Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 17

‫بحث عن ايرادات الدولة‬

‫تعتبر الحكومة وحدة اقتصادية متكاملة مهمة‪ ،‬تحتاج إلى أرصدة مالية لتمويل نشاطها العام‪ .‬وهذه األرصدة‬
‫المالية هي ما يعبر عنه باإليرادات العامة‪ .‬وفي عبارة أخرى‪ ،‬يمكن تعرف اإليرادات العامة بأنها الموارد‬
‫االقتصادية التي تحصل عليها الدولة ي شكل تدفقات نقدية من أجل تغطية النفقات العامة بهدف إشباع‬
‫الحاجات العامة‪ ،‬وتعتبر اإليرادات العامة هي الجزء المكمل والضروري لتمويل اإلنفاق العام‪.‬‬

‫وقد تطورت دراسة اإليرادات العامة حسب تطور الفكر االقتصادي‪ ،‬حيث اقتصرت دراسة اإليرادات العامة‬
‫عند االقتصاديين التقليديين على كيفية تزويد الخزانة العامة باألموال الالزمة لها من أجل تغطية اإلنفاق العام‬
‫الالزم لقيام الدولة بوظائفها األساسية‪ .‬أما في المدرسة االقتصادية الحديثة‪ ،‬فبجانب كون اإليرادات أداة‬
‫للحصول على األموال العامة‪ ،‬إال أنها أصبحت أداة مهمة من أدوات السياسة المالية تستطيع الحكومات‬
‫بواسطتها التأثير على النشاط االقتصادي واالجتماعي‪ .‬باإلضافة إلى تزايد أهمية اإليرادات العامة تبعا لزيادة‬
‫أهمية اإلنفاق العام كنتيجة ضرورية لتزايد دور الدولة في مختلف اوجه النشاط االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫تعتمد الحكومات على مصادر متعددة لإليرادات العامة‪ ،‬وتختلف أهمية هذه المصادر لكل حكومة حسب‬
‫النظام االقتصادي السائد ومدى تقدم الدولة‪ .‬وكذلك اختلفت أهمية هذه المصادر نتيجة للتطور التاريخي‬
‫لألنواع المختلفة من اإليرادات العامة‪.‬‬

‫أولا‪ :‬أنواع اإليرادات العامة‬

‫هناك عدة تقسيمات لإليرادات العامة في الفكر االقتصادي‪ .‬والتقسيم المتبع هنا يتضمن المصادر األساسية‬
‫لإليرادات العامة‪ ،‬وتعكس الخصائص الرئيسية ألنواع اإليرادات المختلفة‪ .‬وتقسم اإليرادات العامة إلى‬
‫األقسام التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬اإليرادات التجارية‬
‫‪ .2‬اإليرادات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .3‬اإليرادات الضريبية‬
‫‪ .4‬القروض العامة‬
‫‪ .5‬إيرادات أخرى‬
‫وفي هذا الفصل سوف نتعرض بالشرح لكل من اإليرادات التجارية واإلدارية‪ ،‬منوهين عن النوع األخير‪ ،‬وهو‬
‫اإليرادات األخرى نظ ار ألهمية هذه اإليرادات بالنسبة لمعظم الحكومات المعاصرة‪.‬‬

‫‪ .1‬اإليرادات التجارية‪:‬‬

‫وتعكس هذه اإليرادات ما يرد إلى الخزانة العامة من النشاط التجاري للحكومة ‪.‬والنشاط التجاري يرتبط‬
‫باستغالل ما تملكه الحكومة من موارد اقتصادية سواء كان ذلك عن طريق البيع أو اإليجار أو االستثمار‪.‬‬
‫أي أن اإليرادات التجارية هي تلك العوائد التي تدخل خزانة الحكومة نتيجة إدارة أموال الحكومة سواء المنقولة‬
‫أو الثابتة‪.‬‬

‫كان هذا النوع من اإليرادات هو المصدر الرئيسي لتمويل خزانة الدولة في السابق حتى ظهور الدولة الحديثة‬
‫ٍ‬
‫أرض‬ ‫في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر‪ .‬حيث كانت الدولة في عهد اإلقطاع تعتمد على ما تملكه من‬
‫وغابات ومصائد ومناجم ‪.‬تضاءلت أهمية هذا المصدر لإليرادات العامة نتيجة لظهور الدولة الحديثة ‪.‬‬
‫وكذلك النتشار مبدأ الحرية االقتصادية الذي يدعو إلى حرية الفرد وكفاءته في إدارة الموارد االقتصادية‪ ،‬مما‬
‫يحقق أفضل النتائج للمجتمع‪ .‬لذا فإن على الحكومة ترك أكبر قدر ممكن من الموارد االقتصادية بيد‬
‫األفراد‪ ،‬حتى يتمكن المجتمع من الحصول على إنتاج أكبر‪.‬‬

‫باإلضافة إلى هذا العمل االقتصادي‪ ،‬هناك عامل سياسي أدى إلى تخفيض حجم أمالك الدولة‪ ،‬وهو خضوع‬
‫اإليرادات العامة لرقابة السلطة التشريعية‪ ،‬من أجل المحافظة على حقوق أفراد المجتمع‪.‬‬

‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬فإن أسلوب بيع أمالك الدولة أو تصفيتها أصبح مرغوبا فيه ألنه يسهل للدولة إيرادا‬
‫سريعا يغطي نفقاتها المتزايدة دون حاجة إلى رقابة السلطة التشريعية أو زيادة أعباء أفراد المجتمع‪.‬‬

‫بدأت أهمية اإليرادات التجارية تبرز من جديد كمصدر مهم لتمويل الخزانة العامة لكثير من الحكومات‬
‫المعاصرة‪ ،‬لكن كان ذلك الظهور لتلك اإليرادات قد تم في شكل جديد ينعكس في جميع أنواع المشروعات‬
‫االقتصادية التي تمتلك وتدار من قبل القطاع العام وتدر على الخزانة دخال‪ ،‬مثل المؤسسات العامة‬
‫الصناعية‪ ،‬والتجارية‪ ،‬والعقارية‪ ،‬والمالية‪ .‬ويرجع السبب في تزايد أهمية هذا المورد من جديد إلى تطور دور‬
‫الدولة في النشاط االقتصادي واالجتماعي‪ .‬ويمكن التعرف على بعض دوافع الحكومات المعاصرة في‬
‫توسيع نطاق الملكية العامة لديها‪ ،‬وأهمها‪:‬‬
‫أ‪ .‬نقص راس المال في القطاع الخاص ‪:‬والحكومة في هذه الحالة تكون هي الوحدة االقتصادية الوحيدة‬
‫التي تتمكن من تقديم رأس المال الالزم لمشروعات مهمة وضرورية للمجتمع‪ .‬أو على الحكومة أن تتحمل‬
‫األخطار التي تتضمنها مثل تلك المشروعات‪ ،‬مثل مشروعات السكك الحديدية وانشاء محطات القوى‪.‬‬
‫وتزداد أهمية هذا الدافع في الدول المتخلفة اقتصاديا‪ ،‬حيث تضعف إمكانيات القطاع الخاص‪ ،‬وتقل الحوافز‬
‫فيه في مثل هذه المشروعات‪.‬‬

‫ب‪ .‬أهمية المنافع الجتماعية للصناعة ‪:‬إذا كانت الصناعة مهمة للمجتمع‪ ،‬وآثارها الخارجية النافعة كبيرة‬
‫أو أن تكاليفها تكون متناقصة بالنسبة لحجم اإلنتاج‪ ،‬فإن من مصلحة المجتمع أن تمتلك الحكومة مثل هذه‬
‫الصناعات‪ ،‬لحماية األفراد من النفوذ االحتكاري‪ ،‬أو تقديم الخدمات عند مستويات من األسعار المقبولة‪.‬‬

‫ج‪ .‬المزايا الستراتيجية للصناعة ‪:‬وذلك بأن تكون الصناعة ذات أهمية سياسية أو عسكرية تتعلق باألمن‬
‫القومي‪ ،‬حيث يتطلب أمر إقامتها نوعا من السرية مثل الصناعات الحربية والتجهيزات العسكرية‪.‬‬

‫د‪ .‬خدمات الرفاهية الجتماعية ‪:‬قد يكون من مصلحة المجتمع امتالك الحكومات لمساحات واسعة من‬
‫الغابات والمتنزهات القومية‪ ،‬بهدف المحافظة على البيئة الطبيعية وعدم تلوث الجو ‪.‬وكذلك مثل مشروعات‬
‫اإلسكان‪.‬‬

‫ه‪ .‬دافع اإليرادات ‪:‬ويكون السبب في امتالك الحكومة للمشروعات العامة زيادة اإليرادات المالية للخزينة‬
‫العامة عن طريق ما تحققه هذه المشروعات من أرباح‪ ،‬مما يؤدي إلى تخفيض عبء الضرائب على أفراد‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫‪ .2‬اإليرادات اإلدارية‪:‬‬

‫وهذه تأتي من ممارسة الدولة لوظيفتها كحكومة‪ .‬واإليرادات اإلدارية تتضمن مجموعة كبيرة ومتنوعة من‬
‫اإليرادات أهمها‪ :‬الرسوم‪ ،‬والغرامات‪ ،‬والرخص‪ ،‬واإلتاوات‪ .‬وعموما تؤخذ اإليرادات اإلدارية من قبل‬
‫الحكومة مقابل خدمات عامة ينتفع الفرد منها بصورة مباشرة‪ ،‬فإذا لم تتوافر الخدمات العامة التي تقوم بها‬
‫الحكومة فال يكون هناك إيرادات إدارية‪ .‬وغالبا ما يتحدد مقدار االقتطاعات من األفراد في حدود تكلفة‬
‫الخدمة العامة المقدمة‪ ،‬أو بما يساوي المنفعة التي يستفيد منها الفرد‪.‬‬

‫وسوف نتعرض هنا لألنواع الرئيسية من هذه اإليرادات اإلدارية ‪:‬‬


‫أ‪ .‬الرسوم ‪ Fees:‬تعتبر الرسوم من أوائل االقتطاعات النقدية التي ظهرت في النشاط المالي للحكومات‬
‫في الماضي‪ .‬حيث كانت الحكومات في السابق تعتمد على االقتطاعات العينية وعلى التبرعات والهبات‬
‫المالية المقدمة من قبل أفراد المجتمع من أجل تمويل النفقات العامة‪ .‬ونتيجة التساع نطاق الحاجات العامة‬
‫وعدم كفاية هذه المصادر التطوعية لتمويل اإلنفاق العام المتزايد‪ ،‬باإلضافة إلى نقص تلك المصادر‪ ،‬نجد أن‬
‫الحكومات بدأت تطالب األفراد بدفع مبالغ نقدية مقابل االنتفاع ببعض الخدمات العامة حتى تتمكن من‬
‫تمويلها وتنفيذها‪ .‬فظهر مفهوم الرسم على اساس أن ما يدفعه الفرد من أمواله مقابل المنفعة التي يحصل‬
‫عليها من الخدمة العامة كانت أكثر تقبال ألفراد المجتمع وأقرب غلى فهمهم ‪.‬فتوسعت الحكومات في‬
‫استخدام الرسوم حتى أصبحت من أهم مصادر اإليرادات العامة بعد أمالك الدولة في القرون الوسطى‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس يمكن تعريف الرسم على أنه مبلغ من المال يؤخذ من الفرد مقابل خدمة خاصة تقوم بها‬
‫الحكومة ‪.‬لذا فإن الرسم يتضمن بصورة أو بأخرى الصفة االختيارية للفرد‪ ،‬حيث يرتبط دفعه للرسم بإرادته‬
‫في الحصول على المنفعة‪ .‬باإلضافة إلى أن الخدمات التي ينتفع منها الفرد انتفاعا مباش ار يكون لها صفة‬
‫الخدمات العامة التي يفيد منها المجتمع بأسره‪ .‬إال أن المنفعة العائدة من هذه الخدمات العامة البد أن تكون‬
‫قابلة للتجزئة بين األفراد‪ .‬ومن األمثلة المستخدمة كرسوم‪ :‬رسوم تسجيل الزواج والوالدة‪ ،‬والوفاة‪ ،‬كذلك‬
‫رسوم التليفون‪ ،‬وتسجيل العقارات‪ ،‬ورسوم إصدار جوازات السفر‪.‬‬

‫يحدد مقدار الرسم في الغالب على أساس تكاليف الخدمة المستفاد منها‪ .‬لذا فإن الرسم يعتبر مقابل المنفعة‬
‫التي يحصل عليها الفرد مت تلك الخدمة‪ .‬وعلى هذا فإن الرسم يشبه إلى حد ما السعر الذي يدفعه الفرد‬
‫مقابل المنفعة الخاصة للسلعة المشتراة‪ ،‬إال أنه تبقى هناك فرق بين الرسم والسعر‪ .‬فالسعر يتحدد عن طريق‬
‫تفاعل قوى الطلب والعرض في السوق؛ أما الرسم فمفروض وحدد على األفراد من قبل الدولة‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫أن السعر يكون مقابل منفعة خاصة ومباشرة للسلعة المشتراة؛ أما الرسم فيكون مقابل خدمات لها نفع مباشر‬
‫لدافع الرسم باإلضافة إلى أن نفعها العام للمجتمع‪ .‬زيادة على أن السعر يمكن أن يتغير مستواه حسب‬
‫ظروف السوق‪ ،‬بينما يتحدد الرسم بقيمة واحدة على جميع المستفيدين دون تمييز بينهم‪.‬‬

‫ويمكن أن تحدد قيمة ارسم على أساس التكاليف الخاصة باستم اررية الوحد اإلدارية التي تقدم مثل تلك‬
‫الخدمة‪ .‬ومن الناحية الواقعة‪ ،‬نجد أن كثي ار من الرسوم تحدد وتعدل قيمتها بطريقة تحكمية‪ ،‬دون األخذ في‬
‫االعتبار التكاليف المالية للخدمة المقدمة‪ .‬وفي الغالب يعود تحديد قيمة كثير من الرسوم في بعض الدول‬
‫إلى أمور تاريخية تقوم على أساس العادة المتفق عليها في مثل هذا الشأن‪.‬‬
‫انخفضت أهمية الرسوم في معظم ميزانيات الحكومات المعاصرة‪ ،‬وذلك لتوسع الدولة في تقديم الخدمات‬
‫العامة لجميع أفراد المجتمع بصورة مجانية بهدف تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع‪ .‬زيادة على ذلك فالرسوم‬
‫في كثير من األحيان ال تحقق مبدأ العدالة؛ حيث أنها تفرض على الجميع بالتساوي‪ ،‬وبمبلغ مقطوع دون‬
‫التمييز بين مقدرة األفراد للدفع‪ ،‬وبغض النظر عن الظروف الشخصية واالجتماعية للفرد‪ .‬فنجد أن اتجاه‬
‫معظم الحكومات في الوقت الحاضر نحو زيادة اإليرادات من الضرائب والغاء كثير من الرسوم‪ .‬وبالتالي‬
‫انخفض حجم اإليرادات العامة من الرسوم في معظم ميزانيات الحكومات‪.‬‬

‫ب‪ .‬الرخص ‪ Licenses:‬وهي مبالغ نقدية تأخذها الحكومة من األفراد مقابل ما تسمح لهم باالستفادة من‬
‫القيام بنشاط معين‪ .‬لذا فإن الترخيص ال يعتمد على تقديم خدمة محدودة النوع لألفراد مثل ما هو الحال في‬
‫الرسوم‪ .‬مثال ذلك‪ ،‬رخص المهن التجارية‪ ،‬ورخصة مكاتب االستيراد والتصدير‪ ،‬ورخصة الصيد‪ ،‬ورخصة‬
‫قيادة السيارات بأنواعها‪...‬الخ‪.‬‬

‫لذا فإن الترخيص يتضمن السماح بمزايا أو االستفادة من القيام بنشاط ما‪ .‬وهذا يعتبر من جانب معين‬
‫خدمة لذلك المستفيد‪ .‬ومن هنا يمكن إيجاد الشبه بين الرسوم والرخص‪ .‬وعلى الرغم من ذلك فما زالت‬
‫هناك فروق أساسية بين الرخص والرسوم‪ ،‬أهمها أن الرسم يؤخذ مقابل خدمات خاصة ومحدودة أو ملموسة‬
‫تقدم لألفراد‪ .‬كذلك يحدد الرسم عادة مقدما من قبل القانون‪ ،‬إال أنه ال يتم اقتطاع الرسوم إال بعد إنهاء تقديم‬
‫الخدمة‪ .‬باإلضافة إلى أن الترخيص يستخدم من قبل الحكومة في الغالب كأداة لتنظيم النشاطات ومراقبتها‬
‫أكثر من الرسوم‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن الترخيص يعكس سيادة السلطة اكثر من الرسوم ‪.‬زيادة على ما يتمتع‬
‫به الترخيص من خاصية معينة‪ ،‬وهي أن عدم دفع المبلغ المقرر للحصول على الرخصة يجعل المنفعة التي‬
‫يحققها الفرد من النشاط تصبح غير شرعية‪ ،‬ويعتب ار فرد بذلك مخالفا للقانون‪.‬‬

‫في الغالب يحدد مقدار الترخيص على أساس تكاليف إدارة وتشغيل الوحدة اإلدارية التي تعطي الرخص‪،‬‬
‫ويمكن أن يقدر مبلغ الرخصة على أساس قيمة المنفعة التي سيحصل عليها الفرد من النشاط الذي تم‬
‫ترخصيه‪.‬‬

‫ج‪ .‬اإلتاوة ‪ Special Assessment:‬وتعرف اإلتاوة بأنها اقتطاع مالي تفرضه الدولة على بعض أفراد‬
‫المجتمع الذين يستفيدون من بعض النشاطات والمشروعات العامة‪ .‬وعلى سبيل المثال ‪:‬نجد أن قيمة‬
‫األراضي والعقارات تزداد نتيجة قيام الدولة بمشروعات عامة‪ ،‬مثل المتنزهات العامة‪ ،‬وفتح الشوارع‪ ،‬وتمديد‬
‫شبكة ماء وكهرباء وتليفونات‪.‬‬
‫كذلك إذا أقامت الدولة مشروعات ري‪ ،‬فإن قيمة اإلنتاجية الزراعية لألراضي المستفيدة‪ ،‬وكذلك قيمتها ترتفع‪.‬‬
‫من هذا نجد أن هناك منافع قد تحققت لمالكي تلك األراضي والعقارات في صورة مكاسب رأسمالية غير‬
‫مكتسبة بجهدهم ‪.‬فالدولة هنا في ظل مفهوم اإلتاوة تأخذ جزءا من هذه المكاسب من أجل تغطية تكاليف‬
‫تلك المشروعات العامة التي أسهمت في تحقيق تلك المكاسب‪ .‬أو أن الدولة تأخر اإلتاوة من أصحاب‬
‫األمالك المستفيدين مشاركة منها لألرباح المتحققة التي تعتبر الدولة هي السبب الرئيسي في وجود تلك‬
‫األرباح‪ .‬ويحدد مقدار اإلتاوة بمقدار تكلفة التحسينات التي تمت في ملكية األفراد‪ .‬ومن الناحية النظرية فإن‬
‫مقدار اإلتاوة يجب أال يزيد على قيمة هذه التحسينات إال أنه من الناحية العملية ال يراعي هذا القيد باستمرار‪.‬‬

‫يالحظ أن هناك تشابها بين الرسوم واإلتاوة‪ ،‬حيث أن كليهما مبالغ نقدية تدفع إلى الدولة مقابل منفعة خاصة‬
‫يحققها المستفيد من الخدمة العامة‪ .‬إال أنه ما زال بين الرسوم واإلتاوة فروق واضحة تميز كال منهما عن‬
‫اآلخر‪ .‬أهم هذه الفروق هو أن اإلتاوة تقتصر على فئة معينة من الناس‪ ،‬وبصفة خاصة مالك العقارات‪ ،‬في‬
‫حين أن الرسوم ال تقتصر على فئة دون أخرى‪ .‬باإلضافة غلى ان عنصر اإلجبار في اإلتاوة أكثر وضوحا‬
‫منه في الرسوم‪ ،‬حيث ال خيار ألصحاب العقارات التي ترتفع قيمة عقاراتهم من دفع اإلتاوة‪ .‬زيادة على أن‬
‫حصيلة اإلتاوة في معظم األحيان تكون أقل من تكلفة المشروع‪ ،‬بينما حصيلة الرسوم في الغالب تغطي تكلفة‬
‫الخدمة العامة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من قدم هذا النوع من اإليرادات في معظم ميزانيات الدولة في الماضي‪ ،‬إال أنه لم يجد االهتمام‬
‫الكافي به‪ .‬وكان لوجود الميزانيات المستقلة للبلديات والحكومات المحلية في كثير من الدول أثر في زيادة‬
‫االهتمام بهذا المصدر من اإليرادات‪ .‬إذ أصبحت اإليرادات العامة لهذه الميزانيات من اإلتاوة تمول جزءا‬
‫كبي ار من تكاليف التحسينات التي تقوم بها الدوائر العامة في البلديات والمحليات وخاصة عند نمو المدن‬
‫وتوسعها‪ .‬وكان لزيادة استخدام اإلتاوة كمصدر لإليرادات العامة في هذا المجال عدة أسباب‪ ،‬منها أن اإلتاوة‬
‫أكثر األدوات المالية عدالة في هذا المجال‪ ،‬حيث توزع تكاليف التحسينات العامة على المستفيدين منها‬
‫بطريقة مباشرة‪ ،‬ويكون النفع واضحا امامهم‪ .‬باإلضافة إلى أن استخدام اإلتاوة يؤدي إلى تخفيض عبء‬
‫الضرائب العامة وقيود الدين العام‪ .‬زيادة على أن فرض اإلتاوة يتغلب على مشكلة إعفاء الممتلكات العقارية‬
‫من الضريبة العامة‪.‬‬

‫د‪ .‬الغرامات ‪ Fines:‬هي مبالغ نقدية تفرض على األفراد المخالفين للقانون وذلك عقوبة لهم ‪.‬والهدف من‬
‫الغرامات يكون من أجل تطبيق سيادة القانون‪ .‬مثال ذلك الغرامات التي تفرضها الماكم لمخالفات المرور‪.‬‬
‫لذا فإن الغرامة تعتبر مدفوعات إجبارية ال تعود بنفع مباشر على الدافع‪ .‬ويحدد القانون مبالغ الغرامات على‬
‫المخالفين‪ ،‬ويعتمد مقدار الغرامة على مدى درجة المخالفة واالعتداء دون النظر إلى مقدرة الفرد الذي يرتكب‬
‫المخالفة على الدفع‪.‬‬

‫نالحظ أن من طبيعة الغرامات والهدف الذي تسعى لتحقيقه أنه ال يمكن أن تكون مصد ار مهما ومباش ار‬
‫لإليرادات العامة‪ .‬حيث أن الغرامة تعتبر أداة تنظيمية من أجل تحقيق العدالة واألمن بين أفراد المجتمع‪.‬‬
‫فتعتبر الغرامات بالنسبة لإليرادات العامة أم ار استثنائيا‪.‬‬

‫نالحظ مما سبق أن اإليرادات العامة تكون بصفة عامة (باستثناء الغرامات) مقابل خدمات عامة تقوم بها‬
‫الدولة ألفراد المجتمع‪ .‬باإلضافة إلى وضوح المنفعة الخاصة في هذه الخدمات‪ ،‬مع عدم اإلقالل من وجود‬
‫نفع عام في هذه الخدمات يشمل مصلحة المجتمع كله‪ .‬وبعبارة أخرى تكون المنافع االجتماعية في مثل هذه‬
‫الخدمات أكبر بكثير من المنافع الخاصة التي يتلقاها األفراد الملتزمون بدفع هذه اإليرادات‪ .‬وذلك نتيجة‬
‫لوجود اآلثار الخارجية النافعة لمثل هذه الخدمات‪.‬‬

‫وعلى الرغم من تنوع أشكال اإليرادات اإلدارية في معظم ميزانيات الدولة إال أنها مازالت تشكل نسبة قليلة من‬
‫اإليرادات العامة‪ .‬وال تعتمد الحكومات على مثل هذا النوع من اإليرادات لعدم المرونة في استخدامها كأداة‬
‫في السياسات المالية التي تسعى لتحقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية للحكومة‪ .‬لذا نجد أن االتجاه‬
‫نحو زيادة االعتماد على اإليرادات الضريبية والقروض العامة‪.‬‬

‫وبعض الحكومات تلجأ أحيانا ألسلوب اإلصدار النقدي لتحقيق مصدر لإليرادات العامة‪ ،‬حيث أن تكلفة هذه‬
‫العملية أقل بكثير من القيمة األسمية للنقد الصادر‪ .‬وهذه من الوسائل اإلجبارية التي تلجأ إليها بعض‬
‫الحكومات‪ ،‬حيث ال يكون أمام أفراد المجتمع االختيار في استعمال النقد الرسمي‪ .‬إال أن لهذا األسلوب‬
‫قيودا وعقبات يمكن دراستها بتفصيل أكبر في مجال دراسة السياسة النقدية‪.‬‬

‫‪ .3‬اإليرادات الضريبية‪:‬‬

‫يعتبر هذا النوع من اإليرادات من أهم مصادر اإليرادات العامة للدولة ي العصر الحديث‪ .‬وال ترجع أهمية‬
‫هذا المصدر لكبر حجمه المطلق والنسبي إذا ما قورن بغيره من مصادر اإليرادات األخرى فقط‪ ،‬وانما لمدى‬
‫تأثير الضرائب على النواحي السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ .‬فالضرائب من أهم أدوات السياسات المالية‬
‫العامة التي تستخدمها الدولة للتأثير على النشاط االقتصادي بهدف تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية‪ .‬من‬
‫أجل ذلك نجد أن تحليل الضرائب أخذ مكانة مهمة في دراسة علم المالية العامة‪.‬‬
‫أ‪ .‬تطور مفهوم الضريبة‬

‫اختلف آراء المفكرين حول مفهوم الضريبة ففي الماضي حين ساد مبدأ الحرية الفردية‪ ،‬وتعمقت روح الفردية‬
‫في النظم االجتماعية‪ ،‬كان ينظر إلى الضريبة على أنها سعر مقابل حماية الدولة لتلك الحرية وحقوق‬
‫األفراد‪ .‬وهذه النظر كانت ترى أن كل فرد يحتاج للخدمات العامة عليه أن يدفع مقابل ذلك‪ .‬وكأن الضريبة‬
‫أمر اختياري على األفراد أن يدفعوها كالسعر مقابل السلع والخدمات التي يطلبونها‪ .‬وهذه األسعار تعكس‬
‫من جانب الطلب المنفعة التي يحصل عليها األفراد من تلك السلع والخدمات العامة‪ .‬وتعكس من جانب‬
‫العرض تكاليف اإلنتاج لهذه السلع والخدمات‪ .‬ويفترض هذا الرأي أنه يمكن التعبير عن تفضيالت دافعي‬
‫الضرائب من خالل عملية التصويب في انتخابات ممثلي دافعي الضرائب في الهيئات الحكومية‪ ،‬مثل ما هو‬
‫الحال في تفضيالت المستهلك التي تنعكس من خالل تغيرات األسعار إلى المنتجين‪ .‬ويطلق على هذه‬
‫اآلراء "نظرية المساومة" التي تؤكد على حقوق األفراد أما تزايد قوة الدولة‪ .‬فجعلت العالقة بين الحكومة‬
‫ودافعي الضرائب قريبة الشبه بالعالقة بين البائعين والمشترين في القطاع الخاص‪.‬‬

‫أما النظرة الحديثة للضرائب على أنها إسهام من أفراد المجتمع من أجل االستعمال العام دون تحقيق منفعة‬
‫مباشرة لدافع الضريبة‪ ،‬فكانت نتيجة لنمو روح الجماعة التي تؤكد وحدة المجتمع واإلحساس الجماعي نحو‬
‫تحمل العبء العام ‪.‬فأصبحت الضريبة واجبا اجتماعيا تفرضه الدولة على المكلفين من أفراد المجتمع حتى‬
‫تتمكن من تغطية تكاليف الخدمات العامة التي تقدمها للمجتمع ‪.‬وهذا ما يطلق عليه في الفكر االقتصادي‬
‫"نظرية التضامن" التي نادى بها لوفنبرجر‪ .‬وتركز هذه النظرية على أساس االعتقاد بوجود مصلحة عامة‬
‫ومشترك بين أفراد المجتمع تقوم الدولة على رعايتها وتأمينها‪.‬‬

‫لذا فإنه البد للدولة من موارد اقتصادية تتمككن بواسطتها إشباع تلك الحاجات العامة‪ .‬وعلى هذا فمن حق‬
‫الدولة أن تفرض الضرائب على أفراد المجتمع كمشاركة منهم في تحمل األعباء العامة‪ .‬فأصبحت الضريبة‬
‫أم ار إجباريا على أفراد المجتمع ليس لهم فيها اختيار‪.‬‬

‫تعريف الضريبة‪:‬‬

‫يمكن تعريف الضريبة حسب المفهوم الحديث بأنها مشاركة إجبارية من قبل أفراد المجتمع للحكومة ‪ ،/‬أجل‬
‫تغطية النفقات العامة‪ ،‬بهدف تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وبدون أي منفعة مباشرة تعود على دافع الضريبة‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ ،‬فالضريبة ما هي إال اقتطاع مالي من دخول وثروات أفراد المجتمع تقوم به الحكومة عن‬
‫طريق الجبر من أجل تحقيق الخدمات العامة التي تقدمها الحكومة دون أن يكون هناك عائد مباشر للفرد‪.‬‬

‫خصائص الضريبة‪:‬‬

‫من هذا التعريف نجد أن للضريبة خصائص معينة تميزها عن غيرها من اإليرادات األخرى أهمها‪:‬‬

‫الضريبة اقتطاع مالي يتم بصورة نقدية ‪:‬تطالب الحكومة األفراد بأن يسلموا جزءا من قوتهم‬ ‫‪.1‬‬
‫الشرائية من أجل االستخدام العام‪ .‬وهذا يعود لمبدأ انتشار النقود في معظم االقتصاديات المعاصرة لما‬
‫الستخدام النقود من مزايا عديدة‪ .‬فيحقق الدفع النقدي للضرائب عدالة أكبر بالنسبة للفرد‪ ،‬حيث يمكن‬
‫احتساب أعباء المكلف الشخصية وأخذ ذلك في االعتبار وكذلك نفقات اإلنتاج‪ .‬كما أن الضريبة في شكلها‬
‫النقدي أكبر حصيلة وأسهل في الجباية وأقل في التكلفة عما لو كانت تدفع على شكل عيني‪ ،‬ألن الضرائب‬
‫العينية (حيث كان ذلك سائدا في الماضي) تؤدي إلى رفع تكاليف نقلها وتخزينها‪ ،‬باإلضافة إلى خطر‬
‫انخفاض قيمتها نتيجة التلف أو تغير قيمتها السوقية‪ .‬زيادة على أن استعمال النقود في دفع الضرائب ال‬
‫يتيح المجال إلساءة استعمال حصيلتها‪ ،‬حيث يمكن أن يتم ذلك عند جباية الضرائب العينية بأن يتم‬
‫استبدالها بأصناف اقل جودة أو يتم التالعب في األسعار عند البيع‪ ،‬مما يجعل الرقابة صعبة ومرتفعة‬
‫التكاليف‪.‬‬

‫وعلى الرغم من انتشار النقود في دفع الضرائب في معظم الدول المعاصرة‪ ،‬إال أننا نجد أن هناك بعض‬
‫االستثناءات في استخدام الصور العينية للضريبة‪ .‬ويكون ذلك استثناء على القاعدة‪ ،‬غالبا ما تكون في‬
‫حاالت خاصة‪ ،‬أو من أجل تسهيل دفع بعض أنواع الضرائب‪ ،‬في حالة عدم مالءمة الصورة النقدية للمكلف‬
‫وتعرضه لخسائر أو أعباء كبيرة نتيجة اضط ارره لبيع ممتلكاته بأسعار منخفضة‪ .‬فعلي سبيل المثال‪ :‬فرض‬
‫فرنسا ضريبة عينية أثناء الحرب على إنتاج المعادن األساسية كالنحاس والحديد لصالح الصناعات‬
‫العسكرية‪ .‬كما سمح التشريع المالي البريطاني في سنة ‪1551‬م بدفع ضريبة التركات بصورة عينية على‬
‫اإلنتاج الزراعي من أجل معالجة أزمة المواد الغذائية كما حصل في االتحاد السوفيتي ‪1918‬م‪.‬‬

‫الضريبة تفرض جب ار ‪:‬أي ليس للمكلف الخيار أو اإلرادة في أدائها‪ .‬فهي من أعمال السيادة‬ ‫‪.2‬‬
‫للدولة‪ ،‬حيث تحدد مبلغ الضريبة واألشخاص أو األشياء التي ستخضع للضريبة وكيفية تحصيلها‪ .‬والتأكيد‬
‫على مبدأ اإلجبار للضريبة كان من المميزات الرئيسية للضريبة في المفهوم الحديث عنه في الماضي‪.‬‬
‫حيث كانت النظرة القديمة للضرائب على أنها جزء من العقد أو االتفاق بين افراد المجتمع والدولة‪ .‬حيث‬
‫يمكن لدافع الضريبة أن يرفض أو يمتنع عن الدفع‪ .‬ووفقا للمفهوم الحديث‪ ،‬فإن امتناع المكلف بدفع‬
‫الضريبة سوف يعرضه للعقوبات القانونية‪.‬‬

‫ويقضي مبدأ اإلجبار للضريبة أن يقوم باقتطاعها شخص عام وهو الدولة‪ .‬ويقصد بذلك جميع األشخاص‬
‫االعتباريين الذي أعطاهم القانون العام هذا الحق‪ .‬ومن هذه الشخصيات االعتبارية الحكومة المركزية‪،‬‬
‫واإلقليمية‪ ،‬والوحدات اإلدارية المحلية‪ ،‬والبلديات‪ ،‬والهيئات التشريعية أحيانا‪.‬‬

‫الضريبة ل تحقق نفعا خاصا ومباش ار لدافع الضريبة ‪:‬وهذا يعني أن دافع الضريبة ال يتلقى أي‬ ‫‪.3‬‬
‫منفعة مباشرة أو محددة تعادل ما يدفعه من ضرائب للحكومة‪ .‬ومن الطبيعي أن يحصل دافعو الضرائب‬
‫على عدة منافع غير مباشرة من الخدمات العامة التي تقدمها الحكومة‪ ،‬ولكن ليس ألي فرد الحق في‬
‫المنفعة العامة المترتبة من اإلنفاق العام على أساس أنه يدفع الضريبة ‪.‬فالمنفعة من اإلنفاق العام يمكن أن‬
‫يحصل عليها أي فرد في المجتمع دون النظر عما إذا كان يدفع ضرائب للحكومة أم ال‪ .‬وهذه الخاصية‬
‫من أبرز خصائص الضريبة التي تميزها عن غيرها من اإليرادات األخرى‪ .‬فتختلف الضريبة عن اإلتاوة‬
‫التي تفرض على مالكي العقارات فقط مقابل منفعة مباشرة حصلوا عليها‪ .‬كذلك تختلف الضريبة على‬
‫الرسم‪ ،‬حيث يكون مقابل منفعة خاصة للفرد ‪.‬وعلى هذا فإن الضريبة تفرض من أجل المصلحة العامة‬
‫التي تهم المجتمع كله‪ ،‬سواء دفع األفراد أم لم يدفعوا‪.‬‬

‫الضريبة تهدف إلى تحقيق النفع العام ‪:‬وهذا هو العائد المرجو تحقيقه من فرض الضريبة‪ .‬وهذه‬ ‫‪.4‬‬
‫الخاصية للضرائب في المفهوم الحديث تؤكد أن على الحكومة استخدام حصيلة الضرائب في مجال‬
‫المصلحة العامة التي تهم المجتمع كله‪ .‬وبالتالي فإن هذا المفهوم لم يعط للدولة الحق في استخدام األموال‬
‫العامة في مجاالت ال تحقق ذلك الهدف‪.‬‬

‫الضريبة فريضة عامة ‪:‬أي تعتبر التزاما شخصيا يكون شامال‪ ،‬وينطبق على جميع األفراد‬ ‫‪.5‬‬
‫والمقيمين في حدود الدولة سواء كانوا مواطنين أو أجانب يستفيدون من الخدمات العامة‪ ،‬أو أنهم يكسبون‬
‫دخولهم أو يقومون بنشاط تجاري‪ ،‬أو يمتلكون عقارات داخل الدولة‪ .‬وعلى ذلك فإن الضريبة تعتبر فريضة‬
‫على كل شخص‪ ،‬سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا‪ ،‬أو أنه مواطن أو أجنبي تنطبق عليه الشروط‬
‫القانونية التي تنظم فرض الضريبة‪.‬‬
‫ب‪ .‬المبادئ األساسية لفرض الضريبة‬

‫من المعلوم أن االقتطاع الضريبي يعتبر من أهم مصادر اإليرادات العامة لمعظم الحكومات في الوقت‬
‫الحاضر‪ .‬وفي الوقت نفسه يعتبر عبئا مالية على دخول أفراد المجتمع وثرواتهم‪ .‬وبالتالي فإنه كلما ارتفع‬
‫مقدار االقتطاع الضريبي كان له أثران متعارضان‪ :‬األول هو ازدياد مقدار حصيلة الضرائب لخزانة الدولة‪،‬‬
‫واألثر الثاني هو انخفاض حجم الموارد االقتصادية المتاحة لدى األفراد مما يؤثر على المصالح الخاصة‪،‬‬
‫وبالتالي يؤثر على االستخدام األمثل للموارد االقتصادية‪ .‬وعلى هذا كان البد من التزام بمبادئ أساسية عند‬
‫فرض الضرائب تهدف إلى التوفيق بين مصلحة الخزانة العامة وبين المصلحة الخاصة لألفراد‪ .‬زيادة على‬
‫ذلك فإن االلتزام بمثل هذه المبادئ يهدف إلى ىايجاد نظام ضريبي جيد في االقتصاد يمكن الحكومة من‬
‫استخدام الضرائب سهولة من أجل تحقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية التي تسعى إليها‪ .‬وأخي ار يهدف‬
‫وضع هذه المبادئ إلى ضمان تحقيق العدالة في توزيع العبء الضريبي بين أفراد المجتمع‪.‬‬

‫وقد تطورت المبادئ األساسية لفرض الضريبة حسب الهدف المرجو تحقيقه منها‪ .‬فكان الهدف الذي ترمي‬
‫إليه المدرسة االقتصادية التقليدية من النشاط االقتصادي عامة هو زيادة المقدرة اإلنتاجية لالقتصاد عن‬
‫طريق تحقيق أعلى معدالت نمو اقتصادية ممكنة‪ .‬وكانت ترى أن القطاع الخاص أكثر كفاءة من الحكومة‬
‫في استخدام الموارد االقتصادية نحو هذا الهدف‪ .‬لذا فإنه يجب أن يترك للقطاع الخاص أكبر قدر ممكن‬
‫من الموارد االقتصادية المتاحة لدى المجتمع‪ .‬وكذلك يجب ضمان الحرية الكافية لهذا القطاع حتى يعمل‬
‫دون قيود في النشاط االقتصادي‪ .‬وعلى هذا وضع التقليديون المبادئ األساسية لفرض الضرائب بحيث‬
‫وروا أن تكون اإليرادات العامة كافية فقط لتغطية نفقات وظائف الدولة األساسية‪،‬‬
‫تراعي هذه الهدف النهائي‪ ،‬أ‬
‫باإلضافة إلى تحقيق العدالة في توزيع العبء الضريبي بين أفراد المجتمع‪ ،‬فكانت المبادئ األساسية لفرض‬
‫الضرائب التي ووضعها آدم سميث هي‪ :‬العدالة واليقين والمالءمة واالقتصاد‪.‬‬

‫حيث اختلفت النظرة حول دور الدولة في النشاط االقتصادي تغيرت األهداف المرجو تحقيقها من الضرائب‪.‬‬
‫فالمفهوم الحديث يجعل للدولة دو ار فعاال ومؤث ار في النشاط االقتصادي‪ .‬باإلضافة إلى معظم الدول تسعى‬
‫إلى تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية من وراء ذلك التدخل‪ .‬فوضع االقتصاديون المحدثون مبادئ أساسية‬
‫لفرض الضريبة إضافة إلى المبادئ األساسية التي وضعها التقليديون‪ ،‬حتى يتمشى النظام الضريبي مع‬
‫األهداف الجديدة للنشاط االقتصادي‪ ،‬مع المشكالت االقتصادية التي تعانيها الدولة المعاصرة‪ .‬وسوف‬
‫نتعرض بالشرح لهذه المبادئ األساسية‪:‬‬
‫‪ .1‬مبدأ العدالة ‪ Equity:‬ويتعلق هذا المبدأ بالطريقة التي توزع فيها الضرائب على المكلفين بدفعها ‪.‬‬
‫وقد اختلفت اآلراء حول عدالة توزيع العبء الضريبي بين أفراد المجتمع‪ .‬إذ يرى بعض االقتصاديون أن‬
‫العدالة في توزيع الضرائب تتحقق عندما يدفع كل فرد مكلف مبلغ الضريبة بما يعادل المنافع التي يحصل‬
‫عليها من الخدمات العامة ‪.‬وقد عرف هذا الرأي بما يسمى "نظرية المنفعة"‪ .‬ينما يرى آخرون أن عدالة‬
‫توزيع الضريبة بين أفراد المجتمع تتحقق عندا تتساوي عندهم التضحية والحرمان الذي يحدثه اقتطاع‬
‫الضريبة لدى المكلفين بدفعها‪ .‬وهذا يعني أن يشارك أفراد المجتمع في تحمل األعباء العامة على أساس‬
‫مقدرة كل مكلف على الدفع ‪.‬ويطلق على هذا الرأي "نظرية المقدرة على الدفع"‪ .‬ويتم شرح موجز كل من‬
‫هاتين النظريتين‪:‬‬

‫‪ ‬نظرية المنفعة ‪:‬تفترض هذه النظرية أن هناك عقدا بين أفراد المجتمع والدولة حيث أن الدولة تقوم‬
‫بدورها في تقديم الخدمات العامة واألفراد بدورهم يساهمون بدفع تكاليف هذه الخدمات بما يتناسب مع‬
‫المنفعة التي يحققها كل فرد منهم من هذه الخدمات العامة‪ .‬فكانت النظرة إلى الضرائب على أنها‬
‫أسعار للسلع العامة ‪ .‬وأن لكل نوع من أنواع السلع العامة جدول طلب يبين الكميات التي يطلبها‬
‫أفراد المجتمع عند مستويات األسعار المختلفة‪.‬‬

‫وفي الوقت نفسه فإن للدولة جدول عرض للسلع العامة التي تقدمها‪ .‬ومستوى الضريبة التوازني وهو مبلغ‬
‫االقتطاع الضريبي العادل الذي يتحدد عند تساوي الطلب والعرض للسلع العامة‪ ،‬مثلما هو الحال في نظام‬
‫السوق بالنسبة للسلع الخاصة‪ .‬وعلى هذا فإن هذه النظرية تقدم مبدأ العدالة لتوزيع الضرائب بين أفراد‬
‫المجتمع جنبا إلى جنب مع مبدأ كفاءة استخدام الموارد االقتصادية العامة‪ .‬والمثال على استخدام هذا المبدأ‬
‫في توزيع الضرائب هو فرض ضريبة على الوقود من أجل صيانة الطرق العامة‪ .‬فاألفراد الذين ينتفعون‬
‫باستخدام هذه الطرق يدفعون تلك الضريبة عند شرائهم الوقود‪ .‬وقد تم استخدام هذه النظرية عند كثير من‬
‫االقتصاديين في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وكان الهدف األساسي في ذلك الوقت هو‬
‫تحديد الحجم األمثل للنشاط العام والتوزيع األمثل لعبء الضرائب بين أفراد المجتمع‪ .‬وبعبارة أخرى كان هذا‬
‫المنهج يهدف إلى تقدير المستوى المرغوب فيه للسلع العامة من قبل المجتمع وما يطابق ذلك المستوى من‬
‫توزيع الضرائب بين أفراد المجتمع‪.‬‬

‫من المعلوم أن أمر قياس المنفعة التي تعود للفرد من الخدمات العامة أم ار غير واقعي‪ .‬وذلك لعدم إمكانية‬
‫تقسيم المنافع لمعظم السلع العامة‪ ،‬باإلضافة إلى أن المنفعة أمر نفسي للشخص يصعب تحديدها‪ .‬واذا ما‬
‫تم ذلك األمر لبعض الخدمات العامة‪ ،‬فإن األفراد سيدفعون للحكومة مقابل تلك المنافع التي يحققونها مبالغ‬
‫ال يطلق عليها اسم الضرائب‪ ،‬وانما تكون على شكل رسوم واتاوة ورخص‪.‬‬

‫زيادة على ما سبق فإن هذه النظرية تقوم على أساس أن توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع يكون‬
‫صحيحا من البداية‪ ،‬وأنه ال تأثير للضرائب على النشاط االقتصادي واالجتماعي‪ .‬وفي الحقيقة انه ال ينكر‬
‫أحد أن للضرائب تأثي ار كبي ار على النشاطات االقتصادية واالجتماعية‪ .‬ومن الممكن أن يؤدي النشاط‬
‫الحكومي إلى سوء توزيع الدخل‪ .‬وألجل هذه القيود نجد أن كثي ار من االقتصاديين غير منتفعين بهذا المنهج‬
‫كأساس مقبول لتحقيق عدالة توزيع الضرائب بين أف ارد المجتمع لعدم إمكانية تطبيقه في الحياة العملية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى عدم مطابقة هذا المنهج إلى المفهوم الحديث للضريبة باعتبارها مشاركة من أفراد المجتمع دون‬
‫أن يقابلها منفعة خاصة كدافع الضريبة‪ .‬زيادة على أن هذا المنهج يقتضي فرض ضرائب أعلى الفقراء الذين‬
‫ينتفعون أكثر من الخدمات العامة‪ ،‬مما يتعارض مع مبدأ العدالة وكذلك فإن هذا المفهوم للتوزيع ال يتمشى‬
‫مع مفهوم الضريبة كأداة مهمة من أدوات السياسة المالية لها فاعلية في توجيه النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫‪ ‬نظرية المقدرة على الدفع ‪:‬تتمشى هذه النظرية مع المفهوم الحديث للضرائب‪ ،‬حيث يشارك أفراد‬
‫المجتمع في األعباء العامة على أساس قدرة كل مكلف بالدفع‪ ،‬دون النظر إلى المنافع التي يحققها‬
‫الفرد من دفع الضريبة‪ .‬وتتحقق العدالة في ظل هذا المفهوم حيث تتحقق المساواة بين األفراد في‬
‫التضحية التي تحدثها الضريبة لكل منهم‪.‬‬

‫وهذا يعني أن عدالة توزيع الضريبة بين أفراد المجتمع تتحقق عندما يتناسب مقدار الضريبة مع مقدرة أفراد‬
‫المجتمع على الدفع‪ .‬وهذا يقتضي أن يدفع المكلف الذي لديه مقدرة على دفع مبالغ ضريبية أكبر من الذي‬
‫يمك مقدرة صغيرة على الدفع‪ .‬ووفا لهذه النظرية يمكن أن نجد مفهومين للعدالة ‪.‬المفهوم األول ‪:‬يقضي‬
‫بأن العدالة في توزيع الضرائب بين األفراد تتحقق عندما يعامل األفراد الذين لديهم مقدرة متساوية على الدفع‬
‫معاملة ضريبية متساوية‪ .‬وهذا يعني أن يعامل المكلفون بدفع الضرائب بالتساوي إذا كانت لديهم القدرة‬
‫نفسها على الدفع‪ ،‬أي أنهم يدفعون مبلغ الضريبة نفسه‪ .‬ويسمى هذا المبدأ في توزيع الضريبة بمبدأ "العدالة‬
‫األفقية"‪ .‬والصورة العملية لعدالة توزيع الضرائب في ظل هذا المبدأ هي فرض ضرائب بمعدالت نسبية على‬
‫هذه المقدرة فيتم اقتطاع مبالغ ضريبية من صاحب القدرة الكبيرة على الدفع أكبر من المبالغ المقتطعة من‬
‫صاحب القدرة الصغيرة‪.‬‬
‫المفهوم الثاني ‪:‬يقضي بأن العدالة في توزيع الضرائب تتحقق عند معاملة األفراد الذين لديهم مقدرة للدفع‬
‫متساوية‪ ،‬لكن تختلف األحوال الشخصية للمكلفين‪ ،‬وكذلك تختلف التزاماتهم المالية واالجتماعية‪ ،‬فإن مقادر‬
‫االقتطاع الضريبي لهم سيكون مختلفا وفقا لتلك الظروف المختلفة لألفراد‪ .‬يسمى هذا المبدأ في توزيع‬
‫الضريبة "مبدأ العدالة الرأسي"‪ .‬والتطبيق العملي لتوزيع الضرائب في ظل هذا المبدأ هو فرض ضرائب‬
‫تصاعدية على هذه المقدرة للمكلف‪.‬‬

‫كيف تقاس المقدرة على الدفع للفرد؟ اختلفت آراء االقتصاديين في تحديد مقياس المقدرة‪ .‬وقد وضع‬
‫االقتصاديون عدة مقاييس موضوعية لقياس المقدرة على الدفع ألفراد المجتمع أهما‪ :‬الدخل‪ ،‬والثروة‪ ،‬واإلنفاق‬
‫االستهالكي‪ .‬ويعتبر الدخل من أكثر المقاييس قبوال‪ .‬ووفقا لهذا المقياس فإن أصحاب الدخول الكبيرة‬
‫يدفعون ضرائب عالية والعكس صحيح‪ .‬إن اعتبار الدخل كمؤشر جيد للمقدرة على الدفع يخالطه كثير من‬
‫التساؤالت‪ ،‬منها‪ :‬ما هو نوع الدخل الذي يؤخذ في االعتبار؛ هل هو الدخل المكتسب أم الدخل غير‬
‫المكتسب؟ وهل ستكون المعدالت الضريبية واحدة أم مختلفة على كل نوع‪ .‬هل سيعتبر الدخل اإلجمالي أم‬
‫الصافي هو المقياس؟ فإذا أخذ الدخل الصافي في االعتبار فإن تقدير الحسميات من إجمالي الدخل سوف‬
‫تثير نوعا من الجدل‪ .‬كذلك التساؤل عما إذا كان الدخل النقدي هو المؤشر للمقدرة على الدفع أم يمكن‬
‫إدخال أشكال الدخل الحقيقي التي لم يتم تحويلها على شكل نقدي في االعتبار‪ .‬حيث يسهم كثير من أشكال‬
‫الدخول الحقيقية في رفع مستوى معيشة الفرد‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬اإلنتاج الزراعي من حدائق البيوت والمزارع‪ ،‬حيث‬
‫يستهلك هذا اإلنتاج من قبل المنتج وعائلته‪ ،‬وكذلك السكن الذي يسكنه مالكه‪.‬‬

‫وعلى الرغم من كثيرة التساؤالت حول تحديد مفهوم الدخل الذي سيتخذ كمؤشر للمقدرة على الدفع‪ ،‬إال أنه‬
‫يظل أكثر المقاييس استخداما وقبوال‪.‬‬

‫ويجب أخذ بعض االعتبارات للدخل حتى يعبر عن المقدرة الحقيقة للدفع للفرد‪ .‬وهو اعتبار أن المقدرة تابعة‬
‫للدخل الجاري المتحقق في صورة نقدية‪ ،‬والذي يمكن للفرد التصرف فيه‪ .‬واالعتبار الثاني‪ ،‬أنه يجب أن‬
‫يقاس الدخل بمعدل تدفق وليس بحجم الدخل الكلي خالل فترة زمنية محددة‪ ،‬حيث أن كل فرد يستلم دخله‬
‫خالل السنة في شكل سلسلة من األقسام لشهرية‪ ،‬وليس على شكل مبلغ مقطوع يستلمه مرة واحدة‪ .‬لذا فإن‬
‫درجة المقدرة على الدفع تكون أكثر دقة إذا ما استخدم مقدار القسط المتكرر خالل الفترة‪ ،‬وليس حجم الدخل‬
‫للفترة بأكملها ‪.‬مما سبق نالحظ أن تحديد مفهوم العدالة أمر صعب‪ ،‬حيث تختلف النظر حول هذا‬
‫المفهوم‪ .‬باإلضافة غلى صعوبة قياس اثر الضريبة وتحديد عبئها لكل مكلف ‪.‬إال أن تحقيق العدالة في‬
‫ظل أي مفهوم يعتبر مهما ألي نظام ضريبي ألن عدم تحقيق العدالة سيجعل النظام الضريبي مصد ار للظلم‬
‫بين الفئات المختلفة في المجتمع‪ ،‬بجانب كون عدم العدالة مصد ار للكثير من االضطرابات االجتماعية‬
‫واالقتصادية والسياسية في المجتمعات عبر األزمان المختلفة‪.‬‬

‫‪ .2‬مبدأ الكفاءة ‪ Efficiency:‬يمكن النظر إلى هذا المبدأ من زاويتين؛ الزاوية األولى تتعلق بكفاءة‬
‫تحصيل الضريبة المفروضة‪ ،‬والثانية تتعلق بكفاءة الضريبة ومدى ارتباطها بكفاءة النشاط االقتصادي‬
‫بأسره‪ .‬أما كفاءة تحصيل الضريبة‪ ،‬فيعني أن تحقق الضريبة أعلى حصيلة ممكنة للخزينة العامة‪ .‬ويتم‬
‫ذلك عندما تكون تكاليف الجباية للضريبة عند أدنى حد ممكن‪ ،‬وهذا يعني أال تكون إدارة الضريبة معقدة‬
‫وتحتاج إلى تكاليف مرتفعة‪.‬‬

‫وبالتالي يشعر األفراد المكلفون بدفع هذه الضريبة بأن حصيلة الضريبة التي يدفعونها ما هي إال مقابل زيادة‬
‫في النفقات اإلدارية‪ .‬وهذا من وجهة نظرهم سواء في استخدام الموارد العامة‪ ،‬مما يدعوهم إلى التهرب من‬
‫دفع الضريبة‪ .‬وعلى هذا فإن تحقيق مبدأ الكفاءة على مستوى الضريبة يتطلب أن تكون تكاليف تحصيل‬
‫الضريبة قليلة‪ ،‬ويتحقق ذلك باالستغالل الكفء لإلدارة الضريبية القائمة‪ ،‬زيادة على قبول الضريبة لدى‬
‫األفراد المكلفين‪ ،‬حتى يتم تعونهم ويقل تهربهم من الدفع‪.‬‬

‫أما كفاءة الضريبة المرتبطة بكفاءة تشغيل االقتصاد‪ ،‬فالضريبة تتميز بالكفاءة جين ال تخفض من كفاءة‬
‫النشاط االقتصادي القائم عند فرضها‪ .‬واذا كان هاك نشاط اقتصادي يعمل بدون كفاءة‪ ،‬فالضريبة تكون‬
‫ذات كفاءة إذا ما رفعت من كفاءة هذا النشاط‪ .‬والضريبة التي ال تؤثر على كفاءة النشاط االقتصادي هي‬
‫التي تحافظ على مستويات األسعار النسبية بين السلع المختلفة‪ ،‬وبالتالي ال تؤدي إلى اإلخالل في الق اررات‬
‫المتخذة من الوحدات االقتصادية‪ ،‬وكانوا يطلقون مصطلح "الحياد الضريبي" على الضريبة ذات الكفاءة‪.‬‬
‫وذلك العتقادهم أنه في ظل توافر المنافسة الكاملة في القطاع الخاص يقوم باالستخدام األمثل للموارد‪.‬‬
‫وعلى هذا فإن الضريبة ذات الكفاءة هي التي تحافظ على مثل ذلك الوضع عن طريق المحافظة على‬
‫األسعار النسبية‪.‬‬

‫في الواضع ال يمكن أن تكون الضرائب محايدة تماما‪ ،‬حيث أن لها أث ار على ق اررات األفراد عن طريق‬
‫تخفيضها لدخولهم‪ ،‬أو عن طريق تأثيرها على الوضع النسبي للدخول بين أفراد المجتمع‪ .‬وعلى كل حال‬
‫فإن األمر نسبي‪ ،‬ويمكن القول من الناحية العملية وفقا لهذه النظرة أن الضريبة ذات الكفاءة هي التي تكون‬
‫محايدة قدر اإلمكان‪ ،‬أو التي حدث ما يسمى بالحد األدنى من اإلخالل بمستويات األسعار النسبية‪.‬‬
‫أما إذا كان النشاط االقتصادي غير كفء‪ ،‬وال يعمل على االستخدام األمثل للموارد االقتصادية‪ ،‬مثل حاالت‬
‫فشل السوق‪ ،‬فالضريبة غير المحايدة التي تستخدم من أجل رفع كفاءة النشاط االقتصادي تعتبر ضريبة ذات‬
‫كفاءة‪ .‬وبصورة عامة إذ أردنا تحديد كفاءة الضريبة فإنه يجب أن نأخذ في االعتبار استخدامات الضريبة‪.‬‬
‫فإذا أدت هذه االستخدامات في القطاع العام إلى تخفيض المنافع التي كانت تحققها تلك الموارد المستقطعة‬
‫ٍ‬
‫عندئذ يمكن القول أن الضريبة غير ذات كفاءة‪ ،‬وتؤدي إلى تخفيض‬ ‫حين كانت تستخدم في القطاع الخاص‪،‬‬
‫مستوى الكفاءة في استخدام الموارد االقتصادية المتاحة لدى المجتمع‪.‬‬

‫‪ .3‬مبدأ اليقين ‪ Certainty:‬ويرتبط هذا المبدأ بمدى وضوح الضريبة بالنسبة للفرد الملتز بدفعها ‪.‬‬
‫وبالتالي يقتضي هذا المبدأ أن تكون الضريبة واضحة تمام الوضوح أما المكلف ‪.‬والهدف من ذلك هو‬
‫حماية دافع الضريبة من التعسف الممكن حدوثه من موظفي اإلدارة الضريبية‪ .‬فالضريبة يجب أال تكون‬
‫أم ار تحكميا‪ ،‬بل يجب حسابها بصورة مسبقة‪ ،‬وتكون معلومة واحدة لدافع الضريبة‪ ،‬باإلضافة إلى معرفة كل‬
‫ما يتعلق بها من أمور‪ ،‬مثل وقت الدفع وأسلوب التحصيل‪ .‬وعدم تحقق هذا المبدأ في كل ضريبة يفتح‬
‫المجال إلى فساد اإلدارة الضريبية‪ ،‬مما ينتج عنه عدم تحقيق العدالة في فرض الضريبة‪.‬‬

‫‪ .4‬مبدأ المالءمة ‪ Convenience:‬ويتعلق هذا المبدأ بكيفية تحصيل الضريبة وتوقيت دفعها‪.‬‬
‫ويقضى هذا المبدأ بأن أسلوب دفع الضريبة وتوقيته يجب أن يكون بدقر اإلمكان مالئمين ومناسبين لدافع‬
‫الضريبة‪ .‬وهذا ما يخفف من العبء النفسي لدافع الضريبة ويعل الضريبة مقبولة لديه‪ .‬لذا فإن وجود هذا‬
‫المبدأ يمنع أي اضطرابات غير ضرورية لدافع الضريبة قد تؤدي إلى آثار سيئة على ق ارراته االقتصادية‬
‫وتزيد من عبء الضريبة النفسي وهذا يساعد على التهرب من دفع الضريبة‪.‬‬

‫‪ .5‬مبدأ البساطة ‪ Simplicity:‬يرتبط هذا المبدأ بالبساطة التي يجب أن تتمتع بها الضرائب‬
‫المفروضة من جانب القائمين على إدارتها‪ ،‬ومن جانب بساطة الفهم لدافع الضريبة العادي ‪.‬وهذا يقتضي‬
‫أن تكون اإلجراءات والتشريعات الضريبية واضحة المعنى‪ ،‬ال تدع مجاال لالختالف في تفسيرها بين اإلدارة‬
‫والمكلفين‪ .‬وان وجود نظام ضريبي معقد يجعل أمر إدارته صعبا‪ ،‬مما يزيد من التكاليف اإلدارية الضريبية‬
‫ويجعلها بالتالي غير ذات كفاءة‪ .‬وكذلك يقتضي مبدأ البساطة أن يكون فهم المكلف ال يحتمل أكثر من‬
‫تفسير للضريبة‪ ،‬واال يفقد األفراد الثقة في اإلدارة الضريبية‪ ،‬وهذا يساعد على التهرب من دفع الضريبة‪،‬‬
‫زيادة على تحمل أعباء تزيد بكثير على عبء الضريبة ذاتها‪ .‬فالضريبة قد تزيد من أعباء المكلفين بسبب‬
‫تعقيدات إجراءاتها‪ ،‬وذلك الستيفاء المتطلبات القانونية للضريبة‪ .‬فتزيد التكاليف الحقيقية للعبء الضريبي‬
‫على المكلفين على شكل دفع مبالغ إضافية يدفعونها إلى مستشارين قانونيين من أجل تفهيمهم قانون‬
‫الضريبة‪ ،‬ومقدار االقتطاع الواجب دفعه‪ ،‬والحسميات الواجب احتسابها‪.‬‬

‫‪ .6‬مبدأ التنويع ‪ Diversity:‬وهذا يتطلب فرض أكثر من ضريبة من قبل الدولة‪ .‬فيكون وضع‬
‫النظام الضريبي جيدا إذا ما تنوعت الضرائب‪ ،‬وتطبيق هذا المبدأ يحقق للدولة إيرادا أوفر وعدالة أكبر بين‬
‫فئات المجتمع المختلفة‪ ،‬باإلضافة إلى أن درجة الخطر وعدم التأكد بالنسبة للخزانة تكون قليلة عما لو كان‬
‫النظام الضريبي يعتمد على ضرائب قليلة‪ .‬باإلضافة إلى أن قلة تنوع الضراب تزيد من ثقل العبء‬
‫الضريبي على المكلفين‪ .‬زيادة على عدم عدالتها حيث تدفع إلى التهرب من أدائها ‪.‬باإلضافة إلى أن قلة‬
‫عدد الضرائب سوف تقلل من عدد األدوات المالية التي يمكن للحكومة أن تؤثر من خاللها على النشاط‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وبالتالي تساعد على تحقيق األهداف والتنسيق بينها‪.‬‬

‫‪ .7‬مبدأ المرونة ‪ Flexibility:‬ويعني أن يكون هناك درجة من االستجابة للضرائب المفروضة‬


‫للتغيرات في النشاط االقتصادي‪ .‬ويتضمن هذا المبدأ مفهومين‪ :‬األول هو أن يكون هناك استجابة تلقائية‬
‫للضرائب القائمة مع التغيرات في مستوى النشاط االقتصادي‪ ،‬دون أن تضطر الدولة إلى تغيير هيكل النظام‬
‫الضريبي بفرض ضرائب جديدة أو تغيير معدالت الضرائب القائمة‪ .‬وهذا المفهوم يجعل اإليرادات الضريبية‬
‫تستجيب تلقائيا وبصورة طردية مع مستوى النشاط االقتصادي السنوي‪.‬‬

‫أما المفهوم الثاني فهو أن يكون لدى الدولة اإلمكانية الكافية وبالسرعة الالزمة لمراجعة هيكل الضرائب القائم‬
‫في االقتصاد وتعديله‪ ،‬وهذا يقتضي أن يكون لدى الدولة المرونة الكاملة في تعديل الضرائب القائمة وما‬
‫تشمله من مواد وعناصر خاضعة للضرائب ومعدالت ضريبية‪.‬‬

You might also like