Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 50

‫منهجية التقنني يف النظم القانونية املقارنة‪:‬‬

‫نماذج تطبيقية يف القوانني املدنية‬


‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي*‬
‫امللخص‪:‬‬
‫يتناول البحث موقف النظم القانونية املقارنة من التقنني‪ ،‬حيث تباينت املنهجية املتبعة‬
‫فيها وتغيَّرت عبر الزمن؛ ملواكبة التطورات القانونية احلديثة‪ ،‬فكان املنهج التشريعي‬
‫هو السائد في سن القوانني املتأثرة بالنظام الالتيني وفي مقدمتها القانون الفرنسي‪،‬‬
‫ثم انتقلت فكرة التقنني إلى القوانني العربية بدرجات متفاوته‪ ،‬وآثر بعضها التمسك‬
‫باملنهجية املقررة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬وحاولت مزجها باملنهج التشريعي الغربي‪،‬‬
‫فوضعت قوانينها طبقا ً لذلك‪.‬‬
‫وإلى جانب ما تقدم‪ ،‬كان املنهج القضائي املتمثل بالنظام األجنلوأميركي يتطور و ُيغيِّر‬
‫من منهجيته في تنظيم القواعد القانوينة‪ ،‬فأخذت العديد من الدول املتبعة لهذا النظام‬
‫بتقبل فكرة التقنني إلى جانب السوابق القضائية ومنها القوانني اإلجنليزية واألمريكية‬
‫واملاليزية‪ ،‬فتوسعت دائرة التقنني فيها‪ ،‬وباملقابل ُوجدت فكرة األخذ بالسوابق القضائية‬
‫ضع ولدواع‬ ‫في الدول ذات املنهج التشريعي‪ ،‬فكانت املبادرة في إمارة دبي‪ ،‬حيث ُو ِ‬
‫اقتصادية نظام للمحاكم املدنية يعمل وفقا ً ملنهج السوابق القضائية‪ ،‬إلى جانب املنهج‬
‫التشريعي املتأثر بالفقه اإلسالمي واملطبق في اإلمارة‪ ،‬مما يشير إلى تنامي فكرة املزج‬
‫بني النظم القانونية في املستقبل لدى العديد من الدول؛ جلمع مزايا كال النظامني في‬
‫املنظومة التشريعية الواحدة‪.‬‬
‫كما تسلط الدراسة الضوء على بعض اجلوانب املتداخلة بني الفقه اإلسالمي والنظام‬
‫الالتيني من جانب‪ ،‬والنظام األجنلوأميركي من جانب آخر‪ ،‬حيث أثيرت دعوى تأثر الفقه‬
‫اإلسالمي باملنهج التشريعي املستمد من النظام الالتيني‪ ،‬فضالً عن وجود تقارب بني الفقه‬
‫اإلسالمي والنظام األجنلوأمريكي‪ ،‬وحتديدا ً القانون اإلجنليزي من حيث منهجية استنباط‬
‫وتطبيق القواعد القانونية‪ ،‬فضالً عن تشابه في القواعد الكلية والتطبيقات الفرعية‪.‬‬
‫كلمات دالة‪ :‬سن القوانني‪ ،‬سوابق قضائية‪ ،‬الفقه اإلسالمي‪ ،‬النظام األجنلوأميريكي‪،‬‬
‫النظام الالتيني‪ ،‬القانون املدني املقارن‪.‬‬

‫* باحث‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة الشارقة‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬

‫‪411‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫املقدمة‬
‫‪ -1‬توطئة‪:‬‬
‫إن الشرائع القانونية التي تتقاسم حكم العالم تتمثل في الشريعة الالتينية‪ ،‬التي تعود‬
‫جذورها إلى القانون الروماني‪ ،‬وجتد امتداداتها في القانون الفرنسي والتقنينات املدنية‬
‫التي تبعته‪ ،‬كما تتمثل في الشريعة اجلرمانية التي ُتطبق في أملانيا والنمسا‪ ،‬والشريعة‬
‫األجنلوأمريكية املطبقة في إجنلترا وأمريكا‪ ،‬والشريعة اإلسالمية التي كان العالم اإلسالمي‬
‫يتحاكم إليها ومازال لها دور مؤثر في بعض التقنينات العربية واإلسالمية(‪ .)1‬ويسود‬
‫على نطاق واسع بأن الشريعة اجلرمانية تقترب في منهجية التقنني من الالتينية؛ حيث‬
‫صنَّف العالمة السنهوري ‪ -‬رغم اهتمامه بالشريعة اجلرمانية ‪ -‬الشرائع الكبرى التي‬
‫حتكم القانون املدني املقارن إلى ثالثٍ فقط هي‪ :‬اإلسالمية‪ ،‬الرومانية واإلجنليزية(‪.)2‬‬
‫وفي هذا النطاق‪ ،‬فقد أُثيرت بعض املسائل ذات العالقة بالفقه اإلسالمي‪ ،‬فاملنهج الالتيني‬
‫طرحت حوله شبهات تربط أساسه بالفقه اإلسالمي‪ ،‬وقد يتقارب األخير مع منهج‬
‫السوابق القضائية من حيث ابتعاده عن التقنني‪ ،‬واقترابه من املنهج القضائي في مراحل‬
‫تطوره األولى إلى الوقت الذي تبنت فيه بعض التقننيات املدنية العربية منهجية «تقنني‬
‫الفقه اإلسالمي» متبعة خطى «املنهج التشريعي»‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬فإن موقف التقنيات املدنية من التقنني ميكن رده إلى منهجني‬
‫وتثِّل ُه‬
‫رئيسني‪ ،‬هما‪ :‬املنهج التشريعي‪ ،‬ومتثِّل ُه الشريعة الالتينية‪ ،‬واملنهج القضائي‪ ،‬مُ‬
‫الشريعة األجنلوأمريكية‪ ،‬فضالً عن أنظمة مزدوجة «‪ »Mixed Legal System‬تخلط بني‬
‫النظامني «الالتيني واألجنلوسكسوني» «‪ ،»Common Law & Civil Law‬و ُيطلق عليه‬
‫النظام «املقنن وغير املقنن»‪ )3(»Codified & Uncodified« ،‬ومن تطبيقاته النظم القانونية‬
‫في كل من والية لويزيانا األمريكية ومالطا والفلبني ومقاطعة كيبك في كندا‪ ،‬كما ورد‬
‫((( عبد السميع عبد الوهاب أبو اخلير‪ ،‬ورقة عمل تقدم بها إلى ورشة عمل بعنوان «األسلوب األمثل ملقارنة‬
‫الفقه اإلسالمي بالتشريعات الوضعية»‪ ،‬تقدمي ومناقشة د‪ .‬جاسم علي سالم الشامسي‪ ،‬مجلة الشريعة‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ع‪ ،12‬فبراير ‪ ،1999‬ص‪.413‬‬
‫((( نادية السنهوري وتوفيق الشاوي‪ ،‬عبد الرزاق السنهوري من خالل مذكراته الشخصية‪ ،‬ط‪ ،1‬الزهراء‬
‫لإلعالم العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1988 ،‬مذكرة رقم ‪ ،56‬كتبت في ليون ‪ 27‬ديسمبر ‪ ،1922‬ص‪ .81‬في حني ورد‬
‫عن د‪ .‬السنهوري في موضع آخر رأي يقضي بتقسيم رباعي يتمثل في اآلتي‪ :‬القوانني الالتينية (القانون‬
‫الفرنسي)‪ ،‬والقوانني اجلرمانية (القانونان األملاني والسويسري)‪ ،‬والقانون اإلجنليزي‪ ،‬والشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬راجع‪ :‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬وجوب تنقيح القانون املدني املصري وعلى أي أساس‬
‫يكون هذا التنقيح‪ ،‬مبناسبة العيد اخلمسيني للمحاكم األهلية‪ ،‬مقاالت وأبحاث د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪،‬‬
‫عدد خاص (ج‪ ،)1‬مجلة القانون واالقتصاد‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪.1992 ،‬‬
‫‪(3) William Tetley, Mixed Jurisdictions: Common Law v. Civil Law (Codified and Uncodified), Lou -‬‬
‫‪sian Law Review, Vol. 60, no.3 (Spring 2000).‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪412‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫املزج بني أحد النظامني سالفي الذكر‪ ،‬والنظام القانوني اإلسالمي‪ ،‬ومن هذه التطبيقات‬
‫ما هو معمول به في ماليزيا ونيجيريا(‪ ،)4‬ونرى أن إمارة دبي ستسير على هذا النهج في‬
‫املستقبل؛ من خالل إنشاء محاكم محلية تعمل بنظام السوابق القضائية (‪ )DIFC‬في ظل‬
‫نظام قانوني عام تبنى املنهج التشريعي منذ تأسيسه‪.‬‬

‫‪ -2‬أهمية البحث ودواعيه‪:‬‬


‫ما أن نشأت حركة التقنني وتطورت حتى تبنَّتها العديد من النظم القانونية متبعة املنهج‬
‫التشريعي‪ ،‬ومنها الدول العربية التي خرجت عن منهجها املقرر في الفقه اإلسالمي في‬
‫س ِّن القوانني‪ ،‬ولكنها حاولت أن تتمسك بإرثها اإلسالمي في بعض األحكام املوضوعية‪.‬‬ ‫َ‬
‫وباملقابل فإن دوالً أخرى عاشت أحقابا ً من الزمان دون أن تعرف املنهج التشريعي‪،‬‬
‫ومتسكت باملنهج القضائي وبدأت مؤخرا ً بطرح فكرة التقنني‪ ،‬كما ثارت شبهات تتعلق‬
‫باالقتباس املتبادل بني أحد املنهجني من جهة‪ ،‬والفقه اإلسالمي من جهة أخرى‪ ،‬وهو ما‬
‫أثبتته بعض النماذج التطبيقية والتي تقتضي تتبعها ومقارنتها‪ ،‬وهو ما نحاول التعرف‬
‫عليه في هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ -3‬منهج البحث‪:‬‬
‫يقوم البحث على اجلمع بني املنهجني التحليلي والوصفي القائمني على االستقراء‪ ،‬فضالً عن‬
‫املنهج املقارن‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪ • :‬حتليل الظاهرة محل الدراسة وبيان كيفية تطورها‬
‫واتساع نطاقها أو انحسارها من نظام قانوني آلخر‪ • .‬تتبع واستقراء التطبيقات القانونية‬
‫والفقهية في النظم القانونية محل الدراسة ومقارنتها مع بعضها البعض؛ الستخالص‬
‫النتائج والتوصيات‪ •.‬مقارنة املسائل محل الدراسة باتباع املنهج املقارن بني النظم القانونية‬
‫من جهة‪ ،‬والفقه اإلسالمي من جهة أخرى‪ ،‬سعيا ً الستخراج أوجه التماثل والتباين‪.‬‬
‫‪ -4‬خطة البحث‪:‬‬
‫قسمت البحث إلى‪ :‬مقدمة‪ ،‬ومبحثني على النحو اآلتي‪:‬‬
‫َّ‬
‫املبحث األول‪ :‬املنهج التشريعي في النظام القانوني الالتيني‬
‫املبحث الثاني‪ :‬املنهج القضائي في النظام القانوني األجنلوأمريكي‬

‫((( تعتمد ماليزيا على النظام املختلط أو املزدوج من خالل املزج بني مصادر القانون وبني التشريعات املقننة‬
‫والشريعة العامة »‪ «Common Law‬وفقا ً للمنهج القضائي‪ ،‬راجع للتفصيل‪:‬‬
‫‪Vernon Valentine Palmer and Mohamed Y. Mattar and Anna Koppel, Mixed Legal Systems: East and‬‬
‫‪West, Ashgate Publishing Co., Burlington, USA, 2015, p.279.‬‬

‫‪413‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫املبحث األول‬
‫املنهج التشريعي في النظام القانوني الالتيني‬
‫م َّرت حركة التقنني في الدول األوروبية بحقبات زمنية عديدة‪ ،‬وساهمت عدة عوامل في‬
‫تطور القواعد القانونية العرفية وحتولها إلى قواعد قانونية مكتوبة بالشكل الذي هي‬
‫عليه اليوم‪ ،‬ثم انتقلت من التقنينات الغربية إلى القوانني العربية وتأثرت بها‪ ،‬كما كان‬
‫لتطور املذاهب اإلسالمية وفكرة التدوين دور في تبني تلك القوانني للمنهج التشريعي‪،‬‬
‫وثارت شبهات حول تأثر املنهج التشريعي بالفقه اإلسالمي أو العكس‪.‬‬
‫ولتناول ما تقدم‪ ،‬فإننا نخصص املطلبني التاليني‪ :‬األول في حركة التقنني في القوانني‬
‫املقارنة‪ ،‬والثاني في شبهة التأثير املتبادل بني الفقه اإلسالمي والنظام الالتيني‪.‬‬

‫املطلب األول‬
‫حركة التقنني في القوانني املقارنة‬
‫ُينسب لالجتاه الالتيني وعمدته النظام القانوني الفرنسي‪ ،‬تطور فكرة التقنني وانتشارها‬
‫حول العالم‪ ،‬مبا فيها الدول العربية‪ ،‬والتي تباينت في منهجية تقنني القواعد القانونية من‬
‫حيث متسك بعضها بالفقه اإلسالمي قدر املستطاع بدرجات متفاوتة‪ ،‬وهو ما سوف‬
‫نتناوله في فرعني مستقلني‪ :‬نخصص األول للقوانني الغربية‪ ،‬والثاني للقوانني العربية‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫تطور التقنني في القوانني املدنية الغربية‬
‫أوالً‪ -‬نواة املنهج التشريعي‪:‬‬
‫انتقلت نواة التشريع األولى من اليونان إلى الرومان‪ ،‬وأطلق مصطلح الفقه الروماني‬
‫على القواعد القانونية لألمة الرومانية في العصور املختلفة منذ نشأتها وحتى وفاة‬
‫«جستنيان»‪ ،‬قبل ظهور اإلسالم بنصف قرن تقريبا ً(‪ .)5‬لقد نشأ القانون الروماني نشأة‬
‫عرفية‪ ،‬فلم يكن للتشريع إال دور ثانوي في تكوين القاعدة القانونية خالل العصرين‬
‫امللكي واجلمهوري‪ ،‬إذ إن التشريعات التي صدرت خالل هذه الفترة كانت ألسباب‬
‫سياسية‪ ،‬وفي العصر اإلمبراطوري أصبح التشريع هو املصدر األساسي لتطوير‬

‫((( مصطفى الرافعي‪ ،‬تاريخ التشريع والقواعد القانونية‪ ،‬ط‪ ،1‬الشركة العاملية للكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،1993 ،‬ص‪.18‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪414‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫القواعد القانونية(‪ ،)6‬إذ كان للرومان اهتمام كبير بالتقنني وأشهر مجموعاتهم األولى‬
‫(األلواح االثني عشر) التي مت جتميع القواعد العرفية فيها عام ‪ 452‬ق‪.‬م‪ ،‬من قبل هيئة من‬
‫احل َّكام ومت إخراجها من سريتها إلى الناس؛ لتصبح علنية فيحيطون بها علما ً(‪.)7‬‬
‫وللسيطرة على الفوضى التي اتسم بها الوضع القانوني في روما آنذاك‪ ،‬قام اإلمبراطور‬
‫جستنيان بوضع مجموعة قانونية مدنية مكتوبة‪ ،‬تتمثل في مجموعة الدساتير‬
‫اإلمبراطورية ‪ Codex‬ومجموعة النظم ‪ Institutes‬واملوسوعة ‪ Digests‬ومجموعة‬
‫الدساتير اجلديدة ‪ ،)8( Norelles‬وهي عبارة عن تثبيت وجتميع للقواعد الرومانية‬
‫السائدة آنذاك‪ ،‬وقد مت إجناز ذلك التقنني في ست سنوات؛ إلنقاذ الناس من الظلم بسبب‬
‫اجلهل بالقواعد العرفية‪ ،‬ومن سوء معاملة العارفني بهذه القواعد ومحتكريها؛ ولتحقيق‬
‫املساواة بالعلم بالقانون‪ ،‬مما كان له األثر العظيم في نشر العدالة التي اعتمد عليها العالم‬
‫املتمدن الحقا ً في بناء شرائعه املدنية(‪.)9‬‬
‫وأهم ما يمُ يِّز قانون جستنيان‪ ،‬هو تقسيم االلتزامات من حيث مصدرها إلى‪ :‬التزامات‬
‫ناشئة عن العقد كالبيع‪ ،‬وأخرى ناشئة عن شبه العقد كالوصية‪ ،‬والتزامات ناشئة عن‬
‫جرمية كالسرقة‪ ،‬وأخرى ناشئة عن شبه اجلرمية ومصدرها الفعل الضار(‪ .)10‬و ُيستدل‬
‫من ذلك أن التقسيمات الواردة انتقلت عبر حركة التقنني إلى القوانني التي أصدرها‬
‫نابليون في فرنسا‪ ،‬إذ تعد املجموعات الفرنسية التي سميت مبجموعات نابليون احلدث‬
‫األول من نوعه في هذا املضمار(‪ ،)11‬خاصة التقنني املدني الذي صدر في ‪ 21‬مارس ‪،1804‬‬
‫حيث يعد بداية حلركة التقنني في القوانني احلديثة‪ ،‬وأخذت معظم نصوصه من املبادئ‬
‫القانونية التي كانت سائدة في فرنسا ومن كتب الفقيهني املشهورين (دوما) و (بوتيه) ثم‬
‫صدر التقنني التجاري البحري عام ‪...1807‬إلخ(‪ ،)12‬حتى وصف البعض هذا التقنني أنه‬

‫((( علي محمد جعفر‪ ،‬نشأة القوانني وتطورها‪ :‬مدخل لدراسة القوانني القدمية ‪ -‬القانون الروماني ‪-‬‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬املؤسسة اجلامعية‪ ،‬بيروت‪ ،2002 ،‬ص‪.184‬‬
‫((( علي غالب الداودي‪ ،‬املدخل إلى علم القانون‪ ،‬ط‪ ،1‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2004 ،‬ص‪.143‬‬
‫‪(8) Arthur Schiller, Roman Law: Mechanisms of Development, Mouton Publishers, Malta, 1978,‬‬
‫‪Pp.29-31.‬‬
‫((( علي غالب الداودي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪143‬‬
‫(‪ ((1‬غسان رباح‪ ،‬الوجيز في القانون الروماني والشريعة اإلسالمية‪ ،‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫بيروت‪ ،2007 ،‬ص‪.146-140‬‬
‫‪(11) Jacqueline Moreau-David, Code civil français et Code civil qatarien: regards sur la codification,“the‬‬
‫‪Qatari Civil Code in its First Decade”, A legal Confrence 23-24 November 2014, Collage of law,‬‬
‫‪Qatar University, Doha, p.206.‬‬
‫(‪ ((1‬علي غالب الداودي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،143‬كذلك راجع‪.Jacqueline Moreau-David, op.cit., p.205 :‬‬

‫‪415‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫«التقنني الثوري» «‪ »Revolutionary Code‬ملا يعكسه من إجنازات الثورة الفرنسية(‪ ،)13‬إال‬


‫أن الربط بني فكرة التقنني وقيام الثورة الفرنسية وظهور مجموعة نابليون أمر فيه نظر‪،‬‬
‫حيث َعرف التاريخ حركة التقنني منذ زمن بعيد(‪.)14‬‬
‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬فإن تقنينات نابليون جعلت التشريع(‪ )15‬مبعناه القانوني املصدر‬
‫األهم للقانون الفرنسي والقوانني التي تتبع النظام القانوني الالتيني‪ ،‬وبسبب انعكاسات‬
‫الثورة الفرنسية على السلطة الدينية‪ُ ،‬وضعت أحكام األسرة في التقنني املدني الفرنسي‬
‫إلثبات الطبيعة العلمانية لهذا القانون(‪.)16‬‬

‫ثانياً‪ -‬تقنني نابليون وانتشاره في أنحاء العالم‪:‬‬


‫كان لتقنني نابليون األثر الساحر في العالم خالل القرن التاسع عشر؛ حتى أطلق عليه‬
‫البعض «عصر التقنني»(‪ ،)17‬فانتشرت فكرة «تقنني نابليون» واقتبستها كثير من الدول‬
‫األوروبية مع تعديالت محلية لتناسب كل دولة‪ ،‬وسارعت تلك الدول إلى إصدار‬
‫التقنينات املدنية املتأثرة بالتقنني املدني الفرنسي‪ ،‬ومنها التقنني املدني النمساوي (‪،)1811‬‬
‫واإليطالي (‪ ،)1865‬والهولندي (‪ )1838‬والبرتغالي (‪... )1867‬إلخ‪ ،‬ويؤكد الباحثون أن‬
‫التقنني املدني الفرنسي كان وراء والدة القانون املدني األملاني (‪ 14‬متوز‪/‬يوليو ‪)1896‬‬
‫والذي دخل حيز التنفيذ في أول يوم من عام (‪ ،)18()1900‬بل وتخطى تأثير قانون نابليون‬
‫إلى بعض الواليات األمريكية‪ ،‬وفي مقدمتها والية لويزيانا «‪ )19(»Louisana‬التي أصدرت‬

‫‪(13) William Tetley, op. cit., p.687.‬‬


‫(‪ ((1‬محمد جبر األلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫(‪ ((1‬والتشريع بهذا املعنى هو كل قاعدة قانونية مكتوبة تصدر عن السلطة التي مينحها الدستور االختصاص‬
‫بوضع التشريع‪ ،‬راجع‪ :‬عدنان سرحان وآخرون‪ ،‬املدخل لدراسة القانون «نظرية القانون‪ -‬نظرية‬
‫العقد»‪ ،‬مكتبة اجلامعة‪ ،‬الشارقة‪ ،2012 ،‬ص‪.67‬‬
‫‪(16) Jacqueline Moreau-David, Op.Cit., p.211.‬‬
‫(‪ ((1‬محمد زكي عبد البر‪ ،‬تقنني الفقه اإلسالمي‪ :‬املبدأ واملنهج والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار إحياء التراث اإلسالمي‪،‬‬
‫الدوحة‪ ،1986 ،‬ص‪.33‬‬
‫‪(18) William Tetley, op. cit., p.688.‬‬
‫قسم التقنني املدني األملاني إلى ‪ 5‬فصول‪ ،‬األول قواعد عامة مثل تقسيم األشياء‪ ،‬واألهلية القانونية‬ ‫و ُي َّ‬ ‫ ‬
‫‪..‬إلخ‪ ،‬والثاني نظرية االلتزامات‪ ،‬والثالث القواعد املتعلقة بالعقار وما يتعلق به من حقوق‪ ،‬والرابع يتعلق‬
‫بالعائلة‪ ،‬واخلامس يتعلق بالتركة واإلرث‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪George Mousourakis, Roan Law and the origin of the civil law tradition, Springer, New York, 2015, p.295.‬‬
‫(‪ ((1‬يستند النظام القانوني في هذه الوالية (لويزيانا) على التقنني متأثرا ً بالنهج الفرنسي‪ ،‬وقد ضم القانون‬
‫املدني لهذه الوالية ‪ 2160‬مادة قانونية منها ‪ 1516‬مادة مقتبسة من القانون املدني الفرنسي بنسبة تقارب‬
‫‪ % 70‬من مجمل نصوص القانون‪ ،‬مع اقتباسات أخرى من مواد قانونية إسبانية‪ ،‬راجع في هذا‪:‬‬
‫‪A.N. Yiannopolulos, The Civil Code of Louisiana: Civil Law Commentaries,V.1,Winter 2008, Issue1, p.8.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪416‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫قانونا ً مدنيا ً عام ‪ 1808‬متأثرا ً بالقانون املدني الفرنسي‪ ،‬والذي أ َّثر الحقا ً في القانون‬
‫املدني لوالية نيويورك(‪.)20‬‬
‫من جانب آخر‪ ،‬فقد ساهمت املدارس الفلسفية القانونية في تطور حركة التقنني‪ ،‬وإثراء‬
‫التقنني املدني الفرنسي‪ ،‬والذي لم يكن إال نتيجة منطقية للمذهب التقليدي في القانون‬
‫الطبيعي‪ ،‬والذي يقضي بأن مصدر القانون هو األمة‪ ،‬فمادام القانون الطبيعي ثابتا ً‬
‫ال يتغير‪ ،‬فإن التقنني ال يتنافى مع ذلك؛ حيث ميكن للعقل البشري أن يكشف القانون‬
‫سجله في كتاب‪ ،‬وال خوف على القانون من أن يصيبه اجلمود(‪ ،)21‬أما مدرسة‬
‫الطبيعي و ُي ِّ‬
‫«الشرح على املتون» فكان لها دور مؤثر‪ ،‬فاملنت هو النص الوضعي‪ ،‬وبصفة أدق هو‬
‫التقنني املدني الفرنسي (‪ ،)1804‬والذي نتج عنه اعتقاد راسخ بفكرتني‪:‬‬
‫الفكرة األولى تتمثل في كمال التشريع‪ ،‬حيث اعتبر التشريع كامالً ال نقص فيه‪ ،‬ولذا‬
‫يعد املصدر الوحيد للقانون(‪ ،)22‬فقالوا تبعا ً لذلك بضرورة التخلص من املصادر الكاذبة‪،‬‬
‫وفي مقدمتها‪ :‬السوابق القضائية والعادات غير املنصوص عليها في التقنني(‪.)23‬‬
‫وأما الفكرة الثانية فتتمثل في واجب احملافظة على التقنني؛ باعتباره املصدر الوحيد‬
‫للتأويل وذلك باتباع منهجية معينة‪ ،‬تتلخص بالتقيد بالنص في حالتي غموضه أو‬
‫غيابه‪ ،‬عبر التحليل اللفظي؛ لفهم املعنى الصحيح باعتماد اللغة والقواعد النحوية؛‬
‫للبحث عن املعنى املقصود‪ ،‬فإن تعذر ذلك ُيصار إلى التحليل القصدي‪ ،‬بااللتجاء إلى‬
‫البحث عن قصد املش ِّرع ونيته؛ لسد النقص والثغرات التي وجدت في التقنني‪ ،‬ليبقى‬
‫متمتعا ً بصفة الكمال(‪.)24‬‬
‫أما املدرسة التاريخية املعارضة للتقنني بزعامة الفقيه سافيني (‪ )Savigny‬والتي أثبتت‬
‫أن القانون كائن حي ينمو ويتطور‪ ،‬وهو أكثر مرونة من أن يعيش في نصوص جامدة‪،‬‬
‫مادامت احلياة في تطور مستمر‪ ،‬وهذه احلقيقة وإن كانت ال تنسجم مع التقنني إال أنها‬
‫ال تصطدم معه(‪ ،)25‬حيث ميكن وضع تقنينات تتسم باملرونة وتواكب التطورات‪ ،‬وهو‬
‫ما تنبَّه إليه املش ِّرع الفرنسي‪ ،‬فكانت صياغته ألحكام املسائل العملية تنطوي على قدر‬
‫‪(20) A.N. Yiannopoulos, Op. Cit., p.12.‬‬
‫(‪ ((2‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬دروس في مقدمة الدراسات القانونية‪ ،‬ط‪ ،2‬املطابع األميرية‪ ،‬القاهرة‪،1969 ،‬‬
‫ص‪.62-61‬‬
‫(‪ ((2‬محمد كمال شرف الدين‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪ -‬النظرية العامة للحق‪ ،‬ط‪ ،1‬مجمع األطرشي للكتاب‬
‫املتخصص‪ ،‬تونس‪ ،2017 ،‬ص‪.172‬‬
‫(‪ ((2‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1974 ،‬ص‪.749‬‬
‫(‪ ((2‬محمد كمال شرف الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.172‬‬
‫(‪ ((2‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬وجوب تنقيح القانون املدني املصري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41‬‬

‫‪417‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫كبير من املرونة‪ ،‬مبا يسمح لها أن تتطور من خالل التطبيق والتفسير‪ ،‬فتتماشى مع‬
‫مقتضيات احلياة العملية وتطورها(‪.)26‬‬
‫وبرغم ما مت ذكره في مساهمة املذاهب الفلسفية القانونية في تطور حركة التقنني‪،‬‬
‫وانعكاساتها على التقنني الفرنسي‪ ،‬إال أن مدرسة البحث العلمي احلر(‪ )27‬ورائدها الفقيه‬
‫جني (‪ )Geny‬كان له احلصة األكبر في تطور منهجية التقنني في العصر احلديث‪ ،‬من‬
‫خالل جملة من أبحاثه‪ ،‬كان آخرها كتابه الذي يحمل عنوان “العلم والصياغة في القانون‬
‫اخلاص”(‪ )28‬حني ف َّرق بني صناعة القضاء وصناعة الفقه وصناعة التشريع وصناعة‬
‫التقنني‪ ،‬وهذه األخيرة ميكن النظر إليها من ناحيتني داخليتني‪ :‬األولى تعنى باإلجراءات‬
‫وهي أفضل السبل التي تتبع في إجراءات التقنني‪ ،‬والثانية تعنى باملادة التشريعية(‪.)29‬‬
‫وقد انعكست تلك األفكار على طبيعة النظام الالتيني املعاصر‪ ،‬والذي يتبع منهج‬
‫التشريع‪ ،‬فبات يستند إلى قواعد قانونية واضحة؛ ولهذا ظهر التمييز بني القانونني العام‬
‫واخلاص‪ ،‬في حني أن النظام القانوني غير املقنن يعتمد على تقسيمات احملاكم العامة‬
‫ومحاكم العدالة؛ ولذا يهتم النمط األول بالقانون املوضوعي املن ِّظم للعالقة فيما بني‬
‫األفراد أي «املعامالت املدنية»‪ ،‬بخالف النمط الثاني الذي يهتم بالقانون اإلجرائي مثل‬
‫قانوني املرافعات واإلثبات(‪.)30‬‬
‫وميتاز املنهج التشريعي وفي مقدمته التقنني املدني الفرنسي مبزية التمييز بني دائرة‬
‫التشريع ودائرة الفقه‪ ،‬فلم يجاوز الدائرة األولى إلى الثانية‪ ،‬ولم يتخذ موقفا ً معينا ً من‬
‫النظريات الفقهية واملذاهب الفلسفية‪ ،‬فحذف واضعوه ثالثا ً وثالثني مادة من املشروع‬
‫تخوض في مذاهب فلسفية‪ ،‬ومنها مذهب القانون الطبيعي(‪.)31‬‬
‫وفي خضم تلك التطورات كانت الدول العربية في طور التكوين واالستقالل‪ ،‬وبدأت‬
‫حركة التقنينات املدنية تنشط فيها‪ ،‬فتباينت توجهات مش ِّرعيها‪ ،‬واتسعت دائرة التفكير‬
‫بإصدار قوانني مدنية حديثة على خطى املشرع الفرنسي ومنهجه في التشريع‪.‬‬

‫(‪ ((2‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬من مجلة األحكام العدلية إلى القانون املدني العراقي وحركة التقنني املدني في‬
‫العصور احلديثة‪ ،‬مقاالت وأبحاث األستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬عدد خاص (ج‪ ،)1‬مجلة‬
‫القانون واالقتصاد‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪1992 ،‬م‪ ،‬ص‪. 278‬‬
‫(‪ ((2‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪68‬؛ محمد كمال شرف الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.172‬‬
‫‪(28) F. GĒNY, Science et Technique en droit privé positif, SIREY, Paris, 1910.‬‬
‫(‪ ((2‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬وجوب تنقيح القانون املدني املصري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 98-97‬‬
‫‪(30) William Tetley, op. cit., Pp.706-707.‬‬
‫(‪ ((3‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬من مجلة األحكام العدلية إلى القانون املدني العراقي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪278‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪418‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫الفرع الثاني‬
‫انتقال التقنني إلى القوانني املدنية العربية‬
‫من األمر املقطوع به أن التقنني بصورته احلديثة لم يكن معروفا ً في تاريخ الفقه اإلسالمي‬
‫والقضاء قبل أواخر احلكم العثماني‪ ،‬حيث كان القضاة يتصدون للنظر في القضايا‬
‫يترجح لديهم‪ .‬وهذا يعني أنهم كانوا يطبقون‬‫َّ‬ ‫باالجتهاد في الدالئل والوقائع بحسب ما‬
‫«املنهج القضائي» وفقا ً لضوابط الفقه اإلسالمي‪ ،‬وهو منهج يقترب من فكرة السوابق‬
‫القضائية‪ ،‬حيث يعمد القاضي إلى البحث في كتب الفقه املعتمدة لديه؛ الستنباط احلكم وهو‬
‫غالبا ً ما يكون محكوما ً بالراجح من األقوال‪ ،‬التي تعد مبثابة سابقة فقهية يقتضي اخلروج‬
‫عليها ضوابط منهجية محددة‪ ،‬تخضع في مجملها لقواعد أصول الفقه اإلسالمي(‪.)32‬‬
‫ومبرور الزمن كانت حركة التقنني تنمو وتتطور في الدول العربية‪ ،‬ويرجع ذلك إلى‬
‫أمرين‪ :‬األول هو نشاط حركة التأليف والتدوين في مذاهب الفقه اإلسالمي‪ ،‬وإنشاء‬
‫املدونات الفقهية‪ ،‬وطرح فكرة إلزام القضاة بتطبيق بعض تلك املدونات وفقا ً ملنهجية املذهب‬
‫اآلحادي كالفتاوى الهندية‪ ،‬مجلة األحكام الشرعية احلنبلية‪ ،‬ومجلة األحكام الشرعية‬
‫املالكية‪ ،‬ومجلة األحكام العدلية وغيرها(‪ ،)33‬واألمر الثاني هو انتشار الفقه القانوني الغربي‬
‫وحتديدا ً الالتيني‪ ،‬حيث ساهمت الدول الغربية التي نشطت فيها حركة التقنني‪ ،‬بوضع‬
‫تقنينات لبعض الدول العربية قبل استقاللها‪ ،‬بغية نقل نظمها القانونية إليها(‪.)34‬‬
‫ويرى العالمة السنهوري أن النظم القانونية التي كانت سائدة في الوطن العربي خالل‬
‫احلقبة التي سبقت صدور التقنينات احلديثة فيه تعود إلى ثالث طوائف‪ :‬األولى قانونها‬
‫املدني غير مكتوب وفي مقدمتها اململكة العربية السعودية وتطبق املذهب احلنبلي‪ ،‬واليمن‬
‫وتطبق املذهب الزيدي‪ ،‬والثانية قانونها املدني‪ ،‬هو تقنني الشريعة اإلسالمية في املذهب‬
‫احلنفي «مجلة األحكام العدلية» التي أصدرتها الدولة العثمانية‪ ،‬فتطبقها البالد التي كانت‬
‫تقع حتت حكمها‪ ،‬واستمر العمل بها بعد انهيار الدولة العثمانية‪ ،‬وهي سورية والعراق‬
‫وفلسطني واألردن وليبيا‪ ،‬والثالثة‪ ،‬قانونها املدني مقتبس من القانون املدني الفرنسي‬
‫وتشمل مصر ولبنان وتونس واجلزائر ومراكش(‪.)35‬‬

‫(‪ ((3‬هيثم بن فهد الرومي‪ ،‬الصياغة الفقهية في العصر احلديث‪ :‬دراسة تأصيلية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار التدمرية‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص‪.395‬‬
‫(‪ ((3‬محمد عبد العزيز الفايز‪ ،‬تقنني األحكام القضائية‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة اجلريس‪ ،‬الرياض‪1431 ،‬هـ‪ ،‬ص‪ 42‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ((3‬هيثم الرومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.466‬‬
‫(‪ ((3‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬القانون املدني العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫‪419‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫اشتركت التقنينات العربية في معظمها بالتأثر بالفقه اإلسالمي على نحو متفاوت‪ ،‬ونص‬
‫بعضها في مقدمته على أن الشريعة اإلسالمية من مصادر القانون‪ ،‬بل وأنزل املشرع في‬
‫كثير من تلك التقنينات مبادئ الشريعة منزلة املبادئ الدستورية وتعد بالتالي من صلب‬
‫النظام العام‪ ،‬ويترتب على ذلك أهمية كبيرة على الصعيد التشريعي من حيث دستورية‬
‫تلك التقنينات في حال مخالفتها لقواعد الشريعة اإلسالمية(‪.)36‬‬
‫وبناء على ما تقدم‪ ،‬نرى أن التقنينات العربية من حيث تأثرها باملنهج التشريعي التابع‬
‫للنظام الالتيني من جانب‪ ،‬ومنهج الفقه اإلسالمي من جانب آخر‪ ،‬كانت على درجات‬
‫متفاوتة‪ ،‬وميكن تصنيفها على النحو اآلتي‪:‬‬

‫أوالً‪ -‬تصنيف التقنينات املدنية املتأثرة بالفقه الالتيني‪:‬‬


‫ميكن القول إن التقنينات العربية املتأثرة بالفقه الالتيني وحتديدا ً القانون الفرنسي‪،‬‬
‫ميكن فرزها إلى عائلتني‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬
‫العائلة األولى‪ :‬تضم تقنينات «مجالت» مدنية تنحدر من أقدم تقنني مدني عربي نافذ‪،‬‬
‫هو «مجلة االلتزامات والعقود التونسية» الصادرة في عام ‪ ،1906‬ثم اقتُبس منها التقنني‬
‫املغربي «ظهير االلتزامات والعقود» عام ‪ ،1913‬اقتباسا ً شبه كلي‪.‬‬
‫وبعد ذلك وبسعي من سلطة احلماية الفرنسية‪ ،‬صدر عام ‪ ،1932‬القانون املدني اللبناني‪،‬‬
‫وهو بدوره مأخوذ بشكل مباشر من القانون املغربي‪ ،‬مع تعديالت فرضتها خصوصية‬
‫املجتمع اللبناني‪ ،‬وبشكل غير مباشر من املجلة التونسية‪ ،‬وفي عام ‪ 1989‬صدرت مجلة‬
‫االلتزامات والعقود املوريتانية املستمدة مباشرة من املجلة املغربية‪ ،‬مبا يجعلها بالتالي‬
‫متصلة بوجه غير مباشر باملجلة التونسية(‪ .)37‬ومن سمات هذه العائلة ومصدرها املجلة‬
‫التونسية سالفة الذكر‪ ،‬ما يأتي‪:‬‬
‫ ‪−‬غموض مقصود في هذه العائلة من حيث النص على املصادر الشكلية‪ ،‬واعتبار التشريع‬
‫املصدر الشكلي األساسي للتقنني‪ ،‬وفي هذا التزام واضح مبنهجية الشرح على املتون‪.‬‬
‫ ‪−‬غياب النص الصريح واملباشر على اعتبار الفقه اإلسالمي كمصدر شكلي ولو احتياطي‪.‬‬
‫ ‪−‬استمداد محدود لألحكام املوضوعية املستوحاة من الفقه اإلسالمي‪ ،‬تأثرا ً بالفقه القانوني‬
‫الغربي من حيث التقسيم والتبويب وتبني األحكام املوضوعية‪.‬‬
‫(‪ ((3‬محمد حسني منصور‪ ،‬الشريعة اإلسالمية من مصادر التقنني املدني‪ ،‬بحوث مؤمتر التقنني املدني‬
‫القطري في عقده األول ‪ 24-23‬نوفمبر ‪ ،2014‬كلية القانون‪ ،‬جامعة قطر‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪ ((3‬محمد كمال شرف الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.188-187‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪420‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫وتطبيقا ً ملا تقدم‪ ،‬نصت املادة (‪ )535‬من املجلة التونسية على اآلتي‪« :‬إذا تعذر احلكم بنص‬
‫صريح من القانون اعتبر القياس‪ ،‬فإن بقي شك جرى احلكم على مقتضى القواعد العامة‬
‫للقانون»‪.‬‬
‫ويعني ذلك أن التشريع هو املصدر الشكلي األساسي‪ ،‬فإن غاب جرى العمل بالقياس‬
‫على التشريع املوجود ذاته‪ ،‬وإن بقي شك مت تطبيق «القواعد العامة للقانون»(‪ )38‬وكذلك‬
‫استبعدت املجلة املغربية ما يقابل املادة (‪ )535‬الواردة في املجلة التونسية‪ ،‬فلم يرد ذكر‬
‫للفقه اإلسالمي كمصدر للقانون‪ ،‬وطبَّق ذات املسلك في قانون املوجبات اللبناني؛ لتفادي‬
‫التعرض ملكانة الشريعة اإلسالمية في قانون قد ال يحتمل اخلوض في هذه املسألة؛ نظرا ً‬
‫لتعدد ديانات مواطنيها‪.‬‬
‫العائلة الثانية‪ :‬تضم التقنني املدني املصري‪ ،‬والتقنينات املدنية العربية التي انحدرت‬
‫منه‪ ،‬مع تفاوت في درجات تأثرها به‪ ،‬ومنها القانون املدني العراقي (‪ ،)1951‬والذي‬
‫وضعه العالمة السنهوري بتكليف من احلكومة العراقية(‪ ،)39‬والقانون املدني الليبي‬
‫(‪ ،)1953‬واجلزائري (‪ ،)1975‬والقانون املدني القطري (‪ ،)2004‬وغيرها‪ ،‬وتعد مصر من‬
‫أوائل الدول العربية التي د َّونت تقنينها املدني منذ القرن التاسع عشر‪ ،‬حتى استقر احلال‬
‫بصدور قانونها املدني احلالي في عام ‪.1948‬‬
‫ولم تطبق مجلة األحكام العدلية في مصر؛ كونها لم تكن خاضعة لسيطرة العثمانيني‪ ،‬وكان‬
‫أول تقنني مدني حديث يصدر فيها هو القانون املدني الصادر في ‪ 22‬سبتمبر ‪ ،1883‬والذي‬
‫وضع بالتعاون مع أحد احملامني اإليطاليني الذي كان يعمل قاضيا ً في محكمة اإلسكندرية‬
‫املختلطة باالشتراك مع محمد قدري باشا‪ ،‬ومت وضعه باللغة الفرنسية أوالً ثم ترجم إلى‬
‫العربية‪ ،‬وتأثر هذا القانون بالقانون الفرنسي وجتاهل النظريات الفقهية اإلسالمية مثل‬
‫التعسف في استعمال احلق ونص على مفهوم االستبدال في املادة (‪ )186‬وما بعدها بدالً‬
‫من نظرية احلوالة‪ ،‬فضالً عن عيوب الصياغة التشريعية وعدم وضوح املصطلحات(‪،)40‬‬
‫لذا نقد ُه العالمة السنهوري بالقول‪« :‬ولم يقتصر التقنني املصري على نقل عيوب التقنني‬
‫الفرنسي‪ ،‬بل زاد عليها عيوبا ً من عنده‪ ..... ،‬ففي تقنينا املدني القدمي فضول واقتضاب‪،‬‬
‫(‪)41‬‬
‫وفيه غموض وتناقض‪ ،‬ثم هو يقع في كثير من األخطاء الفاحشة‪»..‬‬

‫خصص املشرع لتلك القواعد املواد من (‪ )523‬إلى (‪ )562‬واملستوحاة من الفقه اإلسالمي‪.‬‬


‫(‪َّ ((3‬‬
‫(‪ ((3‬يقول السنهوري في مذكراته ليوم ‪ 19‬يوليو ‪« :1943‬وقد كلفتني احلكومة العراقية بوضع مشروع‬
‫لقانون مدني‪ ،‬فسرني كثيرا ً أن أُكلف بهذه املهمة‪ ،»..‬راجع‪ :‬نادية السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق السنهوري‬
‫من خالل أوراقه الشخصية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫(‪ ((4‬خليفة بابكر احلسن وعبد الهادي السراج‪ ،‬تاريخ التشريع اإلسالمي ومصادره‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪،‬‬
‫‪ ،1997‬مطبوعات جامعة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ص‪.213-212‬‬
‫(‪ ((4‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط‪ ،‬في شرح القانون املدني اجلديد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫‪421‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫وأبرز سمات هذه العائلة املنحدرة من التقنني املدني املصري مع تأثير متفاوت بالفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬اآلتي‪:‬‬
‫ ‪−‬وضوح موقف هذه العائلة من اعتبار الشريعة اإلسالمية مصدرا ً شكليا ً احتياطيا ً‬
‫للتقنني‪ ،‬عند غياب النص‪ ،‬مع تنوع تلك املصادر وتباين ترتيبها من تقنني آلخر‪.‬‬
‫ ‪−‬محاولة املزج بدرجات متفاوته بني التقنينات الالتينية وحتديدا ً القانون الفرنسي‬
‫والفقه اإلسالمي‪ ،‬باعتبار األخير أحد املصادر املادية الستمداد األحكام املوضوعية‪.‬‬
‫إن املنهج الذي اتبعه السنهوري في أول جتربة له‪ ،‬وهي القانون املدني املصري هو منهج‬
‫التلفيق التشريعي من القوانني املدنية املقارنة والفقه اإلسالمي‪ ،‬والقضاء املصري القدمي‬
‫وبعضها مستمد من أصول التينية وجرمانية وإسالمية‪ ،‬يراه البعض غير مؤثر على‬
‫وحدة ومتاسك التقنني املذكور(‪.)42‬‬
‫وطبقا ً لإلعالن الدستوري املصري الصادر عام ‪ ،2011‬فإن الشريعة اإلسالمية مصدر‬
‫للتشريع‪ ،‬إذ نصت املادة (‪ )2‬منه ‪« :‬اإلسالم دين الدولة‪ ،‬واللغة العربية لغتها الرسمية‪،‬‬
‫ومبادئ الشريعة اإلسالمية املصدر الرئيسي للتشريع»‪ .‬وهذا النص نقل كما هو من‬
‫دستور ‪ 1971‬الساري حتى ثورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬والذي ُع ّطل العمل به مبقتضى اإلعالن‬
‫الدستوري الصادر في ‪ 13‬فبراير ‪ ،)43( 2011‬وكانت املناقشات قد أثيرت سابقا ً حول‬
‫هذا النص من خالل استخدام عبارة «مصدر رئيسي» أو «املصدر الرئيسي» للتشريع‪،‬‬
‫وكان هنالك مقترح إلضافة كلمة «الوحيد»(‪ )44‬وقد استقر الرأي خالل وضع الدستور عام‬
‫‪ 1971‬على عبارة «مصدر رئيسي للتشريع» ثم ُع ِّدلت املادة املذكورة بتاريخ ‪ 22‬مايو ‪1980‬‬
‫لتصبح «املصدر الرئيسي للتشريع»‪ ،‬والفرق واضح فالعبارة األولى ال متنع من وجود‬
‫مصادر أخرى للتشريع بخالف الثانية‪ ،‬فكان ذلك تصحيحا ً لصياغة قانونية مهمة(‪.)45‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك نصت املادة (‪ )1‬من القانون املدني املصري على اآلتي‪ -1« :‬تسري‬

‫(‪ ((4‬فايز محمد حسني‪ ،‬أثر مشروع السنهوري في القوانني املدنية‪ ،‬ندوة تطور العلوم الفقهية في نسختها‬
‫الثالثة عشرة حتت عنوان (الفقه اإلسالمي املشترك اإلنساني واملصالح) من ‪ 6‬إلى ‪ 9‬أبريل ‪،2014‬‬
‫منشورات وزارة األوقاف‪ ،‬مسقط‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫(‪ ((4‬حسن حسني البراوي‪ ،‬تأثير الشريعة في القانون املدني القطري‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة القانون الدولي‪،‬‬
‫كلية القانون‪ ،‬جامعة قطر‪ ،‬العدد‪ ،2‬سنة ‪ ،2013‬ص‪.3‬‬
‫(‪ ((4‬محمد عبد اجلواد‪ ،‬بحوث في الشريعة اإلسالمية والقانون ‪ -‬تقنني الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬منشأة‬
‫املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1991 ،‬ص‪.20‬‬
‫(‪ ((4‬محمد وفيق زين العابدين‪ ،‬تطبيق الشريعة بني الواقع واملأمول‪ ،‬ط‪ ،3‬دار السالم‪ ،‬القاهرة‪،2012 ،‬‬
‫ص‪ .145‬علي جنيدة‪ ،‬دور الشريعة اإلسالمية في القانون الوضعي‪ ،‬املجلة القانونية والقضائية‪ ،‬وزراة‬
‫العدل القطرية‪ ،‬العدد‪ ،1‬السنة ‪ ،9‬يونيو ‪ ،2015‬ص‪.68‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪422‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫النصوص التشريعية على جميع املسائل التي تتناول هذه النصوص في لفظها أو في‬
‫فحواها‪ -2 .‬فإذا لم يوجد نص تشريعي ميكن تطبيقه‪ ،‬حكم القاضي مبقتضى العرف ‪،‬‬
‫فإذا لم يوجد ‪ ،‬فبمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬فاذا لم توجد‪ ،‬فبمقتضى مبادئ‬
‫القانون الطبيعي وقواعد العدالة»‪.‬‬
‫ويقول السنهوري معلقا ً على هذا النص‪« :‬إن املش ِّرع املصري بالرغم من كل هذا‪ ،‬لم‬
‫يخط خطوة حاسمة في جعل القانون املدني مشتقا ً في مجموعه من الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫فاليزال القانون املدني اجلديد ميثل الثقافة املدنية الغربية ال الثقافة القانونية اإلسالمية‪،‬‬
‫وإذا كان قد جعل الفقه اإلسالمي من بني مصادره الرئيسية‪ ،‬فقد جعله يأتي في املكان‬
‫الثالث بعد النصوص والعرف‪ ،)46( »..‬فالعرف وفقا ً لعلماء األصول ال يعمل به كمصدر‬
‫من مصادر التشريع إال حيث غاب النص من القرآن والسنة‪ ،‬ولم يكن هنالك إجماع أو‬
‫قياس صحيح(‪ )47‬هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى فإن العرف لم يع ِّرف ُه القانون ولم‬
‫يضع له ضوابط اشترطها الفقهاء‪ ،‬منها أن يكون صحيحا ً غير مناقض ألحكام الشريعة‬
‫الثابتة واإلجماع والقياس الصحيح(‪.)48‬‬
‫رغم كل ما تقدم‪ ،‬فإن بعض نصوص التقنني املدني املصري جاءت مخالفة ألحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية نذكر بإيجاز منها اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬قبول زيادة التعويض االتفاقي عن حقيقة الضرر والواقع فعالً‪:‬‬
‫مبوجب املادة (‪ )225‬من القانون املدني املصري والتي تنص‪« :‬إذا جاوز الضرر قيمة‬
‫التعويض االتفاقي‪ ،‬فال يجوز للدائن أن يطالب بأكثر من هذه القيمة‪ ،‬إال إذا أثبت أن‬
‫املدين قد ارتكب غشا ً أو خطأ ً جسيما ً”‪ ،‬فاشتراط مقدار التعويض في حال وقوع‬
‫الضرر أو قبل وقوعه من الشروط الفاسدة غير املعتبرة‪ ،‬ملا فيه من الغرر واجلهالة‪،‬‬
‫إذ إن التعويض في الشرع يكون على قدر الضرر‪ ،‬فمادام لم يتحقق الضرر فال محل‬
‫لتقدير التعويض مسبقاً‪ ،‬وإذا ما جاوز الضرر قيمة التعويض االتفاقي‪ ،‬جاز للدائن أن‬
‫يطالب بأكثر من هذه القيمة(‪.)49‬‬
‫‪ -2‬السماح بتقاضي الفوائد القانونية واالتفاقية‪:‬‬
‫تطبيقا ً لنصوص املواد (‪ )226‬و(‪ )227‬و(‪ )228‬يحق للدائن تقاضي فوائد عن تأخر‬

‫(‪ ((4‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬القانون املدني العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫(‪ ((4‬محمد وفيق زين العابدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫(‪ ((4‬مصطفى الزملي‪ ،‬أصول الفقه اإلسالمي في نسيجه اجلديد‪ ،‬ط‪ ،5‬اخلنساء للطباعة‪ ،‬بيروت‪ ،1999 ،‬ص‪.70‬‬
‫(‪ ((4‬محمد وفيق زين العابدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .78‬في حني أن قانون املعامالت املدنية اإلماراتي ذهب إلى‬
‫منح القاضي احلق بإعادة تقدير التعويض االتفاقي بناء على طلب أحد الطرفني‪ ،‬راجع املادة (‪.)2/390‬‬

‫‪423‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫املدين في الوفاء بالدين النقدي سوا ًء بالتراضي أو بالتقاضي‪ ،‬ومعلوم أن كل اتفاق‬


‫على تقاضي فوائد مقابل االنتفاع مببلغ من النقود أو التأخير في الوفاء به يقع باطالً‬
‫شرعاً‪ ،‬وتعد فائدة مستترة كل عمولة أو منفعة أيا ً كان نوعها كان قد اشترطها الدائن‪،‬‬
‫إذا ما ثبت أن هذه العمولة أو املنفعة ال تقابلها خدمة حقيقية‪ ،‬وكل ما يجوز للدائن‬
‫املطالبة به إذا ما تأخر املدين عن الوفاء بالدين هو تعويض الضرر املادي أو األدبي‬
‫الذي حلقه بسبب هذا التأخير وفقا ً للقواعد العامة‪.‬‬
‫ثانياً‪ -‬التقنينات التي تأثرت بالفقه اإلسالمي وفكرة املزج بني عدة مناهج‪:‬‬
‫كانت بالد الشام والعراق تطبق مجلة األحكام العدلية في مجال املعامالت املدنية ونظام‬
‫التقاضي واإلثبات منذ عام ‪ ،1887‬ثم توقف العمل بها في تلك الدول بصدور قوانني‬
‫مدنية مستقلة تتباين في والدتها من رحم الفقه اإلسالمي‪ ،‬ونتوقف قصيرا ً عند القانون‬
‫املدني العراقي رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 1951‬بصفته التجربة األولى لتطبيق منهج السنهوري في‬
‫املزج بني الفقهني اإلسالمي والغربي‪.‬‬
‫انتهى العمل مبجلة األحكام العدلية في العراق بصدور القانون املدني العراقي رقم ‪40‬‬
‫لسنة‪ 1951‬والذي يعد أول محاولة في الوطن العربي لوضع تقنني مدني مستمد من‬
‫الفقه اإلسالمي ومتأثر بالفقه الالتيني على نطاق محدود‪.‬‬
‫وكانت فكرة العالمة السنهوري في وقتها تقوم على منهج املزج بني الفقه اإلسالمي والفقه‬
‫القانوني الغربي؛ فوضعها في حيز التطبيق العملي من خالل القانون املدني العراقي‪ ،‬إذ‬
‫جاء في املذكرة اإليضاحية للقانون املدني العراقي‪« :‬رؤي أن سكوت املشروع مثا ٌل ملا‬
‫ينبغي أن يكون عليه التقنني املدني في البالد العربية‪ ،‬فجاء مزاجا ً متألقا ً يجمع بني قواعد‬
‫نقلت عن الشريعة اإلسالمية وقواعد نقلت عن التقنينات الغربية‪ .)50( »..‬ويرجع ذلك ‪-‬في‬
‫نظرنا‪ -‬إلى تأثر العالمة السنهوري بالفقه الفرنسي تأثرا ً كبيرا ً في تلك الفترة‪ ،‬ورغم‬
‫املَل َ َكة الفقهية والقانونية التي يتمتع بها واضعه‪ ،‬إال أنها لم تدفع عن هذا القانون مواطن‬
‫اخللل في الشكل واملوضوع‪ ،‬وال عذر له سوى حداثة احملاولة التي متخض عنها‪.‬‬
‫وانتقد البعض هذا التوجه – منهج املزج في التقنني‪ -‬للعالمة السنهوري بالقول‪« :‬هو – أي‬
‫السنهوري‪ -‬يعرض الشريعة على واقع احلياة وال يعرض واقع احلياة على الشريعة»(‪.)51‬‬
‫وفي موضع آخر جاء بأن‪« :‬الذي يهدف إليه السنهوري هو شر احللول‪ ،‬فال شك أن تفاعل‬
‫الشريعة اإلسالمية مع شرائع الغرب الوضعية هو أقل شرا ً مما كان حادثا ً من استعارة‬

‫(‪ ((5‬خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.237‬‬


‫(‪ ((5‬سيد بن حسني العفاني‪ ،‬زهرة البساتني من مواقف العلماء والربانيني‪ ،‬ج‪ ،5‬دار العفاني للنشر‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ص‪.529‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪424‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫القانون الغربي كله أو بعضه؛ ألن من املمكن التخلص من الدخيل في هذه احلالة‪ ،‬أما في‬
‫حال االندماج والتفاعل فإدراك احلدود بينهما صعب ‪...‬ويصبح الناجت من تفاعلها شيئا ً‬
‫(‪)52‬‬
‫جديدا ً معقد التركيب تختلف خصائصه وصفاته عن كل من العنصرين املكونني له»‬
‫واستقى القانون املذكور مصادره من منابع ثالثة‪ :‬مجلة األحكام العدلية‪ ،‬والقوانني املدنية‬
‫العراقية األخرى التي كانت موجودة من قبل‪ ،‬والقانون املدني املصري اجلديد(‪.)53‬‬
‫من حيث ترتيب مصادر القانون املذكور فقد نصت املادة (‪ )1‬منه على اآلتي‪ – 1« :‬تسري‬
‫النصوص التشريعية على جميع املسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في‬
‫فحواها‪ – 2 .‬فإذا لم يوجد نص تشريعي ميكن تطبيقه حكمت احملكمة مبقتضى العرف‪،‬‬
‫فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية األكثر مالءمة لنصوص هذا القانون‬
‫دون التقيد مبذهب معني‪ ،‬فإذا لم يوجد فبمقتضى قواعد العدالة(‪ – 3 .)54‬وتسترشد‬
‫احملاكم في كل ذلك باألحكام التي أقرها القضاء والفقه في العراق ثم في البالد األخرى‬
‫التي تتقارب قوانينها مع القوانني العراقية»‪ ،‬وهو الترتيب نفسه الذي اتبعه املش ِّرع‬
‫املصري من حيث جعل الشريعة اإلسالمية في املرتبة الثالثة‪ ،‬فما قيل هناك يقال هنا‪.‬‬
‫ونرى أن منهجية املزج بني التقنينات املختلفة والتي اتبعت في القانون املدني العراقي لم‬
‫تكن موفقة بشكل كامل‪ ،‬ونلتمس العذر فيها كونها احملاولة األولى‪ ،‬ووصفها السنهوري‬
‫قائال‪« :‬جتربة من أخطر التجارب في تاريخ التقنني املدني احلديث»(‪ )55‬ونورد مالحظتني‬
‫في النص أعاله‪:‬‬
‫‪ -1‬إن مبادئ الشريعة اإلسالمية هي املصدر الرسمي الثالث بعد التشريع والعرف‪،‬‬
‫وفي هذا يتفق القانون املدني العراقي مع القانون املدني املصري‪.‬‬
‫‪ -2‬إن النص يتضمن تفسيرا ً معينا ً ملبادئ الشريعة اإلسالمية التي يلجأ إليها القاضي‪،‬‬
‫إذ يقصد مببادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬املبادئ األكثر مالءمة لنصوص القانون املدني‬
‫العراقي هذا من ناحية؛ حتى تنسجم كليات القانون مع جزئياته وأال يتم تطبيق مبادئ‬

‫(‪ ((5‬سيد بن حسني العفاني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.530‬‬


‫(‪ ((5‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬القانون املدني العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫(‪ ((5‬وقد يفهم البعض أن اإلشارة إلى قواعد العدالة هو اقتباس للمفهوم الغربي‪ ،‬فقد استقر الفقه اإلسالمي‬
‫على معيار موضوعي للعدالة‪ ،‬وهو العدالة الظاهرة مبعنى أن ال يرى اإلنسان ما يخالف كتاب الله عز وجل‬
‫وسنة نبيه عليه الصالة والسالم‪ ،‬وهو معيار استقر عليه العمل في مدونات الفقه اإلسالمي القدمية‪،‬‬
‫راجع‪ :‬عبد السميع أبو اخلير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .419‬وللمزيد حول مفهوم العدل والعدالة في الفقه‬
‫اإلسالمي راجع‪ :‬مصطفى الزملي‪ ،‬الكامل للزملي «معني القضاة»‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ ،136‬وقارن مفهوم العدالة في‬
‫النظام الالتيني والنظام األجنلوسكسوني لدى‪ :‬علي محمد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.176 ،172‬‬
‫(‪ ((5‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬القانون املدني العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬

‫‪425‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫الشريعة اإلسالمية إال تلك املالئمة لالجتاه العام وروح وفلسفة النصوص القانونية‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية‪ ،‬لم ُيقيَّد دور القاضي في استنباط مبادئ الشريعة اإلسالمية من‬
‫مذهب فقهي واحد دون اآلخر‪ ،‬بل مت منح القاضي سلطة تقديرية كبيرة في هذا الصدد‪،‬‬
‫إذ له استنباط مبادئ الشريعة اإلسالمية من جميع مذاهب الفقه اإلسالمي دون التقيِّد‬
‫مبذهب معني‪ ،‬بشرط أن يكون ما يستخلصه مالئما ً لنصوص القانون(‪.)56‬‬
‫ثالثاً‪ -‬قانون املعامالت املدنية اإلماراتي كتطبيق لتطور منهج التقنني في الفقه‬
‫اإلسالمي‪:‬‬
‫كانت املمكلة العربية السعودية وإمارات اخلليج منذ نشأتها محتفظة بنظامها القضائي‬
‫القائم على تطبيق الشريعية اإلسالمية‪ ،‬باالستناد إلى املنهج الفقهي «غير املقنن»‪ ،‬ولم‬
‫تعرف دولة اإلمارات العربية املتحدة تقنينا ً يرجع إليه قضاتها سوى الشريعة اإلسالمية‬
‫حتى صدور بعض التقنينات مثل قانون عقوبات أبوظبي (‪ ،)1970‬ومجموعة قوانني أم‬
‫القيوين (‪ ،)57()1971‬ثم أعقب ذلك قيام االحتاد‪ ،‬وصدر قانون املعامالت املدنية لدولة‬
‫اإلمارات العربية املتحدة عام ‪ .1985‬وبعد جناح نسبي لفكرة السنهوري‪ ،‬صدرت عدة‬
‫قوانني متأثرة بنهجه ومحاولة تالفي النقد الذي قيل بحق القانون املدني العراقي؛ فصدر‬
‫القانون املدني األردني املقتبس من مجلة األحكام العدلية في معظم نصوصه‪ ،‬ثم صدر‬
‫قانون املعامالت املدنية اإلماراتي‪ ،‬والذي يعد نسخة منقحة للقانون املدني األردني‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إلى أن دستور دولة اإلمارات الصادر عام ‪ 1971‬قد نص في املادة (‪)7‬‬
‫منه على أن‪« :‬اإلسالم هو الدين الرسمي لالحتاد‪ ،‬والشريعة اإلسالمية مصدر رئيسي‬
‫للتشريع فيه‪ ،‬ولغة االحتاد الرسمية هي اللغة العربية»‪ .‬وفي هذا تصريح لتبني املنهج‬
‫التشريعي وفقا ً ملنظور الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫ونتفق مع البعض في أنه طاملا أن املشرع نص على أن الشريعة اإلسالمية مصدر رئيسي‬
‫للتشريع‪ ،‬سواء أضيفت إليها أداة التعريف أم لم تضف‪ ،‬فإن الشريعة مصدر يبقى لها‬
‫العلو على سائر املصادر األخرى‪ ،‬خاصة وأن املش ِّرع لم يذكر مصدرا ً رئيسيا ً آخر‪ ،‬وكل‬
‫مصدر آخر ورد النص عليه في قانون يظل محكوما ً بالشريعة اإلسالمية التي أشار إليها‬
‫النص الدستوري(‪.)58‬‬
‫وتطبيقا ً لذلك جاء قانون املعامالت املدنية اإلماراتي متأثرا ً بالفقه اإلسالمي؛ ويظهر ذلك‬

‫(‪ ((5‬فايز محمد حسني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬


‫(‪ ((5‬خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫(‪ ((5‬جاسم الشامسي‪ ،‬دور الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مجلة احلقوق‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬السنة‪ ،23‬العدد‪ ،1‬مارس‪،‬‬
‫‪ ،1999‬ص‪.166‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪426‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫في جميع نصوصه وفي مقدمتها‪ :‬نص املادة (‪ )1‬بقولها‪« :‬تسري النصوص التشريعية‬
‫على جميع املسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها وفحواها‪ ،‬وال مساغ لالجتهاد‬
‫في مورد النص القطعي الداللة‪ .‬فإذا لم يجد القاضي نصا ً في هذا القانون حكم مبقتضى‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬على أن يراعي تخير أنسب احللول من مذهبي اإلمام مالك واإلمام‬
‫أحمد بن حنبل‪ ،‬فإذا لم يجد فمن مذهبي اإلمام الشافعي واإلمام أبي حنيفة حسبما تقتضيه‬
‫املصلحة‪ ،‬فإن لم يجد‪ ،‬حكم القاضي مبقتضى العرف على أال يكون متعارضا ً مع النظام‬
‫العام أو اآلداب‪ ،‬وإذا كان العرف خاصا ً بإمارة معينة فيسري حكمه على هذه اإلمارة»‪.‬‬
‫املادة (‪« :)2‬يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله إلى قواعد وأصول الفقه اإلسالمي»‪.‬‬
‫بعض املالحظات بشأن هذين النصني‪:‬‬
‫‪ -1‬املصدر الرسمي واألول هو التشريع ثم الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وجعل لها األولوية دائما ً‬
‫على املصادر األخرى كالعرف‪ ،‬ويقصد بالشريعة اإلسالمية هنا الفقه اإلسالمي ال‬
‫الشريعة في عمومها(‪.)59‬‬
‫‪ -2‬ميل املش ِّرع إلى املذهبني املالكي واحلنبلي‪ ،‬متاشيا ً مع واقع الدولة واملذهب السائد فيها‬
‫من خالل إعطاء األولوية ألنسب احللول في املذهبني على ما في غيرهما من املذاهب‬
‫عند غياب النص التشريعي‪ ،‬لكن ذلك لم مينعه من تبنِّي وجهة نظر املذهب احلنفي‬
‫تشريعيا ً عندما جعل قانون املعامالت املدنية نسخة منقحة ومزيدة عن القانون املدني‬
‫األردني املتأثر بالفقه احلنفي(‪ .)60‬لكن ذلك لم يكن بشكل مطلق‪ ،‬فقد ظهر تأثر قانون‬
‫املعامالت املدنية بالفقه املالكي في أكثر من موضع منه في «رضائية عقد القرض» إذ‬
‫لم يشترط القبض لتمام القرض وفقا ً للمادة (‪ )711‬التي تنص على أن‪« :‬املقترض ميلك‬
‫القرض ملكا ً تاما ً بالعقد‪ ،‬ولو لم يقبضه‪ ،»..‬مخالفا ً في ذلك القانون املدني األردني‬
‫والذي نصت املادة (‪ )1/637‬منه على أن‪« :‬عقد القرض يتوقف متامه على قبض املال»‬
‫ومقتربا ً من القانون املدني السوري في املادة (‪ )506‬والفقه املالكي(‪.)61‬‬
‫‪ -3‬أكد النص على ضرورة الرجوع في تفسير النصوص وتأويلها إلى مصدر االستمداد‪،‬‬
‫وهو الفقه اإلسالمي؛ خلصوصية قواعد التفسير فيه‪ ،‬ولتجنب تعارض األحكام‬
‫واالبتعاد عن إرادة املش ِّرع‪ ،‬وهو ما أشارت إليه املذكرة اإليضاحية بقولها‪« :‬رؤي وضع‬
‫(‪ ((5‬جاسم الشامسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫(‪ ((6‬عدنان سرحان‪ ،‬مالحظات نقدية بشأن الكتابني األول والثاني املنظمني لاللتزامات احلقوق الشخصية‬
‫والعقود من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة‬
‫اإلمارات‪ ،‬العدد‪ ،23‬مايو ‪ ،2005‬ص‪.226‬‬
‫(‪ ((6‬محمد وحيد سوار‪ ،‬االجتاهات العامة في قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار املثنى‪ ،‬أبوظبي‪ ،1988 ،‬ص‪.56‬‬

‫‪427‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫هذه املادة لتثبيت ما يتميز به هذا القانون من ارتباطه بالفقه اإلسالمي وأصوله»(‪.)62‬‬
‫ورغم هجر فكرة التلفيق من خالل النص على ترتيب املذاهب اإلسالمية بالنسبة للقاضي‬
‫في قانون املعامالت املدنية‪ ،‬إال أن تكوين التشريع أو تعديله في القانون اإلماراتي يبقى‬
‫آخذا ً مببدأ التلفيق في التشريع بوجه عام‪ ،‬وفي هذا يقول جانب من الفقه‪« :‬أما تكوين‬
‫التشريع أو تعديله فيما بعد‪ ،‬فنرى أنه من باب احلاجة إلى اتباع منهج التلفيق‪ ،‬ومعناه‬
‫ضم األشياء واملالءمة بينها لتكون شيئا ً واحدا ً أو لتسير على وتيرة واحدة‪ ،‬ومنه كان‬
‫استعمال الفقهاء واألصوليني واحملدثني لكلمة التلفيق»(‪.)63‬‬
‫رابعاً‪ -‬اململكة العربية السعودية كتطبيق للمنهج القضائي في الفقه اإلسالمي‪:‬‬
‫يعارض تيار من العلماء في اململكة فكرة التقنني‪ ،‬حيث يطبق املذهب احلنبلي وفق الراجح‬
‫في املؤلفات الفقهية املعتمدة‪ ،‬مثل كشاف القناع وغاية املنتهى(‪ ،)64‬وبهذا تكون مؤلفات‬
‫هؤالء الفقهاء مبثابة مصدر رسمي للقانون يحكم الواقعة محل النزاع(‪ ،)65‬في حال عدم‬
‫وجود نص في الكتب املعتمدة في املذهب احلنبلي‪ ،‬جاز البحث في حل املسألة املعروضة‬
‫في باقي املذاهب‪ ،‬وفقا ً ملا تقتضيه املصلحة(‪.)66‬‬
‫وكان التيار املانع للتقنني أشد وأقوى عما هو عليه اليوم‪ ،‬إذ صدر قرار الهيئة العامة للبحوث‬
‫بعدم جواز التقنني‪ ،‬وصدر قبلها العديد من املؤلفات لفقهاء فيها مينعون التقنني(‪ )67‬وذهب‬
‫أغلب املشايخ إلى النفور من كلمة «قانون» أو «تقنني» مما دعا إلى تسمية «التقنني» الذي‬
‫وضع في الفقه احلنبلي بـ «مجلة األحكام الشرعية»(‪ )68‬وإلى اليوم ال تستخدم كلمة تقنني‬
‫أو قانون‪ ،‬وبديلها مصطلح «نظام»‪ ،‬لكنه يالحظ في الفترة األخيرة كثرة األصوات التي‬
‫تطالب بالتقنني في املمكلة العربية السعودية(‪ ،)69‬وفي مقدمتهم القضاة؛ ملا يواجهونه من‬
‫(‪ ((6‬املذكرة اإليضاحية‪ ،‬ص‪ ،18‬وفي هذا يشير البعض إلى أن مصدر النص يجر إلى مرجع تفسيره‪ ،‬وإلى‬
‫خالف ُيضيِّع املقصد من وراء النص‪ ،‬الختالف مصادر التأويل والتفسير‪ ،‬راجع‪ :‬محمد زكي عبد البر‪،‬‬
‫مرحع سابق‪ ،‬ص‪.86‬‬
‫(‪ ((6‬جاسم الشامسي‪ ،‬دور الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫(‪ ((6‬وهبة الزحيلي‪ ،‬املجتهدون في منتصف (ق‪ 14‬هجري) بني التجديد والتقنني‪ ،‬بحث مقدم إلى ندوة التقنني‬
‫والتجديد في الفقه اإلسالمي املعاصر املنعقدة خالل الفترة من (‪ )8-5‬أبريل ‪ ،2008‬مسقط‪ ،‬عمان‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫(‪ ((6‬مصطفى محمد اجلمال‪ ،‬جتديد النظرية العامة للقانون‪ ،‬ج‪ ،1‬تعريف القانون‪ -‬القواعد القانونية‪ -‬مصادر‬
‫القانون‪ -‬تطبيقات قضائية‪ ،‬الفتح للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،2002 ،‬ص‪.213‬‬
‫(‪ ((6‬محمود عبد املجيد املغربي‪ ،‬تاريخ القوانني‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪ ،1996 ،‬ص‪.481‬‬
‫(‪ ((6‬عبد الرحمن القاسم‪ ،‬اإلسالم وتقنني األحكام «دعوة مخلصة لتقنني أحكام الشريعة اإلسالمية»‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫مكتبة امللك عبد العزيز العامة بالرياض‪1977 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ ((6‬وهبة الزحيلي‪ ،‬جهود تقنني الفقه اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،2004 ،‬ص‪.71‬‬
‫(‪ ((6‬منهم الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن بسام‪ ،‬تقنني الشريعة «أضراره ومفاسده»‪ ،‬مطابع دار الثقافة‪،‬‬
‫مكة املكرمة‪1379 ،‬هـ‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪428‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫صعوبات عملية قد يتمكن التقنني من معاجلة الكثير منها(‪.)70‬‬


‫وتتبع اململكة نظاما ً قانونيا ً مختلطا ً يعتمد على مصادر قانونية متنوعة في مقدمتها‬
‫الكتاب والسنة ويتبعها القياس واملصحلة‪ ،‬وكل ذلك في ضوء املراجع الفقهية املعتمدة‪،‬‬
‫إال أن ذلك النظام يضم العديد من التقنينات في بعض الفروع‪ ،‬ويرجع ذلك إلى بعض‬
‫القوانني التنظيمية مثل قانون اجلمارك ونظام تشيكالت احملاكم الشرعية الصادر في‬
‫‪ 4‬صفر ‪1346‬هـ‪ ،‬ويتألف من ‪ 633‬مادة‪ ،‬ونظام األوراق التجارية لسنة ‪1383‬هـ في ‪120‬‬
‫مادة‪ ،‬ونظام الشركات لسنة ‪1385‬هـ في ‪ 233‬مادة(‪.)71‬‬
‫ويرتبط هذا الوضع وتباطؤ حركة التقنني فيها ‪-‬من وجهة نظرنا‪ -‬باملنهج الذي تتبعه‬
‫ما يعرف بـ «مدرسة أهل احلديث» والتي تقابل «مدرسة أهل الرأي»‪ ،‬فاألولى تتمسك‬
‫باملصادر األصلية من كتاب وسنة كمصدر للتشريع(‪ ،)72‬وتترك مرونة أكبر في التطبيق‬
‫للعمل القضائي‪ ،‬وبهذا فإنها تقترب في هذا املنهج من فلسفة املدرسة التاريخية(‪ )73‬في‬
‫الفقه القانوني‪ ،‬والتي تعارض التقنني وترفض فكرة وجود قانون ثابت ألنه يؤدي إلى‬
‫اجلمود‪ ،‬كما تقترب في ذلك من النظام القانوني األجنلوسكسوني والذي يستند إلى‬
‫العمل القضائي بالدرجة األولى‪.‬‬
‫وفي ضوء ما سبق‪ ،‬فإننا نخلص إلى أن النظام في املمكلة أصبح اليوم مختلطا ً ومزيجا ً‬
‫من تشريعات مقننة في فروع محددة‪ ،‬إال أنه في املعامالت املدنية مازال يخضع للنظام‬
‫القضائي الذي يرجع في أحكامه إلى املصادر األصلية من كتاب وسنة‪.‬‬
‫ورغم اقتراب النظام القانوني في املمكلة من نظام السوابق القضائية املتبع في الدول‬
‫ذات النهج األجنلوأميركي‪ ،‬إال أن البعض(‪ )74‬يؤكد أن هذا التشابه غير موجود وإن وردت‬
‫بعض اإلشارات في األنظمة السعودية تدعم هذا التشابه‪ ،‬منها نظام القضاء الصادر‬
‫باملرسوم امللكي رقم (م‪ )78/‬في ‪1428/9/19‬هـ والذي أشار إلى إمكانية األخذ مببدأ‬
‫السوابق القضائية عند النظر في القضايا املعروضة‪ ،‬حيث نص النظام على إنشاء مركز‬
‫للبحوث في وزراة العدل‪ ،‬يتألف من عدد كاف من األعضاء املتخصصني‪ ،‬يتولى نشر‬

‫(‪ ((7‬ومنهم القاضي محمد بن عبد العزيز الفايز القاضي باحملكمة العامة بالرياض‪ ،‬وأخرج كتابه بعنوان‬
‫«تقنني األحكام القضائية»‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪1431 ،‬هـ‪.‬‬
‫(‪ ((7‬خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫(‪ ((7‬وائل حالق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫(‪ ((7‬علي محمد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪.64 ،‬‬
‫(‪ ((7‬سليمان بن محمد املزيد الشارخ‪ ،‬مختصر الطريق ملقارنة أنظمة وقوانني القضاء واملرافعات والتحقيق‪:‬‬
‫دراسة مقارنة تصف األنظمة باململكة العربية السعودية ومصادر تشريعها وقوانني الواليات املتحدة‬
‫األمريكية ومصادر تشريعها‪ ،‬ط‪ ،1‬مطابع سلطان الرياض‪ ،‬الرياض‪ ،2013 ،‬ص‪.83-82‬‬

‫‪429‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫األحكام القضائية املختارة واملستندة على فكرة السوابق القضائية بعد موافقة املجلس‬
‫األعلى للقضاء عليها‪ ،‬وهو يقابل التقارير القانونية التي تضم السوابق القضائية في‬
‫النظام األجنلوأميركي‪.‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫دعوى التأثير املتبادل بني الفقه اإلسالمي والنظام الالتيني‬
‫تشير بعض الدراسات في الفقهني اإلسالمي والقانوني إلى وجود شبهة االقتباس‬
‫املتبادل بني مناهج وفروع وتطبيقات الفقه اإلسالمي من جهة‪ ،‬ونظيراتها في الفقه‬
‫القانوني الالتيني من جهة أخرى‪ ،‬وهو ما سوف نستعرضه في فرعني‪ :‬األول في دعوى‬
‫التأثير املتبادل‪ ،‬والثاني في مناذح من التطبيقات القانونية ذات العالقة باملوضوع‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫أصل دعوى التأثير املتبادل وردِّها‬
‫يرى بعض املستشرقني ومنهم «غولت سهير»(‪ )75‬إن تقسيم األحكام في الفقه اإلسالمي‬
‫إلى مكتوبة «‪ »Ieges Scriptae‬وغير مكتوبة «‪ »Ieges non scripate‬مأخوذ من القانون‬
‫الروماني‪ ،‬واملكتوب ُيقصد به «النص» وغير املكتوب «غير املنصوص» ‪ُ -‬يقصد به القياس‪،‬‬
‫وإن كان لم ُيس ّمه بهذا املصطلح‪ -‬وأقام أبحاثه في هذه املسألة على هذا األساس‪ ،‬وهذا‬
‫التمييز بيَّن ُه باحث آخر في كتابه العهود بني القانون املستند إلى التشريع وبني القانون‬
‫هو أغانطيوس غولت سهير (‪ ،)1921-1850‬أحد الكتاب املشهورين في الدراسات العربية‪ ،‬وسبقه في هذا‬ ‫(‪((7‬‬
‫النهج السير وليام الذي وضع كتابا ً باللغة اإلجنليزية بعنوان «املبادئ والسوابق القضائية للقانون احملمدي»‬
‫“‪.Principle and Preceduents of Mohammedan Law, Calcuta “, India, 1817‬‬
‫نقالً عن‪ :‬محمد كمال الدين إمام‪ ،‬الفقه اإلسالمي «تاريخ العقل الفقهي‪ -‬مفاهيمه ‪ -‬أدلته‪ -‬مذاهبه‬ ‫ ‬
‫– عصوره»‪ ،‬الدار اجلامعية اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص‪ .54‬وكذلك ما أورده شيلدون آموس‬
‫‪« Scheldon Amos‬من أن الشرع احملمدي ليس إال القانون الروماني لإلمبراطورية الشرقية‪ ،‬معدالً‬
‫وفق األحوال السياسية في املمتلكات»‪ ،‬راجع للمزيد‪ :‬صوفي حسن أبو طالب‪ ،‬بني الشريعة اإلسالمية‬
‫والقانون الروماني‪ ،‬ج‪ ،1‬مجلة األزهر‪ ،‬ذي القعدة ‪1434‬هـ‪ ،‬سبتمبر‪/‬أكتوبر ‪2013‬م‪ ،‬ص‪ .32‬كما ينضم‬
‫إلى هؤالء الفقيه الفرنسي (إدوارد المبير) وكان مديرا ً ملدرسة احلقوق امللكية في مصر ومشرفا ً‬
‫على أطروحة الدكتوراه للعالمة السنهوري «اخلالفة وتطورها»‪ ،‬ويرى المبيير تأثر الفقه اإلسالمي‬
‫بالقانون الروماني عن طريق القانون اليهودي‪ ،‬راجع‪ :‬محمد كمال الدين إمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫وانظر‪ :‬صوفي أبو طالب في رد هذه الشبهة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،90‬وفي هذا السياق نشرت املجلة‬
‫األمريكية لتاريخ القانون بحثا ً حول التقارب بني مصادر الفقه اإلسالمي والفقه التلمودي لليهود‪ ،‬في‬
‫محاولة لربط جذور الفقه اإلسالمي باليهودية‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪Judith Romney Wenger, Islamic & Talmudic Jurisprudence: The Four Roots of Islamic Law and Their‬‬
‫‪Talmudic Counterparts, The American Journal of Lagel History, V.26, No.1, Jan. 1982, Pp.2571-.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪430‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫املستند إلى العرف والعادة(‪ ،)76‬ومن هنا عرف الفقه اإلسالمي منطني هما‪ :‬نظام التشريع‬
‫املكتوب «التقنني»‪ ،‬ونظام القواعد العرفية «غير املكتوبة»‪ ،‬مما دعانا إلى بحث هذه املسألة‬
‫ذات اجلذور التاريخية‪.‬‬
‫إن هذه الشبهة أثيرت منذ زمن‪ ،‬وتدور حول تأثر الفقه اإلسالمي بالقانون الروماني‬
‫بحجة أن األول جاء تاريخيا ً بعد القانون الروماني مباشرة بفارق ق َّدره البعض بسبعة‬
‫قرون تقريبا ً(‪ ،)77‬فضالً عن وجود تقارب في بعض اجلوانب مما ساهم في بقاء هذه‬
‫الشبهة قائمة إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫رد البعض(‪ )78‬هذه الشبهة من وجوه عدة نوجز بعضها باآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬إن «الكتابة» تكاد ال يكون لها أي دور في القانون اإلسالمي قبل السالطني العثمانيني‪،‬‬
‫فكل عمل قانوني مبا في ذلك تنصيب القاضي كان يجب أن يكون شفهياً‪ ،‬إال حني‬
‫يتعذر النطق كما في األصم األبكم‪ ،‬فقد وجد الفقهاء بدائل كتحريك الرأس عالمة‬
‫عن القبول(‪ ،)79‬بخالف الكتابة في فكرة «التقنني» إذ هي قدمية ومتجذرة في القانون‬
‫الروماني‪.‬‬
‫‪ -2‬إن البحث املعاصر في تاريخ القانون يتجه إلى أن الشريعة الرومانية القدمية اختفت‬
‫واندثرت بشكل تام في القرن السادس امليالدي‪ ،‬ولم تظهر إال في القرن الثاني عشر‬
‫امليالدي‪ ،‬وإن القانون الروماني احلديث الذي ظهر ليس هو ذاته القانون الروماني‬
‫القدمي ال في اجلوهر وال في نصوصه(‪ ،)80‬مبعنى أن القانون ظهر متأثرا ً بالفقه‬
‫اإلسالمي وفقا ً لسياق تاريخي نستعرضه الحقاً‪.‬‬
‫(‪ ((7‬محمد كمال الدين إمام‪ ،‬نظرية الفقه في اإلسالم ‪ -‬مدخل منهجي‪ ،‬ط‪ ،1‬املؤسسة اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص‪ .82‬جتدر اإلشارة إلى أن هذا التمييز موجود في القانون اإلجنليزي بني القانون غير املكتوب‬
‫«‪ »Common Law‬والقانون املوضوعي «‪ ،» Statute Law‬وهو أحد مصادر القانون وهو قانون مكتوب‬
‫ويصدر من سلطة تشريعية «مجلس التشريع أو البرملان» وهكذا يعرفه اإلجنليز كمصدر للنظام‬
‫القانوني عندهم بالقول‪:‬‬
‫‪Statute Law referes to the law that has been created by parliament in the form of Legislation.‬‬
‫ راجع للمزيد‪:‬‬
‫‪Gary Slapper & David Kelly, English Legal Sysytem, 2nd edition, Cavendish Publishing, London, 2001, P.1‬‬
‫والتشريع قد يشمل نوعا ً آخر من األنظمة أو املراسيم تصدرها جهات معينة في شكل تشريعات بناء على‬ ‫ ‬
‫تفويض من البرملان وفي حاالت معينة وتعرف بـ «‪»Delegated Legislation or Subordinate Legislation‬‬
‫راجع للتفصيل ‪:‬‬
‫‪Gary Slapper & David Kelly, English Legal Syaytem, 6th Edition, Routledge, New York, 2015, P.116.‬‬
‫(‪ ((7‬مصطفى الرافعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19 - 18‬‬
‫(‪ ((7‬صوفي أبو طالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 34‬وما بعدها‪ .‬شويش احملاميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.405‬‬
‫(‪ ((7‬محمد كمال الدين إمام‪ ،‬تاريخ العقل الفقهي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫(‪ ((8‬محمد كمال الدين إمام‪ ،‬نظرية الفقه «مدخل منهجي»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.97‬‬

‫‪431‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫‪ -3‬وجود بعض األنظمة القانونية في القانون الروماني‪ ،‬ال وجود لها في الفقه اإلسالمي‬
‫كنظام السلطة األبوية والسيادة الزوجية والتبني الذي ألغاه اإلسالم(‪.)81‬‬
‫دعوى تأثر التقنينات األوروبية احلديثة بالفقه اإلسالمي‪:‬‬
‫وباملقابل جند نقاشا ً لدى الباحثني في تاريخ القانون والفقه املقارن حول تأثر بعض‬
‫التقنينات الغربية «األوروبية» حتديدا ً بنظريات وأحكام فقهية مرجعها في األصل هو‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬إذ يجزم بعض الباحثني أن تقنني نابليون املدني متأثر بالفقه اإلسالمي‬
‫وحتديدا ً بالفقه املالكي‪ ،‬حتى أن البعض يؤكد أنه منقول من شرح الدردير على منت خليل‪،‬‬
‫ويرجع ذلك إلى جملة عوامل منها‪ :‬فتح األندلس ودخول مذهب اإلمام مالك إليها (إسبانيا‬
‫والبرتغال وجنوب فرنسا)‪ ،‬حيث حكمها املسلمون حتى ‪1429‬م – ‪977‬هـ‪ ،‬وانتقل املذهب‬
‫إلى فرنسا عن طريق انتشار املدارس الكبرى في األندلس والتي كانت تضم تالميذ من‬
‫املسلمني وغيرهم‪ ،‬وكانت ُتدرس فيها علوم مختلفة منها فقه اإلمام مالك‪ ،‬فضالً عن‬
‫انتشار العادات اإلسالمية – أي األعراف‪ -‬غير املُد َّونة والتي انتشرت في جنوب فرنسا‪،‬‬
‫و ُيضاف لكل ما تقدم تأثير ابن رشد احلفيد في الفلسفة الغربية‪ ،‬وفي الفلسفة القانونية‬
‫حتديداً‪ ،‬وأخيرا ً ترجمة نابليون للفقه املالكي بعد غزوه ملصر ومنها مختصر خليل(‪.)82‬‬
‫ويرجع تاريخ هذه املسألة إلى شكوى الرومان من جور وظلم قوانينهم‪ ،‬حتى ذهبوا‬
‫إلى األندلس بحثا ً عن أنظمة قانونية عادلة‪ ،‬فاقتبسوا الفقه اإلسالمي الذي كان سائدا ً‬
‫هناك بعد تعديله مبا يتناسب وعقائدهم‪ ،‬والتي أعلن امللك «لوثاريوس» سنة ‪1137‬م عن‬
‫اكتشافها مدعيا ً أنها مجموعة احلقوق الرومانية الشهيرة‪ ،‬ولم تكن سوى أحكام الفقه‬
‫اإلسالمي في ثوب التيني(‪ ،)83‬وبناء عليه أشار البعض إلى تأثر القانون اإلسباني مببدأ‬
‫الفصل بني ذمة الزوجني السائد في الفقه اإلسالمي واملطبق في األندلس آنذاك(‪ .)84‬كما‬
‫أن ترجمة كتب الفقه اإلسالمي إلى اللغات األوروبية في القرنني األخيرين قد يكون وراء‬
‫ما يراه الباحثون من تأثر قوانني تلك الدول بالفقه اإلسالمي‪ ،‬ومنها مصنفات احلنفية‪،‬‬
‫إذ ترجم كتاب «الهداية» للمرغيناني وصدرت طبعته الثانية في لندن عام ‪1870‬م‪ ،‬وترجم‬
‫كتاب ملتقى األبحر إلبراهيم احللبي إلى الفرنسية‪ ،‬وفي الفقه املالكي فقد ترجم إلى‬
‫الفرنسية كتاب البيوع في موطأ اإلمام مالك ونشر عام ‪1911‬م وغيره(‪.)85‬‬
‫(‪ ((8‬رمضان علي السيد الشربناصي‪ ،‬املدخل لدراسة الفقه اإلسالمي‪ ،‬ط‪ 2‬مزيدة ومنقحة‪ ،‬مطبعة األستانة‪،‬‬
‫‪1403‬هـ‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫(‪ ((8‬حمزة أبو فارس‪ ،‬عالقة القانون املدني الفرنسي بالفقه املالكي‪ ،‬موقع نادي القضاة املوريتانيني‪ ،‬ص‪3‬‬
‫‪، http://cmrim.com/hjg6575/2599-2012-12-15-18-39-46.html‬‬
‫وفي ذات املعني راجع‪ :‬مصطفى الزملي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.137‬‬
‫(‪ ((8‬محمد كمال الدين إمام‪ ،‬نظرية الفقه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫(‪ ((8‬خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.278‬‬
‫(‪ ((8‬محمد كمال الدين إمام‪ ،‬الفقه اإلسالمي «تاريخ العقل الفقهي»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪432‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫الفرع الثاني‬
‫مناذج من التطبيقات القانونية‬
‫وردت بعض التطبيقات القانونية والتي من شأنها اإلشارة إلى تأثر النظام الالتيني‬
‫بالتطبيقات الواردة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬ومنها اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬العقد الرضائي وأحكامه‪:‬‬
‫ذهب العالمة مصطفى الزملي(‪ ،)86‬في كتابه املطول «الكامل للزملي في الشريعة والقانون»‬
‫إلى هذا الرأي القائل بتأثر القانون الفرنسي بالفقه املالكي‪ ،‬فوضع عنوانا ً لفقرة فرعية‬
‫هي‪« :‬تأثر القانون الفرنسي بالفقه املالكي»(‪ ،)87‬حيث يرى أن تطور العقد الرضائي والذي‬
‫ينعقد مبجرد اإليجاب والقبول الصادرين ممن هم أهل للتعاقد دون رعاية شكلية‪ ،‬قد‬
‫انتقلت إلى القانون الفرنسي متأثرة بالفقه اإلسالمي‪ ،‬وال ميكن أن تكون قد آلت إليه من‬
‫القانون الروماني الغارق في الشكلية‪ ،‬إذ تناولت املواد (‪ )1122-1108‬من القانون املدني‬
‫الفرنسي حتت عنوان «شروط صحة العقد وأحكام العقد الرضائي» كما هي مقررة في‬
‫الفقه املالكي‪ ،‬كذلك أحكام العارية التي عاجلتها املواد (‪ )1894-1875‬من القانون املذكور‬
‫جاءت متأثرة بالفقه اإلسالمي وحتديدا ً الفقه املالكي(‪ .)88‬ويشير البعض إلى أن الرضائية‬
‫في عقد البيع الواردة في املادة (‪ )1583‬من القانون الفرنسي ومفادها‪« :‬يكون البيع تاما ً‬
‫بني الفرقاء وامللكية املكتسبة حتما ً للشاري جتاه البائع‪ ،‬منذ أن مت االتفاق على الشيء‬
‫والثمن رغم عدم تسليم الشيء أو أداء ثمنه»‪ ،‬أصلها ما ورد في مختصر خليل في شأن‬
‫عقد البيع مبجرد الرضا دون اشتراط القبض(‪.)89‬‬

‫(‪ ((8‬هو األستاذ الدكتور مصطفى إبراهيم محمد أمني الزملي‪ ،‬عالمة ومفكر إسالمي‪ ،‬ولد في قرية «زلم» في‬
‫محافظة السليمانية ‪-‬شمال العراق‪ -‬عام ‪ ،1924‬وسيرته حافلة باإلجنازات العلمية‪ ،‬له ما يزيد على‬
‫خمسني مؤلفا ً في الفقه اإلسالمي والقانون املقارن‪ ،‬وأشهرها كتابه الصادر مؤخرا ً بعنوان «الكامل‬
‫للزملي في الشريعة والقانون» من أربعة وعشرين مجلداً‪ ،‬واملؤلف من أجزاء‪ ،‬صدر عام ‪ ،2014‬راجع‪:‬‬
‫املوسوعة احلرة «ويكيبيديا» مصطفى‪-‬الزملي‪/ar.wikipedia.org/wiki‬‬
‫وفصل البعض في عقد مقارنة بني القانون الفرنسي ومذهب اإلمام مالك‪ ،‬راجع‪ :‬سيد عبد الله علي‬ ‫َّ‬ ‫(‪((8‬‬
‫حسني‪ ،‬املقارنات التشريعية بني القوانني الوضعية املدنية والتشريع اإلسالمي‪ :‬مقارنة بني فقه القانون‬
‫الفرنسي ومذهب اإلمام مالك بن أنس  عنه‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬الرباط‪.2001 ،‬‬
‫(‪ ((8‬مصطفى الزملي‪ ،‬الكامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪ ،65‬وراجع في ذات الرأي خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪ .281‬فامللكية في القانون الروماني والقانون األجنلوسكسوني قبل الغزو النورماندي‬
‫واحتاللهم إلجنلترا عام ‪ ،1066‬ال تنتقل مبجرد اإليجاب والقبول يخالف ما عليه في الفقه اإلسالمي كما أن‬
‫القبض (التسليم) يحدد تبعة هالك املبيع فتكون على البائع قبل التسليم‪ ،‬وهي تقارب تفاصيل دعوى الدين‬
‫« ‪ »Write of Debt‬في القانون اإلجنليزي‪ ،‬راجع‪ :‬برهام محمد عطا الله‪ ،‬تأثير الفقه اإلسالمي على تكوين‬
‫القانون اإلجنليزي‪ ،‬مجلة التسامح‪ ،‬وزارة األوقاف العمانية‪ ،‬مسقط‪ ،‬العدد ‪ ،24‬سنة ‪ ،2008‬ص‪.2‬‬
‫(‪ ((8‬حمزة أبو فارس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪433‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫‪ -2‬بيع الوفاء(‪:)90‬‬
‫وهو طبقا ً ملا ورد في كتب املذهب احلنفي مفاده أنه‪« :‬البيع املشروط فيه رجوع املبيع‬
‫للبائع متى رد الثمن على املشتري»(‪ ،)91‬وعاجلته مجلة األحكام العدلية في املواد (‪-396‬‬
‫‪ ،)92()403‬ويؤكد البعض أن هذا النوع من البيوع والذي يقتضي البيع بشرط أن البائع‬
‫متى رد الثمن يرد املشتري إليه املبيع‪ ،‬وهو من إبداع احلنفية قبل أن يقتبسه القانون‬
‫املدني الفرنسي عام ‪ 1804‬والذي عاجله في املواد (‪ ،)93( )1673-1659‬حيث نصت املادة‬
‫(‪ )1659‬من القانون املدني الفرنسي على اآلتي‪« :‬إن حق استرداد املبيع أو استرداده وفا ًء‬
‫هو اتفاق ُيخ ِّول البائع استعادة املبيع مقابل رد الثمن األصلي»(‪ .)94‬واجلدير بالذكر أن‬
‫نظموا هذا النوع من البيوع لغايات عملية‪ ،‬منها أن صاحب النقد يريد أن ينتفع‬ ‫الفقهاء ّ‬
‫مباله‪ ،‬وال يعطيه لآلخرين بقرض حسن دون أن يستفيد مادياً‪ ،‬حيث يجد حرجا ً في أخذ‬
‫الربا عن ماله(‪.)95‬‬
‫‪ -3‬حتول العقد‪:‬‬
‫يجزم البعض بتأثر القانون األملاني بالفقه اإلسالمي عن طريق اخلالفة العثمانية في‬
‫مسألة حتول العقد الذي عاجله القانون األملاني في املادة (‪ )144‬منه(‪ ،)96‬حيث صاغ‬
‫التقنني املدني األملاني نظرية حتول العقد وعلى نهجه سار التقنني املصري اجلديد في‬
‫املادة (‪ )140‬منه‪ ،‬ثم تبنتها بعض التقنينات املدنية العربية(‪.)97‬‬

‫(‪ ((9‬اصطلح عليه «بيع الوفاء» ألن البائع وفى مبا عهد من رد املبيع إذا رد له املشتري الثمن‪ ،‬راجع‪ :‬عثمان‬
‫بن علي بن محجن البارعي‪ ،‬وفخر الدين الزيلعي احلنفي‪ ،‬تبيني احلقائق شرح كنز الدقائق وحاشية‬
‫الشلبي‪ ،‬ج‪ ،5‬ط‪ ،1‬املطبعة الكبرى األميرية‪ ،‬القاهرة‪1313 ،‬هـ‪ ،‬ص‪.184‬‬
‫(‪ ((9‬ابن عابدين‪ ،‬محمد أمني بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي احلنفي‪ ،‬الدر املختار وحاشية ابن‬
‫عابدين (رد احملتار)‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،2‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.333‬‬
‫(‪ ((9‬راجع ما ورد في شرح املجلة بخصوص املواد أعاله‪ ،‬سليم رستم باز اللبناني‪ ،‬شرح املجلة‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،3‬‬
‫منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بال سنة طبع‪ ،‬ص‪ 223‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ((9‬مصطفى الزملي‪ ،‬الكامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.66‬‬
‫(‪ ((9‬ونص املادة املذكوره أعاله بالفرنسي كاآلتي‪:‬‬
‫‪«La faculté de rachat est un pacte par lequel le vendeur se réserve de reprendre la chose vendue,‬‬
‫»‪moyennant la restitution du prix principal et le remboursement dont il est parlé à l'article..‬‬
‫ وباللغة االجنليزية‪:‬‬
‫‪«A power of redemption or repurchase is an agreement by which the seller reserves to himself the taking‬‬
‫‪back of the thing sold, through restitution of the purchase price, and the reimbursement…».‬‬
‫(‪ ((9‬محمد جندات احملمد‪ ،‬خيار النقد في الفقه اإلسالمي وتطبيقاته االقتصادية املعاصرة‪ ،‬مجلة دمشق‬
‫للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،29‬العدد األول‪ ،2013 ،‬ص‪.389‬‬
‫(‪ ((9‬مصطفى الزملي‪ ،‬الكامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪65‬‬
‫(‪ ((9‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مصادر احلق‪ ،‬ج‪ ،4‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪434‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫املبحث الثاني‬
‫املنهج القضائي في النظام القانوني األجنلوأمريكي‬
‫لم يحتل التشريع مكانة هامة في النظام األجنلوأمريكي؛ العتماده على ما يعرف بـ‬
‫«السوابق القضائية»‪ ،‬حيث لم يكن املجتمع في وقتها يثق في التشريع؛ ألنه مظهر‬
‫لتعسف احل ّكام‪ ،‬إال أن الوضع تطور مبرور الزمن(‪ ،)98‬فمصدر األحكام هو القضاء‪،‬‬
‫واألخير ال يقنن ألنه في تطور مستمر‪ ،‬إال أن هذا االجتاه بدأ يتغير(‪ ،)99‬وبات للتقنني‬
‫تطبيقات قانونية في ظل تلك األنظمة‪ ،‬ولذا نتناول في هذا املبحث مسألتني هما‪ :‬أهم‬
‫مالمح النظام األجنلوسكسوني (غير املقنن)‪ ،‬والتقارب والتأثر بني الفقه اإلسالمي‬
‫والقانون اإلجنليزي‪ ،‬ونخصص لكل منهما مطلبا ً مستقالً‪.‬‬

‫املطلب األول‬
‫مالمح النظام األجنلوأمريكي املعاصر‬
‫إن «التقنني» مبفهومه العام يكاد يجد صداه في تاريخ معظم الدول واحلضارات‪ ،‬لكنه‬
‫ويرجح البعض ذلك لطبيعة اإلجنليز‬
‫ِّ‬ ‫ُيستثنى من ذلك النظام القانوني اإلجنليزي؛‬
‫احملافظة من جهة‪ ،‬وملا يتمتع به نظامهم القانوني من اعتماد على السوابق القضائية‬
‫من جهة أخرى(‪ .)100‬وتظهر أهم مالمح النظام األجنلوسكسوني والذي تطبقه بريطانيا‬
‫والواليات املتحدة وكندا – عدا مقاطعة كيبك‪ -‬والهند وأستراليا وجنوب أفريقيا‬
‫وغيرها(‪ ،)101‬في موضعني أساسيني‪ :‬قواعد غير مكتوبة‪ ،‬وقدرة القضاء على خلق‬
‫وتطوير قواعد قانونية‪ ،‬ونتناول كالً منهما في فرع مستقل‪.‬‬

‫(‪ ((9‬علي محمد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.185‬‬


‫(‪ ((9‬محمد زكي عبد البر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34-33‬‬
‫(‪ ((10‬علي غالب الداودي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.143‬‬
‫(‪ ((10‬حيث انتقلت السوابق القضائية إلى الواليات املتحدة بعد أن تعرضت أمريكا الشمالية لالستعمار‬
‫اإلجنليزي‪ ،‬ولم تطبق احملاكم األمريكية القانون العرفي اإلجنليزي‪ ،‬بل إنها جلأت ألحكام الشريعة‬
‫السماوية وقواعد العدالة حال عدم وجود نص صريح في املسألة محل النزاع‪ ،‬واعتبرت احملاكم‬
‫القانون اإلجنليزي قانونا ً أجنبيا ً ال يطبق إال في حال النص عليه صراح ًة في قانون املستعمر‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪Micheal Zander, The Law-Making Process, Cambridge University Press, New York, 6th edition‬‬
‫‪(2011), p.327.‬‬

‫‪435‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫الفرع األول‬
‫قواعد غير مكتوبة مع تنامي فكرة «التقنني»‬
‫إن إجنلترا راعية النظام األجنلوسكسوني ال يوجد فيها دستور ُمد َّون حتى اآلن‪ ،‬وما‬
‫يسميه اإلجنليز دستورا ً إمنا هو مجموعة قواعد يرجع بعضها إلى أصول تشريعية‬
‫وبعضها اآلخر إلى أصول قضائية(‪ ،)102‬أما القانون العادي «الشريعة العامة» ‪Common‬‬
‫‪ Law‬وقد يطلق عليه بعض فقهاء القانون املقارن مصطلح الشريعة العامة (‪Common Law‬‬
‫(‪)103‬‬
‫‪ )Legal System‬وأحيانا ً يسمى بشريعة القانون املدني (‪.)Civil Law Legal System‬‬
‫ويذهب بعض املؤرخني إلى أن القانون العرفي مبعناه احلالي نشأ في عهد امللك اإلجنليزي‬
‫هنري الثاني(‪ .)104‬ومهما تكن املصطلحات‪ ،‬فإنها تعني نتاج أحكام احملاكم املتنوعة‪ ،‬أو ما‬
‫يطلق عليه الفقه اإلجنليزي «السبب املنطقي» ‪ Ratio Decidendi‬أو «سبب احلكم» الذي‬
‫استند إليه القاضي في حكمه والذي يعتبر قاعدة قانونية يتألف من مجموعها ما يسمى‬
‫بـ «السوابق القضائية» ‪ .)105( Precedents‬وعليه ليست الوقائع هي التي تقيم السابقة‪ ،‬بل‬
‫املبدأ القانوني أو القاعدة القانونية التي مت استخالصها من تلك الوقائع(‪.)106‬‬
‫وتتلخص فكرة نظام السوابق القضائية في أن القاعدة التي استند إليها احلكم الصادر‬
‫من محكمة يلزم في حدود معينة جميع احملاكم اإلجنليزية التي تقع في مرتبة احملكمة‬
‫التي أصدرته‪ ،‬واحملاكم األدنى منها‪ ،‬لذا ُتعد أحكام احملكمة العليا سوابق قضائية ملزمة‬
‫لكل احملاكم وتلتزم بتطبيقها في قضايا مماثلة‪ ،‬أما األحكام الصادرة من احملاكم الدنيا‬
‫فال تعتبر سوابق قضائية ألي جهة‪ ،‬وكذلك األحكام الصادرة من محكمة العدل العليا في‬
‫جلساتها خارج لندن(‪.)107‬‬

‫(‪ ((10‬محمد جبر األلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94‬‬


‫(‪ ((10‬محمد نور فرحات‪ ،‬الوجيز في تاريخ النظم االجتماعية والقانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،1994 ،‬ص‪ 295‬ومابعدها‪.‬‬
‫‪(104) Christopher Harper-Bill & Nicholas Vincent, Henry II: New Interpretations, The Boydell Press, UK,‬‬
‫‪1st ed., 2007, p. 215.‬‬
‫(‪ ((10‬محمد جبر األلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .94‬وتعريف السوابق القضائية اصطالحا ً هو أنها‪« :‬القواعد‬
‫النظامية غير املدونة التي يستنبطها القضاء من األنظمة ومبادئ العدالة والعرف‪ ،‬عندما ال توجد‬
‫قواعد نظامية أو عرفية حتكم املنازعة املوجودة وهو ما يطلق عليه االجتهاد‪ ،‬وهي املسماة بالسوابق‬
‫القضائية غير امللزمة‪ ،‬وتسمى مبادئ قضائية‪ ،‬وهي البد أن تكون صادرة عن أعلى جهة قضائية»‪،‬‬
‫راجع‪ :‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬السوابق القضائية وضمانات حتقيقها للعدالة وحجيتها‪ ،‬مجلة احلقوق‬
‫للبحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬العدد‪ ،2011 ،2‬ص‪.222‬‬
‫‪(106) Neil Duxbury, The Nature and Authority of Precedent, Cambridge University Press, UK, 1st edition,‬‬
‫‪(2008), p.84.‬‬
‫(‪ ((10‬خالد الظاهر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،225‬وكذلك راجع‪:‬‬
‫‪Garry Slapper & David Kelly, The English Legal System, Routledge, New York, 13th Edition (2012-‬‬
‫‪2013), p. 116.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪436‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫إن فكرة التقنني أو التشريع املكتوب قد تطورت في القانون اإلجنليزي – وقوانني أخرى‬
‫تتبع النهج األجنلوسكسوني‪ ،‬وأصبح التشريع«‪ »Legislation‬أحد مصادر القانون‪ ،‬ليقوم‬
‫مبهمة التصحيحات «‪ »Errata‬أو امللحقات «‪ »Addenda‬التي من شأنها تصحيح واستكمال‬
‫الهيكل األساسي للقانون اإلجنليزي(‪ .)108‬فالقانون العام يعني السوابق القضائية والقواعد‬
‫الراسخة التي خلقتها السلطة القضائية خالل فصلها في القضايا املعروضة عليها‪ ،‬أما‬
‫القانون املكتوب أو التشريع فيعني القانون الذي يصدره البرملان في شكل تشريع‪.‬‬
‫أوالً‪ -‬دعوات للتقنني في الدول ذات النهج غير املقنن‪:‬‬
‫بالرغم من أهمية السوابق القضائية في النظام القانوني غير املقنن‪ ،‬إال أن دعوات عديدة‬
‫ظهرت مؤخرا ً في األنظمة الراعية لهذا النهج مثل القانون األمريكي والقانون اإلجنليزي‬
‫والنيوزلندي ‪..‬إلخ؛ للتخلي عنه واالجتاه نحو منهج التقنني أو النظام املزدوج أو نحو‬
‫التقنني اجلزئي للشريعة العامة على أقل تقدير(‪ ،)109‬وفعالً بدأت تدريجيا ً بإصدار تقنينات‬
‫جزئية ملعاجلات تشريعية ضرورية متسمة بالوضوح‪ ،‬منها على سبيل املثال‪:‬‬
‫‪- -‬قانون بيع البضائع اإلجنليزي (‪.)110()1893‬‬
‫‪- -‬قانون حقوق اإلنسان لسنة ‪ 1998‬الذي أحدث نقلة نوعية في مجال السوابق القضائية‬
‫حني قرر عدم شرعية تصرف الهيئات العمومية مبا ال يتفق مع احلقوق املقررة في‬
‫االتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان (‪ ،)111( )ECHR‬ويؤدي ذلك إلى اعتبار تصرف‬
‫احملكمة غير شرعي إن صدر مخالفا ً لالتفاقية األوروبية‪.‬‬
‫‪- -‬قانون التحكيم (‪ ،)1966‬والذي صدر ليكون تقنينا ً واضحا ً لقواعد التحكيم اإلجنليزية(‪.)112‬‬
‫‪- -‬قانون املسؤولية عن احليوان (‪ ،)1971‬ويتألف من (‪ )13‬وضعا ً ليعالج النقص في‬
‫القانون العرفي‪ ،‬وجعل املسؤولية مفترضة على املالك أو احلائز‪ ،‬وف َّرق بني احليوانات‬
‫اخلطرة واألليفة(‪.)113‬‬

‫(‪ ((10‬محمد جبر األلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.95‬‬


‫‪(109) Bernard Schwartz, the code Napoleon & the Common – Law world: The Sesquicentennial Lectures‬‬
‫‪Delivered At The Law Center of New York University, December 131954 ,15-, The Lawbook‬‬
‫‪Exchange, LTD, New Jersey, 1998, p.267.‬‬
‫‪(110) Mary Keyes & Therese Wilson, Codifiying Contract Law, Ashgate Publishing Co., Burlington, USA,‬‬
‫‪2014, p.5.‬‬
‫‪(111) H.R. Hahlo Dr. Jur, Codifying the Common Law: Protracted Gestation, The Modern Law Review,‬‬
‫‪V.38, Issue 1, January 1975, p.32.‬‬
‫‪(112) Mary Keyes & Therese Wilson, Op. Cit., p..6.‬‬
‫‪(113) Vivienne Harpwood, Modern tort law, Cavendish Publishing Limited, London, 6th ed., 2005, p.281.‬‬

‫‪437‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫ ‪−‬أدى نفاذ قواعد اإلجراءات املدنية في أبريل ‪ 1999‬إلى التأثير على مبدأ السوابق‬
‫القضائية‪ ،‬وخاص ًة تلك التي استقر العمل بها قبل صدور هذا القانون‪ ،‬فقد نص في‬
‫املادة األولى منه على أن‪« :‬هدف قواعد اإلجراءات املدنية الرئيسي يتمثل في متكني‬
‫(‪)114‬‬
‫احملكمة من التعامل مع الدعاوى بعدالة»‬

‫ثانياً‪ -‬في الواليات املتحدة األمريكية‪:‬‬


‫ال شك أن جهود أحد أهم رجال القانون في تاريخ الواليات املتحدة األمريكية وهو‬
‫«‪ »Field Dudley David‬كانت وراء حركة التقنني فيها‪ ،‬إذ ُيعد وبحق رجل التقنني األول‬
‫في التاريخ األمريكي‪ ،‬فقد تبنَّى منهج التقنني وك َّرس حياته له‪ ،‬ويعود الفضل له في أغلب‬
‫التقنينات في القارة األمريكية وأهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬قانون اإلجراءات املدنية لوالية نيويورك (‪:)1850‬‬
‫يسمى أيضا ً باسم قانون فييلد «‪ )115(»Field Code‬نسبة لـواضعه وهو ديفيد فييلد‪،‬‬
‫وأهم ما تضمنه القانون هو إلغاء التفرقة بني محاكم القانون ومحاكم العدالة ودمجهما‪،‬‬
‫إذ كان يترتب على التفرقة بني النوعني‪ ،‬أن املدعي بالتعويض عن األضرار في الدعوى‬
‫املدنية ال يطالب إال بتعويض مالي «‪ »monetary damages‬أمام احملاكم القانونية‪ ،‬في حني‬
‫يقتصر التعويض عن األضرار على تعويضات غير مادية «‪»non-monetary damages‬‬
‫أمام محاكم العدالة مع فروقات أخرى(‪ .)116‬وحتول القانون فيما بعد إلى قانون فيدرالي‬
‫موحد بعد أن تبنته العديد من الواليات مثل والية كالفورنيا وغيرها(‪.)117‬‬
‫‪ -1‬القانون املدني لوالية كالفيورنيا (‪:)1872‬‬
‫وأصله مسودة القانون املدني لوالية نيويورك والتي وضعتها جلنة صياغة القوانني‪،‬‬
‫وهي في األصل ثمرة محاوالت التقنني لـ «ديفيد فييلد» أيضاً‪ ،‬إال أنها لم حتظ بالتصويت‬
‫إلصدارها في نيويورك‪ ،‬لكنها تبقى من أهم محاوالت تقنني القانون املدني في الواليات‬
‫‪(114) R 1.1(1), CPR 1998: «(1) These Rules are a new procedural code with the overriding objective of‬‬
‫»‪enabling the court to deal with cases justly.‬‬
‫(‪ ((11‬مت توسيع تطبيق قانون فييلد فيما بعد ليصبح منوذجا ً فيدراليا ً لقانون اإلجراءات املدنية املوحد‪،‬‬
‫راجع‪:‬‬
‫‪Arthur T. von Mehren & Peter L. Murray, Law in the United Sates, 2nd ed., Cambridge University Press,‬‬
‫ ‪2007, p.128.‬‬
‫‪(116) Charles E. Cark, The Union of Law & Equity, Yale Law School Legal Scholarship Repository, V.1.1,‬‬
‫‪1925. Philip M. Halpern, Mixing Law & Equirty Cases of Action Does Not Preclude a Jury Trial,‬‬
‫‪Pace Law Review, V.35, Issue.3, Spring 2015.‬‬
‫‪The Code of Civil Procedure of the State of New York, 1850, P.ix.‬‬ ‫(‪ ((11‬راجع مقدمة القانون املذكور‪:‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪438‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫املتحدة األمريكية(‪.)118‬‬
‫‪ -1‬القانون األمريكي التجاري املوحد (‪:)2002‬‬
‫وصفه البعض(‪ )119‬بأنه أفضل منوذج بني مشاريع تقنني القانون العام املستمد من‬
‫األحكام القضائية «غير املقننة»‪.‬‬
‫إن تقنني القواعد العامة غير املقننة في الدول ذات النهج األجنلوسكسوني أو ما بات يعرف‬
‫باألجنلوأمريكي ليس باألمر اليسير؛ إذ تعترضه العديد من العقبات مثالً‪ :‬في القانون‬
‫اإلجنليزي تعترضه دعوات املتمسكني باإلرث غير املقنن‪ ،‬فضالً عن صعوبة املهمة عمليا ً‬
‫على من يقوم بعملية التقنني من البرملانيني من حيث اإلحاطة بكل الفرضيات القانونية‬
‫التي قد تقع‪ ،‬ووضع حلول لها بخالف احلال في وجود قاعدة أو مبدأ عام تخضع له‬
‫اجلزئيات‪ ،‬ويقصد بها «آلية عمل السوابق القضائية»‪ ،‬فضال عن الصعوبات اإلدارية‬
‫مثل عدم وجود وزارة للعدل بهيكلية إدراية متكاملة لتقنني القوانني(‪ ،)120‬ولكن تبقى‬
‫سمات التقنينات املدنية ومنها الشمولية والتناسق واملنهجية وقطعية األحكام والقواعد‬
‫القانونية هي مقومات ال تتوفر في النماذج القانونية غير املقننة(‪ ،)121‬مما يبرر استمرار‬
‫وتزايد الدعوات لتوسيع التقنينات في الدول ذات النهج غير املقنن‪.‬‬
‫ولم يقتصر ما تقدم على النطاق احمللي للدول ذات النهج القضائي؛ حيث تعدت آثاره‬
‫إلى النطاق الدولي‪ ،‬وهو ما فرض على الدول اخلضوع لنظم قانونية مختلفة‪ ،‬من خالل‬
‫تنامي النهج التشريعي في االتفاقيات الدولية‪ ،‬والتي مزجت بني قواعد كال النظامني‬
‫لزيادة فاعليتها‪.‬‬
‫ثالثاً‪ -‬االتفاقيات الدولية وأثرها في النظام األجنلوأمريكي‪:‬‬
‫انعكس أثر املنهج التشريعي املتبع في معظم االتفاقيات الدولية في تداخل النظم القانونية‬
‫فيما بينها‪ ،‬فضالً عن تنامي فكرة املزج بني قواعدها وأصولها‪ ،‬وعلى رأسها النظامان‬
‫الالتيني واألجنلوأمريكي‪ ،‬فأغلب تلك االتفاقيات تتبع النهج التشريعي‪ ،‬وهي في ذات‬
‫‪(118) Frederick Olds Bissell, Codification in the State of New York, Historical Theses and Dissertations‬‬
‫‪Collection, Cornell Law School, Adigital Repository, Pp. 34- 39. Maurice Eugen Lang, Codification‬‬
‫‪in the British and America, The Lawbook Exchange, LTD, New Jersey, USA,2005, Pp.182- 184.‬‬
‫ ‪(119) Mary Keyes & Therese Wilson, Op. Cit., p.6.‬‬
‫(‪ ((12‬للمزيد حول عقبات وإشكاليات تقنني القانون العام» ‪ ”Common Law‬راجع‪:‬‬
‫‪Peter M. North, Problems of Coditfication in a Common Law System, The Rable Journal of Comarative‬‬
‫‪504-and International Private Law, 46.Jarg H. 3. 1992, p.503‬‬
‫‪(121) Eva Steiner. -French Law, A Comparative Approach, Blanc-Jouvan Xavier, Revue internationale de‬‬
‫‪droit comparé,  Année 2010,  Volume 62,  Numéro 4, Pp. 1061- 1063. Eva Steiner, French Law A‬‬
‫‪Comparative Approach, Oxford University Press, New York, 2010, p.40.‬‬

‫‪439‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫الوقت تضم العديد من الدول ذات النهج األجنلوأمريكي كبريطانيا مثالً‪ ،‬يضاف لذلك‬
‫األنظمة والتشريعات املطبقة في االحتاد األوروبي والتي يصدق عليها ذات الوصف‪.‬‬
‫ولعل أبرز تطبيقات املزج بني نظامني قانونيني مختلفني أو حتى متعارضني‪ ،‬هي تلك‬
‫التشريعات التي تتصف بطابع الدولية‪ ،‬وحتديدا ً في مجال القانون اخلاص‪ ،‬كاتفاقية‬
‫األمم املتحدة املتعلقة بالبيوع الدولية ‪ 1980‬الصادرة عن األونسترال(‪ ،)122‬واملبادئ‬
‫املوحدة للعقود التجارية الدولية ‪ 2010‬الصادرة عن معهد توحيد القانون اخلاص بروما‪،‬‬
‫حيث وردت العديد من التطبيقات التي مزجت بني النظام القانوني الالتيني من جهة‪،‬‬
‫واألجنلوأمريكي من جهة أخرى‪ ،‬فتبنَّت أحكاما ً متباينة متاما ً في النظامني‪ ،‬إذ َّ‬
‫نظم‬
‫املش ِّرع الدولي جزاء التنفيذ العيني في اتفاقية فيينا مقتفيا ً خطى النظام الالتيني‪ ،‬وجعل‬
‫التنفيذ العيني جزاء أساسيا ً(‪ ،)123‬على خالف النظام األجنلوأمريكي الذي يتعامل مع هذا‬
‫اجلزاء على أنه استثناء من القواعد العامة‪ ،‬في حني تبنَّت االتفاقية جزاء إنقاص الثمن من‬
‫النظام الالتيني واملخالفة اجلوهرية من النظام األجنلوأمريكي‪ ،‬إلى غير ذلك من األحكام‬
‫التي ال يتسع املقام لذكرها(‪ .)124‬وقد يبرر هذا املزج بالقول إن تلك التشريعات غايتها‬
‫تلبية متطلبات أنظمة قانونية مختلفة‪ ،‬وتشجيع دول وأفراد بخلفيات قانونية مختلفة‬
‫لألخذ بها‪ ،‬وبروز البعد االقتصادي للقاعدة القانونية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫قدرة القضاء على خلق القواعد القانونية‬
‫ميتاز النظام القانوني األجنلوأميركي من خالل منهجيته في االعتماد على السوابق‬
‫القضائية بشكل أساسي‪ ،‬واعتبار التشريع أحد مصادر القانون‪ ،‬بقدرة القضاء على خلق‬
‫وتطوير نظريات وقواعد قانونية من خالل النظر في املنازعات املعروضة عليه‪ .‬ويرجع‬
‫ذلك إلى اختالف مفهوم «القاعدة القانونية» في القانون اإلجنليزي عنه في القانون‬
‫الفرنسي‪ ،‬حيث إنه في النظام األجنلوسكسوني يتم إرساء القاعدة القانونية بصفة‬
‫روتينية من قبل القاضي في مواجهته ملسألة محددة ومعينة يستجيب لها القاضي من‬

‫(‪ ((12‬صدرت هذه االتفاقية في ‪ 11‬أبريل ‪ ،1980‬واسمها الرسمي «اتفاقية األمم املتحدة بشأن عقود البيع‬
‫الدولي للبضائع»‬
‫‪United Nations Convention on Contrats for the International Sale of Goods 1980 .‬‬
‫(‪ ((12‬راجع على سبيل املثال املادة (‪ )75‬وما يليها من االتفاقية املذكورة‪.‬‬
‫(‪ ((12‬خالد أحمد عبد احلميد‪ ،‬فسخ عقد البيع الدولي للبضائع وفقا ً التفاقية فينا لعام ‪ ،1980‬ط‪ ،2001 ،2‬ص‪24‬؛‬
‫وللمزيد حول املوضوع راجع‪ :‬محسن شفيق‪ ،‬اتفاقية االمم املتحدة بشأن البيع الدولي للبضائع‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.1998‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪440‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫وسع من نطاقها إلى ما وراء هذه املسألة املعينة‪،‬‬


‫خالل تطبيق القاعدة القانونية‪ ،‬ولكنه ال ُي ِّ‬
‫في حني أن القاعدة القانونية في فرنسا هي نتاج فكر املش ِّرع القانوني؛ ولهذا فإن القانون‬
‫الفرنسي ال يهتم بالقضايا الفردية‪ ،‬إذ تقع القاعدة القانونية بالنسبة إليه في آفاق عالية‬
‫من التجريد(‪)125‬؛ ولهذا ال تؤدي األحكام القضائية فيه إلى إنشاء قواعد قانونية‪ ،‬وإمنا‬
‫يفترض بها أن تقوم فقط بتطبيق القواعد القائمة على قضية معينة‪ ،‬بدالً من النظر في كل‬
‫قضية على أنها حالة قائمة بذاتها؛ ولهذا يسعى القانون الفرنسي – وهو النهج الالتيني‬
‫عموماً‪ -‬إلى إرساء مبادئ عامة قبل أن ميضي إلى تفاصيل قضايا محددة(‪.)126‬‬
‫وقد ُتعد هذه السمة من مزايا النظام «غير املقنن» وهي املرونة والتطور والتجدد عكس‬
‫«منهج التقنني» الذي قد يعاب عليه اجلمود(‪.)127‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫مدى التقارب بني النظام األجنلوأمريكي والفقه اإلسالمي‬
‫كان واليزال البحث املقارن بني الفقه اإلسالمي والقانون اإلجنليزي مبا ميثله من منهج‬
‫للقانون غير املقنن محل اهتمام كثير من الباحثني من الغرب والشرق‪ ،‬إذ أورد بعضهم‬
‫دراسات لقوانني منطقة اخلليج حتديداً‪ ،‬ومنهم البروفيسور «نويل كولصن‪Noel J.‬‬
‫‪ »Coulson‬حيث تضمن أحد بحوثه العنوان التالي‪« :‬القانون التجاري في دول اخلليج‬
‫وسنن النظام القانوني اإلسالمي»‪ ،‬وردت فيه مقارنة بني النظام القانوني اإلجنليزي‬
‫وحتديدا ً العقد وأحكامه في الفقه اإلسالمي(‪.)128‬‬
‫كما يتفق كال النظامني القانونيني في أن كليهما غير «مقنن» من حيث األصل‪ ،‬فهما يتبعان‬
‫منهجية متقاربة في املعاجلة التشريعية والقضائية هذا من جانب‪ ،‬كما توجد دعوات‬

‫(‪ ((12‬غاي بيخور‪ ،‬مدونة السنهوري القانونية «نشوء القانون املدني العربي املعاصر ‪ ،»1949-1932‬الشبكة‬
‫العربية لألبحاث والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،2009 ،‬ص‪.106‬‬
‫‪(126) Christian Dadomo and Susan farran, The French Legal System, London, Sweet & Maxwell,‬‬
‫‪1993, Pp.11- 13.‬‬
‫(‪ ((12‬يرد على هذا أن السوابق القضائية املستقرة في هذا النظام هي في أصلها أعراف ولم تصبح سابقة‬
‫قضائية إال بعد العمل بها سنني طويلة‪ ،‬حيث يفاخر اإلجنليز بقدم نظامهم‪ ،‬الذي ميتد قرابة ‪ 700‬عام‪،‬‬
‫راجع‪ :‬روبرت كروس‪ ،‬السوابق القضائية‪ ،‬ط‪ ،1‬ترجمة د‪ .‬محمد الشيخ عمر‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،1992‬ص‪ ،19‬وعبد العزيز الفايز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪(128) Noel J. Coulson, Commercial Law in the Gulf States: The Islamic Legal Tradition, The International‬‬
‫‪Lawyer, V.20, No.1, Winter 1986, Pp.442- 447.‬‬
‫كما ورد ملخص لبحثه املذكور أعاله في مجلة دراسات اخلليج واجلزيرة العربية‪ ،‬عرضه البخاري‬ ‫ ‬
‫عبد الله اجلعلي‪ ،‬العدد ‪ ،58‬السنة ‪ ،15‬أبريل ‪1989‬م‪ ،‬شعبان ‪1409‬هـ‪ ،‬ص‪.249‬‬

‫‪441‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫لتأثر القانون اإلجنليزي بالفقه اإلسالمي(‪ )129‬من جانب آخر‪ ،‬نتناول كلتا املسألتني في‬
‫فرعني مستقلني‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫التقارب املفترض في املنهجية القانونية‬
‫إن الفقه اإلسالمي كنظام قانوني يقوم على السوابق الفقهية والقضائية قد يتقارب مع النظام‬
‫األجنلوسكوني الذي يتبع ذات املنهجية القانونية(‪ ،)130‬إذ يقوم النظام اإلجنليزي على اإلستدالل‬
‫من السوابق القضائية‪ ،‬بخالف النظام الالتيني الذي يقوم على االستدالل من النصوص‬
‫التشريعية‪ ،‬وبهذا يتميز النظام األجنلوسكسوني بإلزامية السوابق القضائية(‪.)131‬‬
‫إن منهجية الفقه اإلسالمي عموما ً تقوم على فكرة االستدالل بنص عام للوصول إلى‬
‫احلكم املراد‪ ،‬وذلك بوسائل تختلف فيها املذاهب اإلسالمية؛ وذلك لغياب النص التشريعي‬
‫التفصيلي في أحيان كثيرة‪ ،‬مما يقتضي الرجوع إلى كليات عامة تقبل التفسير والتأويل‪،‬‬
‫وهنا يظهر التقارب مع املنهجية املتبعة في القانون اإلجنليزي‪ ،‬وكالهما يختلف عما‬
‫يعرف بـ «مدرسة التزام النص» – املنهج الالتيني أو منهج التقنني ‪ -‬والتي صاحب‬
‫ظهورها صدور تقنينات نابليون وانتشارها ‪ -‬وهي شبيهة مبنهجية املذهب الظاهري‪-‬‬
‫إذ ساد االعتقاد بشمولها وصالحيتها وحصر مصادر القانون في التشريع‪ ،‬وجعلت‬
‫مهمة املفسرين في استنباط األحكام التفصيلية محصورة في البحث عن إرادة املشرع‬
‫(‪ ((12‬وقد أجريت العديد من الدراسات في هذا الشأن نذكر منها‪ :‬دراسة جون مقدسي والذي توصل فيها‬
‫إلى أن الفقه اإلسالمي هو أصل القانون العام اإلجنليزي « ‪ »Common Law‬راجع‪:‬‬
‫‪John A. Makdisi, The Islamic Origins of the common Law, North Carolina Law Review, June 1999,‬‬
‫‪(Pp.1637 - 1740).‬‬
‫وتتلخص نظريته في أن النظام القانوني اإلسالمي الذي كان مطبقا ً في صقلية اإلسالمية استمر حتت‬ ‫ ‬
‫حكم النورمانديني في صقلية ليؤثر على النورمانديني الذين حكموا إجنلترا في نفـس الفترة‪ .‬ويضيف‬
‫باحث آخر في هذا الشأن أن صقلية اإلسالمية طبق فيه مذهب احلنفية‪ ،‬إذ حكمها املسملون ضمن‬
‫ما يعرف بوالية القيروان من ‪212‬هـ لغاية ‪260‬هـ حتت لواء اخلالفة العباسية‪ .‬للمزيد‪ ،‬ميكن مراجعة‪:‬‬
‫برهام محمد عطا الله‪ ،‬تطبيق الشريعة اإلسالمية في صقلية اإلسالمية والنورماندية‪ ،‬بحث مقدم‬
‫إلى ندوة «الفقه اإلسالمي املشترك اإلنساني واملصالح» وزارة األوقاف والشؤون الدينية العمانية‪،‬‬
‫مسقط‪( ،‬من ‪ 6‬ولغاية ‪ 9‬جمادى اآلخرة لعام ‪1435‬هـ‪ 9-6 /‬أبريل ‪2014‬م)‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪ ((13‬عبد السميع أبو اخلير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،414‬حيث يرى البعض ممن يعارضون التقنني ويرون تقييده‬
‫بأمور تقارب فكرة السوابق القضائية منها القضاء بالرأي املشهور من املذهب املطبق في القضاء‪ ،‬أو‬
‫ما جرى عليه العمل في احملاكم التي ال تأخذ بفكرة التقنني كاململكة العربية السعودية‪ ،‬راجع‪ :‬محمد‬
‫الفايز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫(‪ ((13‬فايز حسني‪ ،‬العرف والتشريع في النظام القانوني الروماني الالتيني الفرنسي والنظام القانوني‬
‫األجنلوسكسوني‪ ،‬مجلة التسامح‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون الدينية‪ ،‬مسقط‪ ،‬العدد ‪ ،24‬سنة ‪ ،2008‬ص‪.6‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪442‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫الصريحة أو الضمنية وصوالً لإلرادة املفترضة؛ إال أنه وبسبب صعوبة تطبيق هذا‬
‫املفهوم عملياً‪ ،‬أصبح التشريع مجرد مصدر أصلي للقانون مع االعتراف إلى جانبه‬
‫مبصادر احتياطية كاألعراف أوالً‪ ،‬ثم ما يعرف بـ«البحث العلمي احلر» وهو يقابل في‬
‫الفقه اإلسالمي األدلة االجتهادية وأهمها االستصالح أو املصالح املرسلة(‪.)132‬‬
‫فالتقارب يظهر بني النظامني من خالل االجتهاد القضائي ومتتع القاضي بسلطة واسعة‬
‫في احلكم في املسائل التفصيلية املتفرعة عن األصول الكلية‪ ،‬وخصوصا ً في ظل التقييد‬
‫املذهبي‪ ،‬فال يخرج القاضي عن فتوى أو رأي املذهب الذي ينتمي إليه؛ مما يجعله مبثابة‬
‫سابقة قضائية بالنسبة له‪ ،‬إال أن الفقه اإلسالمي في عمومه ال يلزم القاضي مبوافقة‬
‫قضاء من سبقه‪ ،‬بل يلزمه أن يجتهد في كل قضية باجتهاد جديد مستقل‪ ،‬لكن فقهاء‬
‫املالكية اعتمدوا فكرة السوابق القضائية امللزمة إذا جرى بها العمل في بلدة معينة من‬
‫البالد وفق شروط معينة(‪.)133‬‬
‫من جهتنا‪ ،‬نرى بأن القضاء بالرأي الراجح ثم املشهور ثم الضعيف بالنسبة للقاضي فيما‬
‫يعرض عليه من قضايا الناس أمر الزم‪ ،‬سواء كان ما يقضي به هو مذهب القاضي نفسه‬
‫أو هو مذهب مت إلزام القاضي باحلكم به من قبل ولي األمر‪ ،‬أي التقييد بـ «املشهور من‬
‫املذهب»‪ ،‬وبهذا ال يستطع القاضي اخلروج على ما جرى به العمل في ذلك املذهب إال لدرء‬
‫مفسدة أو جلب مصلحة‪ ،‬وفي هذا تطبيق مقارب لفكرة السوابق القضائية‪ .‬وبهذا الشأن‪،‬‬
‫يؤكد مصطفى الزملي بأن‪« :‬كثيرا ً من الفقهاء وأئمة املذاهب اإلسالمية استعانوا ‪ -‬في فهم‬
‫نصوص القرآن والسنة النبوية فهما ً دقيقا ً وفي استخراج األحكام ‪ -‬بالسوابق القضائية ‪...‬‬
‫وقد ذكرنا مناذج من تلك التطبيقات القضائية ما يغني عن إثبات استعانة الفقهاء بالسوابق‬
‫القضائية»(‪ ،)134‬ومن تلك التطبيقات التي أوردها والتي ُتعد «سوابق قضائية» ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تضمني األجير املشترك كاملقاول الصانع وغيرهما‪:‬‬
‫وهو ما ذهب إليه اإلمام علي  من أن األجير املشترك إذا أتلف شيئا ً من األموال التي‬
‫حتت يديه‪ ،‬رغم أن يده عليها يد أمانة ال ضمان فيها ما لم يكن صاحبها متعديا ً أو مقصرا ً‬
‫في تلفها جزئيا ً أو كلياً‪ ،‬إال أن اإلمام علي رأى خالف ذلك؛ حماية ألصحاب املواد األولية‬
‫وقال قوله الشهير‪« :‬ال يصلح الناس إال ذلك»(‪.)135‬‬
‫(‪ ((13‬مصطفى اجل ّمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.355‬‬
‫(‪ ((13‬خالد الظاهر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫(‪ ((13‬مصطفى إبراهيم الزملي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.240‬‬
‫(‪ ((13‬احلكم أعاله مستند إلى املصلحة‪ ،‬ويرا ُه د‪ .‬محمد كمال الدين إمام تطبيقا ً لـ «مصلحة األغلبية» وهي في‬
‫رأيه تعد «مصحلة عامة» في األصل و «أغلبية» في التطبيق‪ ،‬راجع للمؤلف‪ ،‬أصول الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1996 ،‬ص‪.202‬‬

‫‪443‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫‪« -2‬قتل اجلماعة بواحد»‪:‬‬


‫وهو حكم عمر بن اخلطاب وعلي بن أبي طالب  بوجوب تطبيق عقوبة القصاص على‬
‫أكثر من واحد إذا اشترك اجلميع في قتل شخص واحد‪ ،‬مع أن ظاهر اآلية قوله تعالى‪:‬‬
‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ(‪.)136‬‬
‫منهجية القياس‪:‬‬
‫من حيث األصل تختلف مكانة القياس في الفقه القانوني من نظام آلخر‪ ،‬فقد يكون‬
‫مصدرا ً رسميا ً للقانون أو تفسيرياً‪ ،‬إذ يراه البعض وسيلة اجتهادية من وسائل «البحث‬
‫العلمي احلر»‪ ،‬وفقا ً لرأي الفقيه الفرنسي «فرانسوا جيني»؛ لسد نقص في التشريع‬
‫واستكمال تفسيره(‪ ،)137‬إال أن البعض ربط بني منهج القياس في الفقه اإلسالمي ومنهجية‬
‫االستنباط املقررة في القانون اإلجنليزي‪ ،‬وفقا ً لنظام السوابق القضائية‪ ،‬والتي تعني‬
‫مراجعة وبناء األحكام على أساس األحكام القضائية السابقة املشابهة للحالة التي يقوم‬
‫القاضي باحلكم فيها(‪ ،)138‬وهي ما تعرف بـ «التسبيب بالقياس»‪ ،‬ومبوجبها يقوم القضاة‬
‫بحسم احلاالت املماثلة بطرق مماثلة وفقا ً لالمتداد القياسي للقرار السابق‪ ،‬كما تستبعد‬
‫تبعا ً لذلك احلاالت غير املتشابهة والتي يجب أن حتسم بطرق متغايرة؛ ولهذا تظهر أهمية‬
‫الرجوع للدوريات القانونية اإلجنليزية؛ للتحقق من وجود أو عدم وجود تباين جوهري‬
‫بني القضية السابقة والدعوى محل النزاع(‪ .)139‬وهذا باختصار جوهر عملية «القياس»‬
‫عند األصوليني في الفقه اإلسالمي(‪ )140‬أي أن القاضي اإلجنليزي يبحث في األحكام‬
‫الصادرة في دعاوى مماثلة للنزاع املعروض عليه‪ ،‬ويستخلص منها قاعدة قانونية‬
‫واجبة التطبيق‪ ،‬وهو في كل هذا ملتزم بالقواعد القانونية ألحكام احملاكم البريطانية‬
‫(قانون القضايا) كحلول قضائية للنزاعات القضائية والقياس عليها؛ لتطبيقها على ما‬
‫يظهر من نزاعات مماثلة في وقت الحق(‪ .)141‬إن من املقرر في أصول الفقه اإلسالمي‬

‫(‪ ((13‬مصطفى الزملي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.85‬‬


‫(‪ ((13‬عصمت عبد املجيد بكر‪ ،‬مشكالت التشريع‪ :‬دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،2014 ،‬ص‪.451‬‬
‫‪(138) George Makdisi, The Guilds of law in Medieval legal History: An Inquiry into the Origins of‬‬
‫‪the Inns of Court, 34, Cleveland State Law Review 3 (1985 -1986), p.9.‬‬
‫(‪ ((13‬روبرت كروس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫(‪ ((14‬فالقياس هو‪« :‬تعدية احلكم من األصل إلى الفرع بعلة متحدة ال تدرك مبجرد فهم اللغة»‪ ،‬راجع‪ :‬محمد‬
‫ٌ‬
‫«استدالل بعلة حكم مسألة على‬ ‫كمال الدين إمام‪ ،‬أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬ص‪ ،173‬وع َّرفه البعض بأنه‪:‬‬
‫وجوده في مسألة مشابهة تتوفر فيها هذه العلة»‪ ،‬راجع‪ :‬مصطفى الزملي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫(‪ ((14‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.45‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪444‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫أن املصدر احلقيقي املنشئ للحكم ‪ -‬محل النزاع‪ -‬هو نص حكم املقيس عليه(‪ )142‬وهو‬
‫السابقة القضائية في القضاء اإلجنليزي‪.‬‬
‫كما إن عملية استقراء اجلزئيات – الفروع‪ -‬والتي تتعلق بوقائع مماثلة للنزاع املعروض‬
‫واخلروج بقاعدة كلية‪ -‬أصولية‪ -‬والقياس عليها باملستقبل تظهر التقارب بني املنهج‬
‫القضائي األجنلوأميركي ومنهجية االستنباط في الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫وكذلك يربط البعض بني مفهوم «العدالة» في القانون اإلجنليزي لتأصيل األحكام‪ ،‬ومنهج‬
‫االستحسان كمصدر لألحكام في الفقه اإلسالمي (‪.)143‬‬
‫وإلى جانب ذلك‪ ،‬فإن ما يعرف بـ قانون القضايا «‪ »Case- Law‬يتكون من جملة قواعد‬
‫وضعها قضاة النظام القانوني اإلجنليزي وفقا ً ألحكام معينة‪ ،‬ويتعني على القضاة‬
‫اتباعها عند تصديهم للفصل في القضايا املعروضة عليهم الحقا ً(‪ )144‬وهو يقارب‬
‫إلى حد كبير الضوابط املقررة في علم أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬والتي تستخدم في‬
‫استنباط األحكام من األدلة التفصيلية‪ ،‬وحتديدا ً في ضبط عملية القياس(‪.)145‬‬
‫إن قواعد الفقه اإلسالمي ومنهجيته القانونية أصبحت محل اهتمام متزايد لدى فقهاء‬
‫القانون‪ ،‬ويكفي أن نذكر الدراسة التي قام بها مؤخرا ًأحد فقهاء القانون األجنلوسكسوني‬
‫كالرك ب‪ .‬لومباردي «‪ »Clark B. Lombardi‬والتي درس فيها استخدام الفقه اإلسالمي‬
‫وقواعده ومنهجيته في القرارت الصادرة عن محكمة العدل الدولية(‪.)146‬‬

‫(‪ ((14‬مصطفى الزملي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬


‫‪(143) George Makdisi, Op.Cit.P.3‬‬
‫(‪ ((14‬روبرت كروس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫(‪ ((14‬يقارب ما ذكر أعاله عملية «حتقيق املناط» عند األصوليني‪ ،‬وهي أن يتحقق املجتهد من العلة ويثبت بها‬
‫احلكم في الفرع‪ ،‬وعملية «تخريج املناط» بأن يجتهد الناظر «القاضي» في استنباط علة احلكم املنصوص‬
‫عليها لالستناد إليها في حكم مشابه الحقاً‪ ،‬راجع‪ :‬محمد كمال الدين إمام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪،42‬‬
‫(‪ ((14‬في عام ‪ 2006‬أصدرت محكمة العدل الدولية ‪ 38‬قراراً‪ ،‬وقد مت االستشهاد بقواعد الفقه اإلسالمي في‬
‫نصوص اثنني من تلك القرارات الصادرة‪ ،‬وفضالً عن نقاش دار بني قاضيني من القضاة في أحد‬
‫القرارات‪ ،‬كما مت أول استشهاد واستدالل بقواعد الفقه اإلسالمي في عام ‪ 1969‬في قضية « ‪North Sea‬‬
‫‪ ،”Continental Shelf,1969-ICJ‬والتي جمعت بني أطرافها كالً من الدمنارك وأملانيا وهولندا‪ ،‬وكان‬
‫أحد القضاة لبناني األصل وهو فؤاد أمون « ‪ ،»Fouad Ammoun‬ويرى الباحث أن املادة (‪ )38‬فقرة ‪1-‬ج‬
‫هي السند للقضاة في الرجوع للفقه اإلسالمي والتي تقضي أن على احملكمة أن تفصل في النزاع وفقا ً‬
‫لقواعد القانون الدولي وجملتها‪ :‬قواعد القانون العام التي أقرتها األمم املتمدنة‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪Clark B. Lombardi, Islamic Law in the Jurisprudence of the International Court of Justice: An‬‬
‫‪Analaysis, Chicago Journal of International Law, V.8, No.1, Article 7,2007, Pp.94 -97.‬‬

‫‪445‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫محاكم مركز دبي املالي (‪ )DIFC‬واخلروج على منهج التقنني نحو النظام املختلط‪:‬‬

‫ُيعد النظام القانوني انعكاسا ً حلاجات املجمتع املتطورة واملتجددة‪ ،‬ولهذا كانت القوانني‬
‫تتغير وتتبدل تبعا ً لذلك‪ ،‬وبسبب التطور االقتصادي الذي شهدته منطقة اخلليج العربي‬
‫ودولة اإلمارات العربية املتحدة حتديداً؛ وتنامي التجارة الدولية عبر هذه الدول‪ ،‬قامت‬
‫حكومة دبي بتطوير نظام قانوني للمحاكم في اإلمارة ضمن املنطقة احلرة في مركز‬
‫دبي املالي‪ ،‬أطلق عليها اسم «محاكم مركز دبي املالي»(‪ )147‬مبوجب القانون رقم ‪ 12‬لسنة‬
‫‪ 2004‬املعدل بالقانون رقم ‪ 16‬لسنة ‪ ،2011‬والتي تعد خروجا ً على منهج التقنني املتبع‬
‫في الدولة‪ ،‬إذ تطبق احملاكم املذكورة النظام األجنلوأمريكي بوجه عام‪ ،‬وحتديدا ً النظام‬
‫القانوني اإلجنليزي ونظام السوابق القضائية‪ ،‬ويتم االحتكام إلى هذه احملاكم بناء‬
‫على رغبة األطراف‪ ،‬إما ابتداء من خالل النص في العقود التي ترتبط بها على حتديد‬
‫جهة الفصل في املنازعات بأن تكون محاكم مركز دبي املالي‪ ،‬أو باالتفاق الالحق على‬
‫النزاع‪ .‬وتشير التقارير التي تنشرها محاكم مركز دبي املالي إلى تزايد كبير في عدد‬
‫القضايا املعروضة عليها‪ ،‬فمثالً في عام ‪ 2014‬نظرت احملاكم ‪ 116‬قضية‪ ،‬وفي العام‬
‫التالي (‪ 216 )2015‬قضية(‪ ،)148‬كما تشير التقارير إلى سرعة إجناز عالية فمثالً ‪ % 90‬من‬
‫القضايا صغيرة احلجم مت إجنازها في أقل من ‪ 4‬أسابيع‪ % 98 ،‬من املتقاضني أعلنوا عن‬
‫رضاهم إزاء التعامالت املباشرة مع احملاكم(‪.)149‬‬
‫وقد يستدل من جلوء املتقاضني إلى محاكم مركز دبي املالي على عدم فاعلية «فكرة‬
‫التقنني»؛ ألن هذه احملاكم ال تتبع منهج التقنني من حيث األصل في النزاعات املعروضة‬
‫عليها‪ ،‬وهذا قد يكون صحيحا ً لكن ليس بسبب فاعلية منهجية التقنني أو عدمها؛ بل‬
‫للحاجة إلى تعديالت تشريعية في منظمومة التقنينات احمللية؛ لتتناسب مع روح‬

‫‪2004‬‬ ‫(‪ ((14‬مبوجب القانون رقم ‪ 16‬لسنة ‪ 2011‬والذي يقضي بتعديل بعض أحكام القانون رقم ‪ 12‬لسنة‬
‫بشأن محاكم مركز دبي املالي العاملي‪ ،‬فإن املادة (‪ )5‬من القانون املذكور والتي حتدد االختصاص‬
‫القضائي وصالحيات احملكمة االبتدائية حتديدا ً تنص على أنها تختص بالنظر والفصل في الطلبات‬
‫والدعاوى املدنية والتجارية التي يكون مركز دبي املالي أو إحدى هيئاته أو مؤسساته طرفا ً فيها‬
‫وكذلك‪ - 2 « :‬يجوز للمحكمة االبتدائية النظر والفصل في الطلبات والدعاوى املدنية والتجارية إذا‬
‫رفعت إليها باتفاق األطراف خطيا ً سواء قبل أو بعد وقوع النزاع‪ .»..‬كما أعطيت القرارات الصادرة قوة‬
‫تنفيذية داخل وخارج املركز وداخل وخارج دولة اإلمارات العربية املتحدة بعد التعديل املذكور آنفاً‪،‬‬
‫لتفاصيل أكثر‪ ،‬انظر‪ :‬دليل تنفيذ األحكام وقرارات محاكم مركز دبي املالي العاملي‪ ،‬اإلصدار الثالث‪،‬‬
‫مارس ‪ ،2015‬ص‪.5‬‬
‫(‪ ((14‬التقرير السنوي حملاكم مركز دبي املالي للعام ‪ ،2015‬ص‪.19‬‬
‫(‪ ((14‬التقرير السنوي حملاكم مركز دبي املالي للعام ‪ ،2013‬ص‪.11‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪446‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫العصر‪ ،‬فضالً عن جهل أحد طرفي النزاع أو كليهما بالتقنينات املطبقة محلياً‪ ،‬ورغبته‬
‫في املثول أمام نظام قانوني يشابه األنظمة التي ينتمي إليها في موطنه؛ وهو غالبا ً النظام‬
‫وج ُّل هؤالء من الشركات العاملية التجارية التي تخشى التعامل مع‬ ‫«أجنلوأمريكي»‪ُ ،‬‬
‫النظام القانوني احمللي لعدم إحاطتها به علماً‪ُ ،‬يضاف لكل ما تقدم عامل لغة التقاضي‪،‬‬
‫والذي ُيجنب أطراف النزاع إشكاليات الترجمة القانونية لكافة املستندات ذات العالقة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫التقارب املفترض في النماذج التطبيقية‬
‫يؤكد البعض(‪ )150‬تأثر النظام األجنلوأمريكي ‪ -‬وحتديدا ً القانون اإلجنليزي‪ -‬بالفقه‬
‫اإلسالمي ليس فقط في املنهجية القانونية بل في تبني بعض النظريات والقواعد الفقهية‬
‫والتي منها مايلي‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرية الظروف الطارئة(‪:)151‬‬
‫حيث لم يعرف القانون اإلجنليزي على وجه اخلصوص‪ ،‬والقوانني الغربية والعربية هذه‬
‫النظرية إال عن طريق الفقة اإلسالمي‪ ،‬إال أن القوانني التي عاجلت هذه النظرية اشترطت‬
‫أن يكون الظرف الطارئ عاما ً كاحلرب والكوارث الطبيعية‪ ،‬في حني أن الفقه اإلسالمي ال‬
‫يشترط ذلك‪ ،‬بل يجوز تطبيق النظرية ولو كان الظرف الطارئ خاصا ً بطرف واحد (‪.)152‬‬
‫‪ -2‬املثليات والقيميات‪:‬‬
‫تقسيم املال إلى مثلي وقيمي مستمد من الفقه اإلسالمي‪ ،‬حيث نصت عليه مجلة األحكام‬
‫العدلية(‪ ،)153‬وفي القانون اإلجنليزي لبيع البضائع (‪ )1979‬يمُ يِّز بني األشياء املعينة‬
‫بالنوع [‪ ]Specific Goods‬وتلك املعينة بالذات [‪ ]Unasecertained Goods‬إذ ال يسمح‬

‫(‪ ((15‬من هؤالء‪ :‬العالمة الدكتور مصطفى الزملي‪ ،‬راجع مؤلفه‪ :‬الكامل للزملي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.69‬‬
‫(‪ ((15‬وتتلخص هذه النظرية في أن تنفيذ االلتزام قد يصبح مرهقا ً للمدين ومؤديا ً إلى خسارة فادحة بسبب‬
‫وقوع حوادث غير عادية مما يتطلب إعادة النظر في العقد على نحو يخفف من هذه اخلسارة‪ ،‬ويعرف‬
‫الفقه اإلسالمي هذه الفكرة حتت مصطلح «اإلعذار» والتي تسمح بفسخ عقد اإليجار لدى احلنفية‪،‬‬
‫وأخذت بهذه النظرية القوانني العربية منها‪ :‬قانون املعامالت املدنية اإلماراتي (‪ )249‬القانون املدني‬
‫األردني (‪ )205‬والعراقي (‪ )146‬واملصري (‪ ،)2/147‬راجع للمزيد‪ :‬عدنان سرحان ونوري خاطر‪ ،‬شرح‬
‫القانون املدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 255‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ((15‬انظر‪ :‬مصطفى الزملي‪ ،‬الكامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.70‬‬
‫(‪ ((15‬نصت املادة (‪ )145‬من املجلة على أن املال املثلي‪« :‬ما يوجد مثله في السوق بدون تفاوت يعتد به»‪ ،‬واملال‬
‫القيمي‪ :‬ما ال يوجد له مثل في السوق أو يوجد لكن مع التفاوت املعتد به في القيمة»‬

‫‪447‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫بإبطال البيوع إال إذا كان محلها بضاعة معينة بالنوع متى تعذر تسليمها(‪.)154‬‬
‫‪ -3‬نظام الترست « ‪:»Trust‬‬
‫وهو نظام مقرر في القانون اإلجنليزي ويقابل نظام «الوقف» املعروف في الفقه‬
‫اإلسالمي(‪ .)155‬ويتلخص النظام بنقل ملكية املال املخصص للخير أو إلى أي غرض شرعي‬
‫آخر كاألهل واألوالد‪ ،‬إلى شخص آخر يكون هو األمني‪ ،‬ويكون األهل واألوالد أو الغرض‬
‫اخليري املستفيد «‪ ,»Beneficiaries‬واألمني يكون املالك القانوني أو الرسمي‪ ,‬واألهل‬
‫واألوالد أو الغرض اخليري هم املالك عدالة وديانة‪ ،‬وال ميكن لألمني «‪ »Trustee‬أن يستفيد‬
‫من إدارة الترست على حساب املستفيدين ‪ ،‬ووجه الشبه مع الوقف هو في نقل ملكية املال‬
‫املوقوف أو املال موضوع الترست إلى شخص آخر يتصرف فيه ملصحلة املستفيدين‪ ،‬وقد‬
‫يكونون أفرادا ً أو جهات اخلير‪ ،‬مثل املستشفيات واملدارس أو الكنائس‪ ،‬فاملال محبوس‬
‫على ذمة الله‪ ،‬فيصبح املال غير قابل للتصرف فيه إال طبقا ً لشروط الوقف(‪.)156‬‬
‫‪ -4‬القواعد الفقهية ‪: »Legal Maxims‬‬
‫‪xLegal Ma‬‬ ‫يوجد تشابه بني بعض القواعد القانونية في القانون اإلجنليزي املعروفة بـ« «‬
‫‪ »ims‬والقواعد الفقهية في الفقه اإلسالمي منها بإيجاز‪:‬‬
‫‪- -‬قواعد الضرر‪ :‬منها قاعدة الضرورات تبيح احملظورات‪ ،‬أي أن الضرورات تبيح ما‬
‫هو من قبيل احلقوق اخلاصة(‪ .)157‬ومن تطبيقاتها القانونية املقننة مبدأ الدفاع عن‬
‫‪(154) Andrew Burrows, English Private Law, Third Edition, Oxford University Press, UK, 2013, p.670.‬‬
‫كما أن القانون املذكور ال يسمح أن يكون احملل املستقبلي في بيع البضائع إال من املثليات‪ ،‬للمزيد حول‬
‫هذا املوضوع راجع‪ :‬نسرين محاسنة‪ ،‬بيع السلم وبيع البضائع املستقبلية‪ :‬دراسة مقارنة في القانون‬
‫املدني األردني وقانون بيع البضائع اإلجنليزي‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة اإلمارات‪ ،‬العدد ‪،27‬‬
‫يوليو ‪ ،2006‬ص‪.370‬‬
‫(‪ ((15‬وفي دراسة حديثة انتهى الباحث إلى أن النظام الذي اقترحه والتر مرتون في عام ‪ 1264‬إلنشاء نظام‬
‫للترست بكلية القانون بجامعة أوكسفورد قد استوحى فكرة الوقف اإلسالمي‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪Monica M. Gaudiosi, The Influence of the Islamic Law of Waqf on the Development of the Trust in‬‬
‫‪England: The Case of Merton College, 136, University of Pennsylvania Law Review 1231 (1988).‬‬
‫(‪ ((15‬برهام محمد عطا الله‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫(‪ ((15‬خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .288‬محمد يحيى مطر‪ ،‬تأثير الفقه اإلسالمي على القانون‬
‫اإلنكليزي‪ ،‬منشورات وزارة األوقاف والشؤون الدينية‪ ،‬ندوة تطور العلوم الفقهية في نسختها الثالثة‬
‫عشرة حتت عنوان (الفقه اإلسالمي املشترك اإلنساني واملصالح) من ‪ 6‬إلى ‪ 9‬أبريل ‪ ،2014‬مسقط‪،‬‬
‫ص‪ .2‬كما تنص املادة (‪ )21‬من املجلة‪”:‬الضرورات تبيح احملظورات” ونصت عليها معظم القوانني‬
‫العربية منها قانون املعامالت املدنية اإلماراتي املادة (‪“ :)288‬من أحدث ضررا ً وهو في حالة دفاع‬
‫شرعي عن نفسه أو عرضه أو ماله أو عن نفس الغير أو عرضه أو ماله كان غير مسؤول عن ذلك‬
‫الضرر على أال يجاوز قدر الضرورة وإال أصبح ملزما ً بالضمان بقدر ما جاوزه”‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪448‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫النفس أو العرض أو املال املعروفة بـ«دفع الصائل»(‪ )158‬وكذلك قاعدة «الضرر يزال»‬
‫(‪)159‬‬

‫وقاعدة «ال ضرر وال ضرار»(‪ ،)160‬ومفادها أن الضرر الذي يتسبب في حدوثه لغيره‬
‫في نفسه أو في ماله يجب العمل على إزالته ورفعه سواء بتعويض املتضرر أو أهله إن‬
‫تسبب الضرر مبوته أو إزالة العائق املتسبب بالضرر(‪ ، )161‬كذلك قاعدة «ال خطأ بدون‬
‫تعويض» وهي قاعدة «‪ ،)162(»There is no worng without remedy‬وقد لعبت قاعدة‬
‫«الضرر يزال» دورا ً تاريخيا ً في القانون اإلجنليزي‪ ،‬حيث صدر قانون وستمنستر‬
‫الثاني (‪ ،)1285‬الذي أجاز للمحاكم قبول أي دعوى تتضمن املطالبة برفع الضرر ولو‬
‫لم تستند إلى سابقة قضائية معينة‪ ،‬تكون سببا ً للدعوى؛ مما أدى إلى قبول العديد‬
‫من قضايا الغصب واإلتالف‪ ،‬بعد كان يشترط لقبولها أن تكون في حدود النماذج‬
‫القضائية املكتوبة(‪ ،)163‬فضالً عن تأصيل العديد من األحكام القضائية في القانون‬
‫اإلجنليزي على هذه القاعدة‪ ،‬مثل احلكم بتضمني املتسبب بفعله ملا يقع من ضرر‬
‫للغير سواء ملخالفته العقد «‪ »Breach of contract‬أو لفعله الضار «‪ ،»Tort‬كمن حفر‬
‫حفرة بالطريق العام ويقع فيها شخص يصاب بضرر‪ ،‬فيكون الضمان على حافر‬
‫احلفرة(‪.)164‬‬
‫‪- -‬قاعدة األمور مبقاصدها(‪ ،)165‬والقاعدة في القانون اإلجنليزي هي‪:‬‬
‫«‪.)166(»An act is judged by its object‬‬

‫(‪ ((15‬ويقصد بدفع الصائل‪ :‬هو واجب اإلنسان في حماية نفسه أو نفس غيره أو عرضه أو عرض غيره‪،‬‬
‫وحقه في حماية ماله أو مال غيره من كل اعتداء حال غير مشروع‪ ،‬بالقوة‪ ،‬الالزمة لدفع هذا االعتداء‪.‬‬
‫للمزيد حول هذا املوضوع راجع‪ :‬زياد حمدان محمود ساخن‪ ،‬الدفاع الشرعي اخلاص (دفع الصائل)‬
‫في الفقه اإلسالمي‪ :‬دارسة مقارنة مع القانون الوضعي‪ ،‬رسالة ماجسيتر في الفقه والتشريع‪ ،‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس – فلسطني‪ ،2008 ،‬ص‪.34‬‬
‫(‪ ((15‬املادة (‪ )20‬من املجلة تنص‪« :‬الضرر يزال»‪.‬‬
‫(‪ ((16‬املادة (‪ )19‬من املجلة تنص‪« :‬ال ضرر وال ضرار»‪.‬‬
‫(‪ ((16‬خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.288‬‬
‫(‪ ((16‬محمد يحيى مطر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،2‬وللمزيد حول هذه القاعدة راجع‪:‬‬
‫‪S.P. Singh, Law of tort: Including Compensation Under the Consumer Protection Act, Fifth‬‬
‫‪Edition, universal law publishing, INDIA, 2010, p.10.‬‬
‫(‪ ((16‬خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.289‬‬
‫(‪ ((16‬خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.289‬‬
‫(‪ ((16‬املادة (‪ )2‬من املجلة‪« :‬يعني أن احلكم الذي يترتب على أمر يكون على مقتضى ما هو املقصود من ذلك األمر»‪.‬‬
‫(‪ ((16‬خليفة بابكر احلسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،289‬وقاعدة األمور مبقاصدها املادة (‪ )2‬من املجلة‪.‬‬

‫‪449‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫اخلامتة‪:‬‬
‫وفي ختام هذه الدراسة نحاول أن نستخلص بعض النتائج والتوصيات‪ ،‬وأهمها اآلتي‪:‬‬
‫‪1 .1‬الفصل التام في منهجية تنظيم القوانني في الدول احلديثة لم يعد مسلما ً به‪ ،‬فرغم‬
‫متسك الدول ذات املنهج القضائي املتمثل بالسوابق القضائية‪ ،‬نراها بادرت بإصدار‬
‫العديد من التشريعات مقتفية أثر املنهج التشريعي‪.‬‬
‫‪2 .2‬انتشار فكرة «التقنني» وفقا ً للمنهج التشريعي في العديد من النظم القانونية التابعة‬
‫للنظام الالتيني الذي لم مينعها من إدخال منظومة قانونية مزدوجة تعمل وفقا ً للمنهج‬
‫القضائي؛ لتلبي مقتضيات التجارة الدولية وتوفر بيئة قانونية مشجعة لالستثمار؛‬
‫األمر الذي ينذر باتساع رقعة النظم املختلطة في املستقبل القريب ومنها على سبيل‬
‫املثال محاكم املركز املالي في إمارة دبي (‪. )DEFC‬‬
‫‪3 .3‬بعد انتشار حركة التقنني متمثلة باملنهج التشريعي‪ ،‬حددت بعض الدول العربية‬
‫توجهاتها التشريعية بسن قوانني مدنية متأثرة بالقانون املدني الفرنسي وهو عمدة‬
‫النظام الالتيني‪ ،‬وعلى رأسها مجلة العقود وااللتزامات التونسية‪ ،‬وقانون االلتزامات‬
‫والعقود املغربي‪ ،‬وقانون املوجبات اللبناني‪ ،‬والقانون املدني املصري وغيرها‪.‬‬
‫‪4 .4‬آثرت بعض الدول اإلبقاء على التطبيق املباشر للفقه اإلسالمي وفق مذاهب معينة‪،‬‬
‫متبعة املنهج القضائي أحادي املذهب في األغلب‪ ،‬وهذا هو توجه القانون السعودي‪.‬‬
‫‪5 .5‬حاولت دول أخرى اقتفاء أثر القانون املدني الفرنسي من حيث الشكل والتبويب‪،‬‬
‫فأصدرت قوانني مدنية مبنهجية التقنني الالتيني‪ ،‬مع استمداد أحكامها املوضوعية من‬
‫القوانني الغربية والفقه اإلسالمي‪ ،‬مع رجحان واضح لكفه الفقه اإلسالمي وبدرجات‬
‫متفاوتة‪ ،‬ومنها القانون املدني العراقي والقانون املدني األردني وقانون املعامالت‬
‫املدنية اإلماراتي‪.‬‬
‫‪6 .6‬أظهرت بعض التطبيقات الواردة وجود تقارب في بعض الفروع الفقهية بني املنهج‬
‫التشريعي والفقه اإلسالمي في معاجلة بعض األحكام املوضوعية‪.‬‬
‫‪ 7 .7‬تقارب واضح في منهجية استنباط األحكام بني الفقه اإلسالمي واملنهج القضائي‬
‫املتمثل بالنظام القانوني األجنلوأمريكي‪.‬‬
‫‪8 .8‬وقفت من خالل هذه الدراسة على العديد من املسائل التي حتتاج إلى مزيد من البحث؛ لذا‬
‫أوصي الباحثني بتسليط الضوء عليها والتوسع في بحثها بالتحليل واالستقراء وتتبع‬
‫التطبيقات ذات العالقة‪ ،‬من خالل منهج املقارنة بني الفقه اإلسالمي والنظم القانونية‬
‫األخرى‪ ،‬مبا يسهم في تطوير منهجية التقنني في املنظومة القانونية العربية‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪450‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫املراجع‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬باللغة العربية‪:‬‬
‫ ‪ -‬أالكتب‪:‬‬
‫‪- -‬ابن عابدين‪ ،‬محمد أمني بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي احلنفي‪ ،‬الدر املختار‬
‫وحاشية ابن عابدين (رد احملتار)‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الفكر‪ ،‬بيروت ‪.1992‬‬
‫‪- -‬برهام محمد عطا الله‪:‬‬
‫• •تطبيق الشريعة اإلسالمية في صقلية اإلسالمية والنورماندية‪ ،‬بحث مقدم في ندوة «الفقه‬
‫اإلسالمي املشترك اإلنساني واملصالح» املنعقدة في مسقط‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون‬
‫الدينية‪ ،‬للفترة من ‪ 6‬ولغاية ‪ 9‬جمادى اآلخرة لعام ‪1435‬هـ‪ 9-6 /‬أبريل ‪2014‬م‪.‬‬
‫• •تأثير الفقه اإلسالمي على تكوين القانون اإلجنليزي‪ ،‬مجلة التسامح‪ ،‬وزارة‬
‫األوقاف العمانية‪ ،‬مسقط‪ ،‬العدد ‪ ،24‬سنة ‪.2008‬‬
‫‪- -‬جاسم الشامسي‪ ،‬دور الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مجلة احلقوق‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬السنة‪،23‬‬
‫العدد‪ ،1‬مارس ‪.1999‬‬
‫‪- -‬هيثم بن فهد بن عبد الرحمن الرومي‪ ،‬الصياغة الفقهية في العصر احلديث ‪ -‬دراسة‬
‫تأصيلية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار التدمرية‪ ،‬الرياض‪.2012 ،‬‬
‫‪- -‬وهبة الزحيلي‪:‬‬
‫• •جهود تقنني الفقه اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.2014 ،‬‬
‫• •املجتهدون في منتصف (ق‪ 14‬هجري) بني التجديد والتقنني‪ ،‬بحث مقدم إلى ندوة‬
‫التقنني والتجديد في الفقه اإلسالمي املعاصر‪ ،‬جامعة السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‪،‬‬
‫(‪ 8-5‬أبريل ‪.)2008‬‬
‫‪- -‬حسن حسني البراوي‪ ،‬تأثير الشريعة في القانون املدني القطري‪ :‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫مجلة القانون الدولي‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة قطر‪ ،‬العدد‪ ،2‬سنة ‪.2013‬‬
‫‪- -‬حمزة أبو فارس‪ ،‬عالقة القانون املدني الفرنسي بالفقه املالكي‪ ،‬موقع نادي القضاة‬
‫املوريتانيني‪http://cmrim.com/hjg6575/2599-2012-12-15-18-39-46.html ،‬‬
‫‪- -‬محمد بن عبد العزيز الفايز‪ ،‬تقنني األحكام القضائية‪ ،‬مؤسسة اجلريس‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫ط‪1431 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪- -‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬دروس في مقدمة الدراسات القانونية‪ ،‬ط‪ ،2‬الهيئة العامة‬
‫لشؤون املطابع األميرية‪ ،‬القاهرة‪.1969 ،‬‬

‫‪451‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫‪- -‬محمد زكي عبد البر‪ ،‬تقنني الفقه اإلسالمي املبدأ واملنهج والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار إحياء‬
‫التراث اإلسالمي‪ ،‬الدوحة‪.1986 ،‬‬
‫‪- -‬محمد عبد اجلواد‪ ،‬بحوث في الشريعة اإلسالمية والقانون ‪ -‬تقنني الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬منشأة املعرفة‪ ،‬اإلسكندرية‪.1991 ،‬‬
‫‪- -‬محمد كمال الدين إمام‪:‬‬
‫• •أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.1996 ،‬‬
‫• •نظرية الفقه في اإلسالم ‪ -‬مدخل منهجي‪ ،‬ط‪ ،1‬املؤسسة اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.1998 ،‬‬
‫• •الفقه اإلسالمي‪ :‬تاريخ العقل الفقهي‪ -‬مفاهيمه ‪ -‬أدلته‪ -‬مذاهبه – عصوره‪ ،‬دار‬
‫اجلامعية اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬
‫‪- -‬محمد نور فرحات‪ ،‬الوجيز في تاريخ النظم االجتماعية والقانونية‪ ،‬القاهرة‪.1994 ،‬‬
‫‪- -‬محمد وحيد سوار‪ ،‬االجتاهات العامة في قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات‬
‫العربية املتحدة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار املثنى‪ ،‬أبوظبي‪.1988 ،‬‬
‫‪- -‬محمد وفيق زين العابدين‪ ،‬تطبيق الشريعة بني الواقع واملأمول‪ ،‬ط‪ ،3‬دار السالم‪،‬‬
‫القاهرة‪.2012 ،‬‬
‫‪- -‬محمد يحيى مطر‪ ،‬تأثير الفقه اإلسالمي على القانون اإلنكليزي‪ ،‬منشورات وزارة‬
‫األوقاف والشؤون الدينية‪ ،‬ندوة تطور العلوم الفقهية في نسختها الثالثة عشرة حتت‬
‫عنوان «الفقه اإلسالمي املشترك اإلنساني واملصالح» من ‪ 6‬إلى ‪ 9‬أبريل ‪ ،2014‬مسقط‪.‬‬
‫‪- -‬محمد جبر األلفي‪ ،‬محاوالت تقنني أحكام الفقه اإلسالمي‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون‪،‬‬
‫جامعة اإلمارات‪ ،‬عدد خاص بأعمال ندوة «نحو ثقافة قانونية موحدة»‪.1994 ،‬‬
‫‪- -‬محمد حسني منصور‪ ،‬الشريعة اإلسالمية من مصادر التقنني املدني‪ ،‬بحوث مؤمتر‬
‫التقنني املدني القطري في عقده األول ‪ 24-23‬نوفمبر ‪ ،2014‬كلية القانون‪ ،‬جامعة قطر‪.‬‬
‫‪- -‬محمد جندات احملمد‪ ،‬خيار النقد في الفقه اإلسالمي وتطبيقاته االقتصادية املعاصرة‪،‬‬
‫مجلة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،29‬العدد األول‪.2013 ،‬‬
‫‪- -‬محمود عبد املجيد املغربي‪ ،‬تاريخ القوانني‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪-‬‬
‫لبنان‪.1996 ،‬‬
‫‪- -‬مصطفى أحمد الزرقا‪ ،‬املدخل الفقهي العام‪ ،‬ط‪ ،1‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪.1988 ،‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪452‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫‪- -‬مصطفى الرافعي‪ ،‬تاريخ التشريع والقواعد القانونية‪ ،‬ط‪ ،1‬الشركة العاملية للكتاب‪،‬‬
‫بيروت‪.1993 ،‬‬
‫‪- -‬مصطفى الزملي‪:‬‬
‫• •أصول الفقه اإلسالمي في نسيجه اجلديد‪ ،‬ط‪ ،5‬اخلنساء للطباعة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫• •الكامل للزملي في الشريعة والقانون ‪ -‬معني القضاة لتحقيق العدل واملساواة ‪-‬‬
‫الصلة بني املنطق والقانون‪ ،‬ط‪ ،1‬إحسان للنشر والتوزيع‪.2014 ،‬‬
‫‪- -‬مصطفى محمد اجلمال‪:‬‬
‫• •جتديد النظرية العامة للقانون‪ ،‬ج‪ ،1‬تعريف القانون‪ -‬القواعد القانونية‪ -‬مصادر‬
‫القانون‪ -‬تطبيقات قضائية‪ ،‬الفتح للطباعة والنشر‪.2002 ،‬‬
‫• •في سبيل نظرية عامة موحدة للقانون في العالم العربي واإلسالمي‪ ،‬مجلة‬
‫الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬العدد ‪ ،6‬سبتمبر ‪.1992‬‬
‫‪- -‬نادية السنهوري وتوفيق الشاوي‪ ،‬عبد الرزاق السنهوري من خالل مذكراته‬
‫الشخصية‪ ،‬ط‪ ،1‬الزهراء لإلعالم العربي‪ ،‬القاهرة‪.1988 ،‬‬
‫‪- -‬نسرين محاسنة‪ ،‬بيع السلم وبيع البضائع املستقبلية‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون‬
‫املدني األردني وقانون بيع البضائع اإلجنليزي‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة‬
‫اإلمارات‪ ،‬العدد ‪ ،27‬يوليو ‪.2006‬‬
‫‪- -‬سيد بن حسني العفاني‪ ،‬زهرة البساتني من مواقف العلماء والربانيني‪ ،‬ج‪ ،5‬دار‬
‫العفاني للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بال سنة نشر‪.‬‬
‫‪- -‬سليمان بن محمد املزيد الشارخ‪ ،‬مختصر الطريق ملقارنة أنظمة وقوانني القضاء‬
‫واملرافعات والتحقيق‪ :‬دراسة مقارنة تصف األنظمة باململكة العربية السعودية‬
‫ومصادر تشريعها‪ ،‬وقوانني الواليات املتحدة األمريكية ومصادر تشريعها‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مطابع سلطان الرياض‪ ،‬الرياض‪.2013 ،‬‬
‫‪- -‬سليم رستم باز ‪ ،‬شرح املجلة‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،3‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بيروت‪.2009 ،‬‬
‫‪- -‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.1974‬‬

‫‪453‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫‪- -‬سيد عبد الله علي حسني‪ ،‬املقارنات التشريعية بني القوانني الوضعية املدنية والتشريع‬
‫اإلسالمي «مقارنة بني فقه القانون الفرنسي ومذهب اإلمام مالك بن أنس ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار السالم للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪.2001 ،‬‬
‫‪- -‬عبد الرحمن الكيالني‪ ،‬تقنني الفقه اإلسالمي في األردن الواقع واآلفاق‪ ،‬بحث مقدم‬
‫ملؤمتر القضاء الشرعي في العصر احلاضر‪ -‬الواقع واآلمال الذي نظمته كلية الشريعة‬
‫والدراسات اإلسالمية بجامعة الشارقة من ‪ 10‬إلى ‪ 13‬أبريل ‪.2006‬‬
‫‪- -‬عبد الرزاق السنهوري‪:‬‬
‫• •القانون املدني العربي‪ ،‬منشور في مجلة القانون‪ ،‬وزارة العدل‪ ،‬اجلمهورية‬
‫العربية السورية‪ ،‬العدد‪ ،1‬السنة ‪ ،18‬كانون الثاني‪.1967 ،‬‬
‫• •من مجلة األحكام العدلية إلى القانون املدني العراقي وحركة التقنني املدني في‬
‫العصور احلديثة‪ ،‬مقاالت وأبحاث عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬عدد خاص (ج‪ ،)1‬مجلة‬
‫القانون واالقتصاد‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪.1992 ،‬‬
‫• •وجوب تنقيح القانون املدني املصري‪ ،‬وعلى أي أساس يكون هذا التنقيح‪ ،‬مبناسبة‬
‫العيد اخلمسيني للمحاكم األهلية‪ ،‬مقاالت وأبحاث عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬عدد‬
‫خاص (ج‪ ،)1‬مجلة القانون واالقتصاد‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪.1992 ،‬‬
‫• •الوسيط‪ ،‬في شرح القانون املدني اجلديد‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬منشورات احللبي احلقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪.2009 ،‬‬
‫• •مصادر احلق في الفقه اإلسالمي‪ ،‬دراسة مقارنة بالفقه الغربي‪ ،‬ج‪ ،6‬دار إحياء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1‬بال سنة طبع‪.‬‬
‫‪- -‬عبد السميع عبد الوهاب أبو اخلير‪ ،‬ورشة عمل بعنوان‪« :‬األسلوب األمثل ملقارنة الفقه‬
‫اإلسالمي بالتشريعات الوضعية»‪ ،‬تقدمي ومناقشة د‪ .‬جاسم علي سالم الشامسي‪،‬‬
‫مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ع‪ ،12‬فبراير ‪.1999‬‬
‫‪- -‬عدنان سرحان‪ ،‬مالحظات نقدية بشأن الكتابني األول والثاني املنظمني اللتزامات‬
‫احلقوق الشخصية ‪ -‬والعقود من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية‬
‫املتحدة‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون تصدر عن جامعة اإلمارات‪ ،‬العدد‪ ،23‬مايو ‪.2005‬‬
‫‪- -‬عدنان سرحان‪ ،‬ونوري حمد خاطر‪ ،‬شرح القانون املدني‪ ،‬مصادر احلقوق الشخصية‬
‫«االلتزامات» دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ط ‪ ،6‬عمان‪ -‬األردن‪.2016 ،‬‬
‫‪- -‬عدنان سرحان وآخرون‪ ،‬املدخل لدراسة القانون «نظرية القانون‪ -‬نظرية العقد»‪،‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪454‬‬
‫د‪ .‬عمر صالح العزاوي‬

‫مكتبة اجلامعة‪ ،‬الشارقة‪.2012 ،‬‬


‫‪- -‬علي حسني محمد جنيدة‪:‬‬
‫• •دور الشريعة اإلسالمية في القانون الوضعي‪ ،‬املجلة القانونية والقضائية‪ ،‬وزارة‬
‫العدل القطرية‪ ،‬العدد‪ ،1‬السنة ‪ ،9‬يونيو ‪.2015‬‬
‫• •ومضات في القانون املدني القطري‪ ،‬مؤمتر التقنني املدني القطري في عقده‬
‫األول‪ ،‬كلية القانون‪ -‬جامعة قطر‪ 24-23 ،‬نوفمبر ‪.2014‬‬
‫‪- -‬عبد الرحمن القاسم‪ ،‬اإلسالم وتقنني األحكام‪ :‬دعوة مخلصة لتقنني أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة امللك عبد العزيز العامة‪ ،‬الرياض‪.1977 ،‬‬
‫‪- -‬عبد الله بن عبد الرحمن بن بسام‪ ،‬تقنني الشريعة‪ -‬أضراره ومفاسده‪ ،‬مطابع دار‬
‫الثقافة‪ ،‬مكة املكرمة‪1379 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪- -‬عبد املجيد احلكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬أحكام‬
‫االلتزام‪ ،‬ج‪ ،2‬وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬بغداد‪.1980 ،‬‬
‫‪- -‬عثمان بن علي بن محجن البارعي‪ ،‬فخر الدين الزيلعي احلنفي‪ ،‬تبيني احلقائق شرح‬
‫كنز الدقائق وحاشية الشلبي‪ ،‬ج‪ ،5‬ط‪ ،1‬املطبعة الكبرى األميرية‪ ،‬القاهرة‪1313 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪- -‬عصمت عبد املجيد بكر‪ ،‬مشكالت التشريع (دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة)‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.2014 ،‬‬
‫‪- -‬علي محمد جعفر‪ ،‬نشأة القوانني وتطورها‪ ،‬مدخل لدراسة القوانني القدمية‪ ،‬القانون‬
‫الروماني‪ ،‬الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬املؤسسة اجلامعية‪ ،‬بيروت‪.2002 ،‬‬
‫‪- -‬علي غالب الداودي‪ ،‬املدخل إلى علم القانون‪ ،‬ط‪ ،1‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2004 ،‬‬
‫‪- -‬فايز محمد حسني‪:‬‬
‫• •أثر مشروع السنهوري في القوانني املدنية‪ ،‬ندوة تطور العلوم الفقهية في نسختها‬
‫الثالثة عشرة حتت عنوان (الفقه اإلسالمي املشترك اإلنساني واملصالح) من ‪6‬‬
‫إلى ‪ 9‬أبريل ‪ ،2014‬منشورات وزارة األوقاف‪ ،‬مسقط‪.‬‬
‫• •العرف والتشريع في النظام القانوني الروماني الالتيني الفرنسي والنظام‬
‫القانوني األجنلوسكسوني‪ ،‬مجلة التسامح‪ ،‬تصدر عن وزارة األوقاف والشؤون‬
‫الدينية في سلطنة عمان‪ ،‬العدد ‪.2008 ،24‬‬

‫‪455‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫‪- -‬صوفي حسن أبو طالب‪ ،‬بني الشريعة اإلسالمية والقانون الروماني‪ ،‬ج‪ ،1‬مجلة‬
‫األزهر‪ ،‬ذو القعدة ‪1434‬هـ‪ ،‬سبتمبر‪/‬أكتوبر ‪2013‬م‪.‬‬
‫‪- -‬رمضان علي السيد الشربناصي‪ ،‬املدخل لدراسة الفقه اإلسالمي‪ ،‬ط‪ 2‬مزيدة ومنقحة‪،‬‬
‫مطبعة األستانة‪1403 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪- -‬روبرت كروس‪ ،‬السوابق القضائية‪ ،‬ترجمة د‪ .‬محمد الشيخ عمر‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اجليل‪،‬‬
‫بيروت‪1992 ،‬م‬
‫‪- -‬شويش هزاع علي محاميد‪ ،‬مسيرة الفقه اإلسالمي املعاصر ومالمحه‪ ،‬دراسة وثائقية‬
‫حتليلية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار عمار‪ ،‬عمان‪.2001 ،‬‬
‫‪- -‬خالد أحمد عبد احلميد‪ ،‬فسخ عقد البيع الدولي للبضائع وفقا ً التفاقية فينا لعام‬
‫‪1980‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬جامعة اإلسكندرية‪.2001 ،‬‬
‫‪- -‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬السوابق القضائية وضمانات حتقيقها للعدالة وحجيتها‪ ،‬مجلة احلقوق‬
‫للبحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬العدد‪.2011 ،2‬‬
‫‪- -‬خليفة بابكر احلسن وعبد الهادي السراج‪ ،‬تاريخ التشريع اإلسالمي ومصادره‪ ،‬كلية‬
‫الشريعة والقانون‪ ،‬مطبوعات جامعة اإلمارات العربية املتحدة‪.1997 ،‬‬
‫‪- -‬غاي بيخور‪ ،‬مدونة السنهوري القانونية «نشوء القانون املدني العربي املعاصر‬
‫‪ ،»1949-1932‬الشبكة العربية لألبحاث والنشر‪ ،‬بيروت‪.2009 ،‬‬
‫‪- -‬غسان رباح‪ ،‬الوجيز في القانون الروماني والشريعة اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات‬
‫احللبي احلقوقية‪ ،‬بيروت‪.2007 ،‬‬

‫ثانياً‪ -‬باللغة األجنبية‪:‬‬


‫‪-- A.N. Yiannopolulos, The Civil Code of Louisiana, Civil Law Commentaries,‬‬
‫‪V.1, Winter 2008, Issue1.‬‬
‫‪-- Andrew Burrows, English Private Law, Third Edition, Oxford University‬‬
‫‪Press, UK, 2013.‬‬
‫‪-- Arthur Schiller, Roman Law: Mechanisms of Development, Mouton‬‬
‫‪Publishers, Malta,1978.‬‬
‫‪-- Arthur T. von Mehren & Peter L. Murray, Law in the United Sates, 2nd‬‬
‫‪Edition, Cambridge University Press, 2007.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪456‬‬
‫ عمر صالح العزاوي‬.‫د‬

-- Bernard Schwartz, The Code Napoleon & the Common – Law world:
The Sesquicentennial Lectures Delivered At The Law Center of New York
University, December 131954 ,15-, The Lawbook Exchange, LTD, New
Jersey, 1998.
-- Charles E. Cark, The Union of Law & Equity, Yale Law School Legal
Scholarship Repository, V.1.1 1925.
-- Christopher Harper-Bill & Nicholas Vincent, Henry II: New Interpretations,
The Boydell Press, UK, 1st Ed., 2007.
-- Christian Dadomo and Susan farran, The French Legal System, London,
Sweet & Maxwell, 1993,
-- Clark B. Lombardi, Islamic Law in the Jurisprudence of the International
Court of Justice: An Analaysis, Chicago Journal of International Law, V.8,
No.1, Article 7,2007.
-- Eva Steiner:
•• French Law: A Comparative Approach, Blanc-Jouvan Xavier, Revue
internationale de droit comparé  Année 2010  Volume 62  Numéro 4.
•• French Law: A Comparative Approach, Oxford University Press, New
York, 2010.
-- Frederick Olds Bissell, Codification in the State of New York, Historical Theses
and Dissertations Collection, Cornell Law School, Adigital Repository.
-- Gary Slapper & David Kelly:
•• English Legal Sysytem, 2nd edition, Cavendish Publishing, London, 2001.
•• The English Legal System, Routledge, New York, 13th Edition (2012-
2013).
•• English Legal Syaytem, 6th Edition, Routledge, New York, 2015.
-- George Makdisi, The Guilds of law in Medieval legal History: An Inquiry into
the Origins of the Inns of Court, 34, Cleveland State Law Review 3 (1985
-1986).
-- F. GĒNY, Science et Technique en droit privé positif, SIREY, Paris, 1910.
-- H.R. Hahlo Dr. Jur, Codifying the Common Law” Protracted Gestation”, The
Modern Law Review, V.38, Issue 1, January 1975.

457 ‫ م‬2019 ‫ يونيو‬- ‫ هـ‬1440 ‫ شوال‬- 26 ‫ العدد التسلسلي‬- 2 ‫ العدد‬- ‫ السنة السابعة‬- ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‬
‫ نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬:‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‬

-- Jacqueline Moreau-David, Code civil francais et Code civil qatarien, regards sur
la codification, “the Qatari Civil Code in its First Decade”, A legal Confrence
2324- November 2014, College of law, Qatar University.
-- John A. Makdisi, “ The Islamic Origins of the common Law “ North Carolina
Law Review, Jun 1999.
-- Judith Romney Wenger, Islamic & Talmudic Jurisprudence: The Four Roots of
Islamic Law and Their Talmudic Counterparts, The American Journal of Lagel
History, V.26, No.1, Jan 1998.
-- Mary Keyes & Therese Wilson, Codifiying Contract Law, Ashgate Publishing
Co., Burlington, USA, 2014.
-- Maurice Eugen Lang, Codification in the British and America, The Lawbook
Exchange, LTD, New Jersey, USA, 2005.
-- Micheal Zander, The Law-Making Process, Cambridge University Press, New
York, 6th edition (2011).
-- Monica M. Gaudiosi, The Influence of the Islamic Law of Waqf on the
Development of the Trust in England: The Case of Merton College, 136,
University of Pennsylvania Law Review 1231 (1988).
-- Neil Duxbury, The Nature and Authority of Precedent, 1st edition, Cambridge
University Press, UK, (2008).
-- Noel J. Coulson, Commercial Law in the Gulf States: The Islamic Legal
Tradition, The International Lawyer, V.20, No.1, Winter 1986.
-- Peter M. North, Problems of Coditfication in a Common Law System, The
Rable Journal of Comarative and International Private Law, 46.Jarg H. 3.
1992.
-- Philip M. Halpern, Mixing Law & Equirty Cases of Action Does Not Preclude
a Jury Trial, Pace Law Review, V.35, Issue.3, Spring 2015.
-- S.P. Singh, Law of tort: Including Compensation Under the Consumer
Protection Act, Fifth Edition, universal law publishing, INDIA, 2010.
-- Vernon Valentine Palmer, Mohamed Y. Mattar, Anna Koppel, Mixed Legal
Systems, East and West, Ashgate Publishing Co., Burlington, USA, 2015.

‫ م‬2019 ‫ يونيو‬- ‫ هـ‬1440 ‫ شوال‬- 26 ‫ العدد التسلسلي‬- 2 ‫ العدد‬- ‫ السنة السابعة‬- ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‬ 458
‫ عمر صالح العزاوي‬.‫د‬

-- Vivienne Harpwood, Modern tort law, 6th edition, Cavendish Publishing


Limited, London, 2005.
-- William Tetley, Mixed Jurisdictions: Common Law v. Civil Law (Codified and
Uncodified), Louisian Law Review, Vol. 60, no.3 (Spring 2000).

459 ‫ م‬2019 ‫ يونيو‬- ‫ هـ‬1440 ‫ شوال‬- 26 ‫ العدد التسلسلي‬- 2 ‫ العدد‬- ‫ السنة السابعة‬- ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‬
‫منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة‪ :‬نماذج تطبيقية في القوانين المدنية‬

‫احملتوى‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫‪411‬‬ ‫امللخص‬
‫‪412‬‬ ‫املقدمة‬
‫‪414‬‬ ‫املبحث األول‪ -‬املنهج التشريعي في النظام القانوني الالتيني‬
‫‪414‬‬ ‫املطلب األول‪ -‬حركة التقنني في القوانني املقارنة‬
‫‪414‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬تطور التقنني في القوانني املدنية الغربية‬
‫‪419‬‬ ‫الفرع الثاني‪ -‬انتقال التقنني إلى القوانني املدنية العربية‬
‫‪430‬‬ ‫املطلب الثاني‪ -‬دعوى التأثير املتبادل بني الفقه اإلسالمي والنظام الالتيني‬
‫‪430‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬أصل دعوى التأثير املتبادل وردها‬
‫‪433‬‬ ‫الفرع الثاني‪ -‬مناذج من التطبيقات القانونية‬
‫‪435‬‬ ‫املبحث الثاني‪ -‬املنهج القضائي في النظام القانوني األجنلوأمريكي‬
‫‪435‬‬ ‫املطلب األول‪ -‬مالمح النظام األجنلوأمريكي املعاصر‬
‫‪436‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬قواعد غير مكتوبة مع تنامي فكرة «التقنني»‬
‫‪440‬‬ ‫الفرع الثاني‪ -‬قدرة القضاء على خلق القواعد القانونية‬
‫‪441‬‬ ‫املطلب الثاني‪ -‬مدى التقارب بني النظام األجنلوأمريكي والفقه اإلسالمي‬
‫‪442‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬التقارب املفترض في املنهجية القانونية‬

‫‪447‬‬ ‫الفرع الثاني‪ -‬التقارب املفترض في النماذج التطبيقية‬

‫‪450‬‬ ‫اخلامتة‬
‫‪451‬‬ ‫املراجع‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬السنة السابعة ‪ -‬العدد ‪ - 2‬العدد التسلسلي ‪ - 26‬شوال ‪ 1440‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2019‬م‬ ‫‪460‬‬

You might also like