‪ ،‬فال ٌصح الخروج علٌه فً أي‬
‫جانب من جوانبه(‪. )1‬‬
‫ولد تحدثنا فً ضوابط مشروعٌة الوسابل عن أن الؽاٌة فً االسالم ال تبرر الوسٌلة‬
‫إال أنه مما ٌنبؽً التنبه فً هذا الموضوع ما ألتبس على بعضهم فً التعبٌر عن هذه‬
‫الخصٌصة الشرعٌة ‪ ،‬فعبر عنها بـ(التولٌفٌة) ‪ ،‬وبنً على ذلن أحكام ؼرٌبة تمنع‬
‫من بعض الوسابل المستجدة فً كل عصر من العصور فً حٌاة الناس وذلن بنا ًء‬
‫على أن الخصٌصة التولٌفٌة تعنً التولؾ وعدم االجتهاد فً االمر وهذا ٌصح فً‬
‫منج العبادة وبعض وسابلها دون البعض ‪.‬‬
‫فإن من الوسابل التعبدٌة ما ٌتطور وٌتجدد كبعض وسابل الطهارة وأشكال إعمار‬
‫المساجد ‪ ،‬ال فً أصل الطهارة وأحكام المساجد وؼٌرها ‪.‬‬
‫لذلن فإن تطور الوسابل وعدم التولٌؾ فٌها من باب أولً كما سٌاتً فً الخصٌصة‬
‫الثانٌة ‪.‬‬
‫‪2‬ـ خصٌصة التطور ‪:‬‬
‫األصل فً الوسابل واالسالٌب التطور والتجدٌد ‪ ،‬تبعا ً لتطور عادات الناس‬
‫وحاجاتهم واعرافهم ‪ ،‬ولتمدم العلوم والفنون ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) المدخل ن مرجع سابك ‪ ،‬ص[‪339‬ـ‪]340‬‬

‫‪56‬‬
‫كما أن األصل فً المبادئ واألهداؾ والمناهج الربانٌة الثبات وعدم التحول تبعا ً‬
‫لكمال هللا عز وجل وعصمة شرابعه وإحاطة علمه ‪.‬‬
‫فإن لكل عصر أسالٌبه ووسابله فً جمٌع نواحً الحٌاة وإن هذه الوسابل المعاصرة‬
‫لد تشترن مع وسابل عصر سابك ولد تختلؾ عنها ‪ ،‬فالداعٌة الحكٌم هو الذي ٌختار‬
‫لكل عصر وسابله المناسبة له والموجود فٌه بما ال ٌخالؾ الشرع ‪.‬‬
‫فعندما فمدت بعض العصور وسٌلة الكتابة والطباعة كانت الوسٌلة المتبعة لدي‬
‫الدعاة من االنبٌاء والمرسلٌن (المشافهة) والمول وعندما ظهرت الكتابة فً حٌاة‬
‫الناس ‪ ،‬استخدمها االنبٌاء والمرسلٌن علٌهم صلوات هللا أجمعٌن ‪ ،‬ونزلت بعض‬
‫الكتب والصحؾ السماوٌة مكتوبة وهكذا ‪.‬‬
‫فكان منهج الرسل علٌهم السالم فً جانب الوسابل استخدام الوسابل المتوفرة فً‬
‫عصرهم ما دامت ال تخالؾ شرعا ً وال خلما ً ‪.‬‬
‫ولمد استخدم النبً ملسو هيلع هللا ىلص وسٌلة النزٌر العرٌان حٌث كان المشركون ٌستخدمون هذه‬
‫الوسٌلة ٌؤتً أحدهم وٌخلع مالبسه وثٌابه التً علٌه وٌصعد الى أعلً جبل وٌنادي‬
‫بؤعلى صوته (واصباحاه) فٌجتمع إلٌه الناس من كل حدب وصوب بؤسرع ما ٌكون‬
‫وٌستمعون ما ٌرٌد أن ٌمول وٌنظرون فً شؤنه فالنبً ملسو هيلع هللا ىلص استخدم هذه الوسٌلة إال أنه‬
‫هذبها ولم ٌخلع مالبسه كما ٌفعلون ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬
‫واستخدم أٌضا ً علٌه الصالة والسالم وسٌلة (المآدب) الدعوة الً الطعام من أجل‬
‫جمع الناس ‪ ،‬وٌبلؽهم ملسو هيلع هللا ىلص دعوته ورسالته(‪. )1‬‬
‫كما استخدم تجمعات االسواق ومواسم الحج وؼٌرها من أجل إٌصال دعوته الً‬
‫الناس وعرضها علٌهم وتبلٌؽهم الرسالة ‪ ،‬الن االسواق كانت تستخدم للتنافس فً‬
‫انشاد الشعر وللبٌع والشراء ‪.‬‬
‫وفً هذا ٌمول الشٌخ أمٌن أحمد اصالحً فً كتابه (إذا ً فال بد أن ٌراعً الداعً‬
‫الحك الطرق المعروفة فً زمانهم حتً تكون دعوته أكثر ولعا وتؤثٌرا فً النفوس‬
‫والملوب فلٌجتمع بالناس كما ٌجتمعون ولٌتحدث إلٌهم كما ٌحبون ‪ ،‬ولٌالحظ فً‬
‫التعرض لهم من الطرق ما ٌتفك وأوضاعهم وطبٌعتهم وأسلوب حٌاتهم ‪ ،‬فلو وطا‬
‫الٌوم أحد بالد أوربا وأمرٌكا ٌنشر فٌها الدعوة لوجب علٌه أن ٌختار من وسابل‬
‫(‪)5‬ـ المدخل ‪ ،‬مرج سابك ‪ ،‬ص[‪]345‬‬

‫‪57‬‬
‫االتصال بالناس واالستبناس بهم وبث آرابه وأفكاره فٌهم ما ٌكون لد راج فً‬
‫حٌاتهم االجتماعٌة والمدنٌة ‪ ،‬فإن تنكر لهذه الوسابل وألح على رفضها فسوؾ‬
‫تذهب جهوده سدي وٌكون سعٌه نفخا ً فً رماد أو صوتا ً فً واد ‪.‬‬
‫وكل ما ٌحتاجه الداعٌة الً هللا فً هذا الصدد هو أن ٌتحاشى من الوسابل المتبعة‬
‫المفضلة لدي الناس عما ٌإدي الى الفساد الخلمً ‪ ...‬وعلً الداعٌة أن ٌتفادى من‬
‫وسابل استمطاب الناس ما ٌحط من شؤن الدعوة أو ٌنال من شخصٌته ومكانته )(‪. )1‬‬
‫‪3‬ـ خصٌصة التكافإ ‪:‬‬
‫ونمصد بها التماثل والموازنة بٌن الوسابل والؽاٌة التً تستعمل من أجلها ‪.‬‬
‫فالوسٌلة الماصرة عن الؽاٌة والضعٌفة ال ٌمكن أن توصل الً الؽاٌة فً الولت‬
‫المناسب ‪ ،‬وال بالكٌفٌة المطلوبة ‪.‬‬
‫وتكافإ كل وسٌلة بحسبها ‪ ،‬وبحسب الؽاٌة المستخدمة من أجلها فاإلعداد الجٌد للعدو‬
‫والعمل على اكتساب الموة المادٌة والمعنوٌة لمماومته مطلوب ‪ ،‬وال ٌكفً فٌه مجرد‬
‫االعداد وإنما ٌجب فٌه بذل الوسع والطالة لتكون الموة مرهبة للعدو ومخٌفة له ‪ ،‬وال‬
‫تكون الوسٌلة مرهبة للعدو إذا لم تكن متكافبة لما عنده من وسابل لوة بل ومتفولة‬
‫علٌه ‪ ،‬ومن هنا جاء أمر هللا عز وجل عباده باإلعداد موضحا ً فٌه هذا المعنً فمال‬
‫عز من لابل {وأعدوا لهم ما استطعتم من لوة ومن رباط الخٌل تإهبون به عدو هللا‬
‫وعدوكم وآخرٌن من دونهم ال تعلموهم هللا ٌعلمهم وما تنفموا من شًء فً سبٌل هللا‬
‫ٌوؾ إلٌكم وأنتم ال تظلمون} ‪.‬‬
‫ومن هنا عمدت الدول الً ما ٌسمً( بسباق التسلٌح ) لترهب كل واحدة األخرى ‪.‬‬
‫فعلى الدعاة واجب كبٌر فً هذا المجال ‪ ،‬وهو سهل وٌسٌر علً من ٌسره هللا علٌه‬
‫إذا فهم هذه الخصٌصة ‪ ،‬ووضع لها خطتها وتوكل علً هللا عز وجل ‪.‬‬
‫ولعل واجب الدعاة فً هذا الجانب ٌتوزع على الفرد وعلى الجماعة كما ٌتوزع‬
‫علً الشعوب المسلمة والدول االسالمٌة ‪.‬‬
‫فالمسإولٌة عامة مشتركة والكل ٌطالب على حسب استطاعته امكانٌاته ولدراته‬
‫وٌحاسب بحسب تمصٌره فً ذلن ؼما ٌمكن أن ٌمدمه الفرد الداعٌة ؼٌر ما ٌمكن أن‬

‫‪1‬‬
‫( ) منهج الدعوة الً هللا ‪ ،‬للشٌخ أمٌن أحمد اصالحً ‪ ،‬ص[‪57‬ـ‪]63‬‬

‫‪58‬‬
‫تمدمه الجماعة والمنظمة وما ٌمكن أن تموم به الدولة المسلمة ؼٌر ما ٌمكن أن تموم‬
‫به الشعوب ‪ ،‬وهللا الموفك والمعٌن ‪ ،‬الً ؼٌر ذلن من خصابص عامة ال تخفً علً‬
‫الدعاة وطلبة العلم ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الخاتمة‬
‫وتشمل النتابج والتوصٌات‬
‫أوال‪ :‬نتابج البحث ‪:‬‬
‫ٌمكن إجمال أهم النتابج التً توصل إلٌها الباحث فً ما ٌلً ‪:‬‬
‫‪5‬ـ أن على كل مسلم علٌه أن ٌساهم فً الدعوة الً هللا تعالى بحسب استطاعته‬
‫وألل ما ٌمدمه المسلم فً هذا الباب الدعاء إلخوانه الدعاة الً هللا ‪.‬‬
‫‪2‬ـ وسابل الدعوة الً هللا متنوعة ومتعددة ومتطورة من كل عصر الى آخر تظهر‬
‫وسابل جدٌدة ‪.‬‬
‫‪3‬ـ إذا كانت الؽاٌة مشروعة ومبتؽاة أو مندوب الٌها فال بد أن تكون الوسٌلة التً‬
‫توصل الً هذه الؽاٌة مشروعة ولٌست محرمة ‪.‬‬
‫‪4‬ـ استخدام االنترنت ووسابل التواصل االجتماعً التً ظهرت حدٌثا ً ٌندرج تحت‬
‫ذلن االصل المهم وهو تطور وسابل الدعوة الً هللا تعالى ‪ ،‬وهً امتداد لوسابل‬
‫دعوٌة سابمة ‪ ،‬ولد أوصً كبار العلماء فً هذا العصر باستخدام هذه الوسابل ولد‬
‫ظهرة ثمار طٌبة لهذا االستخدام بحمد هللا تعالى ‪.‬‬
‫‪5‬ـ امتدت خدمات الشبكة الدولٌة لتشمل مجاالت متعددة فً حٌاة مستخدمٌها ‪ ،‬وكان‬
‫أشرؾ هذه المجاالت الدعوة الى هللا تعالى ‪.‬‬
‫‪6‬ـ ٌمكن إجمال وسابل الدعوة عبر االنترنت فً عدة وسابل أهمها البرٌد‬
‫االلكترونً ‪ ،‬الموابم البرٌدٌة ‪ ،‬المنتدٌات ‪ ،‬الفٌس بون ‪ ،‬الوآتساب ‪ ،‬التوٌتر ‪،‬‬
‫الٌوتٌوب ‪.‬‬
‫‪7‬ـ ٌمكن استخدام البرٌد االلكترونً فً الدعوة الً هللا بصورة متعددة منها فتح‬
‫حسابات برٌدٌة فً الموالع االسالمٌة ‪ ،‬ومراسلة ؼٌر المسلمٌن ودعوتهم الً‬
‫االسالم واستخدام البرٌد للفتوي واستمبال أسبلة المستفتٌٌن فً البرامج التلفزٌونٌة‬
‫واالذاعٌة ‪.‬‬
‫‪8‬ـ ٌمكن للدعاة االحتساب إلكترونٌا ً عبر المنتدٌات وعبر موالع التواصل االجتماعً‬
‫كالفٌس بون والواتساب وؼٌرهما ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪9‬ـ تبٌن ان االسالم ال ٌمر المبدأ المٌكفٌلً وهو أن الؽاٌة تبرر الوسٌلة فالؽاٌة إن‬
‫كانت حمٌدة ال بد أن تكون الوسٌلة الموصلة إلٌها حمٌدة ‪.‬‬
‫علم أن وسابل الدعوة فً العصر الحدٌث من خصابصهما الشرعٌة والتطور‬ ‫‪50‬ـ ُ‬
‫والتكافإ ‪.‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬التوصٌات ‪:‬‬
‫‪5‬ـ ٌوصً الباحث الدعاة الً هللا تعالى باستخدام وسابل الدعوة التً ظهرت الٌوم‬
‫وتسخٌرها فً خدمة الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫‪2‬ـ ٌوصً الباحث من لم ٌجٌد التعامل مع الحاسوب أو الكمبٌوتر بااللتحاق بمراكز‬
‫تعلٌم الكمبٌوتر والحاسوب وعدم االكتفاء بالتجربة الذاتٌة والتعلم عن طرٌك التجربة‬
‫والخطؤ ‪ ،‬الن هذه الطرٌمة تستهلن ولتا طوٌال الولً صرفه فً منافع أخرى ‪.‬‬
‫‪3‬ـ ٌوصً الباحث بضرورة التنبه للمخاطر التً ٌتعرض لها مستخدم االنترنت‬
‫وأهل بٌته وٌمكن تولً هذه المخاطر بوسابل عدة منها إخالص النٌة هلل عز وجل ‪،‬‬
‫ثم تحدٌد الهدؾ من استخدامه ‪ ،‬وتذكر رلابة هللا عز وجل ‪.‬‬
‫‪4‬ـ ٌوصى الباحث الجامعات والكلٌات االسالمٌة بتطوٌر موالعها الشبكٌة‬
‫اإللكترونٌة خدمة لطالبها وأعضاء هٌبة التدرٌس فٌها وللمجتمعات االسالمٌة عامة‪.‬‬
‫‪5‬ـ ٌوصى الباحث الدعاة الً هللا تعالى بالتعرؾ على الجوانب النافعة فً الجواالت‬
‫والهواتؾ الذكٌة مثل لراءة الكتب االلكترونٌة والبرامج الحدٌثٌة النافعة والمكتبات‬
‫االسالمٌة الشاملة ‪.‬‬
‫‪6‬ـ ٌوصى الباحث المتخصصٌن فً علوم الحدٌث الشرٌعة االسالمٌة بالمشاركة فً‬
‫المنتدٌات المتخصصة فً ذلن ‪ ،‬وٌنبؽً أن تكون مشاركتهم بؤسمابهم الصرٌحة الن‬
‫علوم الشرٌعة ال ٌمكن أن تإخذ عن مجاهٌل ال ٌعرفهم الناس ‪.‬‬
‫وأخٌرا ً أحمد هللا على أن وفمنً علً إتمام هذا البحث فما كان فٌه من صواب فمن‬
‫هللا ‘ وما كان فٌه من خطؤ فمن نفسً ومن الشٌطان ‘ والحمد هلل أوالً وأخرا وصلى‬
‫هللا علً نبٌنا دمحم وعلى آله وصحبه أجمعٌن الً ٌوم الدٌن ‪.‬‬

‫‪61‬‬
62

You might also like