74 Joba Web

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 148

¦الــرؤيــة البصرية‬
‫لــعــتــبــات الــكــتــب‬
‫«األغلفة»‪.‬‬
‫ ¦نــصــوص ســرديــة‬
‫وشعرية‪.‬‬
‫ ¦االتجاهات الفنية‬
‫للقصة القصيرة‪.‬‬
‫ ¦مواجهات‪ :‬محمد‬
‫عـــابـــس ‪ -‬نــويّ ــر‬
‫العتيبي‪.‬‬

‫الدورة ‪ 15‬لمنتدى األمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية‪:‬‬ ‫ ‬


‫تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة‪.‬‬ ‫ ‬
‫الدورة ‪ 14‬لمنتدى منيرة الملحم‪:‬‬ ‫ ‬
‫العودة اآلمنة تحديات ورؤى‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪74‬‬
‫الئحة برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية والفكرية ودعم‬
‫البحوث والرسائل العلمية يف مركز عبدالرحمن السديري الثقايف‬

‫‪ -1‬نشر الدراسات واإلبداعات األدبية والفكرية‬


‫يهتم بالدراسات‪ ،‬واإلبداعات األدبية‪ ،‬ويهدف إلى إخراج أعمال متميزة‪ ،‬وتشجيع حركة‬
‫اإلبداع األدبي واإلنتاج الفكري وإثرائها بكل ما هو أصيل ومميز‪.‬‬
‫ويشمل النشر أعمال التأليف والترجمة والتحقيق والتحرير‪.‬‬
‫مجاالت النشر‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الدراسات التي تتناول منطقة الجوف ومحافظة الغاط في أي مجال من المجاالت‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلبداعات األدبية والفكرية بأجناسها المختلفة (وفقاً لما هو مب ّين في البند «‪ »٨‬من شروط النشر)‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الدراسات األخرى غير المتعلقة بمنطقة الجوف ومحافظة الغاط (وفقاً لما هو مب ّين في البند «‪ »٨‬من‬
‫شروط النشر)‪.‬‬
‫شروطه‪:‬‬
‫‪ -١‬أن تتسم الدراسات والبحوث بالموضوعية واألصالة والعمق‪ ،‬وأن تكون موثقة طبقاً للمنهجية العلمية‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن تُكتب المادة بلغة سليمة‪.‬‬
‫‪ -٣‬أن يُرفق أصل العمل إذا كان مترجماً‪ ،‬وأن يتم الحصول على موافقة صاحب الحق‪.‬‬
‫‪ -٤‬أن تُق ّدم المادة مطبوعة باستخدام الحاسوب على ورق (‪ )A4‬ويرفق بها قرص ممغنط‪.‬‬
‫‪ -٥‬أن تكون الصور الفوتوغرافية واللوحات واألشكال التوضيحية المرفقة بالمادة جيدة ومناسبة‬
‫للنشر‪.‬‬
‫‪ -٦‬إذا كان العمل إبداعاً أدبياً فيجب أن يتّسم بالتم ّيز الفني وأن يكون مكتوباً بلغة عربية‬
‫فصيحة‪.‬‬
‫‪ -٧‬أن يكون حجم المادة ‪ -‬وفقاً للشكل الذي ستصدر فيه ‪ -‬على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬الكتب‪ :‬ال تقل عن مئة صفحة بالمقاس المذكور‪.‬‬
‫‪ -‬البحوث التي تنشر ضمن مجالت محكمة يصدرها المركز‪ :‬تخضع لقواعد النشر في‬
‫تلك المجالت‪.‬‬
‫‪ -‬الكتيبات‪ :‬ال تزيد على مئة صفحة‪( .‬تحتوي الصفحة على «‪ »250‬كلمة تقريباً)‪.‬‬
‫‪ -٨‬فيما يتعلق بالبند (ب) من مجاالت النشر‪ ،‬فيشمل األعمال المقدمة من أبناء وبنات‬
‫منطقة الجوف‪ ،‬إضافة إلى المقيمين فيها لمدة ال تقل عن عام‪ ،‬أما ما يتعلق بالبند (ج)‬
‫فيشترط أن يكون الكاتب من أبناء أو بنات المنطقة فقط‪.‬‬
‫‪ -٩‬يمنح المركز صاحب العمل الفكري نسخاً مجانية من العمل بعد إصداره‪ ،‬إضافة إلى‬
‫مكافأة مالية مناسبة‪.‬‬
‫‪ -١٠‬تخضع المواد المقدمة للتحكيم‪.‬‬
‫‪ -2‬دعم البحوث والرسائل العلمية‬
‫يهتم بدعم مشاريع البحوث والرسائل العلمية والدراسات املتعلقة مبنطقة اجلوف‬
‫ومحافظة الغاط‪ ،‬ويهدف إلى تشجيع الباحثني على طرق أبواب علمية بحثية جديدة يف‬
‫معاجلاتها وأفكارها‪.‬‬
‫(أ) الشروط العامة‪:‬‬
‫‪ -١‬يشمل الدعم املالي البحوث األكادميية والرسائل العلمية املقدمة إلى اجلامعات‬
‫واملراكز البحثية والعلمية‪ ،‬كما يشمل البحوث الفردية‪ ،‬وتلك املرتبطة مبؤسسات غير‬
‫أكادميية‪.‬‬
‫‪ -٢‬يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة متعل ًقا مبنطقة اجلوف ومحافظة الغاط‪.‬‬
‫‪ -٣‬يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة جدي ًدا يف فكرته ومعاجلته‪.‬‬
‫‪ -٤‬أال يتقدم الباحث أو الدارس مبشروع بحث قد فرغ منه‪.‬‬
‫‪ -٥‬يقدم الباحث طل ًبا للدعم مرف ًقا به خطة البحث‪.‬‬
‫‪ -٦‬تخضع مقترحات املشاريع إلى حتكيم علمي‪.‬‬
‫‪ -٧‬للمركز حق حتديد السقف األدنى واألعلى للتمويل‪.‬‬
‫‪ -٨‬ال يحق للباحث بعد املوافقة على التمويل إجراء تعديالت جذرية تؤدي إلى تغيير‬
‫وجهة املوضوع إال بعد الرجوع للمركز‪.‬‬
‫‪ -٩‬يقدم الباحث نسخة من السيرة الذاتية‪.‬‬
‫(ب) الشروط اخلاصة بالبحوث‪:‬‬
‫‪ -١‬يلتزم الباحث بكل ما جاء يف الشروط العامة (البند «أ»)‪.‬‬
‫‪ -٢‬يشمل املقترح ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬توصيف مشروع البحث‪ ،‬ويشمل موضوع البحث وأهدافه‪ ،‬خطة العمل ومراحله‪،‬‬
‫واملدة املطلوبة إلجناز العمل‪.‬‬
‫‪ -‬ميزانية تفصيلية متوافقة مع متطلبات املشروع‪ ،‬تشمل األجهزة واملستلزمات‬
‫املطلوبة‪ ،‬مصاريف السفر والتنقل والسكن واإلعاشة‪ ،‬املشاركني يف البحث من‬
‫طالب ومساعدين وفنيني‪ ،‬مصاريف إدخال البيانات ومعاجلة املعلومات والطباعة‪.‬‬
‫‪ -‬حتديد ما إذا كان البحث مدعو ًما كذلك من جهة أخرى‪.‬‬
‫(ج) الشروط اخلاصة بالرسائل العلمية‪:‬‬
‫إضافة لكل ما ورد يف الشروط اخلاصة بالبحوث (البند «ب») يلتزم الباحث مبا يلي‪:‬‬
‫‪ -١‬أن يكون موضوع الرسالة وخطتها قد أق ّرا من اجلهة األكادميية‪ ،‬ويرفق ما يثبت ذلك‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن يُق ّدم توصية من املشرف على الرسالة عن مدى مالءمة خطة العمل‪.‬‬

‫الجـوف ‪ 42421‬ص‪ .‬ب ‪ 458‬هاتف‪ 0 14 6245992 :‬فاكس‪014 6247780 :‬‬


‫‪info@alsudairy.org.sa‬‬
‫هاتف‪ 016 4422497 :‬فاكس‪016 4421307 :‬‬ ‫الغــاط ‪ 11914‬ص‪.‬ب ‪ 63‬‬
‫‪www.alsudairy.org.sa‬‬ ‫الرياض ‪ 11614‬ص‪ .‬ب ‪ 94781‬هاتف‪ 011 4999946 :‬جوال‪055 3308853 :‬‬

‫‪www.alsudairy.org.sa | info@alsudairy.org.sa‬‬ ‫‪Alsudairy1385‬‬ ‫‪016 4422 497‬‬ ‫‪0553308853‬‬


‫مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري‬
‫رئيسً ا‬ ‫فيصل بن عبدالرحمن السديري ‬
‫عضوًا‬ ‫سلطان بن عبدالرحمن السديري ‬
‫د‪ .‬زياد بن عبدالرحمن السديري العضو المنتدب‬
‫ملف ثقايف ربع سنوي يصدر عن‬
‫عضوًا‬ ‫عبدالعزيز بن عبدالرحمن السديري ‬
‫عضوًا‬ ‫د‪ .‬سلمان بن عبدالرحمن السديري ‬ ‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬
‫عضوًا‬ ‫د‪ .‬عبدالواحد بن خالد الحميد ‬ ‫هيئة النشر ودعم األبحاث‬
‫عضوًا‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬خليل بن إبراهيم المعيقل ‬ ‫رئيسً ا‬ ‫د‪ .‬عبدالواحد بن خالد الحميد ‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضوًا‬ ‫عضوًا‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬خليل بن إبراهيم المعيقل ‬
‫سلمان بن عبدالمحسن بن محمد السديري عضوًا‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن السدير ي عضوًا‬
‫طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري عضوًا‬ ‫عضوًا‬ ‫د‪ .‬علي دبكل العنزي ‬
‫سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري عضوًا‬ ‫عضوًا‬ ‫محمد بن أحمد الراشد ‬

‫قواعد النشر‬ ‫أسرة التحرير‬

‫‬‪ -1‭‬أن‬ ‪‭‬تكون‬ ‪‭‬املادة‬ ‪‭‬أصيلة‬ ‪.‭‬‬ ‫املشرف العام‬ ‫إبراهيم بن موسى احلميد ‬
‫محررا‬
‫ً‬ ‫ ‬ ‫محمود الرمحي‬
‫‪ ‭‬-2‬لم‬ ‪‭‬يسبق‬ ‪‭‬نشرها‬ ‪‭‬ورق ًيا‬ ‪‭‬أو‬ ‪‭‬رقم ًيا‬‪‭.‬‬
‫محررا‬
‫ً‬ ‫ ‬ ‫محمد صوانة‬
‫‪ ‭‬-3‬تراعي‬ ‪‭‬اجلدية‬ ‪‭‬واملوضوعية‬‪‭.‬‬ ‫اإلخراج الفني‪ :‬خالد الدعاس‬
‫‬‪ -4‭‬تخضع‬ ‪‭‬املواد‬ ‪‭‬للمراجعة‬ ‪‭‬والتحكيم‬ ‪‭‬قبل‬ ‪‭‬نشرها‬‪‭.‬‬ ‫هاتف‪)+966()14(6263455 :‬‬ ‫املراســــــالت‪ :‬‬
‫‬‪ -5‭‬ترتيب‬ ‪‭‬املواد‬ ‪‭‬يف‬ ‪‭‬العدد‬ ‪‭‬يخضع‬ ‪‭‬العتبارات‬ ‪‭‬فنية‬‪‭.‬‬ ‫فاكس‪)+966()14(6247780 :‬‬ ‫ ‬
‫ص‪ .‬ب ‪ 458‬سكاكا اجلـوف ‪ -‬اململكة العربية السعودية‬
‫‬‪ -6‭‬ترحب‬ ‪‭‬اجلوبة‬ ‪‭‬بإسهامات‬ ‪‭‬املبدعني‬ ‪‭‬والباحثني‪‭‬‬
‫‪www.alsudairy.org.sa‬‬
‫‬والكتّاب‪‭ ‬ ،‬على‬ ‪‭‬أن‬ ‪‭‬تكون‬ ‪‭‬املادة‬ ‪‭‬باللغة‬ ‪‭‬العربية‬‪‭.‬‬ ‫‪aljoubahmag@alsudairy.org.sa‬‬
‫ردمد ‪ISSN 1319 - 2566‬‬
‫‮«‬اجلوبة‬‪‭‬‮»‬ من‬‪‭‬األسماء‬‪‭‬التي‬‪‭‬كانت‬‪‭‬تُطلق‬‪‭‬على‬‪‭‬منطقة‬‪‭‬اجلوف‬‪‭‬ساب ًقا‬‪‭.‬‬ ‫سعر النسخة ‪ 8‬رياالت ‪ -‬تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع‬
‫املقاالت املنشورة ال تعبر بالضرورة عن رأي املجلة والناشر‪.‬‬ ‫ريال واملؤسسات ‪ً 60‬‬
‫ريال‬ ‫االشتراك السنوي لألفراد ‪ً 50‬‬

‫يُعنى املركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط‪ ،‬ويقيم املناشط املنبرية الثقافية‪،‬‬
‫برنامجا للنشر ودعم األبحاث والدراسات‪ ،‬يخدم الباحثني واملؤلفني‪ ،‬وتصدر عنه مجلة‬ ‫ً‬ ‫ويتبنّى‬
‫ً‬
‫(أدوماتو) املتخصصة بآثار الوطن العربي‪ ،‬ومجلة (اجلوبة) الثقافية‪ ،‬ويضم املركز كل من‪( :‬دار‬
‫العلوم) مبدينة سكاكا‪ ،‬و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط‪ ،‬ويف كل منهما قسم للرجال وآخر‬
‫للنساء‪ .‬ويتم متويل املركز من مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية‪.‬‬

‫‪Alsudairy‬‬ ‫‪1385‬‬ ‫‪0553308853‬‬


‫الـمحتويــــات‬ ‫العدد ‪ - ٧٤‬شتاء ‪١٤٤٣‬هـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫االفتتاحية ‪٤ .............................................................................‬‬
‫الــدورة ‪ 15‬لمنتــدى األميــر عبدالرحمــن الســديري للدراســات الســعودية‪ :‬تحديــات‬
‫‪٦‬‬ ‫الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة ‪.....‬‬
‫الدورة ‪ 14‬لمنتدى منيرة الملحم‪ :‬العودة اآلمنة تحديات ورؤى ‪20 ......................‬‬
‫حفل تخريج حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي للمشاريع الصغيرة ‪28 ...‬‬
‫الكتب (األغلفة)‪٣٢ ................................‬‬
‫ِ‬ ‫لعتبات‬
‫ِ‬ ‫محور خاص‪ :‬الرؤي ُة البصري ُة‬
‫أغلف ُة كتبي تجرب ٌة في المنظور التشكيليّ السيميائيّ ‪ -‬محمد صابر عبيد‪33 ........‬‬
‫اإلدراكُ البصريُّ والتشابكُ اإلبداعيُّ في التصميم ‪ -‬طالل معال ‪37 ..................‬‬
‫الرؤي ُة البصري ُة والتعبيري ُة في الفنِّ الحديث ‪ -‬خيري منذر ‪41 ........................‬‬
‫جمالي ُة الصور ِة البصريةِ ‪ -‬د‪ .‬منصف الديكي‪44 ......................................‬‬
‫وج ُه الكتاب‪ :‬فخٌّ بصريٌّ يَأْس ُر الناظ َر والقارئَ معًا! ‪ -‬محمد العامري ‪47 .............‬‬
‫العتب ُة األولى‪ - ..‬د‪ .‬محمد بن مثنى الراشد‪50 ........................................‬‬
‫اإلشارات ‪ -‬مُليم الكوني‪52 ...............................................‬‬
‫ِ‬ ‫الغالف قِ نا ُع‬
‫ُ‬
‫الغالف‪ ،‬الوج ُه اآلخر للكتاب ‪ -‬إبراهيم الحَ يْسن ‪٥٤ ...................................‬‬
‫ُ‬

‫‪06.........................‬‬
‫غالف الكِ تاب ‪ -‬فراس المومني‪57 .................................‬‬
‫ِ‬ ‫الصور ِة عَ ن‬
‫غيابُ ُّ‬
‫المرجعياتُ البصر َّي ُة والحداث ُة ألَغلفةِ الكتب ‪ -‬منصور الحارثي ‪58 ...................‬‬
‫عميقة ‪ -‬د‪ .‬هناء بنت علي البواب ‪59 .......................‬‬
‫ٍ‬ ‫لرؤية‬
‫ٍ‬ ‫الغالف فخٌّ بصريٌّ‬
‫ُ‬
‫الدورة ‪ 15‬ملنتدى األمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية‪:‬‬
‫للقصــةِ القصيــر ِة مجلــ ُة «الجوبــةِ » أ ُنموذَجً ــــا ‪-‬‬
‫َّ‬ ‫در اســات ونقــد‪ :‬االتجاهــاتُ الفنيــ ُة‬
‫‪٦١‬‬ ‫سميرة الزهراني‪..‬‬ ‫تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة‬
‫األشياءُ كما هي وأوها ٌم أ ُخرى األخال ُق والخيا ُل وف ُّن السَّ ردِ ‪ -‬بسمة عالء الدين ‪٧٧ .......‬‬
‫صمــود المراكــز الثقافيــة ككيانــات تنويريــة أمــام التحــوالت الوطنيــة والثــورة‬ ‫برعاية صاحبة السمو‬

‫األميرة نورة بنت محمد آل سعود‬


‫‪80‬‬ ‫التقنية‪ - ..‬د‪ .‬فوزية بنت عبداهلل أبوخالد ‪.......‬‬
‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع‬

‫نصوص‪ :‬ثَ َمنٌ‪ - !..‬حضية خافي‪90 .......................................................‬‬ ‫(الدورة الرابعة عشرة) يقيم ندوة‪:‬‬

‫العودة اآلمنة‬
‫عَ و َدةٌ ‪ -‬رشا نعمان‪91 ...................................................................‬‬ ‫تحديات ور ُؤى‬
‫زُجا ُج ال ُعمْرِ ‪ -‬محمد الرياني‪92 ........................................................‬‬ ‫‪20..............................‬‬
‫‪20‬‬
‫رسا ِئ ٌل من نافِ َذ ِة القِ طار‪ - ...‬مريم الشكيلية ‪93 .......................................‬‬
‫الدورة ‪ 14‬ملنتدى منيرة امللحم‪:‬‬
‫جلس ُة مقهى ‪ -‬أميرة حمدان ‪94 ........................................................‬‬
‫تسابي ُح النَّدى ‪ -‬عالي المالكي ‪96 ......................................................‬‬ ‫العودة اآلمنة تحديات ورؤى‬
‫موط ُن اإلعجاز ‪ -‬مالك الخالدي‪97 ....................................................‬‬
‫بُحَيْرَةُ البَجَع ‪ -‬لينا فيصل المفلح‪98 ...................................................‬‬
‫اب (الجُ ْوبَة) ‪ -‬هند النزاري ‪99 .................................................‬‬
‫في رِ حَ ِ‬
‫عَ ثْ َرةٌ على فوضى الغرام ‪ -‬محمد جابر بقار مدخلي ‪100 ...............................‬‬
‫مواجهات‪ :‬الشاعر محمد عابس ‪ -‬حاوره‪ :‬عمر بوقاسم‪101 ..............................‬‬
‫الشاعرة نويّر مطلق العتيبي ‪ -‬حاورها‪ :‬المحرر الثقافي ‪106 ...........................‬‬ ‫‪32.............................‬‬
‫‪32‬‬ ‫‪.............................‬‬
‫نوافذ‪ :‬البُع ُد الثقافيّ للتنمية المستدامة وِ فق رؤية ‪ - 2030‬مرسي طاهر‪110 ............‬‬
‫الرؤية البصرية لعتبات الكتب (األغلفة)‬
‫إيــون لــي‪ ..‬الهــروبُ مــن اللغــة األ ّم والتشــافي مــن الجنــوح إلــى االنتحــار بالكتابــة! ‪-‬‬
‫‪114‬‬ ‫تقديم وترجمة‪ :‬عبدالوهاب أبو زيد ‪..‬‬
‫عزيز ضياء ‪ -‬محمد بن عبدالرزاق القشعمي ‪117 ......................................‬‬
‫كتاب لم يصدر‪ ..‬ولم يحتجب‪ :‬المنتقى من أشعار العرب ‪ -‬محمد الجفري ‪122 .......‬‬
‫قراءات‪ :‬عرض كتاب‪( :‬الجوفُ في عيونِ المصوّرين) ‪ -‬عبداللطيف حسن أفندي ‪127 .......‬‬
‫«الشعر لالنتصار والسّ رد للهزيمة» ‪ -‬حجاج سالمة ‪135 ................................‬‬
‫تقارير‪ :‬النشاط الثقافي (يونيو ‪ -‬ديسمبر ‪ - )2021‬محمد صالح أبو عمر ‪136 .............‬‬
‫‪61...............................‬‬
‫‪61‬‬
‫الصفحة األخيرة‪ :‬فقدا ُن الذاكرة األدبيَّة ‪ -‬صالح القرشي ‪144 ..............................‬‬
‫االتجاهات الفنية للقصة القصيرة‬
‫مجلة «الجوبة» أنموذجً ــا‬
‫■ إبراهيم بن موسى احلميد‬

‫تذهب إلى المكتبة‪ ،‬فتتجول ببصرك نحو األفق‪ ،‬تسرح بذهنك مع عناوين الكتب المتنوعة‪،‬‬
‫طائرًا معها إلى المدى‪ ،‬محلقًا في سمائها‪ ..‬تجتاحك األسئلة عما تراه من أغلفة أخّ اذة‬
‫التصميم‪ ،‬يتعلق بصرك بها‪ ،‬وال يريد أن يغادر قبل أن يحصل على حصته منها‪..‬‬
‫تحاول جمعها واقتناءها‪ ،‬أو تصفحها واحتضانها‪ ،‬إال إنك ال تستطيع أن تضمّها إليك؛‬
‫فأنت في عجلة من أمرك‪ ،‬والوقت قصير‪ ،‬والزمن ال ينتظر‪..‬‬
‫تفاجئنا بعض الكتب بأغلفتها الالفتة‪ ،‬وخطوطها العريضة‪ ،‬وورقها الصقيل‪ ،‬وتجد أن‬
‫كاتبها قد مأل مئات الصفحات التي تحمل في دفتها إبداعات نصوص وقصص وروايات‬
‫وحكايات‪ ،‬أو علومًا ومعارف‪ ،‬وأنت ال تستطيع أن تتعرف على الكتاب إال من عنوانه‪ ،‬وقد‬
‫يكون الكتاب عند جمال الغالف أو دون ذلك‪ ،‬ولكن الغالف هو الغالف‪ ،‬وهو دليل القارئ إلى‬
‫مجهول لقارئه؛ فيحدث أن الغالف الساحر‬
‫ً‬ ‫الكتاب عندما يكون الكتاب ‪-‬و أحيانا الكاتب‪-‬‬
‫جذب القارئ إليه‪ ،‬كما فعلت تلك المرأة الساحرة الجمال في قصص التراث العربي! وهو‬
‫إذ يفعل ذلك ‪-‬أي الغالف‪ -‬فإن مفعوله يكون مفعول السحر على القارئ‪ ،‬فتجده يمأل سلته‬
‫ثقة في الغالف الذي كان سفير الصفحات إلى المتلقي‪ ،‬قبل أن يفاجأ أحيانًا بأن محتوى‬
‫الساحرة الجميلة تحوّل إلى ساحرة شريرة‪ !..‬كما هي ساحرات أفالم نتفليكس وديزني‬
‫األخيرة‪..‬‬
‫لقد ألهمت صناعة الكتب مصممي األغلفة البتكار جماليات جاذبة بصريًا‪ ،‬وهي األداة‬
‫األقوى لجذب المتلقي‪ ،‬وكأن الكتاب والغالف وجهان لعملة واحدة؛ ألن المصمم في الغالب‬
‫يبذل جهده في مقاربة محتوى الكتاب في تصميمه للغالف‪ ،‬ويتمثل ذلك جليًا في كتب مهمة‬
‫حققت حضورًا الفتًا‪ ،‬وكانت األغلفة التي عكست محتوياتها بصورة جيدة‪ ،‬قد جعلت من‬
‫الكتاب فخً ا بصريًا للمتلقي يجذبه نحو الجمال الفكري‪..‬‬

‫افتتاحية‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪4‬‬
‫يقول د‪ .‬محمد مثنى الراشد إن الغالف مفتو ٌح على التأويل‪ ،‬وإنه ينتصر للبصيرة‪ ،‬وفي‬
‫كل كتاب تشكيل بصري‪ ،‬وتلك المشهدية ذات الخلفية التشكيلية‪ ،‬إذ يحضر المشهد جنبًا‬
‫إلى جنب مع الكلمة في إيصال مقولة الكاتب من دون أن يتدخل بشكل مباشر في المشهد‪..‬‬
‫وقد ساعدت التقنية الحديثة والحواسيب القوية في م ّد صناعة الكتاب وتصميم األغلفة‬
‫بطاقة هائلة‪ ،‬جعلت من الكتاب سوقًا رائجة في ظل التوسع في األسواق‪ ،‬وإقامة معارض‬
‫الكتب الدولية والمحلية‪ ،‬وبات من المهم ألصحاب الصناعة والمؤلفين تصميم أغلفتهم بما‬
‫يتوافق مع روح العصر الذي يستفيد من التقنية بكتب باتت ساحرة ومضيئة‪..‬‬
‫وإذا كان الغالف سفيرًا للكتاب‪ ،‬فإن الكتاب بكامله وبخاصة الغالف‪ ،‬بات سفيرًا أيضا‬
‫للفن والتصميم والجمال‪ ،‬وفيه البعد الرمزي للغالف الذي يعدُّه الناقد "خيري منذر" العتبات‬
‫الرئيسة للمشاهد والمتلقي للكتاب؛ فالرمز هنا هو صيغة تشير إلى الشيء بمدلوالته‬
‫وتغييراته؛ إذ يستعين المصممون باللوحات التشكيلية واألعمال الفنية واإلبداعية للفنانين‬
‫التشكيليين الذين استطاعوا إقناع مصممي الكتب الستخدام لوحاتهم في تصميم أغلفتها‪،‬‬
‫وكما يقول محمد صابر عبيد‪ :‬عتبة الغالف تنتهي عادة إلى رؤية قد تكون النسخة األولى‬
‫من نسخ قراءة الكتاب؛ ألن التصميم يأتي استجابة جمالية لمحتوى الكتاب‪...‬‬
‫ويرى منصف الديكي أن الجمال لألغلفة‪ ،‬والبصرية المختلفة للغالف هي الحصانة التي‬
‫تختفي وراءها الكلمات؛ فيما يرى محمد العامري أن الغالف هو الفعل البصري والجمالي‬
‫الذي تصطدم به العين للوهلة األولى‪ ..‬فالكتاب األنيق ال بد أن يسهم في شيوعه وانتشاره‪،‬‬
‫ويصبح سلعة جمالية مستساغة بكونه جاذبًا لالنتباه لدى المشاهد‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫افتتاحية‬
‫في دورته الخامسة عشرة‬

‫تحديات الصناعة الوطنية‬


‫في زمن الثورة الصناعية الرابعة‬
‫■ كتب‪ :‬محمد صوانة‬

‫عقد‬ ‪‭‬منتدى‬ ‪‭‬األمير‬ ‪‭‬عبدالرحمن‬ ‪‭‬بن‬ ‪‭‬أحمد‬ ‪‭‬السديري‬ ‪‭‬للدراسات‬ ‪‭‬السعودية‬ ‪‭‬دورته‬ ‪‭‬الخامسة‬
‫‬عشرة‪‭ ‬ ،‬في الرياض‪‭ ‬ ،‬بعنوان‪‬:‬‮«‬تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة‮»‬‪،‬‬
‫‬ ‪‭‬وذل ـك‬ ‪‭‬يــوم‬ ‪ ‭‬الـثــاثــاء ‪ 4‬ربيع اآلخــر ‪1423‬ه ـ ـ (‪ 9‬نوفمبر ‪2021‬م)‪‭ ‬ ،‬وحضر نــدوة المنتدى‬
‫جمع من المدعوين من رجــال الصناعة واالقتصاد‪ ،‬أثــروا الندوة بالحوار والمداخالت‪،‬‬
‫كما شهدت منصات وسائل التواصل التي جرى بث فعاليات المنتدى من خاللها مباشرة‪،‬‬
‫حضورًا الف ًتا‬ ‪‭‬من‬االقتصاديين والمهتمين من داخل المملكة العربية السعودية‬وخارجها‪‬.‬‬

‫الوطنية السعودية‪ .‬وقد درجت هيئة منتدى‬ ‫ألــقــى مــديــر عـــام مــركــز عــبــدالــرحــمــن‬
‫األمــيــر عبدالرحمن الــســديــري للدراسات‬ ‫السديري الثقافي‪ ،‬سلطان بــن فيصل‬ ‪‭‬بن‪‭‬‬
‫السعودية على اختيار الموضوعات الحيوية‬ ‫‬عبدالرحمن‬ ‪‭‬الــســديــري‪ ،‬كلمة رحّ ــب فيها‬
‫في كل عام‪.‬‬ ‫بالمشاركين‪ ،‬وبالجمهور المتابع عبر البث‬
‫وقال إنه يشاركَنا في هذا المنتدى نخبة‬ ‫الرقمي من خالل وسائل التواصل االجتماعي‬
‫من الخبراء االقتصاديين لمناقشة عدة محاور‬ ‫المتنوعة‪ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬.‬وقال إن اختيار موضوع المنتدى‬
‫تتناول واقع الصناعة السعودية حاليًا‪ ،‬ومدى‬ ‫لهذا العام جاء بالنظر ألهمية مواكبة الثورة‬
‫جاهزيتها لتلبية متطلبات الثورة الصناعية‬ ‫الصناعية الرابعة‪ ،‬ولإلسهام في النقاشات‬
‫الرابعة‪ ،‬والخصائص التقنية واالقتصادية‬ ‫االقتصادية فيما يتعلق بخيارات الصناعة‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية‬
‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪6‬‬
‫للثورة الصناعية الرابعة‪ ،‬وخيارات الصناعة‬
‫الــســعــوديــة فــي ظــل الــتــحــوالت المفصلية‬
‫للمشهد الصناعي العالمي‪ ،‬وما هي حوافر‬
‫التنويع االقتصادي ومعوقاته‪.‬‬
‫وأضاف السديري أن المركز قد درج على‬
‫إقامة دورات هذا المنتدى بالتناوب سنويًا بين‬
‫دار العلوم بالجوف ودار الرحمانية بمحافظة‬
‫الغاط‪ ،‬وبسبب اإلجراءات االحترازية الحالية‬
‫لمواجهة انتشار فيروس كورونا‪ ،‬ارتأت إدارة‬
‫المركز تنفيذ هذه الدورة والدورة التي قبلها‬
‫عبر االتــصــال المرئي‪ ،‬ورُب ضــارة نافعة‪،‬‬
‫فإن هذه الخطوة تمكننا من إيصال رسالة‬
‫سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري‬ ‫المنتدى‪ ،‬وإتاحة محتوى هذه الدورة لجميع‬
‫مدير عام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬
‫الراغبين بمتابعته‪ ،‬سواء من داخل المملكة‬
‫الجوف‬
‫ِ‬ ‫الثقافي لديه أربع مكتبات عا َّم ُة في‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬أو من خارجها في الدول‬
‫والغاط اثنتان منها للرجال ومثلها للنساء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫العربية الشقيقة وفي مختلف دول العالم دون‬
‫ـاث‪،‬‬
‫ويــرعــى بــرنــا َمــجــا للنشرِ ودعـــمِ األبــحـ ِ‬‫استثناء‪ ،‬فرسالة المركز الثقافية رسالة عامة‬
‫وتــصــدر عنه دوري ــت ــان‪ :‬أدومــاتــو اآلثــاريــة‪،‬‬ ‫لكل مثقف ومتطلع للمعرفة‪.‬‬
‫مناشط منبرية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وأشار إلى أن مركز عبدالرحمن السديري والجوب ُة الثقافية‪ ،‬وينفذ‬

‫من اليمين‪ :‬د‪ .‬منصور الصالح‪ ،‬م‪ .‬البدر بن عادل فوده‪ ،‬وأ‪ .‬طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية‬
‫ندوة المنتدى‬
‫المتحدثون‪:‬‬
‫م‪ .‬البدر بن عادل فوده‪ /‬وكيل وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتطوير الصناعي‪.‬‬
‫د‪ .‬منصور الصالح‪ /‬خبير في التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة‪.‬‬
‫م‪ .‬عبداهلل بن عبدالرحمن العبيكان‪ /‬الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان‪.‬‬
‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ‪ /‬باحث بمدرسة لندن لالقتصاد والسياسة‪.‬‬
‫أدار الندوة‪ :‬طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري‪.‬‬

‫«خـــيـــارات الــصــنــاعــات الــوطــنــيــة ف ــي ظل‬ ‫وملتقيات‪ ،‬ومسابقات ثقافية؛ وتشهد هذه‬
‫التحوالت المفصلية التي تجتاح المشهد‬ ‫تفاعل منتجً ا وملحوظً ا من قبل‬
‫ً‬ ‫األنشطة‪،‬‬
‫الــصــنــاعــي الــعــالــمــي»؛ والــدكــتــور منصور‬ ‫الجمهور المتابع المهتم بأنشطة المركز‬
‫الصالح‪ ،‬الخبير في التقنيات الناشئة والثورة‬ ‫وبرامجه‪.‬‬
‫الصناعية الرابعة‪ ،‬وعنوان ورقته «الخصائص‬ ‫وقــال إن منتدى عبدالرحمن بــن أحمد‬
‫التقنية واالقتصادية للثروة الصناعية الرابعة‬ ‫السديري للدراسات السعودية يعد من أهم‬
‫ومتطلباتها في مجال إعداد القوة البشرية‬
‫أنشطة المركز وبرامجه‪ ،‬وذلــك لــدوره في‬
‫الوطنية»؛ وشــارك عبر االتصال المرئي م‪.‬‬
‫نشر الــوعــي وتعزيز الثقافة الوطنية في‬
‫عبداهلل بن عبدالرحمن العبيكان‪ ،‬الرئيس‬
‫أبعادها المختلفة‪ ،‬وهو يتناول في كل دورة‬
‫التنفيذي لمجموعة العبيكان‪ ،‬وهو واحد من‬
‫موضوعً ا مهمًا على مستوى الوطن‪ ،‬يشترك‬
‫رواد القطاع الصناعي في المملكة‪ ،‬وعنوان‬
‫فــي تقديمه نخبة مــن المتخصصين‪ ،‬وقد‬
‫ورقــتــه «خــيــارات الصناعة الــســعــوديــة في‬
‫اخــتــارت هيئة المنتدى مــوضــوع خــيــارات‬
‫زمن الثورة الصناعية»؛ وأخيرًا البروفسور‬
‫الصناعة الوطنية في عصر الثورة الصناعية‬
‫ستيفن هيرتوغ‪ ،‬وهو باحث في مدرسة لندن‬
‫الرابعة في هذه الدورة‪ ،‬إسهاما من المركز‬
‫لالقتصاد والسياحة‪ ،‬شارك بورقة عنوانها‪:‬‬
‫في إثراء النقاشات حول هذه القضية المهمة‬
‫«حــوافــز التنويع الصناعي ومــعــوقــاتــه في‬
‫التي أولتها رؤية المملكة ‪ 2030‬اهتمامًا بالغًا‪.‬‬
‫المملكة العربية السعودية»‪ ،‬وكانت مشاركته‬
‫عن بعد بسبب وجوده في لندن‪.‬‬ ‫ندوة‬‪‭‬المنتدى‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‫وأشــار مدير الــنــدوة إلــى أن الهدف من‬ ‫بعد ذلك بدأت الندوة بكلمة لألستاذ طارق‬
‫هــذه الندوة هو مناقشة الــدور الــذي يمكن‬ ‫السديري‪ ،‬فقدم الشكر لمركز عبدالرحمن‬
‫أن يــقــوم بــه الــقــطــاع الــصــنــاعــي‪ ،‬وأهميته‬ ‫السديري الثقافي على تنظيم هذا المنتدى‪،‬‬
‫كأحد أهم أساسات مسيرة تحوّل االقتصاد‬ ‫ورحب بالمتحدثين‪ ،‬وهم‪ :‬المهندس بدر بن‬
‫في المملكة‪ ،‬كما أنه أحد أهم برامج رؤية‬ ‫عــادل فــودة‪ ،‬وكيل وزارة الصناعة والثروة‬
‫‪ ،2030‬وكيفية النهوض بهذا القطاع والتعامل‬ ‫المعدنية للتطوير الصناعي‪ ،‬وعنوان ورقته‪:‬‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية‬
‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪8‬‬
‫وقال م‪ .‬فودة‪ :‬إن الثورة الصناعية الرابعة‬ ‫مع أكبر التحديات والفرص السانحة أمامه‪،‬‬
‫هــي أح ــد الـ ُمــمــكــنــات األسـ ــاس فــي تحول‬ ‫وذلك في خضم ما يسمى بالثورة الصناعية‬
‫سياسات العمل ومنهجياته‪ ،‬وذلك بالتكامل‬ ‫الرابعة في االقتصاد العالمي‪.‬‬
‫بين التقنيات المتقدمة‪ ،‬والتحول إلى مصانع‬
‫المهندس البدر فودة‬
‫ذكــيــة‪ ،‬وغــيــرهــا مــن األمـــور لــزيــادة اإلنــتــاج‬
‫والتنافسية فــي قــطــاع الصناعة‪ ،‬وتمكين‬ ‫بــدأ م‪ .‬البدر فــودة في التعريف ببرنامج‬
‫القطاع الصناعي من تحقيق المستهدفات‬ ‫تــطــويــر الــصــنــاعــة الــوطــنــيــة وال ــخ ــدم ــات‬
‫الخاصة لرؤية المملكة ‪.2030‬‬ ‫اللوجستية‪ ،‬وقال إنه يركز على أربعة قطاعات‬
‫وعـرّج المهندس فــودة بالذكر على أنواع‬ ‫هي‪ :‬الصناعة‪ ،‬والثروة المعدنية‪ ،‬والطاقة‪،‬‬
‫الثورات الصناعية التي تمت؛ فذكر أن الثورة‬ ‫والخدمات اللوجستية‪ .‬وركز في ورقته على‬
‫الصناعية األولــى كانت في العام ‪1760‬م‪،‬‬ ‫الثورة الصناعية الرابعة؛ إذ يلعب البرنامج‬
‫وكانت تُعنى باختراع اآللة البخارية وميكنة‬ ‫دورًا كبيرًا في تمكين قطاع الصناعة؛ ألنه‬
‫اإلنــتــاج؛ تلتها الثورة الصناعية الثانية في‬ ‫ـاس لتحقيق مستهدفات البرنامج‪،‬‬ ‫مُمكّن أسـ ٌ‬
‫العام ‪1870‬م‪ ،‬وكانت تُعنى بالكهرباء‪ ،‬وجرى‬ ‫وللتركيز على تطوير قطاع الصناعة وتحفيزه‬
‫خاللها اختراع الكهرباء وتحوّل اإلنتاج إلى‬ ‫بشكل شامل‪ ،‬من خالل ثالث ركائز رئيسة‪،‬‬
‫إنتاج كمّي؛ أما الثورة الصناعية الثالثة فكانت‬ ‫هــي‪ :‬رفــع كفاءة التصنيع وخفض التكاليف‪،‬‬
‫في العام ‪1970‬م‪ ،‬ومنها بدأ دخول الحواسيب‬ ‫ورفـ ــع الــتــنــافــســيــة‪ ،‬ورفـ ــع جـ ــودة المنتجات‬
‫إلــى التطبيق؛ ثــم جــاءت الــثــورة الصناعية‬ ‫المحلية‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن البرنامج يقوم بتفعيل دور‬
‫الــرابــعــة وه ــي مــجــمــوعــة مــن التطبيقات‬ ‫هذا المحور من خالل الخطة التنفيذية الرابعة‬
‫المتقدمة الخاصة مثل‪ :‬الحوسبة السحابية‪،‬‬ ‫التي تم اعتمادها في بداية العام ‪2021‬م‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية‬
‫والبيانات الضخمة‪ ،‬والذكاء االصطناعي‪ ،‬في المملكة من االعتماد على العمالة الوافدة‬
‫وهكذا دواليك‪ ،‬والتي لم تكن موجودة من ذات األجور المنخفضة إلى األتمتة والتميز‬
‫التشغيلي‪.‬‬ ‫قبل‪.‬‬
‫المهندس عبداهلل العبيكان‬ ‫وأشار المهندس فودة إلى أن برنامج تطوير‬
‫الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية حلل‬
‫ثم تحدث المهندس عبداهلل العبيكان‪،‬‬
‫التحديات الموجودة في بيئة العمل‪ ،‬ليستطيع‬
‫الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان‪ ،‬عن‬
‫الــخــروج بــمــبــادرات تمكّن مــن التحول نحو‬
‫محور واقــع الصناعة الوطنية فــي الوقت‬
‫تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة‪ ،‬وجرى‬
‫الحاضر ومــدى جاهزيتها لتلبية متطلبات‬
‫تعزيز دور منظومة الدورة الصناعية الرابعة‬
‫الثورة الصناعية الرابعة‪.‬‬
‫في المملكة‪ ،‬وكذلك توفير المعلومات الالزمة‬
‫فقال إن الصناعة في المملكة هي قصة‬ ‫بالنسبة للمستثمر‪ ،‬مــع إدخـــال الحوكمة‬
‫نجاح في إدارة التنمية‪ ،‬ونحن نتحدث اليوم‬ ‫وتكامل الجهود تحت جهة راعــيــة واحــدة‪،‬‬
‫عن الفرص والتحديات التي تواجهنا بشكل‬ ‫وتعزيز المخصصات المالية والقوى البشرية‬
‫يومي‪ .‬فالخيارات المتاحة في الصناعات‬ ‫المتخصصة فــي ه ــذا الــمــجــال‪ ،‬إضــافــة‬
‫السعودية شبيهة بالخيارات المتاحة في‬ ‫إلى العمل على رفع الوعي لتقنيات الثورة‬
‫كثير من الدول‪ ،‬والتحدي أو اإلبداع هو في‬ ‫الصناعية الرابعة عند القطاع الخاص وعلى‬
‫اختيار ما يناسبنا‪ ،‬بحيث نتفوق ونكون في‬ ‫وجه التحديد القطاع الصناعي‪.‬‬
‫حالة استدامة للصناعة السعودية‪ ،‬وإذا كانت‬
‫وأكــد المهندس فــودة أن هذه التحديات‬
‫إدارة التحديات هي عمل يومي للقائمين على‬
‫جرى تحويلها إلى فرص‪ ،‬ضمن أربعة محاور‬
‫الصناعة؛ فإن التمكين في إدارة التحديات‬
‫هي‪ :‬المحور األول حوكمة البيانات والتقنيات‪،‬‬
‫هو التميز المأمول‪ .‬إن محور نقاشنا في هذه‬
‫والمحور الثاني تهيئة البنية التحتية الرقمية‪،‬‬
‫الندوة‪ ،‬هو‪ :‬ما المحركات والممكنات التي‬
‫والمحور الثالث تبنّي تقنيات الثورة الصناعية‬
‫تحقق االستدامة للصناعة السعودية؟‬ ‫الرابعة من قبل المستخدم أو المستفيد‪،‬‬
‫إن حجم السوق في المملكة يعد األكبر في‬ ‫والمحور الرابع هو تحفيز التقنية واالبتكار‪.‬‬
‫المنطقة من حيث الطلب والمبيعات‪ ،‬وأغلب‬ ‫وأشـ ــار الــمــهــنــدس فـــودة إل ــى أن وزارة‬
‫الصناعات في العالم التي تفوقت سواء في‬ ‫الصناعة والثروة المعدنية أطلقت برنامجً ا‬
‫التصدير أو في اإلبداع أو االبتكار تتميز بأن‬ ‫لتحويل أربعة آالف مصنع من االستخدام‬
‫لديها سوقا محلية كبيرة‪.‬‬ ‫الــكــثــيــف لــلــعــمــالــة الـــوافـــدة ذات األجـــور‬
‫النقطة الثانية‪ :‬الموقع الجغرافي للمملكة‬ ‫المنخفضة‪ ،‬إلى استخدام تطبيقات التميز‬
‫هو موقع متفرد يساعد في طــرح خيارات‬ ‫التشغيلي أو كفاءة اإلنتاج‪ ،‬واألتمتة‪ ،‬ما يخلق‬
‫كثيرة لسالسل اإلمــداد والدعم اللوجستي‪.‬‬ ‫فرصا ألبناء الوطن‪ ،‬كما سيسهم أيضا في‬ ‫ً‬
‫أما القوة الثالثة فهي توافر المواد الخام في‬ ‫رفع مؤشر االبتكار وتطور الصناعة‪ ،‬وذلك‬
‫المملكة سواء الهايدرو كربونية أو التعدين‪.‬‬ ‫بهدف تغيير مفهوم الصناعة‪ ،‬وثقافة التصنيع‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية‬
‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪10‬‬
‫أسباب تسريع النمو وتعزيز مكانة المملكة‬
‫صناعيًا يتطلب بناء منظومة متكاملة لكل‬
‫صناعة‪ ،‬وتوطين الصناعة‪ ،‬ورفــع مستوى‬
‫المحتوى المحلي أساس القدرة على التصدير‬
‫والمنافسة‪ ،‬وبناء صناعة تعتمد بشكل أساس‬
‫على االقتصاد الرقمي والذكاء االصطناعي‪،‬‬
‫والتركيز على تعظيم سالسل قيم المواد‬
‫األساس المتوافرة في المملكة‪.‬‬
‫الدكتور منصور الصالح‬
‫تحدث الدكتور منصور الصالح‪ ،‬الخبير في‬
‫م‪ .‬عبداهلل العبيكان عبر االتصال المرئي‬
‫التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة‪،‬‬
‫عن الخصائص التقنية واالقتصادية للثورة‬ ‫وأشار المهندس العبيكان إلى أن المجتمع‬
‫الصناعية الــرابــعــة ومتطلباتها فــي مجال‬ ‫السعودي يتميز بأنه مجتمع شاب ومستعد‬
‫إعداد القوى البشرية الوطنية وعناصر اإلنتاج‬ ‫لإلنتاج واالســتــهــاك‪ ،‬وتتوافر لدية مــوارد‬
‫الضرورية األخــرى‪ ،‬فقال‪ :‬إن الزمالء الذين‬ ‫مالية‪ ،‬ونظام مصرفي قــوي‪ ،‬ومترابط مع‬
‫سبقوني في الحديث تحدثوا عن مراحل الثورة‬
‫النظام العالمي‪ ،‬ويحظى بثقة عالمية في‬
‫الصناعية بأطوارها األربعة‪ ،‬لكن دعونا نركز‬
‫النظام االقتصادي واالستقرار الذي يتمتع‬
‫اآلن على الثورة الصناعية الرابعة‪ ،‬ففي حين‬
‫به‪ .‬ويعد ذلك َم ْكمَن قوة كبيرة ينبغي توظيفها‬
‫كانت هناك تقنية واحدة تميز الثورة الصناعية‬
‫واالستفادة منها بشكل كبير‪ .‬أما التحوالت‬
‫فــي مراحلها الثالثة السابقة‪ ،‬فقد جــاءت‬
‫والثورات الصناعية في العالم‪ ،‬فنحن مقبلون‬
‫الثورة الصناعية الرابعة متميزة بمجموعة‬
‫على اندماج بين علم المواد وعلم المعلومات‪،‬‬
‫من التقنيات‪ ،‬وليس تقنية واحدة فقط‪ ،‬أحيانًا‬
‫وهــذا االنــدمــاج ولّــد وظــائــف مــتــعــددة‪ ،‬وله‬
‫يسمونها اإلنتاج المادي اإللكتروني‪.‬‬
‫خصائص متعددة‪ ،‬وقوة أداء عالية‪ ،‬وسيؤثر‬
‫وبصرف النظر عن المصطلحات‪ ،‬حتى لو‬ ‫على صناعات كثيرة جدا‪.‬‬
‫أخذنا المصطلح الرئيس «الثورة الصناعية‬
‫ونبّه المهندس عبداهلل العبيكان إلى أن‬
‫الرابعة» التي بــدأت قريبًا في عــام ‪2016‬‬
‫عدم فهمنا لهذا التغير واالندماج قد يفوّت‬
‫وال ــذي أطلقه عليها المنتدى االقتصادي‬
‫فرصا كبيرة‪ ،‬ومنها االندماج في علم‬
‫ً‬ ‫علينا‬
‫العالمي‪ ،‬كــان هــنــاك مصطلح آخــر يدعى‬
‫األعمال‪ ،‬وعلوم الكمبيوتر‪ ،‬وهــذا االندماج‬
‫الصناعة‪ ،‬بــدءًا من استراتيجية المصانع‬
‫أو ما يطلق عليه في ألمانيا اسم المصانع‬ ‫الذي يحدث‪ ،‬فيه قفزات كبيرة ستولد نظام‬
‫الذكية‪ ،‬فكانت هــذه بداية المصطلح‪ ،‬كما‬ ‫تشغيل جــديــد‪ ،‬ســواء فــي الصناعة أو في‬
‫تم استخدام مصطلحات التقنيات الناشئة‬ ‫المؤسسات والشركات‪.‬‬
‫والحديثة في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫ولخّ ص المهندس العبيكان مداخلته في أن‬

‫‪11‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية‬
‫وهذا المسمى يندرج تحته مجموعة من سنويًا‪ ،‬أما عوائد إنترنت األشياء فهي ما بين‬
‫التقنيات‪ ،‬ليستفاد منها في مجموعة من ‪ 3‬إلى ‪ 6‬ترليون في السنة‪.‬‬
‫التطبيقات‪ ،‬ومن المهم أن نعرف أن الثورة‬
‫وتساءل الدكتور منصور‪ :‬ما فوائد الثورة‬
‫الصناعية الرابعة ال تقتصر على المصانع‬
‫الصناعية الرابعة؟ ويجيب‪ :‬إن من فوائد‬
‫فــقــط‪ ،‬فــهــي تشمل مــجــاالت كــثــيــرة‪ ،‬على‬
‫الثورة الصناعية الرابعة‪ :‬زيــادة اإلنتاجية‪،‬‬
‫سبيل المثال ال الحصر صناعة البرمجيات‪،‬‬
‫والكفاءة‪ ،‬والجودة‪ ،‬والسالمة‪ ،‬واتخاذ القرار‪،‬‬
‫وصــنــاعــة الــســيــاحــة‪ ،‬وغ ــي ــره ــا‪ .‬وهــنــاك‬
‫والمساعدة في اتخاذ القرار‪ .‬وستكون هناك‬
‫تقنيات شبكات اإلنترنت ووسائل التواصل‬
‫منافسة بين الشركات والمصانع في الخدمة‬
‫االجتماعي‪ ،‬والهواتف النقالة‪ ،‬والحوسبة‬
‫السحابية‪ ،‬وغيرها فهي تنتقل مــن تقنية والمنتج الذي تقدمة للمستهلك‪ ،‬وسيكون لها‬
‫إلى تطبيق مثل الطباعة ثالثية األبعاد ‪ 3D‬أثر اقتصادي كبير‪ ،‬وستتغير مفاهيم العمل‪،‬‬
‫‪ printing‬والطاقة المتجددة وما يتعلق بها‪ ،‬والمهارات التي نحتاجها‪ ،‬وما األشياء التي‬
‫وإنترنت األشياء‪ ،‬وتقنية النانو‪ ،‬والروبوتات‪ ،‬تغطيها اآلل ــة اآلن‪ ،‬ومــا األشــيــاء الــتــي من‬
‫المفروض أن نركز عليها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫وغيرها‪.‬‬
‫إن فعالية اإلنتاج في المنظمة أو الشركة‬ ‫ولــكــي نــأخــذ فــكــرة ســريــعــة ع ــن األث ــر‬
‫االقتصادي‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬لو أخذنا أو المصنع ستزداد؛ وفي المقابل ستقل تكلفة‬
‫تطبيقات إنترنت الهواتف النقالة‪ ،‬ستكون اإلنتاج وتكلفة إدارة تلك الشركات‪ ،‬وكذلك‬
‫المبالغ التي نتحدث عنها مبالغ ضخمة‪ ،‬فيما يتعلق بالجودة‪ ،‬فلها أثــر ضخم جدا‪،‬‬
‫فإننا نتكلم عن عوائدها االقتصادية والتي سواء في التخطيط أو في إرضاء المستخدم‪،‬‬
‫من المتوقع أن تكون من ‪ 3‬إلى ‪ 10‬تريليون أو في سرعة إيصال المنتج إلى السوق أيضا؛‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية‬
‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪12‬‬
‫باختصار سيكون للتقنية أثر كبير جدا‪.‬‬
‫وأكــد الدكتور منصور الصالح في نهاية‬
‫عرضه على أنه عندما يكون االستثمار من‬
‫ناحية الــتــدريــب‪ ،‬والتهيئة‪ ،‬وفهم التنقية‪،‬‬
‫وأثرها في الوقت الصحيح في مرحلة مبكرة‪،‬‬
‫فإن نتائجها ستكون لها أثر كبير‪ ،‬وستكون‬
‫كذلك هناك قدرة لديها على مواكبة أو قيادة‬
‫التقنيات الحديثة بحيث تــكــون هــي فعال‬
‫صاحبة السبق‪ ،‬سيكون تأثيرها أكبر بكثير‪،‬‬
‫ألنــه عندما يرتفع مستوى نضج التقنية‪،‬‬
‫ويكثر استخدامها في أماكن كثيرة‪ ،‬تصعب‬
‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ عبر االتصال المرئي‬ ‫منافستها بشكل كبير‪.‬‬
‫والــتــي تعتمد عــلــى الــمــدخــات منخفضة‬ ‫ودعــا في ختام كلمته إلــى التركيز على‬
‫التكاليف‪ ،‬والصناعة الزراعية؛ لذلك فصافي‬ ‫ال ــدراس ــات االستكشافية واالستطالعية‬
‫المواد األساس ما زال يعد ميزة وهو السائد‬ ‫لتحديد تلك التقنيات‪ ،‬وبخاصة في مراحل‬
‫في المشهد الصناعي في السعودية بسبب‬ ‫مبكرة‪.‬‬
‫تكاليف اإلنتاج المتعلقة بالصناعات‪ ،‬وهو‬ ‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ‬
‫أعلى من الجهات المنافسة اإلقليمية؛ وقد‬
‫أمــا الــدكــتــور ستيفن هــيــرتــوغ‪ ،‬الباحث‬
‫نتج عن ذلك أن هناك محدودية في حصة‬
‫بمدرسة لندن لالقتصاد والسياسة‪ ،‬فتحدث‬
‫التقنيات المتقدمة مــن اإلنــتــاج الصناعي‬
‫في ورقته حول محور حوافز التنويع الصناعي‬
‫في السعودية‪ ،‬إذ إن صادراتها من التقنيات‬
‫ومعوقاته في المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫المتقدمة ما تزال أقل من ‪ .%1‬لذلك‪ ،‬فقد‬
‫فقال‪ :‬هناك عامالن أساسان شكال المشهد‬
‫أدى هذا النموذج القديم عمله بنجاح‪ ،‬من‬
‫الصناعي في السعودية منذ سبعينيات القرن‬
‫ناحية تحقيق التحول الصناعي في السعودية‪،‬‬
‫العشرين؛ األول هو الخدمات والبنى التحتية‬
‫وبنى أكبر قاعدة صناعية ربما في الشرق‬
‫التي توفرها الحكومة‪ ،‬وكذلك فيما يتعلق‬
‫األوســط؛ لكنه وصل إلى حالة من اإلنهاك‬
‫بعدالة توزيع االستثمار؛ أما العامل الثاني فهو‬
‫واإلجهاد اآلن بسبب أن الموارد بالكامل تم‬
‫توفير المواد األساس مثل‪ :‬الغاز‪ ،‬والكهرباء‪،‬‬
‫توزيعها‪ ،‬وكذلك بسبب القيود المالية‪.‬‬
‫والمياه‪ ،‬وهي العوامل الرئيسة التي قامت في‬
‫وعلى الصعيد اآلخــر بالنسبة للمشهد‬ ‫األساس بتشكيل المشهد واإلنتاج الصناعيين‬
‫العالمي‪ ،‬ما تزال هناك تحديات‪ ،‬فبعد عقود‬ ‫القائمين حاليًا في السعودية‪ .‬وما يزال هناك‬
‫نــرى أن هناك عملية تنافس بين الصين‬ ‫تحيز بشكل أكبر تجاه الصناعات الثقيلة‬
‫وأمريكا‪ ،‬وأن هناك حالة تشتت وانقسام‬ ‫والصناعات الخفيفة التي تركز على قطاع‬
‫في السوق على الصعيد االقتصادي الدولي‪.‬‬ ‫الطاقة‪ ،‬والصناعات المرتبطة بالمستهلكين‬

‫‪13‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية‬
‫موجة تحول صناعية جديدة‪ ،‬ربما قد تكون‬ ‫وبالطبع وجود جائحة كورنا أثّرت كثيرًا في‬
‫بطيئة بعض الشيء‪ ،‬لكنها سوف توفر بعض‬ ‫هذا االتجاه‪ ،‬كما أدى إلى زيادة ما نسميه‬
‫اإليجابيات‪ ،‬مثل توفير الكهرباء والطاقة‬ ‫بالثورة الصناعية الرابعة بكل مكوناتها‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫بخدمات أقــل تكلفة‪ ،‬وتوفر كذلك مصدرًا‬ ‫التقنية‪ ،‬والبيانات‪ ،‬والذكاء االصطناعي‪ ،‬وما‬
‫جديدًا للمواد األساس‪ ،‬والتي يمكن أن تشكل‬ ‫إلى ذلك‪.‬‬
‫ـول جــدي ـدًا لصناعة مكثفة للصناعات‬
‫تــحـ ً‬
‫وأضاف د‪ .‬هيرتوغ أنه بالنسبة لتوظيف‬
‫الثقيلة‪.‬‬
‫الكفاءات الوطنية‪ ،‬واالستفادة منها‪ ،‬تدفع‬
‫الحوار والمداخالت‬ ‫الحكومة باتجاه السعودة‪ ،‬وتوطين المهن‪،‬‬
‫وزيــادة توظيف السعوديين‪ ،‬وهذا قد يعني‬
‫تساءل مدير الــنــدوة‪ :‬هل تطوير القطاع‬
‫على المدى القريب زيادة في التكاليف‪ ،‬وربما‬
‫الصناعي أمــر ض ــروري لتطوير عجلة نمو‬
‫انخفاض في المرونة بالنسبة للمنتجين‪،‬‬
‫االقــتــصــاد الــســعــودي وتــســريــعــه‪ ،‬وتحقيق‬
‫لكن على المدى البعيد قد يعني تحسينًا‬
‫مستهدفاته‪ ،‬وتقليل االعتماد على البترول؟‬
‫للمشهد اإلنتاجي‪ ،‬لكنها حركة تسير ببطء‬
‫أم هل من الممكن تحقيق هذه المستهدفات‬
‫ملحوظ‪ ،‬وبسبب محدودية وجود المهارات‬
‫عوضا عن‬
‫ً‬ ‫عن طريق تطوير قطاعات أخرى‬
‫المتخصصة من داخــل السعودية سيبقى‬
‫القطاع الصناعي؟‬
‫االنتقال إلى اإلنتاج التقني الموسّ ع والمكثّف‬
‫أجــاب المهندس الــبــدر ف ــودة‪ ،‬فــقــال‪ :‬إن‬ ‫يمر بمرحلة بطيئة في المستقبل القريب في‬
‫مساهمة الصناعة في الناتج المحلي بالنسبة‬ ‫السعودية‪.‬‬
‫لــلــدول الـــ ‪ ،20‬هــي فــي ح ــدود ‪%17‬؛ بينما‬
‫وقال إن هناك مجموعة كبيرة من الفرص‬
‫مساهمة الصناعة الوطنية في الناتج السعودي‬
‫الــجــديــدة الــتــي تــلــوح فــي األفـــق بالنسبة‬
‫‪ ،%12‬وهذه الفجوة تمثل التحدي‪ ،‬والفرصة‬
‫الــتــي نعمل مــن خــالــهــا‪ ،‬إلح ــال الـ ــواردات‬
‫للمنتجين الجدد‪ ،‬وبخاصة في القطاعات‬
‫لرفع الطاقة اإلنتاجية للمصانع‪ ،‬وخلق فرص‬
‫التي تستهدفها الحكومة من ناحية الصناعات‬
‫االستراتيجية‪ .‬مثل برنامج تطوير الصناعات‬
‫جديدة‪ ،‬وهي فرص ألبنائنا وبناتنا‪ ،‬وإال فأين‬
‫سيعمل أبناؤنا وبناتنا إذا لم نوفر لهم فرص‬ ‫الوطنية والخدمات اللوجستية‪ ،‬كمثال‪ .‬وتقود‬
‫العمل‪ .‬فقطاع الصناعة الــيــوم يسهم في‬ ‫هــذه الجهود شركة أرامــكــو بشكل أســاس‪،‬‬
‫تشغيل قطاع التجارة وقطاع الخدمات؛ ألن‬ ‫ومعها كذلك بعض الجهات المحلية‪ ،‬وكذلك‬
‫المصنع في النهاية يبيع للموزع‪ ،‬والموزع‬ ‫أيــضــا فيما يتعلق فــي إعـــادة توجيه بعض‬
‫يوزع لمنافذ البيع‪ ،‬وهكذا‪ ..‬فكل وظيفة في‬ ‫سالسل اإلمــداد والتوريد لبعض الصناعات‬
‫القطاع الصناعي تخلق ما بين ‪ 5‬إلى ‪10‬‬ ‫االستراتيجية المهمة‪ ،‬ومنها أيضا صناعات‬
‫وظائف في القطاعات األخرى‪ ،‬وهذا بشكل‬ ‫الدفاع واألدوية‪ ،‬والصناعات الزراعية‪.‬‬
‫مبسط‪ ،‬أي لماذا نحتاج إلى تنمية القطاع‬ ‫وخــتــم الــدكــتــور هــيــرتــوغ ب ــاإلش ــارة إلــى‬
‫الصناعي‪ ،‬ناهيك عن تنويع مصادر الدخل‬ ‫فرصة جديدة تلوح في السعودية وتتعلق في‬
‫أساس‬
‫ٌ‬ ‫وعدم االكتفاء بمصدر واحــد‪ ،‬لكنه‬ ‫التوسع في استخدام الطاقة المتجددة‪ ،‬هي‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية‬
‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪14‬‬
‫نقطتين؛ األولــى هي أنه كان هناك بالفعل‬ ‫لتوفير الوظائف‪ ،‬ولخفض السلبية في ميزان‬
‫بداية حقيقية للصناعة‪ ،‬ولكن على نطاق‬ ‫المدفوعات وغيرها من الفوائد المعروفة‪.‬‬
‫صغير جدًا بدأت في الستينيات‪ ،‬من القرن‬ ‫ٍ‬ ‫مدير الندوة‪ :‬السؤال موجه للبروفيسور‬
‫الــمــاضــي‪ ،‬ف ــإذا أضــفــنــا ه ــذه الحقبة إلــى‬ ‫ستيفن هــيــرتــوغ‪ .‬لــو نظرنا إلــى االقتصاد‬
‫الحساب الذي ذكرته‪ ،‬يمكن أن نجد أن معدل‬ ‫الــســعــودي خــال الخمسين سنة الماضية‬
‫النمو كان أكبر مما ذكر في سؤالك‪.‬‬ ‫فإنه نما بمعدل سنوي ‪ %5‬مقارنة بمعدل‬
‫النقطة الثانية‪ ،‬وهــي مثيرة لالهتمام‬ ‫نمو االقتصاد الكلي بنسبة ‪ %4‬سنويًا‪ ،‬أي‬
‫أنه بالنسبة للسعودية‪ ،‬فقد تمتعت المملكة‬ ‫أعــلــى مــن االقــتــصــاد الــكــلــي‪ ،‬ولــذلــك نسبة‬
‫كبير جـدًا باالستفادة مما لديها من‬ ‫ٍ‬ ‫بذكاءٍ‬‫القطاع الصناعي من االقتصاد الكلي زادت‬
‫المواد األســاس وميزاتها‪ ،‬وبــدأت برنامجً ا‬ ‫من ‪ %7.5‬تقريبًا في أوائل السبعينيات إلى‬
‫صناعيًا كانت تقوده الحكومة‪ ،‬وربما يعد‬ ‫نحو ‪ %11‬اليوم‪ .‬فالسؤال هو اليوم على ضوء‬
‫الــبــرنــامــج الــصــنــاعــي األنــجــح فــي الــشــرق‬
‫ذلك‪ ،‬هل هناك تحدٍّ يجب معالجته أم أننا‬
‫األوسط‪ ،‬ولكن كان له مردوداته؛ من ناحية‬ ‫نسير في الطريق الصحيح‪ ،‬وأن كل ما يجب‬
‫أن المواد األساس هي قطاع تعرض لإلنهاك‬ ‫أن نقوم به هو مواصلة السير في االتجاه‬
‫واالستنزاف‪ ،‬لذلك يمكن اعتبار ما حدث في‬ ‫نفسه؟‬
‫السعودية قصة نجاح تاريخية حقيقة‪ ،‬ولكن‬
‫ما أود أن أقوله إن الرحلة التالية من التحول‬ ‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ‬
‫اإلج ــاب ــة عــن ه ــذا ال ــس ــؤال تــتــكــون من الصناعي ستكون أصعب بكثير‪ ،‬ألن ما يكمن‬

‫جانب من الحضور‬

‫‪15‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية‬
‫أن نشبهه بالقطوف الدانية أو المزايا التي التوطين في المستويات الحكومية المحلية‪،‬‬
‫كانت متاحة‪ ،‬ويسهل استخدامها‪ ،‬تم بالفعل ألن المستويات المحلية‪ ،‬محرك قوي جدا‬
‫لتسريع النمو االقتصادي والصناعي‪.‬‬ ‫استخدام الغالبية العظمى منها‪.‬‬
‫مدير الندوة‬ ‫مدير الندوة‬
‫د‪ .‬مــنــصــور‪ :‬م ــا ه ــي أكــبــر الــتــحــديــات‬ ‫السؤال للمهندس عبداهلل العبيكان‪ :‬كان‬
‫هناك عدة محاوالت خالل السنين والعقود والــعــوائــق التكنولوجية فيما يخص تطوير‬
‫الــمــاضــيــة لتطوير الــقــطــاع الــصــنــاعــي في القطاع الصناعي السعودي؟‬
‫د‪ .‬منصور الصالح‬ ‫المملكة‪ ،‬فهو يشكل ‪ %11‬من االقتصاد الكلي‬
‫تقريبا‪ ،‬مقارنة بنسب تراوح ما بين الـ ‪ 20‬إلى‬
‫طبعا بحكم أننا نتحدث عن تقنيات حديثة‬ ‫‪ % 30‬في دول مثل ماليزيا‪ ،‬وكوريا الجنوبية‪،‬‬
‫والصين‪ .‬برأيكم‪ :‬ما هي أكبر التحديات التي وناشئة‪ ،‬وبعضها أيضا معقد‪ ،‬ويحتاج إلى‬
‫حالت دون الــوصــول إلــى هــذه المستويات‪ ،‬تدريب وإلــى فهم عميق‪ .‬فقد تكون إحدى‬
‫واالحتذاء بما قامت به بعض الدول الناجحة مشكالت تبني التقنيات الحديثة أو ما يسمى‬
‫بتقنيات الــثــورة الصناعية الرابعة‪ -‬بشكل‬ ‫في هذا المجال؟‬
‫عام‪ -‬هي عدم وجود فهم كامل من أصحاب‬
‫المصلحة ومتخذي القرار الموجودين في‬ ‫م‪ .‬عبداهلل العبيكان‬
‫اعتقد أن واحدًا من التحديات الرئيسة هو المصانع والشركات وغيرها‪ .‬فما هي هذه‬
‫موضوع التكامل في االستراتيجية‪ .‬فالصناعة التقنيات التي نسمع بها اآلن؟ ما دورها؟ وما‬
‫ال يمكن أن تنجح وتزدهر إذا لم يكن هناك هو تأثيرها؟‬
‫تأثيرها كما ذكرنا من ناحية اإلنتاجية‪،‬‬ ‫منظومة متكاملة ومترابطة‪ ،‬وهذا مهم جدا‬
‫واإلي ــرادات السنوية‪ ،‬واألمــان في المصنع‪.‬‬ ‫لتسريع النمو‪ .‬والنقطة الثانية‪ :‬فيما يتعلق‬
‫هل فعال ستقلل التكلفة أم ال؟ هل ستخفض‬ ‫بالصناعات األساس‪ ،‬صحيح أننا تفوقنا في‬
‫أعداد األيدي العاملة؟ وبالتالي هل يمكن رفع‬ ‫الصناعات النفطية والبتروكيماويات‪ ،‬لكن مثل‬
‫الجودة‪ ،‬ومزايا أخرى كثيرة؟ أعتقد أننا ربما‬ ‫صناعة السيارات هي صناعة أساس ومحرك‬
‫نحتاج إلى ورش عمل بطرق مختلفة‪ ،‬للتأكد‬ ‫للتنمية بشكل كبير‪ ،‬مــا يعني أنــنــا فقدنا‬
‫فعال من استيعاب التقنيات المختلفة‪ ،‬وما هو‬ ‫التوطين‪ .‬والصناعة العسكرية مهمة لتنشئة‬
‫أثرها‪ ،‬ولماذا هي مهمة‪ ،‬وفي الوقت نفسه‪،‬‬ ‫الصناعات المدنية وتحفيزها واإلبداع فيها‪.‬‬
‫فمن المعروف أنه ليس دائما التقنيات تزيد‬ ‫أما ما يتعلق بتوطين قطاع نظام المعلومات‪،‬‬
‫من اإلنتاجية وتطور الشركة أو المصنع‪.‬‬ ‫فكل شركات التقنية الموجودة عندنا اليوم‬
‫كــمــا يــجــب أن تــكــون هــنــاك دراسـ ــة دقيقة‬ ‫جميعها عــبــارة عــن بياعين‪ ،‬فليس لدينا‬
‫أيضا‪ ،‬لمعرفة أثر تلك التقنيات وتطبيقها‪،‬‬ ‫مراكز أبحاث ومبرمجين ومطورين لتسريع‬
‫وعــدم وجــود الكفاءات ‪-‬كما ذكر المتحدث‬ ‫التنمية‪ .‬النقطة الرئيسة األخيرة‪ ،‬وهي مهمة‬
‫في السؤال السابق‪ -‬القادرة على إدارة تلك‬ ‫جدا‪ ،‬هي توطين المشتريات أو رفع مستوى‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية‬
‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪16‬‬
‫د‪ .‬عبدالرحمن الجعفري‪ ،‬يقدم مداخلته‬

‫المبادرة الثانية‪ :‬البنية التحتية للثورة‬ ‫التقنيات وتشغيلها واالستفادة منها‪ ،‬كذلك‪،‬‬
‫الصناعية الرابعة وهي ليست تحت منظومة‬ ‫فإن الشركات معتادة على عمليات وإجراءات‬
‫الصناعة والثروة المعدنية كوزارة‪ ،‬وإنما تحت‬ ‫واستراتيجيات معينة‪ ،‬يطبقونها منذ سنوات؛‬
‫وزارة االتصاالت وتقنية المعلومات‪ ،‬للتمكين‬ ‫فدائمًا يصعب التغيير‪ ،‬وتبني تقنيات فعال‬
‫من وجودها؛ ألنه في النهاية‪ ..‬فإن التطبيقات‬ ‫حديثة أثرها غير واضح أمام أعينهم‪.‬‬
‫هذه كلها تحتاج إلى شبكة إنترنت وبنية تحتية‬
‫مدير الندوة‬
‫قوية‪ .‬والمبادرة الثالثة هي منصة الممكّنات‬
‫الرقمية‪ .‬والمبادرة الرابعة هي التوعية في‬ ‫مهندس بــدر‪ ،‬عــودة لكم‪ ..‬على ضــوء ما‬
‫الثورة الصناعية الرابعة‪.‬‬ ‫سمعناه‪ ،‬برأيكم‪ ،‬هل تعطينا فكرة عن أهم‬
‫المبادرات التي تقوم فيها وزارة الصناعة‬
‫إن عدد المبادرات كبير‪ ،‬وهــذا يعني أن‬
‫لــتــحــقــيــق مــســتــهــدفــات بــرنــامــج الــتــطــويــر‬
‫منظومة الصناعة لها مبادرات متخصصة‬
‫الصناعي من ناحية اإلضافة للناتج المحلي‪،‬‬
‫ومن ناحية توليد الوظائف‪ ،‬ومواجهة بعض الهدف فيها في النهاية أن تغير من شكل‬
‫الصناعة الــتــي نــراهــا الــيــوم إلــى الطموح‬ ‫التحديات التي تم ذكرها‪.‬‬
‫والتوافق مع رؤية المملكة ‪.2030‬‬
‫م‪ .‬البدر‬
‫مداخلة من د‪ .‬عبدالرحمن الجعفري‬
‫شــكــرا جــزيــا عــلــى ال ــس ــؤال‪ ،‬الــمــبــادرة‬
‫كل متحدث من المتحدثين األربعة لمس‬ ‫األولى هي تأسيس المركز الوطني للتصنيع‬
‫واإلنتاج المتقدم وتشغيله‪ ،‬وهذا المركز يركز جوانب مهمة بالنسبة للصناعة‪ .‬ولعلي أضيف‬
‫على الثورة الصناعية الرابعة‪ ،‬وتطبيقاتها شيئًا واحدًا ربما لم يتطرقوا له‪ ،‬ولهذا السبب‬
‫التي شرحتها أثناء العرض‪ ،‬وتمكين القطاع أراه من أهم األهميات أو األساسات لتقدم‬
‫الصناعة‪ .‬سأل المهندس عبداهلل العبيكان‬ ‫الصناعي من االستفادة منها‪.‬‬

‫‪17‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية‬
‫ثانيا‪ :‬الميزة النسبية‪ ،‬لقد حققنا في‬ ‫سؤاال‪ ،‬ما هي المؤشرات أو الممكنات التي‬
‫صناعتنا في الجبيل‪ ،‬وقد عددها لنا الدكتور‬ ‫تحقق االستدامة للصناعة السعودية؟ أعتقد‬
‫هــيــرتــزوغ‪ ،‬مــا ال ــذي جــعــل صناعتنا تقوم‬ ‫أن هــذا الــســؤال مــحــوري‪ ،‬وكــذلــك الدكتور‬
‫وجعل لها وجودا؟ في الحقيقة‪ ،‬إنها الطاقة‬ ‫منصور ذكر تقنيات عديدة‪ ،‬كيف جاءَت تلك‬
‫الــرخــيــصــة‪ ،‬لقد كــانــت الــطــاقــة الرخيصة‬ ‫التقنيات؟ ومــا المحرك األســاس للصناعة‬
‫هي مدخلنا للصناعة‪ ،‬فكانت هي المدخل‬ ‫في العالم؟ لو أخذنا تجربة كوريا الجنوبية‪،‬‬
‫األساس‪ ،‬فال داعي ألن نقتل الدجاجة التي‬ ‫وتجربة اليابان‪ ،‬والتجارب في الغرب‪ ،‬ما‬
‫تبيض لنا بيضة من ذهب ونرفع التكلفة‪.‬‬ ‫المحرك الــذي أوصــل هذه الصناعة وجعل‬
‫تــلــك الـ ــدول تنتج منتجات عــالــيــة الــجــودة‬
‫د‪ .‬رجا المرزوقي‬
‫وبتكلفة منخفضة‪ ،‬وكل سنة تقدم لنا منتجً ا‬
‫ذكر المتحدثون مبادرات وقضايا مهمة‬ ‫جديدا؟ ستذهبون غدا أو بعد غدا لشراء‬
‫عــلــى مــســتــوى االقــتــصــاد الــجــزئــي‪ .‬فعلى‬ ‫جهاز هاتف سام سونج أو آبل أو غيرهما‪ ،‬ما‬
‫المستوى القطاعي‪ ،‬غالب المبادرات رائعة‪،‬‬ ‫المحرك األساس الختيار هذه األجهزة؟ في‬
‫ولكنني أتوقع أن لدينا إشكالية‪ ،‬وأود أن أسمع‬ ‫يوم من األيام حاولت أن أتعرف على مقدار ما‬
‫رأيهم حولها في التنافسية‪ .‬كيف أستطيع أن‬ ‫ننفقه نحن على البحث والتطوير في شركاتنا‬
‫أخفض التكلفة‪ ،‬مقابل دول العالم األخرى‪،‬‬ ‫القائمة‪ ،‬فأخذت مائة وسبع وستين أو مائة‬
‫ال ــذي تحدثتم عنها فــي الــمــبــادرات‪ ،‬في‬ ‫وسبع وخمسين شركة خليجية رأسمالها أكثر‬
‫الجانب االقتصادي الكلي خاصة في الدول‬ ‫من ‪ 20‬مليون دوالر‪ ،‬وقلت دعني أرى كم تنفق‬
‫النفطية تــحــدث صــدمــات لالقتصاد تؤثر‬ ‫على البحث والتطوير! وبعد زيارة كنا بها في‬
‫على سعر الصرف الحقيقي‪ ،‬وعلى العالقة‬ ‫اليابان‪ ،‬زرنا مركز شركة هيتاشي‪ ،‬سألتهم‪:‬‬
‫بــيــن الــقــطــاع الــنــفــطــي‪ ،‬والــقــطــاع الــعــقــاري‬ ‫كم تنفقون على البحث والتطوير؟ قالوا‪ :‬ننفق‬
‫وغير العقاري‪ ،‬ويؤثر ذلــك على التكاليف‬ ‫نحو ‪ %6‬من حجم مبيعاتنا‪ ،‬ثم سألت‪ :‬كم‬
‫الحقيقية والتنافسية؛ والنقطة الثانية المهمة‬ ‫حجم مبيعاتكم؟ أجابوا بالمليارات!‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬وذلك حتى نحسن اإلنتاجية عندنا‬
‫نحن وجــدنــا أن صناعاتنا ليس عندها‬
‫البحث والتطوير‪ ،‬وكــذلــك جــزء مــن تأثير‬
‫مراكز بحث‪ ،‬عندنا مركز بحث وتطوير في‬
‫اإلنتاجية والــذي يرفع اإلنتاجية وهذا جزء‬
‫سابك‪ ،‬أسسه المهندس عبدالعزيز الزامل‪،‬‬
‫من التنافسية‪ ،‬وأداء القطاعات الحكومية‬
‫رحمه اهلل‪ ،‬وهنا أقولها إلخواننا في وزارة‬
‫مــهــم جـــدا‪ ،‬ولــكــن ربــمــا تــكــون الــســيــاســات‬
‫الصناعة‪ ،‬شكرا لكم على جهودكم‪ ،‬ولكن إن‬
‫الحكومية تعرقل اإلنتاجية أكثر مما تخدمها‪.‬‬
‫كنتم تريدون صناعة مستمرة متطورة في‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬يجب أن نخصص مدير الندوة‪ :‬أنتقل بالسؤال للبروفيسور‬
‫بحدود ‪ %2‬إلى ‪ %3‬من الناتج المحلي للبحث هيرتوغ‪ .‬إن كان لكم تعليق بشأن كيف يمكننا‬
‫أن نتعامل مع شيئين اثنين‪ ،‬هما‪ :‬التنافسية‬ ‫والتطوير في كل صناعاتنا القائمة‪.‬‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬


‫للدراسات السعودية‬
‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪18‬‬
‫المهندس البدر فودة‬ ‫في األسواق العالمية‪ ،‬واإلنتاجية في القطاع‬
‫لقد جاءت رؤية ‪ .2030‬لتعمل على تنويع‬ ‫الصناعي السعودي والموظف السعودي في‬
‫القطاع لالستمرارية على المستوى العالمي؟ مــصــادر الــدخــل‪ ،‬وأال يــكــون االقــتــصــاد كله‬
‫مرهونا بمنتج واحــد أمــام أي أزمــة عالمية‬ ‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ‬
‫بالنسبة لموضوع اإلنتاجية‪ ،‬كان هناك تحصل أو تغير في األسعار وغير ذلك‪ .‬أتوقع‬
‫انخفاض في اإلنتاجية شهدناه لعقود‪ ،‬وكان أن الرؤية في كل برامجها‪ ،‬هي لإلجابة عن‬
‫السبب هو وجــود محفزات حكومية‪ ،‬أدت هذا السؤال إذا كنت فهمت السؤال بالشكل‬
‫ربما إلى قلة اهتمام المواطنين السعوديين الصحيح‪.‬‬
‫أما بالنسبة للتنافسية واإلنتاجية‪ ،‬فالسوق‬ ‫بصفة معينة في القطاع الــخــاص‪ ،‬أو في‬
‫اكتساب المهارات التي تدفعهم إلى القطاع‬
‫السعودية اليوم ليست سوقا مغلقة‪ ،‬بل هي‬
‫الــخــاص‪ ،‬وكــذلــك النقطة األخ ــرى بسبب‬
‫منفتحة جــدا‪ ،‬وفيها كــل أن ــواع المنتجات‪،‬‬
‫وجود وفرة كبيرة في المنطقة اإلقليمية بما‬
‫ون ــح ــاول أن تــكــون ســوقــا تــتــســم بــعــدالــة‬
‫يتعلق بالعمالة منخفضة التكاليف‪ ،‬والتي‬
‫أثرت في هذا الجانب أيضا؛ لذلك‪ ،‬فالشيء المنافسة‪ ،‬وإنني إذا كنت أنتج منتجا بمستوى‬
‫المهم الــذي يجب أن نركز عليه إذا أردنا جــودة مرتفعة‪ ،‬يجب أن أضمن أن المنتج‬
‫زيادة اإلنتاجية‪ ،‬وزيادة االستثمار في مجال الرديء لن يدخل المملكة وينافس المنتجات‬
‫التقنيات المتقدمة‪ ،‬يجب أن يكون هنالك المحلية‪ .‬صحيح أن األجور المنخفضة يترتب‬
‫إعــادة دراســة لتكلفة اإلنــتــاج‪ .‬وكذلك بناء عليها إنتاجية منخفضة‪ ،‬ولكي ترتفع الجودة‪،‬‬
‫على هذا األمر ستتاح الفرصة للمواطنين ويرتفع السعر‪ ،‬ويكون السعر منافسا‪ ،‬نحتاج‬
‫السعوديين ألن يقوموا باختيار نوع التدريب أيضا أن تكون السوق محكومة بشكل قوي‬
‫المناسب لهم لينضموا إلى القطاع الخاص‪ ،‬من ناحية عدالة المنافسة‪ ،‬وتضطر لعمل‬
‫على سبيل المثال بإمكانهم اختيار التدريب المعادلة الصعبة والتي هي جودة وسعر جيد‪.‬‬
‫األكاديمي أو المهني‪ ،‬ولكن يجب أن تتوافر يمكن أن تكون بعض قطاعات الصناعة خالل‬
‫لهم المحفزات واإلشارات التي تدفعهم إلى‬
‫الفترة الماضية قد ركزت على السعر دون‬
‫اختيار العمل في القطاع الخاص‪ ،‬والتركيز‬
‫الجودة‪ ،‬ولكن هناك شركات وطنية أخرى‬
‫كذلك على المجاالت عالية التقنية‪ .‬الوضع‬
‫أخــذت منحى آخــر‪ .‬مثال شركة المراعي‬
‫اآلن تغير وبدأ الشباب السعودي يركز جيدا‬
‫في اختيار نوع التعليم الذي سيكون مهما اليوم وغيرها من الشركات الوطنية‪ ،‬حقيقة‬
‫ومفيدا له ومساعدا له في ســوق العمل‪ ،‬نثق فــي جــودة منتجاتها‪ ،‬ويمكن هــذه هي‬
‫وأيضا أكثر من ذلك بدأوا يركزون في انتقاء المعادلة الصعبة إذا حليناها‪ ،‬وعملنا منتجا‬
‫الخبرات والمهارات‪ ،‬لتوفر لهم التدريب‪ ،‬جيدا بسعر جيد‪ ،‬سيولد وظيفة جيدة براتب‬
‫ليحصلوا على المهارات التي تكون مناسبة ممتاز‪ ،‬ويمكن أن يأخذنا هذا إلى منافسة‬
‫وإنتاجية أفضل‪.‬‬ ‫للعمل في القطاع الخاص‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬
‫للدراسات السعودية‬
‫برعاية صاحبة السمو‬

‫األميرة نورة بنت محمد آل سعود‬


‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع‬
‫(الدورة الرابعة عشرة) يقيم ندوة‪:‬‬

‫العودة اآلمنة‬
‫تحديات ورُؤى‬
‫■ كتب‪ :‬جهاد أبو مهنا‬

‫برعاية صاحبة السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود (حــرم أمير منطقة‬
‫الرياض) عقد منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع منتداه السنوي‬
‫في دورته الرابعة عشرة عبر االتصال المرئي وبعدد محدود للحضور بعنوان‪:‬‬
‫العودة اآلمنة‪ ...‬تحديات ورُ ؤى‬
‫وذلك يوم االثنين ‪ 17‬ربيع اآلخر ‪1443‬هـ (‪ 22‬نوفمبر ‪2021‬م)‪ ،‬والذي يقيمه مركز‬
‫عبدالرحمن السديري الثقافي سنويًا بدار الرحمانية بالغاط‪ ،‬ولكنه عقد هذا العام‬
‫استثنائيًا عبر االتصال المرئي تماشيًا مع ظروف مواجهة جائحة كورونا‪.‬‬

‫وق ــال ــت صــاحــبــة الــســمــو األمــيــرة درجات جودة الحياة ألبناء المجتمع‪.‬‬
‫وأضــافــت صاحبة السمو األمــيــرة‬ ‫نورة بنت محمد آل سعود إن موضوع‬
‫المنتدى لهذا العام من الموضوعات نورة بنت محمد آل سعود إننا مطالبون‬
‫الــحــيــويــة الــتــي تــامــس احتياجاتنا بمعرفة متطلبات تحقيق العودة اآلمنة‬
‫المجتمعية فــي مختلف القطاعات لكافة القطاعات في الدولة التي تأثرت‬
‫التنموية في وطننا الغالي‪ ،‬وإن هذا بجائحة كورونا‪ ،‬وذلك بأخذ الدروس‬
‫المنتدى ينطلق من روح رؤية المملكة والعبر‪ ،‬واالستفادة من جميع المبادرات‬
‫‪ 2030‬التي تدعو للمبادرات التنموية‪ ،‬والخطط الناجحة التي أ ُنجزت لتالفي‬
‫وتسعى إلى تحقيق التقدم في مختلف التأثيرات السلبية‪ ،‬وتعظيم النجاحات‬
‫الــمــجــاالت االقــتــصــاديــة والتعليمية اإليجابية التي حققتها المملكة بقيادة‬
‫والصحية واالجتماعية‪ ،‬وتوفير أقصى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪20‬‬
‫بــن عبدالعزيز وولــي عهده األمــيــر محمد اآلمنة تتطلب خوض غمار التحديات وتكوين‬
‫بــن سلمان حفظهما اهلل‪ ،‬واستثمار ذلك رؤى خـ ّـاقــة حتى ترسو سفينتنا على بر‬
‫بما يخدم مختلف القطاعات التنموية في األمان بعون اهلل‪.‬‬
‫وذكرت السديري أن المنتدى لهذا العام‬ ‫المملكة‪.‬‬
‫يتناول موضوع الــعــودة اآلمــنــة‪ ...‬تحديات‬ ‫افتتح المنتدى بكلمة لرئيسة هيئة المنتدى‬
‫ورُؤى‪ ،‬بــمــشــاركــة نخبة مــن األكاديميين‬ ‫ومــســاعــدة الــمــديــر الــعــام لــشــؤون القسم‬
‫والمختصين مــن الجامعات والمؤسسات‬ ‫النسائي‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن‬
‫الوطنية المختلفة‪ ،‬بما يــثــري الخبرات‬ ‫الــســديــري‪ ،‬رحــبــت فيها بصاحبة السمو‬
‫المكتسبة للمشاركين في الكشف عن اآلثار‬ ‫األميرة نورة بنت محمد آل سعود‪ ،‬وشكرتها‬
‫النفسية والسلوكية لما بعد العودة‪ ،‬وآثارها‬ ‫على رعاية منتدى منيرة بنت محمد الملحم‬
‫المتوقعة على األجيال القادمة‪ ،‬من خالل‬ ‫لخدمة المجتمع بــدورتــه الرابعة عشرة‪،‬‬
‫إطالعهم على تجارب جديدة وقيمة‪ ،‬من‬ ‫كــمــا رحــبــت بــالــحــضــور‪ ،‬وأشــــارت إل ــى أن‬
‫شأنها تحقيق األهــداف المنشودة من هذا‬ ‫هذا المنتدى‪ ،‬من األنشطة الثقافية لمركز‬
‫حرصا من المركز على مواكبة‬ ‫ً‬ ‫المنتدى‪،‬‬ ‫عبدالرحمن الــســديــري الثقافي‪ ،‬وتقيمه‬
‫الــمــســتــجــدات لتغطي مختلف الــمــجــاالت‬ ‫مكتبة منيرة الملحم سنويًا ويــهــدف إلى‬
‫االجتماعية واالقتصادية والتعليمية ذات‬ ‫تسليط الضوء على موضوع ذي أهمية على‬
‫األهمية على المستوى الوطني‪ ،‬من خالل‬ ‫مستوى المملكة‪.‬‬
‫تركيزه على موضوع العودة اآلمنة لما بعد‬ ‫وقالت‪ :‬إن منتدى منيرة الملحم لخدمة‬
‫جائحة كورونا‪ ،‬وذلك لمناقشة تجربة المملكة‬ ‫المجتمع اختار لهذا العام موضوع (العودة‬
‫وصول إلى العودة اآلمنة‬
‫ً‬ ‫منذ بداية الجائحة‬ ‫اآلم ــن ــة‪ ...‬تــحــديــات ورُؤى) بــالــنــظــر إلــى‬
‫للحياة الطبيعية‪ ،‬بعد اتخاذ كافة التدابير‬ ‫الــتــأثــيــرات الــكــبــيــرة لــهــذه الــجــائــحــة على‬
‫الالزمة المتعلقة بالصحة والسالمة العامة‬ ‫جميع نواحي الحياة من حيث تأثيراته على‬
‫لحماية المجتمع‪.‬‬ ‫المجتمع السعودي أثناء جائحة كورونا‪.‬‬
‫وأعــلــنــت الــســديــري عــن إط ــاق مــبــادرة‬ ‫وأش ــارت إلــى أن هــذه الــنــدوة ستناقش‬
‫أواص ــر فــي مركز عبدالرحمن السديري‬ ‫متطلبات العودة اآلمنة بعد جائحة كورونا‬
‫الثقافي بالشراكة مع جائزة األميرة صيتة‬ ‫التي ال تخفى آثارُها على أحد في كل نواحي‬
‫بنت عبدالعزيز والــتــي تسعى إلــى تنمية‬ ‫الحياة؛ فقد شكّلت أبــعــادًا جديد ًة للحياة‬
‫العمل االجتماعي‪ ،‬وترسيخ مفهوم الريادة‬ ‫وسنّت قواني َن التباعد االجتماعي وفرضت‬
‫المجتمعية؛ لتحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫قواعد لالحتياطات الصحية؛ وإن العودة‬

‫‪21‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬
‫كما دأبت المملكة منذ بداية الجائحة على‬ ‫كما أعلنت السديري عن توقيع مذكرة‬
‫مواكبة المستجدات‪ ،‬للوصول إلــى العودة‬ ‫تفاهم بين مؤسسة األميرة العنود الخيرية‬
‫اآلمنة للحياة الطبيعية‪ ،‬بعد اتخاذ كافة‬ ‫ومركز عبدالرحمن السديري الثقافي لتنفيذ‬
‫التدابير الالزمة المتعلقة بالصحة والسالمة‬ ‫برامج مشتركة تخدم المجتمع المحلي في‬
‫العامة‪ ،‬وكذلك تنسيق الجهود المشتركة بين‬ ‫منطقة الجوف ومحافظة الغاط‪.‬‬
‫جميع القطاعات بهدف حماية المجتمع‪.‬‬ ‫وختمت السديري بشكر ‬صاحبة السم ‪‭‬و‬
‫وقــد حــرص منتدى منيرة بنت محمد‬ ‫‬األمــيــرة‬ ‪‭‬نــورة بنت محمد ‬آل‬ ‪‭‬ســعــود‪‭ ‬،‬على‬
‫الملحم لخدمة المجتمع في دورته الرابعة‬ ‫رعايتها ‬ ‪‭‬للمنتدى‪‬ ،‬وشــركــة بتيل الــراعــي‬
‫عشرة لهذا العام على مواكبة المستجدات‪،‬‬ ‫الرسمي للمنتدى‪ ،‬وضيوف المنتدى الذين‬
‫فاعتمد في هذه الــدورة مناقشة موضوع‪:‬‬ ‫ح ــض ــروا وشـــاركـــوا ف ــي مــنــاقــشــة مــحــاور‬
‫العودة اآلمنة‪ ...‬تحديات ورُؤى‬ ‫المنتدى‪‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬.‬‬

‫محاور الندوة‪:‬‬ ‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم‬


‫‪ -‬قراءة الواقع أثناء جائحة كورونا‪.‬‬ ‫لخدمة المجتمع ‪14‬‬

‫‪ -‬ال ــرؤي ــة المستقبلية الســتــثــمــار نــواتــج‬ ‫العودة اآلمنة‪ ...‬تحديات ورُؤى‬
‫الجائحة في المجتمع‪.‬‬ ‫لم يتعرض التاريخ المعاصر في العالم‬
‫بــأســره ألزمـ ــة إنــســانــيــة عــمــيــقــة‪ ،‬وتــحـ ٍـد‪ - ،‬التحديات والحلول‪.‬‬
‫كما حــدث خــال انــتــشــار جائحة كــورونــا‬
‫أهداف الندوة‪:‬‬
‫المستجد؛ فقد كانت الخسائر في األرواح‬
‫البشرية على مستوى مختلف الدول‪ ،‬كبيرة ‪ -‬تحليل الواقع االجتماعي وآثاره اإليجابية‬
‫والسلبية على المجتمع السعودي أثناء‬ ‫جدًا‪ ،‬ولم يقتصر األمر على ذلك‪ ،‬بل وصلت‬
‫جائحة كورونا‪.‬‬ ‫العديد من المجتمعات إلى حافة االنهيار‪،‬‬
‫ما أثر على الرفاه االجتماعي واالقتصادي ‪ -‬صياغة رؤية مستقبلية الستثمار نواتج‬
‫الجائحة في المجتمع السعودي‪.‬‬ ‫للمجتمعات قاطبة‪.‬‬

‫على المستوى الوطني‪ ،‬نجحت المملكة ‪ -‬اقتراح بدائل مدروسة للعودة اآلمنة‪.‬‬
‫العربية السعودية بمواجهة األزمة باقتدار‪،‬‬
‫مــن خــال اتــخــاذ تدابير وقائية وعالجية المتحدثون‪:‬‬

‫وتوعية فــوريــة حاسمة للحد مــن انتشار ‪ -‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل الشايع (رئيس‬
‫جامعة الجوف)‪.‬‬ ‫المرض وحماية المواطنين والمقيمين‪.‬‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪22‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبدالحميد بــن عــبــداهلل الحبيب‬
‫(المدير العام للمركز الوطني لتعزيز‬
‫الصحة النفسية)‪.‬‬
‫‪ -‬أ‪ .‬د‪ .‬غــادة عبدالعزيز عثمان بن سيف‬
‫(وكــيــلــة جــامــعــة الــمــلــك ســعــود لــشــؤون‬
‫الطالبات)‪.‬‬
‫‪ -‬أدار الجلسة‪ :‬د‪ .‬علي دبكل العنزي‪ ،‬أستاذ‬
‫اإلعالم بجامعة الملك سعود‪.‬‬
‫افــتــتــح د‪ .‬عــلــي دبــكــل الــعــنــزي الــنــدوة‬
‫من اليمني‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬غادة عبدالعزيز‪ ،‬د‪ .‬عبداحلميد‬
‫احلبيب‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد الشايع‪ ،‬د‪ .‬علي العنزي‬ ‫بالترحيب بصاحبة السمو األميرة نورة بنت‬
‫محمد آل سعود‪ ،‬كما رحب بالحضور‪ ،‬وأشار‬
‫دول العالم الثالث برئاسة خــادم الحرمين‬
‫إلى أن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬
‫الشريفين حفظه اهلل في الــريــاض‪ ،‬وقال‬
‫ال ــذي يبث إشعاعه فــي الــجــوف والــغــاط‪،‬‬
‫إن الندوة ستستعرض هذه اإلجــراءات من‬
‫ويواكب جميع األحــداث التي تجري سواء‬
‫نواحي تعليمية وطبية ونفسية‪.‬‬
‫في الداخل أو في الخارج على المستوى‬
‫وقدم العنزي المتحدثين ثم بدأ الحوار‬ ‫االجتماعي والثقافي واإلعالمي وعلى كافة‬
‫مع المشاركين‪ ،‬ووجه أسئلة إلثراء النقاش‪.‬‬ ‫المستويات‪ ،‬ثم تطرق إلى دور المركز الذي‬
‫بــدأ بــدار العلوم في الــجــوف‪ ،‬وبــدأ ينتشر‬
‫المتحدث األول‬
‫وينمو بالدعم الالمحدود من المغفور له‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل الشايع‬
‫بإذن اهلل معالي األمير عبدالرحمن بن أحمد‬
‫رئيس جامعة الجوف‬
‫السديري وأبنائه من بعده‪ ،‬الذين يرعون‬
‫بدأ أ‪ .‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل الشايع بقراءة‬ ‫المركز لإلسهام في الحراك الثقافي على‬
‫الواقع أثناء جائحة كورونا‪ ،‬وأشــار إلى أن‬ ‫مستوى الوطن‪.‬‬
‫فيروس كورونا لم يكن فقط أزمة صحية‪ ،‬بل‬ ‫وأضـــاف الــعــنــزي أن المملكة العربية‬
‫أزمة إنسانية نتج عنها تداعيات اجتماعية‬ ‫الــســعــوديــة اســتــطــاعــت أن تــواجــه جائحة‬
‫وسياسية واقتصادية ونفسية‪ ،‬إذ أظهرت‬ ‫كورونا بكل اقتدار‪ ،‬بفضل قــرارات القيادة‬
‫هذه الجائحة هشاشة النظام األخالقي لدى‬ ‫الحكيمة‪ ،‬ما جعل المملكة أنموذجً ا يحتذى‬
‫بعض الــدول المتقدمة التي سيطرت فيها‬ ‫به‪ ،‬وقد استطاعت استضافة قمة العشرين‬
‫المصالح السياسية واالقتصادية‪ ،‬مثل عدم‬ ‫التي دعت المملكة من خاللها إلى مساعدة‬

‫‪23‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬
‫متابعة أعمالهم من المنزل‪.‬‬ ‫المرونة في النظام الصحي‪ ،‬ورفض تصدير‬
‫‪ -5‬أصبح النظام الصحي أكثر تعقيدًا في‬ ‫الصناعات الصحية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫استقبال الحاالت والمراجعات الصحية‬ ‫وأشار الشايع إلى جهود المملكة العربية‬
‫لألمراض المختلفة‪.‬‬ ‫السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين‬
‫الملك سلمان بــن عبدالعزيز _حفظه ‪ -6‬كــان لإلعالم تأثير سلبي في كثير من‬
‫األوقات في نفوس األفــراد‪ ،‬فكان مبعثًا‬ ‫اهلل_ وذلـ ــك مــن خ ــال قــمــة مجموعة‬
‫بدل من بث الطمأنينة في‬ ‫للخوف والقلق ً‬ ‫العشرين الذي ترأسته المملكة في الرياض‪،‬‬
‫نفوس الناس‪.‬‬ ‫وقــدمــت نصف مليار دوالر إليــجــاد لقاح‬
‫لفيروس كورونا‪.‬‬
‫‪ -7‬الحجر المنزلي الــذي أسهم في تنمية‬
‫الــعــاقــات األســـريـــة‪ ،‬فــكــانــت فــرصــة‬ ‫وتـــنـــاول الــشــايــع اآلثـــــار االقــتــصــاديــة‬
‫الســتــعــادة الــعــاقــات األســريــة‪ ،‬وكذلك‬ ‫واالجتماعية للجائحة‪ ،‬ومن أبرزها‪:‬‬
‫مــمــارســة أفـــــراد األســـــرة لــهــوايــاتــهــم‬ ‫‪ -1‬تأثر االقتصاد وأصحاب رؤوس األموال‬
‫المتنوعة‪ ،‬كما أصبح اقتناء الحاجات‬ ‫تأثرًا كبيرًا‪ ،‬ما كان له كبير األثــر على‬
‫خاضعًا لمبدأ االعتدال واالستغناء عن‬ ‫مستوى المعيشة لبعض األسر والشركات‪،‬‬
‫بعض االحتياجات الكمالية التي يمكن‬ ‫بــخــاصــة الــفــئــة الــتــي كــانــت تعتمد في‬
‫االستغناء عنها‪ ،‬ومن جانب آخر أسهم‬ ‫مصروفاتها على الدخل اليومي‪ ،‬ما ترتب‬
‫الحجر الصحي في بعض األحيان في‬ ‫عليها آثــار اجتماعية ونفسية لدى تلك‬
‫ازدياد الخالفات األسرية‪.‬‬ ‫األسر‪.‬‬
‫واســتــعــرض الــشــايــع المكتسبات التي‬ ‫‪ -2‬وجــد المجتمع نفسه أم ــام تشريعات‬
‫جــديــدة أسهمت فــي التغيير القسري تحققت من جائحة كورونا‪ ،‬وكيفية استثمار‬
‫نواتجها‪:‬‬ ‫للعادات والتقاليد‪.‬‬
‫‪ -1‬الــتــحــلــي بـ ــروح اإلنــســانــيــة وأخــاقــهــا‪،‬‬ ‫‪ -3‬التحوّل في النظام التعليمي للتعليم عن‬
‫فال يمكن أن تتقدم الــدول إال بالعمل‬ ‫بعد‪ ،‬إذ وجد المجتمع نفسه أمام نظام‬
‫المشترك والتعاون والتنسيق الجماعي‪،‬‬ ‫تعليمي جــديــد يشكل تــحــد ًيــا حقيقيًا‬
‫لمواجهة جميع الــجــوائــح س ــواء كانت‬ ‫لألسرة لتوفير األدوات التعليمية للتعليم‬
‫طبيعية أم بشرية وغيرها‪.‬‬ ‫عن بعد‪.‬‬
‫‪ -4‬نــظــام الــعــمــل عــن بــعــد والـ ــذي ك ــان له ‪ -2‬أهمية المحافظة على العادات الصحية‬
‫اإليجابية المرتبطة بالحياة االجتماعية‬ ‫ضغوط كثيرة على أصحاب العمل في‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪24‬‬
‫وذكر أهمها‪:‬‬ ‫وتفعيلها‪.‬‬
‫‪ -3‬تنمية الموارد البشرية في جميع الحرف ‪ )1‬عدم االستفادة من هذه الجائحة بوضع‬
‫خطط طوارئ حقيقية‪ ،‬جاهزة للتطبيق‬ ‫والمهن‪ ،‬بما يضمن الحد األدنى للكفاءة‬
‫والتنفيذ في قطاع التعليم‪ ،‬تحسبًا لعودة‬ ‫اإلنتاجية والتشغيلية الداخلية‪.‬‬
‫الجائحة‪ ،‬أو حين ظهور جوائح مماثلة‪.‬‬ ‫‪ -4‬إطالق مشاريع صناعية وزراعية وصحية‬
‫تحقق الحد األدنى لالحتياجات الوطنية‪ )2 ،‬ع ــدم تفعيل التعليم اإللــكــتــرونــي في‬
‫الــجــامــعــات الــســعــوديــة‪ ،‬والــتــي تهدف‬ ‫بما يضمن عدم انقطاعها في الحاالت‬
‫لتحقيق كفاءة اإلنفاق للطالب‪ ،‬بتحويل‬ ‫المماثلة‪.‬‬
‫بعض المقررات التي ال تتطلب حضور‬ ‫‪ -5‬المحافظة على ما تحقق من مكتسبات‬
‫الطالب إلى مقررات إلكترونية‪.‬‬ ‫فــي بيئة العمل مــثــل‪ :‬العمل عــن بعد‪،‬‬
‫واستثماره في تحقيق التوازن األسري‪ )3 ،‬الحفاظ على وسائل التقنية المختلفة‪،‬‬
‫ـول‬
‫والــتــشــجــيــع عــلــى اســتــخــدامــهــا وص ـ ً‬ ‫وبخاصة لألسر ذات األطفال‪ ،‬وكذلك‬
‫لتحقيق األهداف بشكل أسرع‪.‬‬ ‫االجتماعات عن بعد‪ ،‬ما يسهم في خفض‬
‫التكاليف االقتصادية للفرد والمجتمع‪.‬‬
‫المتحدث الثاني‪:‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬غادة عبدالعزيز عثمان بن سيف‬ ‫‪ -6‬أهمية استثمار التعليم عن بعد في إطالق‬
‫وكيلة جامعة الملك سعود لشؤون الطالبات‬ ‫برامج أكاديمية وتعليمية تسهم في إتاحة‬
‫التعليم للجميع‪.‬‬
‫قدمت أ‪ .‬د‪ .‬غــادة عبدالعزيز بن سيف‬
‫ورقــة أشــارت فيها إلــى أن جائحة كورونا‬ ‫‪ -7‬استثمار التعليم اإللكتروني في الجامعات‬
‫تعد امتدادًا لألمراض المعدية التي ظهرت‬ ‫والمدارس بما يقلل من اضطرار الطالب‬
‫الــواحــدة تلو األخ ــرى فــي فــتــرات مختلفة‬ ‫للذهاب للمدارس والجامعات في بعض‬
‫من تاريخ البشرية‪ ،‬وشكلت هذه األمراض‬ ‫المقررات‪.‬‬
‫الــمــعــديــة تــهــدي ـدًا مــســتــمـرًا لــإنــســان في‬ ‫‪ -8‬أهمية المحافظة على العادات الصحية‬
‫الماضي والحاضر‪ .‬ومــع التطور العالمي‬ ‫اإليجابية المرتبطة بالحياة االجتماعية‬
‫السريع وسهولة حركة الناس عبر الحدود‪،‬‬ ‫وتفعيلها‪ ،‬واستمرار المحافظة عليها‬
‫أصبح خطر تفشي هذه األمراض أكبر من‬ ‫مثل‪ :‬تقليل مستوى المصافحة‪ ،‬وأهمية‬
‫أي وقت مضى‪.‬‬ ‫التباعد المنضبط‪.‬‬
‫وقالت د‪ .‬غادة أن ضراوة جائحة كورونا‬ ‫وختم د‪ .‬الشايع ورقته بالتحديات التي‬
‫تواجه التعليم‪ ،‬سواء كان جامعيًا أو عامًا‪ :‬تتجلى فــي االنتشار السريع للعدوى بين‬

‫‪25‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬
‫بالعدوى عالية بينهم نتيجة االتصال المتكرر‬ ‫األفراد‪ ،‬لذلك يحتاج عدد كبير من األفراد‬
‫ـضــا إلــى أن‬
‫بالمرضى‪ ،‬وتــجــدر اإلش ــارة أيـ ً‬ ‫إلى العالج الطبي في الوقت نفسه‪ ،‬األمر‬
‫نحو‪ ٪70‬من العاملين في القطاع الصحي‬ ‫ال ــذي يشكل ضــغــطً ــا كــبــيـرًا عــلــى النظام‬
‫بالعالم هــم مــن الــنــســاء‪ ،‬ويعمل معظمهم‬ ‫الصحي‪ ،‬إلى جانب أهمية استمرار النظام‬
‫في الخطوط األمامية للرعاية الصحية‪،‬‬ ‫الصحي بتقديم بقية خدماته العالجية‬
‫وبخاصة قطاع التمريض‪.‬‬ ‫والوقائية لألمراض األخرى‪.‬‬
‫وعلى الرغم من كل هذه التحديات‪ ،‬إال‬
‫وأض ــاف ــت أن ــه عــلــى الــرغــم مــن اتــخــاذ‬
‫إن هناك مكتسبات كثيرة حققها نظامنا‬
‫مختلف التدابير لالستجابة للوباء والسيطرة‬
‫الــصــحــي الــوطــنــي خ ــال ه ــذه الــجــائــحــة‪،‬‬
‫عليه‪ ،‬إال إن هذا لم يمنع النظم الصحية في‬
‫من أهمها‪ :‬رفع القدرة االستيعابية لكافة‬
‫بعض البلدان المتقدمة من االنهيار بسبب‬
‫القطاعات الصحية‪ ،‬والتحوّل الرقمي للعديد‬
‫مــن الــخــدمــات الصحية بفعالية‪ ،‬وتفعيل‬ ‫قلة الجاهزية للكوارث والتأهب لها‪ ،‬ونقص‬
‫التطوع الصحي‪ ،‬وتفعيل الطب االتصالي‪،‬‬ ‫الكادر الطبي‪ ،‬وضعف البنية التحتية‪ ،‬وعدم‬
‫والرعاية الصحية المنزلية‪ .‬هذه التجربة‬ ‫كفاية معدّات السالمة الشخصية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫جعلت نظامنا الصحي على أهبة االستعداد‬ ‫هذا إضافة لما سببته الجائحة من تعطّ ل‬
‫لمواجهة أي مستجدات مستقبلية مماثلة‪،‬‬ ‫كبير في تقديم الخدمات الصحية األساسية‬
‫بعون اهلل وتوفيقه‪.‬‬ ‫في مختلف دول العالم‪ .‬وانطالقًا من تجربة‬
‫المتحدث الثالث‬ ‫المملكة العربية السعودية السابقة في‬
‫د‪ .‬عبدالحميد بن عبداهلل الحبيب‬ ‫االستجابة لوباء متالزمة الشرق األوسط‬
‫المدير العام للمركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية‬ ‫التنفسية‪ ،‬إل ــى جــانــب الــدعــم الحكومي‬
‫هدفت الورقة التي قدمها د‪ .‬عبدالحميد‬ ‫السخيّ ‪ ،‬واالستثمار في النظام الصحي‬
‫بن عبداهلل الحبيب إلى‪ ‬اإلجابة عن مجموعة‬ ‫الوطني‪ ،‬فقد تم إثبات كفاءة النظام الصحي‬
‫من التساؤالت‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫السعودي في االستجابة للوباء والسيطرة‬
‫‪ -1‬مــا هــي عــوامــل الحماية التي ساعدت‬ ‫عليه‪ ،‬كما أشادت منظمة الصحة العالمية‬
‫المجتمعات على تجاوز الجائحة بأقل‬ ‫باإلجراءات والقرارات العديدة التي اتخذتها‬
‫ضرر ممكن‪ ،‬وما هي العوامل النفسية‬ ‫الحكومة‪ ،‬استجاب ًة للوباء‪.‬‬
‫المصاحبة لذلك؟‬ ‫وختمت د‪ .‬غــادة بأهم التحديات التي‬
‫تواجه النظام الصحي (التأثير الجسدي‪ -2 ،‬مــا هــي التوقعات المستقبلية‪ ،‬وكيف‬
‫ســيــكــون شــكــل صــحــتــنــا الــنــفــســيــة في‬ ‫وال ــن ــف ــس ــي‪ ،‬واالج ــت ــم ــاع ــي لــلــمــمــارســيــن‬
‫المستقبل؟‬ ‫الصحيين)‪ ،‬إذ تعد معدالت خطورة اإلصابة‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪26‬‬
‫‪ -3‬ما هي التحديات التي واجهت المختصين االنــتــبــاه لــأمــهــات نــظ ـرًا للضغط النفسي‬
‫ف ــي الــصــحــة الــنــفــســيــة‪ ،‬وكــيــف كــانــت الكبير الذي يتعرضن له‪.‬‬
‫استجابتهم؟‬
‫وختم د‪ .‬الحبيب ورقته بقوله‪ :‬إنــه من‬
‫وأشار د‪ .‬الحبيب إلى أن الصحة النفسية المهم استثمار أوقات الراحة والهدوء لتعزيز‬
‫شــديــدة الــتــأثــر بــالــظــروف المحيطة‪ ،‬وأن الصحة النفسية‪ ،‬وتدريب الناس على مواجهة‬
‫الجائحة تسببت فــي تغيّر كبير فــي حياة األزمـ ــات والــضــغــوط والــمــشــاعــر السلبية‪،‬‬
‫األفــراد والمجتمعات بل إنها قلبت حياتهم‬
‫والتعامل معها بشكل جيد‪.‬‬
‫رأسً ا على عقب‪ ،‬وأن الجوائح السابقة كانت‬
‫وقد شهد المنتدى حضورًا الفتًا بمشاركة‬ ‫تختار جزءًا من بقاع العالم يتأثر بها مجموعة‬
‫مــن البشر‪ ،‬أمــا هــذه الجائحة فقد مست نــحــو ‪ 3500‬مــشــارك مــن داخـ ــل المملكة‬
‫العالم بأكمله على كافة المستويات‪ ،‬فالعالم وخارجها‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن مكتبة منيرة الملحم‬ ‫اليوم ليس هو العالم نفسه قبل الجائحة‪،‬‬
‫فهذه الجائحة من الناحية النفسية لم يسبق بدار الرحمانية في محافظة الغاط‪ ،‬هي إحدى‬
‫أن مرت على العالم‪.‬‬
‫ف ــروع مــركــز عبدالرحمن الــســديــري الثقافي‬
‫وتــحــدث د‪ .‬الحبيب عــن عــوامــل الحماية الذي يعد واحدًا من أقدم المراكز الثقافية في‬
‫النفسية‪ ،‬وعــن التوقعات المستقبلية التي المملكة‪ ،‬أنشأه األمير عبدالرحمن بن أحمد‬
‫ستكون عليها الصحة النفسية المجتمعية بوجه السديري منذ عام ‪1383‬هـــ (‪1962‬م)‪ .‬ويتولى‬
‫عام‪ ،‬وأضاف أن وزارة الصحة اعتمدت مؤشر المركز إدارة مكتبة دار العلوم العامة بالجوف‬
‫الصحة النفسية في لوحة التحكم؛ إذ يتم قياس‬
‫ودار الرحمانية بمحافظة الغاط‪ ،‬وتتضمن برامج‬
‫مستوى الصحة النفسية للمجتمع بشكل ربع‬
‫المركز نشر الدراسات واإلبداعات األدبية ودعم‬
‫انخفاضا ملحوظً ا للفترة‬
‫ً‬ ‫سنوي والذي يشهد‬
‫البحث العلمي‪ .‬وينظم منتديات سنوية وأنشطة‬
‫(مارس ‪-2020‬أكتوبر ‪ )2021‬في معدالت القلق‬
‫وندوات ثقافية متنوعة على مدار العام‪.‬‬
‫واالكتئاب في المجتمع السعودي‪.‬‬
‫‪ ‬وتتبع للمركز أربــع مكتبات في الجوف‬
‫وتــنــاول د‪ .‬الحبيب الفئات التي تأثرت‬
‫بــاألزمــة أكثر مــن غيرها‪ ،‬وهــم كبار السن والغاط اثنتان للرجال ومثلهما للنساء‪ ،‬يصل‬
‫الذين تأثروا بالمرض نفسه‪ ،‬وتأثروا بتهديد عدد زوارها إلى نحو سبعة آالف زائر وزائرة‬
‫اإلصابة والحرص الزائد عليهم‪ ،‬كما تأثرت سنويًا‪ ،‬كما تستقبل مجموعات من طالب‬
‫ممارساتهم اليومية‪ ،‬وأما الفئة الثانية التي وطالبات الكليات العلمية والجامعات بهدف‬
‫تعرضت للعبء األكــبــر مــن الجائحة فهي اإلفادة من المصادر العلمية والمراجع المهمة‬
‫األمــهــات‪ ،‬مطالبًا المؤسسات المجتمعية المتوافرة في المكتبات األربع بالمركز‪.‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬
‫حفل تخريج‬
‫حاضنة رياديات‬
‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬
‫للمشاريع الصغيرة‬
‫صاحبة السمو األميرة‪ :‬نورة بنت محمد آل سعود‪،‬‬
‫ترعى حفل تخريج حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن‬
‫السديري الثقافي للمشاريع الصغيرة‪.‬‬
‫■ كتب‪ :‬وليد البشير‬

‫صاحبة السمو األميرة‪ :‬نورة بنت محمد آل سعود‪ ،‬ترعى حفل تخريج‬
‫حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقايف للمشاريع الصغيرة‪.‬‬
‫برعاية صاحبة السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود (حــرم أمير منطقة‬
‫الرياض) أقام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي حفل تخريج حاضنة رياديات‬
‫المركز للمشاريع الصغيرة‪ ،‬بالتعاون مع شركة رياديات‪ ،‬والذي أقيم على هامش‬
‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع‪ ،‬وذلك يوم االثنين ‪ 17‬ربيع‬
‫اآلخر ‪1443‬هـ (‪ 22‬نوفمبر ‪2021‬م)‪.‬‬
‫القطاع التنموي الواعد‪ ،‬وأشــادت بما‬
‫وقــد ألقت صاحبة السمو األميرة‬
‫يقوم به مركز عبدالرحمن السديري‬ ‫نــورة بنت محمد آل سعود كلمة في‬
‫في هذا المجال‪ ،‬باإلسهام في تمكين‬ ‫حفل التخريج أعربت فيها عن سعادتها‬
‫المرأة السعودية ومشاركتها في تنمية‬
‫الكبيرة بتخريج كوكبة من بنات الوطن‬
‫الــمــجــتــمــع‪ .‬ووجــهــت صــاحــبــة السمو‬
‫اللواتي المشاركات في حاضنة رياديات‬
‫األميرة نورة الشكر لمركز عبدالرحمن‬
‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‪،‬‬
‫الــســديــري الثقافي على تنفيذه هذه‬
‫وقالت إنها خطوة كبيرة ومباركة لهن في‬
‫الــمــبــادرات التنموية والثقافية‪ ،‬وما‬
‫االنضمام إلى قافلة القيادات النسائية‬
‫يقدمه في خدمة الوطن منذ تأسيسه‬ ‫بتمكنهن مــن تحقيق نجاحات يشار‬
‫على مدى ستين عامًا‪.‬‬
‫إليها بالبنان في مجال المشروعات‬
‫افتتح الحفل بكلمة لمساعدة المدير‬ ‫اإلنتاجية‪ ،‬متمنية لهن أن يصبحن في‬
‫المستقبل القريب رائـــدات فــي هذا العام أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن‬

‫الملحم ‪١٤‬‬
‫الثقافي‬ ‫منيرةالسديري‬ ‫منتدى‬
‫عبدالرحمن‬ ‫حاضنة رياديات مركز‬ ‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪28‬‬
‫انتهت بمرحلة االحتضان لمدة ستة أشهر‪،‬‬ ‫الــســديــري‪ ،‬الــتــي رحــبــت بصاحبة السمو‬
‫وقدم الدعم والتمكين لـ ‪ ١٤‬رائدة أعمال‪،‬‬ ‫األميرة نورة بنت محمد آل سعود‪ ،‬وشكرتها‬
‫شاركن في أكثر من ستين دورة تدريبية و‪١٥‬‬ ‫على رعايتها لحفل حفل تخريج الدفعة‬
‫لقا ًء إلهاميا‪ ،‬وأكثر من ‪ ١٥‬جلسة استشارية‬ ‫األولــى لحاضنة رياديات المركز للمشاريع‬
‫وت ــم تنفيذ أكــثــر مــن ‪ ١٢‬دراســــة جــدوى‬ ‫الصغيرة‪ ،‬والتي تمت التوصية بتأسيسها‬
‫اقتصادية ونــمــاذج أعــمــال‪ ،‬وبــذلــك أسهم‬ ‫قبل ثالثة أعوام على هامش منتدى منيرة‬
‫المركز ببناء الحلم على أرض الواقع‪ ،‬وإبراز‬ ‫بنت الملحم (الدورة الحادية عشرة) والذي‬
‫هذه المشاريع النسائية إلى أرض الواقع‪،‬‬ ‫كان عنوانه (دور المرأة في تحقيق التنمية‬
‫ليحلّق بالمرأة السعودية في سماء الريادة‬ ‫المستدامة) وكان برعاية كريمة من صاحبة‬
‫قدر ًة ومهار ًة وتمكينًا‪.‬‬ ‫السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود‬
‫وقــالــت الــســديــري‪ :‬إن الــمــشــاركــات في‬ ‫سنة ‪1440‬هـ‪.‬‬
‫حاضنة رياديات المركز أكدن قدرتهن على‬ ‫وقالت السديري إن رعاية سمو األميرة‬
‫االعتماد على أنفسهن في تحقيق العيش‬ ‫ن ــورة لحفل تخريج حاضنة ريــاديــات هو‬
‫الــكــريــم‪ ،‬واإلس ــه ــام فــي تشغيل أخــريــات‬ ‫تأكيد الهتمام سموها الكريم بدعم المرأة‬
‫غيرهنَّ ؛ وهــو من األهــداف التنموية التي‬ ‫وتشجيعها لتضطلع بــدورهــا التنموي في‬
‫يسعى هذا الوطن الغالي لتحقيقها‪.‬‬ ‫اإلس ــه ــام فــي بــنــاء الــوطــن وتــقــدمــه‪ ،‬في‬
‫وأكــــدت أ‪ .‬د‪ .‬مــشــاعــل الــســديــري أن‬ ‫مختلف المجاالت االجتماعية واالقتصادية‬
‫نجاح هؤالء الفتيات الخريجات في إقامة‬ ‫والثقافية‪.‬‬
‫وأضـــافـــت؛ إنـــه عــمــا ب ــأه ــداف رؤي ــة مشاريعهن اإلنتاجية الخاصة‪ ،‬يؤكد تحقق‬
‫المملكة ‪ ٢٠٣٠‬والــتــي مــن أبــرزهــا تمكين الهدف المنشود من حاضنة رياديات المركز‪،‬‬
‫المرأة‪ ،‬في ريادة األعمال بهدف رفع مكانة وأنهم فــخــورون بما أنجزته هــؤالء النساء‬
‫المرأة ودعم نسبة مشاركتها في المجاالت اللواتي أثبت َن ألنفسهن ولآلخرين عدم وجود‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬فقد أطلق مركز أمر مستحيل‪ ،‬وأنه بالعزيمة واإلصرار يمكن‬
‫عبدالرحمن السديري الثقافي في منطقة لهن تحقيق أحالمهن‪.‬‬
‫وأشـــــارت إلـــى أن مــركــز عــبــدالــرحــمــن‬ ‫الجوف ومحافظة الغاط حاضنة رياديات‬
‫لتفعيل دور المرأة في مجال ريادة األعمال‪ ،‬السديري الثقافي منذ تأسيسه أولى المرأة‬
‫وتأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬اهتمامه‪ ،‬وأنشأ مكتبة نسائية عامة بالجوف‬
‫وتقديم الدعم للنساء من سن ‪ ١٨‬عامًا فما كانت األولى تأسيسً ا على مستوى المملكة‪،‬‬
‫فــوق‪ ،‬الالتي يبحثن عن إنشاء مشروعات ووف ــر لها الــدعــم المطلوب لتقوم بتنفيذ‬
‫ريــاديــة‪ ،‬وبــدأ البرنامج على عــدة مراحل األنشطة الثقافية والتدريبية والمجتمعية‪،‬‬

‫‪29‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫‪١٤‬السديري الثقافي‬ ‫مركزالملحم‬
‫عبدالرحمن‬ ‫منيرة‬ ‫منتدى‬
‫رياديات‬ ‫حاضنة‬
‫والــقــيــام بــدورهــا الطبيعي فــي المجاالت وتشرف كذلك على حاضنة رياديات المركز‬
‫الثقافية والتنموية‪ .‬وقد أدت دورها المؤثر في الغاط‪،‬‬
‫والمنسجم مع رؤية المملكة ‪.2030‬‬
‫كما أطلقت جائزة للتفوق العلمي للطالبات‪،‬‬
‫وأكدت السديري أن المركز سيظل يسهم استفاد منها عديد من الطالبات المتفوقات‬
‫فــي بناء تنمية ثقافية مجتمعية بمشاركة إلكمال دراستهن الجامعية‪.‬‬
‫بنات المجتمع المحلي‪ ،‬ويعقد الشراكات‬
‫وقدمت د‪ .‬مزنة النفيعي مديرة شركة‬
‫المجتمعية‪ ،‬والريادية مع الجهات الحكومية‬
‫رياديات كلمة قالت فيها‪ :‬إن تأسيس شركة‬
‫واألهــلــيــة الــتــي تعمل فــي المجال الثقافي‬
‫رياديات كان هدفها خدمة جميع النساء في‬
‫واالجتماعي‪ ،‬لتحقيق أهداف المركز التنموية‬
‫جميع مناطق ومحافظات المملكة‪ ،‬كما تعمل‬
‫ورسالته الثقافية‪ ،‬واستمراره بتبنّي مبادرات‬
‫تسهم فــي تمكين الــمــرأة وتحفيزها على رياديات على اإلسهام في رفع مؤشرات قطاع‬
‫المشاركة في العمل االجتماعي والثقافي األعمال وتطويرها‪.‬‬
‫وأضــافــت النفيعي أن المملكة حققت‬ ‫واالقتصادي من خالل مبادراته العديدة‪.‬‬
‫وقد عُرف عن الوالدة منيرة بنت محمد إنجازات كبيرة في مجال ريادة األعمال؛ إذ‬
‫الملحم حــرم معالي األمــيــر عبدالرحمن حققت المركز األول بحسب تقرير المرصد‬
‫السديري يرحمهما اهلل‪ ،‬اهتمامها بتحفيز العالمي لريادة األعمال‪ ،‬وفي مؤشر سهولة‬
‫المرأة وتشجيعها على المشاركة الثقافية البدء في األعمال بعد أن كانت في المركز ‪،22‬‬
‫والمجتمعية؛ فقد ب ــادرت بوقف جــزءٍ من وذلك بفضل ما تقدمه حكومة خادم الحرمين‬
‫مالها الخاص إلنشاء مكتبة عامة للنساء في الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي‬
‫محافظة الغاط سنة ‪1425‬هـــ‪ ،‬أطلق عليها عــهــده األمــيــر محمد بــن سلمان حفظهما‬
‫اسم «مكتبة منيرة الملحم» تقوم باألنشطة اهلل‪ ،‬من خدمات وتسهيالت لرواد األعمال‬
‫الثقافية والمجتمعية لــلــمــرأة فــي الــغــاط‪ ،‬ورائداته‪ ،‬وإتاحة الفرصة للجميع‪.‬‬

‫حاضنة رياديات‬
‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬
‫واحد من إسهاماته في تمكين المرأة‬

‫مكتبة منيرة بنت محمد الملحم‬

‫الملحم ‪١٤‬‬
‫الثقافي‬ ‫منيرةالسديري‬ ‫منتدى‬
‫عبدالرحمن‬ ‫حاضنة رياديات مركز‬ ‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪30‬‬
‫برعاية صاحبة السمو األميرة‬
‫نورة بنت محمد آل سعود‬
‫خريجات حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫عائشة عبداهلل هديب الميموني‬ ‫ابتهاج مداهلل قابل الشراري‬


‫عبير فهد هالل الرويلي‬ ‫أبرار خليل إبراهيم البراهيم‬
‫هاجر عبداهلل هديب الميموني‬ ‫أميرة عشيان سليمان الرويلي‬
‫مريم أسعد أحمد المعيقل‬ ‫جواهر أحمد عبداهلل الحمدان‬
‫وسمية العازمي‬ ‫دالل فهد سليم الفراس‬
‫شيخة سعد هديب السكيك‬

‫خريجات أكاديمية رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬


‫الـــراعــي الرسمي‬
‫نورة هليل العازمي‬ ‫مرام عبدالمحسن الشمري‬

‫وأشــــارت إل ــى دور مــركــز عبدالرحمن سعودية‪ ،‬لتعزيز هوية المملكة في إنشاء‬
‫السديري الثقافي فــي تفعيل دور المرأة مشاريع ثقافية تخدم رؤية المملكة ‪،2030‬‬
‫ودعــمــهــا فــي منطقة الــجــوف‪ ،‬ومحافظة والتركيز على المزايا التنافسية الخاصة‬
‫الغاط في مجال ريــادة األعمال‪ ،‬وتأسيس في كل منطقة من مناطق الوطن‪ ،‬متمنية أن‬
‫المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬وتقديم تكون هذه المشاريع نقطة االنطالق لمشاريع‬
‫الــدعــم للنساء الــاتــي يبحثن عــن إنشاء‬
‫رياديات لتحقيق المزيد من التألق والتميز‬
‫مشروعات ريادية بما بتوافق مع مهاراتهن‬
‫والــوصــول إلــى أعلى مستويات النجاح في‬
‫وقــدراتــهــن للمساهمة فــي نــمــو وتــطــويــر‬
‫مسيرتهم الريادية‪.‬‬
‫محافظاتهن ومــنــاطــقــهــن تحقيقا لــرؤيــة‬
‫وفي نهاية الحفل‪ ،‬وزعت صاحبة السمو‬ ‫المملكة ‪.2030‬‬
‫وأك ـ ــدت الــنــفــيــعــي أن الــمــشــاريــع الــتــي األميرة نورة بنت محمد آل سعود الشهادات‬
‫احتضنها مــركــز عــبــدالــرحــمــن الــســديــري عــلــى خــريــجــات حــاضــنــة ري ــادي ــات مركز‬
‫الثقافي مــن مختلف الــمــجــاالت الــريــاديــة عبدالرحمن السديري الثقافي وعددهن ‪13‬‬
‫تسهم في تنمية سوق العمل بأيدي نسائية خريجة‪.‬‬

‫‪31‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫‪١٤‬السديري الثقافي‬ ‫مركزالملحم‬
‫عبدالرحمن‬ ‫منيرة‬ ‫منتدى‬
‫رياديات‬ ‫حاضنة‬
‫الكتب‬
‫ِ‬ ‫لعتبات‬
‫ِ‬ ‫الرؤي ُة البصري ُة‬
‫(األغلفة)‬
‫اللغة البصرية هي األداة األقوى واألكثر فاعلية واحترافً ا في جذب المتلقي؛‬
‫فالكلمة مسموعة‪ ،‬واللون مبصور‪ ،‬والبصر مالك الحواس جميعها‪ ،‬لذلك تعد‬
‫الفنون الجميلة هي أحــد أنــواع الفنون التي تعكس منظور الجمال ع ــادةً‪ ،‬دون‬
‫شــرط االلـتــزام بــالــواقــع‪ ،‬إذ تـنــدرج تحتها فـنــون‪ :‬الــرســم‪ ،‬والنحت‪ ،‬والمطبوعات‬
‫والصور؛ كما تقع الفنون الجميلة جنبًا إلى جنب مع الفنون الزخرفيّة والهندسة‬
‫المعماريّة ضمن مصطلح الفنون البصريّة‪.‬‬
‫فالغالف رمز من رموز الفن‪ ،‬واإلبداع فيه ميزة تجعل الكتاب مميزً ا عن غيره؛‬
‫فخا بصر ّيًا للمتلقي‪ ،‬يجذبه نحو الجمال الفكري‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬كان الغالف ّ‬
‫فالكتاب والغالف وجهان لعملة واحدة‪ ،‬هكذا يقول كل مصممي أغلفة الكتب‪،‬‬
‫ســواء تلك التي تغازل عيون الصغار‪ ،‬مثل كتاب عن «سندريلال»‪ ،‬أو التي ترسم‬
‫لوحة الجمال بأكمله‪ ،‬جميعها تطل من وراء الواجهة الزجاجية للمكتبة‪ ،‬تتسع‬
‫أمامها عيون الصغار‪ ،‬وتنتهي بهم إلــى شــراء مجموعة من الكتب؛ واألمــر ذاته‬
‫يحدث مع الكبار‪ ،‬أثناء التجوال في المكتبات أو في معارض الكتب‪.‬‬
‫ففن تصميم الغالف يلوح لكل القراء بشراء الكتب‪ ،‬إنه اختزال ملون يعكس‬
‫طويل نتأمل الكتب‪.‬‬
‫ً‬ ‫مضمون الكتاب‪ ،‬فهو الثقافة البصرية التي تجعلنا نقف‬
‫أسئلة كثيرة تــدور وتـ ِّلــح فــي عقل الـقــراء حــول أغلفة الكتب‪ ،‬عــامــات استفهام‬
‫عديدة تنتظر اإلجابات‪..‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪32‬‬
‫أغلف ُة كتبي‬
‫السيميائي‬
‫ّ‬ ‫التشكيلي‬
‫ّ‬ ‫تجرب ٌة في المنظور‬
‫■ محمد صابر عبيد*‬

‫شغلتني قضيّة تصميم الغالف منذ أوّل كتاب نشرته؛ على الرغم من أنّني في بدايات هذا‬
‫التدخل بذلك لدى دور النشر‪ ،‬فبعض هذه الدور‬ ‫ّ‬ ‫النشر لم يكن بوسعي على نحو تفصيليّ‬
‫تتحكّ م بأعمال التصميم وإجراءاتها بما يناسب فلسفتها‪ ،‬ويستجيب لرؤيتها التسويقيّة؛‬
‫أوجه مصمّ م‬
‫أتدخل كثيرً ا في ذلك على أنحاء مختلفة؛ منها أنّني ّ‬ ‫صرت ّ‬
‫ُ‬ ‫لكنّني فيما بعد‬
‫الدار نحو مالحظات على شكل الغالف‪ ،‬وتفصيالته‪ ،‬وألوانه‪ ،‬ونوع الخط‪ ،‬وتوزيع المفردات‬
‫أشترك في تصميم الغالف مع أحد المصمّ مين من أصدقائي وأرسل‬ ‫ُ‬ ‫على سطح الغالف‪ ،‬أو‬
‫كامل إلى دار النشر طالبًا اعتماده تمامً ا وكل ّيًا‪ ،‬وحين يكون للدار مصمّ م محترف‬
‫الغالف ً‬
‫غالبًا ما أفوّضه بوضع التصميم الذي يراه ثقةً بإمكاناته التشكيليّة والسيميائيّة؛ بعد‬
‫االطالع والموافقة عليه في آخر مرحلة من مراحل إنتاج الكتاب‪.‬‬
‫يسهم الغالف األوّل بجذب القارئ وإغرائه الكتاب واســم المؤلّف والتفاصيل األخرى‬
‫باقتناء الكتاب حين تبرز لمسات المصمّم الــتــي ال بـ ـ ّد مــن وضــعــهــا؛ ف ـ ّثــمــة سياسة‬
‫القادرة على تقديم رؤيــة ضمنيّة لموضوع تشكيليّة لتوزيع الوحدات التشكيليّة واأللوان‬
‫والكلمات والفراغات؛‬ ‫الـــكـــتـــاب وأطـ ــروحـ ــتـ ــه‪،‬‬
‫وتــرتــيــبــهــا عــلــى نحو‬ ‫واألمـ ــر بالتأكيد يحتاج‬
‫م ــت ــك ــام ــل كـ ــي تــصــل‬ ‫إلى موهبة وخبرة وثقافة‬
‫اللوحة "الغالفيّة" إلى‬ ‫وحساسيّة نوعيّة تجعل‬
‫السيرورة المطلوبة‪.‬‬ ‫الــمــصــمّــم قـــــــادرًا على‬
‫ت ـ ــحـ ـ ـوّل ـ ــت عــتــبــة‬ ‫توظيف ذلــك كـلّــه ليصل‬
‫الـــغـــاف الـــيـــوم إلــى‬ ‫إل ــى "الــغــاف الجميل"‪.‬‬
‫عــتــبــة "خــــارجــــيّــــة"‪،‬‬ ‫وجمال الغالف ال يتوقّف‬
‫قابلة للدرس النقديّ‬ ‫على الحضور التشكيليّ‬
‫حـــيـــن تـــرتـــقـــي إلـــى‬ ‫الــضــارب فــي تشكيليّته؛‬
‫مرتبة جماليّة تتالءم‬ ‫لمسة‬
‫ٍ‬ ‫بــل يحتاج حــضــو َر‬
‫م ــع م ــوض ــوع الــكــتــاب‬ ‫ـاص ـ ٍـة تــتــاءم وعــنــوان‬
‫خـ ّ‬

‫‪33‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫وفلسفته‪ ،‬ألنّ المصمّم الــنــاجــح هــو من التشكيلـ‪-‬سيميائيّة القصوى للكتاب وال بديل‬
‫قــرأ الكتاب ج ّيدًا وبــرع في وضــع تصميم لها‪ ،‬إذ إنّ نشر الكتاب أكثر من نشرةٍ يقتضي‬
‫حـ ٍـاو لتجربة الكتاب‪ ،‬على مستوى جنس تغيير الغالف بين نشرة وأخرى‪ ،‬وربّما تُطبع‬
‫الكتاب وهُويّته وحجمه وخطابه وموضوعه بعض الكتب أكثر من عشر طبعات‪ ،‬بالمعنى‬
‫وفضاء تداوله وغيرها؛ فللكتاب الشعريّ الذي يحتاج فيه إلى عشرة أغلفة‪ ،‬يختلف ك ّل‬
‫خاصة‪ ،‬كما للكتاب القصصيّ ‪ ،‬غالف منها عن اآلخر بحسب طبيعة الرؤية‬ ‫ّ‬ ‫استراتيجيّة‬
‫أو الــروائــيّ ‪ ،‬أو الــنــقــدي ّ‪ ،‬أو الفلسفيّ ‪ ،‬أو التشكيليّة الفنيّة التي تحضر لدى المصمّم‬
‫الفكريّ ‪ ،‬أو الثقافيّ العام‪ ،‬أو غير ذلك؛ بما لحظة التصميم‪ ،‬وقد يطّ لع المصمّم على‬
‫أصــا كي‬
‫ً‬ ‫يستلزم وعيًا استثنائ ّيًا لدى المصمّم حين األغلفة السابقة وقــد ال يطّ لع‬
‫يخوض تجربة التصميم‪ ،‬كي يصل إلى مرتبة يكون تصميمه مبتكرًا وغير خاضع لضغوط‬
‫عليا تجيب عن أسئلة التشكيل والداللة معًا‪ ،‬مسبقة‪ ،‬لكنّ حصيلة التصميمات المختلفة‬
‫وبما يجعل الغالف قــادرًا على تمثيل روح لكتاب واحد يمكن أن تخضع لدراسة تكشف‬
‫التجربة الكتابيّة جماليًا على طريق وضع عــن جــوهــر التشكيل فــي هــذه الممارسة‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الجماليّة‬ ‫الكتاب في أجمل حُ لّة بين يدَي القارئ‪.‬‬
‫تحضر في عملية تصميم الكتب شبكة من‬ ‫ال يمكن معاينة الغالف بوصفه الرؤية‬
‫العناصر المكوّنة للرؤية التصميميّة؛ منها‪:‬‬
‫المزاج‪ ،‬والمعرفة‪ ،‬والخبرة‪ ،‬والحساسيّة‪،‬‬
‫والبحث‪ ،‬واألدوات التشكيليّة الضروريّة؛‬
‫وينبغي أن تعمل كلّها بإرادة جماليّة واحدة‬
‫ومشتركة للحصول على فضاء مثاليّ يُنجَ ز‬
‫فيه التصميم‪ ،‬ويكون مقنعًا ألطراف العمليّة‬
‫اإلخــراج ـ ّيــة والتنسيقيّة والــتــداول ـ ّيــة؛ من‬
‫المصمّم إلى الكاتب إلى القارئ‪ ،‬فالتصميم‬
‫الــجـ ّيــد للكتاب يــحــوز على عناية الــق ـرّاء‬
‫ويدفعهم باتجاه تناوله والتفاعل معه وتداوله‬
‫على صعيد الحيازة والقراءة معًا‪ ،‬والتعامل‬
‫مع الغالف بوصفه مفتاحً ا تشكيل ّيًا سيميائ ّيًا‬
‫يساعد في تداول أفكار الكتاب وأطروحته‬
‫وفلسفته ومقولته‪.‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪34‬‬
‫تنوّعت كتبي المنشورة بين الكتب النقديّة؛‬
‫في نقد الشعر‪ ،‬ونقد السرد‪ ،‬ونقد السيرة‪،‬‬
‫والكتب الشعريّة التي ضمّت مجموعاتي‬
‫الشعريّة‪ ،‬والكتب السرديّة‪ ،‬وقــد تضمّنت‬
‫مجموعة من سرديّاتي التي اصطل ُح عليها‬
‫فضل على كتب أخــرى صدرت‬
‫ً‬ ‫"رســائــل"‪،‬‬
‫بأجزاء مثل "حقيبة الــرؤى" بأربعة أجزاء‪،‬‬
‫أيضا وض ّم‬
‫و"رائحة المعنى" في أربعة أجزاء ً‬
‫مجموعة كبيرة من مقاالتي‪ ،‬ورواية عنوانها‬
‫"خــطــأ مــقــصــود"‪ ،‬وح ــوارات ــي الــتــي نشرت‬
‫في ثالثة أجــزاء بعنوان "نوافذ العترافات‬
‫الضوء"‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وكنت أحرص على التدخّ ل‬
‫خاص‬
‫ّ‬ ‫في أغلفة الكتب اإلبداعيّة على نحو‬
‫ألنّها تمثّل هويّتي اإلبداعيّة واإلنسانيّة‪،‬‬
‫وغالبًا ما كنت ال أحبّذ نشر صــوري على في التصميم‪ ،‬ألنّ دار النشر قد تعتمد على‬
‫ـضــل عليها تمثيالت مصمّم عادي يضع تصميمًا للغالف من دون‬
‫أغلفة كتبي؛ بــل أفـ ّ‬
‫تشكيليّة إشــار ّيــة‪ ،‬تثري الجانب الــرمــزيّ ‪ ،‬أن يقرأه بعناية‪ ،‬إذ قد يكتفي بالعنوان العام‬
‫كي يصمّم غالفه على هذا األساس فقط‪،‬‬ ‫وتغني فضاء االحتمال في لوحة الغالف!‬
‫استأثرت قضية العتبات بعناية الدرس عندها ال يصلح مثل هذا الغالف للقراءة‬
‫يخص تجربة المؤلّف‬ ‫ّ‬ ‫الــنــقــديّ الحديث على نحو كبير وواســع‪ ،‬النقديّة المعنيّة بك ّل ما‬
‫بحيث تحوّلت إلــى قضيّة نقديّة مركزيّة فــي كــتــابــه؛ ل ــذا‪ ،‬يمكن أن تــأتــي تــأويــات‬
‫تقريبًا‪ ،‬وكانت عتبة الغالف إحدى العتبات القراءة النقديّة على قدر كبير من التمحّ ل‬
‫التي أتــى عليها هــذا ال ــدرس فــي مفاصل واالفتراض‪ ،‬ال تحمل أيّ مرجعيّة سيميائيّة‬
‫ـص الكتاب وتستجيب لمتطلّباته‬ ‫تخص نـ ّ‬
‫ّ‬ ‫كثيرة‪ ،‬اختبرت فيها آليّاتُ النقد هذه العتب َة‬
‫وفحصتها ج ّيدًا‪ ،‬غير أنّ هذه العتبة من بين الدالليّة‪.‬‬
‫تحتاج فعاليّة تصميم الكتاب إلى وعي‬ ‫العتبات األخرى الموازية هي األكثر التباسً ا‬
‫على هــذا الصعيد‪ ،‬فثمّة محاذير عديدة وخــبــرة ورغــبــة ومعرفة تحتشد فــي سياق‬
‫من قراءة الغالف نقد ّيًا؛ وال سيّما حين ال واحــد ومنظور مشترك لبلوغ الحساسيّة‬
‫يكون لمؤلّف الكتاب الدور المحوريّ األبرز التشكيليّة المطلوبة‪ ،‬وال بـ ّد من اإلحاطة‬

‫‪35‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫أيضا من أخذ عتبة‬ ‫أطروحة الكتاب‪ ،‬وال ب ّد ً‬ ‫الشاملة بقضيّة التسويق وهي تكشف عن‬
‫الغالف بنظر االعتبار وعدم عبورها بسهولة‬ ‫ذوق التلقّي التصميميّ للغالف لدى مجتمع‬
‫ألجــل أن تغتني أدوات الــقــراءة بمنظورها‬ ‫صلب‬ ‫القراءة‪ ،‬على النحو الذي يندرج في ُ‬
‫التشكيليّ الخصب‪ ،‬ومن ث ّم تسخيرها على‬ ‫فضاء الحداثة‪ ،‬أو ما بعدها‪ ،‬بما يضمن‬
‫نحو مــا لتقريب الــجـ ّو الــفــكــريّ والثقافيّ‬
‫ٍ‬ ‫القدرة على جلب انتباه القارئ وحثّه على‬
‫واإلبداعيّ العام للنص من ذهنيّة التلقّي‪.‬‬ ‫الربط بين عتبة الغالف والعتبات األخرى‪،‬‬
‫تنتهي عتبة الغالف عــاد ًة إلى رؤيــة قد‬ ‫ومن ث ّم ربط ذلك كلّه بتجربة الكتاب وقضيّته‬
‫تكون النسخة األولــى‬ ‫ومقصديّته والــهــدف‬
‫مــــــن نــــســــخ قــــــــراءة‬ ‫االستراتيجيّ من وراء‬
‫الكتاب؛ ألنّ التصميم‬ ‫فعاليّة التأليف‪.‬‬
‫يأتي استجابة جماليّة‬ ‫يــمــكــن أن تــكــون‬
‫لمحتوى الكتاب وما‬ ‫الخبرة الميدانيّة في‬
‫تــتــشــظّ ــى داخ ــل ــه من‬ ‫عامل‬
‫ً‬ ‫مجال التصميم‬
‫ـان ودالالت وقيم‪،‬‬ ‫مــعـ ٍ‬ ‫نوعيًا شديد األهميّة‬
‫ع ــل ــى ال ــن ــح ــو الـ ــذي‬ ‫فـــي إدارة الــعــمــل ـ ّيــة‬
‫يحقّق الصلة الوثيقة‬ ‫التصميميّة للكتاب‪،‬‬
‫المطلوبة بين أطراف‬ ‫ألنّ حساسيّة التصميم‬
‫الــعــمــل ـ ّيــة اإلنــتــاج ـ ّيــة‬ ‫تتطوّر وتتهذّب وتنمو‬
‫لــلــكــتــاب وعــنــاصــرهــا‬ ‫وتــتــضــاعــف قيمتها‬
‫التشكيليّة الداخليّة‬ ‫التشكيليّة بــوســاطــة‬
‫والــخــارج ـ ّيــة‪ ،‬وهــو ما‬ ‫تراكم الخبرة ووعيها‬
‫يصبّ أخيرًا في مرجل‬ ‫ومستوى تحديثها‪ ،‬وال‬
‫الــقــراءة لتصل إلــى مقاصدها وأهدافها‬ ‫ب ّد في هذا السياق من‬
‫بأكثر النتائج صحّ ة ونجاحً ا وفائدةً‪ ،‬بحيث‬ ‫العناية بعلم نفس التلقّي التشكيليّ لغالف‬
‫ال يكتفي الكتاب بتقديم المعرفة بأنواعها‬ ‫الكتاب بوصفه العامل الحاسم المهم في‬
‫المعروفة كلّها؛ بل يحقّق ذلــك بحساسيّة‬ ‫استقبال لوحة الــغــاف‪ ،‬وهــي تختبر ذوق‬
‫جماليّة تُطرّي فعاليّة القراءة وتطوّر أدائها‬ ‫القارئ في فهم المقولة السيميائيّة التي‬
‫الفنيّ العام‪.‬‬ ‫تنطوي عليها هذه اللوحة وقدرتها على تمثيل‬
‫ * كاتب ‪ -‬العراق‪.‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪36‬‬
‫البصري‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫اإلدراك‬
‫اإلبداعي في التصميم‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫والتشابك‬
‫■ طالل معال*‬

‫في تصميم الكتب وأغلفتها يلتقي الفن بمضمون النصوص التي يحتوي عليها الكتاب‪،‬‬
‫إنه مفهوم كان سائدً ا وما يزال مستمرً ا؛ لهذا فإن أول ما يخطر على ذهن المصمم هو كسر‬
‫النمط أو الصورة التي يمكن أن تعطي للمشاهد إمكانية الخروج عن المضمون المقترح‪.‬‬
‫وهو ما يجعل الخطوط واأللــوان التي نراها عــادة في أي غالف تعكس ما هو مفقود في‬
‫تصورنا لمحتوى أي كتاب‪.‬‬

‫يتأثر هذا بالمواد والخامات التي يقترحها بوصفها وسيطً ا بصريًا‬


‫الفنان المصمم‪ ،‬وكل ما يستلزمه األمــر من بين المؤلف والقارئ‪.‬‬
‫إن محاولة رفــع حال‬ ‫تقنيات مبتكرة إلعادة إنتاج المحتوى بصريًا‪،‬‬
‫وبما يتوافق والبصر‪ ،‬فمع الــثــورة الرقمية أي شكل لكتاب من الرؤية‬
‫أضحت قضايا التصميم وتحويل األفكار إلى العابرة إلى الرؤية الفنية‬
‫واقع وحقائق جمالية إنما يحتاج للكثير من التي تكرم الفن والجمال‬
‫أول‪ ،‬والمعايير الثقافية‬ ‫ً‬ ‫التركيز كي يبقى المنتج على ارتباط ذاكراتي‬
‫بمختلف الجماليات التي تتوافق بالفعل مع المتمثلة بالعواطف التي‬
‫العديد من السياقات‪ ،‬وعلى رأسها السياق يــمــكــن أن يــثــيــرهــا أي‬
‫االجتماعي لقبول المحتوى اإلبداعي للتصميم غالف قادر على التعبير‬
‫عــن ذاتـــه وذات الفنان‬ ‫المقصود‪.‬‬
‫المصمم بالدرجة األولى‪،‬‬ ‫ال شك أن أي تصور لجماليات األغلفة‬
‫وعــن الغرض البحثي أو‬ ‫سوا ًء كانت لكتب أم لسواها من المنشورات‪،‬‬
‫التأليفي للنصوص ثانيًا‪،‬‬ ‫ال بد لها أن تقارب فيما بين الطبيعة الذهنية‬
‫وبشكل يتجانس في وعي‬ ‫والنفسية واإلدراكــيــة‪ ،‬وانعكاس كل ذلك في‬
‫الــمــشــاهــد المستهلك‪،‬‬ ‫الهيكل العام البصري‪ ،‬المتمثل في الدوافع‬
‫ويحفز لديه قبول ما يتم‬ ‫التي تؤدي لتصور محدد‪ .‬فالعملية الجمالية‬
‫الغمز به لجهة التخصص‬ ‫لــيــســت فــقــط ف ــي م ــا يــظــهــر مــبــاشــرة من‬
‫المقصود إدراكه‪ ،‬لمعرفة‬ ‫التصميم‪ ،‬وإنما في الخفيّ والكامن وراء هذا‬
‫إن ك ــان الــكــتــاب ينتمي‬ ‫الغطاء من ثقافة وخبرات يتم تنفيذها إلعادة‬
‫لفئة أو نوع أو منطقة‪ ،‬أو‬ ‫صياغة المعاني الثقافية لألغلفة والمنشورات‬

‫‪37‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫إن حـ َّل المسائل البصرية في التصاميم‬ ‫إن كان لمسار تاريخي أو فلسفي أو أدبي أو‬
‫الغرافيكية مرتبط بالقدرة على ح َّل العديد من‬ ‫علمي‪ ،‬إلى ما هنالك من تنوّع ثقافيّ وفكريّ ‪.‬‬
‫التشابكات اإلبداعية واالحتياجات التجارية‬ ‫كما أن لدور النشر الدور البارز في االهتمام‬
‫وما يربطها بالهوية التصميمية‪ ،‬وبما يجعل‬ ‫بالجوانب الجمالية التي تبرز دعمها وتصورها‬
‫المصمم الناجح يلعب أدوارًا مختلفة‪ ،‬فهو‬ ‫لمجموعة هائلة مــن المنشورات تكون لها‬
‫مصمم ورسام وخطاط وملم بعلم النفس وعلم‬ ‫هيكليتها الخاصة بحسب النوعية التي تنتجها‬
‫االجتماع والفوتوغراف واأليقونات‪ ،‬إضاف ًة‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬إذ يتم اقــتــراح تصورات‬
‫إلى أن يكون قارئًا ومحررًا أحيانًا كي يحقق‬ ‫محددة تكون أكثر جذبًا لإلصدارات المتعلقة‬
‫التصميم بإيقاع بالغ الدقة‪.‬‬ ‫بالفنون وفلسفتها‪ ،‬أو تلك ذات الصلة بالروايات‬
‫ال تمضي الــحــكــايــة‪ ،‬إذًا‪ ،‬دون مــا يمكن‬ ‫أو ما هو ذو صلة بالعلوم‪ .‬فبعضهم يفضل‬
‫دعوته االجتماعات التحريرية التي تعتمد‬ ‫الرسوم التوضيحية المباشرة على األغلفة‪،‬‬
‫على العصف الذهني بين األطــراف المعنية‬ ‫فيما يميل آخـ ــرون لــأســطــح والــمــســاحــات‬
‫لتوضيح بعض المفاهيم التي تقود إلى الحبكة‬ ‫الــتــجــريــديــة‪ ،‬أو لــلــصــور الــفــوتــوغــرافــيــة أو‬
‫األولــيــة التي سيكون على الفنان المصمم‬ ‫للكتابات التوضيحية والجماليات الخطوطية‪،‬‬
‫توضيحها بغاية الكثافة‪ ،‬والفرز بين التصورات‬ ‫وأحيانًا التوليف فيما بينها مجتمعة‪ ،‬وسوى‬
‫المعنية بالنوع اإلبــداعــي‪ ،‬كالسينما والفن‬ ‫ذلك مما يتم تقديره بالتفاهم عادة بين دور‬
‫والفوتوغراف واألزياء واآلداب وألعاب الفيديو‬ ‫النشر والمؤلفين والمصممين الذين يكون‬
‫والكاريكاتير‪ ،‬والكثير الكثير ممن تكون له‬ ‫عليهم تجسيد الحكاية كاملة‪ ،‬وبشكل مثير‬
‫الــقــدرة على التعامل معه لمواجهة جمالية‬ ‫لالهتمام ويحقق بالفعل معايير التوسط بين‬
‫بالدرجة األولــى‪ ،‬وهو ما يمكن عـدّه النظام‬ ‫النص والعالمة البصرية‪.‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪38‬‬
‫ال ــت ــي تــرتــبــط‬ ‫المرئي والثقافي الذي يتحقق عبره الغالف أو‬
‫غالبًا باالحتياج‬ ‫التصميم المنشود‪.‬‬
‫للتفرد والتميز‬ ‫هناك مجموعات كتب تعتمد في تصميمها‬
‫وان ـ ـ ــت ـ ـ ــظ ـ ـ ــار‬
‫على اللقطة الــواحــدة مــع اخــتــاف األل ــوان‬
‫الكيفية التي‬
‫والــعــنــاويــن‪ ،‬وهــنــاك المجموعات المتنوعة‬
‫ســيــبــدو عليها‬
‫التي تعتمد لقطات مختلفة بحسب المضمون‬
‫الـ ــغـ ــاف إث ــر‬
‫وفكر الناشر والسوق والتداول والمجاورات‬
‫طـــــبـــــاعـــــتـــــه‬
‫في حالة المجموعات المتكاملة‪ ،‬والسالسل‪،‬‬
‫ووضــــــــــعــــــــــه‬
‫ومراعاة الحقوق في حال استخدام الصور‬
‫بـ ـ ــيـ ـ ــن يـ ـ ــدي‬
‫الفوتوغرافية واللوحات الفنية المحفوظة‬
‫الــمــســتــهــلــك‪،‬‬
‫الحقوق‪ ،‬كل ذلــك يشكل مجموعة متناغمة‬
‫وم ــا يمكن أن‬
‫وخفيّة لتحقيق الــغــاف المالئم للتحوالت‬
‫ي ــح ــق ــق ــه مــن‬
‫الجمالية في التصميم المعاصر‪.‬‬
‫ردود أف ــع ــال‬
‫ال تــتــلــخــص‬ ‫يمكن القول بصورة عامة إن هذا المجال‬
‫بعبارة أحــب أو ال أحــب‪ ،‬كونها أحكام غير‬ ‫مفتوح على الحرية التي يتمتع بها الفنان‬
‫كافية إلقناع المصمم الغرافيكي بأن منتجه‬ ‫المصمم في قراءاته الشكل النهائي للتصميم‬
‫الجمالي والعملي قــد حقق الــشــروط التي‬ ‫الــذي ال تحكمه قواعد محددة للوصول إلى‬
‫وضعها للوصول إلى الحلول التي يمكنها أن‬ ‫المشروع النهائي الذي يمكن أن يتحقق دون‬
‫تحقق االنتقادات البناءة التي تحسن النتائج‬ ‫عناء منذ البداية‪ ،‬ويمكن أن يحتاج للعديد‬
‫اإلبداعية‪.‬‬ ‫من المحاوالت كي يحقق اإلقــنــاع الجمالي‬
‫لقد عملت في مراحل معينة من تجربتي‬ ‫المرغوب‪ ،‬والــذي يخضع غالبًا لالتفاقيات‬
‫الفنية في تصميم المنشورات وأغلفة الكتب‬ ‫األولية بين األطــراف المعنية‪ ،‬للوصول إلى‬
‫بأنواعها والبوسترات وسواها‪ ،‬وأنجزت ما‬ ‫الصورة الصحيحة لغالف الكتاب أو المنشور‬
‫يزيد عن الخمسين غالفًا في زمــن لم تكن‬ ‫المطلوب‪ ،‬الذي يروي حكاية بالغة األهمية على‬
‫البرامج التصميمية اإللكترونية المعمول بها‬ ‫المستويين الفني والتصميمي‪ ،‬يمكنها أن تروي‬
‫اليوم قد أضحت في مجاالت التداول‪ ،‬وكنت‬ ‫طريقة االتصال بالجمهور المستهدف‪ ،‬والتي‬
‫ألجأ كغيري إلــى الرسم أو القص واللصق‬ ‫ال تتأثر إال عبر الكثير من الجهد والعمل‪ ،‬كونها‬
‫اليدوي‪ ،‬وباألحجام والمساحات المطابقة‪ ،‬وال‬ ‫هي الهدف النهائي الذي يسعى إليه الناشر‪.‬‬
‫شكَّ أنه قد صادفتني الكثير من المعوقات‪،‬‬ ‫فقد يلجأ بعض الناشرين إلى التدخل واقتراح‬
‫واستمعت إلى الكثير من االنتقادات السلبية‬ ‫مــســارات أخ ــرى لتصاميم مطبوعاتهم إثر‬
‫واإليــجــابــيــة‪ ،‬وم ــع ذل ــك يمكن أن أق ــول إن‬ ‫اقتراح بعضها‪ ،‬وسيكون على الفنان المصمم‬
‫معاناة المصممين في الربع األخير من العام‬ ‫إما إقناعهم بوجهة نظره‪ ،‬وإما استيعاب وجهة‬
‫المنصرم على أقــل تقدير تختلف كليًا عن‬ ‫نظرهم واقتراح مسار بديل يحقق تلك الرغبة‬

‫‪39‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫أستحضر الــصــور والــرســومــات والخطوط‬ ‫معاناتهم اليوم‪ ،‬فقد أصبحت أغلب إنجازاتهم‬
‫واأللـ ــوان والــمــوضــوعــات دفعة واحـــدة‪ ،‬دون‬ ‫مــرتــبــطــة بــالــعــوالــم الــحــوســبــيــة‪ ،‬والــبــرامــج‬
‫االهتمام بوسائل التنفيذ المقترحة وتقنياتها؛‬ ‫التصميمية المتنوعة بالغة الدقة؛ التي سهلت‬
‫ما يوحي بالنبرة اإلبداعية التي أقصدها‪،‬‬ ‫الكثير من امتالك التقنيات في الوصول إلى‬
‫والتي كنت أستعيدها كل مرة من الصفر مع‬ ‫تحقيق األفكار االبداعية بغاية الدقة‪ .‬مع ذلك‬
‫كل مواجهة جمالية‪ ،‬لتحقيق عمل جديد دون‬ ‫ال بــد مــن الــقــول إن األفــكــار البشرية بقيت‬
‫أن يكون هناك مجال للملل أو التكرار أو ولع‬ ‫واحدة؛ فالقدرة الغرافيكية والجمالية واحدة‬
‫الوقوع واالرتــهــان ألسلوب محدد؛ فالقضية‬ ‫فــي التصور الــعــام للموضوعات المقصودة‬
‫برمتها كانت في هــذا المجال هي الكيفية‬ ‫والمطلوبة‪ ،‬واإللهام الكامن خلف هذا التصور‬
‫التي تدعو لحل االحتياج الجمالي وبلوغ حالة‬ ‫يحقق مــا يــدعــى النمط الــمــرئــي للصياغة‬
‫التوازن التي تجمع المفردات دون المخاطرة‬ ‫العامة التي تنتج المنشورات واألغلفة التي‬
‫بتجاوز القيم التصميمية والتصميم كمهنة‬ ‫تهتم بمختلف مجاالت الثقافة وتقدمها كل‬
‫كانت في مسارها التاريخي بتطور مضطرد‬ ‫مرة بأشكال جديدة ومبتكرة‪.‬‬
‫يجعلها تتفوق على نفسها نظرًا لتداخل الكثير‬ ‫اليوم يمكن تكرار القول بــأن كل ما كان‬
‫من األمور التكنولوجية واإلعالمية واإلعالنية‪،‬‬ ‫يحكم عملي التصميمي في هذا المجال وباقي‬
‫وتطور مختلف وسائل النشر المرتبطة بتطور‬ ‫المجاالت المتصلة بأغلفة الكتب واإلعــان‬
‫إمكانات الطباعة ومــذاهــب التصميم التي‬ ‫عنها والمجالت والبوسترات والبروشورات‬
‫القت دعمها األكبر في الدراسات الجامعية‬ ‫الفنية وسواها‪ ،‬هو المزاج اإلبداعي الفني‪،‬‬
‫األكاديمية‪.‬‬ ‫والذي أعتبره الماسح االبتكاري الذي يجعلني‬

‫* باحث ‪-‬سوريا‪.‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪40‬‬
‫الرؤي ُة البصري ُة والتعبيري ُة‬
‫الفن الحديث‬
‫ِّ‬ ‫في‬
‫■ خيري منذر*‬

‫عبر تاريخ الفن‪ ،‬أكدت التعبيرية حضورها‪ ،‬لكنه كان أكثر تنوعً ا مع نشوء الفن الحديث‪،‬‬
‫هاجسا مع الرومانتيكية التي كاد االنفعال الداخلي‬
‫ً‬ ‫بل يمكن القول إن التعبيرية شكلت‬
‫فيها أن يمزق اإلطــار الواقعي للشكل‪ .‬وقد ظهر هذا التوجه التعبيري لدى (أنسور) في‬
‫أيضا‪ ،‬فقد عبر عن الحالة االنفعالية المتّقدة‬
‫عمله (األقنعة)‪ ،‬ولدى الهولندي (فان كوخ) ً‬
‫التي عكست موقفه وسخطه من العالم‪ ،‬كما يظهر في جانبه التعبيري هذا لدى المدرسة‬
‫أيضا‪ ،‬في وجهها التعبيري الجريء وأسلوبها في بناء العالقات اللونية‪.‬‬
‫الوحشية ً‬
‫أيضا حاالت تعبيرية مختلفة حتى اليوم‪.‬‬ ‫قدم (بيكاسو) ً‬
‫والرمز هنا هو كل صيغة تشير إلى الشيء‬ ‫وخاصة بعد تأثره بالفن اإلفريقي‪ ،‬ونرى ذلك‬
‫في عمله المرسوم (آنسات إفنيون)‪ .‬وبعد بمدلوالته وتعبيراته وليس بــذاتــه‪ ،‬وهــو ما‬
‫بزوغ التجريد أخذت اتجاهات مختلفة منها‪:‬‬
‫يستدعي التكثيف والــغــمــوض‪ ،‬وهــو نشاط‬
‫التجريد الهندسي‪ -‬الغنائي‪ -‬البنائي‪ -‬الفن‬
‫عال‪ ،‬ألنه (إحدى‬ ‫إنساني يتصف بتطور ذهني ٍ‬
‫الالشكلي‪ ..‬إذ تضيق التعبيرية وتتسع داخل‬
‫الوسائط اإلشارية التي يستخدمها اإلنسان‬
‫أشكال التجريد المختلفة‪ ،‬هذا االتساع نجده‬
‫في عملية خلق الثقافة وفــي معرفة العالم‬
‫لدى (هارتونغ‪ -‬بيتبير‪ -‬شنيدر) وال ننسى‬
‫الموضوعي) التي يستخدمها الفنان في عمله‬
‫األمريكي (بولوك)‪.‬‬
‫الفني‪ ،‬وهي تشكل جسرًا لحالة التلقي‪.‬‬
‫البُعد الرمزي في أغلفة الكتب التي تعد‬
‫هناك حاجة للتعبير الرمزي لدى الفنان‬
‫العتبات الرئيسة للمشاهد والمتلقي للكتاب‪،‬‬
‫منذ الــعــهــود الــبــدائــيــة‪ ،‬بشكل يــتــداخــل مع‬
‫هي الفكرة العامة التي تندرج تحتها أساسات‬
‫األبعاد الفنية المختلفة للوحة‪ .‬ظهر في الفن‬
‫أي دار نشر لتكون المحط األه ــم ضمن‬
‫الحديث حالة إشارية مكثفة‪ ،‬ألنها عكست‬
‫محطات دور النشر عالميا؛ فقد بدأ حضور‬
‫بشكل أو بآخر البعد الداخلي والنفسي للفنان‬
‫البعد الرمزي في الوعي منذ محاولة اإلنسان‬
‫وانفتحت على الالشعور واألحالم‪ ،‬ولم تعتمد‬
‫فهم المحيط‪ .‬وقد تواشج الرمز مع الفن منذ‬
‫بالضرورة على رمز معروف في الوعي‪.‬‬
‫رسوم الحيوانات على جدران الكهوف وحتى‬
‫إن تأكيد ذات الفنان في اللوحة هو الذي‬ ‫الفن الحديث‪ ،‬إال إنه في الحداثة الفنية تبلور‬
‫باتجاه فني؛ إذ ظل الرمز جــزءًا من اللوحة أكسبها تنوعً ا‪ ،‬إذ عُرف ما نسميه بالطراز أو‬

‫‪41‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫(روسيتي‪ ،‬هويستلر‪ ،‬جونز‪ ،‬ريدون‪ ،‬بوفي دي‬ ‫األسلوب الــذي يخص كل فنان‪ ،‬ومن خالله‬
‫شــان‪ ،‬جوستاف م ــورو)‪ .‬وقــد أطلق األدبــاء‬ ‫يشكل طــرقــه التشكيلية فــي الـتـعامل مع‬
‫والفنانون بيانهم األول الذي نشر عام ‪1886‬م‬ ‫الموضوع‪ ،‬األمــر الــذي أضفى تنوعً ا للبعد‬
‫في (لو فيجارو) معبرًا عن التوجه الجديد‬ ‫الرمزي‪ ،‬وحضورًا نسبيًا له‪ .‬ففي الوقت الذي‬
‫للفن في الرؤية البصرية من خالل االعتماد‬ ‫يحاك مع الوسائل التعبيرية المختلفة نجده‬
‫على الرمز ومدلوالته السيكولوجية‪ .‬يكتب‬ ‫بحضور أكثر‬
‫ٍ‬ ‫أحيانًا يطفو على سطح اللوحة‬
‫(جــان مورياس) في البيان الرمزي‪( :‬جميع‬ ‫من غيره؛ لذلك‪ ،‬قد ال توجد حدود فاصلة‪،‬‬
‫المظاهر الملموسة إنما هي مجرد مظاهر‬ ‫مثل بين البُعدين التعبيري والرمزي‪.‬‬
‫ً‬
‫محسوسة‪ ،‬كــل مهمتها أن تبدي انتسابها‬
‫إن تبعية مــا يــمــيــز الــرمــز فــي الــفــنــون‬
‫الخفي لألفكار األولية)‪.‬‬
‫البصرية عائدة لتجربة‬
‫وقــــــــد أص ــب ــح ــت‬ ‫الفنان وذاكــرتــه الذهنية‬
‫الــــلــــوحــــة م ــحــ ّم ــل ــة‬ ‫وال ــب ــص ــري ــة‪ ،‬إذ يعمل‬
‫بالرموز‪ ،‬فلكل شيء‪،‬‬ ‫الفنان على خلق حاالت‬
‫غالبًا‪ ،‬حالة رمزية أو‬ ‫رم ــزي ــة لــيــســت مستقاة‬
‫داللــيــة معينة‪ ،‬س ــوا ًء‬ ‫بــالــضــرورة مــن م ــوروث‬
‫مــن خ ــال ال ــل ــون‪ ،‬أو‬ ‫الــوعــي الجمعي‪ ،‬لكنها‬
‫مــن خ ــال اســتــخــدام‬ ‫تكون أحيانًا متصلة به؛‬
‫رمــوز مختلفة‪ ،‬لكنك‬ ‫وهذا ما يميز الفن اليوم‬
‫ت ــش ــع ــر بــــــأن بــعــض‬ ‫عن الفنون القديمة‪ ،‬التي‬
‫أعمال الرمزيين تحمل‬ ‫غالبًا ما تعتمد على رموز‬
‫ح ــسً ــا مــيــتــافــيــزيــقـ ًيــا‬ ‫متفق عليها‪ ،‬وبخاصة‬
‫يعكس البُعد الداخلي‬ ‫تــلــك الــتــي ج ــاءت ضمن‬
‫والنفسي للفنان‪.‬‬
‫األســاطــيــر والــديــانــات‪،‬‬
‫ومـــن هــنــا‪ ،‬نــعــرف‬ ‫كما نراه لدى السومريين‬
‫أن الرمزية فــي الفن‬ ‫بــرمــز (الــثــور المجنّح)‪،‬‬
‫الحديث تعكس تجاوزًا للفهم الظاهري للرمز‬ ‫والحضارات التي تلتها‪.‬‬
‫ال ــذي تــجــدد ودخ ــل فــي صــيــرورة الحداثة‬
‫المدرسة الرمزية‬
‫بتجلياتها المختلفة منذ تشكل الفن الحديث‪،‬‬
‫مع استمرار الرمزية في ما قبل الحداثة مرورًا بالتجريدية وحتى فنون ما بعد الحداثة‪.‬‬
‫بتجلياتها المختلفة‪ ،‬أخ ــذت شكل اتجاه واستنادًا إلى ذلك‪ ،‬نرى أن أعمال (غوغان)‬
‫يدعى (المدرسة الرمزية)‪ ،‬والتي انتشرت تتسـم بطابع رمزي خاص دون االعتماد على‬
‫بين عامي (‪1900-1880‬م)‪ ،‬ومــن روادهــا مفردات محددة؛ إذ تتصف أعماله بحساسية‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪42‬‬
‫رمــزيــة يكتنفها الغموض والصمت‪ ،‬تعكس التجريدية إلى ترميز الرمز أو تجريده من‬
‫هذه الحساسية العوالم الداخلية لإلنسان‪ ،‬مظاهره الخارجية‪ ،‬ليأخذ الخط واللون دوره‪،‬‬
‫ويصل (فان كوخ) إلى بعده التعبيري العميق وهو ما نجده في أعمال (كاندسكي)‪.‬‬
‫بــاتــخــاذ ال ــرم ــز أحــيــا ًنــا‬
‫ث ــم ــة حـ ــديـ ــث عــن‬
‫من خــال الــلــون‪ .‬ونجد‬
‫الروح الخفية لألشياء‪،‬‬ ‫ذلـــك الــتــمــازج م ــا بين‬
‫ســوا ًء في الالشعور أو‬ ‫التعبيرية والرمزية لدى‬
‫مــا نــجــده فــي الــواقــع‬ ‫(بيكاسو) بطرق تشكيلية‬
‫الموضوعي‪ ،‬إذ يمتلك‬ ‫مــخــتــلــفــة؛ فــفــي الــوقــت‬
‫ك ــل شـ ــيء وجــهــيــن أو‬ ‫الـــــذي تـــــؤدي عــنــاصــر‬
‫مـــظـــهـــريـــن؛ داخـــلـــي‬ ‫لوحته (الغرنيكا) دورها‬
‫وخــارجــي‪ .‬حــاول الفن‬ ‫التعبيري (النساء‪ ،‬الثور‪،‬‬
‫الــحــصــان‪ ،‬الــمــصــبــاح)‬
‫الـــحـــديـــث اك ــت ــش ــاف‬
‫ت ــؤدي دورهـ ــا الــرمــزي؛‬
‫تلك الـــدالالت وأسهم‬
‫فيشكل الحصان رم ـزًا‬
‫بذلك الخيال واستلهام‬
‫لـــألـــم والــــثــــور رمـ ـ ـزًا‬
‫الــاشــعــور وفــضــاءاتــه‬ ‫للشجاعة‪.‬‬
‫إلــى حــد (أن اإلنــســان‬
‫ن ــج ــد ح ــال ــة أخـ ــرى‬
‫ال ــذي يتعذر عليه أن‬
‫لـــلـــرمـــزيـــة ف ـ ــي ال ــف ــن‬
‫يتخيل حـصـانًا يعدو‬ ‫الحديث عند (شاغال)‪ ،‬إذ‬
‫عبرت أعماله عن استحضار ذاكرته الطفولية على قــرص بــنــدورة هو إنسان معتوه)‪ .‬لقد‬
‫عبر مفردات القرية وعناصرها المختلفة‪ ،‬استطاعت السريالية اإلمساك إلى حد كبير‬
‫وت ــط ــور ال ــرم ــز م ــع الــســريــالــيــة م ــن خــال بالدالالت والرموز الالشعورية والحلمية‪ ،‬وفي‬
‫تركيزهم على الالشعور واألحالم واستنطاق حالة التكثيف يصبح (األثر الذي تتركه زاوية‬
‫هذه العوالم المحجوبة في العمل الواقعي‪ ،‬حــادة من مثلث على دائــرة هو في الحقيقة‬
‫طاغ وشديد)‪ .‬إذًا‪ ،‬يمكن القول إن االستخدام‬ ‫ٍ‬ ‫ونجد تلك العوالم مستمدة من العقل الباطني‬
‫في أعمال (سلفادور دالي) و(ماكس أرنست) الــرمــزي فــي الــفــن الــحــديــث هــو بشكل من‬
‫وباقي السرياليين‪ ،‬إال إن الرمز أخذ حالة‬
‫األش ــك ــال تعبير عــن تــلــك الــــروح الخفية‬
‫تكثيفية مع التجريدية التي رأت في الرمزية‬
‫لألشياء‪ ،‬ومحاولة للدخول في ما وراء الواقع‬
‫حواج َز إضافية تلتزم بالمدلوالت‪ ،‬فانتقلت‬
‫الموضوعي‪.‬‬
‫* ناقد تشكيلي‪ -‬مصر‪.‬‬

‫‪43‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫البصرية‬
‫ِ‬ ‫الصورة‬
‫ِ‬ ‫جمالي ُة‬

‫■ د‪.‬منصف الديكي*‬

‫في الــواقــع‪ ،‬ثمّ ة غموض في الشكل‪ ،‬وثمّ ة أسئلة كثيرة نصطدم بها في حــال تجاوزنا‬
‫الرؤية التقليدية للواقع والشيء؛ ألن عيننا المعرفية معياريّة وليست عينًا إبداعية أحيانًا‪،‬‬
‫وربما يعود ذلك إلى طبيعة المؤسس‪ ،‬وعينه على تجربة تاريخية في المعرفة‪ ،‬مبنية على‬
‫والفكري المحض‪ .‬هناك أشياء بصرية بديهية نعيشها‪ ،‬لكنها في الحقيقة‬ ‫ّ‬ ‫العمل الذهنيّ‬
‫أكثر من الشيء ذاته؛ بمعنى آخر‪ ،‬هناك أشياء خارج حدود وعينا‪ ،‬ربّما لم نفكر فيها بعد!‬

‫ولو عدنا لألشياء البديهية‪ ،‬مثل‪ :‬الكرسيّ ‪ ،‬مثال بتعرجاتها والتقاء شرفاتها تعكس حاله‬
‫السكين‪ ،‬المسمار‪ ،‬وأشياء أخــرى لها معنى انفعالية واجتماعية ما لساكنيها‪ ،‬بل تعبّر عن‬
‫في إطارها الوظيفي‪ ،‬نتساءل‪ ،‬كيف تشكّل منظومة من التفكير‪ ،‬أل ّن المكان هو انعكاس‬
‫الكرسي مثال؟ ولماذا ال تكون الغرفة المربّعة لإلنسان‪ ،‬والعكس صحيح‪ .‬وفي عالقتنا مع‬
‫دائرية؟ ثمّة قضايا عميقة وراء ما نفعله‪ ،‬شيء األشياء وبنائها نضفي ذواتنا عليها‪ ،‬وهذا‬
‫يتخطى الوجود الفيزيائيّ والقياسيّ للشكل‪ ،‬اإلضــفــاء ال ــذي نــتــركــه يحقّـق تــواصـ ًـا مع‬
‫إذ (لك ّل شيء وجهان)‪ .‬ولكي نتّصل مع الشكل اآلخرين بحيث يمكن أن يراك اآلخر من خالل‬
‫البصري‪ ..‬ال بد من أن نعيد قــراءة الشكل ما تفعله‪ ،‬وهذه الرؤية مختلفة من فرد آلخر‬
‫وتحليله‪ ،‬ونعيد تفكيكه‪ .‬إن الفن الحديث‬
‫تبعًا لمعرفته وتركيبته النفسية‪.‬‬
‫برمته ليس سوى محاولة لمعرفة الشكل وبلوغ‬
‫لذلك‪ ،‬فــإن الجمال لألغلفة‪ ،‬والبصرية‬ ‫الحقيقة مــن خــالــه؛ ألن هناك أثــرًا يتركه‬
‫الشكل من خــال عالقاته الخطية واللونية المختلفة للغالف هي الحصانة التي تختفي‬
‫والفراغية‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬أٌجرِ يتْ تجارب وراءها الكلمات‪ ،‬ونصل للشكل البصري الذي‬
‫على الخط‪ ،‬وأقصد خط الرسم‪ ،‬فهناك خط يظل بنية مفتوحة االحتماالت‪ ،‬يُقرأ من خالل‬
‫قــاس‪ ،‬وخط دافــئ‪ ،‬وآخــر قلق‪ ،‬الــخ‪ .‬ومن ثَ َّم اللغة البصريّة ذاتها‪ .‬وقد أدرك الفنّ الحديث‬
‫هناك أث ٌر يتركه المستطيل أو الطريق المتعرج‪ ،‬هذه البنية؛ لذلك‪ ،‬عمل على تحويل المحسوس‬
‫وهــنــاك فــرق بين مــنــزل بُــنــيَ مــن اإلسمنت المادي وتغييره إلى محسوس إبداعي‪ ،‬ولوال‬
‫وآخــر من الطين‪ .‬إ ّن أحياء دمشق القديمة ذلك‪ ..‬ما معنى الرسم والتصوير‪ .‬إن التحول‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪44‬‬
‫الــذي يجريه الفنّان هو المعنى‪ ،‬وهــو عمل ما أن يجد هــذا التمثال ويصنع منه دراجــة‬
‫على خلق معادل تشكيلي للغموض الكائن في نارية‪ ،‬وذلك باستكمال عناصرها‪ .‬ك ّل ذلك ال‬
‫الكون‪ ،‬ربّما نجد ذلك من خالل سقوط ورقة يلغي األهمية الكبيرة لجهود فتره طويلة من‬
‫من شجره صفراء‪ ،‬أو اختراق مثلّث لدائرة؛ النقل الحرفي للواقع‪ .‬إن نحت (مايكل انجلو)‬
‫فالكنيسة التي يصورها فان كوخ يطبع عليها لتمثال موسى‪ ،‬إبداع مهم يأخذ أهميته ً‬
‫أيضا‬
‫أثره‪ ،‬وانفعاالته‪ ،‬فتأتي الكنيسة لديه محاطة في سياقه التاريخي‪ ،‬لكنه في فترة الحداثة‬
‫تــغـ ّيــرت الــرؤيــة البصرية للشكل‪ ،‬ولــو كان‬ ‫بفراغ ثقيل ولون وكتلة توحي باالنهيار‪.‬‬
‫وبالسياق نفسه أراد بيكاسو أن يعبّر عن مايكل انجلو ح ّيًا لفعل ذلك‪ ،‬وتجاوز الواقع‬
‫بكاء المرأة بأكثر من الحالة الواقعية‪ ،‬ونجد والمشخص‪ ،‬وقــد تنبأ بذلك فــان كــوخ‪( :‬لو‬
‫ذلك في لوحة (المرأة الباكية)‪ ،‬وصوّر رينيه صوّر إنسان يحفر األرض فوتوغرافيا لجاء‬
‫ماغريت بورتريه لتمثال على رأسه بقعة دم‪ ،‬في النتيجة أنه ال يحفر)‪.‬‬
‫إذًا‪ ،‬أضحت األشــيــاء فــي فترة الحداثة‬ ‫كما صوّر (فرنسيس بيكون) تشوهات اإلنسان‬
‫الداخلية‪ ،‬من خالل صياغته لها من جديد غير واقعية‪ ،‬لكنها واقعية من نوع آخــر‪ ،‬من‬
‫وفق ما يراه الفنان‪ .‬ثمّة إشارة لبيكاسو ذات حيث تجسيد الذات االنفعالية بغية رؤية ما‬
‫نارية ال يــرى‪ ،‬فالمكان واإلنــســان قــد تغير شكله‬
‫ّاجة ٍ‬
‫أهمية‪ ،‬عندما جلب مقع َد ومقو َد در ٍ‬
‫بعضا ليأخذا شكل الواقعي‪ ،‬فجسد المرأة أخذ تجليات تعبيرية‬
‫ووضعهما فوق بعضهما ً‬
‫ثور‪ ،‬وقد عبر حينها بيكاسو بأنّه يمكن ألحد عديدة ممتزجة بالخيال وتــصــورات بصرية‬

‫‪45‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫مختلفة‪ ،‬ومن األهمية بمكان‪ ،‬النظر إلى ذلك عن الوجود الواقعي للشكل‪ ،‬وهذه هي القوة‬
‫بالغ‪ ،‬أل ّن ذلك الروحية التي تنفخ في بوق اإلبداع‪.‬‬
‫باهتمام ٍ‬
‫ٍ‬ ‫التحول في بنية الشكل‬
‫إن العقل الرياضي قياسي‪ ،‬وهو صحيح‬ ‫لم يحقّق الحرية فقط‪ ،‬إنّما أشار إلى البعد‬
‫الحقيقي لدى اإلنسان في حريته‪ ،‬طفولته‪ ،‬بالنسبة له‪ ،‬لكنه ليس صحيحً ا بالنسبة لإلبداع‬
‫وحتّى بدائيته‪ ،‬وهذا األمر احتاج إلى تخطي الذي يرى ما ال يرى‪ ،‬إ ّن التأسيس اليوناني‬
‫المفهوم العقالني في الرؤية البصرية للشكل‪ .‬للفن الذي جاء متواشجً ا مع النزعة العقلية‪،‬‬
‫تـــجـــذّرت هـ ــذه الــعــقــانــيــة ف ــي الــحــيــاة استمر قرونًا عديدة‪ .‬لم تحتج الحداثة سوى‬
‫االجتماعية األوروبية‪ ،‬التي ليست سوى قناع زمن ضئيل‪ ،‬لتحطم ك ّل هذا التاريخ‪ ،‬وتستغني‬
‫أراد الــفــنــان نــزعــه ليكشف تلك الطفولة‪ .‬عنه؛ لذلك‪ ،‬قال غوغان (ضعوا نصب أعينكم‬
‫وقليل العصريين)‪ ،‬أمّا‬
‫ً‬ ‫فالطفل يرسم المدرس والعصا بحجمه‪ ،‬إذ الفرس والكمبودجيين‬
‫يرسم كما يرى‪ ،‬ويعبّر عن الحقيقة الجوهرية مولر فيقول‪( :‬بكلمة واحدة أصبحت اللوحة‬
‫الــتــي يعيشها ولــكــن عــبــر تحطيم النسب أقل واقعية بينما ازدادت شاعرية وغناء)‪ .‬كان‬
‫الواقعية للشكل‪ .‬وأهمية فنّ الطفل تكمن في هذا بمثابة العامل الحاسم في تشكل الحداثة‬
‫تحطيم هــذه النسب دون درايــة‪ ،‬وبكثير من عبر مدارسها التي كانت ورشات عمل وبحث‬
‫الصدق‪ .‬وهكذا كان اإلنسان البدائي‪ ،‬لم يفكر بصري لبلوغ الحقيقة عبر تحول بنيوي على‬
‫بصر ّيًا إال وفق رؤيته الذاتية‪ ،‬بصرف النظر السطح التصويري‪.‬‬
‫ * كاتب ‪ -‬المغرب‪.‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪46‬‬
‫وج ُه الكتاب‪:‬‬
‫بصري يَأْسر ُ الناظر َ والقارئَ ً‬
‫معا!‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬
‫فخ‬
‫■ محمد العامري*‬

‫غالف الكتاب الفع َل البصري والجمالي الذي تصطدم به العين للوهلة األولى‪ ،‬إذ‬
‫ُ‬ ‫ُيعَدُّ‬
‫يتم التفاعل معه كصورة جمالية بتكوينها وطبيعة العناصر الموجودة في الغالف‪ ،‬ويسهم‬
‫التصميم الذكي في جلب أكبر عدد من مقتني الكتب لتناوله وتصفحه في المرحلة األولى‪.‬‬
‫فهو فعل تبادليّ بين المتلقي والنص البصري‪ ،‬كتاب أكثر أناقة وجماال‪.‬‬
‫فالكتاب األنيق ال بد أن يسهم في شيوعه‬ ‫وهو العتبة األولى التي تضرب العين بلذة خاطفة‬
‫تتحرك فــي وج ــدان المتلقي لتحسس الكتاب‬
‫وانــتــشــاره‪ ،‬ويصبح سلعة جمالية مستساغة‪،‬‬
‫والتفاعل معه‪ ،‬مجسّ دا من الــورق المنتظم في‬
‫بكونه جاذبًا لالنتباه لدى المشاهد‪ ،‬فهو الكنز‬
‫سياق إيقاعي معين‪ ،‬كدعوة للدخول إلــى عالم‬
‫الموصد الــذي يدعونا لفتحه وتصفحه‪ ،‬كفاتح‬
‫النص الداخلي‪ ،‬أو المحتوى‪ .‬فالغالف عتبة مهمة‬
‫لشهية القاريء على تناوله والتعامل معه بغبطة‬
‫تفضي بنا إلى الداخل‪ ،‬فهي بمثابة المفتاح األول‬
‫فريدة‪ ،‬كشيفرة بصرية تحمل في ثناياها الغموض‬
‫في التعاضد بين داللة الفعل البصري والعنونة‪،‬‬
‫واألس ــرار وأشــكــال وعناصر تتكامل في لحظة‬
‫فحال الغالف كحال باب البيت الذي يدلنا على‬
‫ما لتعطي المشاهد صــورة مغرية للكشف عن‬
‫طبيعة دواخــلــه‪ ،‬فمن الممكن أن نغتبط بعتبة‬
‫محتواه‪.‬‬
‫الكتاب ونقتنيه بصرف النظر عن المحتوى؛ فهو‬
‫فــغــاف الــكــتــاب ب ــرزخ تتعاضد فيه الفكرة‬ ‫يثير إعجابنا لنمتلكه‪ ،‬تماما كأي سلعة وقد غلّفت‬
‫برونق معين يغري المقتني أن يقبض عليها لتصبح المبدعة في التصميم والتسليع في آن واحد‪ ،‬كعتبة‬
‫وجسر ونداء‪ ،‬يرتق المسافة بين الكتاب والقاريء‪،‬‬ ‫جزءًا من مقتنياته‪.‬‬
‫فما يقدمه الكتاب من رونــق وأنــاقــة يجعلنا مسافة جمالية يلتقي فيها الخارج والداخل معًا‪،‬‬
‫مسرورين بوجوده بهذا الشكل‪ ،‬على خالف الكتب لهذا تبقى صورة الغالف عالقة في مخيلتنا دائما‪،‬‬
‫غير االنيقة‪ ،‬فاالهتمام بتصميم الكتاب وجمالياته وتشكل السلطة األكبر في جسد الكتاب عن ما‬
‫الدقيقة هو جزء من حرفية النشر والتعامل معه يقدمه النص للوهلة األولــى‪ .‬وألهمية المسألة‪،‬‬
‫أصبح هناك مصممون مختصون فــي تصميم‬ ‫كقطعة فنية‪.‬‬
‫الغالف لما يمتلكه التصميم من أهمية بل ضرورة‬
‫على خــاف الكتاب غير األنــيــق‪ ،‬ربما يكون‬
‫من ضرورات النشر وتسويق الكتاب بوصفه سلعة‬
‫مضمونه جيدًا لكنه ال يغرينا بتلمسه والتحيز له‪،‬‬
‫ثقافية‪.‬‬
‫بل نتجاوزه لبشاعته وارتباكه البصري‪ ،‬فنصاب‬
‫فقد تميزت دور نشر عن أخرى فيما يخص‬ ‫بخيبة ما‪ ،‬بل ننفر منه لتتجاوزه العين‪ ،‬منتقلة إلى‬

‫‪47‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫االحتفاء بالكتاب وتجلياته الجمالية بالدرجة الحواشي سرديات في غالبها تعبّر عن حدث ما‪.‬‬
‫يعد غالف كتاب «تقدمة الصداقة» ‪-‬المحفوظ‬ ‫األول ــى‪ ،‬وشـ ّكــل الجانب الجمالي قيمة جاذبة‬
‫بــمــكــتــبــة «بـ ــودلـ ــيـ ــان» في‬ ‫للمؤلف‪ .‬فــدور النشر تحتفي بأناقة الكتاب‪،‬‬
‫أكــســفــورد‪ -‬أقـ ــدم غــاف‬ ‫لدورها في تحقيق شهرة‬
‫ك ــت ــاب احــتــفــظ ب ــه حتى‬ ‫ال ــدار بشكل متساوٍ مع‬
‫اليوم‪ ،‬وهو غالف منسوج‬ ‫اسم المؤلف!‬
‫من خيوط الحرير األبيض‪،‬‬ ‫فالغالف مادة جمالية‬
‫وتم عنونة الكتاب بالخط‬ ‫تــقــدم ســرديــات لطبيعة‬
‫األسود كفارقة بين األرضية‬ ‫العنوان بصورة مباشرة‬
‫البيضاء واللون األسود‪ ،‬إذ‬ ‫وغــيــر مــبــاشــرة‪ ،‬كــإشــارة‬
‫جــرت الــعــادة قــديـ ًمــا منذ‬ ‫دالّــة على طبيعة النص‬
‫الــقــرن الــثــامــن عــشــر في‬ ‫ذاته‪ ،‬بعيدة عن التطابق‬
‫الــحــفــاظ عــلــى الــكــتــاب‪،‬‬ ‫ال ــك ــام ــل بــيــن الــعــنــونــة‬
‫حينما كانت نسخة الكتاب‬ ‫والصورة‪ ،‬لكنها تدل على‬
‫تعد كــنـزًا ثمينًا ون ــادرًا ال‬ ‫الــعــنــوان بــصــورة مواربة‬
‫يــتــيــســر الــحــصــول عليها‬ ‫آخــذة الجانب الجمالي‬
‫سوى لخاصة الخاصة من‬ ‫كأساس لها‪.‬‬
‫علية الــقــوم؛ لــذلــك‪ ،‬نجد‬
‫يــمــكــن الــــقــــول‪ ،‬إن‬
‫طويل‬
‫تقنيات حياكة الكتاب جاءت عبر مواد تدوم ً‬
‫العنوان ولوحة غالفه‪ ،‬يقدمان في األصل عنوانا‬
‫مثل الجلد أو الورق المقوى أو الخشب من باب‬
‫واحدا ومتعاضدًا؛ فهو وجه ذاكراتي يذكرنا عبر‬
‫تحصينة ضد التلف‪ ،‬ويعد ضمن سياق «تنميق‬
‫الصورة بعنوان الكتاب‪ ،‬بل يبني عالقة حميمة بين‬
‫المعرفة العلمية والثقافية»‪ ،‬وهو المفهوم الذي‬
‫القارىء والغالف‪ ،‬كفعل بصري يرسخ في الذهن‪.‬‬
‫ينسحب على كافة أوجه الحضارات في العالم‪،‬‬
‫ماثل في شتى معالم‬ ‫والــذي نراه واقعًا جماليًا ً‬ ‫لذلك‪ ،‬نجد أن الغالف الرديء يسيء للكتاب‬
‫الحضارة ورموزها‪.‬‬ ‫بصرف النظر عن المحتوى المعرفي له؛ ما يعني‬
‫أن مضمون الكتاب وغالفه يتعاضدان في تفوّق‬
‫فقد انقطع الفعل الجمالي العربي واإلسالمي‬
‫الكتاب وشيوعه‪.‬‬
‫عن ما كان موجودًا في السابق من اهتمام بزينة‬
‫الكتاب كقيمة جمالية‪ ،‬لكننا اليوم‪ ،‬وقــد عدنا‬ ‫فمنذ قام الفنان المسلم بإنتاج مخطوطاته لم‬
‫للمسالة ذاتها‪ ،‬إذ تقيم دور النشر قسمًا للتصمم‬ ‫يغفل الجانب التلويني والزخرفي كحاشية للنص‪،‬‬
‫خاصا بالكتب التي تنشرها‪ ،‬وتحظى األغلفة في‬‫ً‬ ‫كفعل إغرائي يقود المتصفح للمتعة في المعلومة‬
‫الغرب بأهمية ثقافية كبيرة ورفيعة‪ ،‬بوصفها‬ ‫وفعل الرسم والتلوين‪ ،‬إذ كانت تعكس الصور في‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪48‬‬
‫وشكل وجــه الكتاب مساحة مــن التنافس بين‬ ‫تشكل مكانة فاعلة في ترويج الكتب واإلسهام في‬
‫المصممين عــبــر مــجــمــوعــة مــن االقــتــراحــات‬ ‫اإلقبال عليها؛ لذلك‪ ،‬فهم يضعون معايير صارمة‬
‫الجمالية بــدءًا من الصورة ومــرورًا بنوع الخط‬ ‫لشروط الكتاب الناجح قبل تسويقه‪ ،‬من ضمنها‬
‫وصول إلى بناء الغالف‬ ‫ً‬ ‫المستخدم في التصميم‬ ‫الصورة الفنية للغالف وطبيعة التصميم الجاذب‪.‬‬
‫كتكوين فني يمتلك الشروط الجمالية كاملة‪ ،‬وال‬ ‫فقد عاد اإلهتمام بصنوف الفعل الجمالي بما‬
‫ب ّد من اإلشارة إلى مثلبة تبرز هنا وهناك تتمثل‬ ‫يخص صناعة الكتاب مؤخرًا‪ ،‬وأقيمت معارض‬
‫فــي طرفين‪ ،‬هما الناشر والــكــاتــب؛ ففي كثير‬ ‫ألغلفة الكتب‪ ،‬وتــم التعامل معها كلوحات ال‬
‫من األحيان يتدخل الكاتب غير المختص برؤية‬ ‫تقل أهمية عن اللوحة المرسومة‪ ،‬لذا ال بد من‬
‫المصمم‪ ،‬وفي كثير من األحيان تخضع دار النشر‬ ‫االحتفاء واالهتمام بالفن والثقافة الجمالية في‬
‫جاهل‬
‫ً‬ ‫لمزاجه الذي ال يخدم الكتاب ذاته بكونه‬ ‫غالبية المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬وعلينا أن نتخذ‬
‫فــي الــجــانــب الجمالي؛‬ ‫م ــن الــثــقــافــة الــجــمــالــيــة‬
‫والمسألة األخــرى تتمثل‬ ‫مــعــيــارًا للتعاطي مــع قيم‬
‫الصورة اإلبداعية الراقية‬
‫ف ــي ســلــطــة دار النشر‬
‫الــتــي اخــتــزلــهــا فــاســفــة‬
‫على المصمم نفسه‪ ،‬إذ‬
‫علم الجمال في ما مؤداه‬
‫تحدث أحيانًا تدخّ الت‬
‫أن الحياة المتحضرة هي‬
‫كثيرة ال تصبّ في صالح‬
‫وحدها القادرة على إبداع‬
‫الــكــتــاب وتــســويــقــه‪ ،‬وقد‬
‫فن جميل‪.‬‬
‫تــفــرض أحــيــانًــا سلطة‬
‫ل ـ ـ ــذل ـ ـ ــك‪ ،‬ان ــت ــب ــه ــت‬
‫الــنــشــر غــافًــا ال يعدو‬
‫المجتمعات العربية في‬
‫بالنسبة لصاحب العمل‬
‫هذا الجانب‪ ،‬فقد أسست‬
‫األدب ــي أكــثــر مــن مأساة‬
‫الجامعات العربية ضمن‬
‫مــلــونــة‪ ،‬ســيــتــحــتــم عليه‬
‫تــخــصــصــاتــهــا أق ــس ــام ــا‬
‫تحمل العبء األكبر حين‬ ‫لــلــتــصــمــيــم بــكــل أن ــواع ــه‬
‫نشرها!‬ ‫إلداكــهــم األهمية الكبيرة‬
‫فــي نــهــايــة األمـ ــر‪ ،‬نخلص إل ــى أن جمالية‬ ‫فيما يخص االقتصاد الثقافي كسلعة جمالية‬
‫الكتاب بغالفه هو سلطة جمالية مهمة‪ ،‬ال ب ّد من‬ ‫مهمة وضرورية‪.‬‬
‫فهو إلهام تقترحه األغلفة في وجودها األنيق االهتمام بها‪ ،‬لما تقدمه من خدمة النتشار الكتاب‬
‫لحفر مسارات الجدل والتناغم داخل النصوص‪ ،‬وتسويقه‪.‬‬
‫ * كاتب ‪ -‬األردن‪.‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫العتب ُة األولى‪..‬‬
‫■ د‪ .‬محمد بن مثنى الراشد*‬

‫يُعد العنوان العتبة األولى‪ ،‬والمهمة التي يواجهها القارئ‪ ،‬فقد تقوده إلى المؤلف من‬
‫حائل بينهما‪ ،‬وهذان األمران متوقفان على إيحائه بما يضمّ ه من‬
‫حيث ال يشعر‪ ،‬وقد تقف ً‬
‫أخبار تالزم ما هو آخذ فيه‪ ،‬وعلى مطابقته‪ ،‬دون غموض فكرة أو مفهوم‪.‬‬
‫وقــد عُ ــدّ الــعــنــوان كــاالســم للشيء‪ ،‬اللغوية الحديثة‪ ،‬ولعل الغالف هو عتبة‬
‫به يُــعــرف‪ ،‬وبفضله يُــتــداول‪ ،‬وال يمكن جديدة يتمرّس من خاللها الكاتب لمعرفة‬
‫التغاضي عنه لئال تتكون حالة إبهام القدرة للقارئ الذي يدخل الى نصه‪.‬‬

‫والغالف دو ًمــا مفتوح على التأويل؛‬ ‫والتباس تُقلّل من كفاءته في االستجابة‬


‫لفعالية الــقــراءة‪ .‬وإن حقول المعرفة إنه ينتصر للبصيرة ويريدها أن تبقى‬
‫على شكلها الجميل‪ ،‬ال أن تتخلى عن‬
‫اللغوية زخرت بكثير من المصطلحات‬
‫طبيعتها‪ ،‬وفي محاولة محوها محاولة‬
‫والمقوالت التي تالقحت فيها أصالة‬
‫إعادتها إلى اللون المميز‪.‬‬
‫ما تنبه إليه علماؤنا األوائل مع البحوث‬
‫ويــذهــب بنا االستبصار إلــى الزعم‬
‫بأن الغالف دو ًمــا هو الموقف الصارم‬
‫للمتلقي الــذي يبحث عن راحــة قبل أن‬
‫يقرأ‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬فالغالف مفهوم أقرب‬
‫الى الشيفرة الصوفية بلذتها في التأمل‪،‬‬
‫ال بلذتها في المنطق العقالني‪.‬‬

‫فعلينا أن نعرف أن البحث األسلوبي‬


‫في الدرس اللغوي الحديث في الفن بدأ‬
‫على يد مبدعه (بالي) ‪ -‬تلميذ سوسير ‪-‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪50‬‬
‫وجعله فرعً ا من فروع اللغويات؛ ألن اللغة‬
‫مهيمنة على تفكيره‪ ،‬إذ يراها وظيفة‬
‫حياتية ونظامًا اجتماعيًا ملؤه العالقات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬والباحث األسلوبي في نظره‬
‫دارس لغوي محض يدرس مفردات اللغة‬
‫من حيث داللتها‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬فإن مصطلح (جمالية الصورة)‬


‫لــه قــوة حــضــور يستمدها مــن (بــالــي)‬
‫وممن جاء بعده‪ ،‬ويعني‪« :‬تحليل مجموع‬

‫فثمة‪ ،‬في كل كتاب تشكي ُل البصريّ ‪،‬‬ ‫السمات المتغيرة‪ ،‬والمدوّنة التي تجمع‬

‫هذه السمات‪ ،‬والتي تتعارض مع السمات وتلك المشهديّـ ُة ذات الخلفيّـة التشكيليّة‪،‬‬
‫اإلجبارية أي‪ :‬تحليل األنــمــاط اللغوية إذ يحضر المشهد جنبًا إلــى جنب مع‬
‫التي قد تتغير تراكيبها أو تتوالد‪ ،‬وكذا الكلمة‪ ،‬في إيصال مقولة الكاتب‪ ،‬من دون‬
‫(النص) أو العمل (المدونة) الذي يجمع أن يتدخل‪ ،‬بشكل مباشر‪ ،‬في المشهد‪.‬‬
‫هذه األنماط موازنة بقواعد اللغة الثابتة‪.‬‬

‫وثمة فرق بين األسلوبية اللغوية وبين‬


‫األسلوبية األدبية والصورة البصرية‪ ،‬ذلك‬
‫أن األولى تقترب من الوصف وتقوم على‬
‫االختيار‪ ،‬أما الثانية فتقوم على االنزياح‬
‫أو االنتهاك؛ ألن األسلوب األدبي مصمم‬
‫على أساس الفرادة التي يكتسبها المنشئ‬
‫من خالل عمله والتي تتعارض مع معايير‬
‫اللغة‪ ،‬والصورة البصرية تجمع بينهما‪.‬‬
‫ * كاتب‪ -‬الكويت‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫اإلشارات‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬
‫الغالف ِقنا ُ‬
‫■ ُمليم الكوني*‬

‫يقول الشاعر الفرنسي شارل بودلير وهو مخترع مصطلح الحداثة‪« :‬رسم األرابسك هو‬
‫رجل مثل بودلير وهو المعجب ب(ديالكروا) قد رأى في‬ ‫أكثر الرسوم مثالية»‪ .‬وكما أظن فإن ً‬
‫الفنون العربية‪ -‬اإلسالمية ما لم يره مؤرخو الفن الغربيون الذين جاءوا من بعده‪ ،‬والذين‬
‫ألحقوها باألشغال الحرفية‪ ،‬ولم يعترفوا بهاجس الخلق اإلبداعي الذي تصدر عنه تلك‬
‫الفنون‪ .‬يمكننا اآلن بيسر أن نستنبط الدافع التاريخي الذي يقف وراء ذلك الحكم‪ ،‬الذي‬
‫وطيشا في التاريخ الفني العالمي‪ :‬الجهل‪ .‬وهو‬
‫ً‬ ‫يُعد واحدً ا من أكثر األحكام النقدية تهورًا‬
‫قناع الزدراء ثقافات اآلخر التي ال تصدر عن النبع اإلغريقي‪ .‬هذه المصادرة القائمة على‬
‫حائل دون ظهور نــوع استثنائي من وعــي النظر إلــى اآلخر‬
‫ً‬ ‫رؤيــة معرفية ضيّقة‪ ،‬لم تقف‬
‫بصفته ملهمً ا‪ .‬على سبيل المثال‪« :‬فنسنت فان كوخ» في تأثره بفن الحفر الياباني على‬
‫الخشب و»هنري ماتيس» في جنوحه الزخرفي مقلدً ا الفنان العربي القديم و»بيكاسو»‬
‫حين عثر في القناع اإلفريقي على ضالة جمال خفيّ ال تقرأه األشكال‪ ،‬حين يباشر تأثيره‬
‫السحري‪.‬‬
‫غــيــر أن الــفــنــان الــغــربــي‪ ،‬مــع كــل هــذه أ ُقـ ِ‬
‫ـصــيــت فــنــون كــالــخــزف والــخــط العربي‬
‫الجهود االستثنائية المفارقة ظل ينظر بأمل والزخرفة من فضاء الفن اإلبداعي الجميل‬
‫إلــى إمكانية إعــادة تنظيم تلك المؤثرات (النفيس)‪ ،‬وتُركت مهملة تجتر ما انتهت إليه‬
‫إلهام‬
‫ٍ‬ ‫في السياق الذي يجعلها ال تنحرف بوعيه من نتائج جمالية‪ :‬خسر الفن مساحة‬
‫الشكلي عن مساره‪ .‬والدليل على ذلك أن روحــيّ جسّ دته تلك الفنون‪ ،‬كونها الوعاء‬
‫التصنيف النقدي القديم الذي يضع فاصال األول لنشوء الــوعــي الجمالي التجريدي‬
‫ما بين فنون إبداعية وأخرى حرفية ال يزال وفقدت تلك الفنون الدافع الذي يملي عليها‬
‫يضع جماليات الفنون العربية‪-‬اإلسالمية حيوية التغير واإلفالت من القوانين التقنية‬
‫تحت طائلة الشك في قدرتها على التطور المسبقة‪ .‬تلك القوانين التي صارت بمرور‬
‫والــنــمــو‪ ،‬كونها تصدر عــن فنون اتباعية‪ ،‬الزمن أشبه بالقوالب‪ .‬لقد كان بث الروح‬
‫قدرها أن تهب إلى منتجيها صبغة فلكلورية‪ .‬في تلك الفنون ممكنًا على المستوى العربي‬
‫وكما أرى فإن الخسارة كانت مزدوجة حين في اللحظة التي شهدت الثقافة العربية‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪52‬‬
‫لقد حولت اإلشــارات السحرية الفالتة‬ ‫ظهور أولى نزعات الحداثة الفنية‪ ،‬يوم كان‬
‫النظر مقيمًا خارج شهوة التزيين؛ إذ كانت بغموضها البصري إلى أيقونات مثقلة بثبات‬
‫عالقة الفنان بما تَشكَّل من حوله من نتائج رمزيتها الهشة‪ ،‬التي هي رمزية عاطفية‬
‫تلك الفنون تتسم باالكتساب القبلي البريء‪ ،‬تتعثر بالزمن الذي يغالبها‪ .‬ولهذا يمكنني‬
‫وهذا ما لم يحدث إال في حدود ضيقة‪ ،‬أما القول إن المسافة بين اإلشارة والصورة وهي‬
‫العودة إليها‪ ،‬اليوم‪ ،‬بعد‬
‫مسافة هائلة‪ ،‬م ُِحيت‬
‫كل ما شهدته السنوات‬
‫حين تحولت اإلشــارة‬
‫الخمسين الماضية من‬
‫هي األخرى إلى صورة‬
‫ضجيج بشأن مفاهيم‬
‫مقنعة‪ .‬ولكن هل كان‬
‫صارت مشوشة ومعيقة‬
‫الفنانون يــدركــون أن‬ ‫كـــاألصـــالـــة والـ ــتـ ــراث‬
‫اإلش ـ ــارة تــقــيــم خــارج‬ ‫والهوية الوطنية‪ ،‬فإنها‬
‫الــــصــــورة؟ وال ــغ ــاف‬ ‫أشــبــه بــالــعــكــاز لــرجــل‬
‫هو اإلشــارة التي تقيم‬ ‫ال يــقــوى عــلــى المشي‬
‫خارج الصورة‪.‬‬ ‫بقدميه!‬
‫ * كاتب‪ -‬ليبيا‪.‬‬

‫‪53‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫ُ‬
‫الغالف‪ ،‬الوج ُه اآلخر للكتاب‬
‫احل ْيسن*‬
‫■ إبراهيم َ‬

‫غالف الكتاب هو‪ ،‬بالتأكيد‪ ،‬عتبة النص األولى التي يمرُّ منها القارئ قبل تصفح الكتاب‬
‫وقــراءتــه‪ .‬ويُراهن الكثير من المؤلفين والناشرين والطابعين على الغالف وجعله سندً ا‬
‫أيقون ّيًا ‪ Iconique‬لجذب الـقــراء واستقطابهم للكتاب‪ ،‬نـظــرً ا ألهمية جماليات الغالف‬
‫مدخل حقيق ّيًا لولوج عوالم النص ومضامينه‪.‬‬
‫ً‬ ‫بوصفه‬
‫الصلبة وأشكال صغرى تسهل عملية نقلها‪.‬‬ ‫فهناك من يــرى أن الحكم على الكتاب‬
‫وفي وقت متقدِّم من عصر النهضة‪ ،‬برزت‬ ‫يبدأ من الغالف بوصفه واجهة فنية أمامية‬
‫صفحة الــعــنــوان مــع ظــهــور أســمــاء الكتب‬ ‫تعكس قيمته‪ ،‬على األقل من الناحية الجمالية‬
‫والمؤلفين والمكتبات على الغالف األمامي‪.‬‬ ‫والتقنية‪ .‬فاألغلفة الجيِّدة تكون مؤثرة‪ ،‬إذ‬
‫وبالمثل‪ ،‬ظهر العنوان على الغالف الخلفي‬ ‫تجعل القارئ يتأمَّل مكوِّناتها البصرية وتتشكل‬
‫في القرن السادس عشر‪.‬‬ ‫وتصورات قبْلية قد تكون‬ ‫لديه بفضلها أفكار ُّ‬
‫لها صلة بالمحتوى‪ .‬لــذلــك‪ ،‬تظ ُّل األغلفة‬
‫امتدادًا لذلك‪ ،‬وخالل القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫الناجحة هي التي يت ُّم تصميمها وتقديمها‬
‫كانت أغلفة الكتب تحظى بمنزلة خاصة‪ ،‬إذ‬ ‫كــرؤيــة جمالية بصرية مؤسسة على خبرة‬
‫كانت تصنف ضمن األشياء الثمينة والنفيسة‬ ‫غرافيكية وافــيــة‪ ،‬وتستند إلــى موهبة فنية‬
‫بتجليدها وتحليتها بمواد وخامات مرتفعة‬ ‫عالية‪ ،‬على مستوى تدبير عناصر التعبير‬
‫الثمن‪ ،‬مع اختيار نوع الورق الجيِّد والتغليف‬ ‫داخل مساحة الغالف‪ ،‬بما ينسجم مع أنواع‬
‫والتزيين والتبطين بالورق المقوى وغير ذلك‬ ‫اإلصدارات وطبيعتها‪.‬‬
‫من األساليب المستعملة كواجهة أولى للكتاب‬
‫وقديمًا‪ ،‬ومنذ النصف الثاني من القرن‬
‫تحبيبًا وترغيبًا فــي الــقــراءة‪ ،‬وهــي حرفة‬ ‫الــخــامــس عــشــر‪ ،‬كــانــت األغــلــفــة عــبــارة عن‬
‫صنّاع الكتب‬‫يدوية كانت تدخل ضمن أشغال ُ‬ ‫أعمال فنية‪ :‬أغلفة محفورة يدو ّيًا‪ ،‬وموشاة‬
‫الذين كانوا يحرصون على جماليتها ومتانتها‬ ‫باألحجار الكريمة والعاج والحرير والجلد‬
‫لحمايتها من التلف والتمزُّق الــذي يصيبها‬ ‫ثمين ومدهش‪.‬‬ ‫نحو ٍ‬ ‫والخيوط الذهبية على ٍ‬
‫أثــنــاء األســفــار والتنقالت فــي ذلــك الوقت‪.‬‬ ‫ومع اختراع المطبعة من قبل يوهان غوتنبرج‬
‫فــي الحقبة نفسها‪ ،‬ظهرت تقنيات لصنع‬ ‫‪ J. Gutenberg‬عــام ‪1450‬م‪ ،‬صــارت للكتب‬
‫أغلفة ملوَّنة بأسعار مناسبة استحوذت عليها‬ ‫هوية جمالية وتقنية أخ ــرى‪ ،‬وأضــحــت مع‬
‫اإلصدارات الشعبية على وجه الخصوص‪.‬‬ ‫م ِّر العصور أكثر حداثة‪ ،‬ومعروفة بأغلفتها‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪54‬‬
‫وبــإلــقــاء نــظــرة عــامــة على نــوع تصاميم ما‪ ،‬وإدماجها في صلب الفكرة بشكل تعبيري‬
‫تخصصي‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫أغلفة الكتب الموجودة‪ ،‬نستنتج مجموعة من ومهني‬
‫لكن‪ ،‬ومع تطوُّر وسائل العمل واالشتغال‪،‬‬ ‫المعطيات‪ ،‬من بينها وجود أغلفة‪:‬‬
‫تخصصات فنية جديدة في مجال‬ ‫ُّ‬ ‫وبظهور‬ ‫‪ -‬تكتفي بنشر ص ــورة فوتوغرافية‪ ،‬أو‬
‫اإلعــــــان والــتــصــمــيــم‬ ‫رس ــم ــة‪ ،‬أو عــمــل فني‬
‫البصري ‪Design visuel‬‬ ‫ل ــف ــن ــان مـ ــا (ت ــص ــوي ــر‪،‬‬
‫والنسخ الفني وفنون‬ ‫نحت‪ ،‬سيراميك‪ ،‬رسم‬
‫الطباعة‪ ،‬صارت أغلفة‬ ‫كــاريــكــاتــيــري‪ ،)...‬وذلــك‬
‫الــكــتــب واإلصــــــدارات‬ ‫بوضعها داخ ــل صفحة‬
‫تنجز فــي ص ــورة بهية‬ ‫الغالف األمامية ‪Plat de‬‬
‫مُغايرة ومختلفة للشغل‬ ‫‪ devant‬بموازاةٍ مع اسم‬
‫الـ ــيـ ــدوي الــتــقــلــيــدي‪،‬‬ ‫المؤلف‪ ،‬وعنوان الكتاب‪،‬‬
‫باالستفادة من األنظمة‬ ‫والعالمة التعريفية لدار‬
‫الــرقــمــيــة وال ــب ــرام ــج‬ ‫النشر‪.‬‬
‫الحاسوبية التي أمست‬
‫تتيح للفنان المصمِّم‬ ‫‪ -‬تسند فيها مهمة‬
‫إم ــك ــان ــات هــائــلــة من‬ ‫الــتــصــمــيــم ل ــرس ــام مــا‪،‬‬
‫التصاميم واالختيارات‬ ‫هـ ٍـاو أو محترف (تحت‬
‫ال ــل ــون ــي ــة وال ــخ ــط ــوط‬ ‫الطلب)‪ ،‬والمتمثلة في‬
‫والــــرمــــوز واألشـــكـــال‬ ‫إنــجــاز رس ــم إيــضــاحــي‬
‫الــهــنــدســيــة‪ ،‬وأســالــيــب‬ ‫‪ Illustration‬محدَّ د «له‬
‫توضيبها واستغاللها لفائدة التصميم‪ ،‬وفي‬ ‫صلة» بالمضمون‪ ،‬أو على ضــوء إيــحــاءات‬
‫أوقات وجيزة وسريعة‪ ،‬لكن الناجح منها يكون‬ ‫وأفكار تعطى له مسبقًا‪ ،‬أو أحيانًا من خالل‬
‫مؤسسً ا على رؤى وتصورات تحضيرية تمهِّد‬ ‫اطالعه على النص وقراءته‪ .‬وكثيرًا ما يحدث‬
‫للعمل النهائي طبقًا للرؤية البصرية المتوخّ اة‪.‬‬ ‫هذا األمر في حاالت كتب األدب عمومًا‪.‬‬
‫كما أن دور النشر الحالية التي تشتغل‬ ‫‪ -‬تترك االختيار للفنان للتفاعل بصر ّيًا‬
‫بمنظور فــنــي مــعــاصــر‪ ،‬تــركــز عــلــى أهمية‬ ‫مع ما يوحيه له الكتاب من أفكار وتداعيات‬
‫ال ــج ــوان ــب الــجــمــالــيــة ف ــي طــبــاعــة الــكــتــب‬ ‫جمالية تجعله ينفذ تصاميم فنية متحرِّرة‬
‫وصناعتها‪ ،‬يشتغل فيها فنانون محترفون على‬ ‫بــحــســب حــسِّ ــه اإلبـــداعـــي‪ ،‬ووفــ ًق ــا لــرؤيــتــه‬
‫واسع بشروط الشغل‪ ،‬وبأهمية الدور‬ ‫ٍ‬ ‫إدراك‬
‫ٍ‬ ‫اإلستتيقية الخاصة‪ ،‬دون تدحل أو إمــاء‪،‬‬
‫اإلبداعي الذي يقومون به‪ ،‬ولهم سالسة في‬ ‫وإما بخلق توليفات في فضاء الغالف وإغنائها‬
‫االختيارات الممزوجة لديهم بنوع من «الذكاء‬ ‫بالخطوط واأللــوان واألشكال التعبيرية‪ ،‬أو‬
‫اإلبــداعــي» في التعامل مع نــوع اإلصــدارات‬ ‫بتوظيف تفصيلة ‪ Détail‬من صورة لعمل فني‬

‫‪55‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫‪ Logo‬والــنــص المختصر الــخــاص بظهر‬ ‫والفئات القارئة المستهدفة‪ :‬كتب األطفال‪،‬‬
‫نصا مقتضبًا‬ ‫الكتاب‪ ،‬والذي يكون في الغالب ًّ‬ ‫ال ــدواوي ــن الــشــعــريــة‪ ،‬كتب السير الــذاتــيــة‪،‬‬
‫مأخوذًا من تقديم الكتاب أو مقدمته‪ ،‬كما‬ ‫األعمال الروائية‪ ،‬الدراسات النقدية‪ ،‬الكتب‬
‫هو الشأن بالنسبة لمجموعة من دور النشر‬ ‫العلمية والتاريخية‪...‬إلخ‪ .‬مع وجود استثناء‬
‫العالمية التي تحترم الثقافة البصرية والوعي‬ ‫خاص بالكتب الفنية والمونوغرافيات التي‬
‫الجمالي وسبل االستفادة منهما‪ ،‬األمر الذي‬ ‫تصنف ضمن الكتب الرفيعة ‪ Livres‬ـ‪Beaux‬‬

‫يساعدها كثيرًا على إثبات الذات والحضور‬ ‫التي تتطلب شروطً ا ومعايير أخرى جمالية‬
‫ال ـ ــوازن عــلــى الــمــســتــوى الــثــقــافــي‪ ،‬وكــذلــك‬ ‫وتقنية‪ ،‬إلى جانب تكلفتها المالية‪ ،‬باعتبار‬
‫ما تتطلبه من صور بجودة عالية وتصاميم‬
‫خالل معارض الكتب التي تقام هنا وهناك‪.‬‬
‫خاصة تقوم على إدماج الصور مع النصوص‬
‫بل إن هــذا العمل االحترافي يساعد كثيرًا‬
‫على مــنــوال تصميم الصحف والــمــجــات‪،‬‬
‫على نشر الكتاب وترويجه والرفع من نسبة‬
‫فضل عن نوع األغلفة المزدوجة في الغالب‪.‬‬ ‫ً‬
‫مقبول ومستساغً ا من‬ ‫ً‬ ‫مبيعاته‪ ،‬بل وجعله‬
‫لدن القراء والمتلقين على اختالف ميوالتهم‬ ‫كما أن نوع دور النشر المذكورة تصير لها‬
‫أيضا‪.‬‬‫واهتماماتهم‪ ..‬وأذواقهم ً‬ ‫هوية جمالية خاصة تميِّزها عن غيرها‪ ،‬إذ‬
‫بمجرَّد رؤية أحد إصداراتها ولو من بعيد‪ ،‬يت ُّم‬
‫فإذا قيل قديمًا «الكتاب يُعرف من عنوانه»‪،‬‬ ‫التعرف على إصداراتها بسهولة ودون عناء‪،‬‬
‫فإنه صــار راهنًا يُعرف من غالفه‪ ،‬بما هو‬ ‫وهذه الهوية يحدِّدها التصميم الجمالي الذي‬
‫ـواز للنص والمتن‪،‬‬‫فنٌّ قائ ٌم بذاته‪ ،‬وإبــداع مـ ٍ‬ ‫تنفرد وتتفرَّد به أغلفة األعمال التي تنشرها‬
‫وينبغي أن يكون كذلك بما ينطوي عليه األمر‬ ‫وتــوزِّعــهــا‪ ،‬منها حجم الــكــتــاب‪ ،‬نــوع الخط‬
‫من تصاميم مدهشة ورؤى بصرية ومعرفة‬ ‫المستعمل في كتابة اســم المؤلف وعنوان‬
‫المتخصصة‬
‫ِّ‬ ‫حصيفة بقواعده ولغته التشكيلية‬ ‫اإلصــدار‪ ،‬وكذا مكانهما داخل حيِّز الغالف‬
‫ليظهر في أبهى حلله الجذابة والمغرية التي‬ ‫(فوق‪ ،‬في الوسط‪ ،‬تحت‪ ،‬داخل شريط لوني‬
‫تفتح شهية االقتناء والقراءة في آن‪..‬‬ ‫شفاف‪..‬الخ)‪ ،‬إضافة إلى العالمة البصرية‬
‫ * كاتب ‪-‬المغرب‪.‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪56‬‬
‫الكتاب‬
‫غالف ِ‬
‫ِ‬ ‫عن‬
‫ورة َ‬
‫الص ِ‬
‫غياب ُّ‬
‫ُ‬
‫■ فراس املومني*‬

‫كــان بطريرك القسطنطينية يقول قبل أكثر من ألــف سنة‪ ،‬خــال النزاع الــذي عرفته‬
‫الكنيسة حــول مسألة األيـقــونــات‪( :‬إذا ألغينا ال ـصــورة لــن يختفي المسيح‪ ،‬وحـســب‪ ،‬بل‬
‫سيختفي الكون بكامله)!‬
‫كانت الصورة نوعً ا من التفكير الميتافيزيقي‬ ‫رجل الدين هذا لم يكن بإمكانه أن يتخيل‬
‫الذي يتجاوز متطلبات العيش المباشر‪ .‬كانت‬ ‫ما سيستخرجه أيف كالين من العدم‪ ،‬ليضع‬
‫بديل‬
‫كبير من المبشرين بالرسم ً‬ ‫لعدد ٍ‬
‫بالنسبة ٍ‬ ‫الــصــورة فــي مــوضــع اســتــفــهــام يقضي على‬
‫لذلك العيش‪ ،‬وكــان فعل الرسم الــذي يسعى‬ ‫هيمنتها‪ ،‬بصفتها الوسيلة الوحيدة الممكنة‬
‫لتجسيد الوجود‪ .‬ولم يكن الرجل مخطئًا في‬
‫إليه طقسً ا تخيليًا أكثر مما هو إجراء مادي‪،‬‬
‫تصوره‪ ،‬هناك كون كامل اختفى حين انمحت‬
‫يتوخى من يقوم به استخراج شيء ما‪ .‬وفجأة‬
‫الصورة من أمامنا‪ .‬وألن األمر لم يحدث فجأة‪،‬‬
‫أخلى ذلك الفعل مكانه للخبرة‪ ،‬فلم يبق من‬ ‫فإننا لم نشعر بالفجيعة لغياب عالم كنا نظنه‬
‫الرسم سوى خبرته‪ .‬كان الرسم في المرحلة‬ ‫سرمديًا هو عالم الرسم‪.‬‬
‫التي سبقت اقتراح مالفيتش يعني ملء السطوح‬
‫لقد استدرجنا إلى أعماق الصورة خطوة‬
‫باألشكال‪ .‬بصرف النظر عن مصدرها‪ ،‬كانت‬
‫بعد أخرى‪ ،‬وضعنا أقدامنا على سلم المنجم‬
‫تلك األشكال تجسيدًا لرغبة الرسام في تأثيث‬ ‫لتبدأ رحلة هبوطنا درجة بعد أخرى‪ .‬وها نحن‬
‫العالم بما يجعل مهمة استرجاعه ممكنة‪ ،‬غير‬ ‫اليوم في حالة استسالم واضح لغموض صار‬
‫أن ذلك التعريف لم يعد مالئمًا في ظل عزوف‬ ‫هو مصدر لذتنا البصرية‪ .‬كانت لوحة الروسي‬
‫الرسامين عن التستر وراء األشكال‪ ،‬واالكتفاء‬ ‫كــازمــيــر مالفتش (‪1878‬ـ‪1935‬م) المسماة‬
‫بعري السطح الذي هو التعبير األمثل عن عري‬ ‫(مربع أبيض داخل مربع أبيض) التي أنجزت‬
‫عالم لم يعد في حاجة إلى أن يقول شيئا‪ ،‬بقدر‬
‫ٍ‬ ‫عــام ‪1918‬م (بعد لوحته األكــثــر شهرة التي‬
‫عرضها عام ‪1913‬م‪ ،‬والتي كانت تمثل مربعًا‬
‫ما يقول ذاته‪.‬‬
‫أســو َد داخــل مربع أبيض) بمثابة إعــان عن‬
‫من كل ما سبق تكتشف أن الصورة البصرية‬ ‫نهاية عصر امتد طويال‪ ،‬عص ٌر عاش الرسامون‬
‫فيه وهــم يأملون فــي أن تــكــون الــصــورة هي هي صورة ذهنية مهمة للقارئ‪ ،‬وال بد ألي دار‬
‫مصدر أملهم في استرجاع ما يطويه الزمن من نشر أن تنتبه للعالمة البصرية عند المتلقي‪،‬‬
‫اللحظات العصية التي تشهد انبثاق الجمال‪ .‬وهي جزء من التسويق قبل أن تكون منتجً ا‪.‬‬
‫ * كاتب ‪ -‬فلسطين‪.‬‬

‫‪57‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫المرجعيات البصريَّ ُة‬
‫ُ‬
‫غلفة الكتب‬
‫ِ‬ ‫والحداث ُة أل َ‬

‫■ منصور احلارثي*‬

‫في الـبــدء‪ ،‬ي َت َعيَّن التأكيد على أن ما بعد الحداثة التي بعثرت األنظمة والقوانين‪،‬‬
‫هي مجموعة من الممارسات والتصورات النقدية التي تعتمد مفاهيم متعددة‪ ،‬من قبيل‬
‫التفكيك واالختالف (االختالف الفكري واألكاديمي واألدبــي والفني عن العصر السابق‪:‬‬
‫عصر الحداثة)‪ ،‬وهي ‪ -‬في األصل‪ -‬حصيلة جدل فكري ذي أهمية بالغة في الفكر المعاصر‪،‬‬
‫والمنظرين‪ ،‬من أمثال‪ :‬جوليا كريستيفا‪ ،‬يورغن هابرماس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أسهم فيه العديد من الفالسفة‬
‫مارتن هايدغر‪ ،‬ميشيل فوكو‪ ،‬جيل دولوز‪ ،‬جاك دريدا‪ ،‬إيهاب حسن‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪ Modernisme‬في مرحلة احتضارها‪ ،‬بل في مرحلة‬ ‫نظرًا العتقادنا الراسخ في قدرة غالف الكتاب‬
‫ميالدها التي هي في حالة ميالد دائم‪ .‬وفي مُساءلة‬ ‫على قراءة المستقبل وتحديد مصير الوجود للكتاب‪،‬‬
‫ليوتار عن نوع الفن الذي يُمكن أن نُطلِق عليه وصف‬ ‫أي تلك ال َمرْويات ذات الصلة بالرؤية الحداثية من قبيل‬
‫ما بعد الحداثة أجاب‪« :‬علينا أن نرتاب من كل اإلبداع‬ ‫«جدلية الروح (هيجل)‪ ،‬هيرمينوطيقا المعنى (ريكور)‪،‬‬
‫الفني الذي وصل إلينا من القديم وحتى البارحة‪ .‬لقد‬ ‫تحرر الــذات العاقلة أو تحرر العامل (ماركس) ونمو‬
‫تحدى سيزان االنطباعيين (‪ ،)Les impressionnistes‬ثم‬ ‫الثورة (الليبرالية)»‪ ،‬وذلك استنادًا إلى تحديد الحداثة‬
‫جاء بيكاسو وبراك فاستهدفا سيزان بالهجوم‪ ،‬ثم كفر‬ ‫بقوله‪« :‬سوف أطلق مصطلح الحداثة على أي فرع من‬
‫دوشان )‪ (Duchamp‬عام ‪ 1912‬بفرضية الرسم نفسها‬ ‫فروع المعرفة يسعى إلى اكتساب شرعيته بنفسه من‬
‫حتى وإن كان تكعيبيًا‪ ،‬وجاء بعده بورين (‪)Buren Daniel‬‬ ‫خــال افتراض خطاب شــارح (‪ )métadiscours‬يمثل‬
‫ليتشكَّكَ بدوره في فرضية أخرى‪ ،‬رأى أن دوشان حافظ‬ ‫إطــاره المرجعي من خالل االستناد إلى نظرية عامة‬
‫عليها في أعماله ولم يتعرض لها بالنقد‪ ،‬وهي الفرضية‬ ‫مثل نظرية جدلية الروح‪ ،‬أو هرمينوطيقا المعنى‪ ،‬أو‬
‫التي تتعلق بموقع التصوير ومكانه في العمل الفني»‬ ‫تحرير الذات العاقلة أو الفاعلة‪ ،‬أو قصة خلق الثورة‬
‫(‪ ،)La condition postmoderne‬مع هذا المعنى يبدو أن‬ ‫على التقليدية في المشهد البصري‪.‬‬
‫مصطلح «فن ما بعد الحداثة» يُناقض نفسه‪ ،‬إذ يسعى‬ ‫على الصعيد الفني‪ ،‬يــرى ليوتار أن «فــن ما بعد‬
‫إلى وصف أعمال تحيلنا إلى لغات الفن المعروفة التي‬ ‫الحداثة» ال يمكن النظر إليه بوصفه فئة محددة دائمة‬
‫يمكننا إدراكها كفن من خالل هذه اللغات‪ ،‬بينما تتعمد‬ ‫من األعمال؛ ألن ما بعد الحداثة ال تتحقق إال في صورة‬
‫الهروب منها وتكسيرها في الوقت نفسه‪ ،‬ما دفع بيل‬ ‫مُحاوَلة لتدمير كل التصنيفات والتقسيمات واإلفالت‬
‫ريدينجز )‪ (Bill Readings‬للقول بأنه «فن ينتمي إلى‬ ‫منها‪ ،‬وفي صورة تشَ كُّك جذري في كل ما هو معروف‬
‫الفن وال ينتمي إليه في آن واحــد»‪ ،‬ومثل هذه اآلراء‬ ‫ومألوف‪ ،‬وثورة عليه‪ ،‬فيما يؤكد أن كل عمل ينتمي إلى‬
‫النقدية تُصَ وِّر ما بعد الحداثة كحالة دائمة من التقلب‬ ‫الحداثة ينبغي أن يمر أولً بطور ما بعد الحداثة‪ ،‬ألن‬
‫وعدم االستقرار‪ ،‬ضمن مقاومة التقنين والتحديد‪.‬‬ ‫ما بعد الحداثية ‪ Postmodernisme‬ال تمثل الحداثية‬
‫ * كاتب ‪ -‬سلطنة عمان‪.‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪58‬‬
‫عميقة‬
‫ٍ‬ ‫لرؤية‬
‫ٍ‬ ‫بصري‬
‫ٌّ‬ ‫فخ‬ ‫ُ‬
‫الغالف ٌّ‬

‫■ د‪ .‬هناء بنت علي البواب*‬

‫الغالف هو الصدمة األولى للمتلقي‪ ،‬سواء أكان قارئًا‪ ،‬أم مشاهدً ا! وتبدأ عملية قراءة‬
‫الصورة البصرية‪ ،‬وكأنها إسهام في تكوين تلك الثقافة البصرية‪ ،‬التي يجب أن يتصف بها‬
‫المثقف بصريًا‪ ،‬وهو ذلك الذي يتمكن من قراءة الفعل البصري وتصويره بكل ما يحمله‬
‫من موضوعات ورموز ودالئل (الشكل ‪ -‬اإلطار ‪ -‬اللون)‪ .‬فما هي العدة المنهاجية والثقافية‬
‫التي ينبغي حيازتها للقيام بقراءة الصورة الثابتة؟ وكيف تعد تلك الصورة هي األفضل؟‬
‫تأسره به‪ ،‬ومن خالله تتمكن من استبعاد‬ ‫إنّ من نماذج هذه الصورة‪ ،‬غالف الكتاب‪،‬‬
‫كــل مــا يمكن استبعاده مــن أفــكــار سلبية‬ ‫بوصفه يحمل كل عناصر الصورة الثابتة‪،‬‬
‫داخــل المتلقي‪ ،‬ليتمكن من قــراءة الحدث‬ ‫وهذا يتطلب عملية رصد ومتابعة لمختلف‬
‫كامال بمشهديته‪ ،‬وهو واثق أن الغالف يعبِّر‬ ‫المقاربات والمنهجيات واألفكار التي تهم‬
‫عن محتوى مهم جدًا‪ .‬إن بالغة التحريض‬ ‫حقل الصورة‪ ،‬ومن بينها الرؤية العميقة لما‬
‫واإلقناع من بالغة الصور المنشِئة والمؤطرة‬ ‫بعد الغالف‪ ،‬وأهميته بالنسبة للمتلقي؛ فثمة‬
‫لــــلــــخــــطــــاب‪ .‬هــــذه‬ ‫بلورة إطار عام أو برنامج‬
‫الحقيقة ال مشاحنة‬ ‫إجمالي يصلح كمنهجية‬
‫فــيــهــا ف ــي الــمــشــهــد‬ ‫لقراءة الصورة الثابتة‪،‬‬
‫البصري لعالم اليوم‪،‬‬ ‫تتمثل هذه المنهجية في‬
‫والصورة بهذا الفهم‬ ‫نقل الصور‪ ،‬أي نقل صور‬
‫هي صنعة ليس بوسع‬ ‫قسم من العالم إلى قسم‬
‫أيٍّ ك ــان استعمالها‬ ‫آخــر منه‪ ،‬كما أصبحت‬
‫بالسهولة المتصورة‬ ‫الـــصـــورة تــحــتــل مــركــز‬
‫حــتــى وإن رغ ــب في‬ ‫الــصــدارة فــي الخطاب‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫اإلق ــن ــاع ــي‪ ،‬فــكــيــف لك‬
‫انطالقا مــن هذا‬ ‫أن تكون صاحب سلطة‬
‫الــمــفــهــوم‪ ،‬إذا كانت‬ ‫على المتلقي‪ ،‬ومصدر‬
‫الـــصـــورة ل ــغ ــة‪ ،‬فــإن‬ ‫إقناع لــه‪ ،‬إال من خالل‬
‫قـــراءة هــذه الــصــورة‬ ‫ذلك الفخّ البصري الذي‬

‫‪59‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫محور خاص‬
‫فــالــقــراءة مشهد مــن مشاهد الــصــورة‬ ‫الثابتة مهما كان نوعها‪ ،‬بما في ذلك غالف‬
‫أي كتاب بكل ما يحمل من رمــوز وأشكال البصرية اإلبداعية‪ ،‬وهي تركيب مميز يغاير‬
‫وألــوان‪ ،‬يعني تفكيك هذه اللغة‪ ،‬أي تحليل‬
‫لون الواقع الذي يعتمد فيه على أساسات‬
‫المرسلة البصرية‪.‬‬
‫النظر في الكتاب؛ ومــن هنا‪ ،‬كــان الغالف‬
‫وتقوم عملية إنتاج الصورة على المرسل‬
‫صاحب الموجة األقوى‪.‬‬
‫(الباث)‪ ،‬كما ترتبط عملية إدراك الصورة‬
‫إن البحث عن المعنى في الصورة يعد‬ ‫وإعادة إنتاجها على المرسل إليه (المتلقي)‪،‬‬
‫ويعد هذا األخير ‪ -‬المتلقي ‪ -‬قطبا أساسً ا مسألة مهمة جــدًا‪ ،‬ويعد هو نتاج ثقافة‪،‬‬
‫في الممارسة التواصلية‪.‬‬
‫فالمفروض أن تكون القراءة مالكة إلى حد‬
‫إن عملية التلقّي إلى جانب كونها تتمم‬
‫ما للعناصر المشكّلة لهذه الثقافة‪ ،‬على أن‬
‫هذه الممارسة‪ ،‬فهي إمكانية أخرى إلعادة‬
‫استثمار هذا العنصر في استخراج المعنى‬
‫خلق المرسلة البصرية‪ ،‬وليس بالضرورة‬
‫تكرارها‪ ،‬وهنا يمكن الحديث عن جمالية ال يستقيم إال باالستعانة بعلوم تكون السند‬
‫المرجعي وهو الكتاب‪.‬‬ ‫القراءة‪ ،‬أو لذة القراءة!‬
‫* كاتبة ‪ -‬األردن‪.‬‬

‫محور خاص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪60‬‬
‫القصيرة‬
‫ِ‬ ‫للقص ِة‬
‫َّ‬ ‫االتجاهات الفني ُة‬
‫ُ‬

‫«الجوبة» أُنمو َذ ًجــا‬


‫ِ‬ ‫مجل ُة‬

‫■ سميرة الزهراني*‬

‫نظرً ا لما للمجلة من مكانة وانتشار واسعين‪ ،‬وما تحتويه أعدادها من زخم‬
‫فــي المنجزات والنصوص اإلبــداعـيــة‪ ،‬السيما على مستوى القصة التي تزخر‬
‫بالموضوعات المتنوعة‪ ،‬وكذلك بالفنيات والجماليات الزاخرة؛ تلج الباحثة من‬
‫خالل بحثها لدراسة االتجاهات الفنية في القصة القصيرة في المجلة التي ال‬
‫يخلو عدد منها من هذا الفن وجمالياته‪ ،‬وما تكشف عنه النصوص القصصية‬
‫في المجلة على جميع المستويات‪ .‬يعتمد البحث المنهج الوصفي التحليلي‬
‫مع اإلف ــادة من المناهج النقدية الحديثة؛ ولتحقيق أهــداف البحث في خطة‬
‫تنقسم إلى مقدمة عامة‪ ،‬ثم تمهيد‪ ،‬وفصلين يتناوالن تصنيف القصص‪ ،‬والبناء‬
‫الفني لها‪ ،‬وقد توصل البحث إلى تنوع القصص في المجلة وثرائها‪ ،‬وأن غالبية‬
‫القصص في أعداد المجلة تنتمي لنمط القصص القصيرة جدً ا التي ال تتعدى‬
‫غالبيتها الصفحتين أو الثالث فقط‪ ،‬بينما تنوعت أشكال القصص من حيث‬
‫قوالبها‪ ،‬فمنها ما جاء على شكل خاطرة‪ ،‬أو يوميات‪ ،‬وكانت األحداث عادية من‬
‫الحياة اليومية الواقعية؛ لكنها تسلط الضوء على جانب عميق فيها‪.‬‬
‫الباحثة اهتمامًا بالغًا من مجلة «الجوبة»‬ ‫مقدمة‬
‫تــعــد الــقــصــة الــقــصــيــرة مــن أقــرب الثقافية بالقصص‪ ،‬وإعطائها فرصة‬
‫األن ــواع األدبــيــة القريبة من اإلنسان‪ ،‬كبيرة لكل المبدعين الشباب من الوطن‬
‫وتــجــذب الــقــارئ إليها‪ ،‬وقــد الحظت العربي للتعبير عن قصصهم‪ ،‬ولم تجد‬

‫‪61‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫ما يجعلها محط اهتمام وتقدير كبير لدى‬ ‫الباحثة اهتماما من البحوث والــدراســات‬
‫الــقــراء الــذيــن كــانــوا يــجــدون فيها متعتهم‬ ‫بالمجلة؛ إال من بعض المقاالت المتفرقة‬
‫وتسليتهم‪ ،‬وفي الوقت نفسه ال تأخذ ومنًا‬ ‫على الشبكة العنكبوتية‪ ،‬ومــن هنا ارتــأت‬
‫طويال من وقتهم‪.‬‬ ‫أن تقف على القصة القصيرة في المجلة؛‬
‫وقد حرصت مجلة «الجوبة» وهي واحدة‬ ‫أنواعها‪ ،‬وبنائها الفني‪ ،‬ومــا إلــى ذلــك من‬
‫األمور؛ متبعة المنهج الوصفي التحليلي في من المجالت األدبية التي تنفتح على األدباء‬
‫ذلك‪ ،‬مع اإلفادة من أدوات المناهج النقدية واآلداب كافة‪ ،‬على إدراج القصة ضمن مواد‬
‫ما أمكن‪ ،‬وقد اطلعت على أعــداد المجلة‪ ،‬المجلة ومحاورها األساس‪.‬‬
‫وكانت اختياراتها للقصص لتغطي أكبر قدر‬
‫ولــم يكن للمجلة هــذا الــصــيــت‪ ،‬وهــذا‬
‫ممكن منها‪.‬‬
‫اإلنجاز المشرف الحافل لوال جهود األستاذ‬
‫األديب إبراهيم الحميد وهو المشرف العام‬ ‫تمهيد‬
‫إن فن القصة من الفنون الحديثة التي على المجلة‪ ،‬ولــوال فريق التحرير المثابر‬
‫عرفها العرب وأصبحت فنًا من فنون حياتهم فيها المكون من كل من محمود الرمحي‬
‫النثرية منتصف القرن التاسع عشر‪ ،‬على ومحمد صــوانــة‪ .‬فقد رأت المجلة أبهى‬
‫أعدادها على أيديهم التي ال تكل عن مدّها‬
‫غــرار فن الــروايــة‪ ،‬وهــو الحــق له مباشرة‪،‬‬
‫بالجديد والمميز‪.‬‬
‫ومتأثرًا بنشأته‪ ،‬ولنقل إنهما خرجا من منبع‬
‫وفــي هــذا البحث نقف عند اختيارات‬ ‫واحد؛ لكن أخذا مسارين ليعبر كل منهما عن‬
‫لحظته‪ ،‬فتقبل الرواية اللحظة الممتدة التي المجلة لــهــذه الــقــصــص‪ ،‬مــبــرزيــن اإلب ــداع‬
‫تتوالد عنها لحظات عديدة‪ ،‬أو يعبر عنها والــجــمــالــيــات الــتــي تــضــمــنــتــه الــقــصــص‪،‬‬
‫بمجال أكبر من حيث البناء الفني والعناصر وأنــواعــهــا وسماتها وخصائصها‪ ،‬والبناء‬
‫الجمالية والتوسع فيها جميعًا‪ ،‬بينما تعبر الفني لها؛ لنكشف عن جانب من جوانب‬
‫القصة عن اللحظة الموجزة الدقيقة بشكل اإلبــداع واالنفتاح الفكري والثقافي الذي‬
‫تقدمه المجلة عبر أعدادها التي وصلت إلى‬ ‫محدود يضيق بها وال يتسع لغيرها‪.‬‬
‫(ثالثة وسبعين) عددًا حتى عام ‪1443‬هـ‪/‬‬
‫أخذت القصة مساحة من إعجاب الناس‬
‫‪2021‬م‪ ،‬وفي الوقت ذاته نسلط الضوء على‬
‫واهتمامهم نظرًا لهذه الميزات المشحونة‬
‫إبداع القصة القصيرة في العالم العربي‪.‬‬
‫بالجماليات‪ ،‬والفكر العالي المختزل في‬
‫تعريف القصة‬ ‫صفحات قليلة‪ ،‬وما زاد رواجها أكثر لديهم‬
‫جاء في (لسان العرب) في تعريف القصة‪،‬‬ ‫هو أن أكثر المجالت والصحف كانت تميل‬
‫صة مِ ْن‬ ‫إلــى إدراج بعض القصص فــي أعــدادهــا‪ ،‬لغةً‪ ،‬قوله‪« :‬وَالْق ُّ‬
‫َاص‪ :‬الَّذِ ي يأْتي بالقِ ّ‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪62‬‬
‫إذًا‪ ،‬فالقصة لو ٌن من ألوان األدب الذي‬ ‫صت الشَّ يْ َء إِذا تت ّبعْت‬ ‫َص ْ‬ ‫َصها‪َ .‬ويُقَالُ‪ :‬ق َ‬ ‫ف ِّ‬
‫يميل إلى السرد الموجز والمختصر؛ فهو يعبر‬ ‫أَثره شَ يْئًا بَ ْع َد شَ يْ ءٍ ؛ وَمِ نْ ُه َق ْولُ ُه تَعَالَى‪ :‬وَقالَتْ‬
‫ـان معين‪ ،‬وشخصياته‬ ‫حدث واحـ ٍـد وزمـ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫عن‬ ‫ُصيهِ ؛ أَي ا ّتبِعي أَثَرَه‪َ ،‬ويَجُ و ُز بِالسِّ ينِ ‪:‬‬ ‫ِلُخْ تِهِ ق ِّ‬
‫محدودة‪ ،‬ويتخذ من الواقع وأحداثه العابرة‬ ‫صة‪ :‬الْخَ بَ ُر‬ ‫أيضا «والقِ ّ‬ ‫قسَ سْ ت ق ًَّسا»‪ ،‬وزاد ً‬
‫مخزونًا له؛ معمقًا الفكر اإلنساني ليستخرج‬ ‫َصا‬ ‫ُصه ق ًّ‬ ‫َص عَ ل َيَّ خبَره يق ُّ‬ ‫ص‪َ .‬وق َّ‬ ‫َص ُ‬ ‫َو ُه َو الق َ‬
‫من أكثر مواقف الحياة عادية وعيًا ومعنى‪،‬‬ ‫صا‪ :‬أَ ْو َردَه»(((‪.‬‬ ‫َص ً‬‫وق َ‬
‫وامتاعً ا في الوقت نفسه‪.‬‬ ‫أما اصطالحً ا‪ ،‬فعرفها محمد تيمور بأنها‬
‫ولقد ورد لفظ القصة في القرآن الكريم‬ ‫مجموعة من األحداث الجزئية التي تقع في‬
‫كــثــيـرًا‪ ،‬ومــن ذلــك قوله تعالى‪﴿ :‬إِنَّ هـذَا‬ ‫الحياة اليومية للمجتمع‪ ،‬مترابطة ومنظمة‬
‫اللُ﴾‬ ‫ص الْحَ قُّ َو َمــا مِ ْن ِإلَـ ٍـه إ َِّل َّ‬ ‫َص ُ‬ ‫لَ ُه َو الْق َ‬ ‫على وجــه خــاص وفــي إطــار خــاص‪ ،‬بحيث‬
‫أيضا‪:‬‬‫(آل عمران‪ ،)62 :‬وفي قوله تعالى ً‬ ‫تمثل بعض جوانب الحياة وتجلوها في شتّى‬
‫ـص لَ َعلَّ ُه ْم يَـتَـ َفـ َّكـرُونَ﴾‬
‫ـصـ َ‬‫ـص الْـ َقـ َ‬ ‫ـصـ ِ‬ ‫﴿ َفــا ْقـ ُ‬ ‫وجوهها بغرض الوصول من خالل الوعي‬
‫ُص‬‫أيضا‪﴿ :‬نَحْ ُن نَق ُّ‬ ‫(األعراف‪ ،)١٧٦ :‬وقوله ً‬ ‫الكامل باألحداث‪ ،‬والظروف االجتماعية إلى‬
‫ص﴾ (يوسف‪ ،)3 :‬وقوله‪:‬‬ ‫َص ِ‬ ‫عَ لَيْكَ أَحْ سَ َن الْق َ‬ ‫الحقائق اإلنسانية مع عدم إغفال الحرص‬
‫ص َقــا َل َل‬ ‫َص َ‬ ‫ـص عَ لَيْهِ الْق َ‬ ‫﴿ َفلَمَّا جَ ــا َءهُ َو َقـ َّ‬ ‫التام على جانب التسلية واإل ّتــبــاع وجانب‬
‫تَخَ ْف﴾ (القصص‪.)25 :‬‬ ‫التثقيف والتهذيب(((‪.‬‬
‫نشأة فن القصة القصيرة‬ ‫أو هــي نــوع س ــردي يميل إلــى اإليــجــاز‬
‫عالميًا‪ ،‬كانت هناك مــحــاوالت لكتابة‬ ‫واالختزال‪ ،‬واالعتماد على خيط أو عنصر‬
‫القصة القصيرة عند الــغــرب منذ القرن‬ ‫مركزي واحد‪ ،‬وتتميز بقصرها إذ تُقرأ في‬
‫الرابع عشر؛ لكن تلك المحاوالت جميعًا لم‬ ‫جلسة واح ــدة‪ ،‬وبحبكتها التي تبدأ غالبًا‬
‫تصل إلى الشكل الحقيقي الذي يجعل من‬ ‫وسط األحداث‪ ،‬كما تتميز بمحافظتها على‬
‫مستقل وواضحً ا‪ ،‬ولم ي ًر‬
‫ً‬ ‫هذا النمط فنًا‬ ‫وجهة نظر واح ــدة ومــوضــوع واحــد ونبرة‬
‫الغرب نور القصة القصيرة تسطع وتسجل‬ ‫واحدة(((‪.‬‬
‫ـون مــن أل ــوان األدب النثري إال‬‫نفسها َكــلـ ٍ‬ ‫ويــعــرفــهــا مــحــمــد يــوســف نــجــم بــأنــهــا‬
‫على يد «موبسان» في النصف الثاني من‬ ‫«مجموعة من األحداث يرويها الكاتب‪ ،‬وهي‬
‫القرن التاسع عشر الذي كان له رؤية مميزة‬ ‫تتناول حادثة واحدة أو حوادث عدة‪ ،‬تتعلق‬
‫جعلت هذا الفن يسي ُر قدمًا‪ ،‬فهو أراد أن‬ ‫بشخصيات إنسانية مختلفة‪ ،‬تتباين أساليب‬
‫يعبر عن اللحظات الواقعية الحقيقية التي‬ ‫عيشها وتصرفها في الحياة‪ ،‬غرار ما تتباين‬
‫تحدث بشكل شبه يومي في حياتنا‪ ،‬تلك‬ ‫حياة الناس على وجه األرض»(((‪.‬‬

‫‪63‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫هيكل كما كان ميالد القصة على يد محمد‬ ‫اللحظات التي ال تلتفت إليها القصص وال‬
‫تيمور‪ ،‬وكذلك هناك جهود المنفلوطي في‬ ‫تصورها‪ ،‬فاألمور العادية بالنسبة له قد‬
‫قصصه المعرب والــمــؤلــف‪ ،‬فعلى الرغم‬ ‫تحمل ما يستحق أن يعبّر عنه فهو يقدم‬
‫من كل ما اعترضه من مآخذ وعيوب؛ إال‬ ‫معان كثيرة‪ ،‬كما أن وظيفة القصة تتمثل‬ ‫ٍ‬
‫إنــه جــذب الــقــراء إلى‬ ‫في تصوير األشخاص‬
‫هــذا الجنس األدب ــي‪،‬‬ ‫الــعــاديــيــن واألحـــــداث‬
‫وحبب إليهم متابعته‬ ‫الــعــاديــة الــعــابــرة التي‬
‫لــمــا فــيــه مــن أســلــوب‬ ‫يمكن أن نستخرج منها‬
‫مشوّق وعاطفة حارة‬ ‫قيمه الحقيقية‪ ،‬من دون‬
‫وخ ــي ــال مــجــنّــح‪ ،‬أمــا‬ ‫اخــتــاق ل ــأح ــداث أو‬
‫ثــالــث األم ـ ــور فيعود‬ ‫الشخصيات‪ ،‬وقد طبق‬
‫إلى فصل المترجمين‬ ‫موبسان ذلك في رؤيته‬
‫والمعرفين الذين نقلوا‬ ‫حــتــى عُـــ ّد أبًـــا ورائــــدًا‬
‫إلـــى الــعــربــيــة نــمــاذج‬ ‫للقصة العالمية(((‪.‬‬
‫من القصص الغربية‪،‬‬ ‫عـــربـــيًـــا‪ ،‬ن ــش ــأ فــن‬
‫ومنهم يعقوب صروف‪،‬‬ ‫الــقــصــة عــنــد الــعــرب‬
‫ونجيب حداد‪ ،‬وحافظ‬ ‫بداية «فــي مصر قبيل‬
‫إبــــراهــــيــــم‪ ،‬وأح ــم ــد‬ ‫ثـــــورة ‪1919‬م بــفــتــرة‬
‫حسن الزيات‪ ،‬ومحمد‬ ‫وجــيــزة‪ ،‬حيث قــدم لنا‬
‫السباعي وغيرهم(((‪.‬‬
‫محمد تيمور أول محاولة في هذا المضمار‬
‫ويتمثل رواد هذا الفن عند العرب ‪-‬ممن‬ ‫في عــام ‪1917‬م بعنوان (فــي القطار)‪ ،‬ثم‬
‫تــوالــت بعد ذلــك كتابة القصة القصيرة دافعوا عنه‪ ،‬وكتبوا فيه وأبــدعــوا‪ -‬في كل‬
‫على يد الكتاب الشباب الذين كانوا ينادون من‪ :‬عيسى عبيد‪ ،‬وشحادة عبيد‪ ،‬ومحمود‬
‫تيمور‪ ،‬ومحمود طــاهــر الشــيــن؛ كما كان‬ ‫بالتجديد والثورة على القديم»(((‪.‬‬
‫ويــؤكــد الــدكــتــور أحــمــد هــيــكــل أن فن إلبراهيم المازني وتوفيق الحكيم((( إسهام‬
‫الــقــصــص عــنــد الــعــرب مــديــن بــاســتــقــراره فــي استقرار هــذا الفن وضبط مالمحه‪،‬‬
‫ألمور عدة‪ ،‬أولها جهود الــرواد متمثلة في ووالدته كفن أدبي إلى جانب الفنون النثرية‬
‫محاوالتهم التي أسفرت عن نشأة هذا الفن األخرى‪.‬‬
‫تصنيف الــقــصــص مــن حــيــث الحجم‪،‬‬ ‫بصورته الفنية في األدب الحديث‪ ،‬إذ كان‬
‫ميالد الرواية على يد الدكتور محمد حسين والقالب الفني (الشكل) وطرق العرض‪.‬‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪64‬‬
‫الـمـبـحــث األول‪ :‬تـصـنـيــف الـقـصــص مــن حيث في أسلوب نقدي الذع لمناقشة قضايا كبيرة‪،‬‬
‫ومــوضــوعــات تحتاج إلــى وقــفــة مــع الــذات‬ ‫الحجم‪:‬‬
‫لقد بدأت المجلة مع اقترابها من العدد إلبراز نقاط النقص والضعف‪ ،‬والسبيل إلى‬
‫العاشر ترفق قصة ضمن المواد المتنوعة التغيير والتطوير في هذا الجانب‪.‬‬
‫التي تقدمها‪ ،‬ويكون في نهايتها‪ ،‬وتحديدًا تصنيف القصص من حيث الشكل‪:‬‬
‫في العدد التاسع‪ ،‬وسرعان ما تطور اهتمام‬
‫تــتــنــوع الــقــصــص مــن حــيــث شكلها إلــى‬
‫المجلة بالقصة شيئًا فشيئًا؛ حتى بدأت‬
‫أنــواع عديدة‪ ،‬فتتخذ لنفسها القالب الذي‬
‫المجلة تتجه إلى إدراج أكثر من قصة‪ ،‬وقد‬
‫يرتضيه له قاصها للبوح والتعبير عن تلك‬
‫وصلت مع عددها الخامس عشر بتضمين‬
‫اللحظة الدقيقة في الحياة‪ ،‬والتي الرتباطها‬
‫نحو ست قصص في كل عدد من أعدادها‬
‫بالحياة وبالواقع والحقيقة؛ فإنها تأتي وفق‬
‫وبشكل ثابت‪ ،‬وفي مكان متقدم من العدد‪،‬‬
‫أنماط هذا الواقع اليومي‪ ،‬فقد تبدو على‬
‫لتنشر إبداعات الشباب العربي من كل أنحاء‬
‫شكل خــاطــرة‪ ،‬أو فــي قــالــب صحافي‪ ،‬أو‬
‫الوطن العربي‪ ،‬وهــذا ينطبق على الشعر‬
‫تتخذ شكل المدونات اليومية‪ ،‬أو تسرد على‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ً‬
‫شكل ذكريات‪ ،‬أو قد تكون أشبه بالحكاية‬
‫وتميل المجلة إلى تقديم القصة القصيرة أو النادرة التي يقصها الكاتب على القرّاء‪،‬‬
‫جدًا‪ ،‬ونمط األقصوصة؛ بل أَقَل حتى مما أو على نمط رسالة متبادلة بين شخصين‪،‬‬
‫وضعه النقاد لتعريفهما‪ ،‬حيث يُراوح حجم وغيرها من األشكال‪.‬‬
‫القصة من ورقــة إلــى ثــاث صفحات على‬
‫وفي مجلة الجوبة‪ ،‬ونظرًا للعدد الكبير‬
‫األكثر‪ ،‬والنادر منها يأتي في أربع صفحات‪،‬‬
‫م ــن الــقــصــص الــتــي قــدمــتــه الــمــجــلــة‪ ،‬إذ‬
‫أمــا نمط القصة الطويلة (النوفيال) فهو‬
‫تراوح في غالبية األعداد كما سبق وذكرنا‬
‫ليس ضمن القصص التي تتضمنها محاور‬
‫ست قصص؛ نالحظ معها تعدد القوالب‬
‫أعدادها‪ ،‬وربما ذلك يرجع إلى أن هذا النوع‬
‫واألشكال الفنية التي قدمت بها القصص‬
‫يحتاج إلى مساحة كبيرة من الورق ال تتسع‬
‫وظهرت فيها‪ ،‬ومن ذلك نعرض‪:‬‬
‫له المجلة التي شكلت لنفسها منذ أعدادها‬
‫في العدد التاسع من المجلة نجد قصة‬ ‫شكل ومنهجية مميزة تعتمد تقديم‬‫ً‬ ‫األولى‬
‫عــدد متنوع وكبير ‪-‬نوعً ا مــا‪ -‬من موادها بعنوان (ثالث بعوضات) إلبراهيم الحميد‪،‬‬
‫ومحاورها الــذي يتنوع ما بين الدراسات‪ ،‬تــأتــي القصة القصيرة فــي قــالــب فكاهي‬
‫والــقــصــص‪ ،‬والــشــعــر‪ ،‬ونــوافــذ‪ ،‬والملفات ســاخــر‪ ،‬إذ تــدور حــول بطل القصة الــذي‬
‫الخاصة‪ ،‬والترجمة والسير التي تبرز إنجاز يحاول أن يجلس هادئًا في مكتبه وينجز‬
‫أصحابها‪ ،‬وبعض المواجهات التي تقدمها عمله َفيُفاجَ أ بثالث بعوضات تقض هدوءه‬

‫‪65‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫«لديها ابنتان متزوجتان تسكنان بعيدًا‬ ‫وتركيزه فينشغل بهن‪ ،‬ويقدم القاص ذلك‬
‫بأسلوب رمــزي مكثف وفــي الــوقــت نفسه عنها‪ ،‬ويسكن بالقرب منها حبيب القلب‬
‫ابنها قاسم‪ ،‬ومعه أسرته‪.‬‬ ‫ساخر ومضحك‪.‬‬
‫وجمل‬
‫ٍ‬ ‫بــعــبــارات متعثرة على لسانها‪،‬‬ ‫«أحسب الثواني ثقيلة‪ ..‬فقد أتمكن من‬
‫إحداهن أخيرًا‪ ..‬سألقي بكل ثقلي للخالص مفككة تتردد في توصيل قلقها إليه‪.‬‬
‫فــي بحثها عــن الــســلــوى تحب أن تقرأ‬ ‫منها‪ ..‬ظلت تواصل مسيرها إلــى مقدمة‬
‫رأسي‪ ..‬ألحاول اإلجهاز عليها‪ ..‬ضربت كفيّ وتشاهد األفالم‪ ،‬وتمضي وقتها بمتعة‪ ،‬لكنها‬
‫ببعضهما! فصحت بانتشاء‪ :‬أخيرًا أطبقت تفشل كلما حاولت إخفاء هوسها وخوفها من‬
‫يدي عليك أيتها اللعينة! رأيتها تنسل من بين الوحدة‪.‬‬
‫أصابعي قبل أن أفلت يديّ ! مصدرة مزيدًا‬
‫مــا إن تلتقط أخــبــار الــوفــاة مــن هنا أو‬
‫من الصوت وكأنها تتحدى!‪.(((»..‬‬
‫هناك‪ ،‬ال تتمالك نفسها وترتمي منهارة على‬
‫وتمثل قصة (ذاكـــرة لــارتــزاق) لسهام كرسيها‪ ،‬وتغرق في دموعها‪ ،‬وحين تنجلي‬
‫الدهيم شكل الخاطرة التي تقدمها القاصة عنها عاصفة الحزن واألسـى‪ ،‬تجلس وحيدة‬
‫محاولة التعبير عن الحدث بأسلوب بالغ فــي غرفتها‪ ،‬وال ترغب أن يتحدث إليها‬
‫أحد»(‪.((1‬‬ ‫الرقة وبلغة عالية‪ ،‬تقول فيها‪:‬‬

‫ويقدم عيسى مشعوف األلمعي في قصة‬ ‫«يغريها الضجر بأن تقصد َمنْحتها‪ ،‬علّها‬
‫(نصوص قصصية) نمطً ا مشابهًا له؛ لكن‬ ‫تجد شيئا ينسيها وحدتها‪..‬‬
‫الرابط الذي يجمع بين فقرات القصة هو‬ ‫تقف مل ّيًا تتأمل منحوتاتها المترامية‪..‬‬
‫رابط حسّ يّ ‪ ،‬ال ترابط على مستوى معانيها‬
‫كل هذه األشياء ال تبهجها؛ فلكل واحدة‬
‫وانسيابها زمــنـ ًيــا‪ ،‬وكــأنــهــا تشكل مفارقة‬
‫منها ظروفها التي خلقت‪/‬نحتت بها‪..‬‬
‫مفصلية تختزل مشاعر الكاتب‪ ،‬يقول فيها‪:‬‬
‫فذاك القلم ُق ّد ذات ألم!‬
‫«(وحدة)‬
‫سأل صديق صديقه‪ :‬لماذا انفصلت عن‬ ‫وتلك الشجرة ُقدّت ذات خطيئة؛ لتطفق‬
‫زوجتك؟‬ ‫عليها من ورقها!»(‪.((1‬‬
‫أجابه‪« :‬ألني لم أعد أحتمل الوحدة‪».‬‬ ‫وتــقــدم مريم الحسن فــي قصة بعنوان‬
‫(مالذ)‬ ‫(حفل استقبال) قصة تقدم فيها حكاية عن‬
‫أحب تلك التفاحة‪ .‬لونها األحمر الزاهي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫السيدة (أم قاسم) وأوالدهــا‪ ،‬وما تصارعه‬
‫طعمها السكري‪ .‬وداعتها‪ .‬رائحتها‪..‬‬ ‫من مشاعر وأمــور في هــذه الحياة‪ ،‬تقول‬
‫قرر أن يعيش في بستانها‪ .‬معها تندمل‬ ‫القاصة‪:‬‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪66‬‬
‫يضبط أحــدهــم يــخــرج مــن بيت ج ــاره في‬ ‫جروحه‪.‬‬
‫ساعة متأخرة جدًا من الليل‪ ،‬فما كان من‬ ‫(دفء)‬
‫ُض طرفه ويدخل بهدوء‬ ‫هذا الشاب إال أن يَغ ّ‬ ‫قبل أيام رحلت عصفورته‪..‬‬
‫إلى بيته‪.‬‬ ‫غابت ابتسامته وثقلت خطواته‪.‬‬
‫فرحت كثيرًا بــأن أرى قصتي منشورة‬ ‫أنهك قلبه في البحث عنها‪.‬‬
‫في صحيفة محترمة‪ ،‬لكنني فوجئت بأحد‬ ‫تحت مساكب الشمس ينتظرها بلهفة‪..‬‬
‫جيراني يطالبني أن أكشف له عن اسم الرجل‬ ‫لعل الدفء يجلبها إليه»(‪.((1‬‬
‫ويقدم قاص من السعودية لم يذكر اسمه الذي خرج باألمس من عند زوجته»(‪.((1‬‬
‫في قصة (مطبات صناعية) نمط القصة تصنيف القصص من حيث طرق العرض‪:‬‬
‫التي تشبه قالب اليوميات حتى يعبر عمّا‬
‫يعرض الدكتور محمد محقق في قصة‬
‫يجري ويراه خالل يومه‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫قصصا مختزلة‬
‫ً‬ ‫بعنوان (قصص قصيرة جدًا)‬
‫«أديـر محرك سيارتي‪ ،‬وأسير في طريقي ضمن قصة كاملة‪ ،‬وكأن العناوين الفرعية‬
‫اليومي‪ ،‬فتبدأ في إصــدار أصــوات جديدة مجرد عتبات يبرز من خالل الصراع المتقد‬
‫اختزال لما تعبر عنه‬
‫ً‬ ‫كل يــوم‪ ..‬فـي كـل مـرة أعبر مطبًا جـديـدًا‪ ،‬في القصة‪ ،‬أو لتكون‬
‫يصر المطب على ترك بصماته على مؤخرة كل فقرة من األسطر‪ ،‬ويبدأ هذه القصة من‬
‫سيارتي وعلى محركاتها على شكل صرير النهاية التي يعنونها كأول العناوين الفرعية‬
‫مزعج‪ ..‬تستوقفني أرتــال النفايات‪ ،‬وبقايا التي يضعها عتبات للقصة‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫المباني الــمــهـدّمــة‪ :‬طــوب مكسر‪ ،‬وبقايا‬
‫أعتاب‪ ،‬وأبــواب تالفة‪ ،‬وأجــزاء متناثرة من «(نهاية)‬
‫حديد لم يستطع اللصوص االستفادة منها‪ ،‬طاردته أشباح الهم والعذاب‪..‬‬
‫فأمسك بسيف أوهامه‪..‬‬ ‫وإطـارات متهرئة‪.((1(»...‬‬
‫وعلى كتفه أراح رأسه المحموم‪..‬‬
‫ويقدم عمار الجنيدي في قصة (البحث‬
‫حين ارتشف آخر جمرات الحياة‪...‬‬
‫عن أسماء محايدة) قصة أشبه بالتجربة‬
‫(إلهام)‬
‫الــذاتــيــة المختصرة الــتــي يسردها بنمط‬
‫في خفة الروح ورقة الفؤاد‪..‬‬
‫الــســرد االسترجاعي لحدث معين م ـ ّر به‬
‫ينسكب ينبوع إلهامه‪..‬‬
‫خالل كتابته‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫قصائد تنبض في معنى الكلمات‪..‬‬
‫منقوشة على مرايا الحلم‪..‬‬ ‫«ما أزا ُل أذكــر أول قصة نشرتها وكيف‬
‫تثير زوبعة الذكرى ورياح األمل‪..‬‬ ‫كانت ردة الفعل عليها‪.‬‬
‫(جندي اإلبداع)‬ ‫القصة تحكي في مضمونها عن شاب‬

‫‪67‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫البناء الفني للقصة القصيرة‬ ‫في دروب فن االكتشاف‪..‬‬
‫يشكل البناء الفني عنصرًا مهمًا لبناء‬ ‫يظهر مالمحه للعابرين‪..‬‬
‫القصة ووصولها إلــى المتلقي‪ ،‬وتحقيقها‬ ‫يبحث عن إبداع اآلخرين‪..‬‬
‫ألهدافها المنشودة؛ بل ويشكل البناء الفني‬ ‫إلحياء شهوة الكتابة في كيانهم»(‪.((1‬‬
‫وفي قصة (غافة عليا) لفاطمة الناهض‪ ،‬والعناية بــه وبتكوين عناصره وتشكيلها‬
‫األساس أو شرط اإلبداع الفني‪.‬‬
‫تــعــتــمــد ال ــق ــاص ــة عــلــى أس ــل ــوب الــتــذكــر‬
‫الحبكة‬ ‫واالسترجاع في قصها للقصة‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫وتبرز الحبكة في قصة (شمس غشت)‬ ‫«أســتــطــيــع أن أتــذكــر بــوضــوح شــديــد‪،‬‬
‫تفاصيل ذاك المساء‪ ،‬وكيف لحقتنا سيارة للقاص أحمد الفطناسي‪ ،‬جاء في القصة‪:‬‬
‫«ه ــل هــو عــبــور لــهــذا الــفــضــاء اآلخـــــر؟‬ ‫الشرطة ‪ -‬مستفزين إلى أقصى حد ‪ -‬بتلك‬
‫وحينها هل سأكون أنا أم اآلخـر؟ هو حين‬ ‫األضواء الحمراء والزرقاء التي تعمي البصر‪.‬‬
‫يعبر‪ ،‬أم أنا العابر اآلن؟ وهل سأصل إلى‬ ‫شــيء ما ضــرب في أفئدتنا‪ ،‬ذلــك الغروب‬
‫نفسي حين أعبر لضفة اآلخر؟‬ ‫المرير‪ ،‬حين رأينا سيارة اإلسعاف في ذيل‬
‫‪ -‬ألهذا الحد يُعد عبوري حدثًا عظيمًا؟!‬ ‫الدورية‪ ،‬تنعطف صوب المزارع‪ .‬مكان لم‬
‫تعميق لسؤال‬
‫ٍ‬ ‫تــزيــد لحظة التفتيش مــن‬ ‫يقربه لبالب الحياة‪ .‬ال أطفال يتراكضون‬
‫عــبــوري االستثنائي‪ ،‬رجــل األمــن الــذي‬ ‫فــي ه ــدأة الــعــصــر بــيــن ال ـــ ــزرع‪ ،‬وال بنات‬
‫يتفحص األوراق‪ ،‬وجــســدي‪ ،‬ومــامــحــي‪،‬‬ ‫يتلصصن على الشارع من فتحات األبواب‪،‬‬
‫وعيني‪ ..‬وكأنها لحظة استنطاق للحظتي‪،‬‬ ‫وال نساء يتزاورن في النهارات الطويلة في‬
‫كــامــه أشــبــه بــالــحــجــر‪ ،‬همهماته تالعب‬ ‫غياب رجالهن‪ ،‬وال مجالس تنادي الكسالى‬
‫أعصابي‪ ،‬ماذا لو تغيّر لون بشرتي عن بشرة‬ ‫والمتعبين حين تعتلي النجوم دكة الليل»(‪.((1‬‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪68‬‬
‫الــذي يقوم برحلة العبور؟؟ أنـا أم شخص‬ ‫الصورة المثبتة بجواز السفر‪..‬‬
‫آخ ــر؟ هــل الجسد أم العقل وح ــده‪ ،‬حين‬ ‫‪ -‬االسم؟؟‬
‫أختار أقصى عبور زمني كي يعيش لحظة‬
‫‪ -‬العمل؟؟»(‪.((1‬‬
‫عبوره‪ ،‬دون الحاجة للتفكير في الجسد؟»‬
‫يعتمد القاص على أسلوب يعتمد على ويختمها بتساؤل يبرز أن ال نهاية لهذه األزمة‬
‫السؤال واالستفسار والجواب والحوار بين والعذاب‪.‬‬
‫الــقــاص ال ــذي يعلو صــوتــه كبطل للقصة‪،‬‬
‫وفي قصة (خلوة) لبوشعيب عطران فكرة‬
‫يناجي نفسه‪ ،‬ويــعــتــرض‪ ،‬ويسخط ويثور‬
‫الوحدة والشعور باالكتئاب الــذي يتعلق به‬
‫على الــوضــع الــقــائــم‪ِ ،‬ليَشي برؤيته حول‬
‫شخصيًا‪ ،‬فهو يتماهى فــي الــســرد بلسان‬
‫فكرة السفر والعبور واإلجراءات التي تتخذ الراوي البطل الذي ينقل لنا تفاصيل القصة‬
‫للسماح له بالتنقل حتى من ضفة إلى أخرى كلها‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫قريبة‪:‬‬
‫«وك ــأن ــي أســيــر فــي طــريــق ضــيــق يشق‬
‫الخالء‪ ،‬الجو يعبق بحنان صيفي‪ ،‬وبشائر‬ ‫«ما هو اتجاهك؟‬
‫الخريف تتهادى مـع مـسـاء يعلن عـن نفسه‬ ‫‪-......‬؟‬
‫كنت أجيب وعيوني على مرفأ السفن‪ ،‬في مجلال بـهـدوء عميق‪ .‬على شـاطـئ شبه‬
‫مهجور‪ ،‬أغراني بالجلوس في مقهى بجدار‬ ‫لحظة‬
‫زجاجي يـطـل عـلـيـه‪ ..‬أســنــدت رأســـي‬
‫استثنائية‪ ،‬جعلتني أتساءل»‪ :..‬هل عبوري‬
‫عـلـى حافة الكرسي في استرخاء تام‪ ،‬أنظر‬
‫يستحق هذا االستنطاق؟» وألول مرة بدت‬
‫من خالل الزجاج على أمــواج البحر بين مد‬
‫ابتسامة خفيفة على محياه‪ ،‬قــام مقاطعًا‬
‫وجـزر‪.((1(»...‬‬
‫لحظة اندهاشي‪..‬‬
‫ويسترسل القاص في سرده هذا مصورًا‬
‫‪ -‬هل أنت ابن هذه القبيلة؟‬
‫مــشــاعــره‪ ،‬إذ تكتسي كــل األل ــف ــاظ بهذه‬
‫المشاعر‪ ،‬ويبرز المعجم اللغوي له معبرًا‬ ‫‪ -‬ال»(‪.((1‬‬
‫يناقش القاص بأسلوب يجمع بين السرد عن هذه الحالة‪ ،‬حتى تماهى القارئ معه‬
‫الرتيب والسخرية هذه الحالة التي تحكم تمامًا وأخذ يتساءل عن سبب هذه الحالة‬
‫العبور‪ ،‬وكيف يتم التفتيش الصارم واألسئلة التي يعاني منها‪:‬‬
‫«أضيئت أنــوار المقهى لتحجب الرؤية‬ ‫التي ال تنتهي‪ ،‬ولن تنتهي‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك‬
‫من خالل نسجه للبداية والنهاية من خالل عـن خـارجـه وتعكس مـا بـداخـلـه‪ ،‬طـاوالت‬
‫أسلوب االستفهام‪ .‬يقول في البداية‪« :‬مَــ ْن هنا وهناك‪ ،‬حولها كراسي اقتعدتها وجوه‬

‫‪69‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫يزال بها حتى تتعود عليه‪ ،‬اعتمد على هذا‬ ‫مختلفة‪ .‬كل طاولة وعالمها‪ .‬عوالم شتى‬
‫األسلوب حتى تجمع حوله الكثير من اإلبل‬ ‫داخـل هذا العالم والـذي بـدوره له عالمه»(‪.((2‬‬
‫الحالبة‪ ،‬هدد حياته بالخطر بعض فحول‬ ‫قبل أن يفاجئنا بالنهاية‪ ،‬إذ يظهر صوت‬
‫اإلبل المتوحشة‪ ،‬فكان يحتمي منها بارتقاء‬ ‫يقض عليه عزلته فيقول‪:‬‬
‫األشجار‪ ،‬أو االحتماء بناقته الكبيرة أو بعض‬
‫«وصوت يقتحم عزلتي يزعق برقمي فظا‬
‫النياق األليفة‪.((2(»...‬‬
‫غليظا‪ :‬قم لديك زيارة»(‪.((2‬‬
‫ويتمادى طمرير حتى يصبح من األغنياء‪،‬‬
‫فتبرز النهاية بشكل مفارقة حيث يظهر‬
‫ويعقد مع حكومة البالد اتفاقًا‪ ،‬كما ظهر في‬
‫أن هــذا البطل مسجون أو شــيء من هذا‬
‫الصحافة وعرف بالرجل الشجاع‪ ،‬ثم اهتدى‬
‫القبيل‪ ،‬وفي خضم هذه الحالة من الطبيعي‬
‫إلى إرسال اإلبل إلى بالده شيئًا فشيئًا‪ ،‬حتى‪:‬‬
‫أن يشعر بالعزلة وهــذه األمــور المصاحبة‬
‫«على صوت أذان الفجر‪ ،‬صحا من نومه‪،‬‬ ‫لها‪ ،‬مهما كان سبب سجنه‪.‬‬
‫ووجد نفسه وحيدا ال ناس حوله وال إبل»(‪.((2‬‬
‫ويقدم إبراهيم شيخ مغفوري في قصة‬
‫لقد رسم الكاتب حبكة مميزة فيها كل‬ ‫(طمرير واإلبل) قصة لألطفال‪ ،‬تحكي عن‬
‫شــاب فــي مقتبل الــعــمــر‪ ،‬يعمل وال ــده في عناصر البناء الفني المتقن‪ ،‬وفيها مالمح‬
‫مالحقة اإلبل وتربيتها‪ ،‬وورث عنه ذلك‪ ،‬ولما وخطوط الحكاية العريضة وحتى تفاصيلها‬
‫كبر والده عجز عن مواصلة هذا العمل‪ ،‬فباع التي سارت بصورة يسيرة حتى وصلت إلى‬
‫جميع اإلبــل؛ ما سبّب حزنًا كبيرًا لطمرير الــذروة في رفــض اإلبــل لطمرير ثم صبره‬
‫فمكث في البيت ال يخرج منه‪ .‬وحينما سمع ومحاوالته المتواصلة لنصل إلى الحل‪ ،‬حيث‬
‫طمرير عن مكان في العالم تعيش فيه الكثير ارتاحت له اإلبل وأصبحت طوع أمره‪ ،‬وكل‬
‫من اإلبــل المتوحشة في مساحات شاسعة ذلك يضمنه الحلم الــذي حـوّل طمرير من‬
‫غير مأهولة بالسكان‪ ،‬وهي تؤرق الحكومة مكان إلى مكان‪ ،‬ومن مكانة إلى مكانة مغايرة‬
‫تمامًا‪ ،‬وجعله يصل األفاق حتى أذان الفجر؛‬
‫هناك؛ أخذه الحلم إلى تلك المنطقة وسرح‬
‫لكن ما قدمه الكاتب ليس بالمستحيل؛ بل‬
‫في حلمه حتى أصبح غازيًا مستوطنًا لتلك‬
‫ممكن باإلصرار والعمل‪.‬‬
‫المنطقة ثم مالكًا لها ولكل اإلبل فيها‪ ،‬بعد‬
‫الشخصية‬ ‫صبر ومــحــاوالت طويلة تمكن خاللها من‬
‫في قصة (انتكاسة) لعبدالكريم محمد‬ ‫كسب ود اإلبــل مجموعة تلو األخــرى حتى‬
‫النملة نالحظ وجــود شخصيتين‪ ،‬األولــى‬ ‫باتت كلها تحت سيطرته‪ ،‬تسير بأمره‪.‬‬
‫«كــان يقترب مــن الناقة التي تصاحب بطلة القصة التي تــدور حولها التجربة‪،‬‬
‫نــاقــتــه‪ ،‬إذا سمحت لــه مــرة بحلبها‪ ،‬وما والــثــانــيــة تتعلق بشخص كــانــت ترتبط به‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪70‬‬
‫«كــان من كبار مثقفي المدينة‪ ..‬ال أحد‬ ‫عالقة وانتهت‪ ،‬ونتوصل إلى ذلك من خالل‬
‫يستطيع أن ينكر ذلك‪ ،‬حتى األرصفة التي‬ ‫سرد القاص للحكاية على طريقة الــراوي‬
‫احتضنت خطاه‪ ،‬حتى ذلــك المقهى الذي‬ ‫العليم‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫كان يجلس فيه كل مساء‪ ..‬وذلك الفنجان‬
‫«رم ــت خلفها كــل مــا علق بأذنيها قبل‬
‫ال ــذي يعانق بــنــه‪ ..‬وشــلــة الطيبين الذين‬
‫التقاء به من إيحاءات وإيماءات أملتها أفواهٌ‬
‫يحتويه حبهم‪ ..‬كان ‪ -‬ككل المثقفين الذين‬
‫مرتاب ٌة متشككة‪ .‬بدت مولودة جديدة تتقافز‬
‫جاءوا في زمن غير زمنهم ‪ -‬يحترق كفتيل‬
‫كطفل مرح‪ ،‬أنحت الهاتف جانبا‪ ..‬فال يتسع‬
‫قديم أنهكه الـوقـت‪ ،‬وصـار ينهكه الـمـرض‬
‫المكان لصوت ثالث‪ ،‬نغمان امتزجا فأبدعا‬
‫والبطالة‪ ،‬ليشعر أنه مجرد لعبة عبثت بها‬
‫سيمفونية أخاذة‪ .‬عطرت المكان بعطر الليلة‬
‫أيدي األقـدار‪.((2(« ...‬‬
‫األولى‪ ،‬ليلة بكر كتلك الليلة‪.((2(»...‬‬
‫وتستمر الحبكة لتبين عن تطور األزمة‬
‫وف ــي قــصــة (أبــحــث عــن س ــاق) لطاهر‬
‫التي تعاني منها الشخصية الرئيسة في‬
‫الزهراني‪:‬‬
‫القصة‪:‬‬
‫«عندما ول ــدت‪ ُ ،‬ظــهــرتَ على شاشات‬
‫«هـــــا هـــــو اآلن تقتله كــهــربــاء الـواقـع‬
‫التلفاز شخصية كرتونية عظيمة‪ ،‬لكني لم‬
‫الــرديء‪ ..‬الواقع النيلوني‪ ،‬بعد أن أنهكه‬
‫أتعرف عليها إال في العاشرة من عمري‪ ،‬ولم‬
‫المرض والبطالة‪ ،‬ولم يعد يطعمه الحرف‬
‫أتصوّر حينها أن هذه الشخصية ستالزمني‬
‫وال القلم‪ ..‬لم يعد يمنحه خبزًا‪ ،‬يؤمنه من‬
‫طوال حياتي!‬
‫جوع أو خوف»(‪.((2‬‬
‫(جـ ــون ســيــلــفــر) الــطــبــاخ الـ ــذي يقشّ ر‬
‫أما النهاية‪ ،‬فهي مؤلمة مفجعة في حق‬
‫البطاطا‪ ،‬ويطهو الطعام‪ ،‬ويغني للصندوق‪،‬‬
‫هــذا المثقف الــذي لم تجحفه ثقافته ولم‬
‫ويــطــرق األرض بساقه الخشبية‪ ،‬انقلب‬
‫تترك له شفاعة ليتم ذكره وتكريمه‪ ،‬ولكي‬
‫فجأة إلــى قــرصــان عنيد ثائر يبحث عن‬
‫يموت كما يستحق‪:‬‬
‫الــكــنــز‪( ،‬ســيــلــفــر) ت ــرك فــي داخــلــي صوتا‬
‫«ذات صباح‪ ،‬أذيــع خبر مــوت «المثقف‬ ‫جهورا‪ ،‬وضحكة مجلجلة‪ ،‬وبقايا من حكمة‬
‫الــكــبــيــر»‪ ،‬وكــتــبــت الــصــحــف ذل ــك بالبنط‬ ‫الكبار»(‪.((2‬‬
‫العريض‪ ،‬وهــرعــوا كلهم لحضور جنازته‪،‬‬
‫وفـ ــي قــصــة (ال ــص ــاع ــدون عــلــى جثث‬
‫ونظم القصائد عنه‪ ..‬وكان آخر العراجين‪،‬‬
‫أن خصصت الــدولــة جائزة ثقافية وطنية‬ ‫األغاني) لزهرة بوسكين‪:‬‬
‫تدور القصة حول شخصية واحدة‪ ،‬فيقدم معتبرة باسمه‪ .‬فتشت في الدفاتر القديمة‬
‫فسمعت صدى ما يردد‪:‬‬ ‫سيرة شخصية مثقفة‪:‬‬

‫‪71‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫تعبر القاصة ب ــأرق الكلمات عــن هذه‬ ‫يا أيها الصاعدون على جثث األغاني‬
‫الصديقة‪ ،‬وتمزج حزنها بثقل من الحزن‬ ‫أمهلوا موتي قليال‪..‬‬
‫واأللم‪ ،‬تقول‪:‬‬ ‫أللم بقايا الحياة بأجنحتي‪..‬‬
‫«صرخت بهم في أعماقي‪ ،‬إنها ســارة!!‬ ‫فالرحيل ثقافة عصفور»(‪.((2‬‬
‫يا من تغلفونها باألسمال‪ ..‬وتنادون عليها‬
‫وفــي قصة (ذبــول وردة) لليلى الحربي‪،‬‬
‫برقم السرير‪ ..‬إنها ذلك الحلم الوردي الذي‬
‫تظهر شخصية القاصة بداية وهي الراوية‬
‫لم يكتمل بعد‪ ّ ..‬وفــي جــوف هــذا الجسد‬
‫العليمة لكل أحــداث القصة وتفصيالتها‪،‬‬
‫المسجى أكثر مــن دورة دمــويــة‪ ..‬وأجهزة‬
‫أما الشخصية الثانية الرئيسة فتقدمها من‬
‫هضمية‪ ..‬وأخ ــرى تنفسية‪ ..‬فــي داخلها‪،‬‬
‫يتربع الكون‪ ..‬منتظرًا أن تحياه‪ ..‬في داخلها‬ ‫خالل هذا السرد للقصة‪ ،‬وهي محور القصة‬
‫كل األماني‪.((3(»..‬‬ ‫وسبب كتابتها‪ ،‬حيث تقدم الكاتبة صرخة‬
‫موجعة تفرغ فيها عذاباتها وألمها لخسارة‬
‫ومن شدة الحزن تنهي هذه القصة بأبهى‬
‫صديقتها (سارة)‪ ،‬تقول مبرزة عالقتها بها‬
‫ص ــورة بشعر بــديــع‪ ،‬يــبــرز العالقة القوية‬
‫والمشاعر النبيلة الحميمة بينهما التي‬ ‫وتعلقها الشديد بها‪:‬‬
‫«صديقتي‪ ،‬في جبينك ارتسم الصبا‪ ..‬جعلت مشاعرها تتقد حبًا ممزوجً ا باأللم‪:‬‬
‫وفــي كفيك ما زال الخضاب‪ ..‬قومي إليّ «ما عادت روحها قربي! صديقتي‪..‬‬
‫وعانقيني‪ ..‬وشدي عباءتي كي ال أفكر في يــا كـوكـبـًا مــا كــان أقـصـر عمره‬
‫وكـ ــذا ت ـكــون ك ــواك ــب األس ـحــار‬ ‫الرحيل‪ ..‬جميلتي‪ ،‬أين الجمال؟»(‪.((2‬‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪72‬‬
‫تـتـلـبـسـنـي‪ ،‬سرنا فـي شــوارع تلك الـبـالد‬ ‫عَ جلُ الخسوف عليه قبل أوانه‬
‫دون أن نــعـرف مـصـيـرنـا؟ تنقّلنا في‬ ‫فـمـحـاه قـبـل مـظـنـة اإلب ـ ــدار»(‪.((3‬‬
‫أحيائها‪ ،‬شوارعها‪ ،‬أزقتها‪ .‬عالم ال نعرف‬
‫األحداث‬
‫عنه شيئًا‪ ..‬أثناء تلك التنقالت رأيت مَن هم‬
‫من بالدي‪ ،‬يقفون متسولين أمــام اإلشـارات‪..‬‬ ‫في قصة حضيه عبده حافي (قصتان‬
‫نـاظـرتـهـم بحزن‪ ..‬انتابتني نوبة غريبة‪ ..‬لم‬ ‫صغيرتان) تنقسم القصة في عنوانين‪ ،‬األول‬
‫أشعر بنفسي إال وأنـا بجانب برميل نفايات‬ ‫(عزاء)‪ ،‬والثاني (الوطن)‪ ،‬يبرز صوت القاصة‬
‫قريب»(‪.((3‬‬ ‫كبطلة للقصة‪ ،‬وتبرز األحداث كمتنفس عن‬
‫الحالة التي تعايشها القاصة‪ ،‬وكل عنوان من‬
‫إن كل المفردات في هذين الحدثين تتآزر‬
‫العنوانين اللذين يشكالن قصتين قصيرتين‬
‫لتعبر عن الحالة العامة‪ ،‬الحدث الكبير الذي‬
‫جدًا؛ تكتمالن معًا في بناء القصة لتعبرا عن‬
‫يؤرق حياة القاصة‪ ،‬حيث تراوحت حياتها‬
‫األحــداث العامة إما بشكلها الحقيقي‪ ،‬أو‬
‫مــا بين الــحــزن والــمــوت والغربة والضياع‬
‫كمعادل موضوعي لما عايشته‪.‬‬
‫والتشتت‪.‬‬
‫تحت عنوان (عزاء) نقول‪:‬‬
‫وفي قصة (عرس الخيبة) لجعفر عمران‪،‬‬
‫«لم أرغـب بالحضور ذاك المساء‪ ،‬تـفـوه كان حدث (الطالق) يعتلي القصة‪:‬‬
‫بـكـل مصطلحات الـشـتـائـم‪.‬‬
‫«طــلــبــت الــطــا َق مــن زوجــهــا‪ ،‬ول ــن يتم‬
‫حانت مراسيم الـــــوداع؛ تقدمت وخلفي إحــصــاؤهــا ضــمــن عـــــدد الــمــطــلــقــات في‬
‫بعض النسوة‪ ،‬بـدأت أرتجف‪ ،‬أتعرق‪ ،‬ثقلت مدينتها‪ .‬قــرار الحجر المنزلي وأ َد رغبتها‬
‫خــطــاي؛ اقــتــرب رفــع الــغــطــاء عــن وجهها‪ ،‬وكفّنها‪ .‬تركها تحمل جثتها فــي ممرات‬
‫نظرت إليها ثم أدرت ظهري‪ .‬ناداني صوت البيت‪ ،‬بال حــب‪ ،‬وال قلب‪ ،‬وال ساتان‪ ،‬وال‬
‫مأوى‪ ،‬وال فِ راق‪ ،‬وال شارع‪ ،‬وال حضن أم‪ ،‬وال‬ ‫من خلفي‪ :‬ودعيها‪.((3(»..‬‬
‫(العزاء) كحدث ومكان لــوداع المتوفى‪ ،‬ظهر أخ‪ ،‬وال قبر‪.‬‬
‫محجوزة في غرفتها‪ ،‬تخمش روحَ ها مثل‬ ‫والتخفيف عــن ذويــه ومــواســاتــه؛ يبرز في‬
‫النص ليس كمعلم وفاة شخص ما فقط؛ إنها قط محشور في زاوي ــة‪ .‬تجهش مثل طفل‬
‫روح القاصة التي ذبلت مع األحــداث التي يقف تحت جــدار يتطاول! كانت تنتظر أن‬
‫عايشتها عبر الزمن‪ ،‬وتأتي القصة الثانية تتحرر خالل أيام‪.((3(»...‬‬
‫يصور القاص عمران حــادث طــاق قد‬ ‫بعنوانها (وطن) لتكمل هذه الحالة‪ .‬فتحت‬
‫يبدو عاديًا‪ ،‬ويحدث كل يوم في أي مدينة‬ ‫عنوان (وطن) تقول‪:‬‬
‫«عـنـدمـا وصلـنــا‪ ،‬شــعــرت بـالـغـربـة كانت‪ ،‬وحــدث تأثر أي أنثى به يعد حدثًا‬

‫‪73‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫طبيعيًا حتى في حال طلبت الطالق‪ ،‬فأثره ولكنني أعرفك جــيـدًا‪ ..‬ازداد استغرابي!‬
‫بالغ مهما كانت األسباب التي دفعتها إلى وكيف كان لك أن تعرفيني‪..‬؟»(‪.((3‬‬
‫وتنتهي الــقــصــة نــهــايــة غــريــبــة مشوقة‬ ‫ذل ــك؛ لكن ينظر الــقــاص إلــى هــذا األمــر‬
‫من زاوية أخرى فريدة‪ ،‬يعايش من خاللها ومفتوحة تثير القارئ‪:‬‬
‫الــواقــع‪ ،‬فجائحة كورونا والحجر المنزلي‬
‫«سبقتني بالكالم قائلةً‪ :‬كلها خير‪ ..‬ما‬
‫المفروض على الجميع منعها من أن تمارس‬
‫هي؟ قلتُ ‪ :‬لها‪ ..‬قالت‪ :‬كل ما أعرفه عنك‬
‫حقها فــي هــذا الــطــاق‪ ،‬والــشــعــور بــه‪ ،‬أو‬
‫خير ويستحق الثناء‪ ..‬حاولتُ أن أشرع معها‬
‫مشاركة غيرها جرحها‪ ،‬فيواسوها ويخففوا‬
‫في الحديث حــول ذلــك‪ ،‬لكن نــداء موظف‬
‫عنها وطأة الحزن والجرح‪.‬‬
‫شركة الطيران عرقل ذلك‪ ..‬لكنها وعدتني‬
‫وفــي قصة (تــور مدينة مــن نــور) لنادر أن نلتقي مرة أخرى‪ ،‬وغادر ك ٌل منا إلى بوابة‬
‫الغرام الذي يعلو صوته على مدار القصة سفره‪ ..‬سخونة الموقف أنستني أن أسألها‪..‬‬
‫كشخصية أســاس‪ ،‬يعبر من خــال أسلوب متى وأيــن وكيف نلتقي‪ ،‬ولــم يترك كالنا‬
‫البوح عن ذاته في شكل يقترب من اليوميات لآلخر وسيل ًة لذلك اللقاء‪..‬؟»(‪.((3‬‬
‫أو الخاطرة االسترجاعية‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫فالقاص تــرك كل القصة مفتوحة على‬
‫«فلتغفر لي كل الــمــدن‪ ،‬فأنا لم أعرف ذل ــك الــلــقــاء الــغــريــب ال ــذي لــم يفهم منه‬
‫إال مــديــنــة واح ـ ــدة‪ ،‬زرعـــت بــي مالمحها القاص‪/‬الشخصية شيئًا كما نحن‪ ،‬صدفة‬
‫ألكره كل المدن بعدها‪ ،‬فكل مدن العالم ما غريبة‪ ،‬يلتقي بتلك السيدة‪ ،‬تقول إنها تعرفه‬
‫عـدت أراهـــن‪ ،‬باتت مـدنـ ًا بـال رائـحـة وبال وتعرف عنه‪ ،‬وينتهي اللقاء عند ذلك‪.‬‬
‫مالمح»(‪.((3‬‬
‫نتائج البحث‬
‫ويدور الحدث في قصة (بطاقة صعود)‬
‫توصل البحث إلى أمور عديدة‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫لحسن علي الــبــطــران فــي صالة المطار‪،‬‬
‫بشكل اعتيادي‪ ،‬حيث اللقاء بين القاص‪ .1 /‬تنوعت القصص في المجلة‪ ،‬وكانت تشكل‬
‫ثرا ًء غير عادي على جانب موضوعاتها‬ ‫البطل‪ ،‬وسيدة تدعى (سمر)‪:‬‬
‫وأنماطها‪.‬‬ ‫بادرتني بالسالم بحركة يدها‪ ،‬وبابتسامة‬
‫‪ .2‬إن غالبية القصص في أعــداد المجلة‬ ‫مــن شفتيها‪ ..‬فضولي (أل ــح) علي السير‬
‫تنتمي لنمط القصص القصيرة التي‬ ‫نحوها‪ ،‬وإليها تحديدًا وعنوةً‪ ..‬سألتها‪ :‬أختي‬
‫تُــراوح بين الصفحة والثالث صفحات‬ ‫العزيزة‪ ..‬عفوًا من أنت‪..‬؟ أجابت دون تردد‬
‫فقط‪ ،‬والقصيرة جدًا التي ال تزيد عن‬ ‫وبهدوء‪ :‬أنا (سمر‪ )..‬ومن هي (سمر‪)..‬؟‬
‫بضعة أسطر‪ ،‬وال وجــود لنمط القصة‬ ‫قلتُ لها! أجــابــت‪ :‬أنــت أكيد ال تعرفيني‪،‬‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪74‬‬
‫الواقعية؛ لكنها تسلط الضوء على جانب‬ ‫الطويلة (الــنــوفــيــا) وه ــذا يــرجــع إلى‬
‫عميق في هذه اليوميات والمشاعر تغلب‬ ‫طبيعة المجلة وحجمها واهتماماتها التي‬
‫في ذلك‪.‬‬ ‫ال تسمح بإدراجها ضمنها‪.‬‬
‫‪ .5‬وكانت الشخصيات قليلة‪ ،‬غالبًا ما ال‬ ‫‪ .3‬تنوعت أشكال القصص من حيث قوالبها‪،‬‬
‫تتعدى الشخصية الواحدة التي تروى من‬
‫فمنها ما جاء على شكل خاطرة‪ ،‬ومنها‬
‫قبل قاص عليم‪ ،‬يبدو هو هذه الشخصية‪،‬‬
‫كان ساخرًا‪ ،‬ومنها الرمزي العميق‪.‬‬
‫والحبكة بسيطة تتناسب وطبيعة هذه‬
‫الشخصيات واألحــداث البسيطة؛ لكنها‬ ‫‪ .4‬وعلى مستوى البناء الفني فقد كانت‬
‫ومعان عميقة متعددة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بمغاز‬
‫ٍ‬ ‫تشي‬ ‫األحــــداث عــاديــة مــن الــحــيــاة اليومية‬

‫ * باحثة دكتوراه‪ -‬جامعة أم القرى مبكة املكرمة‪.‬‬


‫((( لســان العــرب‪ ،‬محمــد بــن مكــرم بــن علــى‪ ،‬أبــو الفضــل‪ ،‬جمــال الديــن ابــن منظــور‪ ،‬دار صــادر‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫بيروت‪-‬لبنــان‪1414 ،‬هـــ‪ ،‬ج‪/7‬ص‪.74‬‬
‫((( دراسات يف القصة واملسرح‪ ،‬محمود تيمور‪ ،‬مكتبة اآلداب‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫((( يُنظــر‪ :‬معجــم مصطلحــات نقــد الروايــة‪ ،‬لطيــف زيتونــي‪ ،‬مكتبــة لبنــان ناشــرون‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬بيــروت‪2002 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.28-36‬‬
‫((( يُنظر‪ :‬فن القصة‪ ،‬محمد يوسف جنم‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪-‬لبنان‪1996 ،‬م‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫((( ينظــر‪ :‬فــن القصــة القصيــرة‪ ،‬رشــاد رشــدي‪ ،‬مكتبــة األجنلــو املصريــة‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪-‬مصــر‪( ،‬د‪.‬ت)‪،‬‬
‫ص‪.10-8‬‬
‫((( نشــأة القصــة القصيــرة يف مصــر مــن خــال محــاوالت عيســى عبيــد وشــحاتة عبيــد‪ ،‬مجــدي محمــد‬
‫شــمس الديــن إبراهيــم‪ ،‬دار الشــؤون الثقافيــة العامــة «دار آفــاق»‪ ،‬بغداد‪-‬العــراق‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫((( يُنظــر‪ :‬تطــور األدب احلديــث يف مصــر مــن أوائــل القــرن التاســع عشــر إلــى قيــام احلــرب الكبــرى الثانيــة‪،‬‬
‫أحمــد هيــكل‪ ،‬دار املعــارف‪ ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪-‬مصــر‪1994 ،‬م‪ ،‬ص‪.414-413‬‬
‫((( يُنظر‪ :‬تطور األدب احلديث يف مصر‪ ،‬أحمد هيكل‪ ،‬ص‪.415‬‬
‫((( قصة (ثالث بعوضات)‪ ،‬إبراهيم احلميد‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،9‬ص‪.45-44‬‬
‫(‪ ((1‬قصة (ذاكرة لالرتزاق)‪ ،‬سهام الدهيم‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،20‬ص‪.28-26‬‬
‫(‪ ((1‬قصة (حفل استقبال)‪ ،‬مرمي احلسن‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،59‬ص‪.77‬‬
‫(‪ ((1‬قصة (نصوص قصصية)‪ ،‬عيسى مشعوف األملعي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،56‬ص‪.43‬‬
‫(‪ ((1‬قصة (مطبات صناعية)‪ ،‬قاص سعودي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،20‬ص‪.29‬‬
‫(‪ ((1‬قصة (البحث عن أسماء محايدة)‪ ،‬عمار اجلنيدي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،51‬ص‪.55‬‬
‫(‪ ((1‬قصة (قصص قصيرة جدًا)‪ ،‬محمد محقق‪ ،‬ع‪ ،31‬ص‪.52‬‬
‫(‪ ((1‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫(‪ ((1‬قصة (شمس غشت)‪ ،‬القاص أحمد الفطناسي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،15‬ص‪.78‬‬
‫(‪ ((1‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫(‪ ((1‬قصة (خلوة)‪ ،‬بوشعيب عطران‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،56‬ص‪.46‬‬

‫‪75‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫(‪ ((2‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫(‪ ((2‬السابق‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫(‪ ((2‬قصة (طمرير واإلبل)‪ ،‬إبراهيم شيخ مغفوري‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،48‬ص‪.42‬‬
‫(‪ ((2‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫(‪ ((2‬قصة (انتكاسة)‪ ،‬عبدالكرمي محمد منلة‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،56‬ص‪.46‬‬
‫(‪ ((2‬قصة (أبحث عن ساق)‪ ،‬طاهر الزهراني‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،39‬ص‪.104‬‬
‫(‪ ((2‬قصة (الصاعدون على جثث األغاني)‪ ،‬زهرة بوسكني‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،20‬ص‪.33‬‬
‫(‪ ((2‬قصة (الصاعدون على جثث األغاني)‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫(‪ ((2‬قصة (ذبول وردة)‪ ،‬ليلى احلربي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،33‬ص‪.72‬‬
‫(‪ ((2‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫(‪ ((3‬قصة (ذبول وردة)‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫(‪ ((3‬السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫(‪ ((3‬قصة (قصتان صغيرتان)‪ ،‬حضيه عبده حايف‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،59‬ص‪.86‬‬
‫(‪ ((3‬قصة (قصتان صغيرتان)‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.86‬‬
‫(‪ ((3‬قصة (عرس اخليبة)‪ ،‬جعفر عمران‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،70‬ص‪.68‬‬
‫(‪ ((3‬قصة (تور مدينة من نور)‪ ،‬نادر غرام‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،15‬ص‪.74‬‬
‫(‪ ((3‬قصة (بطاقة صعود)‪ ،‬حسن علي البطران‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،31‬ص‪.50‬‬
‫(‪ ((3‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪1994‬م‪.‬‬ ‫المصادر والمراجع‬


‫دراســات في القصة والمسرح‪ ،‬محمود تيمور‪،‬‬ ‫‪ .2‬‬ ‫أول‪-‬المصادر‪:‬‬
‫ً‬
‫مكتبة اآلداب‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة (تصدر عن مركز عبدالرحمن‬ ‫‪ .1‬‬
‫فن القصة القصيرة‪ ،‬رشاد رشدي‪ ،‬مكتبة األنجلو‬ ‫‪ .3‬‬ ‫السديري بالجوف)‪ ،‬ع(‪ ،)9‬رجب ‪1419‬هـ‪.‬‬
‫المصرية‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)15‬خريف ‪1427‬هـ‪.‬‬ ‫‪. 2‬‬
‫فن القصة‪ ،‬محمد يوسف نجم‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪ .4‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)20‬صيف ‪1429‬هـ‬ ‫‪ .3‬‬
‫بيروت‪-‬لبنان‪1996 ،‬م‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)31‬ربيع ‪1432‬هـ‪.‬‬ ‫‪ .4‬‬
‫لــســان الــعــرب‪ ،‬محمد بــن مــكــرم بــن عــلــى‪ ،‬أبو‬ ‫‪ .5‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)33‬خريف ‪1432‬هـ‪.‬‬ ‫‪ .5‬‬
‫الفضل‪ ،‬جمال الدين ابــن منظور‪ ،‬دار صــادر‪،‬‬ ‫مجلة الجوبة‪ ،‬ع(‪ ،)48‬صيف ‪1436‬هـ‪.‬‬ ‫‪ .6‬‬
‫ط‪ ،3‬بيروت‪-‬لبنان‪1414 ،‬هـ‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)51‬ربيع ‪1437‬هأ‪.‬‬ ‫‪ .7‬‬
‫معجم مصطلحات نقد الرواية‪ ،‬لطيف زيتوني‪،‬‬ ‫‪ .6‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)56‬صيف ‪1438‬هـ‪.‬‬ ‫‪ .8‬‬
‫مكتبة لبنان ناشرون‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬بيروت‪2002 ،‬م‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)59‬ربيع ‪1439‬هـ‪.‬‬ ‫‪ .9‬‬
‫نــشــأة القصة القصيرة فــي مصر مــن خالل‬ ‫‪ .7‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)70‬شتاء ‪1442‬هـ‪.‬‬ ‫‪ .10‬‬
‫محاوالت عيسى عبيد وشحاتة عبيد‪ ،‬مجدي‬ ‫ثانيً ا‪-‬المراجع‪:‬‬
‫محمد شــمــس الــديــن إبــراهــيــم‪ ،‬دار الــشــؤون‬ ‫‪ .1‬تطور األدب الحديث في مصر من أوائل القرن‬
‫الثقافية العامة «دار آف ــاق»‪ ،‬بــغــداد‪-‬الــعــراق‪،‬‬ ‫التاسع عشر إلى قيام الحرب الكبرى الثانية‪،‬‬
‫(د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫أحمد هيكل‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪-‬مصر‪،‬‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪76‬‬
‫وأوهام أُخرى‬
‫ٌ‬ ‫ء كما هي‬
‫األشيا ُ‬
‫السر ِد‬
‫وفن َّ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫والخيال‬ ‫ُ‬
‫األخالق‬

‫■ بسمة عالء الدين*‬

‫ي ـجــادل ب ــاو ل ــوك فــي كـتــابــه الـحــائــز عـلــى جــائــزة إن ـجــرام فــي إسـبــانـيــا ‪2020‬م‪،‬‬
‫«األشياء كما هي وأوهــام أخــرى»‪ ،‬في العالقة المعقّ دة بين األخالق والخيال في‬
‫السرد األدبي‪ ،‬ويطرح أسئلة‪ ،‬من أهمها‪ :‬هل يمكن إدانة الفن أخالقيًا؟ أم إن الفن‬
‫محصنٌ ِضدَّ الحكم األخالقيّ ؟‬ ‫ّ‬
‫أيضا قضايا أخرى تتعلق بالخيال‪ :‬ما هو المكان الذي يجب‬‫يستكشف الكتاب ً‬
‫أن يُشغله الفنانون واألدب فــي الصحف والـمـجــات؟ لـمــاذا تعد تنمية الخيال‬
‫األدبي وسيلة لتحدي كليشيهات‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬كارهة للنساء؟ كيف يمكننا‬
‫أن نفهم بشكل أفضل ما تعنيه القوة‪ ،‬عندما نتخيلها؟ بأي طريقة يمكن لمفهوم‬
‫التعاطف المشهور والمثير لإلعجاب أن يخفي النوايا الدنيئة؟‬
‫فـــي الـــوقـــت نــفــســه‪  ،‬بـــنـــا ًء على‬ ‫يُركّز باو لوك بطريقة ديناميكية على‬
‫هــذه المعضلة الزائفة على الشجب مــقــارنــة بين المشاهد الرئيسة في‬
‫األخالقي األكثر تعقيدًا‪ ،‬ويرسم بعض ‪ -‬من المنطقي الحديث عن فن غير‬
‫الخيوط اإلرشــاديــة لهذا الكتاب؛ ما الئــق أخالقيًا‪ -‬هــذا الفرق الــذي من‬
‫يشير إلى أن الحكم األخالقي األكثر شأنه أن يتوسط بين السرد التخيلي‬
‫إثــمــارًا هو الحكم الــذي يعلو الخيال والفن غير الالئق هو نفسه الذي من‬
‫األدبي‪ ،‬وليس الحكم الذي يبحث عن شأنه أن يتوسط بين السرد التخيلي‬
‫للشخصيات البغيضة والسرد البائس‬ ‫البراءة أو اإلدانة‪.‬‬

‫‪77‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫ما أ ُسمّيه الفضائل الناقصة‪ ،‬مثل القسوة‬ ‫للشخصيات المتخيّلة‪..‬‬
‫مــن خ ــال التفكير فــي أعــمــال كــاف‪ ،‬واالنــتــقــام والسلطة التي ال يملك سلطة‬
‫عليها»‪ .‬في رأيــه األخــاق ليست ثابتة بل‬
‫فالديمير نابوكوف ولوليتا‪ ،‬إيريس مردوخ‪،‬‬
‫خطية‪ ،‬إنها مثل «عجلة فيريس تظهر فيها‬
‫فيلليني‪ ،‬شكسبير أو سيرفانتس‪ ..‬هذا‬
‫األفــكــار»‪ ،‬وتــوضــح هــذا التأمل مــن خالل‬
‫مثل أوسكار وايلد‪،‬‬ ‫االستنتاج ليس جديدًا‪ً ،‬‬
‫التذكير بأنه «عندما يتحدث ماركس عن‬
‫فــي روايــتــه صـــورة دوريــــان جـــراى والــتــي‬
‫المساواة‪ ،‬فــإن المساواة ليست هي التي‬
‫مثل جميع أعماله تقريبًا‪ ،‬مليئة باألقوال‬
‫نفهمها اليوم‪ ،‬ألن السياقات تتغير‪ ،‬ولكن في‬
‫الــمــأثــورة‪ ،‬جــاء ليضع فــي صــوت الــرســام‬
‫الواقع‪ ،‬يأتي ليقول الشيء نفسه‪.‬‬
‫باسيلي شــيـ ًئــا مــن ه ــذا الــقــبــيــل‪ ،‬عــاشــوه‬
‫م ــن نــاحــيــة أخـــــرى‪ ،‬يــطــمــح الــغــمــوض‬ ‫في الوقت الــذي كــان يتم فيه التعامل مع‬
‫الفن كشكل من السيرة الذاتية؛ وهذا هو األخالقي إلى أن يكون القارئ دائمًا مفتوحً ا‬
‫االنعكاس الــذي يقربنا منه بــاو لــوك في على مصراعيه ليتمكن مــن فهم مــا هو‬
‫كتابه‪ ،‬حتى نتمكن من إلقاء نظرة أوسع على على المحك من وجهة النظر األخالقية‪،‬‬
‫مثل المليئة بالغموض‬
‫مسرحية شكسبير ً‬
‫األعمال الفنية المعروضة علينا‪ ،‬حتى نحدد‬
‫األخالقي‪ ،‬لكن شكسبير ال يستخدم الحيل‬
‫حكمنا النقدي بشكل أفضل على الفن‪،‬‬
‫السردية أو الحيل الجمالية إلرباك القارئ‪،‬‬
‫وحتى نتعلم التمييز بين الواقع والخيال‪،‬‬
‫لكن ُه يسعى إلى إثارة الشك األخالقي لدى‬
‫بين الحقيقة الواقعية والواقعية‪ ،‬بين الخيال‬
‫الــقــارئ أو الــمــشــاهــد مــن خ ــال جمالية‬
‫والخيال‪ ،‬والذي ليس أكثر من إطالق خيالنا‬
‫شفافة ورصينة؛ وعالوة على ذلك‪ ،‬واستنادًا‬
‫وتوسيع عوالمنا العقلية‪ ،‬سوف يشكك في‬
‫إلى المقارنة بين المشاهد الرئيسة لفيلم‬
‫موقف أعــمــدة ال ــرأي فــي وســائــل اإلعــام‬
‫غاسبار نــوي «ال رجعة فيه» (الــذي يفكر‬
‫الصحفية المرتبطة بالحقيقة والجدية‪،‬‬
‫فيه المشاهد في االغتصاب من البداية‬
‫على عكس العمل األدبي‪.‬‬
‫إلى النهاية)‪ ،‬وفيلم مايكل هانكي المظلم‬
‫مع األخذ كخيط مشترك أغاني الكهف‪ ،‬والملتوي «عازف البيانو»‪ ،‬وضح الكاتب إلى‬
‫نابوكوف «لوليتا» وروايــة «البحر» من قبل أنه من المنطقي الحديث عن «الفن المنافي‬
‫إيريس مــردوخ‪ ،‬ليثبت أن العمل الفني ال للحشمة أخــاقــيــا»‪ ،‬ويــرى أن الــفــرق بين‬
‫يسعى للبراءة أو اإلدانة‪« :‬إنها ليست مسألة الفن الخيالي والفن غير الالئق هو الفرق‬
‫السعي إلــى الخير أو الظلم أو أضــداده؛ نفسه الذي من شأنه أن يتوسط بين رواية‬
‫ولكن هؤالء المؤلفين الثالثة يُلمحون إلى القصص الخيالية من الشخصيات البغيضة‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪78‬‬
‫ولوليتا دي نابوكوف والبحر‪ ،‬البحر بواسطة‬ ‫والسرد البغيض للشخصيات المتخيلة‪.‬‬
‫يكاد يكون من الممكن دائمًا تجربة شيء إيريس مردوخ‪.‬‬

‫من خالل هذه الركائز سوف ينعكس على‬ ‫آخر‪ ،‬ومن المالئم دائمًا تجربة شيء آخر‪،‬‬
‫مــن بين أشــيــاء أخ ــرى‪ ،‬ألن تعليق الحكم الفن واألخالق‪ ،‬والمبدع وخلقه‪ ،‬ومسؤولية‬
‫األخالقي يمكن أن يؤدي‬
‫أحــدهــمــا عــلــى اآلخ ــر‪،‬‬
‫إلـ ــى ال ــام ــب ــاالة‪ ،‬وهــو‬
‫وتلقيه‪ ،‬وأحــيــا ًنــا سوء‬
‫شرط ضــروري تاريخيًا‬
‫تفسيره من قبل القارئ‪/‬‬
‫للكارثة؛ بينما قد يصبح‬
‫الــمــســتــمــع‪ /‬المشاهد‬
‫حكم الكمال‪ ،‬كما أشرت‬
‫والــنــاقــد نــفــســه‪ ،‬وعلى‬ ‫ق ــب ــل بــضــعــة أس ــط ــر‪،‬‬
‫الــخــيــال وقــوتــه‪ ،‬داخــل‬ ‫ش ــرطً ــا كــاف ـ ًيــا لظهور‬
‫العمل الفني وخارجه‪،‬‬ ‫القسوة ومعها التعصب‬
‫م ــوض ــوع ــات ضــروريــة‬ ‫واالســتــبــداد‪ ،‬يــقــول‪ :‬إن‬
‫تــمــا ًمــا إلعـــادة التفكير‬ ‫الكتابة على األقل كتابة‬
‫فيها في وقت اإلحساس‬ ‫خ ــي ــال ــي ــة‪ ،‬ت ــت ــأل ــف مــن‬
‫ارتداء قناع‪ ،‬الكتابة‪ ،‬لم‬
‫ب ــاإله ــان ــة ف ــي وســائــل‬
‫تكن تنظر إلى الداخل‪،‬‬
‫اإلعـــام المختلفة من‬
‫وإن تأملنا ما هي الكتابة‬
‫خالل شيء ظهر كعمل فني‪ ،‬والمناظرات‬
‫لكانت الكتابة تعني جمع المزيد والمزيد‬
‫مـ ــزدهـ ــرة مــثــل الــتــمــيــيــز بــيــن الــمــؤلــف‬
‫من الفرشاة ورميها فوقها حتى يتم تغطيتها‬
‫بالكامل‪ ،‬وبالتالي ال يمكن التعرف عليها‪ ،‬أو وشــخــصــيــتــه‪/‬شــخــصــيــتــهــا‪ .‬ومــــدى وج ــود‬
‫تقريبا‪ ،‬بالنسبة لذلك الكاتب‪ ،‬كانت الكتابة الحقيقة ومقدار الخيال هو غطاء حاضرنا‪،‬‬
‫قدم باو لوك في "األشياء كما هي وأوهام‬ ‫وتخيل‪..‬‬
‫ً‬ ‫وتخيل‬
‫ً‬ ‫تخيل‪،‬‬
‫ً‬
‫مسل وثرثرة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫في كتاب «األشياء كما هي» والتخيالت أخرى" درسً ا رئيسً ا مع سرد‬
‫أول‪ ،‬تحليل نقدي لألدب والفن‪ ،‬باالعتماد‬‫ً‬ ‫األخــــرى‪ ،‬أصــبــح مــؤلــفــه‪ ،‬ب ــاو لـــوك‪ ،‬مثل‬
‫ســاحــرات مكبث‪ ،‬الــذيــن سيتعاملون مع على قاعدة جيدة من المراجع والنصوص‬
‫خيوط الكتاب بأكمله‪ ،‬من أعمال نيك كيف المتقاطعة لتحديد حججه‪.‬‬
‫* كاتبة ‪ -‬مصر‪.‬‬

‫‪79‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫صمود المراكز الثقافية ككيانات تنويرية‬
‫(‪)١‬‬
‫أمام التحوالت الوطنية والثورة التقنية‬

‫■ د‪ .‬فوزية بنت عبداهلل أبوخالد*‬

‫الحقيقة أن سؤال مصير كيانات العمل الثقافي من المراكز الثقافية لألندية‬


‫األدبية‪ ،‬والملتقيات السابقة على هذه المرحلة من التحوالت الثورية على مستوى‬
‫تقنية التواصل المنبري‪ ،‬وعموم وسائل التواصل االجتماعي (السوشل ميديا)‬
‫عالميًا ومحليًا‪ ،‬وعلى مستوى تحوالت المجتمع السعودي من بداية األلفية‬
‫ـؤال واحــدً ا من حزمة‬
‫الثالثة لنقطة التحوالت الحالية الفارقة‪ ،‬هو ليس إال سـ ً‬
‫أسئلة الثقافة والسياسة واالجتماع‪ ،‬التي ال بد أنها تشغل كل المهتمين بالشأنين‬
‫العام والثقافي‪ ،‬وتشغلني شخصيًا ‪-‬وربما غالبية جيلي وأجيال الحقة‪ -‬محاولة‬
‫االستيعاب والفهم لما يجري للبقاء في الـصــورة‪ ،‬وعــدم االنسحاب أو اإلذعــان‬
‫لضغوط الخروج منها؛ وذلك ليس فقط بهدف البقاء في المشهد لمجرد البقاء‪،‬‬
‫أو للشعور بمظلومية أننا من الحالمين والمؤمنين األوائل بسنة التغيير‪ ،‬بينما‬
‫يسير التغيير مبتعدً ا عنا؛ بل أيضا للضرورة الموضوعية التي يفرضها تراوح رياح‬
‫هذه التحوالت بما يثير القلق المعرفي‪ ،‬والواجب المهني والوطني معً ا لقراءتها‪.‬‬

‫المنشودة مقارنة بين األمس القريب‬ ‫وقبل أن أدخل لصلب الموضوع‪ ،‬أقدم‬
‫واليوم في واقعنا المحلي؟‬ ‫من وجهة نظري عيّنة من تلك األسئلة‬
‫المقلقة‪ ،‬على أمل أن يتوسّ ع حجم العينة‬
‫  وهــل حقًا يحق الحديث عن عموم‬ ‫ومكونها في الحوار‪ .‬ومن تلك األسئلة‪:‬‬
‫س ــؤال الــثــقــافــة‪ ،‬وهــنــاك المُقصى‬ ‫ مــا الثقافة الــســائــدة‪ ،‬ومــا الثقافة‬
‫والمهمّش؟‬ ‫المهمّشة والمُقصاة‪ ،‬ومــا الثقافة‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪80‬‬
‫فــي اإلط ــار السيسيولوجي للمجتمعات‬ ‫ما أسئلة الثقافة اليوم؟ ومنها على سبيل‬
‫الحديثة؟ ومــا دورهــا ووظيفتها وقواها‬ ‫المثال‪:‬‬
‫وجمهورها وموقعها في سجال االستقرار‬ ‫ ماذا عن حضور المثقف العضوي وغربته‬
‫والتغير بالمجتمعات المعاصرة؟‬ ‫الــيــوم بشكل ع ــام والــمــثــقــف العضوي‬
‫ ما المراكز الثقافية المقصودة بالتساؤل‬ ‫المخضرم بخاصة؟‬
‫في واقعنا المحلي؟ وما هي بعض أمثلتها؟‬ ‫ الثقافة اليوم على ساحتنا المحلية بمَن‬
‫ولــمــن وكــيــف؟ و َم ــن المُمثل فيها و َمــن (واإلج ــاب ــة عــن ه ــذا ال ــس ــؤال‪ ،‬تفترض‬
‫تحديد مجموعة مــن التوصيفات التي‬ ‫المهمش ومَن المُقصى؟ ومَن هي القوى‬
‫نــروم بها رســم صــورة تقريبية للمراكز‬ ‫التي تدير المشهد‪ ،‬والقوى التي تتحكم‬
‫الثقافية موضوعنا‪ ،‬وذلك مثل تخصصها‪،‬‬ ‫به‪ ،‬واألخرى التي تنتجه؟ وما القوى التي‬
‫طبيعتها (حكومية‪ ،‬أهلية‪ ،‬مختلطة)‪،‬‬ ‫تشكّل جماهيره؟‬
‫توجهها؛ بمعنى ما التوجه الثقافي الذي‬ ‫وأخيرًا‪،‬‬
‫عبرت عنه‪ ،‬ما القوى التي مثلتها رسالتها‪،‬‬
‫ التساؤل عن صمود كيانات العمل الثقافي‬
‫أهــدافــهــا‪ ،‬وظائفها‪ ،‬أدوارهـ ــا‪ ،‬إدارتــهــا‪،‬‬ ‫القائمة مــن الــمــراكــز الثقافية كمركز‬
‫عضويتها جمهورها‪ ،‬مخرجاتها؟)‪.‬‬ ‫األمير عبدالرحمن السديري بالجوف‪،‬‬
‫إلــى األنــديــة األدبــيــة والملتقيات أمــام  ما مجمل تجربتها وظروفها؟‬
‫الثورة التقنية المتالحقة‪ ،‬وأمام التحوالت  ما معززات هذه المراكز؟ وما مهدداتها؟‬
‫الــحــالــيــة الــفــارقــة الــتــي يــم ـ ّر المجتمع‬
‫أو مَن هم منافسوها اليوم؟‬
‫السعودي بتجربتها ألول مرة (طبعًا في‬
‫هذا السؤال‪ ،‬سؤال إمكانية استفادة هذه  لــمــاذا نــريــد أو ال نــريــد اســتــمــرار هذه‬
‫المراكز الثقافية؟‬ ‫الكيانات وتفاعلها مع معطيات اللحظة‪،‬‬
‫وزخمها التحوّلي الزدهــارهــا‪ ،‬أبعد مما  وأخ ــي ــرا‪ ،‬الــكــيــانــات الــثــقــافــيــة بشكلها‬
‫التقليدي إلى أين؟ وإلى متى؟ وما بدائلها‬ ‫تحقق؛ وهناك سؤال كامن فيه بالضرورة‪،‬‬
‫الجديدة اإلضافية؟‬ ‫وهــو الــســؤال فــي احــتــمــال اضمحاللها‬
‫وعدم قدرتها على المنافسة بما يحوّلها‬
‫مقتصد‬
‫ِ‬ ‫تعريف‬ ‫لمتاحف الــتــاريــخ‪ ،‬ويحيلها إلــى أطــال‬
‫لــن أحــتــاج لــتــعــريــف مــطــوّل للمقصود‬ ‫الذاكرة‪.‬‬
‫بالكيانات‪ ،‬أو أطر العمل الثقافي‪ ،‬بالمعنى‬
‫المحاور‬
‫ال ــذي عرفته المجتمعات الــمــعــاصــرة‪ ،‬من‬
‫وسيتركز حديثي‪ ،‬تحديدًا‪ ،‬عبر المحاور مطلع القرن العشرين؛ ألن الفكرة أصبحت‬
‫شائعة ومعروفة‪ ،‬وتحظى بتطورات متالحقة‪،‬‬ ‫التالية‪:‬‬
‫ مــا الــكــيــانــات الــثــقــافــيــة؟ وم ــا تمثّالتها وبخبرات تراكمية‪ ،‬وبتحديثات مدهشة تؤصل‬

‫‪81‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫أشواقهم‪ ،‬وتنشأ داخلها عالقات تفاعلية بين‬ ‫بعضها‪ ،‬وتمحو بعضها‪ ،‬وتجدد عهد بعضها‪،‬‬
‫بعضا‪ ،‬وبينهم وبين المجتمع وأطره‬
‫بعضهم ً‬ ‫ـال جــديــدة خــارجــة عما سبق؛‬
‫وتــخــرج أشــكـ ً‬
‫الرسمية على قدم المساواة‪ ،‬هي مما أسهم‪،‬‬ ‫ولــهــذا‪ ،‬يصحّ أن نلقي نظرة ‪-‬ولــو خاطفة‬
‫منذ بداية الربع األول للقرن العشرين‪ ،‬في‬ ‫‪-‬على ما عندنا منها‪ ،‬ونتأمل حال الكيانات‬
‫ظهور أشكال متعددة لكيانات العمل الثقافي‬ ‫الثقافية‪ ،‬ومــا في حكمها من أندية أدبية‪،‬‬
‫وجمعيات ثقافية وملتقيات‪.‬‬
‫أو أطره‪ ،‬وإن لم تحمل التسمية نفسها التي‬
‫تتعدد وتُـ ــراوح مــن جمعيات بعض المهن‬ ‫ولكن‪ ،‬بمحاولة تعريفية مقتصدة‪ ،‬يمكن‬
‫الثقافية‪( :‬صحافة‪ ،‬مسرح‪ ،‬سينما‪ ..‬إلخ)‬ ‫القول‪ :‬إن نشوء المراكز الثقافية وصنوها‬
‫إلــى مختلف مسميات الــروابــط أو األندية‬ ‫من أطر العمل الثقافي المشترك قد انبثق‬
‫األدبية‪ ،‬وما إليه‪ ..‬مما اشتهر بعضه عالميًا‬ ‫مــن طبيعة المجتمعات الــمــعــاصــرة‪ ،‬التي‬
‫اقتضت إعــطــاء منصات تفاعلية لمختلف‬
‫وعربيًا في إنتاج تيارات أدبية بعينها على‬
‫القوى االجتماعية تعبيرًا عن الحق الفردي‬
‫اختالفها وتنوعها‪ .‬ومــن أشهرها عالميًا‬
‫والجمعي‪ ،‬للمشاركة في صنع التاريخ والواقع‬
‫خــال القرن العشرين‪ :‬رابطة زهــر التوت‬
‫االجــتــمــاعــي والــثــقــافــي والــســيــاســي؛ وبهذا‬
‫ببريطانيا (‪1930‬م)‪ ،‬ومجموعة ستراتفورد‪،‬‬ ‫المعنى‪ ،‬فإن المراكز الثقافية أنى وجدت‪،‬‬
‫ومجموعة ماندارينز ‪1950‬م‪ ،‬ورابطة الحبر‬ ‫يفترض أنها تشكل «مساحة ديموقراطية»‬
‫لكتاب وأكاديمين ارتبطوا بجامعة أكسفورد‪،‬‬ ‫للعمل الثقافي بتنوعاته من األدبي واإلبداعي‬
‫وبعضها قام من منتصف القرن الماضي وما‬ ‫إلــى العلمي الــمــوضــوعــي‪ ،‬بتوفير المكان‬
‫يزال صامدًا إلى اليوم‪ ،‬مثل مجموعة جين‬ ‫واألرضية لنشاط ثقافي تفاعلي بين األعضاء‬
‫أوستن‪.‬‬ ‫والــمــريــديــن لــهــذه الــمــراكــز‪ ،‬وبينهم وبين‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫ومن أمثلتها المماثلة المشهورة عربيًا كان‬
‫هناك من ما قبل منتصف القرن الماضي‬ ‫مع مالحظة جذرية (إن هذا بطبيعة الحال‬
‫تجمعات ثقافية وأدبية‪ ،‬بعضها أسهم في‬ ‫ال يعني التدخل في عملية اإلنتاج نفسها‪ ،‬أ ّيًا‬
‫إنشاء تيارات ومــدارس أدبية مجددة مثل‪:‬‬ ‫كان مجالها اإلبداعي‪ ،‬فتلك العملية التي ال‬
‫تتم في أطوار تكوينها إال بحرية وسريّة بين‬
‫جماعة أبولو التي ضمت شعراء الوجدان‬
‫المبدع ومادته اإلبداعية‪ ،‬وإزميله‪ ،‬وريشته‪،‬‬
‫المجددين وقتها في مصر والعالم العربي‪،‬‬
‫وقلمه‪ ،‬أو مفاتيحه‪ ،‬يفترض أال يكون ألي‬
‫وكان في مصر أيضا صوالين أدبية شكلت‬
‫إطــار من أطــر التجمع الثقافي أي سلطان‬
‫جذوة للحوار الفكري واألدبي بين المثقفين‬ ‫عليها)‪.‬‬
‫أنفسهم وبين مريديهم‪ ،‬وأشهرها صالون‬
‫العقاد‪ ،‬وصالون مي زيادة‪ ،‬ونشأت في بالد‬ ‫أشكال عالمية وعربية من أطر العمل الثقافي‬
‫الــشــام وتــحــديـدًا ببيروت مجموعة مجلة‬ ‫إذًا‪ ،‬البحث عن مساحة ديموقراطية تمثل‬
‫شعر‪ .‬وكان وال يزال هناك تجمعات مشابهة‬ ‫المشتغلين بالعمل الثقافي‪ ،‬وتعبّر عنهم‪ ،‬وعن‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪82‬‬
‫الشاعرة فوزية توقع مجموعتها الشعرية بمعرض الرياض ‪2015‬‬

‫الشارقة األدبي؛ إضافة لمنجزات اإلمارات‬ ‫تظهر وتختفي‪ ،‬في العالم العربي‪ ،‬وبخاصة‬
‫الحديثة فــي هــذا المجال مــثــل‪ :‬المجمع‬ ‫في بالد الرافدين‪ ،‬والمغرب العربي‪ ،‬وفيهما‬
‫الثقافي بأبي ظبي‪ ،‬بل إن بعض دول الخليج‬ ‫كان هناك تجاور لكل من الصالونات األدبية‪،‬‬
‫عبر معارض الكتب وجــوائــز اإلب ــداع تكاد‬ ‫والكيانات الثقافية ذات الصبغة الحزبية‪ ،‬أو‬
‫تصير قبلة لمثقفين عرب وعالمين‪.‬‬ ‫الطابع والميول السياسي‪.‬‬
‫وال بد من مالحظة أن ذلك التعدد في‬ ‫يضاف إلــى ذلــك تجمعات عربية في‬
‫مسميات التجمعات الثقافية ووظائفها قد‬
‫المهجر األمريكي مثل‪ :‬رابطة القلم لألدب‬
‫اتسع بما قد يجعل التعريف يشمل‪( :‬جمعيات‬
‫الــمــهــجــري‪ ،‬وم ــن وجــوهــهــا‪ :‬جــبــران خليل‬
‫بعض المهن الثقافية‪ /‬صحافة‪ ،‬مسرح‪،‬‬
‫جبران‪ ،‬ورابطة الخريجين العرب التي تعد‬
‫سينما‪ ..‬الــخ) التي من وظائفها الرئيسة‬
‫مدرسة عربية غربية بحد ذاتها في ثقافة‬
‫ال ــدور النقابي‪ .‬كما يشمل مــراكــز ثقافية‬
‫العلوم اإلنسانية الحديثة‪ ،‬ومن مؤسسيها‬
‫أ ُسست في ظل أيدولوجيات سياسية‪ ،‬أو‬
‫ورمــوزهــا‪ :‬نصير عــاروري‪ ،‬وإدوارد سعيد‪،‬‬
‫انتماءات حزبية‪ ،‬مثل‪ :‬الجبهة اليسارية للفن‬
‫وهشام الشرابي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫واألدب في ذروة نظام االتحاد السوفيتي‪.‬‬
‫إضــافــة لــهــذا الــتــن ـوّع يــجــدر بــنــا مالحظة‬ ‫ولم تخل دول منطقة الخليج العربي في‬
‫تــطــورات ذلــك المفهوم‪ ،‬مفهوم الكيان أو‬ ‫التاريخ المعاصر مــن مثل هــذه الكيانات‬
‫الجسد الثقافي‪ ،‬المتمثل بمسمى المراكز‬ ‫الثقافية على شكل مراكز ثقافية أو روابط‬
‫الثقافية عبر التاريخ االجتماعي والسياسي‬ ‫أدبــيــة وثقافية‪ ،‬وأشــهــرهــا‪ :‬أس ــرة األدب ــاء‬
‫في منشئه الغربي‪ ،‬وتعدد تمثالته بحسب‬ ‫بالبحرين‪ ،‬ورابطة الكتاب بالكويت‪ ،‬ونادي‬

‫‪83‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫مراكز ثقافية رسمية‬ ‫البيئة السياسية واالجتماعية لمختلف دول‬
‫العالم ومجتمعاتها‪ .‬ولعل هــذه المالحظة ‪ -‬األنــديــة األدبــيــة تأسست عــام ‪1395‬هـــ‬
‫(‪1975‬م) تحت مظلة الرئاسة العامة‬ ‫تكون مفتاحً ا للدخول في ســؤال المراكز‬
‫لرعاية الشباب‪ ،‬بــدأت بستة فــروع‪ ،‬ما‬ ‫الثقافية‪ ،‬وتعدد أشكالها‪ ،‬ومسمياتها في‬
‫ناد‬
‫لبثت أن توسعت بدعم رسمي لتأسيس ٍ‬ ‫المجتمع السعودي‪.‬‬
‫أدبي في جميع المدن الرئيسة‪ .‬ثم انتقل‬ ‫أطر العمل الثقافي بالمجتمع السعودي‬
‫المرجع الرسمي لتلك األندية لتصبح‬
‫لــم يعد سـ ـرًا أن المثقفين السعوديين‬
‫تحت مظلة وزارة الثقافة واإلعــام عام‬
‫قــد عــاشــوا مــراحــل تاريخية مــتــراوحــة من‬
‫‪1426‬هـ (‪2006‬م)‪ ،‬وحينها تمكنت بعض‬
‫بداية تأسيس المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫األندية من توسيع مسماها من نادي أدبي‬
‫ككيان سياسي موحد‪ ،‬في التعامل مع سؤال‬
‫إلى النادي األدبي الثقافي‪.‬‬
‫الكيانات الثقافية‪ ،‬أو أطر العمل الثقافي؛ أي‬
‫ســؤال الهاجس والحاجة إلى وجــود كيانات ‪ -‬الجمعية الــعــربــيــة الــســعــوديــة للفنون‬
‫والثقافة ‪1393‬ه ـــ (‪1979‬م)‪ ،‬ثــم عـدّل‬ ‫ثقافية تجمع شملهم على أرضية شرعية‬
‫المسمى ليكون جمعية الثقافة والفنون‪،‬‬ ‫مشتركة‪ ،‬تتيح لهم وتقرهم على حق العمل‬
‫انبثق عنها (‪ )16‬فرعً ا بمختلف مناطق‬ ‫والتفاعل الحواري اإلبداعي والتوعوي‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫المملكة‪.‬‬ ‫رواب ــط القلم‪ ،‬ومنتديات الكتب‪ ،‬واألنــديــة‬
‫الثقافية واألدبية‪ ،‬والمراكز الثقافية؛ وبتقارب ‪ -‬مركز الملك عبدالعزيز الثقافي تأسس‬
‫عــام ‪1998‬م‪ ،‬بمناسبة مئوية تأسيس‬ ‫رسالتها‪ ،‬وأهدافها‪ ،‬ووظائفها‪ ،‬وأدوارها‪ ،‬في‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬وقــد تولت‬ ‫خلق شبكة اجتماعية‪ ،‬تقوم عضوية كياناتها‬
‫اإلشـــراف على تأسيسه الهيئة العليا‬ ‫على قــواســم معرفية مــتــعــددة فــي مناحي‬
‫لتطوير مدينة الــريــاض‪ ،‬ويشتمل على‬ ‫الثقافة المتنوعة؛ من األدب شعرا ونثرا‪،‬‬
‫متحف وطــنــي ومكتبة عــامــة وقــاعــات‬ ‫إلى العلوم اإلنسانية والطبيعية‪ ،‬ومن الفنون‬
‫مــحــاضــرات‪ ،‬وتــوســع نــشــاطــه ليشمل‬ ‫التشكيلية إلى الموسيقى‪.‬‬
‫الطباعة والنشر‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالمالحظة السيسيولوجية‪،‬‬
‫وال ــم ــرك ــز عــلــى أهــمــيــتــه الــتــاريــخــيــة‬ ‫أن انطالقة البداية لمثل هذا المطلب‪ ،‬قد‬
‫واالجتماعية الرمزية يعد أول إطار من أطر‬ ‫جاءت على يد السلطة الرسمية‪ ،‬وإن تشكلت‬
‫العمل الثقافي الــذي ال يخرج من معطف‬ ‫قبل تلك البداية وبعدها كيانات ثقافية قليلة‬
‫النشاط الرياضي‪ ،‬وإن ظل مرتبطً ا بالمظلة‬ ‫ج ـدًا باجتهادات ومــبــادرات فردية وأهلية‪،‬‬
‫الرسمية‪ ،‬ولكنه يأتي هــذه المرة مرتبطً ا‬ ‫كان بعضها بمظلة رسمية‪ .‬ويمكن هنا بشكل‬
‫بمشروع التطوير للعاصمة مدينة الرياض‪.‬‬ ‫اجتهادي فضفاض تحديد ثالثة أنواع من تلك‬
‫كما أن المركز هو األول الذي جاء بمسمى‬ ‫الكيانات الثقافية التي عاصر المثقفون مدَّ‬
‫«مركز ثقافي» ولم يجر فيه تجنب مسمى‬ ‫تجربتها وجزرها‪.‬‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪84‬‬
‫دار الرحمانية‬

‫مركز األمير عبدالرحمن السديري الثقافي ‪ -‬دار الرحمانية‬

‫مراكز ثقافية أهلية ومراكز ثقافية‬ ‫«ثقافي» كما جرى األمــر في بداية الفسح‬
‫شبه حكومية‬ ‫الرسمي لتأسيس أطر مؤسسية بمسميات‬
‫ال تتضمن كلمة ثقافة‪ ،‬ظلت تبدو مجرد‬
‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬
‫منتديات فنون وأدب‪ .‬ولعل هذه المالحظة‬
‫تــأســس كــأرضــيــة لــلــعــمــل الــثــقــافــي في‬ ‫السيسولوجية «العابرة» تشير إلى التطور‪،‬‬
‫منطقة الجوف بشمالي المملكة‪ ،‬في وقت‬ ‫وإن كـــان بــطــيــئــا ف ــي الــمــوقــف الــرســمــي‬
‫مبكر عام ‪1963‬م‪ ،‬بدأ بمكتبة عامة بمدينة‬ ‫والمجتمعي نحو تحرير بعض الكلمات‬
‫سكاكا‪ ،‬وفــي وقــت الحــق تفرّعت عنه أول‬ ‫والــمــصــطــلــحــات مــن التحفظ التقليدي‪،‬‬
‫مكتبة نسائية بالمملكة‪ .‬وقد صدر أمر ملكي‬ ‫والخشية من كلمة ثقافة بحد ذاتها‪.‬‬
‫عام ‪1983‬م بتأسيس مؤسسة عبدالرحمن‬
‫‪ -‬مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي‬
‫السديري الخيرية‪ ،‬لتكون المكتبة العامة‬
‫بالدمام‪ ،‬التابع ألرامكو‪ ،‬والمنبثق عنها في‬
‫تحت مظلتها‪ ،‬فتطورت وصــار اسمها (دار‬
‫مرحلة متأخرة مــن عمر هــذه المؤسسة‬
‫العلوم) لتكون منبرًا ثقافيًا تعددت وتطورت‬
‫العتيدة‪ ،‬إذ افتتح رسميا عام ‪2016‬م‪.‬‬
‫نشاطاته الثقافية‪ ،‬وامتد تأثيرها لجميع‬
‫مناطق المملكة؛ ســواء باستضافة مثقفين‬ ‫وه ــو مــن أبـ ــرز م ــب ــادرات الــشــركــة في‬
‫من كل أنحائها‪ ،‬وبمختلف اهتماماتهم األدبية‬ ‫مجال العمل الثقافي المجتمعي الوطني‪،‬‬
‫والفكرية وتياراتها المعاصرة‪ ،‬أو في مجال‬ ‫على أرض الواقع‪ ،‬منذ تأسيسها بالمملكة‪.‬‬
‫النشر الثقافي‪ ،‬إذ تصدر مجالت متخصصة‬ ‫ويشكل الــيــوم حــالــة ثقافية فــريــدة‪ ،‬تمثل‬
‫وكــت ـ ًبــا مــحـ ّكــمــة‪ ،‬وتــعــنــى بــدعــم الــدراســات‬ ‫مشتهى الثقافة في كل مكان بالعالم؛ فعدا‬
‫والبحوث العلمية‪ .‬وقد صدرت عن المركز‬ ‫عــن تصميمه المعماري كتحفة معمارية‬
‫مجلة (الــجــوبــة) عــام ‪1990‬م كــواحــدة من‬ ‫نادرة‪ ،‬فهو يضم مكتبة بها ما يزيد عن ربع‬
‫أوائل المجالت الثقافية الدورية بالمملكة‪،‬‬ ‫مليون كتاب‪ ،‬ومركزًا لالبتكار‪ ،‬وواحة معرفية‬
‫ثم (أدوماتو) عام ‪2000‬م وهي مجلة علمية‬ ‫لألطفال‪ ،‬ومتحفًا للتاريخ الطبيعي‪ ،‬وقاعات‬
‫محكّمة تعنى بالبحوث اآلثارية‪ .‬لكن مسمى‬ ‫الفنون‪ ،‬ومراكز تدريب إبــداعــي‪ ،‬وتأصيل‬
‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي بالجوف‬ ‫ثقافي‪ ،‬ومساحته ‪ 45000‬متر مربع‪.‬‬

‫‪85‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫يأت إال عام ‪2015‬م‪ ،‬رغم أنه منذ تأسيسه إن المالحظة الحاسمة للموقف هو أن أيًا من‬ ‫لم ِ‬
‫قبل ستين عامًا لم يعن إال بالشأن الثقافي‪ .‬أنشطتها المنبرية والتي تمثلت في مؤتمرات‬
‫أما الجدير بالذكر فهي بعض األسباب وندوات دورية لم تقم داخل المملكة‪.‬‬
‫كيانات أو تمثالت ثقافية أهلية‬ ‫الرئيسة فــي صــمــود هــذا اإلط ــار مــن أطر‬
‫مستقلة نسبيا‪:‬‬ ‫العمل الثقافي بالمملكة‪ ،‬ومنها‪ :‬التفاف‬
‫أهالي منطقة الجوف ومثقفوها حول المركز‪،‬‬
‫ م ـ ـن ـ ـتـ ــدى االثـ ـنـ ـيـ ـنـ ـي ــة الـ ـ ـثـ ـ ـق ـ ــاف ـ ــي‪ :‬أســســه‬
‫كمعين ثــقــافــي وحــيــد فــي زمــنــه‪ ،‬والعتيد‬
‫عبدالمقصود خوجة عام ‪1982‬م بمدينة‬
‫المتجدد في كل األوقات كمنبر تنويري يمثل‬
‫جــدة‪ .‬وشكلت اإلثنينية باسمها األشهر‬
‫منطقة الجوف على مستوى المملكة‪ ،‬وفي‬
‫أرضية للقاءات ثقافية‪ ،‬وكرّمت رياديين‬
‫منصاتها الثقافية؛ ووجود وقف مالي مستقل‬
‫من المثقفين السعوديين والعرب؛ رجاال‬
‫ونساء‪.‬‬ ‫منذ التأسيس‪ ،‬يجري استثماره وتطويره‬
‫باستمرار؛ أمــا المنبع الثالث لصمود هذا‬
‫المركز الثقافي فهو مرونته البالغة وحيويته  مركز حمد الجاسر الثقافي‪ :‬أ ُسس بعد وفاة‬
‫الشيخ حمد عام ‪1421‬هـ بهدف الحفاظ‬ ‫التفاعلية العالية مع كل مستجدات الثورة‬
‫على معين مسيرته المعرفية في توثيق‬
‫التقنية التي تجعل نشاطه الثقافي شعلة‬
‫تراث الجزيرة العربية والمملكة العربية‬
‫متوهّ جة على جميع نوافذ الحضور الرقمي‬
‫السعودية وتحليله‪ ،‬والعناية بمكتبته‪،‬‬
‫والــحــوار الحضاري المفتوحة على العالم‬
‫وتشجيع البحوث والدراسات على خطه‬
‫اليوم (المعلومات الــواردة بخصوص المركز‬
‫العلمي‪ ،‬وإقــامــة الــنــدوات والمؤتمرات‪،‬‬
‫من إمداد د‪ .‬عبدالواحد الحميد)‪.‬‬
‫ونشر المطبوعات والدوريات في مجال‬
‫العمل الثقافي التأريخي‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬
‫ ص ــال ــون س ـل ـطــانــة ال ـس ــدي ــري األدب ـ ـ ــي‪ :‬لقاء‬
‫لستُ متأكدة من صحة ذكرها في هذا‬
‫ثقافي دوري‪ ،‬بمدينة الرياض‪ ،‬كان يُراوح‬ ‫السياق‪ ،‬وال إذا كــان يمكن عدّها من أطر‬
‫بين اللقاءت األسبوعية والشهرية‪ ،‬أسسته‬ ‫العمل الثقافي شبه الحكومي‪ ،‬ولكن بما أنها‬
‫األديــبــة الــســعــوديــة سلطانة الــســديــري‪،‬‬ ‫طرحت قضايا معرفية وثقافية كانت تشغل‬
‫منتصف الثمانينيات الــمــيــاديــة‪ ،‬وكــان‬ ‫المثقف السعودي في تلك اللحظة التاريخية‬
‫يــهــدف إليــجــاد أرضــيــة تــوعــويــة للمرأة‬ ‫القلقة والمتحفزة من مطلع األلفية للقرن‬
‫السعودية في القضايا التنموية والثقافية‪،‬‬ ‫الواحد والعشرين‪ ،‬فقد رأيــت التذكير بها‪،‬‬
‫في ظل غياب المرأة عن حمى أي من أطر‬ ‫وبخاصة أنها جــاءت بمبادرة مــن المملكة‬
‫العمل الثقافي القليلة المتاحة في ذلك‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬ممثلة في شخصية عامة‬
‫الحين‪ .‬وكان يعنى بإقامة معارض تشكيلية‬ ‫ومثقفة‪ ،‬تضطلع بمهام رسمية مهمة‪ ،‬هو‬
‫وأمسيات شعرية‪.‬‬ ‫األمــيــر خــالــد الفيصل‪ ،‬وهــو شــاعــر وفنان‬
‫تشكيلي بجانب موقعه الرسمي الفعال‪ .‬إال  الـمـلـتـقــى األح ـ ــدي ب ــال ــري ــاض‪ :‬أســس عام‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪86‬‬
‫‪ 1994‬بفكرة د‪ .‬عايشة أبــو الجدايل‪،‬‬
‫وتأسيس ومتابعة د‪ .‬هتون الفاسي‪ ،‬وشارك‬
‫في إدارتــه كل من‪ :‬د‪ .‬دينا الجودي‪ ،‬ود‪.‬‬
‫عواطف القنيبط‪ ،‬وسيدة األعمال هالة‬
‫الزير‪ ،‬ومن األعضاء العاملين‪ :‬د‪ .‬عزيزة‬
‫المانع‪ ،‬ود‪ .‬عــواطــف ســامــة‪ ،‬ود‪ .‬نــورة‬
‫الشمالن‪ ،‬ود‪ .‬سعاد المانع‪ ،‬ود‪ .‬فوزية‬
‫البكر‪ ،‬ود‪ .‬حصة آل الشيخ‪ ،‬ود‪ .‬هند آل‬
‫الشيخ‪ ،‬ود‪ .‬مشاعل البكر‪ ،‬ود‪ .‬مشاعل‬
‫مركز الملك عبدالعزيز العالمي بالدمام‬ ‫بنت محمد آل سعود‪ ،‬ود‪ .‬إلهام الدخيل‪،‬‬
‫ود‪ .‬فــاطــمــة الــخــريــجــي‪ ،‬ود‪ .‬الــجــازي‬
‫على األقل مطلبًا ألعالم من المهتمين منهم‪،‬‬
‫الشبيكي‪ ،‬ود‪ .‬فوزية أبو خالد‪ ،‬والفنانة‬
‫وأقصد باألعالم مَن يتبوؤن مواقع سياسية‬
‫التشكيلية هدى العمر‪ .‬راوحت عضويته‬
‫أو إدارية أو اجتماعية تخولهم لحظوة اتخاذ‬
‫بين عشرين إلى أربعين سيدة‪ .‬واستمر‬
‫الــمــبــادرة بإنشاء مركز ثقافي‪ ،‬وأعتقد أن‬
‫ما يقترب من خمسة وعشرين عامًا في‬
‫مركز عبدالرحمن السديري تجسيد لذلك‪،‬‬ ‫تقديم لــقــاء ثــقــافــي‪ .‬تــنــاولــت مواضيعه‬
‫مــع حظوته الخاصة فــي تأسيسه وتــطــوره‬ ‫البحوث العلمية في الطب والصيدلة‪،‬‬
‫بما يجعله أق ــرب إلــى المؤسسة الثقافية‬ ‫والبحوث التاريخية والتربوية واالجتماعية‬
‫«المتكاملة» منه إلى المعنى المتداول للمراكز‬ ‫في مجاالت الطفولة‪ ،‬والمرأة‪ ،‬والمجتمع‪.‬‬
‫أو الكيانات الثقافية كما عرفت في عموم‬
‫الوسط الثقافي العربي‪.‬‬ ‫قراءة عامة ألطر العمل الثقافي في‬
‫ضوء أمثلة العينة الواردة‬
‫كما أن الــرســالــة المعلنة أو المضمرة‬
‫لمعظم تلك الكيانات الثقافية كانت تدور حول‬ ‫ولــو تــجــاوزنــا التوصيف الــعــام لما شكّل‬
‫أنسنة فكرة (حق وضرورة) وجود كيان ثقافي‬ ‫كــيــانــات ثقافية وأدبــيــة لــلــمــراكــز الثقافية‬
‫وتطبيع عالقة المجتمع والسلطة بالفكرة‪،‬‬ ‫بالمجتمع الــســعــودي مــن تــواريــخ اإلنــشــاء‪،‬‬
‫مع محاولة تحييدها من «شبهة أو شوائب»‬ ‫وانتقلنا لقراءة مجمل رساالتها‪ ،‬وأهدافها‪،‬‬
‫تعالق الثقافي بالسياسي‪ ،‬وقد تطورت تلك‬ ‫وطبيعتها‪ ،‬وإدارتها‪ ،‬وتوجهاتها‪ ،‬وعضويتها‪،‬‬
‫الحساسية وزاد منسوبها في ظرف احتدام‬ ‫ومخرجاتها؛ فسنجد أن هناك هامشا من‬
‫الم ّد العربي القومي إلــى سبعينيات القرن‬ ‫التفاوت بين كل منها في بعض التفاصيل‪،‬‬
‫الــمــيــادي الــمــاضــي‪ ،‬وارت ــب ــاط بــعــض تلك‬ ‫ولكن هناك متن عريض من التقارب والتشابه‬
‫المفردات بأدبياته واألدبيات حوله‪ .‬يضاف‬ ‫في مجمل المحددات المذكورة‪.‬‬
‫لذلك مشترك الحلم للكثير منها وليس أغلبها‪،‬‬ ‫فمعظم هذه الكيانات الثقافية كانت مطلبًا‬
‫أن تقوم على أرض الواقع وقتها بأداء وظيفة‬ ‫ثقافيًا لعموم المثقفين واألدبــاء في مختلف‬
‫توعية (تنويرية) من ناحية‪ ،‬ووظيفة تفاعلية‬ ‫مناطق المملكة‪ ،‬وبخاصة المركزية منها‪ ،‬أو‬

‫‪87‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫فمن أهــم ملحوظات أو أمثلة النجاح‪،‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬بين األعضاء وبينهم وبين‬
‫استمرارية معظمها منذ تأسيسها إلى اليوم‪،‬‬ ‫المجتمع والــدولــة‪ .‬هــذا بجانب مشترك أن‬
‫بــل إن مــا تــوقــف منها لــم يــتــوقــف إال بعد‬ ‫يكون لها دور في الخروج بالثقافة من الموقع‬
‫استمرار امتد إلى ما يزيد عن عشر سنوات‬ ‫الهامشي بالمجتمع‪ ،‬إلــى موقع المشارك‬
‫(صالون سلطانة السديري)‪ ،‬أو إلى عشرين‬ ‫مشاركة عضوية «بالمعنى الجرامشي» في‬
‫عاما (الملتقى األحدي)‪( ،‬وهي مواقع ثقافية‬ ‫مجريات المجتمع‪ ،‬من ناحية وفي اإلسهام‬
‫قامت بمبادرات فردية أو جماعية محدودة)؛‬ ‫من ناحية أهم في تمكين المثقف السعودي‬
‫أيضا من أمثلة النجاح هو تمثيلها لمختلف‬ ‫من تقديم إنتاج ثقافي له قيمته األدبية شعرا‬
‫مناطق المملكة‪ ،‬وتفاعلها مع مختلف مكوّنات‬ ‫ونثرا وفكرا‪ ،‬بحوثا ودراسات‪ ،‬كتابات وكتبًا‪،‬‬
‫النسيج االجتماعي بالمملكة بل والعالم العربي‬ ‫ومطبوعات من الدوريات للمجالت الثقافية‬
‫أيــضــا‪ ،‬فمثال اثنينية عبدالمقصود خوجة‬ ‫المتخصصة‪ .‬وم ــرة أخ ــرى وربــمــا كــان من‬
‫شملت في ندواتها وفي جائزتها التكريمية‬ ‫األهداف المضمرة أيضا هو تحسين الموقع‬
‫المثقفين من كل مناطق المملكة ومن العالم‬ ‫االجتماعي وزيادة رأسمالهم الثقافي «بالمعنى‬
‫العربي؛ إضافة لنجاح جميع تلك المراكز‬ ‫البوردي» للمثقفين‪ ،‬وتقديم وبلورة ذلك الموقع‬
‫ليشكل نخبة قائمة بفكرها المستنير وبمنتجها‬
‫الثقافية (أندية‪ ،‬وجمعيات‪ ،‬وملتقيات) في‬
‫الثقافي‪ ،‬بما ال يقل أهمية عن نخب اجتماعية‬
‫تفعيل المشاركة الثقافية للمرأة السعودية‬
‫أخرى‪ ،‬كالنخبة الدينية‪ ،‬أو التكنوقراط‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫في اختراقات صغيرة كانت تعد جريئة وقتها‬
‫وهذا بالضرورة كان يعني أن يتم عن طريق‬
‫(وإن جاء بعضها على استحياء) لتابو تحريم‬
‫السجال الجدلي والمكتسبات التراكمية وإن‬
‫حضور المرأة في الفضاء العام خارج المجال‬
‫صغرت بالمعنى الميلزي (رايت ميلز) تحسين‬
‫الصحي وإن بصوتها‪ ،‬مثل الندوات العامة‪،‬‬
‫شروط التمثيل وشروط التفاوض لرفع سقف‬
‫وضمن شــروط الفصل الجندري‪ ،‬بما خلق‬ ‫الطروحات الثقافية وعصرنتها‪ ،‬ما يفترض‬
‫أرضية فيما بعد لتوسيع دائرة هذا الحضور‪.‬‬ ‫تحقيق حريتين؛ حرية القول الثقافي‪ ،‬وحرية‬
‫وأخــي ـرًا قــد يحسب لمعظم تلك الكيانات‬ ‫الفعل الثقافي‪ ،‬متمثال في القدرة على التعبير‬
‫الثقافية ‪-‬وإن لم يكن كلها‪ -‬نجاحها في صد‬ ‫الحر والتجديد اإلبداعي‪.‬‬
‫محاوالت االختطاف المنبري‪ ،‬أو ســواه من‬
‫مناشطها الثقافية‪ ،‬من قبل «الصحوة»‪ ،‬وإن‬ ‫على أنه وإن كان من الصعب إال بدراسات‬
‫بحثية دقيقة تقرير إلى أي درجة ومدى تمكنت‬
‫كان ثمن ذلك أن الكثير من تلك المواقع أو‬
‫تلك الكيانات الثقافية بمظلتها الرسمية‬
‫الكيانات الثقافية قد دخلت في فترات طويلة‬
‫أو بمراعاتها لها على تاريخها الطويل من‬
‫من الجمود والسبات تقية أو بياتًا‪ ..‬وسأكتفي‬
‫حمل هذه الرسالة‪ ،‬ومن تأدية تلك الوظيفة‬
‫بهذه األمثلة التي تحتاج لبحوث تعرضها‬
‫التنويرية‪ ،‬ومــن تحقيق ذلــك ال ــدور المؤثر‬
‫للفحص والتمحيص‪.‬‬
‫النوعي‪ ،‬فإنه ال يصعب ذكر بعض المالحظات‬
‫إال إن المالحظة وليست األخيرة في هذا‬ ‫العامة أو القليل من أمثلتها‪ ،‬وأوضحها ما‬
‫تجسد في بعض أشكال النجاحات‪ ،‬وبعض السياق أن هذه الكيانات الثقافية قد شهدت‬
‫انتعاشا بعد األلفية الثالثة‪ ،‬حالها حال معظم‬ ‫اإلخفاقات‪ ،‬والكثير من المراوحة‪.‬‬

‫دراسات ونقد‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪88‬‬
‫المستجدة من توقع أي مزية نقابية بما فيها‬ ‫المجاالت الحيوية‪ ،‬التي نفضت عنها غبار نحو‬
‫جمعية الصحافة وجمعية الكتاب‪ ،‬فإننا نجد‬ ‫عقد ونصف العقد من الزمان‪ ،‬كالجامعات‪،‬‬
‫أنفسنا في عيد كرنفالي ال مثيل سابق له‬ ‫ولــم يــهــدد وجــودهــا وفعاليتها وقتها ظهور‬
‫بالمجتمع السعودي من ناحية حجم المنصات‬ ‫جسد الثقافة وسواها من الكيانات الثقافية‬
‫والمنابر الثقافية المتاحة والمتوالدة وزخمها‪.‬‬ ‫االفتراضية المستجدة على ساحة العمل‬
‫فبعد أن كانت الجامعات ‪-‬ناهيك عن الكيانات‬ ‫الثقافي‪ ،‬في العقد األول من األلفية‪ .‬بل إني‬
‫الثقافية‪ -‬تحتاج ألذونات بيروقراطية مطولة‪،‬‬ ‫أزعم أن ظهور مركز الحوار الوطني وقتها‪ ،‬قد‬
‫ال بتوفيره منصة تعبير وتفكير لجميع‬ ‫أشعل أم ً‬
‫رتيبة ومريبة‪ ،‬لفسح جدولها الثقافي‪ ،‬أصبحت‬
‫األطياف‪ ،‬بتفاعل أبعد وأعمق‪ ،‬داخل الكيانات‬
‫المنابر الثقافية متاحة في المقاهي‪ ،‬ناهيك‬
‫بعضا‪ ،‬وبتوسيع‬
‫الثقافية بأنواعها‪ ،‬ومع بعضها ً‬
‫عن الملتقيات الخاصة والعامة‪ ،‬ومنها تلك‬
‫عضويتها وقاعدة جماهيرها قبل دخوله هو‬
‫العيّنة العريضة مما يجري تحت مظلة جمعية‬
‫وهي بعد جــذوة العقد األول من األلفية في‬
‫الثقافة والفنون‪ ،‬وتحت مظلة هيئة األدب‬ ‫تحدي العالم االفتراضي‪ ،‬وسواه من تحديات‬
‫من وزارة الثقافة‪ ،‬بسُ ق ٍُف غير معهودة في‬ ‫التحوالت‪ ،‬التي أصبح التوسّ ع فيها وسرعتها‬
‫الطروحات‪ ،‬وبخاصة تلك التي تعنى باألدب‬ ‫يشكالن تحد ّيًا واضحً ا‪ ،‬يقتضي السؤال عن‬
‫لألدب‪ ،‬وبالفن للفن‪ ،‬وبالنظرية للنظرية‪ .‬بل‬ ‫صمود المراكز الثقافية في عين الثورة التقنية‬
‫إن مجاالً معرفيًا كالفلسفة‪ ،‬الــذي كــان من‬ ‫من ناحية‪ ،‬والتحول المجتمعي من الناحية‬
‫التابوهات‪ ،‬أصبح مجاال مطروحا من خالل‬ ‫األخرى‪ ،‬ما فتح أبوابًا كانت مغلقة‪ ،‬سواء في‬
‫جمعية الفلسفة‪.‬‬ ‫مجال الثقافة أو الترفيه‪.‬‬
‫وال بد أن الثقافة في زمن كورونا قد مرت‬ ‫ناقصا إن لــم أذكــر بعض‬
‫ً‬ ‫ويبقى الــطــرح‬
‫بتجربة حضور فريدة في نوعها عبر منصات‬ ‫اإلخفاقات في تجارب هذه الكيانات‪ ،‬ومن‬
‫أهمها معاناتها من ضعف االعتراف بها من‬
‫التفاعل اإللكتروني في العالم‪ ،‬والعالم العربي‬
‫عامة‪ ،‬وفي مجتمعنا خاصة‪ ..‬فقد خرجت‬ ‫قبل المثقفين أنفسهم‪ ،‬بجانب عجزها عن‬
‫تطوير تقاليد ديموقراطية للعمل‪ ،‬وانصرافها‬
‫الثقافة من جدران كياناتها الثقافية التقليدية‪،‬‬
‫ودخلت كخبز مشتهى إلى بيوت المثقفين‪.‬‬ ‫ع ــن الــقــيــام بـــأي دور نــقــابــي‪ ،‬وتكريسها‬
‫‪-‬وبخاصة عدد غير قليل من األندية األدبية‪-‬‬
‫ولكن السؤال‪ ،‬هل مثل هذه المظالت بديل‬ ‫لنمط محافظ في الكثير من جوانبها‪ ،‬من‬
‫المبنى‪ ،‬والــقــاعــات‪ ،‬إلــى اإلدارة‪ ،‬وطريقة جدير ودائم ألرضية يلتقي عليها المثقفون؟‬
‫وفي ضوء اإلجابات‪ ،‬قد نحتاج للبحث عن‬ ‫إخراج األنشطة‪.‬‬
‫أما اليوم‪ ،‬فإننا إذا فرّغنا األطر الثقافية أسئلة وإجابات جديدة!‬
‫ * شاعرة وأكاديمية سعودية‪.‬‬
‫(‪ )١‬أصل مــادة هذا المقال محاضرة للكاتبة قدّمتها عبر منصة النشاط المنبري لمركز عبدالرحمن‬
‫السديري الثقافي من خالل االتصال المرئي‪ ،‬وأدارها‪ :‬أ‪ .‬محمد هليل الرويلي‪ ،‬وبناء على رغبة هيئة‬
‫التحرير‪ ،‬تفضلت الكاتبة مشكورة بتحويلها إلى مقال ينشر بالجوبة‪ .‬المحرر‪.‬‬

‫‪89‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫دراسات ونقد‬
‫ن‪!..‬‬ ‫ث ََ‬
‫م ٌ‬
‫■ حضية خايف*‬

‫هل تعرفون أين موقعي اآلن؟ إنني أقف بشكل مستقيم في حنجرة طفل في الرابعة من‬
‫عمره!‬
‫ضمن مغلف العلكة في فمه‪ ،‬ابتللت أنا والعلكة‬ ‫كنت مــع مجموعة مــن فصيلتي نفسها‬
‫والمغلف بلعابه‪ ،‬لكن سرعان ما طرح المغلف‬ ‫في درج إحدى بقاالت الحي القديمة‪ ،‬كلّما‬
‫ونصف العلكة من فمه بعد أن تلقى صفعة‬ ‫متناول عملة أخرى أو‬‫ً‬ ‫وضع ذلك العجوز يده‬
‫قوية على خده من أمه التي كانت ترافقه‪ ،‬ثم‬ ‫ورقة نقدية‪ ،‬يمسح عليّ ويتركني‪ ،‬مضى على‬
‫مكوثي ما يقارب السبعة أيام حين استبدلني‬
‫أقفل فمه‪.‬‬
‫صاحبي بعلبة سجائر مع مجموعة من العملة‬
‫أدخلت إصبعها في فمه سريعًا‪ ،‬كانت تبحث‬ ‫الورقية‪ ،‬كلما أدخل يده في صندوقه دُفِ عت‬
‫عن باقي العلكة‪ ،‬لكنه كان ينقلني وبعض قطع‬ ‫لنهاية الصندوق‪ ،‬إلــى أن جــاء يــو ٌم ودفعني‬
‫العلك عكس اتجاه إصبعها‪ ،‬حين وصلت إليّ‬ ‫بــقــوة ألســقــط على األرض‪ ،‬تــدحــرجــت في‬
‫تحسستني‪ ..‬صرخت بهلع‪ ،‬لكن لسانه كان‬ ‫البداية ألقع تحت قدم أحد الزبائن‪ ،‬وكان‬
‫أسرع حين ك ُِشف أمره‪ ،‬دفعنا للخلف وابتلعنا‪..‬‬ ‫ملطخً ا بالطين‪ ،‬فتغير لوني‪ ،‬ولم تعُد نقوشي‬
‫جف التراب المبلل الذي‬ ‫ساعات ّ‬‫ٍ‬ ‫تُرى‪ ،‬بعد‬
‫في البداية التصق بي العلك‪ ،‬لكنها سرعان ما‬
‫يغطيني‪ ،‬وكان بجانبي مغلف شيبس سقط من‬
‫صرخت مرة أخرى وحاولت ضربه على ظهره‬
‫أحد الرفوف‪ ،‬تقدم إليه طفل ليلتقطه‪ ،‬وحين‬
‫لعلي أخرج‪ ،‬لكنني لألسف لم أستطع‪ ..‬حاول‬ ‫جــاء‪ ..‬رآني فتناولني بيده الباردة ووضعني‬
‫الطفل جاهدًا التقيؤ‪ ،‬وهي تصرخ‪ ..‬لكن لم‬ ‫داخل جيبه الصغير‪ ،‬كنت سعيدًا جدًا‪ ،‬لكن‬
‫يستطيع‪ ،‬كنت في بداية حنجرته الصغيرة‪،‬‬ ‫حين وصلت لنهاية الجيب واصطدمت بأكياس‬
‫كاد يختنق لوال ستر اهلل عليه‪ ،‬ضربته مرة‬ ‫أخــرى في البداية‪ ،‬لم أعــرف ما هي لشدة‬
‫أخرى‪ ،‬شعرتُ بانزالق العلكة التي بجانبي‪...‬‬ ‫الظالم‪ ،‬لكن من الرائحة والرطوبة عرفت‬
‫سقطت بعيدًا في المريء‪ ،‬وبقيت أنا معلقًا لم‬ ‫أنها مغلف لعلك‪ ..‬يبدو أن هذا الطفل مولع‬
‫أستطع النزول وال الخروج‪.‬‬ ‫بالمضغ‪ ،‬كــان كلما توقف عن السير يدخل‬
‫يــده فــي جيبه متحسسً ا المغلف‪ ،‬ويسحب‬
‫اآلن نحن مــمــددان على ســريــر األشعة‬ ‫منه واحدة‪ ،‬ترافقنا ما يقارب الساعة‪ ،‬أدخل‬
‫المقطعية في المستشفى بانتظار بدء عمل‬ ‫يده في جيبه أكثر من أربع مرات‪ ،‬وفي المرة‬
‫األشعة ثم العودة للطبيب ليكمل التشخيص‪...‬‬ ‫األخيرة كانت سريعة جدًا‪ ،‬فلم أشعر إال وأنا‬

‫* قاصة سعودية‪.‬‬

‫نصوص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪90‬‬
‫عو َد ٌة‬
‫َ‬
‫■ رشا نعمان*‬

‫أفقت ألجدني مكوّمة في ركن مظلم‪ ،‬نهضت فعمَّ الضوء المكان‪ ،‬أدور حول نفسي دورة‬
‫كاملة داخل غرفة تشبه غرف القصور‪ ،‬فراش ذهبي ومــرآة ذهبية‪ ،‬أبــواب الشرفة مفتوحة‬
‫على مصراعيها‪ ،‬أتعرف على هيئتك من الخلف‪ ،‬فيخفق قلبي كما كان يخفق دائمً ا حين‬
‫أراك‪ ،‬ثم أعود ألنظر إلى المرأة من تلك المرآة في الداخل؟‬
‫تلتفت إلــيّ بعينيك الحانيتين‪ ،‬أشعر باشتياق همست بها‪ ،‬فضممتني ثانية‪ :‬أال تتذكرين مالمحك؟‬
‫أنظر مرة أخرى إلى المرآة‪ :‬كيف عدت شابة؟‬ ‫لمالمحك‪ ..‬كأنما م ّر عمر على حرماني من رؤيتها‪،‬‬
‫رغم شعوري بقربها وكأنني لم أتركك أبــدا‪ ،‬تدلف‬
‫تضمني بقوة حتى كدت أذوب داخلك‪ :‬ال بأس‪،‬‬ ‫إلى الغرفة مهلال «حمدًا هلل على سالمتك»‪ ،‬أقرأها‬
‫على شفاهك‪ ،‬ولكن لم تسمعها أذني‪ ،‬لم أعد أسمع بعد قليل ستدركين الحقيقة كاملة‪.‬‬
‫نهضنا معا‪ ،‬وجذبتني من يــدي ألقــف معك في‬ ‫صوتك‪ ،‬لم أعد أسمع أي شيء من هذه المرأة التي‬
‫تنظر لي بعينين واسعتين وشعر بنيّ مجعّد‪ ،‬كثيف شرفة واسعة ممتلئة بالورود الملونة‪ ،‬ومقاعد مخملية‬
‫كغابة‪ ،‬أدور حول نفسي مرة أخرى‪ ،‬هل هذه أنا حقا؟ تطل على شاطئ تكسوه الخضرة والرمال في مزج‬
‫أجلس في أرضية الحجرة‪ ،‬تحتضنني بذراعيك‪ ،‬غريب لم أر في حياتي شاطئًا بهذا الجمال‪ ،‬وهذه‬
‫تتمتم بكلمات كثيرة ال أسمعها‪ ،‬أسألك أين أنا؟ ولكن األلوان المتدرجة للبحر‪ ،‬ساحرة‪.‬‬
‫كل هذا الجمال لم يشغلني عن التفكير في حياتي‬ ‫ال يخرج صوتي من حلقي‪ ،‬ليس لي صوت وال أذن‪،‬‬
‫السابقة‪ ،‬أمــي‪ ،‬أبــي‪ ،‬أنــت‪ ،‬وشــعــور عميق بالحزن‬ ‫كيف تكون الحياة هكذا؟ هذا عذاب‪ ،‬أتشبث بيديك‪،‬‬
‫والمشهد الوحيد المترسّ خ في ذاكرتي لسفرك‪ ،‬قلت‪:‬‬ ‫أحاول أن أبكي‪ ..‬ولكن ال دموع‪ ،‬متى استطال شعري‬
‫هل سافرت وتركتني وحيدة أربي األبناء؟‬ ‫ليصل إلى قدميّ وتلك المالمح البيضاء النقية لفتاة‬
‫قلت بال صوت‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫في العشرين ال امرأة تخطت الثمانين بسنوات‪ ،‬أما‬
‫أنت فكما أنت منذ تركتني و‪ ..‬ال أتذكر أين ذهبت‬
‫فسألتك بعتاب‪ :‬لماذا تركتني وحيدة؟‬ ‫حين تركتني؟ هل تركتني حقا؟‬
‫فانفعلت أنت‪ ،‬صرت تتحرك في الحجرة بشكل‬ ‫بلى‪ ..‬تذكرت‪ ،‬لقد عشت وحيدة‪ ،‬لسنوات‪ ،‬ربيت‬
‫ابنتي وابني الــشــاب‪ ،‬ولكن ال أذكــر أيــن كنت أنت‪ ،‬عشوائي تضرب كفيك ببعضهما ثم تعود‪ ،‬لتخبرني‬
‫الصور في ذهني مشوّشة‪ ..‬ولكن ال وجود لك فيها بهمس بطيء ألقرأ حركة شفاهك «نحن اآلن موتى»‪.‬‬
‫فــي هــذه اللحظة لمحت أبــي وأمــي فــي شرفة‬ ‫أبدا‪ ،‬صورة وحيدة لك معي أذكرها جيدًا‪ ،‬كنت تقف‬
‫أمام باب المنزل تمسك بحقيبتك‪ ،‬قبلت رأسي وقبلت مجاورة‪ ..‬ابتسما لي‪ ،‬فابتسمت عندما تذكرت ذلك‬
‫األبناء‪ ،‬ثم أغلقت الباب خلفك‪ ،‬إلى أين سافرت‪ ،‬العمر الطويل دفعة واحدة‪.‬‬
‫* كاتبة ‪ -‬مصر‪.‬‬

‫‪91‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نصوص‬
‫زُجا ُج ُ‬
‫الع ْم ِر‬
‫■ محمد الرياني*‬

‫عصير عندي في كأسها‪ ،‬أمسكتْ‬ ‫ٍ‬ ‫ما بقيَ من‬ ‫عمرك فأنسى المتاعب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يذوبُ األل ُم في إناءِ‬
‫به ترتشفُه وهي في قِ مَّةِ سعادتِها‪ ،‬فجأ ًة وفي‬ ‫عصير شهيٍّ ‪ ،‬يدو ُر‬ ‫ٍ‬ ‫على الطاولةِ كوبان من‬
‫غَ مر ِة سَ كْرتِها من الفرحةِ ‪ ..‬وق َع من يدِ ها على‬ ‫الكوبان مث َل عاشقين يهويان المزا َح والتلذ َذ‬
‫هلل على‬ ‫األرض ولم يَنكسر‪ ،‬تنهدتُ وحمدتُ ا َ‬ ‫ِ‬ ‫بربيعِ الحياة‪ ،‬لنا شفتان تطبقان على فمِ ك ِّل‬
‫أن كوبين من الــزجــاجِ بقي لهما عم ٌر وهما‬ ‫بعناية وكأنهما تُقبِّالنه‪ ،‬ولنا نفَسَ ان طيِّبان‬ ‫ٍ‬ ‫كوب‬
‫ٍ‬
‫جمادان‪ .‬سألتُها هل بقيَ عصي ٌر في الخفاء؟‬ ‫قلب المشروب‪ ،‬تقول‬ ‫كشذى الف ِّل يسكنان في ِ‬
‫ضحكتْ بحياءٍ وه ـزَّتْ رأسَ ها تقول لي نعم‪،‬‬ ‫لي إنَّ أرقا َم العمرِ يصن ُع منها الحبُّ أرقامًا‬
‫هممْتُ بــأن أ ُحــضـرَه وأنــا ال أعــرفُ طريقه‪،‬‬ ‫اإلنــجــازات مع‬
‫ِ‬ ‫ـات‬
‫فلكي ًة تُــســجَّ ـ ُل فــي ســجـ ِ‬
‫قالتْ ‪ :‬انتظر‪ ،‬ففي الحيا ِة ُمتَّسع‪ ،‬لنا شفتان‬ ‫الخالدين‪ ،‬تُجبرني عيناها البرَّاقتان كلؤلؤتينِ‬
‫تجيدان االبتسا َم وهما غارقتانِ في مــذاقِ‬ ‫مكنونتينِ في محارةٍ صعبةِ المنالِ لم يُكتشَ ْف‬
‫العصيرِ وتأخذان لونَه‪ ،‬نظرتُ في الساعةِ‬ ‫سحرهما‪ ،‬وَحدي ‪-‬أنا‪ -‬الذي جلبتُ من أصالةِ‬
‫توقيت‬ ‫ِ‬ ‫حو َل معصمي‪ ،‬وجدتُ التاري َخ يشي ُر إلى‬ ‫العمرِ قيم َة الحُ بِّ الجديد‪ ،‬كانتْ مُحق ًة عندما‬
‫ميالدي‪ ،‬قلتُ لها إن اليو َم هــو‪ ...‬قالتْ لي‪:‬‬ ‫الشباب وقد خَ َّط العم ُر‬ ‫ِ‬ ‫مألتْ كوبينِ بعصيرِ‬
‫لقد احتفلتُ بكَ على طريقتي‪ ،‬نح ُن ماضيانِ ‪،‬‬ ‫تاريخَ ه‪ .‬تنازعنا شُ ربَ العصيرِ بعد أن تبادلنا‬
‫وقد اقتسمْنا العم َر من ُذ البداية‪ ،‬ولنا عصي ٌر‬ ‫كأس‬ ‫األدوا َر على الكوبين‪ ،‬قالت إنَّ مــذا َق ِ‬
‫ـواب في‬ ‫بعض األكـ ِ‬‫ُ‬ ‫وأكــوابٌ نتبادلها‪ ،‬ستبقى‬ ‫قلت الذي على‬ ‫عصيرِ كَ أروع‪ ،‬قلتُ لها‪ :‬لقد ِ‬
‫أماكنِها للذكرى؛ أما هذانِ اللذانِ شربْناهما‬ ‫زجاجك سرمديُّ‬ ‫ِ‬ ‫لساني؛ إنَّ روع َة الطعمِ في‬
‫ففيهما رائح ُة شفتيْنا وشذَى نفَسَ يْنا‪ .‬ابتعدْنا‬ ‫طويل‬ ‫ً‬ ‫الكوكب عمرًا‬
‫ِ‬ ‫المذاق‪ ،‬وددتُ لو أنَّ لهذا‬
‫منتصف الليل‪ ،‬وخرجْ نا إلى حيثُ النجو ُم‬ ‫ِ‬ ‫عن‬ ‫سقط من على هذه الطاولة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أو ال يتشظى إذا‬
‫لنتأك َد من أنَّ أحدًا مثل َنا يحتف ُل بالحُ بِّ كما‬ ‫فجأ ًة وق َع الكوبُ من بين يديَّ ويديْها ونح ُن‬
‫بص ْمتِه على ك ِّل شيء‪،‬‬ ‫فعلنا‪ .‬كان اللي ُل يُطب ُق َ‬ ‫الحظ‬ ‫ِّ‬ ‫اإلمساك به‪ ،‬مِ ن حسنِ‬ ‫ِ‬ ‫نتساب ُق على‬
‫التزمْنا السكونَ‪ ،‬وكـ ُّل واحـ ٍـد يرى في عينيّ‬ ‫أنه لم ينكسر‪ ،‬قلتُ لها سَ ِل َم عمرُك يا‪ ...‬ولم‬
‫اآلخرِ زجا َج العُمر‪.‬‬ ‫صببتُ‬ ‫أكم ْل ألنَّها تعرفُ أني أ ُحبُّها بالفعل‪َ ،‬‬

‫* قاص سعودي‪.‬‬

‫نصوص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪92‬‬
‫ل من نا ِف َذ ِة ِ‬
‫القطار‪...‬‬ ‫رسا ِئ ٌ‬
‫■ مرمي الشكيلية*‬

‫الوقت ألن أفتح نوافذ عربة القطار من شدة االزدحــام حولي‪..‬‬


‫ُ‬ ‫ـدي‬
‫لم يكن لـ َّ‬
‫لم أتمكن حتى من توديعك بتلويح يدي من النافذة‪ ..‬ولكن كان كل جزء مني‬
‫يودعك‪ ،‬حتى تلك العبارات التي علقت فوق صدر كتاباتي‪ ،‬كانت اآلن وفي هذه‬
‫اللحظة تتحرر من أسطري‪ ،‬وتتطاير في الهواء كطائر حر‪...‬‬
‫كــأحــرف صــفــت عــلــى مــشــعــل الــــورق‪..‬‬ ‫هذه اللحظة‪ ،‬ماليين الكلمات تهطل‬
‫أأخبرك عن مقطورتي التي أنا عليها‪،‬‬ ‫فــي داخــلــي كــالــســيــل‪ ،‬حــتــى إنــنــي اآلن‬
‫وعن السيدة ذات الوشاح الفضي التي‬ ‫أستطيع أن أكتب بعينيَّ تفاصيل صغيرة‪..‬‬
‫تجلس بجانبي وكأنها تجلس في محراب‬ ‫كتلك الــورقــة الــتــي سقطت مــن جيب‬
‫معبد ال مقعد؟ أأخبرك عن وجبة طعام‬ ‫أحدهم دون أن يشعر‪ ،‬كانكماش وجهك‬
‫الذي تحاول عبثًا أن تخفيه بقبعتك‪..‬‬
‫ساخن تفوح منه‬‫ٍ‬ ‫ُقدّمت‪ ،‬كانت رغيف خبز‬
‫رائحة‪ ،‬أم وطن لم تق َو أصابعي الملبدة‬ ‫هل يصلك هذا الهدير الكتابي الذي‬
‫بالبرد على لمسه‪..‬‬ ‫يعلو مع صفير القطار؟ هل يمكنك أن‬
‫تتخيل تلك الكلمات التي خرجت في‬
‫لــم نــصــل بــعــد إل ــى حـــدود (فيينا)‪،‬‬ ‫لحظة كأبيات شعر كتبت على عجل‪،‬‬
‫الطريق طويلة‪ ،‬والغروب كمصابيح تضيئ‬ ‫وه ــي تلتصق بــجــدار نــفـ ٍـس مرتجفة؟‬
‫سنابل حقول القمح لونها ذهبي المع‪،‬‬ ‫بماذا يشعرك الــنــداء األخير وعجالت‬
‫أحاول أن أحتسي أبجدية اللغة في هذا‬ ‫عربات القطار تخطو بمهل؟ هل يشعرك‬
‫الصمت إال من صوت عجالت القطار‪..‬‬ ‫كأن روحً ا تدنو من أبواب الجسد؟ تلك‬
‫منذ انطالق القطار لم أك ُّف عن الكتابة‪،‬‬ ‫اللحظة تُع ّد بمقاس حياة‪..‬‬
‫كان عليَّ أن أجلس بعدها على ذاك وكأن األحــرف تتدافع عند بوابة قلمي‪،‬‬
‫المقعد‪ ،‬وســط هــذا الجفاف الحرفي‪ ،‬أحـــاول فقط أن ألتقط مــفــردة حرف‬
‫ووسط هذه الحشود التي أخذت مكانها سقط سهوًا‪..‬‬

‫* كاتبة ‪ -‬سلطنة عُمان‪.‬‬

‫‪93‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نصوص‬
‫جلس ُة مقهى‬
‫‪ρ‬أميرة حمدان*‬

‫أيـ ـ ـ ـ ـ ــا جـ ـ ـلـ ـ ـس ـ ــة ال ـ ـ ـم ـ ـ ـق ـ ـ ـهـ ـ ــى ويـ ـ ـ ـ ـ ــا رش ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ــة الـ ـ ـش ـ ــاه ـ ــي‬
‫ـرت أيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام الـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـب ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ــزاه ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـ ــزاه ـ ـ ـ ــي‬
‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادت بـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ــرى «فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ــا ًة ص ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــرةً»‬
‫ه ـ ـ ـ ــواه ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـي ـ ـ ــا «عـ ـ ـ ـل ـ ـ ــى ل ـ ـ ـهـ ـ ــوهـ ـ ــا سـ ـ ــاهـ ـ ــي»‬
‫ـس‬
‫أغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ـ ـ ــي وأجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري وال ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــات ُج ـ ـ ـ ـ ـ َّلـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولُ ب ـ ـ ـ ـ ـ ــر ّب ـ ـ ـ ـ ـ ــي لـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــس فـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ــنّ أش ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــاهـ ـ ـ ــي‬
‫ف ـ ـ ـي ـ ـ ـض ـ ـ ـح ـ ـ ـكـ ـ ــنَ ح ـ ـ ـ ــول ـ ـ ـ ــي ثـ ـ ـ ـ ــم بـ ـ ــال ـ ـ ـط ـ ـ ـيـ ـ ــن أُرتـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــى‬
‫وي ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــريـ ـ ـ ـ ــنَ خ ـ ـ ـل ـ ـ ـفـ ـ ــي جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرْيَ سـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ٍـل ب ـ ـ ـ ـ ــأم ـ ـ ـ ـ ــواهِ‬
‫ـرت إ ْذ كـ ـ ـ ـ ـ ـ ّن ـ ـ ـ ـ ــا « ُأهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـا بِ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ِّي ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا»‬
‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫«فـ ـ ـ ـ ـ ــا كـ ـ ـ ـ ـ ــان فـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ــا ُر ع ـ ـ ـ ــن ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاره اله ـ ـ ـ ــي»‬
‫وأذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُ فـ ـ ـ ـ ـ ــي األع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد ك ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــف اب ـ ـ ـت ـ ـ ـهـ ـ ــاج ـ ـ ـنـ ـ ــا‬
‫ـاس وض ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ــة أف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواهِ‬
‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ــرحـ ـ ـ ـ ـ ــةِ أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫«وكـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــف اجـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاع األه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ف ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـيـ ـ ــت جـ ـ ــدتـ ـ ــي»‬
‫«يـ ـ ـ ـح ـ ـ ــاك ـ ـ ــي اجـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاع الـ ـ ـمـ ـ ـسـ ـ ـتـ ـ ـش ـ ــاري ـ ــن ب ـ ـ ــالـ ـ ـ ـش ـ ـ ــاهِ »‬
‫«وكـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــف اجـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاع الـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ــيّ ف ـ ـ ـ ــي دار وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي»‬
‫وَمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ َكـ ـ ـ ـ ـأَب ـ ـ ـ ــي‪« :‬ذو ال ـ ـ ـ ـ ِـع ـ ـ ـ ـ ِ ّـز والـ ـ ـفـ ـ ـض ـ ــل وال ـ ـ ـ ــجَ ـ ـ ـ ــاهِ »‬
‫وذُ ِّك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُْت إ ْذ ذُ ِّكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُْت فـ ـ ـ ـ ــي زَمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن ال ـ ـصـ ـ ـب ـ ــا‬
‫صـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــاب ـ ـ ـ ــات ُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّـب ع ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــده ل ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــس بـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ــواهـ ـ ـ ــي‬
‫ـاس مـ ـثـ ـل ــه‬
‫ا ل ـ ـ ـيـ ـ ــس ف ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫فُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذُ ِّكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُْت ِخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًّ‬

‫نصوص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪94‬‬
‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤادي غ ـ ـ ـ ـ ــدا مـ ـ ـ ــن ثـ ـ ـ ـك ـ ـ ــلِ ـ ـ ــهِ الـ ـ ـ ـس ـ ـ ــاهـ ـ ـ ـ َر الـ ـ ـس ـ ــاه ـ ــي‬

‫َلـ ـ ـ ـ ـ ـ َك ـ ـ ـ ـ ــمْ ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ إِ نْ حَ ـ ـ ـ ـ ـ ـدَثْ ـ ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ــهُ لِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ مـ ـ ـصـ ـ ـغ ـ ــيً ـ ــا‪ ‬‬

‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــآهٍ ع ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ــى عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ــده ِآه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬

‫وك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان إذا مـ ـ ـ ـ ـ ــا ج ـ ـ ـ ـ ـئـ ـ ـ ـ ـ ُـت ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالَ ‪« :‬أمـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرت ـ ـ ـ ــي»‬

‫ف ـ ـ ـق ـ ـ ـلـ ـ ـ ُـت حـ ـ ـبـ ـ ـيـ ـ ـب ـ ــي‪« :‬وح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدك اآلم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـنـ ـ ــاهـ ـ ــي»‬

‫ـرت ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذب الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـن ـ ـ ــى‬


‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬

‫«ف ـ ـس ـ ـق ـ ـيـ ــا عـ ـ ـل ـ ــى عـ ـ ـه ـ ــد الـ ـ ـصـ ـ ـب ـ ــا الـ ـ ـب ـ ــاه ـ ــر الـ ـ ـب ـ ــاه ـ ــي»‬

‫«دع ـ ـ ـ ـ ـ ــون ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي ت ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــري األمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور بـ ـ ـ ـ ــأمـ ـ ـ ـ ــره»‬

‫ـوس ـ ـ ــا ت ـ ـش ـ ـت ـ ـكـ ــي دهـ ـ ـ ــرهـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ــداهـ ـ ـ ــي»‬
‫«يـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ّل ـ ـ ــي نـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ً‬

‫ويـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـف ـ ـ ــي صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدورا بـ ـ ــال ـ ـ ـح ـ ـ ـن ـ ـ ـيـ ـ ــن ك ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـه ـ ـ ــا عـ ـل ــى‬

‫الـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـك ـ ـ ــل مـ ـ ـ ـ ــن ن ـ ـ ـ ـ ـ ــار ال ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــوى مـ ـ ـ ــرجـ ـ ـ ــل ال ـ ـ ـطـ ـ ــاهـ ـ ــي‬

‫«دعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــونـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه لـ ـ ـ ـط ـ ـ ــفً ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ــاديـ ـ ـ ــر كـ ـ ـلـ ـ ـه ـ ــا»‬

‫«أن الـ ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــد هللِ »‬


‫وآخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر دعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ‬
‫* شاعرة سعودية‪.‬‬

‫‪95‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نصوص‬
‫ح النَّدى‬
‫تسابي ُ‬
‫‪ρ‬عالي املالكي*‬
‫هـ ـ ـ ـ ــي ل ـ ـ ـح ـ ـ ـظ ـ ـ ـتـ ـ ــان ونـ ـ ـ ـ ـظ ـ ـ ـ ــرت ـ ـ ـ ــان وغ ـ ـ ـي ـ ـ ـبـ ـ ــةٌ‬
‫أخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى لـ ـ ـقـ ـ ـلـ ـ ـب ـ ــك كـ ـ ـ ـ ــي ت ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ــون إم ـ ـ ــام ـ ـ ــا‬
‫ه ـ ـ ــي رحـ ـ ـ ـل ـ ـ ــةٌ ف ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـغ ـ ـ ــار ت ـ ـك ـ ـشـ ــف ق ـل ـب ـه ــا‬
‫لـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـك ـ ـ ــون أوض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح مـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ــون تـ ـ ـم ـ ــام ـ ــا‬
‫أو نـ ـ ـسـ ـ ـك ـ ــةٌ ف ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ِّـب م ـ ـ ــا م ـ ـ ــن ع ـ ــاب ـ ــرٍ‬
‫أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدً ا ه ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــاك ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا رأوه ل ـ ـ ـمـ ـ ــامـ ـ ــا‬
‫ال تـ ـ ـسـ ـ ـتـ ـ ـج ـ ــر ب ـ ـ ــالـ ـ ـ ـض ـ ـ ــوء ق ـ ـ ـبـ ـ ــل ت ـ ـمـ ــامـ ــه‬
‫ف ـ ـ ــالـ ـ ـ ـض ـ ـ ــوء يـ ـ ـ ـح ـ ـ ــرق إن وقـ ـ ـ ـف ـ ـ ــت ق ـ ـيـ ــامـ ــا‬
‫س ـ ـ ـ ــر ف ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـك ـ ـ ــون كـ ـ ـ ـ ـ ــأن أول ل ـ ـي ـ ـلـ ــةٍ‬
‫مـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــاد قـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ٍـب ل ـ ـ ـل ـ ـ ـح ـ ـ ـق ـ ـ ـي ـ ـ ـقـ ـ ــة ق ـ ـ ــام ـ ـ ــا‬
‫م ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ــراج روح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك ال يـ ـ ـ ـض ـ ـ ــل ط ـ ــريـ ـ ـق ـ ــه‬
‫ونـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــار وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدك م ـ ـ ـ ـ ــا أطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق مـ ـ ــامـ ـ ــا‬
‫ه ـ ـ ـ ــو ف ـ ـ ـ ــي ت ـ ـ ـسـ ـ ــاب ـ ـ ـيـ ـ ــح الـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــدى مـ ـ ـت ـ ــوش ـ ـ ٌـح‬
‫بـ ـ ــال ـ ـ ـحـ ـ ــب هـ ـ ـ ــل يـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدري ل ـ ـ ـمـ ـ ــا وعـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ــا؟!‬
‫أم راح يـ ـ ـصـ ـ ـن ـ ــع م ـ ـ ـ ــن رحـ ـ ـ ـي ـ ـ ــق ج ـ ـمـ ــالـ ــه‬
‫ع ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ــرً ا وي ـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ــري بـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــذا أك ـ ـ ـمـ ـ ــامـ ـ ــا‬
‫ـات وسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ــت مـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ٍـم‬ ‫ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ٌر وآيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫ـدى يـ ـ ـ ـ ــاحـ ـ ـ ـ ــق طـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـف ـ ـ ــه أعـ ـ ـ ـ ــوامـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ً‬
‫تـ ـ ـحـ ـ ـك ـ ــي ال ـ ـط ـ ـب ـ ـي ـ ـعـ ــة ك ـ ـ ـ ـ ــان ش ـ ـ ـهـ ـ ــد ب ـ ـيـ ــانـ ــه‬
‫سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ل ـ ـ ـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــده ألن ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ــا‬
‫تـ ـمـ ـش ــي الـ ـسـ ـكـ ـيـ ـن ــة فـ ـ ــي ابـ ـتـ ـس ــامـ ـت ــه ال ـت ــي‬
‫تـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروي ال ـ ـ ـق ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ــوب وت ـ ـ ـص ـ ـ ـنـ ـ ــع اإلل ـ ـ ـهـ ـ ــامـ ـ ــا‬
‫أخ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ال ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــاب وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال م ـ ـ ـ ـ ـ ــلء يـ ـقـ ـيـ ـن ــه‬
‫م ـ ـ ـ ــن ذاق أدرك وال ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــدى ي ـ ـت ـ ـعـ ــامـ ــى‬
‫ن ـ ـ ـصـ ـ ــب ال ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ــؤاد ع ـ ـ ـلـ ـ ــى ب ـ ـ ـقـ ـ ــايـ ـ ــا ج ـ ـ ـمـ ـ ــرةٍ‬
‫حـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــى ت ـ ـ ـ ـ ــدف ـ ـ ـ ـ ــق ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا وحـ ـ ـ ـم ـ ـ ــام ـ ـ ــا‬
‫ومـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ــى ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــردد فـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــاب ك ـ ــأن ـ ــه‬
‫ش ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ٌـخ يـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـب ـ ـ ــح وال ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ــوب يـ ـ ـت ـ ــام ـ ــى‬
‫ألـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ــى عـ ـ ـلـ ـ ـيـ ـ ـه ـ ــا بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرد ًة وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى إل ـ ـ ــى‬
‫مـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ــراج ـ ـ ـ ــه ال ـ ـ ـ ـ ـ ــروح ـ ـ ـ ـ ـ ــي ل ـ ـ ـي ـ ـ ـلـ ـ ــة صـ ـ ــامـ ـ ــا‬
‫م ـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ــان يـ ـ ـعـ ـ ـث ـ ــر ف ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـي ـ ـ ــال وإن ـ ـ ـمـ ـ ــا‬
‫ق ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــل الـ ـ ـ ـ ـظـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــون وطـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــر األوه ـ ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫م ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــردً ا م ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ــا سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواه‪ ..‬وروح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫زيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـت ومـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ــاة الـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ــاة ُن ـ ـ ـ ــدام ـ ـ ـ ــى‬
‫مـ ـ ـ ــا زال ي ـ ـ ـسـ ـ ــرج فـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـغ ـ ـ ـيـ ـ ــاب دم ـ ــوع ـ ــه‬
‫حـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأ قـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــه وأقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫َص ـ ـ ـ ـ َّلـ ـ ـ ــى ه ـ ـ ـنـ ـ ــاك عَ ـ ـ ـلـ ـ ــى ي ـ ـق ـ ـيـ ــن مُ ـ ـ ــحَ ـ ـ ــمَّ ـ ـ ـ ٍـد‬
‫وأفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاض مـ ـ ـ ــن خ ـ ـ ـلـ ـ ــف الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـق ـ ـ ــام سـ ــامـ ــا‬
‫وم ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ــى ي ـ ـ ـب ـ ـ ـشـ ـ ــر ب ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ــوع وخـ ـ ـلـ ـ ـف ـ ــه‬
‫أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمٌ ت ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــوم وت ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ــظ اإلسـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ول ـ ـ ـط ـ ـ ـي ـ ـ ـبـ ـ ــةٍ ف ـ ـ ـ ــي م ـ ـق ـ ـل ـ ـت ـ ـيـ ــه م ـ ـ ـنـ ـ ــافـ ـ ــذ الـ ـ ـ ـ‬
‫ذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى الـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــي مـ ـ ـ ـ ــن روح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ت ـ ـت ـ ـنـ ــامـ ــى‬
‫ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ــارع الـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ــوم الـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ــاة ك ـ ــأنـ ـ ـه ـ ــا‬
‫زيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـف تـ ـ ـ ـ ـ ــراكـ ـ ـ ـ ـ ــم وان ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــى أرقـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ــا‬
‫يـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــدي يُ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــدى إل ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــك سـ ــام ـ ـنـ ــا‬
‫َوج ـ ـ ـ ــروحـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــا رغـ ـ ـ ـ ـ ــم األس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ت ـ ـت ـ ـحـ ــامـ ــى‬
‫* شاعر سعودي‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫نصوص‬ ‫العدد ‪74‬‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪96‬‬
‫موطن اإلعجاز‬
‫ُ‬
‫‪ρ‬مالك اخلالدي*‬
‫ت ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــادى أيـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــدُ ال ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ــرامُ‬
‫ـك الـ ـ ـ ـ ــزِ مـ ـ ـ ـ ــامُ‬
‫وح ـ ـ ـ ـ ـ ّلـ ـ ـ ـ ــقْ ع ـ ـ ــال ـ ـ ــيً ـ ـ ــا َف ـ ـ ـ ـ ـ َلـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ت ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــادى أي ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــدُ الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـف ـ ـ ــدّ ى‬
‫ن ـ ـ ـعـ ـ ــم أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ الـ ـ ــمُ ـ ـ ـه ـ ـ ـي ـ ـ ـمـ ـ ــنُ واألمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامُ‬
‫أض ـ ـ ـ ـ ــئ ل ـ ـ ـل ـ ـ ـقـ ـ ــادم ـ ـ ـيـ ـ ــنَ الـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــو َم ُحـ ـ ـل ـ ــمً ـ ــا‬
‫ف ـ ـ ــأن ـ ـ ــتَ ال ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـل ـ ـ ــمُ والـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـش ـ ـ ــاقُ ه ـ ــام ـ ــوا‬
‫ـوك مُ ـ ـ ـل ـ ـ ـب ـ ـ ـي ـ ـ ـيـ ـ ــنَ نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا َء عـ ـ ـش ـ ـ ٍـق‬
‫أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫وم ـ ـ ـ ـ ـ ــن عَ ـ ـ ـ ـ ـ ِـش ـ ـ ـ ـ ــقَ الـ ـ ـ ـ ــثُ ـ ـ ـ ـ ــر ّيـ ـ ـ ـ ــا ال يُ ـ ـ ـ ـ ـ ــامُ‬
‫وأرض ـ ـ ـ ــا‬
‫ن ـ ـس ـ ـجـ ــتَ ل ـ ـنـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ــرؤى ش ـ ـمـ ـ ًـسـ ــا ً‬
‫وأغـ ـ ـ ـ ـ ــدقـ ـ ـ ـ ـ ــتَ ال ـ ـ ـ ـ ــرُ ب ـ ـ ـ ـ ــا وَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـجـ ـ ـ ـ ـ ــا ي ـ ـ ـ ــرام‬
‫ـان فـ ـ ـك ـ ــرً ا‬
‫صـ ـ ـنـ ـ ـع ـ ــتَ لـ ـ ـن ـ ــا مـ ـ ـ ــن اإلن ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫وروحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ــيً ـ ـ ـ ــا ال لـ ـ ـ ـ ــن يُ ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ــامُ‬
‫ً‬
‫ـض عـ ـ ـ ٍّز‬‫ـدت ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدروبَ بـ ـ ـفـ ـ ـي ـ ـ ِ‬
‫وعَ ـ ـ ـ ـ ْـسـ ـ ـ ــجَ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫س ـ ـ ـهـ ـ ــرتَ ع ـ ـل ــى ال ـ ـ ــدي ـ ـ ــارِ وق ـ ـ ـلـ ـ ــتَ ‪ :‬ن ــام ــوا‬
‫ـاك ُحـ ـسـ ـ ًن ــا‬ ‫ـال ك ـ ـ ـفـ ـ ـ َ‬ ‫أيـ ـ ـ ــا وطـ ـ ـ ـ ــنَ ال ـ ـ ـج ـ ـ ـمـ ـ ـ ِ‬
‫سـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـب ـ ـ ــتَ قـ ـ ـ ـل ـ ـ ــوبـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا‪ ،‬حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َر ال ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ــامُ‬
‫فـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــذا مـ ـ ـ ـ ــوطـ ـ ـ ـ ــنُ اإلع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــازِ ح ـ ــقً ـ ــا‬
‫وق ـ ـ ـ ــائ ـ ـ ـ ــدُ ه ـ ـ ـ ــمُ ع ـ ـ ـظ ـ ـ ـيـ ـ ــمُ وه ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ِعـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــامُ‬
‫* شاعرة سعودية‪.‬‬

‫‪97‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نصوص‬
‫بُحَيْرَةُ البَجَع‬
‫‪ρ‬لينا فيصل املفلح*‬
‫وَافْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـ ـ ـرَقْ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ــا َو َل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولَ َودَاعَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫َض ـ ـ ــاعَ ـ ـ ــا‬
‫غَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َد َر ال ـ ـ ـ ُـح ـ ـ ـ ُّـب عـ ـ ــن كِ ـ ـ َل ـ ـ ْي ـ ـنـ ــا و َ‬
‫ال َتـ ـ ـ ـ ُل ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ــي إذا ا ْنـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـ ـ َه ـ ـ ـ ـ ْـج ـ ـ ـ ـ ُـت طَ ـ ـ ــريـ ـ ــقً ـ ـ ــا‬
‫ـرب وا ْن ـ ـت ـ ـه ـ ـيـ ـ ُـت ا ْنـ ـ ِـدفـ ــاعـ ــا‬
‫خَ ـ ـ ـ ـ ـ ــارِ َج ال ـ ـ ـ ّـس ـ ـ ـ ِ‬
‫َب ـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد ح ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ٍـن سَ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ْل ـ ـ ـ َت ـ ـ ـق ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــي َو َتـ ـ ـ ـ ْنـ ـ ـ ـس ـ ـ ــى‬
‫شَ ـ ـ ــكْ ـ ـ ــلَ و َْج ـ ـ ـهـ ـ ــي وق ـ ـ ـ ــدْ َل ـ ــبِ ـ ـ ْـس ـ ـ ُـت قِ ـ ـن ــاعَ ــا‬
‫ـس عَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ ًل وبـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ َنـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا عَ ـ ـ ـ ـ ـ ــهْ ـ ـ ـ ـ ـ ــدُ ُحـ ـ ـ ـ ـ ٍّـب‬
‫لـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ َ‬
‫و َْحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد ُه الـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ُّـب َي ـ ـ ـس ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ِـحـ ـ ـ ُّـق دِ ف ـ ـ ــاعَ ـ ـ ــا‬
‫وال ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا َوغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابَ ع ـ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ـ ــا ُح ـ ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـ ــو ٌر‬
‫ك ـ ـ ــانَ فـ ــي األم ـ ـ ـ ـ ِـس كـ ــالـ ـ ّـس ـ ـمـ ــاءِ ارْتِ ـ ـفـ ــاعـ ــا‬
‫ـف يُ ـ ـ ـمـ ـ ـس ـ ــي حَ ـ ـبـ ـيـ ـ ًب ــا‬
‫ـك الـ ـ ـ ـ َبـ ـ ـ ـح ـ ـ ــرُ ‪ ،‬ك ـ ـ ـيـ ـ ـ َ‬
‫ِم ـ ـ ـث ـ ـ ـلـ ـ ـ َ‬
‫ـوج كـ ـ ـ ــمْ أب ـ ـ ـ ـ ــا َح الـ ـ ـ ّـشـ ـ ــراعَ ـ ـ ــا؟‬
‫وإل ـ ـ ـ ــى الـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َذ ْنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـب ق ـ ـل ـ ـبـ ــي وكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ ف ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ِّـب َصـ ـ ـ ـ ْل ـ ـ ــدً ا‬
‫ـواك أمـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا مُ ـ ـطـ ــاعَ ـ ــا‬
‫ـف أمـ ـ ـس ـ ــى هـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫كـ ـ ـي ـ ـ َ‬
‫ُر ّب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا خَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرامُ ُظـ ـ ـ ـن ـ ـ ــون ـ ـ ــي‬
‫ـاض ـ ـ ـ ـ ْيـ ـ ـ ـ ُـت َكـ ـ ـ ـ ــي أزي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد اق ـ ــتِ ـ ـ ـن ـ ــاعَ ـ ــا‬
‫َو َت ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـك عُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذْ رًا‬
‫أس ـ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا اآلنَ ْ‬
‫حـ ـ ـي ـ ــنَ أبـ ـ ـن ـ ــي لِ ـ ـ ِـحـ ـ ـص ـ ـ ِـن روح ـ ـ ـ ــي قِ ـ ــاعَ ـ ــا‬
‫* شاعرة ‪ -‬سوريا‪.‬‬

‫نصوص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪98‬‬
‫ج ْوبَة)‬
‫اب (ال ُ‬
‫ح ِ‬‫في رِ َ‬
‫‪ρ‬هند النزاري‬
‫ـاشــقَ الــحَ ـر ِْف‬ ‫إلـى (الـ ُـجـ ْو َبــةِ ) الــغّ ــرَّ اءِ َيــا عَ ـ ِ‬
‫ـاضـ ــةِ الـ ـ َعـ ـر ِْف‬ ‫إلـ ـ ـ ــى رَوض ـ ـ ـ ـ ــةٍ لـ ـلـ ـ ِـفـ ـكــرِ َفـ ـ ّيـ ـ َ‬
‫ـف كُ ـ ـ ـ ــلِّ إجَ ـ ــا َب ـ ــةٍ‬ ‫ـؤال خَ ـ ـ ـ ْل ـ ـ َ‬ ‫سَ ـ ـت ـ ـ ْل ـ ـ َقــى ُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ً‬
‫لِ ــتُ ـ ْـطـلــقَ ه ـ ِـذي الـ ــرُّ و َح ِمــن مَ ـعـ ِـقـ ِـل الــرَّ ْسـ ِـف‬
‫األس ـ ـ ـف ــا ُر فـ ــي كُ ـ ــلِّ مَ ــوعـ ٍـد‬ ‫ـك ْ‬ ‫َفـ ـتـمـ ِـضــي ب ـ ـ َ‬
‫الطر ِْف‬ ‫الس ْحرِ في جَ ولَةِ َّ‬ ‫لتطوِ ي سَ ما َء ِّ‬ ‫ْ‬
‫ـاعــرٍ‬
‫ُوح شَ ـ ـ ِ‬ ‫َأس ِم ـ ـن ـ ـ ِـط ـيـ ٍـق إل ـ ــى ر ِ‬ ‫َف ـ ـ ِـم ـ ــنْ ر ِ‬
‫ـوصـ ِـف‬ ‫ـك بِ ـ ــالـ ـ ْ‬ ‫اف سَ ـ ــيُ ـ ـثــريـ َ‬ ‫إلـ ـ ـ ــى رَوعِ طَ ـ ـ ـ ــوَّ ٍ‬
‫لِ ـ ـ ـتـ ــكْ ـ ـ ِـسـ ـ َر تِ ـ ـ ـمـ ـ ـثـ ــالَ الـ ـ ـ ـ ّـسـ ـ ـ ــآمَ ـ ــةِ عَ ـ ـ ــابِ ـ ـ ــرً ا‬
‫عـ ـ ـلـ ـ ــى أذْرعٍ لـ ـلـ ـ ّريـ ـ ِـح مُ ـ ـ ـعـ ـ ـت ـ ــادَةِ ال ـ ـ ـ َع ـ ـز ِْف‬
‫ـك الـ ـ ـ َفـ ـ ــنَّ عُ ـ ــمْ ـ ــقً ـ ــا و َروْعَ ـ ـ ـ ـ ــةً‬ ‫ُت ـ ـ ــجَ ـ ـ ـرِّدُ فـ ـ ـيـ ـ ـ َ‬
‫َفـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــأدُ ب ـ ــةُ اإللـ ـ ـ ـ ـ ـ َهـ ـ ـ ــامِ طَ ـ ـ ــائِ ـ ـ ـ ّي ـ ــةُ الـ ـ ـ ـ َكـ ـ ـ ِّـف‬
‫ـك لـ ـلـ ـحـسـ ِـن بِ ـ ـ ـ ــذر ًة‬ ‫و ُت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــودِ عُ فـ ـ ـ ــي َك ـ ــفَّ ـ ـ ـ ْي ـ ـ َ‬
‫َـط ِـف‬ ‫ـوعـ ــدُ الـق ْ‬ ‫َيـحـيـنُ إذا طَ ـالـعْ ـ َتهَا مَ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـأمـ ـ ـ ًـا‬ ‫سَ ـ ـ ـتـ ـ ـلـ ـ ـ َقـ ــى إذا وَا َف ـ ـ ـي ـ ـ ـت ـ ـ ـ َه ـ ــا مُ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ِ‬
‫ُخـ ـ ـ ُـشـ ــو َع خَ ـ ـ ــريـ ـ ٍـف مَ ـ ـ ــلَّ َث ـ ــرثـ ـ ـ َر َة الـ ـ َّـصـ ـيـ ِـف‬
‫ـوف َيـ ـنـتــهِ ــي‬ ‫سَ ـ ـ ـت ــر َت ــاحُ لـ ـ ـلـ َّـشـ ِّـك ال ـ ـ ــذي سَ ـ ـ ـ َ‬
‫َاك عـ ـلـ ــى ُج ـ ـ ـ ـر ِْف‬ ‫َيـ ـقـ ـيـ ـ ًنــا وإن َك ـ ـ ــا َن ـ ـ ْـت ُرؤ َ‬
‫سَ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ــروَى إذا جَ ـ ــال ـ ـ ْـس ـ َت ـ َهــا فـ ـ ـ ــي ُس ـ ــوي ـعــةٍ‬
‫مَ ـ ـ ـ ـ ــدار َّيـ ـ ـ ــةِ الـ ـ ـ ــرؤيـ ـ ــا أثـ ـ ـيـ ـ ــر َّيـ ــةِ الـ ـ ـ ــرَّ ْشـ ـ ـ ِـف‬
‫ـاك أنـ ـ ـ ــى تـ ـسـ ــامـقـ ْـت‬ ‫َتـ ـ ـه ـ ــده ـ ــدُ هــا األفْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َكـ ـ ـ َغـ ـ ـيـ ـمـ ــةِ إ ْب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداعٍ َرب ـ ـ ـي ـ ــعِ ـ ـ َّي ـ ــةِ الـ ـ ـ ـ َو ْكـ ـ ـ ِـف‬
‫ـوحـ ـهــا‬ ‫جَ ـ ـ ـمـ ـيـ ــلٌ َتـ ـعـ ــالـ ـيـ ـهــا َرصـ ـ ـيـ ـ ـ ٌـن ُطـ ـمـ ـ ُ‬
‫ـرف َفـ ـلـ ـسـ ـ َفـ َة الـ ـ ـ َّنـ ـز ِْف‬ ‫ُتـ ـعـ ـ ِّلـ ــمُ رُو َح ال ـ ـ ــحَ ـ ـ ِ‬
‫ـك َن ـ ــفْ ـ ـ ًـســا خَ ـ ـلـ ـيـ َقــةً‬ ‫ـض فـ ـ ـ ــي َك ـ ــفَّ ـ ـيـ َ‬ ‫لـ ـيـ ـنـ ـبـ َ‬
‫ب ـ ــأن َتـ ـعـ ُبـ َر اآلف ـ ـ ــاقَ فـ ــي َلـ ـحــظَ ــةِ الـ َكـ ْـشـ ِـف‬
‫ـان جَ ـ ـ ـلـ ـ ـ ّيـ ــةً‬ ‫أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرَا َر ال ـ ـ ـب ـ ـ ـي ـ ـ ِ‬ ‫َفـ ـ ـتـ ـ ـ ْـشـ ـتـ ــا ُر ْ‬
‫و َتـ ـنـهــلُ مـ ــن َنـ ـبـ ِـع الـ ـ ـ ِّرضــا ف ــوق مــا َيــكْ ـفــي‬
‫ـف الـ ـ ـ َه ـ ــوى فـ ـ ــي رِ حَ ـ ــابِ ـهــا‬ ‫َف ـ ــأل ـ ـ ِـق مَ ـ ــجَ ـ ــاديـ َ‬
‫أش ـ ـ ـ ـ ــواقَ إ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ٍـف إلـ ـ ـ ــى إ ْلـ ـ ـ ـ ِـف‬ ‫وغَ ـ ـ ـ ـ ــنِّ لـ ـ ـهـ ــا ْ‬
‫* شاعرة سعودية‪.‬‬

‫‪99‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نصوص‬
‫ع ْثر َ ٌة على فوضى الغرام‬
‫َ‬
‫‪ρ‬محمد جابر بقار مدخلي*‬
‫أ ٍُّف لِ ـ ــعِ ـ ـ ْـش ـ ـ ٍـق َتـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــادَى وار َت ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ــى سَ ـ ـ َبـ ـ َب ــا‬
‫وَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـأَ الـ ـ ـن ـ ـ ْـش ـ ــو َة ال ـ ـع ـ ـم ـ ـيـ ــا َء واقْ ـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـ ـ َر َبـ ــا‬
‫األرض ِم ـ ـ ــنْ ف ـ ــوض ـ ــا ُه مُ ــتَّ ـ ِـش ـ ًـح ــا‪ ‬‬ ‫َ‬ ‫وَزلـ ـ ـ ـ ــزلَ‬
‫ثـ ـ ــو ًبـ ـ ــا مـ ـ ـق ـ ــاس ـ ــا ُت ـ ــهُ َقـ ـ ـ ـ ــدْ حَ ـ ــا َكـ ـ ـه ـ ــا َكـ ـ ـ ِـذ َبـ ـ ــا‬
‫أض ـ ـ ـنـ ـ ــى فُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤادً ا َل ـ ـ ـ ـ ــهُ ل ـ ـ ـيـ ـ ـ ًـا وف ـ ـ ـ ــي َي ـ ـ ـ ــدهِ‬
‫ـوت ط ـ ـيـ ـ ٍـن لِ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــنْ ف ـ ــي ق ـ ـلـ ــبِ ـ ــهِ َل ــعِ ـ ـ َب ــا‬ ‫تـ ـ ــابـ ـ ـ ُ‬
‫أع ـ ـيـ ــا ُه َت ـ ْـش ــكِ ـ ـيـ ـ ُل ــهُ ال ـخ ــاف ــي وَمَ ـ ـ ــا سَ ـ َن ــحَ ـ ْـت‬
‫ـوظ ل ـك ــي ي ـح ـظــى بِ ـ ُـجـ ـ ْن ـ ِـح‪  ‬هَ ـ َب ــا‬ ‫ل ـ ــهُ ُح ـ ـظـ ـ ٌ‬
‫سَ ـ َّـج ــى فُ ـ ـص ــولَ الـ ـه ــوى ِم ـ ــنْ ع ـي ـ ِـن عُ ـ ـ ْز َل ــتِ ــهِ‬
‫ف ـ ـ ـكـ ـ ــاشَ ـ ـ ـ َف ـ ـ ـ ْتـ ـ ــهُ ُظـ ـ ـ ـ ـ ُن ـ ـ ـ ــونٌ أ َّر َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت هُ ـ ـ ــدُ َب ـ ـ ــا‬
‫ـاف عَ ـ ـ ـ ـ ْثـ ـ ـ ـرَتِ ـ ـ ــهِ‬ ‫إس ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫وأرى ب ـ ــأنـ ـ ـح ـ ــائ ـ ــه ْ‬
‫ـأل يُ ـ ـ ـ ــكْ ـ ـ ـ ــثِ ـ ـ ـ ـ ـ َر ال ـ ـ ـ َع ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ َبـ ـ ــا‬ ‫فـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــادر ْت ـ ـ ـ ــهُ بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت بـ ـ ـقـ ـ ـبـ ـ ـل ـ ــتِ ـ ــهِ أوراقُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َفـ ـ ـ ـ َكـ ـ ـ ـ َب ـ ـ ـ ْـت‬
‫ـض ح ــتَّ ــى ظَ ـ ـ َّنـ ـه ــا ُس ـ ُـح ـ َب ــا‬ ‫غُ ـ ـ ُـصـ ــو ُنـ ــهُ الـ ـبـ ـي ـ ُ‬
‫ك ـ ـ ــأ َّن ـ ـ ــهُ الـ ـ ـ ـف ـ ـ ــيءُ ل ـ ـ ـ ــمَّ ـ ــا شَ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ُـسـ ـ ــهُ َبـ ـ ـ ـزَغَ ـ ـ ـ ٌـت‬
‫واف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُه ض ـ ـ ـيـ ـ ــمٌ ع ـ ـلـ ــى خَ ـ ـ ـي ـ ـ ـبـ ـ ــاتِ ـ ـ ــهِ غَ ـ ـ ـ ـ َر َب ـ ـ ــا‬
‫فـ ـق ــدْ رَمَ ـ ـ ـ ْتـ ـ ــهُ بِ ـ ــسَ ـ ــهْ ـ ـ ِـم الـ ـ ُـحـ ـ ِّـب فـ ــي عَ ـ ــجَ ـ ـ ٍـل‪ ‬‬
‫َلـ ـ ـ ــمْ ي ـس ـت ـط ــعْ بـ ـع ــده ــا إرجـ ـ ـ ـ ــا َع م ـ ــا ُس ـل ـ َب ــا‬
‫َلـ ـ ــمْ َتـ ـ ْـح ـ ـ َتـ ــرِ ْم خَ ــفْ ـ ـ َقـ ـ َة الـ ــذكـ ــرى لِ ــتُ ـ ْب ـ َه ـ َت ـ َه ــا‬
‫بِ ــشَ ــكِّ ـ ـ َه ــا ال ـم ـن ـح ـن ــي لِ ـ ـل ــمُ ـ ْـخ ــلِ ـ ِـصـ ـي ــنَ ُر َبـ ـ ــا‬
‫ـاب وابـ ـتـ ـلـ ـع ـ ْـت‬ ‫َتـ ـ ــجَ ـ ـ ــمَّ ـ ـ ـدَتْ عـ ـ ـن ـ ــد ُه األسـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ُ‬
‫َنـ ــفْ ـ ــيَ الـ ـجـ ـح ــودِ الـ ـ ــذي ف ــي ق ـل ـبــهِ ــا سَ ـ ـ َر َب ــا‬
‫ـاءات ِمـ ـ ـ ــنْ َيـ ـ ِـدهـ ــا‬ ‫وَرا َح ي ـس ـت ـن ـط ــقُ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫يُ ـ ـ ـ ْب ـ ــدي ُش ـ ـ ــعُ ـ ـ ــورًا و َي ـ ـ ْل ـ ـ َقـ ــى غـ ـ ـيـ ـ ـ َر ُه شَ ــطَ ـ ـ َب ــا‬
‫ـأروض م ــا ا ّدخ ـ ــرتْ‬ ‫ـات ِم ـ ـ ــنْ ُحـ ـ ِّب ــهِ ال ـ ـمـ ـ ِ‬ ‫ي ـق ـتـ ُ‬
‫ِعـ ـج ــافُ ــهُ الـ ـ ُّـسـ ــودُ َك ـي ــمَ ــا َي ــقْ ــطَ ـ ـ َع ال ـ ِـح ـ َق ـ َب ــا‬
‫ف ـ ـ ـمـ ـ ــا دن ـ ـ ـ ـ ــا ح ـ ـ ـ ــو َل ـ ـ ـ ــهُ سـ ـ ـ ـط ـ ـ ــرٌ يُ ـ ـ ـ ــؤانِ ـ ـ ـ ـ ُـسـ ـ ـ ــهُ‬
‫َّإل وس ـ ـ ـ ـ ـ ــحَّ ع ـ ـ ـلـ ـ ــى ُنـ ـ ـ ــكْ ـ ـ ـ ــرانِ ـ ـ ـ ـ َهـ ـ ـ ــا كُ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ َبـ ـ ــا‬
‫ـروف الـ ـ ـغ ـ ــدرِ إ ْذ ولـ ـج ـ ْـت‬ ‫مـ ــا رمَّ ـ ــمَ ـ ـ ـ ْت ـ ــهُ ُصـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـض ـ َبــا‬ ‫ـروق األس ـ ــى مُ ـ ــذْ َصـ ـ ـ ــادَقَ ال ـ َغـ َ‬ ‫إلـ ــى عُ ـ ـ ـ ِ‬
‫كـ ـ ـ ــأ َّنـ ـ ـ ــهُ الـ ـ ــمَ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـلـ ـ ــمُ األوف ـ ـ ـ ـ ـ ــى بِ ـ ـ ـ ِـسـ ـ ــدْ رتِ ـ ـ ـهـ ـ ــا‬
‫ـاظ مَ ـ ـ ـ ــنْ َص ـ ـ َل ـ ـ َبـ ــا‬ ‫َيـ ـ ــرنـ ـ ــو بـ ـهـ ـيـ ـك ــلِ ــهِ أ ْلـ ـ ـ ــحَ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ال تـ ـ ـحـ ـ ـق ـ ــرو ُه َفـ ـ ـ ـ َق ـ ـ ــدْ أودى ال ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ــرامُ بِ ـ ـ ــهِ‬
‫ذُ ًل ل ـ ـي ـ ـب ـ ـقـ ــى لـ ـ ـك ـ ــل الـ ـ ـع ـ ــاشـ ـ ـقـ ـ ـي ـ ـ ِـن أب ـ ــا‬
‫ * شاعر ‪ -‬سعودي‪.‬‬

‫نصوص‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪100‬‬
‫الشاعر محمد عابس‬
‫الرسمي لم يعد له حضوره‪ ،‬واإلذاعة والتلفزيون والمسرح‬
‫ُّ‬ ‫اإلعالمُ‬
‫والسينما جميعها تتراجع حاليً ا بسبب المنصات الحديثة‬

‫قصيدته هي ذاكرته التي تحفظ الكثير من مغامراته‬


‫مــع الـكـلـمــة‪ ،‬بـتـجــربــة غـنـيــة‪ ،‬مـيــزتــه ش ـعــر ًيــا وثـقــافـ ًيــا‬
‫وإعالميًا‪ ..‬الشاعر محمد عابس من مواليد مدينة‬
‫ال ــري ــاض ‪1968‬م‪ ،‬يـشـغــل اآلن مـنـصــب المستشار‬
‫الثقافي بــوزارة اإلعــام‪ .‬وبسؤالي عن كتابته لعدد‬
‫مــن الـسـيـنــاريــوهــات ألف ــام تلفزيونية ومـشــاركــاتــه‬
‫في المهرجانات الثقافية على المستوى المحلي‬
‫والخليجي‪ ،‬وكيف خلق التوأمة بين الشعر والفضاء‬
‫اإلعــامــي‪ ،‬ق ــال‪ »:‬بطبعي أحــب التجريب منذ المرحلة‬
‫الجامعية‪ ،‬ســواء فــي عالم الشعر ( الـعـمــودي) أو التفعيلة أو‬
‫قصيدة النثر‪ ،‬وانعكس ذلك على الفنون والمجاالت األخرى‪ ،‬فقد مارست العمل اإلعالمي‬
‫فــي الـصـحــافــة واإلذاعـ ــة والـتـلـفــزيــون إل ــى جــانــب األع ـمــال اإلداريـ ــة فــي م ـجــاالت اإلع ــام‬
‫والثقافة‪ ،‬كما دخلت عالم السيناريو عبر البرامج واألفالم الوثائقية واألوبريتات والدراما‪،‬‬
‫وكتبت كلمات العديد من األغاني واألوبريتات للكبار ولألطفال‪ ،‬والمقالة»‪.‬‬
‫هذه ديباجة بمثابة نافذة‪ ،‬ندخل منها عالم ضيف الحوار الشاعر محمد عابس‪..‬‬
‫■ حاوره‪ :‬عمر بوقاسم*‬
‫وال ـعــرب ـيــة ف ــي ع ــام ‪1993‬م‪ ،‬مجموعته‬ ‫محاوالت صادقة لوضع بصمة‪!..‬‬
‫الـشـعــريــة «الـجـمــر وم ـفــارش الـ ــروح»‪ ،‬ثم‬ ‫ ¦م ـح ـم ــد ع ـ ــاب ـ ــس‪ ،‬م ـ ــن األس ـ ـ ـمـ ـ ــاء ال ـت ــي‬
‫كتاب « فاكهة الـمــرأة وخبز الــرجــل» عام‬ ‫ل ـهــا م ـس ـيــرة ثـقــافـيــة ل ـهــا خصوصيتها‬
‫‪2008‬م‪ ،‬وفــي عــام ‪2009‬م أص ــدر الطبعة‬ ‫ومـمـيــزاتـهــا‪ ،‬إعــامـ ًيــا وثـقــافـ ًيــا وشـعــر ًيــا‪،‬‬
‫الـثــانـيــة لمجموعته «الـج ـمــر وم ـفــارش‬ ‫فقد أه ــدى الـســاحــة الشعرية المحلية‬

‫‪101‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫مواجهات‬
‫هناك فضاءات واسعة في دواويني لم يتناولها النقاد إلى اآلن‪...‬‬
‫أحب التجريب منذ المرحلة الجامعية سواء في عالم الشعر‬
‫البيتي ( العمودي) أو التفعيلة او قصيدة النثر‪!..‬‬
‫لدي بين فروع اإلعالم والثقافة‪ ،‬وبين الشعر‬
‫التنوّ ع الوظيفي ّ‬
‫وبعض أشكال الكتابة األخرى خلقت فضاءات أجمل‪ ،‬وتجارب‬
‫أعمق وعالقات أوسع‪!..‬‬

‫شعاري الدائم‪ ،‬فإن عجزت ألي سبب‪ ،‬كان‬ ‫ال ـ ـ ـ ــروح»‪ ،‬وعـ ــن دار ال ـك ـف ــاح ب ــال ــدم ــام أص ــدر‬
‫االنتقال إلى مجال وتجربة عملية أخرى هو‬ ‫مجموعته الشعرية «ثالثية اللذة والموت» عام‬
‫الحل األسلم الذي لم أتردد في اتخاذ قراره‬ ‫‪2010‬م؛ «أكثر من ذاكرة» هذا عنوان مجموعته‬
‫عدة مرات‪ ،‬ولم أندم على ذلك‪ ،‬ألن من لديه‬ ‫الشعرية الصادرة عام ‪2015‬م‪ ،‬ومؤخرً ا صدرت‬
‫أهدافه وطموحاته وأفكاره ورسالته السامية‬ ‫مجموعته «نصوص العزلة» ‪2021‬م‪.‬‬
‫لن يتوقف‪ ،‬بل يبحث عن طرق ونوافذ أخرى‬ ‫ ¦الشاعر واإلعالمي محمد عابس‪ ،‬مــاذا يقول‬
‫يوصل عبرها رسالته اإلبداعية أو الوظيفية‪.‬‬ ‫في اتجاه هذه السيرة الغنية بتنوع فضاءاتها؟‬
‫ه ــذا الــتــنــوع الــوظــيــفــي بــيــن فـــروع اإلع ــام‬ ‫ ‪ρ‬هي جوانب من حياتي وشخصيتي وتجاربي‪،‬‬
‫والثقافة‪ ،‬وبين الشعر وبعض أشكال الكتابة‬ ‫نجاحاتي وانــكــســاراتــي‪ ،‬مــزيــج مــن األف ــراح‬
‫األخـ ــرى خلقت ف ــض ــاءات أجــمــل وتــجــارب‬ ‫واألحــزان والدموع واالبتسامات‪ ،‬خلطة من‬
‫أعمق وعالقات أوسع‪ ،‬إلى جانب المسؤولية‬ ‫الطموحات والعثرات‪ ،‬دوافعها الحب والعطاء‬
‫أمــام ذاتــي واآلخ ــر‪ ،‬بسلبيات تلك التجارب‬ ‫والبحث عن مكامن الضوء في العتمات‪ ،‬صراع‬
‫وإيجابياتها‪.‬‬ ‫مع الزمن‪ ،‬ومواجهة أعــداء الحياة واإلنسان‬
‫بالكلمة والصوت والصورة والعمل والمواقف‪.‬‬
‫لذلك كان الهاجس الذي أفكر فيه بعد نهاية‬
‫كل عمل وظيفي أو إنتاج عمل إبداعي‪ ،‬أشبه‬ ‫مــحــاوالت صــادقــة لــوضــع بصمة ابــن رمــال‬
‫ما يكون بمحاكمة ذاتية عن مدى النجاح أو‬ ‫هذا الوطن‪ ،‬عبر األشكال التي كتبتها وفي‬
‫الفشل في ذلك العمل‪ ،‬لالستفادة من التجربة‬ ‫مقدمتها الشعر‪ ،‬أو عبر المهام الوظيفية التي‬
‫بعد األخرى‪.‬‬ ‫توليتها‪ ،‬وأزعم أنني غلفتها بالثقافة واألدب‪،‬‬
‫وحب العمل الجماعي‪ ،‬وعدم إقصاء أحد أو‬
‫اهتمامي ليس طارئً ا‪!..‬‬ ‫تهميشه‪ ،‬والتنوّع من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ورغــم العقبات العديدة وظيفيًا واجتماعيًا ¦قمت بإعداد وتقديم برنامج عن أدب الطفل‪،‬‬
‫وأي ـ ًـض ــا كـتــابــة أنــاشـيــد لــأطـفــال فــي اإلذاع ــة‬ ‫وإنسانيًا‪ ،‬إال إن الحب إلى مرحلة الشغف‪،‬‬
‫وال ـت ـل ـف ــزي ــون‪ ،‬إض ــاف ــة إلدارة ورش ـ ــة لـبــرامــج‬ ‫واالهــتــمــام والــتــركــيــز والــمــوضــوعــيــة كانت‬

‫مواجهات‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪102‬‬
‫من أي منصة ممكنة سواء الرسمي منها أو‬ ‫الطفل فــي إذاع ــة الــريــاض عــام ‪1431‬هـ ــ‪ ،‬هذا‬
‫الخاص‪ ،‬واآلن وسائل التواصل االجتماعي‬ ‫ما يدعوني أن أسألك‪ ،‬ما الذي يميز الطفل‬
‫المختلفة‪.‬‬ ‫ال ـس ـعــودي وال ـعــربــي عــن الـطـفــل فــي الـبـلــدان‬
‫وبطبعي‪ ،‬أحب التجريب منذ المرحلة الجامعية‬ ‫األخرى على المستوى التعليمي والتربوي؟‬
‫ســواء في عالم الشعر البيتي (العمودي) أو‬ ‫ ‪ρ‬الطفل ذكي بالفطرة‪ ،‬وعجينة قابلة للتشكل‪،‬‬
‫التفعيلة أو قصيدة النثر‪ ،‬وانعكس ذلك على‬ ‫وتحتاج إلى مهارة‪ ،‬ودراسة‪ ،‬وخبرة في التعامل‬
‫الفنون والمجاالت األخرى‪ ،‬فقد مارست العمل‬ ‫معها بالطرق واألشكال المناسبة‪ .‬الموهبة‬
‫اإلعالمي في الصحافة واإلذاعــة والتلفزيون‬ ‫موجودة‪ ،‬ولكنها تحتاج إلى الصقل والتثقيف‬
‫إلــى جــانــب األعــمــال اإلداريــــة فــي مجاالت‬ ‫منذ الصغر‪ ،‬ما يمارس في الرياضة عالميًا‬
‫اإلعالم والثقافة‪ ،‬كما دخلت عالم السيناريو‬ ‫ومعمول به في مجاالت‬
‫ً‬ ‫ينبغي أن يكون متوافرًا‬
‫عبر البرامج واألفــام الوثائقية واألوبريتات‬ ‫أدب الطفولة والناشئة وثقافتهما وفنونهما‬
‫والدراما‪ ،‬كما كتبت كلمات عدد من األغاني‬ ‫وإعالمهما‪ ،‬ما قمت به محاوالت‪ ،‬ولكن األمر‬
‫واألوبريتات للكبار ولألطفال‪ ،‬والمقالة‪.‬‬ ‫عمل مؤسسيٍّ في القطاعين العام‬ ‫يحتاج إلى ٍ‬
‫كل تلك المحطات المختلفة شكّلت التجربة‬ ‫والخاص‪.‬‬
‫العامة لي‪ .‬واإلعالم منصة مهمة لكل أشكال‬ ‫اهــتــمــامــي لــيــس ط ــار ًئ ــا‪ ،‬هــنــاك مــشــروعــات‬
‫اإلب ــداع في األدب والفنون والثقافة بشكل‬ ‫أعمال‬
‫ً‬ ‫مؤجلة وبعضها لم تكتمل؛ ألن لــديّ‬
‫واسع‪.‬‬ ‫ومشروعات أخرى في مقدمتها الشعر‪ ،‬ولكن‬
‫ويبقى الشعر بالنسبة لي سيد الحضور حتى‬ ‫دافـ ًعــا قويًا في داخلي يدعوني بين الفينة‬
‫لو خفتت األضواء حوله لصالح فنون أخرى‪.‬‬ ‫واألخرى للكتابة للطفل‪.‬‬

‫الشعر والشاعر ثنائية جذب وتكامل وعطاء‬ ‫منصات مختلفة للشعر واإلبداع‬
‫وتــواصــل ومــشــاركــة فــي الــفــنــون واألشــكــال‬ ‫والثقافة‪!..‬‬
‫اإلبداعية األخــرى‪ ،‬فتجد كثيرًا من الشعراء‬ ‫ ¦ك ـت ـبــت ال ـع ــدي ــد م ــن ال ـس ـي ـن ــاري ــوه ــات ألف ــام‬
‫منتجين أو مسهمين في السينما والــدرامــا‬ ‫تـلـفــزيــونـيــة وثــائ ـق ـيــة‪ ،‬وش ــارك ــت ف ــي ع ــدد من‬
‫والتشكيل والمسرح والفنون السردية من قصة‬ ‫ال ـم ـهــرجــانــات الـثـقــافـيــة مـحـلـ ًيــا وخـلـيـجـ ًيــا‪،‬‬
‫ورواية ومذكرات وسيرة ذاتية‪ ،‬وفي الصحافة‬ ‫‪ ..‬خـلــق هــذا الـتــآخــي أو الـتــوأمــة بـيــن الشعر‬
‫واإلعالم عمومًا‪ ،‬لذلك فإن نهر الشعر العظيم‬ ‫والفضاء اإلعــامــي‪ ،‬برغم االخـتــاف البيئي‬
‫مستمر في الجريان على م ّر العصور‪ ،‬حتى لو‬ ‫بينهم‪ ،‬حتمً ا خصوصية تجربتك وتفردها‬
‫لها سرها‪ ،‬محمد عابس مــاذا يقول في هذا‬
‫االتجاه؟‬
‫ ‪ρ‬أمـ ــام ه ــذه الــمــنــصــات المختلفة ك ــان من‬
‫الــضــروري توظيفها لصالح الشعر واإلبــداع‬
‫والثقافة والفنون والعمل اإلعالمي المرتبط‬
‫بها وبعوالمها المختلفة‪ ،‬والشعر تاريخيًا كان‬
‫أشبه بوزارة اإلعالم أو الثقافة‪ ،‬كما إن الشاعر‬
‫قديمًا كان له رواة ينقلون قصائده لألسواق‬
‫والمجتمعات المحيطة‪ ،‬وهــذا ما لم يعد له‬
‫الشاعر محمد عابس‬
‫وجــود‪ ،‬فكان لزامًا على الشاعر أن يستفيد‬

‫‪103‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫مواجهات‬
‫ومع عــودة الحياة لطبيعتها تدريجيًا‪ ،‬يمكن‬ ‫ظهرت فنون أخرى أو برز شكل أو أكثر منها‬
‫مــواصــلــة االســتــفــادة منها‪ ،‬ولــكــن ال بــد من‬ ‫لظروف معينة‪.‬‬
‫الفعاليات المباشرة التي يحدث فيها االلتقاء‬
‫بين المشاركين والضيوف‪ ،‬إلــى جانب بثها‬ ‫الثقافة أخذت مكانها الطبيعي‪!..‬‬
‫المباشر عبر تلك المنصات‪.‬‬ ‫ ¦وزارة الثقافة ببرامجها التطويرية تستوعب‬
‫الكثير من األنشطة والفعاليات الثقافية التي‬
‫أوقات مناسبة للتجلي‪!..‬‬ ‫لها دور مهم فــي تشكيل هــويــة الــوطــن‪ ،‬وأنــت‬
‫كمبدع ومثقف‪ ،‬كيف تقرأ المشهد الثقافي ¦بـعــض الـمـبــدعـيــن ‪ -‬بـصـفــة عــامــة‪ -‬يلتزمون‬
‫بطقس معين أثـنــاء الكتابة‪ ،‬الشاعر محمد‬ ‫ال ـع ــام الـ ــذي يـمـنـحـنــا ف ـض ــاء ل ــه خـصــوصـيــة‬
‫عابس‪ ،‬كيف ومتى يكتب؟‬ ‫وأصالة؟‬
‫ ‪ρ‬ال شك أن الثقافة أخــذت مكانها الطبيعي ‪ρ‬ليس هناك طقس معين‪ ،‬هناك دارسون أشاروا‬
‫إلى ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬بالكلية‬ ‫مــن اهتمام الــدولــة‪ ،‬بإنشاء وزارة مستقلة‬
‫أو جزئيًا‪ ،‬اعتمادًا على التحليل النفسي تارة‬ ‫يتبعها إحدى عشرة هيئة تعنى بمختلف فروع‬
‫أو غيره من المدارس العلمية األخرى‪.‬‬ ‫الثقافة‪ ،‬وعــدد من الجمعيات المتخصصة‪،‬‬
‫وللحق‪ ،‬حينما تجبرك الحالة على الكتابة أيًا‬ ‫مثل‪ :‬جمعية األدب‪ ،‬وجمعية الفلسفة‪ ،‬وجمعية‬
‫كان نوعها فإنك ستكتب في أي زمان أو مكان‪.‬‬ ‫السينما وجمعية المسرح والفنون األدائية‪،‬‬
‫وجمعية المكتبات‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫ومن جماليات التقنية الحديثة أنك تستطيع‬
‫أن تكتب أو تسجل أي نص أو معلومة أو فكرة‬ ‫االستفادة من منصات التواصل‪..‬‬
‫أو أي مشروع كتابي آخر دون عناء‪.‬‬ ‫ ¦في ذروة جائحة كورونا‪ ،‬ما تقييمك لتجربة‬
‫إقامة الفعاليات عبر المنصات االفتراضية ¦شـغـلــت مـنـصــب مــديــر ع ــام لــأنــديــة األدب ـيــة‬
‫وم ــدي ــر ع ــام ل ــإع ــام ال ـث ـقــافــي‪ ،‬م ــا تقييمك‬ ‫في األندية األدبية؟‬
‫للدور الــذي تلعبه األنــديــة األدبـيــة بالمملكة‬ ‫ ‪ρ‬ليست األندية األدبية فقط من استفاد من‬
‫ثقافيًا وأدبيًا‪ ،‬في بدايتها وحتى اآلن؟‬ ‫منصات الــتــواصــل عــن بــعــد‪ ،‬بــل الجامعات‬
‫والمؤسسات األخرى العامة والخاصة‪ ،‬ومن ‪ρ‬أعتقد أنها قامت بأدوار كبيرة ومتميزة منذ‬
‫منتصف السبعينيات الــمــيــاديــة‪ ،‬وال ينكر‬ ‫مزاياه توفير النفقات‪..‬‬

‫مواجهات‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪104‬‬
‫أدواره ــا عاقل‪ ،‬ومــع التغيرات الجديدة من ‪ρ‬صحيح هناك قراءات نقدية لعدد من النقاد‬
‫والباحثين والدارسين والمبدعين نشرت في‬ ‫المهم مراجعة وتعديل أوضاعها بما يتناسب‬
‫الصحف والمجالت‪ ،‬جمع بعضها األستاذ‬ ‫مع التوجهات الثقافية الجديدة تحت مظلة‬
‫حمد الرشيدي في كتاب له صــدر عن دار‬ ‫نظام الجمعيات األهلية‪.‬‬
‫النابغة في مصر‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬نحن بحاجة إلى تعدد المؤسسات التي‬
‫تعنى بالشأن الثقافي بمفهومه الواسع وتنوعها‪،‬‬
‫وللحق‪ ،‬النقد له مشاريعه التي لم تعد تعتمد‬ ‫فهي ال تقل أهمية عن تأسيس مدرسة أو‬
‫عــلــى الــشــكــل التطبيقي مــن الــنــقــد‪ ،‬بــل له‬ ‫معهد أو مــركــز صــحــي‪ .‬قتلبية احتياجات‬
‫اهتماماته ومشروعاته المختلفة‪ ،‬وكثير من‬ ‫المجتمع أدبيًا وثقافيًا وفنيًا وجماليًا مطلب‬
‫النقاد هرولوا حول الكتابة النقدية عن السرد‬ ‫وحاجة ضرورية لتنمية المجتمع‪.‬‬
‫عمومًا والرواية في مقدمتها‪.‬‬ ‫شرطا‬
‫ ¦التعامل مع الشبكة العنكبوتية أصبح ً‬
‫كما ان كثيرًا من األعمال النقدية مصدرها‬ ‫أساسا سواءً للصحافة أو كمبدع‪ ،‬ما المواقع‬ ‫ً‬
‫الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه أو‬ ‫التي تحرص على زيارتها بشكل دائم‪ ،‬وتنصح‬
‫بها؟‬
‫الوحدات البحثية للترقيات‪.‬‬
‫ ‪ρ‬عملية البحث تحتاج إلى محفزات‪ ،‬كما تحتاج‬
‫وبنظرة على الواقع ليس لدينا في الغالب نقاد‬ ‫إلــى وع ــي‪ ،‬وفــهــم آللــيــات البحث وكيفياتها‬
‫مستقلون ومتابعون لإلنتاج اإلبداعي الواسع‬ ‫بالطرق السليمة والناجحة‪ ،‬وهي هدف ينبغي‬
‫في بالدنا في وسائل اإلعالم المختلفة‪.‬‬ ‫زرعه لدى النشء منذ سنوات الدراسة األولى‪،‬‬
‫كما أصبحنا نفتقد للصحفي المثقف والناقد‬ ‫ولعل اتساع دوائر الرقمنة الكبير في بالدنا‬
‫يحفز ذلك ويدعمه‪.‬‬
‫الذي يستعرض اإلصــدارات الجديدة‪ ،‬ويتابع‬
‫الساحة وما يستجد ويدور فيها عبر المنصات‬ ‫ومن المهم اإلشــارة إلى أن اإلعــام الرسمي‬
‫المتاحة الخ‪..‬‬ ‫بأشكاله المختلفة لم يعد له حضوره السابق‪،‬‬
‫فالمنصات الحديثة جعلت من كل فرد متمكن‬
‫ولــاقــتــراب مــن ســؤالــك أكــثــر‪ ،‬أق ــول‪ :‬هناك‬ ‫صاحب قناة‪ ،‬أو وزارة إعالم متنقلة‪ ،‬بما وفرته‬
‫فضاءات واسعة في دواويني لم يتناولها النقاد‬ ‫التقنية الحديثة بمنصاتها وأجهزتها الذكية‬
‫أو الدارسون إلى اآلن‪.‬‬ ‫وتطبيقاتها المختلفة‪.‬‬
‫االتــجــاهــات الحديثة تنازلت عــن الصحافة‬
‫الورقية واإلذاعات والتلفزيونات الرسمية‪ ،‬حتى‬
‫المسرح والسينما ستتراجع‪ .‬هذه االتجاهات‬
‫بحثت عن هوياتها الجديدة وحققت نجاحات‬
‫متواصلة والقادم أسرع وأكبر‪.‬‬
‫النقد‪ ..‬ومشروعاته المختلفة‪!..‬‬
‫ ¦ه ـنــاك قـ ــراءات نـقــديــة سـعــت ل ـق ــراءة قصائد‬
‫ال ـش ــاع ــر م ـح ـمــد ع ــاب ــس‪ ،‬ه ــل وصـ ــل ال ـنــاقــد‬
‫الشاعر محمد عابس‬
‫لقصيدتك؟‬

‫‪105‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫مواجهات‬
‫الشاعرة نويّر مطلق العتيبي‪:‬‬
‫ليس ثمة تعريف آخر سوى أني خليلة القراءة‪..‬‬
‫ونجاة الكاتب والشاعر مرهونة بالوعي‬

‫شاعرة سعودية‪ ،‬برزت منذ سنوات من خالل نشاطها الثقافي وقصائدها التي تنشرها‪،‬‬
‫وأمسياتها الشعرية التي تقيمها وتشارك فيها‪ ..‬بداياتها كانت مقتصرة على مَن حولها‪،‬‬
‫ثم انتقلت لفضاء النت والنشر والمنتديات‪ ،‬وبعدها نشر الكتب‪ ،‬وكل ذلك كان رصيدً ا عزز‬
‫تجربتها‪ ..‬تقول إن الكتابة هي فضاؤها‪ ،‬وأنها قد تشكلت بعد التهام كتب عديدة‪ ،‬إذ وجدت‬
‫أنها تملك قلمً ا يرسم عالمً ا موازيًا لما تعيشه فتمادت فيه‪ .‬أصدرت العديد من الدواوين‬
‫الشعرية‪ ،‬منها‪« :‬أغنيك وجعا»‪ ،‬و«هيأتها للموت»‪ ،‬و«منتصف الغواية»‪ ،‬و«األصوات تأتي من‬
‫األعلى»‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ترى أن الشاعر متورط في بوحه‪ ،‬ومتورط في عالم يالحقه بظنونه‪ ،‬فالكلمة العزيزة‬
‫محلها البوح الحذر!‬
‫■ حاورها‪ :‬احملرر الثقايف*‬
‫فصرت أنسكب فيه معنى وكتابة» ألني‬ ‫ ¦ب ــداي ــة‪ ..‬نــو ّيــر الـعـتـيـبــي‪ ،‬حــدثـيـنــا عن‬
‫حقيقة حين أكتب معناي‪ ،‬ال أفكر على‬ ‫سيرتك‪ ،‬وبطاقتك الشخصية؟‬
‫أي جنس أدبيٍّ سيكون هذا النص‪.‬‬
‫ ‪ρ‬نويّر بنت مطلق العتيبي‪ ،‬من مواليد‬
‫وأمل‪،‬‬
‫مدينة الرياض‪ ..‬ليس ثمة تعريف آخر ¦أنت شاعرة تنضح قصائدها رقة ً‬
‫كيف جمعت هذا؟ في ذات الوقت نجد‬ ‫سوى أني خليلة القراءة‪..‬‬
‫أن ق ـص ــائ ــدك مـفـعـمــة ب ــاألس ــى على‬
‫واقعنا العربي‪ ،‬كيف لشاعرة رقيقة أن‬ ‫ ¦ك ـي ــف اهـ ـت ــدي ـ ِـت الـ ــى ط ــري ــق ال ـش ـعــر‪،‬‬
‫تحمل كل هذا الهمّ بين حناياها؟‬ ‫ولماذا كانت قصيدة النثر خيارك؟‬
‫ ‪ρ‬الفضاء األدبــي يختارنا إليه‪ ،‬وكتبت ‪ρ‬ثمة حياة تصر أن تأخذنا لدروبها‬
‫ولمضامينها‪ ،‬فمن الطبيعي كوني فردًا‬ ‫دون اخــتــيــار لــقــالــب م ــا‪ ،‬وتشكلت‬
‫عربيًا أن يسكنني ذاك الهمُّ‪ ،‬ه ُّم الهوية‬ ‫النصوص وفــق قصائد النثر‪ ،‬ذاك‬
‫واألرض وال ــع ــروب ــة‪ ..‬فــفــي خريطة‬ ‫الــنــوع ال ــذي يرجمونه بالنقد دو ًمــا‬

‫مواجهات‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪106‬‬
‫عربية منقوعة باألسى‪ ،‬تناضل لحلمها كلما‬
‫م ّر زمن ووهن صوتها‪ .‬كان لزامًا علينا أن‬
‫نعيد حضورها في مشهد ثقافي عريض‪،‬‬
‫ونذكّر في كل مــرة أن ال وطــن لعربي إال‬
‫وطنه‪ ،‬ولو استعار من األوطان ما استعار‪..‬‬
‫ ¦فـ ــي (أغـ ـنـ ـي ــك وج ـ ـعـ ــا) تـ ـق ــولـ ـي ــن‪ :‬ج ـئ ـتـ ِـك‬
‫مـسـتـنـصــرً ا‪ /‬وم ــا مـعــي إال غـمــد منكسر‪/‬‬
‫وأغـنـيــة وفــرحــة عتيقة دسستها عــن بؤس‬
‫الحياة)‪ .‬مم هذا الوجع وإلى أين؟‬
‫ ‪ρ‬الــوجــع رديــف الــحــيــاة‪ ،‬والــوجــع اإلنساني‬
‫هو ما يعتريني كلما يممت نحو جهة ما‬
‫وفكرة ما‪ ،‬وأظن اإلنسان يتقاسمه مع أخيه‬
‫اإلنسان ذاك الوجع الهاجس‪ ،‬الذي يجعلهم‬
‫ينؤون عن األلم وسلب الحياة التي يفعلها‬
‫الكثير بحجة عيش!‬
‫ ¦حــدثـيـنــا ع ــن دواويـ ـن ــك مـنـتـصــف ال ـغــوايــة‬
‫‪٢٠١٢‬م ‪ -‬األصوات تأتي من أعلى ‪ -‬وهيأتها‬
‫ ¦شــاركــت فــي أمـسـيــات عــديــدة قـبــل جائحة‬ ‫للموت؟ وماذا في خواطر وردية؟‬
‫ك ـ ــورون ـ ــا‪ ،‬ول ـك ـن ـه ــا ت ـح ــول ــت إل ـ ــى أم ـس ـي ــات‬ ‫ ‪ρ‬منذ المؤَلف األول كنت أجس طرق الخطى‬
‫ع ـبــر اإلنـ ـت ــرن ــت‪ ،‬ك ـيــف وج ـ ــدت الـ ـف ــرق في‬ ‫تجرأت ودفعت بما ضممت في دفتري إلى‬
‫التجربتين؟‬ ‫النشر‪ ،‬وهنا ولجت عالمًا لم يكن فيه صوتي‬
‫غالب‪ ،‬فأعدت النشر ‪ρ‬الفضاء اإللــكــتــرونــي كــريـ ٌم منذ عرفناه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫واضحً ا مع ضجيج‬
‫فال حدود وال جغرافية تحكمنا‪ ،‬وال هوية‬ ‫مــرات ألستبين صوتي وأسمعه في عالم‬
‫غير مكتبتي‪ ..‬وما أزال أفعل‪ ،‬لكن النشر لم‬
‫سوى ما نرغبه نحن‪ ..‬فحين تدرجنا في‬
‫يعد في شكل كتاب‪ ،‬إنما مشاركات منبرية‬
‫هذا الفضاء جاءت هذه األمسيات لتهزم‬
‫وكتابية في صحف ومجالت تتعدى حدودي‬
‫قوقعة فرضت على العالم‪ ،‬فتورطنا في‬ ‫لجغرافية أخرى‪..‬‬
‫العزلة اإلجبارية لنعيد مواثيقنا األدبية‬
‫ ¦ما الذي شدّ ِك الى القصيدة‪ ،‬وأنت طالبة‬
‫عبر أماسي‪ ،‬عرفت فيها جمع من المغرب‪،‬‬
‫علم االجتماع؟‬
‫وتــونــس‪ ،‬ومصر‪ ،‬ولبنان‪ ،‬وخليج يشبهني‬
‫وعالم أحــبــه‪ ..‬فهي فرصة للقضاء على‬ ‫ ‪ρ‬الكتابة فضائي‪ ،‬وقــد تشكلت بعد التهام‬
‫الشكل الــواحــد لألمسيات‪ ،‬والمجموعة‬ ‫كتب عــديــدة وجدتني أمــلــك قلمًا يرسم‬
‫عالمًا موازيًا لما أعيشه فتماديت فيه‪..‬‬
‫الواحدة للمثقفين‪..‬‬
‫وكنت قبل أن أكــون طالبة اجتماع طالبة‬
‫أدب ولغة‪ ،‬فاألدب حيّز‪ ،‬من يدخله قارئًا ¦عملت في التعليم الـعــام‪ ،‬وفــي الجامعة‪..‬‬
‫هل يتيح التعليم للمبدع وللشاعر مثلك‬ ‫سيمضي به نحو الكتابة على ما يبدو لي‪..‬‬

‫‪107‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫مواجهات‬
‫ ‪ρ‬الــمــوت تجربة سيمر بها الجميع‪ ،‬وهي‬ ‫نـقــل تـجــربـتــه وعـ ــدوى اإلبـ ــداع إل ــى طالبه‬
‫حاضرة في تفاصيل الحياة‪ ،‬مــوت حلم‪،‬‬ ‫صغارًا وكبارًا؟‬
‫موت أمل‪ ،‬موت ثقة‪ ،‬وموت صغير نكرره‬
‫ ‪ρ‬أن تكون معلمًا فذاك حم ٌل كبير‪ ،‬وأن تكون‬
‫في أيامنا‪ ..‬لكن دائـ ًمــا ما يأخذني ذلك‬
‫لنحو آخر‪ ،‬هل الحياة متاحة للجميع طالما‬ ‫أستاذًا فأنت تبالغ في مسؤوليتك ما لم‬
‫الموت حتميّ للجميع؟ أظن هذا اإلنسان‬ ‫تدرك أهميتها‪ .‬عملت وقتها على أن يكون‬
‫يتورط في حياته كثيرًا ما لم يــدرك أن‬ ‫الكتاب معينًا لــي فــي تعليمهم‪ ،‬فعقدت‬
‫تجربة الحياة خيارك المحدود‪..‬‬ ‫جلسات مفتوحة للقراءة‪ ،‬وملتقى اسبوعيًا‬
‫للكتاب‪ ،‬ومكتبة في بهو المكان‪ ،‬كنت كل‬
‫مرة أؤكد أن ال معلم أكفأ من الكتاب‪ ،‬إذا ¦الشاعرة نويّر بنت مطلق العتيبي‪ ،‬إحدى‬
‫طالبات الشاعرة الدكتورة فوزية أبو خالد‬ ‫عرفت كيف تخاطب الفكرة‪ ،‬وتستخدم‬
‫ال ـتــي اكـتـشـفــت مــوهـبـتـهــا ه ــي ومـجـمــوعــة‬ ‫عقلك بشجاعة‪ ،‬وأن تمحص كل ما يمر‬
‫ط ــال ـب ــات أخـ ــريـ ــات‪ ،‬وق ــدم ــت ل ـه ــن أمـسـيــة‬ ‫عليك؛ كي ترتقي لسلم التعلّم دون وصاية‬
‫ش ـعــريــة عـ ــام ‪ 2003‬م‪ ،‬ك ـيــف ت ــري ــن تــأثـيــر‬
‫آخرين‪..‬‬
‫الــدك ـتــورة فــوزيــة عليك وعـلــى جيلك وقــد‬
‫أصـبـحــت نــو ّيــر شــاعــرة مــرمــوقــة فــي سماء‬ ‫أما تجربة الكتابة فلم أجرؤ على تمريرها‬
‫الشعر والثقافة العربية؟‬ ‫كوني في تجربة حديثة أتعلم منها وأمارس‬
‫تجريبها‪..‬‬
‫ ‪«ρ‬شاعرة مرموقة في سماء الشعر والثقافة‬
‫العربية» أجدها مبالغة لطيفة منك‪ ..‬لكني‬ ‫ ¦وصفت الشاعرة الدكتورة فوزية أبو خالد‬
‫أيضا لن أمنعها‪ ،‬فثمة غرور يحبه اإلنسان‬ ‫بعض تغريداتك أنها (جــارحــة‪ ،‬وشجاعة‪،‬‬
‫ولو كان مضلال له‪ ،‬جمعني بفوزية ابو خالد‬ ‫أغصان وأشجار وأرفف وصمامات‪ ،‬تغريدات‬
‫شغف الحياة ودروب الشعر واالجتماع‪..‬‬ ‫الشاعرة نويّر العتيبي التي مررت بغاباتها‬
‫طالما كنت أتابعها في مشهدنا الثقافي‪،‬‬ ‫هذا النهار ) ماذا تردين؟‬
‫وأناقش ما تطرحه في مقاالتها‪ ،‬وتأسرني‬ ‫ ‪ρ‬تــويــتــر مــكــان مــنــاســب لــتــعــريــة األفــكــار‬
‫معالجتها وتحليلها للكثير مــن القضايا‬ ‫والمناقشة‪ ،‬ووجدتني أعبر فيه مع آخرين‬
‫ذات البعد السياسي االجتماعي‪ ،‬ودفعني‬ ‫نحو معرفة جديدة غالبها يورطك في بوح‬
‫استغراقي في ذلك زيارتها بمكتبها الذي‬ ‫ما ال يباح‪ ،‬وقد تنزلق في أرضــه اللزجة‬
‫كــان نافذة على الحياة واألدب‪ ،‬فتحدثنا‬ ‫ما لم تنتبه‪ ،‬وأن تخطو خطوتك‪ ..‬فهو مغر‬
‫عن فكرة الكتابة ومالعبة األفكار وأحاديث‬ ‫للبوح ومناكفة األفكار‪ ،‬واختزالية كلماته‬
‫طويلة امــتــدت لتكن مرفأ ثقافيًا؛ وكــان‬ ‫في البدايات منحتنا القدرة على التخلص‬
‫الشعر ج ّل حديثنا‪.‬‬ ‫من حشو الكالم لصالح فكرة ما‪ ..‬والسيدة‬
‫فوزية تستنطق ما وراء الحرف‪ ،‬لذا كان ¦ه ــل سـيـبـقــى ال ـشــاعــر حـ ــرً ا ف ــي زم ــن بــاتــت‬
‫الكلمة عزيزة على الحضور؟ وهل ستكون‬ ‫لمعان أردتها‪..‬‬‫ٍ‬ ‫مرورها مزهرًا وهي تشير‬
‫القصيدة المالذ األخير؟‬ ‫ ¦ت ـقــول ـيــن‪ :‬م ــا عـ ــدت أخ ـش ــى غ ـيــابــك‪/‬ف ـكــل‬
‫الغيابات‪/‬مجازات مصغرة للموت‪ /‬وغيابك ‪ρ‬لم يكن الشاعر ح ـرًا ولــن يكون إال فيما‬
‫يختلقه في عالمه‪ ،‬وحتى ذاك العالم لو‬ ‫موت بزي حياة! هل هو تسليم للموت ام إنه‬
‫اطــلــع عليه اآلخـــرون لعبثوا بــه برجمهم‬ ‫حضوره الدائم؟‬

‫مواجهات‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪108‬‬
‫وتصنيفاتهم وتأويالتهم‪ ،‬ل ــذا‪ ..‬الشاعر ¦جــرفــت ال ـمــوجــة االس ـت ـهــاك ـيــة المجتمع‬
‫بأكمله تقريبًا في مرحلة مــا‪ ،‬وحاليًا يتم‬ ‫متورط في بوحه ومتورط في عالم يالحقه‬
‫تجريف ما تبقى منه‪ ،‬هل سينجو الكتاب‬ ‫بظنونه‪ ،‬فالكلمة الــعــزيــزة محلها البوح‬
‫والشاعر‪ ،‬ومن ورائهم القراء؟‬ ‫الحذر‪..‬‬
‫ ¦فــي بــدايــاتــك كـيــف اسـتـطـعـ ِـت الـنـجــاة من‬
‫ ‪ρ‬نزعة االستهالك تتملك البشرية منذ فجر‬
‫ثقافة جرفت الكثير بعيدً ا عن الشعر وعن‬
‫الرأسمالية‪ ،‬ال نجاة منها‪ ،‬لكن قد تستطيع‬
‫األدب بشكل عام؟‬
‫التحكم بــدرجــة خسائرك! نجاة الكاتب‬
‫والشاعر مرهونة بالوعي‪ ،‬وهذا الوعي في‬ ‫ ‪ρ‬لم أنــج‪ ،‬لكني بعد الــوقــوع تعلمت النجاة‬
‫واســتــدركــت الــخــطــوات‪ ،‬فالبدايات كانت‬
‫ظل االستهالك المحموم مسروق‪ ،‬والبيئات‬
‫مقتصرة على مَن حولي‪ ،‬ثم انتقلت لفضاء‬
‫المسؤولة عن تنمية هذا الوعي مسروقة‬
‫النت والنشر والمنتديات‪ ،‬وبعدها نشر‬
‫ـضــا‪ ،‬فال التعليم يؤكد على الخيارات‬ ‫أيـ ً‬ ‫الكتب‪ ،‬وكــل ذلــك كــان رصــيــدا للتجربة‪،‬‬
‫وإتــاحــة األفــكــار ومناقشتها وبــنــاء أفــراد‬ ‫والثقافة العامة ستجرفك ما لم تكن يقظً ا‪،‬‬
‫باستطاعتهم استخدام العقل بشجاعة‪ ،‬وال‬ ‫وبخاصة في إغراء وسائل التواصل للمرء‪،‬‬
‫اإلعالم التقليدي والجديد يستطيع النجاة‬ ‫وهي الموطن اللزج الــذي يهوي بصاحبه‬
‫من التفاهة وصنّاعها‪.‬‬ ‫لمزالق أبعد من همّه الثقافي‪..‬‬

‫‪109‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫مواجهات‬
‫الثقافي للتنمية‬
‫ّ‬ ‫البُع ُد‬
‫المستدامة ِوفق رؤية ‪2030‬‬
‫■ مرسي طاهر*‬

‫انتشرت منذ أواخ ــر الـقــرن الماضي مصطلحات عــديــدة تــركــز على مفاهيم‬
‫التنمية والتقدم والتطور‪ ،‬ومجتمع المعلومات‪ ،‬إلى أن ظهرت في القرن الحالي‬
‫مصطلحات م ــرادف ــة‪ ،‬مـنـهــا‪ :‬الـعــولـمــة‪ ،‬والتنمية الـبـشــريــة‪ ،‬ومجتمع المعرفة‪،‬‬
‫والتنمية المستدامة‪...‬الخ‪.‬‬
‫والمتابع جـيــدً ا لهذه المصطلحات والمفاهيم‪ ،‬يجدها تهتم بالعالقة بين‬
‫الفرد والمجتمع‪ ،‬وتركّز على كيفية تحقيق الرفاهية واالزدهار لمستوى معيشه‬
‫الفرد‪ ،‬وبالتالي المجتمع الذي يعيش فيه‪ ،‬وتبحث كذلك في الوسائل والسبل‬
‫المتاحة لتحقيق ذلــك‪ ،‬وتبلورت الجهود في هــذا السياق بإقرار خطة التنمية‬
‫المستدامة ‪.2030‬‬

‫المحور البيئي‪ ،‬والمحور االجتماعي‪،‬‬ ‫وقد أقرت األمم المتحدة عام ‪2015‬م‬
‫والمحور االقتصادي‪ ،‬ومحور الشراكات‪،‬‬ ‫هذه الخطة من خالل جمعيتها العامة‬
‫وباستعراض األهــداف الرئيسة للتنمية‬ ‫في الــدورة السبعين بتاريخ ‪ 25‬سبتمبر‬
‫المستدامة نجدها كالتالي‪:‬‬ ‫‪2015‬م‪ ،‬ووضعت من خاللها (‪ )17‬هدفًا‬
‫رئــيــسً ــا ألهـــداف التنمية المستدامة‪،‬‬
‫الهدف ا‪ -‬القضاء على الفقر بجميع‬
‫و(‪ )169‬هدفًا فرعيًا‪ ،‬و(‪ )233‬مؤشرًا‬
‫أشكاله في كل مكان‪.‬‬
‫لهذه األه ــداف‪ ،‬وترتكز جميع أهــداف‬
‫الهدف ‪ -2‬القضاء على الجوع‪ ،‬وتوفير‬ ‫التنمية المستدامة على أربعة محاور‬
‫معلنة مــن قــبــل األم ــم الــمــتــحــدة‪ ،‬هــي‪ :‬األم ــن الــغــذائــي‪ ،‬والــتــغــذيــة المحسنة‪،‬‬

‫نوافذ‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪110‬‬
‫الهدف ‪ -11‬جعل المدن والمستوطنات‬ ‫وتعزيز الزراعة المستدامة‪.‬‬
‫الــهــدف‪ -3‬ضمان تمتع الجميع بأنماط البشرية شاملة للجميع وآمنة وق ــادرة على‬
‫الصمود ومستدامة‪.‬‬ ‫عيش صحية‪ ،‬وبالرفاهية في كل األعمار‪.‬‬
‫الهدف ‪ -12‬ضمان وجود أنماط استهالك‬ ‫الهدف ‪ -4‬ضمان التعليم الجيد المنصف‬
‫وإنتاج مستدامة‪.‬‬
‫والشامل للجميع‪ ،‬وتعزيز فرص التعلم مدى‬
‫ال ــه ــدف ‪ -13‬ات ــخ ــاذ إجــــــراءات عاجلة‬ ‫الحياة للجميع‪.‬‬
‫للتصدي لتغير المناخ وآثاره‪.‬‬
‫الهدف ‪ -5‬تحقيق المساواة بين الجنسين‪،‬‬
‫الــهــدف‪-14‬حــفــظ المحيطات والــبــحــار‬ ‫وتمكين كل النساء والفتيات‪.‬‬
‫والــمــوارد البحرية واستخدامها على نحو‬
‫الهدف ‪ -6‬ضمان توافر المياه وخدمات‬
‫مستدام لتحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬
‫الــصــرف الصحي للجميع‪ ،‬وإدارت ــه ــا إدارة‬
‫الــهــدف ‪ -15‬حماية النظم األيكولوجية‬ ‫مستديمة‪.‬‬
‫البرية وترميمها‪ ،‬وتعزيز استخدامها على نحو‬
‫الهدف ‪ -7‬ضمان حصول الجميع بتكلفة‬
‫مستدام‪ ،‬وإدارة الغابات على نحو مستدام‪،‬‬
‫ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة‬
‫ومكافحة التصحر‪ ،‬ووقــف تدهور األراضــي‬
‫والمستدامة‪.‬‬
‫وعكس مساره‪ ،‬ووقف فقدان التنوّع البيولوجي‪.‬‬
‫الهدف ‪ -8‬تعزيز النمو االقتصادي المطرد‬
‫الهدف ‪ -16‬التشجيع على إقامة مجتمعات‬
‫والشامل للجميع والمستدام‪ ،‬والعمالة الكاملة‬
‫مسالمة‪ ،‬ال يهمش فيها أحد من أجل تحقيق‬
‫والمنتجة‪ ،‬وتوفير العمل الالئق للجميع‪.‬‬
‫التنمية المستدامة‪ ،‬وإتاحة إمكانية وصول‬
‫الهدف ‪ -9‬إقامة بنى تحتية قــادرة على الجميع إلى العدالة‪ ،‬وبناء مؤسسات فعالة‬
‫الصمود وتحفيز التصنيع الشامل للجميع‪ ،‬وخاضعة للمساءلة‪ ،‬وشاملة للجميع على‬
‫جميع المستويات‪.‬‬ ‫وتشجيع االبتكار‪.‬‬
‫الهدف ‪ -17‬تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط‬ ‫الهدف ‪ -10‬الح ُّد من انــعــدام المساواة‬
‫الشراكات العالمية من أجل تحقيق التنمية‬ ‫داخل البلدان وفيما بينها‪.‬‬

‫‪111‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نوافذ‬
‫واألدلــة والمبادرات التي قادتها المنظمات‬ ‫المستدامة‪.‬‬
‫الدولية‪ ،‬وعلى رأسها األمم المتحدة ومنظمة‬ ‫وق ــد حــظــي الــبــعــد الــثــقــافــي فــي تنفيذ‬
‫اليونسكو‪ ،‬وذلك لقياس أثر الثقافة في العملية‬ ‫خطط وأهداف التنمية المستدامة بكثير من‬
‫التنموية والتنمية المستدامة‪ ،‬وكذلك الوزن‬ ‫النقاشات واالهتمام العالمي في ظل تجاذب‬
‫االقتصادي لقطاع الثقافة‪ ،‬وقادت اليونسكو‬ ‫كبير بين الفعالية الثقافية كقوة ديناميكية‬
‫مبادرتين مهمتين في هــذا السياق خرجت‬ ‫للتغيير على مستوى األف ــراد والمجتمعات‪،‬‬
‫منهما بمجموعة من المؤشرات‪ ،‬الكمية التي‬ ‫ومــدى تأثيرها فــي تحقيق أه ــداف التنمية‬
‫يمكن من خاللها االعتماد عليها في قياس‬ ‫المستدامة‪.‬‬
‫الفعالية التنموية للثقافة ودورها في تحقيق‬
‫وقد تغيرت خالل العقود األخيرة النظرة‬
‫أهــداف التنمية المستدامة‪ ،‬وأطلقت عليها‬
‫العالمية لدور الثقافة في العملية التنموية‪،‬‬
‫المؤشرات الموضوعية لدور الثقافة في تنفيذ‬
‫فبعد أن كانت النظرة إليها على أنها حالة‬
‫خطة التنمية المستدامة لعام ‪2030‬م‪ ،‬و تتمثل‬
‫جمالية غير مؤثرة في عملية التطور‪ ،‬ولها دور‬
‫عناصرها الرئيسة في ما يأتي‪:‬‬
‫ثانوي‪ ،‬إلى اليقين بدورها الحيوي والمهم في‬
‫إحــداث التطور والنمو االقتصادي‪ ،‬وتحقيق ‪ -1‬البيئة والقدرة على الصمود في وجه تغير‬
‫المناخ‪.‬‬ ‫أهداف التنمية المستدامة في كافة القطاعات‪،‬‬
‫تآتى هذا اليقين بعد مجموعة من الشواهد ‪ -2‬االزدهار وسبل العيش‪.‬‬

‫نوافذ‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪112‬‬
‫تعزيز التنمية المستدامة فــي أبعادها‬ ‫‪ -3‬المعارف والمهارات‪.‬‬
‫الثقافية‪.‬‬ ‫‪ -4‬االندماج والمشاركة‪.‬‬
‫ أف ــردت الــمــؤشــرات تحت كــل عنصر من‬
‫‪ -4‬التأكيد على أهمية العوامل الثقافية ومدى‬
‫العناصر السابقة المكوّن الثقافي المرتبط‬
‫تأثيرها في أنماط الحياة واالستهالك‬
‫معه‪ ،‬وكذلك عالقته باألهداف الرئيسة‬
‫وسلوكيات األفراد‪ ،‬والقيم المتعلقة بالبيئة‬
‫لخطة وأهداف التنمية المستدامة‪ ،‬وكان‬
‫والطرق التي تتفاعل بها مع بيئتنا الطبيعية‪،‬‬
‫من نتائج هذه الجهود الدولية والشراكات‬
‫ومن هنا‪ ،‬تبرز أهمية العمل الثقافي في‬ ‫الفعالة بين اليونسكو ومنظمات األمــم‬
‫ترشيد ع ــادات االســتــهــاك‪ ،‬والتشجيع‬ ‫المتحدة العمل على وضع خطط مستنيرة‬
‫على اإلنــتــاج األخــضــر المستديم‪ ،‬الــذي‬ ‫تأخذ بعين االعتبار األهمية الكبيرة للثقافة‬
‫يحتاج إلى فعالية ثقافية قادرة على الوفاء‬ ‫ودورها في نجاح العملية التنموية‪ ،‬والعمل‬
‫بالمتطلبات الحيوية للتنمية المستدامة‪.‬‬ ‫على دمجها فــي استراتيجيات التنمية‬
‫وم ــن ثــم يتضح الـ ــدور الــثــقــافــي للتنمية‬ ‫المستدامة من خالل‪:‬‬
‫‪ -1‬دمــج البعد الثقافي في مفهوم التنمية المستدامة‪ ،‬وما يمكن أن يلعبه القطاع الثقافي‬
‫المستدامة‪ ،‬وفي أنماط قياسها‪ ،‬وتحديد في أن يكون موردًا اقتصاديًا مستدامًا‪ ،‬وتصبح‬
‫مــســتــويــات فــعــالــيــاتــهــا وجـ ــدواهـ ــا‪ ،‬ومــن الصناعات الثقافية ذات أثــر بالغ في حياة‬
‫ثــم االلــتــزام بتشجيع المعارف الثقافية الحكومات والــدول؛ وهذا ما عززته الحقائق‬
‫والممارسات العلمية التقليدية ودمجها واألرقام؛ فعلى سبيل المثال تشكل الصناعات‬
‫في سياسات التنمية المستدامة‪ ،‬والسيما الثقافية أكثر من ‪ % 3.4‬من الناتج المحلي‬
‫فيما يتعلق ب ــاإلدارة المستدامة للموارد اإلجمالي العالمي‪ ،‬بــل وت ــزداد النسبة عن‬
‫الطبيعية‪ ،‬واألمن الغذائي والحصول على ذلك في بعض البالد‪ ،‬فبلغ إسهام األنشطة‬
‫الثقافية الرسمية في الناتج المحلي اإلجمالي‬ ‫المياه النظيفة‪.‬‬
‫‪-2‬االعتراف بالدور المهم للصناعات الثقافية في االكــوادور ‪ ،%4.76‬كما تمثل الصناعات‬
‫واإلب ــداع ــي ــة‪ ،‬والــســيــاحــة الــمــســتــدامــة‪ ،‬الــثــقــافــيــة واإلب ــداع ــي ــة واحـــــدة م ــن أس ــرع‬
‫ومختلف القيم الثقافية القائمة على القطاعات نموًا في االقتصاد العالمي‪ ،‬ولعل‬
‫ال ــت ــراث‪ ،‬مــن أج ــل التنمية المستدامة التجارب عديدة على مستوى العالم‪ ،‬وأمثلة‬
‫في مجالي االقتصاد األخضر والعمالة واضحة على استثمار الثقافة في التنمية‪،‬‬
‫الخضراء‪ ،‬ومن ثم تحفيز التنمية المحلية‪ ،‬وفــي عالمنا الــعــربــي ث ــروة هائلة ومــخــزون‬
‫وتنمية الفرص التجارية‪ ،‬وتعزيز اإلبداع ثقافي وحضاري وتراثي ضخم يمثل العديد‬
‫من الحضارات اإلنسانية المتراكمة منذ آالف‬ ‫واالندماج االجتماعي‪.‬‬
‫‪-3‬أهمية المحافظة على الــتــراث الثقافي السنين الذي من الممكن أن يستثمر ويصبح‬
‫الطبيعي وحمايته‪ ،‬ومن ثم تعزيز التعاون قاطرة التنمية في بالدنا العربية ويمثل تنمية‬
‫الدولي في هذا المجال‪ ،‬وذلــك من أجل مستدامة متميزة‪.‬‬
‫ * كاتب ‪ -‬مصر‪.‬‬

‫‪113‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نوافذ‬
‫إيون لي‪..‬‬
‫األم‬
‫ّ‬ ‫الهروب من اللغة‬
‫ُ‬
‫والتشافي من الجنوح إلى االنتحار بالكتابة!‬

‫■ تقدمي وترجمة‪ :‬عبدالوهاب أبو زيد*‬

‫ظاهرة األدبــاء والكتّاب الذين يكتبون بلغة غير لغتهم األم ليست بالظاهرة‬
‫الجديدة أو الغريبة‪ ،‬بل إنها في واقــع األمــر أصبحت شيئًا مألوفً ا في كثير من‬
‫الثقافات‪ ،‬ولدى عدد كبير من الكتاب الذين لعل أشهرهم الروائيان جوزيف كونراد‬
‫وفالديمير ناباكوف‪ ،‬البولندي والروسي اللذان اختارا أن يكتبا باللغة اإلنجليزية‬
‫ليصبحا من أبرز الروائيين في هذه اللغة‪.‬‬
‫للواليات المتحدة األمريكية لتحصل‬ ‫الكاتبة الصينية الجذور‪ ،‬األمريكية‬
‫في عام ‪2000‬م على شهادة ماجستير‬ ‫الجنسية‪ ،‬إيون لي ‪ Yiyun Li‬اختارت‬
‫فــي عــلــم الــمــنــاعــة مــن جــامــعــة أي ــوا‪.‬‬ ‫أن تكتب باللغة اإلنجليزية‪ ،‬ونشرت‬
‫وفي عام ‪2005‬م حصلت على شهادة‬ ‫عددًا من األعمال القصصية والروائية‪،‬‬
‫ماجستير اآلداب في السرد اإلبداعي‬ ‫وفــازت بجوائز بــارزة‪ ،‬واقتبست بعض‬
‫غير التخييلي وفي الرواية من الجامعة‬ ‫أعمالها في أعمال سينمائية‪ ،‬منضمة‬
‫نفسها‪ .‬نشرت كتابها األول عام ‪2005‬م‬ ‫بذلك إلى قائمة الكتّاب الذين هجروا‬
‫بعنوان (ألف عام من الصلوات الطيبة)‪،‬‬ ‫لغتهم األم‪ ،‬وآثـ ــروا الكتابة بلغة لم‬
‫ون ــال ــت عــنــه ج ــائ ــزة ف ــران ــك أوكــونــر‬ ‫يخرجوا مــن رحمها ولــم ينشأوا في‬
‫العالمية للقصة القصيرة‪ .‬وتبعته بعدد‬ ‫كنفها‪.‬‬
‫من الكتب من بينها أربع روايات‪ ،‬نشر‬ ‫ولدت لي في بكين عام ‪1972‬م‪ ،‬وكان‬
‫آخرها عام ‪2020‬م‪.‬‬ ‫من المقرر أن تدرس الطب في جامعة‬
‫كتابها الوحيد حتى اآلن بعيدًا عن‬ ‫بكين ع ــام ‪1996‬م‪ ،‬إال إنــهــا انتقلت‬

‫نوافذ‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪114‬‬
‫السرد التخييلي هو (صديقتي العزيزة‪ ،‬من‬
‫حياتي‪ ،‬أكتب إليك فــي حياتك)‪ ،‬وهــو ما‬
‫يُصنف في باب المذكرات‪ ،‬التي كتبتها على‬
‫مــدى عامين عانت خاللهما من االكتئاب‬
‫الشديد وحاولت االنتحار مرتين!‬
‫لم تعمد لي لتتبع أحداث حياتها بشكل‬
‫زمني متعاقب كما يحدث عادة في هذا النوع‬
‫من الكتب‪ ،‬بل تركت لنفسها حرية التنقل بين‬
‫فترات حياتها المختلفة على غير انتظام أو‬
‫اتساق‪ .‬وألنها كاتبة قصة ورواية باألساس‪،‬‬
‫فــقــد خــلــطــت بــيــن ذكــريــاتــهــا الشخصية‬
‫ومرجعياتها الثقافية في األدب على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬فاكتظت صفحات كتابها بأسماء‬
‫من أمثال ستيفان زفايغ‪ ،‬وماكسيم جوركي‪،‬‬
‫وسورين كيركيغارد‪ ،‬وإيفان تورغنيف‪ ،‬وإيفان‬
‫تريفور‪ ،‬وكاثرين مانسفيلد‪ ،‬وغيرهم من‬
‫‪ .5‬لطالما سُ ئلت طوال حياتي‪ :‬ما الذي‬
‫الكتّاب والكاتبات‪.‬‬
‫تخفينه؟ ال أعــرف ما الــذي أخفيه‪ ،‬وكلما‬
‫حاولتُ إنكار ذلك‪ ،‬كلما وجدني الناس غير‬ ‫أيضا في كتابها عن عالقتها‬ ‫تتحدث لي ً‬
‫جديرة بالثقة أكثر‪ .‬اعتادت أمي على التعليق‬ ‫بلغتها األم التي لم تكتب بها‪ ،‬ولغتها المتبناة‪،‬‬
‫على انساللي بخفاء لضيوفنا‪ .‬وكثيرًا ما‬ ‫التي وجدت ذاتها فيها وأصبحت من كاتباتها‬
‫واجهتني امــرأة مسؤولة عن الــدخــول إلى‬ ‫الــبــارزات‪ ،‬على الرغم من أن شخصياتها‬
‫الحمام العمومي‪ ،‬سائلة إيــاي عما أخبئه‬ ‫وأحداث رواياتها تجري في الصين‪ .‬والغريب‬
‫في األمر أنها لم تكتف بأن تهجر لغتها األم‬
‫عنها‪ .‬ال شيء‪ ،‬قلتُ لها‪ ،‬وكانت تقول إنها‬
‫تمامًا‪ ،‬لتفكر وتحلم وتكتب بلغة ليست لغتها‬
‫تستطيع مــن النظر فــي عينيّ أنــنــي كنتُ‬
‫أيضا أن‬
‫األولى في األصل‪ ،‬بل إنها ترفض ً‬
‫أكذب‪.‬‬
‫تترجم أعمالها إلى اللغة الصينية‪.‬‬
‫التكتم حالة طبيعية‪ .‬إنه ال يعني إخفاء‬
‫في القسم األول من الكتاب‪ ،‬والذي يحمل‬
‫بتساو‬
‫ٍ‬ ‫شيء ما‪ .‬الناس ال يظهرون أنفسهم‬
‫عنوان الكتاب نفسه‪ ،‬نقرأ تأمالت متنوعة‬
‫وبسهولة للجميع‪ .‬التكتم ال يجعل المرء‬
‫ٍ‬
‫نصا) ذات مساس بحياة‬ ‫(يبلغ عددها ‪ً ٢٤‬‬
‫يشعر بالوحدة كما يفعل االختباء‪ ،‬ومع ذلك‬
‫الكاتبة وعالقتها باآلخرين وفهمها للزمن‪،‬‬
‫فإنه يُبعد اآلخرين ويوهن عالقته بهم‪.‬‬
‫كما تعرض لمحاولتها وضع حد لحياتها وما‬
‫‪ .19‬ثمة هذا الخواء داخلي‪ .‬ك ُّل أصوات‬ ‫تبع ذلك من بقائها في المصحات‪ ،‬ومن هذا‬
‫العالم غير كافية لتخرس صوت هذا الخواء‬ ‫القسم نختار لكم اآلتي‪:‬‬

‫‪115‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نوافذ‬
‫الــبــوذيــة مــا بــيــن الــثــانــيــة عــشــرة والثالثة‬ ‫أنت ال شيء‪.‬‬
‫الذي يقول‪ِ :‬‬
‫والعشرين من عمري‪ .‬لمعظم الوقت كانت‬ ‫هــذا الخواء ال يدّعي امتالك الماضي‬
‫تلك النصوص أكثر الكلمات بثًا للطمأنينة‪.‬‬ ‫ألنه هنا دائمًا‪ .‬وليس عليه ادعــاء امتالك‬
‫إن تعلم الــاشــيء يخفف مــن ح ــدة ذلــك‬ ‫المستقبل فهو يقف في طريق المستقبل‪.‬‬
‫الخواء‪.‬‬ ‫إنه إمّا أن يكون ديكتاتورًا أو األقرب ممن‬
‫حظيتُ بهم من األصدقاء‪ .‬في بعض األيام‬
‫علّمني والـ ــدي الــتــأمــل حــيــن كــنــت في‬
‫أخــوض معه في عــراك إلى أن نسقط معًا‬
‫الحادية عشرة‪ .‬تخيلي دلوًا ما بين ذراعيك‬ ‫مثل حيوانين جريحين‪ .‬حينها أتساءل‪ :‬ماذا‬
‫المفتوحين‪ ،‬قال لي‪ ،‬وطلب مني أن أستمع‬ ‫لو أصبحتُ أقلَّ من ال شيء حين أتخلص من‬
‫لصوت قطرات الماء التي تملؤه شيئًا فشيئًا‪،‬‬ ‫هذا الخواء؟ ماذا لو كان هذا الخواء هو ما‬
‫وبعد أن يمتأل‪ ،‬أن أستمع إلى صوت الماء‬ ‫يبقيني على قيد الحياة؟‬
‫وهو يقطر من قعر الدلو‪« .‬من الفراغ إلى‬ ‫‪ .20‬فــي أحــد األي ــام قالت زميلتي في‬
‫االمتالء‪ ،‬ومن االمتالء إلى الفراغ‪ » ،‬أشار‬ ‫السكن إنها الحظتْ أنني أصبح هادئة إن‬
‫إلى الكلمات في كتاب ما ألراهــا‪« .‬الحياة‬ ‫تحدّثتْ عن البوذية‪ .‬ال أعني إنها ديانة‪،‬‬
‫قبل الميالد حلمٌ‪ ،‬والحياة بعد الموت حل ٌم‬ ‫قــالــت؛ عــلــى سبيل الــمــثــال‪ ،‬بــإمــكــانــك أن‬
‫آخرُ‪ .‬وما يعبر بينهما ليس سوى سراب من‬ ‫تتأملي‪.‬‬
‫األحالم»‪.‬‬ ‫لــم أقــل لها إنــنــي قــد ق ــرأتُ النصوص‬

‫إيون لي‬

‫نوافذ‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪116‬‬
‫عزيز ضياء‬
‫‪1418 -1332‬هـ (‪1997-1914‬م)‬

‫■ محمد بن عبدالرزاق القشعمي*‬

‫في ليلة ‪1416/11/24-23‬هـ الموافق ‪1996/4/12-11‬م كنت في ضيافة األستاذ‬


‫عزيز ضياء ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬في منزله بجدة‪ ،‬وعلى مدى ليلتين كنت أسجل معه‬
‫ضمن برنامج (التاريخ الشفوي) لمكتبة الملك فهد الوطنية‪ ،‬الذي بدأته قبل‬
‫سنة‪ ،‬وكان برفقتي الصديقان عبدالسالم الوائل‪ ،‬ومحمد زايد األلمعي‪.‬‬
‫عبدالعزيز‪ ،‬رحمه اهلل ‪-‬الملك فيما بعد‪ -‬لتناول‬ ‫بمجرد أن اتصلت به وعــرف أنني بجدة‪،‬‬
‫طعام الغداء‪ ،‬وكما جرت العادة أن تلقى بعض‬ ‫رحــب بــي وبــمــشــروعــي‪ ،‬وح ــدد الــمــوعــد بعد‬
‫الكلمات والقصائد في حفل االستقبال الذي‬ ‫مغرب اليوم التالي‪ ..‬ذكرته بلقائنا قبل ثالث‬
‫يسبق طعام الــغــداء‪ ،‬وأن أحــد المدعوين من‬ ‫سنوات بالرياض في المهرجان الوطني للتراث‬
‫المغرب العربي بدأ الكالم مشيدًا بما شاهده‬ ‫والثقافة‪ .‬وهي مشاركته وحضوره األخير لها‪،‬‬
‫من نهضة عمرانية حضارية تدعو للعجب‪،‬‬ ‫وفي العام التالي عندما دعــاه النادي األدبي‬
‫مشرق شاهده ولمسه‪ ..‬واستمر في‬ ‫ٍ‬ ‫ومن واقعٍ‬ ‫بالرياض إللقاء محاضرة عن (الحرية) وعاد‬
‫المديح واإلطــراء‪ ..‬وبعد نهاية كلمته استأذن‬ ‫لجدة ليلة افتتاح المهرجان الوطني للتراث‬
‫عــزيــز ضــيــاء بطلب الكلمة وأذن لــه‪ ،‬فشكر‬ ‫والثقافة التالي بالرياض‪ .‬دون أن يدعى لها‬
‫المتحدث واألمير والحضور‪ ،‬وشكر المهرجان‬ ‫أيضا بلقاء جمع بعض األدباء‬ ‫كالمعتاد‪ ،‬وذكرته ً‬
‫وما يقوم به من دور حيوي ثقافي جمع أبناء‬ ‫بمنزل األســتــاذ صالح الصالح‪ ،‬وكــان ضمن‬
‫العروبة من مشرقها إلى مغربها إضافة لبعض‬ ‫الحضور الشاعر محمد العلي‪ ،‬وكان الحديث‬
‫المهتمين من الــدول الغربية وقــال‪ :‬إن هذا‬ ‫بينهم مسيطرًا على المجلس‪ ،‬وكان العلي يذكره‬
‫المهرجان لهو المنبر الثقافي الحقيقي الذي‬ ‫بما سبق في إحدى مناسبات الجنادرية‪ ،‬وهم‬
‫يستطيع المواطن أن يعبر فيه عما يجيش في‬ ‫في ضيافة سمو ولي العهد األمير عبداهلل بن‬

‫‪117‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نوافذ‬
‫وعلى مدى يومين وهو يروي ويتذكر المحطات‬
‫المهمة في حياته ومنها‪ :‬سفره إلى مكة لاللتحاق‬
‫بمدرسة الطب‪ ،‬والتي اكتشف فيما بعد أنها تخرج‬
‫ممرضين‪ ،‬فالتحق باألمن العام كاتبًا‪ ،‬ثم حول إلى‬
‫السلك العسكري برتبة (مفوض ثالث)‪ .‬حتى وصل‬
‫إلى وظيفة نائب مدير األمن العام لشؤون المباحث‬
‫والجوازات‪ ،‬وقال إنه أتى للرياض للسالم على الملك‬
‫سعود في بداية حكمه‪ ،‬وكــان في قصر الناصرية‬
‫يتحدث مع أمير عسير تركي األحمد السديري‪ ،‬وإذا‬
‫الملك عبداهلل يرحمه اهلل‬
‫برئيس االستخبارات العامة سعيد كردي يأتي ويؤدي‬
‫نفسه وما يحلم أن يرتقي به للمستقبل‪.‬‬
‫التحية العسكرية المعتادة ‪ -‬لكونه أعلى منه رتبة ‪-‬‬
‫قائل له‪" :‬يا بيه يريدونك في (المصمك)"‪ ،‬فاعتقد‬ ‫ً‬ ‫وقلت إنــك قلت إن هــذا ال يكفي فقط‪ ،‬يريد‬
‫أنهم سيستعينون به للتحقيق مع مَن استعصى عليهم‪،‬‬ ‫المواطن أن يشعر بالحرية حتى يرتقي بتفكيره‬
‫وما علم أنه سجين‪ ،‬وكان مأمور المصمك ابن سيف‬ ‫ويحقق ما يطمح إليه‪ ..‬وبعد نهاية التعليق صفق لك‬
‫ولــه معرفة بــه مــن قبل‪ ،‬إذ أرســل لــه أخــوه للعمل‬ ‫الكثيرون‪ ،‬وتبعك محمد العلي وأنتما في طريقكما‬
‫كجندي بمكة‪ .‬وقد علَّمه أبو ضياء مبادئ القراءة‬ ‫لسفرة الطعام‪ ،‬وقــال لــك‪ :‬أتمنى أن تموت اآلن!‬
‫والكتابة فرقي من جندي إلــى مــازم‪ .‬فحفظ له‬ ‫قائل‪ :‬هذه دعوة صديق‪.‬‬‫فرددت عليه ً‬
‫هذا المعروف‪ ،‬ولهذا خيّره في أفضل األمكنة في‬ ‫بــدأ يــروي قصة حياته وذهــاب والــده وهــو في‬
‫السجن وهي األبراج ‪ -‬غرف واسعة مميزة عن البقية‬ ‫بطن أمــه إلــى دول شــرق آسيا لجمع تبرعات من‬
‫‪ -‬وكانت تعرف بمن سبق أن سجن بها مثل‪ :‬برج‬ ‫الدول اإلسالمية‪ ،‬إلنشاء جامعة إسالمية بالمدينة‬
‫العنقري وبرج األمير مشاري بن عبدالعزيز والثالث‬ ‫المنورة‪ ،‬فانقطعت أخباره حتى اآلن‪ .‬ولد عبدالعزيز‬
‫لشيوخ إحدى القبائل‪.‬‬
‫ابن ضياء الدين بن زاهد في المدينة المنورة عام‬
‫وهــو ال يعرف تهمته‪ .‬ويتعاطف معه الجندي‬ ‫‪1332‬ه ـــ‪1914/‬م((( وتلقى علومه األولية بالمدرسة‬
‫الراقية الهاشمية‪ ،‬وفي عام ‪1345‬هـ التحق بمدرسة المكلف بخدمته بعد أن علمه الــقــراءة والكتابة‬
‫الصحة بمكة‪ ،‬وبعد سنتين عين كاتبًا لمديرية الصحة وأشركه معه في طبخ الوجبات وتناولها‪ .‬وفي إحدى‬
‫األيام يفاجئه الجندي بفكرة تهريبه خارج المملكة‪..‬‬ ‫العامة‪ ،‬ثم إدارة األمن‪.‬‬
‫وأهــدانــي الــجــزءيــن األول والــثــانــي مــن سيرته ثم يفرج عنه ويجرد من رتبته العسكرية ووظيفته‪،‬‬
‫(حياتي مع الجوع والحب والحرب) والتي افتتحها فيقرضه محمد سرور الصبان ‪ 50‬ألف ريال يفتح بها‬
‫بقوله‪« :‬الحياة كالبصلة يقشرها المرء وهو يبكي»‪ ،‬منجرة بمكة‪ ،‬وذلك في عام ‪1374‬هـ تقريبًا ويطلب‬
‫وكتب على الجزء األول (مع االمتنان وبالغ التقدير منه تصنيع األبواب والشبابيك للمباني الحكومية‪.‬‬
‫وبعد فترة يطلب منه مغادرة المملكة مع عائلته‪.‬‬ ‫إلــى األســتــاذ محمد القشعمي حفظه اهلل‪ ..‬جدة‬
‫وبعد مدة تعلن السفارة البريطانية عن حاجتها لمذيع‬ ‫في ‪1416/11/23‬هـــ ‪1996/4/11‬م‪ .‬توقيع‪ ..‬عزيز‬
‫باللغة العربية ليذيع بإذاعة عموم الهند ‪ -‬عندما‬ ‫ضياء)‪ ،‬والذي أهــداه‪ :‬إلى أمي فاطمة بنت الشيخ‬
‫كانت الهند مستعمرة لها ‪ -‬وكــان بالصدفة يقرأ‬ ‫أحمد صفا‪ -‬شيخ الطريقة النقشبندية‪ ،‬وشيخ حجاج‬
‫مسرحية (هاملت ‪ -‬لشكسبير) فأتى االمتحان بهذا‬ ‫القازاق في روسيا‪ :-‬وأنا أسميهم (فغَّم)‪.‬‬

‫نوافذ‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪118‬‬
‫الموضوع‪ ،‬فنجح وذهب مع زوجته أسماء زعزوع ‪-‬‬
‫أم ضياء ‪ -‬فأصبح يقدم البرامج العربية‪ ،‬وزوجته‬
‫تقدم (ركن المرأة)‪ ،‬وبعد سنتين تأتيه برقية من مدير‬
‫األمن العام (مهدي الحكيم) بأن عليه االلتحاق بعمله‬
‫وكيل لألمن العام‬
‫فــورًا‪ ،‬فيعود إلى المملكة ليعمل ً‬
‫للمباحث والجوازات والجنسية حتى تقاعده‪.‬‬
‫نسيت الموضوع ولــم أتــذكــره إال بعد أكثر من‬
‫عشرين عــا ًمــا على هــذا الــلــقــاء‪ ،‬وبــالــذات عندما‬
‫عزيز ضياء مع الملك فيصل يرحمهما اهلل‬ ‫وقــع بيدي الجزء الثالث من مذكراته ‪ -‬ولألسف‬
‫لم يذكر تاريخ صدورها ‪ -‬ففرحت لعلِّي أجد بها‬
‫ما يجدد ذاكرتي‪ ،‬ولكن وجدته ينهيها بتحويله من‬
‫وظيفة مدنية إلى السلك العسكري برتبة (مفوض‬
‫ثالث) بحدود عام ‪1347‬هـ‪ ،‬وقد تنقل في عمله بعد‬
‫هروبه من مدرسة الصحة بعد أن ضرب الدكتور‬
‫المتعالي الذي أطلق عليه زمــاؤه اسم (أبو رقعة)‬
‫و(بارم ديله) و(العم شنطف) وهو المسؤول عن قسم‬
‫مرضى السل الرئوي‪ ،‬والذي يتعامل معه ومع زميله‬
‫(محمد األسود) بخشونة‪ ،‬ودائمًا يدعوه بـ (يا حمار‪..‬‬
‫يا مغفل)! مما نفّره من الدراسة‪ ،‬واتفق مع زميله‬
‫األســود على االنتقام منه‪ .‬وفــي اليوم التالي عند‬
‫حضور الطبيب َكتّفه األسود وقام عزيز بضربه بكل‬
‫أ‪ .‬عزيز ضياء‬ ‫قوة بعصي المكانس وغيرها حتى بدأ يصرخ‪ ،‬فتركاه‬
‫وهربا‪ ،‬وكانت هذه آخر عالقته بمدرسة التمريض‪.‬‬
‫عزيز ألول مرة‪ ،‬ويبدي إعجابه بها‪ ،‬فطلب منه أن‬
‫يجرب الكتابة عليها‪ ،‬ولنباهته وسرعة اتقانه‪ ،‬فقد‬ ‫اختفى لدى أحد معارف زوج والدته (عبدالعزيز‬
‫اقترح دعوة األمير فيصل نائب الملك في الحجاز‬ ‫الــقــارئ الــمــصــري) وال ــذي كــان يسلمه مصروفه‬
‫لزيارة المدرسة وإقامة مسابقة في الكتابة على‬ ‫الشهري عبارة عن جنيه ذهــب يبعثها عمه (زوج‬
‫اآللــة مع من يتقن الكتابة عليها بمكة وهــم ثالثة‬ ‫والدته) عن طريقه‪ .‬حتى حضرت والدته من المدينة‬
‫(شفيق أفندي اإلمــام)‪ ،‬القادم من الشام‪ ،‬والكاتب‬ ‫للحج‪ ..‬فعلم عمه بما حصل له‪ .‬وكان على عالقة‬
‫على اآللة في مكتب المدير العام للصحة‪ .‬والثاني‬ ‫بمحمود بك حمدي مدير مستشفى جياد‪ ،‬وصدر‬
‫(السيد عيدروس) الكاتب الوحيد بوزارة الخارجية‪،‬‬ ‫األمر بتعيين عمه رئيسً ا للصيادلة بمكة‪ ،‬وعن طريقه‬
‫والثالث عزيز ضياء الطالب بالمدرسة‪ ،‬وعند وصول‬ ‫تم تعيينه بمكتب مدير المستشفى مقيدًا وكاتب آلة‪.‬‬
‫األمير راكبًا على حصان ‪ -‬إذ كانت السيارات غير‬ ‫وعــلــى ذكــر اآللـــة‪ ،‬فقد ربطته عــاقــة وطيدة‬
‫موجودة بمكة ‪ -‬وقد وقف األمير يراقب المتسابقين‪،‬‬ ‫بالدكتور خيري القباني مدير المدرسة واستاذ‬
‫ومحمود بــك يملي عليهم مــن ورقــة بــيــده‪ ،‬فكانت‬ ‫التشريح‪ ،‬وكان يكتب على اآللة الكاتبة‪ ،‬والتي يراها‬

‫‪119‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نوافذ‬
‫وصديقه الـدكتور مصطفى عبدالخالق ‪ -‬طبيب في‬
‫التكية المصرية ‪ -‬فذلك حلم لم يسبق قط أن طاف‬
‫بذهني في صحوٍ أو منام‪ »..‬فبدأ يقرأ ويكتب‪ ..‬ومن‬
‫مقيد أوراق إلى مدير مكتب مدير األمن العام مهدي‬
‫بك الحكيم‪ ،‬فيقترح فتح أو تأسيس مدرسة لتخريج‬
‫ما يحتاجه األمن العام من ضباط‪ .‬فيوافق مهدي‬
‫على اقتراحه وتكون (مدرسة الشرطة) طالبها من‬
‫الموظفين المعينين ُكتّابًا برواتب جنود وتالميذ دار‬
‫األيتام الذين أنهوا دراستهم االبتدائية ويتقاضون‬
‫رواتب جنود‪ .‬فتفتح المدرسة‪ ،‬ويتولى التدريس بها‬ ‫عابد خزندار‬
‫الضباط‪ ،‬ومقرها في (القاووش)‪ ،‬القاعة الواسعة‬
‫بمبنى األمــن العام الــذي يتسع ألكثر من خمسين‬ ‫النتيجة كالتالي‪:‬‬
‫التلميذ عزيز (‪ )52‬كلمة في الدقيقة بدون أي طالبًا‪ ،‬واتفق مع نجار لصنع المقاعد والسبورة‪.‬‬
‫فينتقل عمله للمدينة للعمل مع الشيخ يوسف‬ ‫خطأ‪.‬‬
‫بصراوي مدير القسم العدلي لبضعة أشهر‪ ،‬ليفاجأ‬ ‫شفيق أفندي (‪ )43‬كلمة في الدقيقة مع ثالثة‬
‫ببرقية من مدير األمن العام بعودته لمكة‪ ،‬ويصدر‬ ‫أخطاء‪.‬‬
‫أمـرًا بنقله للسلك العسكري برتبة (مفوض ثالث)‬ ‫السيد عيدروس (‪ )35‬كلمة في الدقيقة بدون أي‬
‫وقال‪« :‬ال بد أن ترتدي (البدلة)‪ ،‬وسوف تستلم من‬ ‫خطأ‪.‬‬
‫يوسف جمال (القايش) والمسدس‪ ،‬وسيقوم بتدريبك‬
‫فأعجب األمير فيصل وأشاد به وأخرج من جيبه‬
‫على الحركات العسكرية‪ »..‬وقــال في ختام الجزء‬
‫ثالثة جنيهات ذهب وسلمها له وقال‪ :‬هديتك تأتيك‬
‫الثالث من حياته‪« :‬وهكذا بدأت مسيرة مستقبلي‬
‫وفعل أرسل له في اليوم التالي (سيكل) وساعة‬ ‫غدًا‪ً .‬‬
‫الطويل في الشرطة‪ »..‬وقال ضمن ما قال إنه وقتها‬
‫يد‪ ،‬وقد نفعه إتقانه الكتابة على اآللة الكاتبة ليتعين‬
‫ال يوجد سيارة وال راديو‪ ..‬ولعدم وجود تواريخ توضح‬
‫بمستشفى جياد بــراتــب (ستة جنيهات) شهريًا‪.‬‬
‫متى طبعت هذه األجزاء الثالثة من مذكراته وحتى‬
‫وتوثقت عالقته بالدكتور حسني الطاهر الذي سأله‬
‫تــواريــخ تلك األح ــداث‪ ،‬إال أنها تجري بين سنتي‬
‫عن من قرأ له؟ فقال إنه قرأ لجبران خليل جبران‬
‫‪ 1345‬و‪1348‬هـ ‪1926‬و‪1929‬م قبل توحيد المملكة‬
‫(الــعــواصــف والــعــواطــف)‪ ،‬فدله على المنفلوطي‪،‬‬
‫بسنوات‪.‬‬
‫وفوجئ بعد يومين بمجموعة كتب المنفلوطي يهديها‬
‫قلت لــه عندما أهــدانــي الــجــزءيــن األولــيــن من‬ ‫لــه‪ .‬وكــان ال يوجد بمكة ســوى جريدة (أم القرى)‬
‫(حياتي مع الجوع والحب والــحــرب) وعرفت أنها‬ ‫فكتب بعض الخواطر وأرسلها للجريدة‪ ،‬ولهذا نجده‬
‫مقتصرة على طفولته المبكرة وذكرياته عند سفره‬ ‫في ختام الكتاب (ج‪ )3‬من مذكراته يقول‪« :‬وال أذكر‬
‫مع والدته وجمعًا من أهالي المدينة للشام‪ ،‬ضمن‬ ‫اليوم‪ ،‬كيف شعرت أن قلبي يكاد يقفز من صدري‪،‬‬
‫حملة (سفر برلك) التي هجّ رهم لها فخري باشا‬ ‫وأن رأسي قد تضخم فال تتسع له الغرفة كلها‪ ،‬أن‬
‫ممثل الحكومة التركية عند حصار األشراف لها إثر‬ ‫يأتي يوم أرى فيه اسمي منشورًا في جريدة تحت‬
‫إعالن الحسين بن علي الثورة العربية الكبرى في‬ ‫هذه الكلمات التي أعجب بها الدكتور حسني الطاهـر‬

‫نوافذ‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪120‬‬
‫وكيل لألمن العام‬
‫األجانب‪ ،‬ثم صدر األمر بتعيينه ً‬ ‫وسط الثالثينيات الهجرية‪ .‬قلت له إنك اآلن على‬
‫للمباحث والجنسية‪ ..‬ثم انقطع للكتابة والتأليف‬ ‫أب ــواب التسعين مــن عمرك المديد ولــم تستكمل‬
‫والترجمة‪ ..‬وكتب لإلذاعة‪ ..‬والتلفزيون‪ ..‬وهو أول‬ ‫مــذكــراتــك‪ ،‬أو على األق ــل المحطات المهمة من‬
‫من أصدر جريدة عكاظ أسبوعية بامتياز األستاذ‬ ‫حياتك‪ ..‬فقال إن ابني يسجل ذلك بالفيديو ولعله‬
‫أحمد عبدالغفور عطار‪.‬‬ ‫يكتبها بعدي‪ ..‬واآلن وقد مضى أكثر من عشرين عامًا‬
‫على وفاته ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬صدر أثناءها الجزء الثالث‬
‫وقــال إنه ترجم (عهد الصبا) إلسحاق الدقس‬ ‫منها‪ ،‬والتي انتهت بدخوله السلك العسكري حدود‬
‫و(النجم الفريد) وقصص سومرست موم ثم (جسور‬ ‫عام ‪1348‬هـ ‪1929‬م‪ ،‬وكل حياته كانت حافلة بالعلم‬
‫إلى القمة)‪ ،‬وقصص من طاغور‪ ..‬ويسهم جادًا مع‬ ‫والعمل‪ .‬ولهذا اضطر إلى االستعانة ببعض ما كتبه‬
‫تهامة فيما تصدر من كتب األطفال‪ ،‬وينقل لها عن‬ ‫الدكتور علي جواد الطاهر في معجم المطبوعات‪.‬‬
‫اإلنجليزية مجموعة حكايات‪ ..‬ومعروف بأنه معل ٌق‬ ‫«‪ ..‬دخــل معترك الحياة في وظائف الحكومة في‬
‫سياسيٌ‪.‬‬ ‫سن مبكرة‪ ،‬وتقلب في عدة مناصب كان من بينها‬
‫وه ــو يــودعــنــي فــي نــهــايــة لــقــائــي الــثــانــي معه‬ ‫وكيل لألمن العام‬
‫مدير مكتب مراقبة األجانب‪ ،‬ثم ً‬
‫‪1416/11/24‬هـ ـــ سألني‪ :‬من ستقابل غ ـدًا؟ قلت‪:‬‬ ‫للمباحث والجوازات والجنسية‪ ..‬يجيد اإلنجليزية‬
‫عابد خزندار‪ ..‬فقال‪ :‬هناك من هو أهم منه‪ ..‬هناك‬ ‫والفرنسية والتركية‪ ،‬كــان من أوائــل من كتبوا في‬
‫جريدة (صوت الحجاز) عند صدورها ألول مرة‪ .‬هو‬
‫والده‪ ،‬فال يفوتك‪ ،‬فلديه معلومات مهمة‪ ..‬فاستغربت‬
‫واحد من الرواد‪ ..‬فكرًا وأدبًا‪ ،‬ويعد من أفضل النقاد‬
‫لعدم سماعي به‪ ،‬فقلت‪ :‬أما يزال على قيد الحياة؟‪.‬‬
‫السعوديين‪ ..‬وفي عام ‪1384‬هـ تولى رئاسة تحرير‬
‫قال ستجده أقوى من ابنه عابد‪ ..‬وهكذا كان‪.‬‬
‫جريدة المدينة المنورة لمدة ‪ 40‬يومًا‪ ...‬حاول أن‬
‫علمت بعد سنه أن عزيز ضياء غــادر للواليات‬ ‫يدرس في القاهرة وبيروت‪ ،‬فلم يتهيأ له أن ينهي‬
‫المتحدة لالستشفاء ولم يمكث سوى أيام‪ ،‬فسمعت‬ ‫دراسته‪ ..‬وعاد إلى المملكة ليعين في الشرطة رئيسً ا‬
‫بوفاته رحمه اهلل‪ ..‬فقال الدكتور عبداهلل مناع وهو‬ ‫لقسم التنفيذ‪ ،‬ثم عندما تأسست وزارة الدفاع التحق‬
‫يرثيه أنه رغم تقدم سنه‪ ،‬إال إنه يسهر إلى الثانية‬ ‫بها‪ .‬ثم مديرًا عامًا للخطوط الجوية‪.‬‬
‫لــيـ ًـا‪ ،‬ويصحو مبكرًا ليتناول فــطــوره فــي الثامنة‬ ‫ونتيجة لخالف بينه وبين مسئول آخر فُصل‪..‬‬
‫صباحً ا‪ .‬وال يشاركه الفطور سوى قطة أليفه مؤدبه‪،‬‬ ‫فسافر إلــى القاهرة‪ ،‬وبعد إقامته سنتين تقريبًا‬
‫يوضع لها ملعقة وشوكة مثل ما يوضع له‪ ،‬وتجلس‬ ‫التحق بوظيفة مــذيــع مترجم فــي إذاعـ ــات الهند‬
‫على الكرسي المقابل له بكل أدب لتتناول الفطور‬ ‫في دلهي‪ ،‬وبعد أن قضى سنتين تقريبًا استدعته‬
‫معه!‬ ‫الحكومة برقيًا ليشغل وظيفة مدير مكتب مراقبة‬

‫* باحث سعودي‪.‬‬
‫((( وتقول ابنته دالل في برنامج الراحل بقناة (روتانا خليجية) يوم الخميس ‪ 3‬رمضان ‪1442‬هـ‪ ،‬الموافق‬
‫‪ 15‬أبريل ‪2021‬م‪ ،‬أن اسمه الحقيقي عبدالعزيز بن زاهد مراد‪ .‬بينما اسمه الذي عرف به هو عزيز‬
‫ضياء‪ .‬إذ أن والدته تزوجت من الطبيب التركي ضياء بعد مرور سنوات على اختفاء والده‪ .‬وأن عزيز‬
‫ولد وتربى في كنفه وكان يحنو عليه ويوجهه‪ .‬وبعد أن كبر الولد وبدأ يكتب بالصحف‪ ،‬وقع أول مقال‬
‫باسم عبدالعزيز زاهد واطلع عليه زوج والدته فقال له‪ :‬هل استكثرت علي وضع اسمي إلى جوار اسمك؟‬
‫فخجل‪ ،‬وبدأ يكتب تحت اسم عزيز ضياء‪.‬‬

‫‪121‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نوافذ‬
‫كتاب لم يصدر‪ ..‬ولم يحتجب‪:‬‬

‫المنتقى من أشعار العرب‬

‫■ محمد علي حسن اجلفري*‬

‫قصة قصيدة‬
‫ُحقَّ الثناء على المبعــوث بالبقره‬ ‫ف ــي ك ــل فــات ـحــة ل ـل ـقــول مـعـتـبــر ْه‬
‫رجالهم والنساءاستوضحواخبر ْه‬ ‫فــي آل عـمــران قدما شــاع مبعثه‬
‫عمّ تفليستعلىاألنعاممُ قتصره‬ ‫قــد مــدَّ للناس مــن نُعماه مائد ًة‬
‫ألول مرة طرقت سمعي هذه القصيدة‪ ..‬كانت في مجلس درس حديث البخاري‬
‫في منزل المشايخ آل باسندوة بجده قبل أكثر من ثالثين سنة‪ .‬وقد تالها من‬
‫حفظه شيخنا الحبيب عبدالقادر السقاف‪ ،‬رحمه اهلل‪ .‬وهي قصيدة طويلة قالها‬
‫ابن جابر األندلسي في مدح الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقد رتبها على أسماء‬
‫عملت مــع األستاذ‬
‫ُ‬ ‫ســور الـقــرآن الـكــريــم‪ .‬ولــم أعثر عليها عقب ذلــك إال بعد أن‬
‫عبداهلل عمر خياط كمستشار ثقافي له‪ .‬واألستاذ الخياط‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬كان من‬
‫أعمدة مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر‪ ،‬وكان أحد رؤساء تحرير عكاظ من ‪1965‬‬
‫إلى ‪1970‬م‪.‬‬

‫كــان األســتــاذ الخياط قــد جمع خالل قصيدة ابن جابر األندلسي هذه‪ .‬وسلمني‬
‫اشتغاله بالثقافة والصحافة مدة أربعين ملفًا بهذه القصائد‪ ،‬وأوكل إليّ تصحيحها‬
‫سنة‪ ،‬كثيرا مــن القصائد الــنــادرة‪ ،‬ومنها وترتيبها أبجديا‪ ،‬لتكون كتابًا بعنوان «المنتقى‬

‫نوافذ‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪122‬‬
‫من أشعار العرب»‪ .‬وقد فرحت بالعثور على هذه‬
‫القصيدة قبل انتشار جوجل‪ ،‬وأدرجتها في مسودة‬
‫الكتاب‪ .‬والحظت أن ناظمها‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬قد جمع‬
‫أسماء كافة سور القرآن في القصيدة ما عدا اسم‬
‫ســورة الجاثية‪ .‬فال أعلم كيف فاته ذلــك‪ ،‬أو أن‬
‫البيت الذي ذكر فيه اسم سورة «الجاثية» ضاع‪.‬‬
‫وما ذلك ببعيد فقد ضاعت منا األندلس بكاملها‪.‬‬
‫وبما أن سورة األحقاف تأتي بعد سورة الجاثية‬
‫فقد قال الشاعر‪:‬‬
‫ع ـ ــزت شــري ـع ـتــه ال ـب ـي ـض ــاء ح ـي ــن أت ــى‬
‫أحـ ـق ــاف بـ ــدر وج ـن ــد اهلل ق ــد ح ـضــره‬
‫فلعله اكتفى بذكر «شريعته البيضاء» إشارة‬
‫الراحل عبداهلل عمر خياط‬ ‫إلى سورة الجاثية التي ورد فيها قوله تعالى‪ :‬ثم‬
‫جعلناك على شريعة من األمــر فاتبعها وال تتبع‬
‫وال ـ ـكـ ــافـ ــرون إذا جـ ــاء ال ـ ـ ــورى ُطـ ـ ــردوا‬ ‫أهواء الذين ال يعلمون‪.‬‬
‫ع ــن حــوضــه فـلـقــد ت ـ ّب ــتْ يـ ـ ـ ــدُ الـكـفــره‬
‫ومثل ذلك اسم سورة النصر فقد اكتفى بقوله‬
‫إخـ ــاص أم ــداح ــه شـغـلــي ف ـكــم فـ َلـ ـ ـ ـ ٍـق‬ ‫«إذا جاء»‪.‬‬
‫أسمعت فيه الـنــاس مُ فتخَ ره‬ ‫ُ‬ ‫للصبح‬
‫والقصيدة في نحو خمسين بيتا وتنتهي بقول‬
‫أزك ـ ــى ص ــات ــي ع ـلــى الـ ـه ــادي وع ـتــرتــه‬ ‫الشاعر‪:‬‬
‫ـوصـ ــا م ـن ـه ــم ع ـش ــره‬
‫وصـ ـحـ ـب ــه وخ ـ ـصـ ـ ً‬
‫الوفاة‬
‫كانت القصائد تطبع وتصحح‪ ،‬ثم تعود‪ ،‬ثم‬
‫تذهب إلى المطبعة لطباعة الدمية األولــى‪ ،‬ثم‬
‫تعود للتأكد من صحة طباعة كل بيت وتشكيله‪.‬‬
‫لقد كنا في هذه المعمعة حين جاء هادم اللذات‬
‫واختار جامع القصائد إلى دار البقاء‪ .‬وكان األستاذ‬
‫الخياط قد أشار إلى أن أي كتاب لم يصدر وهو‬
‫على قيد الحياة فاتركوه‪ .‬لكن كتاب «المنتقى من‬
‫أشعار العرب» ليس فيه قضايا أو آراء جدلية‪،‬‬
‫كما أنه قد اكتمل نموه‪ .‬ووجدت للدهشة وحسن‬
‫الطالع أن الكتاب قد خرج من المطبعة وليدًا كامل‬ ‫كتاب المنتقى من أشعار العرب‬

‫‪123‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نوافذ‬
‫النمو مصححً ا‪ ،‬وله رقم ردمك‪ ،‬لكن لم يطبع منه‬
‫سوى خمس نسخ‪ .‬ولو رآه األستاذ الخياط لقرت‬
‫عينه به‪ ،‬ولم يمانع في طبع مئات النسخ‪ ،‬ال للبيع‪،‬‬
‫ولكن لإلهداء وتوزيعه على مكتبات الجامعات‪.‬‬
‫ألن سوق الكتاب الورقي كما يعلم الجميع يسير‬
‫سير الهوينا‪ .‬وال يجد اإلقبال من القراء الذين‬
‫هيمن عليهم فضاء التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫وكان الشيخ اللغوي الكبير أبو تراب الظاهري‬
‫من أقرب أصدقاء األستاذ الخياط‪ ،‬وقد سافرا‬
‫معًا من جدة إلى شرقي آسيا فإلى طوكيو‪ ،‬ثم‬
‫دارت بهم الرحلة حول الكرة األرضية إلى جزر‬
‫أ‪ .‬ابو تراب الظاهري‬
‫هاواي‪ ،‬ثم إلى لوس أنجلوس بالواليات المتحدة‬
‫واحــتــوى كتاب المنتقى على قصيدة أحمد‬ ‫األمريكية‪ .‬ولما توفي الشيخ الــظــاهــري ترك‬
‫شوقي «ذكرى المولد» التي غنتها أيضا أم كلثوم‪.‬‬ ‫قصيدة تائية طويلة «بعنوان هواتف الضمير»‬
‫وفيها يقول ‪:‬‬ ‫نشرتها كاملة صحيفة الجزيرة في‪1423/3/28‬هـ‬
‫الموافق ‪2002/6/9‬م أضافها األستاذ الخياط‬
‫أبـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ــزهـ ـ ـ ــراء قـ ـ ــد جـ ـ ـ ـ ـ ــاوزت قـ ـ ــدري‬
‫إلــى كتاب المنتقى‪ .‬وهــي مما اصطلح األدبــاء‬
‫ب ـ ـمـ ــدحـ ــك ب ـ ـيـ ــد أن لـ ـ ـ ـ ــيَ انـ ـتـ ـس ــاب ــا‬ ‫على تسميته بشعر الفقهاء‪ ،‬لكنها تذكير بالموت‪،‬‬
‫ف ـ ـ ـمـ ـ ــا عـ ـ ـ ـ ـ ــرف الـ ـ ـ ـب ـ ـ ــاغ ـ ـ ــة ذو ب ـ ـيـ ــان‬ ‫وبأن هذه الدنيا فانية‪ ،‬وفيها وصف لمشاهد يوم‬
‫إذا لـ ـ ـ ــم يـ ـتـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك لـ ـ ـ ــه كـ ـت ــاب ــا‬ ‫القيامة يهز القارئ هزًا عنيفًا‪ .‬وقد عاش األستاذ‬
‫الخياط بعد صاحبه أبي تراب نحو ‪ 18‬سنة وفي‬
‫م ـ ــدح ـ ــت ال ـ ـمـ ــال ـ ـك ـ ـيـ ــن ف ـ ـ ـ ـ ــزدت ق ـ ـ ــدرا‬
‫صفر عام ‪ 1440‬لقي وجه ربه‪.‬‬
‫ف ـح ـي ــن م ــدح ـت ــك اق ـ ـتـ ــدت ال ـس ـحــابــا‬
‫مع أم كلثوم‬
‫ويــضــم الــكــتــاب قــصــيــدة «م ــن أج ــل عينيك»‬
‫انتقى األستاذ الخياط عدة قصائد كان لها وقــصــيــدة «عــواطــف ح ــائ ــرة» لــأمــيــر عــبــداهلل‬
‫حظها من االنتشار وغناها مطربون ومطربات الفيصل وكالهما غنتهما أم كلثوم‪.‬‬
‫على رأسهم أم كلثوم التي غنت بعضا من أبيات‬
‫لكن قصيدة «عواطف حائرة» اشتهرت ب «ثورة‬ ‫قصيدة «ولد الهدى» الهمزية ألمير الشعراء أحمد‬
‫شوقي في مدح الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬الشك» ويقال والعلم عند اهلل إن أصلها قصيدة‬
‫نبطية سياسية وإن جاءت في جلباب غزلي بديع‪.‬‬ ‫ومطلعها‪:‬‬
‫يقول مطلعها‪:‬‬
‫ول ـ ـ ـ ــد الـ ـ ـ ـه ـ ـ ــدى فـ ــال ـ ـكـ ــائ ـ ـنـ ــات ضـ ـي ــاء‬
‫وف ـ ـ ـ ـ ـ ــم ال ـ ـ ـ ـ ــزم ـ ـ ـ ـ ــان ت ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ُّـسـ ـ ـ ــمُ وثـ ـ ـن ـ ــاء أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد أش ـ ـ ـ ـ ـ ــك فـ ـ ـ ـ ــي ن ـ ـف ـ ـس ـ ــي ألن ـ ـ ــي‬
‫أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد أشـ ـ ـ ـ ـ ــك ف ـ ـ ـيـ ـ ــك وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت مـ ـن ــي‬ ‫ال ـ ـ ـ ـ ـ ــروح والـ ـ ـ ـم ـ ـ ــأ ال ـ ـم ـ ــائ ـ ــك ح ــول ــه‬
‫وما أحلى األوقات التي قضيناها ونحن نستمع‬ ‫لـ ـ ـل ـ ــدي ـ ــن وال ـ ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ــه ب ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــراءُ‬

‫نوافذ‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪124‬‬
‫أما القصيدة التي غناها مطربون سعوديون‬
‫وغيرهم فهي أغنية «يا عروس الروض» للشاعر‬
‫إلياس فرحات حيث ينادي‪:‬‬
‫ياعروس الروض يا ذات الجناح‬
‫يا حمام ْه‬
‫سافري مصحوبة عند الصباح‬
‫بالسالم ْه‬
‫واحملي شوق محب ذي جراح‬
‫وهيام ْه‬
‫وتكتمل باقة القصائد المغناة بقصيدة طاهر‬
‫زمخشري التي غناها طارق عبدالحكيم‪ ،‬رحمهما‬ ‫الشاعر طاهر زمخشري‬
‫اهلل‪:‬‬
‫ألم كلثوم وهي تشدو بقصيدة األطالل التي أنشأها‬
‫إبراهيم ناجي‪ .‬وقصتها أنه امتأل قلبه شغفًا بحبيبة أه ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــم ب ـ ـ ـ ــروح ـ ـ ـ ــي ع ـ ـ ـلـ ـ ــى الـ ـ ــراب ـ ـ ـيـ ـ ــة‬
‫وعـ ـ ـن ـ ــد ال ـ ـم ـ ـطـ ــاف وفـ ـ ـ ــي الـ ـم ــروتـ ـي ــن‬
‫من جيرانه ثم سافر في بعثة إلــى أوربــا لدراسة‬
‫الطب‪ ،‬ولما عاد علم أنها قد تزوجت‪ .‬وذات ليلة وأه ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ــو إل ـ ـ ـ ـ ـ ــى ذِ َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر غ ــالـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫ل ـ ــدى ال ـب ـي ــت وال ـخ ـي ــف واألخ ـش ـب ـيــن‬ ‫دعي إلى المستشفى لمعالجة والدة متعسرة‪ .‬وإذا‬
‫ومــن المعروف أن الشاعر طاهر زمخشري‬ ‫بالحبيبة التي كان مشغوفًا بها تعاني آالم المخاض‪.‬‬
‫طويل من حياته في تونس‪ ،‬فعبرت‬ ‫ً‬ ‫فنسج لنا قصيدة طويلة من أروع قصائد الهيام قضى ردحً ا‬
‫قصيدته هذه بحرارة وصــدق عن شوقه لمرابع‬ ‫والفلسفة في القرن العشرين‪ .‬ومنها‪:‬‬
‫الشباب في مكة المكرمة ومشاعرها المقدسة‪.‬‬ ‫أع ـ ـ ـط ـ ـ ـنـ ـ ــي حـ ـ ــري ـ ـ ـتـ ـ ــي أطـ ـ ـ ـل ـ ـ ــق يـ ــديـ ــا‬
‫ولما غنى محمد عبدالوهاب قصيدة‪:‬‬ ‫إن ـ ـنـ ــي أعـ ـطـ ـي ــت مـ ــا اس ـت ـب ـق ـي ــت ش ـ َّي ــا‬
‫مـ ـ ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ــاك ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه م ـ ـ ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ــده‬ ‫آه مـ ـ ـ ــن قـ ـ ـي ـ ــدك أدم ـ ـ ـ ـ ـ ــى م ـع ـص ـم ــي‬
‫ورحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوّده‬
‫وبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه ّ‬ ‫لِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َم ُأب ـ ـق ـ ـي ـ ــه وم ـ ـ ـ ــا أبـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى عـ ـلـ ـ َّي ــا‬
‫غــنــت الــمــطــربــة اللبنانية فــيــروز القصيدة‬ ‫م ـ ــا احـ ـتـ ـف ــاظ ــي بـ ـعـ ـه ــود ل ـ ــم ت ـص ـن ـهــا‬
‫وإال َم األس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر وال ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـي ـ ـ ــا ل ـ ــد َّي ـ ــا األصلية وهي للحصري القيرواني‬
‫كما غنت أم كلثوم أغنية «حديث الروح» للشاعر يـ ـ ـ ـ ــا ل ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــلُ ‪ ،‬ال ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ُّـب مـ ـ ـ ـت ـ ـ ــى غ ـ ـ ــده‬
‫أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ال ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ــوعـ ـ ـ ـ ــده‬ ‫الهندي الفيلسوف محمد إقبال‪ .‬والقصيدة مثبتة‬
‫وغنت فــيــروز أيــضــا قصيدة شوقي بعنوان‬ ‫في ختام الكتاب في قسم القصائد ذات القوافي‬
‫زحلة‪:‬‬ ‫المتنوعة‪ .‬ومطلعها‪:‬‬
‫ي ـ ــا ج ـ ـ ــارة الـ ـ ـ ـ ـ ــوادي طـ ــربـ ــت وعـ ــادنـ ــي‬ ‫حـ ـ ــديـ ـ ــث ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروح ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأرواح يـ ـس ــري‬
‫مـ ـ ــا ي ـ ـش ـ ـبـ ــه األح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام مـ ـ ــن ذكـ ـ ـ ـ ــراك‬ ‫وتـ ـ ـ ـ ـ ــدركـ ـ ـ ـ ـ ــه ال ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــوب بـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ـن ـ ـ ــاءِ‬

‫‪125‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫نوافذ‬
‫باكثير قبل سبعين سنة للتفرغ مدة سنتين إلنتاج‬ ‫وفيها قوله البيت الشهير‪:‬‬
‫مسرحية عمر بن الخطاب في عشرين جزءا‪.‬‬ ‫وتـ ـعـ ـطـ ـل ــت ل ـ ـغـ ــة ال ـ ـ ـكـ ـ ــام وخ ــاطـ ـب ــت‬
‫وبدأ الكتاب بقصيدة همزية لحسان بن ثابت‬ ‫ع ـ ـي ـ ـنـ ــاي فـ ـ ــي ل ـ ـغـ ــة ال ـ ـ ـهـ ـ ــوى ع ـي ـن ــاك‬
‫وكل هذه القصائد موجودة في كتاب «المنتقى رضي اهلل عنه‪ ،‬وملحق بها شــرح لموضوعاتها‬
‫من أشعار العرب» الواقع في منزلة بين المنزلتين‪ ،‬بقلم المرحوم عبدالرحمن البرقوقي‪ .‬وانتهى‬
‫فهو لم يصدر عدا النسخ الخمس‪ ،‬ولم يحتجب في قسم القوافي بقصيدة الدكتور سعد عطية‬
‫الغامدي بعنوان سراييفو‪ ..‬حضارة أخيرة‪.‬‬ ‫لوجود النسخ الخمس‪.‬‬
‫واشتمل الكتاب على نحو ‪ 150‬قصيدة منها‬ ‫األبجدية والموضوع‬
‫عشرات القصائد للشعراء السعوديين‪ :‬حمزة‬ ‫بــصــرف الــنــظــر عــن مــوضــوعــات القصائد‪،‬‬
‫شحاته‪ ،‬وغازي القصيبي‪ ،‬ويحيى توفيق‪ ،‬وخالد‬ ‫فــإن الترتيب األبجدي هو الــذي هيمن عليها‪.‬‬
‫الفيصل‪ ،‬وناصر بن مسفر الزهراني‪ ،‬ومحمد‬ ‫مثل ثالث قصائد للشاعر حافظ‬ ‫ففي الكتاب ً‬
‫حسن فقي‪ ،‬وحسن عبداهلل قرشي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫إبراهيم‪ .‬أولها «غادة اليابان» وهي دراما بمعنى‬
‫ولما كان األستاذ الخياط صديقا لكل من حمزة‬ ‫الكلمة إذ يقول فيها‪:‬‬
‫شحاته وللدكتور غازي القصيبي‪ ،‬فقد أودع في‬ ‫ك ـ ـ ـنـ ـ ــت أهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى ف ـ ـ ـ ــي زم ـ ـ ـ ــان ـ ـ ـ ــي غ ـ ـ ـ ــادة‬
‫كتاب المنتقى بضع قصائد لكل منهما‪.‬‬ ‫وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب اهلل ل ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ــا وه ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫وفــي ختام الكتاب قصيدة لنزار قباني في‬ ‫ذات وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ـ ـ ــزج الـ ـ ـحـ ـ ـس ـ ــن ب ــه‬
‫ص ـ ـ ـفـ ـ ــرة ت ـ ـن ـ ـسـ ــي ال ـ ـ ـي ـ ـ ـهـ ـ ــود الـ ــذه ـ ـبـ ــا رثاء زوجته بلقيس التي كانت تعمل في السفارة‬
‫العراقية ببيروت‪ ،‬وتم تفجير السفارة‪ ،‬فكانت من‬
‫وأتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت تـ ـخـ ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر والـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـي ـ ـ ــل ف ـت ــى‬
‫بين الضحايا‪.‬‬
‫وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال األفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق فـ ـ ـ ــي األفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق ح ـب ــا‬
‫ومن ميزات الكتاب أنه جمع السينيات الثالث‬ ‫ث ـ ـ ـ ــم قـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ــت ل ـ ـ ـ ــي ب ـ ـث ـ ـغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر بـ ــاسـ ــم‬
‫ن ـ ـظ ـ ـ ـ َـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ّر بـ ـ ـ ــه والـ ـحـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ــا في األدب العربي‪ :‬سينية البحتري في وصف إيوان‬
‫كسرى‪ ،‬وسينية أحمد شوقي في قصيدة الرحلة‬
‫ن ـ ـ ــذب ـ ـ ــح الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدب ونـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ــري جـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده‬
‫إلى األندلس‪ ،‬وسينية عبداهلل بلخير بعد أن زار‬
‫أيـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدب أن ال ُيـ ـغـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ــا‬
‫غرناطة والمرابع األندلسية عام ‪1977‬م‪ ،‬وسجل‬
‫‪...‬إلخ‬
‫في القصيدة أشجانه وأحزانه بعنوان «ملحمة‬
‫والــثــانــيــة التائية الــمــشــهــورة فــي رث ــاء اللغة غرناطة وقصور الحمراء‪ ..‬وال غالب إال اهلل»‪.‬‬
‫العربية‪ .‬والثالثة بعنوان «عمر بن الخطاب» وهي‬
‫وفــي الختام‪ ،‬يكفيك مــن الــقــادة مــا أحــاط‬ ‫ملحمة رائعة في نحو‪180‬بيتا‪ .‬وهــذه القصيدة‬
‫الفريدة ال أشك في أنها من محفزات القائمين بالعنق‪ .‬رحم اهلل الصديق األستاذ عبداهلل عمر‬
‫على الثقافة المصرية الذين كلفوا علي أحمد خياط‪.‬‬
‫ * نائب مدير مركز معلومات عكاظ سابقا ومترجم‪.‬‬

‫نوافذ‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪126‬‬
‫عرض كتاب‬
‫عيون المص ّورين)‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫(الجوف في‬
‫‪AL JOUF in the Eyes of photographers‬‬
‫■ عبداللطيف حسن أفندي*‬

‫صدر كتاب الجوف في عيون المصورين بطبعته األولى عن مركز عبدالرحمن‬


‫السديري الثقافي(((‪ .‬وهو من أحدث مؤلفات المركز وإنتاجه األدبي‪ ،‬كتاب مصور‬
‫ودراس ــة دقيقة وم ـحــددة يمكن مــن خاللها إلـقــاء الـضــوء على منطقة الجوف‬
‫بمواقعها الطبيعية‪ ،‬والتراثية‪ ،‬والحياة العامة بالمنطقة‪ ،‬والتنمية الحضارية‪،‬‬
‫والزراعة‪.‬‬

‫العمل عليه نحو ثالث سنوات تضمنت‬ ‫واشتمل الكتاب على لوحات فنية‬
‫بيئية لمنطقة الــجــوف تــم تصويرها‬
‫الــتــقــاط ال ــص ــور وتــصــنــيــفــهــا وكــتــابــة‬
‫النصوص واإلخراج والطباعة‪ ،‬وترجمة‬ ‫بإبداع وفن‪ ،‬من قبل مصورين متميزين‪،‬‬
‫نصوصه إلى اللغة اإلنجليزية‪ ،‬ليكون‬ ‫وصــور مــن أرشــيــف دار العلوم التابع‬
‫كتابا مــزدوج اللغة؛ باللغتين العربية‪،‬‬ ‫لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي‪،‬‬
‫وقد شارك في صور الكتاب مصورون‬
‫واإلنجليزية‪.‬‬
‫افتتح الــكــتــاب بــضــوء جميل تحت‬ ‫شباب عددهم تسعة‪ ،‬وأكثرهم تصويرًا‬
‫زايــد الالحم‪ ،‬الــذي أجــاد في اقتناص عنوان الجوف‪ ..‬طيف الشمال وقلعته‬
‫ص ــورة الــغــاف البنفسجي مــن واقــع الــحــصــيــنــة‪ ،‬فــي إشــــارة إل ــى موقعها‬
‫االستراتيجي المتميز عبر التاريخ‪،‬‬ ‫الربيع في الجوف‪.‬‬
‫جاءت فكرة الكتاب بمبادرة من إدارة فهي تمثل حلقة الوصل بين حضارات‬
‫دليل يقدم لزوار منطقة مختلفة‪ ،‬ومعبرًا للقوافل التجارية‪ ،‬وبيئة‬ ‫المركز ليكون ً‬
‫الجوف والوفود السياحية‪ ،‬وقد استمر معتدلة وسكان كــرمــاء‪ .‬وتُعد منطقة‬

‫‪127‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫قراءات‬
‫الكتاب‪( :‬الجوف في عيون المصورين)‬
‫‪AL JOUF In the Eyes of photographers‬‬

‫الناشر‪ :‬مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬


‫اإلشراف العام‪ :‬سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري‪.‬‬
‫النصوص‪ :‬حسين بن علي الخليفة ‪ ،‬ومحمد صوانة‪.‬‬
‫المحرر‪ :‬محمد بن عيسى صوانة‪.‬‬
‫التصميم‪ :‬ظافر الشهري‪.‬‬
‫الترجمة‪ :‬د‪ .‬محمد بن أحمد الجبالي‪.‬‬
‫مراجعة األسماء العلمية لبعض الطيور والحيوانات والنباتات‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬بشير جرار‬
‫سنة النشر‪1442 :‬هـ‪2021 /‬م‪.‬‬
‫عدد الصفحات‪ 190 :‬صفحة‪.‬‬
‫المقاس‪28×28 :‬سم‪.‬‬
‫رقم اإليداع‪.1442 /9280 :‬‬
‫ردمك‪.978-603-03-7897-5 :‬‬

‫عمرو) وكانوا يسكنون شمال صحراء النفوذـ‪،‬‬ ‫الــجــوف طيفًا لشمالي المملكة العربية‬
‫كما عرف الجوف باسم (جوف السرحان)‬ ‫السعودية وقلعته الراسخة‪ ،‬كما تمتاز منطقة‬
‫الرتباطه الجغرافي الوثيق بوادي السرحان‪.‬‬ ‫الجوف بالوداعة والهدوء والسكينة‪.‬‬
‫كما أ ُطلق اسم الجوف على دومــة الجندل‬ ‫تقع الــجــوف فــي شمال غربي المملكة‬
‫عندما كانت حاضرة للمنطقة ويطلق عليها‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬حاضرتها مدينة سكاكا‬
‫اآلن سكاكا‪.‬‬ ‫مركز المنطقة‪ ،‬لها طبيعة جغرافية ساحرة‬
‫قُسِّ م الكتاب إلــى أربعة محاور رئيسة‬ ‫تنتشر فيها بيئات زراعية حَ وت من النخيل‬
‫كالتالي‪ :‬التراث واألثــار (في ‪ 31‬صفحة)‪،‬‬ ‫أصنافًا متميزة‪ ،‬ومزارع من العنب والزيتون‬
‫والطبيعة (ف ــي ‪ 76‬صــفــحــة)‪ ،‬واألنــشــطــة‬ ‫والــحــمــضــيــات‪ ،‬وه ــي مــواضــع قــريــبــة من‬
‫البراري التي تطيب للنزهة‪ ،‬ومن خير البقاع‬
‫الــثــقــافــيــة (فـ ــي ‪ 18‬صــفــحــة)‪ ،‬والــحــيــاة‬
‫االجــتــمــاعــيــة (ف ــي ‪ 42‬صــفــحــة)‪ ،‬واختتم‬ ‫لإلبل والخيل‪.‬‬
‫ذكر ابن منظور أنها سميت بالجوف نسبة بالمراجع المستخدمة‪.‬‬
‫وقد ُوفِّق المحرر في الكتاب من ناحية‬ ‫إلى آل عمرو من قبيلة طي‪ ،‬فقيل (جوف آل‬

‫قراءات‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪128‬‬
‫التقسيم العلمي‪ ،‬والــتــوازن‪ ،‬والــتــدرج في ع ــام‪ ،‬وهــو مــن أق ــدم الــمــواقــع األثــريــة في‬
‫صياغة المعلومة‪ ،‬وعرضها من خالل الصور الجزيرة العربية‪.‬‬
‫كما أن الجوف غنية بالتراث المادي مثل‬ ‫بطريقة سهلة للقارئ تنم عن فهم وإتقان‬
‫الــقــاع الحصينة التي ردعــت الطامعين‪،‬‬ ‫لموضوع الكتاب‪.‬‬
‫وصــدت الــغــزاة‪ ،‬فقد عجزت زنوبيا ملكة‬ ‫تناول الكتاب في المحور األول‪ :‬األهمية‬
‫تــدمــر عــن اقــتــحــام قلعة م ــارد فــي مدينة‬ ‫التاريخية والحضارية للجوف‪ ،‬إذ أظهرت‬
‫دومــة الجندل‪ ،‬والتي تعد من أبــرز األثــار‬ ‫التنقيبات األثرية عمقًا حضاريًا وتاريخيًا‬
‫بشمالي المملكة‪ ،‬وأكــدت التنقيبات أنها‬ ‫للجوف‪ ،‬مثل‪ :‬موقع الشويحطية الذي يؤرخ‬
‫كانت موجودة منذ عصر األنباط‪ ،‬وهي قلعة‬ ‫لفترة مبكرة جدا من تاريخ اإلنسان إذ يؤرخه‬
‫حصينة مكتملة المرافق‪.‬‬ ‫علماء األثــار ألكثر من مليون وربع المليون‬

‫‪129‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫قراءات‬
‫الصعيدي‪ ،‬إضافة إلى العديد من الرسوم‬ ‫وقلعة زعبل بسكاكا التي تتميز بتحصينها‬
‫الصخرية المتفردة؛ كما يظهر في اللوحة‬ ‫الطبيعي‪ ،‬ويرجع تاريخها لنحو ‪ 200‬سنة‬
‫(‪ )2‬رسم صخري من قــارا بالجوف لشكل‬ ‫مضت‪ .‬ومن األحياء التاريخية في الجوف‬
‫الجمل بوضوح‪.‬‬ ‫حي الــدرع بدومة الجندل‪ ،‬وهو حي تراثي‬
‫أمــا المحور الثاني مــن الكتاب بعنوان‬ ‫يشبه المتحف المفتوح الــذي يمثل المدن‬
‫الطبيعة‪ ،‬ويظهر جليًا أنه الجانب األكبر من‬ ‫اإلسالمية القديمة‪ ،‬التي تحتفظ بكامل‬
‫الكتاب‪ ،‬تناول التراث الطبيعي في الجوف‬ ‫تخطيطها وعناصرها المعمارية‪ .‬وتجدر‬
‫من الحيوانات والطيور مثل‪ :‬الظبي األوروبي‬ ‫اإلشـــــارة إلـــى ن ــم ــوذج فــريــد م ــن الــمــآذن‬
‫فــي محمية خــاصــة فــي بسيطا بالجوف‬ ‫اإلسالمية منذ بدايات انتشار اإلسالم في‬
‫(محمية أحــمــد آل الــشــيــخ)‪ ،‬اللوحة (‪،)3‬‬ ‫الجزيرة العربية‪ ،‬وهي مئذنة مسجد عمر‪،‬‬
‫والثعالب وطــائــر العقاب وهــو مــن الطيور‬ ‫وموقع الرجاجيل الــذي يعود تاريخه إلى‬
‫المهاجرة التي تمر بمنطقة الجوف خالل‬ ‫العصر النحاسي بحدود األلف الرابعة قبل‬
‫موسم الهجرة السنوي ومثله طائر الصرد‪،‬‬ ‫الــمــيــاد‪ .‬مــن أب ــرز الــصــور ص ــورة السرب‬
‫وحمام لندن (المطوّق) في مــزارع سكاكا‪،‬‬ ‫للصقور السعودية المتعامد مع ارتفاع قلعة‬
‫وطائر البلشون األبيض (البيوضي)‪ ،‬اللوحة‬ ‫مارد بدومة الجندل‪ ،‬اللوحة (‪.)1‬‬
‫كما يوجد بقرية كاف قصر كاف وقلعة (‪.)4‬‬

‫اللوحة (‪ )1‬توضح قلعة مارد ومئذنة مسجد عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه بدومة الجندل‬

‫قراءات‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪130‬‬
‫اللوحة (‪ )5‬توضح الكثبان الرملية الذهبية على الشرق من مدينة سكاكا‬

‫كنقطة عبور للطيور المهاجرة بين ثالث‬ ‫ومن النباتات مثل‪ :‬اليهق (خفج أقحواني)‬
‫قـــارات وأح ــد عناصر الــجــذب السياحي‬ ‫وال ــذي يظهر على غــاف الكتاب باللون‬
‫للمنطقة‪ .‬وتظهر بإحدى الصور استخراج‬ ‫البنفسجي الــجــمــيــل‪ ،‬وزهـ ــرة الــديــدحــان‬
‫المياه من إحدى أبار دومة الجندل والتقطت‬ ‫(شقيقة النعمان) والتي تنتشر في الجوف‬
‫الصورة عام ‪1330‬هـ‪ .‬وبحيرة دومة الجندل‬ ‫وبــاد الــشــام‪ ،‬وشجرة األرط ــاء التي تنبت‬
‫االصطناعية والتي أنشئت لتجميع المياه‬ ‫في المناطق الرملية ذات الكثبان‪ ،‬وأشجار‬
‫ال ــزائ ــدة عــن حــاجــة الــمــشــاريــع الــزراعــيــة‬ ‫الزيتون‪ ،‬وأشجار العنب األخضر واألحمر‪،‬‬
‫المتجمعة بها‪ ،‬وتعد أكبر بحيرة غير طبيعية‬ ‫وأشــجــار النخيل التي تتميز الجوف ببلح‬
‫في الجزيرة العربية‪ .‬وكذلك الكثبان الرملية‬ ‫حلوة‪ ،‬ذي اللون األحمر والمذاق اللذيذ‪.‬‬
‫الذهبية إلى الشرق من مدينة سكاكا‪ ،‬كما‬ ‫والمحميات مثل‪ :‬محمية الحرة بالجوف‬
‫يظهر في اللوحة (‪.)5‬‬ ‫والــوديــان التي تشرحها الصور مثل وادي‬
‫ولم يغفل الكتاب المشاريع االقتصادية‬ ‫السرحان‪ ،‬الخصر الغربي لمنطقة الجوف‪،‬‬
‫مثل محطة سكاكا للطاقة الشمسية ومحطة‬ ‫وقرى الملح (القريات) في شمالي منطقة‬
‫دومة الجندل لطاقة الرياح وهي األكبر على‬ ‫الــجــوف‪ ،‬وأظــهــرت الــلــوحــات الفنية لهذا‬
‫مستوى منطقة الشرق األوسط‪ ،‬والمشاريع‬ ‫الكتاب أهمية بحيرة دومة الجندل كمنطقة‬
‫الزراعية في بسيطا بالجوف‪ ،‬والتي تعد سلة‬ ‫سياحية واعــدة ألبناء المنطقة والمقيمين‬
‫غذاء المملكة العربية السعودية‪ ،‬واستخراج‬ ‫بها‪ ،‬وعامة مواطني المملكة وخصوصيتها‬

‫‪131‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫قراءات‬
‫اللوحة (‪ )2‬توضح رسم صخري من قارا بالجوف‪ ،‬ويظهر شكل الجمل بوضوح‬

‫الملح الطبيعي من الصحراء في محافظة نماذج من االحتفال بمهرجان التمور في‬


‫القريات بالجوف‪ ،‬وكان سابقًا يمثل مصدر الجوف‪ ،‬واالحتفال باليوم الوطني في مدينة‬
‫سكاكا‪ ،‬وممارسة األنشطة الرياضية التي‬ ‫الدخل األساس لمعظم سكان المنطقة‪.‬‬
‫والمحور الثالث‪ ،‬يشمل األنشطة الثقافية تناسب طبيعة منطقة الجوف مثل الرياضات‬
‫فــي الــجــوف واإلشـــارة إلــى متحف الجوف الــمــائــيــة‪ ،‬وه ــواي ــة ال ــط ــائ ــرات الــورقــيــة‪،‬‬
‫اإلقليمي بدومة الجندل‪ ،‬وهو مجاور لقلعة والسباقات‪ ،‬مثل سباق الهجن الــذي أقيم‬
‫مــارد‪ ،‬ومسجد عمر‪ .‬وتجدر اإلش ــارة إلى بالجوف في عام ‪1405‬هـ ضمن االحتفاالت‬
‫دار العلوم (مكتبة الثقافة العامة) والتي بأسبوع الــجــوف‪ ،‬ومــيــاديــن الفروسية‪ ،‬إذ‬
‫كانت أول مكتبة عامة للنساء على مستوى يعد ركوب الخيل هواية متأصلة لدى أبناء‬
‫المملكة‪ ،‬وقد وصلت محتوياتها من المراجع الجوف‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬تناول الكتاب للحرف‬ ‫ومن الالفت ً‬ ‫والكتب العربية واألجنبية إلى ما يزيد عن‬
‫والصناعات التقليدية التراثية في منطقة‬ ‫‪ 170.000‬مائة وسبعين ألف كتاب‪.‬‬
‫ولم يُغفل الكتاب الحياة االجتماعية إذ الــجــوف‪ ،‬مــن خــال لــوحــات فنية متعددة‪،‬‬
‫أعمال يدوية‬
‫ً‬ ‫جاء المحور الرابع يمثل التراث غير المادي منها لوحات لنساء يمارسن‬
‫(المعنوي) لمنطقة الجوف‪ ،‬وعرضت الصور ومنتوجات تقليدية‪ ،‬وال سيما حرفة السدو‬

‫قراءات‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪132‬‬
‫الــتــي يستخدم فيها وب ــر األبـ ــل‪ ،‬وصــوف‬
‫األغــنــام‪ ،‬وشعر الماعز‪ ،‬وأدوات المغزل‪،‬‬
‫والمخيط‪ ،‬واألوتــاد الخشبية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫عمل المشغوالت المتنوعة مثل المفارش‬
‫والبشوت وغيرها‪.‬كما في اللوحة (‪.)6‬‬

‫النتائج والتوصيات‬
‫ج ــاء الــكــتــاب بــطــريــقــة ع ــرض جــديــدة‬
‫لوحة (‪ )3‬توضح الظبي األوروبي في محمية خاصة في‬
‫بسيطا بالجوف (محمية أحمد أل الشيخ)‬
‫ومــغــايــرة للطرق المعتادة‪ ،‬فقد ركــز على‬
‫صورة التوثيق والتسويق السياحي لمنطقة‬
‫استعراض لمعالمها التاريخية‬
‫ٍ‬ ‫الجوف‪ ،‬مع‬
‫والحضارية والثقافية والطبيعية والسياحية‬
‫والدينية‪.‬‬
‫الــكــتــاب يُــعــد ســجـ ًـا علميًا مــصــورًا به‬
‫عبق الماضي ممتزجً ا بحيوية الحاضر في‬
‫لوحات فنية توثق تراث الجوف الحضاري‬
‫وحياتها المعاصرة‪.‬‬

‫لوحة (‪ )4‬توضح طائر البلشون األبيض‪ ،‬ويطلق عليه‬ ‫شـــارك فــي الــتــقــاط الــصــور نخبة من‬
‫أهل الجوف لقب (البيوضي)‬
‫الــشــبــاب الــمــصــوريــن ال ــه ــواة فــي منطقة‬
‫الــجــوف‪ ،‬فــقــدمــوا إبــداعــاتــهــم فــي التقاط‬
‫الصور لمختلف عناصر الحياة والطبيعة في‬
‫الجوف‪ ،‬حتى يتعرف الزائر لمنطقة الجوف‬
‫على كنوز المنطقة ومقوماتها السياحية؛‬
‫فجاء الكتاب ليكون كنزًا فوتوغرافيًا وتوثيقًا‬
‫ألهم معالم المنطقة وما تحتويه من جمال‬
‫الطبيعة‪ ،‬وإب ــرازًا لمعالمها السياحية مثل‬
‫ربيع الجوف‪ ،‬والعيون الكبريتية في قرية‬
‫أعمال يدوية‬
‫ً‬ ‫لوحة (‪ )6‬توضح نساء من الجوف يمارسن‬
‫كاف‪ ،‬وغيرها الكثير من المواقع الطبيعية‬
‫ومنتوجات تقليدية تراثية‬ ‫واآلثارية المهمة‪.‬‬

‫‪133‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫قراءات‬
‫ج ــاذب للقارئ عــن ت ــراث منطقة الجوف‬ ‫تميز الــكــتــاب بــالــعــرض الــدقــيــق للبيئة‬
‫الطبيعي والثقافي بشقيه المادي والمعنوي‬ ‫الطبيعية في الجوف‪ ،‬وعبق المطر والبراري‪،‬‬
‫في أبهى صــورة‪ ،‬مصحوبًا بنصوص كتبت‬ ‫وأحاديث الصقار والفرسان‪ ،‬ومالك اإلبل‪،‬‬
‫بإيجاز وعناية واضحين‪ ،‬وباللغتين العربية‬ ‫وربــيــع الــجــوف‪ ،‬ومــيــاه األوديـــة واألمــطــار‪،‬‬
‫واإلنجليزية‪.‬‬ ‫وحــيــوانــات الــصــحــراء والــطــيــور‪ ،‬والوصف‬
‫فهذا العمل مثا ٌل يحتذى به‪ ،‬وأنموذ ٌج لما‬ ‫المصور الدقيق للتراث الطبيعي في شكل‬
‫لوحات بيئية تأخذ باأللباب‪ ،‬مثل لوحات يجب أن يتم العمل عليه مع تراثنا وثقافتنا من‬
‫الرمال‪ ،‬والسهول‪ ،‬والجبال‪ ،‬والحرّات‪ ،‬وأنواع تسجيل وتوثيق‪ ،‬للمحافظة عليها وإبرازها‪.‬‬
‫وقــد حقق الكتاب عــدة أه ــداف مهمة‬ ‫الزواحف والطيور‪ ،‬والثدييات والنباتات‪.‬‬
‫للباحثين المهتمين بالتراث واألثار‪ ،‬والتراث‬ ‫إضــافــة إلــى عــرض الــتــراث الثقافي غير‬
‫الطبيعي‪ ،‬والتراث الثقافي المادي والمعنوي‬ ‫المادي (المعنوي) عن الحياة االجتماعية‬
‫عامة‪ ،‬ومنطقة الجوف خاصة‪ ،‬منها‪ :‬إبراز‬ ‫والحياة الثقافية في بلدات الجوف‪.‬‬
‫أهمية الــجــوف تاريخيًا وحــضــار ًيــا وبيئيًا‬
‫وتسجيل رائعًا وواقعيًا‬
‫ً‬ ‫قدم الكتاب توثيقًا‬
‫واجتماعيًا وكونها واجهة سياحة متميزة في‬
‫لما تتمتع بــه منطقة الــجــوف مــن التراث‬
‫المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫الطبيعي الحي من بساتين النخيل‪ ،‬واآلبار‬
‫وعلى الرغم من المادة العلمية الدقيقة‬
‫مثل‪ :‬بئر سيسرا‪ ،‬والعيون المائية الجارية‪.‬‬
‫المتخصصة التي يتضمنها الكتاب‪ ،‬إال إن‬
‫وعــرض ما تتمتع به أيضا منطقة الجوف‬
‫العرض بأسلوب فني رفيع من خالل لوحات‬
‫فنية دقيقة تُحفر في القلب والعقل معًا قد‬ ‫من قيم تاريخية وحضارية‪ ،‬مثل‪ :‬قلعة مارد‪،‬‬
‫جعلت من مادته مادة ميسرة وجميلة ويمكن‬ ‫وقلعة زعبل‪ ،‬وقلعة مويس‪ ،‬وقصر كاف‪ .‬كما‬
‫لغير المتخصصين االستفادة منها‪.‬‬ ‫رصدت عيون المصورين الشباب األنشطة‬
‫والفعاليات السياحية والترفيهية بمنطقة‬
‫وإجمال يُعد الكتاب مرجعًا علميًا مهمًا‬
‫ً‬
‫لمنطقة الجوف‪ :‬تاريخً ا‪ ،‬وآثــارًا‪ ،‬وحضارةً‪،‬‬ ‫الجوف مثل نوادي الفروسية‪.‬‬
‫الكتاب بانوراما مصورة في ترتيب متسق وتراثًا‪.‬‬

‫ * أستاذ مشارك‪ ،‬كلية السياحة واآلثار‪ ،‬جامعة الملك سعود‪ .‬أستاذ بكلية األثار‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬
‫((( يُعنى المركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة في الجوف والغاط‪ ،‬ويقيم المناشط المنبرية الثقافية‪،‬‬
‫ويتبنى برنامجً ا للنشر ودعم األبحاث والدراسات‪ ،‬يخدم الباحثين والمؤلفين‪ ،‬وتصدر عنه مجلة (أدوماتو)‬
‫كل من‪( :‬دار العلوم) بمدينة‬‫المتخصصة بأثار الوطن العربي‪ ،‬ومجلة (الجوبة) الثقافية‪ ،‬ويضم المركز ً‬
‫سكاكا‪ ،‬و(دار الرحمانية) بمحافظة الغاط‪ ،‬وفي كل منهما قسم للرجال وآخر للنساء‪ ،‬ويتم تمويل المركز‬
‫من مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية‪ .‬الموقع االلكتروني للمركز ‪www.alsudairy.org.sa‬‬

‫قراءات‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪134‬‬
‫والسرد للهزمية»‬
‫«الشعر لالنتصار ّ‬
‫‏وأهمية استنطاق النصوص‬
‫السردية التراثية‬

‫‪ρ‬‏حجاج سالمة‬

‫‏ويقدم لنا الدكتور حسن النعمي‪ ،‬في ذلك‬ ‫‏في كتابه الجديد «الشعر لالنتصار والسّ رد‬
‫الكتاب الــذي بين أيــديــنــا‪ ،‬مجموعة مباحث‬ ‫لــلــهــزيــمــة»‪ ،‬الــصــادر عــن دار ســطــور عربية‪،‬‬
‫تطبيقية تعنى بقراءة نماذج من المتون السردية‬ ‫يتوقف الدكتور حسن النعمي ‪ -‬القاص والناقد‬
‫التراثية‪ ،‬بغية إلقاء الضوء على المنجز السردي‬ ‫والباحث في السرديات العربية ‪ -‬عند جدلية‬
‫ال ـتُــراثــي‪ ،‬باستثناء الــنــصــوص الــتــي أشبعت‬ ‫العالقة بين الشعر والسّ رد في تراثنا العربي‪،‬‬
‫درسً ا مثل «ألف ليلة وليلة» و«رسالة الغفران»‬ ‫وهــي لحظة التشكل المعرفي فــي سياقات‬
‫وغيرهما‪.‬‬ ‫مختلفة‪ ،‬منها الديني والسياسي والثقافي‪.‬‬
‫‏ومن المالحظات التي يسوقها لنا المؤلف في‬ ‫‏كما يتوقف بنا عند ما اسماه بـ «األسئلة‬
‫كتابه‪ ،‬تلك العالقة التي الحظها بين االنتصار‬ ‫الثقافية المؤجلة»‪ ،‬ومنها إشكالية المصطلح‪،‬‬
‫والشعر‪ ،‬وبين السّ رد والهزيمة‪ ،‬الفتًا إلى أن‬ ‫وإشكالية علو خطاب الشعر على غيره من‬
‫األمر ليس لغزًا كما يبدو‪ ،‬وأنه على مدى قرون‬ ‫الخطابات األخ ــرى‪ ،‬ومــا الــذي غيّب خطاب‬
‫تمتع الشعر بمنزلة رفيعة‪ ،‬لكن ذلك ‪ -‬كما يشير‬ ‫السرد في ظل تناميه وغزارته‪.‬‬
‫المؤلف ‪ -‬كان ارتباطً ا بحال األمة المنتصرة‬ ‫‏يرى الكاتب من خالل فصول كتابه‪ ،‬أن السّ رد‬
‫عــســكــر ًيــا وســيــاس ـ ًيــا‪ ،‬المتماسكة حــضــار ًيــا‬ ‫يُشبه غابة مشتبكة ومتداخلة ‪-‬كما يقول إمبرتو‬
‫وإنسانيًا‪ ،‬فكان الشعر حاضرًا الستثمار حالة‬ ‫إيكو ‪ -‬ولتكون سالكة‪ ،‬فال ب ّد من استكشاف‬
‫االنتصار هذه‪ ،‬فحضر في المعارك والحروب‬ ‫مسالك تؤدي إلى معرفة ما يحتجب في داخلها‪،‬‬
‫والجدل السياسي‪ ،‬وبــاط الخلفاء‪ .‬وعندما‬ ‫وأنه ألسباب كثيرة ظلت تلك الغابة مدلهمة لم‬
‫فقدت األمــة زهوها وانتصارها انحسر دور‬ ‫تشاكسها أقــام القدماء‪ ،‬ربما ضنًا بأدواتهم‬
‫الشعر المتباهي باالنتصار ليأتي دور السّ رد‬ ‫وصرفًا لها نحو العناية بالشعر‪ ،‬منطلقين من‬
‫معوضا االنكسار بالحضور وتغدية الوجدان‬ ‫مقولة‪« :‬الشعر ديوان العرب»‪ ،‬وهي مقولة لها‬
‫العام‪ ،‬فظهرت السرديات الكبرى مثل ألف ليلة‬ ‫ما لها وعليها ما عليها‪ ،‬وذلك بحسب مقدمة‬
‫وليلة‪ ،‬والسير الشعبية‪.‬‬ ‫الكتاب‪.‬‬

‫* كاتب سعودي‪.‬‬

‫‪135‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫قراءات‬
‫(يونيو ‪ -‬ديسمبر ‪)2021‬‬ ‫تقرير النشاط الثقافي‬
‫في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫■ محمد صالح أبو عمر‬

‫شهد النشاط الثقافي في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي خــال فترة التقرير أنشطة‬
‫جــديــدة ومتنوعة فــي الـمــوضــوعــات المنفذة‪ ،‬الـتــي تختارها المجالس الثقافية المشرفة على‬
‫النشاط في فرعي المركز في كل من دار العلوم بالجوف ودار الرحمانية بالغاط‪ ،‬وفــي قسمَيّ‬
‫الرجال والنساء فيهما‪ .‬ويستمر المركز في أداء رسالته الثقافية‪ ،‬وتحقيق رؤيته على أكمل وجه‬
‫وفق ما جاء في أهداف المركز منذ تأسيسه؛ ليسهم بدور فاعل في الحراك الثقافي في المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬من خالل ما يقدمه في برامجه الثقافية‪ ،‬ومنتدياته السنوية‪ ،‬والورش التدريبية‬
‫المتنوعة‪ .‬ويشهد ذلك بالجهود التي يبذلها القائمون على هذا الصرح الثقافي من أبناء المؤسس‬
‫‪-‬رحمه اهلل‪ ،-‬وتماشيًا مع رؤيــة المملكة ‪2023‬م ومــن اإلدارة التنفيذية وفــرق األنشطة الثقافية‬
‫بالمركز من موظفين ومتطوعين‪.‬‬
‫ملحوظا من خــال استمراره في عقد األنشطة الثقافية المتنوعة من‬‫ً‬ ‫نشاطا‬
‫ً‬ ‫شهد المركز‬
‫المحاضرات‪ ،‬والندوات‪ ،‬والــورش‪ ،‬والــدورات التدريبية‪ ،‬والمسابقات‪ ،‬في ظل الجائحة التي أثّرت‬
‫على شتى مناحي الحياة‪ ،‬ما أدى إلى وقف جميع النشاطات الثقافية الوجاهية‪ ،‬وذلك تماشيًا مع‬
‫القرارات الحكومية بشأن اللقاءات والتجمعات الوجاهية‪.‬‬
‫وكانت أبرز المحاضرات واللقاءات والملتقيات في المركز على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المحاضرات والبرامج العامة‪:‬‬

‫التاريخ‬ ‫المنفذ‬ ‫النشاط‬ ‫م‬


‫‪2021/07/13‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 1‬محاضرة‪( :‬أساسات لغة اإلشارة)‪.‬‬
‫‪2021/8/8‬م‬ ‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫‪ 2‬محاضرة‪( :‬كيف نشجع أطفالنا على القراءة؟)‬
‫ألقاها أ‪ .‬أحمد طابعجي‬
‫‪2021/8/15‬م‬ ‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫مفتاحا للتفكير اإلبداعي)‬
‫ً‬ ‫‪ 3‬محاضرة (‪20‬‬
‫ألقاها املدرب‪ /‬جميل املفرج‬

‫تقارير‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪136‬‬
‫‪2021/8/24‬م‬ ‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬تبسيط البالغة العربية)‬ ‫‪4‬‬
‫ألقاها أ‪ .‬محمد صالح أبو عمر‬
‫‪2021/08/30‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬أساسات العمل احلر)‬ ‫‪5‬‬
‫ألقتها أ‪ .‬مودة نواز‬
‫‪2021/08/01‬‬ ‫دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫ورشة‪(:‬العمل التطوعي)‬ ‫‪6‬‬
‫قدمها أ‪ .‬عبدالعزيز صالح احلمدان‪.‬‬
‫‪2021/08/04‬‬ ‫محاضرة‪( :‬تسويق التمور وحتديات جائحة كورونا) دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫‪7‬‬
‫ألقاها أ‪ .‬عبدالعزيز التويجري‪.‬‬
‫‪2021/08/10‬‬ ‫ورشة‪( :‬ميزانية األسرة) قدمها أ‪ .‬أيوب الصبحي‪ .‬دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫‪8‬‬
‫‪2021/08/18‬‬ ‫دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬النقوش العربية الشمالية)‬ ‫‪9‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬سلطان املعاني‪ -‬اجلامعة الهاشمية‪.‬‬
‫‪2021/08/25‬‬ ‫محاضرة‪( :‬تغطية األحداث بني تقليدية اإلعالم دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫‪10‬‬
‫وتقنيات وسائل التواصل االجتماعي) د‪/.‬علي بن‬
‫دبكل العنزي‬
‫‪2021/08/04‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج‪(:‬كيف ومتى أستكشف موهبة أبنائي؟)‪.‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪2021/08/11‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج‪( :‬من هنا تبدأ موهبتي)‪.‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪2021/8/19 - 17‬‬ ‫برنامج‪( :‬اجلودة الشاملة) بالتعاون مع معهد اخلليج‪ .‬دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪13‬‬
‫‪2021/09/13‬‬ ‫دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬التمور كفاكهة فائقة يف الصناعات التحويلية)‬ ‫‪14‬‬
‫ألقتها الدكتورة‪ /‬بدرية عمر العبد‬
‫‪2021/09/21‬‬ ‫دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬امللك عبدالعزيز يف الصحافة العربية‬ ‫‪15‬‬
‫واألجنبية مناذج مختارة) ‪ -‬ألقاها‪ :‬د‪ .‬أحمد بن عبداهلل‬
‫العرف ‪ -‬عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم‪.‬‬
‫‪2021/09/27‬‬ ‫عرض كتاب‪( :‬اجلوف يف عيون املصورين)‪ .‬ملتقى دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫‪16‬‬
‫القراءة‬
‫‪2021/09/27-5‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض قصص‪:‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪( -‬موعد مع احلياة‪ ،‬رسائل حول الوقف‪ ،‬وطن‬
‫ومواطن من أجل حياة سعيدة وكريمة‪ ،‬المملكة في‬
‫عيون أوائل المصورين) ملتقى حكايا للقراءة‬
‫‪2021/09/27-6‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض القصص التالية‪ :‬النحلة النشيطة‪ ،‬إنه لي‪،‬‬ ‫‪18‬‬
‫ميمون المهمل‪ ،‬الليل والنهار‪ ،‬ملتقى حكايا للقراءة‬
‫‪2021/9/02‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬االستثمار بالشركات الناشئة)‬ ‫‪19‬‬
‫‪2021/9/05‬م‬ ‫ورشة‪( :‬الطريقة الصحيحة لعرض المشروع على دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪20‬‬
‫المستثمرين لمشروعك)‪.‬‬
‫‪2021/9/13‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬التسويق لمشروعك الريادي)‪.‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪2021/9/14‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬طريقة جذب المستثمرين لمشروعك)‬ ‫‪22‬‬
‫‪2021/9/26‬م‬ ‫برنامج‪( :‬الواجب القانوني للمواطن تجاه الوطن)‪ .‬دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪23‬‬
‫‪2021/10/07‬‬ ‫مناقشة كتاب‪( :‬حب الوطن) للدكتور عبداهلل السبر‪ .‬دار العلوم ‪-‬رجال‬ ‫‪24‬‬
‫المحاورون‪ :‬د‪ /‬فيصل الشاعل‪ ،‬د‪ /.‬مها العتيبي‪،‬‬
‫أ‪ .‬ترفة القايد‪ ،‬أدار اللقاء عضو المجلس الثقافي‬
‫بالمركز أ‪ .‬محمد هليل الرويلي‪.‬‬
‫‪2021/10/10‬‬ ‫دار العلوم ‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬آراء ابن القيم الجوزي في تربية‬ ‫‪25‬‬
‫األطفال) ألقتها األستاذة‪ /‬نورة السهلي‪.‬‬
‫‪2021/10/18‬‬ ‫محاضرة‪( :‬الرواية المغربية) ألقاها أ‪ .‬د‪ /.‬شعيب دار العلوم ‪-‬رجال‬ ‫‪26‬‬
‫الحليفي ‪-‬أستاذ جامعي بالدار البيضاء‪-‬ناقد وروائي‪.‬‬

‫‪137‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫تقارير‬
‫‪2021/10/21‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة بعنوان‪( :‬تطوير المهارات الشخصية‬ ‫‪27‬‬
‫والقيادية) ألقاها أ‪ .‬المدرب‪ /‬عبدالحكيم‬
‫الخالدي‪-‬من معهد االدارة العامة بالرياض‪.‬‬
‫‪2021/10/28‬‬ ‫محاضرة بعنوان (االفاق الرحبة للمرأة السعودية دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫‪28‬‬
‫في رحاب رؤية ‪ )2030‬قدمها من لندن الدكتور‪/‬‬
‫نبيل الحيدري‪ ،‬وأدارها أ‪ .‬علي العطشان ‪-‬‬
‫الصحفي بجريدة الوطن السعودية‪.‬‬
‫‪2021/10/17‬‬ ‫محاضرة الريادة المجتمعية من ضمن المعسكر دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫‪29‬‬
‫التدريبي لمبادرة أواصر قدمها أ‪ .‬زياد الغامدي‬
‫‪2021/10/21‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫محاضرة البقاء على قيد اإلبداع من ضمن‬ ‫‪30‬‬
‫المعسكر التدريبي لمبادرة أواصر قدمها د‪ /.‬سعيد‬
‫العامودي‪.‬‬
‫‪2021/10/24‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫أمسية أسرية‪( :‬فنون التعامل مع كبار السن)‬ ‫‪31‬‬
‫قدمتها أ‪ .‬فوزية الحربي‪.‬‬
‫‪2021/10/04‬‬ ‫ورشة بعنوان (التربية الذكية لألبناء) قدمها د‪ /.‬دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫‪32‬‬
‫عبداهلل بن حمد الحسين‪.‬‬
‫‪2021/10/13‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة بعنوان (الممارسات الفضلى في إدارة‬ ‫‪33‬‬
‫التراث الوثائقي) قدمها‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬رائد جميل سليمان‬
‫اللمع ‪ -‬جامعة الحسين بن طالل‪.‬‬
‫‪2021/10/20‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫ورشة بعنوان ‪ ( :‬سلسة تبسيط اإلمالء ‪)1(:‬‬ ‫‪34‬‬
‫تصحيح الهمزات) قدمها أ‪ .‬محمد صالح أبو عمر‬
‫‪2021/10/26‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة بعنوان (مهارات االدخار الشخصي)‬ ‫‪35‬‬
‫قدمها أ‪ .‬محمد بن عبداهلل الفراج‪.‬‬
‫‪2021/10/6‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج (القراءة من المهد)‪.‬‬ ‫‪36‬‬
‫‪2021/10/20‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج (أسلوب الحوار في التعامل مع األبناء)‪.‬‬ ‫‪37‬‬
‫‪2021/11/01‬‬ ‫محاضرة‪( :‬الملك المُؤرخ) سلمان بن عبدالعزيز سبعة دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫‪38‬‬
‫أعوام من العطاء‪ -‬ألقتها الدكتورة‪ /‬مريم خلف شديد‬
‫العتيبي‪-‬عضو هيئة التدريس بجامعة األمير سطام‪.‬‬
‫‪2021/11/16‬‬ ‫محاضرة‪( :‬جودة الحياة األسرية) ألقتها د‪ /.‬نورة دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫‪39‬‬
‫الصويان‪ ،‬وأدارها االعالمي‪ /‬عبدالرحمن البراهيم‪.‬‬
‫‪2021/11/23‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫ندوة‪( :‬مقدمة في مخازن البيانات) شارك بها‬ ‫‪40‬‬
‫(من أمريكا)‪ :‬أ‪ .‬عبداهلل شارخ الدوسري‪ ،‬و أ‪ .‬نمر‬
‫عبداهلل المطيري‬
‫‪2021/11/03‬‬ ‫اللقاء التعريفي لشرح مبادرة الطريقة الصحيحة دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫‪41‬‬
‫لتأسيس طفلك‬
‫‪2021/11/21‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫محاضرة »السعادة والتوازن في الحياة«‬ ‫‪42‬‬
‫قدمتها أ‪ .‬فاطمة باسعد‬
‫‪2021/11/03‬‬ ‫ورشة بعنوان (الحرف والصوت في اللغة اإلنجليزية) دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫‪43‬‬
‫قدمها المدرب‪ /‬د‪ .‬محمد الجبالي‪.‬‬
‫‪2021/11/03‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة عمل بعنوان‪( :‬فنون الزراعة)‪.‬‬ ‫‪44‬‬
‫‪2021/11/17-16‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج (عوامل نجاح رواد األعمال)‪.‬‬ ‫‪45‬‬
‫برنامج (التسويق اإللكتروني)‪.‬‬
‫‪2021/11/27‬‬ ‫برنامج (دور االسرة في حماية الطفل من التحرش)‪ .‬دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪46‬‬
‫برنامج (التحرش من المنظور القانوني)‪.‬‬

‫تقارير‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪138‬‬
‫‪2021/12/6‬‬ ‫دار العلوم رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬إضاءة على كتاب ببليوجرافية اجلوف)‬ ‫‪٤٧‬‬
‫لألستاذ محمد حلوان الشراري أدارها عضو‬
‫املجلس الثقايف األستاذ محمد هليل الرويلي‬
‫‪2021/12/12‬‬ ‫دار العلوم رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬مقدمة يف مخازن البيانات) ألقاها‬ ‫‪٤٨‬‬
‫األستاذ عبد اهلل شارخ الدوسري‬
‫‪2021/12/21‬‬ ‫دار العلوم رجال‬ ‫محاضرة‪ (:‬مهارات التعلم الرقمي وتقنيات التعليم‬ ‫‪٤٩‬‬
‫عن بعد) ألقتها املدربة نوف ناصر الدوسري‬
‫‪2021/12/29‬‬ ‫دار العلوم رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬مرض التصلب اللويحي ‪-‬أعراضه‬ ‫‪٥٠‬‬
‫وطرق الوقاية منه) ألقاها الدكتور بركات‬
‫الرشيدي وأدارها الدكتور نايف املعيقل‬
‫‪2021/12/14‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬مراجعة وتقييم املبادرات يف املرحلة األولى)‬ ‫‪٥١‬‬
‫قدمها املرشد العام على املبادرة أ‪ .‬أحمد الكويكبي‬
‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬كتب عند مفترق احلضارات) قدمها‬ ‫‪٥٢‬‬
‫‪2021/12/8‬‬
‫د‪ .‬سعد البازعي – الناقد واألديب األكادميي‬
‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة‪ :‬حوار مع شاعر) باستضافة الشاعر‬ ‫‪٥٣‬‬
‫‪2021/12/16‬‬
‫السعودي عالي املالكي‪ ،‬حاوره أ‪ .‬محمد صالح أبو عمر‬
‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫ورشة‪( :‬تصحيح الهمزات – همزتا الوصل‬ ‫‪٥٤‬‬
‫‪2021/12/23‬‬ ‫والقطع) ضمن سلسلة تبسيط الهمزات قدمها‬
‫املدرب أ‪ .‬محمد صالح أبو عمر‬
‫‪2021/12/16‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج‪( :‬صناعة السبح)‬ ‫‪٥٥‬‬
‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫محاضرة‪( :‬مهارة احلوار مع الطفل وتطوير‬ ‫‪٥٦‬‬
‫‪2021/12/29‬‬
‫مهارات التفكير)‬
‫‪2021/12/29‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫محاضرة‪( :‬األمن السيبراني)‬ ‫‪٥٧‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدورات التدريبية والتعليمية وورش العمل والمسابقات واللقاءات والمبادرات‪:‬‬


‫التاريخ‬ ‫المنفذ‬ ‫النشاط‬ ‫م‬
‫‪2021/7/14-12‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫دورة‪( :‬العالقات العامة واإلعالم)‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪2021/07/07‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪ّ :‬‬
‫(نظم أولوياتك)‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪2021/07/26‬‬ ‫‪ 3‬مناقشة كتاب‪( :‬سنوات اجلوف) مع املؤلف معالي د‪ /.‬عبدالواحد دار العلوم ‪ -‬نساء‬
‫خالد احلميد‪.‬‬
‫‪2021/7/29-7‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 4‬دورة‪( :‬شرح القاعدة البغدادية)‪.‬‬
‫‪2021/07/4‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 5‬عرض كتاب‪ :‬سيكولوجية الشك‪.‬‬
‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة امللحم‪.‬‬
‫‪2021/07/11‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 6‬عرض كتاب‪ :‬القبلية والقبائلية أو الهويات ما بعد احلداثة‪.‬‬
‫ملتقى كنوز‪ /‬مكتبة منيرة امللحم‪.‬‬
‫‪2021/07/5‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 7‬عرض قصة‪ :‬عف ًوا لقد أخطأت‪.‬‬
‫ملتقى حكايا‪ /‬مكتبة منيرة امللحم‪.‬‬
‫‪2021/07/12‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 8‬عرض قصة‪ :‬الفيل الطيوب‪.‬‬
‫ملتقى حكايا‪ /‬مكتبة منيرة امللحم‪.‬‬
‫‪2021/07/26‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 9‬عرض قصة‪ :‬نورة والكرة‪.‬‬
‫ملتقى حكايا‪ /‬مكتبة منيرة امللحم‬
‫من ‪ 6/20‬إلى‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 10‬دورة اللغة اإلجنليزية‪.‬‬
‫‪2021/7/15‬م‬ ‫بالتعاون مع معهد اخلليج للنساء‪.‬‬

‫‪139‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫تقارير‬
‫‪2021/7/25‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 11‬لقاء‪( :‬التسويق من األلف إلى الياء)‬
‫‪12‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 12‬دورة‪( :‬العالقات العامة واإلعالم) بالتعاون مع معهد اخلليج‬
‫‪2021/7/14-‬م‬
‫‪2021/08/03‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬فن اإلتكيت بني الزوجني)‬ ‫‪13‬‬
‫قدمتها املدربة أ‪.‬فوزية احلربي‬
‫‪2021/08/06‬‬ ‫لقاء‪( :‬احملتضنات) بالتعاون مع حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫‪14‬‬
‫السديري‪.‬‬
‫‪2021/08/10‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫إقامة األمسية األسرية‪( :‬أسرتك أمنك)‬ ‫‪15‬‬
‫قدمتها املدربة‪/‬فاطمة با سعد‬
‫‪2021/08/10‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫اللقاء التعريفي مع اللجنة اإلعالمية ملبادرة أواصر‬ ‫‪16‬‬
‫‪2021/08/24‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫تنظيم فريق السديري التطوعي للقاء السينما وصناعة األفالم‬ ‫‪17‬‬
‫الذي نظمته ثقافة وفنون الجوف‬
‫‪2021/08/25‬‬ ‫دورة‪( :‬اإلدارة المالية للمشاريع الريادية) بالتعاون مع حاضنة مركز دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫‪18‬‬
‫عبدالرحمن السديري الثقافي‬
‫‪2021/08/28‬‬ ‫اجتماع المدير العام مع مديري الجمعيات األهلية والخيرية في دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫‪19‬‬
‫الغاط بدار الرحمانية‪.‬‬
‫(جمعية األمومة والطفولة‪ ،‬اللجنة الشبابية‪ ،‬جمعية الغاط‬
‫الخيرية)‬
‫‪2021/08/01‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض كتاب‪( :‬نساء من المملكة العربية السعودية)‬ ‫‪20‬‬
‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021/08/08‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض كتاب‪ :‬القيم السلوكية‬ ‫‪21‬‬
‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021/08/15‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض‪ :‬فن الالمباالة‬ ‫‪22‬‬
‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021/08/22‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض كتاب‪ :‬شهر في غرب أفريقيا‬ ‫‪23‬‬
‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021/08/29‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض ديوان‪ :‬األمير عبدالرحمن السديري‬ ‫‪24‬‬
‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021/08/02‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض قصة‪ :‬هواية تستهويني وأهواها‬ ‫‪25‬‬
‫ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021/08/16‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض قصة‪ :‬جدتي معنا‬ ‫‪26‬‬
‫ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021/08/23‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض قصة‪ :‬المزارع الكسول واألرنب‬ ‫‪27‬‬
‫ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021/08/09‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫مبادرة‪( :‬هيا نتعلم اللغة اإلنجليزية)‪.‬‬ ‫‪28‬‬
‫لمدة شهر‬
‫‪- 15‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 29‬ملتقى‪ :‬الدرر الثاني الخاص بالفتيات‪.‬‬
‫‪2021/8/19‬‬
‫‪2021/08/22‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 30‬مبادرة‪( :‬بحماس راجعين) بمناسبة العودة للمدارس للطالبات‬
‫(بقهوة زهرة البن)‪.‬‬

‫تقارير‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪140‬‬
‫‪2021/08/02‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬كيف تعرض مشروعك التجاري عن بعد؟) بالتعاون مع‬ ‫‪31‬‬
‫شركة رياديات لبرنامج حاضنات رياديات مركز عبدالرحمن‬
‫السديري الثقافي بالغاط)‬
‫‪2021/09/01‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫ورشة‪( :‬مقدمة في أمن المعلومات وحماية تطبيقات التواصل‬ ‫‪32‬‬
‫االجتماعي)‬
‫قدمها المدرب‪ /‬خالد العضيدان‪.‬‬
‫‪2021/09/01‬‬ ‫اجتماع لجنة التنمية االجتماعية األهلية بالغاط بخصوص معرض دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫‪33‬‬
‫الغاط للتمور‪.‬‬
‫‪2021/09/06‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫ورشة‪( :‬مهارات كتابة المقال)‬ ‫‪34‬‬
‫قدمها المدرب‪ /‬أحمد العساف‪.‬‬
‫‪2021/11/27‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫انطالق مهرجان الجوبة التراثي بالتعاون مع جمعية الملك‬ ‫‪35‬‬
‫عبدالعزيز للتنمية االجتماعية احتواء المهرجان على أركان للحرف‬
‫واألسر المنتجة وعرض أزياء على مسرح دار العلوم‬
‫‪2021/11/09‬‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫‪36‬‬
‫في دورته (‪ )15‬وجاهيًا وعبر االتصال المرئي (منصة زووم)‪،‬‬
‫بعنوان‪« :‬خيارات الصناعة في زمن الثورة الصناعية الرابعة)‬
‫‪2021/11/24‬‬ ‫ملتقى القراءة رقم (‪ )44‬متابعة ما تم االتفاق عليه في كتابة كتاب دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫‪37‬‬
‫‪2021/11/30‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة عمل بعنوان‪( :‬فن االعتذار)‪.‬‬ ‫‪38‬‬
‫لقاء المتطوعات الثاني (الجلسة الشتوية)‪.‬‬
‫دار العلوم – نساء‬ ‫مشاركة فريق السديري التطوعي بركن يف املعرض املصاحب‬ ‫‪39‬‬
‫‪2021/12/6‬‬
‫مللتقى التطوع السعودي والعاملي حتت شعار (عطاء وطن)‬
‫دار العلوم – نساء‬ ‫مشاركة املركز بجلسة حوارية حتت عنوان‪( :‬التطوع جتارب‬ ‫‪40‬‬
‫‪2021/12/6‬‬ ‫وخبرات ) يف ملتقى التطوع السعودي العاملي حتت شعار (عطاء‬
‫وطن)‬
‫دار العلوم – نساء‬ ‫تكرمي األستاذ عبد اهلل املريح كشخصية العطاء والتطوع لعام‬ ‫‪41‬‬
‫‪2021/12/6‬‬
‫‪2021‬‬
‫دار العلوم – نساء‬ ‫مشاركة مركز عبدالرحمن السديري بركن‪( :‬رسم وألعاب‬ ‫‪42‬‬
‫‪2021/12/6‬‬ ‫تعليمية) لتفعيل اليوم العاملي لذوي اإلعاقة بالتعاون مع جمعية‬
‫سفراء السالم‬
‫‪2021/12/6‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫كرمي املتطوعني املتميزين لعام ‪2021‬‬ ‫‪43‬‬
‫دار العلوم – نساء‬ ‫مشاركة قائدة الفريق التطوعي يف ورشة‪( :‬بناء الفرق التطوعية‬ ‫‪44‬‬
‫‪2021/12/6‬‬ ‫بعمل مؤسسي منظم يساهم يف استدامتهم) ضمن الفعاليات‬
‫املصاحبة مللتقى التطوع‬
‫دار العلوم – نساء‬ ‫دعوة مشرفة القسم النسائي حلضور حفل جائزة اجلوف للتميز‬ ‫‪45‬‬
‫‪2021/12/7‬‬
‫واإلبداع الذي تنظمه إمارة منطقة اجلوف‬
‫دار العلوم – نساء‬ ‫دعوة مشرفة القسم النسائي حلضور ليالي اجلوف حتت عنوان‪:‬‬ ‫‪46‬‬
‫‪2021/12/8‬‬
‫(املثقفون والتنمية املستدامة)‬
‫دار العلوم – نساء‬ ‫مشاركة فريق السديري التطوعي بتنظيم محاضرة (املثقف‬ ‫‪٤٧‬‬
‫‪2021/12/13‬‬
‫الرقمي (قدمها الدكتور‪ /‬عبداهلل السفياني‪.‬‬
‫دار العلوم – نساء‬ ‫قوة) قدم فريق السديري التطوعي محاضرة بعنوان‬ ‫‪٤٨‬‬
‫‪2021/12/14‬‬
‫التطوع (بالتعاون مع مدرسة املتوسطة الثالثة‬
‫‪2021/12/20‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫إقامة مسابقة‪ ( :‬تلخيص قصة) من قصص إصدارات املركز‬ ‫‪٤٩‬‬
‫‪2021/12/22‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫إقامة مسابقة‪ ( :‬حلبة اإللقاء) مبناسبة اليوم العاملي للغة العربية‬ ‫‪٥٠‬‬

‫‪141‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫تقارير‬
‫‪2021/12/23‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫عقد االجتماع السنوي لشركة بتيل ملوظفيها بفروع اململكة‬ ‫‪٥١‬‬
‫إقامة مسابقة اللغة العربية ملدة خمسة أيام احتفاء باليوم العاملي دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫‪٥٢‬‬
‫‪2021/12/26‬‬
‫للغة العربية‬
‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫استضافة اجلمعيات اخليرية واالجتماعية لعقد ورشة عمل يف‬ ‫‪٥٣‬‬
‫‪2021/12/26‬‬
‫دار الرحمانية‬
‫‪2021/12/1‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫مبادرة‪ ( :‬لينعموا بدفء) لعمال النظافة بالغاط‬ ‫‪٥٤‬‬
‫‪2021/12/14‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫إقامة معرض‪( :‬فنان) ملدة ‪ 3‬أيام يف حديقة مكتبة منيرة امللحم‬ ‫‪٥٥‬‬

‫ثالثا‪ :‬البرامج والفعاليات واألنشطة الموجهة لألطفال‪:‬‬


‫التاريخ‬ ‫المنفذ‬ ‫النشاط‬ ‫م‬
‫مستمر‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫حلقات حتفيظ القرآن الكرمي‬ ‫‪1‬‬
‫مستمر‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دورة القاعدة البغدادية‬ ‫‪2‬‬
‫‪2021/7/25 - 3‬م‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫البرنامج التدريبي ملسابقة حتدي البراعم‬ ‫‪3‬‬
‫‪2021/7/28  - 5‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج (هيا نتعلم اللغة االجنليزية لألطفال)‬ ‫‪4‬‬
‫قدمته أ‪ .‬منى ابو راسني‬
‫‪2021/7/30 - 4‬م‬ ‫مكتبة منيرة امللحم‬ ‫مهرجان الطفل التاسع‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪2021/08/10‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫نادي الدار الصيفي ورشة (االشكال اليدوية)‬ ‫‪6‬‬
‫‪2021/10/06‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج رحالت املعرفة (املهندس الصغير)‬ ‫‪7‬‬
‫‪2021/10/13‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج رحالت املعرفة (نزهة سعيدة)‬ ‫‪8‬‬
‫‪2021/10/10‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫قصة االسبوع‬ ‫‪9‬‬
‫‪2021/10/11‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫رسمة ولون‬ ‫‪10‬‬
‫‪2021-10-19 ،11‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫مخيم (فضاء سيبراني آمن) لألطفال‬ ‫‪11‬‬
‫‪2021/10/12‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫إعادة تدوير‬ ‫‪12‬‬
‫‪2021/10/13‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج رحالت املعرفة (شخصية وقصة)‬ ‫‪13‬‬
‫‪2021/10/24‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج رواد الغد لألطفال (حديقتنا خضراء)‬ ‫‪14‬‬
‫‪2021/10/25‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج رواد الغد لألطفال (أنا اقرأ)‪.‬‬ ‫‪15‬‬
‫‪2021/10/26‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج رواد الغد لألطفال (ألعاب ذهنية)‬ ‫‪16‬‬
‫‪2021/10/31‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج رواد الغد لألطفال (اسرار املكتبة)‬ ‫‪17‬‬
‫‪2021-10-25-4‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض القصص التالية‪:‬‬ ‫‪18‬‬
‫الثعلب املكار والنحلة الغاضبة‪ ،‬ميدو ال يحب السوسة‪ ،‬املزارع‬
‫الكسول واألرنب‪ ،‬سارق اجلزر‪ ،‬ملتقى حكايا ‪-‬مكتبة منيرة امللحم‬
‫‪2021/10/10‬م‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫مبادرة منيرة امللحم التطوعية خلدمة املجتمع الثالثة بعنوان‪:‬‬ ‫‪19‬‬
‫من األحد ‪ -‬األربعاء‬ ‫(مساندة لرياض األطفال)‪.‬‬
‫مستمرة لمدة شهر‬
‫‪2021 /11/29-1‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج رواد الغد‪ -1 :‬علوم الكمبيوتر‪ -2 ،‬سينما الطفل‪،‬‬ ‫‪20‬‬
‫‪ -3‬حفلة شواء‪ -4 ،‬تجارب علمية‪ -5 ،‬أنا أرسم‪ -6 ،‬نزهة سعيدة‪،‬‬
‫‪ -7‬أسرار المكتبة‪ -8 ،‬ألعاب حركية‪ -٩ ،‬شخصية وقصة‬
‫‪2021/11/04‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫ملتقى القراءة للطفل‪( :‬أنا أقرأ)‪ ،‬مناقشة «قصة الغزالة الحزينة»‪.‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪2021/11/04‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫بروفات أنشودة المكتبة‬ ‫‪22‬‬
‫‪2021 /11/25-1‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك‬ ‫‪23‬‬
‫‪2021/11/11‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ملتقى القراءة للطفل‪( :‬أنا أقرأ)‪ ،‬مناقشة قصة‪ :‬البقرة الطماعة‬ ‫‪24‬‬

‫تقارير‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪142‬‬
‫‪2021 /11/24-7‬‬ ‫عرض الكتب التالية‪ :‬التداوي بالصوم‪ ،‬تطور سلوك االتصال عند دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪25‬‬
‫األطفال‪ ،‬اإلحساس الديني عند الطفل‪ ،‬موسوعة كنوز للثقافة‪،‬‬
‫ملتقى كنوز ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021 /11/29-1‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض القصص التالية‪ :‬السمكة المغرورة‪ ،‬المزارع الكسول‬ ‫‪26‬‬
‫واالرنب‪ ،‬العصفور الصغير‪ ،‬حكمة اهلل في خلقه‪ .‬ليلى وقطرة‬
‫المطر‪ ،‬ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬
‫‪2021/11/27‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج ترفيهي ثقافي للطفل في اليوم العالمي للطفل‬ ‫‪27‬‬
‫‪2021 /11/29-1‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫مسابقة بعنوان‪( :‬الراوي الصغير)‪.‬‬ ‫‪28‬‬
‫‪2021/12/30-1‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك‬ ‫‪29‬‬
‫‪2021/12/30-2‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫‪ 30‬ملتقى القراءة للطفل (أنا أقرأ)‬
‫‪2021/12/7‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫‪ 31‬برنامج شخصية وقصة‬
‫‪2021/12/9‬‬ ‫‪ 32‬لقاء (القطاف األول) مبادرة الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك دار العلوم – نساء‬
‫‪2021/12/12‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫‪ 33‬برنامج‪( :‬قصة األسبوع)‬
‫‪2021/12/14‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫‪ 34‬برنامج‪( :‬رسمة ولون)‬
‫‪2021/12/30-1‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫برنامج رحالت املعرفة‪:‬‬
‫مبدعا‬
‫ً‬ ‫اللقاء األول‪ :‬هيا نشكل أسماءنا‪ ،‬اللقاء الثاني‪ :‬كن‬
‫اللقاء الثالث‪ :‬سر جناحي‪ ،‬اللقاء الرابع‪ :‬أنا أرسم‬
‫‪2021/12/21‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫‪ 35‬برنامج‪ :‬هيا نلعب‬
‫‪2021/12/22‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫‪ 36‬دورة‪( :‬الطريقة السهلة لإلعراب من أول وهلة)‬
‫‪2021/12/26‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫‪ 37‬برنامج أسرار املكتبة‬
‫‪2021/12/28‬‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫‪ 38‬برنامج ألعاب ذهنية‬
‫مستمر‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫دورة منت اجلزرية‬ ‫‪39‬‬
‫‪2021/12/1‬‬ ‫أمسية قصصية‪( :‬يحكى أن) قدمها أ‪ .‬محمد صوانة و أ‪ .‬محمد دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫‪40‬‬
‫صالح‬
‫‪2021/12/26-5‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض الكتب التالية‪:‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪( -‬املفاتيح العشرة للنجاح)‬
‫‪( -‬غذاؤك طبيبك)‬
‫‪( -‬مبادئ اخلياطة)‬
‫‪( -‬والدان وألول مرة)‪.‬‬
‫ملتقى كنوز ‪ -‬مكتبة منيرة امللحم‬
‫‪2021/12/27-6‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض القصص التالية‪:‬‬ ‫‪42‬‬
‫‪( -‬الليل والنهار)‬
‫‪( -‬ميدو وصديقه اجلبل)‬
‫‪( -‬الوردة املغرورة)‬
‫‪( -‬الرفق باحليوان)‪.‬‬
‫ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة امللحم‬
‫‪2021/12/16‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة ‪ (:‬الرسم باخلط) احتفاء باليوم العاملي للغة العربية‬ ‫‪٤٣‬‬
‫‪2021/12/30‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫إقامة مسابقة‪ ( :‬الراوي الصغير)‬ ‫‪٤٤‬‬

‫‪143‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬
‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬
‫تقارير‬
‫الـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـح ـ ـ ــة األخ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــرة‬
‫ـؤال معتادًا‪ ،‬ما هي‬
‫مع نهاية كل عــام‪ ،‬كثيرًا ما نصادف سـ ً‬
‫أجمل‪ ،‬أو ما هي أفضل الكتب التي طالعناها هذا العام؟‬ ‫فقدان‬
‫ُ‬
‫لكننا‪ ،‬ويــا لألسف والـحـســرة‪ ،‬نكون قــد نسينا الكثير مما‬ ‫الذاكرة‬
‫ق ــرأن ــاه‪ ،‬وشـخـصـ ًيــا كلما تـعــرضــت لـهــذا ال ـســؤال كلما تــذكــرت‬
‫مالحظة كتبها صاحب (العطر) و( الحمامة) باتريك زوسكيند‬ ‫األدب َّية‬
‫فــي كـتــاب صغير ولطيف بـعـنــوان ( ثــاث حـكــايــات ومالحظة‬
‫تأملية)‪ ،‬ترجمها عــن األلمانية كــامـيــران ح ــوج‪ ،‬ونشرتها دار‬ ‫صالح القرشي‬
‫الجمل في العام ‪2007‬م‪.‬‬
‫المالحظة أسماها زوسكيند (فقدان الذاكرة األدبية)‪ ،‬فهو‬
‫يقف أمــام مكتبته‪ ،‬ويلتقط كتابًا يعود به إلــى الطاولة‪ ،‬يبدأ‬
‫في مطالعته‪ ،‬يكتشف مالحظات مكتوبة بالقلم الرصاص على‬
‫أطراف بعض الصفحات‪ ،‬إنها المالحظات نفسها التي تخطر‬
‫بباله اآلن‪ ،‬بل هو خطه نفسه‪ ،‬يقول في نفسه‪ :‬أنا إذًا القارئ‬
‫السابق لهذا الكتاب‪ ..‬لقد نسيت كل شيء!‬
‫يعود إلى المكتبة (هذا المجلد األبيض‪ ،‬قرأته والكتاب)‪.‬‬
‫علم عنه‬
‫ثالث مرات على األقل‪ ،‬ليس لديّ أيّ ٍ‬
‫ثم يعود لمواساة نفسه (ربما كانت القراءة‬
‫اآلن‪ ،‬كأنما ذهــب مع الــريــح‪ ،‬هــذان المجلدان‬
‫بالدرجة األولى هي عملية تشرّب رغم أن الوعي‬
‫الحمراوان‪ ،‬لقد قرأتهما‪ ،‬عشت معهما أسابيع‬
‫يغرق فيها كليًا‪ ،‬هكذا فالقارئ المصاب بفقدان‬
‫بعيد جدًا‪ ،‬أهـ (الشياطين)‬
‫زمن ٍ‬ ‫طويلة‪ ،‬ليس من ٍ‬
‫الذاكرة األدبية يتغير بفعل القراءة لكنه ال يلحظ‬
‫لديستوفيسكي‪ ،‬نعم‪ ،‬نعم‪ ،‬لــديّ بعض الذاكرة‬
‫ذلك)‪.‬‬
‫الغامضة عنهما)‪.‬‬
‫أيضا (بالنسبة لشخص يكتب‪ ،‬فقد يكون‬ ‫يعلق ً‬
‫من المجلدين الكبيرين لرواية ديستوفيسكي‪،‬‬
‫فقدان الذاكرة األدبية نعمة‪ ،‬بل شرطً ا ال ب ّد منه)‪.‬‬
‫يتذكر زوسكيند الفترة التي تدور فيها األحداث‬
‫شــخــص ـ ًيــا‪ ،‬أت ــذك ــر ذلـــك الــمــقــال اللطيف‬ ‫في القرن التاسع عشر‪ ،‬يتذكر أن أحدهم في‬
‫تلك الرواية أطلق النار على نفسه‪ ،‬لكن ليس أكثر لزوسكيند كلما تعرضت لــســؤال نهاية العام‬
‫المعتاد‪ ،‬ما هي أجمل الكتب التي قرأتها هذا‬ ‫من ذلك‪.‬‬
‫يجلس زوسكيند مجددًا إلى الطاولة‪ ،‬يحدث العام؟‬
‫أود لو قلت للسائل‪ :‬نسيتها واهلل! لكنني أعود‬ ‫نفسه (أستطيع القراءة منذ ثالثين عامًا‪ ،‬لكن كل‬
‫واتحدث عن بعض الكتب التي تخطر في بالي‬ ‫ما تبقى هو مجرد ذكريات غامضة وضعيفة)‪.‬‬
‫(إذا أردت البحث عن جملة خطرت في بالي‪ ،‬ولعل بعضها قد قرأته منذ سنوات بعيدة كابتعاد‬
‫فأحتاج أياما للبحث عنها؛ ألني نسيت الكاتب الذاكرة رويدًا رويدًا‪.‬‬
‫* كاتب سعودي‪.‬‬

‫الصفحة األخيرة‬ ‫العدد ‪74‬‬


‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬ ‫‪144‬‬
‫من إصدارات اجلوبة‬

‫¦ محور خاص ‪ :‬جدلية الوقت والكتابة‬


‫¦ نصوص جديدة ونوافذ‬
‫¦ رحلة الشتاء بني الدخول وحومل‬
‫¦ مواجهات‪ :‬أحمد فضل شبلول‪،‬‬
‫محمود خيراهلل‪ ،‬خالد عبدالكرمي احلَمْ د‪.‬‬

‫ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﺳﻤﻮ وﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ‬


‫ﺳﻤﻮ وزﻳﺮ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻳﻔﺘﺘﺢ ﻣﺸﺮوع‬
‫ﻣﺤﻄﺔ ﺳﻜﺎﻛﺎ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ‬

‫‪71‬‬
‫من إصدارات برنامج النشر في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫مركز عبدالرحمن السديري الثقايف‬


‫فاكس ‪014 6247780‬‬ ‫هاتف ‪ 014 6245992‬‬ ‫اجلوف‪ :‬ص‪ .‬ب‪ 854 :‬‬
‫جــوال ‪055 3308853‬‬ ‫الرياض‪ :‬ص‪.‬ب ‪ 94781‬الرياض ‪ 11614‬هاتف ‪ 011 4999946‬‬
‫فاكس ‪016 4421307‬‬ ‫هاتف ‪ 016 4422497‬‬ ‫الغاط‪ :‬ص‪ .‬ب ‪ - 63‬دار الرحمانية ‬
‫‪www.alsudairy.org.sa‬‬ ‫|‬ ‫‪info@alsudairy.org.sa‬‬
‫‪Alsudairy1385‬‬ ‫‪0553308853‬‬

You might also like