Professional Documents
Culture Documents
إيضاح المصالح العظيمة والدلالات الشرعية
إيضاح المصالح العظيمة والدلالات الشرعية
والدالالت الشرعية
للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
كتبته بقلمها
أم عومير بنت عبد السالم بن عبد القادر بن
حممد بن عمرو الناظورية املغربية
وفقها اهلل وغفر اهلل هلا وجلميع املسلمني
الطبعة األوىل
4112هـ 2224 -م
[]3 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
مقدمة املؤلفة
اّلل ه هم حن ُرش ه
ور أَنح ُف هسنَا ه ه ه
احل َـ حم َد للَ ،ن حح َم ُد ُه َو َن حستَعينُ ُهَ ،و َن حستَ حغف ُر ُهَ ،و َن ُعو ُذ به َّإه َّن ح
ُ
ات أَ حعاملهنَا ،من هي هد هه الل َف َال م هض َّل َله ،ومن ي حض هل حل َف َال ه ه
اد َي َل ُه. و همن سي َئ ه
َ ُ ََ ح ُ ُ ُ َ ح َح َ َ ح َ ِّ
هل إه َّال ا ُ
لل وأَ َّن ُ َ
حم َّم ًدا َعبح ُد ُه َو َر ُسو ُل ُه. َوأَ حش َه ُد أن َال إه َ َ
َ َ ُ ُ ذ ذ ََُْ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ذ َُ َ َ ُّ َ ذ َ َ ُ ذ ُ
﴿يا أيها اَّلِين آمنوا اتقوا الل حق تقات ِ ِه وال تموتن إِال وأنتم مسلِمون﴾ [سورة آل
عمرا ن .] 201 :
َ ََ ُ ْ ْ َْ َ َ َ ََ ْ َ َ َ َ َ ذ ُ ذُ َذ ُ ُ ذ َ َ ُّ َ
حدة َوخلق مِنها ز ْوجها َوبث ﴿يا أيها انلذاس اتقوا ربكم اَّلِي خلقكم مِن نفس وا ِ
ْ َْ َ َ ذ َ َ َ َ َْ ُ ْ ََ َُ َ َ ذ ُْ َ َ ً َ ً َ َ ً ذُ
اءلون ب ِ ِه َواْلرحام إِن الل َكن عليكم اء َواتقوا الل اَّلِي تس ِمنهما ِرجاال ك ِثريا ونِس
ً
َرقِيبا﴾ [سورة النساء .]2:
ُ ْ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َْ َ ُ ُ ًَْ َ ً َ َ ُّ َ ذ َ َ ُ ذ ُ
ِين آمنوا اتقوا الل َوقولوا قوال س ِديدا * يصلِح لكم أعمالكم َويغ ِف ْر ﴿يا أيها اَّل
َ َ
َ َ َ ُ ُ ََ ْ َ ْ ً َ ًَ َ ُ ْ ُُ َ ُ ْ َ ْ ُ
يما﴾ [سورة ا ألحزاب.]02- 00: لكم ذنوبكم َومن ي ِط ِع الل ورسول فقد فاز فوزا ع ِظ
أَ َّم ا َب حع د:
رش حاألُ ُمور ه َف هإ َّن
أصدق الكال هم كَال ُم اللَ ،و َخ ح َري ا حْل َ حد هي َه حد ُي ُ َ
حم َّمد ﷺَ ،و َ َّ َ
حم َد َثة به حد َع ٌةَ ،و ُكل به حد َعة َض َال َل ٌة.
حم َد َث ُاُتَاَ ،و ُكل ُ ح
ُح
فإن مما حل بنا يف األيام املاضية ما يندى له اجلبني ،من الوقيعة يف التعدد
َّص ُه ه
واملعددين ،ومن حيث عىل التعدد من قبل بعض السلفيني ،وال جيحد من َب َّ َ
لل وأضاء دربه ،ونور قلبه وقذف فيه اْلداية ،وأنار مسلكه وبعث له احلكمة ما
ا ُ
تورث هذه الوقيعة من الضري املبني.
[]5 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
كتبته بقلمها
أم عومير بنت عبد السالم بن عبد القادر بن
حممد بن عمرو الناظورية املغربية
وفقها هللا وغفر هللا لها ومجليع املسلمني
[بسيئـون ( )21ربيع اآلخر 2441ـه]
[ ]7 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
ما ألطف الل بالعباد ،وما أحكم حكمه ،وما أكمل رشيعته ،فحاشاه ُس حب َ
حا نَ ُه
َو تَ َعاىل أن يرشع ْلم ما ينثر الفساد ويورث إرضارهم ،وما ال يثمر الثمرات ،وكفى
املرء هذا اإلدراك ،فمن أدرك أن الل ال يرشع إال ما يغرس املنافع ويزرع الفوائد
للعباد ،هيأ له االستسالم لرشعه جل وعال بإذن الل.
ولل احلكمة البالغة يف رشعه ،استوعبت وأدركت ووعت وأ َقرت العقول
تلك احلكم أم مل تستوعب ،فإن الل قد أحاط بكل يشء علام ،وهو أعلم وأدرى
ه
بالولد من أمه. وأحكم ،وأرحم بنا من ه
أنفسنَا ،وأرحم
اّلل ه ﷺ به َسبحيَ ،ف هإ َذا ا حم َرأ َ ٌة ول َّ رس ُ ه
َق َالَ :قد َم ُ بن اخلطاب عمر ه* عن َ
الس حبي َأ َخ َذ حت ُه َف َأ حل َز َق حت ُه هب َبطحنههاَ ،ف َأ حر َض َع حت ُه،
الس حبي َت حس َعى ،إه حذ َو َج َد حت َصبه ًّيا يف َّ م َن َّ
ه
اّلل ه ،َّار ؟ ُق حل نَا :ال َو َّطار َحةً َولَ َد َها يف ال ن ه اّلل ﷺ« :أَ ُت َر حو َن َه هذهه ا َمل حرأ َ َة ه ول َّرس َُف َق َال ُ
متفق عليه. باد هه هم حن َه هذ هه به َو َل هد َه ا»ٌ . ال ّ :لل أَ ر ح م به هع ه
َف َق َ َّ ُ ح َ ُ
ولقد خلقنا الل لعبادته ،ومل خيلقنا عبثا ومل يرتكنا مهالً ومل يبعثنا للدنيا ألجل
اللعب واللهو ،ومل يدع لنا سبيالً غائام ومل ينفث فينا الروح ملقصد التمتع املؤقت؛
الل وال نرشك به شيئًا.
نعبد َ
بل خلقنا لغاية عظيمة ،وهي أن َ
َ َ َ َْ ُ ْ ذ َ َ ذ
اإلنس إِال اْلن و ِ قال الل سبحانه وتعاىل يف حمكم التنزيل ﴿ :وما خلقت ِ
ْ ْ َ َ ْ َ ْ ُ َ ُ ْ َ ُ ْ َْ َ ْ ُ َ َْ ُ ْ ْ َ َُُْ
ون﴾ [الذاريات ،]65:وقال ﴿ :اِلَوم أكملت لكم ِدينكم َوأتممت عليكم نِعم ِِت ِِلعبد ِ
َ َ ْ َ َ ُ ُّ ْ َ ذ َ َ ُ
اع الْ ُغ ُ ُ َ ُ ُ ْ َ ً َ َ
ور ﴾ِ ر ت م الِ إ ا ي ن ادل اة ي اْل ا م و ﴿ :وقال ، ]3[املائدة: ﴾ ا ين اإلسالم دِ
ور ِضيت لكم ِ
َْ ُْ ُّ ْ َ ُ ذ َ ْ َ َ ْ ُ ُ ْ ََ ٌ
جعهم ﴾ [يونس ،]02:وقال ﴿ :ذرهم [احلديد ،]02:وقال ﴿ :متاع ِِف ادلنيا ثم إِِلنا مر ِ
َْ ُ ُ َ ََ َذ ُ َ ُْ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ
يأكلوا ويتمتعوا ويل ِه ِهم اْلمل فسوف يعلمون ﴾ [احلجر.]3:
وصييت للنساء :بالصرب على التعدد []8
ومما يلتحق باإلدراك أن الل مل خيلقنا سوى لعبادته ،أن يستسلم العبد لرشيعته
استسال ًما مطل ًقا وأال يعرتض عىل ما رشعه سبحانه وأال يعرج عىل رشيعته ،فإن
اخلوا طر حينئذ لتطوف حوله إىل أن يستوىل عليه الشيطان ويستهويه ،فيتسيطر
وخيهر َثبَا ُت ُه ويتزعزع قلبه و ُي َّلثَم قلبه ،فيستدرجه الشيطان ويسترشف
عليه اْلوىَ ،
له املعايص ،ويرا وده ْلا فيستهني هبا فتهون عليه ،فتتناثر معاصيه ثم هيزل إيامنه،
ويزداد سو ًء يو ًما بعد يوم ،فتتسلط عليه سكرات املعصية املتوا لية املتكاثرة
املرتاكمة املتتالية ،ثم يقرتف العظائم التي تليها العواقب الوخيمة ويغرق يف دجى
َ ْ َ ُ َ ُ َ ِّ ً ُ َ ْ َ
وغسق الظلامت ،قال الل عز وجل يف حمكم التنزيلَ ﴿ :وَتسبونه هينا َوهو ِعند اللِ
ِّ َ ُ ْ ُ َ َ ذ ُ ِّ ُ َ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ ُ َ َعظ ٌ
يم ﴾ [النور ،]91:وقال ﴿ :فال َو َربك ال يؤمِنون حَّت ُيَكموك فِيما شج َر بينهم ث ذم ال ِ
َ ِّ َ
ُ ْ َ ً ذ َ ْ َ َُ ُ ْ ً َ َ ُ
َيدوا ِِف أنف ِس ِهم ح َرجا مِما قضيت َويسلموا تسلِيما ﴾ [النساء.]51:ِ
وقد تعاف نفس املرأة التعدد وتأباه ،ملا قىض الل من الغرية يف بنات آدم،
لكن عىل الرغم من ذلك فعليها أن تصرب ،وأن ترغم نفسها عىل االستسالم لرشع
الل ولقدره والرضا هبام ،إن تزوج عليها زوجها ،وأن حتتقر وتستصغر وتستهزل
الدنيا الزائلة الفانية اْلزيلة املزيفة التي ال تساوي جناح بعوضة عند الل ،وال
قنطارا ،فال تغرهنا الدنيا التي احيطت
ً شعبة وال مثقال ذرة وال توزن يف امليزان
بالبلوى ،وحفت بالفواقر وامتألت بالنوازل ،وفاضت من املكروهات ،تلك
الدنيا التي أوشكت أن تذبل ،وك أنام مل تستغرق إال طرفة عني وكأنام ترحل كلمح
البَّص.
[ ]9 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
ول الل ﷺَ « :ع َج ًب ا َق َالَ :ق َال َر ُس ُ ب حب هن هس نَان * ع حن أيب حيَ حيَى ُص َهي ح ه
ه س ذَل ه َ ه ه
ك أل َحد إهال َّ لل ح ُم حؤمن :إ ه حن أَ َص ا َبتح ُه َ َّ
َسا ُء َش َك َر أل حم هر املح ُ حؤم هن إ ه َّن أ َ حم َرهُ كُلَّهُ لَه ُ َخ ح ٌريَ ،ولَي ح َ
خريا ً َل ُه » .رواه مسلم. فَ َك ا َن َخ حريا ً َل ُه َ ،و إه حن أَ َص ا َبتح ُه َ َّ
رضا ُء َص َ َرب فَ َك ا َن ح
َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ًْ َ َُ َ ٌْ َ ُ ْ َ
ري لكم َوع ََس أن قال الل تعاىل يف القرآن ﴿ :وعَس أن تكرهوا شيئا وهو خ
ُ َ ْ َ َُْ ْ َ ْ َ ُ َ ُ ُّ َ ْ ً َ ُ َ َ ٌّ َ ُ ْ
َش لكم َوالل يعل ُم َوأنتم ال تعلمون ﴾ [البقرة.]395: َتِبوا شي ئا وهو
دائام تتقلب بام يفيده ،سواء بام يسوءه أو بام يرسه ،فام دام
فحياة املؤمن ً
اإلنسان يسلك مسلك املنهج السلفي ويسري عىل السري النقي ،ويلتزم بام أمر به
الل ورسوله ،ويسعى المتثال أمرمها ،وجيتنب ما هنيا عنه ،ويتوب إىل الل عند أن
حما يف
تزل به القدم ويتعثر ،ابتغاء وجهه وراجيًا يف رضوانه وراغبًا يف ثوابه ،وطا ً
النجاة ،ومتمن ًيا اجلنات عرضها الس اموات واألرض ،فإنه يؤمل له خري.
وليخش من يقرتف املعايص عىل نفسه ،وليخش عىل نفسه من سخط الل،
وليعلم أن ربه له باملرصاد ،وليحذر سوء العاقبة ،وليستعذ بالل من سوء اخلامتة
وليتب قبل فوات األوان ،وقبل أن يأتيه األجل ،وتبلغ روحه احللقوم ،فيندم
وتذيقه عواقب سوء عمله العلقم ،ويصادف عواقب أقوا له وأعامله امل ُ َرة ،وبئس
املصري.
ولتعلمن املرأة أهنا جمرد مارة بمتاع الغرور الدنيا الذليلة املهينة التي س ُت حه َلك
وتندثر ،وتفنى ومن عليها ،ولتدركن أهنا مل تبلغ دارها الدائمة املستقرة املستمرة
الثابتة بعد ،وإنام متر بمرحلة تقديم األعامل الصاحلة التي ال تستمر مل ًيا ،ولن
فورا ،فليست الدنيا سوى هباء منثور ويبقى وجه ربك ذو
يطول أمدها ،وتزول ً
اجلالل واالكرا م ،وكل من استذل بسخط الل ،فسيذهب أدراج الرياح،
[]00 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
وستذهب أعامله سدى ،ومن انتَّص وفاز وظفر برضوان الل ومرضاته ،فلتبتهج
ه
احلميدة. ه
بالعاقبة َسورا وليستبرش نفسه
ً
وعليها باللجوء لرهبا بالدعاء؛ ليزيل عنها املكروه؛ ولينزع عنها كرهبا
وليكشف عنها الرض ،فستخفف عنها الغرية وتذوب حرقتها ،وخيمد غيظها
وتلتئم جروحها ،ويتالشى كرهبا ويقلص ويرقأ دمعها ،وهيبت مهها بإذن رهبا،
َ ُ َ ٌْ ََْ
ري َوأبَق ﴾ [األعىل.]91:خرة خقال الل تعاىل يف كتابه الكريمَ ﴿ :واآل ِ
الل تَ َعاىل َعنح ُه -قال :نام رسول الل ﷺ ه
ض ُ * وعن عبد الل بن مسعود – َر َ
عىل حصري ،فقام وقد أثَّر يف َجنحبه ،فقلنا :يا رسول الل! لو اختذنا لك هوطاء،
فقال« :ما يل وما للدنيا؟ ما أنا يف الدنيا إال كراكب استظل حتت شجرة ثم راح وتركها»،
رواه الرتمذي وابن ماجه وغريمها ،وقال الرتمذي :هذا حديث حس ن صحيح.
قال :قال رسول الل ﷺ « :يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل وعن أنس
النار يوم القيامة ،فيصبغ يف النار صبغةً ،ثم يقال :يا ابن آدم هل رأيت خريا ً قط؟ هل مر
بك نعي ٌم قط؟ فيقول :ال والل يا رب ،ويؤتى بأشد الناس بؤسا ً يف الدنيا من أهل اجلنة،
فيصبغ صبغةً يف اجلنة ،فيقال له :يا ابن آدم هل رأيت بؤسا ً قط؟ هل مر بك شد ٌة قط؟
بؤس قط ،وال رأيت شد ًة قط » ،رواه مسلم.
فيقول :ال ،والل ما مر يب ٌ
أتيت أُيب ه
بن وروى اإلمام أمحد و أبو داود وغريمها عن ابن الديلمي ،قالّ ُ ( :
كعب فقلت له وقع يف نفيس يشء من القدر فحدثني بيشء لعل الل أن يذهبه من
قلبي؟ فقال « :لو أن الل عذب أهل سامواته وأهل أرضه لعذهبم وهو غري ظامل ْلم ،ولو
رمحهم كانت رمحته خريا ْلم من أعامْلم ،ولو أنفقت مثل أحد ذهبا يف سبيل الل ما قبله
الل منك حتى تؤمن بالقدر ،وتعلم أن ما أصابك مل يكن ليخطئك ،وأن ما أخطاك مل
وصييت للنساء :بالصرب على التعدد []02
فرج ــت وكنـ ــت أظنه ـ ــا ال تف ـ ــرج ضــاقت فلــام اســتحكمت حلقاُت ــا
وقال الشاعر:
أبش ـ ـ ـر فرب ـ ــك قـ ـ ــد أب ـ ــان املنهجـ ـ ــا ي ـ ــا شـ ـ ــاكيا هـ ـ ــم احليـ ـ ــاة وضـ ـ ــيقها
جيع ــل ل ــه مـ ــن ك ــل ض ــيق خمرجـ ــا مـ ـ ــن يتـ ـ ــق ال ـ ـ ــرمحن جـ ـ ــل جالل ـ ـ ــه
فإن الرضا بقضاء الل وقدره وعدم االعرتاض لرشعه ْلام لنصيب عظيم يف
ف نيل رضوان الل ،ومها من شامئل املؤمنني الصاحلني ،فليسع املرء ألن ه
يتص َ َ
ويتخلق ويتحىل هبام سعيًا حثيثًا؛ فلتتيقنن املرأة أن ما أصاهبا مل يكن ليخطئها،
ولتستحسن الرضا بقضاء الل وعليها أن تستيضء وتستنري درهبا به وأن حتسن
عند ظنهها ،فلن خييب ظنها بالل وهو يتوىل أمرها ،وما كتب
الظن برهبا ،ليكون َ
الل ْلا يف اللوح املحفوظ قبل أن ُ ح
خت َل َق سيحدث وسيأيت أوانه ،وما قدر ْلا
سيكون كائنا ولن يفوُتا ولن تستطيع أن تدفعه ،فإن قدر الل أن زوجها سيتزوج
حتام ال حمالة.
فسيتم ذلك ً
قال النبي ﷺ « :إن هعظم اجلزاء مع عظم البالء ،وإن الل إذا أحب قو ًم ا ابتالهم
فمن رض فله الرضا ومن سخط فله السخط » ،حسنه الرتمذي.
أمر إال بعد أن أذن الل
ويلزمها أن جتزم أهنا ال تصادف حدثا ،وال ينقيض ٌ
بذلك ،وأنى تولت وجهها وحيث ام اجتهت وأينام حلت وارحتلت وانطلقت ،ومهام
وصييت للنساء :بالصرب على التعدد []04
أصاهبا ،فإن الل مطلع عليها ورمحته تسعها ،وهو حييطها بلطفه ويشملها
بحكمته.
قال اإلمام الشافعي يف "ديوانه":
ـب َن حف َسـ ـ ـاً إه َذا َح َك ـ ـ َم ال َق َض ـ ــا ُء ه َد هع األَيَّـ ـ ـ ـ ــا َم َت حف َع ـ ـ ـ ـ ــل َم ـ ـ ـ ـ ــا َت َش ـ ـ ـ ـ ــا ُء
َوط ـ ـ ح
اد هث الد حنـ َي ـ ـ ـ ـ ــا َبـ َق ـ ـ ـ ـ ــا ُءَفمـ ـ ـ ـ ــا هحل ـ ـ ـ ـ ـو ه
َ َ اد َثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ هـة ال َّل َيالهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي
والَ َجتح ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـزع هحل ه
ح َ َ
ـاح ـ ـ ـ ـ ُة َوال َـو َفـ ـ ـ ــا ُء الس َم َ
ـك َّ َو هشي َمتُ ـ ـ ـ َ رجـ ـالً َعـ ـ َـىل األَ حه ـ َـوا هل َج حلـ ـ ًـدا َ َو ُكـ ـ حن ُ
َو َسـ ـ ـ ـ َّـر َك أَ حن َي ُك ـ ـ ـ ــو َن َْل َـ ـ ـ ــا هغطَ ـ ـ ـ ــا ُء الربا َي ـ ـ ـ ــا وإه حن َكثُـ ـ ـ ــر حت ُعيوبـ ـ ـ ـ َ ه
ـك يف َ َ ُ ُ َ َ
ه الس ـ ـ ـ ـ َـام َح هة ُك ـ ـ ـ ــل َع حي ـ ـ ـ ــب
خ ـ ـ ـ ــا ُءالسـ َ َو َك ـ ـ ـ ـ حم َع حيـ ـ ـ ــب ُي َغطِّيـ ـ ـ ــه َّ ُي َغطّـ ـ ـ ــى به َّ
ـك َوالَ َر َخـ ـ ـ ـ ــا ُء َوالَ ُب ـ ـ ـ ـ حـؤ ٌس َع َليح ـ ـ ـ ـ َ ورَوالَ ُحـ ـ ـ ـ ـ حـز ٌن َي ـ ـ ـ ـ ـ ُـدو ُم َوالَ ُس ـ ـ ـ ـ ـ ُـر ٌ
َف ـ ـ ـ ـ ـ هـإ َّن َش َام َت ـ ـ ـ ـ ـ ـ َة األَ حع ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدا َب ـ ـ ـ ـ ـ ـالّ ٌء والَ ُتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ هـر لهألَعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ه
ـادي َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط ُذالًّ َ
ـار لهلظَّم ـ ـ ـ ه
ـآن َمـ ـ ـ ــا ُء َف َم ـ ـ ــا هف ـ ـ ــي النَّـ ـ ـ ـ ه والَ َت ـ ـ ــرج الس ـ ـ ــامح َة هم ـ ـ ـن ب ه
خي ـ ـ ــل
ح ح َ ح ُ َّ َ َ َ
َو َلـ ـ حي َس َي هزيـ ـ ُـد هف ـ ــي ال ـ ـ ِّـر حز هق ال َعنَ ـ ــا ُء ـك َلـ ـ ـ ـ حي َس ُين هحق ُص ـ ـ ـ ُه ال َّتأَ ِّنـ ـ ـ ــي
َو هر حز ُق ـ ـ ـ َ
ـك الد حنـ َيـ ـ ـ ــا َسـ ـ ـ ـ ـوا ُء ـت َو َمالهـ ـ ـ ـ ُ
َفأَنحـ ـ ـ ـ َ ـت َذا َق حلـ ـ ـ ـ ــب َقنُـ ـ ـ ـ ــوع إه َذا َم ـ ـ ـ ــا ُكنح ـ ـ ـ ـ َ
َفـ ـ ـ ـ ـ ـالَ أَ حر ٌض َت هقـي ـ ـ ـ ـ ـ هـه َوالَ َسـم ـ ـ ـ ـ ــا ُء ـاحته هه ا َملنَا َيـ ـ ـ ـ ــا
ـت به َس ـ ـ ـ ـ َ َو َم ـ ـ ـ ـ حن َن َزل ـ ـ ـ ـ ح
ـاق ال َف َض ـ ـ ــا ُء إه َذا َن ـ ـ َـز َل ال َق َضـ ـ ــا َضـ ـ ـ َ وأَر ُض اّلل ه و هاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ٌة و ه
لك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حن َ َ َّ َ َ ح
َوالَ ُي حغنهـ ـ ــي َع ـ ـ ـ هـن ا َملـ ـ ـ حـو هت ال ـ ـ ـ َّـد َوا ُء َد هع األَيَّ ـ ـ ـ ــا َم َت حغ ـ ـ ـ ـ ُـد حر ُكـ ـ ـ ـ ـ َّـل هحيح ـ ـ ـ ـ ــن
نفس َها بتحايش داء الغرية املذمومة السلبية الدميمة املهنية عنها فلتو ه
اص املرأ ُة َ
التي تؤدي إىل انتهاك حرمات الل ونواهيه ،والواجب عليها أن تردع وتوبخ
[]05 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
نفسها ،وأن تدارك غريُتا ،فال تذر غريُتا تطغى عليها ،وتطرح غطا ًء يف عينيها،
فتعميها وتغلبها و ُتذهب لبها ،بل عليها أن تقدم رشعه سبحانه واالستسالم له
ولقدره عىل اْلوى والعوا طف.
ذ ُذ َ ْ َ َْ َ َ
َشء خلقناهُ بِق َدر ﴾ [القمر ،]41:وقال: قال الل تعاىل يف القرآن ﴿ :إِنا ُك
َ َْ ُ ُ ْ َ ذ ْ َ ِّ ْ ْ َََُْ ذ ُ ََْ َ َ ْ َ ُ ََ ُ َْ ْ
َب َواْلَح ِر َوما تسقط مِن َو َرقة إِال ب ال يعلمها إِال ه َو َويعل ُم ما ِِف ال﴿ َو ِعنده مفاتِح الغ ِ
ي
ُ َ ذ َْ َ َْ َ َ ُ َُ َْ َُ َ َذ
ات اْلر ِض وال رطب وال يابِس إِال ِِف كِتاب م ِبي ﴾ [األنعام.]11: يعلمها وال حبة ِِف ظلم ِ
ولتعلمن املرأة :أهنا لن تعصم ولن تصطفى من البلوى والشدائد ،ولن ختلو
حياُتا من املكروهات ومن الغموم التي تغتم هبا ،ولن حيني أجلها املسمى إال
بعد أن بعث الل ْلا يو ًما أو أيا ًما من الدهر ،أي :بالء فتبتىل ،وتلك سنة الرمحن،
لكنها أيام معدودات ،ثم يرث الل األرض ومن عليها ،وليبَّص وليشاهد كل
انسان يومئذ عيا ًنا مفعوليات أفعاله بحذافريها وما كسبت وقدمت يداه.
الش ه وا ه ه جلنَّةُ بهاملح َ َك ه ه ه
ت »َ ،ر َوا ُه َّار به َّ َ َ
ار ه َ ،و ُح َّف ت الن ُ قال رسول الل ﷺُ « :حفَّت ا ح َ
ُم حس هل ٌم.
ْ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ٌ ََ ْ َ ذ َْ ْ َ َ ٌ ْ ُُ
وقال جل وعال يف كتابه الكريم ﴿ :إِن يمسسكم ق ْرح فقد مس القوم ق ْرح مِثله
َ َْ ََ ُ ذ َ َُ َ َذ َ ْ ُ ْ ُ َ َ َ َ ُ ذ َ َ ْ َ َذ ُ َُ َُ َْ
اس و ِِلعلم الل اَّلِين آمنوا ويت ِخذ مِنكم شهداء والل ال اولها بي انل ِ وتِلك اْليام ند ِ
َ ْ َ ْ َ ُْ ذ ُ ْ َ ُ ُّ ذ
َشء مِن اْلو ِف واْل ِ
وع ك ْم ب َ َْ َ َ ُ
ن و لب نل و ﴿ :وقال ،]941 عمران: [آل ﴾ الظالِم َ
ي ِ ُيب ِ
ِ
َ ذ َ َ َ َ َُْْ ُ َ ٌ َ ُ ذ َ ذ َ َ َ َ ِّ ُ َ ْ َ ْ َ
ِّش الصاب ِ ِرين * اَّلِين إِذا أصابتهم م ِصيبة قالوا ِ ات وب
ِ ال َواْلنف ِس واثلمر ِ َونقص مِ َن اْلم َو
َ ذ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ٌ ْ ِّ ْ ْ َ ٌ ُ َ َ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ ذ
اجعون * أ ْوَل ِك علي ِهم صل َوات مِن َرب ِهم َو َرْحة َوأ ْوَل ِك ه ُم المهتدون ﴾ إِنا للِ وإِنا إِِل ِه ر ِ
َ َ َ ذ ُ َ ْ َُُْ َ ْ َُ ُ َذ ُْ
ْتكوا أن يقولوا آمنا َوهم [البقرة ،]911- 911:وقال سبحانه ﴿ :الم * أح ِسب انلاس أن ي
ْ
ِين َص َدقُوا َو َِلَ ْعلَ َم ذن ال ََكذب َ
الل ذاَّل َ
ُْ َُ َ َ ََ ْ ََذ ذ َ ْ َْ ْ َََ ْ َ َ ذ ُ
ي﴾ ِِ ال يفتنون * ولقد فتنا اَّلِين مِن قبلِ ِهم فليعلمن
[العنكبوت.]2- 9:
وصييت للنساء :بالصرب على التعدد []06
بالل فتزداد ثبا ًتا وايام ًنا واستسال ًما لقدره وودا لرهبا وملا يقضيه ْلا ،وتعض عىل
الرضا والصرب واالحتساب بالنواجذ.
ولقد ُر همي إبراهيم ♠ يف النار وكان أبوه مرش ًكا ،وأوذي يف سبيل الل،
ومكر إخوة يوسف به َوبهيع بثمن بخس ،وظل مسجو ًنا واُتم بريئًا ،ومكث ٌ
نوح
♠ يدعو قومه تسعامئة ومخسني سنة لإلسالم ،فلم يلقوا له باالً ومل
مهجورا،
ً يستجيبوا له ومل تؤمن زوجته ،وطُ هر َد رسول الل حممد ﷺ من بني قومه
ورمي عىل ظهره هسال اجلزور أثناء صالته ،وشنع عىل عرض زوجته
وأوذي ُ
الم أن تكون نس ًيا عائشة ▲ ،وغرغر ولده ابراهيم ،ومتنت مريم َع لَ حي َها َّ
الس ُ
منسيا ،ولكن كانت العاقبة ْلم حسنة ،وبرح الل عنهم وبرشهم أمجعني بام
يرسهم.
َ ً َ ً ُ
وِن ب ْردا َوسالما
لل إبراهي َم ♠ من النار إذ قال الل للنار ﴿ :ك ِ
فلقد أنقذ ا ُ
وسمي إبراهيم ♠ خليل الل ،وهو عالمة للتوحيد ََ َْ َ
لَع إِبراهِيم ﴾ [األنبياءُ ،]51:
ليومنا هذا ،وأنجبت زوجته سارة منه نب ًيا من األنبياء رغم كرب سن إبراهيم وهو
إسحاق.
مربزا ،وصدقه الناس وأومتن وفرج من السجن
ً مفرسا
ً وأصبح يوسف
وتبينت برا ءته وأصبح عزيز مَّص.
نوحا ومن آمن بالل معه من الغرق والكرب العظيم.
ونجى الل ً
ُ
ورسول الل ﷺ ُوفق يف إبالغ الرسالة لألمة وأداء األمانة ،وهو خاتم
النبيني ،وسيد املرسلني ،وسيد الناس يوم القيامة ،وإمام األمة وأورث أمة من
املسلمني والصاحلني والعلامء وهم ورثته ،وهو أرفع الناس منزلة ومقا ًما يف اجلنة.
وصييت للنساء :بالصرب على التعدد []08
الم من سيدات اجلنة ومن أفضل النساء كام ورد ،قال الل ومريم َع لَ حي َها َّ
الس ُ
تعاىل يف كتابه الكريمَ ﴿ :والْ َعاق َب ُة ل ِلْ ُم ذتق َ
ي ﴾ [القصص.]32: ِ ِ
فهنيئًا ملن عض عىل الصرب بالنواجذ ،وليتبع وليسلك املؤمن مسلك
وخطوات وسري األنبياء والرسل والصحابة والتابعني والصاحلني الذين سبقونا
وسلفونا وتقدموا من قبلنا ،بعظم جتلدهم وصربهم عىل ما اعرتاهم.
سئل اإلمام أمحد :متى جيد العبد طعم الراحة؟ قال :عند أول قدم يضعها يف
اجلنة"[ .املقصد األرشد" (])213/3
ونسأل الل العظيم رب العرش الكريم أن جيعلنا ممن ذكرهم الشيخ ابن عبد
الوهاب يف "القواعد األربع"( :ممّن إذا أُ َ
عطي شكر ،وإذا ابتُي صرب ،وإذا أذنب
استغفر ،فإ ّن هؤالء الثالث عنوان السعادة).
إن من أبرز وأرصح العلل والنصوص الواردة الثابتة املعتربة التي يستساغ هبا
و ُيعتمد عليها للتعدد ويستشهد هبا للتعدد ،ومن أبلغ الدالئل املروية الدالة
املعتمدة التي ُيستدل هبا و ُيعول عليها قول الل تعاىل يف كتابه الكريم ،قال الل
ُ َ َ َ َ ُ ْ َ ِّ َ َ ْ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ ْ ْ ُ ْ َ ذ َ
خفتم أال كحوا ما طاب لكم ِمن النساءِ مثَن وثالث ورباع ف ِإن ِ حان َ ُه َو َت َعاىل﴿ :فان ُِسب ح َ
َ َ ْ َْ ُ ُ َ َْ َ َذ َ ُ ُ ً َ َْ ُ َ
تع ِدلوا ف َوا ِح َدة أ ْو َما َملكت أي َمانك ْم ذل َِك أدن أال تعولوا ﴾ [النساء.]2:
لقد ُعلل هبذه اآلية التعدد ملن استطاع للعدل سبيالً ،فينكح ما طاب له من
النساء إىل أربع ،ثم استثنى الل من ال يتمكن من العدل واقتىض عدم استطاعته
عىل العدل االقتصار عىل الواحدة ،والواجب أن تتوفر يف الراغب بالتعدد القدرة
عىل العدل والقدرة املالية ،وأن يملك القدرة البدنية( :أي القدرة عىل الوطء).
وحق له أن يعدد وإن مل
فإن استوىف اإلنسان هبذه الرشوط والضوابط جاز ُ
ه
يستوف هبا ُح ِّر َم عليه التعدد.
ولقد اختلف بعض أهل العلم يف تفسري اآلية اآلنفة ،واملراد الذي أوحاها
تعاىل الل ألجله ،وتفاوتت األقوا ل فيام يتعلق هبذه املسألة .فرجح الطربي
القول التايل يف تفسريه فإنه يشتمل عىل الصواب والراجح:
قال الطربي يف "تفسريه"( :قال أبو جعفر :وأوىل األقوا ل التي ذكرناها يف
ْ َ َ َ ْ ْ ُ ْ َذ ُْ ُ
خفتم أال تق ِسطوا ِِف اِلَتاَم ﴾
ذلك بتأويل اآلية ،قول من قال :تأويلها ﴿ :وإِن ِ
جتوروا
[النساء ،]2:فكذلك فخافوا يف النساء ،فال تنكحوا منهن إال ما ال ختافون أن ُ
األدلة والنصوص الواردة للتعدد []21
أيضا ،فال
اجلور يف الواحدة ً
َ فيه منهن ،من واحدة إىل األربع ،فإن خفتم
تنكحوها ،ولكن عليكم بام ملكت أيامنكم ،فإنه أحرى أن ال جتوروا عليهن).
وإنام قلنا إ ّن ذلك أوىل بتأويل اآلية؛ ألن الل جل ثناؤه افتتح اآلية التي قبلها
بالنهي عن أكل أموا ل اليتامى بغري حقها َ
وخلطها بغريها من األموا ل ،فقال تعاىل
ذ ِّ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ ُ ََْ َ َ ْ َ َُ ْ َ َ ََ ذ ُ َْ َ
ب وال تأكلوا أموالهم إَِلذكره ﴿ :وآتوا اِلتاَم أموالهم وال تتبدلوا اْل ِبيث بِالطي ِ
ََْ ُ ْ ذُ َ َ ُ ً
وبا َكب ً
ريا ﴾ [النساء ،]3:ثم أعلمهم أهنم إن اتقوا الل يف ذلك ِ أموالِكم إِنه َكن ح
والتحرج يف أمر النساء ،مثل الذي
ّ فتحرجوا فيه ،فالواجب عليهم من اتقاء الل
ّ
عليهم من التحرج يف أمر اليتامى ،وأعلمهم كيف التخلص ْلم من اجلور فيهن،
عرفهم املخلص من اجلور يف أموا ل اليتامى ،فقال :انكحوا إن أمنتم اجلور يف
كام ّ
النساء عىل أنفسكم ،ما أبحت لكم منهن وح ّللته ،مثنى و ُثالث ورباع ،فإن خفتم
أيضا اجلور عىل أنفسكم يف أمر الواحدة ،بأن ال تقدروا عىل إنصافها ،فال
ً
ترسوا من املامليك ،فإنكم أحرى أن ال جتوروا عليهن ،ألهنن
تنكحوها ،ولكن َّ
أمالككم وأموا لكم ،وال يلزمكم ْلن من احلقوق كالذي يلزمكم للحرائر،
فيكون ذلك أقرب لكم إىل السالمة من اإلثم واجلور.
ففي الكالم -إذ كان املعنى ما قلنا -مرتوك استغنى بداللة ما ظهر من
الكالم عن ذكره ،وذلك أن معنى الكالم :وإن خفتم أن ال تقسطوا يف أموا ل
اليتامى فتعدلوا فيها ،فكذلك فخافوا أن ال تقسطوا يف حقوق النساء التي أوجبها
الل عليكم ،فال تتزوجوا منه ّن إال ما أمنتم معه اجلور مثنى وثالث ورباع ،وإن
أيضا يف ذلك فواحدة ،وإن خفتم يف الواحدة ،فام ملكت أيامنكم ،فرتك ذكر
خفتم ً
[]20 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
وقال احلافظ ابن حجر يف "فتح الباري" ( :باب الرتغيب يف النكاح) :له َق حوله هه
ِّ َ َ ُ َ
اب لك ْم ِم َن النساءِ ﴾ [النساء ]2:حاآل َي َة.
ُ َ َ َ
اىل﴿ :ف ِ
انكحوا ما ط َت َع َ
ُ َ َ َ َ ُ ْ َ
انكحوا ما طاب لكم مِ َن
قوله ( باب الرتغيب يف النكاح) لقوله تعاىل﴿ :ف ِ
ِّ َ
النساءِ ﴾ ،زاد األصيي وأبو الوقت "اآلية" ووجه االستدالل أهنا صيغة أمر
تقتيض الطلب ،وأقل درجاته الندب فثبت الرتغيب .انتهى
تعاىل :هل تعدد الزوجات مباح فقط أو هو وسئل الشيخ ابن باز
سنة وردت عن الرسول ﷺ؟
ُ َ َ َ َ
اجلوا ب :النص يقتيض أهنا سنة ،أقل األحوا ل أهنا سنة﴿ :ف ِ
انكحوا ما طاب
ِّ َ َ ُ
لك ْم مِ َن النساءِ ﴾ [النساء ،]2:أمر لكن برشط العدل واالستقامة.
وأما إذا خاف أال يعدل لقلة ماله أو ليشء يعرفه من نفسه من الضعف فال
يتزوج إال واحدة .انتهى من " فتاوى اجلامع الكبري".
:رجل عنده قدرة مالية وبدنية للزواج وسئل الشيخ ابن العثيمني
الثاين هل األفضل االقتصار عىل زوجة واحدة أو التعدد؟ وجزاكم الل خريا ً.
تعاىل: اجلوا ب للشيخ ابن العثيمني
التعدد أفضل من الواحدة ملا فيه من كثرة النسل ْلذه األمة ،وكثرة حتصني
الفروج من النساء الاليت بقني بال أزواج ،ولكن برشط أن يكون عند اإلنسان
أقوال وفتاوى أهل العلم خبصوص التعدد []22
قدرة مالية وقدرة بدنية ،وقدرة عملية وذلك بالعدل بني النساء ،أما أن يتزوج
َ ْ ْ ُ ْ َذ
خفتم أال وهو خيشى أال يعدل ،فإن ذلك حرا م عليه؛ ألن الل تعاىل يقول ﴿ :ف ِإن ِ
َْ َ َ َ َ ْ َْ َ ُ ُ ْ َ ْ ُ ََ َ ً
حدة ﴾ [النساء ،]2:أمر الل أن يقتَّص عىل واحدة ﴿ :أو ما ملكت أيمانكم﴾ تع ِدلوا فوا ِ
[النساء ،]2:يعني :من اإلماء؛ فإن اإلماء ال جيب العدل بينهن ،له أن جيامع من شاء
من إمائه إن كان عنده إماء وال جيب عليه العدل ،أما الزوجات فيجب أن يعدل
بينهن ،فمن كان له امرأ تان فامل إىل إحدامها جاء يوم القيامة وشقه مائل ،إال أن
بكرا سبعة
الل ُ -س حب َحا نَ ُه َو تَ َعاىل -رخص للزوج أن يبقى مع اجلديدة ،إذا كانت ً
أيام ،ومع الثيب ثالثة أيام ثم إذا متت الثالثة خريها ،قال :إن شئت أكملت لك
السبع ،ولكن تعطي زوجاتك األخريات سبعاً سب ًعا ،ثم تعود إىل الزوجة
اجلديدة.
مثاله :تزوج امرأة ثيباً وملا مىض ثالثة أيام خريها ،قالت :أريد أن تكمل يل
السبعة أيام ،فكمل ْلا السبعة وعنده زوجة أخرى ،فيبقى سبعة أيام مع الزوجة
األخرى ،ثم يعود للزوجة اجلديدة .انتهى من اللقاء الشهري.
[النساء ،]2:ملن كان خياف أال يقسط يف اليتامى ،فأحل الل له التعدد.
فأقول :الل مل خيصص ومل يعني املخاطبة إىل من خيشى من عدم القسط فيهن
حترزا واحتياطًا من مفاسد وأرضار.
والعبث هبن فحسب ،فيعدد ً
وإنام أنزلت وألقيت هذه اآلية للموفر للضوابط الرشعية التي ختتص
بالتعدد .فلقد ابتدأ الل بذكر املثنى مقد ًما واستهل اآلية هبا ،وقدم املثنى عىل
الواحدة.
فقرر أهل العلم بناء عىل ذلك أن هذه اآلية تربهن بأن التعدد يعد أصل
الزواج ،لتقديم املثنى عىل الواحدة وإطالق املثنى ابتداء ،فلو مل يكن التعدد أصل
الزواج ،ملا أطلق الل املثنى ابتداء بدالً من الواحدة كام أسلف أهل العلم ،ولو مل
َ َ َ ُ ْ ِّ َ َ ُ َ
اب لك ْم مِ َن النساءِ َمث ََن َوثالث َو ُرباع﴾ [النساء،]2:
ُ َ َ َ
ترد إال اآلية ﴿ :ف ِ
انكحوا ما ط
لكانت برها ًنا كافيًا ،لكن هناك من يتعامى عن هذه اآلية اجللية التي تضم
واضحا ومبينًا ،والل املستعان.
ً استدالالً
ثم أوجب الل االقتصار عىل الواحدة عند عدم االستطاعة واالمكانية عىل
ً ْ ُ َذ َ ْ ُ َ َ ْ
أداء حقوق الزوجة ،كام يف ختام اآلية﴿ :ف ِإن ِخفت ْم أال تع ِدلوا ف َوا ِح َدة﴾ [النساء.]2:
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []24
تناقض هذه اآلية مرشوعية التعدد قط ًعا ،بل هذه اآلية تتصنف حتت النصوص
الواردة التي تساغ التعدد و ُيعول و ُيعتمد عليها ،و ُيستشهد هبا.
َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ
قال الطربي يف "تفسريه"﴿ :ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ ولو حرصتم فال
َ ُ ُذ َْْ ََ َ ُ َ َ ُْ َ ذَ َ ْ ُ ْ ُ َ َذُ َ ذ َ َ َ َ ُ ً َ ً
حيما﴾ ت ِميلوا ُك المي ِل فتذروها َكلمعلق ِة وإِن تصلِحوا وتتقوا ف ِإن الل َكن غفورا ر ِ
[النساء.]931:
َْ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ
ي النساءِ َولو ح َرصتم فال القول يف تأويل قوله﴿ :ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب
َ ُ ُذ ْ ْ ََ َ َ َ ْ َ ذَ
ت ِميلوا ُك ال َمي ِل فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾.
َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ
قال أبو جعفر :يعني جل ثناؤه بقوله﴿ :ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ﴾،
لن تطيقوا أهيا الرجال ،أن تسووا بني نسائكم وأزواجكم يف ُحبِّهن بقلوبكم حتى
تعدلوا بينه ّن يف ذلك ،فال يكون يف قلوبكم لبعضهن من املحبة إال ُ
مثل ما ه
ْ ُ َ
لصواحبها؛ ألن ذلك مما ال متلكونه ،وليس إليكمَ ﴿ :ول ْو َح َرصت ْم﴾ ،يقول :ولو
حرصتم يف تسويتكم بينهن يف ذلك ،كام:
- 62101حدثين حممد بن عمرو ،قال ،حدثنا أبو عاصم قال ،حدثنا
يعوا أَ ْن َت ْعدلُوا َب ْيَ
ََ ْ َْ َ ُ
عيسى ،عن ابن أيب نجيح ،عن جماهد يف قوله ﴿ :ولن تست ِط
ِ
ْ ُ َ ِّ َ
واجب ،أن ال تستطيعوا العدل بينهن.
ٌ النساءِ َول ْو َح َرصت ْم ﴾ ،قال:
َ َ ُ ُذ ْ ْ
﴿ فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾ ،يقول :فال متيلوا بأهوائكم إىل من مل متلكوا حمبته
منهن َّ
كل امليل ،حتى حيملكم ذلك عىل أن جتوروا عىل صواحبها يف ترك أداء
الواجب ْلن عليكم من حق :يف ال َقسم ْلن ،والنفقة عليهن ،والعرشة باملعروف.
َ ْ َ ذَ َ ََ َ
﴿ فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة﴾ ،يقول :فتذروا التي هي سوى التي ملتم بأهوائكم
َ ْ َ ذَ
إليهاَ ﴿ ،كل ُمعلق ِة﴾ ،يعني :كالتي ال هي ذات زوج ،وال هي أيِّ ٌم.
[]27 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
- 62100حدثنا احلسن بن حييى ،قال :قال أخربنا عبد الرزاق قال ،أخربنا
َ ْ َْ َ ُ َ ْ َْ ُ
معمر ،عن أيوب ،عن ابن سريين ،عن عبيدة يف قولهَ ﴿ :ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا
ْ ُ َ َ ْ َ ِّ َ
ي النساءِ َول ْو َح َرصت ْم ﴾ [النساء ،]931:قال :يف املودة ،كأنه يعني احلب.
ّ ب
- 62101حدثين املثنى ،قال حدثنا عبد الل بن صالح قال ،حدثني
َْ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ
ي النساءِ َولو معاوية ،عن عي ،عن ابن عباس ﴿ :ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب
ْ ُ
َح َرصت ْم﴾ [النساء ،]931:يقول :ال تستطيع أن تعدل بالشهوة فيام بينهن ولو
حرصت( .)0
- 62101حدثنا برش ،قال ،حدثنا يزيد قال ،حدثنا سعيد ،عن قتادة،
وحدثنا ابن بشار قال ،حدثنا عبد األعىل قال ،حدثنا سعيد ،عن قتادة ،قال :ذكر
لنا أن عمر بن اخلطاب كان يقول ( :مهللا أ َّما قلبي فال أملك ! وأما هس َو ى ذلك،
فأرجو أن أعدل !) ( .)2
- 62101حدثين املثنى ،قال حدثنا أبو صالح قال ،حدثني معاوية ،عن
َْ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ
ي النساءِ َولو ح َرصتم ﴾ عي ،عن ابن عباس قوله ﴿ :ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب
[النساء ،]931:يعني :يف احلب واجلامع.
يعقوب بن إبراهيم قال ،حدثنا ابن علية ،وحدثنا ابن بشار - 62101حدثين
قال ،حدثنا عبد الوهاب ،قاال مجي ًعا ،حدثنا أيوب ،عن أيب قالبة :أن رسول الل ﷺ
ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2هذا ضعيف ،يف سنده عبد الل بن صالح كاتب الليث ضعيف.
( )1يف سنده سعيد بن بشري ضعيف.
[]29 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
كان يقسم بني نسائه فيعدل ،ثم يقول ( :مهللا هذا قَ حس همي فيام أملك ،فال َتلُمني فيام
َمت لك وال أملك) ( .)0
- 62101حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا حسني بن عي ،عن زائدة ،عن
َ ْ
عبدالعزيز بن رفيع ،عن ابن أيب مليكة قال :نـزلت هذه اآلية يف عائشةَ ﴿ :ولن
َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ
ي النساءِ ﴾ [النساء.]931: تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب
- 62101حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا أبو معاوية ،عن جويرب ،عن
الضحاك ،قال :يف الشهوة واجلامع( .)2
- 62112حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا املحاريب ،عن جويرب ،عن
الضحاك قال :يف اجلامع.
- 62116حدثنا عي بن سهل ،قال حدثنا زيد بن أيب الزرقاء قال ،قال
َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ
سفيان يف قوله ﴿ :ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ ولو حرصتم ﴾ [النساء،]931:
قال :يف احلب واجلامع.
- 62110حدثنا يونس ،قال أخربنا ابن وهب قال ،قال ابن زيد يف قوله:
ْ ُ َ ِّ َ ْ ُ َ ْ َْ ُ َْ َ َ
ي النساءِ َول ْو َح َرصت ْم ﴾ [النساء ،]931:قال :ما يكون من
﴿ َول ْن تستطيعوا أن تعدلوا َب َ
ِ ِ
بدنه وقلبه ،فذلك يشء ال يستطيع َي حملكه.
ُ ُذ ْ ْ َ َ
ذكر من قال ما قلنا يف تأويل قوله ﴿ :فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾ [النساء.]931:
ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- 62110حدثنا يعقوب بن إبراهيم ،قال حدثنا ابن علية قال ،حدثنا ابن
ُ ُذ ْ ْ َ َ
عون ،عن حممد قال :قلت لعبيدة ﴿ :فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾ ،قال :بنفسه.
- 62111حدثنا سفيان ،قال حدثنا ابن علية ،عن ابن عون ،عن حممد،
عن عبيدة ،مثله.
- 62111حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا أبو أسامة ،عن هشام ،عن ابن
ْ ْ ُذ ُ َ َ
سريين ،عن عبيدة ﴿ :فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾ ،قال هشام :أظنه قال :يف احلب
واجلامع.
- 62111حدثين املثنى ،قال حدثنا حبان بن موسى ،قال أخربنا ابن
ُذ ْ ْ
املبارك قال ،أخربنا هشام ،عن ابن سريين ،عن عبيدة يف قولهُ ﴿ :ك ال َمي ِل ﴾،
قال :بنفسه.
- 62111حدثنا بحر بن نَّص اخلوالين ،قال حدثنا برش بن بكر قال،
َ َ ُ ُذ
أخربنا األوزاعي ،عن ابن سريين قال :سألت عبيدة عن قول الل ﴿ :فال ت ِميلوا ُك
ْ ْ
ال َمي ِل ﴾ ،قال :بنفسه.
- 62111حدثنا ابن وكيع قال ،حدثنا سهل بن يوسف ،عن عمرو ،عن
ُ ُذ ْ ْ َ َ
احلسن ﴿ :فال ت ِميلوا ُك ال َمي ِل ﴾ ،قال :يف الغشيان وال َق حسم( .)0
ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- 62111حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا أيب ،عن محاد بن زيد ،عن أيوب،
عن أيب قالبة قال :كان النبي ﷺ يقسم بني نسائه فيعدل ،ويقول « :مهللا هذه
هق حس متي فيام أملك ،فال تلمني فيام متلك وال أملك ! » ( .)0
- 62111حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا عبد الوهاب ،عن أيوب ،عن أيب
قالبة ،عن عبد الل بن يزيد ،عن عائشة ،عن النبي ﷺ ،بمثله.
- 62111حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا أيب ،عن مهام بن حييى ،عن قتادة،
عن النرض بن أنس ،عن بشري بن َهنيك ،عن أيب هريرة ،عن النبي ﷺ قال « :من
كانت له امرأتان َيميل مع إحدامها عىل األخرى ،جاء يوم القيامة أح ُد هش َّقيه ساقط »( .)2
ََ َ َ َ ْ َ ذَ
ذكر من قال ما قلنا يف تأويل قوله ﴿ :فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ [النساء.]931:
- 62111حدثين املثنى ،قال حدثنا عبد الل بن صالح قال ،حدثني
َ ْ َ ذَ َ ََ َ
معاوية ،عن عي بن أيب طلحة ،عن ابن عباس ﴿ :فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ ،قال:
تذروها ال هي أيّم ،وال هي ذات زوج( .)3
- 62112حدثنا ابن وكيع ،قال :حدثنا حييى بن يامن ،عن أشعث ،عن
َ َ ْ َ ذَ ََ َ
جعفر ،عن سعيد بن جبري ﴿ :فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ [النساء ،]931:قال :ال أ ِّي ًام وال
ذات بعل( .)4
ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- 62116حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا ابن يامن ،عن مبارك ،عن احلسن:
َ َ ْ َ ذَ ََ َ
﴿ فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ ،قال :ال مطلقة وال ذات بعل( .)0
- 62110حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا سهل بن يوسف ،عن عمرو ،عن
احلسن ،مثله.
- 62110حدثنا برش بن معاذ ،قال حدثنا يزيد قال ،حدثنا سعيد ،عن
َ َ ْ َ ذَ ََ َ
قتادة ﴿ :فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ ،أي كاملحبوسة ،أو كاملسجونة( .)2
- 62111حدثنا احلسن بن حييى ،قال أخربنا عبد الرزاق ،قال أخربنا
َ َ ْ َ ذَ ََ َ
معمر ،عن قتادة يف قوله ﴿ :فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ ،قال :كاملسجونة.
- 62111حدثنا ابن محيد قال ،حدثنا حكام بن سلم ،عن أيب جعفر ،عن
َ َ ْ َ ذَ ََ َ
الربيع يف قوله ﴿ :فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ ،يقول :ال مطلقة وال ذات بعل.
- 62111حدثين املثنى ،قال حدثني إسحاق قال ،حدثنا عبد الرمحن بن
َ َ ُ ُذ َْْ
سعد قال ،أخربنا أبو جعفر ،عن الربيع بن أنس يف قوله ﴿ :فال ت ِميلوا ُك المي ِل
ََ َ َ َ ْ َ ذَ
فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ [النساء ،]931:ال مطلقة وال ذات بعل( .)3
- 62111حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا حممد بن بكر ،عن ابن جريج قال:
َ َ ْ َ ذَ ََ َ
بلغني عن جماهد ﴿ :فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ ،قال :ال أيام وال ذات بعل( .)4
ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- 62111حدثين املثنى ،قال حدثنا أبو حذيفة قال ،حدثنا شبل ،عن ابن
َ َ ْ َ ذَ ََ َ
أيب نجيح ﴿ :فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ ،ليست بأيم وال ذات زوج.
- 62111حدثنا ابن وكيع ،قال حدثنا املحاريب وأبو خالد وأبو معاوية،
عن جويرب ،عن الضحاك ،قال :ال تدعها كأهنا ليس ْلا زوج( .)0
- 62112حدثنا حممد بن احلسني ،قال حدثنا أمحد بن مفضل قال ،حدثنا
َ َ ْ َ ذَ ََ َ
أسباط ،عن السدي ﴿ :فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ ،قال :ال أ ِّي ًام وال ذات بعل.
- 62116حدثين يونس ،قال أخربنا ابن وهب قال ،قال ابن زيد يف قوله:
َ ْ َ ذَ َ ََ َ
﴿ فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ ،قال( :املعلقة) ،التي ليست ب ُم َ
خالة ونفسها فتبتغي ْلا،
وليست متهيئة كهيئة املرأة من زوجها ،ال هي عند زوجها ،وال مفارقة ،فتبتغي
لنفسها .فتلك( :املعلقة).
َ َ ُ ُذ َْْ
قال أبو جعفر :وإنام أمر الل جل ثناؤه بقوله ﴿ :فال ت ِميلوا ُك المي ِل
ََ َ َ َ ْ َ ذَ
َ
الرجال بالعدل بني أزواجهن فيام استطاعوا فيه فتذ ُروها َكل ُمعلق ِة ﴾ [النساء،]931:
العدل بينهن من القسمة بينهن ،والنفقة ،وترك اجلور يف ذلك بإرسال إحداهن
عام ال َ
العدل بينهن فيه ،إذ كان قد صفح ْلم َ عىل األخرى فيام فرض عليهم
َ
العدل فيه بينه ّن مما يف القلوب من املحبة واْلوى .انتهى يطيقون
َْ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ
ي النساءِ َولو ح َرصتم وقال البغوي يف " تفسريه"﴿ :ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب
َ َ ُ ُذ َْْ ََ َ ُ َ َ َُْ ذَ َ ْ ُ ْ ُ َ َذُ َ ذ َ َ َ َ ُ ً َ ً
حيما﴾ فال ت ِميلوا ُك المي ِل فتذروها َكلمعلق ِة وإِن تص ِلحوا وتتقوا ف ِإن الل َكن غفورا ر ِ
[النساء.]931:
ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقسم بني نسائه فيعدل ويقول « :مهللا هذا قسمي فيام أملك ،فال تلمني فيام متلك وال
أملك » ،قال الرتمذي :يعني به احلب واملودة ،كذلك فرسه أهل العلم.
قال الرتمذي :رواه غري واحد عن محاد بن زيد عن أيوب عن أيب قالبة
مرسالً ،وهو أصح من رواية محاد بن سلمة ،وقد أخرج البيهقي من طريق عي بن
أيب طلحة عن ابن عباس يف قوله ﴿ :ولن تست ِطيعوا ﴾ [النساء ]931:اآلية ،قال :يف
احلب واجلامع ،وعن عبدة بن عمرو السلامين مثله .انتهى
ُ َ َ َ َ ُ ْ َ
انكحوا ما طاب لكم مِ َن
تعاىل :يقول تعاىل ﴿ :ف ِ سئل الشيخ ابن باز
ً َ َ َ ْ ْ ُ َذ َ ْ ُ َ ُ َ ْ ِّ َ
النساءِ َمث ََن َوثالث َو ُرباع ف ِإن ِخفت ْم أال تع ِدلوا ف َوا ِح َدة ﴾ [النساء ،]2:ويقول يف آية
َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ
أخرى ﴿ :ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا بي النساءِ ولو حرصتم ﴾ [النساء ،]931:فام تفسري
ذلك؟
اجلوا ب:
تقدم اجلواب عن هذا ،وأن االستطاعة ال يمكن أن يقوم اإلنسان بذلك،
لكن عليه املستطاع ،عليه ما يقدر ،أما احلب -حب اإلنسان يف قلبه -فقد حيب
هذه أكثر ،وقد جيامع هذه أكثر ،وقد يأنس بكالمها أكثر ،فليس األمر بيده ،هذا
يتعلق بالقلوب ،وكان النبي ﷺ يقسم بني نسائه عليه الصالة والسالم ويقول:
« مهللا هذا قسمي فيام أملك ،فال تلمني فيام متلك وال أملك» ،هكذا يقول النبي ﷺ،
قال العلامء :معناها احلب واملودة وما ينشأ عن ذلك ،هذه أمور بيد الل .انتهى من
" فتاوى اجلامع الكبري".
ورب الرجل العازب ينكح امرأة فينفرد هبا ،ومع ذلك ال ه
يكن ْلا حمبة ،وال ُ َّ
متزوجا بسواها ،فال
ً حيسن إليها وال يقيم حقوقها عليه ،وال يكرمها ،وإن مل يكن
[]37 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
َسا
يقيد التعدد حصول ذلك ،بل االعتبار يف استيطان تقوى الل ومراقبته احلقة ً
حاجزا عن
ً وهنارا؛ بحيث يكون لباس التقوى
ً وظاهرا وباطنًا وليالً
ً وعالني ًة
الظلم والعصيان والبغي والطغيان.
زو َج ها له؟ ) فقال: بن عي ¶ ( :إ َّن يل بهنتًا ،ف َم ن ترى أن أُ ِّ للحسن ه
ه هق َ
يل
ه
( َز ِّو حج ها ملَن َيتَّقي اللَ ؛ فإن أَ َحبَّ ها أَ حك َر َم ها ،وإن أَ ب ح َغ َض ها َمل َي ظح له حم ها )( .)0
ه
يوص لقد أرشد احلسن بن عي إىل حسن السلوك يف تزويج البنت ،ومل
بتفضيل العازب عىل املتزوج ،بل وىص بالتزوج لذي تقوى ،إذ أن من اتقى الل
راقب الل يف زوجته وعلم أنه َس ُيسأل يوم القيامة عام صنع بزوجته ،فخيش مقامه
بني يدي ربه عند السؤال وخاف عقاب الل وطمح يف ثوابه ،فأورث ذلك حرصه
عىل أداء حقوقها والبعد عن ظلمها.
ولذا أمر رسول الل ﷺ األولياء أن يوا فقوا عىل تزويج بناُتم لذي دين
وخلق ،ومل يميز بني العازب واملتزوج ،قال رسول الل ﷺ« :إذا خطب إليكم
من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إال تفعلوا تكن فتنة يف األرض ،وفساد
ََْ ُ ْ ذ َ ْ َ ُ ْ َْ
عريض»( ،)2وقال الل تعاىل يف كتابه الكريم﴿ :إِن أك َرمكم ِعند اللِ أتقاكم﴾
[احلجرات ،]92:فال يتعلق وقوع الظلم بالتعدد أو عدمه ،فإن املتقي املستعني بالل
واملتوكل عليه لن يظلم بإذن الل.
ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب «العيال» البن أيب الدنيا ( ،)103 /2و«رشح السنَّة» للبغوي (.].)22 /٩
َ ( )2انظر
( )1رواه الرتمذي يف (النكاح) ،باب (ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه) ،برقم.)2004( :
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []38
قال اإلمام مسلم رمحه الل تعاىل ( َ :) 1664ح َّد َثنَا أَ ُبو َب حك هر حب ُن أَ هيب َش حي َب َةَ ،وا حب ُن
حي َيى حب هن ُنمريَ ،ق َاال :ح َّد َثنَا َعب ُد اّلل ه بن إهد هريسَ ،عن ربهيع َة ب هن ُعثحام َنَ ،عن ُ َ ه
حم َّمد حب هن َ ح ح َ ح َ َ ح ح َّ ح ُ ح َ َح
ه ول ه
ن ال ح َق هويَ ،خ ح ٌري اّلل ﷺ« :ا حمل ُ حؤم ُ َحبَّا َنَ ،ع هن حاألَ حع َر هجَ ،ع حن أَ هيب ُه َر حي َر َةَ ،ق َالَ :ق َال َر ُس ُ َّ
ك ،واست هَع ن به اّلله و أَحب إه َىل الل ه همن املح حؤ هم هن َّ ه ه ه
ص َع َىل َما َينحفَع ُ َ َ ح ح الضعيفَ ،ويف كُل َخ ح ٌري ا حح هر ح َ ُ َ َ
َو َال َت حع َج حز ».
َ ُُْ ْ َ ََْْ َ َْ ً َ ْ َذ
وقال الل تعاىل يف كتابه الكريمَ ﴿ :ومن يت ِق الل َيعل لُ َم َرجا * َوي ْرزقه مِن
َ ُ َ َ ْ ُ ُ ذ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ُ ُ ِّ
ُك َ ْ ََْ ُ َ ْ َََ ذْ ََ َْ ُ
َشء حيث ال ُيت ِسب َومن يتوَّك لَع اللِ فهو حسبه إِن الل بالِغ أم ِره ِ قد جعل الل ل ِ
َْ
قد ًرا ﴾ [الطالق.]2- 3:
متزوجا بسواها ،بخالف
ً ولكن الغري متقي قد يظلم زوجته وان مل يكن
املتقي الذي يتحرى العدل ويسارع ويتسابق يف القيام به ويبادر بإجرائه بام يمكنه
وال يكلف الل نفسها إال وسعها.
ومن خيش عىل نفسه من الظلم إن عدد فإنه حيرم عليه رش ًعا التعدد ،فهذا
يقتيض أن التعدد ال جيلب الظلم وليس مصدرا للظلم ،وهو رد كايف وشايف وبليغ
عىل من يدعي أن التعدد يؤدي للظلم فيجب اجتنابه در ًء للظلم ،فلو كان التعدد
يؤدي للظلم ،ملا حرم الل التعدد ملن خيش عىل نفسه من الظلم والقى نفسه غري
أهل للتعدد!
وإ حن عدد من يشعر ويرتجح أنه ال يستطيع للعدل سبيالً وأنه غري جدير به،
َ َْ َ َ ذ َ َ ً
َب الل َغفِال فسيعاقبه الل بام يستحق .قال الل تعاىل يف كتابه الكريم ﴿ :وال َتس
ون إ ذن َما يُ َؤ ِّخ ُر ُه ْم ِِلَ ْوم ت َ ْش َخ ُص فيه اْلَبْ َص ُ
َ ذ َْ َُ ذ ُ َ
ار ﴾ [إبراهيم.]43: ِ ِ عما يعمل الظال ِم ِ
ُّ َ َ َ ً َْ َْ َ َ ُّ َ َ ذ
يد﴾ [فصلت ،]45:وقالَ ﴿ :وال يظلِ ُم َربك أحدا﴾ وقالَ ﴿ :وما ربك بِظالم ل ِلع ِب ِ
[الكهف.]41:
[]39 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
فإن قيل :لو كان األزواج يريدون املصالح الرشعية ،لتزوجوا باملطلقات
واألرمالت والعنوسات ،وما طالبوا بالصغر واجلامل.
فأقول :إجراء املصالح واملقاصد الرشعية ال يقتَّص عىل الزواج باألرملة
والـمطلقة والكبرية فحسب ،بل يستحب الزواج باألبكار ،كام روي يف حديث
جابر بن عبد الل ¶.
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []41
وخري سلف لنا يف ذلك رسول الل ﷺ ،حيث تزوج بعائشة ▲ وهي
بكر ،وعقد عليها وهي صغرية للغاية ،فلقد كانت بنت ست ودخل هبا رسول
الل ﷺ حينام بلغت التاسعة من عمرها .ولقد ورد أن خدجية وعائشة وجويرية
الل َعن ُحه َّن ُك َّن ذوات مجال ،فهل هؤالء املستنكرون ه
ض ُ وصفية وأم سلمة َر َ
سيستنكرون عىل اختيار رسول الل ﷺ ْلن؟! وهل سيستنكرون عىل زواجه
؟! فلقد كانت متر بالسادسة من عمرها حني عقد عليها ،والتاسعة بعائشة
من عمرها إذ دخل هبا.
والزواج باملطلقات واألرمالت جائز للمصالح كاملذكور يف حديث جابر بن
عبد الل ¶ حيث اختار ثيبًا؛ لتقوم عىل أخوا ته ،وتوجد العديد من املصالح
. الرشعية التي قد يتضمنها الزواج بالثيبات كام ُذكر يف حديث جابر
ولعل الثيبات أدركن الكربات بعد الفراق من أزواجهن ،ولعل العنوسات
األبكار يفتقرن للزواج ،فيجزي أوئلك األزواج عىل نياُتم احلسنة بتفريج
كرباُتن بالزواج هبن.
اّلل ﷺ َق َال « :املسل ُم أَخو املسلم ،ال َ
رسول َّ عمر ¶ :أَن * عن ابن َ
اّلل ُ هيف حاجت ه هه ،و َم حن فَ َّر َج َع حن ُم سلم ه ه ه ه
َي ظل ه ُمه ،وال ُي حسل ه ُمهُ ،و َم ح
ن كَانَ يف حاجة َأخيه كا َن َّ
اّلل ُ َيو َم الحقهيا َم هة» . لام َس َ َ
رتهُ َّ ن َس َ َرت ُم حس ً
ه ن ك ُ َر ه
ب يوم القيامةَ ،و َم ح
ه
اّلل ُ َعنحهُ هبا كُ حربةً م ح
ُك حر بةً ف َ َّر َج َّ
ُمتَّ َف ٌق َع َل هيه.
َ ُ ُْ َ ََْْ َ َْ ً َ ْ َذ
حانَهُ َوتَعَاىل يف حمكم التنزيلَ ﴿ :ومن يت ِق الل َيعل لُ َم َرجا * َوي ْرزقه
وقال الل ُسب ح َ
ُ ُا ْ َ َ ْ َََ َ ُْ ََْ ْ َْ ُ
ِمن حيث ال ُيت ِس ُب﴾ [الطالق ،]2- 3:وقالَ ﴿ :وإِن يتف ذرقا يغ ِن الل ّلُك مِن سعتِ ِه﴾
[]40 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
َْ ُ ُ َْ ْ لل يُ ْؤ ِتي ِه َم ْن ي َ َش ُ َ َ َ ْ ُ
اء َوالل ذو الفض ِل الع ِظ ِ
يم﴾ [النساء ،]921:وقال﴿ :ذل ِك فضل ا ِ
[اجلمعة.]4:
فمن اتقت الل آ تاها الل من فضله وأنعم عليها من نعمه من حيث ال
حتتسب ،وحيثام شاء ،وكيفام شاء وبمن شاء من الرجال الصاحلني.
وال ريب أن املرأة الصاحلة احلاملة للخصال املحمودة كالدين واخللق
بكرا ،ويباح وحيل للرجل أن
والعلم وإىل آخرها مقدمة عىل غريها ،وإن مل تكن ً
ينكحها رغب ًة وطم ًعا يف صفاُتا احلسنة ،لكن باملقابل قد توجد بكر ٌ
خري من
األرملة واملطلقة والعنوسة دينًا وخل ًقا وعلام فيظفر الزوج هبا.
والرشح يف "فتح الباري" يبني احلكمة واملقاصد الرشعية الواردة من الندب
إىل التزوج باألبكار كام يي:
* قال البخاري رمحه الل تعاىل (َ :)100٩ح َّد َث نَا أَبُو الن حع َام هنَ ،ح َّد َثنَا ُه َشيح ٌم،
اّللهَ ،ق َالَ :ق َف حلنَا َم َع النَّبه ِّي ﷺ هم حن ه
َح َّد َثنَا َس َّي ٌارَ ،ع هن ال َّش حعبه ِّيَ ،ع حن َجابه هر حب هن َع حبد َّ
ريي خ َس َب هع ه ب هم حن َخ حل هفيَ ،فنَ َ ه ه ه
ت َع َىل َبعري هيل َقطُوفَ ،ف َلح َقني َراك ٌ
ه َغ حز َوةَ ،فتَ َع َّج حل ُ
إلبه هلَ ،ف هإ َذا النَّبهي ﷺ، ت َراء هم َن ا ه ريي َكأَ حج َو هد َما أَنح َ ت َم َع ُهَ ،فا حنطَ َل َق َب هع ه به َعن ََزة كَا َن ح
ت: يث َع حهد به ُع ُرسَ ،ق َال« :أَبه حك ًرا أَ حم َث ِّي ًب ا؟»ُ ،ق حل ُ حت َح هد َ تُ :كن ُ ك» ُق حل ُ جل ُ ََف َق َال « :ما يُعح ه
َ
ك» ،ق َ َال :فَل َ َّام ذَ َهبحن َا لهنَد ُحخ َل ،ق َ َال« :أ َ حم هه لُ وا َحتَّى اريَة ً تُال َ هعب ُ َها َوتُال َ هعب ُ َ
َثيِّبًاَ ،ق َال « :فَ َه َّال َج ه
الش هعثَ ُة َو ت حَست هَح َّد ا مل ُ هغي َب ُة». َت حد ُخ لُ وا َل حي ًال -أَ حي هع َش ا ًء -له َك حي َمتحت هَش َط َّ
الشرح :من "فتح الباري يف رشح صحيح البخاري".
قوله ( :باب تزويج الثيبات) مجع ثيبة بمثلثة ،ثم حتتانية ثقيلة مكسورة ،ثم
موحدة ،ضد البكر.
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []42
ذكر املصنف حديث جابر يف قصة بعريه ،وقد تقدم رشحه يف الرشوط فيام
يتعلق بذلك.
قولهَ « :م ا ُي حع هج لُ َك » بضم أوله ،أي ما سبب إَساعك؟
حت َح هد َ
يث َع حهد به ُع ُرس) أي :قريب عهد بالدخول عىل الزوجة .ويف قوله ( ُكن ُ
رواية عطاء عن جابر يف الوكالة ( :فلام دنونا من املدين ة -عىل ساكنها أفضل
الصالة والسالم والتحية واإلكرا م -أخذت أرحتل ،قال :أين تريد؟ قلت :
تزوجت) ،ويف رواية أيب عقيل عن أيب املتوكل عن جابر « :من أحب أن يتعجل إىل
أهله فليتعجل » ،أخرجه مسلم.
قوله« :قال :أبكرا أم ثـيـبا؟ قلتَ :ثـيِّـبًا» ،هو منصوب بفعل حمذوف تقديره
أتزوجت وتزوجت ،وكذا وقع يف ثاين حديث الباب( :فقلت :تزوجت ثيبا) يف
رواية الكشميهني يف الوكالة من طريق وهب بن كيسان عن جابر قال:
«أتزوجت؟ قلت :نعم .قال بكرا أم ثيبا؟ قلت ثيبا» .ويف "املغازي" عن قتيبة عن
سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر بلفظ « :هل نكحت يا جابر؟ قلت :نعم ،قال:
ماذا ،أبك ًرا أم ثيبا؟ قلت :ال بل ثيبا» ،ووقع عند أمحد عن سفيان يف هذا احلديث
«قلت :ثيب» ،وهو خرب مبتدأ حمذوف تقديره :التي تزوجتها ثيب ،وكذا وقع
ملسلم من طريق عطاء عن جابر.
قوله « :فهال جارية» يف رواية وهب بن كيسان« :أفال جارية » ،ومها بالنصب
أي :فهال تزوجت؟ ويف رواية يعقوب الدورقي عن هشام بإسناد حديث الباب:
« هال بكرا ؟» ،وسيأيت قبيل أبواب الطالق ،وكذا ملسلم من طريق عطاء عن جابر،
[]43 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
وهو معنى رواية حمارب املذكورة يف الباب بلفظ « :العذارى» ،وهو مجع عذراء
باملد.
قوله « تالعبها وتالعبك» ،زاد يف رواية النفقات « :وتضاحكها وتضاحكك»،
وهو مما يؤيد أنه من اللعب ،ووقع عند الطرباين من حديث كعب بن عجرة :أن
النبي ﷺ قال لرجل ..فذكر نحو حديث جابر ،وقال فيه « :وتعضها وتعضك»،
ووقع يف رواية أليب عبيدة « :تذاعبها وتذاعبك » ،بالذال املعجمة بدل الالم ،وأما
ما وقع يف رواية حمارب بن دثار عن جابر ثاين حديثي الباب بلفظ « :مالك
أيضا،
وللعذارى ولعاهبا » ،فقد ضبطه األكثر بكرس الالم وهو مصدر من املالعبة ً
يقال :العب لعابا ومالعبة ،مثل قاتل قتاالً ومقاتلة.
ووقع يف رواية املستمي بضم الالم واملراد به الريق ،وفيه إشارة إىل مص
لساهنا ورشف شفتيها؛ وذلك يقع عند املالعبة والتقبيل ،وليس هو ببعيد كام قال
القرطبي ،ويؤيد أنه بمعنى آخر غري املعنى األول قول شعبة ،يف الباب أنه عرض
ذلك عىل عمرو بن دينار ،فقال :اللفظ املوا فق للجامعة ،ويف رواية مسلم التلويح
بإنكار عمرو رواية حمارب هبذا اللفظ ولفظ ،إنام قال جابر « :تالعبها وتالعبك» ،
فلو كانت الروايتان متحدتني يف املعنى ملا أنكر عمرو ذلك؛ ألنه كان ممن جييز
الرواية باملعنى.
ووقع يف رواية وهب بن كيسان من الزيادة( :قلت :ك ا ن يل أخوا ت فأحبب ت
أن أتزوج امرأ ة جتمعهن ومتشطهن وتقوم عليهن) ،أي :يف غري ذلك من
مصاحلهن ،وهو من العام بعد اخلاص ،ويف رواية عمرو عن جابر اآلتية يف
النفقات هلك أيب وترك سبع بنات -أو تسع بنات -فتزوجت ثيبا ،كرهت أن
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []44
فإن اجلواب عن ذلك :أن البكر مظنة ،فيكون املراد بالولود من هي كثرية
الوالدة بالتجربة أو باملظنة ،وأما من جربت فظهرت عقيام وكذا اآليسة فاخلربان
متفقان عىل مرجوحيتهام.
وفيه :فضيلة جلابر لشفقته عىل أخوا ته وإيثاره مصلحتهن عىل حظ نفسه.
ويؤخذ منه :أنه إذا تزا محت مصلحتان؛ ُق ِّدم أمههام؛ ألن النبي ﷺ صوب
فعل جابر ودعا له ألجل ذلك.
خريا وإن مل يتعلق بالداعي.
ويؤخذ منه :الدعاء ملن فعل ً
وفيه :سؤال اإلمام أصحابه عن أمورهم ،وتفقده أحواْلم ،وإرشاده إىل
مصاحلهم وتنبيههم عىل وجه املصلحة ولو كان يف باب النكاح وفيام يستحيا من
ذكره.
وفيه :مرشوعية خدمة املرأة زوجها ومن كان منه بسبيل من ولد وأخ
وعائلة ،وأنه ال حرج عىل الرجل يف قصده ذلك من امرأ ته وإن كان ذلك ال جيب
عليها ،لكن يؤخذ منه أن العادة جارية بذلك ،فلذلك مل ينكره النبي ﷺ.
وقوله يف الرواية املتقدمة ( :خرقاء) ،بفتح اخلاء املعجمة وسكون الراء بعدها
قاف ،هي التي ال تعمل بيدها شيئًا ،وهي تأنيث األخرق وهو اجلاهل بمصلحة
نفسه وغريه.
قوله ( متتشط الشعثة) بفتح املعجمة وكرس العني املهملة ثم مثلثة ،أطلق
عليها ذلك؛ ألن التي يغيب زوجها يف مظنة عدم التزين.
قوله ( تستحد) بحاء مهملة أي :تستعمل احلديدة وهي املوسى.
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []46
واملغيبة :بضم امليم وكرس املعجمة بعدها حتتانية ساكنة ثم موحدة مفتوحة
أي :التي غاب عنها زوجها ،واملراد إزالة الشعر عنها وعرب باالستحداد؛ ألنه
الغالب استعامله يف إزالة الشعر ،وليس يف ذلك منع إزالته بغري املوسى ،والل
أعلم .انتهى
يمي، قال اإلمام مسلم رمحه الل تعاىل ( :)2400ح َّد َثنَا َحييى بن َحييى التَّ هم ه
حَ ح ُ حَ َ
حم َّم ُد حب ُن ا حل َع َال هء ا حْل حم َد هاينَ ،مجهي ًعا َع حن أَ هيب ُم َع ه
او َي َةَ ،وال َّل حف ُظ َوأَ ُبو َب حك هر حب ُن أَ هيب َش حي َب َةَ ،و ُ َ
َ
حت اهي َمَ ،ع حن َع حل َق َم َةَ ،ق َالُ :كن ُ شَ ،عن إهبر ه األ حع َم ه
او َي َةَ ،ع هن ح َ له َي حح َيى ،أَ حخ َرب َنا أَ ُبو ُم َع ه
ح حَ َ
ه ه ه ه ه
أَ حميش َم َع َع حبد الل بهمنًىَ ،ف َلق َي ُه ُعثح َام ُنَ ،ف َقا َم َم َع ُه ُ َ
حي ِّد ُث ُهَ ،ف َق َال َل ُه ُعثح َام ُنَ :يا أَ َبا
الر حمح هَن ،أَ َال ُن َز ِّو ُج َك َج هار َي ًة َشا َّب ًةَ ،ل َع َّل َها ُت َذ ِّك ُر َك َب حع َض َما َم َىض هم حن َز َمانه َك، ه
َعبحد َّ
ه ه
رش
ول الل ﷺَ « :ي ا َم حع َ َ ت َذا َكَ ،ل َق حد َق َال َلنَا َر ُس ُ َق َالَ :ف َق َال َعبح ُد اللَ :ل هئ حن ُق حل َ
َّص َ ،وأَ حح َص ُن له حل َف حر هج ،
استَطَا َع همن ح ُك ُم الحبَا َء َة فَلحيَت َ َز َّو حج ،فَإه َّن ُه أَ َغض له حل َب َ ه
ابَ ،م هن ح الشَّ ب َ ه
الص حو هم َ ،ف هإ َّن ُه َل ُه هو َج ا ٌء». ه ه
َو َم حن َمل ح َي حس تَط حع َف َع َل حي ه به َّ
تدل هذه الرواية اآلنفة كام يدرك أولوا األبصار ،وذوو لب وإدراك ووعي
عىل ندب مبني للتزوج من البكر وال حميص ألحد منه ،ولكن هناك من حيرف
هذه الرواية زاعام بأن ابن مسعود مل يرغب يف الزواج ببكر فيعني ذلك أن األوىل
عدم التعدد ،وهذا الفهم بعيد كالبعد بني املغرب واملرشق ،ولن تتحول هذه
الرواية إىل حجة ،ودليل لعدم التعدد حتى يلج اجلمل يف سم اخلياط واذا شاب
الغراب.
فبخالف ما يزعم البعض فإن هذه الرواية تقتيض وتستلزم أن الزواج بالبكر
ذكرت ،وليس عكس ذلك.
ُ مما يندب إليه كام تقدم أن
[]47 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
وإن كان ابن مسعود مل يستجب لذلك ،فذلك ال يوحي إىل عدم الندب.
حمتاجا لذلك ،وهذا أمر جائز ومباح له ،فليس التعدد
ً وإنام مل يكن ابن مسعود
واجبًا ،فمن أحب وود عدم التزوج فله ذلك ،ومن أبى أن يتزوج ال يعد آثام ،كام
اختار ثيبا للتزوج فلم يستنكر عليه النبي ﷺ عىل الرغم أن جابرا
ً أن
األوىل التزوج بالبكر.
فاألمر كام يقال:
إذا ُع هرف السبب بطل العجب.
يشتمل عىل داللة واضحة للندب إىل هذا فإن عرض اخلليفة عثامن
األمر ،وقد كان خليفة املسلمني آنذاك ،فهو من اخللفاء الرا شدين الذين كانوا
يسعون للقيام بسنة رسول الل ﷺ عىل أحسن وجه ويتسارعون ويتسابقون يف
ذلك ،فهو أوىل باختاذ العربة منه.
وإن املطلوب أن يعتني املرء بالتامس ذات دين وخلق وأن يراعي هذا اجلانب
يف االختيار ،فإن الدين واخللق مقدمان ،فمن خري بني بكر وغري بكر ،وجب عليه
ما وىص به رسول الل ﷺ إذ قال « :تنكح املرأة ألربع :ملاْلا ،وحلسبها ،وجلامْلا ،
ولدينها ،فاظفر بذات الدين تربت يداك » .أخرجه البخاري.
رغم أن الل ورسوله ﷺ مل يقيدا ومل خيصصا التعدد بالثيبات والكبريات،
فليس ختصيص التعدد هبن مرشو ًعا ،بل هذه الشبهة صادرة من بعض الناس
الذين مل يفقهوا التعدد ،أو يدعمون ويساندون اْلوى ،وهذه مصيبة أدهى وأمر،
والل املستعان.
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []48
ثم إنه يرشع أن يطلب املرء اجلامل يف الزوجة وقد ثبتت مرشوعية ذلك يف
الرشع ،فليس عىل فاعله جناح بذلك وال تثريب وال غضاضة.
وال ينبغي أن يعاتب أو يالم أو ُيرجم عىل ذلك ،أو أن ُيذم.
فلقد ورد يف الرشع أن اجلامل مما يعني الرجل عىل حفاظ عفته والقاء الرسور
يف نفسه وغض بَّصه ،ولقد حث الرشع عىل أن ينكح الرجل من تقر عينه؛ ولذا
رشعت النظرة الرشعية ،كي يتآلف الزوج مع زوجته وتقذف يف قلبه الرغبة
فيتهيأ إنشاء املحبة ،فالنظرة الرشعية سنة مستحبة ،مطلوبة ومرغوبة ومندوب
إليها.
قال :قال رسول الل كام يف "املسند" و"سنن أيب داود" عن جابر
ﷺ « :إذا خطب أحدكم املرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها فليفع ل ».
زاد أبو داود :قال جابر « :فخطبت جارية فكنت أتخبأ ْلا حتى رأيت منها ما
دعاين إىل نكاحها فتزوجتها».
ويف "املسند" و"سنن الرتمذي" عن املغرية بن شعبة قال« :خطبت امرأ ة»،
فقال يل رسول الل ﷺ « :أنظرت إليها؟ قلت :ال ،فقال :انظر إليها فإنه أحرى أن
يؤدم بينكام».
قال :كنت عند النبي ﷺ وروى مسلم يف "صحيحه" عن أيب هريرة
فأتاه رجل فأخربه :أنه تزوج امرأة من األنصار ،فقال له رسول الل ﷺ« :أنظرت
إليها؟ قال :ال ،قال :فاذهب فانظر إليها ،فإن يف أعني األنصار شيئً ا ».
قال احلافظ ابن حجر :فيه استحباب النظر إىل وجه من يريد تزوجها ،وهو
مذهبنا ومذهب مالك وأيب حنيفة وسائر الكوفيني وأمحد ومجاهري العلامء .انتهى.
[]49 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
قال رسول الل ﷺ « :ما استفاد املؤمن بعد تقوى الل تعاىل ً
خريا من زوجة
صاحلة ،إن أمرها أطاعته ،وإن نظر إليها َسته ،وإن أقسم عليها أبرته ،وإن غاب عنها
نصحته أو حفظته يف نفسها وما له » ،رواه ابن ماجه
وقال ﷺ « :أال أخربك بخري ما يكتنز املرء؟ املرأة الصاحلة؛ إذا نظر إليها َسته،
وإذا أمرها أطاعته ،وإذا غاب عنها حفظته » ،رواه أبو داود واحلاكم ،وقال :حديث
صحيح اإلسناد.
قال يف "عون املعبود رشح سنن أيب داود" يف رشح هذا احلديث:
قوله( :بخري ما يكنز املرء) أي :بأفضل ما يقتنيه ويتخذه لعاقبته ( ،املرأ ة
ظاهرا وباطنًا ...قيل فيه إشارة إىل أن هذه املرأة أنفع من
ً الصاحلة) أي :اجلميلة
الكنز املعروف ،فإهنا خري ما يدخرها الرجل؛ ألن النفع فيها أكثر؛ ألنه( :إذا نظر)
مرسورا جلامل صورُتا ،وحسن سريُتا،
ً أي :الرجل ( :إليها َسته) أي :جعلته
وحصول حفظ الدين هبا ( ،وإذا أمرها) بأمر رشعي أو عريف ( أطاعته) ،وخدمته:
( وإذا غاب عنها حفظته) قال القاض :ملا بني ْلم ﷺ أنه ال حرج عليهم يف مجع
املال وكنزه ما داموا يؤدون الزكاة ،ورأى استبشارهم به رغبهم عنه إىل ما هو
خري وأبقى وهي املرأة الصاحلة اجلميلة ،فإن الذهب ال ينفعك إال بعد ذهابه
عنك ،وهي ما دامت معك تكون رفيقتك تنظر إليها فترسك ،وتقيض عند احلاجة
إليها وطرك ،وتشاورها فيام يعن لك فتحفظ عليك َسك ،وتستمد منها يف
حوائجك فتطيع أمرك ،وإذا غبت عنها حتامي مالك وتراعي عيالك .انتهى
فمن املخالفة للرشع أن يقال :إن إمضاء املصالح الرشعية ال يتم بالتعدد
باألبكار والصغريات ،ولقد روي أن الرجال املاكثون عىل وجه األرض يقلون
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []51
يف آخر الزمن وتكثر النساء ،كام أنبأنا بذلك رسول الل ﷺ حيث قالَ « :و ت ََر ى
ال و َكثحر هة النِّس ه
ه ه ه ه ه ه
اء » .رواه َ الر َج َ َ الر ُج َل ال ح َواح َد يَتحبَعُه ُ أَ حر َب ُع و َن ا حم َرأ َ ًة َي لُ حذ َن به ه م حن ق لَّ ة ِّ
َّ
البخاري.
وقد ال يتيرس للبنت الزواج بمن ترغب فيه دينا وخل ًقا من العزاب ،أو لعلها
ترغب يف بعض اخلصال املعينة التي مل تتوفر فيمن خطبها من العزاب ،أو أهنا
فضلت أحد الرجال املتزوجني بعينه ،أو أهنا مفتقرة لزوج متزوج ذي شخصية
لتسند عليه وتعتمد عليه ويدافع عنها ويصوهنا وحيفظها ،أو أهنا تود أن تتفرغ
تلق ذلك كام ترغب يف
أكثر لطلب العلم ،أو اهنا حتبذ التزوج بذي علم ومل َ
العزاب ،وإىل آخره ،ويرجى ويؤمل أن ينتفع الزوج بزوجته الثانية أو الثالثة أو
سندا وعضدا له عىل طاعة الل والعبادة ،وحتافظ عىل عفته ،وتسقيه
الرابعة فتكون ً
الرسور وتعمر عينيه وتبهج نفسه وتغمر قلبه راح ًة وحتثه عىل طلب العلم،
وتسانده يف الدعوة إىل الل وتفيده وتعينه باجتهادها وعلمها ،وهي كذلك تنتفع
َسورا وحيفظها
ً به فيعفها ويأوهيا ،وينفق عليها ويقيض حوا ئجها ويفيضها
ْ َ َ ْ َ ََ َ ُ ْ ْ
ويصوهنا ،قال الل تبارك وتعاىل يف كتابه الكريمَ ﴿ :ومِن آيات ِ ِه أن خلق لكم مِن
َْ َ َ َ َ ُ ْ َْ ً َ ْ ُ ُ َ َ َ َ َ ََْ ُ ْ َ ذً َْ ً ذ َ ُ
أنف ِسكم أز َواجا لِتسكنوا إِِلْها َوجعل بينكم م َودة َو َرْحة إِن ِِف ذل ِك آليات لِقوم
َََ ذ َ
يتفك ُرون ﴾ [الروم]39:
فلئن قيل :رسول الل ﷺ مل يتزوج عىل خدجية حتى توفيت ،ثم تزوج
بالنساء.
فأقول :رسول الل ﷺ مل يتزوج عليها لعظم فضلها لديه ،ولنَّصُتا لإلسالم
ولشامئلها احلميدة ،وإكراما ْلا.
فانفردت وجتردت خدجية ▲ معه سنينًا وكفته ومل يعرضها رسول الل
ﷺ للغرية التي تعرتي النساء ،وهذا األمر ٌ
دال عىل عظم فضلها لديه الذي
كانت تتنعم به ووهبها الل إياه ،ولكن االحتجاج هبذا األمر للدعوة والنداء إىل
عدم التعدد يعد مما قيل( :كلامت حق أريد هبا باطل).
فإنام يستعني ويتقمص ويتسرت ويتلبس وحيتال ويتغطى هبذا احلدث من
يسعى كل السعي إل سقاط ظاهرة التعدد ويسعى لوضع األشوا ك املعرقلة يف
سبيل الرجال إىل التعدد ،وإن مارس بذلك األساليب املخالفة للرشع وإن التجئ
للمرا وغة.
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []52
ومل يرد أي نص دل عىل أن رسول الل ﷺ أفرد علة أوالده منها ،وكوهنا
زوجته األوىل لعدم التزوج عليها ،ولكن كل فضائلها ومناقبها محلته عىل ذلك،
كام أسلفت فيام تقدم.
ومن أمجل األحداث التي تطبع يف النفوس و ُت َّذرف األعني :مساندُتا لـرسول الل
ﷺ بعد أن صادف ما يرجفه يف الغار ،فجاءها وهو يرجتف قائالً « :زملوين
زملوين » ،فزملته حتى خففت عنه ،ثم باح خلدجية ▲ عام حل به وعن
الل أب ًد ا ، ه خشيته ،فخاطبته بمقالة عظيمة وبليغة والئقة َّ « :ه
أبرش فوالل ال ُخيزيك ُ
كال ح
ه
نوائب ني عىل احلديث ،وحتمه ُل الكَ َّل ،وتَقري َّ
الضيفَ ،وتُع ُ َ الرح َم ،وتصد ُُق ه
إ نَّك لَتص ُل َّ
احلق » ،رواه البخاري
ِّ
فسبحان الل! ما أطيب ُخلق خدجية ▲ ،وما أعظم إحساهنا لرسول الل
ﷺ ،وما أفصح لساهنا ،هذه هي الزوجة الصاحلة التي ختفف عن كرب زوجها
وتدثر حزنه و ُتذهب مهه باأللفاظ والعبارات واجلمل املوا سية احلسنة التي تبث
الطمأنينة إىل نفسه ،وتستشعره بالراحة.
ولقد روى البخاري احلديث املذكور اآلنف بنصه الكامل يف "صحيحه" عن
سول اّلل ه ﷺ همن الوح هي الر حؤيا الص ه ه
اد َق ُة يف َ َّ َ َ ح عائشة ▲« :أَ َّو ُل ما ُبد َئ به َر ُ َّ
َّثالن حَّو همَ ،فكا َن ال َي َرى ُر حؤ َيا َّإال َجا َء حت همثح َل َف َل هق الصبح هحَ ،فكا َن َيأحيت هح َرا ًء َفيَتَ َحن ُ
جي َة َف ُت َز ِّو ُد ُه ه ه ات ال َع َد هد ،و َي َت َز َّو ُد
هف هيه ،وهو ال َّتعب ُد ،ال َّلي هايل َذو ه
لذلكُ ،ث َّم َي حرج ُع إىل َخد َ
َ َ َ َ َ
قال له هملهثح هل َها ،ح َّتى َف هج َئ ُه احلَق وهو يف َغ هار هح َراءَ ،ف َجا َء ُه ا َمل َل ُك هف هيهَ ،ف َ
قال :ا حق َرأ حَ ،ف َ
فأخ َذ هين َف َغطَّنهي حتَّى َب َل َغ همنِّي اجل َ حه ُدُ ،ث َّم حأر َس َلنهي لت :ما أنَا ب َق هارئَ ، النبي ﷺَ :ف ُق ُ
فأخ َذ هين َف َغ َّطنهي ال َّثانهيَ َة حتَّى َب َل َغ همنِّي اجل َ حه ُدُ ،ث َّم لت :ما أنَا ب َق هارئَ ، قال :ا حق َرأ حَ ،ف ُق ُ
َف َ
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []54
فأخ َذ هين َف َغطَّنهي الثَّالهثَ َة ح َّتى َب َل َغ همنِّيلت :ما أ َنا ب َق هارئَ ، قال :ا حق َرأ حَ ،ف ُق ُ حأر َس َلنهي َف َ
َ َ ْ َ ْ ْ َ ِّ َ ذ
ك اَّلِي خل َق ﴾ [العلق - ]9:حتَّى َب َل َغ - قال ﴿ :اقرأ بِاس ِم رب اجل َ حه ُدُ ،ث َّم حأر َس َلنهي َف َ
ف بو ه َ َ َ َْ َ ْ َْ ﴿ َعلذ َ
اد ُر ُه ،حتَّى َد َخ َل َ
عىل اإلنسان ما لم يعلم ﴾ [العلقَ .]1:ف َر َج َع هبَا َت حر ُج ُ َ َ ِ م
ه الر حو ُعَ ،ف َ وين َز ِّم ُل ه قالَ :ز ِّم ُل ه ه
جي ُة ،ماقال :يا َخد َ ب عنحه َّ وين َف َز َّم ُلو ُه حتَّى َذ َه َ جي َةَ ،ف َ َخد َ
اّلل ه ال
رشَ ،ف َو َّ
ه ه
عىل َن حفيس َفقا َلتحله :ك ََّال ،أبح ح يت َ قد َخ هش ُ وقال :ح َ يل وأَ حخ َ َرب َها اخل َ َ َرب،
وحت هم ُل ال َك َّل ،و َت حق هري يث َ ،ح الر هح َم ،و َت حص ُد ُق احل َ هد َ ه
اّلل أ َب ًدا ،إ َّن َك َل َتص ُل َّ يك َّ ُ ُخي هحز َ
ب احل َ ِّق. عىل َن َو هائ ه
ني َ ف ،و ُت هع ُ الض حي َ َّ
فجمعت من ضمنهن
ُ وقد رويت حول فضائل خدجية ▲ أمور شتى،
التاليات:
قال ابن كثري يف "البداية والنهاية" (:)210 /3
قال البخاري :حدثنا قتيبة ،حدثنا حممد بن فضيل بن غزوان ،عن عامرة ،عن
أيب زرعة ،عن أيب هريرة ،قال« :أتى جربيل النبي ﷺ ،فقال :يا رسول الل ،هذه
خدجية قد أتت معها إناء فيه إدام -أو طعام أو رشاب -فإذا هي أتتك ،فاقرأ عليها
السالم من رهبا ومني ،وبرشها ببيت يف اجلنة من قصب ،ال صخب فيه وال نصب»
وقد رواه مسلم من حديث حممد بن فضيل به.
وقال البخاري :حدثنا مسدد ،حدثنا حييى ،عن إسامعيل ،قال « :قلت
لعبدالله بن أيب أوىف :¶ ،برش النبي ﷺ خدجية؟ قال :نعم ،ببيت م ن
أيضا ،ومسلم من طرق ،عن
قصب ،ال صخب فيه وال نصب» ،ورواه البخاري ً
إسامعيل بن أيب خالد به.
[]55 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
قال السهيي :وإنام برشها ببيت يف اجلنة من قصب -يعني :قصب اللؤلؤ -؛
ألهنا حازت قصب السبق إىل اإليامن ،ال صخب فيه وال نصب ،ألهنا مل ترفع
صوُتا عىل النبي ﷺ ،ومل تتعبه يو ًما من الدهر ،فلم تصخب عليه يو ًما ،وال آذته
أبدا.
ً
وأخرجاه يف " الصحيحني" من حديث هشام بن عروة ،عن أبيه ،عن عائشة
غرت عىل امرأ ة للنبي ﷺ م ا غرت عىل خدجية -
ُ ▲ ،أهنا قالت « :ما
وهلكت قبل أن يتزوجني -ملا كنت أسمعه يذكرها ،وأمره الل أن يبرشها ببيت
من قصب ،وإن كان ليذبح الشاة فيهدي يف خالئلها منها ما يسعهن» ،لفظ
البخاري ،ويف لفظ له عن عائشة « :ما غرت عىل امرأة ما غرت عىل خدجية ،من
كثرة ذكر رسول الل ﷺ إياها ،قالت :وتزوجني بعدها بثالث سنني ،وأمره ربه
عز وجل -أو جربيل ♠ -أن يبرشها ببيت يف اجلنة من قصب» ،ويف لفظ
له ،قالت « :ما غرت عىل أحد من نساء النبي ﷺ ما غرت عىل خدجية ،وما رأيتها،
ولكن كان يكثر ذكرها ،وربام ذبح الشاة ،ثم يقطعها أعضاء ،ثم يبعثها يف صدائق
خدجية ،فربام قلت له :كأنه مل يكن يف الدنيا امرأ ة إال خدجية ،فيقول :إهنا كانت
وكانت ،وكان يل منها ولد» .انتهى
اء النبي ﷺَّ ،إال َ ه عىل نهس ه ه
وإين َمل ح
عىل َخدجيَةَ ِّ ِّ وقالت عائشة ▲ « :ما غ حر ُت َ َ
قول :أَ حر هس ُل وا هب َا إىل سول الل ه ﷺ إ َذا َذ َب َح َّ
الش ا َة ،ف َي ُ تَ « :وكا َن َر ُ ُأ حد هر حك َها» .قا َل ح
سول الل ه ﷺ « ِّإين قالَ :ر ُلتَ :خ هدجيَةَ»َ ،ف َ ه
أَ حص هد َقاء َخ هدجيَةَ قالَ ح
ت :فأ حغ َضبحت ُ ُه َي حو ًما ،فَ ُق ُ
ت ُح َّب َه ا» .أخرجه مسلم. قد ُر هز حق ُح
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []56
ني ،هألَنَّ ُه ت به هه به َق حد هر َما اه حش َ َرت َك هف هيه َغ حري َها َم َّر َت ح ه َف حضل َها ،هألَ َّهنَا أَ حغنَتح ُه َع حن َغ حري َهاَ ،و ح
اختَ َّص ح
خ حم َسة ني َعا ًما ،اه حن َف َر َد حت َخ هدجيَة همنح َها به َ اش َب حعد أَ حن َت َز َّو َج َها َث َامنهيَة َو َث َالثه َ ﷺ َع َ
ني هم حن ا َحمل حج ُموعَ ،و َم َع طُول ا حمل ُ َّدة َف َصا َن َق حلب َها هفي َها رشي َن َعا ًما َو هه َي َن ححو الث ُلثَ ح ه َو هع ح ه
الرض هائر ا َّل هذي ُر َّب َام َح َص َل َل ُه ُه َو همنح ُه َما ُي َش ِّوش َع َل حي هه به َذله َك، ه
م حن ا حل َغ ح َرية َوم حن َنكَد َّ َ
ه
َو هه َي َف هضي َلة َمل ح ُي َش هارك َها هفي َها َغ حري َها ".انتهى
" :ومل يتزوج يف حياُتا بسواها ،جلالْلا وعظم وقال احلافظ ابن كثري
حملها عنده ".انتهى [من الفصول يف سرية الرسول البن كثري (])914
[]57 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
فشتان ما بني املقارنة بالفضل الذي حبى الل خدجية به ،وبالدعوة اىل التأيس
بأعامل رسول الل ﷺ فهو احلامل ْلذا الدين ،فمام حث عليه الرشع أن يقتدي
ويتأسى اإلنسان برسول الل ﷺ ما استطاع إليه سبيالً ،لكن هذا ال يقتيض أن
فضل العامل بسنته مثقال فضل رسول الل ﷺ ،والل املستعان.
وهل نفهم من هذا االستنتاج احلديث الذي استجد واختلقته بعض النساء:
أن رخصة التعدد تستهل بعد موت األوىل فحسب؟ فأين احلجة والربهان من
الكتاب والسنة لتخصيص مرشوعية التعدد بعد موت األوىل كام زعمت بعض
النساء؟! فإنه مل يسلفهن ،أي أحد من الفقهاء وأهل العلم هبذا القول ومل يقروه
ومل يؤيدوه ،وال حول وال قوة اال بالل.
ما أحزن حال بعض النساء ،وما وقعن فيه من حتريف النصوص والدالئل
الواردة الثابتة املحسومة بسبب الغرية العمياء ،وتسلط اْلوى والعوا طف عليهن،
بينام اجتمعت ا لنصوص الثابتة الواردة عىل مرشوعية التعدد والندب إليه ،وفاض
من هذه النصوص الكتاب والسنة رغم أنف أي أحد ،واحلق واضح ومبني
وجي ،واحلق أبلج والباطل جللج ،واحلق ال يتزعزع وال خير وال خيضع ألي كائن
وهو أغىل وأثمن وأقيم إلينا من نفوسنا ،فاحلق أكرب من كل كبري ،وأعظم من كل
عظيم كائن من كان ،واحلق منصور والباطل مزهوق.
واحلق يستلزم ويستوجب اتباعه وتقديمه عىل اْلوى والعوا طف أنى كان
وحيثام ُوجد ،واحلق يبَّصه ويعرتف به ويشهد به أولو القلوب السليمة والنفوس
املعافاة ،وتلك القلوب السليمة والنفوس املعافاة تفر من الباطل وترسع إىل
متابعة احلق.
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []61
فإن األدلة الواردة الثابتة احلتمية التي تسوغ التعدد وتستبني الندب إليه لن
تتزعزع ملرا وغات املستنكرين وانتقاد املُنحتَ هقدين عىل التعدد والكارهني له ،واحلق
أحق أن يتبع وعىل اجلميع التجرد له واتباعه وعدم تقديم العوا طف عليه ،قال
ذ ُ ََ ذ ُ ْ َ ُ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ِّ ذ
اْلق إِال الضالل فأن تْصفون ﴾ الل عز وجل يف كتابه الكريم ﴿ :فماذا بعد
َ ُ ْ َ َ ْ َ ُّ َ َ َ َ ْ َ ُ ذ ْ َ َ َ َ َ ُ ً
[يونس ،]23:وقال﴿ :وقل جاء اْلق وزهق اْلا ِطل إِن اْلا ِطل َكن زهوقا﴾ [اإلرساء،]39:
وقال ابن القيم رمحه الل تعاىل يف نونيته:
تعج ـ ـ ــب فه ـ ـ ــذي س ـ ـ ــنة ال ـ ـ ـ َّـر حمحَن احل ـ ـ ــق َمن ُحص ـ ـ ــور ومم ـ ـ ــتحن َفـ ـ ـ ـ َـال
َو ح
و َال ج ـ ـ ـ ّـل َذاك النَّ ـ ـ ــاس طَ هائ َف َت ـ ـ ـ ه
ـان وب ـ ــذاك يظحه ـ ــر حزب ـ ــه م ـ ــن حزب ـ ــه
َ
َوالكفــار مــذ َقــا َم الــورى ســجالن وألج ــل َذاك ح
احل َ ـ حـرب َب ــني الر ُس ــل
َفا َتـ ــت ُهنَ ـ ــا كَا َن ـ ــت َل ـ ـ َـدى ال ـ ــد َّيان احل ـ ـ ــق إهن
لك ـ ـ ــنام العقب ـ ـ ــى أله ـ ـ ــل ح
فمن املؤسف واملحزن واملؤمل أن اْلوى واجلانب العاطفي استحكام عىل
بعض النساء فيجحدن وينفني فضل التعدد ويستنكفن عنه ويأبني التجرد للحق،
ويقرتفن ويرتكبن املعايص وجيرتمن غري ًة عىل أزواجهن ،ويتعدين عىل حدود
الل ،ويقمن بام يسخط الل ،ويتناسني إقامة العدل ويتغافلن عن إمضاء
اإلنصاف ،و ُتذهب الغرية ألباهبن ،وهن ُحيدثن الضوضاء والقالقل والبلبلة
والزوبعة ،فأصبحت غريُتن بذلك كالغيوم التي تعرقل وتغطي البَّصعن تبصري
احلق ومتييزه عن الباطل ،وحتجزهن عن اتباع احلق واجتناب الباطل ،والل
املستعان.
[]60 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
حتى بلغ ببعضه ن احلال أن تشيع عمن غارت منها االفرتاءات والبهتان
والتلفيق واال ختالقات ،غري مبالية بمقامها عند الل وغري ملتفتة لذلك ،فتشوه
أمة الل لكنها تشوه نفسها لدى الل ،فلربام حسنت هبذه التَّصفات واألباطيل
واألكاذيب مقامها عند زوجها ،لكن الل ليس بغافل عنها ولن يدوم هذا الباطل
فسيكبته الل وهيبته ،وسيقتص الل لكل مظلوم ،إن مل يكن يف الدنيا ففي يوم
بعضا يوم جتتمع اخلصوم عند
حتام ،فاملوعد عند الل ،ويومئذ ستلقيان ً
الدين ً
مليك مقتدر ،فيحدث الفصل ويتبني احلق و ُيزهق الباطل ،ويقتص الل لكل
مظلوم ،فإنه ينَّص املظلوم وجيزي الظامل بام يعمل وأنى يؤفك ،فجزاء كل ظامل
آت وقادم ال حمالة.
فمن افرتت عىل أختها يف الل فقد قبحت مقامها عند الل ،واملقام عند الل
ُ َ َ ُّ َ ْ َ ْ َ
أعظم مقام ،قال الل تبارك وتعاىل يف كتابه الكريمَ ﴿ :والل أحق أن َتشاهُ﴾
[األحزاب.]21:
الل أحق أن ختشاه من َخ حل هقه ،فالواجب أن ختشى فلتدرك ولتع املرأ ُة أن َ
اخلالق َر َّب اخل َ حل هق الذي َخ َل َق اخل َ َل َق ،فهو شاهد عليها ومطلع وبصري وعليم وال
َ
يفوته يشء وال يغفل عن يشء ،فإن مل يعاقبها الل يف الدنيا ،فإنام يؤخرها ليوم
حتام ،فالفصل سيتم يو َم ه
تشخص فيه األبصار ،فلها لقاء باملظلومة بني يدي الل ً
جتتمع اخلصوم ،يو َم يقوم اإلنس واجلن أمام رهبم فيحاسبهم الل ،يو َم ال ينفع
مال وال بنون إال من أتى الل بقلب سليم ،ويو َم تسود وجوه وتبيض وجوه،
وتشخص فيه األبصار ،فذلك اليوم هو يوم الدين ويوم القيامة فيومئذ سريي الل
كل ظامل ما عمل فيجزيه بام عمل ويرفع الظلم وينزع البغي والطغيان ،ويشهد
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []62
الثقالن عيا ًنا ويبَّص اجلن واإلنس رأي العني مفعوليات وعواقب أعامْلم
بحذافريها.
فوالل إن الظلم داء رهيب وبشع ويفيض إىل سخط رب العاملني ،وهو العليم
اخلبري مليك مقتدر ملك امللك ورب الساموات واألرض العظيم املتكرب العزيز
اخلالق بيده ملكوت كل يشء وهو جيري وال جيار عليه ومع ذلك فال يظلم َخ حل َقه
خ حل هق أن َيظح هل َم َخ حل َقه!!
مع عزته وجربوته ،فكيف يأذن لل َ
والوعيد الشديد الذي أطلقه رسول الل ﷺ عىل هؤالء الظاملني قادم ،إذ
قال رسول الل ﷺ « :من قال يف مؤمن ما ليس فيه أسكنه الل ردغة اخلبال حتى خيرج
مما قال »[ .رواه أبو داود وصححه األلباين].
َ ذ َ ُُْ َ ُْ ْ َ َ ُْ ْ َ
وقال الل سبحانه وتعاىل يف كتابه الكريم ﴿ :واَّلِين يؤذون المؤمِنِي والمؤمِن ِ
ات
َْ َ َْ َ ُ ََ َْ َُ َُْ ً ْ ً ُ ً
ري ما اكتسبوا فق ِد احتملوا بهتانا َوإِثما مبِينا ﴾ [األحزاب]13:
بِغ ِ
ثم ال يعتمد ويعول عدم زواج عىل وجه داللة لعدم التعدد ،وإن رسول الل
ﷺ مل يلزم العباد بعدم الزواج عىل األوىل ما عدا بعد موُتا ،ومل يدع لذلك ومل ينه
عن التعدد ،بل تزوج عىل عائشة ،ولقد كانت عائشة أحب الناس إليه كام رصح
وأفصح وفضلها عىل سائر زوجاته ،وإهنا كانت االوىل التي نكحها بعد وفاة
خدجية ▲.
وإن الل برأها من فوق سبع ساموات ،وإهنا العاملة وأعلم امرأ ة باإلطالق
ه
يستغن عنها فقيه وال عامل ،والتي حفت كتب احلديث برواياُتا. التي مل
الفصيحة التي مكنها الل من العلوم ،العاقلة واحلافظة التي برأها الل من
الفاحشة يف القرآ ن واملساجد يو ًما بعد يوم تعمر بتالوة اآليات العرش التي تتعلق
[]63 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
هبا ،ومل ينزل الوحي إىل رسول الل ﷺ يف حلاف امرأة غريها ،وإهنا التي ذكر
عنها الرسول ﷺ أن فضلها عىل سائر النساء كالثريد عىل سائر الطعام ،والتي
أبَّصها رسول الل ﷺ يف رويا قبل أن حيدث زواجه هبا والتي قرأ جربيل عليها
السالم.
ولقد تويف رسول الل ﷺ بينام كان متكئًا عىل صدرها ،كام روت عائشة
اّلل ه ﷺ َل َي َت َع َّذ ُر هيف
ول َّ ت« :إ حن كَا َن َر ُس ُ ▲َ :ع حن ُع حر َو َةَ ،ع حن َع هائ َش َةَ ،قا َل ح
استه حبطَا ًء له َي حو هم َع هائ َش َةَ ،ف َل َّام كَا َن َي حو هميَ ،ق َب َض ُه ه ه
َم َرضه :أَ حي َن أَنَا ال َي حو َم؟ أَ حي َن أَنَا َغ ًدا؟ ح
ني َس حح هري َو َن حح هريَ ،و ُد هف َن هيف َب حيتهي»[ ،رواه البخاري ( )9231ومسلم (.])3442 اّلل َب ح َ
َّ ُ
الر حمح هَن ه
وعن عبد الرمحن بن القاسم ،عن أبيهَ ،ع حن َعائ َش َة ،قالتَ « :د َخ َل َعبح ُد َّ
ه ه ه
الر حمح هَن س َوا ٌك َرطح ٌ
ب حب ُن أَ هيب َب حكر َع َىل النَّبه ِّي ﷺ َوأَنَا ُم حسن َد ُت ُه إه َىل َص حد هريَ ،و َم َع َعبحد َّ
الس َوا َك َف َق هض حم ُت ُهَ ،و َن َف حض ُت ُه ول ه ه
َّص ُهَ ،ف َأ َخ حذ ُت ِّ اّلل ﷺ َب َ َ َي حس َتن هبهَ ،ف َأ َب َّد ُه َر ُس ُ َّ
استهنَا ًنا ول ه
استَ َّن ح اّلل ﷺ ح ت َر ُس َ َّ استَ َّن به ههَ ،ف َام َرأَ حي ُ
َوطَ َّي حبتُ ُهُ ،ث َّم َد َف حعتُ ُه إه َىل النَّبه ِّي ﷺ َف ح
اّلل ه ﷺ َر َف َع َي َد ُه أَ حو إه حص َب َع ُه ُث َّم َق َال :هيف ول َّ َقط أَ حح َس َن همنح ُهَ ،ف َام َع َدا أَ حن َف َر َغ َر ُس ُ
ه ه
ني َحاقنَتي َو َذاقنَتي»[ .رواه
ات ب َ ه ه ت َت ُق ُ الر هف هيق األَ حع َىلَ .ثالَ ًثاُ ،ث َّم َق َىضَ ،وكَا َن ح
ولَ :م َ َ ح َّ
البخاري (.])4423
تعاىل :ما بني احلاقنة والذاقنة هو ما بني السحر قال احلافظ ابن حجر
والنحر ،واملراد أنه مات ورأسه بني حنكها وصدرها ﷺ ورض عنها .انتهى.
[" فتح الباري" (])921 / 3
ورغم كل ذلك ،فلم يمتنع عن الزواج عليها ،ومل تقيده حمبته ْلا وعظم
فضلها لديه عن التزوج عليها ،فلتؤخذ العربة من قبل من يعترب ،فاعتربوا يا أويل
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []64
األبصار ،فإن ذلك دال عىل أن التعدد رشع جلميع الرجال املمتلكني للعدل وال
يشرتط أن يكره الرجل زوجته أو أن تكون ناقصة أو أن يكون غري مكتفي هبا أو
أال تكون زوجته األوىل.
وهذا األمر يقتيض كذلك :أن الزواج عىل الزوجة ليس من دالئل وعالمات
عدم وجود املحبة ْلا.
ورجسا ُيطهر
ً يا أسفاه عىل النساء الاليت يعدن زواج أزواجهن عليهن إهان ًة
وظلام وبغ ًيا وطغيا ًنا ،مع العلم أن رسول الل ﷺ تزوج عىل
ً و ُيتنزه منه وجريم ًة،
زوجاته وهن أمهات املؤمنني ومن خري النساء،
فهل رسول الل ﷺ أهان وآذى أمهات املؤمنني ومن يعدن من خري
النساء؟! وهل الصحابة أهانوا وآذوا الصحابيات الصاحلات اجلليالت
الفاضالت؟! وهل التابعون أهانوا وآذوا التابعات الصاحلات الفاضالت
اجلليالت؟! فإهنن من خري النساء وال وجه للمقارنة بينهن وبني الصاحلات يف
هذا الزمن البتة ،وعىل الرغم من ذلك فلقد تزوج عليهن أزواجهن!
فهل أصبح قدر وقيمة وفضيلة النساء يف هذا الزمن أعظم منهن؟! وهل تعلو
عليهن صاحلات هذا الزمن؟!
وهل كان رسول الل ﷺ والصحابة والتابعون ومن اتبعهم بإحسان ال
جيلون وال يقدرون وال حيرتمون زوجاُتم حيث تزوجوا عليهن؟! فال حول وال
قوة إال بالل.
فقمت بجمع
ُ ولقد وردت فضائل عائشة ▲ يف السنة بشكل واسع،
بعضهن فإهنن اآلتية.
[]65 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
قال ابن كثري يف "البداية والنهاية" :زوجة رسول الل ﷺ ،وأحب أزواجه
إليه ،املربأة من فوق سبع ساموات ،▲ ،وأمها هي أم رومان بنت عامر بن
عويمر الكنانية ،تكنى عائشة بأم عبد الل ،قيل :كناها بذلك رسول الل ﷺ؛
بابن أختها عبد الل بن الزبري ،وقيل :إهنا أسقطت من رسول الل ﷺ سقطًا،
فسامه عبد الل.
بكرا غريها ،ومل ينزل عليه الوحي يف حلاف امرأة
ومل يتزوج رسول الل ﷺ ً
غريها ،ومل يكن يف أزواجه أحب إليه منها ،تزوجها بمكة بعد وفاة خدجية ،وقد
أتاه امللك هبا يف املنام يف َسقة من حرير ،مرتني أو ثال ًثا ،فيقول :هذه زوجتك.
قال « :فأكشف عنك فإذا هي أنت ،فأقول :إن يكن هذا من عند الل يمضه » .
فخطبها من أبيها فقال :يا رسول الل ،أو حتل لك؟ قال :نعم .قال :أولست أخاك؟
قال :بىل ،يف اإلسالم ،وهي يل حالل» ،فتزوجها رسول الل ﷺ فحظيت عنده،
وقد قدمنا ذلك يف أول السرية ،وكان ذلك قبل اْلجرة بسنتني ،وقيل :بسنة
ونصف .وقيل :بثالث سنني .وكان عمرها إذ ذاك ست سنني ،ثم دخل هبا وهي
بنت تسع سنني بعد بدر يف شوا ل من سنة ثنتني من اْلجرة فأحبها ،وملا تكلم فيها
أهل اإلفك بالزور والبهتان غار الل ْلا ،فأنزل ْلا براءُتا يف عرش آيات من القرآن
تتىل عىل تعاقب األزمان ،وقد ذكرنا ذلك مفصالً فيام سلف ،ورشحنا اآليات
واألحاديث الواردة يف ذلك يف غزوة املريسيع ،وبسطنا ذلك أيضا يف كتاب
"التفسري" بام فيه كفاية ومقنع ،ولل احلمد واملنة ،وقد أمجع العلامء عىل تكفري من
قذفها بعد براءُتا ،واختلفوا يف بقية أمهات املؤمنني ،هل يكفر من قذفهن أم ال؟
عىل قولني ،وأصحهام أنه يكفر؛ ألن املقذوفة زوجة رسول الل ﷺ ،والل تعاىل
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []66
إنام غضب ْلا؛ ألهنا زوجة رسول الل ﷺ ،فهي وغريها منهن سواء ،ومن
خصائصها ▲ ،أهنا كان ْلا يف القسم يومان؛ يومها ويوم سودة حني وهبتها
ذلك تقربا إىل رسول الل ﷺ ،وأنه مات يف يومها ويف بيتها ،وبني سحرها
ونحرها ،ومجع الل بني ريقه وريقها يف آخر ساعة من ساعاته من الدنيا ،وأول
ساعة من اآلخرة ،ودفن يف بيتها.
وقد قال اإلمام أمحد :حدثنا وكيع ،عن إسامعيل ،عن مصعب بن إسحاق بن
طلحة ،عن عائشة ،عن النبي ﷺ قال « :إنه ليهون عي أين رأيت بياض كف عائشة
يف اجلنة » .تفرد به أمحد .وهذا يف غاية ما يكون من املحبة العظيمة؛ أنه يرتاح ألنه
رأى بياض كفها أمامه يف اجلنة.
ومن خصائصها :أهنا أعلم نساء النبي ﷺ ،بل هي أعلم النساء عىل
اإلطالق؛ قال الزهري :لو مجع علم عائشة إىل علم مجيع أزواج النبي ﷺ ،وعلم
مجيع النساء ،لكان علم عائشة أفضل.
وقال عطاء بن أيب رباح :كانت عائشة أفقه الناس ،وأعلم الناس ،وأحسن
الناس رأيا يف العامة.
وقال عروة :ما رأيت أحدا أعلم بفقه وال طب وال شعر من عائشة ،ومل ه
ترو
امرأة وال رجل ،غري أيب هريرة ،عن رسول الل ﷺ من األحاديث بقدر روايتها،
▲.
وقال أبو موسى األشعري :ما أشكل علينا -أصحاب حممد ﷺ -حديث
قط فسألنا عائشة ،إال وجدنا عندها منه علام .رواه الرتمذي.
[]67 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
وقال أبو الضحى عن مرسوق :رأيت مشيخة أصحاب حممد األكابر يسألوهنا
عن الفرائض.
ثم مل يكن يف النساء أعلم من تلميذاُتا؛ عمرة بنت عبد الرمحن ،وحفصة بنت
سريين ،وعائشة بنت طلحة ،وقد تفردت أم املؤمنني عائشة ،▲ ،بمسائل
أخبارا
ً أيضا ،وردت
من بني الصحابة مل توجد إال عندها ،وانفردت باختيارات ً
بخالفها بنوع من التأويل ،وقد مجع ذلك غري واحد من األئمة.
وقال الشعبي :كان مرسوق إذا حدث عن عائشة ،قال :حدثتني الصديقة
بنت الصديق ،حبيبة حبيب الل ،املربأة من فوق سبع ساموات .انتهى
أيضا يف "البداية والنهاية"" :وثبت يف "صحيح البخاري" «أن
وقال ابن كثري ً
الناس كانوا يتحرون هبداياهم يوم عائشة ،فاجتمع أزواج النبي ﷺ إىل أم
سلمة ،وقلن ْلا :قويل له يأمر الناس أن هيدوا إليه حيث كان ،فقالت أم سلمة:
فلام دخل عي قلت له ذلك ،فأعرض عني .ثم قلن ْلا ذلك ،فقالت له ،فأعرض
عنها ،ثم ملا دار إليها قالت له ،فقال :يا أم سلمة ،ال تؤذيني يف عائشة ،فإنه والل
ما نزل عي الوحي وأنا يف حلاف امرأة منكن غريها.
وذكر أهنن بعثن فاطمة ابنته إليه ،فقالت :إن نساءك ينشدنك العدل يف ابنة
أيب بكر بن أيب قحافة .فقال :يا بنية ،أال حتبني من أحب؟ قالت :قلت :بىل .قال:
فأحبي هذه.
ثم بعثن زينب بنت جحش ،فدخلت عىل رسول الل ﷺ وعنده عائشة،
فتكلمت زينب ،ونالت من عائشة ،فانتَّصت عائشة منها ،وكلمتها حتى
أفحمتها ،فجعل رسول الل ﷺ ينظر إىل عائشة ،ويقول « :إهنا ابنة أيب بكر».
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []68
وذكرنا أن عام ًرا ملا جاء يستَّصخ الناس ويستنفرهم إىل قتال طلحة والزبري
أيام اجلمل ،صعد هو واحلسن بن عي عىل منرب الكوفة فسمع عامر رجالً ينال من
منبوحا ،والل إهنا لزوجة رسول الل ﷺ يف
ً مقبوحا
ً عائشة ،فقال له( :اسكت
الدنيا ويف اآلخرة ،ولكن الل ابتالكم ليعلم إياه تطيعون أو إياها).
وقال اإلمام أمحد :حدثنا معاوية بن عمرو ،ثنا زائدة ،ثنا عبد الل بن خثيم،
حدثني عبد الل بن أيب مليكة ،أنه حدثه ذكوان حاجب عائشة ،أنه جاء عبد الل بن
عباس يستأذن عىل عائشة ،فجئت وعند رأسها ابن أخيها عبد الل بن عبد
الرمحن ،فقلت :هذا ابن عباس يستأذن .فأكب عليها ابن أخيها عبد الل فقال:
هذا عبد الل بن عباس يستأذن ،وهي متوت ،فقالت :دعني من ابن عباس .فقال:
يا أمتاه ،إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك .فقالت :ائذن له إن
شئت .قال :فأدخلته ،فلام جلس قال :أبرشي .فقالت :بامذا؟ فقال :ما بينك وبني
حممدا ﷺ واألحبة إال أن خترج الروح من اجلسد ،كنت أحب نساء
ً أن تلقي
رسول الل ﷺ إليه ،ومل يكن رسول الل ﷺ حيب إال طي ًبا ،وسقطت قالدتك
ليلة األبواء فأصبح رسول الل ﷺ حتى يصبح يف املنزل ،وأصبح الناس وليس
معهم ماء ،فأنزل الل آية التيمم ،فكان ذلك يف سببك ،وما أنزل الل من الرخصة
ْلذه األمة ،وأنزل الل براءتك من فوق سبع ساموات ،جاء هبا الروح األمني،
فأصبح ليس لل مسجد من مساجد الل إال يتىل فيه آناء الليل وآناء النهار.
فقالت :دعني منك يا ابن عباس ،والذي نفيس بيده لوددت أين كنت نس ًيا منس ًيا.
انتهى
[]69 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
اّلل ه ﷺ ُك َّن سول َّ روى البخاري يف "صحيحه" :قالت عائشة أ َّن نهساء ر ه
َ َ َ
اآلخ ُر أُم َس َل َم َة واحل حز ُب َ ه ه ه ه هح حز َب ح ه
وس حو َد ُة،وصف َّي ُة َ وح حف َص ُة َ نيَ ،فح حز ٌب فيه َعائ َش ُة َ
سول ه سول اّلل ه ﷺ ،وكا َن املس هلمو َن ح ه ه ه ه
اّلل ﷺ ب َر ه َّ قد َعل ُموا ُح َّ ُح ُ وسائ ُر ن َساء َر ه َّ َ
أخ َر َها، اّلل ه ﷺ َّ سول َّ يد أ حن هي هدهيا إىل ر ه
َ ُح ََ أح هد هه حم َه هد َّي ٌة ُي هر ُ ت عن َحد َ
َع هائ َش َةَ ،ف هإ َذا كَا َن ح ه
ب اْل هد َّي هة هبا إىل ر ه ه ت َع هائ َش َةَ ،ب َع َ سول اّلل ه ﷺ يف بي ه
سول َ َ ث َصاح ُ َ َح حتَّى إ َذا كا َن َر ُ َّ
سول ه ه ه ه ه ه
اّلل ﷺ اّلل ﷺ يف َب حيت َعائ َش َةَ ،ف َك َّل َم ح حز ُب أُ ِّم َس َل َم َة َف ُق حل َن َْلَاَ :ك ِّلمي َر َ َّ َّ
اّلل ه ﷺ َه هد َّي ًةَ ،ف حل ُي حه هد هه إ َل حي هه سول َّ قول :من أرا َد أ حن هي هد َي إىل ر ه
َ ُح َّاس ،ف َي ُ َ َ ُي َك ِّل ُم الن َ
وت نه َس هائ ههَ ،ف َك َّل َمتح ُه أُم َس َل َم َة بام ُق حل َنَ ،ف َل حم َي ُق حل َْلَا شيئًاَ ،ف َسأَ حلنَ َها، ث كا َن همن بي ه
ُُ َح حي ُ
أيضاَ ،ف َل حم ني َد َار إ َليح َها ً تَ :ف َك َّل َمتح ُه هح َ قال يل شيئًاَ ،ف ُق حل َن َْلَاَ :ف َك ِّل هم هيه ،قا َل ح ت :ما َ َفقا َل ح
قال يل شيئًاَ ،ف ُق حل َن َْلَاَ :ك ِّل هم هيه حتَّى ُي َك ِّل َم هك، ت :ما َ َي ُق حل َْلَا شيئًاَ ،ف َسأَ حلنَ َهاَ ،فقا َل ح
الو حح َي َمل ح َيأحتهنهي وأَ َنا يف َث حو هب ه ه ه
قال َْلَا :ال ُت حؤذيني يف َعائ َش َة؛ فإ َّن َ َف َد َار إ َل حي َها َف َك َّل َم حت ُهَ ،ف َ
اّلل هُ .ث َّم َّإهن ُ َّن سول َّ اّلل ه همن أ َذا َك يا َر َ وب إىل َّ ت :أتُ ُ تَ :فقا َل ح ا حم َرأ َة َّإال َع هائ َش َة ،قا َل ح
ول :إ َّن اّلل ه ﷺ َت ُق ُ سول َّ ت إىل ر ه
َ اّلل ﷺ ،ف حأر َس َل ح
سول ه
حت َر ه َّ َد َع حو َن َفاطه َم َة بن َ
ني ما حتبِّ َ قال :يا بنَي ُةَ ،أال ُ ه حت هأيب َب حكرَ ،ف َك َّل َمتح ُه َف َ نهساء َك ين ُحش حد َن َك اّلل الع حد َل يف بن ه
ُ َّ َّ َ َ َ َ َ
ت أ حن فأخ َ َرب حُت ُ َّنَ ،ف ُق حل َن :حار هج هعي إ َليح هه ،فأبَ ح ت إ َليح هه َّن ،ح تَ :ب َىلَ ،ف َر َج َع ح أُ هحب؟ قا َل ح
ت :إ َّن نه َسا َء َك َين ُحش حد َن َك ت ،وقا َل ح حت َج ححش ،فأتَتح ُه ،فأ حغ َلظَ ح َب بن َ فأر َس حل َن َز حين َ َت حرج َع ،ح
ه
اع َد ٌة ت َع هائ َش َة وهي َق ه َاو َل ح حت ا حب هن هأيب ُق َحا َف َةَ ،ف َر َف َع ح اّلل الع حد َل يف بن ه
ت َص حو َُتَا ح َّتى َتن َ َّ َ َ
ت قالَ :فتَ َك َّل َم ح هل َت َك َّل ُم؟ َ سول ا َّّلل ه ﷺ َل َينحظُ ُر إىل َع هائ َش َة :ح َف َس َّبتح َها ،حتَّى إ َّن َر َ
وقالَّ :إهنَا تَ :فنَظَ َر النَّبي ﷺ إىل َع هائ َش َةَ ، أس َكتَتح َها ،قا َل ح َب حتَّى ح عىل َز حين ََع هائ َش ُة َت ُرد َ
حت هأيب َب حكر. بن ُ
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []71
كان رسول الل ﷺ يعدل عدالً با ًتا ،ولكن تأثرت يومئذ عىل أمهات
املؤمنني الغرية من املنزلة العظمى التي ملكت عائشة ▲ لدى رسول الل
ﷺ ،فنافح عنها كام ورد يف احلديث اآلنف.
قال احلافظ ابن حجر معل ًقا عىل احلديث اآلنف يف الفتح الباري :ويف هذا
احلديث منقبة ظاهرة لعائشة ،وأنه ال حرج عىل املرء يف إيثار بعض نسائه
بالتحف ،وإنام الالزم العدل يف املبيت ،والنفقة ونحو ذلك من األمور الالزمة.
كذا قرره ابن بطال عن املهلب .انتهى
ولقد فصل احلافظ ابن حجر ،ماذا عنت أمهات املؤمنني بالعدل يف احلديث
اآلنف ،يف كتابه "فتح الباري" :واملراد به التسوية بينهن يف كل يشء من املحبة
وغريها .انتهى
حييَى حب ُن ُبك حَريَ ،ح َّد َثنَا * قال اإلمام البخاري رمحه الل (َ :)3060ح َّد َثنَا َ ح
تَ :ق َال ث َع حن ُيو ُن َسَ ،ع حن ا حب هن هش َهابَ ،ق َال أَ ُبو َس َل َم َة :إن َع هائ َش َة ▲ َقا َل ح ال َّل حي ُ
محة ُ الس َال ُم َو َر ح َ ه
الس َال َم فَقُلحتُ َو َعلَيحه َّ
ه
يل ُي حق هرئُك َّاّلل ه ﷺ َي حو ًماَ « :ي ا َعائ ه َش َهذَا هج ح هرب ُ ول َّ َر ُس ُ
اّلله ﷺ». ول َّ اّلله َو َب َر َك ا ُت ُه ت ََر ى َم ا َال أَ َر ى ت هُر ي ُد َر ُس ََّ
َ ،أ َّن النَّبه َّي ﷺَ ،ب َعثَ ُه َع حن َأ هيب ُعثح َام َنَ ،ق َالَ :ح َّد َثنهي َع حم ُرو حب ُن ال َع ه
اص
َّاس أَ َحب إه َليح َك؟ َق َالَ « :ع ائه َش ُة »، ت :أَي الن ه ات السال هَس هلَ ،فأَتَيحتُ ُه َف ُق حل ُش َذ هَع َىل َجيح ه
اب » َف َع َّد ن اخلَط َّ ه تُ :ث َّم َم حن؟ َق َالُ « :ث َّم ُع َم ُر حب ُال؟ َف َق َالَ « :أبُو َها»ُ ،ق حل ُ ت :هم َن الر َج ه َف ُق حل ُ
ِّ
هر َج ًاال[ .رواه البخاري يف "صحيحه" ( ،)2553ومسلم يف "صحيحه" (رقم.])3234/
هذا احلديث يربهن سعة فضل عائشة ▲ ،فإن رسول الل ﷺ مل يكن
ليحب إال طيبًا ،وقد كانت متلك حمبته الكربى كام رصح بذلك وعرب عنه.
[]70 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
أن سودة وهبت يومها بالكلية لعائشة ،ولقد اكتسبت صفية هدفها هبذا الصنيع إذ
رض عنها رسول الل ﷺ عقب ذلك.
ولقد أصدر حسان بن ثابت رضوان الل عليه األبيات التاليات املوصوفات
لعائشة ▲:
و ُت حصبه ُح َغ حر َثى همن ُحلُـو هم ال َغ َوا هف هـل َح َص ـ ـ ـ ــا ٌن َر َزا ٌن م ـ ـ ـ ــا ُت ـ ـ ـ ـ َـزن هبريبَ ـ ـ ـ ــة
ولو كان التعدد شؤم إال بعد موت الزوجة األوىل ،ملا تزوج الصحابة
والتابعون عىل زوجاُتم األوليات قبل وفاُتن ،فلنا فيهم أسوة حسنة ،فإهنم
اقتدوا برسول الل ﷺ اقتداء حسنًا وتأسوا به تأسيًا شافيًا وامتثلوا دربه ،فهم
متابعوه وما قاموا به استفادوه من النبي ﷺ فالتحقوا به وطبقوه ملعرفتهم
بفضله.
فإن َل َرسول الل ﷺ أوىل باالتباع واختاذ العربة منه ،وااللتحاق بسريه ودأبه
واتباع خطاه ،وأن نسري عىل ما سار عليه.
إال ه
قد األج َل َّ ولقد قال رسول الل ﷺ البنته فاطمة ▲َ « :و ِّإين ال أُ َر ى
َ
ه ه ه
واص ه هرب ي ،فَ إ نَّ ُه ن حع م َّ
الس لَ ف أَ ن َا لك »[ ،رواه مسلم يف صحيحه] ا قح َ َرت ب ،فا َّت قي َّ َ
اّلل ح
ولقد كان رسول الل ﷺ يامرس التعدد وأصحابه كذلك رضوان الل
عليهم ،وهم ال يقومون إال باألوىل وال يتحرون إال األحرى واألقرب للصواب
واألوىف واألنفع ْلم ،ولدينهم ولنا فيهم أسوة حسنة ،وإنام التنفري عن التعدد مما
أحدثته بعض النسوة وبعض الرجال الذين يدعمون ويربرون عوا طف النساء يف
قديام.
هذا الزمن ،وإال فلم ُيعرف ذلك ً
[]73 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
ه ه
فسريى اختالفًا ً
كثريا ،فعليكم ولقد قال رسول الل ﷺ « :فإن َّه َمن َيع حش منكم َ َ
وحم َد ه
َّواج هذ ،وإ َّي اكم ُ ن امل َ حه هد ِّي َ
نيَ ،ع ض وا عليها بالن ه ه ه ه
ثات وسن َّة اخلُلَفاء ال َّراشدي َ
بسنَّتي ُ
ُ
مور ؛ فإ َّن ُك َّل به دعة َض الل ٌة »( .)0 ا ألُ ه
وقال ﷺ « :اقتدوا باللذين من بعدي :أيب بكر وعمر » ،وهو حديث أخرجه
الرتمذي وابن حبان واحلاكم وصححه ،ووافقه الذهبي واأللباين.
َسدُتام آن ًفا:
ُ ومما يلتحق هبذين احلديثني اللذين
يقول اإلمام النووي رمحه الل(" :السنة) سنة النبي ♥ وأصلها
املروية عنه ﷺ "[ .انتهى من الطريقة ،وتطلق سنته ♥ عىل األحاديث
"ُتذيب األسامء واللغات" (])216/1
وجاء يف الصفات اإلالهية يف الكتاب وا لسنة النبوية للشيخ حممد أمان
اجلامي يف تعريفه للسنة بقوله :السنة لغة( :السنة) :الطريقة قبيحة كانت أو
حسنة ،ومن ذلك قوله ﷺ« :من سن سنة حسنة ،فله أجرها وأجر من عمل هبا
إىل يوم القيامة ،ومن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل هبا إىل يوم القيامة ».
[رواه مسلم يف ( )101٩/4رقم ( ،)2020وأمحد (.])310/4
وسن الطريق سنها سنا سار عليها ،وقال خالد بن عتبة:
فأول راض سنّة من يسريها
ّ فال جتزعن من سرية أنت َسُتا
والسنة من النبي ﷺ :إذا أطلقت يف الرشع فإنام يراد هبا (حكمه ،وأمره،
وهنيه) مما أمر به النبي ﷺ ،أو هنى عنه ،أو ندب إليه قوالً وفعالً ،مما مل ينطق به
ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخريج :أخرجه مطو الً أبو داود ،)4600( :والرتمذي ،)1606( :وابن ماجه ،)44( :وأمحد: ( )2
( ،)20244باختالف يسري ،وابن عبد الرب يف ( جامع بيان العلم وفضله) )1301( ،واللفظ له.
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []74
الكتاب العزيز ،وْلذا يقال :أدلة الرشع :الكتاب والسنة ،أي القرآن واحلديث".
انتهى
فكانت الطريقة التي سلكها رسول الل ﷺ فيام خيتص بالنساء التعدد ،فلقد
متكاثرا من النساء ومبادرا بالزواج وهذا كان دأبه ،وقد
ً كان رسول الل ﷺ
خ َّلف من بعد وفاته تسع نسوة ،والتعدد من تقريرات رسول الل ﷺ قوالً
وفعالً ،وهذا املسلك سلكه أصحابه رضوان الل عليهم والتابعون ومن اتبعهم
بإحسان.
[]75 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
قلت :ويف "صحيح البخاري" عن أنس( :أن رسول الل ﷺ كان يطوف عىل
نسائه وهن إحدى عرشة امرأ ة) ،واملشهور أن أم رشيك مل يدخل هبا ،كام سيأيت
بيانه ،ولكن املراد باإلحدى عرشة الاليت كان يطوف عليهن التسع املذكورات
واجلاريتان مارية ورحيانة.
وروى يعقوب بن سفيان الفسوي ،عن احلجاج بن أيب منيع ،عن جده
عبيدالله بن أيب زياد الرصايف ،عن الزهري -وقد علقه البخاري .انتهى
( :ذكر أسامء ولقد ذكر الطربي يف كتابه "التاريخ" أزواج أيب بكر
) ،حدث عي بن حممد ،عمن حدثه ومن ذكرت من نساء أيب بكر الصديق
شيوخه ،قال :تزوج أبو بكر يف اجلاهلية قتيلة -ووافقه عىل ذلك الواقدي
والكلبي -قالوا :وهي قتيلة ابنة عبد العزى بن عبد بن أسعد بن جابر بن مالك
أيضا يف اجلاهلية
بن حسل بن عامر بن لؤي ،فولدت له عبد الل وأسامء وتزوج ً
أم رومان بنت عامر بن عمرية بن ذهل بن دمهان بن احلارث بن غنم بن مالك ابن
كنانة -وقال بعضهم :هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن
عتاب بن أذينة بن سبيع بن دمهان بن احلارث بن غنم بن مالك بن كنانة -فولدت
له عبد الرمحن وعائشة.
فكل هؤالء األربعة من أوالده ،ولدوا من زوجتيه اللتني سمينامها يف
اجلاهلية.
وتزوج يف اإلسالم أسامء بنت عميس ،وكانت قبله عند جعفر بن أيب طالب،
وهي أسامء بنت عميس بن معد بن تيم بن احلارث بن كعب ابن مالك بن قحافة
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []78
بن عامر بن ربيعة بن عامر بن مالك بن نرس بن وهب الل بن شهران بن عفرس
بن حلف بن أفتل -وهو خثعم -فولدت له حممد بن أيب بكر.
أيضا يف اإلسالم حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أيب زهري ،من بني
وتزوج ً
احلارث بن اخلزرج ،وكانت نسأ حني تويف أبو بكر ،فولدت له بعد وفاته جارية
سميت أم كلثوم ".انتهى
روى البخاري يف صحيحهَ :ح َّد َثنَا أَ حص َب ُغَ ،ح َّد َثنَا ا حب ُن َو حهبَ ،ع حن ُيو ُن َسَ ،ع هن
َ ،ت َز َّو َج ا حم َرأ َةً هم حن ريَ ،ع حن َع هائ َش َة( :أَ َّن أَ َب ا َبكحر ا حب هن هش َهابَ ،ع حن ُع حر َو َة حب هن الز َب ح ه
الش ه
اع ُر اج َر أ َ ُبو َب حكر ط َ َّل َق َهاَ ،فت َ َز َّو َج َها ا حب ُ
ن َع ِّم َه ا َ ،ه َذ ا َّ ال َْلَا أُم َبكحرَ ،ف َل َّام َه َ
َك حلب ُي َق ُ
ار ُق َر حي ش). يد َة َر َث ى ُك َّف َ ال َه هذ هه ال َق هص َ ا َّل هذ ي َق َ
وأسلف ابن كثري تعداد زوجات عمر رض الل يف "البداية والنهاية":
قال الوا قدي وابن الكلبي وغريمها :تزوج عمر يف اجلاهلية زينب بنت
مظعون أخت عثامن بن مظعون ،فولدت له عبد الل وعبد الرمحن األكرب وحفصة
╚.
وتزوج مليكة بنت جرول ،فولدت له عبيد الل ،فطلقها يف اْلدنة ،فخلف
عليها أبو اجلهم بن حذيفة .قاله املدائني .وقال الواقدي :هي أم كلثوم بنت
جرول ،فولدت له عبيد الل وزيدا األصغر.
قال املدائني :وتزوج قريبة بنت أيب أمية املخزومي ففارقها يف اْلدنة،
فتزوجها بعده عبد الرمحن بن أيب بكر.
قالوا :وتزوج أم حكيم بنت احلارث بن هشام بعد زوجها -حني قتل يف
الشام -فولدت له فاطمة ثم طلقها .قال املدائني :وقيل :مل يطلقها.
[]79 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
،وعنده أربع؛ نائلة ،ورملة ،وأم البنني ،وفاختة ،ويقال :إنه وقتل
طلق أم البنني وهو حمصور .انتهى
كن التاليات كام أسلف ابن كثري يف "البداية والنهاية": وزوجات عي
،فاطمة بنت رسول الل ﷺ ،بنى هبا بعد "فأول زوجة تزوجها عي
وقعة بدر ،فولدت له احلسن وحسينا ،ويقال :وحمسنا .ومات وهو صغري،
وولدت له زينب الكربى ،وأم كلثوم الكربى ،وهي التي تزوج هبا عمر بن
اخلطاب كام تقدم ،ومل يتزوج عي عىل فاطمة حتى توفيت بعد رسول الل ﷺ
بستة أشهر ،فلام ماتت تزوج بعدها بزوجات كثرية؛ منهن من توفيت يف حياته
ومنهن من طلقها وتويف عن أربع ،كام سيأيت.
فمن زوجاته :أم البنني بنت حزا م ،وهو أبو املحل بن خالد بن ربيعة بن
الوحيد بن كعب بن عامر بن كالب ،فولدت له العباس وجعفر وعبد الل
وعثامن ،وقد قتل هؤالء مع أخيهم احلسني بكربالء ،وال عقب ْلم سوى
العباس.
ومنهن :ليىل بنت مسعود بن خالد بن مالك ،من بني متيم ،فولدت له
أيضا .وزعم الواقدي
عبيدالله وأبا بكر .قال هشام بن الكلبي وقد قتال بكربالء ً
أن عبيد الل قتله املختار بن أيب عبيد يوم املذار.
وحممدا األصغر.
ً ومنهن :أسامء بنت عميس اخلثعمية ،فولدت له حييى
قاله ابن الكلبي ،وقال الواقدي :ولدت له حييى وعونا ،قال الواقدي :فأما
حممد األصغر فمن أم ولد.
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []82
ومنهن :أم حبيب بنت ربيعة بن بجري بن العبد بن علقمة ،وهي أم ولد من
السبي الذين سباهم خالد بن الوليد من بني تغلب حني أغار عىل عني التمر
مخسا وثامنني سنة -ورقية.
فولدت له عمر -وقد عمر ً
ومنهن :أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن معتب بن مالك الثقفي ،فولدت
له أم احلسن ورملة الكربى.
ومنهن :ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن
كلب الكلبية ،فولدت له جارية ،فكانت خترج مع عي إىل املسجد وهي صغرية،
فيقال ْلا :من أخوا لك؟ فتقول :وه وه تعني بني كلب.
ومنهن :أمامة بنت أيب العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن
عبد مناف بن قيص ،وأمها زينب بنت رسول الل ﷺ وهي التي كان رسول الل
حممدا
ﷺ حيملها وهو يف الصالة؛ إذا قام محلها ،وإذا سجد وضعها -فولدت له ً
األوسط.
وأما ابنه حممد األكرب فهو ابن احلنفية ،وهي خولة بنت جعفر بن قيس بن
مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدئل بن حنيفة بن جليم بن
صعب بن عي بن بكر بن وائل ،سباها خالد أيام الصديق أيام الردة ،من بني
حنيفة ،فصارت لعي بن أيب طالب ،فولدت له حممدا هذا ،ومن الشيعة من يدعي
فيه اإلمامة والعصمة ،وقد كان من سادات املسلمني ،ولكن ليس بمعصوم وال
أبوه معصوم ،بل وال من هو أفضل من أبيه من اخللفاء الرا شدين قبله ليسوا
بواجبي العصمة .والل أعلم .انتهى
ولقد ذكر ابن حجر زوجات طلحة بن عبيد الل :
[]83 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
( :ومن لطائف املصاهرات :أن طلحة بن عبيد الل قال ابن حجر
تزوج بأربع نسوة ،أخت كل منهن زوجات للنبي ﷺ: التيمي
-تزوج بأم كلثوم بنت أيب بكر الصديق أخت الصديقة عائشة بنت أيب بكر
الصديق.
-وتزوج محنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش.
-وتزوج فارعة بنت أيب سفيان أخت أم حبيبة بنت أيب سفيان.
-وتزوج رقية بنت أيب أمية أخت أم س َلمة هند بنت أيب أمية رضوان الل عليهم
أمجعني[ .انتهى من "اإلصابة" (.])433 /1
ولو خضت وأسهبت يف تعداد واحصاء زوجات سائر الصحابة والتابعني
لطالت األسطر وتكاثرت وتوا لت وتراكمت اجلمل ،واستغرقت العبارات ،فإن
املعددين ساب ًقا والح ًقا ال يعدون وال حيصون ومن مجلتهم خرية الناس دينا
وخل ًقا وعلام.
فالواجب أال يزعم الزا عم :أن التعدد من اختصاص وخصوصيات رسول الل
ﷺ ،ولو كان ذلك من اختصاصه لنهى الل عنه كام هنى عن التزوج للرجال
خمتصا به ،وملا استكثر الصحابة ╚ ومن
ً بأكثر من أربع حيث كان ذلك
إليهم ومن اتبعهم بإحسان من التزوج وال سيام اخللفاء الرا شدين.
ق ال الشاعر:
إن التش ـ ـ ـ ـ ـ ــبه ب ـ ـ ـ ـ ـ ــالكرا م فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالح فتش ـ ـ ـ ــبهوا إن مل تكون ـ ـ ـ ـوا م ـ ـ ـ ــثلهم
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []84
فإن قيل :التعدد يضيع األوقات ،واملفروض أن يشغل طالب العلم نفسه
بالدروس واملراجعة وتربية األوالد.
فأقول :قد سبق تعداد الفوائد الرشعية التي يناْلا التعدد وبناء عىل ذلك فال
يعد التعدد ضيا ًعا للوقت ،بل يعد من الوسائل التي تستجلب الفوائد البارزة
اجلسيمة.
ولو كان التعدد يضيع الوقت ملا مارسه النبي ﷺ والصحابة والتابعون
وكبار أهل العلم وملا لقوا لذلك الوقت فهم أحرص عىل تنظيم أوقاُتم من أي
أحد.
فإهنم حاملون هذا الدين والعلم الرشعي ،ولقد توفقوا يف إبالغ الرسالة
لألمة ،وأداء األمانة ،ويف بث النفع وإفادة الدين واملسلمني ،وجعل الل يف
أوقاُتم بركة ،عىل الرغم أهنم مجعوا بني النساء.
بل قد يستدعي عدم الزواج االنشغال ،إن وقعت الرغبة للزواج يف نفس
الرجل فيكثر تفكريه وينشغل باله وتتوق نفسه فيعرض نفسه للفتنة .وقد يظل
[]85 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
عقب ذلك عائشا بعرسة ويضيق االمتناع به ذرعا ولربام ييسء اىل زوجته األوىل
حيث مل حتقق رغبته .ويظل يتحرس لفوات الزواج فيترضر ويرض زواجه األول.
ويف "الصحيحني" من حديث عبد الل بن عمرو ¶ ،أن النبي ﷺ
قال « :إن لربك عليك ح ًقا ،وإن لبدنك عليك ح ًق ا ،وإن ألهلك عليك ح ًق ا ،وإن
لزورك عليك ح ًق ا ،فأعط كل ذي حق حقه ».
ُيستخرج من هذا احلديث اآلنف وجوب تقسيم الوقت بني كل ذي حق،
للرب حق وللبدن حق ولألهل حق وللزور حق ،و ُيستخرج منه كذلك أن
الواجب اجلمع بني تلك احلقوق وعدم إمهال أي حق من ضمن احلقوق ،ودل
هذا احلديث كذلك عىل أن قضاء الوقت مع الزوجات ال يعد من الضياع ،فلقد
أسلف رسول الل ﷺ األهل ،فإن الزوجات يعدن من األهل ،وإنام استوجب
توزين األوقات فال أفراط وال تفريط .وهذا احلديث دال كذلك عىل أن رسول
الل ﷺ ال ينافح وال هياجي عن عدم التزوج وافراد الوقت كله للعبادة وطلب
العلم وال يدعو لذلك وال يساند القائمني بذلك ،وإنام ينبغي أال يضاع أي وقت
من أجل اآلخر وأال يكون أي حق متسلطًا عىل اآلخر ،فيؤدي ذلك إىل ضياع أي
حق من مجلة احلقوق.
حم َّم ُد حب ُن حد َثنَا َس هع ُ
يد حب ُن أَ هيب َم حر َي َم أَ حخ َ َرب َنا ُ َ * وروى البخاري يف صحيحهَّ :
ول َجا َء َي ُق ُ مح حيد الطَّ هو ُيل َأ َّن ُه َس هم َع َأ َن َس حب َن َمالهك
مح حي ُد حب ُن أَ هيب ُ َ
َج حع َفر أَ حخ َ َرب َنا ُ َ
اج النَّبه ِّي ﷺ َي حسأَ ُلو َن َع حن هع َبا َد هة النَّبه ِّي ﷺ؟ َف َل َّام أُ حخ ه ُربوا َث َال َث ُة رهط إه َىل بي ه
وت أَ حز َو ه ُُ َ ح
وهاَ ،ف َقا ُلوا َ :وأَ حي َن َن حح ُن هم حن النَّبه ِّي ﷺ َق حد ُغ هف َر َل ُه َما َت َق َّد َم هم حن َذ حنبه هه َو َما َكأَ َّهن ُ حم َت َقال َ
َتأَ َّخ َرَ ،قا َل أَ َح ُد ُه حم :أَ َّما أَنَا َف هإ ِّين أُ َص ِّي ال َّليح َل أَ َب ًداَ ،و َق َال َ
آخ ُر :أَنَا أَ ُصو ُم َّ
الد حه َر َو َال
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []86
اّلل ه ﷺ إه َل حي هه حمول َّ آخ ُر :أَ َنا أَ حع َت هز ُل الن َِّسا َء َف َال أَ َت َز َّو ُج أَ َب ًداَ ،ف َجا َء َر ُس ُ أُ حفطه ُرَ ،و َق َال َ
اّلل ه إه ِّين َأل َ حخ َشاك ُ حم ه َّّلل ه َوأَت ح َقاك ُ حم َل ُه َ ،ل هكنِّي أَ ُص و ُم
ن قُلحت ُ حم َك َذا َو َك َذا ،أ َ َما َو َّ
ه
َف َق َال « :أَنحت ُ حم ا َّلذي َ
ب َع حن ُسنَّتهي فَ لَيح َس همنِّي ». ه ه
َو أُ فح ط ُر َ ،و أُ َص ِّي َو أَ حر قُ ُد َو أَ ت ََز َّو ُج الن َِّس ا َء ،فَ َم حن َر غ َ
فهذا نص رصيح يزهق وحيبط ويبطل زعم الزاعم ،بأن التعدد يضيع
األوقات ،وأن التعدد يتناقض مع العبادة والطاعات وطلب العلم ،واحلق أحق
ُ ذ ذ ْ ْ َ َ
اْل ِّق إِال الضالل﴾ [يونس.]23:
أن يتبع ،قال الل تعاىل يف كتابه الكريم﴿ :ف َماذا َبع َد َ
َ ُ ْ َ َ ْ َ ُّ َ َ َ ْ ُ ذ ْ َ َ َ َ ُ ً
اْلق َوزهق اْلَا ِطل إِن اْلَا ِطل َكن زهوقا ﴾ [اإلرساء.]39: وقال ﴿ :وقل جاء
فلقد استنكر رسول الل ﷺ عىل من يعتزل النساء تقربا لل وازديا ًدا
للطاعات والعبادات ،قائال « :أتزوج النساء » ،وإن اللفظ الذي أطلقه النبي ﷺ
بالنساء مجع وليس مفر ًدا ،فهذا يشري إىل التعدد ،وقد رصح رسول الل ﷺ أن
التزوج بالنساء من سنته وسريه ،وهنى من نوى أن يعرض عنها بمقصد التقرب
والتعبد لل عن صنيعه ،ولكن إن كان اإلنسان يؤخر أو يدع الزواج لعدم تيسريه
لعلل ولعوائق أو للعجز عن القيام به ،رخص له ذلك ،وإنام يطلق النهى عىل من
يعرض عن الزواج ابتغاء التعبد والتقرب لل.
وهذا النص يتضمن دالل ًة بأن رسول الل ﷺ قدوة لنا ،وأن التزوج بالنساء
سنة كام رصح بذلك وأن التزوج بالنساء ليس من خصائص النبي ﷺ.
وإنام االختصاص الوارد يف ذلك العدد الذي أبيح لرسول الل ﷺ ،فلقد
أباح الل أن يعدد النبي ﷺ بأكثر من أربع دون غريه ،إذ قيد العدد إىل أربع
لغريه.
[]87 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
وقال احلافظ ابن حجر يف "فتح الباري" :قوله ( فمن رغب عن سنتي فلي س
مني) املراد بالسنة الطريقة ال التي تقابل الفرض ،والرغبة عن اليشء اإلعراض
عنه إىل غريه ،واملراد من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غريي فليس مني ،وملح
بذلك إىل طريق الرهبانية فإهنم الذين ابتدعوا التشديد كام وصفهم الل تعاىل وقد
عاهبم بأهنم ما وفوه بام التزموه ،وطريقة النبي ﷺ احلنيفية السمحة ،فيفطر
ليتقوى عىل الصوم وينام ليتقوى عىل القيام ويتزوج لكرس الشهوة ،وإعفاف
النفس وتكثري النسل.
وقوله « فليس مني » ،إن كانت الرغبة برضب من التأويل يعذر صاحبه فيه،
فمعنى «فليس مني» ،أي :عىل طريقتي وال يلزم أن خيرج عن امللة ،وإن كان
اضا وتنط ًعا يفيض إىل اعتقاد أرجحية عمله فمعنى « فليس مني » ،ليس عىل
إعر ً
ملتي؛ ألن اعتقاد ذلك نوع من الكفر.
ويف احلديث :داللة عىل فضل النكاح والرتغيب فيه ،وفيه تتبع أحوا ل األكابر
للتأيس بأفعاْلم .انتهى
فلئن قيل :املفروض أن طالب العلم يمنع نفسه من النظر للنساء واملحرمات
والنظر يف القنوات فال تأته الشهوات والرغبة يف التعدد.
فأقول :لقد جبل اإلنسان عىل الرغبة يف الشهوات املباحة ،وقد غرس الل
هذه الفطرة يف النفوس ،وإن مل يكن يتعرض ملا يثريها وإن مل يتعمد التنقيب عنها
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []88
والعثور عليها ،فهذه دعوى باطلة وخطرية مل ينزل الل هبا من سلطان ،بل قد تبلغ
مبلغ التهمة املتسرتة يف عفة الصاحلني الذين عددوا ،فهذا القول ينايف ما ورد يف
الرشع ،وخيالف الفطرة ،فإن التعدد حتام مما يقي الرجل من تنوع الفتن املتعلقة
بالنساء ،وال يرشع أن ُخيصص التعدد ملن يعرض نفسه للمحرمات ،بل الشهوة
فطرة كائنة يف األنفس وقد عمت يف نفوس الناس ،ورخص الل أن يواجهها
الرجال بالتعدد إن رغبوا يف ذلك ،فإن قىض الرجل وطره يف زوجاته حجبه ذلك
عام حرم الل له َّ
وقل شوقه للنساء األجنبيات عنه رش ًعا فسدد وقارب للسالمة.
فإن فتنة النساء كاحلريق فمن ملسه اشتعل نريا ًنا وْل ًبا كام يشتعل احلريق يف
غابة ،وال تطفئ تلك النريان إال التوبة والرجوع إىل الل ه تبارك وتعاىل ،وإن فتنة
حتام ،ولكن من فر منها ساعيًا فقد يسلم
النساء كأمواج البحر ،فإهنا آتية وجتري ً
منها ،ومن مل يفر منها تصدى ْلا يقينًا وجز ًما ،فمن أخذ األسباب للحامية من فتنة
سالحا ،مستعينًا بالل ومتوكالً عليه ،كام يفر املرء من األمواج ،فعساه
ً النساء
يسلم بإذن الل ،وإن من أعظم األسلحة ضد فتنة النساء هو الزواج والتعدد.
فإن فتنة النساء جسيمة ولئيمة ،وعواقبها للمصاب هبا ُم َرة و َع هسرية وبئيسة،
فكم من رجل ضل عن سواء السبيل بسبب امرأة فتنته ،والل املستعان.
ولقد وقعت تلك االنحرا فات واحلوادث للعابدين والزاهدين والصاحلني،
فلو مل يكن من فضائل التعدد إال أنه حيجب الرجال عن فتنة النساء ويلعب دور
السالح ،ويعد من العلل التي تعف الرجال وحتميهم ،لكان برها ًنا كاف ًيا.
[]89 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
ومن ضمن تلك احلوا دث :القصة التي رواها اإلمام القرطبي يف كتابه
" التذكرة يف أحوال املوتى وأمور اآلخرة" ،يف باب (ما جاء يف سوء اخلامتة وما جاء أن
األعامل باخلواتيم).
مسجدا لألذان والصالة ،وعليه هباء
ً ق ـ ال :روى أنه كان بمَّص رجل ملتزم
العبادة وأنوار الطاعة ،فرقي يو ًم ا املنارة عىل عادته لألذان ،وكان حتت املنارة دار
لنَّصا ين ذمي ،فاطلع فيها فرأ ى ابنة صاحب الدار ،فافتتن هبا وترك األذان ،ونزل
إليها ودخل الدار ،فقالت له :ما شأنك ما تريد؟ فقال :ه
أنت أريد ،قالت :ملاذا؟
ه
سلبت لبي وأخذت بمجامع قلبي ،قالت :ال أجيبك إىل ريبة ،قال ْلا: قال ْلا :قد
أتزوجك ،قالت له :أنت مسلم وأنا نَّصانية وأيب ال يزوجني منك ،قال ْلا:
أتنَّص ،قالت :إن فعلت أفعل ،فتنَّص ليتزوجها وأقام معها يف الدار ،فلام كان يف
أثناء ذلك اليوم رقي إىل سطح كان يف الدار فسقط منه فامت ،فال هو بدينه وال هو
هبا ،فنعوذ بالل ،ثم نعوذ بالل من سوء العاقبة وسوء اخلامتة .انتهى.
وقال ابن حبان يف كتاب " املجروحني" يف ترمجة :حبيب بن أيب األرشس ،أنه
عشق امرأة نَّصانية ،وقد قيل :إنه تنَّص وتزوج هبا ،فأما اختالفه إىل البيعة من
أجلها فصحيح .انتهى.
وأسلف ابن حجر يف ترمجته من " لسان امليزا ن" عن عبد الل بن سلمة
األفطس ،قال :تزوج ابن أيب األرشس جارية نَّصانية وكان يعشقها فتنَّص.
انتهى.
وإنني ألخشى أن تكون هذه الدعوى متاثل ما يتبجح به أعداء اإلسالم الذين
قست قلوهبم وحيملون فيها ما الل به عليم ،ويستنكفون به عن رشع الل،
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []91
فإن قيل :لسنا ضد التعدد للحاجة الرشعية ،ولكن الزواج للشهوة ال يصلح،
والزواج يستطيع أن يقيض وطره مع زوجته األوىل.
فأقول :سبحانك هذا هبتان عظيم ،أوليس االستعفاف من احلوائج العظيمة
التي يؤيدها ويضمها التعدد ويدعو إليها الرشع؟ وما هي احلاجة املطلوبة إن مل
تكن هذه حاجة رشعية!
فإن الزواج من أعظم وأحوج وأجسم ،وأبرز وأفيد السبل لغض البَّص
واالستعفاف ،واحلفاظ عىل النسل والتكاثر باألمة واجلمع بني الشعوب واحلفاظ
عىل النساء من العزوبية واخلطر والفتن والغربة واحلروب واألعداء.
وإن التعدد شعرية عظيمة من شعائر اإلسالم ،وهو يسيل شتى الفوائد
ويسكب املصالح واملقاصد الرشعية ،ويسند عىل اتباع سنة الرسول ﷺ واتباع
خطى من وااله وصحبه والتابعني وكبار أهل العلم.
وهو أقرب للصيانة وأبعد عن املغريات الفاحشة للمرأة والرجل.
وكام ال خيفى عىل أحد ،فاملرأة حتيض وتصاب بالنفاس وتعرتهيا األمراض،
فإن كان الزوج معد ًدا وامتنع عن معارشة زوجته لعلة رشعية متكن من أن
يستعف بزوجة غريها.
يف "تفسريه" :خيرب تعاىل عام زين للناس يف هذه احلياة قال ابن كثري
الدنيا من أنوا ع املالذ من النساء والبنني ،فبدأ بالنساء؛ ألن الفتنة هبن أشد ،كام
ثبت يف الصحيح أنه ♥ قال « :ما تركت بعدي فتنة أرض عىل الرجال من
النساء » ،فأما إذا كان القصد هبن اإلعفاف وكثرة األوالد ،فهذا مطلوب مرغوب
[]93 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
فيه مندوب إليه ،كام وردت األحاديث بالرتغيب يف التزويج واالستكثار منه.
انتهى
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []94
إن من أجسم وأعظم املصالح التي ترتتب عىل التعدد كاملعلوم ،وكام ورد يف
احلديث الذي َسد ُته؛ التكاثر من األوالد ،وال ريب أن التعدد ُي َّس هري الشخص
لذلك ،و ُي َّس ههل له أن َي حم هل َك الكثري من األوالد ،بحيث تنجب منه كل زوجة وربام
يكن حوامل يف نفس الوقت ،لكن يف حال اقتصار الزوج عىل زوجة واحدة ،قد
يشق عىل الزوجة األوىل كثرة احلمل بني السنني املتقاربة وتستصعب ذلك،
والعناية هبم والرعاية ،قد تستلزمان الكثري من اجلهد واستغراق الوقت فال تتفرغ
دورا مهام يف التكاثر باألوالد كام وىص
للمزيد من األوالد؛ ولذا يلعب التعدد ً
وأرشد اىل ذلك النبي ﷺ.
فالتعدد يوفر إمكانية التكاثر وخيفف عن مشقة الزوجة األوىل ،فال تكن
الوحيدة التي تنجب مجيع األوالد وتقوم هبذه املسؤولية بمفردها ،وهذه مصلحة
جسيمة يكتسبها ويصبها ويسكبها التعدد ،أال وهي التكاثر باألوالد ،فإنه
ملرغوب وسنة ومستحب ومندوب إليه.
[]95 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
أرغب يف الزواج من امرأة ثانية ،وأنا قادر عىل تكاليف الزواج وعىل الَّصف
عىل بيتني ،وأجد يف نفيس أنني أستطيع أن أعدل بني الزوجتني ،لكني سمعت من
بعض اإلخوة أن زواج الثانية ال بد له من رشوط ،كأن تكون الزوجة األوىل
مريضة ،أو ال تنجب ،أو غري ذلك من األسباب ،فهل هذا صحيح؟ أو أنه يف
قادرا ،وأجد يف نفيس االستطاعة عىل
اإلمكان أن أعدد من غري سبب ما دمت ً
العدل بني الزوجتني ،وما ذا يرى سامحتكم يف هذا املوضوع والسيام التعدد
خاصة؟
اجلوا ب:
ال مانع من التعدد ،وإن كانت الزوجة املوجودة صاحلة وطيبة ليس هبا مرض
قادرا عىل الزواج
وال علة ،ولو كانت تنجب ال حرج يف ذلك إذا كنت بحمد لل ً
ُ َ َ َ َ ُ ْ َ
انكحوا ما طاب لكم ِم َن وعىل العدل ،فاحلمد لل ،الل يقول -سبحانه ﴿ :-ف ِ
َْ َ َ ُ َ َ َُ َ َ ْ ْ ُ ْ َذ َ ْ ُ ََ َ ً َ َ َ َ َ ْ َْ َ ُ ُ ْ ِّ َ
حدة أ ْو ما ملكت أيمانكم﴾ خفتم أال تع ِدلوا فوا ِ
النساءِ مثَن وثالث ورباع ف ِإن ِ
[النساء ،]2:والنبي ﷺ تزوج عدة من النساء ♥ ،وليس يف أزواجه
علة.
فاملقصود أنه ﷺ تزوج ،وهكذا الصحابة تزوجوا منهم من تزوج ثنتني،
ومنهم من تزوج ثالث ،ومنهم من تزوج أربع ،فاألمر يف هذا واسع واحلمد لل.
إنام املؤمن حيرص أن يعدل وجيتهد يف العدل بني الزوجتني ،أو الثالث ،أو
األربع .انتهى [من " فتاوى نور عىل الدرب"].
[]97 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
فبنا ًء عىل ذلك :ال تدل هذه الرواية إال عىل احلث والطلب والندب ،وأن ابن
عباس ذكر حال أوئلك الذين تقدموا استشها ًدا للحث ،وبذلك يدرك أولو
األبصار واإلدراك ،ولعل بعضهم يعتقد ذلك يف قرارة نفسه ،لكن اْلوى لدى
البعض يعمي األبصار ويصم اآلذان ،والل املستعان.
الشبهة العاشرة:
فلئن قيل :التعدد يؤدي إىل التنافر بني الزوجات واألوالد ،ولتخريب البيوت
وتشتت األَسة.
فأقول :لو جاهدت الزوجات واألوالد النفس األمارة بالسوء ووساوس
الشيطان التي يقرقرها يف قلوب بعض الناس ويوسوسه يف صدورهم ،ملا اهندم
بيت ،وملا ساء وضع.
أيض ا عىل الزوج :أن يقود سالمة الوضع بالعدل ،فالذي ينبغي أن
وجيب ً
يوعظ زوجاته وأوالده وعائلته ،وأن يرشدهم إىل واجباُتم ،فمن املرغوب أن
يوسع الزوج عائلته باألوالد كام حث عىل ذلك الرشع ودعا إليه ،ولو كان
األوالد ذوي لب وإدراك ووعي ألدركوا وألقروا أن توسيع العائلة منقبة عظيمة
وخري ْلم من التقليل.
ٌ
فمن املفيد لألمة وْلم كذلك أن متتد العائلة فيكثر اإليناس بينهم والتعاون
عىل الرب والتقوى ،وتتوسع املساعدة واإلعانة للبعض ،وتتقوى األمة اإلسالمية،
قال الل عز وجل يف كتابه الكريم ﴿ :وتعاونوا لَع ال ِّ
ِب واتلَّقوى ﴾ [املائدة.]3:ِ
[]99 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
فلو كانوا يعقلون ألدركوا املصالح املقتضية لذلك ،وْلم احلق الرشعي الذي
رشعه الل ْلم ويتنعمون به عىل أبيهم ،ولقد رشع الل التعدد ،فكيف َيعد التعدد
ظلام ْلم ولوا لدُتم مع العلم أن الل هو الذي رشع هذه املرشوعية؟!
َ َ ْ ُ َ ُّ َ َ َ ً
قال الل تعاىل يف حمكم التنزيل ﴿ :وال يظلِم ربك أحدا ﴾ [الكهف ،]41:وقال:
َ َ ُّ َ َ ذ ْ َ
﴿ َوما ربك بِظالم ل ِلعبِ ِ
يد ﴾ [فصلت.]45:
والواجب عىل الزوج أن ُيسكن كل زوجة يف بيتها بمفردها إال إن ابتغت
الزوجات أن يمكثن يف بيت واحد ووافقن عىل ذلك ورضني بذلك ،عىل الرغم
أن رسول الل ﷺ قام بإسكان كل زوجة يف بيتها ،إذ أن هذا أحوط وأوىل
وأسلم؛ اجتنا ًبا للمشاكل بني الزوجات ولتكون لدى كل زوجة خصوصيتها
وراحة خاطرها واستقالْلا عن سائر الزوجات ،ولئال ُتثَار غريُتا ،ومن احلق
تلبث يف سكنه َها املستقل اخلاص هبا.
َ الرشعي لكل زوجة عىل زوجها أن
فيا ُترى ،ملاذا مل ُيرو أن السلف ذكروا تلك املشاكل واملفاسد واالرضار
املزعومة الواهية الومهية التي يقدمها ا لبعض يف هذا الزمن للصد واإلعراض
والَّصف عن التعدد بينام أكثروا من ممارسة التعدد؟ فلقد شهد شاهد من أهلها
وهم شهدوا بام علموا وعاينوا وال خيافون يف الل لومة الئم.
وملاذا كانت النساء يف زمن رسول الل ﷺ ال يتحاملن عىل أزواجهن وعىل
زوجات أزواجهن؟ وملاذا كان األ والد ال يتعرضون لبعض؟ أوليسوا قدوتنا ولنا
فيهم أسوة حسنة؟ وأوليس علينا أن نسري عىل سريهم وأن نسلك مسلكهم وأن
نتبع سبيلهم؟
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []011
فإن استعان الزوج بالل وعدل واتقى الل والزم اإلنصاف ومراقبة الل يف
شؤونه ،فلن يكون هناك أي داعي للمشاكل لو كانوا يعقلون ،بل تلك املشاكل
حينئذ جتري يف أنفس الذين خيلقوهنا ويصنعوهنا وليس التعدد امللوم ،بل عليهم
بأنفسهم وإصالح أنفسهم عاجالً غري آجل ،وال غبار عىل التعدد وال حيتوي
التعدد خلالً ،فإنام هم املقَّصون الذين يفتقرون إىل التزود من التقوى ومراقبة
وهنارا ،والعمل بالعلم وتعظيم شعائر الل
ً وظاهرا وباطنًا وليالً
ً وجهارا
ً َسا
الل ً
واإلعراض عن اْلوى وحتسني األخالق ،والتحي باآلداب ومكارم األخالق
والسلوك السلفي ،واحلفاظ عىل ألسنتهم وأفعاْلم ،فإن رهبم ْلم باملرصاد؛ ولذا
ترو هذه احلروب واحلمالت والثورات عىل التعدد عن زوجات رسول الل
مل ُ
ترو عن الصحابيات والتابعات ،لكوهنن كن يتقني رهبن حق تقاته ﷺ ،ومل ُ
ويراقبنه ،ويستسلمن لرشع الل سبحانه وتعاىل وخيضعن له كام أُ هم حرن ،وكان يتتبع
علمهن العمل امللتحق به ،وكن يدعن عوا طفهن املنهية عنها السلبية املذمومة
الدميمة التي ترا فق املعصية جان ًبا قدر املستطاع.
وأما فيام يتعلق ببعض النساء يف الزمن ،فلقد مالت األنفس التباع اْلوى
واسالكه ،وعمت األعني عن تقديم رشع الل عىل اْلوى والنفس األمارة بالسوء،
وطغت العوا طف السلبية املذمومة ،والل املستعان.
ومما نسمعه يردد ويتوا تر دوما قوْلم :لقد غارت أمهات املؤمنني.
فأقو ل :هذا أمر ثابت ،وكانت تقع اشكاالت وخالفات بينهن كام تقع
اإلشكاالت واخلالفات يف مجيع البيوت وبني مجيع الناس ويف مجيع االرتباطات،
[]010 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
بل قلام تقل االشكاالت واخلالفات بني األختني من نفس األم واألب ،فضالً عن
الرضات!!
ولكن أمهات املؤمنني مل يكن يرتكبن العظائم التي تصدر من بعض النساء
وأذناهبن وأفرا خهن يف هذا الزمن ،والتي جتعل اإلنسان ال يكتحل بغمض ،ومل
هزوا ،ومل يكن يقمن
يكن حيذرن من التعدد وينهني عنه ،ومل َي ُك َّن يتخذن التعدد ً
بالكر عىل التعدد واملعددين ،ومل يعرتضن التعدد ،ومل يزعمن أن التعدد يورث ه
املفاسد ومل جيحدن مرشوعية التعدد والندب إليه ،وإنام كن يغرن عىل النبي ﷺ،
وهن ال يلمن عىل ذلك حيث غرست هذه الفطرة يف نفوس النساء ،وجبلن
عليها ،فهذه الغرية بالء للنساء ،لعل الل بذلك يكفر عن سيئاُتن ويرفعهن يف
درجاُتن وهيبهن األجور إن صربن عىل الغرية واحتسبن ومل خيالفن رشعه به،
ولتعلمن املرأة أن اجلزاء من جنس العمل.
فحذار حذار يا أمة الل ،فليصيبنك كل ما كسبت يداك جزا ًء وفا ًقا،
وليسلطن الل عليك من يعاملك بمثال ومقدار إساءتك .واحذري دعاء
املظلومة يف دجى الليل فإن الظلم شؤم فحذار أن تصيبك املظلومة بسهام الدعاء
ه ه الصائبات .قال رسول الل ﷺ « :اتَّقُوا الظلحمَ ،فَإ ه َّ
ن الظ لحمَ ظ ُل ُ َامتٌ َي حو َم الحق يَ ا َم ة »[ ،رواه
مسلم].
ْ َْ َ ذ ََ َ َ
ات َوما ِِف اْلر ِض ِِلَج ِز َي
لل ما ِِف السمو ِ قال الل عز وجل يف حمكم التنزيل ﴿ :و ِ
ُ ْ َ ْ ذ َ ََ ُ َ َ ُ َ َْ َ ذ َ َ ْ َ ُ
اْلسَن ﴾ [النجم.]29: ِين أحسنوا ِب اَّلِين أساءوا بِما ع ِملوا و َي ِزي اَّل
فإن الوقوع يف الظلم لشدة الغرية ال حيل ألي امرأة كائنة من كانت وكيفام
كان وضعها ،بل الواجب إجراء العدل وإقام اإلنصاف ،واالستسالم لرشع الل
الرد على الشبهات املتداولة حول التعدد []012
وقدره ،ولقد عصم واصطفى الل زوجات النبي ﷺ من الغرية التي تسلب
التقوى وتقبض العقل وسلمهن من الظلم والبغي واالعتداء.
باهرا ،كام يف حديث
ولقد رضب زينب بنت جحش ▲ يف ذلك مثالً ً
ول اّلل ه
عائشة ▲ ،قالت عائشة ▲ فيام يتعلق بحادثة اإلفك :كَا َن َر ُس ُ َّ
َبَ ،ما َعل ه حم هت ؟ َم ا َر أَ ي ح هت ؟» حت َج ححش َع حن أَ حم هريَ ،ف َق َالَ « :ي ا َز حين ُ َب بهن َ
ﷺ َي حسأَ ُل َز حين َ
َّصي ،و ه اّلله ،أَ حمحهي َس حم هعي َو َب َ ه
اّلل َما َع هل حم ُ
ت َع َل حي َها إه َّال َخ ح ًريا . َ َّ ول َّ تَ :يا َر ُس َ َف َقا َل ح
ه ه ه ت عائشةَ « :و هه َي ا َّلتهي َك ا ن ح
َت ت َُس اميني م حن َأ حز َو اجه النَّ هب ِّي ﷺ ،فَ َع َص َم َه ا َّ ُ
اّلل َقا َل ح
به َ
الو َر هع»[.رواه البخاري ( ،)3559ومسلم (.])3111
فسبحان الل ،كانت الفرصة تتسنى ْلا إرضا ر رضُتا املحبوبة إىل قلب
رسول الل ﷺ فتنتَّص عليها ،وكان بإمكاهنا عدم الذب عن عرضها أو الصمت
وإن مل تلمز يف عرضها ،لكنها مل تصنع ذلك ،بل قيدها عن ذلك الورع فصدعت
باحلق ونافحت عنها وذبت عن عرض عائشة ▲.
َّص ي) أَ حي :أَ ُصو ُن َس حم هعي َ ( :ق حو ُْل َا :أَ حمحه ي َس حم هع ي َو َب َ ه قال النووي
َّصَ .ق حو ُْلَاَ ( :و هه َي ا َّل ته ي
ه
َّص ُت َو َمل ح أُبح ح ول َس هم حع ُ
ت َو َمل ح أَ حس َم حعَ ،وأَبح َ ح َّصي هم حن أَ حن أَ ُق َ
َو َب َ ه
َاهنَا هعن َحد النَّبه ِّي ﷺَ ،و هه َي اهينهي به َج َام هْلَا َو َمك ه اخر هين و ُت َض ه ه ه ه
ت ُت َس ام ين ي) أَ حيُ :ت َف ُ َ َك ا َن ح
ُم َفا َع َل ٌة هم َن الس ُم ِّو َو ُه َو هاال حرته َفا ُع[ .انتهى من رشح النووي عىل مسلم (.])992/91
َْ َذ ُ ْ َ َ ُ َْ ََ َذ َ ْ ُ ْ ُ
وقال الل تعاىل يف كتابه الكريمَ ﴿ :وال َي ِرمنكم شنآن قوم لَع أال تع ِدلوا اع ِدلوا
َ ذ َ َ ٌ َ َْ َُ َ ذُ ُ َْ ُ ذْ
ري بِما تعملون ﴾ [املائدة.]3:ه َو أق َرب ل ِلتق َوى َواتقوا الل إِن الل خ ِب
فليست غرية زوجات رسول الل ﷺ مما يرخص ويستحل أقاويل وأفاعيل
بعض النساء الاليت يتعدين عىل حدود الل ،و َي هق حد َن احلمالت الرشسة عىل التعدد،
[]013 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
ولربام يرتكب الزنا مع العديد من النساء وال ُيؤاخذ وال ُيالم عىل ذلك وال
يتعرض للوقيعة فيه.
ولقد ثبت أن الرجال كانوا يعددون قبل قدوم اإلسالم ،عند العرب وعند
غريهم من األعاجم ،وكانوا يتزوجون بعدد من النساء حتى بلغ العدد لدى
البعض إىل عرش نسوة ،كام روي يف السنة.
امل ه حب هن َع حب هد
روى الرتمذي ( ،)2210وابن ماجه ( َ ) 2٩13عن الز حه هريَ ،عن س ه
ح َ ِّ ح
اّللهَ ،عن اب هن ُعمر( :أَ َّن َغي َال َن بن س َلم َة الثَّ َق هفي أَس َلم و َله َع حرش نهسوة هيف اجل ه
اه هل َّي هة،َ َّ ح َ َ ُ ُ ح َ ح ح َ َ َ ََ ح ح َّ
خ َّ َري أَ حر َب ًعا همنح ُه َّن).
َفأَ حس َل حم َن َم َع ُهَ ،فأَ َم َر ُه النَّبهي ﷺ أَ حن َيتَ َ
تعاىل :وباجلملة ،فاحلديث صحيح بمجموع قال الشيخ األلباين
طريقيه عن سامل عن ابن عمر ،وقد صححه ابن حبان واحلاكم والبيهقي وابن
القطان ،السيام وىف معناه أحاديث أخرى[ .انتهى من "ارواء الغليل" (.])314 / 5
ت َو هعن هحدياحل َ هار هث َق َال( :أَ حس َل حم ُ
احلَا هر هث حب هن َق حيس حاألَ َس هد ِّي أو َق حي ُس حب ُن ح
ف َع هن ح
اخ َ ه َثامن نهسوةَ ،ف َذ َكر ُت َذله َ ه
ن أَ حر َب ًع ا»)[ ،رواه ك للنَّبه ِّي ﷺَ ،ف َق َال النَّبهي ﷺ « :ح ح
رت منح ُه َّ ح َ ح َ
أبو داود )3349( :وحسنه األلباين يف "ارواء الغليل".])311 / 5( :
تعاىل :فدلت سنة رسول الل ﷺ عىل أن انتهاء، قال اإلمام الشافعي
الل عز وجل يف العدد بالنكاح إىل أربع ،حتريم أن جيمع رجل بنكاح بني أكثر من
أربع .انتهى [من "األم" (.])929 / 5
وقد جاء يف السنة أن سليامن ♠ كان يطوف بامئة امرأة يف ليلة واحدة،
َق َال « :قَ َال كام روى البخاري يف "صحيحه" (َ ،)1141ع حن أَ هيب ُه َر حي َر َة
ن اللَّيحلَةَ ب هامئَةه ا حم َرأ َة تَل ه ُد كُل ا حم َرأ َ ة ُغ ال ًم ا ُي َق اته ُل هيف
السالم :ألَطُوف َ َّ
ن َدا ُو َد َعلَي ح هه َام َّ
ُس لَ حي َامنُ حب ُ
[]015 إيضاح املصاحل العظيمة والدالالت الشرعية للجمع بني اثنتني إىل أربع من الزوجات
ختامًا
الفهرس
تقديم الشيخ أيب معاذ حسني احلطيبي 3 ........................ ................................
مقدمة املؤلفة 4 ................................................. ................................
وصيتي للنساء :بالصرب عىل التعدد 0 ........................... ................................
األدلة والنصوص الواردة للتعدد 2٩ .......................... ................................
أقوال وفتاوى أهل العلم بخصوص التعدد 12 ...............................................
الرد عىل الشبهات املتداولة حول التعدد 13 ................... ................................
تزهيق الشبهة األوىل13 ....................... ................................ :
تزهيق الشبهة الثانية14 ....................... ................................ :
تزهيق الشبهة الثالثة3٩ ....................... ................................ :
تزهيق الشبهة الرابعة12 ....................... ................................ :
تزهيق الشبهة اخلامسة12 ...................... ................................ :
اإلعالم بزوجات رسول الل ﷺ وبعض الصحابة 01 ........................................
ذكر زوجاته وبنيه وبناته ﷺ رض الل عنهم 00 .............................................
تزهيق الشبهة السادسة04 ..................... ................................ :
تزهيق الشبهة السابعة00 ...................... ................................ :
تزهيق الشبهة الثامنة٩2 ....................... ................................ :
التكاثر من األوالد من ثمرات التعدد ٩4 ...................... ................................
تزهيق الشبهة التاسعة٩1 ...................... ................................ :
اجلمع بني الشعوب من ثمرات التعدد ٩0 ..................... ................................
خري هذه األمة أكثرها نساء ٩0 ................................. ................................
الشبهة العارشة٩0 ........................... ................................ :
ختاما 200 ..................... ................................ ................................
ً
الفهرس 20٩ .................................................. ................................