Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫الدرس العاشر‬

‫‪1‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل نبينا حممد‪ ،‬وعىل آله وصحبه أمجعني‪،‬‬
‫والتابعني ومن تبعهم بإحسان اىل يوم الدين‪.‬‬

‫حتدثنا أهيا األحبة يف درسنا السابق عن مصدر تلقي التوحيد‪ ،‬وب ّينا ّ‬
‫أن علم التوحيد‬
‫والعقيدة ال يتلقى إال من كتاب اهلل عز وجل وسنة رسوله ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪ ،-‬وبعد أن‬
‫عرفنا وطفنا بجولة مباركة ذكرنا فيها فضائل التوحيد‪ ،‬وأمهيته‪ ،‬وواجبنا نحوه‪ ،‬نرشع إن شاء اهلل‬
‫يف درسنا هذا يف احلديث عن ‪:‬‬

‫تعريف التوحيد‪ ،‬عن ماهية التوحيد‪ ،‬عن حقيقة التوحيد‪،‬‬


‫وسيكون إن شاء اهلل درسنا يتمحور حول تعريف التوحيد في‬
‫اللغة‪ ،‬وتعريف التوحيد في الشرع‪ ،‬وما هي أركان‬
‫التوحيد مع الدليل‬

‫أوالً‪ :‬تعريف التوحيد يف اللغة‪ :‬التوحيد يف اللغة أهيا األحبة هو اإلفراد‪ ،‬معناه يف اللغة هو‬
‫اإلفراد‪" ،‬جاء الرجل وحده" أي منفرد ًا‪ ،‬وهو مصدر " َو َّحدَ ُي َو ِّحدُ ت َْو ِحيد ًا"‪ ،‬أي جعل اليشء‬
‫واحد ًا أو حكم ّ‬
‫بأن اليشء واحد‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫للم َو َّحدْ وتنفيه عن من سواه‪ ،‬عىل ذلك‬
‫التوحيد يف اللغة هو اإلفراد‪ ،‬أي أن تثبت احلكم ُ‬
‫للم َو َّحدْ وأن تنفيه عن من‬
‫فالتوحيد يف اللغة ال يتحقق إال بالنفي واإلثبات‪ ،‬أي أن تثبت احلكم ُ‬
‫املحض إنام‬
‫َ‬ ‫النفي‬
‫َ‬ ‫سواه‪ ،‬فال بد من اجتامع الركنني مع ًا النفي واإلثبات حتى يتحقق اإلفراد؛ ألن‬
‫هو تعطيل وال يستلزم توحيد اليشء‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫فإن اإلثبات املحض ال يمنع الترشيك وال يستلزم‬
‫التوحيد‪.‬‬

‫ولو مثلنا عىل ذلك بقولنا‪" :‬قا َم زيدُ " أثبتنا القيام لزيد‪ ،‬لكن هل أفردناه بالقيام؟ بمعنى أننا نفينا‬
‫القيام عن اجلميع وأثبتناه لزيد؟ ال شك وال ريب ّ‬
‫أن هذه اجلملة ال تفيد ذلك‪ ،‬هذا االثبات ال‬
‫حمض‬
‫يفيد اإلفراد‪ ،‬أثبتنا احلكم لزيد‪ ،‬أثبتنا القيام لزيد لكن مل ننفيه عن من سواه‪ ،‬فهذا إثبات ٌ‬
‫حمض‬ ‫وليس بتوحيد‪" ،‬قام زيد" مل نفرد زيد بالقيام‪ ،‬كذلك إذ ًا قلنا‪" :‬ما قام أحد" هذا أيض ًا ٌ‬
‫نفي ٌ‬
‫وليس بتوحيد؛ ألنّنا نفينا القيام عن اجلميع ومل نثبته ال لزيد وال لغري زيد‪ ،‬نفينا احلكم عن‬
‫حمض ال يستلزم اإلفراد‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫تعطيل ٌ‬ ‫حمض‪،‬‬
‫نفي ٌ‬
‫اجلميع‪ ،‬هو ٌ‬

‫فبالتايل إن أردنا أن نعرب عن قيام زيد وحده وأنّه ما قام أحد إال زيد فيجب أن نأيت بركني‬
‫التوحيد النفي واإلثبات‪ ،‬فنقول‪" :‬ما قام أحدٌ إال زيد ًا"‪ ،‬إن أردنا أن نفرد زيد ًا ونوحده بالقيام‬
‫فال بد أن ننفي القيام عن اجلميع ثم نثبته لزيد‪ ،‬فنقول "ما قام أحدٌ إال زيد ًا"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫إذ ًا يا عباد اهلل التوحيد ال يتحقق إال بالنفي واإلثبات‪ ،‬وهذا يبني لنا حقيقة التوحيد يف الرشع‪ ،‬ما‬
‫هو التوحيد يف الرشع؟‬
‫التوحيد يف الرشع أهيا األحبة هو‪ :‬إفراد اهلل بام خيتص به من الربوبية واإلالهية واألسامء‬
‫والصفات‪.‬‬
‫التوحيد يف اللغة عام يف كل أمر‪ ،‬أ ّما التوحيد املقصود به يف الرشع هو توحيد اهلل‪ ،‬وهذا هو املراد‬
‫وهذا هو املقصود‪ ،‬التوحيد كام بينه القرآن والسنة وكام بعثت به الرسل وكام أنزلت به الكتب‪،‬‬
‫التوحيد هو إفراد اهلل سبحانه بام خيتص به من الربوبية واإلهلية‪.‬‬

‫إذ ًا ّ‬
‫إن هلل عز وجل خصائص هي الربوبية واإلهلية واألسامء والصفات‪ ،‬التوحيد هو أن تفرد اهلل‬
‫هبا‪ ،‬أي أن تنفيها عن ما سوى اهلل وأن تثبتها هلل وحده‪ ،‬هذا هو التوحيد أهيا األحبة‪ ،‬احفظوه هو‬
‫إفراد اهلل سبحانه بام خيتص به من الربوبية واإلهلية واألسامء والصفات‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أن نؤمن ّ‬
‫بأن اهلل هو وحده الرب ال رب غريه‪ ،‬وأن نؤمن أنّه هو وحده اإلله‬
‫املستحق للعبادة فال يستحق العبادة أحد إال هو‪ ،‬وأن نؤمن أنّه وحده الذي له األسامء احلسنى‬
‫والصفات العىل‪ ،‬صفات الكامل واجلالل والعظمة‪.‬‬

‫هذا هو التوحيد‪ ،‬أن تفرد اهلل وحده بالربوبية فال رب إال اهلل‪ ،‬وأن تفرد اهلل بخصائص الربوبية‪،‬‬
‫فالربوبية هلا خصائص كاخللق والرزق والتدبري والترشيع واحلكم واإلحياء واإلمات وغري‬
‫ذلك‪ ،‬فإفراد اهلل بالربوبية أن تنفي الربوبية وخصائصها عن غري اهلل وأن تثبتها هلل وحده‪ ،‬أي ال‬

‫‪4‬‬
‫مرشع وال حاكم وال رازق إال اهلل‪ ،‬التوحيد‬
‫رب إال اهلل‪ ،‬وال خالق إال اهلل‪ ،‬وال مدبر إال اهلل‪ ،‬وال ّ‬
‫إفراد اهلل سبحانه بام خيتص به من الربوبية‪ ،‬هذه هي الربوبية‪.‬‬
‫واإلهلية نفرده سبحانه باإلهلية فنؤمن أن ال يستحق العبادة إال هو‪ ،‬فال ترصف العبادة إال هلل‬

‫سبحانه‪ ،‬إذ ًا من خصائص اإلهلية استحقاق اهلل العبادة‪ّ ،‬‬


‫وأّنا ال ترصف إال له‪ ،‬إنّه ال جيوز أن‬
‫ترصف العبادة إال له سبحانه‪ ،‬فمن رصف عبادة لغري اهلل فهذا ما أفرد اهلل باإللوهية‪.‬‬
‫كذلك أن نفرد اهلل بأسامئه احلسنى وصفاته العىل‪ ،‬اإلله العظيم‪ ،‬اهلل‪ ،‬له صفات الكامل واجلالل‬
‫حي قيوم‪ ،‬بديع الساموات واألرض‪ ،‬ذو اجلالل واإلكرام‪ ،‬القهار‪ ،‬املتكرب‪ ،‬اجلبار‪ ،‬كل‬
‫والعظمة‪ٌ ،‬‬
‫هذه الصفات نفرد اهلل عز وجل هبا‪ ،‬نفرده بصفاته فال أحد يعلم كعلم اهلل‪ ،‬وال أحد يقدر كقدرة‬
‫اهلل‪ ،‬وال أحد حييى كحياة اهلل‪ ،‬هو الذي تفرد بصفات الكامل واجلالل والعظمة‪.‬‬

‫هذا هو التوحيد أهيا األحبة‪ ،‬إفراد اهلل سبحانه بام خيتص به من الربوبية واإلهلية واألسامء احلسنى‬
‫والصفات العىل‪ ،‬أن تؤمن ّ‬
‫أن اهلل وحده الرب‪ ،‬ال رب غريه‪ ،‬أن تؤمن أنّه وحده اإلله فال أحد‬
‫يستحق العبادة إال هو‪ ،‬أن تؤمن أنّه هو وحده الذي له الصفات العىل واألسامء احلسنى‪.‬‬

‫هذا هو التوحيد أهيا األحبة يقوم عىل ركنني إثنني البدّ من تعلمهام‪ ،‬وقبل أن أذكر ركني التوحيد‬
‫ينبغي أن نعرف أوالً ما معنى الركن؟ ّ‬
‫فإن لكل يشء أركان ًا يقوم هبا‪ ،‬وبدوّنا ال يتحقق اليشء‬
‫وال يتم‪ ،‬فال بد أن نعرف أوالً ما معنى الركن حتى نعرف أمهيته؟‬

‫‪5‬‬
‫أوالً الركن أهيا األحبة هو اجلانب األقوى من كل يشء‪ ،‬ركن اليشء أي جانبه األقوى‪.‬‬
‫ويف اصطالح أهل العلم من األصوليني الركن هو جزء اليشء‪ ،‬وحقيقته‪ ،‬وما يقوم به ذلك‬
‫اليشء‪.‬‬

‫يعني الركن هو جزء داخل بامه ّية اليشء‪ ،‬بحقيقته‪ ،‬وال يقوم ذلك اليشء إال به‪ ،‬فبزوال الركن‬
‫وانتفائه ينتفي اليشء كله؛ ّ‬
‫ألن الركن من ماه ّية اليشء‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬الصالة‪ ،‬تقوم عىل أركان منها‬
‫الركوع‪ ،‬ومنها السجود‪ ،‬ومنها السالم‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬هذه األركان هي حقيقة الصالة‪ ،‬حقيقة‬
‫الصالة تتألف من جمموع هذه األركان‪ ،‬إذ ًا ماه ّية الصالة هي أركانه الركوع والسجود والسالم‬
‫والقراءة والقيام‪ ،‬فإن سقط ركن واحد ماذ ًا حصل هنا؟ إن سقط ركن واحد سقط جانب جزء‬
‫صىل ومل يأيت بركن الركوع عمد ًا فهذا‬
‫من ماهية الصالة‪ ،‬وهنا تبطل الصالة وتنتفي‪ ،‬كرجل ّ‬
‫بطلت صالته‪.‬‬

‫إذ ًا اليشء ينتفي إذ ًا انتفى ركنه ولو كان ركن ًا واحد ًا‪ ،‬لذلك ّملا نقول اآلن أركان التوحيد‪ ،‬أي‬
‫حقيقة التوحيد‪ ،‬إذ ًا ّملا نتكلم عن أركان التوحيد فنحن نتكلم عن حقيقة التوحيد‪ ،‬عن ماه ّية‬
‫التوحيد‪.‬‬

‫أهيا األحبة إن للتوحيد ركنني عظيمني يقوم عىل أساسهام وال يتم التوحيد إال هبام‪ ،‬ومها حقيقة‬
‫التوحيد ول ّبه‪ :‬الركن األول الكفر بالطاغوت‪ ،‬والركن الثاين اإليامن باهلل‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫إن التوحيد متوقف عىل هذين الركنني مع ًا‪ ،‬فإذا سقط‬
‫ومن خالل تقرير معنى الركن فإننا نقول ّ‬
‫ركن واحد زال التوحيد كله‪ ،‬التوحيد قائم عىل هذين األمرين‪ :‬الكفر بالطاغوت واإليامن باهلل‪،‬‬
‫فإن سقط أحد الركنني ومل يأيت العبد به انتفى التوحيد كله‪ ،‬وكان العبد مرشك ًا‪.‬‬

‫إذ ًا يا عباد اهلل هذا هو التوحيد‪ ،‬هو إفراد اهلل سبحانه بام خيتص به‪ ،‬إفراده بالربوبية وخصائصها‪،‬‬
‫إفراده باإلهلية وخصائصها‪ ،‬إفراده بأسامئه وصفاته‪ ،‬ويقوم هذا التوحيد عىل ركنني عظيمني‪:‬‬
‫األول الكفر بالطاغوت والثاين اإليامن باهلل‪ ،‬وإن زال أحد الركنني زال التوحيد كله‪.‬‬

‫إن الكفر بالطاغوت واإليامن باهلل مها ركنا التوحيد؟ حتى ال يظن ظان ّ‬
‫أن هذه‬ ‫ما الدليل عىل ّ‬
‫األلفاظ الرشعية إنّام هي بدع ًا من القول ابتدعها أهل التوحيد واجلهاد‪ ،‬ال يا عباد اهلل‪ ،‬إن هذه‬
‫األلفاظ ألفاظ رشعية جاء هبا الكتاب والسنة‪ ،‬نعم الكفر بالطاغوت لفظ مل تبتدعه الدولة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬أبد ًا‪ ،‬بل جاء به القرآن‪ ،‬وقامت به الرسل‪ ،‬ونزلت به الكتب‪ ،‬وسيأيت بيان ذلك إن‬
‫شاء اهلل‪.‬‬

‫إذ ًا التوحيد يقوم عىل هذين الركنني الكفر بالطاغوت واإليامن باهلل‪ ،‬ما الدليل؟ اسمع يا عبد‬
‫َ ُْ‬ ‫َ‬
‫إن كلمة التوحيد ال إله إال اهلل هي العروة الوثقى‪ ،‬قال اهلل سبحانه‪( :‬ف َم ْن يكف ْر‬ ‫اهلل‪ّ ،‬‬
‫َ ُ ْ ْ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ َ ٌ‬
‫يع َعلِيم)ٌ‬ ‫َّ ُ‬
‫وت ويؤمِن بِاهللِ فق ِد استمسك ب ِالعروة ِ الوثَق َل ان ِفصام لها واهلل س ِم‬
‫بِالطاغ ِ‬
‫وأن التوحيد هو الكفر بالطاغوت‬ ‫[ابلقرة‪ ، ]256 :‬هذه اآلية العظيمة ب ّينت حقيقة التوحيد‪ّ ،‬‬

‫وت‬
‫َ ْ ُ ْ َّ ُ‬
‫اغ‬ ‫الط‬ ‫ب‬ ‫ر‬‫ف‬ ‫ك‬‫ي‬‫(‬ ‫)‬ ‫اغوت) هذا رشط‪َ ( ،‬ف َم ْ‬
‫ن‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ‬
‫واإليامن باهلل‪( ،‬فمن يكفر بِالط‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرشط‬ ‫اسم‬ ‫ِ‬

‫‪7‬‬
‫ْ َْ‬ ‫ْ َْ َ َ ُْ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ‬
‫َويؤم ِْن بِاهللِ) فعل الرشط‪ ،‬جوابه (فق ِد استمسك بِالع ْر َوة ِ ال ُوثَق) يعني فقد استمسك‬
‫بالتوحيد‪.‬‬

‫هذا منطوق اآلية‪ ،‬أ ّما مفهومها فهو دال عىل ّ‬


‫أن من مل يكفر بالطاغوت أو مل يؤمن باهلل ال يكون‬
‫قد استمسك بالعروة الوثقى التي هي التوحيد‪ ،‬فبذلك تكون اآلية قد د ّلت داللة رصحية‬
‫أن التوحيد قائم عىل هذين الركنني مع ًا‪ ،‬الكفر بالطاغوت واإليامن باهلل‪.‬‬ ‫واضحة عىل ّ‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ ُ‬
‫وت‬
‫نعم هذا التوحيد الكفر بالطاغوت واإليامن باهلل‪ ،‬الدليل هذه اآلية (فمن يكفر بِالطاغ ِ‬
‫ْ َْ‬ ‫َ ُ ْ ْ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ‬
‫دل داللة رصحية عىل‬ ‫ك بِال ُع ْر َوة ِ ال ُوثَق) وجه الداللة ّ‬
‫أن مفهوم اآلية ّ‬ ‫ويؤمِن بِاهللِ فق ِد استمس‬
‫ّ‬
‫أن من مل يكفر بالطاغوت أو مل يؤمن باهلل ال يكون قد استمسك بالتوحيد الذي هو العروة‬
‫الوثقى‪.‬‬

‫فثم دليل‪ ،‬ما أخرجه مسلم يف صحيحه من حديث أيب مالك عن‬ ‫ال من السنة ّ‬ ‫بل وإن أردنا دلي ً‬
‫أبيه أنّه سمع النبي ‪-‬صىل اهلل عليه وسلم‪ -‬يقول‪( :‬من وحدَ اهللََّ‪ ،‬و َك َفر بِام يعبدُ ِمن د ِ‬
‫ون اهللَِّ َح ُر َم‬ ‫َ َ َ ُ َْ ْ ُ‬ ‫َ ْ َ َّ‬
‫ون اهللِ‪،‬‬‫ما ُله ودمه و ِحسابه َع َىل اهللَِّ)‪ ،‬يف رواية قال‪( :‬من َق َال‪َ :‬ال إِ َله إِ َّال اهللُ‪ ،‬و َك َفر بِام يعبدُ من د ِ‬
‫َ َ َ ُ َْ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ َ َُُ َ َ ُُ‬
‫أن من وحد اهلل‬ ‫دل أيض ًا داللة رصحية عىل ّ‬ ‫َح ُر َم َما ُل ُه‪َ ،‬و َد ُم ُه‪َ ،‬و ِح َسا ُب ُه َع َىل اهللِ)‪ ،‬هذا احلديث ّ‬
‫وكفر بالطاغوت َح ُر َم ماله ودمه‪ ،‬أي صار بذلك مسل ًام موحد ًا‪َ ( ،‬م ْن َق َال‪َ :‬ال إِ َل َه إِ َّال اهللُ‪َ ،‬و َك َف َر‬
‫أن من مل يكفر بام يعبد من‬ ‫فدل احلديث عىل ّ‬ ‫ون اهللِ) وهذا هو الكفر بالطاغوت‪ّ ،‬‬ ‫بِام يعبدُ من د ِ‬
‫َ ُ َْ َ ْ ُ‬
‫دون اهلل ال يكون مسل ًام‪ ،‬وما ّ‬
‫شم رائحة التوحيد قط‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫إذ ًا أهيا األحبة حقيقة التوحيد هي الكفر بالطاغوت واإليامن باهلل‪ ،‬هذا هو التوحيد باختصار يا‬
‫عباد اهلل هو أن تفرد اهلل بالربوبية واإلهلية واألسامء والصفات‪ ،‬ويقوم هذا التوحيد عىل ركنني‬
‫أن هذين‬ ‫يتم التوحيد إال هبام وهو الكفر بالطاغوت واإليامن باهلل‪ ،‬والدليل عىل ّ‬ ‫عظيمني ال ّ‬
‫َّ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ََ ْ َ ُْ ْ‬
‫وت َويؤم ِْن بِاهللِ فق ِد‬
‫الركنني مها ركنا التوحيد قوهل عز وجل‪( :‬فمن يكفر بِالطاغ ِ‬
‫ْ َْ‬ ‫ْ َْ َ َ ُْ‬
‫استمسك بِالع ْر َوة ِ ال ُوثَق)‪.‬‬

‫فاللهم لك احلمد عىل نعمتك‪ ،‬ولعلنا إن شاء اهلل نكمل يف درسنا القادم‪ ،‬إذ إننا‬
‫إن شاء اهلل سنرشع يف احلديث عن الركن األول ثم الركن الثاين‪،‬‬
‫والسالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ال تنسونا من صالح دعائكم‬
‫نُشر في‪:‬‬
‫← الثـالثــاء ‪1440 / 08 / 18‬هـ →‬

‫‪10‬‬

You might also like