Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫خطبة‬

‫الشيخ أ‪.‬د‪ .‬سليمان بن سليم هللا الرحيلي‬

‫‪ -‬حفظه هللا ‪-‬‬

‫يوم الجمعة ‪8441-6-4‬هـ‬

‫قوة المؤمن‬

‫‪1‬‬
‫[الخطبة األولى]‬

‫قال الشيخ سليمان بن سليم هللا الرحيلي حفظه هللا تعالى‪:‬‬

‫سيئات‬
‫إن الحمد هلل‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن ّ‬
‫ّ‬
‫ضل له ومن ُيضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أال إله إال هللا‬
‫أعمالنا‪ ،‬من يهد هللا فال ُم ّ‬
‫أن دمحما عبده ورسوله‪.‬‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد ّ‬
‫َ َ َ ُ ُ ذ ذ َ َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬ ‫َ َٰٓ َ ُّ َ ذ َ َ َ ُ ْ ذ ُ ْ ذ َ َ ذ ُ َ‬
‫[آل‬ ‫{يأيها ٱَّلِين ءامنوا ٱتقوا ٱَّلل حق تقاتِهِۦ وَل تموتن إَِل وأنتم مسل ِمون}‬
‫عمران‪]201:‬‬

‫ذ‬ ‫َ َ‬ ‫ذۡ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ُ ذ‬ ‫َ َ ُّ َ ذ ُ ذ ُ ْ‬
‫اس ٱتقوا َر ذبك ُم ٱَّلِي خلقكم مِن نفس َوَٰح َِدة َوخل َق م ِۡن َها َز ۡو َج َها َو َبث‬ ‫يأيها ٱنل‬‫{ َٰٓ‬
‫َ َۡۡ َ َ ذ ذَ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ ٓ ُ َ‬ ‫ۡ ُ َ َ ٗ َ ٗ َ َ ٓٗ َ ذ ُ ْ ذَ ذ‬
‫ٱَّلل َكن عل ۡيك ۡم‬ ‫َّلل ٱَّلِي ت َسا َءلون بِهِۦ وٱۡلرحام إِن‬‫مِنهما رِجاَل َثِيا ون ِساء وٱتقوا ٱ‬
‫َ ٗ‬
‫رقِيبا} [النساء‪]2:‬‬

‫ُ ۡ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ َٰ َ ُ‬
‫ك ۡم َو َي ۡغ ِفرۡ‬ ‫َ َٰٓ َ ُّ َ ذ َ َ َ ُ ْ ذ ُ ْ ذ َ َ ُ ُ ْ َ ۡ ٗ َ ٗ‬
‫{يأيها ٱَّلِين ءامنوا ٱتقوا ٱَّلل وقولوا قوَل َدِيدا ‪ ٧٠‬يصل ِح لكم أعمل‬
‫از فَ ۡو ًزا َع ِ ً‬
‫ظيما} [األحزاب‪]02-00:‬‬
‫ٱَّلل َو َر َُ َ ُ‬
‫وَلۥ َف َق ۡد فَ َ‬ ‫َ ُ ُُ َ ُ‬
‫ك ۡم َو َمن يُ ِطعِ ذ َ‬
‫لك ۡم ذنوب ۗۡ‬

‫فإن خير الحديث كتاب هللا‪ ،‬وخير الهدي هدي دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وشر األمور‬
‫أما بعد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫محدثاتها‪ ،‬وكل محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة في النار‪ ،‬ثم يا‬
‫معاشر الفضالء‪،‬‬

‫كل ضعيف ُمتضعف‪ .‬أال أخبركم بأهل‬


‫إن نبيكم ملسو هيلع هللا ىلص قال‪« :‬أال أخبركم بأهل الجنة؟ ّ‬
‫جواظ مستكبر»‪.‬‬
‫كل ُع ُت ّل ّ‬
‫النار؟ ّ‬

‫هللا أكبر يا عباد هللا! ما أكرمه من سائل‪ ،‬وما أعظمه من سؤال!‬

‫‪2‬‬
‫أال أخبركم بأهل الجنة‪ :‬الجنة التي هي رحمة هللا عز وجل يرحم بها من يشاء من‬
‫أعد فيها لعباده الصالحين ما ال عين رأت‪ ،‬وال أذن سمعت‪ ،‬وال خطر‬
‫عباده‪ ،‬التي ّ‬
‫على قلب بشر‪.‬‬

‫نبينا ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬كل ضعيف متضعف»‪.‬‬


‫من ُس ّكانها؟ من أهلها؟ ُيخبرنا ّ‬

‫فالجنة ُس ّكانها هم الضعفاء والمساكين‪ ،‬فأغلب أهل الجنة على هذه الصفة‪.‬‬

‫متعبد هلل‬ ‫ِ‬


‫كل ضعيف‪ :‬كل خاضع هلل‪ُ ،‬مذ ّل نفسه هلل عز وجل‪ ،‬مخلص هلل عز وجل‪ّ ،‬‬
‫سماع للنصائح‪،‬‬
‫عز وجل‪ ،‬متواضع لخلق هللا‪ ،‬رقيق القلب‪ ،‬وّقاف عند المواعظ‪ّ ،‬‬
‫معتبر بالوقائع واألحداث‪ ،‬فقلبه رقيق‪ ،‬إذا سمع قول هللا ر ّق قلبه‪ ،‬وسالت دموعه‪،‬‬
‫كل ضعيف ليس في يده ما يطمع فيه الناس‪ ،‬مع‬
‫ويدخل في ذلك ‪-‬يا عباد هللا‪ّ -‬‬
‫عبادته لربه‪ ،‬كالفقير الصابر العابد‪ ،‬والغريب الصالح‪ ،‬وسائر الضعفة‪ ،‬إذا كانوا‬
‫عب ًادا هلل عز وجل‪.‬‬
‫ّ‬

‫كل ضعيف متضعف‪ :‬أي أن الناس يستضعفونه‪ ،‬أي أن الناس يستضعفونه‬


‫ّ‬
‫لتواضعه أمام الناس‪ ،‬وألنه ليس في يديه ما يطمع فيه الناس‪ ،‬فليس في يديه مال‪،‬‬

‫وليس له عند الناس جاه‪ ،‬وليس من الذين يداهنون الناس‪ ،‬بل هو ّ‬


‫قوال بالحق‪،‬‬
‫دائما‪ ،‬فال يميل إليه الناس‪ ،‬وإنما يميلون عنه‪.‬‬
‫ناصح بالخير ً‬
‫ِ‬
‫متضعف»‪:‬‬‫كل ضعيف متضعف‪ :‬يستضعفه الناس‪ ،‬وال يميلون إليه‪ ،‬وفي رواية‪« :‬‬
‫ّ‬
‫أي أنه ُمخِبت هلل‪ ،‬متذّلل هلل‪ ،‬متواضع لخلق هللا‪ ،‬فاستحق هذا أن يكون من أهل‬
‫الجنة‪ ،‬فهؤالء الضعفاء ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬هم أغلب من في الجنة‪.‬‬

‫الجبارون والمتكبرون‪،‬‬
‫ولذلك احتجت النار والجنة عند ربنا‪ ،‬فقالت النار‪ :‬يدخلني ّ‬
‫وقالت الجنة‪ :‬يدخلني الضعفاء والمساكين‪ ،‬أي أنها كأنها قالت‪ :‬ما لي؟ ال يدخلني‬

‫‪3‬‬
‫إال الضعفاء والمساكين؟ فقال هللا للجنة‪ِ :‬‬
‫أنت رحمتي أرحم ِ‬
‫بك من أشاء من عبادي‪،‬‬
‫ولكل واحدة منكما ملؤها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقال للنار‪ :‬أنت عذابي‪ ،‬أع ّذب بك من أشاء‪ّ ،‬‬

‫[أقسام ضعف اإلنسان]‬

‫واعلموا ‪-‬عباد هللا‪ -‬أن الضعف الالحق باإلنسان على ثالثة أقسام‪.‬‬

‫وبيّناه ووصفناه‪ ،‬وهذا الضعف ‪-‬يا عباد هللا‪-‬‬


‫أما القسم األول‪ :‬فهو الذي ذكرناه ّ‬
‫محمود‪ ،‬محمود صاحبه‪ ،‬وهذا الضعف سبب للخيرات والبركات لألمة‪ ،‬لصاحبه‬
‫رزقون‬
‫صرون وتُ َ‬
‫ولسائر األمة‪ ،‬يقول النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬أبغوني ضعفاءكم‪ ،‬فإنما تُن َ‬
‫بضعفائكم»‪.‬‬

‫أطلبوا لي ضعفاءكم‪ :‬فجالسوهم‪ ،‬وأكرموهم‪ ،‬وأحسنوا إليهم‪ ،‬فإنما ترزقون الخيرات من‬
‫المطر وسائر األرزاق بضعفائكم‪ ،‬وإنما تُنصر األمة بضعفائها‪ ،‬أي أن هللا عز وجل‬
‫ينصر األمة بدعاء الضعفاء‪ ،‬وبحسن صالة الضعفاء‪ ،‬وبإخالص الضعفاء‪ ،‬كما قال‬
‫النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬إنما تُنصر هذه األمة بضعيفها‪ ،‬بدعائهم‪ ،‬وصالتهم‪ ،‬وإخالصهم»‪.‬‬

‫كما أن األمة إذا اعتنت بالضعفاء‪ ،‬وأكرمت الضعفاء‪ ،‬وأحسنت إلى الضعفاء‪،‬‬
‫موعودة من ربها بالرزق والنصر‪ ،‬فهذا القسم األول‪.‬‬

‫وأما القسم الثاني من الضعف يا عباد هللا‪ :‬فهو ضعف في خلقة اإلنسان‪ ،‬وهذا‬
‫ُ‬
‫الضعف ال يتعلق به مدح وال ذم‪ ،‬ألنه ليس من فعل اإلنسان‪ ،‬كما قال ربنا‪َ { :‬وخل َِق‬
‫ۡ َ َٰ َ ٗ‬
‫نس ُن ضعِيفا} [النساء‪.]12:‬‬‫ٱۡل‬
‫ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫كل ُِف ذ ُ‬
‫ٱَّلل‬ ‫لكن ربنا الرحيم رحم ضعفنا‪ ،‬ورأف بنا‪ ،‬فلم يكّلفنا إال ما نطيق‪َ{ ،‬ل ي‬
‫ت} [البقرة‪ ،]682:‬يقول ربنا‪{ :‬يُريدُ‬ ‫ٱكتَ َس َب ۡ‬
‫ۡ‬ ‫ت َو َعلَ ۡي َها ماَ‬ ‫َن ۡف ًسا إ ذَل ُو َۡ َع َها ل َ َها َما ََ َس َب ۡ‬
‫ِ‬ ‫ۗۡ‬ ‫ِ‬
‫ذ ُ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ ۡ َ َٰ ُ َ ٗ‬
‫ٱۡلنسن ضعِيفا ‪[ }٢٨‬النساء‪.]12:‬‬ ‫ٱَّلل أن ُيفِف عنكم وخل ِق ِ‬

‫‪4‬‬
‫وعندما أوجب علينا ربنا الواجبات لم يلزمنا منها إال بما نستطيع‪ ،‬كما قال ربنا‬
‫ٱَ َت َط ۡع ُت ۡم} [التغابن‪ ،]21:‬وكما قال نبينا ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬إذا‬ ‫ٱت ُقوا ْ ذ َ‬
‫ٱَّلل َما ۡ‬ ‫َ ذ‬
‫سبحانه وتعالى‪{ :‬ف‬

‫أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»‪.‬‬

‫وخفف هللا عز وجل عن بعض الناس لمزيد ضعفهم‪ ،‬كالمرأة‪ ،‬فلم يوجب عليها‬
‫قضاء‪ ،‬ولم يوجب أداء الصيام على المرأة حال‬
‫ً‬ ‫أداء وال‬
‫الصالة حال حيضها‪ ،‬ال ً‬
‫حيضها‪ ،‬وإنما ألزمها بالقضاء إذا طهرت‪ ،‬ولم يوجب على المرأة صالة الجماعة‪،‬‬
‫وخفف هللا عز وجل عن الصبي‪ ،‬فرفع عنه قلم المؤاخذة‪ ،‬وأثبت له قلم الثواب‪ ،‬فأثبت‬
‫له ماله‪ ،‬ولم يثبت عليه ما عليه‪ ،‬فاهلل عز وجل رحم الضعفاء‪.‬‬

‫وإذا عرض لإلنسان عارض أضعفه‪ ،‬فإن هللا يخفف عنه بما يناسب ذلك الضعف‪،‬‬
‫كالمسافر والمريض‪ ،‬فإن هللا خفف عنهما بما يناسب ضعفهما‪ ،‬فالحمد هلل الذي‬
‫خلقنا‪ ،‬والحمد هلل الذي أكرمنا‪ ،‬والحمد هلل الذي رحمنا‪.‬‬

‫وأما القسم الثالث من الضعف يا عباد هللا‪ :‬فهو غير القسمين المتقدمين‪ ،‬وهو ضعف‬
‫مكتسب‪ ،‬وهذا يشرع للمسلم أن يسعى في دفعه‪ ،‬وأن يسعى في رفعه‪ ،‬فسعي المؤمن‬
‫إلى القوة الصالحة من األعمال الصالحة المباركة‪ ،‬يقول نبينا ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬المؤمن القوي‬
‫خير وأحب إلى هللا من المؤمن الضعيف‪ ،‬وفي كل خير»‪.‬‬

‫[سعي المؤمن إلى القوة في كل شيء]‬

‫لكن المؤمنين يتفاضلون في‬


‫المؤمن ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬فيه خير ما ُوجد فيه اإليمان‪ّ ،‬‬
‫الخيرية‪ ،‬ولذلك يتفاضلون في الدرجات في الجنة‪ ،‬فالمؤمنون بعضهم خير من‬
‫بعض‪ ،‬ومما يتفاضل به المؤمنون‪ :‬القوة‪ ،‬فالؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف‪،‬‬
‫أحب إلى هللا عز وجل من المؤمن الضعيف‪ ،‬وفي كل خير‪.‬‬
‫و ّ‬

‫‪5‬‬
‫عامة في كل شيء‪ ،‬فيشرع‬
‫وهذه القوة المطلوبة‪ ،‬وهذا القوة المحمودة ‪-‬يا عباد هللا‪ّ -‬‬
‫للمؤمن أن يكون قويا في عقيدته‪ ،‬أن يكون قويا في عبادته‪ ،‬أن يكون قويا في‬
‫إرادته‪ ،‬أن يكون قويا في أخالقه‪ ،‬أن يكون قويا في جسده‪.‬‬

‫فأنت ‪-‬يا عبد هللا‪ -‬مشروع لك أن تكون قويا في عقيدتك‪ ،‬على يقين وثبات في‬
‫وتوحد هللا عز وجل في أفعاله‪،‬‬
‫ّ‬ ‫توحد هللا عز وجل بأفعالك‪،‬‬
‫توحيد رب العالمين‪ّ ،‬‬
‫وتوحد هللا في أسمائه وصفاته‪ ،‬وأنت على يقين من ذلك‪ ،‬ال تزحزحك كلمات‬
‫ّ‬
‫قوي‬
‫موحد هلل‪ّ ،‬‬
‫المتكلمين‪ ،‬وال شبهات المنحرفين‪ ،‬وإنما أنت على دينك في يقين‪ ،‬أنت ّ‬
‫يغرك كثرة الهالكين‪ ،‬وال ُيحزنك قلة السالكين‪ ،‬وإنما أنت في توحيدك‬
‫في توحيدك‪ ،‬ال ّ‬
‫وعقيدتك على يقين‪.‬‬

‫وأنت ‪-‬يا عبد هللا‪ -‬يشرع لك أن تكون قويا في عبادتك‪ ،‬قويا في عبادتك باإلخالص‬
‫هلل والمتابعة لرسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬والنشاط في عبادته‪ ،‬والمسابقة إلى ما ُيرضي هللا‪،‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ ْ ٓ َ‬
‫والمسارعة إلى ما يرضي هللا‪{ ،‬خذوا َما َءات ۡي َنَٰكم بِق ذوة} [البقرة‪.]16:‬‬

‫قوي في عبادته‬ ‫ِ‬


‫فمن صفات المؤمن أنه نشيط عند الطاعة‪ ،‬بطيء عند المعصية‪ّ ،‬‬
‫لرّبه‪ ،‬ال ينظر إلى الناس‪ ،‬وال إلى ما في أيدي الناس‪ ،‬وإنما ينظر إلى ما عند هللا‬
‫يحصل الجاه عند هللا‪،‬‬
‫همه أن ّ‬‫سبحانه وتعالى‪ ،‬ال ينظر إلى الجاه عند الناس‪ ،‬وإنما ّ‬
‫ألبره»‪ ،‬يصبح له جاه‬
‫ولذلك قال النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬كل ضعيف متضعف لو أقسم على هللا ّ‬
‫لصدقه هللا عز وجل‪،‬‬
‫ظن باهلل‪ّ ،‬‬
‫وحسن ّ‬
‫َ‬ ‫عند هللا‪ ،‬حتى أنه لو أقسم على هللا ثق ًة باهلل‪،‬‬
‫اما له من ربه سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وألوقع ما أقسم عليه إكر ً‬

‫وأنت ‪-‬يا عبد هللا‪ -‬مشروع لك أن تكون قويا في إرادتك‪ ،‬لتصبر عن معاصي هللا‪،‬‬
‫وما أحوجنا في هذا الزمان إلى قوة اإلرادة! إننا في زمان ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬انفجرت‬
‫على الناس فيه الشهوات‪ ،‬وعظمت أسباب المعاصي‪ ،‬وأصبح القابض على دينه‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫حرم هللا كالقابض على الجمر‪،‬‬‫عما ّ‬
‫المتمسك بقول هللا‪ ،‬بقول رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬المبتعد ّ‬
‫يلومه كثير من الناس لبعده عن كثير من المحرمات‪ ،‬ولربما وصفوه بالمتشدد‪ ،‬فإذا‬
‫رأوه يجتنب الغناء قالوا متشدد‪ ،‬وإذا رأوه يجتنب الغيبة قالوا متشدد‪ ،‬وإذا رأوه يجتنب‬
‫متشدد‪ ،‬وإذا رأوه يجتنب المال الحرام قالوا متشدد‪ ،‬ولربما أدللوا عليه بقول‬
‫ّ‬ ‫الكذب قالوا‬
‫بعض الدعاة‪ ،‬فما أحوجنا إلى قوة اإلرادة لنصبر عن معصية هللا سبحانه وتعالى!‬

‫والمشروع لك ‪-‬يا عبد هللا‪ -‬أن تكون ً‬


‫قويا في أخالقك‪ ،‬وما أحوجنا إلى هذا‪ ،‬فال‬
‫قل‬
‫تطيب الحياة‪ ،‬وال يحصل القرب من النبي ملسو هيلع هللا ىلص إال بحسن الخلق‪ ،‬وإننا في زمان ّ‬
‫تمزقت‬
‫فيه حسن الخلق‪ ،‬فكم من أسر تباعدت بسبب سوء الخلق‪ ،‬وكم من أسر ّ‬
‫بسبب سوء الخلق‪ ،‬وكم من وسائل ُق ِّ‬
‫طعت بسبب سوء الخلق‪.‬‬

‫القوي حًقا من كان قويا في‬


‫ّ‬ ‫بالخلُق‪ ،‬وإن‬
‫ونحن بحاجة ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬إلى قوتنا ُ‬
‫ُخُل ِقه‪ ،‬يقول النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬ليس الشديد بالص َرعة‪ ،‬وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند‬
‫لقوي حقا‬
‫القوي حقا من يصرع الناس ويغلب الناس بجسده‪ ،‬ولكن ا ّ‬
‫ّ‬ ‫الغضب»‪ ،‬فليس‬
‫من يسبق الناس بأخالقه‪ ،‬ويملك نفسه عند الغضب‪.‬‬

‫ومشروع لك ‪-‬يا عبد هللا‪ -‬أن تكون قويا في جسدك‪ ،‬فإن نبينا ملسو هيلع هللا ىلص كان ّ‬
‫قوي الجسد‪،‬‬
‫كان في مكة رجل يقال له ُركانة‪ ،‬كان قويا يصرع الناس‪ ،‬فقال لنبينا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬إن‬
‫صارعتني فصرعتني آمنت بك‪ ،‬فصارعه النبي ملسو هيلع هللا ىلص فصرعه ثالث مرات‪ ،‬إال أن ُركانة‬
‫لم ُيسلِم في ذلك الوقت‪ ،‬وإنما أسلم رضي هللا عنه أرضاه في عام الفتح‪.‬‬

‫وإن المشروع لك ‪-‬يا عبد هللا‪ -‬أن تحرص على قوة جسدك‪ ،‬ومن أعظم ذلك أن‬
‫تسعى إلى الصحة‪ ،‬فإن الصحة من أعظم نعم هللا عز وجل عليك‪« ،‬نعمتان مغبون‬
‫فيهما كثير من الناس»‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫والسعي في القوة بالصحة يكون بدعاء هللا عز وجل‪ ،‬يقول النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬سلوا هللا العفو‬
‫شيئا بعد اليقين أعظم من العافية»‪ ،‬أو كما قال صلى هللا‬
‫والعافية‪ ،‬فإنه لم ُيعط أحد ً‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫كما يكون بالتداوي بالمباحات‪ ،‬كما قال النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬تداووا عباد هللا‪ ،‬وال تتداووا‬
‫بمحرم»‪.‬‬
‫ّ‬

‫كما يكون ببذل األسباب الذي تُقوى بها الصحة كالمشي ونحوه‪.‬‬

‫وإن مما يدخل في القوة المحمودة‪ :‬قوة جيش الدولة‪ ،‬فإن هذا ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬من‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ ْ َ‬
‫األمور المحمودة‪ ،‬يقول هللا عز وجل‪{ :‬وأعِدوا لهم ما ٱَتطعتم مِن قوة ومِن رِب ِ‬
‫اط‬
‫َۡ‬
‫ٱۡل ۡي ِل} [األنفال‪.]10:‬‬

‫والقوة هنا يا عباد هللا‪ :‬هي المهارة في استعمال السالح‪ ،‬ولذا قال النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪« :‬أال إن القوة الرمي‪ ،‬أال إن القوة الرمي‪ ،‬أال إن القوة الرمي»‪.‬‬

‫والقمصود برباط الخيل يا عباد هللا‪ :‬أن تتّخذ األمة من األسلحة أقواها‪ ،‬فإن الخيل في‬
‫زمن النبي ملسو هيلع هللا ىلص أقوى ما يقاتل عليه المقاتلون‪ ،‬فقوة الجيش في البالد مما يفرح بها‬
‫ويرَهب‬
‫ويعتز بها‪ ،‬وإن قوة الجيش ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬تحمي الحدود بفضل هللا‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫المؤمن‪،‬‬
‫بها العدو‪ ،‬وها أنتم ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬تسمعون وتشاهدون ما يس ّ‬
‫طره أبطالنا في جيشنا‬
‫المغوار‪ ،‬من حفظ ثغورنا‪ ،‬من حفظ حدودنا‪ ،‬ومن نصرة إخواننا الملهوفين في يمننا‬
‫السعيد‪ ،‬أعاد هللا سعادته‪ ،‬أعاد هللا سعادته‪ ،‬فإنها وهللا قوة ينشرح بها صدر المؤمن‪،‬‬
‫الم ِح ّب لدينه‪.‬‬
‫ويفرح بها المؤمن ُ‬

‫‪8‬‬
‫فالحمد هلل‪ ،‬فاحمدوا هللا ‪-‬عباد هللا‪ -‬أن جعلكم من أهل هذا الدين الصالح المصلح‬
‫فتمسكوا ‪-‬عباد‬
‫الشامل الكامل الذي يأتي بالخير لكل الناس في كل زمان ومكان‪ّ ،‬‬
‫اعتزوا به‪ ،‬واحرصوا على أن تكونوا من األقوياء‪.‬‬
‫هللا‪ -‬بدينكم‪ ،‬و ّ‬

‫أقول ما تسعمون‪ ،‬وأستغفر هللا العظيم لي ولكم من كل ذنب‪ ،‬فاستغفروه إنه هو‬
‫الغفور الرحيم‪.‬‬

‫[الخطبة الثانية‪ :‬صفات أهل النار]‬

‫الحمد هلل وحده‪ ،‬والصالة والسالم على من ال نبي بعده‪ ،‬أما بعد فيا عباد هللا‪،‬‬

‫قال نبينا ملسو هيلع هللا ىلص في هذا الحديث الذي معنا‪« :‬أال أخبركم بأهل النار؟»‬

‫أقل‬
‫أال أخبركم بأهل النار‪ :‬النار التي هي عذاب هللا ُيع ّذب بها من يشاء‪ ،‬النار التي ّ‬
‫عذابا رجل في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه‪.‬‬
‫الناس فيها ً‬

‫«أال أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر»‪.‬‬

‫كل عتل‪ :‬فظ غليظ ُمعرض عن المواعظ‪ ،‬ال يسمع النصائح‪ ،‬وال يقبل الحق‪ ،‬وإذا‬
‫قيل له اتق هللا أخذته العزة باإلثم‪.‬‬

‫وكل جواظ‪ :‬شديد الخصومة في الباطل‪ ،‬الكثير اللحم المختال في مشيته‪ ،‬فهو عظيم‬
‫الوزن‪ ،‬لكنه ُمجوف ألنه متكبر‪ ،‬مختال في مشيته‪ ،‬وهو الذي ال يصبر‪ ،‬إن أصابته‬
‫تسخط وقال لماذا أصاب بهذا؟ فهذا‬
‫ضراء ّ‬‫وتكبر‪ ،‬وبطر‪ ،‬وإن أصباته ّ‬
‫تجبر ّ‬‫سراء ّ‬‫ّ‬
‫هو الجواظ‪.‬‬

‫المستكبر‪ :‬المستكبر ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬هو المتعالي عن الحق‪ ،‬المتعالي على الخلق‪،‬‬
‫ويرد الحق‪ ،‬ويزعم أنه أكبر من أن ُينصح‪ ،‬وأعظم من أن ُيعلم‪.‬‬
‫الذي ال يقبل الحق‪ّ ،‬‬

‫‪9‬‬
‫يتكبر على عباد هللا وال يتواضع لعباد هللا أولئك ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬هم أكثر أهل‬
‫والذي ّ‬
‫النار‪ ،‬هم أكثر أهل النار‪ ،‬فليست العبرة ‪-‬يا عبد هللا‪ -‬بمكانة عند الناس‪ ،‬وال بقوة‬
‫الجسد‪ ،‬وإنما العبرة بالجاه عند هللا‪ ،‬وبقوة العبادة‪ ،‬فإن اجتمع مع قوة العبادة قوة‬
‫فنعما هي‪.‬‬
‫الجسد‪ّ ،‬‬

‫ولذا ‪-‬يا عباد هللا‪ -‬يؤتى يوم القيامة بالرجل السمين الذي ال ُيطيع هللا عز وجل‪ ،‬فال‬
‫يزن عند هللا جناح بعوضة‪ ،‬ويؤتى بالرجل النحيل‪ ،‬من عباد هللا الصالحين‪ ،‬فيكون‬
‫عند هللا أثقل من جبل أحد‪.‬‬

‫أال فاتقوا هللا عباد هللا! وتأملوا في هذا الحديث الذي نصحكم به رسول هللا صلى هللا‬
‫منا أنه متصف بصفات أهل الجنة‪ ،‬فليحمد هللا‬
‫عليه وسلم أعظم نصيحة‪ ،‬فمن وجد ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬وليسع إلى أن يزيد من ذلك‪ ،‬فإننا في سباق‪ ،‬وإن الجنة تكون في يوم‬

‫اإلكرام‪ ،‬وإن الجائزة تكون في يوم اإلكرام عند الدرجات في الجنة‪ ،‬ومن وجد ّ‬
‫منا أنه‬
‫متصف بشيء من صفات أهل النار‪ ،‬فليتق هللا ربه‪ ،‬وليرجع‪ ،‬وليتخّلص من هذه‬
‫الصفات‪ ،‬فإن التخلص منها يسير‪.‬‬

‫وفقني هللا وإياكم لما يحب ويرضى‪ ،‬وجعلنا من أهل الصفات الحسنة التي يفوز بها‬
‫أصحابها بجنة رب العالمين‪.‬‬

‫ثم اعلموا ‪-‬عباد هللا‪ -‬أن هللا عز وجل أمركم باإلكثار من الصالة والسالم على‬
‫ذ ذ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُّ َ َ َ ذ َ َ ُّ َ ذ َ َ َ ُ ْ َ ُّ ْ‬
‫لئِكتهۥ يصلون َع ٱنلب َٰٓ‬
‫يأيها ٱَّلِين ءامنوا صلوا‬ ‫رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فقال‪{ :‬إِن ٱَّلل وم َٰٓ‬
‫ِِ‬
‫َعلَ ۡيهِ َو ََل ُِموا ْ ت َ ۡسل ً‬
‫ِيما} [األحزاب‪.]61 :‬‬

‫وقال ملسو هيلع هللا ىلص‪« :‬إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة‪ ،‬فيه خلق آدم‪ ،‬وفيه ُقبض‪ ،‬وفيه‬
‫فإن صالتكم معروضة علي»‪.‬‬
‫علي من الصالة فيه‪ّ ،‬‬ ‫الصعقة‪ ،‬وفيه النفخة‪ ،‬فأكثروا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪10‬‬
‫قالوا‪ :‬وكيف تُعرض صالتنا عليك يا رسول هللا وقد أرمت؟ أي وقد بليت‪ ،‬فقال صلى‬
‫حرم على األرض أن تأكل أجساد األنبياء»‪.‬‬
‫هللا عليه وسلم‪« :‬إن هللا ّ‬

‫حرم على األرض أن تأكل أجساد‬


‫فنبينا ملسو هيلع هللا ىلص في قبره لم َينقص منه شيء‪ ،‬فإن هللا ّ‬
‫ميت‪ ،‬وهو حي حياة برزخية‪ ،‬ليست كالحياة في الدنيا‪ ،‬وهللا سبحانه‬
‫األنبياء‪ ،‬هو ملسو هيلع هللا ىلص ّ‬
‫ّ‬
‫وتعالى أعلم بعباده‪.‬‬

‫فأكثروا ‪-‬عباد هللا‪ -‬من الصالة عليه ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فإن صالتكم معروضة عليه‪.‬‬

‫هللا أكبر يا عبد هللا! كيف تزهد في كثرة الصالة على النبي ملسو هيلع هللا ىلص وصالتك تُعرض‬
‫نبيك ملسو هيلع هللا ىلص؟‬
‫على ّ‬

‫فاللهم صل على دمحم وعلى آل دمحم كما صليت على إبراهيم‪ ،‬وعلى آل إبراهيم‪ ،‬إنك‬ ‫ّ‬
‫حميد مجيد وسّلم تسليما كثي ار‪.‬‬

‫اللهم‬
‫اللهم أصلحنا وأصلح لنا‪ّ ،‬‬‫اللهم أصلحنا وأصلح لنا‪ّ ،‬‬
‫اللهم أصلحنا وأصلح لنا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫اللهم أصلح لنا شأننا كّله‪.‬‬
‫اللهم أصلح لنا شأننا كّله‪ّ ،‬‬
‫أصلح لنا شأننا كّله‪ّ ،‬‬

‫اللهم اجعلنا‬
‫قونا في طاعتك‪ّ ،‬‬ ‫اللهم ّ‬
‫ّ‬ ‫قونا في طاعتك‪،‬‬
‫اللهم ّ‬
‫ّ‬ ‫قونا في طاعتك‪،‬‬‫اللهم ّ‬
‫ّ‬
‫اللهم اجعلنا من عبادك‬
‫ّ‬ ‫اللهم اجعلنا من عبادك األقوياء‪،‬‬
‫ّ‬ ‫من عبادك األقوياء‪،‬‬
‫األقوياء‪.‬‬

‫للهم‬
‫اللهم اجعل الدنيا زيادة لنا في الخير‪ ،‬ا ّ‬
‫ّ‬ ‫اللهم اجعل الدنيا زيادة لنا في الخير‪،‬‬
‫ّ‬
‫اللهم أطل أعمارنا في طاعة‪.‬‬
‫اللهم أطل أعمارنا في طاعة‪ّ ،‬‬
‫أطل أعمارنا في طاعة‪ّ ،‬‬

‫اللهم أنزل البركة علينا‪.‬‬


‫اللهم أنزل البركة علينا‪ّ ،‬‬
‫اللهم أنزل البركة علينا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫اللهم احفظه‬
‫اللهم احفظه في حّله وترحاله‪ّ ،‬‬
‫اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫اللهم‬
‫ّ‬ ‫غانما يا رب العالمين‪،‬‬
‫ً‬ ‫سالما‬
‫ً‬ ‫في سفره‪ ،‬واجعل سفره موفًقا‪ ،‬وأعده إلى بالدنا‬
‫‪11‬‬
‫اللهم اجعله واجعل ق ارراته‬
‫ّ‬ ‫اجعله واجعل ق ارراته رحمة على كل من سكن البالد‪،‬‬
‫اللهم اجعله واجعل ق ارراته رحمة على كل من سكن‬
‫رحمة على كل من سكن البالد‪ّ ،‬‬
‫اللهم يا ربنا زده محبة‬
‫وسدده‪ّ ،‬‬‫اللهم ّأيده ّ‬
‫وسدده‪ّ ،‬‬
‫اللهم ّأيده ّ‬
‫وسدده‪ّ ،‬‬
‫اللهم ّأيده ّ‬
‫البالد‪ّ ،‬‬
‫اللهم وّفق سائر والة أمور المسلمين إلى تحكيم‬
‫لنا‪ ،‬وزدنا محبة له يا رب العالمين‪ّ ،‬‬
‫شرعك‪ ،‬واتباع ما تحب وترضى يا رب العالمين‪.‬‬

‫ربنا آتنا في الدنيا حسنة‪ ،‬وفي اآلخرة حسنة‪ ،‬وقنا عذاب النار‪.‬‬

‫وهللا تعالى أعلى وأعلم وصلى هللا على نبينا وسّلم‪.‬‬

‫‪12‬‬

You might also like