مقرر قانون العقوبات العام مع التعمق

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 36

‫جامعة المنصورة‬

‫كلية الحقوق‬
‫دبلوم القانون العام‬

‫بحث لمقرر قانون العقوبات العام مع التعمق‬


‫بعنوان‬
‫المسئولية الجنائية عن االبتزاز اإللكتروني‬

‫إعداد‬
‫عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن بريك‬ ‫إسالم أحمد عبد القوي السيد العرابي‬
‫عمر محمد أبو النصر محمد بهلول‬ ‫عبدهللا محمود حامد البرعي زاهر‬
‫محمد على شوقي عبد القادر محمد إمبابي‬ ‫محمد أحمد أحمد إبراهيم حبيب‬

‫تحت إشراف‬

‫األستاذ الدكتور‪ /‬تامر محمد صالح‬


‫أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي‬
‫كلية الحقوق جامعة المنصورة‬
‫عضو مجلس البحوث االجتماعية واإلنسانية بأكاديمية البحث العلمي‬
‫‪2022 – 2021‬‬

‫‪0‬‬
‫مقدمة‬

‫إن العصر الحديث يشهد ثورة كبيرة في المعلومات أثرت بشكل كبير ومباشر في حياة‬
‫اإلنسان من حيث الشكل والمضمون‪ ،‬وأدت إلى خلق بيئة اجتماعية لم تكن مألوفة من قبل‪،‬‬
‫يطلق عليها البيئة الرقمية أو البيئة اإللكترونية‪.‬‬

‫ترتب على ذلك عدة نتائج مباشرة حيث أنها أصبحت أداة للعالقات ولممارسة العديد من‬
‫األنشطة‪ ،‬ورافق هذه األنشطة العديد من األفعال والتصرفات التي تشكل أفعالا إجرامية يعاقب‬
‫ال جديدا ا من الجرائم يطلق عليه الجريمة اإللكترونية أو الجريمة‬
‫عليها القانون‪ ،‬ونتج عنها شك ا‬
‫السيبرانية‪ ،‬كما شكل هذا النشاط الحديث تحديا ا واضحا ا للتشريعات التي عانت فترة طويلة من‬
‫النقص التشريعي غير األ حكام الخاصة بهذا النوع من الجرائم التي تعتمد في وجودها على هذا‬
‫الفضاء الخاص وساعد في انتشارها بسرعة كبيرة وجود شبكة اإلنترنت وما لها من استخدامات‬
‫متعددة‪.‬‬

‫ذلك؛ ألنها توسعت وانتشرت بصورة كبيرة وسريعة في وقت قياسي وأصبح‬
‫مستخدموها من جميع الفئات العمرية وباختالف مستوياتهم التعليمية والفكرية والثقافية‪ ،‬حيث أن‬
‫كثير من هذه األفعال ظلت لفترة بدون قيود قانونية نتيجة غيار التنظيم التشريعي وخاصة فيما‬
‫يخص مجال الجريمة المرتكبة بواسطتها‪.‬‬

‫إن غياب التشريعات المنظمة للجرائم اإللكترونية كان يصعب األمر على القضاء في‬
‫تطبيق قانون العقوبات حيث أن معظم هذه الجرائم مستحدثة وتشكل ضرراا اجتماعيا ا ونفسيا ا‬
‫وماليا ا على المجتمع ول يوجد لها نص يعاقب من خالله القاضي مرتب الفعل اإلجرامي‪ ،‬مما‬
‫استوجب إصدار تشريعات خاصة تتضمن تجريما ا واضحا ا لهذه األفعال وتحديد عقوبات خاصة‬
‫لها في محاولة للتصدي لهذه الجرائم والحد من اآلثار المترتبة عليها والتي استغلها الكثير من‬
‫ضعاف النفوس حيث اعتقدوا أنهم في ملجأ من العقاب خاصة وأن ارتكاب هذه الجرائم يكون‬
‫عن بعد وعبر الحدود ومن خالل أسماء وهمية أو مستعارة‪.‬‬

‫وتعتبر المعلومات من أهم ممتلكات اإلنسان في هذا العصر فجمعها ودونها وسجلها‬
‫على وسائط متدرجة التطور من خالل األقراص اإللكترونية الممغنطة‪ ،‬ومن ثم جاء معها‬
‫ارتكاب جرائم البتزاز اإللكتروني‪ ،‬والتي تستعير من هذه التقنية أساليبها المتطورة‪ ،‬ومن ثم‬
‫أصبح العالم أمام ظاهرة جديدة لم يكن يعرفها من قبل وهي الجريمة المعلوماتية وساعد على‬
‫انتشار هذه الجريمة استخدام الحواسيب اآللية والتي انتشرت هذه الجريمة من خاللها حيث أنها‬
‫تتصل بها اتصالا مباشرا ا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أهمية البحث‪:‬‬
‫إن لهذا البحث أهمية كبيرة من خالل تسليط الضوء على جريمة البتزاز اإللكتروني‬
‫في القانون المصري والقوانين المقارنة نتيجة انتشار هذه الجريمة داخل المجتمعات وعدم النص‬
‫عليها في القوانين السابقة‪ ،‬مما دفع إلى دراسة هذا النوع الخطير من الجرائم وأنواعها من أجل‬
‫محاولة البحث على طرق وأساليب جديدة تساعد على مكافحتها للحد من آثارها على المجتمع‪.‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬
‫إن الهدف من هذا البحث يكمن في التعرف علي مفهوم البتزاز اإللكتروني‪ ،‬والدوافع‬
‫لجريمة البتزاز اإللكتروني‪ ،‬وأركان جريمة البتزاز اإللكتروني‪ ،‬وعقوبات الجريمة‪ ،‬ذلك كله‬
‫من خالل دراسة القوانين والتشريعات المختلفة إليضاح ما سبق ذكره‪.‬‬

‫إشكاليات البحث‪:‬‬
‫تثير هذه الدراسة العديد من اإلشكاليات والتي من بينها‪ :‬وما هي جرائم البتزاز‬
‫اإللكتروني ودوافعها ؟ وما هي أركان جريمة البتزاز اإللكتروني؟ وما موقف التشريعات‬
‫المختلفة منها؟‪.‬‬

‫مناهج البحث‪:‬‬
‫سوف نتبع في هذا البحث كل من المنهج الوصفي والمنهج التحليلي والمنهج المقارن‪:‬‬

‫المنهج الوصفي‪ :‬من خالل العتماد المباشر على النصوص القانونية من مصادرها‬
‫المباشرة‪.‬‬

‫المنهج التحليلي‪ :‬من خالل تحليل وتفسير مضامين القوانين اعتمادا ا على الدراسات‬
‫واألبحاث وبعض األحكام القضائية‪.‬‬

‫المنهج المقارن‪ :‬من خالل المقارنة بين التشريعات المختلفة لبعض الدول التي اهتمت‬
‫بوضع تشريعات للجرائم اإللكترونية بصفة عامة‪ ،‬وجرائم البتزاز اإللكتروني بصفة خاصة‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫سوف نستعرض هذا البحث من خالل فصلين‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬جريمة االبتزاز اإللكتروني ودوافعها وأركانها‪.‬‬


‫الفصل الثاني‪ :‬سلطة القاضي الجنائي والعقوبات المقررة للجريمة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول‬
‫جريمة االبتزاز اإللكتروني ودوافعها وأركانها‬

‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬
‫تقسم التعريفات الواردة للجرائم اإللكترونية إلى طائفتين رئيستين؛ أولهما‪ :‬طائفة‬
‫التعريفات التي تقوم على معيار واحد‪ ،‬وهذه تشمل تعريفات قائمة على معيار قانوني‪ ،‬كتعريفها‬
‫بدللة موضوع الجريمة أو السلوك محل التجريم أو الوسيلة المستخدمة‪ ،‬وتشمل أيضا ا تعريفات‬
‫قائمة على معيار شخصي‪ ،‬وتحديدا ا متطلب توفر المعرفة والدراية التقنية لدى شخص مرتكبها‪،‬‬
‫وثانيهما‪ :‬طائفة التعريفات القائمة على تعدد المعايير‪ ،‬وتشمل التعريفات التي تبرز موضوع‬
‫الجريمة وأنماطها وبعض العناصر المتصلة بآليات ارتكابها أو بيئة ارتكابها أو سمات مرتكبها‪.‬‬

‫أن يتوقف الشخص المهدد من عمل شيء‬ ‫بالمعنى العام‪ ،‬البتزاز هو عرض طلب ّ‬
‫مسموح به عادة ا‪ ،‬لذا فهو يختلف عن التهديد‪ ،‬الذي يحمل تهديدا ا ينتهي بعمل غير قانوني أو‬
‫عنف ضد الشخص إن لم يستجب للمطالب‪ ،‬ويسمى المال المدفوع نتيجة البتزاز رشوة إسكات‬
‫وكان مصطلح ابتزاز أصالا مقصورا ا على جمع رسوم غير قانونية بواساطة موظف عام‪،‬‬
‫ويعاقب على البتزاز بالسجن‪ ،‬أو بالغرامة‪ ،‬أو بكلتيهما ويضاف في بعض البلدان الطرد من‬
‫الوظيفة‪.‬‬

‫فجريمة البتزاز اإللكتروني جريمة عابرة للحدود غالباا‪ ،‬وتتم عن بُعد‪ ،‬ول يكون فيها‬
‫اتصال مباشر بين الجاني والمجني عليه‪ ،‬كما أنها ترتكب عادة ا في بيئة رقمية معتمدة على‬
‫الوسائط اإللكترونية المرتبطة بالشبكة العنكبوتية (اإلنترن ت)‪ ،‬كما تتسم هذه الجريمة بأنها من‬
‫جرم‬
‫الجرائم بالغة الخطورة‪ ،‬وذات طبيعة ناعمة‪ ،‬كما تتسم بصعوبة اكتشافها وإثبات الفعل ال ُم َّ‬
‫على مرتكبها‪.‬‬
‫مما سبق سوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين على النحو التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية جريمة االبتزاز اإللكتروني ودوافعها‪.‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬أركان جريمة االبتزاز اإللكتروني‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‬
‫ماهية جريمة االبتزاز اإللكتروني ودوافعها‬

‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬
‫الجريمة اإللكترونية أو الفتراضية تتكون من مقطعين‪ ،‬هما؛ الجريمة واإللكترونية‪،‬‬
‫ويستخدم مصطلح اإللكترونية لوصف فكرة جزء من الحاسب أو عصر المعلومات‪ ،‬أما‬
‫الجريمة فهي السلوكيات واألفعال الخارجة على القانون‪ ،‬والجرائم اإللكترونية‪.‬‬
‫البتزاز هو عرض طلب أن يتوقف الشخص المهدد من عمل شيء مسموح به عادة ا‪،‬‬
‫لذا فهو يختلف عن التهديد‪ ،‬الذي يحمل تهديدا ا ينتهي بعمل غير قانوني أو عنف ضد الشخص‬
‫إن لم يستجب للمطالب‪ ،‬ويسمى المال المدفوع نتيجة البتزاز رشوة إسكات وكان مصطلح‬
‫ابتزاز أصالا مقصورا ا على جمع رسوم غير قانونية بواساطة موظف عام‪ ،‬ويعاقب على‬
‫البتزاز بالسجن‪ ،‬أو بالغرامة‪ ،‬أو بكلتيهما ويضاف في بعض البلدان الطرد من الوظيفة‪.‬‬

‫مما سبق سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية جريمة االبتزاز اإللكتروني‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬دوافع ووسائل جريمة االبتزاز اإللكتروني‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المطلب األول‬
‫ماهية جريمة االبتزاز اإللكتروني‬

‫أوالً‪ :‬التعريف اللغوي لالبتزاز اإللكتروني‪:‬‬


‫اِب ِتزاز‪ :‬اسم مصدر ا ْبت ََّز‪ ،‬البتزاز‪ :‬الحصول على المال أو المنافع من شخص تحت‬
‫التَّهديد بفضح بعض أسراره أو غير ذلك‪ ،‬ابت ََّز‪ :‬فعل ‪َّ :‬‬
‫ابتز يبت َّز‪ ،‬ابت َز ْز ‪ /‬ابت ََّز‪ ،‬ابت ا‬
‫زازا‪ ،‬فهو‬
‫ابتز المالَ من ال َّناس‪ :‬ابتذَّهم؛ س َلبهم إيّاه‪ ،‬نزعه منهم بجفاء وقهر‪َّ ،‬‬
‫ابتز‬ ‫ُمبت َّز‪ ،‬والمفعول ُمبت َّز‪َّ ،‬‬
‫يبتز جيرانه‪ ،‬ابتزازيّة‪ :‬اسم مؤ َّنث منسوب‬ ‫سب منه بطُرق غير مشروعة محتال ّ‬ ‫قرينَه‪ :‬سلَ َبه‪ ،‬تك َّ‬
‫ي من ابتزاز‪ ،1‬و جاء البتزاز بمعنى الحصول عى المال أو المنافع‬ ‫إلى ابتزاز‪ ،‬مصدر صناع ّ‬
‫من شخص تحت التَّهديد بفضح بعض أسراره أو غير ذلك‪ ،‬و مما سبق يتضح أن البتزاز في‬
‫اللغة يعني التهديد لحصول على منفعة غير مشروعة‪.‬‬

‫اإللكتروني لغةً هو‪ :‬المنسوب إلى اإللكترون‪ ،‬ومنها الكمبيوتر وأجهزة التصال الحديثة‬
‫التي تعتمد على اإللكترون لتشغيلها‪ ،‬وكما جاء في معجم المعاني هي‪ :‬آلة الحاسوب تعتمد على‬
‫مادة اإللكترون إلجراء أدق العمليات الحسابية وبأسرع وقت ممكن‪ ،‬ويسمى أيضا ا كمبيوتر‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬تعريف االبتزاز اصطالحاً‪:‬‬


‫تنوعت التعريفات لالبتزاز‪ ،‬لكنها تدور حول معنى واحد‪ ،‬ومما عُرف به البتزاز‪:‬‬

‫هو القيام بالتهديد بكشف معلومات معينة عن شخص‪ ،‬أو فعل شيء لتدمير الشخص‬
‫المهدد‪ ،‬إن لم يقم الشخص المهدد بالستجابة إلى بعض الطلبات‪ ،‬هذه المعلومات تكون عادة‬
‫محرجة أو ذات طبيعة مدمرة اجتماعياا‪ ،‬وهو بمعنى الستبزاز فال فارق بين المطالب الغير‬
‫مشروعة أو المشروعة للوصول إلى الهدف الذي رسم له‪ ،‬وغالبا ا ما يكون هذا الهدف مدمر‬
‫للحياة الجتماعية‪ ،‬وهو محاولة الحصول عى مكاسب مادية أو معنوية عن طريق اإلكراه من‬
‫شخص أو أشخاص أو حتى مؤسسات ويكون ذلك اإلكراه بالتهديد بفضح سر من أسرار المبتز‪.‬‬

‫بالمعنى العام‪ ،‬البتزاز هو عرض طلب أن يتوقف الشخص المهدد من عمل شيء‬
‫مسموح به عادة‪ ،‬لذا فهو يختلف عن التهديد‪ ،‬الذي يحمل تهديدا ا ينتهي بعمل غير قانوني أو‬
‫عنف ضد الشخص إن لم يستجب للمطالب‪ ،‬ويسمى المال المدفوع نتيجة البتزاز رشوة إسكات‬
‫وكان مصطلح ابتزاز أصالا مقصورا ا على جمع رسوم غير قانونية بواساطة موظف عام‪،‬‬
‫ويعاقب على البتزاز بالسجن‪ ،‬أو بالغرامة‪ ،‬أو بكلتيهما ويضاف في بعض البلدان الطرد من‬
‫الوظيفة‪.‬‬

‫‪ 1‬معجم المعاني الجامع‪ ،‬ابتزاز‪.‬‬


‫‪https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D8%B2/‬‬

‫‪5‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التعريف الفقهي والقانوني لالبتزاز اإللكتروني‪:‬‬
‫حدد الفقه البتزاز اإللكتروني حسب غرضه ومضمونه إلى تعريفين وهما‪:‬‬

‫‪ -1‬التعريف الضيق لالبتزاز اإللكتروني‪:‬‬


‫وهو اإلكراه من خالل التهدبد الذي ل مبرر له للكشف لشخص آخر أو للجمهور عن‬
‫معلومات حقيقية محرجة أو ضارة‪ ،‬أو غير حقيقية‪ ،‬وعلى الرغم من أن الكشف عن هذه‬
‫المعلومات ليس في حد ذاته جريمة‪ ،‬فإن البتزاز الذي يأتي في شكل مطالبة بالمال مقابل حجب‬
‫المعلومات يعد سلوكا ا إجراميا ا‪.1‬‬
‫وعرفه البعض ‪2‬بأنه‪" :‬الحصول على معلومات سرية أو صور شخصية‪ ،‬أو مواد فيلمية‬
‫‪3‬‬
‫تخص الضحية‪ ،‬واستغاللها ألغراض مالية أو للقيام بأعمال غير مشروعة"‪ ،‬ويرى آخرون‬
‫أنه‪" :‬نوع من السلب يقضي بالحصول على تسليم أموال‪ ،‬أو قيم‪ ،‬أو سندات‪ ،‬أو توقيع تحت‬
‫تهديد إفشاء ُمشين صحيح أو كاذب"‪.‬‬

‫وعرفه جانب من الفقه بأنه‪" :‬الضغط الذي يباشره شخص على إرادة شخص آخر‬
‫لحمله على ارتكاب جريمة معينة‪ ،"4‬وعرفه آخر بأنه‪" :‬فعل يقوم به شخص بتهديد شخص آخر‬
‫شفاهةا أو كتابةا‪ ،‬ول عبرة بنوع عبارة التهديد ما دام من شأنها التأثير فنفس المجني عليه‬
‫كتخويفه‪ ،‬أو مجرد إزعاجه من خطر لم يتحقق بعد‪ ،‬بل قد يلحق بماله‪ ،‬أو بنفسه‪ ،‬أو نفس أي‬
‫شخص آخر له صلة بالمجني عليه‪."5‬‬

‫وقد أخذت بعض التشريعات من هذا المضمون والغاية والتعريف الضيق لالبتزاز‪،‬‬
‫ومنها المشرع الفرنسي‪ ،‬حيث تعرف المادة ‪ 1/312‬من قانون العقوبات البتزاز بأنه‪" :‬فعل‬
‫الحصول على الشي ء بالعنف أو التهديد بالعنف‪ ،‬أو اإلكراه للتوقيع أو التعهد أو التخلي أو‬
‫الكشف عن سر‪ ،‬أو تحويل أموال أو أوراق مالية أو أي سلعة أخرى"‪.‬‬

‫كما عرفته المادة ‪ 10/312‬من ذات القانون بأنه‪" :‬الحصول عن طريق التهديد بكشف‬
‫أو ادعاء وقائع من شأنها أن تضر بالشرف أو السمعة أو العتبار بقصد التوقيع أو التعهد أو‬
‫التخلي أو الكشف عن سر‪ ،‬أو تسليم أموال أو أوراق أو أي سلعة أخرى"‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬تامر محمد صالح‪ ،‬البتزاز اإللكتروني‪ -‬دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬دار الفكر والقانون‪ ،‬المنصورة‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬عبد الرحمن بن عبدهللا السند‪ ،‬جريمة البتزاز‪ ،‬مطبوعات الرئاسة العامة لهيئة األمر بالمعروف والنهي بالمنكر‪ ،2018 ،‬ص‪.15‬‬
‫مشار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬تامر محمد صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ 3‬جيرار كورنو‪ ،‬ترجمة منصور القاضي‪ ،‬معجم المصطلحات القانونية‪ ،‬ط‪ ،1‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،1998 ،‬‬
‫ص‪ .22‬مشار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬تامر محمد صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ 4‬د‪ .‬أحمد شوقي أبو خطوة‪ ،‬شرح الحكام العامة لقانون العقوبات‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2003 ،‬ص‪.559‬‬
‫‪ 5‬د‪ .‬محمد عبيد الكعبي‪ ،‬الجرائم الناشئة عن الستخدام غير المشروع لشبكة اإلنترنت‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،2009 ،‬‬
‫ص‪.27‬‬

‫‪6‬‬
‫وبالنسبة للمشرع المصري فقد جمع بين تحديد مضمون التهديد في البتزاز والغرض‬
‫منه‪ ،‬كما جاء في المادة ‪ 325‬من قانون العقوبات التي تنص على أنه‪" :‬كل من اغتصب بالقوة‬
‫أو التهديد سندا ا مثبتاا‪ ،‬أو موجودا ا لدين أو تصرف أو براءة‪ ،‬أو سندا ا ذا قيمة أدبية أو اعتبارية‪،‬‬
‫أو أوراقا ا تثبت وجود حالة قانونية أو اجتماعية‪ ،‬أو أكره أحدا ا بالقوة أو التهديد على إمضاء‬
‫ورقة مما تق دم أو ختمها يعاقب السجن المشدد"‪ ،‬وتنص المادة ‪ 326‬من نفس القانون على أنه‪:‬‬
‫"كل من حصل بالتهديد على إعطائه مبلغا ا من النقود أو أي شيء آخر يعاقب بالحبس"‪.‬‬
‫وذهب المشرع المصري في بعض النصوص األخرى إلى العقاب على البتزاز محدداا‬
‫مضمون التهديد في البتزاز دون تحديد الغرض من التهديد‪ ،‬وبالتالي يقع البتزاز طالما تم‬
‫التهديد باإلفشاء مثالا للقيام بعمل أو المتناع عن عمل‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 309‬مكرر (أ) على‬
‫أنه‪" :‬يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة‪ ،‬أو استعمل ولو في غير عالنية تسجيالا أو‬
‫مستندا ا متحصالا عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة‪ ،‬أو كان ذلك بغير رضاء صاحب‬
‫الشأن‪ ،‬ويعاقب بالسجن مدة ل تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من األمور التي‬
‫تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو المتناع عنه‪،‬‬
‫ويعاقب بالسجن الموظف العام الذي يرتكب أحد األفعال المبينة بهذه المادة اعتمادا ا على سلطة‬
‫وظيفته"‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 327‬من قانون العقوبات المصري على أن‪" :‬كل من هدد غيره كتابةا‬
‫بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال‪ ،‬معاقب عليها بالسجن المؤبد أو المؤقت‪ ،‬أو بإفشاء أمور‬
‫أو نسبة أمور ُمخدشة بالشرف‪ ،‬وكان التهديد مصحوبا ا بطلب أو بتكليف بأمر‪ ،‬يعاقب بالسجن‪،‬‬
‫ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا ا بطلب أو بتكليف بأمر‪ ،‬وكل من هدد غيره شفهيا ا‬
‫بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر‪ ،‬يعاقب بالحبس مدة ل تزيد على سنتيين‪ ،‬أو بغرامة ل تزيد‬
‫على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد مصحوبا ا بتكليف بأمر أم ل‪ ،‬وكل تهديد سواء أكان‬
‫بالكتابة أم شفهيا ا ب واسطة شخص آخر بارتكاب جريمة ل تبلغ الجسامة المتقدمة‪ ،‬يعاقب عليها‬
‫بالحبس مدة ل تزيد على ستة أشهر أو بغرامة ل تزيد على مائتي جنيه"‪.‬‬

‫‪ -2‬التعريف الواسع لالبتزاز اإللكتروني‪:‬‬


‫يرى بعض الفقه‪ 1‬أن البتزاز اإللكتروني هو‪" :‬محاولة الحصول على مكاسب مادية أو‬
‫معنوية من خ الل التهديد بإيقاع أذى‪ ،‬سواء بكشف أسرار أو معلومات خاصة‪ ،‬أو إلحاق أذى‬
‫بنفس أو مال الضحية‪ ،‬أو شخص عزيز لديه‪ ،‬معتمدا ا في ذلك على قوته ونفوذه لستخراج ما‬
‫يرغب من ضحيته"‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬رمسيس بهنام‪ ،‬قانون العقوبات جرائم القسم الخاص‪ ،‬ط‪ ،1‬منشأة المعارف‪ ،1999 ،‬ص‪ .1204‬مشار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬تامر محمد‬
‫صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 26‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ويعرف البعض البتزاز اإللكتروني أنه‪" :‬محاولة الحصول على شيء من شخص ما‬
‫عن طريق التهديد بالكلمات أو اإليماءات‪ ،‬أو اتهامه بشيء ما‪ ،‬أو عن طريق العنف أو الخوف‪،‬‬
‫طرد شخص‪ ،‬الصراخ عليه‪ ،‬رمي أو كسر األشياء‪ ،‬إلخ‪ ،...‬للحصول على أي شيء ذي قيمة‪،‬‬
‫ومفهوم (شيء ذي قيمة) ل يشمل المال والممتلكات فقط‪ ،‬ولكنه يشمل أيضا ا األمور المعنوية"‪.‬‬

‫وقد أخذت بذلك بعض التشريعات منها‪ :‬المادة ‪ 4/3‬من القانون الكويتي رقم ‪ 63‬لسنة‬
‫‪ 2015‬المتعلق بمكافحة جرائم تقنية المعلومات‪ ،‬التي تنص على أن‪" :‬يُعاقب بالحبس مدة ل‬
‫تجاوز ثالث سنوات‪ ،‬وبغرامة ل تقل عن ثالثة آلف دينار ول تجاوز عشرة آلف دينار‪ ،‬أو‬
‫بإحدى هاتين العقوبتين كل من‪ :‬استعمل الشبكة المعلوماتية أو استخدم وسيلة من وسائل تقنية‬
‫المعلومات في تهديد أو ابتزاز شخص طبيعي أو اعتباري لحمله على القيام بفعل أو المتناع‬
‫عنه‪ ،‬فإذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بما يُعد ماسا ا بكرامة األشخاص‪ ،‬أو خادشا ا للشرف‬
‫والعتبار أو السمعة كانت العقوبة الحبس مدة ل تجاوز خمس سنوات والغرامة التي ل تقل عن‬
‫خمسة آلف دينار ول تجاوز عشرين ألف دينار‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين"‪.‬‬

‫وذهب المشرع اإلماراتي إلى ذات التجاه‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪5‬‬
‫لسنة ‪ ،2012‬المتعلق بمكافحة جرائم تقنية المعلومات على أن‪" :‬يعاقب بالحبس مدة ل تزيد على‬
‫سنتين والغرامة التي ل تقل عن مائتين وخمسون ألف درهم ول تجاوز خمسمائة ألف درهم‪ ،‬أو‬
‫بإحدى هاتين العقوبتين كل من ابتز أو هدد شخص آخر لحمله على القيام بفعل أو المتناع عنه‪،‬‬
‫وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات‪ ،‬وتكون العقوبة السجن مدة ل تزيد‬
‫على عشر سنوات إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو العتبار"‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 18‬من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني‬
‫العُماني رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 2011‬على أن‪ ":‬يعاقب بالسجن مدة ل تقل عن شهر ول تزيد على ثالث‬
‫سنوات‪ ،‬وبغرامة ل تقل عن ألف لاير عماني ول تزيد على ثالثة آلف لاير عماني‪ ،‬أو بإحدى‬
‫هاتين العقوبتين‪ ،‬كل من استخ دم الشبكة المعلوماتية‪ ،‬أو وسائل تقنية المعلومات في تهديد‬
‫شخص أو ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو المتناع ولو كان هذا الفعل أو المتناع عنه‬
‫مشروعاا‪ ،‬وتكون العقوبة السجن المؤقت مدة ل تقل عن ثالث سنوات ول تزيد على عشر‬
‫سنوات‪ ،‬وغرامة ل تقل عن ثالثة آلف لاير عماني ول تزيد على عشرة آلف لاير عُماني إذا‬
‫كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور ُم ّخلة بالشرف أو العتبار"‪.‬‬

‫وبنا اء على ذلك فالبتزاز اإللكتروني هو‪ :‬كل تهديد يقوم به الجاني‪ ،‬أو وسيط عنه يتم‬
‫عبر وسيلة إلكترونية‪ ،‬ويؤثر في نفسية المجني عليه‪ ،‬أو شخص عزيز لديه‪ ،‬ويدفعه إلى القيام‬
‫بما طلبه منه الجاني أو كلفه به سواء أكان مشروعاا‪ ،‬أم غير مشروع‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫دوافع ووسائل جريمة االبتزاز اإللكتروني‬

‫أوالً‪ :‬دوافع جريمة االبتزاز اإللكتروني‪:‬‬


‫يسعى الجاني لتحقيق العديد من الدوافع التي يسعى إليها من خالل ابتزازه للمجني عليه‪،‬‬
‫وقد تكون تلك الدوافع إما مالية‪ ،‬أو غير أخالقية جنسية‪ ،‬أو انتقامية‪ ،‬ومن ثم نتحدث عن تلك‬
‫الدوافع بشيء من التفصيل‪:1‬‬

‫‪ -1‬دوافع مالية‪:‬‬
‫يتحقق هذا النوع من البتزاز بقيام الجاني بتهديد المجني عليه من أجل تسليم نقود له أو‬
‫أشياء أخرى ذات طابع مادي؛ سواء بطريقه مباشرة‪ ،‬أم غير مباشرة‪ ،‬ويتحقق كسب المال‬
‫بالطريق المباشرة بطلب المبتز من المجني عليه تحويل مبالغ مالية بشكل مستمر له أو لغيره‪.‬‬
‫أما كسب المال بالطرق غير المباشرة فيتحقق عن طريق طلب المبتز من المجني عليه‬
‫تسديد مبالغ مالية اقترضها من أحد البنوك‪ ،‬أو قيامه بدفع أقساط السيارة المستحقة‪ ،‬أو تسديد‬
‫المبالغ المالية المستحقة على هاتفه النقال‪.‬‬

‫كما يتحقق كسب المال بالطرق غير المباشرة بابتزاز المجني عليه إذا كان يعمل لدى‬
‫إحدى الشركات كأن يطلب منه القيام بكشف أسرار الشركة التي يعمل لديها المجني عليه‪ ،‬أو‬
‫إعطاءه األرقام السرية لحسابات الشركة؛ كما يحصل البتزاز لبعض األشخاص عن طريق‬
‫إطالق الجاني للشائعات ونشرها عنهم في حالة عدم دفعهم المبالغ المالية التي يريدها‪ ،‬أو‬
‫الموافقة على طلباته بهدف تركهم و البتعاد وعدم التعرض لهم دون تشويه سمعتهم‪.‬‬

‫‪ -2‬دوافع غير أخالقية (جنسية)‪:‬‬


‫تمثل اآلداب العامة كل ما يتصل بسلوك اإلنسان الحسن وبحديثه وتراعي المبادئ‬
‫األخالقية التقليدية المتفق عليها بين عامة الناس وجوب اللتزام بها في الظاهر والعلن‪ ،‬فانتهاك‬
‫تلك المبادئ يحدث عن طريق ارتكاب أفعال فيها اعتداء عليها‪ ،‬أو التحدث بأقوال تنتهك فيها‬
‫تلك المبادئ؛ ويعتبر الدافع الجنسي السمة الغالبة في جرائم البتزاز باعتباره أكثر أنواع‬
‫البتزاز تحققا ا عن طريق قيام الجاني بتهديد المجني عليه بفضح أمره‪ ،‬أو إفشاء سر من‬
‫أسراره‪ ،‬أو اإلخبار عنه مستغالا ضعفه نتيجة لتهديداته‪.‬‬

‫‪ 1‬ممدوح رشيد مشرف الرشيد العنزي‪ ،‬الحماية الجنائية للمجني عليه من البتزاز‪ ،‬المجلة العربية للدراسات األمنية‪ ،‬المجلد ‪،33‬‬
‫العدد‪ ،70‬الرياض‪ ،2017 ،‬ص‪ 200‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وينقسم البتزاز الجنسي إلى قسمين‪ :‬القسم األول‪ :‬البتزاز الجنسي اإللكتروني‪ ،‬أما‬
‫القسم الثاني فالبتزاز الجنسي الواقعي‪ ،‬البتزاز الجنسي اإللكتروني يتحقق عن طريق وسائل‬
‫التصال البعيدة مثل‪ :‬برامج التصال المرئي ‪ skype‬مثالا‪ ،‬أو موقع الفيسبوك‪ ،‬أو المواقع‬
‫الخاصة التي تعرض طلبات الراغبين بالزواج‪ ،‬أو تلك التي تختص بالبحث عن الوظائف‪،‬‬
‫والمبتز في هذا النوع يعتبر مجرما ا خفيا ا يسعى للحصول على معلومات تخص الضحية‪.‬‬
‫أما القسم الثاني وهو ما يُسمى بالبتزاز الجنسي الواقعي فيقع هذا النوع من البتزاز‬
‫بقيام المبتز بالحصول على معلومات من الضحية بعد ارتباطه معه بعالقة كأن يقوم بالتقاط‬
‫صور تمس الضحية‪ ،‬وهي بصحبته‪ ،‬أو أن يحصل عى معلومات‪ ،‬أو وثائق سرية‪ ،‬أو مقاطع‬
‫صوتية‪ ،‬أو مرئية تخصه‪ ،‬أو ربما يصل األمر إلى حصول المبتز على أرقام ولي أمر الضحية‬
‫دون علمه‪ ،‬ومن ثم تهديده بفضح أمره إذا لم يستجب لرغباته‪ ،‬ومن ثم تهديد بها بهدف تحقيق‬
‫رغباته الجنسية‪ ،‬وقد يستخدم المبتز التهديد لنشر ما يمكنه أن يقوم بمباشرة تجاه أي شخص؛‬
‫ومما يدل على وقوع البتزاز الجنسي أن كثيرا ا من قضايا البتزاز التي يتم ضبطها يضبط معها‬
‫صور للضحية‪ ،‬أو مقاطع مرئية خادشة للحياء‪ ،‬بأن يقوم الجاني بتصوير ضحيته‪ ،‬ومن ثم‬
‫تهديده بها‪ ،‬ما يترتب عليه أن تصبح إرادة المجني عليه مسلوبة‪ ،‬ومن ثم النصياع لطلبات‬
‫الجاني دون أدنى مقاومة منها‪.‬‬
‫‪ -3‬دوافع انتقامية‪:‬‬
‫وهي قيام الجاني بتهديد المجني عليه بطرق غير ملموسة ويؤدي الجانب النفسي دوراا‬
‫في ذلك باعتبار أن المجني عليه يعيش صراعا ا داخليا ا نتيجة لتوقعه أن الجاني سيقوم بتنفيذ‬
‫تهديداته ضده في أي وقت يشاء‪ ،‬ما يدفعه إلى تلبية طلبات الجاني تجنبا ا لتنفيذ تهديداته‪ ،‬ويتحقق‬
‫الدافع النتقامي بتلذذ الجاني بأذية المجني عليه واستمتاعه بتوسالته لديه وبكائه‪ ،‬مما يزيد األمر‬
‫سوءا ا إلى أن يقوم الجاني بتصوير المجني عليه ويطلب منه ذكر اسمه أو أي بيانات تتعلق به‪،‬‬
‫كما قد يكون الدافع لدى الجاني هو النتقام من المجني عليه عن طريق إلحاق األذى به وإساءة‬
‫سمعته بنشر صوره إما عن طريق شبكة اإلنترنت‪ ،‬أو عن طريق الهواتف المحمولة المزودة‬
‫بكاميرا‪ ،‬أو عن طريق خدمة واتساب التي تعتبر من أحدث الطرق في وقتنا الحالي لسرعة‬
‫انتشارها‪ ،‬أو أن يقوم الجاني بابتزاز المجني عليه إذا كان أنثى‪ ،‬وذلك بمنعها من الزواج لهدف‬
‫اإلضرار بها أو النتقام منها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬وسائل االبتزاز اإللكتروني‪:‬‬
‫‪ -1‬إنشاء مواقع على الشبكة المعلوماتية‪:1‬‬
‫يلجأ الجاني المبتز أحيانا ا إلى إنشاء مواقع إلكترونية على الشبكة المعلوماتية بهدف‬
‫حصوله على أكبر قدر ممكن من المعلومات التي تخص المجني عليه‪ ،‬أمثال‪ :‬المواقع الخاصة‬
‫بالزواج‪ ،‬أو الخاصة بالبحث عن الوظائف؛ إذ يقوم الجاني بعمل ملف يحتوي على معلومات‬
‫تخص المجني عليه بدون علمه‪ ،‬أو دون الحصول على موافقته‪.‬‬

‫‪ 1‬فايز عبدهللا الشهري‪ ،‬دور مؤسسات المجتمع في مواجهة ظاهرة البتزاز وعالجه‪ -‬البتزاز اإللكتروني نموذجا ا‪ -‬ندوة البتزاز‬
‫المفهوم والواقع والعالج‪ ،‬جامعة الملك سعود‪ ،2011 ،‬ص ‪ .154‬مشار إليه لدى ممدوح رشيد مشرف الرشيد العنزي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.204‬‬

‫‪10‬‬
‫وقد يحدث أن يقوم الجاني بعمل مثل ذلك وبعلم المجني عليه بعد إيهامه بأن جميع‬
‫المعلومات المرسلة سيتم التعامل معها بكل سرية‪ ،‬ولكي تكون تلك المواقع أكثر مصداقية‪ ،‬فإن‬
‫األمر يتطلب أحيانا ا لالشراك بها واستخدامها من قبل المجني عليه تحويل مبالغ مالية‪ ،‬ومنها‬
‫المواقع التي تهتم بالبحث عن الوظائف للعاطلين عن العمل؛ إذ تتطلب تلك المواقع لالشتراك بها‬
‫التسجيل أولا‪ ،‬ومن ثم تعبئة البيانات الخاصة بالضحية كأرقام التواصل‪ ،‬أو السم الثالثي‪ ،‬أو‬
‫البريد اإللكتروني‪.‬‬
‫ومن الطرق أيضا ا التي يلجأ إليها الجناة بهدف ابتزاز ضحاياهم إنشاء مواقع للزواج‬
‫بهدف اصطياد الفتيات الراغبات في البحث عن الزواج ووضع شروط أو طلبات للموافقة على‬
‫الشتراك بمثل تلك المواقع‪ ،‬ومن تلك الشروط إرسال صورهن الشخصية عبر البريد‬
‫اإللكتروني‪ ،‬وبياناتهن‪ ،‬ووسائل التصال التي تخصهن‪ ،‬وبعد أن تقوم الضحية بتقديم ما يخصها‬
‫من معلومات كافية‪ ،‬تبدأ عملية البتزاز من قبل الجاني والضغط على الضحية؛ ما يترتب عليه‬
‫أن تعيش صراعا ا داخليا ا من ناحية الخوف من افتضاح أمرها‪ ،‬ومن ثم الرضوخ لمتطلبات‬
‫الجاني‪.‬‬
‫وأيضا ا من ضمن المواقع مواقع التواصل الجتماعي أو ما يسمى بالشبكات الجتماعية‬
‫التي ظهرت نتيجة للتطور الهائل في وسائل التصالت ونتيجة لالعتماد على التكنولوجيا‬
‫الحديثة في مجال اإلنترنت‪ ،‬والتي عن طريقها أصبحت لغة التخاطب بين الجنسين أسهل من‬
‫ذي قبل‪ ،‬نتيجة لستخدام البالك بيري وبرامج الماسنجر والفيس بوك ما أدى إلى تطور وسهولة‬
‫البتزاز نتيجة للعالقات التي تنشأ عبر هذه الشبكات‪ ،‬ويحدث ذلك بعد أن يكسب المجني عليه‬
‫ثقة المبتز والطمئنان له‪ ،‬ويقوم بإرسال صوره أو أن يقوم الجاني بعمل تسجيالت صوتية‬
‫والحتفاظ بها‪.‬‬
‫‪ -2‬غرف المحادثة‪:1‬‬
‫عندما تحدث لغة التخاطب عبر اإلنترنت فإن ما يحدث هو كتابة رسالة باستخدام لوحة‬
‫المفاتيح‪ ،‬حيث يمكن لآلخرين رؤية ما تكتب وبعدها تأتي ردودهم‪ ،‬ويمكن التخاطب مع فرد‪ ،‬أو‬
‫مجموعة‪ ،‬ولذلك بإمكان الشخص أن يختار موضوع التخاطب الذي يريده ونوعه الذي توفره‬
‫تقنيات اإلنترنت‪.‬‬
‫وتحصل جريمة البتزاز عن طريق غرف المحادثات مثل‪ :‬غرف البالتوك‪ ،‬ومواقع‬
‫الدردشات الصوتية‪ ،‬والكتابية‪ ،‬التي تعد من أشهر طرق البتزاز‪ ،‬ويكون ذلك بدخول بعض‬
‫األشخاص بأسماء فتيات مستعارة بهدف ابتزاز الطرف اآلخر وهم الشباب‪ ،‬أو الفتيات‪ ،‬ونظراا‬
‫لما تتمتع به مثل تلك الغرف من خصوصية تسمح لكال الطرفين من تبادل األحاديث بينهم‬
‫والتعارف‪ ،‬دون اطالع اآلخرين عليها‪ ،‬ما ينتج عن تلك األحاديث من كسب ثقة الطرفين‬
‫وتساهل الطرف اآلخر مع الجاني المبتز‪ ،‬حيث تعد فرصة له لتحقيق ما يهدف إليه من ناحية‬
‫حصوله على مطامعه المادية أو المعنوية‪.‬‬

‫‪ 1‬فايز عبدهللا الشهري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.153‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -3‬ابتزاز المجني عليه عن طريق البريد اإللكتروني‪:1‬‬
‫يُعرف البريد اإللكتروني بأنه عبارة عن وسيلة لتبادل الرسائل ما بين الطرفين‪،‬‬
‫ويستطيع الفرد من خالله إرسال واستقبال كل ما يُريده من رسائل‪ ،‬سواء أكانت كتابية‪ ،‬أم‬
‫صوتية‪ ،‬أم إرسال واستقبال الصور ويُعد البريد اإللكتروني األكثر استعما ال من قبل مستخدمي‬
‫شبكة اإلنترنت؛ إذ يسمح بتبادل الرسائل وتوجيهها إلى أكبر عدد ممكن من مستخدمي البريد‬
‫اإللكتروني‪ ،‬وتتحقق جريمة البتزاز عن طريقه بدخول الجاني إلى بريد المجني عليه‬
‫اإللكتروني وقراءة ما يحتويه من رسائل مرسلة دون علمه‪ ،‬أو رضاه‪ ،‬أو الطالع على الصور‬
‫الخاصة به‪ ،‬وهذه الحالة تحدث كثيرا ا عن طريق سرقة الرمز السري الخاص بالبريد‬
‫اإللكتروني والطالع على محتواه من رسائل‪ ،‬وصور تخص المجني عليه‪ ،‬وبعد أن يحصل‬
‫الجاني على تلك المعلومات والبيانات يقوم بإرسال رسالة عبر بريده اإللكتروني متضمنة تلك‬
‫الرسالة تهديدا ا للمجني عليه إما بنشر ما يخصه من صور‪ ،‬أو رسائل تهدف إلى تحقيق ما يسعى‬
‫إليه كأن يهدده بارتكاب جريمة ضد نفسه‪ ،‬أو ماله‪ ،‬أو ضد نفس‪ ،‬أو مال غيره‪ ،‬أو تهديده بإفشاء‬
‫أمور تمس شرفه‪ ،‬وسمعته‪ ،‬سواء أكان ذلك مصحوباا بطلب‪ ،‬أو بتكليف بأمر‪ ،‬أو المتناع عن‬
‫فعل‪.‬‬
‫‪ -4‬استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا‪:‬‬
‫تتمثل سلبية الهواتف النقالة في سوء استخدامها‪ ،‬والتعامل معها كوسيلة من وسائل‬
‫التصال‪ ،‬كما ساعدت تلك الهواتف بطريقة مباشرة‪ ،‬أو غير مباشرة في ازدياد جريمة البتزاز‪،‬‬
‫ويتحقق ذلك عن طريق استخدامه الستخدام غير المشروع من ناحية المساس بالحياة الخاصة‬
‫لألفراد بالتقاط الصور لهم عبر كاميرا الهاتف النقال‪ ،‬أو عبر تقنية الفيديو الملحق به أو نشر‬
‫أخبار‪ ،‬أو تسجيالت صوتية‪ ،‬أو مرئية ليبدأ الجاني بعد ذلك بتهديد المجني عليه بنشر تلك‬
‫الصور أو التسجيالت الصوتية إذا لم يرضخ لمطالبه‪.‬‬
‫‪ -5‬استخدام الفوتوشوب‪:2‬‬
‫تتحقق تلك الوسيلة بقيام الجاني بعمل مونتاج للصورة الخاصة بالمجني عليه عن طريق‬
‫إدخال تعديالت عليها لكي تكون متطابقة مع ما يريده الجاني بهدف الوصول إلى مبتغاه ويحدث‬
‫البتزاز عن طريق قيام الجاني بتركيب صورة للمجن عليه على صورة أخرى مخالفة للواقع‬
‫كأن يقوم بتركيب صورة لرجل وامرأة لكي يهدد حياتها األسرية ويبتز صاحب الصورة‪ ،‬األمر‬
‫الذي أصبح سه ا‬
‫ال مع تطور األجهزة الحديثة في وقتنا الحالي؛ ما يؤدي في األخير إلى اإلضرار‬
‫بسمعة المجني علي وابتزازه لكي يقوم بفعل معين أو المتناع عن فعل معين‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد عبيد الكعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .110‬مشار إليه لدى ممدوح رشيد مشرف الرشيد العنزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.205‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬عبد الفتاح بيو مي حجازي‪ ،‬الجريمة في عصر العولمة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،2007 ،‬ص ‪.154‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫أركان جريمة االبتزاز اإللكتروني‬

‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬
‫ل يهم القانون أن تكون الواقعة التي يهدد الجاني المجني عليه بإسنادها إليه صحيحة أو‬
‫غير صحيحة‪ ،‬ول يهمه أيضا ا أن يكون من ستناله الواقعة هو المجني عليه بالذات‪ ،‬فقد يكون‬
‫شخصا ا آخر يهم المجني عليه كزوجته أو إبنته أو أحد أقاربه‪ ،‬والعبرة فيما يهتم له القانون من‬
‫حيث المحل المادي لجريمة البتزاز اإللكتروني أن يكون من شأن الواقعة المساس بشرف‬
‫المجني عليه أو الحط من مكانته أو المشرف أو مكانة أحد اقربائه‪.1‬‬

‫يتمثل القصد الخاص لجريمة البتزاز اإللكتروني وفق الغالب من الفقه إلى جلب‬
‫المنفعة غير المشروعة للجاني أو لغيره‪ ،‬بحيث ل يقوم القصد ول يتكون الركن المعنوي‬
‫للجريمة إذا انتفى غرض الجاني من الحصول على المنفعة غير المشروعة‪ ،‬ووفق هذا الرأي ل‬
‫تقع جريمة البتزاز حين تكون المنفعة التي يقصدها الجاني مشروعة‪ ،‬كأن يهدف مث ا‬
‫ال إلى‬
‫مجرد اإلزعاج‪ ،‬أو يهدده ليدفعه إلى فعل يخدم المجني عليه نفسه‪ ،‬كتهديده بفضح أمر إذا لم‬
‫يتوقف عن تعاطي المخدرات مثالا‪ ،‬وفي هذه الحالت فإن القصد الذي يستهدف منفعة مشروعة‬
‫ل تقوم به الجريمة‪.2‬‬

‫مما سبق سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الركن المادي لجريمة االبتزاز اإللكتروني‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬الركن المعنوي لجريمة االبتزاز اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬ط‪ ،8‬منشورات دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1984 ،‬ص‪ .197‬مشار‬
‫إليه لدى‪ :‬مصطفى خالد الرواشدة‪ ،‬جريمة البتزاز اإللكتروني في القانون األدرني‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬عمادة الدراسات العليا‪ ،‬جامعة‬
‫آل البيت‪ ،‬األردن‪ ،2019 ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.206‬‬

‫‪13‬‬
‫المطلب األول‬
‫الركن المادي لجريمة االبتزاز اإللكتروني‬

‫إن الركن المادي ألي جريمة يتكون من (المحل‪ ،‬والفعل)‪ ،‬وأما عن مجال جريمة‬
‫البتزاز فهو‪" :‬أمر أو واقعة يكون من شأن إسنادها إلى المجني عليه الحط من قدره أو قدر‬
‫غيره أو المساس بشرفه أو شرف غيره‪."1‬‬

‫ول يهم القانون أن تكون الواقعة التي يهدد الجاني المجني عليه بإسنادها إليه صحيحة‬
‫أو غير صحيحة‪ ،‬ول يهمه أيضا ا أن يكون من ستناله الواقعة هو المجني عليه بالذات‪ ،‬فقد يكون‬
‫شخصا ا آخر يهم المجني عليه كزوجته أو إبنته أو أحد أقاربه‪ ،‬والعبرة فيما يهتم له القانون من‬
‫حيث المحل المادي لجريمة البتزاز اإللكتروني أن يكون من شأن الواقعة المساس بشرف‬
‫المجني عليه أو الحط من مكانته أو المشرف أو مكانة أحد اقربائه‪.2‬‬

‫أما من حيث السلوك الجرمي (الفعل) لجريمة البتزاز اإللكتروني‪ ،‬فإن الفعل الرئيسي‬
‫في الجريمة هو التهديد بفضح أمر‪ ،‬وهو في جوهره وعيد بإيقاع شر يهدف الضغط على إرادة‬
‫المجني عليه‪ ،‬ليحقق من خالله الجاني الهدف من هذا التهديد‪ ،3‬وأهم ضابط لهذا السلوك هو‬
‫درجة المساس بالمكانة الجتماعية للمجني عليه أو المساس بالشرف‪ ،‬أو المساس بالذمة المالية‪.‬‬

‫التهديد كسلوك مادي في هذه الجريمة ليس تهديد باستعمال القوة‪ ،‬ويكفيه اإلكراه‬
‫المعنوي للتأثير في حرية اختيار المجني عليه‪ ،‬بحيث يحمله على تنفيذ مطلب الجاني‪ ،‬فالتهديد‬
‫من شانه الترويع والحد من الحرية‪ ،‬وفعاليته في خوف المجني عليه من فضح أمر يحرص على‬
‫إخفائه‪ ،‬بحيث ي َّ‬
‫ُطال قدره أو شرفه أو يجب احتقار الناس له‪.‬‬

‫ول تقع جريمة البتزاز دون التهديد‪ ،‬وبالتالي ليس ث َ َّمة ُجرم ابتزاز في أي طلب يطلبه‬
‫شخص ويستجيب إليه المجني عليه بإرادة حرة واختيار صحيح‪ ،‬ألن العبرة في فعل التهديد‬
‫ذاته‪ ،‬وأثر هذا الفعل على المجني عليه‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬كامل حامد السعيد‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ -‬الجرائم الواقعة على األموال‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،2014 ،‬‬
‫ص‪.169‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬ط‪ ،8‬منشورات دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1984 ،‬ص‪ .197‬مشار‬
‫إليه لدى‪ :‬مصطفى خالد الرواشدة‪ ،‬جريمة البتزاز اإللكتروني في القانون األدرني‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬عمادة الدراسات العليا‪ ،‬جامعة‬
‫آل البيت‪ ،‬األردن‪ ،2019 ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ 3‬د‪ .‬حسن صادق المرصفاو ي‪ ،‬قانون العقوبات الخاص‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1991 ،‬ص‪.940‬‬

‫‪14‬‬
‫وإذا كان التهديد هو السلوك المادي ل ُجرم البتزاز‪ ،‬وإذا كان المشرع لم يحدد وسيلة‬
‫معينة لمباشرة الجاني هذا السلوك‪ ،‬بحيث يقع شفاهةا أو كتابةا‪ ،‬فإنها في النطاق اإللكتروني تقع‬
‫باستخدام وسيلة من الوسائل أو التطبيقات اإللكترونية‪ ،‬والتي غالبا ا ما تكون بالتهديد النصي عبر‬
‫الرسائل أو المحادثات‪ ،‬ول يمنع أن تقع عبر التسجيل الصوتي أو المرئي باستخدام تطبيقات‬
‫الملفات الصوتية والمرئية المختلفة‪.‬‬

‫كما يقع السلوك المادي لجريمة البتزاز اإللكتروني مباشرة ا من الجاني ضد المجني‬
‫عليه‪ ،‬فإن وقع بواسطة طرف ثالث وبصورة غير مبا شرة‪ ،‬كأن يبلغ الجاني التهديد الذي يريده‬
‫إلى المجني عليه عبر شخص قريب من األخير أو على عالقة بالطرفين‪ ،‬فإن العبرة ليست‬
‫بتأثير الشخص على اآلخر وإنما بمادة التهديد التي تصل إلى المجني عليه‪.‬‬
‫وهذا ما جاء عليه النص في قانون العقوبات‪" :‬كل من حصل بالتهديد على إعطائه مبلغا ا‬
‫من النقود أو أي شيء آخر يعاقب بالحبس‪ ،‬ويعاقب الشروع فى ذلك بالحبس مدة ل تتجاوز‬
‫سنتين‪."1‬‬

‫وأيضاا‪" :‬كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها‬
‫بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف وكان التهدي‬
‫مصحوبا ا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن‪ ،‬ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا ا‬
‫بطلب أو بتكليف بأمر‪ ،‬وكل من هدد غيره شفهيا ا بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب‬
‫بالحبس مدة ل تزيد على سنتين أو بغرامة ل تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد‬
‫مصحوبا ا بتكليف بأمر أم ل‪ ،‬وكل تهديد سوا اء أكان بالكتابة أم شفهيا ا بواسطة شخص آخر‬
‫بارتكاب جريمة ل تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة ل تزيد على ستة أشهر أو‬
‫بغرامة ل تزيد على مائتي جنيه‪."2‬‬

‫‪ 1‬قانون العقوبات المصري‪ ،‬رقم ‪ ،58‬لسنة ‪ ،1937‬مادة ‪.326‬‬


‫‪ 2‬قانون العقوبات المصري‪ ،‬مادة ‪.327‬‬

‫‪15‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫الركن المعنوي لجريمة االبتزاز اإللكتروني‬

‫جريمة البتزاز اإللكتروني جريمة قصدية‪ ،‬إذ ل يتصور حصولها أبدا ا بغير قصد‬
‫جرمي‪ ،‬كحصولها بالخطأ أو بأي صورة من صوره‪ ،‬لكن هل تستلزم هذه الجريمة (قصد‬
‫خاص) أم يكفي لوقوعها توافر القصد العام بعنصريه (العلم‪ ،‬واإلرادة)‪.‬‬

‫إن هذه الجريمة القصدية ل يكفي لقيامها وتوافر ركنها المعنوي توافر القصد العام من‬
‫علم الجاني بشأن الواقعة محل التهديد واتجاه إرادته إلى إحداث التأثير الالزم لتحقيق النتيجة‬
‫التي يرجوها‪ ،‬بل تحتاج هذه الجريمة قصداا خاصا ا معاصرا ا لفعل التهديد‪ ،‬إذا انتفى تنتفي معه‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫ويتمثل القصد الخاص لجريمة البتزاز اإللكتروني وفق الغالب من الفقه إلى جلب‬
‫المنفعة غير المشروعة للجاني أو لغيره‪ ،‬بحيث ل يقوم القصد ول يتكون الركن المعنوي‬
‫للجريمة إذا انتفى غرض الجاني من الحصول على المنفعة غير المشروعة‪ ،‬ووفق هذا الرأي ل‬
‫تقع جريمة البتزاز حين تكون المنفعة التي يقصدها الجاني مشروعة‪ ،‬كأن يهدف مث ا‬
‫ال إلى‬
‫مجرد اإلزعاج‪ ،‬أو يهدده ليدفعه إلى فعل يخدم المجني عليه نفسه‪ ،‬كتهديده بفضح أمر إذا لم‬
‫يتوقف عن تعاطي المخدرات مثالا‪ ،‬وفي هذه الحالت فإن القصد الذي يستهدف منفعة مشروعة‬
‫ل تقوم به الجريمة‪.1‬‬

‫لكن بعض الفقه ل يعتبر جلب المنفعة غير المشروعة من قبيل القصد الخاص ألنه‬
‫يراها الدافع إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬ويضرب الفقه أمثلة على الحالت التي ينتفي فيها قيام‬
‫الجريمة رغم التهديد‪ ،‬مثل‪..." :‬ل يتوافر القصد‪ ،‬إن قصد الفاعل مجرد إزعاج‪ ،‬أو إن تهديده‬
‫استهدف الحصول على منفعة مشروعة له أو لغيره‪ ،‬فمن يهدد شخصا ا باإلبالغ عن جريمة‬
‫ارتكبها ضده فعالا ما لم يعوضه عن الضرر الذي أصابه منها ينتفي لديه قصد البتزاز‪ ،‬ألنه‬
‫يبغى الحصول على حقه أو على ما يعتقد أنه من حقه‪ ،‬وكذلك الحكم فيما لو كان غرض التهديد‬
‫هو حمله على وفاء دينه تجاهه‪ ،‬ومن باب أولى ينتفي القصد إذا حصل التهديد دون غاية‬
‫الحصول على المال وإنما المشاحنة بدفع المال‪ ،‬ول مجال لقيام هذه الجريمة بحق الزوج الذي‬
‫يكتشف أن زوجته تخونه فيطالبها بالتعويض عن ذلك مقابل سكوته‪ ،‬ولكن الحكم يختلف فيما لو‬
‫أن الزوج كان مفتريا ا وكاذبا ا‪.2‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.206‬‬


‫‪ 2‬د‪ .‬كامل حامد السعيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.183‬‬

‫‪16‬‬
‫وفي نطاق جريمة البتزاز اإللكتروني‪ ،‬فإن القصد الخاص يبدو أكثر وضوحا ا ويتميز‬
‫جرم‪ ،‬إذ في جريمة البتزاز اإللكتروني بالصور المتقدمة يظهر القصد‬ ‫عن الباعث غير ال ُم َّ‬
‫الخاص جليا ا وتتوافر بشأنه األدلة وبالحد األدنى القرائن‪ ،‬حين يوجه الفاعل علمه العميق بشئون‬
‫التكنولوجيا إلى استغالل تطبيق ُوج َّد في األساس للمنفعة العامة ولدعم توظيف التكنولوجيا في‬
‫المجتمع‪ ،‬فنجده بدلا من ذلك يوجه جهده ليطول شرف ومكانة واعتبار الشخص المستهدف بفعل‬
‫البتزاز‪ ،‬مع إداركه بأنه إن فعل ذلك سيكون الشخص المستهدف عُرضَّه للمساس بمكانته‬
‫واعتباره وسط أكبر قطاع من البشر‪ ،‬بالنظر لما تتميز به تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها من‬
‫انتشار واسع‪ ،‬وتتيح أوسع اطالع على األخبار والمواد المنشورة على تطبيقاتها المختلفة‪ ،‬في‬
‫هذه البيئة وعبر هذا السلوك يكون قصد الجاني الخاص بتحقيق المنفعة متاحا ا أكثر لما يحدثه‬
‫تهديده من أثر عميق وهلع شديد في نفس المجني عليه‪.‬‬

‫ومن زاوية أخري‪ ،‬فإن استمرار الجاني في ابتزاز المجني عليه متيسر أكثر في‬
‫الوسائل اإللكترونية‪ ،‬لقدرته على الحتفاظ بنسخ متعددة وبأشكال مختلفة من المادة موضوع‬
‫البتزاز‪ ،‬وهذا سيتيح له مزيدا ا من الكسب من خالل التهديد‪ ،‬أي أن القصد بتحقيق المنفعة غير‬
‫المشروعة يتنامى ويتعزز مع توافر فرص تكرار فعل البتزاز المرة تلو األخرى‪.1‬‬

‫‪ 1‬مصطفى خالد الرواشدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31-30‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫سلطة القاضي الجنائي والعقوبات المقررة للجريمة‬

‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬
‫حرية القاضي الجنائي في اإلثبات لها وجهان‪ ،‬األول منهما هو أن القاضي الجنائي أن‬
‫يستمد قناعته من أي دليل مطروح في الدعوى يطمئن إليه دون قيد في تكوينها بدليل معين‪ ،‬فله‬
‫أن يستمدها بكافة طرق اإلثبات‪ ،‬والثاني هو أن القاضي من يقدر قيمة الدليل الجنائي حسب‬
‫اقتناعه‪ ،‬دون أن يكون ملزما ا بإصدار حكم اإلدانة أو البراءة لتوافر دليل أو ادلة محددة‪ ،‬فله أن‬
‫ي أخذ بأي دليل يطمأن إليه وجدانه دون الدليل الذي ل يطمئن إليه‪ ،‬فالقاضي يملك حرية واسعة‬
‫في تقييم عناصر اإلثبات ووزن األدلة وتقديرها وفق هذا المبدأ‪ ،‬وبالطريقة التي يرى أنها تكون‬
‫عقيدته في الدعوى‪ ،‬وفق ما يمليه عليه ضميره ووجدانه وما يتوصل إليه من رأي‪.1‬‬
‫ويتمتع القاضي الجنائي بسلطة واسعة في تقدير األدلة لتشمل الدليل اإللكتروني‪ ،‬حيث‬
‫منحه المشرع هذه الحرية في قبول األدلة وفق مبدأ اإلثبات الحر‪ ،‬وتقدير هذه الدلة وفق حرية‬
‫القتناع القضائي‪ ،‬فله البحث عن الحقيقة‪ ،‬والوصول إليها بمختلف الوسائل‪ ،‬وله اإلثبات‬
‫بمختلف األدلة‪ ،‬وله تحديد قيمة كل دليل باقتناعه التام‪ ،‬دون إلزام في ذلك‪ ،‬فال يلزم القاضي‬
‫بتحديد أدلة معينة‪ ،‬أو سائل محددة للوصول إلى الحقيقة‪ ،‬وعليه سنتناول الضوابط التي أسس‬
‫عليها القاضي الجنائي مصدر اقتناعه‬
‫ونجد أن المشرع المصري فرق بين البتزاز بالوسائل المكتوبة‪ ،‬والبتزاز بالوسائل‬
‫الشفهية‪ ،‬ولم يعاقب على التهديد الشفهي إل إذا تم من خالل وسيط‪ ،‬كما أنه ساوي في العقوبة‬
‫بين التهديد المقترن بطلب‪ ،‬أو تكليف بأمر‪ ،‬وبين التهديد ال ُمجرد‪ ،‬وهو أمر محل نظر‪ ،‬حيث من‬
‫المالئم التفرقة في العقاب بينهما‪ ،‬وهذا أمر محل نظر بالنسبة لجميع التشريعات المذكورة‪ ،‬حيث‬
‫ساوت بين التهديد المجرد والبتزاز‪ ،‬وإن كانت فرقت في العقاب حسب مضمون البتزاز‪.‬‬

‫مما سبق سوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين على النحو التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬سلطة القاضي الجنائي في قبول الدليل‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العقوبات المقررة للجاني في جريمة االبتزاز اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ،7‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2002 ،‬ص‪ .104‬مشار إليه لدي‪ :‬محمد بن‬
‫ناصر بن علي الرقيشي‪ ،‬اإلثبات الجنائي في الجريمة اإللكترونية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة السلطان قابوس‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪ ،2018‬ص‪.210‬‬

‫‪18‬‬
‫المبحث األول‬
‫سلطة القاضي الجنائي في قبول الدليل‬

‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬
‫تراعي الدعوى الجنائية بشكل عام مصلحتان مختلفتان أقرب منها للتعارض‪ ،‬فهناك‬
‫المصلحة العامة وهي مصلحة المجتمع في مكافحة الجريمة وحفظ أمنه واستقراره من أي‬
‫مساس بها أو تهديد‪ ،‬وهناك مصلحة أخرى شخصية هي مصلحة المتهم من المساس بحريته‬
‫الشخصية أو العتداء على حرمة حياته الخاصة أو اإلخالل بحقوق الدفاع له‪ ،‬على خالف‬
‫القانون المدني والذي يراعي غالبا ا المصالح الخاصة لألفراد من العتداء عليها أو التعويض عن‬
‫ذلك العتداء عند حدوثه‪ ،‬لذا يكون الدور الذي وضع على عاتق القاضي الجنائي في كشف‬
‫الحقيقة أكثر أهمية وهو ما يوصف دور إيجابي ومن مظاهره مبدأ القتناع القضائي‪.‬‬
‫مما سبق سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مبدأ االقتناع الشخصي للقاضي الجنائي‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬أساس قبول الدليل اإللكتروني في اإلثبات الجنائي‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المطلب األول‬
‫مبدأ االقتناع الشخص للقاضي الجنائي‬

‫يعد مبدأ القتناع القضائي من السمات المميزة للنظم اإلجرائية الحديثة والتي تأخذ بمبدأ‬
‫حرية اإلثبات للقاضي الجنائي‪ ،‬فهو يقوم على استبعاد تدخل القانون في تقدير القيمة الثبوتية‬
‫لألدلة ويترك المجال لحرية القاضي وفق اقتناعه الشخصي‪ ،‬فهو ل يتقيد بأي شرط أو قيد‬
‫يفرض عليه في الدعوى‪ ،‬وإنما يعمل ضميره الوجداني بعيدا ا عن األهواء واألغراض الشخصية‬
‫في تكوين اقتناعه‪ ،‬فهو غير ملزم بالحكم باإلدانة إذا ما استنتج أنها تكفي وفق اقتناعة كدليل‬
‫إدانة‪ ،‬ولو كان دليالا واحدا ا منها وأدى به إلى عدم اقتناعه بالبراءة‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬ماهية مبدأ االقتناع الشخصي للقاضي الجنائي‪:‬‬


‫حرية القاضي الجنائي في اإلثبات لها وجهان‪ ،‬األول منهما هو أن القاضي الجنائي أن‬
‫يستمد قناعته من أي دليل مطروح في الدعوى يطمئن إليه دون قيد في تكوينها بدليل معين‪ ،‬فله‬
‫أن يستمدها بكافة طرق اإلثبات‪ ،‬والثاني هو أن القاضي من يقدر قيمة الدليل الجنائي حسب‬
‫اقتناعه‪ ،‬دون أن يكون ملزما ا بإصدار حكم اإلدانة أو البراءة لتوافر دليل أو ادلة محددة‪ ،‬فله أن‬
‫يأخذ بأي دليل يطمأن إليه وجدانه دون الدليل الذي ل يطمئن إليه‪ ،‬فالقاضي يملك حرية واسعة‬
‫في تقييم عناصر اإلثبات ووزن األدلة وتقديرها وفق هذا المبدأ‪ ،‬وبالطريقة التي يرى أنها تكون‬
‫عقيدته في الدعوى‪ ،‬وفق ما يمليه عليه ضميره ووجدانه وما يتوصل إليه من رأي‪.1‬‬

‫وقد عبرت محكمة النقض المصرية في جلستها في ‪ 10‬يونيو ‪ ،1939‬عن هذا المبدأ‬
‫بقولها‪" :‬إن القانون قد أمد القاضي في المسائل الجنائية بسلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل‬
‫نقض ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها‪ ،‬والوقوف على حقيقة عالقة المتهمين ومقدار اتصالهم بها‪،‬‬
‫ففتح له باب اإلثبات على مصراعيه يختار من كل طرقه ما يراه موصالا إلى الكشف عن‬
‫الحقيقة‪ ،‬ويزن قوة اإلثبات المستمد من كل عنصر بمحض وجدانه‪ ،‬فيأخذ بما تطمئن إليع‬
‫عقيد ته‪ ،‬ويطرح ما ل يرتاح له‪ ،‬غير ملزم بأن يسترشد في قضائه بقرائن معينة‪ ،‬بل له مطلق‬
‫الحرية في تقدير ما يعرض عليه منها ووزن قوته التدليلية في كل حالة حسبما يستفاد من وقائع‬
‫كل دعوى وظروفها‪ ،‬بغيته الحقيقية ينشدها إن وجدها‪ ،‬ومن أي سبيل يجده مؤديا ا إليها‪ ،‬ول‬
‫رقيب عليه في ذلك غير ضميره وحده‪ ،‬هذا هو األصل الذي أقام عليه القانون الجنائي قواعد‬
‫اإلثبات لتكون موائمة لما تستلزمه طبيعة األفعال الجنائية وتقتضيه مصلحة الجماعة من وجوب‬
‫معاقبة كل جان وتبرئة كل برئ‪."2‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .104‬مشار إليه لدي محمد بن ناصر بن علي الرقيشي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم العام‪ ،‬ط‪ ،5‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1982 ،‬ص‪.775‬‬

‫‪20‬‬
‫ثانياً‪ :‬تقييم مبدأ االقتناع الشخصي للقاضي الجنائي‪:‬‬
‫تراعي الدعوى الجنائية بشكل عام مصلحتان مختلفتان أقرب منها للتعارض‪ ،‬فهناك‬
‫المصلحة العامة وهي مصلحة المجتمع في مكافحة الجريمة وحفظ أمنه واستقراره من أي‬
‫مساس بها أو تهديد‪ ،‬وهناك مصلحة أخرى شخصية هي مصلحة المتهم من المساس بحريته‬
‫الشخصية أو العتداء على حرمة حياته الخاصة أو اإلخالل بحقوق الدفاع له‪ ،‬على خالف‬
‫القانون المدني والذي يراعي غالبا ا المصالح الخاصة لألفراد من العتداء عليها أو التعويض عن‬
‫ذلك العتداء عند حدوثه‪ ،‬لذا يكون الدور الذي وضع على عاتق القاضي الجنائي في كشف‬
‫الحقيقة أكثر أهمية وهو ما يوصف دور إيجابي ومن مظاهره مبدأ القتناع القضائي‪.‬‬

‫‪ -1‬مبررات مبدأ االقتناع القضائي‪:‬‬


‫يسعى القاضي الجنائي من خالل تطبيق مبدأ القتناع القضائي إلى الوصول إلى الحقيقة‬
‫دائماا‪ ،‬والحقيقة هي كما حدثت في الواقع وليس كما يدعيها ويصفها الخصوم‪ ،‬لذا فإن عبء‬
‫اإلثبات ل يكون على عاتق المجني عليه أو سلطة التحقيق أو المتهم لوحدهم‪ ،‬بل يشمل ذلك‬
‫القاضي الجنائي في الدعوى الجنائية هي محل نشاطه وعمله‪ ،‬ويكون عليه إثبات الجريمة أو‬
‫الخطورة اإلجرامية التي قام بها المتهم بمختلف الوسائل للوصول إلى الحكم المناسب لذلك‬
‫الفعل‪ ،‬سواء بالعقوبة الجنائية أو التدبير الحترازي المالئم‪ ،‬لذلك لبد من تخويل القاضي‬
‫الحرية الكاملة لتقدير األدلة المعروضة عليه في الدعوى‪ ،‬ويأخذ منها ما يراه مناسبا ا وفق‬
‫اقتناعه بها وما يطمئن لصحته منها‪ ،‬ويترك ما لم يقتنع به‪ ،‬إلثبات إدانة المتهم أو إثبات براءته‬
‫من التهمة المنسوبة إليه في الدعوى‪.1‬‬
‫إن تطور الوسائل العلمية الحديثة المستخدمة في اإلثبات الجنائي‪ ،‬كالتطور التكنولوجي‬
‫والتقني‪ ،‬يساعد سلطات التحري والتحقيق في استخدامها إلثبات الجرائم المختلفة‪ ،‬إل أن هذه‬
‫الوسائل الحديثة وما قد يؤدي من استعمالها إلى نتائج سلبية أو أضرار كبيرة دون ضوابط أو‬
‫ت قدير لدورها في عملية اإلثبات الجنائي‪ ،‬وما قد ينتج عنها من العتداء على حريات األشخاص‬
‫أو اعتداء على حرمة الحياة الخاصة بهم‪.‬‬
‫وعليه فالبد من إخضاعها لتقدير القاضي واقتناعه بتلك الوسائل تجنبا ا لتلك السلبيات‬
‫التي قد تحدث‪ ،‬وهو ل يكون إل من خالل مبدأ القتناع القضائي‪ ،‬فمهما تقدمت وسائل جمع‬
‫األدلة بالطرق الحديثة‪ ،‬إل أنها تحتاج إلى قاض يتمتع بسلطة تقديرية واسعة‪ ،‬لتشمل تنقية هذه‬
‫األدلة من األخطاء والوصول إلى الحقيقة الواقعية‪ ،‬فتقدير األدلة مسألة تتعلق بجوهر العدالة‪،‬‬
‫وإن قامت على قواعد العقل والمنطق‪ ،‬فهي في أساسها تعتمد على الحس اإلنساني الذي ل يوجد‬
‫في اآللت مهما كانت دقتها وتطورها‪.2‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.778‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬فاضل زيدان محمد‪ ،‬سلطة القاضي الجنائي في تقدير األدلة‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪ ،1999‬ص‪ .155 -154‬مشار إليه لدى‪ :‬محمد بن ناصر بن على الرقيشي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -2‬االنتقادات الموجهة لمبدأ االقتناع القضائي‪:‬‬
‫وجه لمبدأ القتناع القضائي انتقاد أنه يهدر من دقة القواعد القانونية الخاصة بعبء‬
‫اإلثبات في المواد الجنائية حول أصل البراءة‪ ،‬فحرية القاضي في تكوين عقيدته فيما يقدم إليه‬
‫من أدلة في الدعوى الجنائية تستوي أن يستمدها من أدلة التهام أو أدلة الدفاع‪ ،‬وهذا األمر‬
‫يعارض قاعدة أن الشك يُفسر لمصلحة المتهم‪ ،‬فالقاضي وفق حرية اقتناعه التي يتمتع بها‬
‫يستطيع أن يعلن أن الشك يفسر ضد المتهم‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك؛ فإن هذا المبدأ وإن كان قصد به تحقيق مصلحة المتهم‪ ،‬إل أنه يخل‬
‫بحقوق الدفاع‪ ،‬بما يسمح للقاضي من أن يستند على اعتراف تم العدول عنه من قبَّل المتهم‪ ،‬كما‬
‫أنه يعيق حرية الدفاع لديه‪ ،‬حيث يجعل المتهم في حيرة من أمره تجاه انطباع القاضي حول ما‬
‫يبديه من أقوال‪ ،‬وما يقدمه من أدلة دفاعا ا عن نفسه‪ ،‬وما يوجه إليه من اتهام وأدلة‪ ،‬فهو ل يدرك‬
‫ما قد يؤديه الدليل أو األقوال الذي يقدمه على نفسية القاضي‪ ،‬والنطباع الذي يأخذه القاضي‬
‫عنه حول السلوك الذي يستخدمه لتقديم ذلك الدليل أو األقوال‪.1‬‬
‫وحيث أن مبدأ اقتناع القاضي يمنح القاضي إمكانية اللجوء إلى وسائل لإلثبات لم ينص‬
‫عليها القانون‪ ،‬ول يتوافر فيها ضمانات ألطراف الدعوى الجنائية‪ ،‬وعليه يرى هذا الجانب من‬
‫الفقه األخذ بمبدأ حصر وسائل اإلثبات من قبل المشرع بنصوص القوانين لتفادي استعانة‬
‫القاضي بوسائل إثبات جديدة لم ينص عليها المشرع‪ ،‬والتي قد تتنافى مع األخالق والقواعد‬
‫القانونية‪ ،‬وحقوق وضمانات األفراد الشخصية‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬فاضل زيدان محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪22‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫أساس قبول الدليل اإللكتروني في اإلثبات الجنائي‬

‫أوالً‪ :‬الضوابط التي أسس عليها القاضي الجنائي مصدر اقتناعه‪:‬‬


‫يتمتع القاضي الجنائي بسلطة واسعة في تقدير األدلة لتشمل الدليل اإللكتروني‪ ،‬حيث‬
‫منحه المشرع هذه الحرية في قبول األدلة وفق مبدأ اإلثبات الحر‪ ،‬وتقدير هذه الدلة وفق حرية‬
‫القتناع القضائي‪ ،‬فله البحث عن الحقيقة‪ ،‬والوصول إليها بمختلف الوسائل‪ ،‬وله اإلثبات‬
‫بمختلف األدلة‪ ،‬وله تحديد قيمة كل دليل باقتنا عه التام‪ ،‬دون إلزام في ذلك‪ ،‬فال يلزم القاضي‬
‫بتحديد أدلة معينة‪ ،‬أو سائل محددة للوصول إلى الحقيقة‪ ،‬وعليه سنتناول الضوابط التي أسس‬
‫عليها القاضي الجنائي مصدر اقتناعه كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬قبول الدليل اإللكتروني‪:‬‬


‫شرط مشروعية الدليل الجنائي عموما ا هو ضمانة هامة لألفراد بشكل خاص‪ ،‬وتحقيقا ا‬
‫للعدالة بشكل عام‪ ،‬فهو يُح ّمل القائمين على إجراءات جمع األدلة أن يقوموا بعملهم وفق صحيح‬
‫القانون‪ ،‬وطبقا ا لمبدأ النزاهة وتحمل المسئولية‪ ،‬فالوصول إلى الحقيقة هو الهدف األسمى من‬
‫الدعوى الجنائية المبنية على أدلة صحيحة ومشروعة ل غبار عليها‪.‬‬
‫وتقد ير الدليل اإللكتروني من القاضي الجنائي وفق حرية اقتناعه بعد أن يكون هذا‬
‫الدليل مقبولا في اإلثبات في الدعوى‪ ،‬فإن كان الدليل اإللكتروني ل يمكن قبوله في اإلثبات‬
‫كتحديد القانون أل دلة معينة يمكن قبولها كما في نظام األدلة القانونية أو تم الحصول عليه‬
‫بطريقة غير مشروعة‪ ،‬مما يجعل من الدليل اإللكتروني غير مقبول ول يعتد بقيمته في اإلثبات‪،‬‬
‫وغير قابل للتقدير من القاضي‪ ،‬فال يمكنه الستناد إلى مبدأ القتناع القضائي لتقدير الدليل‪ ،‬فهو‬
‫يقع في عيب مخالفة القانون وتطبيقه‪ ،‬حيث أن الدليل غير مقبول أصالا في اإلثبات‪.‬‬
‫فالدليل يكون مشروعاا‪ ،‬ومن ث َ َّم مقبولا في عملية اإلثبات التي يتم من خاللها إخضاعه‬
‫للتقدير‪ ،‬إذا ما كان البحث عنه أو الحصول عليه وتقديمه للقاضي أو إقامته أمامه وفق الطرق‬
‫التي حددها القانون‪ ،‬والتي تكفل التوازن بين حق الدولة في العقاب‪ ،‬وحق المتهم في توفير‬
‫الضمانات ال كافية لحترام كرامته اإلنسانية‪ ،‬أو العتداء على حقوقه وحريته الشخصية‪.1‬‬
‫‪ -2‬وجوب مناقشة الدليل اإللكتروني‪:‬‬
‫وهو يعني أن األدلة المتحصلة من الجرائم اإللكترونية‪ ،‬سواء كانت بصورة مطبوعة أو‬
‫بيانات معروضة على شاشة الجهاز اإللكتروني‪ ،‬أو اتخذت هيئة األشرطة واألقراص الممغنطة‬
‫وغيرها‪ ،‬تكون جميعها محل مناقشة حول قبولها واألخذ بها كدليل في الدعوى الجنائية‪.‬‬

‫د‪ .‬فاضل زيدان محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.242‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪23‬‬
‫وبالتالي لبد من عرض كل دليل في الدعوى من خالل ملف الدعوى وجلساتها‪ ،‬وإتاحة‬
‫الفرصة لمناقشتها من قبل أطرافها‪ ،‬وعلة هذا هو تطبيق مبدأ العالنية في المحاكمات الجنائية‪،‬‬
‫وهو م بدأ أساسي في اإلجراءات الجنائية‪ ،‬حيث ل يكفي أن يقوم القاضي بتقدير األدلة الموجودة‬
‫في محاضر التحقيق‪ ،‬بل عليه واجب سماع الشهود وأقوال المتهم نفسه‪ ،‬وما يقدمه الخبراء من‬
‫تقارير‪ ،‬ويسمع ألقوالهم‪ ،‬ويطرح ذلك أمام أطراف الدعوى للمناقشة بشكل علني‪.1‬‬
‫ويقوم مبدأ وجوب مناقشة الدليل الجنائي على عنصرين مهمين‪ ،‬يمثالن إتاحة الفرصة‬
‫ألطراف الدعوى بالطالع على الدليل والرد عليه‪ ،‬والعنصر اآلخر هو أن يكون الدليل أصل‬
‫من أوراق الدعوى‪.‬‬
‫بالنسبة للعنصر األول فإنه يجب على القاضي بدايةا أن يطرح كل دليل مقدم في الدعوى‬
‫على أطراف الدعوى‪ ،‬ومنها الدليل اإللكتروني‪ ،‬حتى يكونوا على دراية بما يقدم ضدهم من‬
‫أدلة‪ ،‬وذلك لمناقشتها من قبلهم من خالل مواجهة األدلة بردودهم عليها وتفنيدها‪ ،‬وهو ما يمثل‬
‫احتراما ا لحقوق الدفاع المكفولة لهم‪ ،‬فاحترام حقوق الدفاع من المظاهر األساسية لتطبيق القانون‬
‫وحقوق األفراد‪ ،‬ورمزاا للدول الديموقراطية‪.2‬‬
‫وبالنسبة للعنصر الثاني الذي يقوم على مبدأ وجوب مناقشة الدليل‪ ،‬والذي يتمثل في أن‬
‫يكون للدليل أصل في أوراق الدعوى‪ ،‬وذلك من أجل أن يكون اقتناع القاضي مبنى على أساس‬
‫محدد‪ ،‬وهو ما يشمل الدليل اإللكتروني‪ ،‬حيث يجب أن يكون هذا الدليل ل ه أصل في أوراق‬
‫الدعوي‪.‬‬
‫وعليه فقد ألزم المشرع تحرير محضر للجلسة إلثبات ما يدور فيها من وقائع‪ ،‬وما يقدم‬
‫من أدلة‪ ،‬وما يُثار حولها من ردود ومناقشة‪ ،‬وذلك حتى يتمكن أطراف الدعوى من الرجوع إلى‬
‫هذا المحضر عند الرغبة في البحث عما دار في الجلسة‪ ،‬واستيضاح أي من الوقائع الثابتة فيه‪،‬‬
‫ليكون سندا ا ثابتا ا حول تلك الوقائع‪ ،‬كما يمكن للقاضي من الرجوع إلى هذه الوقائع عند كتابة‬
‫الحكم والستناد إلى أقوال األطراف‪ ،‬وما دار في الجلسة عند تكوين اقتناعه حولها‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى تدوين هذا المحضر يُمكن المحكمة المطعون أمامها في الحكم من مراجعة هذا الحكم‬
‫المطعون فيه‪ ،‬وتقديره من حيث الخطأ والصواب‪.3‬‬
‫ثانياً‪ :‬اقتناع القاضي كضابط لقبول الدليل اإللكتروني‪:4‬‬
‫يتيح مبدأ القتناع القضائي حرية واسعة للقاضي الجنائي في تقدير األدلة المقدمة في‬
‫الدعوى‪ ،‬فله أن يبني اقتناعه من أي دليل معروض عليه‪ ،‬ويشمل ذلك األدلة اإللكترونية التي‬
‫تخضع لتقدير القاضي كونها من أدلة الدعوى‪ ،‬إل أن هذه الحرية في القتناع ل يمكن أن تكون‬
‫على إطالقها‪ ،‬كما ل يمكن التدخل بها بتحديد قيمة األدلة‪ ،‬وعليه يحكم هذا القتناع القضائي‬
‫ضوابط تتعلق باقتناع القاضي ذاته‪ ،‬وسنتحدث حول هذه الضوابط التي تخص اقتناع القاضي‬
‫في مجال الدليل اإللكتروني‪:‬‬

‫د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.427‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬فاضل زيدان محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.268‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬مأمون محمد سالمة‪ ،‬اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري‪ -‬الجزء األول‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،1988 ،‬ص‪.170‬‬ ‫‪3‬‬

‫محمد بن ناصر بن على الرقيشي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 229‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -1‬يقينية الدليل اإللكتروني‪:‬‬
‫يعني هذا القيد بأنه على القاضي عندما يصدر حكمه أن يكون مبنيا ا على يقين تام وليس‬
‫الظن والحتمال‪ ،‬إذ أن الدعوى الجنائية تهدف إلى تحقيق العدالة والوصول إلى الحقيقة‬
‫الواقعية‪ ،‬وبالتالي على القاضي أن يبني حكمه على اقتناع يقيني تام ل يراوده شك أو احتمال‬
‫فيما وصل إليه من حكم في الدعوي‪ ،‬ول يمكن أن يكون غير مقتنع به أو قد وصل إلى تلك‬
‫الوقائع بناء على الحتمال والظن‪ ،‬إذ أن الشك ل يؤدي إلى حكم اإلدانة‪ ،‬وإنما هو دائما ا ما يفسر‬
‫في مصلحة المتهم‪ ،‬ومصلحته هي البراءة من التهمة المنسوبة إليه في الدعوى‪.‬‬
‫ويشمل هذا المبدأ جميع األدلة التي يستند إليها القاضي في تكوين قناعته‪ ،‬وهو ما يعني‬
‫أنه يشمل األدلة اإللكترونية كذلك‪ ،‬فيشترط أن تكون األدلة المستخرجة من األجهزة اإللكترونية‬
‫والشبكات غير قابلة للشك حتى يمكن الحكم باإلدانة من خاللها‪ ،‬فوصول القاضي الجنائي إلى‬
‫درجة اليقين في الدلة التقليدية يتم من خالل المعرفة المادية والحسية للقاضي‪ ،‬أو من خالل‬
‫المعرفة العقلية من الستنتاج والتحليل‪ ،‬أما في مجال الجريمة اإللكترونية‪ ،‬فإن الوصول إلى‬
‫القتناع اليقيني يتطلب معر فة القاضي بنوع جديد من المعرفة‪ ،‬وهي المعرفة العلمية في مجال‬
‫تقنية المعلومات‪ ،‬خاصةا وأن القاضي يلعب دوراا إيجابيا ا في اإلثبات في الدعوى الجنائية‪.‬‬
‫أما في حالة براءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه فاألمر مختلف‪ ،‬فال حاجة للوصول‬
‫إلى درجة اليقين للحكم بها‪ ،‬وساء كانت جريمة تقليدية أو إلكترونية‪ ،‬فيكفي أن يكون القاضي في‬
‫حالة شك بين صحة التهمة المنسوبة للمتهم وبين برائته منها‪ ،‬وهي ما تميل لمصلحة البراءة‪،‬‬
‫فيحكم القاضي فيها بالبراءة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون االقتناع القضائي وفق مبادئ العقل والمنطق‪:‬‬
‫يتم استخالص وقائع الدعوى من قبل القاضي الجنائي استخالصا ا معقولا وسائغاا‪ ،‬وهو‬
‫ما يعني أن يكون الدليل الذي يستند عليه في حكمه مؤديا ا ومرئيا ا لما ورد في الحكم‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫من خالل إعمال العقل والمنطق في تحليل األدلة وترتيبها للوصول إلى الحقيقة والحكم‪ ،‬فال‬
‫يمكن أن يكون اقتناع القاضي مبنيا ا على فرض يات أو أقوال ل يمكن أن تتنافي مع العقل‬
‫والمنطق السليم‪ ،‬فهنا أمور مسلم بها من الجميع ل اختالف فيها‪ ،‬ومخالفتها يُعد شذوذ وخروج‬
‫عن هذه القاعدة‪ ،‬فال يجوز للقاضي أن يعارض هذا المنطق‪ ،‬وما يقبله العقل عند تكوين اقتناعه‬
‫في الدعوى‪ ،‬فال يمكن أن يبني اقتناعه على أن الجريمة حدثت بشكل عرضي‪ ،‬وجميع األدلة‬
‫واعتراف المتهم تؤدي إلى إدانته بالتهمة‪ ،‬والجريمة التي ارتكبها بنفسه وبمحض إرادته‪ ،‬وهو‬
‫ما يتنافي مع المنطق السليم في تحديد القتناع القضائي لدى القاضي‪.‬‬
‫وقد قضت محكمة النقض المصرية في هذا األمر بقولها‪" :‬أنه وإن كان من حق محكمة‬
‫الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة‪ ،‬إل أن شرط ذلك أن يكون هذا‬
‫الستخالص سائغا ا تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن األحوال فيها‪."1‬‬

‫‪ 1‬نقض رقم ‪ ،208‬جلسة ‪ 30‬إبريل ‪ ،1963‬مجموعة القواعد القانونية‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬ص‪.485‬‬

‫‪25‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫العقوبات المقررة للجاني في جريمة االبتزاز اإللكتروني‬

‫تمهيد وتقسيم‪:‬‬
‫إن العقوبات في جريمة البتزاز اإللكتروني تنقسم إلى عقوبات أصلية‪ ،‬وعقوبات‬
‫تكميلية‪ ،‬كما أن هذه العقوبات تتباين بين التشريعات المختلفة‪ ،‬حيث نجد أن هناك تشريعات‬
‫تتعامل معها كجريمة بسيطة‪ ،‬بينا تشريعات أخرى تتعامل معها بتشديد في بعض الحالت‪.‬‬
‫مما سبق سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العقوبات األصلية لجريمة االبتزاز اإللكتروني‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬العقوبات التكميلية والتبعية لجريمة االبتزاز اإللكتروني‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫المطلب األول‬
‫العقوبات األصلية لجريمة االبتزاز اإللكتروني‬

‫أوالً‪ :‬العقوبات المقررة لألشخاص الطبيعية‪:1‬‬


‫تختلف التشريعات في مقدار العقوبة المقررة لالبتزاز اإللكتروني‪ ،‬حيث تنص المادة‬
‫‪ 16‬من القانون اإلماراتي رقم ‪ 5‬لسنة ‪ 2012‬بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات على أن‪:‬‬
‫"يعاقب بالحبس مدة ل تزيد على سنتين‪ ،‬والغرامة التي ل تقل عن مائتين وخمسون ألف درهم‪،‬‬
‫ول تجاوز خمسمائة ألف درهم‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬كل من ابتز أو هدد شخص آخر‬
‫لحمله على القيام بفعل أو المتناع عنه وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو سيلة تقنية معلومات"‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 4/3‬من القانون الكويتي رقم ‪ 63‬لسنة ‪ 2015‬المتعلق بمكافحة جرائم‬
‫تقنية المعلومات على أن‪" :‬يعاقب بالحبس مدة ل تجاوز ثالث سنوات وبغرامة ل تقل عن ثالثة‬
‫آلف دينار ول تجاوز عشرة آلف دينار‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استعمل الشبكة‬
‫المعلوماتية أو استخدم وسيلة من وسائل تقنية المعلومات في تهديد أو ابتزاز شخص طبيعي أو‬
‫اعتباري لحمله على القيام بفعل أو المتناع عنه"‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 18‬من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني‬
‫العُماني رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 2011‬على أن‪" :‬يعاقب بالسجن مدة ل تقل عن شهر ول تزيد عن ثالث‬
‫سنوات‪ ،‬وبغرامة ل تقل عن ألف لاير عُماني ول تزيد على ثالثة آلف لاير عُماني‪ ،‬أو بإحدى‬
‫هاتين العقوبتين‪ ،‬كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في تهديد شخص‬
‫أو ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو امتناع ولو كان هذا الفعل أو المتناع عنه مشروعاا‪ ،‬وتكون‬
‫العقوبة السجن المؤقت مدة ل تقل عن ثالث سنوات ول تزيد على عشر سنوات‪ ،‬وغرامة ل‬
‫تقل عن ثالثة آلف لاير عُماني ول تزيد على عشرة آلف لاير عُماني إذا كان التهديد بارتكاب‬
‫جناية أو بإسناد أمور ُمخلة بالشرف والعتبار"‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن غالبية التشريعات التي عاقبت على البتزاز عاقبت عليه في‬
‫التشريعات اإللكترونية‪ ،‬لطابعها الدولي‪ ،‬وسرعة وانتشار نقل المعلومات بها‪ ،‬وتسجيلها‬
‫أوتوماتيكيا ا على الحاسبات الخادمة في الدول األجنبية‪ ،‬وذلك مقارنةا بالمطبوعات والصحف‬
‫التقليدية‪ ،2‬فإنه توجد تشريعات تعاقب على البتزاز في قوانين العقوبات أيا ا كانت الوسيلة‬
‫المستعملة فيه‪ ،‬تقليدية أو إلكترونية‪ ،‬ومنها التشريع الفرنسي‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ ،‬تامر محمد صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 184‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 2‬د‪ .‬جميل عبدالباقي الصغير‪ ،‬اإلنترنت والقانون الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2001 ،‬ص ‪ .185‬مشار إليه لدى‪ :‬د‪ .‬تامر محمد‬
‫صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 184‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ولكنه فرق في العقاب بين البتزاز الذي يكون مضمون التهديد فيه العنف أو ما شابه‪،‬‬
‫وذلك وفق المادة ‪ 1-312‬من قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬حيث عاقب فيها بالسجن لمدة سبع‬
‫سنوات وبغرامة قدرها ‪ 100‬ألف يورو‪ ،‬وبين البتزاز الذي يكون مضمون التهديد فيه‬
‫التشهير‪ ،‬حيث عاقب عليه في المادة ‪ 10-312‬بالسجن لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها ‪75‬‬
‫ألف يورو‪.‬‬

‫وبالنسبة للمشرع المصري‪ ،‬فإنه يوجد القانون رقم ‪ 175‬لسنة ‪ 2018‬بشأن مكافحة‬
‫جرائم تقنية المعلومات‪ ،‬غير أنه لم يتضمن جريمة البتزاز اإللكتروني‪ ،‬وعلى الرغم من أنه لم‬
‫يورد اللفظ في قانون العقوبات‪ ،‬وإنما عاقب على أفعال تُعَّد ابتزازاا‪ ،‬منها المادة ‪ 327‬منه‪،‬‬
‫والتي تنص على أن‪" :‬كل من هدد غيره كتابةا بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال‪ُ ،‬معاقب‬
‫عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المؤقت أو بإفشاء أمور مخدشة بالشرف‪ ،‬وكان هذا التهديد‬
‫مصحوبا ا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن‪ ،‬ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا ا‬
‫بطلب أو بتكليف بأمر‪ ،‬وكل من هدد غيره شفهيا ا بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب‬
‫بالحبس مدة ل تزيد على سنتين أو بغرامة ل تزيد على خمسمائة جنيه‪ ،‬سواء اكان التهديد‬
‫مصحوبا ا بتكليف بأمر أم ل‪ ،‬وكل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهيا ا بواسطة شخص آخر‬
‫ارتكب جريمة ل تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة ل تزيد على ستة أشهر أو‬
‫بغرامة ل تزيد على مائتي جنيه"‪.‬‬

‫وتنص الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة ‪ 309‬مكرر (أ) من قانون العقوبات‬
‫المصري على أنه‪" :‬ويعاقب بالحبس مدة ل تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من‬
‫األمور التي تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو‬
‫المتناع عنه‪ ،‬ويعاقب بالسجن الموظف العام الذي يرتكب أحد األفعال المبينة بهذه المادة‬
‫اعتمادا ا على سلطة وظيفته"‪.‬‬

‫ويالحظ هنا أن المشرع المصري فرق بين البتزاز بالوسائل المكتوبة‪ ،‬والبتزاز‬
‫بالوسائل الشفهية‪ ،‬ولم يعاقب على التهديد الشفهي إل إذا تم من خالل وسيط‪ ،‬كما أنه ساوي في‬
‫العقوبة بين التهديد المقترن بطلب‪ ،‬أو تكليف بأمر‪ ،‬وبين التهديد ال ُمجرد‪ ،‬وهو أمر محل نظر‪،‬‬
‫حيث من المالئم التفرقة في العقاب بينهما‪ ،‬وهذا أمر محل نظر بالنسبة لجميع التشريعات‬
‫المذكورة‪ ،‬حيث ساوت بين التهديد المجرد والبتزاز‪ ،‬وإن كانت فرقت في العقاب حسب‬
‫مضمون البتزاز‪.‬‬

‫كما عاقب القانون رقم ‪ 175‬لسنة ‪ 2018‬بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات على‬
‫ال في جريمة ابتزاز‪ ،‬وذلك بقوله‪" :‬يعاقب بالحبس مدة ل تقل‬ ‫إنشاء بريد إلكتروني واستعماله مث ا‬
‫عن ثالثة أشهر وبغرامة ل تقل عن عشرة آلف جنيه‪ ،‬ول تجاوز ثالثون ألف جنيه‪ ،‬أو بإحدى‬
‫هاتين العقوبتين‪ ،‬كل من اصطنع بريدا ا إلكترونيا ا أو موقعا ا أو حسابا ا خاصاا‪ ،‬ونسبه زوراا إلى‬
‫شخص طبيعي أو اعتباري‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫فإذا استخدم الجاني البريد أو الموقع أو الحساب الخاص ال ُمصطنع في أمر يسيء إلى‬
‫من نسب إليه‪ ،‬تكون العقوبة الحبس الذي ل تقل مدته عن سنة والغرامة التي ل تقل عن‬
‫خمسون ألف جنيه‪ ،‬ول تجاوز مائتي ألف جنيه‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬وإذا وقعت الجريمة‬
‫على أحد األشخاص العتبارية العامة‪ ،‬تكون العقوبة السجن والغرامة التي ل تقل عن مائة ألف‬
‫جنيه ول تزيد على ثالثمائة ألف جنيه"‪.‬‬

‫ويالحظ أن التشريعات التي عاقبت على البتزاز اإللكتروني جمعت بين العقوبات‬
‫المالية والسالبة للحرية‪ ،‬مما يكشف عن إدراكها خطورة هذه األفعال‪ ،‬كما أن بعضها عاقب على‬
‫البتزاز أيا ا كانت صورته تقليدي أم إلكتروني‪.‬‬

‫كما يتعين على هذه التشريعات أن تحذوا حذو المشرع األمريكي وتعاقب على تلقي‬
‫عائدات البتزاز‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 880‬من قانون العقوبات واإلجراءات الجنائية التحادي‪،‬‬
‫في الفصل ‪ 41‬من الباب األول منه‪ ،‬بقولها‪" :‬يعاقب بالحبس مدة تزيد على سنة كل من حصل‬
‫على أو امتلك أو أخفى أو تصرف بأي أموال أو ممتلكات أخرى تم الحصول عليها من ارتكاب‬
‫أي جريمة بموجب هذا الفصل‪ ،‬مع العلم أنه تم الحصول عليها بصورة غير مشروعة"‪.‬‬

‫وقد قرر الفصل التاسع من القانون ‪ 175‬لسنة ‪ 2018‬بشأن مكافحة جرائم تقنية‬
‫العلومات‪ ،‬عقوبة الشروع واإلعفاء من العقوبة‪ ،‬في المادة ‪ 41‬منه التي تنص على‪" :‬يعاقب‬
‫على الشروع في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها بهذا القانون‪ ،‬بنصف الحد األقصى للعقوبة‬
‫المقررة للجريمة التامة"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬العقوبات المقررة لألشخاص المعنوية‪:1‬‬


‫قرر الفصل السابع من القانون ‪ 175‬لسنة ‪ 2018‬بشأن مكافحة جرائم تقنية‬
‫المعلومات‪ ،‬المسئولية الجنائية للشخص العتباري‪ ،‬بقوله‪" :‬إنه في األحوال التي ترتكب فيها أي‬
‫من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬باسم ولحساب الشخص العتباري‪ ،‬يعاقب‬
‫المسئول عن اإلدارة الفعلية إذا ما ثبت علمه بالجريمة أو سهل ارتكابها تحقيقا ا لمصلحة له أو‬
‫لغيره‪ ،‬بذات عقوبة الفاعل األصلي"‪.‬‬

‫"وللمحكمة أن تقضي بإيقاف ترخيص مزاولة الشخص العتباري للنشاط مدة ل تزيد‬
‫على سنة‪ ،‬وفي حالة العود يُحكم بإلغاء الترخيص‪ ،‬أو حل الشخص العتباري بحسب األحوال‪،‬‬
‫ويتم نشر الحكم في جريدتين يوميتين واسعتي النتشار على نفقة الشخص العتباري‪."2‬‬

‫"ول بترتب على تقرير مسئولية الشخص العتباري استبعاد المسئولية الجنائية‬
‫لألشخاص الطبيعيين الفاعلين األصليين أو الشركاء عن ذات الوقائع التي تقوم بها الجريمة‪."3‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬تامر محمد صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 187‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 2‬القانون رقم ‪ 175‬لسنة ‪ ،2018‬مرجع سابق‪ ،‬مادة‪.37‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم ‪ 175‬لسنة ‪ ،2018‬مرجع سابق‪ ،‬مادة ‪.38‬‬

‫‪29‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫العقوبات التكميلية والتبعية لجريمة االبتزاز اإللكتروني‬

‫تعرف العقوبة التكميلية بأنها العقوبة التي تصيب الجاني بنا اء على الحكم بالعقوبة‬
‫األصلية بشرط أن يحكم القاضي بالعقوبة األصلية‪ ،1‬وهي تختلف عن العقوبة التبعية التي‬
‫تصيب الجاني بناء على الحكم بالعقوبة األصلية دون الحاجة إلى اصدار حكم تبعي فهو مرتبط‬
‫ارتباطا ا وثيقا ا ومباشرا ا بالعقوبة الصلية‪.‬‬

‫وفي جريمة البتزاز اإللكتروني نصت المادة ‪ 13‬على أنه‪" :‬مع عدم اإلخالل بحقوق‬
‫َحسني النية أنه يجوز الحكم بمصادرة األجهزة أو البرامج أو األجهزة أو الوسائل المستخدمة في‬
‫ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في النظام أو األموال المتحصلة فيها كما يجوز الحكم‬
‫بإغالق الموقع اإللكتروني أو مكان تقديم الخدمة إغالقا ا نهائيا ا أو مؤقتا ا متى كان مصدراا‬
‫لرتكاب هذه الجرائم ‪ ،‬وكانت الجريمة ارتكبت بعلم مالكه"‬

‫وتعرف المصادرة أنها نزع ملكية مال عن صاحبه جبراا‪ ،‬وإضافته إلى ملكية الدول‬
‫وتدخل في خزانتها‪ ،‬كعقاب على الجريمة وبموجب حكم واجب النفاذ‪ ،‬وهي تختلف عن الغرامة‬
‫في أن المصادرة عقوبة عينية أما الغرامة فهي عقوبة نقدية‪ ،‬كما أنها عقوبة أصلية‪ ،‬كون‬
‫المصادرة على أشياء حيازتها في األصل مشروعة ولكنها استخدمت أو كانت وسيلة لرتكاب‬
‫جريمة ما‪ ،‬فهي مشروعة األصل واستخدمت في عمل غير مشروع‪ ،‬وكان للقاضي أن يحكم‬
‫بنزع ملكيتها‪ ،‬وللقاضي سلطة تقديرية في توقيع المصادرة من عدمه‪ ،‬شريطة أن ترتبط وتلحق‬
‫بالعقوبة األصلية‪ ،‬أما إذا كانت األشياء التي تم استخدامها ليست ملكا ا للجاني فإن المصادرة‬
‫تمتنع‪.‬‬

‫وبالطالع على القانون اإلماراتي لمكافحة جرائم تقنية المعلومات تبين أن المادة ‪41‬‬
‫نصت على‪" :‬مع عدم اإل خالل بحقوق الغير حسني النية يحكم في جميع األحوال بمصادرة‬
‫األجهزة أو البرامج أو الوسائل المستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا‬
‫المرسوم بقانون أو األموال المتحصلة منها‪ ،‬أو بمحو المعلومات أو البيانات أو إعدامها‪ ،‬كما‬
‫يحكم بإغالق المحل أو الموقع الذي يرتكب فيه أي من هذه الجرائم‪ ،‬وذلك إما اغالقا ا كليا ا أو‬
‫للمدة التي تقدرها المحكمة"‪.‬‬

‫ونفس القواعد التي تحكم العقوبة التكميلية في النظام السعودي نجدها في القانون‬
‫اإل ماراتي من كونها عقوبة عينية‪ ،‬وتقديرية للقاضي‪ ،‬وتتبع العقوبة األصلية وجودا ا وعدما ا‪،‬‬
‫وتمتنع في حال كانت األجهزة المستخدمة في الجريمة للغير الحسني النية‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬عبد القادر عودة‪ ،‬األحكام العامة للتشريع الجنائي اإلسالمي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.633‬‬

‫‪30‬‬
‫عقوبة الشروع والمساهمة التبعية في الجريمة‪:‬‬
‫جريمة البتزاز اإللكتروني كغيرها من الجرائم إما إنها تتم فتكون جريمة تامة‪ ،‬أو ل‬
‫تكتمل فتكون جريمة ناقصة أو تقف عند مرحلة الشروع‪ ،‬كما أ ن الجريمة قد يرتكبها فاعل‬
‫وحيد‪ ،‬أو يشارك ويساهم في ارتكابها مع الفاعل األصلي شركاء آخرين‪ ،‬لذا نتعرض لهذه‬
‫النقاط في فرعين نعرض لهما‪ ،‬لنتعرف على حكم كل من النظام السعودي والقانون الماراتي‬
‫في هذا الشأن كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬عقوبة الشروع في جريمة االبتزاز اإللكتروني‪:‬‬


‫ويقصد بالشروع البدء في التنفيذ في الجريمة التي يعقد الجاني العزم على ارتكابها‪،‬‬
‫ولكنه ل يصل إلى النتيجة التي يريد تحقيقها‪ ،‬فهي جريمة ناقصة لعدم اكتمال النتيجة الجرامية‬
‫المرجوة‪ ،‬وبالطالع على المادة ‪ 10‬من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي نجد أنها‬
‫نصت على‪" :‬يعاقب كل من شرع في القيام بأي من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام بما‬
‫ل يتجاوز نصف الحد األعلى للعقوبة المقررة"‪ ،‬وهو ما يعني أن للقاضي أن يوقع عقوبة‬
‫الحبس بما ل تزيد عن ستة أشهر والغرامة التي ل تزيد عن مائتين وخمسين ألف لاير‪ ،‬وينقسم‬
‫الشروع إلى قسمين‪ :‬شروع تام وشروع ناقص‪:‬‬
‫‪ ‬الشروع التام يقصد به قيام الجاني بارتكاب جريمته كاملة‪ ،‬ولكن النتيجة اإلجرامية لم‬
‫تتحقق‪ ،‬وذلك كقيام شخص هدد آخر للحصول على أموال بعد حصوله على مقاطع‬
‫مصورة له تشينه‪ ،‬وقبل أن تتحقق النتيجة الجرامية قُبض عليه‪.1‬‬
‫‪ ‬أما الشروع الناقص فيقصد به أن ا لنشاط الجرامي الذي يقوم به الجاني لم يتم بشكل‬
‫كامل ‪ ،‬حيث أ ن الجريمة هنا ناقصة‪ ،‬مثال ذلك ان تتمكن السلطات من القبض على‬
‫المبتز بعد حصوله على مستندات سرية لشركة تجارية‪ ،‬وقبل أن يقوم بتهديد الشركة‬
‫وابتزازها ويشترط لقيام الشروع في جريمة البتزاز اإللكتروني توافر ركنين هما البدء‬
‫في التنفيذ‪ ،‬وعدم إتمام الجريمة ألسباب خارجة عن إرادة الجاني‪ ،‬فالبدء في التنفيذ هو‬
‫مرحلة تعقب التفكير والتحضير للجريمة الغير معاقب عليها‪ ،‬طالما كان التحضير ل‬
‫يشكل جريمة بنفسه‪ ،‬وتسبق مرحلة التنفيذ المعاقب عليها‪.2‬‬
‫أما عدم إتمام الجريمة ألسباب خارجة عن إرادة الفاعل من ذلك قيام المبتز بتهديد‬
‫ضحيته بحصوله على صور فاضحة له‪ ،‬وذلك بعد اختراقه هاتفه المتنقل وحصوله على‬
‫الصور‪ ،‬وإبالغ ضحيته بذلك‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬عبد الرحمن توفيق أحمد‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2011،‬ص‪159‬؛ انظر الرابط‬
‫التالي على اإلنترنت‪:‬‬
‫‪https://jilrc.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86-‬‬
‫‪%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D8%B2 /‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬عبد الرحمن توفيق أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬

‫‪31‬‬
‫إل أ نه وقبل التهديد تعطل هاتفه المتنقل الذي كان سيرسل ابتزازه عن طريقه‪ ،‬فهنا‬
‫الجريمة وقفت لسبب خارج عن إرادة الجاني‪ ،‬هذا وإذا عدل الجاني من تلقاء نفسه ل يعتبر‬
‫شارعا ا في الجريمة‪ ،‬وذلك تشجيعا ا لمن يتراجع عن إجرامه‪ ،‬وبالطالع على القانون اإلماراتي‬
‫نجد أن المادة ‪ 40‬نصت على‪ " :‬يعاقب على الشروع في الجنح المنصوص عليها في هذا‬
‫المرسوم بقانون بنصف العقوبة المقررة للجريمة التامة"‪.‬‬

‫ويتضح من النص أن المشرع اإلماراتي مثل نظيره السعودي في نفس الرأي بجعل‬
‫عقوبة الشروع نصف عقوبة الجريمة التامة‪ ،‬إل أن المشرع اإلماراتي ضمن المادة كلمة أن‬
‫الشروع على الجنح‪ ،‬ومنها عقوبة جريمة البتزاز اإللكتروني المعتبرة ُجنحة في القانون‬
‫اإلماراتي‪ ،‬ومن نص المادة يفهم أن الجرائم المعتبرة جنايات في هذا النظام الشروع فيها عقوبته‬
‫تختلف عن ال ُجنح‪ ،‬وليس هناك اختالف في القواعد الخاصة بالشروع في النظامين‪.‬‬

‫‪ -2‬عقوبة المساهمة التبعية في جريمة االبتزاز اإللكتروني‪:1‬‬


‫المساهمة في الجريمة أو الشتراك فيها يتم عن طريق إحدى صور المساهمة الجنائية‬
‫كالتحريض على الجريمة‪ ،‬أو التفاق مع الفاعل األصلي‪ ،‬أو المساعدة للمبتز بأي صورة من‬
‫صور المساعدة‪ ،‬حتى يصل إلى نتيجته الجرامية المستهدفة‪ ،‬والنظام يعاقب الشريك بالتسبب‬
‫الذي اشترك في ا لجريمة بأحد صور الشتراك من تحريض أو اتفاق أو إعانة بنفس عقوبة‬
‫الفاعل األصلي للجريمة‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 9‬من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي على أن‪" :‬يعاقب كل من‬
‫حرض غيره‪ ،‬أو ساعده أو اتفق معه على ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا‬
‫النظام‪ ،‬إذا وقعت الجريمة بناء على التحريض أو المساعدة أو التفاق بما ل يتجاوز الحد‬
‫األعلى للعقوبة المقدرة‪ ،‬ويعاقب بما ل يتجاوز نصف الحد األعلى للعقوبة المقررة لها إذا لم تقع‬
‫الجريمة األصلية"‪.‬‬
‫ومن المالحظ أن المشرع أقر عقوبة للشريك المتسبب بما ل يجاوز عقوبة الفاعل‬
‫األصل ي‪ ،‬كما عاقب النظام الشريك المتسبب بنصف العقوبة األصلية‪ ،‬وإن لم تقع الجريمة‬
‫األصلية‪ ،‬مع أن القواعد العامة تقضي بأل يعاقب الشريك إل إذا قام الفاعل األصلي بارتكاب‬
‫الجريمة أو الشروع فيها على األقل‪ ،‬وهذا ما يتفق مع أحكام التشريع الجنائي اإلسالمي من‬
‫تحريم التفاق والمساعدة على المنكر‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات اإلماراتي نجد أنه لم ينص‬
‫صراحة في المادة ‪ 16‬على عقاب الشريك‪ ،‬كما لم يفرد نصا ا خاصا ا للعقاب على المساهمة‬
‫الجنائية لجريمة البتزاز اإللكتروني‪ .‬إل أننا نرى أنه في هذه الحالة تطبق القواعد العامة في‬
‫المساهمة الجنائية‪ ،‬باعتبار الشريك المتسبب مساهما ا في الجريمة ومستحقا ا للعقاب مثله‪ ،‬وحبذا‬
‫لو نص المشرع اإلماراتي على عقاب الشريك منعا ا ألي تالعب أو تهرب من نصوص القانون‪.‬‬

‫انظر الرابط التالي على اإلنترنت‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪https://jilrc.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86-‬‬
‫‪%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D8%B2/‬‬

‫‪32‬‬
‫الخاتمة‬

‫تعد جريمة البتزاز اإللكتروني من الجرائم الحديثة‪ ،‬ويطلق عليها في علم اإلجرام‬
‫الجرائم الناعمة‪ ،‬التي تخلو من العنف‪ ،‬وهي أحد صور الجرائم اإللكترونية‪ ،‬والبتزاز‬
‫اإللكتروني هو أ حدث صور البتزاز التقليدية التي تنشأ وترتكب في العالم المادي وفي مسرح‬
‫الجريمة‪ ،‬حيث ي ترك الجاني فيه بصمته‪ ،‬أو نقطة دم‪ ،‬أو دليل مادي يرشد األجهزة المعنية‬
‫للتوصل إليه‪.‬‬

‫ومن ثم حاولت الدول أن تطوع تشريعاتها السابقة لمواكبة هذا التطور وهذا النوع من‬
‫الجرائم‪ ،‬إل أن الوضع كشف عن ضرورة وضع تشريعات جديدة خاصة بالجرائم اإللكترونية‪،‬‬
‫ومن بينها جريمة ا لبتزاز على وجه الخصوص‪ ،‬ومن خالل هذا البحث تم التوصل إلى‬
‫مجموعة من النتائج والتوصيات تتمثل في‪:‬‬

‫النتائج‪:‬‬
‫جريمة البتزاز اإللكتروني أحد صور الجريمة اإللكترونية حيث أنها تتم من خالل‬ ‫‪-‬‬
‫شبكة المعلومات واألجهزة اإللكترونية الحديثة وتطبيقاتها‪.‬‬
‫جريمة البتزاز جريمة عابرة للحدود‪ ،‬فقد يكون مرتكب الجريمة في دولة تختلف عن‬ ‫‪-‬‬
‫دولة المجني عليه‪.‬‬
‫جريمة البتزاز اإللكتروني جريمة يصعب إثباتها‪ ،‬حيث من السهل أن تمحى آثارها‬ ‫‪-‬‬
‫بسهولة‪ ،‬وتحتاج لمشقة حتى يتم إثباتها‪.‬‬
‫الدليل الرقمي أهم أدلة اإلثبات اإللكتروني‪ ،‬إل أن التعامل معه يحتاج إلى خبرات‬ ‫‪-‬‬
‫معينة‪ ،‬وأجهزة متخصصة وفريق عمل متكامل وعلى قدر كبير من الخبرة‪.‬‬
‫سلطة القاضي الجنائي في قبول الدليل الجنائي بشكل عام والدليل اإللكتروني بشكل‬ ‫‪-‬‬
‫خاص تختلف باختالف نظام اإلثبات الذي تبناه المشرع‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫‪ ‬تشجيع كل من يتعرض لالبتزاز باإلبالغ عن الجريمة‪ ،‬وسط تأمين وسرية للمجني‬
‫عليه حتى ل يحجم عن اإلبالغ‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة التعاون الدولي‪ ،‬من خالل توحيد التفاقيات الدولية المعتمة بالجرائم اإللكترونية‪،‬‬
‫حتى ل يفلت مرتكب الجريمة من العقاب نتيجة تساهل بعض األنظمة وتشديد بعض‬
‫األنظمة األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬تفعيل القضاء المتخصص في مجال الجرائم اإللكترونية‪ ،‬وتأهيل القضاة وتدريبهم‬
‫وتخصصهم لنظر القضايا اإللكترونية‪ ،‬ومناقشة األدلة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المراجع‬

‫الكتب‪:‬‬
‫د‪ .‬أحمد شوقي أبو خطوة‪ ،‬شرح الحكام العامة لقانون العقوبات‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫القاهرة‪.2003 ،‬‬
‫د‪ .‬تامر محمد صالح‪ ،‬البتزاز اإللكتروني‪ -‬دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬دار الفكر والقانون‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫المنصورة‪.‬‬
‫د‪ .‬جميل عبدالباقي الصغير‪ ،‬اإلنترنت والقانون الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪.2001 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫جيرار كورنو‪ ،‬ترجمة منصور القاضي‪ ،‬معجم المصطلحات القانونية‪ ،‬ط‪ ،1‬المؤسسة‬ ‫‪‬‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.1998 ،‬‬
‫د‪ .‬حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬قانون العقوبات الخاص‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.1991‬‬
‫د‪ .‬رمسيس بهنام‪ ،‬قانون العقوبات جرائم القسم الخاص‪ ،‬ط‪ ،1‬منشأة المعارف‪.1999 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن بن عبدهللا السند‪ ،‬جريمة البتزاز‪ ،‬مطبوعات الرئاسة العامة لهيئة األمر‬ ‫‪‬‬
‫بالمعروف والنهي بالمنكر‪.2018 ،‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن توفيق أحمد ‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬ ‫‪‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2011،‬‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح بيومي حجازي‪ ،‬الجريمة في عصر العولمة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.2007 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬عبد القادر عودة‪ ،‬األحكام العامة للتشريع الجنائي اإلسالمي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫د‪ .‬فاضل زيدان محمد‪ ،‬سلطة القاضي الجنائي في تقدير األدلة‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪‬‬
‫مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.1999 ،‬‬
‫د‪ .‬كامل حامد السعيد‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ -‬الجرائم الواقعة على األموال‪ ،‬ط‪،3‬‬ ‫‪‬‬
‫منشورات دار الثقافة للنشر والتوزيع‪.2014 ،‬‬
‫د‪ .‬مأمون محمد سالمة‪ ،‬اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري‪ -‬الجزء األول‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫الفكر العربي‪.1988 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد عبيد الكعبي‪ ،‬الجرائم الناشئة عن الستخدام غير المشروع لشبكة اإلنترنت‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ط‪ ،2‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2009 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ط‪ ، 7‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.2002‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم العام‪ ،‬ط‪ ،5‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.1982 ،‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬ط‪ ،8‬منشورات دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.1984 ،‬‬

‫الرسائل العلمية‪:‬‬
‫‪ ‬محمد بن ناصر بن علي الرقيشي‪ ،‬اإلثبات الجنائي في الجريمة اإللكترونية‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة السلطان قابوس‪ ،‬عمان‪.2018 ،‬‬
‫‪ ‬مصطفى خالد الرواشدة‪ ،‬جريمة البتزاز اإللكتروني في القانون األدرني‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬عمادة الدراسات العليا‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬األردن‪.2019 ،‬‬

‫المجالت العلمية‪:‬‬
‫‪ ‬فايز الظفيري‪ ،‬األحكام العامة للجريمة اإللكترونية‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والقتصادية‪،‬‬
‫العدد الثاني‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس‪.2002 ،‬‬
‫‪ ‬ممدوح رشيد مشرف الرشيد العنزي‪ ،‬الحماية الجنائية للمجني عليه من البتزاز‪ ،‬المجلة‬
‫العربية للدراسات األمنية‪ ،‬المجلد ‪ ،33‬العدد‪ ،70‬الرياض‪.2017 ،‬‬

‫‪35‬‬

You might also like