Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 30

‫مناهج البحث وفن إعداد الرسائل العلمية‬

‫تمهيدي ماجستير اقتصاد‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عثمان أحمد عثمان‬

‫أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة‬


‫ومستشار املعهد العالي للدراسات إلاسالمية‬

‫‪2018/2017‬‬

‫‪1‬‬
‫مايو ‪2017‬‬

‫س‪ -:‬تكلم عن القوانين والنظريات الاقتصادية؟‬

‫تنبني الحقائق العلمية التي تكفل لنا السيطرة على الطبيعة على قوانين هي نتيجة رصد العالقة‬
‫املطردة والثابتة بين مجموعة من الظواهر؛ فإذا توافرت نفس الشروط التي استخلصناها ألنطباق القانون‪،‬‬
‫يجب ان تحدث نفس النتائج‪ ،‬فإذا حدث ذلك اطلق على هذه الظواهر اسم القوانين العلمية‪.‬‬

‫وفي مجال الاقتصاد يطلق على العالقات التي تتكرر بأستمرار بين عناصر العملية الاقتصادية‪ ،‬والتي تكشف‬
‫عنها عمليات البحث والتحليل الاقتصادي اسم القوانين الاقتصادية‪ ،‬تلك القوانين التي تمكننا من فهم حركة‬
‫النظام الاقتصادي بل والتنبؤ بما ستنتهي إليها بعض الوقائع‪ ،‬كما انها تمدنا بالوسائل التي تساعدنا على‬
‫تحليل املشكالت الجديدة التي تحدث في الحياة الاقتصادية‪ ،‬الامر الذي يمكننا من وضع السياسات الالزمة‬
‫ملواجهة تلك املشكالت‪.‬‬

‫ومن امثلة القوانين الاقتصادية‪:‬‬

‫قانون العرض والطلب‪ :‬حيث يرتفع سعر السلع كلما زاد الطلب عليها او قل عرضها والعكس‪..‬‬

‫قانون ساي لألسواق‪ :‬حيث ان عرض السلعة يخلق الطلب عليها‪.‬‬

‫وتتميز القوانين الاقتصادية عن القوانين العلمية بعدة خصائص اهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬نسبية القوانين الاقتصادية‬

‫هل القوانين الاقتصادية قوانين حتمية كحتمية قوانين العلوم الطبيعية؟ ام ان القوانين الاقتصادية‬
‫قوانين نسبية قد تنطبق وقد تتخلف رغم تحقق الظروف التي يتوقع معها حدوث الظواهر؟‬

‫هنا انقسم الفكر الاقتصادي اقساما عديدة يمكن ان تندرج تحت احدي طائفتين‪:‬‬

‫الطائفة الاولى‪ :‬تعتنق مبدأ عمومية القوانين الاقتصادية‪ ،‬وهي طائفة مهجورة في الفكر الاقتصادي‪.‬‬

‫الطائفة الثانية‪ :‬تجرد القوانين الاقتصادية من صفة العمومية والاطالق‪ ،‬وهي الطائفة السائدة في الفكر‬
‫الاقتصادي‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ومن أنصار الطائفة الثانية اوجست كونت‪ ،‬الذي رأي ان هناك تدرجا في مدى انطباق القوانين‬
‫العلمية؛ فقوانين العلوم الطبيعية قوانين من الدرجة الاولى؛ ألنها قوانين منضبطة الانطباق اي ال تحمل‬
‫الاستثناءات‪،‬‬

‫اما قوانين العلوم الاجتماعية ومنها الاقتصاد فهي قوانين من الدرجة الثانية؛ ألنها قوانين احتمالية‬
‫قد تنطبق وقد ال تنطبق‪ ،‬فقانون الجاذبية من الحقائق الثابتة في العلوم الطبيعية‪ ،‬في حين ان محل العملية‬
‫الاقتصادية سلوك بشري يخضع لتقدير يتفاوت مضمونه من شخص آلخر بل من وقت آلخر بالنسبة لذات‬
‫الشخص‪.‬‬

‫وقد القى هذا التفسير قبول العديد من الاقتصاديين‪ ،‬فالراسخ في الفكر الاقتصادي املعاصر هو ان‬
‫القوانين الاقتصادية قد ال تنطبق رغم توافر الظروف الالزمة‪ ،‬ليس لعدم صحة العالقات بين الظواهر‪،‬‬
‫وانما ألن الكائنات البشرية على عكس الكائنات الحية الاخرى واملواد الغير حية‪ ،‬لها تفكيرها املستقل‬
‫وارادتها الخاصة مما يستحيل التأكد يقينا بردود الفعل في موقف معين في كل زمان ومكان‬

‫فالقوانين الاقتصادية ال تعبر عن حقائق مطلقة كقوانين العلوم الطبيعية وانما فقط يحتمل ان تكون‬
‫صحيحة بالنسبة الى العدد الاكبر من الافراد‪.‬‬

‫‪ -2‬تقوم القوانين الاقتصادية على مجموعة من الفروض‪:‬‬

‫الصفة الاجتماعية لالقتصاد تحول بين الباحث وبين القدرة على الاعتماد على التجربة املعملية التي‬
‫تعتمد عليها العلوم الطبيعية؛ ألن الظاهرة الاقتصادية ال نستطيع التحكم فيها داخل املعمل ألن موضوعها هو‬
‫الانسان ذو الارادة‪.‬‬

‫مثال‪ :‬إذا أردنا دراسة العالقة بين الطلب والثمن‪ ،‬فال يمكن ان نعزل داخل املعمل كل العوامل املؤثرة على‬
‫الطلب من دخل‪ ،‬وذوق‪ ،‬واسعار السلع الاخرى‪ ..‬فيما عدا ثمن السلعة موضوع البحث‪.‬‬

‫لهذا فإن القانون الاقتصادي الذي يتوصل إليه يقوم على افتراض بقاء ثبات العوامل الاخرى ‪ ،‬بحيث ال يعد‬
‫صحيحا إال اذا توفرت هذه الفروض؛ ألن موضوع البحث الاقتصادي هو الانسان املتغير‪ ،‬لهذا يحاول الباحث‬
‫الاقتصادي الوصول لقوانينه من خالل عمليه التجريد بافتراض وجود متغير واحد من افتراض بقاء املتغيرات‬
‫او العوامل الاخرى على حالها‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫فقانون الطلب الذي ينص على ان "عالقة الطلب والسعر عالقة عكسية" يفترض بقاء العوامل الاخرى‬
‫مثل الدخل والاذواق‪ ..‬على ماهي عليه‪.‬‬

‫‪ -3‬عدم الدقة الحسابية للقوانين الاقتصادية‪:‬‬

‫ال يصل القانون الاقتصادي في قوته ودقته الى مستوى القانون الطبيعي‪ ،‬فإذا كنا نستطيع ان نحسب‬
‫بدقة قوة الدفع الناشئة عن احتراق كمية معينة من الوقود‪ ،‬فإننا ال نستطيع ان نحسب بنفس الدقة‪،‬‬
‫النقص في الكمية املطلوبة من سلعة نتيجة الرتفاع سعرها بمقدار معين‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإنه ال يمكن الاعتماد على القوانين الاقتصادية للحصول على نتائج دقيقة محددة‪ ،‬وانما تعبر‬
‫القوانين الاقتصادية عن مجرد ميل أو اتجاه معين‪ ،‬ويرجع ذلك الى كثرة وتشابك العوامل املؤثرة في الظواهر‬
‫الاقتصادية‪ ،‬بحيث يكفي ان يتغير عامل واحد حتى ال ينطبق القانون بحذافيره‪.‬‬

‫وعلى الرغم مما تتصف به القوانين الاقتصادية من خصائص خاصة بها‪ ،‬إال أن لها فوائد علمية واضحة‪،‬‬
‫فهي تعد أحد ادوات التنبؤ ملا يحتمل حدوثه في املستقبل‪ ،‬كما انها تيسر السبل للوصول الى الحلول املالئمة‬
‫للمشاكل الاقتصادية‪.‬‬

‫* النظريات الاقتصادية‪ :‬هي عبارة عن مجموعة قوانين اقتصادية وتعميمات ومبادئ تحاول إيضاح ظاهرة او‬
‫أكثر من الظواهر الاقتصادية‪ ،‬والتنبؤ بسلوكها في املستقبل‪.‬‬

‫والنظرية الاقتصادية ‪-‬شأن اي نظرية علمية‪ -‬تهدف إلى محاولة تفسير أسباب حدوث ظاهرة معينة‪ ،‬كمحاولة‬
‫تفسير تطورات الدخل القومي (نظرية الدخل القومي)‪ ،‬فإذا تمكنت النظرية من تفسير هذه الظواهر وغيرها‪،‬‬
‫أصبح من املمكن استخدامها في التنبؤ بما سيكون عليه امر هذه الظاهرة‪ ،‬وبالتالي مواجهة احتماالت‬
‫املستقبل‪.‬‬

‫‪ -‬وتتكون النظرية عموما من‪:‬‬

‫أ‪ -‬مجموعة من التعريفات التي توضح بدقة املقصود بالتعبيرات املستخدمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬مجموعة الفروض الشرطية التي تحدد الظروف التي يجب توافرها حتى تنطبق النظرية‪.‬‬

‫ج‪ -‬فرض او أكثر من الفروض الاحتمالية الذي يوضح الكيفية التي تتصرف الظاهرة محل البحث‬

‫‪4‬‬
‫د‪ -‬اختبار صحة النظرية من خالل مضاهأة فروضها الاحتمالية باملشاهدات‪ ،‬فإذا ايدتها املشاهدات قبلت‪،‬‬
‫وإال تم طرحها جانبا‪.‬‬

‫* مثال على ذلك‪( :‬نظرية الطلب نموذجا)‬

‫تقض ي نظرية الطلب بأن الكمية املطلوبة من سلعة ما في لحظة معينة تتناسب عكسيا مع سعرها‪،‬‬
‫فكلما انخفض السعر زاد الطلب‪ ،‬وكلما زاد السعر انخفض الطلب‪ ،‬فتتطلب هذه النظرية على هذا الاساس‪:‬‬

‫‪ -1‬شرع التعريفات املتصلة بالطلب‪ ،‬مثل الكمية املطلوبة وسعر السلعة‪ .‬إلخ‬

‫‪ -2‬توضيح الفروض الشرطية؛ أي الشروط التي يتعين توافرها حتى تنطبق النظرية‪ ،‬مثل‪ :‬بقاء دخل املستهلك‬
‫على ما هو عليه‪ ،‬وإال تعذر انطباق النظرية؛ ألنه لو صاحب ارتفاع السعر ارتفاع في دخل املستهلك‪ ،‬فليس من‬
‫الضروري ان ينخفض الطلب؛ ألن املستهلك أصبح أكثر يسرا‪ ،‬اي تزايدت قوته الشرائية‪.‬‬

‫‪ -3‬اختبار الفروض الاحتمالية‪ ،‬وهي زيادة الطلب عند انخفاض الثمن‪ ،‬او انخفاض الطلب عند ارتفاع الثمن‪،‬‬
‫من خالل مضاهأتها على املشاهدات والوقائع التي قد تؤيدها او تنفيها‪ ،‬فإن ايدها الواقع اصبحت نظرية‬
‫اقتصادية وإال تم طرحها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مايو ‪2015‬‬

‫أكتب بالتفصيل في أهمية مناهج البحث العلمي‪ ،‬وفي سؤال آخر ذكر مع تعريف او ماهية املنهج العلمي‪.‬‬

‫املقصود بمناهج البحث في اللغة‪:‬‬

‫مناهج جمع لكلمة منهج‪ ،‬ويرجع أصلها إلى فعل "نهج" أي مسلك‪ ،‬فنهج نهجه أي سلك مسلكه‪.‬‬

‫اما البحث اسم لفعل "بحث" وهو ينصرف إلى الطلب والتفتيش والاستقصاء عن الش يء‪ ،‬فبحث عن الش يء؛‬
‫أي طلبه وفتش عنه‪ ،‬فالبحث هو بذل املجهود في موضوع ما‪ ،‬وجمع املسائل التي تتصل به‪.‬‬

‫منهج البحث اصطالحا‪:‬‬

‫هو الاسلوب الذي مكننا من دراسة وتحليل ظاهرة ما‪ ،‬بغرض الكشف عن القوانين التي تحكمها‪ ،‬او‬
‫هو الطريقة التي يتبعها العقل في البرهنة والتدليل على صحة حقيقة معلومة او الكشف عن حقيقة‬
‫مجهولة‪ ،‬فمنهج البحث يهتم ببيان الخطوات التي يتعين على الباحث أن يتبعها في رصده لحركة الظواهر محل‬
‫البحث؛ كي يستخلص منها النتائج املنطقية التي تمثل تفسيرا لها؛ فالبحث ليس غايته بيان الواقع فقط‪ ،‬بل‬
‫ايضا فهمه وتفسيره‪.‬‬

‫* مناهج البحث في الفكر الاقتصادي الاسالمي‪:‬‬

‫قد تعرض مفكري الاسالم لبيان املقصود بمنهج البحث‪ ،‬وفي مقدمتهم ابن خلدون؛ فقد أكد على ان علم‬
‫الاجتماع الذي يكون الاقتصاد أحد فروعه‪ ،‬ينحصر منهجه فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يسلم الباحث مقدما بأن للظواهر وجود موضوعي‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يهدف الباحث إلى الكشف عن العالقات السببية‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يتتبع الباحث حركة الظواهر وتغيرها‪ ،‬باعتبار ان الاجتماع الانساني في تغير مستمر‪.‬‬

‫وقد تنبه العلماء املسلمين الاوائل إلى رحابة مجال البحث العلمي‪ ،‬وأنه دوما في حلقة سلسة ال نهائية‬
‫للعلم واملعرفة‪ ،‬فقد رتب العالمة الشيخ عبد الباسط بن محمد العلموى في كتابه " املعيد في أدب املفيد‬
‫واملستفيد" التأليف إلى سبعة‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -1‬استخراج ما لم يسبق إلى استخراجه‪.‬‬

‫‪ -2‬ناقص في الوضع يتمم نقصه‪.‬‬

‫‪ -3‬خطأ يصحح الحكم فيه‪.‬‬

‫‪ -4‬مستغلق بإجحاف الاختصار‪ ،‬يشرح او يتمم بما يوضح استغالقه‪.‬‬

‫‪ -5‬طويل يبدد الذهن طوله‪ ،‬يختصر من غير إغالق وال حذف ملا يخل حذفه بغرض املصنف الاول‪.‬‬

‫‪ -6‬متفرق‪ ،‬يجمع أشتات تبدده على اسلوب واضح صحيح قريب‪.‬‬

‫‪ -7‬منثور غير مرتب‪ ،‬يرتب ترتيبا يشهد صحيح النظر إن أولى في تقريب العلم للمتعلمين‪.‬‬

‫‪ -‬ويمثل ذلك اعترافا ضمنيا من املفكرين املسلمين بأنه لوال لابحاث التي قام بها الباحثون السابقون ما‬
‫تمكن الباحثون التالون من أن يكملوا بحوثهم‪ ،‬ومن هنا انتشرت مقولة "نحن أقزام تصعد على أكتاف‬
‫العظماء"‬

‫* املقصود بمنهج البحث الاقتصادي‪:‬‬

‫‪ -‬إن مفهوم منهج البحث والتحليل الاقتصادي (في الفكر املعاصر) يدور حول الطرق التي يتبعها الباحث في‬
‫تناول ظاهرة اقتصادية من اجل اكتشاف القوانين والتعميمات واملبادئ التي تحكمها‪.‬‬

‫‪ -‬أما منهج البحث في علم الاقتصاد (من منظور إسالمي) فتحكمه الغاية من دراسة علم الاقتصاد الاسالمي‬
‫التي تتميز بأنها ذات وجهين‪:‬‬

‫أ‪ -‬وجه نظري‪" :‬تفسير الظواهر الاقتصادية"‪:‬‬

‫بحيث يهتم الباحث الاقتصادي بتفسير الظواهر الاقتصادية‪ ،‬من خالل بيان الكيفية التي تجري عليها‬
‫وتتطور بمقتضاها‪ ،‬والكشف عن القوانين التي تحكمها‪.‬‬

‫ب‪ -‬وجه عملي‪ :‬تقديم الحلول املستقاة من الاصول الاسالمية للمشاكل الاقتصادية‪:‬‬
‫بحيث يجب ان يسعى الباحث الاقتصادي إلى تقديم الحلول او السياسات املناسبة املستقاة من‬
‫الاصول الاسالمية للمشاكل الاقتصادية بحيث تقدم هذه الحلول نفعا حقيقيا لهذا الواقع الذي تعايشه‬
‫املجتمعات الاسالمية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫* أهمية مناهج البحث العلمي‪:‬‬

‫البحث العلمي تعبير عن مسعى إنساني يهدف إلى تفسير الظواهر املحيطة بنا‪ ،‬من خالل وضع نسق‬
‫نظري ينطوي على بيان القوانين التي تسوس هذه الظواهر‪ ،‬والتقدم في هذا البحث مرهون باملنهج والطريقة‪،‬‬
‫فإن غاب املنهج خضع البحث للعشوائية‪ ،‬وأضحت املعرفة غير علمية‪ ،‬وسادت السخافات الفكرية التي يتعذر‬
‫قبولها ال لش يء إال ألنها تتعارض مع ابسط قواعد التفكير العلمي‪ :‬مثل ان احجبة معينة تمنع املرض وتجلب‬
‫الرزق!‬

‫وما انتكست مسيرة البحث العلمي إال بسبب غياب تطبيق املناهج العلمية‪ ،‬وما انتقل الانسان من العصر‬
‫البدائي الى ما نحن فيه من حضارات إال بسبب استفادته من املحاوالت العلمية الجادة واملنظمة في صدد فهم‬
‫الطبيعة‪ ،‬فاملعرفة الواعية بمناهج البحث العلمي تمكن الباحثين من اتقان البحث العلمي‪ ،‬وتفادي كثيرا من‬
‫الاخطاء والخطوات املتعثرة التي ال تفيد في ش يء‪.‬‬

‫فاالنسان العادي تتطور حياته حينما يستبعد املحاوالت الفاشلة في الفهم والتفسير ويبقى على املحاوالت‬
‫الناجحة‪ ،‬والباحث ال يختلف عن هذا الانسان إال في انه يتبع برنامجا محددا لتحصيل املعرفة والكشف عن‬
‫الحقيقة‪.‬‬

‫وفيما يخص مناهج البحث العلمي من منظور اسالمي‪ ،‬فقد زكى هللا تعالي العلم ورفع منزلة العلماء‪ ،‬ومن ادلة‬
‫ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬قوله تعالي "وقل ربي زدني علما" وقوله " اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الانسان من علق* اقرأ وربك‬
‫الاكرم* الذي علم بالقلم* علم الانسان مالم يعلم"‬

‫‪ -‬قول الرسول صلي هللا عليه وسلم "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"‬

‫‪ -‬كما احتل العلم في تراثنا العلمي والحضارة مكانة خاصة؛ فقد أحص ى حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون‬
‫(ت‪1067‬هـ) نحو ‪ 300‬علم وفن‪ ،‬ومن الاقوال الصادرة عن صناعة‪:‬‬

‫أ‪ -‬اطلب العلم؛ فإن افتقرت كان لك ماال‪ ،‬وان استغنيت كان لك جماال‪.‬‬

‫ب‪ -‬اطلبوا العلم؛ فإن كنتم سادة فقتم‪ ،‬وان كنتم وسطا سدتم‪ ،‬وإن كنتم سوقة عشتم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬وقد حرص الفكر الاسالمي ان يولي نشر العلم كتابة اهمية أكثر من نشره شفاهه‪:‬‬
‫ويقول في ذلك الامام الزركش ي‪ " :‬من فروض الكفاية تصنيف الكتب ملن منحه هللا فهما واطالعا‪..‬‬
‫والعلم ال يحل كتمه‪ ،‬فلو ترك التصنيف لضيع العلم على الناس"‬
‫اما بخصوص مناهج البحث‪ ،‬فإن في التراث الاسالمي الدر كامن‪ ،‬ويشهد بذلك القاص ي‬
‫والداني‪ ،‬فها هي اقوال املستشرقين تنطق بقدر العلماء املسلمين الاوائل في مناهج البحث‪ ،‬فيقول‬
‫املستشرق الاملاني (فرانتز روزنتال ‪) Frantz Rosentahal -‬‬
‫إن‪ :‬املؤلفين املسلمين قد عرفوا التدوين‪ ،‬كما وضعوا آداب اقتناء الكتب وإعارتها‪ ،‬ومقابلة ما يكتبه‬
‫الباحث بأصل صحيح موثوق به‪ .‬ولقد عرفوا نظام الاختصارات‪ ،‬ونظام الاقتباس‪ ،‬والاشارة الى املراجع‬
‫املقتبس منها‪ ،‬ونظام الهوامش إلثبات الاستطرادات التي ال تشكل ً‬
‫جزء رئيسيا من املتن‪"..‬‬
‫‪ -‬وقد اتقن العلماء املسلمين طريقة املعالجة النقدية وعرفوا روح النقد وحدوده‪ ،‬وقدروا اهل العلم‪،‬‬
‫واحترموا الثقات منهم‪ ،‬وقد كان اهل الفكر الاسالمي اصحاب فطرة سليمة وسليقة قويمة؛ مما جعل‬
‫ضوابط العلم ومناهجه يتمثل في سلوكهم تلقائيا‪.‬‬

‫مايو ‪2015‬‬
‫وضح مع الشرح أنواع البحوث العلمية‪.‬؟‬

‫ينطوي مصطلح البحوث العلمية في الادب الاقتصادي على طائفتين اساسيتين من البحوث هما‪-:‬‬
‫‪ -1‬البحوث النظرية‪:‬‬

‫تتمثل البحوث العلمية النظرية في مجموعة الاعمال التجريبية او النظرية التي ترمي – بصفة‬
‫اساسية‪ -‬الى اكتساب معارف جديدة للظواهر والوقائع القابلة للمالحظة‪ ،‬دون ان يقصد منها ان تطبق او‬
‫تستخدم في حاالت خاصة؛ فهي تهدف الى املعرفة من اجل املعرفة‪.‬‬

‫وتهدف أيضا البحوث النظرية الى تقدم العلوم من خالل توليد املعرفة العلمية‪ ،‬باالعتماد على‬
‫مدخالت أي (رأس املال – العمل) ومعارف عامة أي (طرق واساليب علمية‪ )..‬بقصد انتاج معارف جديدة أي‬

‫‪9‬‬
‫(الوصول الى شروح‪ ،‬او قوانين‪ ،‬او نظريات‪ ،)..‬لكن النتيجة ليست مؤكدة او يقينية؛ إذ يمكن أال ينتهي املجهود‬
‫العلمي املبذول فيه الى اية اختراع‪.‬‬

‫والاكتشافات النظرية نتائجها غير مؤكدة للغاية؛ لذلك فإن الاصل ان التطبيقات العلمية لها تكون‬
‫غائبة‪ ،‬حتى لو كان من املمكن ان تظهر هذه الاكتشافات يوما ما؛ ولذلك فقد نادى البعض باالهتمام‬
‫بالبحوث التطبيقية دون التركيز على البحوث النظرية‪ ،‬ألن آثار الاولى تظهر بشكل اسرع كنتيجة لدورها املباشر‬
‫في تحديث الاساليب التكنولوجية املطبقة‪ ،‬رغم ان املعارف العلمية النظرية تمثل املصدر الجزئي لالبتكارات‪،‬‬
‫إال ان لها دور كبير في خلق التقدم التكنولوجي بفضل دورها الهام في التنبؤ التكنولوجي املستقبلي‪.‬‬

‫وتنشر البحوث النظرية محليا او دوليا في املجالت العلمية املحلية او الدولية‪ ،‬وبالتالي فإن املعارف‬
‫النظرية الجديدة املكتشفة تكون اموال عامة يمكن ان يستغلها آلاخرين‪ ،‬وقد تحقق تلك البحوث عائدا‬
‫للباحثين الذين اشتركوا في تحقيقها (كالحصول على وسام او مكافأة او حتى اجر منتظم‪)..‬‬

‫وتتميز املعارف العلمية سليلة البحوث النظرية بخصيصتين جوهريتين‪:‬‬


‫أ‪ -‬ان أثارها قد تمتد الى قطاعات اقتصادية عديدة؛ باعتبار ان نتائجها تميل الى العمومية‪ ،‬الامر الذي‬
‫يجعل الاستفادة منها غير محصورة على قطاع اقتصادي معين‪.‬‬
‫ب‪ -‬ال تفنى هذه املعارف باالستخدام‪ ،‬بخالف املنتجات املادية‪ ،‬بل على العكس تثرى بكثرة الاستعمال‪.‬‬

‫‪ -2‬البحوث التطبيقية‪:‬‬

‫تتمثل البحوث العلمية التطبيقية في مجموعة الاعمال التجريبية التي تتم بقصد توليد املعرفة‬
‫التكنولوجية لتحقيق اكتشافات تكنولوجية لها استخدام اقتصادي مباشر (بالوصول الى طرق تصنيع او‬
‫منتجات)‬

‫وتعتبر البحوث التطبيقية ‪ -‬التي ترمي الى تطبيق مبادئ نتائج البحوث النظرية على املشاكل الفنية –‬
‫بحوث غائية او نهائية تهدف الى تحقيق هدف محدد بدقة‪ ،‬مشتق من ضرورات النظام الاقتصادي‪ ،‬خاصة‬
‫فيما يتعلق باكتساب قدرات أكبر على التصنيع والاستجابة للحاجات التجارية ورغبات املستهلك‪ ،‬وتنطوي‬
‫البحوث التطبيقية على نتائج نفعية وإيراديه؛ مما يعني انها تستجيب ملنطق السوق‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وهناك فرق بين البحوث النظرية التي تنتج النظريات واملبادئ العامة‪ ،‬وبين البحوث التطبيقية التي‬
‫تركز على استخدام النظريات واملبادئ‪ ،‬حيث ان ثمرة البحوث النظرية تتمثل في التوصل الى حلول ملشكالت‬
‫النشاط املادي‪ ،‬منتجة بذلك الاختراعات املختلفة‪ ،‬وبين استخدام هذه البحوث التطبيقية‪ ،‬اي وضعها موضع‬
‫التنفيذ بتحويل الاختراع الى تجديد (كخلق سلع جديدة‪ ،‬او اكتشاف مواد خام جديدة او تحسين استغالل‬
‫املوجود منها‪ )..‬مما يعني ان العملية التي تقود الى التقدم الفني في املشروع تمر – عادة – بثالث مراحل هي ‪:‬‬
‫بحوث نظرية – بحوث تطبيقية – نتفيد نتائج البحوث التطبيقية‪.‬‬

‫وتتميز البحوث التطبيقية بثالث خصائص جوهرية‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن اهدافها مشتقة مباشرة من إلاشكاليات الصناعية‪.‬‬


‫ب‪ -‬أن وضعيتها متسعة‪ ،‬بحيث تمتد للبحوث النظرية‬
‫ج‪ -‬أنها تتميز باللجوء لخبرات وتخصصات متشعبة ومتعددة‪.‬‬

‫والهدف الرئيس ي للبحوث التطبيقية الخاص بالتفكير في استحداث طرق انتاجية او منتجات جديدة‪،‬‬
‫يستوجب ان يوجد تفاوت بينها وبين املنتجات القائمة من اجل خلق انواع جديدة من السلع تضاف الى السلع‬
‫القائمة‪ ،‬وتحقق مزيدا من املنفعة كاستحداث قوائم جديدة من الجبن املصنع‪.‬‬

‫والشك او عدم التأكد من نتائج البحوث التطبيقية محدودا للغاية؛ ألنه يوجد دائما حال أكثر او اقل‬
‫قناعة للمشكلة املوضوعية‪ ،‬وتشير الدراسات التجريبية املؤخرة الى زيادة درجة فاعلية البحوث التكنولوجية‬
‫والتي ترجمت في شكل زيادة معدل الاكتشافات التكنولوجية‪.‬‬

‫‪ -‬والتمييز بين املجالين النظري – التطبيقي للبحوث‪ ،‬ال يجعلهم منفصلين في الحياة العملية‪ ،‬فهناك العديد‬
‫من الاختراعات التي تم اكتشافها مؤخرا كاختراع الدينامو على سبيل املثال‪ ،‬كشفت عن بداية عالقة واضحة‬
‫بين البحوث النظرية والتطبيقية‪ ،‬فالبحوث التطبيقية الجديدة التي تجريها املشروعات الصناعية تحتاج الى‬
‫توظيف آالف من النظريات والتجارب العلمية من جهة‪ ،‬كما تحتاج الى باحثين متخصصين في مجال البحوث‬
‫النظرية لتوضيح كيفية الاستفادة منها وفي اي املجاالت‪ ،‬من جهة اخرى‪.‬‬

‫‪ -‬ولعل ما يؤكد التفاعل املشترك بين البحث والانتاج؛ ان الانتاج الصناعي يستوجب اجراء البحوث‪ ،‬والبحوث‬
‫في حاجة الى دراسة الظواهر التي تتم اثناء عملية الانتاج؛ فالترنزيستور مثال لم يكن نموذجا ناشئا عن الفكرة‬

‫‪11‬‬
‫العلمية التي جسدته‪ ،‬وانما تطلبت دوائر الصناعة نفسها وجود بحث يستخدم الترانزستور ذاته إلنتاج ظواهر‬
‫جديدة منه للدراسة‪.‬‬

‫‪ -‬أن الترابط بين البحوث يتجه في عاملنا املعاصر نحو التوحد‪ ،‬بالنظر الى انه في كل مرحلة يوجد اعتماد‬
‫متبادل للعلوم بعضها ببعض؛ ذلك الذي ثبت صحته في إطار البحوث النظرية‪ ،‬حيث توجد رابطة ضيقة‬
‫تتمثل في اتحاد علم الفيزياء او الطبيعة في علم الفلك‪ ،‬وعلم الكيمياء في علم ألاحياء‪ ،..‬كما ثبت صحته في‬
‫إطار البحوث التطبيقية‪ ،‬فالبحوث التطبيقية التي تجرى في إطار الطاقة النووية مثال‪ ،‬يجري فيها اللجوء لعدد‬
‫كبير من العلوم‪ ..‬وقد نتج عن عمق العالقة بين نوعي البحوث النظرية والتطبيقية تقدمات ملحوظة في‬
‫املعطيات العلمية املتاحة امام سائر الباحثين‪.‬‬

‫مايو ‪2015‬‬

‫أكتب في املنهج الاستنباطي كأحد اهم طرق البحث العلمي؟‬

‫يقوم الاستنباط املجرد في املنطق الصوري بدور نقل الحكم الكليات الفكرية التي يرغب الباحث في‬
‫نقل حكمها على الجزئيات‪ ،‬ويقصد باالستنباط ذلك املنهج البحثي الذي ينتقل فيه التفكير العقلي من الحكم‬
‫الكلي العام الى الحكم الجزئي الخاص؛ اذ يقوم على وضع مقدمات عامة مفترض صحتها كي يستخلص منها‬
‫نتائج معينة تنطبق على حاالت جزئية؛ ولذلك يطلق عليها مصطلح الاستدالل الهابط؛ حيث ينتقل فيها‬
‫الباحث من قضايا عامة الى قضية فردية خاصة؛ فالنتائج تكون أكثر تخصصا من الفروض او املقدمات‪.‬‬

‫مثال ذلك‪ :‬ان يبدأ الباحث باملقدمتين التاليتين‪:‬‬

‫‪ -‬كل البشر ميتون (مقدمة كبرى)‬

‫‪ -‬احمد بشر (مقدمة صغرى)‬

‫‪-‬إذن احمد ميت (النتيجة)‬

‫اما في املجال الاقتصادي‪ ،‬فقد اعتمدت املدرسة التقليدية على التجريد والاستنباط‪ ،‬ومن امثلة الطريقة‬
‫الاستنباطية في املجال الاقتصادي مايلي ‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫في دراسة ظاهرة الادخار يمكن للباحث ان يقيم نموذجا من مقدماته‪:‬‬

‫‪ -‬كل الدخول الفردية محدودة (مقدمة كبرى)‬

‫‪ -‬ما ال يستهلك من الدخل يدخر (مقدمة صغرى)‬

‫‪ -‬زيادة قيمة الاستهالك تعني نقصان قيمة الادخار (النتيجة)‬

‫وقد اسقطت النظرية التقليدية كل البواعث التي تسير الانسان إال باعثا واحدا هو املصلحة‬
‫الشخصية؛ وانتهت الى أن الفرد هو خير من يدافع عن مصلحته الشخصية؛ لذلك نادت بالحرية‪ ،‬فأسقطت‬
‫التدخل والاحتكار وانتهت بذلك الى فرض الحرية ألاقتصادية واملنافسة الحرة‪.‬‬

‫فاإلنسان الاقتصادي الذي استبقته املدرسة التقليدية هو ما تبقى من الانسان الحقيقي الذي يحتوي على‬
‫الانسان بكافة جوانب تصرفاته الاجتماعية والسياسية والاخالقية والدينية‪ ..‬فاإلنسان الاقتصادي هو نوع من‬
‫التجريد تعتمده املدرسة في دراسة التصرفات الاقتصادية لإلنسان دون غيرها من التصرفات‪.‬‬

‫والاقتصاد التقليدي يعتبر علما افتراضيا ابعد ما يكون عن الواقع؛ ألنه ال يستند فكره الى اي دراسة واقعية‬
‫او حتى التحقق من نتائجه في ضوء الواقع‪ ،‬فاملدرسة التقليدية انتهت بطريق التجريد الى عدة مقدمات ثم‬
‫استخلصت بطريقة الاستنباط عدة نتائج شكلت نظرتها الى الواقع‪ ،‬دون الالتجاء الى هذا الواقع؛ فإذا تمت‬
‫املقابلة بين نتائج املقدمات والوقائع التي تحدث في املجتمع‪ ،‬كانت املدرسة تفسر الواقع في ضوء النظرية في‬
‫حين انه كان يجب تفسير النظرية في ضوء الواقع‪.‬‬

‫‪ -‬إن سالمة النتائج التي توحي بها الطريقة الاستنباطية تتوقف على عوامل ثالث‪:‬‬

‫أ‪ -‬سالمة مجرى التفكير العقلي‪.‬‬

‫ب‪ -‬صحة املقدمات ألاصلية‪.‬‬

‫ج‪ -‬درجة الالتزام باملنطق العقلي اثناء التصرف في واقع الامر في املجال محل البحث‪.‬‬

‫‪ -‬وإذا كان التقدم العلمي وقدم اتساع البحث في مجال الاقتصاد قد اديا الى تجنب الاستمرار فيما قد يحدث‬
‫من اخطاء منطقية في مجرى التفكير العقلي‪ ،‬فإن الامر قد يختلف بشأن العاملين آلاخرين؛ ألنه يتعذر تقرير‬
‫مقدمات معينة تعد صحيحة صحة مطلقة في نطاق علم اجتماعي موضوعه الاساس ي هو إلانسان بكل ما‬

‫‪13‬‬
‫يتميز به سلوكه من تعقد ال حد له‪ ،‬ومن جهة اخرى فإنه رغم افتراض صحة املقدمات الاصلية فكيف يمكن‬
‫التسليم بقيام الانسان بالتصرف في كل الاحوال في الاحداث التي تحيط به طبقا للمقتضيات املنطقية؟‬

‫‪ -‬وعلى أية حال‪ ،‬فإن هناك فرقا جوهريا بين درجة الصحة او اليقين في النتائج التي نحصل عليها عن طريق‬
‫الاستدالل في علم الرياضيات من جهة‪ ،‬والنتائج التي نصل اليها باستخدام نفس املنهج في العلوم الاخرى‪..‬‬

‫ففي الرياضيات يمكن الاعتماد على منهج الاستدالل وحده للوصول الى نتائج يقينية من املقدمات؛ ألن هذه‬
‫املقدمات مسلم بها في احوال بالغة البساطة يخلقها العالم الرياض ي في ذهنه وحده؛ لهذا فهو ال يحتاج الى‬
‫التجربة إلثبات صحة النتائج التي استقاها من هذه املقدمات‪ ،‬طاملا انه التزم بقواعد املنطق في استخالص‬
‫نتائجة‪.‬‬

‫اما في العلوم الاخرى فال يستطيع الباحث أن يسير على النهج السابق؛ ألن املقدمات التي يبدأ منها ال تتمتع‬
‫بدرجة اليقين الذي تتمتع به املقدمات الرياضية‪ ،‬وانما تظل دائما مؤقته ونسبية‪ ،‬وتحت رحمة التجارب‬
‫الجديدة التي قد تؤدي الى الغائها إذا تبين عدم صحتها؛ ومن ثم فإن نتائج هذه املقدمات تكون غير يقينية‬
‫ومحال للشك الدائم‪.‬‬

‫وقد كان املنهج الاستنباطي محل اعتراض؛ ألنه مصادرة على املطلوب‪ ،‬باعتبار ان النتيجة تكون متضمنة قبال‬
‫في مقدمتيه‪ ،‬فال جديد اذن في الاستنباط‪ ،‬والعلم ال يتقدم إال بالكشف الجديد‪ ،‬إال ان الغزالي يرى ان‬
‫الاستنباط يأتي بجديد؛ ألن العلم بالنتيجة علم ثالث زائد على العلم باملقدمتين‪ ،‬فإذا قلنا بأن‪:‬‬

‫‪ -‬كل نبيذ مسكر‪.‬‬

‫‪ -‬كل مسكر حرام‪.‬‬

‫فإن الاستنباط يأتي بجديد بالفعل وهو النتيجة وهي‪ :‬النبيذ حرام‪ .‬ويشير الغزالي الى وجوب الترابط بين‬
‫الاستدالل والاستقراء حينما اوجب التحقق من صدق املقدمتين بالتجربة للتحقق من ان النبيذ مسكر‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫اغسطس ‪2016‬‬

‫تكلم عن املنهج الاستقرائي‪.‬‬

‫اغسطس ‪2015‬‬

‫اكتب في املنهج الاستقرائي مع بيان تعريف الاستقراء وانواعه‪.‬‬

‫مايو ‪2013‬‬

‫عرف املنهج الاستقرائي مبينا املراحل التي يمر بها‪.‬؟‬

‫تعرف الطريقة الاستقرائية او طريقة مالحظة الوقائع باسم املنهج التجريبي باعتبار انها تقوم على‬
‫املالحظة والتجريب معا؛ فالباحث فيها يحاول التوصل الى الحقائق بواسطة مشاهدة واقع الحياة ومالحظة ما‬
‫يصادفنا من حقائق فيها‪ ،‬او على ما نحصل عليه من حقائق عن طريق ما نجربه من تحارب في املختبر في ظل‬
‫ظروف يمكن التحكم فيها‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف الاستقراء‪:‬‬

‫يدور التفكير الاستقرائي حول فحص الجزئيات من اجل الوصول الى الكليات التي تحكمها؛ اذ يمكن‬
‫تعريف املنهج الاستقرائي بأنه "ذلك املنهج البحثي الذي ينتقل فيه التفكير العقلي من الجزء الى الكل او‬
‫من الخاص الى العام"‪.‬‬

‫ويعرف الغزالي في مؤلفه (معيار العلم) الاستقراء‪ " :‬الاستقراء هو ان تتصفح جزئيات كثيرة داخلة تحت معنى‬
‫كلي‪ ،‬حتى إذا وجدت حكما في تلك الجزئيات حكمت على ذلك الكلي به"‬

‫وتسمى الطريقة الاستقرائية باالستدالل الصاعد‪ ،‬حيث ينتقل فيها الباحث من قضايا فردية او خاصة او‬
‫حاالت جزئية‪ ،‬إلى قضايا اعم؛ فالنتائج أكثر تعميما من الفروض او املقدمات‪ .‬مثال ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬حادثة البخار الذي ينفذ من ابريق الشاي (وهي حادثة فردية)‪ ،‬إذ توصل منها وات إلى مبدأ (قوة‬
‫البخار)‪ ،‬وكذلك حادثة املاء وهو يفيض حينما نستحم (وهي حالة فردية)‪ ،‬إذ نبهت أرشميدس إلى مبدأ‬
‫(الازاحة)‬

‫‪15‬‬
‫‪ -2‬أنواع الاستقراء‪:‬‬

‫يمكن ان نميز بين نوعين من الاستقراء‪:‬‬

‫أ‪ -‬استقراء فطري‪:‬‬

‫وينصرف إلى أسلوب املعرفة الساذج الذي يشترك فيه جميع الناس ويعتمدون عليه في سلوكهم؛‬
‫فنحن نسير على الارض ألننا نثق أنها لن تنهار تحت قدمينا‪ ،‬بينما ال نسير فوق ماء النهر ألننا نعرف أنه لن‬
‫يحملنا‪.‬‬

‫ب‪ -‬استقراء علمي‪:‬‬

‫وهو التفكير املبني على املنهج التجريبي الذي يهدف إلى اكتساب معرفة مقصودة وشعورية‪ ،‬باستخدام‬
‫كل الاساليب التي تساعدنا على تحقيق ذلك؛ فقد الحظ باستير أن التعفن يلحق باملواد الغذائية املعرضة‬
‫للهواء‪ ،‬بينما يحول تعقيمها دون ذلك‪ ،‬إذ ثبت له بالتجارب أن الهواء يحتوي على اجسام دقيقة ال ترى بالعين‬
‫املجردة‪ ،‬وأن تلك الاجسام الطفيلية هي التي تتطرق إلى املواد الغذائية فتسبب تعفنها‪.‬‬

‫‪ -3‬مراحل الاستقراء‪:‬‬

‫املرحلة الاولى فحص الظاهرة‪ :‬ويتم ذلك باملالحظة والتجريب‪ ،‬فمالحظة الظواهر تقوم على املشاهدة الدقيقة‬
‫على النحو الذي تبدو عليه بصفة طبيعية‪ ،‬فمثال يتغذى الجسم البشري على اشياء مادية كالخبز والجبن؛‬
‫اي ان الخبز والجبن ينتج جسما بشريا وليس العكس؛ حيث يقوم العقل هنا بعزل الظاهرة املتكررة عن‬
‫غيرها من الظواهر حتى يتمكن من وصفها وتحليلها‪.‬‬

‫اما التجربة فتنصرف إلى املشاهدة بعد تعديلها بوضعها في ظروف مصطنعة مختلفة‪ ،‬حيث تكشف الظاهرة‬
‫عن خصائصها التي ال تتوفر لنا مالحظتها في الظروف الطبيعية‪ ،‬فمثال‪:‬‬

‫افترض عالم نبات ان ضوء الشمس يؤثر باإليجاب في نمو النبات‪ ،‬فقام باختبار صدق هذا‬
‫الفرض تجريبيا‪ ،‬بأن وضع نباتين من نواع واحد احدهما في مكان ظليل وآلاخر في ضوء الشمس‪ ،‬بحيث‬
‫يحدث تغيير متعمد في كمية الضوء التي تسقط على النبات‪ ،‬لينتهي من هذه التجربة إلى ان ضوء‬
‫الشمس يؤدي إلى نمو النبات‪ ،‬بينما يعوق غيابه هذا النمو‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬وضع الفروض العلمية‪:‬‬

‫الفرض العلمي عبارة عن تكهن او تخمين او تفسير مؤقت لوقائع معينة لظاهرة بعينها‪ ،‬ثم يتحقق من‬
‫صدقها او خطأها عن طريق املالحظة والتجربة؛ فإما ان تصبح فرضا زائفا إن تبين خطؤها‪ ،‬او قانونا يفسر‬
‫مجرى الظواهر‪،‬‬

‫فمثال اذا لم يض يء املصباح املوضوع على املكتب‪ ،‬فإننا سنحاول اقتراح الحلول املمكنة‬
‫(الفروض)‪ -1 :‬املصباح قد احترق‪.‬‬

‫‪ -2‬او السلك لم يحكم وضعه في الفتحة‪.‬‬


‫‪ -3‬او السلك مقطوع‪ .‬والغاية من وضع الفروض العلمية وصف الظاهرة وتفسيرها‪ ،‬حتى يتم بناء العلم‪.‬‬

‫املرحلة الاخيرة‪ :‬التحقق من الفروض العلمية‪:‬‬

‫عادة ما يثبت خطأ الغالبية العظمي من الفروض؛ ألنها مجرد تخمينات‪ ،‬حتى ان اينشتين قد الحظ‬
‫ان ‪ %99‬من استنتاجاته كانت خاطئة‪ ،‬فيتعين على الباحث ان يتخلى عن اي افتراض ال يؤيده الواقع؛ ألنه ال‬
‫جدوى من فرض ال يؤكد الواقع صدقه‪ ،‬فالتحقق من الفروض مرحلة هامة لتضييق املجال الذي ينبغي أن‬
‫تقع فيه الاجابة‪ ،‬حتى يمكننا في النهاية من ان نميط اللثام عن الظاهرة‪ ،‬فاملثال السابق طبقا لهذه املرحلة‬
‫يتعين ان نفحص تلك الفروض بأن نطابقها بالواقع ليتثنى لنا الكشف عن الظاهرة‪.‬‬

‫‪ -4‬استخدام التحليل والتركيب في الاستقراء‪:‬‬

‫يستخدم املنهج الاستقرائي التحليل والتركيب (عالوة على املالحظة والتجربة) بهدف تكوين فكرة‬
‫واضحة عن الظاهرة‪ ،‬باختصار شديد التحليل هو طريقة كشف حقيقة الظواهر‪ ،‬والتركيب طريقة عرضها‬
‫والتحقق منها‪.‬‬

‫أ‪ -‬التحليل‪ :‬ما نعرفه عن الظاهرة محل البحث ليست سوى قشور خارجية؛ لذا تأتي عملية التحليل لتكشف‬
‫لنا املكونات الاساسية للظاهرة فهو ينقلنا من املجهول الى املعلوم اي من الظاهرة الى الحقيقة‪ ،‬فيقوم الباحث‬
‫بتجزئة املشكلة وعزل عناصر الش يء عن بعضها؛ بحيث يمكن إدراكة بوضوح‪ ،‬وهناك نوعان من التحليل‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫* التحليل العقلي‪ :‬يقوم به الباحث للوصول إلى بعض املعاني الجزئية الواضحة التي تتكون منها الظاهرة‬
‫(الانتقال من املجهول إلى املعلوم) عن طريق عملية ذهنية فقط كتحليل فكرة الزمن إلى ماض ي وحاضر‬
‫ومستقبل‪ ،‬وتحليل النوع الانساني إلى بعض املعاني الخاصة (ناطق‪-‬ضاحك‪-‬ماش ي‪-‬آكل)‬

‫* التحليل التجريبي‪ :‬وهو عملية مادية تستخدم العزل وتفكيك الظاهرة؛ كتحليل املاء اكسجين وهيدروجين‪.‬‬

‫ب‪ -‬التركيب‪:‬‬

‫هو العملية املكملة لعملية التركيب‪ ،‬يستعين بها الباحث للتأكد من صحة نتائج التي انتهى إليها‬
‫التحليل‪ ،‬فبعد ان يعرف الباحث (بالتحليل) املكونات الاساسية لظاهرة ما‪ ،‬فيقوم الباحث بإعادة تركيب هذه‬
‫العناصر من جديد‪ ،‬إما بنفس النسب والعالقات للتأكد من صدق املعلومات املكتسبة عن الظاهرة من خالل‬
‫اتباع نفس الخطوات املتبعة في التحليل (تركيب مقيد)‪ ،‬او بنسب وعالقات جديدة تؤدي إلى ظواهر جديدة‬
‫(تركيب مطلق)‬

‫‪ -‬وينقسم التركيب إالى نوعين‪:‬‬

‫* التركيب العقلي‪ :‬وهو عملية عقلية ينتقل فيها التفكير من بعض القضايا املسلم بصدقها إلى قضايا اشد منها‬
‫تركيبا؛ كالقياس الارسطي‪.‬‬

‫* التركيب التجريبي‪ :‬هو عملية مادية تستخدم التأليف بين العناصر املنفصلة عن بعضها او التي سبق فصلها‬
‫بالتحليل‪ ،‬للكشف عن ظواهر جديدة (باستخدام التركيب املطلق) بتغيير العناصر من الناحية الكمية‬
‫والكيفية مثل اضافة ذرة كبريت لألوكسجين والهيدروجين فنحصل على مركب جديد عن املاء‪.‬‬

‫‪ -‬فنجد ان التحليل يبسط الظاهرة بتجزئتها وفصل املؤثرات الاخرى‪ ،‬ثم يقوم الباحث بالتركيب والتأليف بين‬
‫العناصر من جديد بنفس الطريق للتأكد من النتيجة او التركيب بطرق مختلفة للوصول إلى نتائج اخرى‪ ،‬وهذا‬
‫هو الهدف الاسمى للعلم‪.‬‬

‫‪ -5‬استخدام املنهج الاستقرائي في علم الاقتصاد‪:‬‬

‫شاع استخدام املنهج الاستقرائي في دراسة الظواهر الاقتصادية‪ ،‬ولكي ينتقل الباحث الاقتصادي من الخاص‬
‫إلى العام لتعميم نتائجه البد من توافر عدة عناصر أهمها‪:‬‬

‫*العالقة بين كمية النقود وارتفاع الاسعار (نموذجا)‬

‫‪18‬‬
‫‪ -1‬وجود ظاهرة كلية غير معروفة ومن غير املمكن مالحظتها تجريبيا‪( .‬زيادة كمية النقود)‬

‫‪ -2‬وجود ظاهرة جزئية معروفة ومعلومة تجريبيا‪( .‬ارتفاع ألاسعار)‬

‫‪ -3‬وجود عالقة تبعية بين الظاهرة الجزئية والكلية‪( .‬وجود عالقة طردية بين زيادة كمية النقود وارتفاع‬
‫الاسعار)‬

‫‪ -4‬قدرة الباحث على القيام بعملية التجريد املنطقي من عالم جزئي ملموس إلى عالم كلي خفي يستعص ى على‬
‫التجريب‪ ،‬والوصول إلى نتائج تستند على اسباب تبرر استنتاجه‪ ( .‬استطاع الباحث باستخدام املنهج‬
‫الاستقرائي الوصول إلى نتيجة ثابتة؛ ان زيادة كمية النقود مع مع ثبات كمية الانتاج خاصة يؤدي إلى ارتفاع‬
‫سعر السلع )‬

‫‪ -‬فكثير من النتائج والتعميمات املتعلقة بالظواهر الاقتصادية التي نصل إليها وفقا للمنهج الاستقرائي قد ال‬
‫يتيسر الوصول إليها عن طريق التحليل الاستنباطي وحده كالكشف عن العالقات بين الدخل والطبقة‬
‫الاجتماعية وبين عادات الاستهالكية‪.‬‬

‫‪ -6‬استخدام املنهج الاستقرائي في الفكر الاسالمي‪:‬‬

‫يمكن القول‪ :‬ان الفكر الاسالمي قد سبق فالسفة ومفكرين مثل " روجر بيكون‪ ،‬وديفيد هيوم‪ ،‬وكانط‪،‬‬
‫وفرانسيس بيكون "‪ ،‬في وضع اسس املنهج الاستقرائي الذي أصبح الاداة الرئيسية للعلم الحديث في الوصول‬
‫إلى الحقيقة؛ فقد كان لاصوليون (علماء التوحيد والاجتهاد) من أول من طبق مفهوم الاستقراء بمعناه‬
‫العلمي الحديث؛ إذا استخدموا القياس معتمدين على فكرتين‪:‬‬

‫أ‪ -‬قانون العلية‪ :‬اي ان لكل معلول علة‪ ،‬فحكم او علة تحريم الخمر معلول باإلسكار‪.‬‬

‫ب‪ -‬قانون الاطراد‪ :‬اي اذا حدثت العلة تحت نفس الظروف انتجت نفس املعلول‪ ،‬فإذا كان تحريم الخمر‬
‫معلول (مسبب) باإلسكار‪ ،‬ثم وجدنا الاسكار في اي شراب آخر جزمنا بوجود التحريم فيه؛ فهناك اطراد في‬
‫وقوع الحوادث‪.‬‬

‫‪ -‬فالقياس ألاصولي يوضح مدى عبقرية الفكر الاسالمي حيث توصل إلى املنهج الاستقرائي في أكمل صورة؛‬
‫فقد اقاموا القياس ألاصولي واملحدثون اقاموا الاستقراء مستندين على التجربة ألنها اساس القياس‪ ،‬كما ان‬
‫الفالسفة وعلماء املسلمين من اول من اقر باألهمية البالغة للتجربة كمصدر لتقدم العلوم والاكتشافات‬

‫‪19‬‬
‫الجديدة؛ فابن خلدون كان من اول من استخدم الطريقة الاستقرائية؛ حيث ذكر ان املقصود بالتاريخ ليس‬
‫سرد الايام‪ ،‬وإنما نظر وتحقيق وتعليل الاحداث السابقة‪ ،‬وهو ما استلهمه الكاتب الانجليزي بيكون باالعتراف‬
‫بأهمية املنهج التاريخي‪.‬‬

‫‪ -‬كما شهد القرن الثاني عشر امليالدي احد رواد املذهب التجريبي‪ ،‬وهو ابن طفيل بعد ظهور رائعته "حي بن‬
‫يقظان" في الوقت الذي كان الفكر الاوروبي يحارب التجارب وينظر إليها كنوع من السحر والشعوذة‪.‬‬

‫‪ -‬واملنهج الاستقرائي في الفكر الاسالمي يحدث ترجيحا ال تأكيدا؛ إدراكا منه للقيود التي ترد على العقل‬
‫والحواس‪ ،‬فقد أكد جابر بين حيان أنه مبني على العادة‪ ،‬وخرق العوائد ممكن‪ ،‬تشهد بذلك املعجزات إلالهية‪،‬‬
‫فمن العادة ان النار تحرق‪ ،‬ولكن ابراهيم ألقي في النار‪ ،‬ولم يحترق‪.‬‬

‫‪ -‬كما انتهى ابن طفيل إلى ان العقل النظري غير قادر على اثبات عالقة سببية ضرورية بين السبب والنتيجة‪،‬‬
‫والفكر الاسالمي بذلك يسبق رجال املنهج العلمي في العصور الحديثة الذين يكاد ينعقد اجماعهم على‬
‫احتمالية النتائج العلمية املبنية على الاستقراء فيما يعرف بـ "مشكلة الاستقراء" او "مشكلة هيوم"‬

‫‪ -‬وقد انتبه علماء املسلمين إلى عقم املنهج اليوناني القائم على القياس الصوري (الاستنباط) املتمثل في‬
‫الانتقال من العام إلى الخاص؛ ومن ثم كان منهجا عقيم ال يكشف عن حقائق جديدة‪ ،‬والتقدم العلمي ال‬
‫يحدث إال باكتشاف الجديد وهو ما يعزى للفكر الاسالمي الذي تمكن من التوصل إلى الاستقراء التجريبي‪ ،‬وقد‬
‫اقر بريفليت ‪ Brifault‬في كتاباته ان الفضل في اكتشاف املنهج التجريبي في اوروبا ال يرجع إلى بيكون ولكن إلى‬
‫علماء املسلمين‪.‬‬

‫*وبذلك يمكن القول أنه اذا كانت العلوم الطبيعية عند اليونان دراسات فلسفية ميتافيزيقية تقوم على منهج‬
‫عقلي استنباطي‪ ،‬فقد تحولت على أيدي املسلمين إلى دراسات علمية تستند إلى منهج تجريبي استقرائي‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫اغسطس ‪2015‬‬

‫أكتب في أهداف العمل البحثي‪.‬‬

‫لم تولد العلوم من تلقاء نفسها‪ ،‬وإنما كشفت عنها بحوث الافراد التي اجريت في املجاالت املختلفة‪،‬‬
‫ويتسم البحث نشاط البحث العلمي بالخطورة والتعقيد والتكاليف املرتفعة فضال عن استغراقه وقتا طويال‪،‬‬
‫وال يحقق املرجو منه إال بعد فترة زمنية طويلة‪ ،‬ويتمثل الهدف الاساس ي للعمل البحثي في خلق املعارف والعمل‬
‫على نشرها وتطبيقها في الواقع العملي‪:‬‬

‫‪ -1‬فالنظام البحثي يعمل على خلق املعارف العلمية‪ ،‬التي لن تكون لها اهمية على الخريطة الاقتصادية إال إذا‬
‫اتخذت شكل مخترعات او منتجات جديدة او ساهمت في تطوير ما هو موجود فعال؛ ولذلك يقسم البعض‬
‫املعارف إلى اربعة انواع‪:‬‬

‫أ‪ -‬معارف عامة‪ :‬وهي تعتمد على فرق بحثية وتقبل التطبيق على كافة القطاعات الاقتصادية‪.‬‬
‫ب‪ -‬معارف خاصة‪ :‬وهي يحيط بها فريق بحثي معين وتتعلق بحرفة او صناعة معينة بحيث يتعذر أن يوجد لغير‬
‫هذا املجال‪.‬‬
‫ج‪ -‬معارف فردية‪ :‬وهي معارف متوفرة لدى فرد او عدد قليل من الفريق البحثي‪ ،‬تتمثل في النتائج التي يكتسبها‬
‫الباحث من طول التمرس‪ ،‬ومن الصعب قياس منافع هذا النوع من املعارف‪.‬‬
‫د‪ -‬معارف هامشية‪ :‬وهي املعارف التي تتخذ شكل افتراضات التي يظل الخبراء محتفظينها لعلها تكون نافعة‬
‫فيما بعد؛ لهذا فهي غير نافعة حاليا لكن قد تكون نافعة مستقبال‪.‬‬

‫‪ -2‬النظام البحثي يسعى إلى نشر وتطبيق هذه املعارف؛ فأهمية البحوث تتحد بمقدار ما يكون لها من وزن‬
‫اقتصادي‪ ،‬أي بمقدار توزيعها ونشرها على نطاق واسع‪ ،‬وذلك هو املشاهد في املعارف التي افرزت التطورات‬
‫التكنولوجية السابقة والحالية‪ ،‬ويمكن تقسيم املعارف التي يجرى نشرها إلى اربعة انواع‪:‬‬

‫أ‪ -‬معارف موضوعية‪ :‬كاملحاسبة واملنطق وقوانين الطبيعة‪ ،‬وهي معارف واضحة وقابلة للتحول عبر الكالم‪،‬‬
‫وتتطور بدون توقف مع تطور العلم‪.‬‬

‫ب‪ -‬معارف جماعية‪ :‬مثل قواعد القيادة‪ ،‬وهي معارف مشتركة بين الافراد ذات طبيعة ضمنية أصال‪ ،‬وهي‬
‫توجه التصرف الفردي كما توجه التصرف الجماعي‪ ،‬وهي تحول بالكالم والفعل‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ج‪ -‬معارف واعية او مدركة‪ :‬وهي املعارف املصاغة او املقننة‪ ،‬وتكون ملكا للشخص الذي يلقنها‪ ،‬وهي املحازة‬
‫بواسطة املهنيين (الاطباء والكيميائيين والاقتصاديين‪ )..‬الذين يعرفون وسائل التصرف واستخدام املناهج‬
‫املصاغة ألداء مهنهم‪.‬‬

‫د‪ -‬معارف آلية‪ :‬وهي املعارف الضمنية الشخصية وغير الواعية والتي تسمح للشخص ان يفهم وأن يطور‬
‫املعارف املدركة‪ ،‬والتي نتحصل عليها من خالل التعلم من خالل التمرس‪.‬‬

‫‪ -‬ان الترابط بين خلق املعارف التكنولوجية ونشرها يرجع ببساطة إلى أن املعرفة التكنولوجية متراكمة تنبني‬
‫على اجيال متتابعة تنتمي إلى ذات نوع املعرفة املبتكرة‪ ،‬ومن النادر أن يشهد الواقع العملي ابتكار فريد منفصل‬
‫عن املاض ي التكنولوجي‪" ،‬فنحن اقزام تصعد على اكتاف العظماء" كما عبر نيوتن عن هذه الحقيقة‪.‬‬

‫‪ -‬ونشاهد هذه الحقيقة في شتى املجاالت العلمية‪ ،‬فالعربات والطائرات مثال تطلبت من اجل التوصل إليها‬
‫عدد ال حصر له من املعارف العلمية املتنوعة‪ ،‬فعلى خالف املهارة الخاصة لإلنسان التي تموت بموته‪ ،‬نجد ان‬
‫املعرفة التي ينتجها إلانسان تظل باقية تخلد ثراه كاكتشاف قانون علمي او تصميم آلة او برنامج‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الكتاب الثاني‬
‫مايو ‪2017‬‬

‫تكلم عن هيكل البحوث العلمية‪.‬‬

‫أوال عنوان البحث او الرسالة‪:‬‬

‫وهي اول صفحة في الرسالة‪ ،‬وتضم عنون الرسالة‪ .‬اسم الباحث‪ .‬الدرجة العلمية التي يرغب في‬
‫الحصول عليها‪ .‬اسم الكلية او املعهد والقسم‪ .‬العام الدراس ي‪ .‬والبد ان يتناسب العنون مع املوضوعات التي تم‬
‫بحثها‪.‬‬

‫ثانيا التقدير والاعتراف‪:‬‬

‫وهي الورقة التي تلي العنوان مباشرة‪ ،‬وغالبا ما يكون عنوانها‪ :‬تقدير واعتراف‪ ،‬او شكر وتقدير او نحو‬
‫ذلك‪ ،‬ويحرص فيها الباحث على الاعتراف باليد التي قدمت له مساعدات اثناء إعداد الرسالة‪ ،‬ثم يتقدم‬
‫الباحث بالشكر للجنة الحكم على الرسالة‪ ،‬ثم يأتي الشكر للمشرف بشكل مناسب له‪ ،‬ثم فقره مجملة يشكر‬
‫فيها الاساتذة الذين ساعدوه واملكتبات والجهات التي ساعدته في الحصول على مراجع البحث‪.‬‬

‫ثالثا املقدمة‪:‬‬

‫وهي الواجهة الاولى للرسالة‪ ،‬والغرض منها تحضير ذهن القارئ لتقبل موضوع البحث‪ ،‬وال بد ان تكون‬
‫مسلسة الافكار بأسلوب واضح خالي من التفكك والتكلف‪ ،‬ويفضل الانتقال من موضوع الى اخر بخفة ورشاقة‬
‫دون مواضيع جانبية بحيث يسترسل القارئ في القراءة دون ملل او تشتت‪ ،‬وان تكون مختصرة ( من ‪3:6‬‬
‫صفحات) حتى ال تصبح بحثا داخل البحث‪ ،‬فاملقدمة بمثابة مرشد امين للقارئ عن النقاط الرئيسية‬
‫للموضوع وأهميته وكيفية تناوله‪ ..‬وغالبا ما تحتوي على العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬وصف موضوع البحث بدقه‪ ،‬وتحديد إطار دراسته ببيان الى اي مدى تطورت قبل ان يعالجها هو‪ ،‬والاشارة‬
‫الى الدراسات العلمية السابقة لنفس املوضوع‪ ،‬وإلاضافات التي ستحققها الدراسة الجديدة للباحث‪.‬‬

‫‪ -2‬الاشارة إلى اهمية املوضوع من الناحية العلمية او العملية‪ ،‬وتوضيح اسباب اختيار موضوع البحث‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -3‬تحديد املنهج الذي اتبعه الباحث سواء في جمع املادة العلمية او في معالجة موضوعات البحث؛ ألن‬
‫املوضوع املعالج يتأثر باملنهج املستخدم‪ ،‬وكل منهج يؤدي الى نتائج مختلفة‪.‬‬

‫‪ -4‬تحديد مجاالت البحث الثالثة‪ :‬البشري‪ ،‬واملكاني (البيئة التي تتعلق بها الدراسة)‪ ،‬والزماني (النطاق الزمني‬
‫للبحث)‬

‫‪ -5‬تحديد فروض جوهرية ومحدودة للدراسة والتي تمثل الحلول املحتملة للمشكلة‪ ،‬والتي يتعين ان تكون‬
‫مرتبة حسب خطة البحث‪ ،‬فإذا كانت خطة البحث مكونة من ‪ 3‬فصول نضع على الاقل ‪ 3‬فروض موزعة على‬
‫الفصول الثالثة‪.‬‬

‫‪ -6‬وصف املراجع الاساسية التي اعتمد عليها‪ ،‬واهميتها‪ ،‬ومدى الاستفادة منها‪ ،‬ويفضل تقسيمها الى‬
‫مجموعات‪ ،‬بحيث يربط بين كل مجموعة وبين دراسة نقطة معينة في الرسالة‪.‬‬

‫‪ -7‬التطرق الى الصعوبات التي واجهت الباحث‪.‬‬

‫‪ -8‬مشتمالت او خطة البحث‪ ،‬اي العناوين الرئيسية للبحث‪( ،‬اهم محتوياته ومحاوره) بشكل مختصر ومترابط‬
‫حتى يكون القارئ صورة عامة عن مضمونه‪ ،‬وعلى الباحث ان يحاول اقناع القارئ بمنطقية ومبررات تقسيم‬
‫البحث بهذه الصورة‪ ،‬ويختتم الدراسة بخاتمة تحتوي على اهم الاستنتاجات التي توصل اليها ومقترحاته‪.‬‬

‫ويجب مراعاة ثالث اشياء اساسية عند كتابه محاور الدراسة وتمثل مفاصل البحث‪:‬‬

‫أ‪ -‬ماهية املوضوع‪ .‬ب‪ -‬تحليل الواقع الحالي له‪ .‬ج‪ -‬إسهام الباحث في تطوير هذا الواقع‪.‬‬

‫رابعا صميم جسم البحث (املادة العلمية للبحث)‪:‬‬

‫وهو يمثل جوهر البحث؛ فهو املرحلة العلمية التي قضاها الباحث في ربوع املوضوع وتخومه‪ ،‬ويشمل‬
‫عددا من ابواب الرسالة وتقسيماتها الفرعية مثل (فصل‪ .‬مبحث‪ .‬مطلب‪ .‬فرع‪ )..‬ويجب مراعاة ان يسلم كل‬
‫باب إلى ما يليه‪ ،‬وكذلك كل فصل‪ .‬فمثال (الباب الاول يحتوي على الافكار الاساسية في البحث‪ ،‬وتحديد‬
‫املفاهيم العلمية للظواهر املدروسة‪ ،‬والباب الثاني يتعرض لتطبيقاته الخاصة‪ ،)..‬وعلى الباحث ان يستفتح‬
‫تقسيمات الفصول واملباحث بعرض يوضح النقاط الاساسية التي سيتناولها في الجزئية موضع الدراسة‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫خامسا مكمالت البحث‪ :‬وتشتمل على املوضوعات التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬الخاتمة والتوصيات‪:‬‬

‫وهي التقرير النهائي للبحث‪ ،‬فهي تحتوي على خالصة أفكار البحث التي تبلورت بوضوح في نهاية الرحلة‬
‫العلمية‪ ،‬فيجب ان تكون منظمة الصياغة وان يستبعد منها النتائج الخيالية التي ال تقبل التطبيق‪.‬‬

‫وكلما تعمق الباحث في موضوع بحثه بالتحليل والوصف واملقارنة‪ ،‬كلما زادت استنتاجاته العلمية ومقترحاته‬
‫املنطقية القابلة للتطبيق‪ ،‬وعادة ما تشتمل الخاتمة على ثالث عناصر‪:‬‬

‫أ‪ -‬تلخيص موضوع البحث ومحاوره الرئيسية باختصار شديد بحيث ال يتجاوز الصفحة الواحدة‪.‬‬

‫ب‪ -‬نتائج البحث‪ :‬وهي الحقائق الاصيلة التي توصل اليها الباحث والتي تفرد بها الباحث من دون الدارسين‬
‫السابقين‪ ،‬فترد في نهاية البحث تتويجا لكل مراحل البحث‪.‬‬

‫ج‪ -‬التوصيات‪ :‬وهي مجرد آراء للباحث تعرض بعد النتائج‪ ،‬وهي مختلفة عن النتائج‪ ،‬حيث ان النتائج هي ما‬
‫توصل إليه الباحث في بحثه‪ ،‬اما التوصيات في نتاج عقلي تتعلق بموضوع البحث وتخدم النتائج‪ ،‬ومنها‬
‫توصيات تطبيقية عملية تفيد صانعي القرار‪ ،‬او توصيات علمية او اكاديمية تفيد باحثين آخرين‪.‬‬

‫‪ -2‬املالحق‪ Appendix:‬فتوزع معلومات وافكار الرسالة على ثالثة مواقع‪:‬‬

‫أ‪ -‬متن الرسالة‪ :‬يقتصر على املوضوعات الهامة والجوهرية املتعلقة بموضوع الرسالة؛ وذلك لتفادي إلاطالة‬
‫والاستطراد واملحافظة على تسلسل الافكار املعروضة‪.‬‬

‫ب‪ -‬تذاييل املتن (الهوامش)‪ :‬وتوضع به املوضوعات غير الجوهرية املتعلقة بموضوع الدراسة‪ ،‬وهي موضوعات‬
‫ال تحتوي على تفصيالت واسعة‪ ،‬وليست حاسمة في قيمة البحث وصالحيته‪.‬‬

‫ج‪ -‬املالحق‪ :‬وهي معلومات غير جوهرية متعلقة بموضوع الدراسة وال يمكن وضعها في التذييل (الهامش)‬
‫الحتوائها على تفاصيل طويلة؛ لذلك يتم وضعها في ملحق مستقل في نهاية الرسالة‪ ،‬وقد يشتمل امللحق رسوم‬
‫بيانية او احصائية او تقارير او وثائق رسمية وغير رسمية‪ ..‬فهي بمثابة سجل إداري للبحث او ارشيف لوثائقه‬
‫ويأتي بعد الخاتمة‪.‬‬

‫‪ -3‬الفهارس‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫يجب ان يتقن الباحث عمل فهارسه؛ حتى يتحقق الغرض منها في تحقيق الاستفادة التامة للقارئ من كل‬
‫محتويات الكتاب بأقص ى سرعة‪ ،‬وتنقسم الفهارس إلى نوعين‪:‬‬

‫أ‪ -‬فهرس املراجع (قائمة املراجع)‪:‬‬

‫وهي آخر ما يكتبه الباحث‪ ،‬وهي عنوان شرف البحث وبراءته ودليل صدق الاصول التي افرزته‪ ،‬وعلى الباحث‬
‫ان يدون املراجع طبقا ملا هو متعارف عليه بين الباحثين‪ ،‬فال تشمل سوى املراجع التي استفاد منها الباحث‬
‫وذكرها في الهامش والتي اسهمت في تشكيل الرسالة وتغذيتها باملعلومات العلمية‪ ،‬وهناك طريقتين لتوثيق‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬

‫* الترتيب الهجائي للمراجع‪ :‬بحيث ترتب املراجع حسب الحروف الهجائية‪ ،‬بأن تكتب البيانات بالكامل (اسم‬
‫املؤلف‪ ،‬اسم املترجم‪ ،‬عنوان املؤلف‪ ،‬الناشر‪ ،‬مكان الناشر‪ ،‬تاريخ النشر‪ ،‬رقم الطبعة‪ )..‬حتى يسهل على‬
‫الباحثين معرفتها والاطالع عليها عند حاجتهم إلى ذلك‪ ،‬وتختتم القائمة بذكر املراجع التي ال يعرف مؤلفوها‪،‬‬
‫فاألحكام القضائية‪ ،‬فاملجالت العلمية‪ .‬وتأتي املراجع العربية قبل الاجنبية مع مراعاة التالي‪:‬‬

‫‪ -‬ان يكون الترتيب هجائيا ال يعتد فيه بألفاظ التعريف مثل‪ :‬أل التعريف كأسم السيد‪ ..‬ولفظ بني‪،‬وأبي‪ ،‬وابن‪.‬‬
‫وذى‪ ..‬فيكتب ابن حزم في حرف ال الحاء‪ ،‬والغزالي في حرف الغين وهكذا‪..‬‬

‫‪ -‬ليس من املستحسن البدء بكنية الباحث (لقبه) وليس اسمه املباشر‪.‬‬

‫* الترتيب النوعي للمراجع‪ :‬بأن ترتب املراجع حسب طبيعة او نوع املرجع‪ ،‬مع مراعاة الترتيب الهجائي على هذا‬
‫النحو‪:‬‬

‫أ‪ -‬املؤلفات العامة‪.‬‬

‫ب‪ -‬البحوث واملؤلفات املتخصصة‪.‬‬

‫ج‪ -‬الرسائل العلمية‪.‬‬

‫د‪ -‬املقاالت والتقارير‪.‬‬

‫‪ -‬ويفضل اتباع الطريقة الثانية إلظهار مدى تنوع مراجع الباحث‪.‬‬

‫ب‪ -‬فهرس املحتويات او املوضوعات‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫يكشف فهرس املحتويات عما في باطن البحث من خفيات قد يصعب الوصول‪ ،‬فهي تكشف عناوين البحث في‬
‫صفحة او صفحتين‪ ،‬وتشمل مايلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬املقدمة‪ ،‬ويفضل استخدام الترقيم الابجدي لترقيم صفحات املقدمة واملالحق‪.‬‬

‫ب‪ -‬فهرس املادة العلمية (الابواب< الفصول< املباحث< املطالب< الفروع< النقاط الرئيسية التي يود ذكرها في‬
‫الفهرس)‪.‬‬

‫ج‪ -‬فهرس الجداول والرسوم واملالحق‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫تكلم عن طرق الكتابة املبدئية‪.‬‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫بعد وضع الخطة‪ ،‬وبعد جمع املراجع وقراءتها‪ ،‬تختمر افكارها في ذهننا‪ ،‬ويتولد لدينا شعور بالرغبة إلى‬
‫الكتابة وتدوين ما يدور بالذهن من افكار‪ ،‬هذه هي مرحلة البحث والتي تمثل مرحلة إلاخراج الفعلي ألفكار‬
‫الباحث وبلورتها؛ فهي الخطوة الضرورية إلبراز البحث من حيز التفكير إلى حيز الوجود‪.‬‬

‫* طرق الكتابة املبدئية‪:‬‬

‫هناك ثالثة طرق للكتابة املبدئية‪:‬‬

‫‪ -1‬طريقة إلافراغ املادي للمادة العلمية‪ -2 .‬طريقة إلافراغ الفني للمادة العلمية‪ -3 .‬طريقة إلافراغ املختلط‬
‫للمادة العلمية‪.‬‬

‫‪ -‬أوال طريقة إلافراغ املادي للمادة العلمية‪ :‬تمر بثالث خطوات‪:‬‬

‫الخطوة لاولى‪ :‬ترتيب الافكار‪ ،‬وهي ان يقوم الباحث بتفريغ النصوص التي جمعها لكل جزء في مكانها‪ ،‬بمعنى‬
‫ان ما يخص املطلب الاول مثال يوضع تحت املطلب الاول بشكل مرتب يوحي بتسلسل الفكرة وتطورها‪.‬‬

‫الخطوة الثانية‪ :‬تربيط الافكار‪ ،‬وهي ان يقوم الباحث بملء الفراغات التي توجد بين النصوص‪ ،‬من خالل‬
‫الربط بين بعضها البعض‪ ،‬او التعليق عليها‪.‬‬

‫الخطوة الثالثة‪ :‬قراءة الافكار‪ ،‬وهي ان يقرأ الباحث النصوص التي قام بكتابتها لينظر مدى الانسجام بينها‬
‫وبين ما اضافه الباحث‪ ،‬فيعدل ويضيف ويلغي فيما كتب من اجل الوصول إلى أفضل صورة يخرج بها‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪ -‬وعلى الرغم من بساطة هذه الطريقة للمبتدئين إال إنها تنتهي بقتل إلابداع لدى الباحث‪ ،‬فعلى املستوى‬
‫الفكري‪:‬‬
‫تقض ي على الابداع والابتكار فال مجال ألفكار ليس لها جذور في النصوص‪ ،‬فال يضيف الباحث شيئا من‬
‫عصارة عقلة‪.‬‬
‫وعلى مستوى الشكل والصياغة‪ ،‬تظهر لغة البحث في صورة مفككة؛ ألن مهمة الباحث اقتصرت على الربط‬
‫بين النصوص‪ ،‬مما يظهر عدم التناسق بين النصوص‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫والخالصة‪ :‬أن دور الباحث يستوجب أن يركب املعلومات ذهنيا وهو ما يستوجب أن يلم بفحوى مادته‪ ،‬اما‬
‫طريقة إلافراغ املادي لخليط غير منظم من الحقائق الخام في صورة رسالة‪ ،‬فإنه يعدم الشخصية البحثية‬
‫للطالب وتصيب بحثه بآفة فقدان الطعم واللون‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬طريقة إلافراغ الفني للمادة العلمية‪ :‬وتمر بثالث خطوات‪:‬‬

‫الخطوة الاولى‪ :‬ترتيب كل جزئية في الرسالة او البحث بشكل متسلسل يخدم الفكرة التي تحوم حولها‪.‬‬

‫الخطوة الثانية‪ :‬قراءة هذه النصوص وهضمها‪ ،‬بحيث ال يقوم بالكتابة إال بعد نضج معلوماتها في ذهنه‪.‬‬

‫الخطوة الثالثة‪ :‬وهي ان يقرأ كل جزئية منفصلة (فصل او مبحث او مطلب‪ )..‬قد انتهى من كتابتها ليرى مدى‬
‫انسجام الفقرات فيها‪ ،‬والتأكد من ان الافكار املطروحة فيها أخذت مكانها املناسب في هيكل البحث‪.‬‬

‫‪ -‬وتمتاز هذه الطريقة بأنها تجعل اسلوب البحث متماسكا حسن الصياغة من الناحية الشكلية‪ ،‬كما ان‬
‫تسلسل ووضوح الفكرة في ذهن الباحث تقوده إلى وجهات نظر من بنات افكاره تغاير ماورد بالنصوص‬
‫املجمعة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬طريقة إلافراغ املختلط للمادة العلمية‪:‬‬


‫ً‬
‫إن أفضل طرق الكتابة للناشئة من الباحثين‪ ،‬هي الطريقة املختلطة التي تجمع بين إلافراغ املادي والفني معا‪،‬‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يبدأ الباحث بطريقة إلافراغ املادي بخطواتها املختلفة؛ فبذلك يتحقق له نوع من التحفيز املعنوي على‬
‫مواصلة البحث‪ ،‬فكأنه يتعامل مع مرجع واحد بدال من التعامل مع مراجع عديدة متناثرة‪.‬‬

‫‪ -2‬ثم يعقب إلافراغ املادي طريقة إلافراغ الفني‪ ،‬بأن يعيد الصياغة التي أفرزتها طريقة إلافراغ املادي بأسلوبه‬
‫الخاص‪ ،‬واستبعاد ما قد يتكرر منها من لفظ او جملة او فقرة‪ ،‬وتجديد عرضه لها بما يراه أنسب وأكثر‬
‫إيضاحا‪ ،‬وأال يقتبس نصا حرفيا لفقرة او أكثر إال مضطرا‪..‬‬

‫‪ -3‬يتعين على الباحث أن يتسلح باألدوات التي تعينه على إخراج بحثه في احسن صورة أقرب إلى القبول‪ ،‬وهي‬
‫التي تعارف على تسميتها اختصارا "لغة البحث" فاللغة هي وعاء الفكر والباحث الناجح يحسن التعبير عن‬
‫افكاره بلغة صحيحة دون ان يخنقها بمسائل هامشية او تكرار او إسهاب او اختصار مخل؛ ألن اللغة هي‬
‫النافذة التي يطل منها القارئ على محتوى افكار بحثه‪ ،‬فهي لسان البحث وصوته املكتوب‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫* بعض الاخطاء الشائعة التي يقع فيها الباحث مثل‪:‬‬

‫كلمات خاطئة تلوكها لالسنة‪:‬‬


‫ً‬
‫‪-‬استخدام كلمات أجنبية بدال من العربية كالكمبيوتر بدال من الحاسوب‪ ،‬والبنك بدال من املصرف‪.‬‬
‫ً‬
‫سماء؛ ألن ما قبلها ألف‪.‬‬ ‫‪ -‬سماءا‪ ..‬والاصح‪:‬‬
‫‪ -‬إمكانيات‪ ..‬والاصح‪ :‬إمكانات‪.‬‬
‫‪ -‬رئيسية‪ ..‬وألاصح‪ :‬رئيسة‪.‬‬
‫‪ -‬الفعالية‪ ..‬والاصح‪ :‬الفاعلية‪.‬‬
‫* عبارات تنطوي على خطأ شائع مثل‪:‬‬
‫‪ -‬الغير مباشرة‪ ،‬والاصح‪ :‬غير املباشرة‪ - .‬سبق واشرنا‪ ،‬والاصح‪ :‬سبق ان اشرنا‪.‬‬
‫‪ -‬ال يزيد عن‪ ،‬والاصح‪ :‬ال يزيد على‪ ،‬وعكسها ال ينقص عن‪.‬‬
‫‪ -‬كان حديثه قاصرا على‪ ،..‬والاصح‪ :‬كان حديثه مقصورا على‪.‬‬

‫‪ -‬أثر عليه‪ ،‬والاصح‪ :‬أثر فيه‪ – .‬ينبغي عليه‪ ،‬والاصح ينبغي له‪.‬‬
‫‪ -‬انا واثق فيه‪ ،‬والصواب‪ :‬أنا واثق بك‪ – .‬الكذب فعل مشين‪ :‬شائن‪ ، .‬وكلي آذن صاغية‪ ،‬والصواب‪:‬‬
‫كلي آذن مصغية‬
‫‪ -‬في بادئ ألامر‪ :‬في بدء ألامر‪ – .‬كلما اجتهدت كلما تفوقت‪ ،‬الصواب‪ :‬كلما اجتهدت تفوقت؛ ألن كلما‬
‫الشرطية ال تتكرر في الجملة‪ – .‬تحققت من الامر‪ :‬تحققت الامر‪.‬‬
‫‪ -‬مما يؤسف له‪ ،‬مما يؤسف عليه‪ – .‬حوالي خمسين رجال‪ ،‬الصواب‪ :‬قرابة‪ ،‬زهاء‪ ،‬نحو‪ ..‬خمسين‬
‫رجال‪ – .‬من العيب نكران الجميل‪ :‬من العيب إنكار الجميل‪.‬‬
‫‪ -‬سقط إلى ادنى الدرجات‪ ،‬الصواب‪ :‬سقط إلى ادنى الدركات؛ ألن الدرجة في الصعود‪.‬‬
‫‪ -‬ال أكترث بهذا ألامر‪ :‬ال أكترث لهذا الامر‪ – .‬نفس الش يء ‪ :‬الش يء نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬قد ال يعرف فالن كذا‪ :‬قد يجهل فالن كذا؛ ألنه ال يحسن الفصل بين قد والفعل‪.‬‬
‫‪ -‬ويتعين على الباحث ان يدون بحثه بأسلوب علمي‪ ،‬إال ان ذلك ال يمنع من تطعيمه ببعض الادبيات‪،‬‬
‫فال مانع من استعارة بعض ألفاظ ومفاهيم العلوم الاخرى‪ ،‬متى كانت ضرورية كي يرصع كتابته‬
‫ويبرزها‪ ،‬وعلى الباحث ان يتخلص من عقده الذنب في التخلص من غير املفيد بسبب ما بذله من‬
‫مجهود في جمعه‪ ،‬كما يجب ان يتجنب إلاسهاب والاستطراد بكل انواعه‪.‬‬

‫‪30‬‬

You might also like