الفهم السوسيولوجي لظاهرة الرسوب المدرسي

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫الفهم السوسيولوجي لظاهرة الرسوب املدرسي ‪ :‬أزمة تلميذ أم تلميذ يف أزمة؟‬


‫د‪ .‬ب ــودب ــزة ن ـ ــاص ـ ـ ـر‬
‫جامعة قاصدي مرابح ورقلة‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫من خالل هذا املقال سنحاول ولوج مؤسسة املدرسة‪ ،‬وهي أهم مؤسسات التنشئة االجتماعية احلديثة ابملفهوم‬
‫الدوركاميي‪ ،‬من أجل البحث عن مراكز السلطة يف املدرسة‪ ،‬واآلليات اليت تتحكم هبا‪ ،‬وطبيعة عملها يف جماالت‬
‫التفاعل( داخل الفصل الدراسي‪ ،‬داخل املدرسة‪ ،‬يف حميط املدرسة‪ ،‬مع مجاعة الرفاق‪ ،‬يف احملتوى الرتبوي‪ )...‬كثريا‬
‫ما كانت املدرسة حمل انتقادات على مستوى أدائها أو خمرجاهتا‪ ،‬وهذا ما ستدعى جهود سياسية الحتواء األزمة‪،‬‬
‫ومن أهم احملاور اليت مت الرتكيز عليها الرسوب املدرسي‪ ،‬ابعتباره مؤشر على عقم النظام الرتبوي جملتمع ما‪ ،‬غري أن‬
‫ما يالحظ يف جل الدراسات األكادميية حول هذه الظاهرة‪ ،‬جيد أن النظرة كانت حمصورة يف امليدان‬
‫السيكولوجي‪ ،‬وأصبح الرسوب حالة نفسية للفرد املتأزم نفسيا من حاالت قلق االمتحان‪ ،‬والشعور ابإلحباط‪،‬‬
‫والسلوك غري السوي يف الشخصية وغريها من األوصاف االستبطانية الذاتية‪ ،‬كان من الضروري أن نشري إشارة‬
‫بسيطة مدققة للطرح السوسيولوجي حول الرسوب املدرسي كونه ظاهرة اجتماعية تفسر اجتماعيا‪ ،‬سواء يف الواقع‬
‫الرتبوي اجلزائري أو العاملي‪ ،‬حىت تتضح الصورة الكلية للمربني سواء كانوا مدراء مؤسسات تربوية‪ ،‬أو أساتذة‪ ،‬أو‬
‫التالميذ‪.‬‬ ‫أولياء‬
‫عم لت سوسيولوجيا الرتبية منذ والدهتا على إعطاء الفهم االجتماعي املوضوعي للظواهر الرتبوية‪ ،‬اليت كانت يف‬
‫الغالب تتقاذفها املفاهيم السيكولوجية اليت زادهتا غموضا‪ ،‬ألن الرسوب خيتلف من جمتمع إىل أخر‪ ،‬وهذا ما يفسر‬
‫أن الرسوب املدرسي ظاهرة اجتماعية‪ ،‬تتطلب فهم العوامل االجتماعية اليت تعمل على إعادة إنتاجها يف اجملتمع‬
‫اجلزائري ‪.‬‬
‫وكان اهتمام السوسيولوجيا اجلزائرية منصب على دراسة املدرسة من منظور علوم الرتبية‪ ،‬وهذا ما شتت االنتباه‬
‫إىل املوضوعات االجتماعية داخل املدرسة‪ ،‬وأمهها ظاهرة الرسوب واليت وضعت األسرة يف مأزق ألهنا تقف أمام‬

‫‪1‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫طموحها واملتمثل يف حراك أبنائها من خالل املسار الدراسي‪ ،‬كانت النظرة الكالسيكية تنظر إىل الفعل التعليمي‬
‫على أنه حمدد مسبقا حسب املكاانت االجتماعية وطبيعة الدور يف احلياة االجتماعية‪ ،‬غري أن الواقع االجتماعي‬
‫غين ابلتجارب يف ظاهرة الرسوب وعالقتها مبا هو اجتماعي وماهو خاص ابلفرد الفاعل‪ ،‬وميكن أن نلخص‬
‫التايل ‪:‬‬ ‫التساؤل‬ ‫يف‬ ‫اإلشكال‬
‫هل الرسوب املدرسي مشكلة أم آلية إلعادة اإلنتاج االجتماعي يف اجملتمع؟ وهل الرسوب خيار للدولة لالنتقاء أم‬
‫هو عدم قدرة األسرة على التكيف مع النظام االجتماعي؟ كيف نفسر عدم قدرة األبناء على مواصلة املسار‬
‫الدراسي أو التقهقر فيه؟ هل هي أزمة تلميذ أم تلميذ يف أزمة؟ إذا كان الرسوب املدرسي يشكل خطر كبري على‬
‫اجملتمع‪ ،‬كيف نقيم النجاح املدرسي يف اجملتمع؟ هل السياسة الرتبوية اجتماعية أم سياسة انتقائية؟‬

‫والرتبوي‪:‬‬ ‫النفسي‬ ‫بني‬ ‫املدرسي‬ ‫الرسوب‬


‫الرسوب املدرسي يف العادة يطال التالميذ ضعاف النتائج والشخصية كذلك‪ ،‬كما يؤثر الرسوب على مصادر‬
‫اخلوف النفسي وذلك بسبب احمليط العائلي الذي مل يستدمج قيم املدرسة يف األجيال املتعاقبة‪ ،‬غري أن "أان‬
‫فرود ‪"Anna Freud‬تؤكد على آليات الدفاع عن األان‪ ،‬واليت تقع يف حدود الوعي أو الالوعي وهي تشكل‬
‫حدود للسلوكات املكيفة والسلوكات العصابية يف مواجهة الرسوب‪ ،‬وابلنسبة لألطفال الذين يعانون الضعف من‬
‫الصعب التخلص منه أو االبتعاد عنه ابالعتماد على قواهم وحدهم‪ ،‬ولذلك جيب إتباع سبل وسطى مابني املرض‬
‫املستعصي والتكيف اجملسد واللذان يبنيان آليات الدفاع عن األان يف مواجهة الرسوب أو أي صعوابت أخرى ‪.‬‬
‫إن أي طفل يواجه الرسوب بطريقة أو أبخرى‪ ،‬فهو جيرب أن يواجه بنفسه ضد هذا الرسوب‪ ،‬ورد الفعل الدفاعي‬
‫الذي ميثل خمطط نفسي يسمح بوضع رهان جيسد يف ما أطلقت عليه "أان فرود" مبكانزمات الدفاع عن األان‪،‬‬
‫والذي يعمل على التعويض عن هذا الرسوب‪ ،‬وهذه اآللية تعمل ملواجهة الصعوابت اليت تواجه الفرد خالل‬
‫حياته ‪.‬‬
‫يف العموم نظرة علم النفس إىل الرسوب هو حالة نفسية تعاجل من خالل بناء مكانزمات ذاتية لتمكن النفس من‬
‫مواجهة هذا احلالة اليت تسبب املعاانة لذات الطفل‪ .‬إن مفهوم الطفل يف وضعية الرسوب املدرسي يعرف يف‬
‫املوسوعة ‪ wikipédia‬على انه ظاهرة التالميذ الذين غادروا النظام املدرسي دون أتهيل أو شهادة مع صعوابت‬
‫التعلم‪.‬‬ ‫يف‬ ‫واسعة‬
‫أما من منظور علم النفس املدرسي الرسوب املدرسي هو حالة الطفل الذي ال يستطيع التعلم أو يتعلم بصعوبة‬

‫‪2‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫مقارنة أبقرانه‪ ،‬عندما ال يستطيع االندماج يف اجملال املدرسي بسبب املشاكل السلوكية أو مشاكل عالئقية‪ ،‬اآلابء‬
‫األساتذة ‪.‬‬ ‫و‬
‫إىل ‪:‬‬ ‫املدرسي‬ ‫الرسوب‬ ‫"يرجع‬ ‫‪Francine‬‬ ‫‪Best‬‬ ‫ابست‬ ‫"فرونسني‬ ‫أما‬
‫املدرسي‪.‬‬ ‫النظام‬ ‫من‬ ‫أتهيل‬ ‫دون‬ ‫اخلروج‬ ‫ـ‬
‫الدراسية‪.‬‬ ‫السنة‬ ‫إعادة‬ ‫مدقق‬ ‫بشكل‬ ‫أو‬ ‫الدراسي‬ ‫التأخر‬ ‫ـ‬
‫للطفل‪.‬‬ ‫النفسي‬ ‫التأثر‬ ‫ـ‬
‫التقييم‪.‬‬ ‫يف‬ ‫عليها‬ ‫املتحصل‬ ‫النتائج‬ ‫ـ‬
‫يرى ‪ Stéphane bonnéry‬ستيفان أن املمارسات البيداغوجية هلا أمهية يف بناء الصعوابت املدرسية لدى‬
‫بعض األطفال‪ ،‬يف نظر ستيفان بورين"هناك ثالثية التكديس للنماذج الرتبوية يف املدرسة‪ ،‬تكديس بيداغوجي قدمي‬
‫وحديث‪ ،‬حيث يضع الطفل يف حمور العملية الرتبوية يف كل املستوايت املختلفة للنظام املدرسي‪ ،‬ويف النهاية مابني‬
‫بيداغوجية ابلنسبة للكل وبيداغوجية مكيفة‪.‬حيث حيدث يف املدرسة االبتدائية سوء فهم على املستوى‬
‫السوسيومعريف واإلدراكي‪ ،‬الذي يواجه بتقييم اجتاهات التلميذ ومطابقتها مع األستاذ‪ ،‬هذا حيدث عندما ينتقل‬
‫إىل مؤسسة ملستوايت أعلى‪ ،‬وهذا يقود إىل ال فهم التلميذ ويرتجم التغري على انه صراع من جهة األستاذ وكذلك‬
‫التلميذ‪ ،‬حيث يرى التلميذ أن األستاذ خيدعه يف االمتحان‪ ،‬وكل هذا يف غياب نظرة شاملة لألستاذ عن متثالت‬
‫التالميذ ح وله‪ ،‬إن املعلمني ال يقومون بتشخيص حاالت التالميذ خاصة املنتمني للطبقات الشعبية وهنا تظهر‬
‫األولية‪.‬‬ ‫السوسيوثقافية‬ ‫الالمساواة‬
‫وقد اهتم" ‪Stéphane bonnéry‬ستيفان" مركزا يف حبثه على التحول مابني مستوى دراسي‬
‫وأخر(ابتدائي‪/‬متوسط) حيث قام بتتبع ‪16‬تلميذ وجهوا إىل متوسطتني يف وسط شعيب‪ ،‬وقام بثالث مقابالت‬
‫شبه موجهة‪ Semi directifs‬مع املالحظة لإلنتاج الكتايب وخاصة التفاعالت يف القسم والساحة واحلي‪ ،‬حىت‬
‫التلميذ ‪.‬‬ ‫مهنة‬ ‫من‬ ‫يستقيل‬ ‫البعض‬ ‫ملاذا‬ ‫يفهم‬
‫ويؤكد "ستيفان" على ضرورة احلذر من خمتلف أعوان التنشئة‪ ،‬الذين يكون التلميذ يف عالقة معهم واليت خلصها‬
‫يف العائلة كأساس واملدرسة ومجاعة الرفاق‪ ،‬إن الطفل أو التلميذ يواجه بيداغوجيا تقييم األصل االجتماعي‪ ،‬حيث‬
‫يعاين من نقص املعارف خاصة املنتمني للطبقات الشعبية وهذا يؤدي به إىل الرسوب ‪.‬‬
‫إن الرسوب بعيد كل البعد أن يتبع مسار واحد موحد‪ ،‬بل هناك أتثري يبدأ من التدخل البيداغوجي‪ ،‬هلذا يرى‬
‫ستيفان ضرورة كسر احلتمية على املستوى السياسي أكثر من النصوص البيداغوجية‪ ،‬ويف كل احلاالت جيب تبني‬

‫‪3‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫من يلعب يف املدرسة (ماذا حيدث) نبني يف البداية العمل الذي فرضته التحوالت السلوكية خارج املدرسة‬
‫واالجتاهات املالئمة لت ملك املعارف‪ ،‬فيما بعد جيب أن نبني الصراع الطبقي الذي ال يتوقف عند ابب‬
‫املؤسسات‪ ،‬وآخرون يدعون للخروج من اخليار بني الشعور ابلذنب واحلتمية يف وجه إعادة اإلنتاج االجتماعي ‪.‬‬
‫املدرسي‪:‬‬ ‫الرسوب‬ ‫سوسيولوجية‬
‫لو نظران إىل ظاهرة الرسوب من مقاربة سوسيولوجية فهمية هتتم ابملعىن الذايت الذي يستثمر فيه الفاعلني من‬
‫خالل سلوكاهتم‪ ،‬لوجدان أن املدرسة تعيش يف إعادة إنتاج الالمساواة االجتماعية منذ سنوات طويلة‪ ،‬بني‬
‫الرتبية‪.‬‬ ‫لسوسيولوجية‬ ‫واسع‬ ‫جمال‬ ‫تؤسس‬ ‫واليت‬ ‫القاعة‬ ‫يف‬ ‫حتدث‬ ‫اليت‬ ‫التفاعالت‬
‫إن الرسوب املدرسي موضوع اجتماعي مرتبط بفك االرتباط بني مؤسستني مؤسسة األسرة ومؤسسة املدرسة‪ ،‬وله‬
‫أسباب عديدة سوسيولوجيا منها الالتوافق بني النموذج الثقايف للمؤسستني‪ ،‬ابلنسبة لعلم االجتماع الرتبية هناك‬
‫منوذجان للتحليل‪ :‬املقاربة الثقافية وترد أسباب الرسوب إىل حميط العائلة‪ ،‬واملقاربة الصراعية وتفسر الرسوب من‬
‫خالل حتليل عالقات الصراع بني الطبقات‪ .‬وميكن ذكر بعض النظرايت السوسيولوجية احلديثة املفسرة للرسوب‬
‫فيمايلي ‪:‬‬
‫نظرية بودلوا و استبالت‪ " Baudelot et Establet‬حيث انطلق من مقال‪ :‬التو سري حول األجهزة‬
‫ا الديولوجية للدولة‪ ،‬والذي يرى أن املهيمن عليهم ال يثورون انطالقا من هذه الفكرة‪ ،‬هذه احلالة مضمونة من قبل‬
‫وهي‪:‬‬ ‫األجهزة‬ ‫من‬ ‫شكلني‬ ‫يف‬ ‫حيصرها‬ ‫رمزية‬ ‫قوى‬
‫للدولة(العنف)‬ ‫قمعية‬ ‫أجهزة‬
‫أجهزة اديولوجية للدولة(اديولوجيا)هذه الطرق تسمح ابستدماج معايري اجملتمع الربجوازي لإلبقاء على النظام‬
‫الرمزي‪ ،‬أما املدرسة جمال للتنشئة الثانوية حيث تعطى أو توفر للطفل مجلة من القيم‪ ،‬واملدرسة هي مؤسسة‬
‫أساسية لبعض الرهاانت أين أو كيف جتسد هذه الرهاانت‪ ،‬املدرسة املوحدة تشمل على توجيه لكافة التالميذ يف‬
‫الرتبوي ‪.‬‬ ‫اجملال‬ ‫نفس‬
‫إن استبالت و بودلو م ن خالل توجه ماركسي طوروا حتليل التوسري حول األجهزة االديولوجية للدولة‪ ،‬أي املدرسة‬
‫عوضت الكنيسة يف دور إعادة إنتاج اديولوجية اهليمنة من خالل عالقات اإلنتاج الرأمسايل‪ ،‬بودلو و استبالت‬
‫يقرتابن يف طرحهم من بياربورديو وابسرون يف دراسة املدرسة انطالقا من املستوى األعلى(اجلامعة)‪ ،‬غري أن‬
‫املدرسة الرأمسالية هلا دور فعال يف التقسيم‪ ،‬املدرسة تظهر موحدة غري أهنا مقسمة إىل مستويني‪ ،‬مستوى اثنوي‬
‫عايل و مستوى أويل مهين‪ ،‬وهذه املستوايت تظهر بعد التعليم االبتدائي‪ ،‬إن التحكم يف الكتابة و القراءة‪ ،‬متثل‬

‫‪4‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫حاجز كبري لفئات واسعة من التالميذ ومن هنا يؤدي إىل تقسيم التالميذ وفق تقنيات القراءة والكتابة‪ ،‬إن تقسيم‬
‫التعليم إىل عايل ومهين هو تقسيم العمل اليدوي والفكري‪ ،‬وهذا يؤدي إىل تنوع يف تكوين قوى العمل‪ ،‬وهذا‬
‫التقسيم تدعمه املمارسات البيداغوجية‪ .‬الن أبناء العمال حيققون األداء األسوأ يف املسار االبتدائي هذا خلف‬
‫شعار املوحدة‪ ،‬هنا تلعب املدرسة االبتدائية وظيفة مؤسسة التقسيم والتقسيمات‪ ،‬مبرجعية القيم واالديولوجية‬
‫الربجوازية اليت تستقبل من خالل أدوات قياس تبىن على املعارف العلمية املدرسية‪ ،‬يف حلقة مفرغة تبعد منذ‬
‫الشهر األول أبناء الطبقات امله يمن عليها‪ ،‬وذلك من خالل املمارسات اللغوية‪ ،‬أين حتكم على لغة أبناء الطبقة‬
‫العمالية أبهنا غري صحيحة‪ ،‬ولغة أبناء الربجوازية حتض ابلقبول‪ ،‬هذه اآللية ال تعمل لوحدها بل األساتذة هم جزء‬
‫من العملية‪ ،‬فهم يعيشون التناقض ألهنم أدوات ويف نفس الوقت يبحثون على إصالح وضعيتهم وهذا وفق الطرح‬
‫املاركسي ‪.‬‬
‫أما بيار بورديو ‪ pierre Bourdieu‬وابسرون ينظران إىل املدرسة كمؤسسة يراتدها شكلني من األطفال‪،‬‬
‫أطفال حيققون النجاح آلن ما يوجد يف أسرهم أحسن مما يوجد يف املدرسـة أو أقرب من ثقـافة املدرسة‪ ،‬وهناك‬
‫غاية لالستثمار يف النجاح املدرسي‪ ،‬وأطفال الطبقات الشعبية الذين يواجهون الرسوب يف أول مرحلة تعليمية من‬
‫بني األطفال الذين يلتحقون ابملدرسة‪ ،‬يواجهون عوائق يف التعليم االبتدائي‪ ،‬ألن النظام الرتبوي مبين على‬
‫الالمساواة يف املواهب واألذواق واالجتاهات‪ ،‬واختالف الثقافات العائلية اليت جتسد اخليار األحسن‪ ،‬ألن‬
‫التخصصات التعليمية مربوطة بسلط ـ ــة هـ ــرمية جسدت يف اللغات والتكوينات والتخصصات واملهن‪...‬وغريها‪.‬‬
‫إىل جانب هذا هناك اخليار اجليد للمؤسسة الرتبوية‪ ،‬والذي يعد من بني اخليارات اإلسرتاجتية اهلامة يف حياة‬
‫التلميذ‪ ،‬فاألسر ختت ــار ألبنائها من بني التعليم العــام والتقنــي‪ ،‬مــابي ــن العـل ــوم الطبيعيــة واآلداب‪ ،‬مابني التكوين‬
‫القصري والتكوين الطويل املدى‪ ،...‬وكذلك مابني املؤسسة التعليمية احلكومية واخلاصة أو مابني املؤسسة اجليدة‬
‫واملؤسسة األضعف يف األداء‪ .‬إن الالجتانس االجتماعي خلق جتانس على مستوى املدارس كطلب اجتماعي‬
‫خاص يف اجملتمعات املتقدمة‪ ،‬فنجد مدرسة للطبقة الوسطى ومدرسة ألبناء العمال وأخرى للمهاجرين أي تنتج‬
‫جتانس اجتماعي بني فئات هلا نفس املميزات‪ ،‬وهنا يرتك اهلامش لألسر ملمارسة خياراهتا‪ ،‬كل مؤسسة هلا‬
‫خصائصها سواء العامة أو اخلاصة‪ ،‬من حيث احمليط والتجهيزات واملدرسني واجلوانب البيداغوجية وكذلك‬
‫اخلصائص االجتماعية واملدرسية‪ ،‬ابلنسبة للجماعات االجتماعية املختلفة ليس هلم نفس االحتماالت يف‬
‫اخليارات‪ ،‬وليس نفس التحفيز‪ ،‬وكذلك ليس هلا نفس اخلصائص أو نفس اإلمكانيات من أجل الطريقة الفعالة‬
‫إتباعها‪.‬‬ ‫جيب‬ ‫اليت‬

‫‪5‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫أم ا يف الوضع اجلزائري فنجد أن األسر هلا خيارات سواء بني املؤسسة القريبة أم البعيدة وبني األساتذة األكفاء‬
‫وغريهم‪ ،‬وبني الدروس اخلصوصية والدروس الرمسية‪ ،‬والدعم يف اللغات األجنبية‪ ،‬وحىت العربية واملدرسة اخلاصة إذ‬
‫طاهلم الرسوب‪ ،‬ومن اجل ضمان النجاح يتجهون لزايدة يف اإلنفاق‪ ،‬ألن التعليم متظهر اجتماعي ابلنسبة لألسر‬
‫الوجاهة‪.‬‬ ‫عن‬ ‫تبحث‬ ‫ولكنها‬ ‫الوظيفة‬ ‫عن‬ ‫تبحث‬ ‫ال‬ ‫فهي‬ ‫الغنية‬
‫إن أصل الالمساواة االجتماعية يف التعليم متعددة‪ ،‬المساواة اجتماعية يف النجاح‪ ،‬وال مساواة عائلية وال مساواة‬
‫هلا عالقة ابملدرسة نفسها من وظائفها وطريقة ت نظيمها ‪ ،‬ألن املستوى الثقايف للتلميذ يقاس ابختبار القيم‬
‫املدرسية لدى التلميذ اليت يقيمها األستاذ من خالل املسار التعليمي للتلميذ‪ ،‬واالمتحاانت نفسها تقيس األصل‬
‫االجتماعي للتلميذ‪ ،‬وهذا ما ينعكس سلبا على أبناء الطبقة الشعبية‪ ،‬ألن الطبقة الوسطى ثقافتها مكرسة يف‬
‫املدرسة بشرعية أعطتها هلا الطبقة العليــا‪ ،‬يف نظر"بورديو" املؤسسة املثلى واليت تعمل وفق قواعد مبنية على‬
‫التفاوت االجتماعي وإعـ ــادة إنتــاجه‪ ،‬أال وهو احلقــل املدرسي أكثر احلقول إبداعــا للتف ــاوت االجتماعي‪ ،‬ويعـ ــد‬
‫املؤسس له واملنظم له كذلك‪ ،‬هناك املدرسة تعيش وتضمن دميومتها منه ومن شرعيـ ــة التف ــاوت‪ ،‬فتق ــوم بتوزيع ال‬
‫متك ــافئ للج ـزاءات الثق ــافية‪ ،‬ومتنــح الرأمسال الثقــاف ـ ــي للبعـض ابعتبارهم الشرعيون الكتسابه‪ ،‬وحترم البعض األخر‬
‫لعدم جــدارهتم‪ ،‬فهي حتول الالمساواة االجتماعية وأسسها الثقافة القــائمة على الشهادات العلمية إىل المساواة‬
‫طبيعية من خالل فعل هتجيين‪ ،‬فهـ ــي تستند إىل هــذه اجلدارة حني ترمزهـ ــا يف الشهادات العلمية‪ ،‬وتشيئه ــا حيـ ــن‬
‫تعتربهـ ــا استحقاقا ع ـ ــادال طبيعي ــا لقـ ــدرات ومواهب فطري ـ ــة‪ ،‬بذلك تكون املـ ــدرس ــة ض ــامنة المتيازات رأس املال‬
‫الثقايف ومعيدة إلنتاجه عرب اصطفاء صفوهتا‪ ،‬لتكون الناطقة مبنطقها واملرتمجة لعقالنيتها‪ ،‬من خالل خطاب‬
‫"علموي" تكنوقراطي حماي ــد واحتكاري‪ ،‬ينطلـ ــق من املؤسسة التعليمية هي اجملسدة للعلم والناشرة له واحملافظة‬
‫عليه‪ ،‬ومن هنا يعيد الن ظام الرتبوي إعــادة إنتــاج شرعيته عرب إنت ــاج املميـ ـزين اجتمــاعيا‪ ،‬الذيــن يـ ـرثون مزايــاه ــا‬
‫ألهن ــم يستحقـ ــوهنـ ــا‪ ،‬وتصبغ عليه ــم شرعيــة ثق ــافية‪ ،‬يقــع استثماره ــا فـي عــالقة سلط ــة‪ ،‬كم ــا أن االختبارات‬
‫تتضمن قواعد شكلية ختدم تطلعات املهيمنني ومصاحلهم‪ ،‬والرتقاء من مكانة إىل أخــرى‪ ،‬تلك املك ــانة اليت حتدد‬
‫موقعه يف سل ـ ــم الرتاتبية االجتمـ ــاعية عل ــى أنه اجل ــدي ــر والشرعي ابجلدارة‪ ،‬أو الراسب واملطرود من فضاءات‬
‫النجاح والصعـ ــود‪ ،‬ف ــرتسم من مث ـ ــة حدودها‪ ،‬وتؤسس كي ــان كلهما (الراسب والناجح) هوية اجتماعية‪ ،‬وتضع‬
‫مسافـ ــة بينهما ال ميكن جتاوزها بني الشرعي والالشرعي‪ ،‬وتقوم بتوزيع األدوار انطالق ــا من التمييز الطبيعي‪ ،‬أي‬
‫الذي تظهره يف صورة الطبيعي‪ ،‬والذي يولد التمايز االجتماعي وجعل االمتحان الستلهام االعرتاف للكل بشرعية‬
‫األحك ـ ام املدرسية‪ ،‬والرتتيبات االجتماعية اليت تشرعينها‪ ،‬أين يقصى الفاشلي ــن ويرسبون‪ ،‬ويسمح لقلة م ــن‬

‫‪6‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫املؤهلني اعتبارا لشهادة االستحقاق أو املوهبة‪ ،‬وجعلهم مفضلني عن اآلخرين‪ ،‬وذلك من خالل االمتحاانت اليت‬
‫تستمد من منطق املدرسة وليس ما يؤخذ يف املدرسة‪ ،‬أي قيم الطبقات املهيمنة اجتماعيا‪ ،‬وبذلك تؤسس الوهم‬
‫الذي يؤسسها ومينحها الشرعية ‪ ،‬أي أن الدولة هلا إسرتاجتية إلعادة إنت ــاج الطبق ـ ــة املهيمنة يف اجملتمع‪ ،‬وجعل‬
‫ذلك بشكل مسترت وخفي وراء قيم املساواة التعليمية للجميع واحملتوى املدرسي واحد للجميع‪ ،‬ويؤكد "بورديو" أن‬
‫ال دولة فقدت العديد من امليادين‪ ،‬وذلك بسبب السياسات اليت طبقت على األفراد‪ ،‬سواء املساعدات اليت‬
‫خلقت جتمعات للمعاانة‪ ،‬ألن الدولة ال تستطيع االعرتاف أهنا يف خدمة املهيمنني‪ ،‬فهي ال تكتفي ابملراقبة‪ ،‬بل‬
‫والصحة ‪...‬‬ ‫كالرتبية‬ ‫االجتماعية‬ ‫الوظيفة‬ ‫إىل‬ ‫تتجه‬
‫أما" رميون بودون " "‪" Boudon Reymond‬في ــرى أن املدرسة ليست اجملال الذي يفـ ــرض منطقــه على‬
‫الفاعلني‪ ،‬ب ــل هو حقــل أيـ ــن ينجزون األفراد إسرتاتيجياهتم‪ ،‬أي أن الالمساواة التعليمية هي نتيجة المتحان هـذه‬
‫االسرتاتيجيات املختلفة للفاعلني الذين يشغلون وضعيات خمتلفة يف اجملال االجتماعي‪ ،‬وينطلق من مسلمة نظرية‬
‫منهجية‪ ،‬هي أن اجملتمع غري موجود‪ ،‬والضبط االجتماعي ما هو إال اآلاثر املتحصل عليها يف املستوى اإلحصائي‬
‫من خالل جتميع عدد ال حيصى من السلوكات الفردية‪ ،‬واخليارات التعليمية هي خيارات استثمارية منبثقة عن‬
‫رؤي ـ ــة مسبق ـ ــة للكلفـ ـ ــة واالجي ـ ــابيات املرتبطة مبختلف الوضعيات وكيفية حساب الكلفـ ــة والع ـ ـوائـد املرهونة‬
‫ابلوضعية اليت يشغلها الفاعلون يف اجملال االجتماعـ ـ ــي‪ .‬إن تكافؤ الفرص التعليمية هو اختالف احتماالت‬
‫الوصول إىل خمتلف مستوايت التعليم‪ ،‬تبعا لألصل االجتماعي إن أبناء العائالت ذات املستوى العايل اجتماعيا‬
‫يصلون يف حتصيلهم املدرسي إىل الدراسات العليا (اجلامعة) املعاهد العليا‪ ،‬يف املقابل احتمال وصول أبناء‬
‫عائالت العمال البسطاء ضئيل جدا‪ ،‬كما يظهر الالتكافؤ الفرص التعليمية أيضا يف املراحل الدراسية االنتقالية‬
‫أي مراحل التوجيه حنو التخصصات العلمية واألدبيـ ــة‪ ،‬وبني التخصصات نفسها مثل‪ :‬الطـ ــب‪ ،‬التعليـ ـ ــم‪،‬‬
‫احملام ـ ــاة‪ ،...‬وهذه املراحل مصريية جدا لألبـ ــناء والعـ ـ ــائالت‪ ،‬ألهنا حتدد اخليارات املتاحة‪ ،‬ويتجه أغلب أبناء الفئة‬
‫العمالية البسيطة إىل ختصصات قصرية املدى‪ ،‬أما أبناء الفئة العليا يتجهون إىل التخصصات طويلة املدى‪ ،‬وذلك‬
‫راجع إىل تكلفة التكوين‪ ،‬بـ ـ ــدافع احلاجة يتوجه أبناء الفئات العمالية إىل التكوين القصري املدى من أجل العمل‬
‫لتلبية حاجياهتم وأسرهم‪ ،‬ويؤكد" رميون يودون" أن الف ـ ــاعلني عقالنيني يضعون اختيارات ملستقبلهم وأيخذون يف‬
‫احلسبان أصلهم االجتماعي‪ ،‬ألن مسارهم املدرسي حمدد قبلهم‪ ،‬ويوظفون اجيابيات والتكلفة االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬إلتباعهم دراسات طويلة أو قصرية املدى حسب انتمائهم الطبقي‪ ،‬فالطبقات الشعبية يتجهون إىل‬
‫الدراسات القصرية املدى من أجل حتقيق مكانة أفضل لوضع اجتماعي أعلى من وضع آابئهم‪ ،‬أما ابلنسبة ألبناء‬

‫‪7‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫الطبقة العلـ ـ ــيا فاالستثمار الشخصي من خالل املدرسـ ـ ــة ل ـ ـ ــه أمهية كبرية‪ ،‬حيث يسمح هلم ابحلفـ ــاظ على مكانة‬
‫آابئهم ‪ .‬إن هذه االسرتاجتيات املبنية على حسـ ـ ــاب الربح واخلسـ ـ ــارة‪ ،‬وهي اليت بدورها تفسر املسارات املختلف ـ ــة‬
‫لألصل االجتماعي لألبناء وليست نسب النجاح‪ ،‬ويـ ــرى" رميون بودون" أن أب ـ ـ ــناء الطبقات الشعبية ينقصهم‬
‫الطموح"‪ ، "l'ambition‬ويف حال الرسوب يواجهون خطر كبري يف حياهتم االجتماعية‪ ،‬ابملوازاة جند أن أبناء‬
‫الطبقات العليا ال ميثل هلم احلصول على" شهادة" كل شيء يف احلياة‪ ،‬بل هلم عالقات العائلة وإمكانياهتا املادية‬
‫من ارث ثقايف وارث مادي‪ ،‬أما ابلنسبة لألصـ ـ ــل االجتماعي يرى "رميون بودون" أنه ليس املؤشر الوحيد املفس ـ ــر‬
‫لالمساواة يف املدرسة‪ ،‬بل الطموح واإلسرتاجتية مه ـ ـ ــا املؤشران احملددان للتفاعل مع اجملال االجتماعي لآلب ـ ـ ــاء‪ ،‬أبناء‬
‫الطبقات الشعبية يتجهون إىل الرسوب الن طموحهم حمدود وفق اإلمكانيات املادية والثقافية اليت متتلكها العائلة‪،‬‬
‫يف املقابل ال يطال الرسوب أبناء الفئات العليا الذين ميتلكون الرأمسال املادي والثقايف للعائلة‪ ،‬والذي يسمح هلم‬
‫واقعهم‪.‬‬ ‫وفق‬ ‫طموحاهتم‬ ‫ويؤسسون‬ ‫ومجاعية‪،‬‬ ‫فردية‬ ‫اسرتاجتيات‬ ‫ببناء‬
‫وينظر "فليب ابرنو " ‪ "Philipe Perrenoud‬للرسوب املدرسي من مفهوم نظامي‪ ،‬يف البداية يؤكد على‬
‫أن الرسوب بعيد كل البعد على انه معطى طبيعي‪ ،‬بل هو واقع أسسه النظام التعليمي‪ ،‬ولتفسري الرسوب جيب أن‬
‫ال نركز على املفهوم املؤسسايت بل جيب الرتكيز على تكوينه‪ ،‬ألن الصراع ضد الرسوب ليس نقمة طبيعية هو‬
‫صنيعة اتريخ طويل للنظام التعليمي وحالة العرض االجتماعي للمدرسة‪ ،‬واليت تتحكم يف الوعي ابلالمساواة‬
‫واإلرادة السياسية حملاربته من خالل توفري مناخ دميقراطي يؤسس "فليب" للرسوب يف اجملتمعات القدمية اليت ال‬
‫توجد فيها مدرسة غري أهنا فيها الالمساواة كواقع والتسلسل اهلرمي ابمتياز‪ ،‬كما أن هناك النجاح واإلخفاق يف‬
‫شىت األشكال بينما ال يوجد رسوب مدرسي‪ ،‬والرسوب موجود من خالل وجود املؤسسة‪ ،‬وهو موجود لدى أي‬
‫شخص مل يصل إىل النهاية‪ ،‬مثال عندما ال نستطيع التعلم أو فهم شيء ما‪ ،‬إن الرسوب هو نتيجة لألحكام اليت‬
‫تصدر من املؤسسة املدرسية وفقا لالمساواة واقعية عن طريق االمتحان الذي حيتمل أن يكون سهل أو صعب‬
‫لآلخرين‪ ،‬كما أن الالمساواة الثقافية تلعب دور يف الرسوب أين تظهر أمناط ثقافية على حساب أخرى يف‬
‫املدرسة‪ ،‬فالرسوب ال يبني فقط أن طارق يستطيع القراءة يف مقابل حممد ال يستطيع‪ ،‬بل جيعل من الالمساواة‬
‫شيء اتفه‪ ،‬يظهر الرسوب من خالل السياسات الرتبوية واخليارات يف احملتوى الرتبوي وطريقة التقومي‪ ،‬واليت تؤسس‬
‫اإلخفاق ‪.‬‬ ‫أو‬ ‫النجاح‬ ‫مواصفات‬ ‫تعطي‬ ‫حقيقة‬ ‫لالمساواة‬
‫التلميذ‪:‬‬ ‫ومهنة‬ ‫املدرسية‬ ‫اخلربة‬
‫أكد برونو أن العالقات البيداغوجية جتعل من التعليم نشط وال خيضع ملختلف األشكال وطرائق العمل املربجمة من‬

‫‪8‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫طرف املعلم على مستوى العالقات اإلسرتاجتية التعليمية‪ ،‬واملنهجيات املطبقة من طرف األساتذة توضيح أن مهنة‬
‫التلميذ ليست هلا مفهوم واحد‪ ،‬الن العمل التعليمي حتكيمي‪ ،‬حيث الشركاء يقيمون يف عامل الرموز الذي يتميز‬
‫بعدم الوضوح والتحكم فيه والتالعب فيه‪ ،‬التالميذ جياهبون املهام املدرسية‪ ،‬يضعون بعض من ذاتيتهم من اجل‬
‫املعلمني ‪.‬‬ ‫على‬ ‫اعتمادا‬ ‫السلوكات‬ ‫تعديل‬
‫إن نشاط ال تلميذ كفاعل يف متدرسه ويف أثناءها يوظف عالقات وتفاعالت متعددة كما أن هناك وظائف عدة‬
‫للموقع أجلغرايف واألصل االجتماعي لألساتذة والتمثالت اليت يصنع من اجل متثل املستقبل بشكل دقيق‪ ،‬إن‬
‫جمال االنتماء والبيئة االجتماعية والثقافية اليت تؤثر على استقبال املعارف من طرف التلميذ الن له عالقة ابآلابء‬
‫قبل املعلم‪ ،‬هذا احد األسس لتفسري االختالفات املالحظة مابني التالميذ يف املدارس بوسط املدن واملؤسسات‬
‫املدرسية اليت تقع يف األحياء ألشعبية‪ ،‬فالفئة األوىل تتبع تعليم عايل يتم التعرف عليه يف املدارس التحضريية‬
‫املستقبل‪.‬‬ ‫يف‬ ‫يواجهه‬ ‫مبا‬ ‫التلميذ‬ ‫يفاجئ‬ ‫الثانية‬ ‫أما‬ ‫الكربى‬ ‫واملدارس‬
‫إن التلميذ يعمل جبهد كبري الستدماج املعايري والقيم املدرسية واليت ليس هلا عالقة بطفولتهم‪ ،‬وذلك من اجل بناء‬
‫هويته ألشخصية أين يواجهه أشياء يف املدرسة مل جيدها يف عائلته‪ ،‬فهو ال يواجه شيء مستقر يف خربته‪ ،‬ومن‬
‫خالل هذه احملددات واملتمثلة يف معايري املدرسة والثقافة املنحرفة وطرق تدخل األخصائيني تتشكل خربة التلميذ‪،‬‬
‫كما أن االختالفات بني البيئة اليت قدم منها التلميذ وبيئة املدرسة تؤدي إىل الرسوب ‪.‬‬
‫ويرى دييب أن اخلربة املدرسية هي أسلوب الفاعلني أفراد أو مجاعات أين يضعون احتماالت خمتلفة ومنطقية للفعل‬
‫الذي يؤسس عامل املدرسة‪ ،‬فالنظام املدرسي له ثالث وظائف تقابلها عند التلميذ ثالث أفعال من منطق التلميذ‬
‫وهي‪:‬‬
‫من انحية املدرسة الوظائف هي‪ :‬وظيفة الرتبية والتوزيع(التأهيل حسب سوق الشغل والسلم االجتماعي)‪ ،‬ووظيفة‬
‫التنشئة االجتما عية‪ ،‬وأما التلميذ‪ :‬له منطق الفر دانية(يبين فيه ذاته مقابل النموذج الثقايف)‪ ،‬ومنطق اإلسرتاجتية‬
‫التلميذ) ‪.‬‬ ‫دور‬ ‫االندماج(ليتقمص‬ ‫ومنطق‬ ‫اخليارات)‪،‬‬ ‫مردود‬ ‫(وفق‬
‫املدرسي‪:‬‬ ‫التسرب‬ ‫ضد‬ ‫حماولة‬
‫إن حماربة التسرب املدرسي ال تعين حتديد األهداف البيداغوجية‪ ،‬وليست توضيح األهداف وممارسة تقييم على‬
‫املقاييس بل كذلك السماح بتنمية نشاط التلميذ وخلق جمال للتعاون حيسب العالقات اجليدة بني التالميذ‪ ،‬الن‬
‫تصور التلميذ يف وضعية جيدة ال يعين‪ ،‬أن نقدم له طموح وإمكانيات للتحكم يف املعارف والعلوم والتقنيات‪،‬‬
‫ومن اجل هذا جيب التدقيق أكثر على احملتوى الرتبوي‪ ،‬وتوجيهه إىل أهداف واضحة واالهتمام ابلتقييم احلقيقي‬

‫‪9‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

‫للمعارف واستدماجها‪ ،‬ومن اجل مكافحة التسرب املدرسي جيب العمل مع التالميذ الذين يعانون صعوابت‪ ،‬أي‬
‫املواجهة الدائمة واملستمرة‪ ،‬ألن هلم تربية خمتلفة‪ ،‬فهم ال حيبون املدرسة وال يبالون ابلقانون الداخلي وميرحون كثريا‬
‫طول الوقت وغري متعاونيني‪ ،‬وهلذا جيب أن نشرح له كيف يبين منوذج مشروع وحده ويعتمد على نفسه‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل عملية اتصال جديدة مبنية على إعادة الثقة يف هؤالء الذين يعانون الصعوابت يف االندماج مع‬
‫ووعي‪.‬‬ ‫عقالنية‬ ‫بكل‬ ‫العائالت‬ ‫ومشاركة‬ ‫املدرسة‪،‬‬
‫إن ا لتسرب املدرسي حيدث بسبب الالترابط بني املمارسات البيداغوجية ألستاذ ومستوى جديد يعيشه التلميذ‪،‬‬
‫إن أساليب الديداكتيكية تضع تالميذ كثر يف صعوبة إضافية يف كل بداية سنة مدرسية جديدة‪ ،‬جيب فهم ما‬
‫جيب انتظاره منهم‪ ،‬فك الرموز يف بعض امليادين‪ ،‬وهذا ال ميكن إدراكه أو فهمه يف أسابيع أو يف سوء بعض‬
‫النتائج‪ ،‬إن جناح بعض التالميذ هو نتاج لفك رموز "نظام األستاذ"‪ ،‬ألن خلف كل نظام هناك أساليب عمل‪،‬‬
‫غري أن هناك أساتذة ميارسون بيداغوجية غري ظاهرة‪ ،‬بل وحىت متناقضة يف بعض األحيان ‪.‬‬

‫املراجع‪:‬‬ ‫قائمة‬
‫ـ ‪Anna Freud : le moi et les mécanismes de défense ,Col, bibliothèque de‬‬
‫‪psychanalyse‬‬ ‫‪.U.F,‬‬ ‫‪paris,1949,11e‬‬ ‫‪édition76p‬‬
‫ـ ‪Daniel CALIN :les réactions psychique a l’échec scolaire, psychanalyse‬‬
‫‪magazine,‬‬ ‫‪n14,octobre,‬‬ ‫‪novembre,2002,pp02_03‬‬
‫‪Geneviéve‬‬ ‫‪Cavaye‬‬ ‫‪:psychologie‬‬ ‫ـ‪Scolaire,‬‬
‫ـ ‪Francine Best :,L’échec Scolaire , Que Sais je , Presses Universitaires‬‬
‫‪de‬‬ ‫‪France,paris,1996,p2‬‬

‫_‬ ‫‪ibid,p3‬‬
‫‪ibid‬‬ ‫ـ‪p4‬‬
‫ـ ‪IGOR Martinache : Stéphane Bonnéry,comprendre l’échec‬‬

‫‪10‬‬
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

Scolaire,Eléves en difficultés et dispositifs pédagogiques,la Dispute, coll,


« l’enjeu scolaire »,2007,p4
_BAUDELOT(Christian)ESTABLET(Roger)__ L’école capitaliste en
France __ in : Revue francaise de pédagogie Volume 19,1972,p5 3
_ Eric plaisance,Gerard Vergnand : Les sciences de l’éducation,Casbah
Editions,Alger,19998,pp87_88
_ BAUDELOT(Christian)ESTABLET(Roger)__ L’école capitaliste en
France __Op,cit,p55
،1‫ ط‬،‫ املؤسسة اجلامعية للنشر والتوزيع‬،‫ مروان بطش‬،‫ الطريق إىل علم االجتماع‬:‫ رميون بودون ورينو فيول‬-
50 ‫ص‬ ،2010 ،‫لبنان‬
، ‫ ماهر ترميش‬: ‫ ترمجة‬: ‫ إعادة اإلنتاج يف سبيل نظرية عامة لنسق التعليم‬:‫ كلود ابسرون‬-‫بيار بورديو وجان‬-
72-71 ‫ص‬ ‫ص‬ ،2007، ‫بريوت‬ ،1‫ط‬ ، ‫للرتمجة‬ ‫العربية‬ ‫املنظمة‬
Marlaine cacoualt et Françoise Oeuvrard : Sociologie de l’éducation ,
Edition Cashah ,1998,Alger p102, ,p110
58‫اىل‬ 56 ‫ص‬ ،‫ذكره‬ ‫سبق‬ ‫مرجع‬ :‫فيول‬ ‫ورينو‬ ‫بودون‬ ‫رميون‬-
http ‫ـ‬
://www.unige.ch/fapse/SSE/TEACHERS/perrenoud/php_main/php_1
991/1991_01.html
- Marlaine cacoualt et Françoise Oeuvrard : Op,sit, p102
-p104
-Jean-Manuel de Queroz: Domaines et Approches: L'école et ses
Sociologues, 2Edition ARMAN COLIN,2006,p89
-Yves Alpe: Les apports de la sociologie de l'education à l'analyse des
situation scolaires ,p15
Phlippe perrenoud : (1988)Sociologie du travail scolaire et observation ‫ـ‬

11
‫شبكة ضياء للمؤمترات والدراسات‬

participante :la recherche fondamentale dans une recherche_acti on,in


Hugon,M_A& Seibel,Cl.(éd),Bruxelles,De Boek,pp.98_104

12

You might also like