Professional Documents
Culture Documents
التربية فى الحضارات الشرقية القديمة
التربية فى الحضارات الشرقية القديمة
مر اإلنسان منذ بداية الخلق بكثير من التقلب ات وإزدادت معرف ة اإلنس ان بم ا حول ه ت دريجيا ع بر
العصور .ومنذ بداية الخلق واإلنسان يح اول أن ينتق ل من البدائي ة الي االس تقرار والتم دن ،فغ ادر
الكهوف واستقر بجوار األنهار وبدأ فى زراعة األراضي وأكل ما يزرعه بعدما كان اعتم اده الت ام
علي ثمار األشجار .فيا تري من علم اإلنسان هذا؟ وكيف تطور اإلنسان البدائي حتي وصل الي م ا
نحن عليه اآلن من تقدم بالغ؟ هل كان آدم عليه السالم مربيا؟ سنتطرق فى بحثنا هذا الي التربية فى
الحضارات القديمة وكيف تطورت وأبرز ما عرفته العصور القديمة من أنم اط فى التربي ة .وتكمن
أهمية هذا البحث فى معرفة تاريخ التربية عند اإلنسان البدائي الذي لم يعرف التكنولوجي ا الحالي ة،
فهذا سوف يعطنا نظرة على الفطرة السليمة فى التربية التي لم تشوبها تأثيرات وس ائل اإلعالم وال
اإلنترنت .ومما ال شك فيه سيعود هذا بالنفع الت ام علي الق ارئ حيث أن ه س يلقي نظ رة على أنم اط
تربوية قد تكون جديدة عليه ومفيدة فيتبناها فى حياته الخاصة وقد تكون ضارة فيتجنبها.
قبل البدء فى موضوع البحث يجب علينا أوال أن نعرف التربية لغة واصطالحا ،فأصل كلمة تربي ة
فى اللغة من الجذر "ر ب و" وه و يمث ل س مات النم و الزي ادة ،فهي زي ادة فى المعرف ة ونم و فى
العقل .أما التربية اصطالحا فهي مجموع ة من العملي ات ال تي يمكن للمجتم ع من خالله ا أن ينق ل
معارفه وتقاليده للحفاظ على بقائة .كما عرّفها أفالط ون بأنّه ا عملي ة الت دريب للفط رة األولى على
الفضيلة لألطفال من خالل اكتسابه العادات المناسبة]1[.
عند الحديث عن التربية فى الحضارات القديمة يجب علينا أن نستهل الكالم بالح ديث عن الش عوب
البدائية وعصر ما قبل الحضارة حيث أن هذة الشعوب تمثل البذرة األولي لمفهوم التربي ة وتكش ف
لنا الطبيعة األصلية للتربية العامة .وعادة ما يخطر ببالنا عند س ماع كلم ة تربي ة النم ط المتع ارف
للتربية والعالقة بين الطالب والمعلم والصف ،ولكن هل كان األمر كذلك فى الشعوب البدائية؟
من السمات األساسية للشعوب البدائية والتي ما زال تحاف ظ عليه ا بعض المجتمع ات حالي ا هي أن
يقلد الناشئ عادات وتقاليد شعبه تقليد أعمي خ الص ب دون نقص أو زي ادة .فتربي ة الناش ئ فى ه ذة
البيئة هي تربية غريزية بحتة يمكنه من خاللها تلبي ة احتياجات ه البدائي ة من مأك ل وملبس وم أوي.
ومع الوقت يتدرب الطفل علي أشياء أكثر من تقاليد القبيلة مثل األعمال المنزلية وص ناعة األدوات
البسيطة وحياكة المالبس البدائية وتعلم الصيد وفنون القتال والتعامل م ع الحيوان ات البري ة ورعي
الماشية والزراعة وهذة أعمال بال شك تتطلب قدرا جيدا من الجه د الب دني والفك ري .ونس تنتج من
ه ذا أن التربي ة في المجتمع ات البدائي ة هي ت دريب آلي ممنهج علي الع ادات االجتماعي ة للقبيل ة.
وجدير بالذكر أنه لم يكن هناك مؤسسه معينة تتولي عملي ة التربي ة فى ه ذة الش عوب البدائي ة بك ل
كانت مهمة المجتمع بأسره]2[ .
التربية فى الحضارات الشرقية القديمة:
-1التربية الصينية:
تعد الحضارة الصينية واحدة من أقدم الحضارات اإلنس انية وله ا العدي د من الج وانب الحض ارية،
واتخذت التربية فى الحضارة الص ينية ط ابع خ اص حيث اعتم دت بش كل كلي علي التعليم مقاب ل
األجر .حافظ نظ ام التربي ة الص يني علي الع ادات والتقالي د المجتمعي ة بش كل بحث ولم تقب ل بتات ا
المس اس بهم ا أو محاول ة تغي ير مفاهيمه ا .واعتم دت ط رق الت دريس فيه ا على تم رين ال ذاكرة
والتلقين]3[.
لم يكن للمجتمع الصيني مدارس بالمعني الحديث بل كان نظ ام التعليم عب ارة عن تجم ع للطلب ة فى
فصل واحد ويت والهم معلم واح د يتقاض ي أج ر من أه الي ه ؤالء الطلب ة .ومن الس مات الرئيس ية
للتربية الصينية أنها أهتمت بش كل أساس ي بغ رس القيم األخالقي ة فى نف وس الطالب ونق ل الثقاف ة
الصينية من جيل الي آخر وإع داد الق ادة إع دادا محكم ا من أج ل ت ولي مقالي د الحكم .وك ان نظ ام
اإلمتحانات فى الصين هو المعيار الذي ينتخب به م وظفي الحكوم ة والن اجح في ه ذة االمتحان ات
يكتس ب ثق ة الش عب واحترام ة وك ان يرت دي لب اس خ اص ول ه األولوي ة فى الحفالت واألعي اد
والمواسم .وكانت اإلمتحانات تتم تحت إشراف الحكوم ة ويتم اختي ار الن اجحين بواس طة نخب ة من
العلماء الذين سبق لهم أن اجتازوا هذة االمتحانات من قبل]4[ .
وإذا توقفنا أمام بعض النصوص من الكتاب الصيني " الطريق الي الفضيلة" نجده يتحدث عن دور
"المدرس" وواجبه فى ترويض شرار الناس فيقول:
-2الحضارة المصرية:
إذا قلنا أن المصريين القدماء قد أنزلوا العلم والمتعلمين منزل ة ال تس اويها أي منزل ة فنحن ب ذلك ال
نبالغ حيث أن المصريون راوا فى المعرفة إله ا يعب د وس موه (ت وت) وجعل وه فى هيئ ة الط ائر أو
الرجل ال ذي ل ه رأس الط ائر وت ارة فى ش كل حي وان ،فالط ائر ك ان "أب و منج ل" والحي وان ه و
"القرد" .وكان اإلله "توت" بالنسبة للمصريين هو رس ول العلم ومص در الحكم ة والمعرف ة ورب
السحر وهو الذي ابتكر اللغة وسن القوانين وهو قبلة كل المتعلمين والطالب فى جمي ع الع الم .وإذا
كان لقب الكاتب هو الشائع فى كل األثار المصرية ،فهذا يدل علي مكانة العلم والتعلم والتربية عن د
المصريين .ل ذلك اتخ ذ المص ريون طريق ا محكم ا فى تربي ة النش ئ وإع دادهم جي دا ليحمل وا ه ذة
الرسالة من تعليم األخرين]6[.
كان للتربية عند المصريين منزلة خ اص ،فك ان فى س ن الرابع ة يعيش الطف ل م ا ألعاب ه من دمي
وتماسيح وغير ذلك ولم تكن تربيته سهلة فمنذ أول عام من عمره وهو يسير حافي الق دمين وحلي ق
ال رأس وطعام ه األساس ي خ بز ال ذرة وك انت أم ه تق دم ل ه بعض المب ادئ الديني ة األولي .ك انت
المدرسة عند المصريين القدماء تسمي بيت التعلم وكان منهج الدراسة يحتوي علي الدين والس لوك
والقراءة والكتابة والحساب والس باحة والرياض ة البدني ة .وك ان فى الم دن يوج د م ا ن دعوه الي وم
المدارس االبتدائية العليا وفيها يتعلم كتاب ة الح روف والرس م واالنش اء األدبي والجغرافي ا ويمكن ه
االنتقال من المدرسة االبتدائية الي المدرسة األولية بع د اجتي از امتح ان ليس بالبس يط .ولم تتوق ف
عملية التعلم عند هذا الحد فى الحضارة المصرية حيث كان هناك دراسات عليا تأخذ طابع الدراسة
الفنية والمهنية ،حتي األدب ك ان ي درس من أج ل غاي ات عملي ة وهي الق درة علي التعب ير وكتاب ة
النصوص القانونية والتجارية بطريقة س ليمة .وك ان هن اك تخص ص لك ل ط الب حيث ك ان هن اك
مدرسة للطب والهندس والبناء والكهنة وكل يتلقي إعداد جيدا لمهنته المقبلة]7[ .
ينحدر ساللة الفرس من اآلريين الذين جاءوا فى القرن الثامن قبل الميالد واستقروا فى ش رق نه ر
دجلة بين بحر قزوين والخليج العربي .وشهدت فارس خالل العدي د من الق رون امبراطوري ة قوي ة
كبيرة حتي فتحها العرب فى القرن السابع الميالدي .واسترعي النظام المدرس ي عن د الف رس كث ير
من اهتمام المفكرين القدامي ،السيما اليونايون ،وكانت التربية فى ذلك النظام تبدأ فى األس رة حيث
كان لألب فى األسرة الفارسية السلطة المطلقة وكل يدين له بالطاع ة ويعت بره أبن اءه المث ل األعلي
وعلي ه أن ي ربيهم علي الفض يلة وأن يس هر علي ص حتهم ويجع ل منهم زخ را للدول ة .ويق ول
المؤرخون أن الفرس كانوا يعلم ون أبن ائهم ثالث ة أم ور وهي رك وب الخي ل ورمي الس هام وق ول
الحق .بعد السابعة يصبح الطفل بين يدي الدولة وال ندري إذا كان ذلك يقدم لجميع األطفال أم كانت
مقصورة على أبناء الطبقة العليا]8[ .
وقد كان الف رس ش ديدي اإلهتم ام ب األدب واألخالق وك انوا يرب ون أبن ائهم على ذل ك ،فنج د "ابن
النديم" قد أدرج خمسة عشر كتابا فارسيا محورها األساسي هو مواعظ وحكم ونصائح]9[ .
بعد عرضنا لإلطار النظرى الذي تناولنا فيه أربعة حضارات قديمة وبينا كيف كانت عملية التربي ة
تتم فى هذة الحضارات ،علينا اآلن أن نوضح ونحلل ونشرح العالق ة بين ه ذة الحض ارات القديم ة
وأوجة التشابه واالختالف بين ه ذة الحض ارات في تن اول العملي ة التربوي ة .فب الرغم من اختالف
الثقافات واختالف اإلطار الزمني والمكاني بين هذة الثقافات ،تظل عملية التربية واحدة وتظ ل له ا
ش كلها الواح د ال ذي يه دف الي غ رس القيم المجتمعي ة والحف اظ علي الع ادات والتقالي د للقبيل ة أو
للمجتمع وتنمية القدرات العقلية واالجتماعية لألطفال منذ سن مبكر.
إذا نظرن ا الي الحض ارات األربع ة بعين المحل ل ،فس نجد انهم يتش ابهون فى ع دة عناص ر منه ا:
العنف أو عدم اللين عند التعامل مع األطفال منذ سن مبكرة ،فنجد اإلنسان البدائي يترك طفله ع ادة
عاري وبين األشجار وفي ظلمة الكهوف لكي يتعلم كيف يتأقلم ويتكيف مع المخاطر التي تحيط به،
وأيضا نجد الحضارة الص ينية تتخ ذ نفس المنهج حيث ال يته اون األه الي في عق اب الطف ل الغ ير
مطيع لمدرسة بل ويطلبون من المعلم تأديبه إذا وجب األمر .وأيضا في الحضارة المص رية ي ترك
الطفل منذ سن الرابعة عاري القدمين وحليق الرأس ويكون من ضمن ألعابه التماسيح التي نقر كلنا
بخطورتنا ولكنها تعلمه الجلد واإلقدام .وفي الحضارة الفارسية في أيضا يحض علي الخش ونة من ذ
الصغر وتعلم األطفال السباحة والفروسية وأحيانا القتال.
ونجد تلك الحضارات أيضا تتش ابه في تبجيله ا للمعلم ودوره في تعليم األطف ال حيث نج د اإلنس ان
البدائي يعتبر كل أطفال القبيلة تالميذ لكل كبار القبيل ة ويجب عليهم اح ترام من يعلمهم والخض وع
التام ألوامرهم بدون جدال وتقليد ما يفعل ون تقلي د أعمي فق ط من أج ل النج اة في تل ك الحي اة ال تي
تحفها المخاطر .وفي الحضارة الصينية نجد للمعلم مكانة خاصة حيث الجميع يبجلون ة ويحترمون ة
ونجد ذلك واضحا فى النص الذي اقتبسناه من الكتاب الصيني "الطريق الي الفضيلة" الذي يقول:
وهذا هو سر اللغز[]11
وفي الحضارة المصرية نج د المص ريين الق دماء يبجل ون المعلم ويض عونه في منزل ة ليس مثله ا
منزلة ،فنجدهم يجسدون العلم فى صورة اله ويسمونه "ت وت" ويتق دمون الي ه باألدعي ة والق رابين
ويعتبرون المعلم رسول المعرفة او رسول "توت" الذي يجب عليهم أن يحترموه ويعظم وه .وعن د
الح ديث عن الحض ارة الفارس ية ،نج د للمعلم مكان ة خاص ة أيض ا حيث يج ّل الف رس معلميهم و
يضعونهم بعد موتهم في مصاف القديسين.
وهناك تشابة آخر بين الحض ارات األربع ة حيث أن جمي ع ه ذة الحض ارات اهتمت اهتمام ا بالغ ا
باألدب واألخالق ،حيث يجب علي جميع الطالب أن يتس موا ب األدب وأن يتعلم وا اح ترام غ يرهم
س واء من أه اليهم أو ب اقي المجتم ع .ففي المجتم ع الب دائي ك ان الطف ل ه و الت ابع الكام ل لوالدي ه
ولجميع من يكبره فى القبيلة وعليه أن يتعلم منهم األدب واألخالق وأن يطيعهم طاع ة عمي اء .وفي
الحضارة الصينية كان لألدب واألخالق دور مهم فى نجاح الطالب واجتيازهم لألمتحانات وتعينهم
كموظفين لدي الحكوم ة .وفي الحض ارة المص رية القديم ة نج د تبجيلهم لألدب واألخالق حيث أن
"توت" هو اله العلم واألدب وكان علي الك اتب ان يك ون ذو خل ق حمي د حيث أن ه يخال ط األعي ان
ويكتب أوامر األله وقوانين الح اكم .وعن د الف رس ايض ا نج د لألدب واألخالق مكان ة كب يرة حيث
كانت التربية فى ذلك النظام تبدأ فى األسرة حيث ك ان لألب فى األس رة الفارس ية الس لطة المطلق ة
وكل يدين له بالطاعة ويعتبره أبناءه المثل األعلي وعلي ه أن ي ربيهم علي الفض يلة وأن يس هر علي
صحتهم ويجعل منهم زخرا للدولة .وكان الفرس شديدي اإلهتمام ب األدب واألخالق وك انوا يرب ون
أبنائهم على ذلك ،فنج د "ابن الن ديم" ق د أدرج خمس ة عش ر كتاب ا فارس يا محوره ا األساس ي ه و
مواعظ وحكم ونصائح.
وعند التطرق الي أوجه االختالف بين هذة الحضارات األربعة فسوف نجد بعض االختالف ات فيم ا
بينها حيث أن هذة الحضارات تختلف في المكان والزم ان واللغ ة وطريق ة الحي اة .ف إذا نظرن ا الي
الشعوب البدائية سنجدها تتخذ اسلوب فى التربية مختلف عن الحضارات الثالثة االخري حيث أنها
تتبع أسلوب التقليد األعمي ،فهي ال تعتمد علي الشرح ولكن علي التلقين ،أفعل ذلك وال تفع ل ذل ك.
وهذة الطريقة هي نتيجة لما واجهة البالغون من خبرات في الحياة وينقلونها كم ا هي الي األطف ال،
فهم يعرف ون أن ه من الخط ر الوق وف أم ام األس د ،فيعلم ون أبن ائهم دائم ا اله روب إذا رأوه .وهم
يعرفون أيضا أنه إذا نزلت الي النهر فسوف تغرق ،فهم يعلمون أبنائهم االبتع اد عن النه ر وأيض ا
يعلمون أبنائهم كيف الزراعة والبحث عن مكان آمن للن وم والم بيت ،فهي جميعه ا أش ياء غريزي ة
فطرية يتعلمها اإلنسان بدافع غريزة البقاء.
ولكن إذا نظرنا الي الحضارة الصينية فسنجد األمر مختلف ،حيث اعتمد الصينيون طريقا آخ ر في
التربية ،فهم بالفعل قد تغلبوا علي المشاكل الغريزية ويمكنهم العيش بأمان واالبتعاد عن المخ اطر،
فنجدهم يعلمون أبنائهم كيف يصبحون أشخاص فعالين في المجتمع أو كيف يحص لون علي وظيف ة
حكومية ليصبحوا من األعيان والبارزين ،فنجد يدفعون المال للمعلم من أجل تعليم أبنائهم ويعطونه
الصالحية لمعاقبة طفلهم إذا أخطأ ،فهم يؤمنون بمبدأ الثواب والعقاب.
وفي الحضارة المصرية نجد أسلوب التربية أكثر انتظاما ومهنية ،فكانت هناك مدرسة ي ذهب اليه ا
األطفال ،وك انت المدرس ة عن د المص ريين الق دماء تس مي بيت التعلم وك ان هن اك منهج للدراس ة
يحتوي علي الدين والس لوك والق راءة والكتاب ة والحس اب والس باحة والرياض ة البدني ة .وك ان فى
المدن يوجد ما ندعوه اليوم المدارس االبتدائية العليا وفيه ا يتعلم كتاب ة الح روف والرس م واالنش اء
األدبي والجغرافيا ويمكنه االنتقال من المدرسة االبتدائية الي المدرسة األولي ة بع د اجتي از امتح ان
ليس بالبس يط .ولم تتوق ف عملي ة التعلم عن د ه ذا الح د فى الحض ارة المص رية حيث ك ان هن اك
دراسات عليا تأخذ طابع الدراسة الفنية والمهنية]12[.
وبالنسبة للحضارة الفارسية فك ان نظ ام التربي ة مختلف ا ،حيث ك ان تب دأ الخط وات األولي للتربي ة
داخل األسرة حيث كان األب هو المعلم وجميع من في األسرة هم تالميذ له وعليهم أن يطيع وه وأن
يمتثلوا ألوامره .وكان التعليم النظامي يبدأ فى س ن الس ابعة وك ان يش تمل علي التربي ة البدني ة من
ج ري وس باحة ومب ارزة وفي س نة الخامس ة عش رة الي س ن الخمس ة والعش رون فك ان التعليم
العسكري وفنون القتال وأما سن الخامسة والعشرون الي سن الخمسين فه و س ن الجندي ة والخدم ة
فى الجيش وبعد سن الخميسن يصبح الشخص معلما لمن هم دون منه فى السن]13[ .
وعند النظر بعين الناقد الي الحضارات األربعة فسوف نج د الكث ير من عناص ر الص واب والخط أ
ضمن هذة الحضارات ،ففي حضارة الشعوب البدائية نجد من الص واب إرش اد النش ئ علي الس بل
الص حيحة للتكي ف م ع الع الم ح ولهم ولكنهم يجع ولنهم مج رد دمي ال يفك رون ولكن يطبق ون م ا
يشاهدون فقط ،وقد يكون الكبير قد أخطأ التق دير لموق ف م ا ونقل ه لألطف ال دون علم فيص بح ه ذا
الخطأ متوارث لديهم ألجيال دون معرفة السبب ،فعلي سبيل المثال قد يأكل شخص بالغ ثمرة تف اح
فاسدة وتسبب له ألم في معدته ،فيأخذ إنطباع أن جميع هذة الثمرة خطر وتهدد حياته ويأمر األطفال
اال ياكلوا منها وبذلك تصبح ثمرة التفاح اللذيذة والمفيدة منبوذة لدي األطفال دون فهم السبب.
أم ا في الحض ارة الص ينية فنج د من الجي د تش جيع وحث أبن ائهم علي التعلم والمث ابرة من أج ل
الحص ول علي مكان ة عالي ة فى المجتم ع أو وظيف ة حكومي ة ولكن ه ذا التص رف ق د يول د نزع ة
عنصرية لدي األطفال حيث أنهم فى الالشعور يتعاملون مع من هم فاش لون دراس يا بأس لوب ق اس
وكأنهم من عرق أقل من البشر وهذا قد يشكل نزعة عنصرية له ا ت أثير س لبي علي المجتم ع علي
المدي الطويل.
وعند الح ديث عن الحض ارة المص رية القديم ة ،فنج د أنهم يبجل ون العلم والعلم اء ويعط ون للعلم
منزلة اإلله الذي يعبد ولهم نظام تعليمي متكامل كالذي لدينا اليوم ل ه ت درج من المرحل ة االبتدائي ة
وحتي التخصص والمهنية وصراحة لم أجد أي سلبيات فى نظام التربية المص ري لكي أذك ره هن ا
ولكن ربما كانت الس لبية الوحي دة هي وهب الطف ل للتعلم من ذ س نوات عم ره األولي وح تي ممات ه
وهذا قد يفقده لذة الحياة واالنخراط في المجتمع والتزوج من عروسات النيل.
ماذا نستفيد من دراستنا للحضارات القديمة؟
من ال يعرف ماضيه ال يعرف مستقبله وبالطبع معرفة الحضارات القديم ة وط رق الحي اة به ا هي
كنز ال يقدر بثمن ،فمعرفتنا لكيف ة تط ور التعلم والتربي ة فى الش عوب البدائي ة يعلمن ا كي ف تط ور
اإلنسان وكيف تطور تفكيره من مجرد رجل كه ف الي غ از للفض اء ومكتش ف لل ذرة ،ف بين ذل ك
وذاك بحورا من العلم وأطنان من المعرفة ما كنا لنعرفها لوال تس جيل الت اريخ وم ا عرف ه األنس ان
فى قديم الزمن.
وعندما نعرف أن الصينيون هم من أق دم الش عوب فى تعلم الق راءة والكتاب ة ،ن درك أنهم من أك ثر
الشعوب تطورا ،فاألن نحن نعرف كيف أصبحت الص ين ق وي عظمي له ا الكلم ة المس موعة بين
الدول وكيف أصبح اقتصادها واحد من أقوي االقتصاديات فى العالم أجمع.
وأيضا دراستنا للحضارة المصرية القديمة تجعلن ا ن درك م دي عظم ة ه ذة الحض ارة وكي ف ك ان
للتربية دور هام في تطورها وجعله ا من أق وي ،إن لم تكن أق وي ،الحض ارات علي وج ه األرض
في ذلك الحين .ولكن هذا أيضا يثير تعجبنا حيث أن المصريين حاليا ليسوا بربع التطور الذي ك ان
عليه المصريون القدماء.
وفي فارس نج د العج ائب ،فف ارس اإلمبراطوري ة ال تي س ادت لق رون نج دها زلت واختفت ولكن
عرفنا أنها كانت تعطي التعليم أولوية عظمي وكان للمتعلمون فيها مكانة ليست بالقليلة األم ر ال ذي
جعل منها دولة قوية وقطب ثان للعالم في ذلك الوقت فى مجابهة الروم.
ه ذة الحض ارات األربع ة هم ا م زيج من البدائي ة والتم دن والخش ونة والحداث ة وهي تع د أربع ة
حضارات أساسية فى التاريخ البشري ولكنها ليست الوحيدة فهناك حضارات أخري لم يسعنا الجهد
لذكرها والتحدث عنها ولكنها حضارات أساسية فى التاريخ البشري نذكر منها علي سبيل الجمع ال
الحصر الحضارة اليابانية والحضارة األشورية والحضارة اليهودية والحضارة اليونانية.
مستخلص البحث:
أن دراستنا للحضارات القديم ة ترجعن ا لتل ك األي ام ال تي ك ان فيه ا اإلنس ان ع اجزا عن مواجه ة
بعوضة وجاهال بكل شئ حول ه ح تي أن ه لم يكن يع رف أي ش ئ عن الن ار وعن وجوده ا وكيفي ة
إشعالها واستخدامها .وأيضا يعلمنا كيف تطور اإلنسان وبدأ في الخروج من قوقعت ه وكس ر ح اجز
الخوف ومواجهة كل مخاوفة والتعام ل م ع الحي اة ال تي ال مف ر من مواجهت ا .فنظ ر وتأم ل وفك ر
واستنتج وتعلم ونقل علمه وخبرته الي أطفاله الذين بدورهم ط ورا وإن ك ان تط ور ض ئيال ولكنهم
تمح وروا واس تطاعوا أن يبن وا علي م ا أخ ذوا من آب ائهم ليكتش فوا الرس م علي ج دران الكه وف
واس تخدام لغ ة للكالم بع دما ك ان التواص ل بينهم عن طري ق اإلش ارة واس تطاعوا أن يتنقل وا بين
األراضي ويتواصلوا مع من هم يتحدثون بلسان مختلف عنهم ليبدأوا ببناء الحضارة األنسانية ال تي
نعرفها اليوم .فلوال التعلم ال ندري ربما دام بنا الحال داخل الكهوف وما كنت ألكتب هذة الس طور.
فنشكر الخالق علي أن خلقن ا بش ر ذوي عق ول وق ادرون علي التعلم والتفك ر والتط ور ولم يجعلن ا
بهائم ال تفهم وال تعقل.
المراجع:
ط: تخلص من الراب ا) مس دافها ،اهميته ا ،أه · مق ال :التربي ة (مفهومه
http://al3loom.com/?p=409
· عبد هللا عبد الدائم ،1984 ،التربية عبر العصور من العصور القديم ة ح تي أوائ ل الق رن
العشرين ،دار العلم للماليين ،بيروت الطبعة الخامسة ص15
ط: تخلص من الراب ة ،مس ارات القديم ة في الحض ال :التربي · مق
?http://www.uobabylon.edu.iq/uobColeges/lecture.aspx
fid=10&depid=6&lcid=43621
· د -سعيد اسماعيل علي ،1999 ،التربية فى حضارات الشرق القديم ،عالة الكتب ،الق اهرة
ص212
· عبد هللا عبد الدائم ،1984 ،التربية عبر العصور من العصور القديم ة ح تي أوائ ل الق رن
العشرين ،دار العلم للماليين ،بيروت الطبعة الخامسة ص35
· د -سعيد اسماعيل علي ،1996 ،التربية فى الحضارة المصرية القديمة ،عالم الكتبـ القاهرة
ص94
[ ]2عبد هللا عب د ال دائم ،1984 ،التربي ة ع بر العص ور من العص ور القديم ة ح تي أوائ ل الق رن
العشرين ،دار العلم للماليين ،بيروت الطبعة الخامسة ص15
[ ]4عبد هللا عب د ال دائم ،1984 ،التربي ة ع بر العص ور من العص ور القديم ة ح تي أوائ ل الق رن
العشرين ،دار العلم للماليين ،بيروت الطبعة الخامسة ص35
[ ]5د -سعيد اسماعيل علي ،1999 ،التربية فى حضارات الشرق القديم ،عالة الكتب ،القاهرة ص
212
[ ]6د -سعيد اسماعيل علي ،1996 ،التربية فى الحضارة المص رية القديم ة ،ع الم الكتبـ الق اهرة
ص94