Professional Documents
Culture Documents
حديث الرقم 7 صحيح البخارى
حديث الرقم 7 صحيح البخارى
حديث الرقم 7 صحيح البخارى
صحيح البخاري
ﻻ: .ﻗﻠﺖ
ﻻ: .ﻗﻠﺖ
قال :فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ .ﻓﻘﻠﺖ\ :بل ضعفاؤهم قال :أيزيدون أم ينقصون؟ .ﻗﻠﺖ\ :ب\\ل يزي\\دون
قال :فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟
ﻻ: .ﻗﻠﺖ
ﻻ: .ﻗﻠﺖ
قال :فهل يغدر؟ .ﻗﻠﺖ\ :ﻻ \،ونحن\ منه\ في\ مدة\ ﻻ\ ندري\ ما\ هو\ فاعل\ فيها .قال :ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا
غير هذه الكلمة قال :فهل قاتلتموه؟ ﻗﻠﺖ .:ﻧﻌﻢ قال :فكيف كان قتالكم إياه؟ .ﻗﻠﺖ :الحرب بيننا وبينه سجال ،ينال
منا وننال منه قال :ماذا يأمركم؟ ﻗﻠﺖ\ :يقول :اعبدوا ﷲ وحده وﻻ تشركوا ب\ه ش\\يئا ،واترك\\وا م\\ا يق\\ول آب\\اؤكم
.ويأمرنا بالصﻼة والزكاة والصدق والعفاف .والصلة فقال للترجمان :قل له س\ألتك عن نس\به ف\ذكرت أن\ه فيكم
ذو نسب ،فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها .وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن ﻻ ،فقلت :لو كان
أحد قال هذا القول قبله ،لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله .وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن ﻻ ،قلت
:فلو كان من آبائه من ملك ،قلت رجل يطلب ملك أبيه وسألتك :هل كنتم تتهمونه بالكذب قب\\ل أن يق\\ول م\\ا ق\\ال؟
.فذكرت أن ﻻ ،فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على ﷲ وسألتك :أشراف الن\اس اتبع\وه أم
ض\\عفاؤهم؟ .ف\\ذكرت أن ض\\عفاءهم اتبع\\وه ،وهم أتب\\اع الرسل وس\\ألتك :أيزي\\دون أم ينقص\\ون؟ .ف\\ذكرت أنهم
يزيدون ،وكذلك أمر اﻹيمان حتى يتم وسألتك :أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل في\\ه؟ .ف\\ذكرت أن ﻻ ،وك\\ذلك
اﻹيمان حين تخالط بشاش\ته القل\\وب وس\\ألتك :ه\ل يغ\در؟ .ف\ذكرت أن ﻻ ،وك\ذلك الرس\ل ﻻ تغ\در وس\ألتك :بم\ا
يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا ﷲ ،وﻻ تشركوا به شيئا ،وينهاكم عن عبادة اﻷوث\\ان ،وي\\أمركم بالص\\ﻼة
والصدق والعفاف،
.فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم ،فل\\و أني أعلم
أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ،ول\و كنت عن\ده لغس\لت عن .قدمه :ثم دع\ا بكت\اب رس\ول ﷲ -ص\لى ﷲ علي\ه
وسلم -الذي بعث به دحية إلى عظيم بص\رى ،فدفع\\ه إلى هرق\\ل ،فق\رأه ،ف\إذا فيه بس\م ﷲ ال\رحمن ال\رحيم .من
محمد عبد ﷲ ورسوله إلى هرقل عظيم الروم .سﻼم على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية اﻹسﻼم،
أسلم تسلم يؤتك ﷲ أجرك مرتين .فإن توليت فإن عليك إثم اﻷريسيين و )يا أهل الكتاب تع\\الوا إلى كلم\\ة س\\واء
بيننا وبينكم أن ﻻ نعبد إﻻ ﷲ وﻻ نشرك به شيئا وﻻ يتخ\\ذ بعض\نا بعض\\ا أرباب\\ا من دون ﷲ )ف\\إن تول\\وا فقول\\وا
اشهدوا بأنا مسلمون .قال أبو سفيان :فلما قال ما قال ،وفرغ من ق\\راءة الكت\\اب ،ك\\ثر عن\\ده الص\\خب ،وارتفعت
اﻷصوات ،وأخرجنا .فقلت ﻷصحابي حين أخرجنا :لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ،إنه يخافه ملك ب\ني اﻷص\فر .فم\\ا
زلت موقن\ا أن\\ه س\يظهر ح\تى أدخ\ل ﷲ علي اﻹس\\ﻼم وك\ان ابن الن\\اظور -ص\\احب إيلي\اء وهرق\\ل -س\قفا على
نصارى الشأم ،يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء ،أصبح يوم\ا خ\بيث .النفس ،فق\\ال بعض بطارقت\ه :ق\\د اس\تنكرنا
هيئتك قال ابن الناظور :وكان هرقل حزاء ينظر في النجوم ،فقال لهم حين سألوه :إني رأيت الليل\\ة حين نظ\\رت
في النجوم ملك الختان قد ظهر ،فمن يختتن من هذه اﻷمة؟ .قالوا :ليس يختتن إﻻ اليه\\ود ،فﻼ يهمن\\ك ش\\أنهم،
واكتب إلى مدائن ملك\\ك فيقتل\\وا من فيهم من اليه\\ود.-فبينم\\ا هم على أم\رهم ،أتي هرق\\ل برج\\ل أرس\\ل ب\ه مل\\ك
غسان ،يخبر عن خبر رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم فلما استخبره هرقل قال :اذهبوا ف\\انظروا أمختتن ه\\و أم
ﻻ؟ .فنظروا إليه ،فحدثوه أنه مختتن ،وسأله عن العرب فقال :هم يختتنون .فقال هرقل :هذا ملك ه\ذه اﻷم\ة ق\د
ظهر .ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية ،وكان نظيره في العلم وسار هرقل إلى حمص ،فلم ي\\رم حمص ح\\تى
أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -وأنه نبي .فأذن هرق\\ل لعظم\\اء
ال\\روم في دس\\كرة ل\\ه بحمص ،ثم أم\\ر بأبوابه\\ا فغلقت ،ثم اطل\\ع فق\\ال :ي\\ا معش\\ر ال\\روم ،ه\\ل لكم في الفﻼح
والرشد ،وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟ .فحاصوا حيص\\ة حم\\ر ال\\وحش إلى اﻷب\\واب فوج\\دوها ق\\د غلقت،
فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من اﻹيمان قال :ردوهم علي .وقال :إني قلت مقالتي آنف\\ا أخت\\بر به\\ا ش\\دتكم على
دينكم ،فقد رأيت .فسجدوا له ورضوا عنه ،فكان ذلك آخر ش\\أن هرقل .رواه ص\\الح بن كيس\\ان وي\\ونس ومعم\\ر
عن الزهري
قوله) :قال حدثنا أبو اليمان (في رواية اﻷصيلي وكريمة :حدثنا الحكم بن نافع ،وه\\و ه\\و ،أخبرن\\ا ش\\عيب :ه\\و
ابن أبي .حمزة دينار الحمصي ،وهو من أثبات أصحاب الزهري .قوله) :أن أبا سفيان (ه\\و ص\\خر بن ح\\رب بن
أمية بن عبد شمس بن عبد مناف قوله) :هرقل (هو ملك الروم ،وهرقل :اسمه ،وه\\و بكس\\ر اله\\اء وفتح ال\\راء
وسكون الق\اف ،ولقب\ه قيص\ر ،كم\ا يلقب ﻣﻠﻚ .الف\رس :كس\رى ونح\وه .قوله) :في ركب (جم\ع راكب كص\حب
وصاحب ،وهم :أولو اﻹبل ،العشرة فما فوقها والمعنى :أرسل إلى أبي سفيان حال كونه في جملة ال\\ركب ،وذاك
ﻷنه\ كان\ كبيرهم\ فلهذا\ خصه \،وكان\ عدد\ الركب\ ثﻼثين\ .رجﻼ ،رواه الحاكم في اﻹكليل وﻻبن السكن :نحو من
عشرين ،وسمي منهم المغيرة بن شعبة في مصنف ابن أبي ش\يبة بس\\ند مرس\\ل ،وفي\\ه نظ\\ر ،ﻷن\\ه .ك\\ان إذ ذاك
مسلما .ويحتمل أن يكون رجع حينئذ إلى قيصر ثم قدم المدينة مسلما وقد وقع ذكره أيضا في أثر آخ\ر في كت\اب
السير ﻷبي إسحاق الفزاري ،وكتاب اﻷموال ﻷبي عبيد من طريق سعيد بن المسيب قال :كتب رس\ول ﷲ -ص\لى
ﷲ عليه وسلم\ -إلى كسرى وقيصر ..الحديث .وفيه :فلما قرأ قيصر الكتاب قال :هذا كتاب لم أسمع بمثله.-ودعا
أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة وكان\ا ت\اجرين هن\اك ،فس\أل عن أم\ر رس\ول ﷲ -ص\لى ﷲ علي\ه وس\لم
قوله) :وكانوا تجارا (بضم التاء وتش\\ديد الجيم ،أو كس\\رها والتخفي\\ف ،جم\\ع ت\\اجر) )1/34.قوله) :في الم\\دة
(يعني مدة الصلح بالحديبية ،وسيأتي شرحها في المغازي ،وكانت في سنة ست ،وكانت مدتها عشر س\\نين كم\\ا
في السيرة ،وأخرجه أبو داود من حديث ابن عمر ،وﻷبي نعيم في مسند عبد ﷲ ابن دين\\ار :ك\\انت أرب\\ع س\\نين،
.وك\\ذا أخرج\\ه الح\\اكم في ال\\بيوع من المس\\تدرك ،واﻷول أش\\هر .لكنهم نقض\\وا ،فغ\\زاهم س\\نة ثم\\ان وفتح مكة
.وكفار قريش بالنص\ب مفع\ول معه قوله) :ف\أتوه (تق\ديره :أرس\ل إليهم في طلب إتي\ان ال\ركب ،فج\اء الرس\ول
يطلب إتيانهم فأتوه ،كقوله تعالى) :فقلنا اضرب .بعصاك الحج\\ر ف\\انفجرت (أي :فض\\رب ف\\انفجرت .ووق\\ع عن\\د
المؤلف في الجهاد أن الرسول وجدهم ببعض الشام .وفي رواية ﻷبي نعيم في الدﻻئل تعيين الموضع وه\\و غ\\زة
.قال :وكانت وجه متجرهم وكذا رواه ابن إسحاق في المغازي عن الزهري ،وزاد في أول\\ه عن أبي س\\فيان ق\\ال
:كنا قوما تجارا ،وكانت الحرب قد حصبتنا ،فلم\\ا ك\\انت الهدن\\ة خ\\رجت ت\اجرا إلى الش\\ام م\\ع ره\\ط من ق\\ريش،
فوﷲ ما علمت بمكة امرأة وﻻ رجﻼ إﻻ وقد .ﺣﻤﻠﻨﻲ ﺑﻀﺎﻋﺔ .فذكره .وفيه :فق\ال هرق\ل لص\احب ش\رطته :قلب
الشام ظهرا لبطن حتى تأتي برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه .فوﷲ إني وأصحابي بغزة ،إذ هجم علينا فساقنا
جميعا قوله) :بإيلياء (بهمزة مكسورة بعدها ياء أخيرة ساكنة ،ثم ﻻم مكسورة ثم ي\\اء أخ\\يرة ثم أل\\ف مهم\\وزة،
وحكى البكري فيها القصر ،ويقال لها أيضا إليا بحذف الياء اﻷولى وسكون الﻼم حكاه البك\\ري ،وحكى الن\\ووي
مثله لكن بتقديم الياء على .الﻼم واستغربه ،قيل :معناه بيت ﷲ .وفي الجهاد عند المؤلف :أن هرقل لما كش\\ف
ﷲ\ عنه\ جنود\ فارس \،مشى\ من\ حمص\ إلى\ إيلياء\ شكرا\ زاد\ ابن\ إسحاق\ عن\ الزهري\ :أنه كان تبسط له البسط
وتوضع عليها الرياحين فيمشي عليها ،ونحوه ﻷحمد من حديث .ابن أخي الزهري عن عمه وكان سبب ذلك م\\ا
رواه الطبري وابن عبد الحكم من طرق متعاضدة ملخصها :أن كسرى أغزى جيشه بﻼد هرقل ،فخرب\\وا كث\\يرا
من بﻼده ،ثم استبطأ كسرى أميره فأراد قتله وتولية غيره ،فاطلع أميره على ذلك فباطن هرقل ،واصطلح .معه
على كسرى وانه\زم عن\ه بجن\\ود ف\ارس ،فمش\ى هرق\ل إلى بيت المق\دس ش\كرا تع\\الى على ذلك .واس\م اﻷم\ير
المذكور :شهر براز ،واسم الغير الذي أراد كسرى تأميره فرحان قوله) :فدعاهم في مجلسه (أي :في حال كونه
في مجلس\\\ه ،وللمص\\\نف في الجه\\\اد "فأدخلن\\\ا علي\\\ه ،ف\\\إذا ه\\\و ج\\\الس في ".مجلس ملك\\\ه وعلي\\\ه الت\\\اج
.قوله) :وحوله (بالنص\ب ﻷن\\ه ظ\رف مك\ان .قوله) :ﻋﻈﻤﺎء\ (جم\\ع عظيم وﻻبن الس\كن :فأدخلن\\ا علي\ه وعن\ده
بطارقته والقسيسون والرهبان والروم من ولد عيص بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم\\ا الس\\ﻼم -على الص\\حيح،
ودخل فيهم طوائف من العرب من تنوخ وبهراء وسليح وغيرهم من غسان ك\\انوا س\\كانا بالش\\ام. ،فلم\\ا أجﻼهم
المسلمون عنها دخلوا بﻼد الروم ،فاستوطنوها فاختلطت أنسابهم
قوله) :ثم دع\\اهم ودع\\ا ترجمان\\ه (وللمس\\تملي "بالترجم\\ان "مقتض\\اه :أن\\ه أم\\ر بإحض\\ارهم ،فلم\\ا حض\\روا
استدناهم ﻷنه .ذكر أنه دعاهم ثم دعاهم فينزل على هذا ،ولم يقع تكرار ذلك إﻻ في هذه الرواية والترجمان بفتح
التاء المثناة وضم الجيم ورجحه النووي في شرح مسلم ،ويجوز ضم الت\\اء اتباع\\ا ،ويج\وز فتح الجيم م\\ع .فتح
أوله حكاه الجوهري ،ولم يصرحوا بالرابعة وهي ضم أوله وفتح الجيم وفي رواية اﻷصيلي وغ\يره "بترجمان\ه
"يع\\ني :أرس\\ل إلي\\ه رس\\وﻻ أحض\\ره ص\\حبته ،والترجم\\ان المع\\بر عن لغ\\ة بلغ\\ة ،وه\\و مع\\رب وقي\\ل .:ﻋﺮﺑﻲ
.قوله) :فقال :أيكم أقرب نسبا (أي قال الترجمان على لس\ان هرقل .قوله) :به\ذا الرج\ل (زاد ابن الس\كن :ال\ذي
خرج بأرض العرب يزعم أنه نبي .قوله) :قلت أن\\ا أق\\ربهم نس\\با (في رواي\\ة ابن الس\\كن :فق\\الوا ه\\ذا أقربن\\ا ب\\ه
نسبا ،هو ابن عمه أخي أبيه وإنما كان أبو سفيان أقرب ﻷنه من بني عبد مناف ،وقد أوض\\ح ذل\\ك المص\\نف في
الجهاد بقوله :قال ما قرابتك منه؟ قلت . :هو ابن عمي .قال أبو سفيان :ولم يكن في الركب من بني عب\\د من\\اف
غيري ا هـ وعبد مناف اﻷب الرابع للنبي -صلى ﷲ عليه وس\\لم -وك\\ذا ﻷبي س\فيان ،وأطل\\ق علي\\ه ابن عم ﻷن\\ه
نزل كﻼ منهما منزلة
))1/35جده،
فعبد المطلب بن هاشم بن عب\\د من\اف ابن عم أمي\\ة بن عب\د ش\\مس بن عب\\د من\اف ،وعلى ه\\ذا ففيم\ا أطل\\ق في
رواية ابن السكن تجوز ،وإنم\\ا خص هرق\\ل اﻷق\\رب ﻷن\ه أح\\رى ب\\اﻻطﻼع على أم\\وره ظ\\اهرا وباطن\\ا أك\ثر من
غيره ،وﻷن اﻷبعد ﻻ يؤمن أن يقدح في نسبه بخﻼف اﻷقرب ،وظهر ذلك في سؤاله بعد ذلك :كي\\ف نس\\به فيكم؟
وقوله " :بهذا الرجل "ﺿﻤﻦ .أقرب معنى أوصل فعداه بالباء ،ووقع في رواية مسلم " :من هذا الرجل "وهو
على اﻷصل ".وقوله " :الذي يزعم "في رواية ابن إسحاق عن الزهري "يدعي .وزعم :قال الجوهري بمع\\نى
قال ،وحكاه أيضا ثعلب وجماعة كما سيأتي في قصة ضمام في كتاب العلم .ﻗﻠﺖ\ :وهو كثير ويأتي موضع الشك
غالبا .قوله) :فاجعلوهم عند ظهره (أي :لئﻼ يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب ،وقد صرح بذلك الواق\\دي
.وقوله " :إن كذبني "بتخفيف الذال أي :إن نقل إلي الكذب .قوله) :قال (أي :أب\\و س\\فيان .وس\\قط لف\\ظ ق\\ال من
رواية كريمة وأبي الوقت فأشكل ظاهره ،وبإثباتها يزول اﻹشكال .قوله) :ف\وﷲ ل\وﻻ الحي\اء من أن ي\أثروا (أي
:ينقلوا علي الكذب لكذبت عليه .ولﻸصيلي عنه أي :عن اﻹخبار بحاله .وفيه دلي\\ل على أنهم ك\\انوا يس\\تقبحون
الكذب إما باﻷخذ عن الشرع السابق ،أو بالعرف وفي قوله :يأثروا دون قوله يكذبوا ،دلي\\ل على أن\\ه ك\\ان واثق\\ا
منهم بعدم التكذيب أن لو كذب ﻻشتراكهم معه في عداوة النبي -صلى ﷲ عليه وسلم ،-لكنه ت\\رك ذل\\ك اس\\تحياء
وأنفة من أن يتحدثوا بذلك بعد أن يرجعوا فيصير عند سامعي ذلك .كذابا وفي رواية ابن إسحاق التصريح ب\\ذلك
ولفظه "فوﷲ لو قد كذبت ما ردوا علي" ،ولكني كنت امرءا سيدا أتك\\رم عن .الك\\ذب ،وعلمت أن أيس\\ر م\\ا في
ذلك إن أنا كذبته أن يحفظوا ذلك عني ثم يتحدثوا ب\ه ،فلم أكذبه .وزاد ابن إس\حاق في روايت\ه :ق\\ال أب\\و س\فيان
فوﷲ ما رأيت من رجل قط كان أدهى من ذلك اﻷقلف ،يعﻨﻲ :هرقل .قوله) :كان أول (هو بالنصب على الخ\\بر،
وبه جاءت الرواية ،ويج\\وز رفع\\ه على اﻻس\\مية .قوله) :كي\\ف نس\\به فيكم؟ (أي :م\\ا ح\\ال نس\\به فيكم ،أه\\و من
أشرافكم أم ﻻ؟ فقال :هو فينا ذو نسب .ف\\التنوين في\\ه للتعظيم ،وأش\\كل ه\\ذا على بعض الش\\ارحين ،وه\\ذا وجهه
قوله) :فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ (وللكش\\ميهني واﻷص\\يلي ب\\دل قبل\\ه "مثل\\ه "فقول\\ه :منكم أي من
قومكم .يعني قريش\\ا أو الع\\رب .ويس\\تفاد من\\ه أن الش\\فاهي يعم ،ﻷن\\ه لم ي\\رد المخ\\اطبين فقط وك\\ذا قول\\ه :فه\\ل
قاتلتموه؟ وقوله :بماذا يأمركم؟ واستعمل قط بغير أداة النفي وهو نادر ،ومنه قول عمر " :صلينا أك\\ثر .م\\ا كن\\ا
قط وآمنه ركعتين "ويحتمل أن يقال :إن النفي مضمن فيه كأنه قال :هل قال هذا الق\\ول أح\\د أو لم يقل\\ه أح\\د قط
قوله) :فهل كان من آبائه ملك؟ (ولكريمة واﻷصيلي وأبي الوقت بزيادة "ﻣﻦ "الجارة ،وﻻبن عساكر بفتح من،
ومل\\ك .فع\\ل م\\اض ،والج\\ارة أرجح لس\\قوطها من رواي\\ة أبي ذر ،والمع\\نى في الثﻼث\\ة واحد قوله) :فأش\\راف
الناس اتبعوه (فيه إسقاط همزة اﻻس\تفهام وه\و قلي\ل ،وق\د ثبت للمص\نف في التفس\ير ولفظ\ه :أيتبع\ه أش\راف
الن\\اس؟ والم\\راد باﻷش\\راف هن\\ا أه\\ل النخ\\وة والتك\\بر منهم ،ﻻ ك\\ل ش\\ريف ،ح\\تى ﻻ ي\\رد مث\\ل أبي بك\\ر وعم\\ر
وأمثالهما .ممن أسلم قبل هذا السؤال .ووقع في رواية ابن إس\\حاق :تبع\\ه من\\ا الض\\عفاء والمس\\اكين ،فأم\\ا ذوو
اﻷنساب والش\رف فم\ا =تبع\ه منهم أحد .وه\و محم\ول على اﻷك\ثر اﻷغلب .قوله) :ﺳﺨﻄﺔ (بض\م أول\ه وفتحه
.وأخرج بهذا من ارتد مكرها ،أو ﻻ لسخط لدين اﻹسﻼم بل لرغبة في غيره كحظ نفساني ،كما وقع لعبيد ﷲ بن
جحش
قوله) :هل كنتم تتهمونه بالكذب؟ (أي :على الناس ،وإنم\\ا ع\\دل إلى الس\\ؤال عن التهم\\ة عن الس\\ؤال عن نفس
الكذب. ،تقريرا لهم على صدقه ،ﻷن التهمة إذا انتفت انتفى سببها ،ولهذا عقب\\ه بالس\\ؤال عن الغ\\در قوله) :ولم
تمكني كلمة أدخل فيها شيئا (أي :أنتقصه به ،على أن التنقيص هنا أمر نسبي ،وذلك أن من يقط\\ع بع\\دم غ\\دره
أرفع رتبة ممن يجوز وقوع ذلك منه في الجملة ،وقد كان معروفا عندهم باﻻس\\تقراء من عادت\\ه أن\\ه ﻻ يغ\\در) .
)1/36ولما كان اﻷمر مغيبا -ﻷنه مستقبل -أمن أبو سفيان أن ينسب في ذلك إلى الكذب ،ولهذا أورده بالتردد،
ومن ثم لم يعرج .هرقل على هذا القدر منه ".وقد صرح ابن إسحاق في روايته عن الزهري بذلك بقوله " :قال
فوﷲ ما التفت إليها مني ووقع في رواية أبي اﻷسود عن عروة مرسﻼ "\ :خرج أبو سفيان إلى الشام -ف\\ذكر
الحديث ،إلى أن قال -فقال أبو .سفيان :هو ساحر كذاب فقال هرقل :إني ﻻ أريد ش\تمه ،ولكن كي\ف نس\به -إلى
أن قال -فهل يغدر إذا عاهد؟ .قال :ﻻ \،إﻻ\ أن\ يغدر\ في\ هدنته\ هذه فقال :وما يخاف من هذه؟ .فقال :إن قومي
أمدوا حلفاءهم على حلفائه ".قال :إن كنتم بدأتم فأنتم أغدر .قوله) :س\\جال (بكس\\ر أول\\ه ،أي :ن\\وب ،والس\\جل
:الدلو ،والحرب :اسم جنس ،ولهذا جعل خبره اسم جمع .وينال أي :يصيب ،فكأنه ش\\به المح\\اربين بالمس\\تقيين
:يستقي هذا دلوا وهذا دلوا وأشار أبو سفيان بذلك إلى ما وق\\ع بينهم في غ\\زوة ب\\در وغ\\زوة أح\\د ،وق\\د ص\\رح
بذلك أبو سفيان يوم أحد في قوله " :يوم بيوم بدر ،والحرب سجال "ولم يرد عليه النبي -صلى ﷲ عليه وس\\لم
-ذلك بل نطق النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ .حديث أوس بن حذيفة الثقفي لما كان يح\\دث وف\\د ثقي\\ف،
أخرجه ابن ماجة وغيره ووقع في مرسل عروة "قال أبو سفيان :غلبنا مرة ي\\وم ب\\در وأن\\ا غ\\ائب ،ثم غ\\زوتهم
في بيوتهم ببقر البطون وجدع اﻵذان " .وأشار بذلك إلى يوم أحد .قوله) :بماذا يأمركم (؟ يدل على أن الرس\\ول
من شأنه أن يأمر قومه قوله) :يقول اعبدوا ﷲ وحده (فيه أن لﻸمر صيغة معروفة ،ﻷنه أتى بقوله " :اعب\\دوا
ﷲ\ "في جواب ما يأمركم ،وه\و من أحس\\ن اﻷدل\ة في ه\ذه المس\ألة ،ﻷن أب\ا س\\فيان من أه\\ل اللس\ان ،وك\\ذلك
الراوي عنه ابن عباس ،بل هو من أفصحهم .وق\\د رواه عن\\ه مق\\را له .قوله) :وﻻ تش\\ركوا ب\\ه ش\\يئا (س\\قط من
رواية المستملي الواو فيكون تأكيدا لقوله وحده قوله) :واتركوا ما يقول آباؤكم (هي كلمة جامعة لترك ما كانوا
عليه في الجاهلية ،وإنما ذكر اﻵباء تنبيها على عذرهم .في مخ\\الفتهم ل\\ه ،ﻷن اﻵب\\اء ق\\دوة عن\\د الف\\ريقين ،أي
عبدة اﻷوثان والنص\\ارى قوله) :ويأمرن\\ا بالص\\ﻼة والص\\دق (وللمص\\نف في رواي\\ة "الص\\دقة "ب\\دل الص\\دق،
ورجحها شيخنا شيخ اﻹسﻼم ،ويقويها رواية المؤلف في التفسير "الزكاة "واقتران الصﻼة بالزكاة معتاد في
الشرع ،ويرجحها أيضا ما تقدم من أنهم كانوا .يستقبحون الكذب فذكر ما لم يألفوه أولى ﻗﻠﺖ :وفي الجملة ليس
اﻷمر بذلك ممتنعا كما في أمرهم بوفاء العهد وأداء اﻷمانة ،وقد كانا من مألوف عقﻼئهم ،وقد ثبتا عند المؤلف
في الجهاد من رواية أبي ذر عن شيخه الكش\\ميهني والسرخس\\ي ،ق\\ال " :بالص\\ﻼة والص\\دق والص\\دقة "وفي
قوله :يأمرنا بعد قوله يقول اعبدوا ﷲ إشارة إلى أن المغايرة بين اﻷمرين لما يترتب على مخالفهما ،إذ مخ\الف
اﻷول .كافر ،والثاني ممن قبل اﻷول عاص قوله) :فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها (الظ\اهر أن إخب\ار هرق\\ل
بذلك بالجزم ك\ان عن العلم المق\رر عن\ده في الكتب .الس\\الفة قوله) :لقلت رج\\ل تأس\ى بق\\ول (ك\ذا للكش\ميهني،
ولغيره "يتأسى "بتقديم الياء المثناة من تحت ،وإنما لم يقل هرقل " :ﻓﻘﻠﺖ "إﻻ في هذا وفي قوله " :هل كان
من آبائ\\ه من مل\\ك "ﻷن\ هذين\ المقامين\ مقام\ فكر\ ونظر \،بخﻼف\ غيرهما\ من \ .اﻷس\\ئلة فإنه\\ا مق\\ام نقل
.قوله) :فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه (هو بمعنى قول أبي سفيان ضعفاؤهم ،ومثل ذلك يتسامح به ﻻتحاد المع\\نى
وقول هرقل " :وهم أتباع الرسل "معن\اه :أن أتب\اع الرس\ل في الغ\الب أه\ل اﻻس\تكانة ﻻ أه\ل اﻻس\تكبار ال\ذين
أص\\روا على .الش\\قاق بغي\\ا وحس\\دا ،ك\\أبي جه\\ل وأش\\ياعه ،إلى أن أهلكهم ﷲ تع\\الى ،وأنق\\ذ بع\\د حين من أراد
سعادته منهم قوله )وكذلك اﻹيمان (أي :أمر اﻹيمان ،ﻷن\ه يظه\\ر ن\ورا ،ثم ﻻ ي\زال في زي\ادة ح\تى يتم ب\اﻷمور
المعتبرة فيه من صﻼة وزكاة وصيام وغيرها ،ولهذا نزلت في آخر سني النبي -صلى ﷲ عليه وسلم : )-الي\\وم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم ﻧﻌﻤﺘﻲ (ومنه) :ويأبى ﷲ إﻻ أن يتم نوره (وك\\ذا ج\\رى ﻷتب\\اع الن\\بي -ص\\لى ﷲ
عليه وسلم: -لم يزالوا في زي\ادة ح\تى كم\ل .بهم م\ا أراد ﷲ من إظه\ار دين\ه وتم\ام نعمت\ه ،فل\ه الحم\د والمنة
) .قوله) :حين يخالط بشاشة القلوب كذا روي بالنصب على المفعولية والقلوب مضاف إليه ،أي :يخالط اﻹيمان
انشراح الصدور ،وروي " :بشاشة القلوب " بالضم والقلوب مفعول ،أي يخال\\ط بشاش\\ة اﻹيم\\ان وه\\و ش\\رحه
القلوب التي يدخل فيها) . )1/37.زاد المصنف في اﻹيمان " :ﻻ يسخطه أحد "كما تقدم
".وزاد ابن السكن في روايته في معجم الصحابة " :يزداد به عجبا وفرحا ".وفي رواية ابن إسحاق " :وكذلك
حﻼوة اﻹيمان ﻻ تدخل قلبا فتخرج منه .قوله) :وكذلك الرسل ﻻ تغدر (ﻷنها\ ﻻ\ تطلب\ حظ\ الدنيا\ الذي\ ﻻ\ يبالي
طالبه بالغدر ،بخﻼف من طلب اﻵخرة .ولم يعرج هرقل على الدسيسة التي دسها أبو سفيان كما تقدم وسقط من
هذه الرواية إي\راد تق\دير الس\ؤال العاش\ر وال\ذي بع\\ده وجواب\ه ،وق\د ثبت الجمي\\ع في رواي\\ة المؤل\ف ال\\تي في
.الجهاد وسيأتي الكﻼم عليه ثم ،إن شاء ﷲ تعالى فائ\\دة ( :ق\\ال الم\\ازني ه\\ذه اﻷش\\ياء ال\تي س\\أل عنه\\ا هرق\\ل
ليست قاطعة على النبوة ،إﻻ أنه يحتمل أنها كانت عنده عﻼمات ( .على هذا النبي بعينه ﻷن\\ه ق\\ال بع\\د ذل\\ك :ق\\د
كنت أعلم أنه خارج ،ولم أكن أظن أنه منكم .وما أورده احتماﻻ جزم به ابن بط\\ال؛ وه\\و ظ\\اهر .قوله) :ف\\ذكرت
أنه يأمركم (ذكر ذلك باﻻقتضاء ،ﻷنه ليس في كﻼم أبي س\\فيان ذك\\ر اﻷم\\ر ب\\ل ص\\يغته وقول\\ه " :وينه\\اكم عن
عبادة اﻷوثان "مستفاد من قوله " :وﻻ تشركوا به شيئا ،واتركوا ما يقول آباؤكم "ﻷن\ مقولهم\ .اﻷم\\ر بعب\\ادة
اﻷوثان .قوله) :أخلص (بضم الﻼم أي :أصل ،يقال خلص إلى كذا أي وصل .قوله) :ﻟﺘﺠﺸﻤﺖ\ (ب\\الجيم والش\\ين
المعجمة ،أي :تكلفت الوصول إليه وهذا يدل على أنه ك\\ان يتحق\\ق أن\ه ﻻ يس\لم من القت\\ل إن ه\اجر إلى الن\بي -
صلى ﷲ عليه وسلم ،-واستفاد ذلك بالتجربة كما .في قصة ضغاطر الذي أظهر لهم إسﻼمه فقتل\\وه وللط\\براني
من طريق ضعيف عن عبد ﷲ بن ش\\داد عن دحي\\ة في ه\\ذه القص\\ة مختص\\را ،فق\\ال قيص\\ر :أع\\رف أن\\ه ك\\ذلك،
.ولكن ﻻ أستطيع أن أفعل ،إن فعلت ذهب ملكي وقتلني الروم وفي مرسل ابن إسحاق بعض أه\\ل العلم أن هرق\\ل
قال :ويحك ،وﷲ إني ﻷعلم أنه نبي مرسل ،ولكني أخاف ال\\روم على .نفس\\ي ،ول\\وﻻ ذل\\ك ﻻتبعته لكن ل\\و تفطن
هرقل لقوله -صلى ﷲ عليه وسلم -في الكتاب الذي أرسل إليه "أس\\لم تس\\لم "وحم\\ل الج\\زاء على عموم\\ه .في
الدنيا واﻵخرة ،لسلم لو أسلم من كل ما يخافه .ولكن التوفيق بيد ﷲ تعالى .قوله " :لغسلت عن قدميه "مبالغ\\ة
في العبودية له والخدمة زاد عبد ﷲ بن شداد عن أبي سفيان " :لو علمت أنه هو لمشيت إليه حتى أقب\ل رأس\ه
وأغسل قدميه "وهي تدل على .أنه كان بقي عنده بعض شك وزاد فيها " :ولقد رأيت جبهت\ه تتح\\ادر عرق\\ا من
كرب الصحيفة "يعني :لما قرئ عليه كتاب النبي -صلى ﷲ عليه .-وسلم وفي اقتصاره على ذكر غسل الق\\دمين
إشارة منه إلى أنه ﻻ يطلب منه -إذا وصل إلي\ه س\\الما -ﻻ\ وﻻية\ وﻻ\ منصبا \،وإنما\ .يطلب م\ا تحص\\ل ل\ه ب\ه
البركة .وقوله " :وليبلغن ملكه ما تحت قدمي "أي :بيت المقدس ،وكنى ب\\ذلك ﻷن\\ه موض\\ع اس\\تقراره .أو أراد
الشام كله ﻷن دار مملكته كانت حمص ومما يقوى أن هرقل آثر ملكه على اﻹيم\\ان واس\\تمر على الض\\ﻼل ،أن\\ه
حارب المسلمين في غزوة مؤت\ة س\نة ثم\\ان بع\د ه\\ذه القص\\ة ب\دون الس\نتين ،ففي مغ\\ازي ابن إس\حاق :وبل\\غ
المسلمين لما نزلوا معان من أرض الشام ،أن هرقل نزل في مائة .ألف من المشركين ،فحكى كيفية الوقعة وكذا
روى ابن حبان في صحيحه عن أنس أن النبي -صلى ﷲ عليه وس\\لم -كتب إلي\\ه أيض\\ا من تب\\وك ي\\دعوه ،وأن\\ه
قارب .اﻹجابة ،ولم يجب فدل ظاهر ذلك على استمراره على الكفر ،لكن يحتمل مع ذلك أنه ك\\ان يض\\مر اﻹيم\\ان
ويفعل هذه المعاص\ي مراع\اة لملك\ه .وخوف\ا من أن يقتل\ه قومه .إﻻ أن في مس\ند أحم\د أن\ه كتب من تب\وك إلى
النبي -صلى ﷲ عليه وسلم: -إني مسلم .فقال النبي -صلى ﷲ عليه وسلم: -كذب ،بل ه\\و على نص\\رانيته .وفي
كتاب اﻷموال ﻷبي عبيد بسند صحيح من مرسل بكر عبد ﷲ المزني نح\\وه ،ولفظ\\ه فق\\ال :ك\\ذب ع\\دو ﷲ ،ليس
بمسلم فعلى هذا إطﻼق صاحب اﻻستيعاب أنه آمن -أي أظهر التصديق -لكنه لم يستمر عليه ويعمل بمقتض\\اه،
بل شح بملكه .وآثر الفانية على الباقية .وﷲ الموفق .قوله) :ثم دعا (أي :من وك\ل ذل\ك إلي\ه ،وله\ذا ع\دى إلى
الكتاب بالباء
قوله) :دحية (بكسر الدال ،وحكى فتحها لغت\ان ،ويق\\ال إن\ه ال\\رئيس بلغ\ة أه\\ل اليمن ،وه\و ابن خليف\ة الكل\\بي،
صحابي جليل كان أحسن الناس وجها ،وأسلم قديما ،وبعثه النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -في آخر سنة ست بع\\د
أن رجع من الحديبية .بكتابه إلى هرقل ،وكان وصوله إلى هرقل في المحرم سنة سبع ،قال\\ه الواق\\دي ووق\\ع في
تاريخ خليفة أن إرسال الكتاب إلى هرقل كان سنة خمس ،واﻷول أثبت ،بل هذا غلط لتصريح أبي سفيان بأن
.ذلك كان في مدة الهدنة ،والهدنة كانت في آخر سنة ست اتفاقا ،ومات دحية في خﻼفة معاوية .وبص\\ري بض\\م
أوله والقصر مدينة بين المدينة ودمشق ،وقيل هي حوران ،وعظيمها ه\\و الح\\ارث بن أبي ش\\مر الغس\\اني وفي
الصحابة ﻻبن السكن أنه أرسل بكتاب النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -إلى هرقل مع عدي بن حاتم ،وك\\ان ع\\دي إذ
ذاك .نصرانيا ،فوصل به هو ودحية معا ،وكانت وف\\اة الح\\ارث الم\\ذكور ع\\ام الفتح .قوله) :ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ (في\\ه أن
السنة أن يبدأ الكتاب بنفسه ،وهو قول الجمهور ،بل حكى فيه النحاس إجم\\اع الص\\حابة .والح\\ق إثب\\ات الخﻼف
وفيه أن "ﻣﻦ "التي ﻻبتداء الغاية تأتي من غير الزمان والمكان كذا قاله أبو حيان ،والظاهر أنها هن\\ا أيض\\ا لم
تخرج .عن ذلك ،لكن بارتكاب مجاز .زاد في حديث دحية :وعنده ابن أخ له أحمر أزرق سبط الرأس .وفيه :لم\\ا
قرأ الكتاب سخر فقال :ﻻ تقرأه ،إنه بدأ بنفسه .فقال قيصر :لتقرأنه .فقرأه وقد ذكر البزار في مسنده عن دحية
الكلبي أن\ه ه\و ن\اول الكت\اب لقيص\ر ،ولفظ\ه "بعث\ني رس\ول ﷲ -ص\لى ﷲ علي\ه وس\لم "-.بكتاب\ه إلى قيص\ر
فأعطيته الكتاب قوله) :عظيم الروم (فيه عدول عن ذكره بالملك أو اﻹمرة ،ﻷنه معزول بحكم اﻹس\ﻼم ،لكن\ه لم
يخل\\ه من إك\\رام لمص\\لحة .الت\\ألف .وفي ح\\ديث دحي\\ة أن ابن أخي قيص\\ر أنك\\ر أيض\\ا كون\\ه لم يق\\ل مل\\ك ال\\روم
.قوله) :سﻼم على من اتبع اله\\دى (في رواي\\ة المص\\نف في اﻻس\تئذان "الس\\ﻼم "ب\\التعريف .وق\\د ذك\\رت في
قصة موسى وهارون مع فرعون .وظاهر السياق يدل على أنه من جملة ما أمرا ب\\ه أن يق\\وﻻه ف\\إن قي\\ل :كي\\ف
يبدأ الكافر بالسﻼم؟ فالجواب أن المفسرين قالوا :ليس الم\راد من ه\ذا التحي\ة ،إنم\ا معن\اه س\لم من ع\ذاب ﷲ
.من أسلم .ولهذا جاء بعده أن العذاب على من كذب وتولى ".وكذا جاء في بقي\\ة ه\\ذا الكت\\اب "ف\\إن ت\\وليت ف\\إن
عليك إثم اﻷريسيين فمحصل الجواب أنه لم يبدأ الكافر بالسﻼم قصدا وإن كان اللفظ يشعر به ،لكنه لم يدخل في
المراد ﻷنه ليس ممن اتب\\ع .اله\\دى فلم يس\\لم عليه قوله) :أم\\ا بع\\د (في قول\\ه "أم\\ا "مع\\نى الش\\رط ،وتس\\تعمل
لتفصيل ما يذكر بعدها غالبا ،وقد ترد مستأنفة ﻻ لتفصيل كالتي .هنا ،وللتفصيل والتقرير .وق\\ال الكرم\\اني :هي
هنا للتفصيل وتقديره :أما اﻻبتداء فهو اسم ﷲ ،وأما المكت\وب فه\و من محم\د رس\ول ﷲ الخ ،ك\ذا ق\ال ولفظ\ة
"ﺑﻌﺪ "مبنية على الضم ،وكان اﻷصل أن تفتح لو استمرت على اﻹضافة ،لكنها قطعت عن اﻹضافة فبنيت على
.الضم ،وسيأتي مزيد في الكﻼم عليها في كتاب الجمعة .قوله) :بدعاي\\ة اﻹس\\ﻼم (بكس\\ر ال\\دال ،من قول\\ك دع\\ا
يدعو دعاي\\ة نح\\و ش\كا يش\\كو ش\\كاية ولمس\\لم " :بداعي\ة اﻹس\\ﻼم "أي :بالكلم\ة الداعي\ة إلى اﻹس\\ﻼم ،وهي
شهادة أن ﻻ إله إﻻ ﷲ وأن محمدا رس\\ول ﷲ. ،والب\\اء موض\\ع إلى .وقول\\ه " :أس\\لم تس\\لم "غاي\\ة في البﻼغ،
وفيه نوع من البديع وهو الجناس اﻻشتقاقي .قوله) :يؤتك (جواب ثان لﻸمر وفي الجهاد للمؤلف "أسلم أس\\لم
يؤتك "بتكرار أسلم ،فيحتمل التأكيد ،ويحتمل أن يكون اﻷم\\ر اﻷول لل\دخول في اﻹس\ﻼم .والث\اني لل\\دوام علي\\ه
كما في قوله تعالى) :يا أيها الذين آمن\\وا آمن\\وا ب\\ا ورس\\وله (اﻵية .وه\\و مواف\\ق لقول\\ه تع\\الى) :أولئ\\ك يؤت\\ون
أجرهم مرتين (اﻵية وإعطاؤه اﻷج\\ر م\\رتين لكون\\ه ك\\ان مؤمن\\ا بنبي\\ه ثم آمن بمحم\\د -ص\\لى ﷲ علي\\ه وس\\لم،-
ويحتمل أن يكون تضعيف اﻷجر له .من جهة إسﻼمه ومن جهة أن إسﻼمه يكون سببا لدخول أتباعه وس\\يأتي
التصريح بذلك في موض\عه من ح\ديث الش\عبي من كت\اب العلم إن ش\اء ﷲ \.ﺗﻌﺎﻟﻰ واس\تنبط من\ه ش\يخنا ش\يخ
اﻹسﻼم أن كل من دان بدين أهل الكتاب كان في حكمهم في المناكحة والذبائح ،ﻷن هرق\\ل ه\\و ..وقوم\\ه ليس\\وا
من بني إسرائيل ،وهم ممن دخل في النصرانية بعد التبديل وقد ق\ال ل\ه ولقومه) :ي\\ا أه\ل الكت\\اب (ف\\دل على أن
لهم حكم أهل الكتاب ). )1/39خﻼفا لمن خص ذلك باﻹسرائيليين أو بمن علم أن سلفه ممن دخ\\ل في اليهودي\\ة
أو النصرانية قب\ل التب\\ديل .وﷲ أعلم .قوله) :ف\إن ت\وليت (أي :أعرض\\ت عن اﻹجاب\\ة إلى ال\\دخول في اﻹس\\ﻼم
.وحقيق\\\ة الت\\\ولي إنم\\\ا ه\\\و بالوج\\\ه ،ثم اس\\\تعمل مج\\\ازا في اﻹع\\\راض عن الش\\\يء ،وهي اس\\\تعارة تبعية
قوله) :اﻷريسيين (هو جمع أريسي ،وهو منسوب إلى أريس بوزن فعيل ،وقد تقلب همزت\ه ي\اء كم\ا ج\اءت ب\ه
رواية أبي .ذر واﻷصيلي وغيرهم\\ا هن\\ا ،ق\\ال ابن س\\يده :اﻷريس اﻷك\\ار ،أي :الفﻼح عن\\د ثعلب ،وعن\\د ك\\راع
:اﻷريس هو اﻷمير
وقال الجوهري :هي لغة شامية ،وأنكر ابن فارس أن تك\\ون عربي\\ة ،وقي\\ل في تفس\\يره غ\\ير ذل\\ك لكن ه\\ذا ه\\و
الصحيح هن\ا ،فق\د ج\اء مص\رحا ب\ه في رواي\ة ابن إس\حاق عن الزه\ري بلف\ظ "ف\إن علي\ك إثم اﻷك\ارين "زاد
البرقاني في روايته :يعني الحراثين ،ويؤي\\ده أيض\\ا م\\ا في رواي\\ة الم\\دائني من طري\\ق مرس\\لة "ف\\إن علي\\ك إثم
الفﻼحين" ،وكذا عند أبي عبيد في كتاب اﻷموال من مرسل عبد ﷲ بن شداد "وإن لم ت\\دخل في اﻹس\\ﻼم فﻼ
تحل بين الفﻼحين وبين اﻹسﻼم "قال أبو عبيدة . :المراد بالفﻼحين أهل مملكته ،ﻷن كل من كان يزرع فه\\و
عند العرب فﻼح ،سواء كان يلي ذلك بنفسه أو بغيره .قال الخطابي :أراد أن عليك إثم الضعفاء واﻷتب\\اع إذا لم
يسلموا تقليدا له ،ﻷن اﻷصاغر أتباع اﻷكابر ﻗﻠﺖ\ :وفي الكﻼم حذف دل المعنى عليه وهو :فإن عليك م\\ع إثم\\ك
إثم اﻷريسيين ،ﻷنه إذا كان عليه إثم اﻷتباع بسبب أنهم تبعوه على استمرار الكفر فﻸن يك\\ون علي\\ه إثم نفس\\ه
أولى ،وهذا يعد من مفهوم الموافقة ،وﻻ يعارض بقوله تعالى) :وﻻ ت\\زر وازرة وزر أخ\\رى (ﻷن\ وزر\ اﻵثم\ ﻻ
يتحمله غيره ،ولكن الفاعل المتسبب والمتلبس بالسيئات يتحمل من جهتين جهة .فعل\\ه وجه\\ة تس\\ببه وق\\د ورد
تفس\\ير اﻷريس\\يين بمع\\نى آخ\\ر ،فق\\ال الليث بن س\\عد عن ي\\ونس فيم\\ا رواه الط\\براني في الكب\\ير من طريق\\ه :
.اﻷريسيون العشارون يعني أهل المكس .واﻷول أظهر وهذا إن صح أنه المراد ،فالمعنى المبالغة في اﻹثم ،ففي
الصحيح في المرأة التي اعترفت بالزنا "لقد تابت توبة لو تابها ".ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻜﺲ ﻟﻘﺒﻠﺖ قوله) :ويا أهل الكتاب
الخ (هكذا وقع بإثب\\ات ال\\واو في أول\\ه ،وذك\\ر القاض\\ي عي\\اض أن ال\\واو س\\اقطة من رواي\\ة اﻷص\\يلي وأبي ذر،
وعلى ثبوتها فهي داخلة على مقدر معطوف على قوله " :أدعوك" ،فالتقدير :أدعوك بدعاية اﻹس\\ﻼم ،وأق\\ول
) .لك وﻷتباعك امتثاﻻ لقول ﷲ تعالى) :ي\\ا أه\\ل الكت\\اب .ويحتم\\ل أن تك\\ون من كﻼم أبي س\\فيان ﻷن\\ه لم يحف\\ظ
جميع ألفاظ الكتاب ،فاستحضر منها أول الكتاب فذكره ،وكذا اﻵية .وكأنه قال فيه :كان فيه كذا وكان فيه يا أه\\ل
الكتاب فالواو من كﻼمه ﻻ من نفس الكتاب ،وقيل إن النبي -ص\\لى ﷲ علي\\ه وس\\لم -كتب ذل\\ك قب\\ل ن\\زول اﻵي\\ة
فوافق لفظه لفظها لما نزلت ،والسبب في هذا أن هذه اﻵي\\ة ن\\زلت في قص\\ة وف\\د نج\\ران ،وك\\انت قص\\تهم س\\نة
الوفود سنة تسع ،وقصة سفيان كانت قبل ذلك سنة ست ،وس\يأتي ذل\ك واض\حا في المغ\ازي ،وقي\ل :ب\ل ن\زلت
سابقة في أوائل الهجرة ،وإليه يومئ كﻼم ابن .إسحاق .وقيل :نزلت في اليهود .وجوز بعضهم نزولها م\\رتين،
وهو بعيد فائدة ( :قيل في هذا دليل على جواز قراءة الجنب لﻶية أو اﻵيتين ،وبإرسال بعض الق\\رآن إلى أرض
العدو وكذا بالسفر ( .به .وأغ\\رب ابن بط\\ال ف\\ادعى أن ذل\\ك نس\\خ ب\\النهي عن الس\\فر ب\\القرآن إلى أرض الع\\دو
ويحت\\اج إلى إثب\\ات الت\\اريخ ب\\ذلك .ويحتم\\ل أن يق\\ال :إن الم\\راد ب\\القرآن في ح\\ديث النهي عن الس\\فر ب\\ه أي
المصحف ،وسيأتي الكﻼم على ذلك في موضعه وأما الجنب فيحتمل أن يقال إذا لم يقصد التﻼوة ج\\از ،على أن
في اﻻستدﻻل بذلك من هذه القصة نظرا ،فإنها واقعة عين ﻻ عموم فيها ،فيقيد الج\\واز على م\ا إذا وق\\ع احتي\اج
إلى ذلك كاﻹبﻼغ واﻹنذار كما في هذه القصة ،وأما الجواز مطلق\ا حيث ﻻ ض\رورة فﻼ يتج\\ه ،وس\يأتي مزي\\دا
لذلك في كتاب الطهارة إن شاء ﷲ ت.ﻌﺎﻟﻰ وقد اشتملت هذه الجمل القليلة التي تضمنها هذا الكت\\اب على اﻷم\\ر
بقوله " :أسلم "والترغيب بقوله " :تسلم ويؤتك " "والزجر بقوله " :فإن توليت
()40 /1
والترهيب بقوله " :فإن عليك "والدﻻلة بقوله " :يا أهل الكتاب "وفي ذلك من البﻼغة م\\ا ﻻ يخفى ،وكي\\ف ﻻ
وهو كﻼم .-من أوتي جوامع الكلم -صلى ﷲ علي\ه وس\لم قوله) :فلم\ا ق\ال م\ا ق\ال (يحتم\ل أن يش\ير ب\ذلك إلى
اﻷسئلة واﻷجوبة ،ويحتمل أن يشير بذلك إلى القصة التي ذكرها ابن .الن\\اطور بع\\د ،والض\\مائر كله\\ا تع\\ود على
هرقل .والص\\\خب :اللغ\\\ط ،وه\\\و اختﻼط اﻷص\\\وات في المخاص\\\مة ،زاد في الجه\\\اد :فﻼ أدري م\\\ا ق\\\الوا
.قوله) :ﻓﻘﻠﺖ ﻷﺻﺤﺎﺑﻲ (زاد في الجهاد :حين خلوت بهم .قوله) :أمر (هو بفتح الهمزة وكسر الميم أي :عظم،
وسيأتي في تفسير سبحان وابن أبي كبش\\ة أراد ب\\ه الن\\بي -ص\\لى ﷲ علي\\ه وس\\لم -ﻷن\ أبا\ كبشة\ أحد\ أجداده،
وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جد .غامض ،قال أبو الحسن النسابة الجرجاني :هو ج\\د وهب ج\\د الن\\بي -
صلى ﷲ عليه وسلم -ﻷمه وه\ذا في\ه نظ\ر ،ﻷن وهب\ا ج\د الن\بي -ص\لى ﷲ علي\ه وس\لم -اس\م أم\ه عاتك\ة بنت
اﻷوقص بن مرة بن هﻼل ،ولم يقل أحد من .أهل النسب إن اﻷوقص يكنى أب\ا كبشة وقي\ل :ه\و ج\د عب\د المطلب
ﻷمه \،وفيه\ نظر أيضا ﻷن\ أم\ عبد\ المطلب سلمى\ بنت عمرو\ بن زيد\ الخزرجي \،ولم\ يقل أحد من\ .أهل النسب إن
عمرو بن زيد يكنى أبا كبشة ولكن ذكر ابن حبيب في المجتبي جماعة من أجداد النبي -ص\\لى ﷲ علي\\ه وس\\لم -
من قبل أبيه ومن قبل أمه كل واحد منهم يكنى أبا كبشة ،وقيل هو أب\\وه من الرض\\اعة واس\\مه الح\\ارث بن عب\\د
العزي ،قاله أبو الفتح اﻷزدي وابن ماكوﻻ ،وذكر
.يونس ابن بكير عن ابن إسحاق عن أبيه عن رجال من قومه أنه أس\\لم وك\\انت ل\\ه بنت تس\\مى كبش\\ة يك\\نى بها
وقال ابن قتيب\ة والخط\ابي وال\دارقطني :ه\و رج\ل من خزاع\ة خ\الف قريش\ا في عب\ادة اﻷوث\ان فعب\د الش\عرى
فنسبوه إليه .لﻼشتراك في مطلق المخالفة ،وكذا قاله الزبير ،قال :واسمه وجز بن عامر بن غالب .قوله) :إن\\ه
يخافه (هو بكسر الهمزة استئنافا تعليلي\ا ﻻ بفتحه\ا ولثب\وت الﻼم في "ليخاف\ه "في رواي\ة أخ\رى قوله) :مل\ك
بني اﻷصفر (هم الروم ،ويقال إن ج\دهم روم بن عيص ت\زوج بنت مل\\ك الحبش\\ة فج\\اء ل\ون ول\ده بين البي\\اض
.والسواد فقيل له اﻷصفر ،حكاه ابن اﻷنباري .وقال ابن هش\\ام في التيج\\ان :إنم\\ا لقب اﻷص\\فر ﻷن جدت\\ه س\\ارة
زوج إبراهيم حلته بالذهب قوله) :فما زلت موقن\\ا (زاد في ح\\ديث عب\\د ﷲ بن ش\\داد عن أبي س\\فيان "فم\\ا زلت
مرعوبا من محمد حتى أسلمت " .أخرجه الط\\براني .قوله) :ح\\تى أدخ\\ل ﷲ على اﻹس\\ﻼم (أي :ف\\أظهرت ذل\\ك
اليقين ،وليس المراد أن ذلك اليقين ارتفع .قوله) :وكان ابن الناطور (هو بالطاء المهملة .وفي رواي\\ة الحم\\وي
بالظاء المعجمة ،وهو بالعربية حارس البستان .ووقع في رواي\\ة الليث عن ي\\ونس "ابن ن\\اطورا "بزي\\ادة أل\\ف
في آخره .فعلى هذا هو اسم أعجمي تنبيه ( :الواو في قوله " :وكان "عاطف\\ة ،والتق\\دير عن الزه\\ري أخ\\برني
عبيد ﷲ فذكر الحديث ،ثم قال الزهري :وك\ان ( ابن الن\اطور يح\دث ف\ذكر ه\ذه القص\ة ،فهي موص\ولة إلى ابن
الناطور ﻻ معلقة كما زعم بعض من ﻻ عناية له بهذا الشأن ،وك\\ذلك أغ\\رب بعض المغارب\ة ف\زعم أن قص\ة ابن
الناطور مروية باﻹسناد المذكور عن أبي سفيان عنه ﻷنه لما رآها ﻻ تص\\ريح فيه\\ا بالس\\ماع حمله\\ا على ذل\\ك،
وقد بين أبو نعيم في دﻻئل النبوة أن الزهري قال :لقيته بدمشق في زمن عبد .الملك بن مروان وأظنه لم يتحمل
عنه ذلك إﻻ بعد أن أسلم ،وإنما وصفه بكونه كان سقفا لينبه على أنه كان مطلع\\ا على أس\\رارهم عالم\\ا بحق\\ائق
أخبارهم ،وكأن الذي جزم بأنه من رواية الزهري عن عبيد ﷲ اعتمد على م\ا وق\ع في س\يرة ابن إس\حاق فإن\\ه
قدم قصة ابن الناطور هذه على حديث أبي س\فيان ،فعن\ده عن عبي\د ﷲ عن ابن عب\اس أن هرق\ل أص\بح خ\بيث
النفس ،فذكر .نحوه .وجزم الحف\اظ بم\ا ذكرت\\ه أوﻻ ،وه\\ذا مم\\ا ينبغي أن يع\د فيم\ا وق\ع من اﻹدراج أول الخ\\بر
.وﷲ أعلم قوله) :صاحب إيلياء (أي :أميرها ،هو منصوب على اﻻختصاص أو الحال ،أو مرف\\وع على الص\\فة،
وهي رواية أبي ذر ،واﻹضافة التي فيه تقوم مقام التعريف) )41/ 1.وقول من زعم أنه\\ا في تق\\دير اﻻنفص\\ال
في مقام المنع ،وهرقل معطوف على إيلياء ،وأطلق عليه الص\\حبة ل\\ه إم\\ا بمع\\نى اتب\\ع ،وإم\\ا بمع\\نى الص\\داقة،
وفيه استعمال صاحب في معن\\يين مج\\ازي وحقيقي ،ﻷن\\ه بالنس\\بة إلى إيلي\\اء أم\\ير وذاك مج\\از. ،وبالنس\\بة إلى
هرقل تابع وذلك حقيقة قال الكرماني :وإرادة المعنيين الحقيقي والمج\\ازي من لف\\ظ واح\\د ج\\ائز عن\\د الش\\افعي،
وعند غيره محمول على إرادة مع\نى .ش\امل لهم\\ا وه\\ذا يس\مى عم\وم المج\\از وقول\ه " :ﺳﻘﻔﺎ "بض\\م الس\ين
والقاف كذا في رواية غير أبي ذر ،وهو منصوب على أنه خ\\بر ك\\ان ،و "يح\\دث "ﺧﺒﺮ .ﺑﻌﺪ ﺧﺒﺮ .وفي رواي\\ة
الكشميهني سقف بكسر القاف على ما لم يسم فاعله وفي رواية المستملي والسرخسي مثله لكن بزيادة ألف في
أوله ،واﻷسقف والسقف لفظ أعجمي ومعناه رئيس دين .النصارى ،وقيل :عربي وهو الطويل في انحناء ،وقيل
:ذلك للرئيس ﻷنه يتخاشع وقال بعضهم :ﻻ\ نظير\ له\ في\ وزنه\ إﻻ\ اﻷسرب\ وهو\ الرصاص \،لكن\ حكى\ ابن\ سيده
ثالثا وهو اﻷسكف للصانع ،وﻻ يرد اﻷترج ﻷن\ه جم\ع والكﻼم إنم\\ا ه\\و في المف\رد ،وعلى رواي\ة أبي ذر يك\\ون
الخبر الجملة التي هي " :يحدث أن هرقل" ،فالواو في قوله" :وكان "عاطفة والتق\\دير عن الزه\\ري :أخ\\برني
عبيد ﷲ بن عبد ﷲ ،فذكر حديث أبي سفيان بطوله ثم .ق\\ال الزه\ري :وك\\ان ابن الن\اطور يح\دث .وه\ذا ص\ورة
اﻹرسال قوله) :حين قدم إيلياء ( يعني في هذه اﻷيام ،وهي عند غلبة جنوده على جنود فارس وإخراجهم ،وكان
ذلك في السنة .التي اعتمر فيها النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -عمرة الحديبية ،وبلغ المسلمين نصرة ال\\روم على
فارس ففرحوا وقد ذكر الترمذي وغيره القصة مستوفاة في تفسير قوله تعالى) :ويومئذ يفرح المؤمنون بنص\\ر
ﷲ \ ( ،وفي أول الحديث .في الجهاد عند المؤلف اﻹمارة إلى ذلك .قوله) :خبيث النفس (أي :رديء النفس غ\\ير
طيبها ،أي مهموما وقد تستعمل في كسل النفس ،وفي الص\\حيح " :ﻻ\ يقولن\ أحدكم\ خبثت نفسي\ "كأن\\ه ك\\ره
اللفظ ،والمراد بالخطاب .المسلمون ،وأما في حق هرقل فغير ممتنع ".وصرح في رواية ابن إسحاق بقولهم ل\\ه
" :لقد أصبحت مهموما .والبطارقة :جمع بطريق بكسر أوله وهم خواص دولة الروم
قوله) :حزاء (بالمهملة وتشديد الزاي آخره همزة منونة أي كاهنا ،يقال حزا ب\\التخفيف يح\\زو ح\\زوا أي تكهن،
وقوله " :ينظر في النجوم "إن جعلتها خبرا ثانيا صح ﻷنه كان ينظر في اﻷمرين ،وإن جعلته\\ا تفس\\يرا لﻸول
فالكهانة تارة تستند إلى إلقاء الشياطين وت\\ارة تس\\تفاد من أحك\\ام النج\\وم ،وك\\ان ك\\ل من اﻷم\\رين في الجاهلي\\ة
شائعا ذائعا ،إلى أن أظهر ﷲ اﻹسﻼم فانكسرت شوكتهم وأنك\\ر الش\\رع اﻻعتم\\اد عليهم ،وك\\ان م\\ا اطل\\ع علي\\ه
هرقل من ذلك بمقتضى حساب المنجمين ،أنهم زعم\\وا أن المول\\د النب\\وي ك\\ان بق\ران العل\\ويين ب\\برج العق\\رب،
وهما يقترنان في كل عشرين سنة مرة إﻻ أن تستوفى المثلث\\ة بروجه\\ا في س\\تين س\\نة ،فك\\ان ابت\\داء العش\\رين
اﻷولى المولد النبوي في القران المذكور ،وعند تمام العشرين الثانية مجيء جبريل بالوحي ،وعند تم\\ام الثالث\\ة
فتح خيبر وعمرة القضية التي جرت فتح مكة وظهور اﻹسﻼم ،وفي تلك .اﻷيام رأى هرق\\ل م\\ا رأى ومن جمل\\ة
ما ذكروه أيضا أن برج العقرب مائي وهو دليل ملك القوم ال\\ذين يختتن\\ون ،فك\\ان ذل\\ك دليﻼ على انتق\\ال المل\\ك
.إلى العرب ،وأما اليهود فليسوا مرادا هنا ﻷن هذا لمن ينقل إليه الملك ﻻ لمن انقضى ملكه فإن قيل :كيف س\\اغ
للبخاري إيراد هذا الخبر المشعر بتقوية أمر المنجمين واﻻعتماد على ما تدل علي\\ه أحك\\امهم؟ ف\\الجواب :أن\\ه لم
يقصد ذلك ،بل قصد أن يبين أن اﻹشارات بالنبي -صلى ﷲ عليه وسلم -جاءت من ك\\ل طري\\ق وعلى لس\\ان .ك\\ل
فريق من كاهن أو منجم محق أو مبطل أنسي أو جني ،وهذا من أب\\دع م\\ا يش\\ير إلي\\ه ع\\الم أو يجنح إلي\\ه محتج
.وقد قيل :إن الحزاء هو الذي ينظر في اﻷعضاء وفي خيﻼن الوجه فيحكم على صاحبها بطريق الفراسة وه\\ذا
إن ثبت فﻼ يلزم منه حصره في ذلك بل الﻼئق بالسياق في حق هرقل ما تقدم) . )42/ 1.قوله) :ملك الخت\\ان
(بضم الميم وإسكان الﻼم ،وللكشميهني بفتح الميم وكسر الﻼم قوله) :قد ظهر (أي :غلب ،يعني دله نظ\\ره في
حكم النجوم على أن ملك الختان قد غلب ،وهو كما قال ،ﻷن في تلك اﻷي\\ام ك\\ان ابت\\داء ظه\\ور الن\\بي -ص\\لى ﷲ
عليه وسلم -إذ صالح كفار مكة بالحديبية وأنزل ﷲ تع\\الى عليه) :إن\\ا فتحن\\ا ل\\ك فتح\\ا .مبين\\ا (إذ فتح مك\\ة ك\\ان
سببه نقض قريش العهد الذي كان بينهم بالحديبية ،ومقدمة الظهور ظهور قوله) :من هذه اﻷم\ة (أي :من أه\ل
هذا العصر ،وإطﻼق اﻷمة على أهل العصر كلهم فيه تجوز ،وهذا بخﻼف قوله :ﺑﻌﺪ هذا ملك هذه اﻷمة قد ظهر،
فإن مراده به العرب خاصة ،والحصر في قولهم إﻻ اليهود هو بمقتض\\ى علمهم ،ﻷن اليه\\ود ك\\انوا بإيلي\\اء وهي
بيت المقدس كثيرين تحت الذلة مع الروم ،بخﻼف العرب فإنهم وإن كان منهم من ه\\و تحت طاع\\ة مل\\ك .ال\\روم
كآل غسان لكنهم كانوا ملوكا برأس\\هم .قوله) :فﻼ يهمن\\ك (بض\\م أول\\ه ،من أهم :أث\\ار الهم .وقول\\ه " :ش\\أنهم
"أي :أمرهم و "مدائن ":جمع مدينة قال أبو علي الفارسي :من جعله فعليه من قول\\ك م\\دن بالمك\\ان أي :أق\\ام
به ،همزه كقبائل ،ومن .جعله مفعلة من قولك دين أي :ملك ،لم يهمز كمعايش .انتهى .وما ذكره في معايش هو
المشهور ،وقد روى خارجة عن ن\افع الق\\ارئ الهم\\ز في مع\ايش .وق\ال الق\\زاز :من همزه\ا توهمه\\ا من فعيل\\ة
لشبهها بها في اللفظ .انتهى .قوله) :فبينما هم على أمرهم (أي :في هذه المشورة .قوله) :أتى هرق\\ل برج\\ل (لم
يذكر من أحضره وملك غسان هو صاحب بصرى الذي قدمنا ذكره ،وأشرنا إلى أن ابن الس\\كن روى أن\\ه أرس\\ل
من عنده عدي بن حاتم. ،فيحتمل أن يكون هو المذكور .وﷲ أعلم قوله) :عن خ\\بر رس\\ول ﷲ -ص\\لى ﷲ علي\\ه
وسلم ( -فسر ذلك ابن إسحاق في روايته فقال :خرج من بين أظهرن\\ا رج\\ل .ي\\زعم أن\\ه ن\\بي ،فق\\د اتبع\\ه ن\\اس،
وخالفه ناس ،فكانت بينهم مﻼحم في مواطن ،فتركتهم وهم على ذلك.-فبين ما أجمل في حديث الباب ﻷن\\ه ي\\وهم
أن ذلك كان في أوائل ما ظهر الﻨﺒﻲ -صلى ﷲ عليه وسلم .وفي رواية أنه قال :جردوه ،ف\\إذا ه\\و مختتن ،فق\\ال
:هذا وﷲ الذي رأيته ،أعطه ثوبه .قوله) :هم يختتنون (في رواية اﻷصيلي "هم مختتنون "ب\\الميم واﻷول أفي\\د
وأشمل قوله) :هذا ملك هذه اﻷمة قد ظهر (ك\\ذا ﻷك\\ثر ال\\رواة بالض\\م ثم الس\\كون ،وللقابس\\ي ب\\الفتح ثم الكس\\ر،
وﻷبي ذر عن الكشميهني وح\ده يمل\ك فع\ل مض\ارع ،ق\ال القاض\ي :أظنه\ا ض\مة الميم اتص\لت به\ا فتص\حفت،
ووجهه السهيلي في أماليه .بأنه مبتدأ وخبر ،أي هذا المذكور بملك هذه اﻷمة .وقيل يجوز أن يكون يمل\ك نعت\ا،
أي :هذا رجل بملك هذه اﻷمة وقال شيخنا :يجوز أن يكون المحذوف هو الموصول على رأي الكوفيين ،أي ه\\ذا
الذي يملك ،وهو نظير قوله " :وهذا ".تحملين طليق على أن الكوفيين يجوزون استعمال اس\\م اﻹش\\ارة بمع\\نى
اﻻسم الموصول ،فيكون التقدير :الذي يملك ،من غير حذف. ،ﻗﻠﺖ\ :لكن اتفاق الرواة على حذف الي\\اء في أول\\ه
دال على ما قال القاضي فيكون شاذا على أنني رأيت في أصل معتمد وعليه عﻼم\\ة السرخس\\ي بب\\اء موح\\دة في
أوله ،وتوجيهها أقرب من توجيه اﻷول ،ﻷنه حينئذ تكون اﻹشارة بهذا إلى ما ذك\\ره من نظ\\ره في حكم النج\\وم،
والباء متعلقة بظهر ،أي هذا الحكم ظهر بملك هذه اﻷمة .التي تختتن
.قوله) :برومية (بالتخفيف ،وهي مدينة معروفة للروم .وحمص مجرور بالفتحة من\\ع ص\\رفه للعلمي\\ة والت\\أنيث
.ويحتمل أن يجوز صرفه .قوله) :فلم يرم (بفتح أوله وكسر ال\راء أي :لم ي\برح من مكان\ه ،ه\ذا ه\و المع\روف
.وقال الداودي :لم يصل إلى حمص وزيفوه قوله) :حتى أتاه كتاب من ص\احبه (وفي ح\\ديث دحي\ة ال\\ذي أش\\رت
إليه قال :فلما خرجوا أدخلني عليه وأرسل إلي اﻷسقف .وهو صاحب أمرهم فقال :هذا الذي كنا ننتظر ،وبش\\رنا
به عيسى ،أما أنا فمصدقه ومتبعه فقال له قيص\\ر :أم\\ا أن\\ا إن فعلت ذل\\ك ذهب ملكي ،ف\\ذكر القص\\ة ،وفي آخ\\ره
:فقال لي اﻷسقف :خذ هذا الكتاب واذهب إلى صاحبك ف\\اقرأ علي\\ه الس\\ﻼم وأخ\\بره أني أش\\هد أن ﻻ إل\\ه إ ﻻ ﷲ
وأن محمدا رسول ﷲ ،وأني قد آمنت به وص\\دقته ،وأنهم ق\د أنك\روا علي ذلك) . )1/43.ثم خ\رج إليهم فقتل\وه
وفي رواية ابن إسحاق أن هرقل أرسل دحية إلى ضغاطر ال\\رومي وق\\ال :إن\\ه في ال\\روم أج\\وز ق\\وﻻ م\\ني ،وإن
ضغاطر المذكور أظهر إسﻼمه وألقى ثيابه التي كانت علي\\ه ولبس ثياب\\ا بيض\\ا وخ\\رج على ال\\روم ف\\دعاهم إلى
اﻹسﻼم وشهد شهادة .الحق ،فقاموا إليه فضربوه حتى قتلوه .قال :فلما رجع دحية إلى هرق\\ل ق\ال ل\\ه :ق\د قلت
لك إنا نخافهم على أنفسنا ،فضغاطر كان أعظم عندهم مني ﻗﻠﺖ :فيحتمل أن يكون هو صاحب رومية الذي أبهم
هنا ،لكن يعكر عليه ما قيل :إن دحية لم يقدم على هرقل بهذا الكتاب المكتوب في سنة الحديبية ،وإنما قدم عليه
بالكتاب المكتوب في غزوة تبوك ،فالراجح أن دحية قدم على هرقل أيضا في اﻷولى ،فعلى هذا يحتم\\ل أن تك\\ون
وقعت لكل من اﻷسقف ومن ضغاطر قصة قتل كل منهما بسببها ،أو وقعت لضغاطر قصتان إحداهما التي ذكره\\ا
ابن الناطور وليس فيها أنه أسلم وﻻ أنه قتل ،والثانية التي ذكرها ابن إسحاق فإن فيه\ا قص\ته .م\ع دحي\ة وأن\ه
أسلم وقتل .وﷲ أعلم .قوله) :وسار هرق\\ل إلى حمص (ﻷنها\ كانت دار\ ملكه\ كما\ قدمناه \،وكانت في\ زمانهم
أعظم من دمشق .وكان فتحها على يد أبي عبيدة بن الجراح سنة ست عشرة بعد هذه القصة بعشر سنين قوله)
:وأنه نبي (يدل على أن هرقل وصاحبه أقرا بنبوة نبينا -صلى ﷲ عليه وسلم ،-لكن هرقل كم\\ا ذكرن\ا لم يس\تمر
على .ذلك بخﻼف ص\احبه .قوله) :ف\\أذن (هي :بالقص\ر من اﻹذن .وفي رواي\ة المس\تملي وغ\يره بالم\د ومعن\\اه
أعلم و "الدسكرة "بسكون السين المهملة :القصر الذي حوله بيوت ،وكأنه دخل القصر ثم أغلق\\ه وفتح أب\\واب
البيوت اﻟﺘﻲ .حوله وأذن للروم في دخولها ثم أغلقها ثم اطلع عليهم فخاطبهم ،وإنما فعل ذلك خشية أن يثبوا به
كما وثبوا بضغاطر قوله) :والرش\د (فتح\تين )وأن يثبت ملككم (ﻷنهم\ إن\ تمادوا\ على\ الكفر\ كان\ سببا\ لذهاب
ملكهم ،كم\\ا ع\\رف ه\\و ذل\\ك من .اﻷخب\\ار الس\\ابقة قوله) :فتب\\ايعوا (بمثن\\اة ثم موح\\دة ،وللكش\\ميهني بمثن\\اتين
وموحدة ،ولﻸصيلي "فنبايع "بنون وموحدة )لهذا النبي (كذا .ﻷبي\ ذر\ وللباقين\ بحذف\ الﻼم قوله) :فحاصوا
(بمهملتين أي :نفروا ،وشبههم ب\\الوحوش ﻷن نفرته\\ا أش\\د من نف\\رة البه\\ائم اﻹنس\ية ،وش\بههم ب\\الحمر .دون
غيرها من الوحوش لمناسبة الجهل وعدم الفطنة بل هم أضل .قوله) :وأيس (في رواي\ة الكش\\ميهني واﻷص\\يلي
"ويئس "بيائين تحتانيتين وهما بمعنى قنط واﻷول مقلوب من الث\\اني قوله) :من اﻹيم\\ان (أي من إيم\\انهم لم\\ا
أظه\\روه ،ومن إيمان\\ه ﻷن\\ه ش\\ح بملك\\ه كم\\ا ق\\دمنا ،وك\\ان يحب أن يطيع\\وه فيس\\تمر ملك\\ه ويس\\لم ويس\\لموا
بإسﻼمهم ،فما أيس من اﻹيمان إﻻ بالش\\رط ال\\ذي أراده ،وإﻻ فق\\د ك\\ان ق\\ادرا على أن يف\\ر عنهم وي\\ترك .ملك\\ه
رغبة فيما عند ﷲ وﷲ الموفق .قوله) :آنفا (أي :قريبا ،وه\\و منص\\وب على الح\\ال .قوله) :فق\\د رأيت (زاد في
التفسير :فقد رأيت منكم الذي أحببت قوله) :فكان ذلك آخر شأن هرقل (أي :فيم\\ا يتعل\\ق به\\ذه القص\\ة المتعلق\\ة
بدعائه إلى اﻹيمان خاصة ﻷنه انقضى أمره حينئذ ومات ،أو أنه أطلق اﻵخرية بالنسبة إلى م\\ا في علم\\ه ،وه\\ذا
أوجه ،ﻷن هرقل وقعت له قصص أخ\\رى بع\\د ذل\ك ،منه\\ا م\ا أش\\رنا إلي\\ه من تجه\يزه الجي\وش إلى مؤت\ة ومن
تجهيزه الجيوش أيضا إلى تبوك ،ومكاتبة النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -له ثانيا ،وإرس\\اله إلى الن\\بي -ص\\لى ﷲ
عليه وسلم -بذهب فقسمه بين أصحابه كما في رواية ابن حبان التي أشرنا إليه\\ا قب\\ل وأبي عبي\\د ،وفي المس\\ند
من طريق سعيد بن أبي راشد التنوخي رسول هرق\\ل ق\\ال :ق\\دم رس\\ول ﷲ -ص\\لى ﷲ علي\\ه وس\\لم -تب\\وك فبعث
دحية إلى هرقل ،فلما جاءه الكتاب دعا قسيسي الروم وبطارقتها ،فذكر الحديث ،ق\\ال فتح\\يروا ح\\تى إن بعض\\هم
.خرج من برنسه ،فقال :اسكتوا ،فإنما أردت أن أعلم تمسككم بدينكم وروى ابن إسحاق عن خال\\د بن بش\\ار عن
رجل من قدماء الشام :أن هرقل لما أراد الخروج من الشام إلى القسطنطينية عرض على الروم أمورا) )1/44:
إما اﻹسﻼم وإما الجزية ،وإما أن يصالح النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -ويبقى لهم م\\ا دون ال\\درب ،ف\\أبوا ،وأن\\ه
انطلق حتى إذا أشرف على ال\\درب اس\\تقبل أرض الش\\ام ثم ق\\ال :الس\\ﻼم علي\\ك أرض س\\ورية -يع\\ني الش\\ام -
تسليم المودع ،ثم ركض
.حتى دخل القسطنطينية .واختلف اﻹخباريون هل هو الذي حاربه المس\\لمون في زمن أبي بك\\ر وعم\\ر أو ابن\\ه؟
واﻷظهر أنه هو .وﷲ أعلم تنبيه (لما كان أمر هرقل في اﻹيمان عند كثير من الن\\اس مس\تبهما ،ﻷن\ه يحتم\ل أن
يكون عدم تصريحه باﻹيمان للخوف ( .على نفس\ه من القت\ل ،ويحتم\ل أن يك\ون اس\تمر على الش\ك ح\تى م\ات
كافرا وقال الراوي في آخر القصة :فكان ذلك آخر شأن هرقل ،ختم به البخاري هذا الباب الذي استفتحه بح\\ديث
اﻷعمال بالنيات ،كأنه قال إن صدقت نيته انتفع بها في الجملة ،وإﻻ فق\\د خ\\اب و.ﺧﺴﺮ .فظه\\رت مناس\\بة إي\\راد
قصة ابن الناطور في بدء الوحي لمناسبتها حديث اﻷعمال المصدر الباب به .ويؤخذ للمص\نف من آخ\ر لف\ظ في
القصة براعة اﻻختتام ،وهو واضح مما قررناه ف\\إن قي\\ل :م\\ا مناس\\بة ح\\ديث أبي س\\فيان في قص\\ة هرق\\ل بب\\دء
الوحي؟ فالجواب أنها تضمنت كيفية حال الناس مع النبي -صلى ﷲ عليه وس\\لم -في ذل\\ك اﻻبت\\داء ،وﻷن اﻵي\\ة
المكتوبة إلى هرقل للدعاء إلى اﻹسﻼم ملتئمة مع اﻵية التي في .الترجمة وهي قول\\ه تع\\الى) :إن\\ا أوحين\\ا إلي\\ك
كما أوحينا إلى نوح (اﻵية وقال تعالى) :شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا (اﻵية ،فبان أنه أوحى إليهم كلهم
أن أقيموا الدين ،وهو معنى قوله .ﺗﻌﺎﻟﻰ)\ :سواء بينن\\ا وبينكم (اﻵية تكمي\\ل (ذك\ر الس\هيلي أن\ه بلغ\\ه أن هرق\\ل
وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيما له ،وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان ( عند مل\\ك الف\\رنج ال\\ذي تغلب
على طليطلة ،ثم كان عند سبطه ،فحدثني بعض أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد .المسلمين اجتمع بذلك
الملك فأخرج ل\\ه الكت\\اب ،فلم\\ا رآه اس\\تعبر وس\\أل أن يمكن\\ه من تقبيل\\ه ،ف\\امتنع ﻗﻠﺖ\ :وأنب\\أني غ\ير واح\\د عن
القاضي نور الدين بن الصائغ الدمشقي قال :حدثني سيف الدين فليح المنصوري قال :أرسلني الملك المنص\\ور
قﻼوون إلى ملك الغرب بهدية ،فأرسلني ملك الغرب إلى ملك الفرنج في ش\\فاعة فقبله\\ا ،وع\\رض علي اﻹقام\\ة
عنده فامتنعت ،فقال لي :ﻷتحفنك\ بتحفة\ سنية \،فأخرج\ لي\ صندوقا\ مصفحا\ بذهب \،فأخرج\ منه\ مقلمة\ ذهب،
فأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه وقد التصقت عليه خرقة حرير فقال :هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ،ما
زلنا نتوارثه إلى اﻵن ،وأوصانا آباؤنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا ﻻ يزال الملك فينا ،فنحن نحفظه غاي\ة الحف\ظ
ونعظمه .ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا .انتهى ويؤيد هذا ما وق\\ع في ح\\ديث س\\عيد بن أبي راش\\د ال\\ذي
أشرت إليه آنفا أن اﻟﻨﺒﻲ -صلى ﷲ عليه وسلم -عرض على التنوخي رسول هرقل اﻹسﻼم فامتنع ،فقال له :ي\\ا
أخا تنوخ إني كتبت إلى ملككم بص\\حيفة فأمس\\كها ،فلن ي\\زال الن\\اس .يج\\دون من\\ه بأس\\ا م\\ا دام في العيش خ\\ير
وكذلك أخرج أبو عبيد في كتاب اﻷموال من مرسل عمير بن إسحاق قال :كتب رسول ﷲ -صلى ﷲ علي\ه وس\لم
-إلى كسرى وقيصر ،فأما كسرى فلما قرأ الكتاب مزقه ،وأما قيصر فلما قرأ الكتاب طواه ثم رفعه ،فق\\ال رس\\ول
ﷲ\ -ﺻﻠﻰ ﷲ\ عليه\ وسلم: -أما هؤﻻء فيمزقون ،وأما هؤﻻء فستكون لهم بقي\ة ،ويؤي\\ده م\ا روي أن الﻨﺒﻲ -
صلى ﷲ عليه وسلم -ﻟﻤﺎ .جاءه جواب كسرى قال :مزق ﷲ ملكه .ولما جاءه ج\\واب هرق\\ل ق\\ال :ثبت ﷲ ملكه
.وﷲ أعلم قوله) :رواه صالح بن كيسان ويونس ومعم\\ر عن الزه\ري (ق\ال الكرم\\اني يحتم\ل ذل\\ك وجهين :أن
يروي البخاري عن .الثﻼثة باﻹسناد المذكور كأنه قال :أخبرنا أبو اليمان أخبرنا هؤﻻء الثﻼث\\ة عن الزه\\ري،
وأن يروي عنهم بطريق آخر .كما أن الزهري يحتمل أيض\\ا في رواي\\ة الثﻼث\\ة أن ي\روى لهم عن عبي\\د ﷲ عن
ابن عباس ،وأن يروى لهم عن غيره هذا ما يحتمل اللفظ ،وإن كان الظاهر اﻻتحاد) . )1/45.ﻗﻠﺖ\ :هذا الظاهر
كاف لمن شم أدنى رائحة من علم اﻹسناد واﻻحتماﻻت العقلية المجردة ﻻ مدخل لها في هذا الفن ،وأما اﻻحتم\ال
اﻷول فأشد بعدا ﻷن أبا اليمان لم يلحق صالح بن كيسان وﻻ سمع من يونس ،وه\\ذا أم\\ر يتعل\\ق بالنق\\ل المحض
فﻼ يلتفت إلى م\ا ع\داه ،ول\و ك\ان من أه\ل النق\ل ﻻطل\ع على كيفي\ة رواي\ة الثﻼث\ة له\ذا الح\ديث بخصوص\ه
فاستراح من هذا التردد ،وقد أوضحت ذلك في كتابي تعليق التعليق وأشير هنا إليه إشارة مفهمة :فرواية صالح
وهو ابن كيسان أخرجها المؤلف في كتاب الجهاد بتمامها ،من طريق إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن
الزهري عن عبيد ﷲ بن عبد ﷲ عن ابن عباس ،وفيها من الفوائد الزوائد ما أشرت إلي\\ه في أثن\\اء الكﻼم على
هذا الحديث من قبل ،ولكن\ه انتهى حديث\ه عن\د ق\ول أبي س\فيان " :ح\تى أدخ\ل ﷲ على اﻹس\ﻼم "زاد هن\ا . :
"وأنا كاره "ولم يذكر قصة ابن الناطور وكذا أخرجه مسلم بدونها من حديث إبراهيم الم\\ذكور ،ورواي\\ة ي\ونس
أيضا عن الزهري بهذا اﻹسناد أخرجها المؤلف في الجهاد مختصرة من طريق الليث ،وفي اﻻستئذان مختص\\رة
أيضا من طريق ابن المبارك كﻼهما عن يونس عن الزهري بسنده بعينه ،ولم يسقه بتمامه ،وقد س\\اقه بتمام\\ه
الطبراني من طريق عبد ﷲ بن صالح عن الليث ،وذكر فيه قصة ابن الناطور ،ورواية معمر عن الزهري ك\\ذلك
ساقها المؤلف بتمامها في التفسير ،وقد أشرنا إلى بعض فوائد زائدة فيما .مضى أيضا ،وذكر فيه من قص\\ة ابن
الناطور قطعة مختصرة عن الزه\ري مرس\لة فق\\د ظه\ر ل\\ك أن أب\\ا اليم\ان م\\ا روى ه\\ذا الح\\ديث عن واح\\د من
الثﻼثة ،وأن الزهري إنما رواه ﻷصحابه بسند واحد عن
شيخ واحد وهو عبيد ﷲ بن عبد ﷲ ،وأن أحاديث الثﻼثة عند المص\\نف عن غ\\ير أبي اليم\\ان ،ول\\و احتم\\ل أن
يرويه لهم أو لبعضهم عن شيخ آخر لكان ذلك اختﻼفا قد يفضي إلى اﻻضطراب الموجب للضعف ،فﻼح فس\\اد
ذلك اﻻحتمال ،وﷲ سبحانه وتعالى الموفق والهادي إلى الصواب ﻻ إله إﻻ هو
http://www.youtube.com/watch?v=aefvvovGUmI