Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 109

‫إيضاح املصاحل العظيمة‬

‫والدالالت الشرعية‬
‫للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات‬

‫كتبته بقلمها‬
‫أم عومير بنت عبد السالم بن عبد القادر بن‬
‫حممد بن عمرو الناظورية املغربية‬
‫وفقها اهلل وغفر اهلل هلا وجلميع املسلمني‬

‫اليمن – حضرموت –سيئون‬


‫‪‬تقديم الشيخ أبي معاذ حسني احلطييب‪‬‬ ‫[ ‪]2‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫الطبعة األوىل‬
‫‪4112‬هـ ‪2224 -‬م‬
‫‪‬‬
‫[‪]3‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫‪‬‬

‫تقديم الشيخ أبي معاذ حسني احلطييب‬


‫ه‬
‫رشور‬ ‫ونستغف ُره‪ ،‬ونعو ُذ بالل ه من‬
‫ه‬ ‫نحمده تعاىل‪ ،‬ونستعنُه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫احلمد لل ه‪،‬‬
‫َ‬ ‫إ َّن‬
‫هادي له‪.‬‬ ‫ضلل فال‬ ‫مضل له‪ ،‬ومن ي ه‬‫لل فال َّ‬ ‫ه ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أنفسنا‪ ،‬ومن سيئات أعاملنا‪ ،‬من هيده ا ُ‬
‫عبده ورسو ُله‪.‬‬
‫حممدا ُ‬
‫ً‬ ‫لل‪ ،‬وأ َّن‬
‫هل إال ا ُ‬
‫وأشهد أال إ َ‬
‫ُ‬
‫ثم أما بع د‪:‬‬
‫فقد قرأت رسالة (إيضاح املصالح العظيمة والدالالت الرشعية للجمع بني‬
‫اثنتني إىل أربع من الزوجات ) لزوجتي‪ :‬أم عويمر بنت عبد السالم الناظورية‬
‫املغربية ‪-‬وفقها الل ‪ ،-‬فرأ يتها رسالة طيبة يف باهبا‪ ،‬يف بيان حكم التعدد والرد عىل‬
‫من يلقي الشبه لتنفري الناس عن هذه ال شعرية‪ ،‬ولقد أعجبتني هذه الرسالة حيث‬
‫جتد امرأ ًة تكون م ه‬
‫نصف ًة يف هذا الباب إال من رحم‬ ‫كانت الكاتبة امرأة‪ّ ،‬‬
‫وقل أن َ‬
‫ُ‬
‫لل‪ ،‬بل تقدم كثري من النسوة الغري َة عىل األدلة‪ ،‬نسأل الل السالمة والعافية‪.‬‬
‫ا ُ‬
‫هام و َث َبا ًتا‪.‬‬
‫علام و َف ً‬
‫لل ألم عويمر وزادها ً‬
‫فشكر ا ُ‬
‫وكتبه‪:‬‬
‫أبو معاذ حسني احلطيـيب‬
‫بدار احلديث بصالح الدين‬
‫[ ليلة األحد ( ‪ ) 21‬مجادى األوىل ( ‪ ) 2441‬للهجرة النبوية]‬
‫‪‬مقدمة املؤلفة‪‬‬ ‫[‪]4‬‬

‫‪‬‬

‫مقدمة املؤلفة‬
‫اّلل ه هم حن ُرش ه‬
‫ور أَنح ُف هسنَا‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫احل َـ حم َد لل‪َ ،‬ن حح َم ُد ُه َو َن حستَعينُ ُه‪َ ،‬و َن حستَ حغف ُر ُه‪َ ،‬و َن ُعو ُذ به َّ‬‫إه َّن ح‬
‫ُ‬
‫ات أَ حعاملهنَا‪ ،‬من هي هد هه الل َف َال م هض َّل َله‪ ،‬ومن ي حض هل حل َف َال ه ه‬
‫اد َي َل ُه‪.‬‬ ‫و همن سي َئ ه‬
‫َ‬ ‫ُ ََ ح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ح َح‬ ‫َ‬ ‫َ ح َ ِّ‬
‫هل إه َّال ا ُ‬
‫لل وأَ َّن ُ َ‬
‫حم َّم ًدا َعبح ُد ُه َو َر ُسو ُل ُه‪.‬‬ ‫َوأَ حش َه ُد أن َال إه َ َ‬
‫َ َ ُ ُ ذ ذ ََُْ ْ ُ ْ ُ َ‬ ‫َ َ ذ َُ‬ ‫َ َ ُّ َ ذ َ َ ُ ذ ُ‬
‫﴿يا أيها اَّلِين آمنوا اتقوا الل حق تقات ِ ِه وال تموتن إِال وأنتم مسلِمون﴾ [سورة آل‬
‫عمرا ن ‪.] 201 :‬‬
‫َ ََ ُ ْ ْ َْ َ َ َ ََ ْ َ َ َ َ َ ذ‬ ‫ُ ذُ َذ ُ ُ ذ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫حدة َوخلق مِنها ز ْوجها َوبث‬ ‫﴿يا أيها انلذاس اتقوا ربكم اَّلِي خلقكم مِن نفس وا ِ‬
‫ْ َْ َ َ ذ َ َ َ َ َْ ُ ْ‬ ‫ََ َُ َ‬ ‫َ ذ‬ ‫ُْ َ َ ً َ ً َ َ ً ذُ‬
‫اءلون ب ِ ِه َواْلرحام إِن الل َكن عليكم‬ ‫اء َواتقوا الل اَّلِي تس‬ ‫ِمنهما ِرجاال ك ِثريا ونِس‬
‫ً‬
‫َرقِيبا﴾ [سورة النساء ‪.]2:‬‬
‫ُ ْ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َْ‬ ‫َ ُ ُ ًَْ َ ً‬ ‫َ َ ُّ َ ذ َ َ ُ ذ ُ‬
‫ِين آمنوا اتقوا الل َوقولوا قوال س ِديدا * يصلِح لكم أعمالكم َويغ ِف ْر‬ ‫﴿يا أيها اَّل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ ُ ََ ْ َ ْ ً َ ً‬‫َ‬ ‫َ ُ ْ ُُ َ ُ ْ َ ْ ُ‬
‫يما﴾ [سورة ا ألحزاب‪.]02- 00:‬‬ ‫لكم ذنوبكم َومن ي ِط ِع الل ورسول فقد فاز فوزا ع ِظ‬
‫أَ َّم ا َب حع د‪:‬‬
‫رش حاألُ ُمور‬ ‫ه‬ ‫َف هإ َّن‬
‫أصدق الكال هم كَال ُم الل‪َ ،‬و َخ ح َري ا حْل َ حد هي َه حد ُي ُ َ‬
‫حم َّمد ﷺ‪َ ،‬و َ َّ‬ ‫َ‬
‫حم َد َثة به حد َع ٌة‪َ ،‬و ُكل به حد َعة َض َال َل ٌة‪.‬‬
‫حم َد َث ُاُتَا‪َ ،‬و ُكل ُ ح‬
‫ُح‬
‫فإن مما حل بنا يف األيام املاضية ما يندى له اجلبني‪ ،‬من الوقيعة يف التعدد‬
‫َّص ُه‬ ‫ه‬
‫واملعددين‪ ،‬ومن حيث عىل التعدد من قبل بعض السلفيني‪ ،‬وال جيحد من َب َّ َ‬
‫لل وأضاء دربه‪ ،‬ونور قلبه وقذف فيه اْلداية‪ ،‬وأنار مسلكه وبعث له احلكمة ما‬
‫ا ُ‬
‫تورث هذه الوقيعة من الضري املبني‪.‬‬
‫[‪]5‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫لل التعدد حلكم غزيرة للمسلمني واملسلامت من الثقلني‪ ،‬وأنزله‬


‫رش َع ا ُ‬
‫فلقد َ َ‬
‫ملصالح عديدة ل لمؤمنني واملؤمنات من اجلن واإلنس والصاحلني والصاحلات يف‬
‫مشارق األرض ومغارهبا‪ ،‬ملا ينال التعدد من حتقيق مقاصد الرشيعة‪.‬‬
‫ُْ ذ ُ ْ َ َ ُ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ‬ ‫ُْ َ‬
‫اء لهداكم‬ ‫لَف اْلجة اْلالِغة فلو ش‬ ‫ِ‬ ‫قال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪﴿ :‬قل‬
‫ُ ذ ُ َْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫لَف اْلجة اْلالِغة﴾‪ ،‬التامة عىل‬‫أْج ِعي﴾ [األنعام‪ ،]941:‬قال البغوي يف "تفسريه"‪﴿ :‬قل ِ‬
‫ي﴾‪ ،‬فهذا يدل عىل أنه‬ ‫اك ْم أَ ْْجَع َ‬
‫ََْ َ َ ََ َ ُ‬
‫خلقه بالكتاب والرسول والبيان‪ ﴿ ،‬فلو شاء لهد‬
‫ِ‬
‫مل يشأ إيامن الكافر‪ ،‬ولو شاء ْلداه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ومما يتأسى ويئن له قلبي‪ ،‬وتفر منه نفيس‪ ،‬وأشاهده عىل مضض يف اآلونة‬
‫األخرية‪ :‬أن طائفة من مجلة السلفيني تستصغر وتقدح يف فضل التعدد‪ ،‬واملصالح‬
‫التي ترتتب عليه‪.‬‬
‫فأصبح التعدد موض ًعا للمراء واالستنكار‪ ،‬واملهاترات والقالقل‪ ،‬وحمالً‬
‫للتشنيع والتطاول واْلمز واللمز والغمز‪.‬‬
‫ولقد تكالب عىل التعدد املتكلمون واملتطاولون واخذُتم احلمية عليه‪،‬‬
‫وبذلك يعدو إلينا ُسم الضالني من الكافرين‪ ،‬واحلزبيني الذي يدسونه بني‬
‫املسلمني‪.‬‬
‫ه‬
‫قلوب بعض الناس‪،‬‬ ‫ه‬
‫التعدد إال مما يقرقره الشيطان يف‬ ‫وما االعرتاض عىل‬
‫صدور ههم ويزينه ويسترشفه ْلم‪.‬‬
‫ه‬ ‫ويوسوسه يف‬
‫وإهنا لفاقرة‪ ،‬ونازلة اعرتتا املجتمع السلفي واالسالمي بالعموم‪ ،‬فوجب‬
‫تزهيقهام وحتبيطهام‪.‬‬
‫‪‬مقدمة املؤلفة‪‬‬ ‫[ ‪]6‬‬

‫أدركت احلاجة املاسة للرد العاجل عىل هذا‬‫ُ‬ ‫أسلفت آن ًفا‪،‬‬


‫ُ‬ ‫فبنا ًء عىل ما‬
‫التحامل والتآمر عىل التعدد‪ ،‬منافح ًة ومهاجن ًة‪ ،‬ومناضل ًة عنه‪ ،‬وصد ًعا باحلق‬
‫وانتصارا واحرتا ًقا لشعرية من ضمن شعائر اإلسالم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ودفا ًعا عنه‪ ،‬وتربئ ًة للذمة‪،‬‬
‫َ ذَ ْ َْ‬ ‫َ ْ ُ َ ِّ ْ َ َ‬
‫قال الل عز وجل يف حمكم التنزيل‪َ ﴿ :‬ومن يعظم شعائ ِ َر اللِ ف ِإنها مِن تق َوى‬
‫ُْ ُ‬
‫وب﴾ [احلج‪.]23:‬‬
‫القل ِ‬
‫فأسأل الل العظيم رب العرش الكريم الذي بيده ملكوت كل يشء‪ :‬أن يتقبل‬
‫مني هذا العمل قبوالً حسنًا‪ ،‬وأن يغمره بربكاته‪ ،‬واحلمد لل رب العاملني‪.‬‬

‫كتبته بقلمها‬
‫أم عومير بنت عبد السالم بن عبد القادر بن‬
‫حممد بن عمرو الناظورية املغربية‬
‫وفقها هللا وغفر هللا لها ومجليع املسلمني‬
‫[بسيئـون (‪ )21‬ربيع اآلخر ‪2441‬ـه]‬
‫[ ‪]7‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫وصييت للنساء‪ :‬بالصرب على التعدد‬

‫ما ألطف الل بالعباد‪ ،‬وما أحكم حكمه‪ ،‬وما أكمل رشيعته‪ ،‬فحاشاه ُس حب َ‬
‫حا نَ ُه‬
‫َو تَ َعاىل أن يرشع ْلم ما ينثر الفساد ويورث إرضارهم‪ ،‬وما ال يثمر الثمرات‪ ،‬وكفى‬
‫املرء هذا اإلدراك‪ ،‬فمن أدرك أن الل ال يرشع إال ما يغرس املنافع ويزرع الفوائد‬
‫للعباد‪ ،‬هيأ له االستسالم لرشعه جل وعال بإذن الل‪.‬‬
‫ولل احلكمة البالغة يف رشعه‪ ،‬استوعبت وأدركت ووعت وأ َقرت العقول‬
‫تلك احلكم أم مل تستوعب‪ ،‬فإن الل قد أحاط بكل يشء علام‪ ،‬وهو أعلم وأدرى‬
‫ه‬
‫بالولد من أمه‪.‬‬ ‫وأحكم‪ ،‬وأرحم بنا من ه‬
‫أنفسنَا‪ ،‬وأرحم‬
‫اّلل ه ﷺ به َسبحي‪َ ،‬ف هإ َذا ا حم َرأ َ ٌة‬ ‫ول َّ‬ ‫رس ُ‬ ‫ه‬
‫َق َال‪َ :‬قد َم ُ‬ ‫بن اخلطاب‬ ‫عمر ه‬‫* عن َ‬
‫الس حبي َأ َخ َذ حت ُه َف َأ حل َز َق حت ُه هب َبطحنهها‪َ ،‬ف َأ حر َض َع حت ُه‪،‬‬
‫الس حبي َت حس َعى‪ ،‬إه حذ َو َج َد حت َصبه ًّيا يف َّ‬ ‫م َن َّ‬
‫ه‬

‫اّلل ه ‪،‬‬‫َّار ؟ ُق حل نَا ‪ :‬ال َو َّ‬‫طار َحةً َولَ َد َها يف ال ن ه‬ ‫اّلل ﷺ‪« :‬أَ ُت َر حو َن َه هذهه ا َمل حرأ َ َة ه‬ ‫ول َّ‬‫رس ُ‬‫َف َق َال ُ‬
‫متفق عليه‪.‬‬ ‫باد هه هم حن َه هذ هه به َو َل هد َه ا»‪ٌ .‬‬ ‫ال ‪ّ :‬لل أَ ر ح م به هع ه‬
‫َف َق َ َّ ُ ح َ ُ‬
‫ولقد خلقنا الل لعبادته‪ ،‬ومل خيلقنا عبثا ومل يرتكنا مهالً ومل يبعثنا للدنيا ألجل‬
‫اللعب واللهو‪ ،‬ومل يدع لنا سبيالً غائام ومل ينفث فينا الروح ملقصد التمتع املؤقت؛‬
‫الل وال نرشك به شيئًا‪.‬‬
‫نعبد َ‬
‫بل خلقنا لغاية عظيمة‪ ،‬وهي أن َ‬
‫َ َ َ َْ ُ ْ ذ َ َ ذ‬
‫اإلنس إِال‬ ‫اْلن و ِ‬ ‫قال الل سبحانه وتعاىل يف حمكم التنزيل‪ ﴿ :‬وما خلقت ِ‬
‫ْ ْ َ َ ْ َ ْ ُ َ ُ ْ َ ُ ْ َْ َ ْ ُ َ َْ ُ ْ ْ َ‬ ‫َُُْ‬
‫ون﴾ [الذاريات‪ ،]65:‬وقال‪ ﴿ :‬اِلَوم أكملت لكم ِدينكم َوأتممت عليكم نِعم ِِت‬ ‫ِِلعبد ِ‬
‫َ َ ْ َ َ ُ ُّ ْ َ ذ َ َ ُ‬
‫اع الْ ُغ ُ‬ ‫ُ َ ُ ُ ْ َ ً‬ ‫َ َ‬
‫ور ﴾‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ال‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ادل‬ ‫اة‬ ‫ي‬ ‫اْل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫]‬‫‪3‬‬‫[املائدة‪:‬‬ ‫﴾‬ ‫ا‬ ‫ين‬ ‫اإلسالم دِ‬
‫ور ِضيت لكم ِ‬
‫َْ ُْ‬ ‫ُّ ْ َ ُ ذ َ ْ َ َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫ََ ٌ‬
‫جعهم ﴾ [يونس‪ ،]02:‬وقال‪ ﴿ :‬ذرهم‬ ‫[احلديد‪ ،]02:‬وقال‪ ﴿ :‬متاع ِِف ادلنيا ثم إِِلنا مر ِ‬
‫َْ ُ ُ َ ََ َذ ُ َ ُْ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫يأكلوا ويتمتعوا ويل ِه ِهم اْلمل فسوف يعلمون ﴾ [احلجر‪.]3:‬‬
‫‪‬وصييت للنساء‪ :‬بالصرب على التعدد‪‬‬ ‫[‪]8‬‬

‫ومما يلتحق باإلدراك أن الل مل خيلقنا سوى لعبادته‪ ،‬أن يستسلم العبد لرشيعته‬
‫استسال ًما مطل ًقا وأال يعرتض عىل ما رشعه سبحانه وأال يعرج عىل رشيعته‪ ،‬فإن‬
‫اخلوا طر حينئذ لتطوف حوله إىل أن يستوىل عليه الشيطان ويستهويه‪ ،‬فيتسيطر‬
‫وخيهر َثبَا ُت ُه ويتزعزع قلبه و ُي َّلثَم قلبه‪ ،‬فيستدرجه الشيطان ويسترشف‬
‫عليه اْلوى‪َ ،‬‬
‫له املعايص‪ ،‬ويرا وده ْلا فيستهني هبا فتهون عليه‪ ،‬فتتناثر معاصيه ثم هيزل إيامنه‪،‬‬
‫ويزداد سو ًء يو ًما بعد يوم‪ ،‬فتتسلط عليه سكرات املعصية املتوا لية املتكاثرة‬
‫املرتاكمة املتتالية‪ ،‬ثم يقرتف العظائم التي تليها العواقب الوخيمة ويغرق يف دجى‬
‫َ ْ َ ُ َ ُ َ ِّ ً ُ َ ْ َ‬
‫وغسق الظلامت‪ ،‬قال الل عز وجل يف حمكم التنزيل‪َ ﴿ :‬وَتسبونه هينا َوهو ِعند اللِ‬
‫ِّ َ ُ ْ ُ َ َ ذ ُ ِّ ُ َ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َعظ ٌ‬
‫يم ﴾ [النور‪ ،]91:‬وقال‪ ﴿ :‬فال َو َربك ال يؤمِنون حَّت ُيَكموك فِيما شج َر بينهم ث ذم ال‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫ُ ْ َ ً ذ َ ْ َ َُ ُ ْ ً‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َيدوا ِِف أنف ِس ِهم ح َرجا مِما قضيت َويسلموا تسلِيما ﴾ [النساء‪.]51:‬‬‫ِ‬
‫وقد تعاف نفس املرأة التعدد وتأباه‪ ،‬ملا قىض الل من الغرية يف بنات آدم‪،‬‬
‫لكن عىل الرغم من ذلك فعليها أن تصرب‪ ،‬وأن ترغم نفسها عىل االستسالم لرشع‬
‫الل ولقدره والرضا هبام‪ ،‬إن تزوج عليها زوجها‪ ،‬وأن حتتقر وتستصغر وتستهزل‬
‫الدنيا الزائلة الفانية اْلزيلة املزيفة التي ال تساوي جناح بعوضة عند الل‪ ،‬وال‬
‫قنطارا‪ ،‬فال تغرهنا الدنيا التي احيطت‬
‫ً‬ ‫شعبة وال مثقال ذرة وال توزن يف امليزان‬
‫بالبلوى‪ ،‬وحفت بالفواقر وامتألت بالنوازل‪ ،‬وفاضت من املكروهات‪ ،‬تلك‬
‫الدنيا التي أوشكت أن تذبل‪ ،‬وك أنام مل تستغرق إال طرفة عني وكأنام ترحل كلمح‬
‫البَّص‪.‬‬
‫[ ‪]9‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫اّلل ﷺ‪َ « :‬ل حو َك ا َن ت الد حن َي ا‬


‫اعدي َق َال‪َ :‬ق َال َر ُسول َّ‬
‫ِّ‬ ‫ل ب هن َس حعد َّ‬
‫الس‬ ‫* عن َس حه ه‬
‫ه ه‬ ‫ه ه‬
‫قال ‪:‬‬ ‫رش َب َة َم اء »‪ ،‬رواه الرتمذي‪َ ،‬و َ‬
‫وضة َما َس َقى كَاف ًرا من حها َ ح‬‫َاح َب ُع َ‬ ‫َت حع د ُل عن ح َد َّ‬
‫اّلل َجن َ‬
‫حديث حس ٌن‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫تلك الدنيا التي ُخلقت للبلوى والفواقر والنوازل والكوارث والكربات‬
‫والنوائب واملحن واالختبارات‪ ،‬واملشقة التي قد ُت َّف هي ُض العينني دمو ًعا وتعَّص‬
‫القلب وتعصف بالنفس ويتأسى ْلا القلب و ُت حسقي املرارة‪ ،‬قال الل تعاىل يف كتابه‬
‫َ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ َْ ذ َ َ َ ذ َ ْ ُ ْ َ َ ُ ذ َ َ َ ْ ْ َ ْ ُ ْ َ ذ ْ ُ‬
‫ِين خلوا مِن قبلِكم مسته ُم‬ ‫الكريم‪﴿ :‬أم ح ِسبتم أن تدخلوا اْلنة ولما يأتِكم مثل اَّل‬
‫َ‬
‫ْص اللِ أال إ ذن نَ ْ َ‬ ‫َْْ َ ُ َ ذ ذ ُ َ ُ ْ ُ َ ذ َُ َ ذ ُ ُ َ ذ َ َ‬
‫آم ُنوا َم َع ُه َم ََّت نَ ْ ُ‬
‫ْص اللِ‬ ‫ِ‬ ‫اْلأساء والَّضاء وزل ِزلوا حَّت يقول الرسول واَّلِين‬
‫يب﴾ [البقرة‪.]394:‬‬ ‫قَر ٌ‬
‫ِ‬
‫فإن أعرضت املرأة عن الدنيا ومهت باآلخرة وسعت للغاية التي خلقت من‬
‫أجلها سع ًيا حثيثًا‪ ،‬أيرست عليها البلية التي تصاب هبا والنازلة التي تنزل هبا‪ ،‬وما‬
‫تتجرعه من األسى واملعاناة التي تعرتهيا‪.‬‬
‫فالدنيا دار البالء وطنت للعناء والشقاء واملآيس‪ ،‬فتستوجب الصرب فلن ُتنأ‬
‫فيها نفس ولن تبيت فيها عني مرتاحة ولن يسرتيح فيها جسد‪ ،‬ولكن من أقبل‬
‫عىل الل وعىل جتنب حرماته والتزا م أوامره‪ ،‬لبثت فيه الطمأنينة وأُرشق دربه‬
‫وأُزهرت حياته‪ ،‬إذ اعتصم بالدين احلق‪ ،‬ومن اعتصم به اعتصا ًما ً‬
‫حمضا‪ ،‬تنعم‬
‫واستظل باليقني وعلم أَ َّن َ‬
‫الل ال يقدر له إال اخلري‪ ،‬وأن أمره كله خري‪ ،‬فانرشح‬
‫صدره‪ ،‬وتنفست مهجته‪ ،‬وإن ضاقت به الدنيا بام رحبت وضاقت عليه نفسه‬
‫وانقبضت‪.‬‬
‫‪‬وصييت للنساء‪ :‬بالصرب على التعدد‪‬‬ ‫[‪]01‬‬

‫ول الل ﷺ‪َ « :‬ع َج ًب ا‬ ‫َق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫ب حب هن هس نَان‬ ‫* ع حن أيب حيَ حيَى ُص َهي ح ه‬
‫ه‬ ‫س ذَل ه َ ه‬ ‫ه‬
‫ك أل َحد إهال َّ لل ح ُم حؤمن‪ :‬إ ه حن أَ َص ا َبتح ُه َ َّ‬
‫َسا ُء َش َك َر‬ ‫أل حم هر املح ُ حؤم هن إ ه َّن أ َ حم َرهُ كُلَّهُ لَه ُ َخ ح ٌري‪َ ،‬ولَي ح َ‬
‫خريا ً َل ُه »‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫فَ َك ا َن َخ حريا ً َل ُه ‪َ ،‬و إه حن أَ َص ا َبتح ُه َ َّ‬
‫رضا ُء َص َ َرب فَ َك ا َن ح‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ًْ َ َُ َ ٌْ َ ُ ْ َ‬
‫ري لكم َوع ََس أن‬ ‫قال الل تعاىل يف القرآن‪ ﴿ :‬وعَس أن تكرهوا شيئا وهو خ‬
‫ُ َ ْ َ َُْ ْ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ُ ُّ َ ْ ً َ ُ َ َ ٌّ َ ُ ْ‬
‫َش لكم َوالل يعل ُم َوأنتم ال تعلمون ﴾ [البقرة‪.]395:‬‬ ‫َتِبوا شي ئا وهو‬
‫دائام تتقلب بام يفيده‪ ،‬سواء بام يسوءه أو بام يرسه‪ ،‬فام دام‬
‫فحياة املؤمن ً‬
‫اإلنسان يسلك مسلك املنهج السلفي ويسري عىل السري النقي‪ ،‬ويلتزم بام أمر به‬
‫الل ورسوله‪ ،‬ويسعى المتثال أمرمها‪ ،‬وجيتنب ما هنيا عنه‪ ،‬ويتوب إىل الل عند أن‬
‫حما يف‬
‫تزل به القدم ويتعثر‪ ،‬ابتغاء وجهه وراجيًا يف رضوانه وراغبًا يف ثوابه‪ ،‬وطا ً‬
‫النجاة‪ ،‬ومتمن ًيا اجلنات عرضها الس اموات واألرض‪ ،‬فإنه يؤمل له خري‪.‬‬
‫وليخش من يقرتف املعايص عىل نفسه‪ ،‬وليخش عىل نفسه من سخط الل‪،‬‬
‫وليعلم أن ربه له باملرصاد‪ ،‬وليحذر سوء العاقبة‪ ،‬وليستعذ بالل من سوء اخلامتة‬
‫وليتب قبل فوات األوان‪ ،‬وقبل أن يأتيه األجل‪ ،‬وتبلغ روحه احللقوم‪ ،‬فيندم‬
‫وتذيقه عواقب سوء عمله العلقم‪ ،‬ويصادف عواقب أقوا له وأعامله امل ُ َرة‪ ،‬وبئس‬
‫املصري‪.‬‬
‫ولتعلمن املرأة أهنا جمرد مارة بمتاع الغرور الدنيا الذليلة املهينة التي س ُت حه َلك‬
‫وتندثر‪ ،‬وتفنى ومن عليها‪ ،‬ولتدركن أهنا مل تبلغ دارها الدائمة املستقرة املستمرة‬
‫الثابتة بعد‪ ،‬وإنام متر بمرحلة تقديم األعامل الصاحلة التي ال تستمر مل ًيا‪ ،‬ولن‬
‫فورا‪ ،‬فليست الدنيا سوى هباء منثور ويبقى وجه ربك ذو‬
‫يطول أمدها‪ ،‬وتزول ً‬
‫اجلالل واالكرا م‪ ،‬وكل من استذل بسخط الل‪ ،‬فسيذهب أدراج الرياح‪،‬‬
‫[‪]00‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫وستذهب أعامله سدى‪ ،‬ومن انتَّص وفاز وظفر برضوان الل ومرضاته‪ ،‬فلتبتهج‬
‫ه‬
‫احلميدة‪.‬‬ ‫ه‬
‫بالعاقبة‬ ‫َسورا وليستبرش‬ ‫نفسه‬
‫ً‬
‫وعليها باللجوء لرهبا بالدعاء؛ ليزيل عنها املكروه؛ ولينزع عنها كرهبا‬
‫وليكشف عنها الرض‪ ،‬فستخفف عنها الغرية وتذوب حرقتها‪ ،‬وخيمد غيظها‬
‫وتلتئم جروحها‪ ،‬ويتالشى كرهبا ويقلص ويرقأ دمعها‪ ،‬وهيبت مهها بإذن رهبا‪،‬‬
‫َ ُ َ ٌْ ََْ‬
‫ري َوأبَق ﴾ [األعىل‪.]91:‬‬‫خرة خ‬‫قال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪َ ﴿ :‬واآل ِ‬
‫الل تَ َعاىل َعنح ُه ‪ -‬قال‪ :‬نام رسول الل ﷺ‬ ‫ه‬
‫ض ُ‬ ‫* وعن عبد الل بن مسعود – َر َ‬
‫عىل حصري‪ ،‬فقام وقد أثَّر يف َجنحبه‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسول الل! لو اختذنا لك هوطاء‪،‬‬
‫فقال‪« :‬ما يل وما للدنيا؟ ما أنا يف الدنيا إال كراكب استظل حتت شجرة ثم راح وتركها»‪،‬‬
‫رواه الرتمذي وابن ماجه وغريمها‪ ،‬وقال الرتمذي ‪ :‬هذا حديث حس ن صحيح‪.‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول الل ﷺ‪ « :‬يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل‬ ‫وعن أنس‬
‫النار يوم القيامة‪ ،‬فيصبغ يف النار صبغةً‪ ،‬ثم يقال‪ :‬يا ابن آدم هل رأيت خريا ً قط؟ هل مر‬
‫بك نعي ٌم قط؟ فيقول‪ :‬ال والل يا رب‪ ،‬ويؤتى بأشد الناس بؤسا ً يف الدنيا من أهل اجلنة‪،‬‬
‫فيصبغ صبغةً يف اجلنة‪ ،‬فيقال له‪ :‬يا ابن آدم هل رأيت بؤسا ً قط؟ هل مر بك شد ٌة قط؟‬
‫بؤس قط‪ ،‬وال رأيت شد ًة قط »‪ ،‬رواه مسلم‪.‬‬
‫فيقول‪ :‬ال‪ ،‬والل ما مر يب ٌ‬
‫أتيت أُيب ه‬
‫بن‬ ‫وروى اإلمام أمحد و أبو داود وغريمها عن ابن الديلمي‪ ،‬قال‪ّ ُ ( :‬‬
‫كعب فقلت له وقع يف نفيس يشء من القدر فحدثني بيشء لعل الل أن يذهبه من‬
‫قلبي؟ فقال‪ « :‬لو أن الل عذب أهل سامواته وأهل أرضه لعذهبم وهو غري ظامل ْلم‪ ،‬ولو‬
‫رمحهم كانت رمحته خريا ْلم من أعامْلم‪ ،‬ولو أنفقت مثل أحد ذهبا يف سبيل الل ما قبله‬
‫الل منك حتى تؤمن بالقدر‪ ،‬وتعلم أن ما أصابك مل يكن ليخطئك‪ ،‬وأن ما أخطاك مل‬
‫‪‬وصييت للنساء‪ :‬بالصرب على التعدد‪‬‬ ‫[‪]02‬‬

‫عبد الل بن‬


‫أتيت َ‬
‫يكن لي صيبك‪ ،‬ولو مت عىل غري هذا لدخلت النار »‪ .‬قال‪ :‬ثم ُ‬
‫مسعود فقال مثل ذلك‪ ،‬قال‪( :‬ثم أتيت حذيفة بن اليامن فقال مثل ذلك‪ ،‬قال‪ :‬ثم‬
‫أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي ﷺ مثل ذلك)‪ ،‬صححه األلباين‪.‬‬
‫الل الل يف االحتساب‪ ،‬فام يدريك أن ذلك البالء الذي يشق عليك ويؤنك‬
‫ويزلزلك‪ ،‬ويشتتك وحيفر يف صدرك‪ ،‬و ُي َفيِّض مقلتيك باملدامع‪ ،‬ويتأوه ألجله‬
‫قلبك‪ ،‬ويقض مضجعك‪ ،‬يأجرك الل عليه‪ ،‬ويكفر الل به عن سيئاتك‪ ،‬ويرفع به‬
‫درجاتك‪ ،‬بإذن الل‪ ،‬إن أربطت قلبك بالصرب واالحتساب‪.‬‬
‫يب ا حمل ُ حس له َم‬
‫َّبي ﷺ َق َال‪َ « :‬ما ُي هص ُ‬ ‫ن أَيب َسعيد وأَيب ُه َر حيرة ¶ عن الن ِّ‬ ‫* َو ع ح‬
‫الش حوكَة ُ ُي َشاكُها إه الَّ ك َّف ر‬
‫صب َوال َ َهم َوال َ َح َزن َوال َ أَذًى َوال َ غم‪ ،‬حت َّى َّ‬ ‫ه‬
‫َصب َوال َ َو َ‬‫م حن ن َ‬
‫متفق َع َل هيه‪.‬‬
‫اّلل َهب ا هم حن خ طَ ا َي اه »‪ٌ ،‬‬ ‫َّ‬
‫اّلل به هه َخ حريا ً‬ ‫ه‬ ‫رسول ه‬ ‫ن أَيب ُه َر يرة‬
‫اّلل ﷺ‪َ « :‬م حن ُي هر د َّ ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫قال‪ :‬قال‬ ‫* وع ح‬
‫ب همنح ُه »‪ ،‬رواه البخاري‪.‬‬
‫ُي هص ح‬
‫أن رسول الل ﷺ‬ ‫* روى البخاري ومسلم عن أيب سعيد اخلدري‬
‫الص ح هرب »‪ ،‬وقال‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫اّللُ‪َ ،‬و َما أُ حعط َي أ َ َح ٌد َعطَاءً َخ ح ًريا َو أَ حو َس َع م حن َّ‬
‫ربه ُ َّ‬
‫ص ِّ ح‬
‫رب يُ َ‬ ‫قال‪َ « :‬و َم ح‬
‫ن َيت ََص َّ ح‬
‫َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ذ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ‬
‫َ َ‬ ‫ُ ذ‬ ‫ذ‬
‫ري ِحساب ﴾ [الزمر‪ ،]91:‬وقال عز‬
‫الل تعاىل يف القرآن‪ ﴿ :‬إِنما يوَّف الصابِرون أجرهم بِغ ِ‬
‫َْْ َ َ ذ ذ َ َ َْْ َُْ َ ذ َ َ َ ُ ََُْ َ‬
‫ِك ُهمُ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬
‫وجل‪َ ﴿ :‬والصاب ِ ِرين ِِف اْلأساءِ والَّضاءِ و ِ‬
‫حي اْلأ ِس أوَل ِك اَّلِين صدقوا وأوَل‬
‫ُْذُ َ‬
‫المتقون ﴾ [البقرة‪.]911:‬‬
‫قال اإلمام الشافعي يف "ديوانه"‪:‬‬
‫اّلل هيف األم ـ ـ ه‬
‫ـور َن َج ـ ــا‬ ‫م ـ ــن َرا َق ـ ـ َ‬ ‫َص ـ ـ حـربا ً َمجه ـ ــيالً م ـ ــا أق ـ ـ َ‬
‫ـرب ال َف َر َجـ ـ ــا‬
‫ـب َّ َ‬
‫رج ـ ــا ُه يك ـ ــو ُن حي ـ ـ ُ‬
‫ـث َر َج ـ ــا‬ ‫ومـ ــن َ‬ ‫مـ ـ ـ ـ ـ ـ حن صـ ـ ـ ـ ـ ــدق الل مل ينل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُه أذى‬
‫[‪]03‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫وقال اإلمام الشافعي يف "ديوانه"‪:‬‬


‫وعنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد الل منه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا املخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرج‬ ‫ولـ ــرب نازلـ ــة يض ـ ــيق هبـ ــا الفتـ ــى ذرعـ ـ ــا‬

‫فرج ــت وكنـ ــت أظنه ـ ــا ال تف ـ ــرج‬ ‫ضــاقت فلــام اســتحكمت حلقاُت ــا‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫أبش ـ ـ ـر فرب ـ ــك قـ ـ ــد أب ـ ــان املنهجـ ـ ــا‬ ‫ي ـ ــا شـ ـ ــاكيا هـ ـ ــم احليـ ـ ــاة وضـ ـ ــيقها‬
‫جيع ــل ل ــه مـ ــن ك ــل ض ــيق خمرجـ ــا‬ ‫مـ ـ ــن يتـ ـ ــق ال ـ ـ ــرمحن جـ ـ ــل جالل ـ ـ ــه‬
‫فإن الرضا بقضاء الل وقدره وعدم االعرتاض لرشعه ْلام لنصيب عظيم يف‬
‫ف‬ ‫نيل رضوان الل‪ ،‬ومها من شامئل املؤمنني الصاحلني‪ ،‬فليسع املرء ألن ه‬
‫يتص َ‬ ‫َ‬
‫ويتخلق ويتحىل هبام سعيًا حثيثًا؛ فلتتيقنن املرأة أن ما أصاهبا مل يكن ليخطئها‪،‬‬
‫ولتستحسن الرضا بقضاء الل وعليها أن تستيضء وتستنري درهبا به وأن حتسن‬
‫عند ظنهها‪ ،‬فلن خييب ظنها بالل وهو يتوىل أمرها‪ ،‬وما كتب‬
‫الظن برهبا‪ ،‬ليكون َ‬
‫الل ْلا يف اللوح املحفوظ قبل أن ُ ح‬
‫خت َل َق سيحدث وسيأيت أوانه‪ ،‬وما قدر ْلا‬
‫سيكون كائنا ولن يفوُتا ولن تستطيع أن تدفعه‪ ،‬فإن قدر الل أن زوجها سيتزوج‬
‫حتام ال حمالة‪.‬‬
‫فسيتم ذلك ً‬
‫قال النبي ﷺ‪ « :‬إن هعظم اجلزاء مع عظم البالء‪ ،‬وإن الل إذا أحب قو ًم ا ابتالهم‬
‫فمن رض فله الرضا ومن سخط فله السخط »‪ ،‬حسنه الرتمذي‪.‬‬
‫أمر إال بعد أن أذن الل‬
‫ويلزمها أن جتزم أهنا ال تصادف حدثا‪ ،‬وال ينقيض ٌ‬
‫بذلك‪ ،‬وأنى تولت وجهها وحيث ام اجتهت وأينام حلت وارحتلت وانطلقت‪ ،‬ومهام‬
‫‪‬وصييت للنساء‪ :‬بالصرب على التعدد‪‬‬ ‫[‪]04‬‬

‫أصاهبا‪ ،‬فإن الل مطلع عليها ورمحته تسعها‪ ،‬وهو حييطها بلطفه ويشملها‬
‫بحكمته‪.‬‬
‫قال اإلمام الشافعي يف "ديوانه"‪:‬‬
‫ـب َن حف َسـ ـ ـاً إه َذا َح َك ـ ـ َم ال َق َض ـ ــا ُء‬ ‫ه‬ ‫َد هع األَيَّـ ـ ـ ـ ــا َم َت حف َع ـ ـ ـ ـ ــل َم ـ ـ ـ ـ ــا َت َش ـ ـ ـ ـ ــا ُء‬
‫َوط ـ ـ ح‬
‫اد هث الد حنـ َي ـ ـ ـ ـ ــا َبـ َق ـ ـ ـ ـ ــا ُء‬‫َفمـ ـ ـ ـ ــا هحل ـ ـ ـ ـ ـو ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اد َثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ هـة ال َّل َيالهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫والَ َجتح ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـزع هحل ه‬
‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ـاح ـ ـ ـ ـ ُة َوال َـو َفـ ـ ـ ــا ُء‬ ‫الس َم َ‬
‫ـك َّ‬ ‫َو هشي َمتُ ـ ـ ـ َ‬ ‫رجـ ـالً َعـ ـ َـىل األَ حه ـ َـوا هل َج حلـ ـ ًـدا‬ ‫َ َو ُكـ ـ حن ُ‬
‫َو َسـ ـ ـ ـ َّـر َك أَ حن َي ُك ـ ـ ـ ــو َن َْل َـ ـ ـ ــا هغطَ ـ ـ ـ ــا ُء‬ ‫الربا َي ـ ـ ـ ــا‬ ‫وإه حن َكثُـ ـ ـ ــر حت ُعيوبـ ـ ـ ـ َ ه‬
‫ـك يف َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫الس ـ ـ ـ ـ َـام َح هة ُك ـ ـ ـ ــل َع حي ـ ـ ـ ــب‬
‫خ ـ ـ ـ ــا ُء‬‫السـ َ‬ ‫َو َك ـ ـ ـ ـ حم َع حيـ ـ ـ ــب ُي َغطِّيـ ـ ـ ــه َّ‬ ‫ُي َغطّـ ـ ـ ــى به َّ‬
‫ـك َوالَ َر َخـ ـ ـ ـ ــا ُء‬ ‫َوالَ ُب ـ ـ ـ ـ حـؤ ٌس َع َليح ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ور‬‫َوالَ ُحـ ـ ـ ـ ـ حـز ٌن َي ـ ـ ـ ـ ـ ُـدو ُم َوالَ ُس ـ ـ ـ ـ ـ ُـر ٌ‬
‫َف ـ ـ ـ ـ ـ هـإ َّن َش َام َت ـ ـ ـ ـ ـ ـ َة األَ حع ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدا َب ـ ـ ـ ـ ـ ـالّ ٌء‬ ‫والَ ُتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ هـر لهألَعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ه‬
‫ـادي َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط ُذالًّ‬ ‫َ‬
‫ـار لهلظَّم ـ ـ ـ ه‬
‫ـآن َمـ ـ ـ ــا ُء‬ ‫َف َم ـ ـ ــا هف ـ ـ ــي النَّـ ـ ـ ـ ه‬ ‫والَ َت ـ ـ ــرج الس ـ ـ ــامح َة هم ـ ـ ـن ب ه‬
‫خي ـ ـ ــل‬
‫ح‬ ‫ح َ‬ ‫ح ُ َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫َو َلـ ـ حي َس َي هزيـ ـ ُـد هف ـ ــي ال ـ ـ ِّـر حز هق ال َعنَ ـ ــا ُء‬ ‫ـك َلـ ـ ـ ـ حي َس ُين هحق ُص ـ ـ ـ ُه ال َّتأَ ِّنـ ـ ـ ــي‬
‫َو هر حز ُق ـ ـ ـ َ‬
‫ـك الد حنـ َيـ ـ ـ ــا َسـ ـ ـ ـ ـوا ُء‬ ‫ـت َو َمالهـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َفأَنحـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـت َذا َق حلـ ـ ـ ـ ــب َقنُـ ـ ـ ـ ــوع‬ ‫إه َذا َم ـ ـ ـ ــا ُكنح ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َفـ ـ ـ ـ ـ ـالَ أَ حر ٌض َت هقـي ـ ـ ـ ـ ـ هـه َوالَ َسـم ـ ـ ـ ـ ــا ُء‬ ‫ـاحته هه ا َملنَا َيـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـت به َس ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َو َم ـ ـ ـ ـ حن َن َزل ـ ـ ـ ـ ح‬
‫ـاق ال َف َض ـ ـ ــا ُء‬ ‫إه َذا َن ـ ـ َـز َل ال َق َضـ ـ ــا َضـ ـ ـ َ‬ ‫وأَر ُض اّلل ه و هاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ٌة و ه‬
‫لك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حن‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ح‬
‫َوالَ ُي حغنهـ ـ ــي َع ـ ـ ـ هـن ا َملـ ـ ـ حـو هت ال ـ ـ ـ َّـد َوا ُء‬ ‫َد هع األَيَّ ـ ـ ـ ــا َم َت حغ ـ ـ ـ ـ ُـد حر ُكـ ـ ـ ـ ـ َّـل هحيح ـ ـ ـ ـ ــن‬
‫نفس َها بتحايش داء الغرية املذمومة السلبية الدميمة املهنية عنها‬ ‫فلتو ه‬
‫اص املرأ ُة َ‬
‫التي تؤدي إىل انتهاك حرمات الل ونواهيه‪ ،‬والواجب عليها أن تردع وتوبخ‬
‫[‪]05‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫نفسها‪ ،‬وأن تدارك غريُتا‪ ،‬فال تذر غريُتا تطغى عليها‪ ،‬وتطرح غطا ًء يف عينيها‪،‬‬
‫فتعميها وتغلبها و ُتذهب لبها‪ ،‬بل عليها أن تقدم رشعه سبحانه واالستسالم له‬
‫ولقدره عىل اْلوى والعوا طف‪.‬‬
‫ذ ُذ َ ْ َ َْ َ َ‬
‫َشء خلقناهُ بِق َدر ﴾ [القمر‪ ،]41:‬وقال‪:‬‬ ‫قال الل تعاىل يف القرآن‪ ﴿ :‬إِنا ُك‬
‫َ َْ ُ ُ ْ َ ذ‬ ‫ْ َ ِّ ْ ْ‬ ‫َََُْ ذ ُ ََْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ ََ ُ َْ ْ‬
‫َب َواْلَح ِر َوما تسقط مِن َو َرقة إِال‬ ‫ب ال يعلمها إِال ه َو َويعل ُم ما ِِف ال‬‫﴿ َو ِعنده مفاتِح الغ ِ‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َْ َ َْ َ َ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َْ َُ َ َذ‬
‫ات اْلر ِض وال رطب وال يابِس إِال ِِف كِتاب م ِبي ﴾ [األنعام‪.]11:‬‬ ‫يعلمها وال حبة ِِف ظلم ِ‬
‫ولتعلمن املرأة‪ :‬أهنا لن تعصم ولن تصطفى من البلوى والشدائد‪ ،‬ولن ختلو‬
‫حياُتا من املكروهات ومن الغموم التي تغتم هبا‪ ،‬ولن حيني أجلها املسمى إال‬
‫بعد أن بعث الل ْلا يو ًما أو أيا ًما من الدهر‪ ،‬أي‪ :‬بالء فتبتىل‪ ،‬وتلك سنة الرمحن‪،‬‬
‫لكنها أيام معدودات‪ ،‬ثم يرث الل األرض ومن عليها‪ ،‬وليبَّص وليشاهد كل‬
‫انسان يومئذ عيا ًنا مفعوليات أفعاله بحذافريها وما كسبت وقدمت يداه‪.‬‬
‫الش ه وا ه‬ ‫ه‬ ‫جلنَّةُ بهاملح َ َك ه ه‬ ‫ه‬
‫ت »‪َ ،‬ر َوا ُه‬ ‫َّار به َّ َ َ‬
‫ار ه ‪َ ،‬و ُح َّف ت الن ُ‬ ‫قال رسول الل ﷺ‪ُ « :‬حفَّت ا ح َ‬
‫ُم حس هل ٌم‪.‬‬
‫ْ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ٌ ََ ْ َ ذ َْ ْ َ َ ٌ ْ ُُ‬
‫وقال جل وعال يف كتابه الكريم‪ ﴿ :‬إِن يمسسكم ق ْرح فقد مس القوم ق ْرح مِثله‬
‫َ َْ ََ ُ ذ َ َُ َ َذ َ ْ ُ ْ ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َذ ُ َُ َُ َْ‬
‫اس و ِِلعلم الل اَّلِين آمنوا ويت ِخذ مِنكم شهداء والل ال‬ ‫اولها بي انل ِ‬ ‫وتِلك اْليام ند ِ‬
‫َ ْ َ ْ َ ُْ‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ ذ‬
‫َشء مِن اْلو ِف واْل ِ‬
‫وع‬ ‫ك ْم ب َ ْ‬‫َ َ َ ُ‬
‫ن‬ ‫و‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫نل‬ ‫و‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫وقال‬ ‫‪،‬‬‫]‬‫‪941‬‬ ‫عمران‪:‬‬ ‫[آل‬ ‫﴾‬ ‫الظالِم َ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ُيب‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫َ ذ َ َ َ َ َُْْ ُ َ ٌ َ ُ‬ ‫ذ‬ ‫َ ذ َ َ َ َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِّش الصاب ِ ِرين * اَّلِين إِذا أصابتهم م ِصيبة قالوا‬ ‫ِ‬ ‫ات وب‬
‫ِ‬ ‫ال َواْلنف ِس واثلمر‬ ‫ِ‬ ‫َونقص مِ َن اْلم َو‬
‫َ ذ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ٌ ْ ِّ ْ ْ َ ٌ ُ َ َ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫ذ‬
‫اجعون * أ ْوَل ِك علي ِهم صل َوات مِن َرب ِهم َو َرْحة َوأ ْوَل ِك ه ُم المهتدون ﴾‬ ‫إِنا للِ وإِنا إِِل ِه ر ِ‬
‫َ َ َ ذ ُ َ ْ َُُْ َ ْ َُ ُ َذ ُْ‬
‫ْتكوا أن يقولوا آمنا َوهم‬ ‫[البقرة‪ ،]911- 911:‬وقال سبحانه‪ ﴿ :‬الم * أح ِسب انلاس أن ي‬
‫ْ‬
‫ِين َص َدقُوا َو َِلَ ْعلَ َم ذن ال ََكذب َ‬
‫الل ذاَّل َ‬
‫ُْ َُ َ َ ََ ْ ََذ ذ َ ْ َْ ْ َََ ْ َ َ ذ ُ‬
‫ي﴾‬ ‫ِِ‬ ‫ال يفتنون * ولقد فتنا اَّلِين مِن قبلِ ِهم فليعلمن‬
‫[العنكبوت‪.]2- 9:‬‬
‫‪‬وصييت للنساء‪ :‬بالصرب على التعدد‪‬‬ ‫[‪]06‬‬

‫اّلل ه ﷺ‪َ « :‬ما َي َزال ا حل َب ال ُء به ا حمل ُ حؤ هم هن‬ ‫ُ‬


‫رسول َّ‬ ‫َق َال‪َ :‬ق َال‬ ‫ن أَيب ُه َر حير َة‬‫* َو َع ح‬
‫الرت همذي‬ ‫ه ه‬ ‫ه ه هه‬ ‫ه ه‬ ‫ه ه‬
‫َو ا حملؤمن َة يف ن َفحسه َوولَده و َماله َحت َّى يَل ح َقى َّ‬
‫اّلل َ تَ َع َاىل َو َم ا َع لَيح ه َخ طيئَ ٌة »‪ ،‬رواه ِّ ح‬
‫حديث حس ٌن صحيح‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫َو َ‬
‫قال‪:‬‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫اس ـ ح‬
‫ـتطال‬ ‫ـارت ُمه ــومي ُ‬
‫وح ـ حـزين ح‬ ‫وث ـ ح‬ ‫اسـ ـ ح‬
‫ـتحال‬ ‫َل ـ هـئ حن ط ـ َ‬
‫ـال لـ ــيي ون ــومي ح‬
‫الض ـ ـ ـ ح‬
‫ـالل‬ ‫أنَ ـ ـ ـ حـر َت ال ُف ـ ـ ــؤا َد َف ـ ـ ـ َـزا َل َّ‬ ‫ـت الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي‬
‫ريب فأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َذ َك حر ُتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـك ِّ‬
‫وأ حمطَ ـ ـ ـ ـ حـر َت ُروح ـ ـ ـ ــي به ـ ـ ـ ـ َـامء ُز ح‬
‫الل‬ ‫ـت طَـ ـ ـ ـ حـر هيف بهنُ ـ ـ ـ ه‬
‫ـور اْلُـ ـ ـ ـ َـدى‬ ‫و َك َّح حل ـ ـ ـ َ‬
‫ـال‬ ‫ـت ال ـ ـ ــر هحيم َمحهيـ ـ ـ ُـد ه‬
‫اخل َص ـ ـ ـ ح‬ ‫فأنـ ـ ـ َ‬ ‫الر َجـ ـ ـ ــا‬ ‫ـك ا حلتَ َج ـ ـ ـ ـأح ُت َف هفيـ ـ ـ ـ َ‬ ‫إلي ـ ـ ـ َ‬
‫َّ ح ُ ح‬ ‫ـك َّ‬
‫والل هو الذي عني ْلا نوعية وهيئة البالء وحدوثه حسب حكمته‪ ،‬وهو ملك‬
‫امللك‪ ،‬رب الساموات واألرض‪ ،‬العظيم املتكرب العزيز العليم اخلبري‪ ،‬مليك‬
‫مقتدر‪ ،‬بيده كل يشء‪ ،‬ووسع كل يشء علام‪ ،‬وعنده اخلزائن‪ ،‬فهو أعلم بام‬
‫يستجلب الفوائد لعباده وما ُحيصد وما هي احلكمة حلصول تلك األحداث‬
‫فيمضها‪ ،‬فإهنا حمفوفة باحلكم وإن مل يبدها‪ .‬فيجب عليها أن تستسلم استسال ًما‬
‫ُْ َُ َ ذ َْ َ ُ‬
‫كليا ملا اختاره وقضاه الل ْلا‪ ،‬قال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪ ﴿ :‬ال يسأل عما يفعل‬
‫ُ ْ ُْ َُ َ‬
‫َوهم يسألون ﴾ [األنبياء‪.]32:‬‬
‫وهو الرب القوي املتني العظيم ونحن العباد الضعفاء‪ ،‬وكام أنه خلقنا‬
‫وأحسن خلقنا ويؤتينا من فضله ويغنينا من سعته وهيبنا ويرزقنا من كرمه يو ًما‬
‫بعد يوم‪ ،‬فإنه يعلم ما هي األقدار التي ُتثمر و ُتزهر ُ‬
‫وحتصد وتنال املنفعة لنا‪.‬‬
‫فينبغي للمرأة أن تتقن التوحيد الربوبية واأللوهية واألسامء والصفات‪ ،‬وأن‬
‫تتدبر وتتمعن وتتأمل يف آيات الل الرشعية والكونية‪ ،‬بحيث جتود وتعمق املعرفة‬
‫[‪]07‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫بالل فتزداد ثبا ًتا وايام ًنا واستسال ًما لقدره وودا لرهبا وملا يقضيه ْلا‪ ،‬وتعض عىل‬
‫الرضا والصرب واالحتساب بالنواجذ‪.‬‬
‫ولقد ُر همي إبراهيم ♠ يف النار وكان أبوه مرش ًكا‪ ،‬وأوذي يف سبيل الل‪،‬‬
‫ومكر إخوة يوسف به َوبهيع بثمن بخس‪ ،‬وظل مسجو ًنا واُتم بريئًا‪ ،‬ومكث ٌ‬
‫نوح‬
‫♠ يدعو قومه تسعامئة ومخسني سنة لإلسالم‪ ،‬فلم يلقوا له باالً ومل‬
‫مهجورا‪،‬‬
‫ً‬ ‫يستجيبوا له ومل تؤمن زوجته‪ ،‬وطُ هر َد رسول الل حممد ﷺ من بني قومه‬
‫ورمي عىل ظهره هسال اجلزور أثناء صالته‪ ،‬وشنع عىل عرض زوجته‬
‫وأوذي ُ‬
‫الم أن تكون نس ًيا‬ ‫عائشة ▲‪ ،‬وغرغر ولده ابراهيم‪ ،‬ومتنت مريم َع لَ حي َها َّ‬
‫الس ُ‬
‫منسيا‪ ،‬ولكن كانت العاقبة ْلم حسنة‪ ،‬وبرح الل عنهم وبرشهم أمجعني بام‬
‫يرسهم‪.‬‬
‫َ ً َ ً‬ ‫ُ‬
‫وِن ب ْردا َوسالما‬
‫لل إبراهي َم ♠ من النار إذ قال الل للنار‪ ﴿ :‬ك ِ‬
‫فلقد أنقذ ا ُ‬
‫وسمي إبراهيم ♠ خليل الل‪ ،‬وهو عالمة للتوحيد‬ ‫ََ َْ َ‬
‫لَع إِبراهِيم ﴾ [األنبياء‪ُ ،]51:‬‬
‫ليومنا هذا‪ ،‬وأنجبت زوجته سارة منه نب ًيا من األنبياء رغم كرب سن إبراهيم وهو‬
‫إسحاق‪.‬‬
‫مربزا‪ ،‬وصدقه الناس وأومتن وفرج من السجن‬
‫ً‬ ‫مفرسا‬
‫ً‬ ‫وأصبح يوسف‬
‫وتبينت برا ءته وأصبح عزيز مَّص‪.‬‬
‫نوحا ومن آمن بالل معه من الغرق والكرب العظيم‪.‬‬
‫ونجى الل ً‬
‫ُ‬
‫ورسول الل ﷺ ُوفق يف إبالغ الرسالة لألمة وأداء األمانة‪ ،‬وهو خاتم‬
‫النبيني‪ ،‬وسيد املرسلني‪ ،‬وسيد الناس يوم القيامة‪ ،‬وإمام األمة وأورث أمة من‬
‫املسلمني والصاحلني والعلامء وهم ورثته‪ ،‬وهو أرفع الناس منزلة ومقا ًما يف اجلنة‪.‬‬
‫‪‬وصييت للنساء‪ :‬بالصرب على التعدد‪‬‬ ‫[‪]08‬‬

‫الم من سيدات اجلنة ومن أفضل النساء كام ورد‪ ،‬قال الل‬ ‫ومريم َع لَ حي َها َّ‬
‫الس ُ‬
‫تعاىل يف كتابه الكريم‪َ ﴿ :‬والْ َعاق َب ُة ل ِلْ ُم ذتق َ‬
‫ي ﴾ [القصص‪.]32:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهنيئًا ملن عض عىل الصرب بالنواجذ‪ ،‬وليتبع وليسلك املؤمن مسلك‬
‫وخطوات وسري األنبياء والرسل والصحابة والتابعني والصاحلني الذين سبقونا‬
‫وسلفونا وتقدموا من قبلنا‪ ،‬بعظم جتلدهم وصربهم عىل ما اعرتاهم‪.‬‬
‫سئل اإلمام أمحد‪ :‬متى جيد العبد طعم الراحة؟ قال‪ :‬عند أول قدم يضعها يف‬
‫اجلنة‪"[ .‬املقصد األرشد" (‪])213/3‬‬

‫ونسأل الل العظيم رب العرش الكريم أن جيعلنا ممن ذكرهم الشيخ ابن عبد‬
‫الوهاب يف "القواعد األربع"‪( :‬ممّن إذا أُ َ‬
‫عطي شكر‪ ،‬وإذا ابتُي صرب‪ ،‬وإذا أذنب‬
‫استغفر‪ ،‬فإ ّن هؤالء الثالث عنوان السعادة)‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫[‪]09‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫األدلة والنصوص الواردة للتعدد‬

‫إن من أبرز وأرصح العلل والنصوص الواردة الثابتة املعتربة التي يستساغ هبا‬
‫و ُيعتمد عليها للتعدد ويستشهد هبا للتعدد‪ ،‬ومن أبلغ الدالئل املروية الدالة‬
‫املعتمدة التي ُيستدل هبا و ُيعول عليها قول الل تعاىل يف كتابه الكريم‪ ،‬قال الل‬
‫ُ َ َ َ َ ُ ْ َ ِّ َ َ ْ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ ْ ْ ُ ْ َ ذ‬ ‫َ‬
‫خفتم أال‬ ‫كحوا ما طاب لكم ِمن النساءِ مثَن وثالث ورباع ف ِإن ِ‬ ‫حان َ ُه َو َت َعاىل‪﴿ :‬فان ِ‬‫ُسب ح َ‬
‫َ َ ْ َْ ُ ُ َ َْ َ َذ َ ُ ُ‬ ‫ً َ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫تع ِدلوا ف َوا ِح َدة أ ْو َما َملكت أي َمانك ْم ذل َِك أدن أال تعولوا ﴾ [النساء‪.]2:‬‬
‫لقد ُعلل هبذه اآلية التعدد ملن استطاع للعدل سبيالً‪ ،‬فينكح ما طاب له من‬
‫النساء إىل أربع‪ ،‬ثم استثنى الل من ال يتمكن من العدل واقتىض عدم استطاعته‬
‫عىل العدل االقتصار عىل الواحدة‪ ،‬والواجب أن تتوفر يف الراغب بالتعدد القدرة‬
‫عىل العدل والقدرة املالية‪ ،‬وأن يملك القدرة البدنية‪( :‬أي القدرة عىل الوطء)‪.‬‬
‫وحق له أن يعدد وإن مل‬
‫فإن استوىف اإلنسان هبذه الرشوط والضوابط جاز ُ‬
‫ه‬
‫يستوف هبا ُح ِّر َم عليه التعدد‪.‬‬
‫ولقد اختلف بعض أهل العلم يف تفسري اآلية اآلنفة‪ ،‬واملراد الذي أوحاها‬
‫تعاىل‬ ‫الل ألجله‪ ،‬وتفاوتت األقوا ل فيام يتعلق هبذه املسألة‪ .‬فرجح الطربي‬
‫القول التايل يف تفسريه فإنه يشتمل عىل الصواب والراجح‪:‬‬
‫قال الطربي يف "تفسريه"‪( :‬قال أبو جعفر‪ :‬وأوىل األقوا ل التي ذكرناها يف‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ ْ ُ ْ َذ ُْ ُ‬
‫خفتم أال تق ِسطوا ِِف اِلَتاَم ﴾‬
‫ذلك بتأويل اآلية‪ ،‬قول من قال‪ :‬تأويلها‪ ﴿ :‬وإِن ِ‬
‫جتوروا‬
‫[النساء‪ ،]2:‬فكذلك فخافوا يف النساء‪ ،‬فال تنكحوا منهن إال ما ال ختافون أن ُ‬
‫‪ ‬األدلة والنصوص الواردة للتعدد‪‬‬ ‫[‪]21‬‬

‫أيضا‪ ،‬فال‬
‫اجلور يف الواحدة ً‬
‫َ‬ ‫فيه منهن‪ ،‬من واحدة إىل األربع‪ ،‬فإن خفتم‬
‫تنكحوها‪ ،‬ولكن عليكم بام ملكت أيامنكم‪ ،‬فإنه أحرى أن ال جتوروا عليهن)‪.‬‬
‫وإنام قلنا إ ّن ذلك أوىل بتأويل اآلية؛ ألن الل جل ثناؤه افتتح اآلية التي قبلها‬
‫بالنهي عن أكل أموا ل اليتامى بغري حقها َ‬
‫وخلطها بغريها من األموا ل‪ ،‬فقال تعاىل‬
‫ذ ِّ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ ُ ْ َ‬ ‫َ ُ ََْ َ َ ْ َ َُ ْ َ َ ََ ذ ُ َْ َ‬
‫ب وال تأكلوا أموالهم إَِل‬‫ذكره‪ ﴿ :‬وآتوا اِلتاَم أموالهم وال تتبدلوا اْل ِبيث بِالطي ِ‬
‫ََْ ُ ْ ذُ َ َ ُ ً‬
‫وبا َكب ً‬
‫ريا ﴾ [النساء‪ ،]3:‬ثم أعلمهم أهنم إن اتقوا الل يف ذلك‬ ‫ِ‬ ‫أموالِكم إِنه َكن ح‬
‫والتحرج يف أمر النساء‪ ،‬مثل الذي‬
‫ّ‬ ‫فتحرجوا فيه‪ ،‬فالواجب عليهم من اتقاء الل‬
‫ّ‬
‫عليهم من التحرج يف أمر اليتامى‪ ،‬وأعلمهم كيف التخلص ْلم من اجلور فيهن‪،‬‬
‫عرفهم املخلص من اجلور يف أموا ل اليتامى‪ ،‬فقال‪ :‬انكحوا إن أمنتم اجلور يف‬
‫كام ّ‬
‫النساء عىل أنفسكم‪ ،‬ما أبحت لكم منهن وح ّللته‪ ،‬مثنى و ُثالث ورباع‪ ،‬فإن خفتم‬
‫أيضا اجلور عىل أنفسكم يف أمر الواحدة‪ ،‬بأن ال تقدروا عىل إنصافها‪ ،‬فال‬
‫ً‬
‫ترسوا من املامليك‪ ،‬فإنكم أحرى أن ال جتوروا عليهن‪ ،‬ألهنن‬
‫تنكحوها‪ ،‬ولكن َّ‬
‫أمالككم وأموا لكم‪ ،‬وال يلزمكم ْلن من احلقوق كالذي يلزمكم للحرائر‪،‬‬
‫فيكون ذلك أقرب لكم إىل السالمة من اإلثم واجلور‪.‬‬
‫ففي الكالم ‪-‬إذ كان املعنى ما قلنا ‪ -‬مرتوك استغنى بداللة ما ظهر من‬
‫الكالم عن ذكره‪ ،‬وذلك أن معنى الكالم‪ :‬وإن خفتم أن ال تقسطوا يف أموا ل‬
‫اليتامى فتعدلوا فيها‪ ،‬فكذلك فخافوا أن ال تقسطوا يف حقوق النساء التي أوجبها‬
‫الل عليكم‪ ،‬فال تتزوجوا منه ّن إال ما أمنتم معه اجلور مثنى وثالث ورباع‪ ،‬وإن‬
‫أيضا يف ذلك فواحدة‪ ،‬وإن خفتم يف الواحدة‪ ،‬فام ملكت أيامنكم‪ ،‬فرتك ذكر‬
‫خفتم ً‬
‫[‪]20‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫قوله‪( :‬فكذلك فخافوا أن ال تقسطوا يف حقوق النساء)‪ ،‬بداللة ما ظهر من قوله‬


‫َ َ ْ َْ ُ ُ‬ ‫ً َ‬ ‫ْ ُ َذ َ ْ ُ َ‬ ‫َ ْ‬
‫تعاىل‪ ﴿ :‬ف ِإن ِخفت ْم أال تع ِدلوا ف َوا ِح َدة أ ْو َما َملكت أي َمانك ْم ﴾ [النساء‪ .]2:‬انتهى‬

‫أقوال وفتاوى أهل العلم خبصوص التعدد‬

‫وقال احلافظ ابن حجر يف "فتح الباري"‪ ( :‬باب الرتغيب يف النكاح)‪ :‬له َق حوله هه‬
‫ِّ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫اب لك ْم ِم َن النساءِ ﴾ [النساء‪ ]2:‬حاآل َي َة‪.‬‬
‫ُ َ َ َ‬
‫اىل‪﴿ :‬ف ِ‬
‫انكحوا ما ط‬ ‫َت َع َ‬
‫ُ َ َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫انكحوا ما طاب لكم مِ َن‬
‫قوله ( باب الرتغيب يف النكاح) لقوله تعاىل‪﴿ :‬ف ِ‬
‫ِّ َ‬
‫النساءِ ﴾‪ ،‬زاد األصيي وأبو الوقت "اآلية" ووجه االستدالل أهنا صيغة أمر‬
‫تقتيض الطلب‪ ،‬وأقل درجاته الندب فثبت الرتغيب‪ .‬انتهى‬
‫تعاىل‪ :‬هل تعدد الزوجات مباح فقط أو هو‬ ‫‪ ‬وسئل الشيخ ابن باز‬
‫سنة وردت عن الرسول ﷺ؟‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫اجلوا ب‪ :‬النص يقتيض أهنا سنة‪ ،‬أقل األحوا ل أهنا سنة‪﴿ :‬ف ِ‬
‫انكحوا ما طاب‬
‫ِّ َ‬ ‫َ ُ‬
‫لك ْم مِ َن النساءِ ﴾ [النساء‪ ،]2:‬أمر لكن برشط العدل واالستقامة‪.‬‬
‫وأما إذا خاف أال يعدل لقلة ماله أو ليشء يعرفه من نفسه من الضعف فال‬
‫يتزوج إال واحدة‪ .‬انتهى من " فتاوى اجلامع الكبري"‪.‬‬
‫‪ :‬رجل عنده قدرة مالية وبدنية للزواج‬ ‫‪ ‬وسئل الشيخ ابن العثيمني‬
‫الثاين هل األفضل االقتصار عىل زوجة واحدة أو التعدد؟ وجزاكم الل خريا ً‪.‬‬
‫تعاىل‪:‬‬ ‫اجلوا ب للشيخ ابن العثيمني‬
‫التعدد أفضل من الواحدة ملا فيه من كثرة النسل ْلذه األمة‪ ،‬وكثرة حتصني‬
‫الفروج من النساء الاليت بقني بال أزواج‪ ،‬ولكن برشط أن يكون عند اإلنسان‬
‫‪‬أقوال وفتاوى أهل العلم خبصوص التعدد‪‬‬ ‫[‪]22‬‬

‫قدرة مالية وقدرة بدنية‪ ،‬وقدرة عملية وذلك بالعدل بني النساء‪ ،‬أما أن يتزوج‬
‫َ ْ ْ ُ ْ َذ‬
‫خفتم أال‬ ‫وهو خيشى أال يعدل‪ ،‬فإن ذلك حرا م عليه؛ ألن الل تعاىل يقول‪ ﴿ :‬ف ِإن ِ‬
‫َْ َ َ َ َ ْ َْ َ ُ ُ ْ‬ ‫َ ْ ُ ََ َ ً‬
‫حدة ﴾ [النساء‪ ،]2:‬أمر الل أن يقتَّص عىل واحدة‪ ﴿ :‬أو ما ملكت أيمانكم﴾‬ ‫تع ِدلوا فوا ِ‬
‫[النساء‪ ،]2:‬يعني‪ :‬من اإلماء؛ فإن اإلماء ال جيب العدل بينهن‪ ،‬له أن جيامع من شاء‬
‫من إمائه إن كان عنده إماء وال جيب عليه العدل‪ ،‬أما الزوجات فيجب أن يعدل‬
‫بينهن‪ ،‬فمن كان له امرأ تان فامل إىل إحدامها جاء يوم القيامة وشقه مائل‪ ،‬إال أن‬
‫بكرا سبعة‬
‫الل ‪ُ -‬س حب َحا نَ ُه َو تَ َعاىل ‪ -‬رخص للزوج أن يبقى مع اجلديدة‪ ،‬إذا كانت ً‬
‫أيام‪ ،‬ومع الثيب ثالثة أيام ثم إذا متت الثالثة خريها‪ ،‬قال‪ :‬إن شئت أكملت لك‬
‫السبع‪ ،‬ولكن تعطي زوجاتك األخريات سبعاً سب ًعا‪ ،‬ثم تعود إىل الزوجة‬
‫اجلديدة‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬تزوج امرأة ثيباً وملا مىض ثالثة أيام خريها‪ ،‬قالت‪ :‬أريد أن تكمل يل‬
‫السبعة أيام‪ ،‬فكمل ْلا السبعة وعنده زوجة أخرى‪ ،‬فيبقى سبعة أيام مع الزوجة‬
‫األخرى‪ ،‬ثم يعود للزوجة اجلديدة‪ .‬انتهى من اللقاء الشهري‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫[‪]23‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‬

‫تزهيق الشبهة األوىل‪:‬‬


‫ِّ َ َ ْ َ ُ َ َ َ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫انكحوا ما طاب لكم ِم َن النساءِ مثَن َوثالث َو ُرباع﴾‬
‫فلئن قيل‪ :‬هذه اآلية‪ ﴿ :‬ف ِ‬

‫[النساء‪ ،]2:‬ملن كان خياف أال يقسط يف اليتامى‪ ،‬فأحل الل له التعدد‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬الل مل خيصص ومل يعني املخاطبة إىل من خيشى من عدم القسط فيهن‬
‫حترزا واحتياطًا من مفاسد وأرضار‪.‬‬
‫والعبث هبن فحسب‪ ،‬فيعدد ً‬
‫وإنام أنزلت وألقيت هذه اآلية للموفر للضوابط الرشعية التي ختتص‬
‫بالتعدد‪ .‬فلقد ابتدأ الل بذكر املثنى مقد ًما واستهل اآلية هبا‪ ،‬وقدم املثنى عىل‬
‫الواحدة‪.‬‬
‫فقرر أهل العلم بناء عىل ذلك أن هذه اآلية تربهن بأن التعدد يعد أصل‬
‫الزواج‪ ،‬لتقديم املثنى عىل الواحدة وإطالق املثنى ابتداء‪ ،‬فلو مل يكن التعدد أصل‬
‫الزواج‪ ،‬ملا أطلق الل املثنى ابتداء بدالً من الواحدة كام أسلف أهل العلم‪ ،‬ولو مل‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫اب لك ْم مِ َن النساءِ َمث ََن َوثالث َو ُرباع﴾ [النساء‪،]2:‬‬
‫ُ َ َ َ‬
‫ترد إال اآلية‪ ﴿ :‬ف ِ‬
‫انكحوا ما ط‬

‫لكانت برها ًنا كافيًا‪ ،‬لكن هناك من يتعامى عن هذه اآلية اجللية التي تضم‬
‫واضحا ومبينًا‪ ،‬والل املستعان‪.‬‬
‫ً‬ ‫استدالالً‬

‫ثم أوجب الل االقتصار عىل الواحدة عند عدم االستطاعة واالمكانية عىل‬
‫ً‬ ‫ْ ُ َذ َ ْ ُ َ‬ ‫َ ْ‬
‫أداء حقوق الزوجة‪ ،‬كام يف ختام اآلية‪﴿ :‬ف ِإن ِخفت ْم أال تع ِدلوا ف َوا ِح َدة﴾ [النساء‪.]2:‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]24‬‬

‫تعاىل‪:‬‬ ‫وقد قدم سؤال للعالمة باز‬


‫عارضا ألسباب أم‬
‫ً‬ ‫وآخر يقول‪ :‬هل األصل يف الزواج واحدة والتعدد جاء‬
‫هو العكس؟‬
‫تعاىل‪:‬‬ ‫فأجاب العالمة ابن باز‬
‫األصل التعدد‪ ،‬والواحدة هي التي حيصل هبا عند العجز ألن الل جل وعال‬
‫ِّ َ َ ْ َ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُ ْ‬ ‫ََْ َ َ‬ ‫َ ْ ْ ُ ْ َذ ُْ ُ‬
‫انكحوا ما طاب لكم ِم َن النساءِ مثَن‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫اَم‬ ‫ت‬ ‫اِل‬ ‫ِف‬‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ط‬‫خفتم أال تق ِس‬‫قال‪ ﴿ :‬وإِن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ َ َُ َ َ ْ ْ ُ ْ ذ َ ْ ُ ََ َ ً َ َ َ َ ْ ْ َ ُ ُ ْ َ َ ْ َ ذ َ ُ ُ‬
‫حدة أ ْو ما ملكت أيمانكم ذل ِك أدن أال تعولوا ﴾‬ ‫خفتم أال تع ِدلوا فوا ِ‬
‫وثالث ورباع فإِن ِ‬
‫[النساء‪ ،]2:‬فدل عىل أن األصل هو التعدد‪ ،‬يتزوج ثنتني أو ثالث أو أربع؛ ألن هذا‬
‫أقرب إىل إعفاف الرجل وإىل كثرة النسل‪ ،‬فإذا عجز اكتفى بواحدة‪ ،‬إن خاف أن‬
‫ال يعدل اكتفى بواحدة مع ما تيرس من اإلماء‪ .‬انتهى من " فتاوى اجلامع الكبري"‪.‬‬
‫تزهيق الشبهة الثانية‪:‬‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ‬ ‫فلئن قيل‪ :‬قال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب‬
‫ْ ُ َ َ ُ ُذ ْ ْ ََ َ َ َ ْ َ ذَ‬ ‫َْ‬
‫َح َرصت ْم فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ [النساء‪ ،]931:‬فاألحسن ترك‬ ‫َولو‬
‫التعدد خو ًفا من الظلم‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬االستدالل واال ستشهاد هبذه اآلية للنهي عن التعدد غري صائبني‪،‬‬
‫فإنام مدلول اآلية ميل القلب الذي ال يؤاخذ عليه الشخص‪ ،‬وال يعاقب إن صغا‬
‫قلبه لزوجة معينة دون غريها‪.‬‬
‫ولقد روي فصل ذلك يف حديث رسول الل ﷺ‪ ،‬إذ عرب رسول الل ﷺ‬
‫عن حمبته العظمى والفائقة لعائشة ▲ وعام يشعر نحوها‪ ،‬فنطق بالعبارة‪:‬‬
‫« ال لَّ ُه َّم َه َذ ا قَ حس همي‪ ،‬فه َيام أَ حم له ُك فَ َال َت لُ حمنهي‪ ،‬فه َيام َمت حله ُك ‪َ ،‬و َال أَ حم له ُك »‪.‬‬
‫[‪]25‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫رسول الل ه ﷺ عىل حبه الفائق لعائشة ▲‪ ،‬حيث كان‬


‫َ‬ ‫إن الل مل يلم‬
‫يقيم غاية العدل بني أزواجه‪ ،‬فالقلوب بيد الل‪ ،‬يقلبها كيف يشاء‪ ،‬فاملرء ليس‬
‫بمسيطر عىل ما حيتويه قلبه واملحبة التي تفوق عىل املحبات األخرى لكافة‬
‫الزوجات‪ ،‬ولكن إن عدل الرجل بني زوجاته مل َيعد ميل القلب من الظلم‪ ،‬ما مل‬
‫يتجاوز إىل التفريط يف حتقيق حقوق الزوجات األخريات ويفيض إىل عدم‬
‫القسط‪ ،‬وإنام يلزمه العدل يف املبيت والنفقة والكسوة واملسكن‪ ،‬وهو املأمور به‬
‫واملحرم تركه‪ ،‬ومما يعاقب الل الشخص عليه إن مل يقم به عىل الوجه الصحيح‪.‬‬
‫ولقد ورد يف أقاويل أهل العلم‪ :‬أن هذه اآلية أوحت فيام خيص شأن عائشة‪،‬‬
‫وقد كان رسول الل ﷺ بالطبع يقيم العدل املطلق بني زوجاته‪ ،‬فكيف تستغل‬
‫هذه اآلية لتعليل النهي عن التعدد؟!‬
‫َ‬
‫حان َ ُه َوت َ َعاىل مل يقل يف اآلية‪( :‬فال تعددوا) بل قال‪﴿ :‬فال‬
‫باإلضافة لذلك؛ الل ُسب ح َ‬
‫َ ُ ُذ ْ ْ‬
‫ت ِميلوا ُك ال َمي ِل﴾ [النساء‪ ،]931:‬فهذه اآلية تدل عىل جواز وتسويغ التعدد وليس‬
‫عىل عدمه بخالف ما يزعم ويبدي البعض‪ .‬فلو كان التعدد حمرما أو منهيا عنه أو‬
‫مكروها أو سلبيا أو مود ًيا للمفاسد‪ ،‬ملا أمر الل بالعدل فيه‪ ،‬ولنهى عنه‬
‫باإلطالق‪.‬‬
‫فلم يوح الل هذه اآلية إلعراض وصد ورصف الرجال عن التعدد‪ ،‬وإنام‬
‫حيث الل عىل العدل يف هذه اآلية ويرشد إليه‪.‬‬
‫فهذه اآلية تشمل اإلرشاد والتوجيه وتتضمن اإلنذار والتنبيه‪ ،‬ال النهي عن‬
‫التعدد‪ ،‬وال اإلشارة أن اجتناب التعدد أوىل وأحوط‪ ،‬فليس بسائغ أن تستغل هذه‬
‫اآلية لصد الرجال عن التعدد بتحريف مقتضاها وموجبها وما يراد هبا‪ ،‬فال‬
‫‪‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]26‬‬

‫تناقض هذه اآلية مرشوعية التعدد قط ًعا‪ ،‬بل هذه اآلية تتصنف حتت النصوص‬
‫الواردة التي تساغ التعدد و ُيعول و ُيعتمد عليها‪ ،‬و ُيستشهد هبا‪.‬‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ‬
‫قال الطربي يف "تفسريه"‪﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ ولو حرصتم فال‬
‫َ ُ ُذ َْْ ََ َ ُ َ َ ُْ َ ذَ َ ْ ُ ْ ُ َ َذُ َ ذ َ َ َ َ ُ ً َ ً‬
‫حيما﴾‬ ‫ت ِميلوا ُك المي ِل فتذروها َكلمعلق ِة وإِن تصلِحوا وتتقوا ف ِإن الل َكن غفورا ر ِ‬
‫[النساء‪.]931:‬‬
‫َْ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ َولو ح َرصتم فال‬ ‫القول يف تأويل قوله‪﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب‬
‫َ ُ ُذ ْ ْ ََ َ َ َ ْ َ ذَ‬
‫ت ِميلوا ُك ال َمي ِل فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪.‬‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫قال أبو جعفر‪ :‬يعني جل ثناؤه بقوله‪﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ﴾‪،‬‬
‫لن تطيقوا أهيا الرجال‪ ،‬أن تسووا بني نسائكم وأزواجكم يف ُحبِّهن بقلوبكم حتى‬
‫تعدلوا بينه ّن يف ذلك‪ ،‬فال يكون يف قلوبكم لبعضهن من املحبة إال ُ‬
‫مثل ما‬ ‫ه‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫لصواحبها؛ ألن ذلك مما ال متلكونه‪ ،‬وليس إليكم‪َ ﴿ :‬ول ْو َح َرصت ْم﴾‪ ،‬يقول‪ :‬ولو‬
‫حرصتم يف تسويتكم بينهن يف ذلك‪ ،‬كام‪:‬‬
‫‪ - 62101‬حدثين حممد بن عمرو‪ ،‬قال‪ ،‬حدثنا أبو عاصم قال‪ ،‬حدثنا‬
‫يعوا أَ ْن َت ْعدلُوا َب ْيَ‬
‫ََ ْ َْ َ ُ‬
‫عيسى‪ ،‬عن ابن أيب نجيح‪ ،‬عن جماهد يف قوله‪ ﴿ :‬ولن تست ِط‬
‫ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬
‫واجب‪ ،‬أن ال تستطيعوا العدل بينهن‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫النساءِ َول ْو َح َرصت ْم ﴾‪ ،‬قال‪:‬‬
‫َ َ ُ ُذ ْ ْ‬
‫﴿ فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾‪ ،‬يقول‪ :‬فال متيلوا بأهوائكم إىل من مل متلكوا حمبته‬
‫منهن َّ‬
‫كل امليل‪ ،‬حتى حيملكم ذلك عىل أن جتوروا عىل صواحبها يف ترك أداء‬
‫الواجب ْلن عليكم من حق‪ :‬يف ال َقسم ْلن‪ ،‬والنفقة عليهن‪ ،‬والعرشة باملعروف‪.‬‬
‫َ ْ َ ذَ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫﴿ فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة﴾‪ ،‬يقول‪ :‬فتذروا التي هي سوى التي ملتم بأهوائكم‬
‫َ ْ َ ذَ‬
‫إليها‪َ ﴿ ،‬كل ُمعلق ِة﴾‪ ،‬يعني‪ :‬كالتي ال هي ذات زوج‪ ،‬وال هي أيِّ ٌم‪.‬‬
‫[‪]27‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫وبنحو الذي قلنا يف ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬


‫َْ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ َولو ح َرصتم﴾‬ ‫ذكر من قال ما قلنا يف قوله‪ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب‬
‫[النساء‪.]931:‬‬
‫‪ - 62101‬حدثنا حممد بن بشار‪ ،‬قال حدثنا عبد الرمحن قال‪ ،‬حدثنا‬
‫َ ْ َْ َ ُ َ ْ‬
‫سفيان‪ ،‬عن هشام بن حسان‪ ،‬عن حممد بن سريين‪ ،‬عن عبيدة‪َ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ َول ْو َح َرصت ْم ﴾ [النساء‪ ،]931:‬قال‪ :‬بنفسه يف احلب واجلامع‪.‬‬ ‫تع ِدلوا ب‬
‫‪ - 62101‬حدثنا حممد بن بشار‪ ،‬قال حدثنا عبد الرمحن قال حدثنا سفيان‪،‬‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫عن يونس‪ ،‬عن حممد بن سريين‪ ،‬عن عبيدة‪ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫َول ْو َح َرصت ْم ﴾ [النساء‪ ،]931:‬قال‪ :‬بنفسه‪.‬‬
‫‪ - 62101‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال‪ ،‬حدثنا حفص‪ ،‬عن أشعث وهشام‪ ،‬عن‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ‬ ‫ابن سريين‪ ،‬عن عبيدة قال‪ :‬سألته عن قوله‪ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫َول ْو َح َرصت ْم ﴾ [النساء‪ ،]931:‬فقال‪ :‬يف اجلامع‪.‬‬
‫‪ - 62102‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا جرير‪ ،‬عن هشام‪ ،‬عن ابن سريين‪،‬‬
‫عن عبيدة قال‪ :‬يف احلب واجلامع‪.‬‬
‫‪ - 62106‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا سهل‪ ،‬عن عمرو‪ ،‬عن احلسن‪ :‬يف‬
‫احلب‪.‬‬
‫‪ - 62100‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا أيب‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن هشام‪ ،‬عن‬
‫ابن سريين‪ ،‬عن عبيدة قال‪ :‬يف احلب واجلامع‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]28‬‬

‫‪ - 62100‬حدثنا احلسن بن حييى‪ ،‬قال‪ :‬قال أخربنا عبد الرزاق قال‪ ،‬أخربنا‬
‫َ ْ َْ َ ُ َ ْ َْ ُ‬
‫معمر‪ ،‬عن أيوب‪ ،‬عن ابن سريين‪ ،‬عن عبيدة يف قوله‪َ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ َول ْو َح َرصت ْم ﴾ [النساء‪ ،]931:‬قال‪ :‬يف املودة‪ ،‬كأنه يعني احلب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ب‬
‫‪ - 62101‬حدثين املثنى‪ ،‬قال حدثنا عبد الل بن صالح قال‪ ،‬حدثني‬
‫َْ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ َولو‬ ‫معاوية‪ ،‬عن عي‪ ،‬عن ابن عباس‪ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب‬
‫ْ ُ‬
‫َح َرصت ْم﴾ [النساء‪ ،]931:‬يقول‪ :‬ال تستطيع أن تعدل بالشهوة فيام بينهن ولو‬
‫حرصت( ‪.)0‬‬
‫‪ - 62101‬حدثنا برش‪ ،‬قال‪ ،‬حدثنا يزيد قال‪ ،‬حدثنا سعيد‪ ،‬عن قتادة‪،‬‬
‫وحدثنا ابن بشار قال‪ ،‬حدثنا عبد األعىل قال‪ ،‬حدثنا سعيد‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬ذكر‬
‫لنا أن عمر بن اخلطاب كان يقول‪ ( :‬مهللا أ َّما قلبي فال أملك ! وأما هس َو ى ذلك‪،‬‬
‫فأرجو أن أعدل !) ( ‪.)2‬‬
‫‪ - 62101‬حدثين املثنى‪ ،‬قال حدثنا أبو صالح قال‪ ،‬حدثني معاوية‪ ،‬عن‬
‫َْ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ َولو ح َرصتم ﴾‬ ‫عي‪ ،‬عن ابن عباس قوله‪ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب‬
‫[النساء‪ ،]931:‬يعني‪ :‬يف احلب واجلامع‪.‬‬
‫يعقوب بن إبراهيم قال‪ ،‬حدثنا ابن علية‪ ،‬وحدثنا ابن بشار‬ ‫‪ - 62101‬حدثين‬
‫قال‪ ،‬حدثنا عبد الوهاب‪ ،‬قاال مجي ًعا‪ ،‬حدثنا أيوب‪ ،‬عن أيب قالبة‪ :‬أن رسول الل ﷺ‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫( ‪ )2‬هذا ضعيف ‪ ،‬يف سنده عبد الل بن صالح كاتب الليث ضعيف‪.‬‬
‫( ‪ )1‬يف سنده سعيد بن بشري ضعيف‪.‬‬
‫[‪]29‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫كان يقسم بني نسائه فيعدل‪ ،‬ثم يقول‪ ( :‬مهللا هذا قَ حس همي فيام أملك‪ ،‬فال َتلُمني فيام‬
‫َمت لك وال أملك) ( ‪.)0‬‬
‫‪ - 62101‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا حسني بن عي‪ ،‬عن زائدة‪ ،‬عن‬
‫َ ْ‬
‫عبدالعزيز بن رفيع‪ ،‬عن ابن أيب مليكة قال‪ :‬نـزلت هذه اآلية يف عائشة‪َ ﴿ :‬ولن‬
‫َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ ﴾ [النساء‪.]931:‬‬ ‫تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب‬

‫‪ - 62101‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا أبو معاوية‪ ،‬عن جويرب‪ ،‬عن‬
‫الضحاك‪ ،‬قال‪ :‬يف الشهوة واجلامع( ‪.)2‬‬
‫‪ - 62112‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا املحاريب‪ ،‬عن جويرب‪ ،‬عن‬
‫الضحاك قال‪ :‬يف اجلامع‪.‬‬
‫‪ - 62116‬حدثنا عي بن سهل‪ ،‬قال حدثنا زيد بن أيب الزرقاء قال‪ ،‬قال‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ‬
‫سفيان يف قوله‪ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ ولو حرصتم ﴾ [النساء‪،]931:‬‬
‫قال‪ :‬يف احلب واجلامع‪.‬‬
‫‪ - 62110‬حدثنا يونس‪ ،‬قال أخربنا ابن وهب قال‪ ،‬قال ابن زيد يف قوله‪:‬‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ْ َْ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫ي النساءِ َول ْو َح َرصت ْم ﴾ [النساء‪ ،]931:‬قال‪ :‬ما يكون من‬
‫﴿ َول ْن تستطيعوا أن تعدلوا َب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بدنه وقلبه‪ ،‬فذلك يشء ال يستطيع َي حملكه‪.‬‬
‫ُ ُذ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذكر من قال ما قلنا يف تأويل قوله‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾ [النساء‪.]931:‬‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫( ‪ )2‬أثر أيب قالبة مرسل‪.‬‬


‫( ‪ )1‬فيه جويرب بن سعيد مرتوك‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]31‬‬

‫‪ - 62110‬حدثنا يعقوب بن إبراهيم‪ ،‬قال حدثنا ابن علية قال‪ ،‬حدثنا ابن‬
‫ُ ُذ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عون‪ ،‬عن حممد قال‪ :‬قلت لعبيدة‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾‪ ،‬قال‪ :‬بنفسه‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا سفيان‪ ،‬قال حدثنا ابن علية‪ ،‬عن ابن عون‪ ،‬عن حممد‪،‬‬
‫عن عبيدة‪ ،‬مثله‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا أبو أسامة‪ ،‬عن هشام‪ ،‬عن ابن‬
‫ْ ْ‬ ‫ُذ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سريين‪ ،‬عن عبيدة‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾‪ ،‬قال هشام‪ :‬أظنه قال‪ :‬يف احلب‬
‫واجلامع‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثين املثنى‪ ،‬قال حدثنا حبان بن موسى‪ ،‬قال أخربنا ابن‬
‫ُذ ْ ْ‬
‫املبارك قال‪ ،‬أخربنا هشام‪ ،‬عن ابن سريين‪ ،‬عن عبيدة يف قوله‪ُ ﴿ :‬ك ال َمي ِل ﴾‪،‬‬
‫قال‪ :‬بنفسه‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا بحر بن نَّص اخلوالين‪ ،‬قال حدثنا برش بن بكر قال‪،‬‬
‫َ َ ُ ُذ‬
‫أخربنا األوزاعي‪ ،‬عن ابن سريين قال‪ :‬سألت عبيدة عن قول الل‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك‬
‫ْ ْ‬
‫ال َمي ِل ﴾‪ ،‬قال‪ :‬بنفسه‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا ابن وكيع قال‪ ،‬حدثنا سهل بن يوسف‪ ،‬عن عمرو‪ ،‬عن‬
‫ُ ُذ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احلسن‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾‪ ،‬قال‪ :‬يف الغشيان وال َق حسم( ‪.)0‬‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫( ‪ )2‬أثر احلسن فيه سفيان بن وكيع ضعيف‪.‬‬


‫[‪]30‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫‪ - 62111‬حدثين حممد بن عمرو‪ ،‬قال حدثنا أبو عاصم قال‪ ،‬حدثنا‬


‫ْ ْ‬ ‫ُذ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عيسى‪ ،‬عن ابن أيب نجيح‪ ،‬عن جماهد‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾‪ ،‬ال تع َّمدوا‬
‫اإلساءة( ‪.)0‬‬
‫‪ - 62112‬حدثين املثنى‪ ،‬قال حدثنا أبو حذيفة قال‪ ،‬حدثنا شبل‪ ،‬عن ابن‬
‫أيب نجيح‪ ،‬عن جماهد‪ ،‬مثله‪.‬‬
‫‪ - 62116‬حدثنا ابن وكيع قال‪ ،‬حدثنا حممد بن بكر‪ ،‬عن ابن جريج قال‪:‬‬
‫ُ ُذ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بلغني عن جماهد‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾‪ ،‬قال‪ :‬يتعمد أن ييسء ويظلم‪.‬‬
‫‪ - 62110‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا أبو عاصم‪ ،‬عن عيسى بن ميمون‪،‬‬
‫عن ابن أيب نجيح‪ ،‬عن جماهد‪ ،‬مثله‪.‬‬
‫َ‬
‫يونس‪ ،‬قال أخربنا ابن وهب قال‪ ،‬قال ابن زيد‪ ﴿ :‬فال‬ ‫‪ - 62110‬حدثين‬
‫ُ ُذ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾‪ ،‬قال‪ :‬هذا يف العمل يف مبيته عندها‪ ،‬وفيام تصيب من خريه‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا حممد بن احلسني قال‪ ،‬حدثنا أمحد بن مفضل قال‪ ،‬حدثنا‬
‫ُ ُذ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أسباط‪ ،‬عن السدي‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾‪ ،‬يقول‪ :‬يميل عليها‪ ،‬فال ينفق عليها‪،‬‬
‫وال يقسم ْلا يو ًما‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا القاسم‪ ،‬قال حدثنا احلسني قال‪ ،‬حدثني حجاج‪ ،‬عن ابن‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ ُذ َْْ‬
‫جريج قال‪ ،‬قال جماهد‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك المي ِل ﴾‪ ،‬قال‪ :‬يتعمد اإلساءة‪ ،‬يقول‪ ﴿ :‬فال‬
‫َ ُ ُذ ْ ْ‬
‫ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾‪ ،‬قال‪ :‬بلغني أنه اجلامع‪.‬‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫( ‪ )2‬أثر جماهد يف سنده حجاج املصييص ضعيف‪.‬‬


‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]32‬‬

‫‪ - 62111‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا أيب‪ ،‬عن محاد بن زيد‪ ،‬عن أيوب‪،‬‬
‫عن أيب قالبة قال‪ :‬كان النبي ﷺ يقسم بني نسائه فيعدل‪ ،‬ويقول‪ « :‬مهللا هذه‬
‫هق حس متي فيام أملك‪ ،‬فال تلمني فيام متلك وال أملك ! » ( ‪.)0‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا عبد الوهاب‪ ،‬عن أيوب‪ ،‬عن أيب‬
‫قالبة‪ ،‬عن عبد الل بن يزيد‪ ،‬عن عائشة‪ ،‬عن النبي ﷺ‪ ،‬بمثله‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا أيب‪ ،‬عن مهام بن حييى‪ ،‬عن قتادة‪،‬‬
‫عن النرض بن أنس‪ ،‬عن بشري بن َهنيك‪ ،‬عن أيب هريرة‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪ « :‬من‬
‫كانت له امرأتان َيميل مع إحدامها عىل األخرى‪ ،‬جاء يوم القيامة أح ُد هش َّقيه ساقط »( ‪.)2‬‬
‫ََ َ َ َ ْ َ ذَ‬
‫ذكر من قال ما قلنا يف تأويل قوله‪ ﴿ :‬فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ [النساء‪.]931:‬‬
‫‪ - 62111‬حدثين املثنى‪ ،‬قال حدثنا عبد الل بن صالح قال‪ ،‬حدثني‬
‫َ ْ َ ذَ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫معاوية‪ ،‬عن عي بن أيب طلحة‪ ،‬عن ابن عباس‪ ﴿ :‬فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪ ،‬قال‪:‬‬
‫تذروها ال هي أيّم‪ ،‬وال هي ذات زوج( ‪.)3‬‬
‫‪ - 62112‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا حييى بن يامن‪ ،‬عن أشعث‪ ،‬عن‬
‫َ َ ْ َ ذَ‬ ‫ََ َ‬
‫جعفر‪ ،‬عن سعيد بن جبري‪ ﴿ :‬فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ [النساء‪ ،]931:‬قال‪ :‬ال أ ِّي ًام وال‬
‫ذات بعل( ‪.)4‬‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫( ‪ )2‬أثر أيب قالبة مرسل‪ ،‬وفيه ابن وكيع‪.‬‬


‫( ‪ )1‬حديث أيب هريرة ضعفه العالمة الوادعي‪.‬‬
‫( ‪ )3‬أثر ابن عباس فيه كاتب الليث ضعيف‪.‬‬
‫( ‪ )4‬فيه حييى بن يامن ضعيف‪ ،‬وكذا أشعث بن سوار ضعيف‪.‬‬
‫[‪]33‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫‪ - 62116‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا ابن يامن‪ ،‬عن مبارك‪ ،‬عن احلسن‪:‬‬
‫َ َ ْ َ ذَ‬ ‫ََ َ‬
‫﴿ فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪ ،‬قال‪ :‬ال مطلقة وال ذات بعل( ‪.)0‬‬
‫‪ - 62110‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا سهل بن يوسف‪ ،‬عن عمرو‪ ،‬عن‬
‫احلسن‪ ،‬مثله‪.‬‬
‫‪ - 62110‬حدثنا برش بن معاذ‪ ،‬قال حدثنا يزيد قال‪ ،‬حدثنا سعيد‪ ،‬عن‬
‫َ َ ْ َ ذَ‬ ‫ََ َ‬
‫قتادة‪ ﴿ :‬فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪ ،‬أي كاملحبوسة‪ ،‬أو كاملسجونة( ‪.)2‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا احلسن بن حييى‪ ،‬قال أخربنا عبد الرزاق‪ ،‬قال أخربنا‬
‫َ َ ْ َ ذَ‬ ‫ََ َ‬
‫معمر‪ ،‬عن قتادة يف قوله‪ ﴿ :‬فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪ ،‬قال‪ :‬كاملسجونة‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا ابن محيد قال‪ ،‬حدثنا حكام بن سلم‪ ،‬عن أيب جعفر‪ ،‬عن‬
‫َ َ ْ َ ذَ‬ ‫ََ َ‬
‫الربيع يف قوله‪ ﴿ :‬فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪ ،‬يقول‪ :‬ال مطلقة وال ذات بعل‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثين املثنى‪ ،‬قال حدثني إسحاق قال‪ ،‬حدثنا عبد الرمحن بن‬
‫َ َ ُ ُذ َْْ‬
‫سعد قال‪ ،‬أخربنا أبو جعفر‪ ،‬عن الربيع بن أنس يف قوله‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك المي ِل‬
‫ََ َ َ َ ْ َ ذَ‬
‫فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ [النساء‪ ،]931:‬ال مطلقة وال ذات بعل( ‪.)3‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا حممد بن بكر‪ ،‬عن ابن جريج قال‪:‬‬
‫َ َ ْ َ ذَ‬ ‫ََ َ‬
‫بلغني عن جماهد‪ ﴿ :‬فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪ ،‬قال‪ :‬ال أيام وال ذات بعل( ‪.)4‬‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫( ‪ )2‬أثر احلسن‪ ،‬فيه ابن وكيع‪.‬‬


‫( ‪ )1‬أثر قتادة فيه سعيد بن بشري وهو ضعيف‪.‬‬
‫( ‪ )3‬أثر أنس فيه أبو جعفر الرازي ضعيف‪.‬‬
‫( ‪ )4‬أثر جماهد فيه ابن وكيع‪ ،‬وفيه انقطاع‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]34‬‬

‫‪ - 62111‬حدثين املثنى‪ ،‬قال حدثنا أبو حذيفة قال‪ ،‬حدثنا شبل‪ ،‬عن ابن‬
‫َ َ ْ َ ذَ‬ ‫ََ َ‬
‫أيب نجيح‪ ﴿ :‬فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪ ،‬ليست بأيم وال ذات زوج‪.‬‬
‫‪ - 62111‬حدثنا ابن وكيع‪ ،‬قال حدثنا املحاريب وأبو خالد وأبو معاوية‪،‬‬
‫عن جويرب‪ ،‬عن الضحاك‪ ،‬قال‪ :‬ال تدعها كأهنا ليس ْلا زوج( ‪.)0‬‬
‫‪ - 62112‬حدثنا حممد بن احلسني‪ ،‬قال حدثنا أمحد بن مفضل قال‪ ،‬حدثنا‬
‫َ َ ْ َ ذَ‬ ‫ََ َ‬
‫أسباط‪ ،‬عن السدي‪ ﴿ :‬فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪ ،‬قال‪ :‬ال أ ِّي ًام وال ذات بعل‪.‬‬
‫‪ - 62116‬حدثين يونس‪ ،‬قال أخربنا ابن وهب قال‪ ،‬قال ابن زيد يف قوله‪:‬‬
‫َ ْ َ ذَ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫﴿ فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾‪ ،‬قال‪( :‬املعلقة)‪ ،‬التي ليست ب ُم َ‬
‫خالة ونفسها فتبتغي ْلا‪،‬‬
‫وليست متهيئة كهيئة املرأة من زوجها‪ ،‬ال هي عند زوجها‪ ،‬وال مفارقة‪ ،‬فتبتغي‬
‫لنفسها‪ .‬فتلك‪( :‬املعلقة)‪.‬‬
‫َ َ ُ ُذ َْْ‬
‫قال أبو جعفر‪ :‬وإنام أمر الل جل ثناؤه بقوله‪ ﴿ :‬فال ت ِميلوا ُك المي ِل‬
‫ََ َ َ َ ْ َ ذَ‬
‫َ‬
‫الرجال بالعدل بني أزواجهن فيام استطاعوا فيه‬ ‫فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ [النساء‪،]931:‬‬
‫العدل بينهن من القسمة بينهن‪ ،‬والنفقة‪ ،‬وترك اجلور يف ذلك بإرسال إحداهن‬
‫عام ال‬ ‫َ‬
‫العدل بينهن فيه‪ ،‬إذ كان قد صفح ْلم َ‬ ‫عىل األخرى فيام فرض عليهم‬
‫َ‬
‫العدل فيه بينه ّن مما يف القلوب من املحبة واْلوى‪ .‬انتهى‬ ‫يطيقون‬
‫َْ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ي النساءِ َولو ح َرصتم‬ ‫وقال البغوي يف " تفسريه"‪﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب‬
‫َ َ ُ ُذ َْْ ََ َ ُ َ َ َُْ ذَ َ ْ ُ ْ ُ َ َذُ َ ذ َ َ َ َ ُ ً َ ً‬
‫حيما﴾‬ ‫فال ت ِميلوا ُك المي ِل فتذروها َكلمعلق ِة وإِن تص ِلحوا وتتقوا ف ِإن الل َكن غفورا ر ِ‬
‫[النساء‪.]931:‬‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫( ‪ )2‬أثر الضحاك فيه جويرب مرتوك‪.‬‬


‫[‪]35‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬
‫ِّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ْ َْ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ول ْن تستطيعوا أن تعدلوا َب َ‬
‫ي النساءِ﴾ أي ‪ :‬لن تقدروا أن ُتسووا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫وميل القلب‪َ ﴿ ،‬ول ْو َح َرصت ْم﴾ عىل العدل‪﴿ ،‬فال ت ِميلوا﴾ أي ‪:‬‬
‫ه‬ ‫احلب‬
‫ِّ‬ ‫بني النساء يف‬
‫ُذ ْ ْ‬
‫إىل التي حتبوهنا‪ُ﴿ ،‬ك ال َمي ِل﴾ يف القسم والنفقة‪ ،‬أي ‪ :‬ال تتبعوا أهواءكم أفعالكم‪،‬‬
‫َ ْ َ ذَ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫﴿فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة﴾ أي‪ :‬فتدعوا األخرى كاملنوطة ال أيام وال ذات بعل‪ ،‬وقال‬
‫قتادة‪ :‬كاملحبوسة‪ ،‬ويف قراءة أيب بن كعب‪ :‬كأهنا مسجونة‪.‬‬
‫وروي عن أيب قالبة أن النبي ﷺ كان يقسم بني نسائه‪ ،‬فيعدل ويقول‪:‬‬
‫« مهللا هذا قسمي فيام أملك فال تلمني فيام متلك وال أملك »‪ ،‬ورواه بعضهم عن أيب‬
‫قالبة عن عبد الل بن يزيد عن عائشة ▲ متصالً‪.‬‬
‫عن النبي ﷺ قال‪« :‬من كانت له امرأتان فامل إىل‬ ‫وروي عن أيب هريرة‬
‫َ ذ َ َ َ‬ ‫َذُ‬ ‫ْ ُ ْ ُ‬
‫إحدامها جاء يوم القيامة وشقه مائل»‪َ ﴿ ،‬وإِن تصلِحوا َوتتقوا ﴾ اجلور‪ ﴿ ،‬فإِن الل َكن‬
‫َُ ً َ ً‬
‫يما ﴾‪ .‬انتهى‬ ‫ح‬
‫غفورا ر ِ‬
‫َ ْ‬
‫وقال احلافظ ابن حجر يف "فتح الباري"‪( :‬باب العدل بني النساء)‪َ ﴿ ،‬ولن‬
‫َ ً َ ً‬ ‫هه‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ‬
‫كيما ﴾‬ ‫تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ ﴾ [النساء‪ ]931:‬إه َىل َق حوله‪ ﴿ :‬و ِ‬
‫اسعا ح ِ‬
‫[النساء‪.]921:‬‬
‫يعوا أَ ْن َت ْعدلُوا َب ْ َ‬
‫ي‬
‫ََ ْ َْ َ ُ‬
‫الشرح‪ :‬قوله ( باب العدل بني النساء‪﴿ ،‬ولن تست ِط‬
‫ِ‬
‫ِّ َ‬
‫النساءِ﴾)‪ ،‬أشار بذكر اآلية إىل أن املنتهى فيها العدل بينهن من كل جهة‪،‬‬
‫وباحلديث إىل أن املراد بالعدل التسوية بينهن بام يليق بكل منهن‪ ،‬فإذا وىف لكل‬
‫واحدة منهن كسوُتا ونفقتها واإليواء إليها مل يرضه ما زاد عىل ذلك من ميل قلب‬
‫أو تربع بتحفة‪ ،‬وقد روى األربعة‪ ،‬وصححه ابن حبان واحلاكم من طريق محاد بن‬
‫سلمة عن أيوب عن أيب قالبة عن عبد الل بن يزيد عن عائشة‪ :‬أن النبي ﷺ كان‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]36‬‬

‫يقسم بني نسائه فيعدل ويقول‪ « :‬مهللا هذا قسمي فيام أملك‪ ،‬فال تلمني فيام متلك وال‬
‫أملك »‪ ،‬قال الرتمذي‪ :‬يعني به احلب واملودة‪ ،‬كذلك فرسه أهل العلم‪.‬‬
‫قال الرتمذي‪ :‬رواه غري واحد عن محاد بن زيد عن أيوب عن أيب قالبة‬
‫مرسالً‪ ،‬وهو أصح من رواية محاد بن سلمة‪ ،‬وقد أخرج البيهقي من طريق عي بن‬
‫أيب طلحة عن ابن عباس يف قوله‪ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا ﴾ [النساء‪ ]931:‬اآلية‪ ،‬قال‪ :‬يف‬
‫احلب واجلامع‪ ،‬وعن عبدة بن عمرو السلامين مثله‪ .‬انتهى‬
‫ُ َ َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫انكحوا ما طاب لكم مِ َن‬
‫تعاىل‪ :‬يقول تعاىل‪ ﴿ :‬ف ِ‬ ‫سئل الشيخ ابن باز‬
‫ً‬ ‫َ َ َ ْ ْ ُ َذ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ َ‬
‫النساءِ َمث ََن َوثالث َو ُرباع ف ِإن ِخفت ْم أال تع ِدلوا ف َوا ِح َدة ﴾ [النساء‪ ،]2:‬ويقول يف آية‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ‬
‫أخرى‪ ﴿ :‬ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ ولو حرصتم ﴾ [النساء‪ ،]931:‬فام تفسري‬
‫ذلك؟‬
‫اجلوا ب‪:‬‬
‫تقدم اجلواب عن هذا‪ ،‬وأن االستطاعة ال يمكن أن يقوم اإلنسان بذلك‪،‬‬
‫لكن عليه املستطاع‪ ،‬عليه ما يقدر‪ ،‬أما احلب ‪-‬حب اإلنسان يف قلبه ‪ -‬فقد حيب‬
‫هذه أكثر‪ ،‬وقد جيامع هذه أكثر‪ ،‬وقد يأنس بكالمها أكثر‪ ،‬فليس األمر بيده‪ ،‬هذا‬
‫يتعلق بالقلوب‪ ،‬وكان النبي ﷺ يقسم بني نسائه عليه الصالة والسالم ويقول‪:‬‬
‫« مهللا هذا قسمي فيام أملك‪ ،‬فال تلمني فيام متلك وال أملك»‪ ،‬هكذا يقول النبي ﷺ‪،‬‬
‫قال العلامء‪ :‬معناها احلب واملودة وما ينشأ عن ذلك‪ ،‬هذه أمور بيد الل‪ .‬انتهى من‬
‫" فتاوى اجلامع الكبري"‪.‬‬
‫ورب الرجل العازب ينكح امرأة فينفرد هبا‪ ،‬ومع ذلك ال ه‬
‫يكن ْلا حمبة‪ ،‬وال‬ ‫ُ َّ‬
‫متزوجا بسواها‪ ،‬فال‬
‫ً‬ ‫حيسن إليها وال يقيم حقوقها عليه‪ ،‬وال يكرمها‪ ،‬وإن مل يكن‬
‫[‪]37‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫َسا‬
‫يقيد التعدد حصول ذلك‪ ،‬بل االعتبار يف استيطان تقوى الل ومراقبته احلقة ً‬
‫حاجزا عن‬
‫ً‬ ‫وهنارا؛ بحيث يكون لباس التقوى‬
‫ً‬ ‫وظاهرا وباطنًا وليالً‬
‫ً‬ ‫وعالني ًة‬
‫الظلم والعصيان والبغي والطغيان‪.‬‬
‫زو َج ها له؟ ) فقال‪:‬‬ ‫بن عي ¶‪ ( :‬إ َّن يل بهنتًا‪ ،‬ف َم ن ترى أن أُ ِّ‬ ‫للحسن ه‬
‫ه‬ ‫هق َ‬
‫يل‬
‫ه‬
‫( َز ِّو حج ها ملَن َيتَّقي اللَ ؛ فإن أَ َحبَّ ها أَ حك َر َم ها‪ ،‬وإن أَ ب ح َغ َض ها َمل َي ظح له حم ها )( ‪.)0‬‬
‫ه‬
‫يوص‬ ‫لقد أرشد احلسن بن عي إىل حسن السلوك يف تزويج البنت‪ ،‬ومل‬
‫بتفضيل العازب عىل املتزوج‪ ،‬بل وىص بالتزوج لذي تقوى‪ ،‬إذ أن من اتقى الل‬
‫راقب الل يف زوجته وعلم أنه َس ُيسأل يوم القيامة عام صنع بزوجته‪ ،‬فخيش مقامه‬
‫بني يدي ربه عند السؤال وخاف عقاب الل وطمح يف ثوابه‪ ،‬فأورث ذلك حرصه‬
‫عىل أداء حقوقها والبعد عن ظلمها‪.‬‬
‫ولذا أمر رسول الل ﷺ األولياء أن يوا فقوا عىل تزويج بناُتم لذي دين‬
‫وخلق‪ ،‬ومل يميز بني العازب واملتزوج‪ ،‬قال رسول الل ﷺ‪« :‬إذا خطب إليكم‬
‫من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إال تفعلوا تكن فتنة يف األرض‪ ،‬وفساد‬
‫ََْ ُ ْ‬ ‫ذ َ ْ َ ُ ْ َْ‬
‫عريض»( ‪ ،)2‬وقال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪﴿ :‬إِن أك َرمكم ِعند اللِ أتقاكم﴾‬
‫[احلجرات‪ ،]92:‬فال يتعلق وقوع الظلم بالتعدد أو عدمه‪ ،‬فإن املتقي املستعني بالل‬
‫واملتوكل عليه لن يظلم بإذن الل‪.‬‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كتاب «العيال» البن أيب الدنيا (‪ ،)103 /2‬و«رشح السنَّة» للبغوي (‪.].)22 /٩‬‬
‫َ‬ ‫( ‪ )2‬انظر‬
‫( ‪ )1‬رواه الرتمذي يف (النكاح)‪ ،‬باب (ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه)‪ ،‬برقم‪.)2004( :‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]38‬‬

‫قال اإلمام مسلم رمحه الل تعاىل ( ‪َ :) 1664‬ح َّد َثنَا أَ ُبو َب حك هر حب ُن أَ هيب َش حي َب َة‪َ ،‬وا حب ُن‬
‫حي َيى حب هن‬ ‫ُنمري‪َ ،‬ق َاال‪ :‬ح َّد َثنَا َعب ُد اّلل ه بن إهد هريس‪َ ،‬عن ربهيع َة ب هن ُعثحام َن‪َ ،‬عن ُ َ ه‬
‫حم َّمد حب هن َ ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح َ َ ح‬ ‫ح َّ ح ُ ح‬ ‫َ‬ ‫َح‬
‫ه‬ ‫ول ه‬
‫ن ال ح َق هوي‪َ ،‬خ ح ٌري‬ ‫اّلل ﷺ‪« :‬ا حمل ُ حؤم ُ‬ ‫َحبَّا َن‪َ ،‬ع هن حاألَ حع َر هج‪َ ،‬ع حن أَ هيب ُه َر حي َر َة‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ َّ‬
‫ك‪ ،‬واست هَع ن به اّلله‬ ‫و أَحب إه َىل الل ه همن املح حؤ هم هن َّ ه ه ه‬
‫ص َع َىل َما َينحفَع ُ َ َ ح ح‬ ‫الضعيف‪َ ،‬ويف كُل َخ ح ٌري ا حح هر ح‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫َو َال َت حع َج حز »‪.‬‬
‫َ ُُْ ْ‬ ‫َ ََْْ َ َْ ً‬ ‫َ ْ َذ‬
‫وقال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪َ ﴿ :‬ومن يت ِق الل َيعل لُ َم َرجا * َوي ْرزقه مِن‬
‫َ ُ َ َ ْ ُ ُ ذ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ُ ُ ِّ‬
‫ُك َ ْ‬ ‫ََْ ُ َ ْ َََ ذْ ََ‬ ‫َْ ُ‬
‫َشء‬ ‫حيث ال ُيت ِسب َومن يتوَّك لَع اللِ فهو حسبه إِن الل بالِغ أم ِره ِ قد جعل الل ل ِ‬
‫َْ‬
‫قد ًرا ﴾ [الطالق‪.]2- 3:‬‬
‫متزوجا بسواها‪ ،‬بخالف‬
‫ً‬ ‫ولكن الغري متقي قد يظلم زوجته وان مل يكن‬
‫املتقي الذي يتحرى العدل ويسارع ويتسابق يف القيام به ويبادر بإجرائه بام يمكنه‬
‫وال يكلف الل نفسها إال وسعها‪.‬‬
‫ومن خيش عىل نفسه من الظلم إن عدد فإنه حيرم عليه رش ًعا التعدد‪ ،‬فهذا‬
‫يقتيض أن التعدد ال جيلب الظلم وليس مصدرا للظلم‪ ،‬وهو رد كايف وشايف وبليغ‬
‫عىل من يدعي أن التعدد يؤدي للظلم فيجب اجتنابه در ًء للظلم‪ ،‬فلو كان التعدد‬
‫يؤدي للظلم‪ ،‬ملا حرم الل التعدد ملن خيش عىل نفسه من الظلم والقى نفسه غري‬
‫أهل للتعدد!‬
‫وإ حن عدد من يشعر ويرتجح أنه ال يستطيع للعدل سبيالً وأنه غري جدير به‪،‬‬
‫َ َْ َ َ ذ َ َ ً‬
‫َب الل َغفِال‬ ‫فسيعاقبه الل بام يستحق‪ .‬قال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪ ﴿ :‬وال َتس‬
‫ون إ ذن َما يُ َؤ ِّخ ُر ُه ْم ِِلَ ْوم ت َ ْش َخ ُص فيه اْلَبْ َص ُ‬
‫َ ذ َْ َُ ذ ُ َ‬
‫ار ﴾ [إبراهيم‪.]43:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫عما يعمل الظال ِم ِ‬
‫ُّ َ َ َ ً‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ذ‬
‫يد﴾ [فصلت‪ ،]45:‬وقال‪َ ﴿ :‬وال يظلِ ُم َربك أحدا﴾‬ ‫وقال‪َ ﴿ :‬وما ربك بِظالم ل ِلع ِب ِ‬
‫[الكهف‪.]41:‬‬
‫[‪]39‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫اسب التعدد و ُي َعا َقب‪ ،‬وال‬


‫حي َ‬
‫ولكن التعدد يظل رافع الرأ س‪ ،‬والواجب أال ُ َ‬
‫اسب اإلسالم والسلفية‬
‫حي َ‬
‫ُيالم عىل أعامل العابثني والظاملني‪ ،‬كام أنه ال حيل أن ُ َ‬
‫عىل أعامل املسيئني واملخالفني!!‬
‫فعجبً ا أن بعض الناس يستاءون من الوقيعة يف اإلسالم والسلفية لعثرات‬
‫بعض املسلمني والسلفيني‪ ،‬وال ينتقدون من يشنع عىل التعدد ويلومه لزالت‬
‫وخمالفات بعض املعددين! فتلك األخطاء واملخالفات تنسب اىل املخطئ‬
‫واملخالف وليس اىل التعدد! فهال اختذ أوئلك نفس امليزان!‬
‫َ‬
‫اْلا فَلِ َن ْف ِس ِه َو َم ْن أ َس َ‬
‫اء‬ ‫قال الل سبحانه وتعاىل يف كتابه الكريم‪َ ﴿ :‬م ْن َعم َل َص ِ ً‬
‫ِ‬
‫َ ٌ ْ َ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ َ ُّ َ َ ذ‬
‫ازرة ِوزر أخ َرى﴾‬ ‫و‬‫يد﴾ [فصلت‪ ،]45:‬وقال‪َ ﴿ :‬وال تَز ُر َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫م‬‫ال‬ ‫فعليها وما ربك بِظ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ َ َ َ ْ‬ ‫ُ ُّ َ ْ‬
‫[فاطر‪ ،]93:‬وقال‪ُ﴿ :‬ك نفس بِما كسبت َرهِينة﴾ [املدثر‪ ،]23:‬وقال‪َ ﴿ :‬وللِ ما ِِف‬
‫ُْ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ذ َ ََ ُ َ َ ُ َ َْ َ ذ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ذ َ‬
‫السم َوا ِت َوما ِِف اْلر ِض ِِلج ِزي اَّلِين أساءوا بِما ع ِملوا و َي ِزي اَّلِين أحسنوا بِاْلسَن﴾‬
‫[النجم‪.]29:‬‬
‫لكن احلاصل كام ألقى الشاعر‪:‬‬
‫ني الس ِ‬
‫خط تُبدي املَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني ِ‬
‫الرضا َعن ُك ِّل َع ٍ‬
‫ساويا‬ ‫َو َلك َّن َع َ ُ‬ ‫يب َكليلَة‬ ‫َو َع ُ‬

‫تزهيق الشبهة الثالثة‪:‬‬

‫فإن قيل‪ :‬لو كان األزواج يريدون املصالح الرشعية‪ ،‬لتزوجوا باملطلقات‬
‫واألرمالت والعنوسات‪ ،‬وما طالبوا بالصغر واجلامل‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬إجراء املصالح واملقاصد الرشعية ال يقتَّص عىل الزواج باألرملة‬
‫والـمطلقة والكبرية فحسب‪ ،‬بل يستحب الزواج باألبكار‪ ،‬كام روي يف حديث‬
‫جابر بن عبد الل ¶‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]41‬‬

‫وخري سلف لنا يف ذلك رسول الل ﷺ‪ ،‬حيث تزوج بعائشة ▲ وهي‬
‫بكر‪ ،‬وعقد عليها وهي صغرية للغاية‪ ،‬فلقد كانت بنت ست ودخل هبا رسول‬
‫الل ﷺ حينام بلغت التاسعة من عمرها‪ .‬ولقد ورد أن خدجية وعائشة وجويرية‬
‫الل َعن ُحه َّن ُك َّن ذوات مجال‪ ،‬فهل هؤالء املستنكرون‬ ‫ه‬
‫ض ُ‬ ‫وصفية وأم سلمة َر َ‬
‫سيستنكرون عىل اختيار رسول الل ﷺ ْلن؟! وهل سيستنكرون عىل زواجه‬
‫؟! فلقد كانت متر بالسادسة من عمرها حني عقد عليها‪ ،‬والتاسعة‬ ‫بعائشة‬
‫من عمرها إذ دخل هبا‪.‬‬
‫والزواج باملطلقات واألرمالت جائز للمصالح كاملذكور يف حديث جابر بن‬
‫عبد الل ¶ حيث اختار ثيبًا؛ لتقوم عىل أخوا ته‪ ،‬وتوجد العديد من املصالح‬
‫‪.‬‬ ‫الرشعية التي قد يتضمنها الزواج بالثيبات كام ُذكر يف حديث جابر‬
‫ولعل الثيبات أدركن الكربات بعد الفراق من أزواجهن‪ ،‬ولعل العنوسات‬
‫األبكار يفتقرن للزواج‪ ،‬فيجزي أوئلك األزواج عىل نياُتم احلسنة بتفريج‬
‫كرباُتن بالزواج هبن‪.‬‬
‫اّلل ﷺ َق َال‪ « :‬املسل ُم أَخو املسلم‪ ،‬ال‬ ‫َ‬
‫رسول َّ‬ ‫عمر ¶‪ :‬أَن‬ ‫* عن ابن َ‬
‫اّلل ُ هيف حاجت ه هه ‪ ،‬و َم حن فَ َّر َج َع حن ُم سلم‬ ‫ه ه ه‬ ‫ه‬
‫َي ظل ه ُمه‪ ،‬وال ُي حسل ه ُمهُ‪ ،‬و َم ح‬
‫ن كَانَ يف حاجة َأخيه كا َن َّ‬
‫اّلل ُ َيو َم الحقهيا َم هة» ‪.‬‬ ‫لام َس َ َ‬
‫رتهُ َّ‬ ‫ن َس َ َرت ُم حس ً‬
‫ه‬ ‫ن ك ُ َر ه‬
‫ب يوم القيامة‪َ ،‬و َم ح‬
‫ه‬
‫اّلل ُ َعنحهُ هبا كُ حربةً م ح‬
‫ُك حر بةً ف َ َّر َج َّ‬
‫ُمتَّ َف ٌق َع َل هيه‪.‬‬
‫َ ُ ُْ‬ ‫َ ََْْ َ َْ ً‬ ‫َ ْ َذ‬
‫حانَهُ َوتَعَاىل يف حمكم التنزيل‪َ ﴿ :‬ومن يت ِق الل َيعل لُ َم َرجا * َوي ْرزقه‬
‫وقال الل ُسب ح َ‬
‫ُ ُا ْ َ َ‬ ‫ْ َََ َ ُْ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ َْ ُ‬
‫ِمن حيث ال ُيت ِس ُب﴾ [الطالق‪ ،]2- 3:‬وقال‪َ ﴿ :‬وإِن يتف ذرقا يغ ِن الل ّلُك مِن سعتِ ِه﴾‬
‫[‪]40‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬
‫َْ‬ ‫ُ ُ َْ ْ‬ ‫لل يُ ْؤ ِتي ِه َم ْن ي َ َش ُ‬ ‫َ َ َ ْ ُ‬
‫اء َوالل ذو الفض ِل الع ِظ ِ‬
‫يم﴾‬ ‫[النساء‪ ،]921:‬وقال‪﴿ :‬ذل ِك فضل ا ِ‬
‫[اجلمعة‪.]4:‬‬
‫فمن اتقت الل آ تاها الل من فضله وأنعم عليها من نعمه من حيث ال‬
‫حتتسب‪ ،‬وحيثام شاء‪ ،‬وكيفام شاء وبمن شاء من الرجال الصاحلني‪.‬‬
‫وال ريب أن املرأة الصاحلة احلاملة للخصال املحمودة كالدين واخللق‬
‫بكرا ‪ ،‬ويباح وحيل للرجل أن‬
‫والعلم وإىل آخرها مقدمة عىل غريها‪ ،‬وإن مل تكن ً‬
‫ينكحها رغب ًة وطم ًعا يف صفاُتا احلسنة‪ ،‬لكن باملقابل قد توجد بكر ٌ‬
‫خري من‬
‫األرملة واملطلقة والعنوسة دينًا وخل ًقا وعلام فيظفر الزوج هبا‪.‬‬
‫والرشح يف "فتح الباري" يبني احلكمة واملقاصد الرشعية الواردة من الندب‬
‫إىل التزوج باألبكار كام يي‪:‬‬
‫* قال البخاري رمحه الل تعاىل (‪َ :)100٩‬ح َّد َث نَا أَبُو الن حع َام هن‪َ ،‬ح َّد َثنَا ُه َشيح ٌم‪،‬‬
‫اّلله‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َف حلنَا َم َع النَّبه ِّي ﷺ هم حن‬ ‫ه‬
‫َح َّد َثنَا َس َّي ٌار‪َ ،‬ع هن ال َّش حعبه ِّي‪َ ،‬ع حن َجابه هر حب هن َع حبد َّ‬
‫ريي‬ ‫خ َس َب هع ه‬ ‫ب هم حن َخ حل هفي‪َ ،‬فنَ َ‬ ‫ه‬ ‫ه ه‬
‫ت َع َىل َبعري هيل َقطُوف‪َ ،‬ف َلح َقني َراك ٌ‬
‫ه‬ ‫َغ حز َوة‪َ ،‬فتَ َع َّج حل ُ‬
‫إلبه هل‪َ ،‬ف هإ َذا النَّبهي ﷺ‪،‬‬ ‫ت َراء هم َن ا ه‬ ‫ريي َكأَ حج َو هد َما أَنح َ‬ ‫ت َم َع ُه‪َ ،‬فا حنطَ َل َق َب هع ه‬ ‫به َعن ََزة كَا َن ح‬
‫ت‪:‬‬ ‫يث َع حهد به ُع ُرس‪َ ،‬ق َال‪« :‬أَبه حك ًرا أَ حم َث ِّي ًب ا؟»‪ُ ،‬ق حل ُ‬ ‫حت َح هد َ‬ ‫ت‪ُ :‬كن ُ‬ ‫ك» ُق حل ُ‬ ‫جل ُ َ‬‫َف َق َال‪ « :‬ما يُعح ه‬
‫َ‬
‫ك»‪ ،‬ق َ َال‪ :‬فَل َ َّام ذَ َهبحن َا لهنَد ُحخ َل‪ ،‬ق َ َال‪« :‬أ َ حم هه لُ وا َحتَّى‬ ‫اريَة ً تُال َ هعب ُ َها َوتُال َ هعب ُ َ‬
‫َثيِّبًا‪َ ،‬ق َال‪ « :‬فَ َه َّال َج ه‬

‫الش هعثَ ُة َو ت حَست هَح َّد ا مل ُ هغي َب ُة»‪.‬‬ ‫َت حد ُخ لُ وا َل حي ًال ‪ -‬أَ حي هع َش ا ًء ‪ -‬له َك حي َمتحت هَش َط َّ‬
‫الشرح‪ :‬من "فتح الباري يف رشح صحيح البخاري"‪.‬‬
‫قوله‪ ( :‬باب تزويج الثيبات) مجع ثيبة بمثلثة‪ ،‬ثم حتتانية ثقيلة مكسورة‪ ،‬ثم‬
‫موحدة‪ ،‬ضد البكر‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]42‬‬

‫ذكر املصنف حديث جابر يف قصة بعريه‪ ،‬وقد تقدم رشحه يف الرشوط فيام‬
‫يتعلق بذلك‪.‬‬
‫قوله‪َ « :‬م ا ُي حع هج لُ َك » بضم أوله‪ ،‬أي ما سبب إَساعك؟‬
‫حت َح هد َ‬
‫يث َع حهد به ُع ُرس) أي‪ :‬قريب عهد بالدخول عىل الزوجة‪ .‬ويف‬ ‫قوله ( ُكن ُ‬
‫رواية عطاء عن جابر يف الوكالة‪ ( :‬فلام دنونا من املدين ة ‪ -‬عىل ساكنها أفضل‬
‫الصالة والسالم والتحية واإلكرا م ‪ -‬أخذت أرحتل‪ ،‬قال ‪ :‬أين تريد؟ قلت ‪:‬‬
‫تزوجت)‪ ،‬ويف رواية أيب عقيل عن أيب املتوكل عن جابر‪ « :‬من أحب أن يتعجل إىل‬
‫أهله فليتعجل »‪ ،‬أخرجه مسلم‪.‬‬
‫قوله‪« :‬قال‪ :‬أبكرا أم ثـيـبا؟ قلت‪َ :‬ثـيِّـبًا»‪ ،‬هو منصوب بفعل حمذوف تقديره‬
‫أتزوجت وتزوجت‪ ،‬وكذا وقع يف ثاين حديث الباب‪( :‬فقلت ‪ :‬تزوجت ثيبا) يف‬
‫رواية الكشميهني يف الوكالة من طريق وهب بن كيسان عن جابر قال‪:‬‬
‫«أتزوجت؟ قلت ‪ :‬نعم‪ .‬قال بكرا أم ثيبا؟ قلت ثيبا»‪ .‬ويف "املغازي" عن قتيبة عن‬
‫سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر بلفظ‪ « :‬هل نكحت يا جابر؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ماذا‪ ،‬أبك ًرا أم ثيبا؟ قلت ‪ :‬ال بل ثيبا»‪ ،‬ووقع عند أمحد عن سفيان يف هذا احلديث‬
‫«قلت‪ :‬ثيب»‪ ،‬وهو خرب مبتدأ حمذوف تقديره‪ :‬التي تزوجتها ثيب‪ ،‬وكذا وقع‬
‫ملسلم من طريق عطاء عن جابر‪.‬‬
‫قوله‪ « :‬فهال جارية» يف رواية وهب بن كيسان‪« :‬أفال جارية »‪ ،‬ومها بالنصب‬
‫أي‪ :‬فهال تزوجت؟ ويف رواية يعقوب الدورقي عن هشام بإسناد حديث الباب‪:‬‬
‫« هال بكرا ؟»‪ ،‬وسيأيت قبيل أبواب الطالق‪ ،‬وكذا ملسلم من طريق عطاء عن جابر‪،‬‬
‫[‪]43‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫وهو معنى رواية حمارب املذكورة يف الباب بلفظ‪ « :‬العذارى»‪ ،‬وهو مجع عذراء‬
‫باملد‪.‬‬
‫قوله « تالعبها وتالعبك»‪ ،‬زاد يف رواية النفقات‪ « :‬وتضاحكها وتضاحكك»‪،‬‬
‫وهو مما يؤيد أنه من اللعب‪ ،‬ووقع عند الطرباين من حديث كعب بن عجرة‪ :‬أن‬
‫النبي ﷺ قال لرجل‪ ..‬فذكر نحو حديث جابر‪ ،‬وقال فيه‪ « :‬وتعضها وتعضك»‪،‬‬
‫ووقع يف رواية أليب عبيدة‪ « :‬تذاعبها وتذاعبك »‪ ،‬بالذال املعجمة بدل الالم‪ ،‬وأما‬
‫ما وقع يف رواية حمارب بن دثار عن جابر ثاين حديثي الباب بلفظ‪ « :‬مالك‬
‫أيضا‪،‬‬
‫وللعذارى ولعاهبا »‪ ،‬فقد ضبطه األكثر بكرس الالم وهو مصدر من املالعبة ً‬
‫يقال‪ :‬العب لعابا ومالعبة‪ ،‬مثل قاتل قتاالً ومقاتلة‪.‬‬
‫ووقع يف رواية املستمي بضم الالم واملراد به الريق‪ ،‬وفيه إشارة إىل مص‬
‫لساهنا ورشف شفتيها؛ وذلك يقع عند املالعبة والتقبيل‪ ،‬وليس هو ببعيد كام قال‬
‫القرطبي‪ ،‬ويؤيد أنه بمعنى آخر غري املعنى األول قول شعبة‪ ،‬يف الباب أنه عرض‬
‫ذلك عىل عمرو بن دينار‪ ،‬فقال‪ :‬اللفظ املوا فق للجامعة‪ ،‬ويف رواية مسلم التلويح‬
‫بإنكار عمرو رواية حمارب هبذا اللفظ ولفظ‪ ،‬إنام قال جابر‪ « :‬تالعبها وتالعبك» ‪،‬‬
‫فلو كانت الروايتان متحدتني يف املعنى ملا أنكر عمرو ذلك؛ ألنه كان ممن جييز‬
‫الرواية باملعنى‪.‬‬
‫ووقع يف رواية وهب بن كيسان من الزيادة‪( :‬قلت‪ :‬ك ا ن يل أخوا ت فأحبب ت‬
‫أن أتزوج امرأ ة جتمعهن ومتشطهن وتقوم عليهن)‪ ،‬أي‪ :‬يف غري ذلك من‬
‫مصاحلهن‪ ،‬وهو من العام بعد اخلاص‪ ،‬ويف رواية عمرو عن جابر اآلتية يف‬
‫النفقات هلك أيب وترك سبع بنات ‪-‬أو تسع بنات ‪ -‬فتزوجت ثيبا‪ ،‬كرهت أن‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]44‬‬

‫خريا »‪ ،‬ويف رواية سفيان عن‬


‫أجيئهن بمثلهن‪ .‬فقال‪ « :‬بارك الل لك ‪ ،‬أو " قال ً‬
‫عمرو يف "املغازي"‪ ( :‬وترك تسع بنات كن يل تسع أخوا ت ‪ ،‬فكرهت أن أمجع‬
‫إليهن جارية خرقاء مثلهن‪ ،‬ولكن امرأة تقوم عليهن ومتشطهن)‪ .‬قال ‪ :‬أصبت ويف‬
‫رواية ابن جريج عن عطاء وغريه عن جابر‪ ( :‬فأردت أن أنكح امرأ ة قد جربت‬
‫خال منها ‪ ،‬قال فذلك)‪ ،‬وقد تقدم التوفيق بني خمتلف الروايات يف عدد أخوات‬
‫جابر يف "املغازي"‪ ،‬ومل أقف عىل تسميتهن‪ .‬وأما امرأة جابر املذكورة فاسمها‬
‫سهلة بنت مسعود بن أوس بن مالك األنصارية األوسية ذكره ابن سعد‪.‬‬
‫قوله‪ ( :‬فلام ذهبنا لندخل قال ‪ :‬أمهلوا حتى تدخلوا ليال أي عشاء)‪ ،‬كذا ـهنا‪،‬‬
‫ليال»‪،‬‬
‫ويعارضه احلديث اآلخر اآليت قبل أبواب الطالق « ال يطرق أحدكم أهله ً‬
‫أيضا‪ ،‬وجيمع بينهام أن الذي يف الباب ملن علم‬
‫وهو من طريق الشعبي عن جابر ً‬
‫جميئه والعلم بوصوله‪ ،‬واآليت ملن قدم بغتة‪ .‬ويؤيده قوله يف الطريق األخرى‪:‬‬
‫« يتخوهنم بذلك»‪ ،‬وسيأيت مزيد بحث فيه هناك‪.‬‬
‫ويف احلديث‪ :‬احلث عىل نكاح البكر‪ ،‬وقد ورد بأرصح من ذلك عند ابن‬
‫ماجه من طريق عبد الرمحن بن سامل بن عتبة بن عويم بن ساعدة عن أبيه عن جده‬
‫بلفظ‪ « :‬عليكم باألبكار ‪ ،‬فإهنن أعذب أفوا ها وأنتق أرحا ًم ا» أي‪ :‬أكثر حركة‪،‬‬
‫والنتق بنون ومثناة احلركة‪ ،‬ويقال أيضا للرمي‪ ،‬فلعله يريد أهنا كثرية األوالد‪،‬‬
‫وأرض باليسري»‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫وأخرج الطرباين من حديث ابن مسعود نحوه وزاد‪« :‬‬
‫بكرا ال يعرف به‬
‫يعارضه احلديث السابق‪ « ،‬عليكم بالولود»‪ ،‬من جهة أن كوهنا ً‬
‫كوهنا كثرية الوالدة‪.‬‬
‫[‪]45‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫فإن اجلواب عن ذلك‪ :‬أن البكر مظنة‪ ،‬فيكون املراد بالولود من هي كثرية‬
‫الوالدة بالتجربة أو باملظنة‪ ،‬وأما من جربت فظهرت عقيام وكذا اآليسة فاخلربان‬
‫متفقان عىل مرجوحيتهام‪.‬‬
‫وفيه‪ :‬فضيلة جلابر لشفقته عىل أخوا ته وإيثاره مصلحتهن عىل حظ نفسه‪.‬‬
‫ويؤخذ منه‪ :‬أنه إذا تزا محت مصلحتان؛ ُق ِّدم أمههام؛ ألن النبي ﷺ صوب‬
‫فعل جابر ودعا له ألجل ذلك‪.‬‬
‫خريا وإن مل يتعلق بالداعي‪.‬‬
‫ويؤخذ منه‪ :‬الدعاء ملن فعل ً‬
‫وفيه‪ :‬سؤال اإلمام أصحابه عن أمورهم‪ ،‬وتفقده أحواْلم‪ ،‬وإرشاده إىل‬
‫مصاحلهم وتنبيههم عىل وجه املصلحة ولو كان يف باب النكاح وفيام يستحيا من‬
‫ذكره‪.‬‬
‫وفيه‪ :‬مرشوعية خدمة املرأة زوجها ومن كان منه بسبيل من ولد وأخ‬
‫وعائلة‪ ،‬وأنه ال حرج عىل الرجل يف قصده ذلك من امرأ ته وإن كان ذلك ال جيب‬
‫عليها‪ ،‬لكن يؤخذ منه أن العادة جارية بذلك‪ ،‬فلذلك مل ينكره النبي ﷺ‪.‬‬
‫وقوله يف الرواية املتقدمة‪ ( :‬خرقاء)‪ ،‬بفتح اخلاء املعجمة وسكون الراء بعدها‬
‫قاف‪ ،‬هي التي ال تعمل بيدها شيئًا‪ ،‬وهي تأنيث األخرق وهو اجلاهل بمصلحة‬
‫نفسه وغريه‪.‬‬
‫قوله ( متتشط الشعثة) بفتح املعجمة وكرس العني املهملة ثم مثلثة‪ ،‬أطلق‬
‫عليها ذلك؛ ألن التي يغيب زوجها يف مظنة عدم التزين‪.‬‬
‫قوله ( تستحد) بحاء مهملة أي‪ :‬تستعمل احلديدة وهي املوسى‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]46‬‬

‫واملغيبة‪ :‬بضم امليم وكرس املعجمة بعدها حتتانية ساكنة ثم موحدة مفتوحة‬
‫أي‪ :‬التي غاب عنها زوجها‪ ،‬واملراد إزالة الشعر عنها وعرب باالستحداد؛ ألنه‬
‫الغالب استعامله يف إزالة الشعر‪ ،‬وليس يف ذلك منع إزالته بغري املوسى‪ ،‬والل‬
‫أعلم‪ .‬انتهى‬
‫يمي‪،‬‬ ‫قال اإلمام مسلم رمحه الل تعاىل (‪ :)2400‬ح َّد َثنَا َحييى بن َحييى التَّ هم ه‬
‫حَ ح ُ حَ‬ ‫َ‬
‫حم َّم ُد حب ُن ا حل َع َال هء ا حْل حم َد هاين‪َ ،‬مجهي ًعا َع حن أَ هيب ُم َع ه‬
‫او َي َة‪َ ،‬وال َّل حف ُظ‬ ‫َوأَ ُبو َب حك هر حب ُن أَ هيب َش حي َب َة‪َ ،‬و ُ َ‬
‫َ‬
‫حت‬ ‫اهي َم‪َ ،‬ع حن َع حل َق َم َة‪َ ،‬ق َال‪ُ :‬كن ُ‬ ‫ش‪َ ،‬عن إهبر ه‬ ‫األ حع َم ه‬
‫او َي َة‪َ ،‬ع هن ح َ‬ ‫له َي حح َيى‪ ،‬أَ حخ َرب َنا أَ ُبو ُم َع ه‬
‫ح حَ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ه ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫أَ حميش َم َع َع حبد الل بهمنًى‪َ ،‬ف َلق َي ُه ُعثح َام ُن‪َ ،‬ف َقا َم َم َع ُه ُ َ‬
‫حي ِّد ُث ُه‪َ ،‬ف َق َال َل ُه ُعثح َام ُن‪َ :‬يا أَ َبا‬
‫الر حمح هَن‪ ،‬أَ َال ُن َز ِّو ُج َك َج هار َي ًة َشا َّب ًة‪َ ،‬ل َع َّل َها ُت َذ ِّك ُر َك َب حع َض َما َم َىض هم حن َز َمانه َك‪،‬‬ ‫ه‬
‫َعبحد َّ‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫رش‬
‫ول الل ﷺ‪َ « :‬ي ا َم حع َ َ‬ ‫ت َذا َك‪َ ،‬ل َق حد َق َال َلنَا َر ُس ُ‬ ‫َق َال‪َ :‬ف َق َال َعبح ُد الل‪َ :‬ل هئ حن ُق حل َ‬
‫َّص ‪َ ،‬وأَ حح َص ُن له حل َف حر هج ‪،‬‬
‫استَطَا َع همن ح ُك ُم الحبَا َء َة فَلحيَت َ َز َّو حج‪ ،‬فَإه َّن ُه أَ َغض له حل َب َ ه‬
‫اب‪َ ،‬م هن ح‬ ‫الشَّ ب َ ه‬
‫الص حو هم ‪َ ،‬ف هإ َّن ُه َل ُه هو َج ا ٌء»‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫َو َم حن َمل ح َي حس تَط حع َف َع َل حي ه به َّ‬
‫تدل هذه الرواية اآلنفة كام يدرك أولوا األبصار‪ ،‬وذوو لب وإدراك ووعي‬
‫عىل ندب مبني للتزوج من البكر وال حميص ألحد منه‪ ،‬ولكن هناك من حيرف‬
‫هذه الرواية زاعام بأن ابن مسعود مل يرغب يف الزواج ببكر فيعني ذلك أن األوىل‬
‫عدم التعدد‪ ،‬وهذا الفهم بعيد كالبعد بني املغرب واملرشق‪ ،‬ولن تتحول هذه‬
‫الرواية إىل حجة‪ ،‬ودليل لعدم التعدد حتى يلج اجلمل يف سم اخلياط واذا شاب‬
‫الغراب‪.‬‬
‫فبخالف ما يزعم البعض فإن هذه الرواية تقتيض وتستلزم أن الزواج بالبكر‬
‫ذكرت‪ ،‬وليس عكس ذلك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫مما يندب إليه كام تقدم أن‬
‫[‪]47‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫وإن كان ابن مسعود مل يستجب لذلك‪ ،‬فذلك ال يوحي إىل عدم الندب‪.‬‬
‫حمتاجا لذلك‪ ،‬وهذا أمر جائز ومباح له‪ ،‬فليس التعدد‬
‫ً‬ ‫وإنام مل يكن ابن مسعود‬
‫واجبًا‪ ،‬فمن أحب وود عدم التزوج فله ذلك‪ ،‬ومن أبى أن يتزوج ال يعد آثام‪ ،‬كام‬
‫اختار ثيبا للتزوج فلم يستنكر عليه النبي ﷺ عىل الرغم أن‬ ‫جابرا‬
‫ً‬ ‫أن‬
‫األوىل التزوج بالبكر‪.‬‬
‫فاألمر كام يقال‪:‬‬
‫إذا ُع هرف السبب بطل العجب‪.‬‬
‫يشتمل عىل داللة واضحة للندب إىل هذا‬ ‫فإن عرض اخلليفة عثامن‬
‫األمر‪ ،‬وقد كان خليفة املسلمني آنذاك‪ ،‬فهو من اخللفاء الرا شدين الذين كانوا‬
‫يسعون للقيام بسنة رسول الل ﷺ عىل أحسن وجه ويتسارعون ويتسابقون يف‬
‫ذلك‪ ،‬فهو أوىل باختاذ العربة منه‪.‬‬
‫وإن املطلوب أن يعتني املرء بالتامس ذات دين وخلق وأن يراعي هذا اجلانب‬
‫يف االختيار‪ ،‬فإن الدين واخللق مقدمان‪ ،‬فمن خري بني بكر وغري بكر‪ ،‬وجب عليه‬
‫ما وىص به رسول الل ﷺ إذ قال‪ « :‬تنكح املرأة ألربع‪ :‬ملاْلا‪ ،‬وحلسبها‪ ،‬وجلامْلا ‪،‬‬
‫ولدينها‪ ،‬فاظفر بذات الدين تربت يداك »‪ .‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫رغم أن الل ورسوله ﷺ مل يقيدا ومل خيصصا التعدد بالثيبات والكبريات‪،‬‬
‫فليس ختصيص التعدد هبن مرشو ًعا‪ ،‬بل هذه الشبهة صادرة من بعض الناس‬
‫الذين مل يفقهوا التعدد‪ ،‬أو يدعمون ويساندون اْلوى‪ ،‬وهذه مصيبة أدهى وأمر‪،‬‬
‫والل املستعان‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]48‬‬

‫ثم إنه يرشع أن يطلب املرء اجلامل يف الزوجة وقد ثبتت مرشوعية ذلك يف‬
‫الرشع‪ ،‬فليس عىل فاعله جناح بذلك وال تثريب وال غضاضة‪.‬‬
‫وال ينبغي أن يعاتب أو يالم أو ُيرجم عىل ذلك‪ ،‬أو أن ُيذم‪.‬‬
‫فلقد ورد يف الرشع أن اجلامل مما يعني الرجل عىل حفاظ عفته والقاء الرسور‬
‫يف نفسه وغض بَّصه‪ ،‬ولقد حث الرشع عىل أن ينكح الرجل من تقر عينه؛ ولذا‬
‫رشعت النظرة الرشعية‪ ،‬كي يتآلف الزوج مع زوجته وتقذف يف قلبه الرغبة‬
‫فيتهيأ إنشاء املحبة‪ ،‬فالنظرة الرشعية سنة مستحبة‪ ،‬مطلوبة ومرغوبة ومندوب‬
‫إليها‪.‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول الل‬ ‫كام يف "املسند" و"سنن أيب داود" عن جابر‬
‫ﷺ‪ « :‬إذا خطب أحدكم املرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها فليفع ل »‪.‬‬
‫زاد أبو داود‪ :‬قال جابر‪ « :‬فخطبت جارية فكنت أتخبأ ْلا حتى رأيت منها ما‬
‫دعاين إىل نكاحها فتزوجتها»‪.‬‬
‫ويف "املسند" و"سنن الرتمذي" عن املغرية بن شعبة قال‪« :‬خطبت امرأ ة»‪،‬‬
‫فقال يل رسول الل ﷺ‪ « :‬أنظرت إليها؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬فقال‪ :‬انظر إليها فإنه أحرى أن‬
‫يؤدم بينكام»‪.‬‬
‫قال‪ :‬كنت عند النبي ﷺ‬ ‫وروى مسلم يف "صحيحه" عن أيب هريرة‬
‫فأتاه رجل فأخربه‪ :‬أنه تزوج امرأة من األنصار‪ ،‬فقال له رسول الل ﷺ‪« :‬أنظرت‬
‫إليها؟ قال ‪ :‬ال‪ ،‬قال ‪ :‬فاذهب فانظر إليها‪ ،‬فإن يف أعني األنصار شيئً ا »‪.‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر‪ :‬فيه استحباب النظر إىل وجه من يريد تزوجها‪ ،‬وهو‬
‫مذهبنا ومذهب مالك وأيب حنيفة وسائر الكوفيني وأمحد ومجاهري العلامء‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫[‪]49‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫قال رسول الل ﷺ‪ « :‬ما استفاد املؤمن بعد تقوى الل تعاىل ً‬
‫خريا من زوجة‬
‫صاحلة‪ ،‬إن أمرها أطاعته‪ ،‬وإن نظر إليها َسته‪ ،‬وإن أقسم عليها أبرته‪ ،‬وإن غاب عنها‬
‫نصحته أو حفظته يف نفسها وما له »‪ ،‬رواه ابن ماجه‬
‫وقال ﷺ‪ « :‬أال أخربك بخري ما يكتنز املرء؟ املرأة الصاحلة؛ إذا نظر إليها َسته‪،‬‬
‫وإذا أمرها أطاعته‪ ،‬وإذا غاب عنها حفظته »‪ ،‬رواه أبو داود واحلاكم‪ ،‬وقال‪ :‬حديث‬
‫صحيح اإلسناد‪.‬‬
‫قال يف "عون املعبود رشح سنن أيب داود" يف رشح هذا احلديث‪:‬‬
‫قوله‪( :‬بخري ما يكنز املرء) أي‪ :‬بأفضل ما يقتنيه ويتخذه لعاقبته‪ ( ،‬املرأ ة‬
‫ظاهرا وباطنًا‪ ...‬قيل فيه إشارة إىل أن هذه املرأة أنفع من‬
‫ً‬ ‫الصاحلة) أي‪ :‬اجلميلة‬
‫الكنز املعروف‪ ،‬فإهنا خري ما يدخرها الرجل؛ ألن النفع فيها أكثر؛ ألنه‪( :‬إذا نظر)‬
‫مرسورا جلامل صورُتا‪ ،‬وحسن سريُتا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أي‪ :‬الرجل‪ ( :‬إليها َسته) أي‪ :‬جعلته‬
‫وحصول حفظ الدين هبا‪ ( ،‬وإذا أمرها) بأمر رشعي أو عريف ( أطاعته)‪ ،‬وخدمته‪:‬‬
‫( وإذا غاب عنها حفظته) قال القاض‪ :‬ملا بني ْلم ﷺ أنه ال حرج عليهم يف مجع‬
‫املال وكنزه ما داموا يؤدون الزكاة‪ ،‬ورأى استبشارهم به رغبهم عنه إىل ما هو‬
‫خري وأبقى وهي املرأة الصاحلة اجلميلة‪ ،‬فإن الذهب ال ينفعك إال بعد ذهابه‬
‫عنك‪ ،‬وهي ما دامت معك تكون رفيقتك تنظر إليها فترسك‪ ،‬وتقيض عند احلاجة‬
‫إليها وطرك‪ ،‬وتشاورها فيام يعن لك فتحفظ عليك َسك‪ ،‬وتستمد منها يف‬
‫حوائجك فتطيع أمرك‪ ،‬وإذا غبت عنها حتامي مالك وتراعي عيالك‪ .‬انتهى‬
‫فمن املخالفة للرشع أن يقال‪ :‬إن إمضاء املصالح الرشعية ال يتم بالتعدد‬
‫باألبكار والصغريات‪ ،‬ولقد روي أن الرجال املاكثون عىل وجه األرض يقلون‬
‫‪‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]51‬‬

‫يف آخر الزمن وتكثر النساء‪ ،‬كام أنبأنا بذلك رسول الل ﷺ حيث قال‪َ « :‬و ت ََر ى‬
‫ال و َكثحر هة النِّس ه‬
‫ه‬ ‫ه ه ه ه‬ ‫ه‬
‫اء »‪ .‬رواه‬ ‫َ‬ ‫الر َج َ َ‬ ‫الر ُج َل ال ح َواح َد يَتحبَعُه ُ أَ حر َب ُع و َن ا حم َرأ َ ًة َي لُ حذ َن به ه م حن ق لَّ ة ِّ‬
‫َّ‬
‫البخاري‪.‬‬
‫وقد ال يتيرس للبنت الزواج بمن ترغب فيه دينا وخل ًقا من العزاب‪ ،‬أو لعلها‬
‫ترغب يف بعض اخلصال املعينة التي مل تتوفر فيمن خطبها من العزاب‪ ،‬أو أهنا‬
‫فضلت أحد الرجال املتزوجني بعينه‪ ،‬أو أهنا مفتقرة لزوج متزوج ذي شخصية‬
‫لتسند عليه وتعتمد عليه ويدافع عنها ويصوهنا وحيفظها‪ ،‬أو أهنا تود أن تتفرغ‬
‫تلق ذلك كام ترغب يف‬
‫أكثر لطلب العلم‪ ،‬أو اهنا حتبذ التزوج بذي علم ومل َ‬
‫العزاب‪ ،‬وإىل آخره‪ ،‬ويرجى ويؤمل أن ينتفع الزوج بزوجته الثانية أو الثالثة أو‬
‫سندا وعضدا له عىل طاعة الل والعبادة‪ ،‬وحتافظ عىل عفته‪ ،‬وتسقيه‬
‫الرابعة فتكون ً‬
‫الرسور وتعمر عينيه وتبهج نفسه وتغمر قلبه راح ًة وحتثه عىل طلب العلم‪،‬‬
‫وتسانده يف الدعوة إىل الل وتفيده وتعينه باجتهادها وعلمها‪ ،‬وهي كذلك تنتفع‬
‫َسورا وحيفظها‬
‫ً‬ ‫به فيعفها ويأوهيا‪ ،‬وينفق عليها ويقيض حوا ئجها ويفيضها‬
‫ْ َ َ ْ َ ََ َ ُ ْ ْ‬
‫ويصوهنا‪ ،‬قال الل تبارك وتعاىل يف كتابه الكريم‪َ ﴿ :‬ومِن آيات ِ ِه أن خلق لكم مِن‬
‫َْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُ ْ َْ ً َ ْ ُ ُ َ َ َ َ َ ََْ ُ ْ َ ذً َْ ً ذ‬ ‫َ ُ‬
‫أنف ِسكم أز َواجا لِتسكنوا إِِلْها َوجعل بينكم م َودة َو َرْحة إِن ِِف ذل ِك آليات لِقوم‬
‫َََ ذ َ‬
‫يتفك ُرون ﴾ [الروم‪]39:‬‬

‫اّلل (اإلمام أمحد بن حنبل رمحه الل تعاىل)‬


‫وسمعت أبا عبد َّ‬
‫ُ‬ ‫وقال املروزي‪:‬‬
‫خري من املرأة‪"[ .‬كتاب الورع" لإلمام‬
‫خري من الرجل‪ ،‬وال للرجل ٌ‬
‫ٌ‬ ‫يقول‪ :‬ليس للمرأة‬
‫أمحد بن حنبل رواية املروزي]‪.‬‬
‫الصاحل ة »‪[ .‬أخرجه‬ ‫وقال رسول الل ﷺ‪ « :‬الدنيا متاع‪ ،‬وخري متاع الدنيا املرأ ة‬
‫مسلم (‪.])9451‬‬
‫[‪]50‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫تزهيق الشبهة الرابعة‪:‬‬

‫فإن قيل‪ :‬من املمكن أن تنفع األوىل زوجها كذلك‪.‬‬


‫فأقول‪ :‬نعم‪ ،‬بإمكان األوىل أن تقيض هذه األهداف الزوجية واملصالح‬
‫واملقاصد الرشعية كذلك‪ ،‬ولكن االضافة لسعي األوىل تزيد وتعظم وتوسع‬
‫خريا وبركة وفائدة‪ ،‬فينتفع هبا وبدينها وبأخالقها وبأوالدها ويقوي هبم‬
‫الزوج ً‬
‫األمة‪ ،‬فأينام تواجدت املرأة الصاحلة أثمرت وأفادت زوجها وذوهيا‪.‬‬

‫تزهيق الشبهة اخلامسة‪:‬‬

‫فلئن قيل‪ :‬رسول الل ﷺ مل يتزوج عىل خدجية حتى توفيت‪ ،‬ثم تزوج‬
‫بالنساء‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬رسول الل ﷺ مل يتزوج عليها لعظم فضلها لديه‪ ،‬ولنَّصُتا لإلسالم‬
‫ولشامئلها احلميدة‪ ،‬وإكراما ْلا‪.‬‬
‫فانفردت وجتردت خدجية ▲ معه سنينًا وكفته ومل يعرضها رسول الل‬
‫ﷺ للغرية التي تعرتي النساء‪ ،‬وهذا األمر ٌ‬
‫دال عىل عظم فضلها لديه الذي‬
‫كانت تتنعم به ووهبها الل إياه‪ ،‬ولكن االحتجاج هبذا األمر للدعوة والنداء إىل‬
‫عدم التعدد يعد مما قيل‪( :‬كلامت حق أريد هبا باطل)‪.‬‬
‫فإنام يستعني ويتقمص ويتسرت ويتلبس وحيتال ويتغطى هبذا احلدث من‬
‫يسعى كل السعي إل سقاط ظاهرة التعدد ويسعى لوضع األشوا ك املعرقلة يف‬
‫سبيل الرجال إىل التعدد‪ ،‬وإن مارس بذلك األساليب املخالفة للرشع وإن التجئ‬
‫للمرا وغة‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]52‬‬

‫وإنه لصحيح أن رسول الل ﷺ مل يتزوج عىل خدجية ▲ لكنه غري‬


‫مرشوع أن ُحيتج بذلك لعدم التعدد‪ ،‬وأن ُتقاس و ُتقارن خدجية بغريها من‬
‫الصاحلات يف هذا الزمن‪:‬‬
‫ه‬
‫ومرشق‬ ‫شتان بني مغرب‬ ‫سارت مرشقة وَست مغر ًبا‬
‫فإهنا من سيدات اجلنة‪ ،‬ومن أفضل النساء كام أسلف رسول الل ﷺ‪ ،‬وإهنا‬
‫لل‬
‫املرأة العاقلة‪ ،‬اللبيبة‪ ،‬الصينة‪ ،‬الدينة‪ ،‬الكريمة‪ ،‬ذات خلق ورشف وقد قرأ ا ُ‬
‫ُ‬
‫وجربيل عليها‪ :‬السال َم‪ ،‬وإهنا األوىل التي استجابت لإلسالم ونثرته‪ ،‬وقدمت كل‬
‫يشء ملساندة اإلسالم والذب عنه ونرشه‪ ،‬بامْلا وبنفسها‪ ،‬وإهنا صدقت رسول‬
‫الل ﷺ حني كذبه الناس‪ ،‬وواسته إذ مل ي وا سه أحد‪ ،‬واعتنت به حني فرط فيه‬
‫الناس‪ ،‬ووقفت معه إذ أعرض عنه الناس‪ ،‬ومل تتعرض لرسول الل ﷺ يو ًما من‬
‫األيام باألذى‪ ،‬ومل تعل صوُتا عليه ومل تضجره قط‪.‬‬
‫فلم جيتنب النبي ﷺ ومل يتحاش من الزواج عىل خدجية ▲ لكوهنا‬
‫كانت زوجته األوىل وأم أوالده فحسب‪ ،‬أو لكونه يعتقد كراهية التعدد عىل أم‬
‫األوالد والزوجة األوىل‪ ،‬كام زعم البعض يف اآلونة األخرية‪.‬‬
‫بل إهنا قدمت لإلسالم ولرسول الل ﷺ تقديام عظيام يف بداية اإلسالم‪،‬‬
‫وكانت متخلقة ومتصفة بشامئل محيدة‪ ،‬وكانت زوجة صاحلة ومطيعة‪ ،‬وكان‬
‫رسول الل ﷺ ه‬
‫يكن ْلا املحبة‪ ،‬وكانت األوىل التي نَّصت اإلسالم‪ ،‬ولقد التحق‬
‫أمة عظيمة من املسلمني برسول الل ﷺ‪ .‬فال حيَّص األجور التي اكتسبت خدجية‬
‫فاعله »‪ .‬رواه مسلم‬ ‫▲ إال الل‪ ،‬قال رسول الل ﷺ‪ « :‬من ّ‬
‫دل عىل خري فله أجر‬
‫[‪]53‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫ومل يرد أي نص دل عىل أن رسول الل ﷺ أفرد علة أوالده منها‪ ،‬وكوهنا‬
‫زوجته األوىل لعدم التزوج عليها‪ ،‬ولكن كل فضائلها ومناقبها محلته عىل ذلك‪،‬‬
‫كام أسلفت فيام تقدم‪.‬‬
‫ومن أمجل األحداث التي تطبع يف النفوس و ُت َّذرف األعني‪ :‬مساندُتا لـرسول الل‬
‫ﷺ بعد أن صادف ما يرجفه يف الغار‪ ،‬فجاءها وهو يرجتف قائالً‪ « :‬زملوين‬
‫زملوين »‪ ،‬فزملته حتى خففت عنه‪ ،‬ثم باح خلدجية ▲ عام حل به وعن‬
‫الل أب ًد ا ‪،‬‬ ‫ه‬ ‫خشيته‪ ،‬فخاطبته بمقالة عظيمة وبليغة والئقة‪ َّ « :‬ه‬
‫أبرش فوالل ال ُخيزيك ُ‬
‫كال ح‬
‫ه‬
‫نوائب‬ ‫ني عىل‬ ‫احلديث‪ ،‬وحتمه ُل الكَ َّل‪ ،‬وتَقري َّ‬
‫الضيفَ ‪ ،‬وتُع ُ‬ ‫َ‬ ‫الرح َم‪ ،‬وتصد ُُق‬ ‫ه‬
‫إ نَّك لَتص ُل َّ‬
‫احلق »‪ ،‬رواه البخاري‬
‫ِّ‬
‫فسبحان الل! ما أطيب ُخلق خدجية ▲‪ ،‬وما أعظم إحساهنا لرسول الل‬
‫ﷺ‪ ،‬وما أفصح لساهنا‪ ،‬هذه هي الزوجة الصاحلة التي ختفف عن كرب زوجها‬
‫وتدثر حزنه و ُتذهب مهه باأللفاظ والعبارات واجلمل املوا سية احلسنة التي تبث‬
‫الطمأنينة إىل نفسه‪ ،‬وتستشعره بالراحة‪.‬‬
‫ولقد روى البخاري احلديث املذكور اآلنف بنصه الكامل يف "صحيحه" عن‬
‫سول اّلل ه ﷺ همن الوح هي الر حؤيا الص ه‬ ‫ه‬
‫اد َق ُة يف‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ ح‬ ‫عائشة ▲‪« :‬أَ َّو ُل ما ُبد َئ به َر ُ َّ‬
‫َّث‬‫الن حَّو هم‪َ ،‬فكا َن ال َي َرى ُر حؤ َيا َّإال َجا َء حت همثح َل َف َل هق الصبح هح‪َ ،‬فكا َن َيأحيت هح َرا ًء َفيَتَ َحن ُ‬
‫جي َة َف ُت َز ِّو ُد ُه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ات ال َع َد هد‪ ،‬و َي َت َز َّو ُد‬
‫هف هيه‪ ،‬وهو ال َّتعب ُد‪ ،‬ال َّلي هايل َذو ه‬
‫لذلك‪ُ ،‬ث َّم َي حرج ُع إىل َخد َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫قال له‬ ‫هملهثح هل َها‪ ،‬ح َّتى َف هج َئ ُه احلَق وهو يف َغ هار هح َراء‪َ ،‬ف َجا َء ُه ا َمل َل ُك هف هيه‪َ ،‬ف َ‬
‫قال‪ :‬ا حق َرأ ح‪َ ،‬ف َ‬
‫فأخ َذ هين َف َغطَّنهي حتَّى َب َل َغ همنِّي اجل َ حه ُد‪ُ ،‬ث َّم حأر َس َلنهي‬ ‫لت‪ :‬ما أنَا ب َق هارئ‪َ ،‬‬ ‫النبي ﷺ‪َ :‬ف ُق ُ‬
‫فأخ َذ هين َف َغ َّطنهي ال َّثانهيَ َة حتَّى َب َل َغ همنِّي اجل َ حه ُد‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫لت‪ :‬ما أنَا ب َق هارئ‪َ ،‬‬ ‫قال‪ :‬ا حق َرأ ح‪َ ،‬ف ُق ُ‬
‫َف َ‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]54‬‬

‫فأخ َذ هين َف َغطَّنهي الثَّالهثَ َة ح َّتى َب َل َغ همنِّي‬‫لت‪ :‬ما أ َنا ب َق هارئ‪َ ،‬‬ ‫قال‪ :‬ا حق َرأ ح‪َ ،‬ف ُق ُ‬ ‫حأر َس َلنهي َف َ‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ ْ ْ َ ِّ َ ذ‬
‫ك اَّلِي خل َق ﴾ [العلق‪ - ]9:‬حتَّى َب َل َغ ‪-‬‬ ‫قال‪ ﴿ :‬اقرأ بِاس ِم رب‬ ‫اجل َ حه ُد‪ُ ،‬ث َّم حأر َس َلنهي َف َ‬
‫ف بو ه‬ ‫َ َ َ َْ َ ْ َْ‬ ‫﴿ َعلذ َ‬
‫اد ُر ُه‪ ،‬حتَّى َد َخ َل َ‬
‫عىل‬ ‫اإلنسان ما لم يعلم ﴾ [العلق‪َ .]1:‬ف َر َج َع هبَا َت حر ُج ُ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ه‬ ‫الر حو ُع‪َ ،‬ف َ‬ ‫وين َز ِّم ُل ه‬ ‫قال‪َ :‬ز ِّم ُل ه‬ ‫ه‬
‫جي ُة‪ ،‬ما‬‫قال‪ :‬يا َخد َ‬ ‫ب عنحه َّ‬ ‫وين َف َز َّم ُلو ُه حتَّى َذ َه َ‬ ‫جي َة‪َ ،‬ف َ‬ ‫َخد َ‬
‫اّلل ه ال‬
‫رش‪َ ،‬ف َو َّ‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫عىل َن حفيس َفقا َلتحله‪ :‬ك ََّال‪ ،‬أبح ح‬ ‫يت َ‬ ‫قد َخ هش ُ‬ ‫وقال‪ :‬ح‬ ‫َ‬ ‫يل وأَ حخ َ َرب َها اخل َ َ َرب‪،‬‬
‫وحت هم ُل ال َك َّل‪ ،‬و َت حق هري‬ ‫يث‪ َ ،‬ح‬ ‫الر هح َم‪ ،‬و َت حص ُد ُق احل َ هد َ‬ ‫ه‬
‫اّلل أ َب ًدا‪ ،‬إ َّن َك َل َتص ُل َّ‬ ‫يك َّ ُ‬ ‫ُخي هحز َ‬
‫ب احل َ ِّق‪.‬‬ ‫عىل َن َو هائ ه‬
‫ني َ‬ ‫ف‪ ،‬و ُت هع ُ‬ ‫الض حي َ‬ ‫َّ‬
‫فجمعت من ضمنهن‬
‫ُ‬ ‫وقد رويت حول فضائل خدجية ▲ أمور شتى‪،‬‬
‫التاليات‪:‬‬
‫قال ابن كثري يف "البداية والنهاية" (‪:)210 /3‬‬
‫قال البخاري‪ :‬حدثنا قتيبة‪ ،‬حدثنا حممد بن فضيل بن غزوان‪ ،‬عن عامرة‪ ،‬عن‬
‫أيب زرعة‪ ،‬عن أيب هريرة‪ ،‬قال‪« :‬أتى جربيل النبي ﷺ‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول الل‪ ،‬هذه‬
‫خدجية قد أتت معها إناء فيه إدام ‪ -‬أو طعام أو رشاب ‪ -‬فإذا هي أتتك‪ ،‬فاقرأ عليها‬
‫السالم من رهبا ومني‪ ،‬وبرشها ببيت يف اجلنة من قصب‪ ،‬ال صخب فيه وال نصب»‬
‫وقد رواه مسلم من حديث حممد بن فضيل به‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا مسدد‪ ،‬حدثنا حييى‪ ،‬عن إسامعيل‪ ،‬قال‪ « :‬قلت‬
‫لعبدالله بن أيب أوىف‪ :¶ ،‬برش النبي ﷺ خدجية؟ قال ‪ :‬نعم‪ ،‬ببيت م ن‬
‫أيضا‪ ،‬ومسلم من طرق‪ ،‬عن‬
‫قصب‪ ،‬ال صخب فيه وال نصب»‪ ،‬ورواه البخاري ً‬
‫إسامعيل بن أيب خالد به‪.‬‬
‫[‪]55‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫قال السهيي‪ :‬وإنام برشها ببيت يف اجلنة من قصب ‪ -‬يعني‪ :‬قصب اللؤلؤ ‪-‬؛‬
‫ألهنا حازت قصب السبق إىل اإليامن‪ ،‬ال صخب فيه وال نصب‪ ،‬ألهنا مل ترفع‬
‫صوُتا عىل النبي ﷺ‪ ،‬ومل تتعبه يو ًما من الدهر‪ ،‬فلم تصخب عليه يو ًما‪ ،‬وال آذته‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ً‬
‫وأخرجاه يف " الصحيحني" من حديث هشام بن عروة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة‬
‫غرت عىل امرأ ة للنبي ﷺ م ا غرت عىل خدجية ‪-‬‬
‫ُ‬ ‫▲‪ ،‬أهنا قالت‪ « :‬ما‬
‫وهلكت قبل أن يتزوجني ‪ -‬ملا كنت أسمعه يذكرها‪ ،‬وأمره الل أن يبرشها ببيت‬
‫من قصب‪ ،‬وإن كان ليذبح الشاة فيهدي يف خالئلها منها ما يسعهن»‪ ،‬لفظ‬
‫البخاري‪ ،‬ويف لفظ له عن عائشة‪ « :‬ما غرت عىل امرأة ما غرت عىل خدجية‪ ،‬من‬
‫كثرة ذكر رسول الل ﷺ إياها‪ ،‬قالت‪ :‬وتزوجني بعدها بثالث سنني‪ ،‬وأمره ربه‬
‫عز وجل ‪ -‬أو جربيل ♠ ‪ -‬أن يبرشها ببيت يف اجلنة من قصب»‪ ،‬ويف لفظ‬
‫له‪ ،‬قالت‪ « :‬ما غرت عىل أحد من نساء النبي ﷺ ما غرت عىل خدجية‪ ،‬وما رأيتها‪،‬‬
‫ولكن كان يكثر ذكرها‪ ،‬وربام ذبح الشاة‪ ،‬ثم يقطعها أعضاء‪ ،‬ثم يبعثها يف صدائق‬
‫خدجية‪ ،‬فربام قلت له‪ :‬كأنه مل يكن يف الدنيا امرأ ة إال خدجية‪ ،‬فيقول‪ :‬إهنا كانت‬
‫وكانت‪ ،‬وكان يل منها ولد»‪ .‬انتهى‬
‫اء النبي ﷺ‪َّ ،‬إال َ ه‬ ‫عىل نهس ه‬ ‫ه‬
‫وإين َمل ح‬
‫عىل َخدجيَةَ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وقالت عائشة ▲‪ « :‬ما غ حر ُت َ َ‬
‫قول ‪ :‬أَ حر هس ُل وا هب َا إىل‬ ‫سول الل ه ﷺ إ َذا َذ َب َح َّ‬
‫الش ا َة ‪ ،‬ف َي ُ‬ ‫ت‪َ « :‬وكا َن َر ُ‬ ‫ُأ حد هر حك َها»‪ .‬قا َل ح‬
‫سول الل ه ﷺ « ِّإين‬ ‫قال‪َ :‬ر ُ‬‫لت‪َ :‬خ هدجيَةَ»‪َ ،‬ف َ‬ ‫ه‬
‫أَ حص هد َقاء َخ هدجيَةَ قالَ ح‬
‫ت‪ :‬فأ حغ َضبحت ُ ُه َي حو ًما‪ ،‬فَ ُق ُ‬
‫ت ُح َّب َه ا»‪ .‬أخرجه مسلم‪.‬‬ ‫قد ُر هز حق ُ‬‫ح‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]56‬‬

‫ولقد اشتدت غرية عائشة ▲ من خدجية ▲ ذات يوم إذ استكثر‬


‫النبي ﷺ من ذكرها والثناء عليها‪ ،‬فتلفظت بام أسخط النبي ﷺ واستاء منه‪ ،‬كام‬
‫يف احلديث اآليت‪.‬‬
‫وقال اإلمام أمحد (‪ :)11120‬حدثنا مؤمل أبو عبد الرمحن‪ ،‬حدثنا محاد ‪ -‬هو‬
‫ابن سلمة ‪ ،-‬عن عبد امللك ‪ -‬هو ابن عمري ‪ ،-‬عن موسى بن طلحة‪ ،‬عن عائشة‪،‬‬
‫َب هيف الثَّنَ هاء َع َل حي َها‪َ ،‬فأَ حد َر َكنهي َما‬ ‫جي َة‪َ ،‬فأَطحن َ‬
‫ه‬
‫اّلل ﷺ َي حو ًما َخد َ‬
‫ول ه‬
‫قالت‪َ « :‬ذ َك َر َر ُس ُ َّ‬
‫اّلل ه هم حن َع ُجوز هم حن‬ ‫ول َّ‬ ‫اّلل َيا َر ُس َ‬ ‫ت‪َ :‬ل َق حد َأ حع َق َب َك َّ ُ‬ ‫ُي حد هر ُك الن َِّسا َء هم َن ا حل َغ ح َري هة‪َ ،‬ف ُق حل ُ‬
‫اّلل ه ﷺ َت َغ ًريا َمل ح أَ َر ُه َت َغ َّ َري‬ ‫ول َّ‬ ‫ت‪َ :‬فتَ َغ َّري َو حج ُه رس ه‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ني َقا َل ح‬ ‫الش حد َق ح ه‬‫اء ِّ‬ ‫عج هائ هز ُقريش‪َ ،‬مححر ه‬
‫َ‬ ‫َح‬ ‫َ َ‬
‫اب؟»‪.‬‬ ‫مح ٌة أَ حو َع َذ ٌ‬ ‫خي َل هة َحتَّى َي حع َل َم‪َ :‬ر ح َ‬ ‫ول ا حلوح هي أَو هعن َحد ا َحمل ه‬
‫يشء َقط إه َّال عن َحد ُن ُز ه َ ح ح‬
‫ه‬
‫عن َحد َ ح‬
‫ه‬

‫ت‪:‬‬ ‫وروى مسلم يف "صحيحه" (‪َ )1416‬ع حن أم املؤمنني َع هائ َش َة ▲ َقا َل ح‬


‫ه‬
‫ت)‪.‬‬ ‫جي َة َح َّت ى َم ا َت ح‬ ‫( َمل ح َي َت َز َّو حج ال ن هَّب ي ﷺ َع َىل َخ د َ‬
‫"فتح الباري" (‪َ :)230/0‬و َه َذا هممَّا َال‬ ‫وقال احلافظ ابن حجر‬
‫رها هعنحده َو َع َىل َم هزيد‬ ‫ه‬ ‫ه ه ه‬ ‫ه‬
‫ا حخت َالف فيه َب حني أَ حهل ا حلع حلم به حاألَ حخ َب هار‪ ،‬وفيه َدليل َع َىل عظَ هم َق حد َ‬
‫ه ه‬ ‫ه ه‬

‫ني‪ ،‬هألَنَّ ُه‬ ‫ت به هه به َق حد هر َما اه حش َ َرت َك هف هيه َغ حري َها َم َّر َت ح ه‬ ‫َف حضل َها‪ ،‬هألَ َّهنَا أَ حغنَتح ُه َع حن َغ حري َها‪َ ،‬و ح‬
‫اختَ َّص ح‬
‫خ حم َسة‬ ‫ني َعا ًما‪ ،‬اه حن َف َر َد حت َخ هدجيَة همنح َها به َ‬ ‫اش َب حعد أَ حن َت َز َّو َج َها َث َامنهيَة َو َث َالثه َ‬ ‫ﷺ َع َ‬
‫ني هم حن ا َحمل حج ُموع‪َ ،‬و َم َع طُول ا حمل ُ َّدة َف َصا َن َق حلب َها هفي َها‬ ‫رشي َن َعا ًما َو هه َي َن ححو الث ُلثَ ح ه‬ ‫َو هع ح ه‬
‫الرض هائر ا َّل هذي ُر َّب َام َح َص َل َل ُه ُه َو همنح ُه َما ُي َش ِّوش َع َل حي هه به َذله َك‪،‬‬ ‫ه‬
‫م حن ا حل َغ ح َرية َوم حن َنكَد َّ َ‬
‫ه‬

‫َو هه َي َف هضي َلة َمل ح ُي َش هارك َها هفي َها َغ حري َها‪ ".‬انتهى‬
‫‪" :‬ومل يتزوج يف حياُتا بسواها‪ ،‬جلالْلا وعظم‬ ‫وقال احلافظ ابن كثري‬
‫حملها عنده‪ ".‬انتهى [من الفصول يف سرية الرسول البن كثري (‪])914‬‬
‫[‪]57‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫وقال ابن كثري يف "البداية والنهاية" (‪ :)21٩ /3‬موصفا ملناقبها‪ :‬لسالم‬


‫الرب عليها‪ ،‬وكون ولد النبي ﷺ مجيعهم ‪ -‬إال إبراهيم ‪ -‬منها‪ ،‬وكونه مل يتزوج‬
‫عليها حتى ماتت؛ إكراما ْلا‪ ،‬وتقدم إسالمها‪ ،‬وكوهنا من الصديقات‪ ،‬وْلا مقام‬
‫صدق يف أول البعثة‪ ،‬وبذلت نفسها وماْلا لرسول الل ﷺ‪ .‬انتهى‬
‫معربا عن خدجية ▲ يف "فتح الباري"‪:‬‬
‫ً‬ ‫وقال احلافظ ابن حجر‬
‫وهي أهنا أول من أجاب إىل اإلسالم ودعا إليه وأعان عىل ثبوته بالنفس‬
‫واملال والتوجه التام؛ فلها مثل أجر من جاء بعدها‪ ،‬وال يقدر قدر ذلك إال الل‪.‬‬
‫انتهى‬
‫ومن العجائب التي ال تنقيض يف هذا الزمن؛ أن بعض النساء تزعم أن التعدد‬
‫ال يليق إال برسول الل ﷺ‪ ،‬وعىل الرغم من ذلك تلتجئ لالستدالل بعدم‬
‫زواجه عىل خدجية وتعول عليه لتعرض الرجل عن الزواج عىل زوجته األوىل‪ ،‬ثم‬
‫إن ابتغى الزوج التعدد استدلت بأن الزوج ليس كمثل رسول الل ﷺ وال يؤمتن‬
‫عىل العدل! لكن ملاذا استعانت باالستدالل بعدم زواجه عىل خدجية‪ ،‬وتقصمت‬
‫وتسرتت به لتغر الرجل‪ ،‬فيعرض عن الزواج عىل زوجته األوىل‪ ،‬إن كان‬
‫املطلوب عدم االقتداء به؟!‬
‫لقد تناقضت وتضاربت األساليب املنتَّصة للباطل‪ ،‬والل املستعان‪.‬‬
‫وهذه األساليب تدل عىل أهنم مفلسون يف االستدالالت لعدم التعدد وتنبش‬
‫أن وراء األكمه ما وراءها‪ ،‬وأن محية اجلاهلية أخذُتم عىل التعدد‪ ،‬ومن نافح عن‬
‫الباطل كان التخبط مصريه فيلتجئ ْلذه األساليب التي يندى ْلا اجلبني والتي ال‬
‫تسمن وال تغني من جوع‪ ،‬وال تكون سوى هباء منثور‪ ،‬وختتفي مع الرياح‪،‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]58‬‬

‫حم و ُت حز َهق كرماد اشتدت به الريح ِف يوم‬ ‫وُت ح َلك و ُت حك َبت ُ‬


‫وُت ح َبت وتندثر و ُت حف َ‬ ‫ُ‬
‫اعصف‪.‬‬
‫فمقالتهم خالية من احلجج والرباهني واالستدالالت واالستشهادات‪ ،‬وإهنم‬
‫مل يقدموا نصف نص من الكتاب والسنة يدل عىل عدم احلث‪.‬‬
‫فإن قلنا‪ :‬إن خدجية تتفاوت عن غريها ردت‪ :‬وهل الرجل املقتدي بالتعدد‬
‫كمثل رسول الل ﷺ؟! ما لكم كيف حتكمون‪ !..‬فلامذا احتجت بعدم زواجه‬
‫عىل خدجية إن مل ينبغ االقتداء برسول الل ﷺ؟!‬
‫أم أنه ينبغي لدى بعض النساء أن يقتدي الشخص بعدم زواج رسول الل‬
‫ﷺ عىل خدجية فحسب؟! ولعل الزامهن هبذا ال يقع إال اتباعا للهوى ومهاجاة‬
‫وتسرتا‬ ‫ه‬
‫التعدد وإزالته وإغراقه وتبطيله‪،‬‬ ‫ه‬
‫القضاء عىل‬ ‫عنه‪ ،‬ولبلوغ مرادهن من‬
‫ً‬
‫عىل أنفسهن من الكراهية للتعدد‪ ،‬وتنقي ًبا عن املفر امليئوس من هذه الشعرية‬
‫وتنفريا عنها‪ ،‬وطمعا يف إحداث احليلولة بني التعدد‬
‫ً‬ ‫العظيمة من شعائر اإلسالم‪،‬‬
‫والرجال وعرقلتهم عنه‪.‬‬
‫وأما فيام خيص النصوص الواردة الثابتة الدالة املعتمدة للتعدد يف الكتاب‬
‫والسنة فال ينبغي االقتداء هبا؟!‬
‫وأنا بالطبع لست أقارن الصاحلني بالرسول ﷺ كام تقارن البعض نفسها‬
‫بخدجية ▲‪.‬‬
‫ذَ‬ ‫َ ُ ُّ َ ُ َ ُ ْ ُ َ ْ َ َ‬
‫قال الل عز وجل يف القرآن‪﴿ :‬فال ت َزكوا أنفسكم ه َو أعل ُم بِم ِن اتَق﴾‬
‫[النجم‪.]23:‬‬
‫[‪]59‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫فشتان ما بني املقارنة بالفضل الذي حبى الل خدجية به‪ ،‬وبالدعوة اىل التأيس‬
‫بأعامل رسول الل ﷺ فهو احلامل ْلذا الدين‪ ،‬فمام حث عليه الرشع أن يقتدي‬
‫ويتأسى اإلنسان برسول الل ﷺ ما استطاع إليه سبيالً‪ ،‬لكن هذا ال يقتيض أن‬
‫فضل العامل بسنته مثقال فضل رسول الل ﷺ‪ ،‬والل املستعان‪.‬‬
‫وهل نفهم من هذا االستنتاج احلديث الذي استجد واختلقته بعض النساء‪:‬‬
‫أن رخصة التعدد تستهل بعد موت األوىل فحسب؟ فأين احلجة والربهان من‬
‫الكتاب والسنة لتخصيص مرشوعية التعدد بعد موت األوىل كام زعمت بعض‬
‫النساء؟! فإنه مل يسلفهن‪ ،‬أي أحد من الفقهاء وأهل العلم هبذا القول ومل يقروه‬
‫ومل يؤيدوه‪ ،‬وال حول وال قوة اال بالل‪.‬‬
‫ما أحزن حال بعض النساء‪ ،‬وما وقعن فيه من حتريف النصوص والدالئل‬
‫الواردة الثابتة املحسومة بسبب الغرية العمياء‪ ،‬وتسلط اْلوى والعوا طف عليهن‪،‬‬
‫بينام اجتمعت ا لنصوص الثابتة الواردة عىل مرشوعية التعدد والندب إليه‪ ،‬وفاض‬
‫من هذه النصوص الكتاب والسنة رغم أنف أي أحد‪ ،‬واحلق واضح ومبني‬
‫وجي‪ ،‬واحلق أبلج والباطل جللج‪ ،‬واحلق ال يتزعزع وال خير وال خيضع ألي كائن‬
‫وهو أغىل وأثمن وأقيم إلينا من نفوسنا‪ ،‬فاحلق أكرب من كل كبري‪ ،‬وأعظم من كل‬
‫عظيم كائن من كان‪ ،‬واحلق منصور والباطل مزهوق‪.‬‬
‫واحلق يستلزم ويستوجب اتباعه وتقديمه عىل اْلوى والعوا طف أنى كان‬
‫وحيثام ُوجد‪ ،‬واحلق يبَّصه ويعرتف به ويشهد به أولو القلوب السليمة والنفوس‬
‫املعافاة‪ ،‬وتلك القلوب السليمة والنفوس املعافاة تفر من الباطل وترسع إىل‬
‫متابعة احلق‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]61‬‬

‫فإن األدلة الواردة الثابتة احلتمية التي تسوغ التعدد وتستبني الندب إليه لن‬
‫تتزعزع ملرا وغات املستنكرين وانتقاد املُنحتَ هقدين عىل التعدد والكارهني له‪ ،‬واحلق‬
‫أحق أن يتبع وعىل اجلميع التجرد له واتباعه وعدم تقديم العوا طف عليه‪ ،‬قال‬
‫ذ ُ ََ ذ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ْ َ ِّ ذ‬
‫اْلق إِال الضالل فأن تْصفون ﴾‬ ‫الل عز وجل يف كتابه الكريم‪ ﴿ :‬فماذا بعد‬
‫َ ُ ْ َ َ ْ َ ُّ َ َ َ َ ْ َ ُ ذ ْ َ َ َ َ َ ُ ً‬
‫[يونس‪ ،]23:‬وقال‪﴿ :‬وقل جاء اْلق وزهق اْلا ِطل إِن اْلا ِطل َكن زهوقا﴾ [اإلرساء‪،]39:‬‬
‫وقال ابن القيم رمحه الل تعاىل يف نونيته‪:‬‬
‫تعج ـ ـ ــب فه ـ ـ ــذي س ـ ـ ــنة ال ـ ـ ـ َّـر حمحَن‬ ‫احل ـ ـ ــق َمن ُحص ـ ـ ــور ومم ـ ـ ــتحن َفـ ـ ـ ـ َـال‬
‫َو ح‬
‫و َال ج ـ ـ ـ ّـل َذاك النَّ ـ ـ ــاس طَ هائ َف َت ـ ـ ـ ه‬
‫ـان‬ ‫وب ـ ــذاك يظحه ـ ــر حزب ـ ــه م ـ ــن حزب ـ ــه‬
‫َ‬
‫َوالكفــار مــذ َقــا َم الــورى ســجالن‬ ‫وألج ــل َذاك ح‬
‫احل َ ـ حـرب َب ــني الر ُس ــل‬
‫َفا َتـ ــت ُهنَ ـ ــا كَا َن ـ ــت َل ـ ـ َـدى ال ـ ــد َّيان‬ ‫احل ـ ـ ــق إهن‬
‫لك ـ ـ ــنام العقب ـ ـ ــى أله ـ ـ ــل ح‬
‫فمن املؤسف واملحزن واملؤمل أن اْلوى واجلانب العاطفي استحكام عىل‬
‫بعض النساء فيجحدن وينفني فضل التعدد ويستنكفن عنه ويأبني التجرد للحق‪،‬‬
‫ويقرتفن ويرتكبن املعايص وجيرتمن غري ًة عىل أزواجهن‪ ،‬ويتعدين عىل حدود‬
‫الل‪ ،‬ويقمن بام يسخط الل‪ ،‬ويتناسني إقامة العدل ويتغافلن عن إمضاء‬
‫اإلنصاف‪ ،‬و ُتذهب الغرية ألباهبن‪ ،‬وهن ُحيدثن الضوضاء والقالقل والبلبلة‬
‫والزوبعة‪ ،‬فأصبحت غريُتن بذلك كالغيوم التي تعرقل وتغطي البَّصعن تبصري‬
‫احلق ومتييزه عن الباطل‪ ،‬وحتجزهن عن اتباع احلق واجتناب الباطل‪ ،‬والل‬
‫املستعان‪.‬‬
‫[‪]60‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫حتى بلغ ببعضه ن احلال أن تشيع عمن غارت منها االفرتاءات والبهتان‬
‫والتلفيق واال ختالقات‪ ،‬غري مبالية بمقامها عند الل وغري ملتفتة لذلك‪ ،‬فتشوه‬
‫أمة الل لكنها تشوه نفسها لدى الل‪ ،‬فلربام حسنت هبذه التَّصفات واألباطيل‬
‫واألكاذيب مقامها عند زوجها‪ ،‬لكن الل ليس بغافل عنها ولن يدوم هذا الباطل‬
‫فسيكبته الل وهيبته‪ ،‬وسيقتص الل لكل مظلوم‪ ،‬إن مل يكن يف الدنيا ففي يوم‬
‫بعضا يوم جتتمع اخلصوم عند‬
‫حتام‪ ،‬فاملوعد عند الل‪ ،‬ويومئذ ستلقيان ً‬
‫الدين ً‬
‫مليك مقتدر‪ ،‬فيحدث الفصل ويتبني احلق و ُيزهق الباطل‪ ،‬ويقتص الل لكل‬
‫مظلوم‪ ،‬فإنه ينَّص املظلوم وجيزي الظامل بام يعمل وأنى يؤفك‪ ،‬فجزاء كل ظامل‬
‫آت وقادم ال حمالة‪.‬‬
‫فمن افرتت عىل أختها يف الل فقد قبحت مقامها عند الل‪ ،‬واملقام عند الل‬
‫ُ َ َ ُّ َ ْ َ ْ َ‬
‫أعظم مقام‪ ،‬قال الل تبارك وتعاىل يف كتابه الكريم‪َ ﴿ :‬والل أحق أن َتشاهُ﴾‬
‫[األحزاب‪.]21:‬‬
‫الل أحق أن ختشاه من َخ حل هقه‪ ،‬فالواجب أن ختشى‬ ‫فلتدرك ولتع املرأ ُة أن َ‬
‫اخلالق َر َّب اخل َ حل هق الذي َخ َل َق اخل َ َل َق‪ ،‬فهو شاهد عليها ومطلع وبصري وعليم وال‬
‫َ‬
‫يفوته يشء وال يغفل عن يشء‪ ،‬فإن مل يعاقبها الل يف الدنيا‪ ،‬فإنام يؤخرها ليوم‬
‫حتام‪ ،‬فالفصل سيتم يو َم‬ ‫ه‬
‫تشخص فيه األبصار‪ ،‬فلها لقاء باملظلومة بني يدي الل ً‬
‫جتتمع اخلصوم‪ ،‬يو َم يقوم اإلنس واجلن أمام رهبم فيحاسبهم الل‪ ،‬يو َم ال ينفع‬
‫مال وال بنون إال من أتى الل بقلب سليم‪ ،‬ويو َم تسود وجوه وتبيض وجوه‪،‬‬
‫وتشخص فيه األبصار‪ ،‬فذلك اليوم هو يوم الدين ويوم القيامة فيومئذ سريي الل‬
‫كل ظامل ما عمل فيجزيه بام عمل ويرفع الظلم وينزع البغي والطغيان‪ ،‬ويشهد‬
‫‪‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]62‬‬

‫الثقالن عيا ًنا ويبَّص اجلن واإلنس رأي العني مفعوليات وعواقب أعامْلم‬
‫بحذافريها‪.‬‬
‫فوالل إن الظلم داء رهيب وبشع ويفيض إىل سخط رب العاملني‪ ،‬وهو العليم‬
‫اخلبري مليك مقتدر ملك امللك ورب الساموات واألرض العظيم املتكرب العزيز‬
‫اخلالق بيده ملكوت كل يشء وهو جيري وال جيار عليه ومع ذلك فال يظلم َخ حل َقه‬
‫خ حل هق أن َيظح هل َم َخ حل َقه!!‬
‫مع عزته وجربوته‪ ،‬فكيف يأذن لل َ‬
‫والوعيد الشديد الذي أطلقه رسول الل ﷺ عىل هؤالء الظاملني قادم‪ ،‬إذ‬
‫قال رسول الل ﷺ‪ « :‬من قال يف مؤمن ما ليس فيه أسكنه الل ردغة اخلبال حتى خيرج‬
‫مما قال »‪[ .‬رواه أبو داود وصححه األلباين]‪.‬‬
‫َ ذ َ ُُْ َ ُْ ْ َ َ ُْ ْ َ‬
‫وقال الل سبحانه وتعاىل يف كتابه الكريم‪ ﴿ :‬واَّلِين يؤذون المؤمِنِي والمؤمِن ِ‬
‫ات‬
‫َْ َ َْ َ ُ ََ َْ َُ َُْ ً ْ ً ُ ً‬
‫ري ما اكتسبوا فق ِد احتملوا بهتانا َوإِثما مبِينا ﴾ [األحزاب‪]13:‬‬
‫بِغ ِ‬
‫ثم ال يعتمد ويعول عدم زواج عىل وجه داللة لعدم التعدد‪ ،‬وإن رسول الل‬
‫ﷺ مل يلزم العباد بعدم الزواج عىل األوىل ما عدا بعد موُتا‪ ،‬ومل يدع لذلك ومل ينه‬
‫عن التعدد‪ ،‬بل تزوج عىل عائشة‪ ،‬ولقد كانت عائشة أحب الناس إليه كام رصح‬
‫وأفصح وفضلها عىل سائر زوجاته‪ ،‬وإهنا كانت االوىل التي نكحها بعد وفاة‬
‫خدجية ▲‪.‬‬
‫وإن الل برأها من فوق سبع ساموات‪ ،‬وإهنا العاملة وأعلم امرأ ة باإلطالق‬
‫ه‬
‫يستغن عنها فقيه وال عامل‪ ،‬والتي حفت كتب احلديث برواياُتا‪.‬‬ ‫التي مل‬
‫الفصيحة التي مكنها الل من العلوم‪ ،‬العاقلة واحلافظة التي برأها الل من‬
‫الفاحشة يف القرآ ن واملساجد يو ًما بعد يوم تعمر بتالوة اآليات العرش التي تتعلق‬
‫[‪]63‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫هبا‪ ،‬ومل ينزل الوحي إىل رسول الل ﷺ يف حلاف امرأة غريها‪ ،‬وإهنا التي ذكر‬
‫عنها الرسول ﷺ أن فضلها عىل سائر النساء كالثريد عىل سائر الطعام‪ ،‬والتي‬
‫أبَّصها رسول الل ﷺ يف رويا قبل أن حيدث زواجه هبا والتي قرأ جربيل عليها‬
‫السالم‪.‬‬
‫ولقد تويف رسول الل ﷺ بينام كان متكئًا عىل صدرها‪ ،‬كام روت عائشة‬
‫اّلل ه ﷺ َل َي َت َع َّذ ُر هيف‬
‫ول َّ‬ ‫ت‪« :‬إ حن كَا َن َر ُس ُ‬ ‫▲‪َ :‬ع حن ُع حر َو َة‪َ ،‬ع حن َع هائ َش َة‪َ ،‬قا َل ح‬
‫استه حبطَا ًء له َي حو هم َع هائ َش َة‪َ ،‬ف َل َّام كَا َن َي حو همي‪َ ،‬ق َب َض ُه‬ ‫ه ه‬
‫َم َرضه‪ :‬أَ حي َن أَنَا ال َي حو َم؟ أَ حي َن أَنَا َغ ًدا؟ ح‬
‫ني َس حح هري َو َن حح هري‪َ ،‬و ُد هف َن هيف َب حيتهي»‪[ ،‬رواه البخاري (‪ )9231‬ومسلم (‪.])3442‬‬ ‫اّلل َب ح َ‬
‫َّ ُ‬
‫الر حمح هَن‬ ‫ه‬
‫وعن عبد الرمحن بن القاسم‪ ،‬عن أبيه‪َ ،‬ع حن َعائ َش َة‪ ،‬قالت‪َ « :‬د َخ َل َعبح ُد َّ‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫الر حمح هَن س َوا ٌك َرطح ٌ‬
‫ب‬ ‫حب ُن أَ هيب َب حكر َع َىل النَّبه ِّي ﷺ َوأَنَا ُم حسن َد ُت ُه إه َىل َص حد هري‪َ ،‬و َم َع َعبحد َّ‬
‫الس َوا َك َف َق هض حم ُت ُه‪َ ،‬و َن َف حض ُت ُه‬ ‫ول ه‬ ‫ه‬
‫َّص ُه‪َ ،‬ف َأ َخ حذ ُت ِّ‬ ‫اّلل ﷺ َب َ َ‬ ‫َي حس َتن هبه‪َ ،‬ف َأ َب َّد ُه َر ُس ُ َّ‬
‫استهنَا ًنا‬ ‫ول ه‬
‫استَ َّن ح‬ ‫اّلل ﷺ ح‬ ‫ت َر ُس َ َّ‬ ‫استَ َّن به هه‪َ ،‬ف َام َرأَ حي ُ‬
‫َوطَ َّي حبتُ ُه‪ُ ،‬ث َّم َد َف حعتُ ُه إه َىل النَّبه ِّي ﷺ َف ح‬
‫اّلل ه ﷺ َر َف َع َي َد ُه أَ حو إه حص َب َع ُه ُث َّم َق َال‪ :‬هيف‬ ‫ول َّ‬ ‫َقط أَ حح َس َن همنح ُه‪َ ،‬ف َام َع َدا أَ حن َف َر َغ َر ُس ُ‬
‫ه ه‬
‫ني َحاقنَتي َو َذاقنَتي»‪[ .‬رواه‬
‫ات ب َ ه ه‬ ‫ت َت ُق ُ‬ ‫الر هف هيق األَ حع َىل‪َ .‬ثالَ ًثا‪ُ ،‬ث َّم َق َىض‪َ ،‬وكَا َن ح‬
‫ول‪َ :‬م َ َ ح‬ ‫َّ‬
‫البخاري (‪.])4423‬‬
‫تعاىل‪ :‬ما بني احلاقنة والذاقنة هو ما بني السحر‬ ‫قال احلافظ ابن حجر‬
‫والنحر‪ ،‬واملراد أنه مات ورأسه بني حنكها وصدرها ﷺ ورض عنها‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫[" فتح الباري" (‪])921 / 3‬‬

‫ورغم كل ذلك‪ ،‬فلم يمتنع عن الزواج عليها‪ ،‬ومل تقيده حمبته ْلا وعظم‬
‫فضلها لديه عن التزوج عليها‪ ،‬فلتؤخذ العربة من قبل من يعترب‪ ،‬فاعتربوا يا أويل‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]64‬‬

‫األبصار‪ ،‬فإن ذلك دال عىل أن التعدد رشع جلميع الرجال املمتلكني للعدل وال‬
‫يشرتط أن يكره الرجل زوجته أو أن تكون ناقصة أو أن يكون غري مكتفي هبا أو‬
‫أال تكون زوجته األوىل‪.‬‬
‫وهذا األمر يقتيض كذلك‪ :‬أن الزواج عىل الزوجة ليس من دالئل وعالمات‬
‫عدم وجود املحبة ْلا‪.‬‬
‫ورجسا ُيطهر‬
‫ً‬ ‫يا أسفاه عىل النساء الاليت يعدن زواج أزواجهن عليهن إهان ًة‬
‫وظلام وبغ ًيا وطغيا ًنا‪ ،‬مع العلم أن رسول الل ﷺ تزوج عىل‬
‫ً‬ ‫و ُيتنزه منه وجريم ًة‪،‬‬
‫زوجاته وهن أمهات املؤمنني ومن خري النساء‪،‬‬
‫فهل رسول الل ﷺ أهان وآذى أمهات املؤمنني ومن يعدن من خري‬
‫النساء؟! وهل الصحابة أهانوا وآذوا الصحابيات الصاحلات اجلليالت‬
‫الفاضالت؟! وهل التابعون أهانوا وآذوا التابعات الصاحلات الفاضالت‬
‫اجلليالت؟! فإهنن من خري النساء وال وجه للمقارنة بينهن وبني الصاحلات يف‬
‫هذا الزمن البتة‪ ،‬وعىل الرغم من ذلك فلقد تزوج عليهن أزواجهن!‬
‫فهل أصبح قدر وقيمة وفضيلة النساء يف هذا الزمن أعظم منهن؟! وهل تعلو‬
‫عليهن صاحلات هذا الزمن؟!‬
‫وهل كان رسول الل ﷺ والصحابة والتابعون ومن اتبعهم بإحسان ال‬
‫جيلون وال يقدرون وال حيرتمون زوجاُتم حيث تزوجوا عليهن؟! فال حول وال‬
‫قوة إال بالل‪.‬‬
‫فقمت بجمع‬
‫ُ‬ ‫ولقد وردت فضائل عائشة ▲ يف السنة بشكل واسع‪،‬‬
‫بعضهن فإهنن اآلتية‪.‬‬
‫[‪]65‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫قال ابن كثري يف "البداية والنهاية"‪ :‬زوجة رسول الل ﷺ‪ ،‬وأحب أزواجه‬
‫إليه‪ ،‬املربأة من فوق سبع ساموات‪ ،▲ ،‬وأمها هي أم رومان بنت عامر بن‬
‫عويمر الكنانية‪ ،‬تكنى عائشة بأم عبد الل‪ ،‬قيل‪ :‬كناها بذلك رسول الل ﷺ؛‬
‫بابن أختها عبد الل بن الزبري‪ ،‬وقيل‪ :‬إهنا أسقطت من رسول الل ﷺ سقطًا‪،‬‬
‫فسامه عبد الل‪.‬‬
‫بكرا غريها‪ ،‬ومل ينزل عليه الوحي يف حلاف امرأة‬
‫ومل يتزوج رسول الل ﷺ ً‬
‫غريها‪ ،‬ومل يكن يف أزواجه أحب إليه منها‪ ،‬تزوجها بمكة بعد وفاة خدجية‪ ،‬وقد‬
‫أتاه امللك هبا يف املنام يف َسقة من حرير‪ ،‬مرتني أو ثال ًثا‪ ،‬فيقول‪ :‬هذه زوجتك‪.‬‬
‫قال‪ « :‬فأكشف عنك فإذا هي أنت‪ ،‬فأقول ‪ :‬إن يكن هذا من عند الل يمضه » ‪.‬‬
‫فخطبها من أبيها فقال‪ :‬يا رسول الل‪ ،‬أو حتل لك؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬أولست أخاك؟‬
‫قال‪ :‬بىل‪ ،‬يف اإلسالم‪ ،‬وهي يل حالل»‪ ،‬فتزوجها رسول الل ﷺ فحظيت عنده‪،‬‬
‫وقد قدمنا ذلك يف أول السرية‪ ،‬وكان ذلك قبل اْلجرة بسنتني‪ ،‬وقيل‪ :‬بسنة‬
‫ونصف‪ .‬وقيل‪ :‬بثالث سنني‪ .‬وكان عمرها إذ ذاك ست سنني‪ ،‬ثم دخل هبا وهي‬
‫بنت تسع سنني بعد بدر يف شوا ل من سنة ثنتني من اْلجرة فأحبها‪ ،‬وملا تكلم فيها‬
‫أهل اإلفك بالزور والبهتان غار الل ْلا‪ ،‬فأنزل ْلا براءُتا يف عرش آيات من القرآن‬
‫تتىل عىل تعاقب األزمان‪ ،‬وقد ذكرنا ذلك مفصالً فيام سلف‪ ،‬ورشحنا اآليات‬
‫واألحاديث الواردة يف ذلك يف غزوة املريسيع‪ ،‬وبسطنا ذلك أيضا يف كتاب‬
‫"التفسري" بام فيه كفاية ومقنع‪ ،‬ولل احلمد واملنة‪ ،‬وقد أمجع العلامء عىل تكفري من‬
‫قذفها بعد براءُتا‪ ،‬واختلفوا يف بقية أمهات املؤمنني‪ ،‬هل يكفر من قذفهن أم ال؟‬
‫عىل قولني‪ ،‬وأصحهام أنه يكفر؛ ألن املقذوفة زوجة رسول الل ﷺ‪ ،‬والل تعاىل‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]66‬‬

‫إنام غضب ْلا؛ ألهنا زوجة رسول الل ﷺ‪ ،‬فهي وغريها منهن سواء‪ ،‬ومن‬
‫خصائصها ▲‪ ،‬أهنا كان ْلا يف القسم يومان؛ يومها ويوم سودة حني وهبتها‬
‫ذلك تقربا إىل رسول الل ﷺ‪ ،‬وأنه مات يف يومها ويف بيتها‪ ،‬وبني سحرها‬
‫ونحرها‪ ،‬ومجع الل بني ريقه وريقها يف آخر ساعة من ساعاته من الدنيا‪ ،‬وأول‬
‫ساعة من اآلخرة‪ ،‬ودفن يف بيتها‪.‬‬
‫وقد قال اإلمام أمحد‪ :‬حدثنا وكيع‪ ،‬عن إسامعيل‪ ،‬عن مصعب بن إسحاق بن‬
‫طلحة‪ ،‬عن عائشة‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪ « :‬إنه ليهون عي أين رأيت بياض كف عائشة‬
‫يف اجلنة »‪ .‬تفرد به أمحد‪ .‬وهذا يف غاية ما يكون من املحبة العظيمة؛ أنه يرتاح ألنه‬
‫رأى بياض كفها أمامه يف اجلنة‪.‬‬
‫ومن خصائصها‪ :‬أهنا أعلم نساء النبي ﷺ‪ ،‬بل هي أعلم النساء عىل‬
‫اإلطالق؛ قال الزهري‪ :‬لو مجع علم عائشة إىل علم مجيع أزواج النبي ﷺ‪ ،‬وعلم‬
‫مجيع النساء‪ ،‬لكان علم عائشة أفضل‪.‬‬
‫وقال عطاء بن أيب رباح‪ :‬كانت عائشة أفقه الناس‪ ،‬وأعلم الناس‪ ،‬وأحسن‬
‫الناس رأيا يف العامة‪.‬‬
‫وقال عروة‪ :‬ما رأيت أحدا أعلم بفقه وال طب وال شعر من عائشة‪ ،‬ومل ه‬
‫ترو‬
‫امرأة وال رجل‪ ،‬غري أيب هريرة‪ ،‬عن رسول الل ﷺ من األحاديث بقدر روايتها‪،‬‬
‫▲‪.‬‬
‫وقال أبو موسى األشعري‪ :‬ما أشكل علينا ‪ -‬أصحاب حممد ﷺ ‪ -‬حديث‬
‫قط فسألنا عائشة‪ ،‬إال وجدنا عندها منه علام‪ .‬رواه الرتمذي‪.‬‬
‫[‪]67‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫وقال أبو الضحى عن مرسوق‪ :‬رأيت مشيخة أصحاب حممد األكابر يسألوهنا‬
‫عن الفرائض‪.‬‬
‫ثم مل يكن يف النساء أعلم من تلميذاُتا؛ عمرة بنت عبد الرمحن‪ ،‬وحفصة بنت‬
‫سريين‪ ،‬وعائشة بنت طلحة‪ ،‬وقد تفردت أم املؤمنني عائشة‪ ،▲ ،‬بمسائل‬
‫أخبارا‬
‫ً‬ ‫أيضا‪ ،‬وردت‬
‫من بني الصحابة مل توجد إال عندها‪ ،‬وانفردت باختيارات ً‬
‫بخالفها بنوع من التأويل‪ ،‬وقد مجع ذلك غري واحد من األئمة‪.‬‬
‫وقال الشعبي‪ :‬كان مرسوق إذا حدث عن عائشة‪ ،‬قال‪ :‬حدثتني الصديقة‬
‫بنت الصديق‪ ،‬حبيبة حبيب الل‪ ،‬املربأة من فوق سبع ساموات‪ .‬انتهى‬
‫أيضا يف "البداية والنهاية"‪" :‬وثبت يف "صحيح البخاري" «أن‬
‫وقال ابن كثري ً‬
‫الناس كانوا يتحرون هبداياهم يوم عائشة‪ ،‬فاجتمع أزواج النبي ﷺ إىل أم‬
‫سلمة‪ ،‬وقلن ْلا‪ :‬قويل له يأمر الناس أن هيدوا إليه حيث كان‪ ،‬فقالت أم سلمة‪:‬‬
‫فلام دخل عي قلت له ذلك‪ ،‬فأعرض عني‪ .‬ثم قلن ْلا ذلك‪ ،‬فقالت له‪ ،‬فأعرض‬
‫عنها‪ ،‬ثم ملا دار إليها قالت له‪ ،‬فقال‪ :‬يا أم سلمة‪ ،‬ال تؤذيني يف عائشة‪ ،‬فإنه والل‬
‫ما نزل عي الوحي وأنا يف حلاف امرأة منكن غريها‪.‬‬
‫وذكر أهنن بعثن فاطمة ابنته إليه‪ ،‬فقالت‪ :‬إن نساءك ينشدنك العدل يف ابنة‬
‫أيب بكر بن أيب قحافة‪ .‬فقال‪ :‬يا بنية‪ ،‬أال حتبني من أحب؟ قالت‪ :‬قلت‪ :‬بىل‪ .‬قال‪:‬‬
‫فأحبي هذه‪.‬‬
‫ثم بعثن زينب بنت جحش‪ ،‬فدخلت عىل رسول الل ﷺ وعنده عائشة‪،‬‬
‫فتكلمت زينب‪ ،‬ونالت من عائشة‪ ،‬فانتَّصت عائشة منها‪ ،‬وكلمتها حتى‬
‫أفحمتها‪ ،‬فجعل رسول الل ﷺ ينظر إىل عائشة‪ ،‬ويقول‪ « :‬إهنا ابنة أيب بكر»‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]68‬‬

‫وذكرنا أن عام ًرا ملا جاء يستَّصخ الناس ويستنفرهم إىل قتال طلحة والزبري‬
‫أيام اجلمل‪ ،‬صعد هو واحلسن بن عي عىل منرب الكوفة فسمع عامر رجالً ينال من‬
‫منبوحا‪ ،‬والل إهنا لزوجة رسول الل ﷺ يف‬
‫ً‬ ‫مقبوحا‬
‫ً‬ ‫عائشة‪ ،‬فقال له‪( :‬اسكت‬
‫الدنيا ويف اآلخرة‪ ،‬ولكن الل ابتالكم ليعلم إياه تطيعون أو إياها)‪.‬‬
‫وقال اإلمام أمحد‪ :‬حدثنا معاوية بن عمرو‪ ،‬ثنا زائدة‪ ،‬ثنا عبد الل بن خثيم‪،‬‬
‫حدثني عبد الل بن أيب مليكة‪ ،‬أنه حدثه ذكوان حاجب عائشة‪ ،‬أنه جاء عبد الل بن‬
‫عباس يستأذن عىل عائشة‪ ،‬فجئت وعند رأسها ابن أخيها عبد الل بن عبد‬
‫الرمحن‪ ،‬فقلت‪ :‬هذا ابن عباس يستأذن‪ .‬فأكب عليها ابن أخيها عبد الل فقال‪:‬‬
‫هذا عبد الل بن عباس يستأذن‪ ،‬وهي متوت‪ ،‬فقالت‪ :‬دعني من ابن عباس‪ .‬فقال‪:‬‬
‫يا أمتاه‪ ،‬إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك‪ .‬فقالت‪ :‬ائذن له إن‬
‫شئت‪ .‬قال‪ :‬فأدخلته‪ ،‬فلام جلس قال‪ :‬أبرشي‪ .‬فقالت‪ :‬بامذا؟ فقال‪ :‬ما بينك وبني‬
‫حممدا ﷺ واألحبة إال أن خترج الروح من اجلسد‪ ،‬كنت أحب نساء‬
‫ً‬ ‫أن تلقي‬
‫رسول الل ﷺ إليه‪ ،‬ومل يكن رسول الل ﷺ حيب إال طي ًبا‪ ،‬وسقطت قالدتك‬
‫ليلة األبواء فأصبح رسول الل ﷺ حتى يصبح يف املنزل‪ ،‬وأصبح الناس وليس‬
‫معهم ماء‪ ،‬فأنزل الل آية التيمم‪ ،‬فكان ذلك يف سببك‪ ،‬وما أنزل الل من الرخصة‬
‫ْلذه األمة‪ ،‬وأنزل الل براءتك من فوق سبع ساموات‪ ،‬جاء هبا الروح األمني‪،‬‬
‫فأصبح ليس لل مسجد من مساجد الل إال يتىل فيه آناء الليل وآناء النهار‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬دعني منك يا ابن عباس‪ ،‬والذي نفيس بيده لوددت أين كنت نس ًيا منس ًيا‪.‬‬
‫انتهى‬
‫[‪]69‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫اّلل ه ﷺ ُك َّن‬ ‫سول َّ‬ ‫روى البخاري يف "صحيحه"‪ :‬قالت عائشة أ َّن نهساء ر ه‬
‫َ َ َ‬
‫اآلخ ُر أُم َس َل َم َة‬ ‫واحل حز ُب َ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫هح حز َب ح ه‬
‫وس حو َد ُة‪،‬‬‫وصف َّي ُة َ‬ ‫وح حف َص ُة َ‬ ‫ني‪َ ،‬فح حز ٌب فيه َعائ َش ُة َ‬
‫سول ه‬ ‫سول اّلل ه ﷺ‪ ،‬وكا َن املس هلمو َن ح ه‬ ‫ه ه ه‬
‫اّلل ﷺ‬ ‫ب َر ه َّ‬ ‫قد َعل ُموا ُح َّ‬ ‫ُح ُ‬ ‫وسائ ُر ن َساء َر ه َّ‬ ‫َ‬
‫أخ َر َها‪،‬‬ ‫اّلل ه ﷺ َّ‬ ‫سول َّ‬ ‫يد أ حن هي هدهيا إىل ر ه‬
‫َ‬ ‫ُح ََ‬ ‫أح هد هه حم َه هد َّي ٌة ُي هر ُ‬ ‫ت عن َحد َ‬
‫َع هائ َش َة‪َ ،‬ف هإ َذا كَا َن ح ه‬
‫ب اْل هد َّي هة هبا إىل ر ه‬ ‫ه‬ ‫ت َع هائ َش َة‪َ ،‬ب َع َ‬ ‫سول اّلل ه ﷺ يف بي ه‬
‫سول‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ث َصاح ُ َ‬ ‫َح‬ ‫حتَّى إ َذا كا َن َر ُ َّ‬
‫سول ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه ه‬ ‫ه‬
‫اّلل ﷺ‬ ‫اّلل ﷺ يف َب حيت َعائ َش َة‪َ ،‬ف َك َّل َم ح حز ُب أُ ِّم َس َل َم َة َف ُق حل َن َْلَا‪َ :‬ك ِّلمي َر َ َّ‬ ‫َّ‬
‫اّلل ه ﷺ َه هد َّي ًة‪َ ،‬ف حل ُي حه هد هه إ َل حي هه‬ ‫سول َّ‬ ‫قول‪ :‬من أرا َد أ حن هي هد َي إىل ر ه‬
‫َ‬ ‫ُح‬ ‫َّاس‪ ،‬ف َي ُ َ َ‬ ‫ُي َك ِّل ُم الن َ‬
‫وت نه َس هائ هه‪َ ،‬ف َك َّل َمتح ُه أُم َس َل َم َة بام ُق حل َن‪َ ،‬ف َل حم َي ُق حل َْلَا شيئًا‪َ ،‬ف َسأَ حلنَ َها‪،‬‬ ‫ث كا َن همن بي ه‬
‫ُُ‬ ‫َح حي ُ‬
‫أيضا‪َ ،‬ف َل حم‬ ‫ني َد َار إ َليح َها ً‬ ‫ت‪َ :‬ف َك َّل َمتح ُه هح َ‬ ‫قال يل شيئًا‪َ ،‬ف ُق حل َن َْلَا‪َ :‬ف َك ِّل هم هيه‪ ،‬قا َل ح‬ ‫ت‪ :‬ما َ‬ ‫َفقا َل ح‬
‫قال يل شيئًا‪َ ،‬ف ُق حل َن َْلَا‪َ :‬ك ِّل هم هيه حتَّى ُي َك ِّل َم هك‪،‬‬ ‫ت‪ :‬ما َ‬ ‫َي ُق حل َْلَا شيئًا‪َ ،‬ف َسأَ حلنَ َها‪َ ،‬فقا َل ح‬
‫الو حح َي َمل ح َيأحتهنهي وأَ َنا يف َث حو هب‬ ‫ه‬ ‫ه ه‬
‫قال َْلَا‪ :‬ال ُت حؤذيني يف َعائ َش َة؛ فإ َّن َ‬ ‫َف َد َار إ َل حي َها َف َك َّل َم حت ُه‪َ ،‬ف َ‬
‫اّلل ه‪ُ .‬ث َّم َّإهن ُ َّن‬ ‫سول َّ‬ ‫اّلل ه همن أ َذا َك يا َر َ‬ ‫وب إىل َّ‬ ‫ت‪ :‬أتُ ُ‬ ‫ت‪َ :‬فقا َل ح‬ ‫ا حم َرأ َة َّإال َع هائ َش َة‪ ،‬قا َل ح‬
‫ول‪ :‬إ َّن‬ ‫اّلل ه ﷺ َت ُق ُ‬ ‫سول َّ‬ ‫ت إىل ر ه‬
‫َ‬ ‫اّلل ﷺ‪ ،‬ف حأر َس َل ح‬
‫سول ه‬
‫حت َر ه َّ‬ ‫َد َع حو َن َفاطه َم َة بن َ‬
‫ني ما‬ ‫حتبِّ َ‬ ‫قال‪ :‬يا بنَي ُة‪َ ،‬أال ُ ه‬ ‫حت هأيب َب حكر‪َ ،‬ف َك َّل َمتح ُه َف َ‬ ‫نهساء َك ين ُحش حد َن َك اّلل الع حد َل يف بن ه‬
‫ُ َّ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ت أ حن‬ ‫فأخ َ َرب حُت ُ َّن‪َ ،‬ف ُق حل َن‪ :‬حار هج هعي إ َليح هه‪ ،‬فأبَ ح‬ ‫ت إ َليح هه َّن‪ ،‬ح‬ ‫ت‪َ :‬ب َىل‪َ ،‬ف َر َج َع ح‬ ‫أُ هحب؟ قا َل ح‬
‫ت‪ :‬إ َّن نه َسا َء َك َين ُحش حد َن َك‬ ‫ت‪ ،‬وقا َل ح‬ ‫حت َج ححش‪ ،‬فأتَتح ُه‪ ،‬فأ حغ َلظَ ح‬ ‫َب بن َ‬ ‫فأر َس حل َن َز حين َ‬ ‫َت حرج َع‪ ،‬ح‬
‫ه‬

‫اع َد ٌة‬ ‫ت َع هائ َش َة وهي َق ه‬ ‫َاو َل ح‬ ‫حت ا حب هن هأيب ُق َحا َف َة‪َ ،‬ف َر َف َع ح‬ ‫اّلل الع حد َل يف بن ه‬
‫ت َص حو َُتَا ح َّتى َتن َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫ت‬ ‫قال‪َ :‬فتَ َك َّل َم ح‬ ‫هل َت َك َّل ُم؟ َ‬ ‫سول ا َّّلل ه ﷺ َل َينحظُ ُر إىل َع هائ َش َة‪ :‬ح‬ ‫َف َس َّبتح َها‪ ،‬حتَّى إ َّن َر َ‬
‫وقال‪َّ :‬إهنَا‬ ‫ت‪َ :‬فنَظَ َر النَّبي ﷺ إىل َع هائ َش َة‪َ ،‬‬ ‫أس َكتَتح َها‪ ،‬قا َل ح‬ ‫َب حتَّى ح‬ ‫عىل َز حين َ‬‫َع هائ َش ُة َت ُرد َ‬
‫حت هأيب َب حكر‪.‬‬ ‫بن ُ‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]71‬‬

‫كان رسول الل ﷺ يعدل عدالً با ًتا‪ ،‬ولكن تأثرت يومئذ عىل أمهات‬
‫املؤمنني الغرية من املنزلة العظمى التي ملكت عائشة ▲ لدى رسول الل‬
‫ﷺ‪ ،‬فنافح عنها كام ورد يف احلديث اآلنف‪.‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر معل ًقا عىل احلديث اآلنف يف الفتح الباري‪ :‬ويف هذا‬
‫احلديث منقبة ظاهرة لعائشة‪ ،‬وأنه ال حرج عىل املرء يف إيثار بعض نسائه‬
‫بالتحف‪ ،‬وإنام الالزم العدل يف املبيت‪ ،‬والنفقة ونحو ذلك من األمور الالزمة‪.‬‬
‫كذا قرره ابن بطال عن املهلب‪ .‬انتهى‬
‫ولقد فصل احلافظ ابن حجر‪ ،‬ماذا عنت أمهات املؤمنني بالعدل يف احلديث‬
‫اآلنف‪ ،‬يف كتابه "فتح الباري"‪ :‬واملراد به التسوية بينهن يف كل يشء من املحبة‬
‫وغريها‪ .‬انتهى‬
‫حييَى حب ُن ُبك حَري‪َ ،‬ح َّد َثنَا‬ ‫* قال اإلمام البخاري رمحه الل (‪َ :)3060‬ح َّد َثنَا َ ح‬
‫ت‪َ :‬ق َال‬ ‫ث َع حن ُيو ُن َس‪َ ،‬ع حن ا حب هن هش َهاب‪َ ،‬ق َال أَ ُبو َس َل َم َة‪ :‬إن َع هائ َش َة ▲ َقا َل ح‬ ‫ال َّل حي ُ‬
‫محة ُ‬ ‫الس َال ُم َو َر ح َ‬ ‫ه‬
‫الس َال َم فَقُلحتُ َو َعلَيحه َّ‬
‫ه‬
‫يل ُي حق هرئُك َّ‬‫اّلل ه ﷺ َي حو ًما‪َ « :‬ي ا َعائ ه َش َهذَا هج ح هرب ُ‬ ‫ول َّ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫اّلله ﷺ»‪.‬‬ ‫ول َّ‬ ‫اّلله َو َب َر َك ا ُت ُه ت ََر ى َم ا َال أَ َر ى ت هُر ي ُد َر ُس َ‬‫َّ‬
‫‪َ ،‬أ َّن النَّبه َّي ﷺ‪َ ،‬ب َعثَ ُه‬ ‫َع حن َأ هيب ُعثح َام َن‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ح َّد َثنهي َع حم ُرو حب ُن ال َع ه‬
‫اص‬
‫َّاس أَ َحب إه َليح َك؟ َق َال‪َ « :‬ع ائه َش ُة »‪،‬‬ ‫ت‪ :‬أَي الن ه‬ ‫ات السال هَس هل‪َ ،‬فأَتَيحتُ ُه َف ُق حل ُ‬‫ش َذ ه‬‫َع َىل َجيح ه‬
‫اب » َف َع َّد‬ ‫ن اخلَط َّ ه‬ ‫ت‪ُ :‬ث َّم َم حن؟ َق َال‪ُ « :‬ث َّم ُع َم ُر حب ُ‬‫ال؟ َف َق َال‪َ « :‬أبُو َها»‪ُ ،‬ق حل ُ‬ ‫ت‪ :‬هم َن الر َج ه‬ ‫َف ُق حل ُ‬
‫ِّ‬
‫هر َج ًاال‪[ .‬رواه البخاري يف "صحيحه" (‪ ،)2553‬ومسلم يف "صحيحه" (رقم‪.])3234/‬‬
‫هذا احلديث يربهن سعة فضل عائشة ▲‪ ،‬فإن رسول الل ﷺ مل يكن‬
‫ليحب إال طيبًا‪ ،‬وقد كانت متلك حمبته الكربى كام رصح بذلك وعرب عنه‪.‬‬
‫[‪]70‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫* روى البخاري ( ‪ ،) 3422‬ومسلم ( ‪ ) 1432‬وغريمها من أصحاب السنن‬


‫واملسانيد واملصنفات من طريق ُش حعبَ َة بن احلجاج‪َ ،‬ع حن َع حم هرو حب هن ُم َّر َة‪َ ،‬ع حن ُم َّر َة‬
‫اّلل ه ﷺ‪َ « :‬ك م َل هم َن الر َج ه‬
‫ال‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ول َّ‬ ‫‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫وسى‬ ‫اين‪َ ،‬ع حن أَ هيب ُم َ‬ ‫ه‬
‫اْل َ حم َد ِّ‬
‫حت هع حم َرا َن‪َ ،‬وإ ه َّن ف َ حض َل َعائ ه َشةَ‬
‫آسيَةُ ا حم َرأ َةُ ف ه حر َع حونَ‪َ ،‬و َم حريَ ُم بهن ُ‬
‫َكثهري‪ ،‬و َمل ي حكم حل همن الن ِّساءه‪ :‬إ ه َّال ه‬
‫َ َ‬ ‫ٌ َ حَ ُ‬
‫يد َع َىل َس ائه هر ال طَّ َع ا هم »‪.‬‬ ‫اء َك َف حض هل الثَّ هر ه‬
‫َع َىل النِّس ه‬
‫َ‬
‫وقال ابن كثري يف "البداية والنهاية" موصفا ملناقبها‪ :‬لكوهنا ابنة الصديق‪،‬‬
‫ولكوهنا أعلم من خدجية‪ ،‬فإنه مل يكن يف األمم مثل عائشة يف حفظها وعلمها‬
‫أحدا من نسائه كمحبته إياها‪،‬‬
‫وفصاحتها وعقلها‪ ،‬ومل يكن الرسول ﷺ حيب ً‬
‫ونزلت براءُتا من فوق سبع ساموات‪ ،‬وروت بعده عنه‪ ،‬عليه السالم‪ ،‬علام مجا‬
‫كثريا طيبا مبار ًكا فيه‪ .‬انتهى‬
‫ً‬
‫* قال اإلمام أمحد رمحه الل ( ‪ :) 11211‬حدثنا يزيد أخربنا محاد بن سلمة‬
‫ت‪َ :‬و َج َد‬ ‫وعفان حدثنا محاد عن ثابت البناين عن سمية عن عائشة قالت‪َ :‬قا َل ح‬
‫ني َر ُس َ‬ ‫ت هيل‪َ :‬ه حل َل هك إه َىل أَ حن ُت حر هض َ‬ ‫حت ُحيَي‪َ ،‬ف َقا َل ح‬ ‫ول اّلل ه ﷺ َع َىل ص هفي َة بهن ه‬
‫ول‬ ‫َ َّ‬ ‫َر ُس ُ َّ‬
‫ه‬
‫مخ ًارا َْلَا َم حص ُبو ًغا‬ ‫ت‪َ :‬ن َع حم‪َ .‬فأَ َخ َذ حت ه َ‬ ‫اّلل ﷺ َعنِّي َوأَ حج َع ُل َل هك َي حو همي؟ ُق حل ُ‬ ‫َّ‬
‫ت َع َليح هه‬ ‫وح هر ُ‬
‫حي ُه ‪ُ -‬ث َّم َد َخ َل ح‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫اختَ َم َر حت بهه ‪َ -‬ق َال َع َّفا ُن‪ :‬ليَ ُف َ‬ ‫امل هاء ُث َّم ح‬
‫به َز حع َف َران‪َ ،‬ف َر َّشتح ُه به ح َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ك َيا َع ائه َش ُة ‪ ،‬فَ لَ حي َس َه َذ ا َي حو َم هك » ‪َ ،‬ف ُق حل ُ‬ ‫ت إه َىل جنحبه هه‪َ ،‬ف َق َال‪ « :‬إهلَي ه‬ ‫هيف َي حو هم َها‪َ ،‬ف َج َل َس ح‬
‫ح‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫َف حض ُل ه ه ه‬
‫ض َعنح َها‪.‬‬‫اّلل ُي حؤتيه َم حن َي َشا ُء‪ُ ،‬ث َّم أَ حخ َ حرب ُت ُه َخ َربي‪َ ،‬ق َال َع َّفا ُن‪َ :‬ف َر َ‬ ‫َّ‬
‫وهذا احلديث مقر ملنزلة عائشة الرفيعة لدى رسول الل ﷺ‪ ،‬حيث وهبتها‬
‫صفية ▲ يومها لريىض رسول الل ﷺ عنها‪ ،‬باعتبارها أحب زوجاته‪ ،‬فقد‬
‫كانت زوجاته األخريات لدهين معرفة بمحبته املميزة ْلا‪ .‬وكون صفية عينت أن‬
‫ُتب يومها لعائشة‪ ،‬يؤيد احلقيقة أن عائشة كانت أحب زوجاته إليه ال حمالة‪ ،‬كام‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]72‬‬

‫أن سودة وهبت يومها بالكلية لعائشة‪ ،‬ولقد اكتسبت صفية هدفها هبذا الصنيع إذ‬
‫رض عنها رسول الل ﷺ عقب ذلك‪.‬‬
‫ولقد أصدر حسان بن ثابت رضوان الل عليه األبيات التاليات املوصوفات‬
‫لعائشة ▲‪:‬‬
‫و ُت حصبه ُح َغ حر َثى همن ُحلُـو هم ال َغ َوا هف هـل‬ ‫َح َص ـ ـ ـ ــا ٌن َر َزا ٌن م ـ ـ ـ ــا ُت ـ ـ ـ ـ َـزن هبريبَ ـ ـ ـ ــة‬
‫ولو كان التعدد شؤم إال بعد موت الزوجة األوىل‪ ،‬ملا تزوج الصحابة‬
‫والتابعون عىل زوجاُتم األوليات قبل وفاُتن‪ ،‬فلنا فيهم أسوة حسنة‪ ،‬فإهنم‬
‫اقتدوا برسول الل ﷺ اقتداء حسنًا وتأسوا به تأسيًا شافيًا وامتثلوا دربه‪ ،‬فهم‬
‫متابعوه وما قاموا به استفادوه من النبي ﷺ فالتحقوا به وطبقوه ملعرفتهم‬
‫بفضله‪.‬‬
‫فإن َل َرسول الل ﷺ أوىل باالتباع واختاذ العربة منه‪ ،‬وااللتحاق بسريه ودأبه‬
‫واتباع خطاه‪ ،‬وأن نسري عىل ما سار عليه‪.‬‬
‫إال ه‬
‫قد‬ ‫األج َل َّ‬ ‫ولقد قال رسول الل ﷺ البنته فاطمة ▲‪َ « :‬و ِّإين ال أُ َر ى‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫واص ه هرب ي‪ ،‬فَ إ نَّ ُه ن حع م َّ‬
‫الس لَ ف أَ ن َا لك »‪[ ،‬رواه مسلم يف صحيحه]‬ ‫ا قح َ َرت ب‪ ،‬فا َّت قي َّ َ‬
‫اّلل ح‬
‫ولقد كان رسول الل ﷺ يامرس التعدد وأصحابه كذلك رضوان الل‬
‫عليهم‪ ،‬وهم ال يقومون إال باألوىل وال يتحرون إال األحرى واألقرب للصواب‬
‫واألوىف واألنفع ْلم‪ ،‬ولدينهم ولنا فيهم أسوة حسنة‪ ،‬وإنام التنفري عن التعدد مما‬
‫أحدثته بعض النسوة وبعض الرجال الذين يدعمون ويربرون عوا طف النساء يف‬
‫قديام‪.‬‬
‫هذا الزمن‪ ،‬وإال فلم ُيعرف ذلك ً‬
‫[‪]73‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫فسريى اختالفًا ً‬
‫كثريا ‪ ،‬فعليكم‬ ‫ولقد قال رسول الل ﷺ‪ « :‬فإن َّه َمن َيع حش منكم َ َ‬
‫وحم َد ه‬
‫َّواج هذ ‪ ،‬وإ َّي اكم ُ‬ ‫ن امل َ حه هد ِّي َ‬
‫ني‪َ ،‬ع ض وا عليها بالن ه‬ ‫ه ه‬ ‫ه‬
‫ثات‬ ‫وسن َّة اخلُلَفاء ال َّراشدي َ‬
‫بسنَّتي ُ‬
‫ُ‬
‫مور ؛ فإ َّن ُك َّل به دعة َض الل ٌة »( ‪.)0‬‬ ‫ا ألُ ه‬
‫وقال ﷺ‪ « :‬اقتدوا باللذين من بعدي ‪ :‬أيب بكر وعمر »‪ ،‬وهو حديث أخرجه‬
‫الرتمذي وابن حبان واحلاكم وصححه‪ ،‬ووافقه الذهبي واأللباين‪.‬‬
‫َسدُتام آن ًفا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ومما يلتحق هبذين احلديثني اللذين‬
‫يقول اإلمام النووي رمحه الل‪(" :‬السنة) سنة النبي ♥ وأصلها‬
‫املروية عنه ﷺ "‪[ .‬انتهى من‬ ‫الطريقة‪ ،‬وتطلق سنته ♥ عىل األحاديث‬
‫"ُتذيب األسامء واللغات" (‪])216/1‬‬
‫وجاء يف الصفات اإلالهية يف الكتاب وا لسنة النبوية للشيخ حممد أمان‬
‫اجلامي يف تعريفه للسنة بقوله‪ :‬السنة لغة‪( :‬السنة)‪ :‬الطريقة قبيحة كانت أو‬
‫حسنة‪ ،‬ومن ذلك قوله ﷺ‪« :‬من سن سنة حسنة‪ ،‬فله أجرها وأجر من عمل هبا‬
‫إىل يوم القيامة‪ ،‬ومن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل هبا إىل يوم القيامة »‪.‬‬
‫[رواه مسلم يف (‪ )101٩/4‬رقم (‪ ،)2020‬وأمحد (‪.])310/4‬‬
‫وسن الطريق سنها سنا سار عليها‪ ،‬وقال خالد بن عتبة‪:‬‬
‫فأول راض سنّة من يسريها‬
‫ّ‬ ‫فال جتزعن من سرية أنت َسُتا‬
‫والسنة من النبي ﷺ ‪ :‬إذا أطلقت يف الرشع فإنام يراد هبا (حكمه‪ ،‬وأمره‪،‬‬
‫وهنيه) مما أمر به النبي ﷺ‪ ،‬أو هنى عنه‪ ،‬أو ندب إليه قوالً وفعالً‪ ،‬مما مل ينطق به‬

‫ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫التخريج‪ :‬أخرجه مطو الً أبو داود‪ ،)4600( :‬والرتمذي‪ ،)1606( :‬وابن ماجه‪ ،)44( :‬وأمحد‪:‬‬ ‫( ‪)2‬‬

‫(‪ ،)20244‬باختالف يسري‪ ،‬وابن عبد الرب يف ( جامع بيان العلم وفضله)‪ )1301( ،‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]74‬‬

‫الكتاب العزيز‪ ،‬وْلذا يقال‪ :‬أدلة الرشع‪ :‬الكتاب والسنة‪ ،‬أي القرآن واحلديث‪".‬‬
‫انتهى‬
‫فكانت الطريقة التي سلكها رسول الل ﷺ فيام خيتص بالنساء التعدد‪ ،‬فلقد‬
‫متكاثرا من النساء ومبادرا بالزواج وهذا كان دأبه‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫كان رسول الل ﷺ‬
‫خ َّلف من بعد وفاته تسع نسوة‪ ،‬والتعدد من تقريرات رسول الل ﷺ قوالً‬
‫وفعالً‪ ،‬وهذا املسلك سلكه أصحابه رضوان الل عليهم والتابعون ومن اتبعهم‬
‫بإحسان‪.‬‬
‫[‪]75‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫اإلعالم بزوجات رسول الل صىل الل عليه وسلم‬


‫وبعض الصحابة‬
‫وألقدم للقارئ املنصف تعداد الزوجات الاليت نكحهن رسول الل ﷺ‪،‬‬
‫وأبو بكر وعمر بن اخلطاب وعي بن أيب طالب‪ ،‬وعثامن بن عفان وطلحة بن‬
‫عبيدالله التيمي رضوان الل عليهم‪ ،‬ليستقر يف ذهنه أن التعدد من خطى‬
‫الصاحلني‪ :‬فاستهل بإحصاء زوجات النبي ﷺ‪ ،‬نقال ألقاويل ابن كثري يف‬
‫"البداية والنهاية"‪[ :‬باب ذكر زوجاته صلوات الل وسالمه عليه ورض عنهن وأوالده‬
‫عليهم السالم]‬
‫ذَ ُْ ذ َ َْ َ ْ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ َ َ ذ ِّ َ ْ ُ ذ َ َ َ‬
‫ُت فال َتضع َن‬ ‫ُت كأحد مِ َن النساءِ إ ِ ِن اتقي‬ ‫قال الل تعاىل‪ ﴿ :‬يا نِساء انل ِِب لس‬
‫ُ ذ َ ََذ ْ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َْ َ ٌ ُْ ْ َْ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ ََ ْ َ َ ذ‬
‫َبج َن‬ ‫بِالقو ِل فيطمع اَّلِي ِِف قل ِب ِه م َرض َوقل َن قوال مع ُروفا * َوق ْرن ِِف بيوتِكن وال ت‬
‫َ ُ َ ذ َ ُ ُ ُ‬ ‫ُ َ ََ ْ َ ذ َ َ َ ذ َ َ َ ْ‬ ‫َ َ ُّ َ ْ َ ذ‬
‫الزَكة َوأ ِطع َن الل َو َرسولُ إِنما ي ِريد الل‬ ‫اْلا ِه ِلي ِة اْلوَل وأقِمن الصالة وآ ِتي‬ ‫تَبج‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ْ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ َ ُ ُ ِّ ْ َ‬
‫ْ‬
‫ْ‬
‫ريا * َواذك ْرن ما يتىل ِِف بيوتِك ذن مِن‬ ‫ت َويُ َط ِّه َرك ْم ت ْطه ً‬
‫الرجس أهل اْلَي ِ‬ ‫ِِلذهِب عنكم‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫َ ْ ْ َ ذ َ َ َ َ ً َ‬ ‫َ‬
‫ات اللِ واْلِكم ِة إِن الل َكن ل ِطيفا خ ِبريا ﴾ [األحزاب‪.]24- 23:‬‬ ‫آي ِ‬
‫ال خالف أنه عليه الصالة والسالم‪ ،‬تويف عن تسع‪ ،‬وهن‪ :‬عائشة بنت أيب بكر‬
‫الصديق التيمية‪ ،‬وحفصة بنت عمر بن اخلطاب العدوية‪ ،‬وأم حبيبة رملة بنت أيب‬
‫سفيان صخر بن حرب بن أمية األموية‪ ،‬وزينب بنت جحش األسدية‪ ،‬وأم سلمة‬
‫هند بنت أيب أمية املخزومية‪ ،‬وميمونة بنت احلارث اْلاللية‪ ،‬وسودة بنت زمعة‬
‫العامرية‪ ،‬وجويرية بنت احلارث بن أيب رضار املصطلقية‪ ،‬وصفية بنت حيي بن‬
‫أخطب النرضية اإلَسائيلية اْلارونية‪ ،‬رض الل عنهن وأرضاهن‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]76‬‬

‫َسيتان ؛ ومها مارية بنت شمعون القبطية املَّصية من كورة أنصنا‪،‬‬


‫وكانت له ُ ِّ‬
‫وهي أم ولده إبراهيم ♠‪ ،‬ورحيانة بنت شمعون القرظية‪ ،‬أسلمت ثم‬
‫أعتقها‪ ،‬فلحقت بأهلها‪ ،‬ومن الناس من يزعم أهنا حجبت‪ .‬والل أعلم‪.‬‬
‫وأما الكالم عىل ذلك مفصالً ومرتبًا من حيث ما وقع أوالً فأوال جممو ًعا من‬
‫كالم األئمة ‪ ،ô‬فنقول وبالل املستعان‪:‬‬
‫روى احلافظ الكبري أبو بكر البيهقي من طريق سعيد بن أيب عروبة‪ ،‬عن قتادة‬
‫قال تزوج رسول الل ﷺ بخمس عرشة امرأة‪ ،‬دخل منهن بثالث عرشة‪،‬‬
‫واجتمع عنده إحدى عرشة‪ ،‬ومات عن تسع‪ ،‬ثم ذكر هؤالء التسع الاليت‬
‫ذكرناهن رض الل عنهن‪ .‬ورواه بحر بن كنيز عن قتادة‪ ،‬عن أنس‪ ،‬واألول‬
‫أصح‪.‬‬
‫ورواه سيف بن عمر التميمي‪ ،‬عن سعيد‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنس‪ ،‬وابن عباس‬
‫مثله‪ ،‬وروى سيف عن سعيد بن عبد الل‪ ،‬عن عبد الل بن أيب مليكة‪« :‬عن عائشة‬
‫مثله؛ قالت‪ :‬فاملرأ تان اللتان مل يدخل هبام فهام ؛ عمرة بنت يزيد الغفارية‪،‬‬
‫والشنباء؛ فأما عمرة فإنه خال هبا وجردها فرأ ى هبا وضحا‪ ،‬فردها وأوجب ْلا‬
‫الصداق‪ ،‬وحرمت عىل غريه‪ ،‬وأما الشنباء فلام أدخلت عليه مل تكن يسرية‪ ،‬فرتكها‬
‫ينتظر هبا اليرس‪ ،‬فلام مات ابنه إبراهيم عىل تفئة ذلك‪ ،‬قالت‪ :‬لو كان نبيا مل يمت‬
‫ابنه‪ ،‬فطلقها وأوجب ْلا الصداق‪ ،‬وحرمت عىل غريه‪ ،‬قالت‪ :‬فالاليت اجتمعن‬
‫عنده؛ عائشة‪ ،‬وسودة‪ ،‬وحفصة‪ ،‬وأم سلمة‪ ،‬وأم حبيبة‪ ،‬وزينب بنت جحش‪،‬‬
‫وزينب بنت خزيمة‪ ،‬وجويرية‪ ،‬وصفية‪ ،‬وميمونة‪ ،‬وأم رشيك»‪.‬‬
‫[‪]77‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫قلت‪ :‬ويف "صحيح البخاري" عن أنس‪( :‬أن رسول الل ﷺ كان يطوف عىل‬
‫نسائه وهن إحدى عرشة امرأ ة)‪ ،‬واملشهور أن أم رشيك مل يدخل هبا‪ ،‬كام سيأيت‬
‫بيانه‪ ،‬ولكن املراد باإلحدى عرشة الاليت كان يطوف عليهن التسع املذكورات‬
‫واجلاريتان مارية ورحيانة‪.‬‬
‫وروى يعقوب بن سفيان الفسوي‪ ،‬عن احلجاج بن أيب منيع‪ ،‬عن جده‬
‫عبيدالله بن أيب زياد الرصايف‪ ،‬عن الزهري ‪ -‬وقد علقه البخاري‪ .‬انتهى‬
‫‪( :‬ذكر أسامء‬ ‫ولقد ذكر الطربي يف كتابه "التاريخ" أزواج أيب بكر‬
‫)‪ ،‬حدث عي بن حممد‪ ،‬عمن حدثه ومن ذكرت من‬ ‫نساء أيب بكر الصديق‬
‫شيوخه‪ ،‬قال‪ :‬تزوج أبو بكر يف اجلاهلية قتيلة ‪ -‬ووافقه عىل ذلك الواقدي‬
‫والكلبي ‪ -‬قالوا ‪ :‬وهي قتيلة ابنة عبد العزى بن عبد بن أسعد بن جابر بن مالك‬
‫أيضا يف اجلاهلية‬
‫بن حسل بن عامر بن لؤي‪ ،‬فولدت له عبد الل وأسامء وتزوج ً‬
‫أم رومان بنت عامر بن عمرية بن ذهل بن دمهان بن احلارث بن غنم بن مالك ابن‬
‫كنانة ‪ -‬وقال بعضهم‪ :‬هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن‬
‫عتاب بن أذينة بن سبيع بن دمهان بن احلارث بن غنم بن مالك بن كنانة ‪ -‬فولدت‬
‫له عبد الرمحن وعائشة‪.‬‬
‫فكل هؤالء األربعة من أوالده‪ ،‬ولدوا من زوجتيه اللتني سمينامها يف‬
‫اجلاهلية‪.‬‬
‫وتزوج يف اإلسالم أسامء بنت عميس‪ ،‬وكانت قبله عند جعفر بن أيب طالب‪،‬‬
‫وهي أسامء بنت عميس بن معد بن تيم بن احلارث بن كعب ابن مالك بن قحافة‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]78‬‬

‫بن عامر بن ربيعة بن عامر بن مالك بن نرس بن وهب الل بن شهران بن عفرس‬
‫بن حلف بن أفتل ‪ -‬وهو خثعم ‪ -‬فولدت له حممد بن أيب بكر‪.‬‬
‫أيضا يف اإلسالم حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أيب زهري‪ ،‬من بني‬
‫وتزوج ً‬
‫احلارث بن اخلزرج‪ ،‬وكانت نسأ حني تويف أبو بكر‪ ،‬فولدت له بعد وفاته جارية‬
‫سميت أم كلثوم‪ ".‬انتهى‬
‫روى البخاري يف صحيحه‪َ :‬ح َّد َثنَا أَ حص َب ُغ‪َ ،‬ح َّد َثنَا ا حب ُن َو حهب‪َ ،‬ع حن ُيو ُن َس‪َ ،‬ع هن‬
‫‪َ ،‬ت َز َّو َج ا حم َرأ َةً هم حن‬ ‫ري‪َ ،‬ع حن َع هائ َش َة‪( :‬أَ َّن أَ َب ا َبكحر‬ ‫ا حب هن هش َهاب‪َ ،‬ع حن ُع حر َو َة حب هن الز َب ح ه‬
‫الش ه‬
‫اع ُر‬ ‫اج َر أ َ ُبو َب حكر ط َ َّل َق َها‪َ ،‬فت َ َز َّو َج َها ا حب ُ‬
‫ن َع ِّم َه ا ‪َ ،‬ه َذ ا َّ‬ ‫ال َْلَا أُم َبكحر‪َ ،‬ف َل َّام َه َ‬
‫َك حلب ُي َق ُ‬
‫ار ُق َر حي ش)‪.‬‬ ‫يد َة َر َث ى ُك َّف َ‬ ‫ال َه هذ هه ال َق هص َ‬ ‫ا َّل هذ ي َق َ‬
‫وأسلف ابن كثري تعداد زوجات عمر رض الل يف "البداية والنهاية"‪:‬‬
‫قال الوا قدي وابن الكلبي وغريمها‪ :‬تزوج عمر يف اجلاهلية زينب بنت‬
‫مظعون أخت عثامن بن مظعون‪ ،‬فولدت له عبد الل وعبد الرمحن األكرب وحفصة‬
‫╚‪.‬‬
‫وتزوج مليكة بنت جرول‪ ،‬فولدت له عبيد الل‪ ،‬فطلقها يف اْلدنة‪ ،‬فخلف‬
‫عليها أبو اجلهم بن حذيفة‪ .‬قاله املدائني‪ .‬وقال الواقدي‪ :‬هي أم كلثوم بنت‬
‫جرول‪ ،‬فولدت له عبيد الل وزيدا األصغر‪.‬‬
‫قال املدائني‪ :‬وتزوج قريبة بنت أيب أمية املخزومي ففارقها يف اْلدنة‪،‬‬
‫فتزوجها بعده عبد الرمحن بن أيب بكر‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وتزوج أم حكيم بنت احلارث بن هشام بعد زوجها ‪ -‬حني قتل يف‬
‫الشام ‪ -‬فولدت له فاطمة ثم طلقها‪ .‬قال املدائني‪ :‬وقيل‪ :‬مل يطلقها‪.‬‬
‫[‪]79‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫قالوا ‪ :‬تزوج مجيلة أخت عاصم بن ثابت بن أيب األفلح من األوس‪.‬‬


‫وتزوج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل‪ ،‬وكانت قبله عند عبد الل بن أيب‬
‫بكر‪ ،‬وملا قتل عمر تزوجها بعده الزبري بن العوا م ╚‪ .‬ويقال‪ :‬هي أم ابنه‬
‫عياض‪ ،‬فالل أعلم‪.‬‬
‫قال املدائني‪ :‬وكان قد خطب أم كلثوم بنت أيب بكر الصديق وهي صغرية‬
‫وراسل فيها عائشة‪ ،‬فقالت أم كلثوم‪ :‬ال حاجة يل فيه‪ ،‬فقالت عائشة‪ :‬أترغبني عن‬
‫أمري املؤمنني؟ قالت‪ :‬نعم إنه خشن العيش‪ ،‬فأرسلت عائشة إىل عمرو بن العاص‬
‫فصده عنها‪ ،‬ودله عىل أم كلثوم بنت عي بن أيب طالب‪ ،‬ومن فاطمة بنت رسول‬
‫الل ﷺ‪ ،‬وقال‪ :‬تعلق منها بسبب من رسول الل ﷺ‪.‬‬
‫أربعني ألفا‪ ،‬فولدت له‬ ‫فخطبها من عي فزوجه إياها‪ ،‬فأصدقها عمر‬
‫زيدا ورقية‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وتزوج ْلية ‪-‬امرأة من اليمن ‪ -‬فولدت له عبد الرمحن األصغر‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬األوسط‪ .‬وقال الواقدي‪ :‬هي أم ولد وليست بزوجة‪ .‬قالوا وكانت‬
‫عنده فكيهة أم ولد‪ ،‬فولدت له زينب‪ .‬قال الواقدي‪ :‬وهي أصغر ولده‪.‬‬
‫قال الوا قدي‪ :‬وخطب أم أبان بنت عتبة بن ربيعة‪ ،‬فكرهته‪ ،‬وقالت‪ :‬يغلق‬
‫عابسا‪.‬‬
‫بابه‪ ،‬ويمنع خريه‪ ،‬ويدخل عابسا‪ ،‬وخيرج ً‬
‫وأرضاه‪ ،‬ثالثة عرش ولدا ؛ وهم زيد األكرب‬ ‫قلت‪ :‬فجملة أوالده‬
‫وزيد األصغر‪ ،‬وعاصم‪ ،‬وعبد الل وعبد الرمحن األكرب‪ ،‬وعبد الرمحن األوسط ‪-‬‬
‫قال الزبري بن بكار‪ :‬وهو أبو شحمة ‪-‬وعبد الرمحن األصغر‪ ،‬وعبيد الل‪،‬‬
‫وعياض‪ ،‬وحفصة‪ ،‬ورقية‪ ،‬وزينب‪ ،‬وفاطمة‪.╚ ،‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]81‬‬

‫وجمموع نسائه الاليت تزوجهن يف اجلاهلية واإلسالم ممن طلقهن أو مات‬


‫عنهن سبع‪ ،‬وهن مجيلة أخت عاصم بن ثابت بن األفلح‪ ،‬وزينب بنت مظعون‪،‬‬
‫وعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل‪ ،‬وقريبة بنت أيب أمية‪ ،‬ومليكة بنت جرول‪،‬‬
‫وأم حكيم بنت احلارث بن هشام‪ ،‬وأم كلثوم بنت عي بن أيب طالب‪ ،‬وأم كلثوم‬
‫أخرى وهي مليكة بنت جرول‪.‬‬
‫وكانت له أمتان له منهام أوالد؛ ومها فكيهة وْلية‪ ،‬وقد اختلف يف ْلية هذه‬
‫فقال بعضهم‪ :‬كانت أم ولد‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬كان أصلها من اليمن وتزوجها أمري‬
‫املؤمنني عمر بن اخلطاب‪ ،‬فالل أعلم‪ .‬انتهى‬
‫يف كتابه " البداية والنهاية"‪:‬‬ ‫وذكر ابن كثري زوجات عثامن ابن عفان‬
‫ذكر زوجاته ﷺ وبنيه وبناته ريض الل عنهم‬
‫تزوج برقية بنت رسول الل‪ ،‬ﷺ‪ ،‬فولد له منها عبد الل‪ ،‬وبه كان يكنى‪ ،‬بعد‬
‫ما كان يكنى يف اجلاهلية بأيب عمرو‪ ،‬ثم ملا توفيت‪ ،‬تزوج بأختها أم كلثوم‪ ،‬ثم‬
‫توفيت‪ ،‬فتزوج بفاختة بنت غزوان بن جابر‪ ،‬فولد له منها عبيد الل األصغر‪.‬‬
‫وخالدا‪ ،‬وأبان‬
‫ً‬ ‫عمرا‪،‬‬
‫وتزوج بأم عمرو بنت جندب بن عمرو األزدية‪ ،‬فولدت له ً‬
‫وعمر‪ ،‬ومريم‪ ،‬وتزوج بفاطمة بنت الوليد بن عبد شمس املخزومية‪ ،‬فولدت له‬
‫وسعيدا‪ .‬وتزوج أم البنني بنت عيينة بن حصن الفزارية‪ ،‬فولدت له عبد‬
‫ً‬ ‫الوليد‬
‫امللك‪ ،‬ويقال‪ :‬وعتبة‪ ،‬وتزوج رملة بنت شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد‬
‫مناف بن قيص‪ ،‬فولدت له عائشة‪ ،‬وأم أبان‪ ،‬وأم عمرو؛ بنات عثامن‪ ،‬وتزوج نائلة‬
‫بنت الفرافصة بن األحوص بن عمرو بن ثعلبة بن حصن بن ضمضم بن عدي‬
‫بن جناب بن كلب‪ ،‬فولدت له مريم ويقال‪ :‬وعنبسة‪.‬‬
‫[‪]80‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫‪ ،‬وعنده أربع؛ نائلة‪ ،‬ورملة‪ ،‬وأم البنني‪ ،‬وفاختة‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه‬ ‫وقتل‬
‫طلق أم البنني وهو حمصور‪ .‬انتهى‬
‫كن التاليات كام أسلف ابن كثري يف "البداية والنهاية"‪:‬‬ ‫وزوجات عي‬
‫‪ ،‬فاطمة بنت رسول الل ﷺ‪ ،‬بنى هبا بعد‬ ‫"فأول زوجة تزوجها عي‬
‫وقعة بدر‪ ،‬فولدت له احلسن وحسينا‪ ،‬ويقال‪ :‬وحمسنا‪ .‬ومات وهو صغري‪،‬‬
‫وولدت له زينب الكربى‪ ،‬وأم كلثوم الكربى‪ ،‬وهي التي تزوج هبا عمر بن‬
‫اخلطاب كام تقدم‪ ،‬ومل يتزوج عي عىل فاطمة حتى توفيت بعد رسول الل ﷺ‬
‫بستة أشهر‪ ،‬فلام ماتت تزوج بعدها بزوجات كثرية؛ منهن من توفيت يف حياته‬
‫ومنهن من طلقها وتويف عن أربع‪ ،‬كام سيأيت‪.‬‬
‫فمن زوجاته‪ :‬أم البنني بنت حزا م‪ ،‬وهو أبو املحل بن خالد بن ربيعة بن‬
‫الوحيد بن كعب بن عامر بن كالب‪ ،‬فولدت له العباس وجعفر وعبد الل‬
‫وعثامن‪ ،‬وقد قتل هؤالء مع أخيهم احلسني بكربالء‪ ،‬وال عقب ْلم سوى‬
‫العباس‪.‬‬
‫ومنهن‪ :‬ليىل بنت مسعود بن خالد بن مالك‪ ،‬من بني متيم‪ ،‬فولدت له‬
‫أيضا‪ .‬وزعم الواقدي‬
‫عبيدالله وأبا بكر‪ .‬قال هشام بن الكلبي وقد قتال بكربالء ً‬
‫أن عبيد الل قتله املختار بن أيب عبيد يوم املذار‪.‬‬
‫وحممدا األصغر‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومنهن‪ :‬أسامء بنت عميس اخلثعمية‪ ،‬فولدت له حييى‬
‫قاله ابن الكلبي‪ ،‬وقال الواقدي‪ :‬ولدت له حييى وعونا‪ ،‬قال الواقدي‪ :‬فأما‬
‫حممد األصغر فمن أم ولد‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]82‬‬

‫ومنهن‪ :‬أم حبيب بنت ربيعة بن بجري بن العبد بن علقمة‪ ،‬وهي أم ولد من‬
‫السبي الذين سباهم خالد بن الوليد من بني تغلب حني أغار عىل عني التمر‬
‫مخسا وثامنني سنة ‪ -‬ورقية‪.‬‬
‫فولدت له عمر ‪ -‬وقد عمر ً‬
‫ومنهن ‪ :‬أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن معتب بن مالك الثقفي‪ ،‬فولدت‬
‫له أم احلسن ورملة الكربى‪.‬‬
‫ومنهن‪ :‬ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن‬
‫كلب الكلبية‪ ،‬فولدت له جارية‪ ،‬فكانت خترج مع عي إىل املسجد وهي صغرية‪،‬‬
‫فيقال ْلا‪ :‬من أخوا لك؟ فتقول‪ :‬وه وه تعني بني كلب‪.‬‬
‫ومنهن‪ :‬أمامة بنت أيب العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن‬
‫عبد مناف بن قيص‪ ،‬وأمها زينب بنت رسول الل ﷺ وهي التي كان رسول الل‬
‫حممدا‬
‫ﷺ حيملها وهو يف الصالة؛ إذا قام محلها‪ ،‬وإذا سجد وضعها ‪ -‬فولدت له ً‬
‫األوسط‪.‬‬
‫وأما ابنه حممد األكرب فهو ابن احلنفية‪ ،‬وهي خولة بنت جعفر بن قيس بن‬
‫مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدئل بن حنيفة بن جليم بن‬
‫صعب بن عي بن بكر بن وائل‪ ،‬سباها خالد أيام الصديق أيام الردة‪ ،‬من بني‬
‫حنيفة‪ ،‬فصارت لعي بن أيب طالب‪ ،‬فولدت له حممدا هذا‪ ،‬ومن الشيعة من يدعي‬
‫فيه اإلمامة والعصمة‪ ،‬وقد كان من سادات املسلمني‪ ،‬ولكن ليس بمعصوم وال‬
‫أبوه معصوم‪ ،‬بل وال من هو أفضل من أبيه من اخللفاء الرا شدين قبله ليسوا‬
‫بواجبي العصمة‪ .‬والل أعلم‪ .‬انتهى‬
‫ولقد ذكر ابن حجر زوجات طلحة بن عبيد الل ‪:‬‬
‫[‪]83‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫‪( :‬ومن لطائف املصاهرات‪ :‬أن طلحة بن عبيد الل‬ ‫قال ابن حجر‬
‫تزوج بأربع نسوة‪ ،‬أخت كل منهن زوجات للنبي ﷺ‪:‬‬ ‫التيمي‬
‫‪ -‬تزوج بأم كلثوم بنت أيب بكر الصديق أخت الصديقة عائشة بنت أيب بكر‬
‫الصديق‪.‬‬
‫‪ -‬وتزوج محنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش‪.‬‬
‫‪ -‬وتزوج فارعة بنت أيب سفيان أخت أم حبيبة بنت أيب سفيان‪.‬‬
‫‪ -‬وتزوج رقية بنت أيب أمية أخت أم س َلمة هند بنت أيب أمية رضوان الل عليهم‬
‫أمجعني‪[ .‬انتهى من "اإلصابة" (‪.])433 /1‬‬
‫ولو خضت وأسهبت يف تعداد واحصاء زوجات سائر الصحابة والتابعني‬
‫لطالت األسطر وتكاثرت وتوا لت وتراكمت اجلمل‪ ،‬واستغرقت العبارات‪ ،‬فإن‬
‫املعددين ساب ًقا والح ًقا ال يعدون وال حيصون ومن مجلتهم خرية الناس دينا‬
‫وخل ًقا وعلام‪.‬‬
‫فالواجب أال يزعم الزا عم‪ :‬أن التعدد من اختصاص وخصوصيات رسول الل‬
‫ﷺ ‪ ،‬ولو كان ذلك من اختصاصه لنهى الل عنه كام هنى عن التزوج للرجال‬
‫خمتصا به‪ ،‬وملا استكثر الصحابة ╚ ومن‬
‫ً‬ ‫بأكثر من أربع حيث كان ذلك‬
‫إليهم ومن اتبعهم بإحسان من التزوج وال سيام اخللفاء الرا شدين‪.‬‬
‫ق ال الشاعر‪:‬‬
‫إن التش ـ ـ ـ ـ ـ ــبه ب ـ ـ ـ ـ ـ ــالكرا م فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالح‬ ‫فتش ـ ـ ـ ــبهوا إن مل تكون ـ ـ ـ ـوا م ـ ـ ـ ــثلهم‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]84‬‬

‫شارحا حلديث‪ « :‬فمن رغب عن‬


‫ً‬ ‫وقال احلافظ ابن حجر يف "فتح الباري"‬
‫سنتي فليس مني »‪ :‬ويف احلديث داللة عىل فضل النكاح والرتغيب فيه‪ ،‬وفيه تتبع‬
‫أحوا ل األكابر للتأيس بأفعاْلم‪ .‬انتهى‬
‫فليقتد وليتأس اإلنسان بخري اخللق وأكرب األكابر أال وهو رسول الل ﷺ‬
‫وأصحابه رضوان الل عليهم‪.‬‬

‫تزهيق الشبهة السادسة‪:‬‬

‫فإن قيل‪ :‬التعدد يضيع األوقات‪ ،‬واملفروض أن يشغل طالب العلم نفسه‬
‫بالدروس واملراجعة وتربية األوالد‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬قد سبق تعداد الفوائد الرشعية التي يناْلا التعدد وبناء عىل ذلك فال‬
‫يعد التعدد ضيا ًعا للوقت‪ ،‬بل يعد من الوسائل التي تستجلب الفوائد البارزة‬
‫اجلسيمة‪.‬‬
‫ولو كان التعدد يضيع الوقت ملا مارسه النبي ﷺ والصحابة والتابعون‬
‫وكبار أهل العلم وملا لقوا لذلك الوقت فهم أحرص عىل تنظيم أوقاُتم من أي‬
‫أحد‪.‬‬
‫فإهنم حاملون هذا الدين والعلم الرشعي‪ ،‬ولقد توفقوا يف إبالغ الرسالة‬
‫لألمة‪ ،‬وأداء األمانة‪ ،‬ويف بث النفع وإفادة الدين واملسلمني‪ ،‬وجعل الل يف‬
‫أوقاُتم بركة‪ ،‬عىل الرغم أهنم مجعوا بني النساء‪.‬‬
‫بل قد يستدعي عدم الزواج االنشغال‪ ،‬إن وقعت الرغبة للزواج يف نفس‬
‫الرجل فيكثر تفكريه وينشغل باله وتتوق نفسه فيعرض نفسه للفتنة‪ .‬وقد يظل‬
‫[‪]85‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫عقب ذلك عائشا بعرسة ويضيق االمتناع به ذرعا ولربام ييسء اىل زوجته األوىل‬
‫حيث مل حتقق رغبته‪ .‬ويظل يتحرس لفوات الزواج فيترضر ويرض زواجه األول‪.‬‬
‫ويف "الصحيحني" من حديث عبد الل بن عمرو ¶‪ ،‬أن النبي ﷺ‬
‫قال‪ « :‬إن لربك عليك ح ًقا‪ ،‬وإن لبدنك عليك ح ًق ا‪ ،‬وإن ألهلك عليك ح ًق ا‪ ،‬وإن‬
‫لزورك عليك ح ًق ا‪ ،‬فأعط كل ذي حق حقه »‪.‬‬
‫ُيستخرج من هذا احلديث اآلنف وجوب تقسيم الوقت بني كل ذي حق‪،‬‬
‫للرب حق وللبدن حق ولألهل حق وللزور حق‪ ،‬و ُيستخرج منه كذلك أن‬
‫الواجب اجلمع بني تلك احلقوق وعدم إمهال أي حق من ضمن احلقوق‪ ،‬ودل‬
‫هذا احلديث كذلك عىل أن قضاء الوقت مع الزوجات ال يعد من الضياع‪ ،‬فلقد‬
‫أسلف رسول الل ﷺ األهل‪ ،‬فإن الزوجات يعدن من األهل‪ ،‬وإنام استوجب‬
‫توزين األوقات فال أفراط وال تفريط‪ .‬وهذا احلديث دال كذلك عىل أن رسول‬
‫الل ﷺ ال ينافح وال هياجي عن عدم التزوج وافراد الوقت كله للعبادة وطلب‬
‫العلم وال يدعو لذلك وال يساند القائمني بذلك‪ ،‬وإنام ينبغي أال يضاع أي وقت‬
‫من أجل اآلخر وأال يكون أي حق متسلطًا عىل اآلخر‪ ،‬فيؤدي ذلك إىل ضياع أي‬
‫حق من مجلة احلقوق‪.‬‬
‫حم َّم ُد حب ُن‬ ‫حد َثنَا َس هع ُ‬
‫يد حب ُن أَ هيب َم حر َي َم أَ حخ َ َرب َنا ُ َ‬ ‫* وروى البخاري يف صحيحه‪َّ :‬‬
‫ول َجا َء‬ ‫َي ُق ُ‬ ‫مح حيد الطَّ هو ُيل َأ َّن ُه َس هم َع َأ َن َس حب َن َمالهك‬
‫مح حي ُد حب ُن أَ هيب ُ َ‬
‫َج حع َفر أَ حخ َ َرب َنا ُ َ‬
‫اج النَّبه ِّي ﷺ َي حسأَ ُلو َن َع حن هع َبا َد هة النَّبه ِّي ﷺ؟ َف َل َّام أُ حخ ه ُربوا‬ ‫َث َال َث ُة رهط إه َىل بي ه‬
‫وت أَ حز َو ه‬ ‫ُُ‬ ‫َ ح‬
‫وها‪َ ،‬ف َقا ُلوا ‪َ :‬وأَ حي َن َن حح ُن هم حن النَّبه ِّي ﷺ َق حد ُغ هف َر َل ُه َما َت َق َّد َم هم حن َذ حنبه هه َو َما‬ ‫َكأَ َّهن ُ حم َت َقال َ‬
‫َتأَ َّخ َر‪َ ،‬قا َل أَ َح ُد ُه حم‪ :‬أَ َّما أَنَا َف هإ ِّين أُ َص ِّي ال َّليح َل أَ َب ًدا‪َ ،‬و َق َال َ‬
‫آخ ُر‪ :‬أَنَا أَ ُصو ُم َّ‬
‫الد حه َر َو َال‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]86‬‬

‫اّلل ه ﷺ إه َل حي هه حم‬‫ول َّ‬ ‫آخ ُر‪ :‬أَ َنا أَ حع َت هز ُل الن َِّسا َء َف َال أَ َت َز َّو ُج أَ َب ًدا‪َ ،‬ف َجا َء َر ُس ُ‬ ‫أُ حفطه ُر‪َ ،‬و َق َال َ‬
‫اّلل ه إه ِّين َأل َ حخ َشاك ُ حم ه َّّلل ه َوأَت ح َقاك ُ حم َل ُه ‪َ ،‬ل هكنِّي أَ ُص و ُم‬
‫ن قُلحت ُ حم َك َذا َو َك َذا‪ ،‬أ َ َما َو َّ‬
‫ه‬
‫َف َق َال‪ « :‬أَنحت ُ حم ا َّلذي َ‬
‫ب َع حن ُسنَّتهي فَ لَيح َس همنِّي »‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫َو أُ فح ط ُر ‪َ ،‬و أُ َص ِّي َو أَ حر قُ ُد َو أَ ت ََز َّو ُج الن َِّس ا َء ‪ ،‬فَ َم حن َر غ َ‬
‫فهذا نص رصيح يزهق وحيبط ويبطل زعم الزاعم‪ ،‬بأن التعدد يضيع‬
‫األوقات‪ ،‬وأن التعدد يتناقض مع العبادة والطاعات وطلب العلم‪ ،‬واحلق أحق‬
‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫ذ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اْل ِّق إِال الضالل﴾ [يونس‪.]23:‬‬
‫أن يتبع‪ ،‬قال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪﴿ :‬ف َماذا َبع َد َ‬
‫َ ُ ْ َ َ ْ َ ُّ َ َ َ ْ ُ ذ ْ َ َ َ َ ُ ً‬
‫اْلق َوزهق اْلَا ِطل إِن اْلَا ِطل َكن زهوقا ﴾ [اإلرساء‪.]39:‬‬ ‫وقال‪ ﴿ :‬وقل جاء‬
‫فلقد استنكر رسول الل ﷺ عىل من يعتزل النساء تقربا لل وازديا ًدا‬
‫للطاعات والعبادات‪ ،‬قائال‪ « :‬أتزوج النساء »‪ ،‬وإن اللفظ الذي أطلقه النبي ﷺ‬
‫بالنساء مجع وليس مفر ًدا‪ ،‬فهذا يشري إىل التعدد‪ ،‬وقد رصح رسول الل ﷺ أن‬
‫التزوج بالنساء من سنته وسريه‪ ،‬وهنى من نوى أن يعرض عنها بمقصد التقرب‬
‫والتعبد لل عن صنيعه‪ ،‬ولكن إن كان اإلنسان يؤخر أو يدع الزواج لعدم تيسريه‬
‫لعلل ولعوائق أو للعجز عن القيام به‪ ،‬رخص له ذلك‪ ،‬وإنام يطلق النهى عىل من‬
‫يعرض عن الزواج ابتغاء التعبد والتقرب لل‪.‬‬
‫وهذا النص يتضمن دالل ًة بأن رسول الل ﷺ قدوة لنا‪ ،‬وأن التزوج بالنساء‬
‫سنة كام رصح بذلك وأن التزوج بالنساء ليس من خصائص النبي ﷺ‪.‬‬
‫وإنام االختصاص الوارد يف ذلك العدد الذي أبيح لرسول الل ﷺ‪ ،‬فلقد‬
‫أباح الل أن يعدد النبي ﷺ بأكثر من أربع دون غريه‪ ،‬إذ قيد العدد إىل أربع‬
‫لغريه‪.‬‬
‫[‪]87‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫وقال احلافظ ابن حجر يف "فتح الباري"‪ :‬قوله ( فمن رغب عن سنتي فلي س‬
‫مني) املراد بالسنة الطريقة ال التي تقابل الفرض‪ ،‬والرغبة عن اليشء اإلعراض‬
‫عنه إىل غريه‪ ،‬واملراد من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غريي فليس مني‪ ،‬وملح‬
‫بذلك إىل طريق الرهبانية فإهنم الذين ابتدعوا التشديد كام وصفهم الل تعاىل وقد‬
‫عاهبم بأهنم ما وفوه بام التزموه‪ ،‬وطريقة النبي ﷺ احلنيفية السمحة‪ ،‬فيفطر‬
‫ليتقوى عىل الصوم وينام ليتقوى عىل القيام ويتزوج لكرس الشهوة‪ ،‬وإعفاف‬
‫النفس وتكثري النسل‪.‬‬
‫وقوله « فليس مني » ‪ ،‬إن كانت الرغبة برضب من التأويل يعذر صاحبه فيه‪،‬‬
‫فمعنى «فليس مني»‪ ،‬أي‪ :‬عىل طريقتي وال يلزم أن خيرج عن امللة‪ ،‬وإن كان‬
‫اضا وتنط ًعا يفيض إىل اعتقاد أرجحية عمله فمعنى « فليس مني » ‪ ،‬ليس عىل‬
‫إعر ً‬
‫ملتي؛ ألن اعتقاد ذلك نوع من الكفر‪.‬‬
‫ويف احلديث‪ :‬داللة عىل فضل النكاح والرتغيب فيه‪ ،‬وفيه تتبع أحوا ل األكابر‬
‫للتأيس بأفعاْلم‪ .‬انتهى‬

‫تزهيق الشبهة السابعة‪:‬‬

‫فلئن قيل‪ :‬املفروض أن طالب العلم يمنع نفسه من النظر للنساء واملحرمات‬
‫والنظر يف القنوات فال تأته الشهوات والرغبة يف التعدد‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬لقد جبل اإلنسان عىل الرغبة يف الشهوات املباحة‪ ،‬وقد غرس الل‬
‫هذه الفطرة يف النفوس‪ ،‬وإن مل يكن يتعرض ملا يثريها وإن مل يتعمد التنقيب عنها‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]88‬‬

‫والعثور عليها‪ ،‬فهذه دعوى باطلة وخطرية مل ينزل الل هبا من سلطان‪ ،‬بل قد تبلغ‬
‫مبلغ التهمة املتسرتة يف عفة الصاحلني الذين عددوا‪ ،‬فهذا القول ينايف ما ورد يف‬
‫الرشع‪ ،‬وخيالف الفطرة‪ ،‬فإن التعدد حتام مما يقي الرجل من تنوع الفتن املتعلقة‬
‫بالنساء‪ ،‬وال يرشع أن ُخيصص التعدد ملن يعرض نفسه للمحرمات‪ ،‬بل الشهوة‬
‫فطرة كائنة يف األنفس وقد عمت يف نفوس الناس‪ ،‬ورخص الل أن يواجهها‬
‫الرجال بالتعدد إن رغبوا يف ذلك‪ ،‬فإن قىض الرجل وطره يف زوجاته حجبه ذلك‬
‫عام حرم الل له َّ‬
‫وقل شوقه للنساء األجنبيات عنه رش ًعا فسدد وقارب للسالمة‪.‬‬
‫فإن فتنة النساء كاحلريق فمن ملسه اشتعل نريا ًنا وْل ًبا كام يشتعل احلريق يف‬
‫غابة‪ ،‬وال تطفئ تلك النريان إال التوبة والرجوع إىل الل ه تبارك وتعاىل‪ ،‬وإن فتنة‬
‫حتام‪ ،‬ولكن من فر منها ساعيًا فقد يسلم‬
‫النساء كأمواج البحر‪ ،‬فإهنا آتية وجتري ً‬
‫منها‪ ،‬ومن مل يفر منها تصدى ْلا يقينًا وجز ًما‪ ،‬فمن أخذ األسباب للحامية من فتنة‬
‫سالحا‪ ،‬مستعينًا بالل ومتوكالً عليه‪ ،‬كام يفر املرء من األمواج‪ ،‬فعساه‬
‫ً‬ ‫النساء‬
‫يسلم بإذن الل‪ ،‬وإن من أعظم األسلحة ضد فتنة النساء هو الزواج والتعدد‪.‬‬
‫فإن فتنة النساء جسيمة ولئيمة‪ ،‬وعواقبها للمصاب هبا ُم َرة و َع هسرية وبئيسة‪،‬‬
‫فكم من رجل ضل عن سواء السبيل بسبب امرأة فتنته‪ ،‬والل املستعان‪.‬‬
‫ولقد وقعت تلك االنحرا فات واحلوادث للعابدين والزاهدين والصاحلني‪،‬‬
‫فلو مل يكن من فضائل التعدد إال أنه حيجب الرجال عن فتنة النساء ويلعب دور‬
‫السالح‪ ،‬ويعد من العلل التي تعف الرجال وحتميهم‪ ،‬لكان برها ًنا كاف ًيا‪.‬‬
‫[‪]89‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫ومن ضمن تلك احلوا دث‪ :‬القصة التي رواها اإلمام القرطبي يف كتابه‬
‫" التذكرة يف أحوال املوتى وأمور اآلخرة"‪ ،‬يف باب (ما جاء يف سوء اخلامتة وما جاء أن‬
‫األعامل باخلواتيم)‪.‬‬
‫مسجدا لألذان والصالة‪ ،‬وعليه هباء‬
‫ً‬ ‫ق ـ ال‪ :‬روى أنه كان بمَّص رجل ملتزم‬
‫العبادة وأنوار الطاعة‪ ،‬فرقي يو ًم ا املنارة عىل عادته لألذان‪ ،‬وكان حتت املنارة دار‬
‫لنَّصا ين ذمي‪ ،‬فاطلع فيها فرأ ى ابنة صاحب الدار‪ ،‬فافتتن هبا وترك األذان‪ ،‬ونزل‬
‫إليها ودخل الدار‪ ،‬فقالت له‪ :‬ما شأنك ما تريد؟ فقال‪ :‬ه‬
‫أنت أريد‪ ،‬قالت‪ :‬ملاذا؟‬
‫ه‬
‫سلبت لبي وأخذت بمجامع قلبي‪ ،‬قالت‪ :‬ال أجيبك إىل ريبة‪ ،‬قال ْلا‪:‬‬ ‫قال ْلا‪ :‬قد‬
‫أتزوجك‪ ،‬قالت له‪ :‬أنت مسلم وأنا نَّصانية وأيب ال يزوجني منك‪ ،‬قال ْلا‪:‬‬
‫أتنَّص‪ ،‬قالت‪ :‬إن فعلت أفعل‪ ،‬فتنَّص ليتزوجها وأقام معها يف الدار‪ ،‬فلام كان يف‬
‫أثناء ذلك اليوم رقي إىل سطح كان يف الدار فسقط منه فامت‪ ،‬فال هو بدينه وال هو‬
‫هبا‪ ،‬فنعوذ بالل‪ ،‬ثم نعوذ بالل من سوء العاقبة وسوء اخلامتة‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقال ابن حبان يف كتاب " املجروحني" يف ترمجة‪ :‬حبيب بن أيب األرشس‪ ،‬أنه‬
‫عشق امرأة نَّصانية‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إنه تنَّص وتزوج هبا‪ ،‬فأما اختالفه إىل البيعة من‬
‫أجلها فصحيح‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وأسلف ابن حجر يف ترمجته من " لسان امليزا ن" عن عبد الل بن سلمة‬
‫األفطس‪ ،‬قال‪ :‬تزوج ابن أيب األرشس جارية نَّصانية وكان يعشقها فتنَّص‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫وإنني ألخشى أن تكون هذه الدعوى متاثل ما يتبجح به أعداء اإلسالم الذين‬
‫قست قلوهبم وحيملون فيها ما الل به عليم‪ ،‬ويستنكفون به عن رشع الل‪،‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]91‬‬

‫ويغمزون به يف رشعه سبحانه ويتطاولون به عىل التعدد‪ ،‬قائلني بأن من عدد‬


‫عديم املروءة وخائن ويسء ومفتون بالنظر للنساء واالطالع عليهن وااللتفات‬
‫ْلن‪ ،‬والل املستعان‪.‬‬
‫فال يكن هناك مثقال ذرة ريب بأن الرجل قد يكون شديدة الشهوة بغري أن‬
‫يلهم نفسه باإلثارة وخيلو من الود للحرام‪ ،‬ورغم ذلك فال تكفيه الواحدة‪.‬‬
‫وإن اكتفى بتلك الواحدة فال جناح وال تثريب وال غضاضة عليه أن يزيد‬
‫غريها‪ ،‬فإن التعدد سائغ يف مجيع األحوا ل ما دام الزوج يقيم العدل‪ ،‬وال ُيشرتط‬
‫أن يكون الزوج غري مكتفي‪ ،‬وقد قال رسول الل ﷺ‪« :‬حبب إيل من دنياكم النساء‬
‫قر ة عيني يف الصالة »‪ ،‬رواه الطرباين‪.‬‬
‫والطيب‪ ،‬وجعلت َّ‬
‫ومن كان يشرتط عدم االكتفاء ملرشوعية التعدد‪ ،‬وخيصص التعدد ْلذا‬
‫الغرض‪ ،‬فليقدم لذلك الدليل من الكتاب والسنة‪ ،‬فبيننا وبينه الكتاب والسنة‬
‫املحفوفان باحلجج والرباهني التي تثبت خالف ذلك‪.‬‬
‫قال رسول الل ﷺ‪ « :‬ما تركت فتنة بعدي أرض عىل الرجال من النساء »‪ ،‬رواه‬
‫البخاري‪.‬‬
‫وقال‪ « :‬ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل احلازم من احداكن »‪.‬‬
‫رواه البخاري‪.‬‬
‫سريا رهي ًبا‬
‫خطريا وسار ً‬
‫ً‬ ‫فمن جحد فتنة النساء وتأثريها سلك مسلكًا‬
‫وليعض األنامل وليتوىل آسفا مما ال ُحيمد عقباه وجنى عىل نفسه بيديه‪ ،‬والل‬
‫املستعان‪.‬‬
‫[‪]90‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬
‫ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ذ ََ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ذ‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫ات ِمن النساءِ ﴾ [آل‬ ‫يف حمكم التنزيل‪ ﴿ :‬زين ل ِلن ِ‬
‫اس حب الشهو ِ‬ ‫وقال الل تعاىل‬
‫عمران‪.]94:‬‬
‫ات ﴾‪ ،‬مجع‬ ‫ُ ُّ ذ َ َ‬ ‫ُ ِّ َ ذ‬
‫اس حب الشهو ِ‬ ‫قال البغوي يف "تفسريه"‪ :‬قوله تعاىل‪ ﴿ :‬زين ل ِلن ِ‬
‫ِّ َ‬
‫شهوة وهي ما تدعو النفس إليه‪ ﴿ :‬مِ َن النساءِ﴾ بدأ هبن ألهنن حبائل الشيطان‪.‬‬
‫انتهى‬
‫وقال القرطبي يف "تفسريه"‪:‬‬
‫ِّ َ‬
‫الثانية‪ :‬قوله تعاىل‪ِ ﴿ :‬م َن النساءِ﴾ بدأ هبن لكثرة تشوف النفوس إليهن؛ ألهنن‬
‫حبائل الشيطان‪ ،‬وفتنة الرجال‪ .‬قال رسول الل ﷺ‪« :‬ما تركت بعدي فتنة أشد عىل‬
‫الرجال من النساء » [أخرجه البخاري ومسلم]‪ .‬انتهى‬
‫فهذه اآلية تشمل داللة واضحة ورصحية ُيعول و ُيعتمد عليها‪ ،‬بأن الشهوات‬
‫للنساء زينت للرجال وحببت إليهم‪ .‬وتدل عىل وجود أصل امليل للنساء يف‬
‫الرجال بغري أن ُتستلزم إثارُتم للشهوات بالنظر وغري ذلك‪ .‬وتربهن أن النساء‬
‫أشد فتنة عىل الرجال حيث افتتح الل اآلية بذكرهن‪ ،‬وطالب العلم يتحاشون‬
‫من النظر للنساء ويتورعون؛ ولذا عظمت واشتدت وقويت شهوُتم يف أنفسهم‬
‫أكثر‪ ،‬بخالف غريهم‪ ،‬كام قال القرطبي يف "تفسريه"‪:‬‬
‫يقال‪ :‬إن كل من كان أتقى فشهوته أشد؛ ألن الذي ال يكون تقيًا فإنام يتفرج‬
‫بالنظر واملس‪ ،‬أال ترى ما روي يف اخلرب‪ :‬العينان تزنيان واليدان تزنيان‪ ،‬فإذا كان‬
‫يف النظر واملس نوع من قضاء الشهوة قل اجلامع‪ ،‬واملتقي ال ينظر وال يمس‬
‫فتكون الشهوة جمتمعة يف نفسه فيكون أكثر مجاعا‪ .‬انتهى‬
‫تزهيق الشبهة الثامنة‪:‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]92‬‬

‫فإن قيل‪ :‬لسنا ضد التعدد للحاجة الرشعية‪ ،‬ولكن الزواج للشهوة ال يصلح‪،‬‬
‫والزواج يستطيع أن يقيض وطره مع زوجته األوىل‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬سبحانك هذا هبتان عظيم‪ ،‬أوليس االستعفاف من احلوائج العظيمة‬
‫التي يؤيدها ويضمها التعدد ويدعو إليها الرشع؟ وما هي احلاجة املطلوبة إن مل‬
‫تكن هذه حاجة رشعية!‬
‫فإن الزواج من أعظم وأحوج وأجسم‪ ،‬وأبرز وأفيد السبل لغض البَّص‬
‫واالستعفاف‪ ،‬واحلفاظ عىل النسل والتكاثر باألمة واجلمع بني الشعوب واحلفاظ‬
‫عىل النساء من العزوبية واخلطر والفتن والغربة واحلروب واألعداء‪.‬‬
‫وإن التعدد شعرية عظيمة من شعائر اإلسالم‪ ،‬وهو يسيل شتى الفوائد‬
‫ويسكب املصالح واملقاصد الرشعية‪ ،‬ويسند عىل اتباع سنة الرسول ﷺ واتباع‬
‫خطى من وااله وصحبه والتابعني وكبار أهل العلم‪.‬‬
‫وهو أقرب للصيانة وأبعد عن املغريات الفاحشة للمرأة والرجل‪.‬‬
‫وكام ال خيفى عىل أحد‪ ،‬فاملرأة حتيض وتصاب بالنفاس وتعرتهيا األمراض‪،‬‬
‫فإن كان الزوج معد ًدا وامتنع عن معارشة زوجته لعلة رشعية متكن من أن‬
‫يستعف بزوجة غريها‪.‬‬
‫يف "تفسريه"‪ :‬خيرب تعاىل عام زين للناس يف هذه احلياة‬ ‫قال ابن كثري‬
‫الدنيا من أنوا ع املالذ من النساء والبنني‪ ،‬فبدأ بالنساء؛ ألن الفتنة هبن أشد‪ ،‬كام‬
‫ثبت يف الصحيح أنه ♥ قال‪ « :‬ما تركت بعدي فتنة أرض عىل الرجال من‬
‫النساء »‪ ،‬فأما إذا كان القصد هبن اإلعفاف وكثرة األوالد‪ ،‬فهذا مطلوب مرغوب‬
‫[‪]93‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫فيه مندوب إليه‪ ،‬كام وردت األحاديث بالرتغيب يف التزويج واالستكثار منه‪.‬‬
‫انتهى‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]94‬‬

‫اتلَكثر من اْلوالد من ثمرات اتلعدد‬


‫‪ ،‬قال‪ :‬جاء رجل إىل رسول الل ﷺ فقال‪ :‬يا‬ ‫عن معقل بن يسار‬
‫رسول الل إين أ صبت امرأة ذات حسب ومجال ولكنها ال تلد‪ ،‬أفأتزوجها؟ فنهاه‪،‬‬
‫ثم أتاه الثانية‪ ،‬فقال مثل ذلك فنهاه‪ ،‬ثم أتاه الثالثة‪ ،‬فقال مثل ذلك‪ ،‬فقال ﷺ‪:‬‬
‫« تزوجوا الودود الولود فإين مكاثر بكم األمم »‪[ ،‬رواه أبو داود (‪ ،)3111‬والنسائي (‪،)2331‬‬

‫وصححه الشيخ األلباين رمحه اهلل يف "آدا ب الزفاف" (ص ‪])923‬‬

‫إن من أجسم وأعظم املصالح التي ترتتب عىل التعدد كاملعلوم‪ ،‬وكام ورد يف‬
‫احلديث الذي َسد ُته؛ التكاثر من األوالد‪ ،‬وال ريب أن التعدد ُي َّس هري الشخص‬
‫لذلك‪ ،‬و ُي َّس ههل له أن َي حم هل َك الكثري من األوالد‪ ،‬بحيث تنجب منه كل زوجة وربام‬
‫يكن حوامل يف نفس الوقت‪ ،‬لكن يف حال اقتصار الزوج عىل زوجة واحدة‪ ،‬قد‬
‫يشق عىل الزوجة األوىل كثرة احلمل بني السنني املتقاربة وتستصعب ذلك‪،‬‬
‫والعناية هبم والرعاية‪ ،‬قد تستلزمان الكثري من اجلهد واستغراق الوقت فال تتفرغ‬
‫دورا مهام يف التكاثر باألوالد كام وىص‬
‫للمزيد من األوالد؛ ولذا يلعب التعدد ً‬
‫وأرشد اىل ذلك النبي ﷺ‪.‬‬
‫فالتعدد يوفر إمكانية التكاثر وخيفف عن مشقة الزوجة األوىل‪ ،‬فال تكن‬
‫الوحيدة التي تنجب مجيع األوالد وتقوم هبذه املسؤولية بمفردها‪ ،‬وهذه مصلحة‬
‫جسيمة يكتسبها ويصبها ويسكبها التعدد‪ ،‬أال وهي التكاثر باألوالد‪ ،‬فإنه‬
‫ملرغوب وسنة ومستحب ومندوب إليه‪.‬‬
‫[‪]95‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫تزهيق الشبهة التاسعة‪:‬‬

‫فلئن قيل‪ :‬األوىل تكفي يف أغلب أحوا ل طالب العلم‪.‬‬


‫ف أ قول‪ :‬إن الرجل الصالح أدرى بحاله‪ ،‬وهو الذي جيزم هل زوجته األوىل‬
‫تكفيه أم ال؟ فليس هناك من يعلم بام يدور بني األربعة اجلدران سوى الل‪ ،‬ثم‬
‫َ ْ َُ َ َ َ َ ْ ُ َ َ ُْ‬
‫ي وما َت ِِف‬‫الزوجني‪ ،‬قال الل عز وجل يف كتابه الكريم‪ ﴿ :‬يعلم خائِنة اْلع ِ‬
‫َ َْ ُ ُ ْ َ ذ َََُْ‬ ‫الص ُد ُ‬
‫ُّ‬
‫ور ﴾ [غافر‪ ،]91:‬وقال‪َ ﴿ :‬وما تسقط ِمن َو َرقة إِال يعلمها ﴾ [األنعام‪.]11:‬‬
‫فقد يظن الظان ‪ :‬أن الزوج املقصود مكتفي بزوجته‪ ،‬واألمر ليس كذلك‪ ،‬فهو‬
‫غري جدير هبذا التحكيم‪ ،‬وغري أهل له‪ ،‬وال جيوز أن يقول عنه ٌ‬
‫قائل‪ :‬إن الشهوات‬
‫ألهمته‪ ،‬أو أن ي َّش ه‬
‫خ َصه بطامع‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فاملجال مفتوح للزوج‪ ،‬وإن اكتفى باألوىل‪ ،‬فمع ذلك ُيرشع أن يتزوج‬
‫بغريها‪ ،‬ومن العجب يف هذا الزمن الرتصد‪ ،‬والتتبع ألحوا ل املعددين واحلساب‪،‬‬
‫للعلل التي يتزوج من أجلها‪.‬‬
‫قال رسول الل ﷺ‪ « :‬من حسن إسالم املرء ترك ما ال يعنيه »‪ ،‬رواه الرتمذي‪،‬‬
‫فليس هذا من النصح قط ًعا‪ ،‬ومل ُيرو أن السلف كانوا حياسبون من يعدد‪،‬‬
‫وحيفرون يف مناْلم ونياُتم! بل كانوا يرسون بذلك ويباركون‪ ،‬فهذا من التدخل‬
‫فيام ال يعني اإلنسان ومن إعراض الرجال عام ُ ه‬
‫رش َع ْلم‪.‬‬
‫فالتعدد أمر سائغ‪ ،‬بل من السنن النبوية ومن العبادات‪ ،‬فليقف الشخص عند‬
‫ما وقف عنده رسول الل ﷺ والصحابة‪ ،‬رضوان الل عليهم وليتق ربه‪.‬‬
‫تعاىل‪ ،‬والسائل سأل‪:‬‬ ‫ُق ِّد م سؤال للعالمة ابن باز‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]96‬‬

‫أرغب يف الزواج من امرأة ثانية‪ ،‬وأنا قادر عىل تكاليف الزواج وعىل الَّصف‬
‫عىل بيتني‪ ،‬وأجد يف نفيس أنني أستطيع أن أعدل بني الزوجتني‪ ،‬لكني سمعت من‬
‫بعض اإلخوة أن زواج الثانية ال بد له من رشوط‪ ،‬كأن تكون الزوجة األوىل‬
‫مريضة‪ ،‬أو ال تنجب‪ ،‬أو غري ذلك من األسباب‪ ،‬فهل هذا صحيح؟ أو أنه يف‬
‫قادرا‪ ،‬وأجد يف نفيس االستطاعة عىل‬
‫اإلمكان أن أعدد من غري سبب ما دمت ً‬
‫العدل بني الزوجتني‪ ،‬وما ذا يرى سامحتكم يف هذا املوضوع والسيام التعدد‬
‫خاصة؟‬
‫اجلوا ب‪:‬‬
‫ال مانع من التعدد‪ ،‬وإن كانت الزوجة املوجودة صاحلة وطيبة ليس هبا مرض‬
‫قادرا عىل الزواج‬
‫وال علة‪ ،‬ولو كانت تنجب ال حرج يف ذلك إذا كنت بحمد لل ً‬
‫ُ َ َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫انكحوا ما طاب لكم ِم َن‬ ‫وعىل العدل‪ ،‬فاحلمد لل‪ ،‬الل يقول ‪-‬سبحانه ‪﴿ :-‬ف ِ‬
‫َْ َ َ ُ َ َ َُ َ َ ْ ْ ُ ْ َذ َ ْ ُ ََ َ ً َ َ َ َ َ ْ َْ َ ُ ُ ْ‬ ‫ِّ َ‬
‫حدة أ ْو ما ملكت أيمانكم﴾‬ ‫خفتم أال تع ِدلوا فوا ِ‬
‫النساءِ مثَن وثالث ورباع ف ِإن ِ‬
‫[النساء‪ ،]2:‬والنبي ﷺ تزوج عدة من النساء ♥‪ ،‬وليس يف أزواجه‬
‫علة‪.‬‬
‫فاملقصود أنه ﷺ تزوج‪ ،‬وهكذا الصحابة تزوجوا منهم من تزوج ثنتني‪،‬‬
‫ومنهم من تزوج ثالث‪ ،‬ومنهم من تزوج أربع‪ ،‬فاألمر يف هذا واسع واحلمد لل‪.‬‬
‫إنام املؤمن حيرص أن يعدل وجيتهد يف العدل بني الزوجتني‪ ،‬أو الثالث‪ ،‬أو‬
‫األربع‪ .‬انتهى [من " فتاوى نور عىل الدرب"]‪.‬‬
‫[‪]97‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫اْلمع بي الشعوب من ثمرات اتلعدد‬


‫وإن من ضمن الفوا ئد التي تصب يف التعدد‪ :‬اجلمع بني الشعوب املختلفة‬
‫نتشارا وقو ًة ونَّص ًة‪ ،‬ولتتسع الدعوة وتبلغ األقوا م‬
‫املتفاوتة‪ ،‬ليزداد اإلسال ُم ا ً‬
‫املتعددة‪ ،‬ولقد رضب رسول الل ﷺ لنا يف ذلك مثالً إذ نكح رسول الل ﷺ‬
‫صفية بنت حيي‪ ،‬وكان عرقها يتجذر يف بني إَسائيل‪ ،‬وجرى كذلك زواجه‬
‫أيضا بميمونة‪ ،‬وأصلها‬
‫بجويرية وأصلها يتجذر يف بني املصطلق‪ ،‬وتم زواجه ً‬
‫يعود إىل بني هالل‪ ،‬رض الل عنهن أمجعني‪.‬‬
‫خري هذه اْلمة أكرثها نساء‬
‫لقد دعا ابن عباس ¶ إىل التزوج وحث عليه قائالً‪ :‬إن خري هذه األمة‬
‫أكثرها نساء‪ ،‬فهذه الرواية حتام مما يستشهد به لفضل التعدد‪.‬‬
‫تعاىل (‪َ :)106٩‬ح َّد َثنَا َع هي حب ُن احل َ َك هم‬ ‫* قال اإلمام البخاري‬
‫األَ حن َص هاري‪َ ،‬ح َّد َثنَا أَ ُبو َع َوا َن َة‪َ ،‬ع حن َر َق َب َة‪َ ،‬ع حن طَ حل َح َة ال َي هام ِّي‪َ ،‬ع حن َس هع هيد حب هن ُج َب حري‪،‬‬
‫ت‪ :‬الَ‪َ ،‬ق َال‪ « :‬فَت َ َز َّو حج فَإ ه َّن َخ ح َري َه هذ هه ا ألُ َّم هة‬
‫ت؟ ُق حل ُ‬
‫َق َال‪َ :‬ق َال هيل ا حب ُن َع َّباس ‪َ :‬ه حل َت َز َّو حج َ‬
‫أَ حك َث ُر َه ا نه َس ا ًء »‪.‬‬
‫خاصا بكثرة النساء‪ ،‬وصنف‬
‫ولقد صنف اإلمام البخاري رمحه الل تعاىل با ًبا ً‬
‫حتت هذا الباب الرواية اآلنفة‪.‬‬
‫وأما الدعوى التي تتداول بني الناس‪ :‬أن هذا األثر ال يقتيض احلث وأنه جمرد‬
‫ذكر حلال أخري الناس بأهنم تزوجوا‪ ،‬فأقول‪ :‬كيف ال يقتيض احلث‪ ،‬ولقد ذكر ابن‬
‫عباس خري هذه األمة يف سياق حثه ورصح باحلث قائالً‪« :‬تزوج! »‪ ،‬فهذا اللفظ‬
‫حيتوي صيغة أمر تقتيض الطلب‪.‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]98‬‬

‫فبنا ًء عىل ذلك‪ :‬ال تدل هذه الرواية إال عىل احلث والطلب والندب‪ ،‬وأن ابن‬
‫عباس ذكر حال أوئلك الذين تقدموا استشها ًدا للحث‪ ،‬وبذلك يدرك أولو‬
‫األبصار واإلدراك‪ ،‬ولعل بعضهم يعتقد ذلك يف قرارة نفسه‪ ،‬لكن اْلوى لدى‬
‫البعض يعمي األبصار ويصم اآلذان‪ ،‬والل املستعان‪.‬‬

‫الشبهة العاشرة‪:‬‬

‫فلئن قيل‪ :‬التعدد يؤدي إىل التنافر بني الزوجات واألوالد‪ ،‬ولتخريب البيوت‬
‫وتشتت األَسة‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬لو جاهدت الزوجات واألوالد النفس األمارة بالسوء ووساوس‬
‫الشيطان التي يقرقرها يف قلوب بعض الناس ويوسوسه يف صدورهم‪ ،‬ملا اهندم‬
‫بيت‪ ،‬وملا ساء وضع‪.‬‬
‫أيض ا عىل الزوج‪ :‬أن يقود سالمة الوضع بالعدل‪ ،‬فالذي ينبغي أن‬
‫وجيب ً‬
‫يوعظ زوجاته وأوالده وعائلته‪ ،‬وأن يرشدهم إىل واجباُتم‪ ،‬فمن املرغوب أن‬
‫يوسع الزوج عائلته باألوالد كام حث عىل ذلك الرشع ودعا إليه‪ ،‬ولو كان‬
‫األوالد ذوي لب وإدراك ووعي ألدركوا وألقروا أن توسيع العائلة منقبة عظيمة‬
‫وخري ْلم من التقليل‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فمن املفيد لألمة وْلم كذلك أن متتد العائلة فيكثر اإليناس بينهم والتعاون‬
‫عىل الرب والتقوى‪ ،‬وتتوسع املساعدة واإلعانة للبعض‪ ،‬وتتقوى األمة اإلسالمية‪،‬‬
‫قال الل عز وجل يف كتابه الكريم‪ ﴿ :‬وتعاونوا لَع ال ِّ‬
‫ِب واتلَّقوى ﴾ [املائدة‪.]3:‬‬‫ِ‬
‫[‪]99‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫فلو كانوا يعقلون ألدركوا املصالح املقتضية لذلك‪ ،‬وْلم احلق الرشعي الذي‬
‫رشعه الل ْلم ويتنعمون به عىل أبيهم‪ ،‬ولقد رشع الل التعدد‪ ،‬فكيف َيعد التعدد‬
‫ظلام ْلم ولوا لدُتم مع العلم أن الل هو الذي رشع هذه املرشوعية؟!‬
‫َ َ ْ ُ َ ُّ َ َ َ ً‬
‫قال الل تعاىل يف حمكم التنزيل‪ ﴿ :‬وال يظلِم ربك أحدا ﴾ [الكهف‪ ،]41:‬وقال‪:‬‬
‫َ َ ُّ َ َ ذ ْ َ‬
‫﴿ َوما ربك بِظالم ل ِلعبِ ِ‬
‫يد ﴾ [فصلت‪.]45:‬‬
‫والواجب عىل الزوج أن ُيسكن كل زوجة يف بيتها بمفردها إال إن ابتغت‬
‫الزوجات أن يمكثن يف بيت واحد ووافقن عىل ذلك ورضني بذلك‪ ،‬عىل الرغم‬
‫أن رسول الل ﷺ قام بإسكان كل زوجة يف بيتها‪ ،‬إذ أن هذا أحوط وأوىل‬
‫وأسلم؛ اجتنا ًبا للمشاكل بني الزوجات ولتكون لدى كل زوجة خصوصيتها‬
‫وراحة خاطرها واستقالْلا عن سائر الزوجات‪ ،‬ولئال ُتثَار غريُتا‪ ،‬ومن احلق‬
‫تلبث يف سكنه َها املستقل اخلاص هبا‪.‬‬
‫َ‬ ‫الرشعي لكل زوجة عىل زوجها أن‬
‫فيا ُترى‪ ،‬ملاذا مل ُيرو أن السلف ذكروا تلك املشاكل واملفاسد واالرضار‬
‫املزعومة الواهية الومهية التي يقدمها ا لبعض يف هذا الزمن للصد واإلعراض‬
‫والَّصف عن التعدد بينام أكثروا من ممارسة التعدد؟ فلقد شهد شاهد من أهلها‬
‫وهم شهدوا بام علموا وعاينوا وال خيافون يف الل لومة الئم‪.‬‬
‫وملاذا كانت النساء يف زمن رسول الل ﷺ ال يتحاملن عىل أزواجهن وعىل‬
‫زوجات أزواجهن؟ وملاذا كان األ والد ال يتعرضون لبعض؟ أوليسوا قدوتنا ولنا‬
‫فيهم أسوة حسنة؟ وأوليس علينا أن نسري عىل سريهم وأن نسلك مسلكهم وأن‬
‫نتبع سبيلهم؟‬
‫‪‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]011‬‬

‫فإن استعان الزوج بالل وعدل واتقى الل والزم اإلنصاف ومراقبة الل يف‬
‫شؤونه‪ ،‬فلن يكون هناك أي داعي للمشاكل لو كانوا يعقلون‪ ،‬بل تلك املشاكل‬
‫حينئذ جتري يف أنفس الذين خيلقوهنا ويصنعوهنا وليس التعدد امللوم‪ ،‬بل عليهم‬
‫بأنفسهم وإصالح أنفسهم عاجالً غري آجل‪ ،‬وال غبار عىل التعدد وال حيتوي‬
‫التعدد خلالً‪ ،‬فإنام هم املقَّصون الذين يفتقرون إىل التزود من التقوى ومراقبة‬
‫وهنارا‪ ،‬والعمل بالعلم وتعظيم شعائر الل‬
‫ً‬ ‫وظاهرا وباطنًا وليالً‬
‫ً‬ ‫وجهارا‬
‫ً‬ ‫َسا‬
‫الل ً‬
‫واإلعراض عن اْلوى وحتسني األخالق‪ ،‬والتحي باآلداب ومكارم األخالق‬
‫والسلوك السلفي‪ ،‬واحلفاظ عىل ألسنتهم وأفعاْلم‪ ،‬فإن رهبم ْلم باملرصاد؛ ولذا‬
‫ترو هذه احلروب واحلمالت والثورات عىل التعدد عن زوجات رسول الل‬
‫مل ُ‬
‫ترو عن الصحابيات والتابعات‪ ،‬لكوهنن كن يتقني رهبن حق تقاته‬ ‫ﷺ‪ ،‬ومل ُ‬
‫ويراقبنه‪ ،‬ويستسلمن لرشع الل سبحانه وتعاىل وخيضعن له كام أُ هم حرن‪ ،‬وكان يتتبع‬
‫علمهن العمل امللتحق به‪ ،‬وكن يدعن عوا طفهن املنهية عنها السلبية املذمومة‬
‫الدميمة التي ترا فق املعصية جان ًبا قدر املستطاع‪.‬‬
‫وأما فيام يتعلق ببعض النساء يف الزمن‪ ،‬فلقد مالت األنفس التباع اْلوى‬
‫واسالكه‪ ،‬وعمت األعني عن تقديم رشع الل عىل اْلوى والنفس األمارة بالسوء‪،‬‬
‫وطغت العوا طف السلبية املذمومة‪ ،‬والل املستعان‪.‬‬
‫ومما نسمعه يردد ويتوا تر دوما قوْلم‪ :‬لقد غارت أمهات املؤمنني‪.‬‬
‫فأقو ل‪ :‬هذا أمر ثابت‪ ،‬وكانت تقع اشكاالت وخالفات بينهن كام تقع‬
‫اإلشكاالت واخلالفات يف مجيع البيوت وبني مجيع الناس ويف مجيع االرتباطات‪،‬‬
‫[‪]010‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫بل قلام تقل االشكاالت واخلالفات بني األختني من نفس األم واألب‪ ،‬فضالً عن‬
‫الرضات!!‬
‫ولكن أمهات املؤمنني مل يكن يرتكبن العظائم التي تصدر من بعض النساء‬
‫وأذناهبن وأفرا خهن يف هذا الزمن‪ ،‬والتي جتعل اإلنسان ال يكتحل بغمض‪ ،‬ومل‬
‫هزوا‪ ،‬ومل يكن يقمن‬
‫يكن حيذرن من التعدد وينهني عنه‪ ،‬ومل َي ُك َّن يتخذن التعدد ً‬
‫بالكر عىل التعدد واملعددين‪ ،‬ومل يعرتضن التعدد‪ ،‬ومل يزعمن أن التعدد يورث‬ ‫ه‬
‫املفاسد ومل جيحدن مرشوعية التعدد والندب إليه‪ ،‬وإنام كن يغرن عىل النبي ﷺ‪،‬‬
‫وهن ال يلمن عىل ذلك حيث غرست هذه الفطرة يف نفوس النساء‪ ،‬وجبلن‬
‫عليها‪ ،‬فهذه الغرية بالء للنساء‪ ،‬لعل الل بذلك يكفر عن سيئاُتن ويرفعهن يف‬
‫درجاُتن وهيبهن األجور إن صربن عىل الغرية واحتسبن ومل خيالفن رشعه به‪،‬‬
‫ولتعلمن املرأة أن اجلزاء من جنس العمل‪.‬‬
‫فحذار حذار يا أمة الل‪ ،‬فليصيبنك كل ما كسبت يداك جزا ًء وفا ًقا‪،‬‬
‫وليسلطن الل عليك من يعاملك بمثال ومقدار إساءتك‪ .‬واحذري دعاء‬
‫املظلومة يف دجى الليل فإن الظلم شؤم فحذار أن تصيبك املظلومة بسهام الدعاء‬
‫ه ه‬ ‫الصائبات‪ .‬قال رسول الل ﷺ‪ « :‬اتَّقُوا الظلحمَ‪ ،‬فَإ ه َّ‬
‫ن الظ لحمَ ظ ُل ُ َامتٌ َي حو َم الحق يَ ا َم ة »‪[ ،‬رواه‬

‫مسلم]‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ذ ََ‬ ‫َ َ‬
‫ات َوما ِِف اْلر ِض ِِلَج ِز َي‬
‫لل ما ِِف السمو ِ‬ ‫قال الل عز وجل يف حمكم التنزيل‪ ﴿ :‬و ِ‬
‫ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ذ َ ََ ُ َ َ ُ َ َْ َ ذ َ َ ْ َ ُ‬
‫اْلسَن ﴾ [النجم‪.]29:‬‬ ‫ِين أحسنوا ِب‬ ‫اَّلِين أساءوا بِما ع ِملوا و َي ِزي اَّل‬
‫فإن الوقوع يف الظلم لشدة الغرية ال حيل ألي امرأة كائنة من كانت وكيفام‬
‫كان وضعها‪ ،‬بل الواجب إجراء العدل وإقام اإلنصاف‪ ،‬واالستسالم لرشع الل‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]012‬‬

‫وقدره‪ ،‬ولقد عصم واصطفى الل زوجات النبي ﷺ من الغرية التي تسلب‬
‫التقوى وتقبض العقل وسلمهن من الظلم والبغي واالعتداء‪.‬‬
‫باهرا‪ ،‬كام يف حديث‬
‫ولقد رضب زينب بنت جحش ▲ يف ذلك مثالً ً‬
‫ول اّلل ه‬
‫عائشة ▲‪ ،‬قالت عائشة ▲ فيام يتعلق بحادثة اإلفك‪ :‬كَا َن َر ُس ُ َّ‬
‫َب‪َ ،‬ما َعل ه حم هت ؟ َم ا َر أَ ي ح هت ؟»‬ ‫حت َج ححش َع حن أَ حم هري‪َ ،‬ف َق َال‪َ « :‬ي ا َز حين ُ‬ ‫َب بهن َ‬
‫ﷺ َي حسأَ ُل َز حين َ‬
‫َّصي‪ ،‬و ه‬ ‫اّلله‪ ،‬أَ حمحهي َس حم هعي َو َب َ ه‬
‫اّلل َما َع هل حم ُ‬
‫ت َع َل حي َها إه َّال َخ ح ًريا ‪.‬‬ ‫َ َّ‬ ‫ول َّ‬ ‫ت‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫َف َقا َل ح‬
‫ه ه ه‬ ‫ت عائشة‪َ « :‬و هه َي ا َّلتهي َك ا ن ح‬
‫َت ت َُس اميني م حن َأ حز َو اجه النَّ هب ِّي ﷺ‪ ،‬فَ َع َص َم َه ا َّ ُ‬
‫اّلل‬ ‫َقا َل ح‬
‫به َ‬
‫الو َر هع»‪[.‬رواه البخاري (‪ ،)3559‬ومسلم (‪.])3111‬‬
‫فسبحان الل‪ ،‬كانت الفرصة تتسنى ْلا إرضا ر رضُتا املحبوبة إىل قلب‬
‫رسول الل ﷺ فتنتَّص عليها‪ ،‬وكان بإمكاهنا عدم الذب عن عرضها أو الصمت‬
‫وإن مل تلمز يف عرضها‪ ،‬لكنها مل تصنع ذلك‪ ،‬بل قيدها عن ذلك الورع فصدعت‬
‫باحلق ونافحت عنها وذبت عن عرض عائشة ▲‪.‬‬
‫َّص ي) أَ حي‪ :‬أَ ُصو ُن َس حم هعي‬ ‫‪َ ( :‬ق حو ُْل َا ‪ :‬أَ حمحه ي َس حم هع ي َو َب َ ه‬ ‫قال النووي‬
‫َّص‪َ .‬ق حو ُْلَا‪َ ( :‬و هه َي ا َّل ته ي‬
‫ه‬
‫َّص ُت َو َمل ح أُبح ح‬ ‫ول َس هم حع ُ‬
‫ت َو َمل ح أَ حس َم حع‪َ ،‬وأَبح َ ح‬ ‫َّصي هم حن أَ حن أَ ُق َ‬
‫َو َب َ ه‬
‫َاهنَا هعن َحد النَّبه ِّي ﷺ‪َ ،‬و هه َي‬ ‫اهينهي به َج َام هْلَا َو َمك ه‬ ‫اخر هين و ُت َض ه‬ ‫ه‬ ‫ه ه‬
‫ت ُت َس ام ين ي) أَ حي‪ُ :‬ت َف ُ َ‬ ‫َك ا َن ح‬
‫ُم َفا َع َل ٌة هم َن الس ُم ِّو َو ُه َو هاال حرته َفا ُع‪[ .‬انتهى من رشح النووي عىل مسلم (‪.])992/91‬‬
‫َْ َذ ُ ْ َ َ ُ َْ ََ َذ َ ْ ُ ْ ُ‬
‫وقال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪َ ﴿ :‬وال َي ِرمنكم شنآن قوم لَع أال تع ِدلوا اع ِدلوا‬
‫َ ذ َ َ ٌ َ َْ َُ َ‬ ‫ذُ‬ ‫ُ َْ ُ ذْ‬
‫ري بِما تعملون ﴾ [املائدة‪.]3:‬‬‫ه َو أق َرب ل ِلتق َوى َواتقوا الل إِن الل خ ِب‬
‫فليست غرية زوجات رسول الل ﷺ مما يرخص ويستحل أقاويل وأفاعيل‬
‫بعض النساء الاليت يتعدين عىل حدود الل‪ ،‬و َي هق حد َن احلمالت الرشسة عىل التعدد‪،‬‬
‫[‪]013‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫فاالستدالل واال ستشهاد بأمهات املؤمنني ال جيديان للمحرمات وال جييزان‬


‫األفاعيل‪ ،‬وال يبيحان وال يربران األقاويل املخالفة لرشعه‪.‬‬
‫ثم إن رسول الل ﷺ وأصحابه والتابعون كانوا يعددون وكان األمر طبيعيًا‪،‬‬
‫فلم يرد ما يقارب الثورات واحلمالت التي تقام من قبل بعض النساء وأوالدهن‬
‫وبناُتن يف هذا الزمن عن الصحابيات‪ ،‬كان التعدد حد ًثا وال حرج‪ ،‬ومل يعدوا‬
‫آنذاك التعدد مما يشتت األَسة وجيلب التنافر بني الزوجات واألوالد‪ ،‬فلقد‬
‫أحدث بعض الناس هذا الرأ ي الذي ال يغني وال يسمن من جوع وهذه الدعوى‬
‫الباطلة يف اآلونة األخرية‪ ،‬وأصبح يلزمه بعض السلفيني من وراء ستار املفاسد‪،‬‬
‫بينام فاض الكتاب والسنة من النصوص البينة كوضوح الشمس بالظهر التي تدل‬
‫عىل فضيلة التعدد‪ ،‬وال جمال ملعارضة تلك النصوص الواردة بدعاية حصول‬
‫املفاسد‪ ،‬بل جيب االستسالم لرشع الل‪ ،‬فال يتوفر أي‪ :‬نص يدل عىل عدم فضيلة‬
‫التعدد‪ ،‬ولو حتاشا واجتنب الناس السنن بحجة مفاسد مزعومة لرحلت ولذبلت‬
‫السنن الكثرية‪ ،‬والل املستعان‪.‬‬
‫وإنام بعد أن حان انشاء احلرية املزعومة للمرأة من قبل الكافرين وأعداء‬
‫اإلسالم التي يف احلقيقة تستذْلا وجتعلها وحسنها سجينة ألهواء الرجال‪ ،‬أصبح‬
‫أهل الغرب حياربون التعدد‪ ،‬وأحدثوا وأصدروا القوانني ضد التعدد‪ ،‬عىل الرغم‬
‫أهنم ال يستقبحون الرجل الذي يتخذ اخلليالت‪ ،‬ولربام يفارق الرجل لدهيم‬
‫خليلة كل عام ثم تستجد بعد ذلك عالقة أخرى مع امرأة جديدة‪ ،‬ويامرس‬
‫العالقات املتعددة بني النساء يف زمن واحد‪ ،‬ولربام يظل الرجل يامرس عالقة‬
‫زانية مع امرأة ملدة سنني ثم يفارقها بني عشية وضحاها‪ ،‬وكأن مل يكن بينهام يشء‪،‬‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]014‬‬

‫ولربام يرتكب الزنا مع العديد من النساء وال ُيؤاخذ وال ُيالم عىل ذلك وال‬
‫يتعرض للوقيعة فيه‪.‬‬
‫ولقد ثبت أن الرجال كانوا يعددون قبل قدوم اإلسالم‪ ،‬عند العرب وعند‬
‫غريهم من األعاجم‪ ،‬وكانوا يتزوجون بعدد من النساء حتى بلغ العدد لدى‬
‫البعض إىل عرش نسوة‪ ،‬كام روي يف السنة‪.‬‬
‫امل ه حب هن َع حب هد‬
‫روى الرتمذي (‪ ،)2210‬وابن ماجه ( ‪َ ) 2٩13‬عن الز حه هري‪َ ،‬عن س ه‬
‫ح َ‬ ‫ِّ‬ ‫ح‬
‫اّلله‪َ ،‬عن اب هن ُعمر‪( :‬أَ َّن َغي َال َن بن س َلم َة الثَّ َق هفي أَس َلم و َله َع حرش نهسوة هيف اجل ه‬
‫اه هل َّي هة‪،‬‬‫َ‬ ‫َّ ح َ َ ُ ُ ح َ‬ ‫ح ح َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ح ح‬ ‫َّ‬
‫خ َّ َري أَ حر َب ًعا همنح ُه َّن)‪.‬‬
‫َفأَ حس َل حم َن َم َع ُه‪َ ،‬فأَ َم َر ُه النَّبهي ﷺ أَ حن َيتَ َ‬
‫تعاىل‪ :‬وباجلملة‪ ،‬فاحلديث صحيح بمجموع‬ ‫قال الشيخ األلباين‬
‫طريقيه عن سامل عن ابن عمر‪ ،‬وقد صححه ابن حبان واحلاكم والبيهقي وابن‬
‫القطان‪ ،‬السيام وىف معناه أحاديث أخرى‪[ .‬انتهى من "ارواء الغليل" (‪.])314 / 5‬‬
‫ت َو هعن هحدي‬‫احل َ هار هث َق َال‪( :‬أَ حس َل حم ُ‬
‫احلَا هر هث حب هن َق حيس حاألَ َس هد ِّي أو َق حي ُس حب ُن ح‬
‫ف َع هن ح‬
‫اخ َ ه‬ ‫َثامن نهسوة‪َ ،‬ف َذ َكر ُت َذله َ ه‬
‫ن أَ حر َب ًع ا»)‪[ ،‬رواه‬ ‫ك للنَّبه ِّي ﷺ‪َ ،‬ف َق َال النَّبهي ﷺ‪ « :‬ح ح‬
‫رت منح ُه َّ‬ ‫ح‬ ‫َ ح َ‬
‫أبو داود‪ )3349( :‬وحسنه األلباين يف "ارواء الغليل"‪.])311 / 5( :‬‬
‫تعاىل‪ :‬فدلت سنة رسول الل ﷺ عىل أن انتهاء‪،‬‬ ‫قال اإلمام الشافعي‬
‫الل عز وجل يف العدد بالنكاح إىل أربع‪ ،‬حتريم أن جيمع رجل بنكاح بني أكثر من‬
‫أربع‪ .‬انتهى [من "األم" (‪.])929 / 5‬‬
‫وقد جاء يف السنة أن سليامن ♠ كان يطوف بامئة امرأة يف ليلة واحدة‪،‬‬
‫َق َال‪ « :‬قَ َال‬ ‫كام روى البخاري يف "صحيحه" (‪َ ،)1141‬ع حن أَ هيب ُه َر حي َر َة‬
‫ن اللَّيحلَةَ ب هامئَةه ا حم َرأ َة تَل ه ُد كُل ا حم َرأ َ ة ُغ ال ًم ا ُي َق اته ُل هيف‬
‫السالم‪ :‬ألَطُوف َ َّ‬
‫ن َدا ُو َد َعلَي ح هه َام َّ‬
‫ُس لَ حي َامنُ حب ُ‬
‫[‪]015‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫ن َو َمل ح تَل ه حد همن ح ُه َّن إه ال‬


‫ف ههبه َّ‬
‫َيس فَأَطَا َ‬‫ه‬ ‫اّلل ه‪ .‬ف َ َق َال لَهُ املحَل َ ُ‬
‫ك‪ :‬ق ُ حل إ ه حن َشا َء َّ‬
‫اّلل ُ‪ .‬فَل َ حم يَ ُق حل‪َ ،‬ون َ‬ ‫يل َّ‬ ‫َسبه ه‬
‫اجته هه » ‪،‬‬
‫َث َو َك ا َن أَ حر َجى هحلَ َ‬ ‫صفَ إهن َحسان ق َ َال النَّبهي ﷺ َل حو ق َ َال إ ه حن َشاءَ َّ‬
‫اّلل ُ َمل ح َحيحن ح‬ ‫ه‬
‫ا حم َرأ َةٌ ن ح‬
‫[وأخرجه مسلم (‪.])9514‬‬
‫فجاء دين اإلسالم موطن الرمحة‪ ،‬وجعل للنساء حقو ًقا عىل أزواجهن‪ ،‬وألزم‬
‫الرجال باالقتصار عىل أربع ال أكثر‪ ،‬كام دلت اآلية عىل ذلك‪ ،‬إذ يقول الل تعاىل‬
‫ِّ َ َ ْ َ ُ َ َ َ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫انكحوا ما طاب لكم مِ َن النساءِ مثَن َوثالث َو ُرباع﴾ [النساء‪.]2:‬‬
‫يف القرآ ن‪﴿ :‬ف ِ‬
‫فالل جعل االقتصار عىل أربع‪ ،‬واستوجب عىل الرجال العدل ومل يكونوا‬
‫يعدلون فيام مىض‪ ،‬وأوجب عليهم حسن العرشة واإلحسان للزوجة‪.‬‬
‫َع هن ا حب هن َع َّباس ¶‪َ ،‬ع هن النَّبه ِّي ☻‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬خ ح ُري ُك حم َخ ح ُري ُك حم‬
‫هألَ حه له هه ‪َ ،‬و أَ ن َا َخ ح ُري ُك حم هألَ حه هي »‪ ،‬رواه الرتمذي‪.‬‬
‫ن ُم حؤ همنَةً‪ ،‬إ حن كَ هرهَ منها‬ ‫أنه قال‪َ « :‬ال يفحر ح ه‬
‫ك ُم حؤم ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫وروى مسلم عن أيب هريرة‬
‫آخ َر »‪ ،‬أَ حو َ‬
‫قال‪َ :‬غ ح َري ُه‪.‬‬ ‫ه‬
‫ض منها َ‬ ‫ُخ لُ ًق ا َر َ‬
‫َْ َْ ٌ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ٌ‬
‫اك ب َم ْع ُ‬
‫ْسيح بِإِحسان﴾‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫وف‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫وقال الل عز وجل يف حمكم التنزيل‪﴿ :‬فإمس‬
‫[البقرة‪.]331:‬‬
‫شارحا لآلية اآلنفة‪ :‬أن يمسك زوجته‪:‬‬
‫ً‬ ‫قال السعدي يف "تفسريه"‬
‫ْ‬
‫﴿ب ِ َمع ُروف﴾ أي‪ :‬عرشة حسنة‪ ،‬وجيري جمرى أمثاله مع زوجاُتم‪ ،‬وهذا هو‬
‫ْ َ‬
‫األرجح‪ ،‬وإال يرسحها ويفارقها ﴿ ب ِ ِإحسان﴾‪ ،‬ومن اإلحسان‪ ،‬أن ال يأخذ عىل‬
‫فراقه ْلا شيئًا من ماْلا؛ ألنه ظلم‪ ،‬وأخذ للامل يف غري مقابلة بيشء‪ .‬انتهى‬
‫وحرم عىل الل الرجال دفن البنات املنترش إذ كانوا يكرهون اجلنس األنثى‪،‬‬
‫فأخرج الل بدين اإلسالم النساء من الظلامت إىل النور‪ ،‬فأسفا أن ظهرت فئة‬
‫‪ ‬الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد‪‬‬ ‫[‪]016‬‬

‫تدعم وتساند وتنافح وُتاجي وتناضل عن اآلراء الغربية املعاداة لإلسالم‪،‬‬


‫وغرت بعض الناس بأن التعدد يورث املفاسد واملشاكل والظلم للمرأة‬
‫واألوالد‪.‬‬
‫عمرا‬
‫وقد ورد يف حديث رواه البخاري يف "صحيحه" رقم (‪ :)4640‬أن ً‬
‫أمرا حتى أنزل‬
‫قال‪ ( :‬ثم قال عمر والل إن كنا يف اجلاهلية ما نعد للنساء ً‬
‫الل فيهن ما أنزل وقسم ْلن ما قسم‪.)..‬‬
‫فليست تلك املفاسد واألرضار املذكورة التي يورثها التعدد زعام إال مفاسد‬
‫واهية ومهية وال أساس ْلا من الصحة‪ ،‬وإنام يتقمص وي تسرت ويتلبس ويتغطى‬
‫وحيتال بدرء املفاسد بعض املعارضات واملعارضني للتعدد الذين ُيظح ههرون ما ال‬
‫ُيبحطهنون‪ ،‬فيسعون لتغوير صدور الناس عىل التعدد والتهويل والرتهيب عن‬
‫التعدد بشعار املفاسد املزعومة‪ ،‬وبإهيامهم بأن التعدد مصدر مفاسد وقلعة‬
‫خالفات وصندوق مشاكل‪.‬‬
‫فاحلاصل كام قال الشاعر‪:‬‬
‫حق ـ ـ ـ ــا وكـ ـ ـ ـ ــل ك ـ ـ ـ ــاَس مكسـ ـ ـ ـ ــور‬ ‫حج ـ ــج ُتاف ـ ــت كالزج ـ ــاج ختاْل ـ ــا‬
‫وإنام الواجب عىل عباد الل أن جياهدوا أنفسهم‪ ،‬وأن يعتصموا بحبل الل‬
‫وأال َي َف َّر ُقوا‪ ،‬وأن يسعوا المتثال أمر الل ورسوله‪ ،‬وأال يتبعوا خطوات الشيطان‪،‬‬
‫وأال يستجيبوا ملرا ودته ْلم‪ ،‬وأن يفروا من مسالك اْلوى املضلة الداعية للرش‬
‫كفرارهم من األسد‪ ،‬وأن حيذروا الزيغ‪ ،‬وأن يدوسوا عىل تضليل وتلبيس‬
‫اإلبليس‪ ،‬وإن كان هناك إشكال بني الزوجات واألوالد‪ ،‬فلقد وصف الل يف‬
‫َ ََ ُ ذ ُ َ‬ ‫َ َ ُّ َ ذ َ َ ُ َ ُ‬
‫الرسول‬ ‫ين آمنوا أ ِطيعوا الل وأ ِطيعوا‬ ‫القرآن املداواة جلميع اخلالفات‪ ﴿ :‬يا أيها ِ‬
‫اَّل‬
‫[‪]017‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬
‫ْ ُ ُْ ُْ ُ َ‬ ‫َ ذ ُ‬ ‫َ ْ َ ُ ُّ ُ َ‬ ‫َْ ْ ُ ْ َ ْ ََ َ ُْْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ول إِن كنتم تؤمِنون بِاللِ‬ ‫وأو ِِل اْلم ِر مِنكم فإِن تنازعتم ْ ِِف َشء فردوه إَِل اللِ والرس ِ‬
‫َ َ َ ٌْ ََ ْ َ ُ َ ً‬ ‫ْ‬
‫َواِلَ ْو ِم اآل ِخ ِر ذل ِك خري وأحسن تأ ِويال ﴾ [النساء‪ ،]11:‬وقال الل جل وعال يف القرآن‪:‬‬
‫َ ُ ْ ََ ً ذ‬ ‫َ َ َ ِّ َ ُ ْ ُ َ َ ذ ُ َ ِّ ُ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ ُ ذ َ ُ‬
‫َيدوا ِِف أنف ِس ِهم حرجا مِما‬
‫﴿ فال وربك ال يؤمِنون حَّت ُيكموك فِيما شجر بينهم ثم ال ِ‬
‫َ َ ْ َ ُ َ ِّ ُ َ ْ ً‬
‫قضيت َويسلموا تسلِيما ﴾ [النساء‪.]51:‬‬
‫ووصف الل سبحان وتعاىل املعاملة والسلوك َ‬
‫اللذ حين يزيالن النفور بإذن‬
‫َ َ ْ َ ُ َ َ ذ ََْ َ ََ َْ ُ‬ ‫ذ ِّ َ ُ ْ َ ْ ذ‬ ‫َْ َ َ ُ‬ ‫َْ َ‬
‫الل‪َ ﴿ :‬وال تستوِي اْلسنة وال السيئة ادفع بِال ِِت ِِه أحسن فإِذا اَّلِي بينك وبينه‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ِيم ﴾ [فصلت‪.]24:‬‬ ‫اوةٌ َكأنذ ُه َو ٌّ‬
‫ِل َْح ٌ‬ ‫َع َد َ‬
‫ِ‬
‫اسب‬
‫حي َ‬
‫وإن كان يوجد من ييسء بالتعدد فهو ال يرض بذلك سوى نفسه فال ُ َ‬
‫التعدد عىل أعامل امليسء به‪.‬‬
‫ه‬
‫فمن عبث بالتعدد وظَ َل َم ومل يستوف بضوابط التعدد ّ‬
‫لوم عىل ذلك بال ريب‪،‬‬
‫لكن التعدد ال ُيالم عىل ذلك‪ ،‬وال حيمل وزر من أساء‪ ،‬بل هذا اللوم عىل التعدد‬
‫لزالت بعض املعددين ُيقاس بمن هيمز يف السلفية ألخالق بعض السلفيني‪،‬‬
‫والل املستعان‪.‬‬
‫ٌ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫از َرة ِوز َر أخ َرى ﴾ [فاطر‪ ،]93:‬وقال‪:‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫قال الل تعاىل يف كتابه الكريم‪ ﴿ :‬وال ت ِزر و ِ‬
‫َ َ َ َ ْ‬ ‫ُ ُّ َ ْ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ َ َْ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ً َ َْ‬
‫اْلا فلِنف ِس ِه ومن أساء فعليها﴾ [اجلاثية‪ ،]91:‬وقال‪ُ﴿ :‬ك نفس بِما كسبت‬
‫﴿من ع ِمل ص ِ‬
‫َ ٌ‬
‫َرهِينة﴾ [املدثر‪.]23:‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫‪‬ختامًا‪‬‬ ‫[‪]018‬‬

‫ختامًا‬

‫أويص مجيع النساء من املسلامت والسلفيات والرجال من املسلمني والسلفيني‪ :‬أن‬


‫يتقوا الل عز وجل يف هذه الشعرية العظيمة التي ثبتت‪ ،‬ووردت يف القرآن والسنة‬
‫بداللتها احلتمية‪.‬‬
‫وأن حيذروا مسالك الشيطان والتطاول الذي خيالف هدي النبي ﷺ‪ ،‬فإن‬
‫الشيطان يزين ويسترشف ويغر ليعرض الصاحلني عن سواء السبيل وليزيد‬
‫الضالني ضالالً‪.‬‬
‫وأرجو أن تم املراد الذي هدفت إليه ونويته هبذه الرسالة؛ فارتفع اللبس‬
‫وهبتت وأفحمت كيد‬
‫وانكشف التحريف ودفع هبا مكر املاكرين بالتعدد وكبتت ُ‬
‫الكائدين‪.‬‬
‫وليعلم ٌ‬
‫كل أن الل سيجزيه بام عمل‪ ،‬وأنه ليس بغافل عام يعمل الظاملون‪،‬‬
‫واملوعد عند الل‪ ،‬مهللا بلغت مهللا فاشهد‪ ،‬فليبلغ الشاهد الغائب‪.‬‬
‫واحلمد لل رب العاملني‪.‬‬
‫كتبته بقلمها‬
‫أم عومير بنت عبد السالم بن عبد القادر بن‬
‫حممد بن عمرو الناظورية املغربية‬
‫وفقها الل وغفر الل ْلا وجلميع املسلمني‬
‫[ بسيئون‪ )21( /‬ربيع اآلخر (‪2441‬ـه)]‬
‫│‬
‫[‪]019‬‬ ‫‪ ‬إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات ‪‬‬

‫الفهرس‬
‫تقديم الشيخ أيب معاذ حسني احلطيبي ‪3 ........................ ................................‬‬
‫مقدمة املؤلفة ‪4 ................................................. ................................‬‬
‫وصيتي للنساء‪ :‬بالصرب عىل التعدد ‪0 ........................... ................................‬‬
‫األدلة والنصوص الواردة للتعدد ‪2٩ .......................... ................................‬‬
‫أقوال وفتاوى أهل العلم بخصوص التعدد ‪12 ...............................................‬‬
‫الرد عىل الشبهات املتداولة حول التعدد ‪13 ................... ................................‬‬
‫تزهيق الشبهة األوىل‪13 ....................... ................................ :‬‬
‫تزهيق الشبهة الثانية‪14 ....................... ................................ :‬‬
‫تزهيق الشبهة الثالثة‪3٩ ....................... ................................ :‬‬
‫تزهيق الشبهة الرابعة‪12 ....................... ................................ :‬‬
‫تزهيق الشبهة اخلامسة‪12 ...................... ................................ :‬‬
‫اإلعالم بزوجات رسول الل ﷺ وبعض الصحابة ‪01 ........................................‬‬
‫ذكر زوجاته وبنيه وبناته ﷺ رض الل عنهم ‪00 .............................................‬‬
‫تزهيق الشبهة السادسة‪04 ..................... ................................ :‬‬
‫تزهيق الشبهة السابعة‪00 ...................... ................................ :‬‬
‫تزهيق الشبهة الثامنة‪٩2 ....................... ................................ :‬‬
‫التكاثر من األوالد من ثمرات التعدد ‪٩4 ...................... ................................‬‬
‫تزهيق الشبهة التاسعة‪٩1 ...................... ................................ :‬‬
‫اجلمع بني الشعوب من ثمرات التعدد ‪٩0 ..................... ................................‬‬
‫خري هذه األمة أكثرها نساء ‪٩0 ................................. ................................‬‬
‫الشبهة العارشة‪٩0 ........................... ................................ :‬‬
‫ختاما ‪200 ..................... ................................ ................................‬‬
‫ً‬
‫الفهرس ‪20٩ .................................................. ................................‬‬

You might also like